الأمم المتحدة

CCPR/C/123/D/2807/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

12 December 2022

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2807/2016 * ** ***

بلاغ مقدم من : ميريانا هباج (يمثلها المحامي روجي كالاس)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ : 3 آذار/مارس 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخَذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 14 آذار/مارس 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 17 تموز/يوليه 2018

الموضوع : الحق في حرية الدين؛ والمعاملة التمييزية ضد دين وضد أتباعه

المسائل الإجرائية : المقبولية - النظر في المسألة في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية؛ واستنفاد سُبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : حرية الدين أو المعتقد؛ وعدم التمييز

مواد العهد : المادتان 18 و 26

مواد البروتوكول الاختياري : 5 ( 2 )(أ) و(ب)

1 - 1 صاحبة البلاغ تُدعى ميريانا هباج، وهي مواطنة فرنسية وُلدت في عام 197 4 . وتَدَّعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادتين 18 و 26 من العهد ( ) . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 17 أيار/مايو 198 4 . ويمثِّل صاحبةَ البلاغ محام.

1 - 2 وفي 22 أيلول/سبتمبر 2017 ، أبلغت اللجنة، عملاً بالمادة 97 ( 3 ) من نظامها الداخلي، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، الدولة الطرف وصاحبة البلاغ بقرارها أن تنظر في مقبولية البلاغ إلى جانب أسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2 - 1 صاحبة البلاغ مسلمة وترتدي النقاب. وقد استوقفت في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 للتحقق من هويتها أثناء ارتدائها النقاب في الشارع في مدينة نانت. ثم حوكمت وأُدينت بارتكاب مخالفة بسيطة تتمثل في ارتداء لباس بقصد إخفاء وجهها في مكان عام.

2 - 2 وقد أدانت المحكمة المحلية في مدينة نانت صاحبة البلاغ وحكمت عليها في 26 آذار/ مارس 2012 بغرامة مالية قدرها 150 يورو، وهي أشد عقوبة على هذه المخالفة منصوص عليها في القانون رقم 2010 - 1 1 92 المؤرخ 11 تشرين الأول/أكتوبر 2010 (المشار إليه فيما يلي بـ "القانون") ( ) . وتنص المادة 1 من هذا القانون على أنه لا يجوز لأي شخص كان ارتداء أي ملابس بقصد إخفاء الوجه في الأماكن العامة. وتنص المادة 2 من القانون، بشأن نطاق تطبيقه، على أن الأماكن العامة تشمل الطرق العامة، والأماكن المفتوحة للجمهور أو المستخدمة لتقديم الخدمات العامة. وتنص هذه المادة أيضاً على أن الحظر لا ينطبق إذا كان القانون يُلزم برداء ما أو يُجيزه، أو إذا كان للرداء ما يبرره لأسباب صحية أو مهنية، أو إذا كان جزءاً من الممارسات الرياضية، أو من الأعياد، أو المناسبات الفنية أو التقليدية.

2 - 3 وتنص الما دة 3 من القانون على فرض العقوبتين التاليتين على ارتكاب هذه المخالفة: الغرامة المقررة على المخالفات من الدرجة الثانية، و/أو الإلزام بحضور دورة تدريبية عن المواطنة. وأرسى القانون أيضاً المخالفة الأكثر خطورة المتمثلة في إجبار الشخص على إخفاء وجهه، والتي أُدرجت في المادة 225 - 4 - 10 من القانون الجنائي، إذ نص على أن كل من أجبر شخصاً أو عدة أشخاص على إخفاء وجههم بالتهديد، أو العنف، أو الإكراه، أو سوء استخدام السلطة أو النفوذ على أساس نوع الجنس يُعاقب بالسجن عاماً واحداً وغرامة قدرها 000 30 يورو. وإذا ارتُكب هذا الفعل ضد شخص قاصر، تُضاعف العقوبة إلى السجن لمدة عامَين وغرامة قدرها 000 60 يورو.

2 - 4 وتطعن صاحبة البلاغ، على أساس المادة 18 من العهد، في الحظر المفروض على إخفاء الوجه في الأماكن العامة، الذي يحرم الراغبات في ارتداء النقاب من ذلك.

2 - 5 وفيما يتعلق بالخطوات التي اتخذتها صاحبة البلاغ، فقد تقدمت بطلب لإعادة النظر في هذا الحكم أمام الدائرة الجنائية لمحكمة النقض لأن قرار القاضي المحلي لا يخضع للاستئناف. ودفعت صاحبة البلاغ بأن القانون الذي يحظر ارتداء ملابس بقصد إخفاء الوجه في الأماكن العامة، ويشكل الأساس القانوني للمخالفة التي أُدينت بسببها، يتعارض مع المادة 9 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ) التي تحمي حق الفرد في المجاهرة بدينه. وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، ادّعت صاحبة البلاغ أيضاً أن هذا القانون يتسم بطابع تمييزي، ودعت محكمة النقض إلى التحقق مما إذا كان "يقوّض مبدأ التعددية بالتمييز ضد ممارسة للدين الإسلامي تتبعها أقلية".

2 - 6 ورفضت الدائرة الجنائية لمحكمة النقض في قرارها المؤرخ 3 نيسان/أبريل 2013 طلب صاحبة البلاغ، وذلك لأن "الاحتجاج بوقوع انتهاك للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بما أنه لم يُعرض على قاضي المحكمة الابتدائية وأنه يشتمل على دليل وقائعي إضافي، يشكل عنصراً جديداً ومن ثم فهو غير مقبول". ولا يجوز الطعن في هذا القرار. وتدّعي صاحبة البلاغ أنها قد استنفدت جميع سُبل الانتصاف المحلية المتاحة.

2 - 7 وتشير إلى أنها لم تحظ بمساعدة محام أمام المحكمة المحلية في مدينة نانت؛ وأن الإجراء ات كان ت سريع ة للغاية، ولم يكن هناك سوى قاض منفرد، ليس عامةً بقاض محترف؛ وأن الإجراء ات غير قابل ة للطعن، مما لا يترك لها أي فرصة للدفع بحجج تتعلق بحريتها الدينية وبالطابع التمييزي للقانون.

2 - 8 وتضيف صاحبة البلاغ أن محكمة النقض حين قضت بأن "الاحتجاج بوقوع انتهاك للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بما أنه لم يُعرض على قاضي المحكمة الابتدائية، وأنه يشتمل على دليل وقائعي إضافي، فإنه يشكل عنصراً جديداً ومن ثم فهو غير مقبول"، تكون قد أخطأت في تطبيق المادة 619 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على عدم قبول الأسس الجديدة أمام محكمة النقض. لكن يمكن الاحتجاج في المرة الأولى، ما لم يكن هناك حكم ينص على خلاف ذلك، بما يلي: (أ) الأسس القانونية الخالصة؛ و(ب) الأسس المرتكزة على القرار المطعون فيه.

2 - 9 وترى صاحبة البلاغ أنه لم ّ ا كان الأساس المحتج به، أي عدم توافق قانون ما، يشكل "أساساً قانونياً خالصاً"، فإن طعنها في حظر ارتداء النقاب أمام محكمة النقض كان مقبولاً تماماً، بصرف النظر عن الدفع بحجة جديدة. وتستشهد صاحبة البلاغ بمثال المراجعة اللاحقة لدستورية القوانين؛ فمنذ عام 2010 أصبح القانون يجيز إثارة هذه المسألة لأول مرة في الطعن أمام محكمة النقض . وتضيف صاحبة البلاغ أن التقييم المجرد لدستورية قانون ما هو بطبيعته مسألة "قانونية خالصة" دون أي اعتبار لظروف قضية معينة. وترى أن الأمر نفسه ينطبق على تقييم توافق أي قانون محلي مع أحد الالتزامات التعاهدية بالقدر نفسه من الموضوعية.

2 - 10 ولذا، تدعو صاحبة البلاغ اللجنة إلى الانتهاء إلى أنه لا يمكن اعتبار شكواها غير مقبولة، لأن الأساس الذي احتجت به أمام محكمة النقض لا يشكل دليلاً إضافياً يتعلق بوقائع وجوانب قانونية، وإنما يمثل "أساساً قانونياً خالصاً".

2 - 11 وقدمت صاحبة البلاغ طلباً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 24 حزيران/يونيه 2013 تدعوها فيه إلى الانتهاء إلى وقوع انتهاك للمادتين 6 ( 1 )، و 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وأعلنت المحكمة في جلستها المعقودة في الفترة من 21 آب/أغسطس إلى 4 أيلول/سبتمبر 2014 ب قاض منفرد، أن طلبها غير مقبول على أساس عدم استيفاء شروط المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و 35 من الاتفاقية.

الشكوى

3 - 1 ترى صاحبة البلاغ أن حظر إخفاء وجهها في الأماكن العامة، وإدانتها بارتداء النقاب يشكلان انتهاكاً لحقوقها المنصوص عليها في المادتين 18 و 26 من العهد.

3 - 2 وفيما يتعلق بالمادة 18 ، فإن ارتداء النقاب أو البرقع هو ارتداء لملابس تعتبر من عادات شريحة من المسلمين، وهو عمل يستند إلى عقائد دينية. وبناءً على ذلك، فارتداء النقاب يتعلق باتباع طقوس الدين وممارستها، والمادة 18 من العهد تكفل حرية المجاهرة بالدين، ولو لم يكن ارتداء النقاب أو البرقع فريضة دينية مشتركة بين جميع شرائح المسلمين الممارسين لدينهم. وتشير صاحبة البلاغ إلى تعليق اللجنة العام رقم 22 ( 199 3 ) الذي ذكرت فيه أن اتباع طقوس الدين أو العقيدة وممارستهما لا يقتصر على الشعائر فحسب، بل إنه قد يشمل أيضاً عادات مثل اتباع قواعد غذائية، والاكتساء بملابس أو أغطية رأس متميزة. ويُعد ارتداء النقاب أو البرقع ارتداء لملابس ترتبط بعادات شريحة من المسلمين، وهو عمل يستند إ لى عقائد دينية، ومن ثَم فهو جزء من اتباع طقوس الدين وممارستها، والمادة 18 من العهد تكفل حرية المجاهرة بالدين.

3 - 3 ووفقاً لصاحبة البلاغ، من الواضح أن الدولة تتدخل في الحرية الدينية لأقلية من النساء المسلمات اللاتي ي رتدين النقاب - واللاتي لا يصل عددهن إلى0002 امرأة حسب بعثة برلمانية عكفت على دراسة هذا الموضوع. وتذكّر صاحبة البلاغ ، في هذا الصدد ، بالتحفظ الذي أبداه المجلس الدستوري الفرنسي بشأن دور العبادة في قراره الصادر في 7 تشرين الأول/أكتوبر 201 0 : "ليس لحظر إخفاء الوجه في الأماكن العامة، دون إخلال مفرط بالمادة 10 من إعلان عام 1789 ، أن يُقيد ممارسة الحرية الدينية في دور العبادة المفتوحة للجمهور" ( ) . وترى صاحبة البلاغ أنه يتعين الاعتراف، على العكس من ذلك، بأن السلطة التشريعية قيَّدت حريتها الدينية في جميع الأماكن العامة الأخرى.

3 - 4 وتشير صاحبة البلاغ إلى الاجتهادات السابقة للجنة، لا سيما آرائها في قضية رانجيت سينغ ضد فرنسا ، حيث خلصت اللجنة إلى أن أحكام المادة 18 انتُهكت في حالة تدخ ُّ ل في ممارسة الحرية الدينية جرى خلالها التقاط صورة فوتوغرافية لشخص عاري الرأس بغية تجديد تصريح إقامته ( ) . وترى صاحبة البلاغ أن حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة هو شكل مماثل من أشكال التدخل في الحرية الدينية، بل من أسوأ أشكاله، إذ يجبرها ذلك على الظهور باستمرار دون نقابها.

3 - 5 وتضيف صاح بة البلاغ أن القيود المفروضة على أساس الاستثناءات المنصوص عليها في المادة 18 ليست لها مبررات مقبولة كتلك المنصوص عليها في المادة 18 ( 3 ) من العهد. ومع أن القيود منصوص عليها بموجب القانون، فإنها ليست ضرورية ولا متناسبة مع الغرض من القانون. فأولاً وقبل كل شيء، لم تحدد السلطة التشريعية بوضوح ذلك الغرض. ثم إن القانون لا يتضمن أي بيان للغرض، ولا يقدم أي معلومات عن أسسه القانونية؛ بل إنه لا يشير إلى قرار البرلمان المؤرخ 11 أيار/مايو 2010 ، الذي أعربت فيه الجمعية الوطنية عن رأي مفاده أن ارتداء النقاب يتعارض مع مبادئ الجمهورية الفرنسية ( ) . ويبين الاستعراض السريع لنشأة هذا القانون أن الرغبة السياسية في حظر ارتداء النقاب، من حيث المبدأ، هي التي بررت وحدها نص هذا القانون؛ مما يسلب القانون كل غرض مشروع بالمعنى المقصود في المادة 18 ( 3 ) من العهد ( ) . ومن ثم، فإن انعدام الغرض المشروع يقوّض الحجة التي مفادها أن وجود هذا القانون ضروري .

3 - 6 وتضيف صاحبة البلاغ أنه حتى مع افتراض أن القانون حدد فعلاً ذلك الغرض، فلا يمكن اعتبار هذا القيد ضرورياً ومتناسباً. و تشير إلى أن الدولة تحتجّ بأن القانون يسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيين هما: المساواة بين الرجل والمرأة، وحماية النظام العام ( ) . غير أنه لا يمكن لهذين الهدفين أن يبررا انتهاك حق الفرد في المجاهرة بدينه.

3 - 7 فأولاً ، لا يمكن الربط بين هدف تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، في حد ذاته، وأي من الأغراض المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 1 8 . وقد ذكرت اللجنة، في تعليقها العام رقم 22 ( 199 3 ) (الفقرة 8 )، أنه لا يُسمح بفرض قيود لأسباب غير منصوص عليها في الفقرة 3 . وتضيف صاحبة البلاغ أن إجبار المرأة التي ترغب في ارتداء النقاب على خلعه في الأماكن العامة يمثل فرض اً ل قاعدة من قواعد الملبس على النساء؛ وأن الافتراضات المتعلقة بمواقفهن تجاه عدم المساواة بين الجنسين إنما تستند إلى التحيزات التي يتبناها البعض بشأن أسلوب حياة فئات بعينها. ولا توجد امرأة واحدة ترتدي النقاب تساند عدم المساواة بين الرجل والمرأة.

3 - 8 وأما حماية النظام العام، فهو الأساس القانوني الوحيد الذي كان للسلطة التشريعية أن تستند إليه لو أنها اختارت، وفقاً لاقتراح بعض أعضاء البرلمان، قصر حظر ارتداء النقاب على أماكن ومناسبات معينة، أو فرض التزام بالكشف عن الوجه عند اللزوم لأغراض التحقق من الهوية. لكن هذا لم يكن الاختيار الذي ترغب فيه الحكومة الفرنسية.

3 - 9 وتشير صاحبة البلاغ إلى أن أحداً لم يزعم قط أن النساء اللاتي يرتدين البرقع أو النقاب، وهن قلة قليلة على أية حال، يهددن السلامة العامة، أو يُشِعن الفوضى في النظام العام. ولئن كان يمكن الدفع بصورة مشروعة بأن هناك حاجة، في ظروف محددة بعينها، إلى التمكن من التعرف على هوية الأشخاص في الأماكن العامة بكشف وجوههم، فإنه لا يمكن تصور أن يكون هذا الإلزام بـ "الكشف عن الوجه" دائماً ومطلقاً. ولا يمكن القبول إلا بقيود محدودة معينة. ولا يمكن وصف الحظر المفروض بموجب القانون بأنه ضروري لحماية النظام العام، لأن هذا الحظر يتسم بطابع عام.

3 - 10 وعلى أية حال، فإن هذا الحظر غير متناسب مع الهدف المنشود منه لأنه حظر دائم، ويشمل جميع الأماكن العامة، ويشك ّ ل انتهاكه مخالفة جنائية. وعلى ما يبدو فإن ارتداء النقاب، الذي يمثل طريقة ستر الوجه المستهدفة على وجه التحديد من مشروع القانون والمناقشات التي أفضت إلى اعتماده ، لا يمكن السماح به أبداً بموجب الاستثناءات المنصوص عليها في المادة 2 ( 2 ) من القانون ( ) .

3 - 11 وتشير صاحبة البلاغ إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في حكمها ذي الصلة في قضية س. أ. س. ضد فرنسا ، رفضت الهدف المتمثل في حماية السلامة العامة والنظام العام الذي احتجت به فرنسا، مستندة في ذلك إلى مبدأ التناسب ( ) . ومن ثَم، فإن حظر إخفاء الوجه في الأماكن العامة ليس ضرورياً لحماية السلامة العامة والنظام العام، ما دام من الواضح أنه غير متناسب مع الهدف المنشود.

3 - 12 و فيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 26 ، تدفع صاحبة البلاغ بأن تطبيق القانون يؤدي إلى تمييز غير مباشر لأنه يهدد فعلياً ممارستها لحرية الدين وحرية التنقل. فالقانون لا يعامل صاحبة البلاغ بالطريقة نفسها التي يعامل بها بقية السكان. فهو يرغمها على عدم ارتداء النقاب في الأماكن العامة إذا كانت لا تريد التعرض لعقوبة جنائية، بينما كان القيام بذلك بالنسبة لها واجباً دينياً. ولم ّ ا كانت الطريقة الوحيدة لارتدائها النقاب هي تجنب الخروج من المنزل وارتياد الأماكن العامة، فإن ذلك يقيد حريتها في التنقل التي تكفلها لها، تحديداً، المادة 12 من العهد.

3 - 13 ومع أنه من المفترض أن ينطبق القانون دون تفرقة على أي شخص يخفي وجهه في الأماكن العامة، فيبقى الواقع أن من أثره التمييز بشكل غير مباشر ضد النساء اللاتي يرتدين النقاب. وتشهد المناقشات التي سبقت اعتماد هذا القانون بوضوح على أنه يُعد حلاً عاماً يحظر ارتداء النقاب تحديداً بموجب القانون. ويتأكد هذا التمييز غير المباشر أيضاً من الأرقام المتعلقة بتنفيذ هذا القانون الذي يُفترض أن يشمل أي نوع من أنواع إخفاء الوجه، بما في ذلك الخوذات وأقنعة التزلج على الجليد ( ) .

3 - 14 وأخيراً، تكرر صاحبة البلاغ أن هناك 000 2 امرأة يرتدين النقاب في فرنسا. وهن يشكلن أكثر من نصف الأشخاص الذين تعرضوا للتحقق من الهوية بموجب هذا القانون، الأمر الذي يدل على أنهن يتعرضن لذلك التحقق على نحو غير متناسب.

3 - 15 وبناءً على ذلك، تدعو صاحبة البلاغ اللجنة إلى أن تخلص إلى وقوع انتهاك للمادتين 18 و 26 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 في المذكرة الشفوية المؤرخة 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظات بشأن مقبولية البلاغ، وطلبت إلى اللجنة إعلان عدم مقبوليته بموجب المادة 5 ( 2 )(أ) و(ب) من البروتوكول الاختياري.

4 - 2 وفي 26 آذار/مارس 2012 ، أدانت المحكمة المحلية في مدينة نانت صاحبة البلاغ بارتداء النقاب في مكان عام وفرضت عليها غرامة قدرها 150 يورو. ولم تحضر صاحبة البلاغ جلسة الاستماع. وقدمت بعد ذلك طلباً إلى الدائرة الجنائية لمحكمة النقض لإعادة النظر في الحكم، ورفضت الدائرة هذا الطلب في قرارها المؤرخ 3 نيسان/أبريل 2013 على أساس أن "الاحتجاج بوقوع انتهاك للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بما أنه لم يُعرض على قاضي المحكمة الابتدائية وأنه يشتمل على دليل وقائعي إضافي، يشكل عنصراً جديداً ومن ثم فهو غير مقبول". ثم قدمت صاحبة البلاغ طلباً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي أبلغتها في رسالة مؤرخة 11 أيلول/سبتمبر 2014 بأن طلبها غير مقبول.

4 - 3 وتُذكّر الدولة الطرف بالتحفظ المتعلق بالمادة 5 ( 2 )(أ) الذي أبدته عند التصديق على البروتوكول الاختياري ( ) . وتُذكّر الدولة الطرف أيضاً بالممارسة التي تتبعها اللجنة والمتمثلة في أنه لا يمكن اعتبار أن هيئة دولية أخرى "تبحث" القضية إذا كانت القضية قد رُفضت لأسباب إجرائية بحتة. وبالمقابل ف إن قرار عدم المقبولية الذي يستند إلى النظر في الأسس الموضوعية للشكوى، ولو كان نظراً محدوداً للغاية أو ضمنياً، يشكل بحثاً ل لشكوى في حدود المعنى المقصود في المادة 5 ( 2 )(أ) ( ) .

4 - 4 وفي هذه القضية، لا يشير قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان القاضي بعدم مقبولية طلب صاحبة البلاغ إلى أسباب عدم مقبوليته. ومع ذلك، يمكن الإشارة إلى أن المادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان حددتا ستة أسباب لعدم المقبولية، وهي: (أ) إذا تم تجاوُز مهلة تقديم الطلب المحددة بستة أشهر، وذلك ابتداء من تاريخ اتخاذ القرار المحلي النهائي؛ و(ب) إذا كانت الشكوى مجهولة المصدر ؛ و(ج) إذا كانت المسألة قيد النظر بالفعل بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية ؛ و(د) إذا لم تُستنفد سُبل الانتصاف المحلية؛ و(ه) إذا تبيّن بشكل ظاهر أن الطلب يستند إلى أسس واهية أو أنه يشكل إساءة استخدام للحق في التظلم ؛ و(و) إذا لم يكن قد لحق ضرر بالغ بصاحب الطلب.

4 - 5 وبالنظر إلى أن الطلب قد قُدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في غضون ستة أشهر وبشكل حصري وعن طريق مصدر غير مجهول، وأن الضرر المزعوم كان بالغاً وفقاً للمعنى المحدد في المادة 34 من الاتفاقية، فإن الدولة الطرف ترى أنه يترتب على ذلك ضمنياً، وبالضرورة أيضاً، أن المحكمة رفضت هذا الطلب لعدم استنفاد سُبل الانتصاف المحلية فحسب، أو لأنه اعتُبر بشكل ظاهر واهياً أو لأنه يشكل إساءة استخدام للحق في التظلم .

4 - 6 وفي الحالة الأولى، ترى الدولة الطرف أنه لا يمكن أن تصل اللجنة إلى استنتاج آخر غير استنتاج المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؛ لأن المرة الأولى التي تقدمت فيها صاحبة البلاغ بشكواها المتعلقة بوقوع انتهاك للمادتين 18 و 26 من العهد كانت أمام محكمة النقض. وبناء ً على ذلك، وعلى غرار ما فعلته اللجنة في قضية بيكرامجيت سينغ فيما يتعلق بالمادة 17 ، ينبغي للجنة أن تعلن عدم مقبولية هذا الطلب لعدم استنفاد سُبل الانتصاف المحلية.

4 - 7 وفي الحالة الثانية، إذا كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد رفضت طلباً تعتبره واهياً بشكل ظاهر، فلا بد وأنها قد بحثت دعاوى مقدمي الطلب، وهذا يعني أنها راجعت الأسس الموضوعية للقضية. وكان هذا أيضاً سي جعل اللجنة غير مختصة بالنظر في القضية ، بسبب التحفظ المقدم من فرنسا.

4 - 8 وترى الدولة الطرف أنه لا يمكن قبول الحجة ال تي مفادها أن القضية المعروضة على اللجنة ليست هي القضية نفسها. فالبلاغ يتعلق بالوقائع نفسها وبالظروف نفسها المرتبطة بالطلب الذي قُدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وبالإضافة إلى ذلك، تثير هذه القضية المسائل نفسها.

4 - 9 وسبق أن أشارت اللجنة إلى أن شرط استنفاد سُبل الانتصاف المحلية لم ي ُ ستوف لأن المرة الأولى التي تقدمت فيها صاحبة البلاغ بشكواها المعروضة على اللجنة كانت أمام محكمة النقض. وأعلنت المحكمة ا لوطنية العليا عدم قبول تلك الأسباب على أساس أنه لم يُحتج به ا أمام المحكمة العادية ( ) .

4 - 10 واستُدعيت صاحبة البلاغ على النحو الواجب إلى جلسة الاستماع، وكان بإمكانها التماس مساعدة محام للدفاع عنها، وهو ما لم تفعله؛ والواقع أنها اختارت عدم حضور جلسة الاستماع. ولا يمكنها التذرع بإخفاقاتها. وخلاصة القول إنه ينبغي للجنة أن تعلن عدم مقبولية البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5 - 1 تدفع الدولة الطرف، في ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ المؤرخة 14 آذار/ مارس 2017 ، بأن القانون قد أقرته كلٌ من الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ بالإجماع، مع اعتراض صوت واحد فقط، بعد نقاش ديمقراطي واسع النطاق. وفي هذا السياق، شُكّلت فرقة عمل برلمانية من ممثلين منتخبين ينتمون إلى التيارات السياسية كافة، وشرعت في الاستماع إلى العديد من الأشخاص الذين يعتنقون آراء مختلفة، بمن فيهم النساء المسلمات وغير المسلمات على حد سواء والجهات الفاعلة في المجتمع المدني.

5 - 2 وفي 11 أيار/مايو 2010 ، ا تخذت الجمعية الوطنية - قبل اعتماد القانون - قراراً ذكرت فيه أن الممارسات الأصولية التي تضر بالكرامة الإنسانية وبمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، بما فيها ارتداء النقاب، هي ممارسات تتعارض مع قيم الجمهورية، ودعت إلى تنفيذ جميع التدابير الممكنة لضمان الحماية الفعالة للنساء المعرضات للعنف أو الضغط، بطرق منها إجبارهن على ارتداء النقاب ( ) .

5 - 3 والحظر العام المفروض بموجب القانون حظر محدود النطاق للغاية، بالنظر إلى أن ستر الوجه هو المحظور دون غيره. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التدبير ضروري للدفاع عن المبادئ التي يستند إليها اعتماد القانون، وتُعد العقوبات المفروضة على انتهاك المادة 1 ، التي تنطبق على النساء اللاتي يقررن ارتداء النقاب الإسلامي، متناسبة، مع إعطاء المشرّعين الأولوية لدور التثقيف في هذا الصدد. وهكذا، يحقق هذا القانون توازناً معقولاً بين الدفاع عن المبادئ الأساسية للمجتمع الديمقراطي وحرية ارتداء الملابس وفقاً للمعتقدات الدينية التي يعتنقها الشخص أو غيرها من المعتقدات.

5 - 4 وتشدد الدولة الطرف على أنها ليست الوحيدة التي تحظر ارتداء الملابس التي تخفي الوجه في الأماكن العامة. فعلى سبيل المثال، اعتمد البرلمان الاتحادي في بلجيكا الحظر نفسه، وأقر مجلس النواب في البرلمان الإيطالي مشروع قانون للغرض نفسه.

5 - 5 ويشمل الحظر المفروض بموجب القانون أي لباس يُقصد منه إخفاء الوجه في الأماكن العامة، بغض النظر عن شكله أو سبب ارتدائه. ولذا، لا تُطبَّق أي معاملة خاصة فيما يتعلق بالملابس التي يرتديها المرء لأسباب دينية أو ثقافية. غير أنه في الحالات التي تُرتدى فيها بعض الملابس التي تهدف إلى إخفاء الوجه لأسباب دينية، قد يُنظر إلى الحظر على أنه "قيد" مفروض على حرية الفرد في المجاهرة بدينه أو معتقداته (قانون وضعي ).

5 - 6 وهذا القيد منصوص عليه في القانون، ويسعى إلى تحقيق هدف مشروع ويتناسب مع هذا الهدف. كما أن الحظر منصوص عليه بعبارات واضحة ودقيقة، وكذلك الاستثناءات. وهناك تعميم صادر في 2 آذار/مارس 2011 يقدم شرحاً شاملاً لنطاق القانون وطرائق تطبيقه، واستُكمل بحملة نُظمت في الأماكن العامة، ومنشور أتيح في المكاتب الحكومية، فضلاً عن إطلاق موقع شبكي تثقيفي بشأن هذه المسألة. ويحدد القانون مهلة ستة أشهر من تاريخ سَنّه إلى تاريخ دخوله حيز النفاذ، ومن ثَم فإنه يستوفي شرط إمكانية التنبؤ بما سيحصل؛ وكانت صاحبة البلاغ تعلم أنها معر ّ ضة لدفع غرامة.

5 - 7 ويستهدف القانون المطعون فيه تحقيق هدف مشروع، وهو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم وحماية النظام العام، وهي من بين الأسس الواردة في المادة 18 ( 3 ) من العهد. وهذا الهدف محدد بوضوح في ديباجة القانون، التي تعيد التأكيد على قيم الجمهورية ومتطلبات العيش معاً. وفي هذا الصدد، ارتأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في حكمها الصادر في قضية س. أ. س. ضد فرنسا أنه لا يمكن تبرير الحظر إلا بقدر ما يهدف إلى ضمان شروط "العيش معاً" التي وصفتها الحكومة بأنها التقيد بالمتطلبات الدنيا للعيش في المجتمع. والمكان العام هو الحيّز الاجتماعي بامتياز الذي يُدعى فيه الشخص إلى التفاعل مع الآخرين. ويؤدي الوجه في هذا التفاعل دوراً مهماً؛ لأنه ذلك الجزء من الجسد الذي يعكس الإنسانية المشتركة للأفراد ومن يتحاورون معهم. إن إظهار الوجه لا يدل فقط على قبول المرء لأن يتعرف عليه مَن يحاوره، بل قبوله أيضاً لعدم إخفاء الروح التي يقيم بها علاقته مع الآخرين إخفاءً غير عادل، ومن ثَم فإنه يمثل الحد الأدنى من الثقة اللازمة للعيش معاً في مجتمع منفتح وقائم على المساواة، مثل المجتمع الفرنسي. ويحول إخفاء الوجه دون تحديد هوية الشخص، وقد يُضعف التفاعل بين الأفراد، ويقوّض شروط العيش معاً في مجتمع متنوع.

5 - 8 وتتطلب ضرورات السلامة العامة والنظام العام أن يكون بالإمكان تحديد هوية أي شخص عند اللزوم، لمنع المسّ بأمن الأشخاص والممتلكات ومكافحة انتحال الهوية. وهذا يعني ضمناً أنه يتعين على الناس كشف وجوههم، وهذا أمر بالغ الأهمية في سياق وجود تهديدات إرهابية على الصعيد الدولي ( ) .

5 - 9 وتعترض الدولة الطرف على وصف القانون بأنه يحظر على المرأة المسلمة المجاهرة بمعتقداتها الدينية من خلال ارتداء الحجاب، وتُبيّن أنه يحظر فقط الإخفاء الكامل للوجه، بغض النظر عن سبب ذلك، ويتيح لأي فرد ارتداء الملابس في الأماكن العامة بغرض التعبير عن معتقد ديني، مثل الحجاب أو الشملة، شريطة ال كشف عن الوجه. وتختلف المشكلة هنا اختلافاً تاماً عن المشكلة المتعلقة بارتداء الموظفين العموميين الرموز الدينية في سياق الخدمة العامة، أو ارتدائها في المدارس، حيث يكون حياد الخدمة العامة على المحك. وفي هذه الحالة، لا يستند الحظر إلى الدلالات الدينية للملابس المعنية، بل إلى حقيقة أنها تخفي الوجه بالكامل. ويقتصر أثر الحظر على "أكثر أشكال الملابس تشدداً التي تحول دون رؤية الشخص في الأماكن العامة". ويمكن لصاحبة البلاغ بسهولة ارتياد الأماكن العامة مرتدية الحجاب، الذي من شأنه أن يُظهر معتقداتها الدينية دون إخفاء وجهها. وبالإضافة إلى ذلك، ذكر المجلس الدستوري أن الحظر لا يمكن أن يقيد ممارسة الحرية الدينية في دور العبادة المفتوحة للجمهور. ولذا، فإن هذا التدبير متناسب مع الغرض منه، ولم تتجاوز الدولة الطرف هامش التقدير المتاح لها في هذه القضية، كما أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية س. أ. س. ضد فرنسا المذكورة آنفاً. وعلاوة على ذلك، فقد أصدرت محكمة النقض حكماً في 5 آذار/مارس 2013 يقضي بأن القانون متفق مع المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (بشأن حرية الفكر والوجدان والدين ). وأخيراً، فإن العقوبات المنصوص عليها في القانون - وهي غرامة أقصاها 150 يورو على المخالفات من الدرجة الثانية - معتدلة ومتناسبة مع الأهداف المنشودة. وفيما يتعلق بالعقوبة البديلة المتمثلة في حضور دورة تدريبية عن المواطنة، فهي عقوبة تقليدية تُطبَّق بموجب القانون الجنائي الفرنسي على العديد من المخالفات، والغرض منها تذكير المخالفين بقيم الجمهورية المتمثلة في التسامح واحترام الكرامة الإنسانية، وتوعيتهم بمسؤولياتهم الجنائية والمدنية وبواجباتهم كأعضاء في المجتمع.

5 - 10 وفي تعميم مؤرخ 31 آذار/مارس 2011 موجَّه إلى مديري الشرطة، أوضح رئيس الوزراء الإجراء الذي يجب أن تتبعه الشرطة والدرك عند التعامل مع المخالفين، وأشار إلى أن القانون لا يخول أفراد الشرطة، تحت أي ظرف من الظروف، سلطة إرغام الأشخاص على الكشف عن أنفسهم. وبناء ً عليه، لا يمكن لأحد أن يتحدث عن تقييد غير متناسب للحرِّية الدينية للأشخاص.

5 - 11 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ انتهاك المادتين 12 و 26 من العهد، فإن صاحبة البلاغ لم تثبت أن الحظر الذي فرضه القانون يستهدف النساء المرتديات للنقاب فقط، أو أن الأشخاص الذين يخفون وجوههم بوسائل أخرى لا يُلقى القبض عليهم. بل على العكس من ذلك، ينص القانون على حظر عام، ولا يستهدف لباساً بعينه، ولا يميز بين رجل وامرأة. وعلاوة على ذلك، لا يمكن تفسير الحظر المفروض بموجب هذا القانون بأنه تمييزي أو أنه يمس من الحق في حرِّية التنقل، بطبيعته، لأن له مبرراً موضوعياً ومعقولاً.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب أن تقرر اللجنة، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت طلباً بشأن الوقائع نفسها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وأُبلغت صاحبة البلاغ برسالة مؤرخة في 11 أيلول/سبتمبر 2014 بأن قاضياً منفرداً أعلن عدم مقبولية الطلب بحجة عدم استيفاء شروط المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وتذكّر اللجنة بأن فرنسا أبدت، عند تصديقها على البروتوكول الاختياري، تحفظاً يستثني من اختصاص اللجنة المسائل التي كان يجري بحثها، أو بُحثت، في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 3 وتذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة فيما يتعلق بالمادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري ( ) التي ارتأت أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عندما لا تستند في قرار عدم المقبولية إلى أسس إجرائية فحسب، بل أيضاً إلى أسباب تشمل نوعاً من النظر في الأسس الموضوعية للقضية، فينبغي عندئذ اعتبار المسألة نفسها قد بُحثت بالمعنى المقصود في التحفظات ذات الصلة على المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري ( ) . ومن ثم، فإن اللجنة هي التي تقرر ما إذا كانت المحكمة قد تجاوزت، في هذه القضية، بحث معايير المقبولية الرسمية البحتة عندما أعلنت عدم مقبولية الطلب على أساس عدم استيفاء شروط المقبولية المبينة في المادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

6 - 4 وتستنتج اللجنة من رسالة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تحتجّ بالمادتين 34 و 35 أن عدم قبول طلب صاحبة البلاغ لم يُعلن فيما يبدو لأسباب إجرائية محضة. غير أن اللجنة تلاحظ أنه، بالنظر إلى الطابع المقتضب للتعليل الذي قدمته المحكمة، لم يقدَّم إلى صاحبة البلاغ على ما يبدو أي حجة أو توضيح بشأن قرار عدم المقبولية لتبرير رفض الطلب استناداً إلى أسسه الموضوعية ( ) . وفي ضوء هذه الظروف الخاصة، ترى اللجنة أنها ليست في وضع يمكّنها من أن تؤكد بشكل قاطع أنه تم النظر، ولو بشكل محدود، في الأسس الموضوعية للقضية التي عرضتها صاحبة البلاغ ( ) . ولهذه الأسباب، ترى اللجنة أن التحفظ الذي أبدته فرنسا بشأن المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري لا يشكل، في حد ذاته، عائقاً يحول دون نظر اللجنة في الأسس الموضوعية للقضية ( ) .

6 - 5 وفيما يتعلق بشرط استنفاد سُبل الانتصاف المحلية المنصوص عليه في المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ رفعت شكواها بانتهاك حقوقها، المعروضة حالياً على اللجنة، لأول مرة في طلبها إعادة النظر في الحكم أمام الدائرة الجنائية لمحكمة النقض التي خلصت إلى عدم قبول دفوعها على أساس أنه كان ينبغي رفع شكواها إلى المحكمة الأدنى درجة. وتشير الدولة الطرف إلى قضية بيكرامجيت سينغ لإثبات أن سُبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد ( ) . وتعترض صاحبة البلاغ على هذه الإشارة من جانب الدولة الطرف، موضحةً أن قضية بيكرامجيت سينغ لا يمكن مقارنتها بحالتها لأن سبيل التظلم الوحيد الذي كان متاحاً لها قبل الطعن أمام محكمة النقض هو أن تقدم شكواها إلى المحكمة المحلية. وفي هذا الصدد، تشدد صاحبة البلاغ على أن إجراءات المحكمة المحلية سريعة للغاية، ويرأسها قاض منفرد ليس عامةً بقاض محترف، ولا تخضع الإجراءات للطعن، ولم يمثلها محام. وتدفع صاحبة البلاغ كذلك بأن تقديم شكاواها إلى محكمة النقض كان سليماً، لأنها، كما في المراجعة اللاحقة لدستورية القانون، تضمنت حججاً "قانونية خالصة" بموجب المادة 619 من قانون الإجراءات المدنية.

6 - 6 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على هذه الادعاءات، لا سيما تلك المتعلقة بالإجراءات أمام المحكمة المحلية، وبإ مكانية مباشرتها ، وفعاليتها فيما يتعلق بقضية صاحبة البلاغ. وتلاحظ اللجنة كذلك أن المحكمة المحلية مكان عام يشكّل فيه ارتداء النقاب، بموجب القانون، مخالفة جنائية، وأن صاحبة البلاغ لم تحضر جلسة الاستماع. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن قضية بيكرامجيت سينغ لا تتعلق بإجراءات جنائية يتعين فيها ضمان الحق في الطعن، وأن صاحب البلاغ في تلك القضية أتيحت له فرصة تقديم شكاواه أمام محكمتين أدنى درجة قبل محاولته طرح شكاوى جديدة أمام محكمة النقض. ومن ناحية أخرى، لم تُتح ل صاحبة البلاغ في هذه القضية الإمكانية لكي يعاد النظر في شكاواها أمام محكمة أخرى غير محكمة النقض ( ) . وفي ضوء جميع المعلومات المعروضة على اللجنة، وفي ظل عدم ورود مزيد من التوضيح من الدولة الطرف، خلصت اللجنة إلى أن سُبل الانتصاف المحلية المتاحة بشكل معقول قد استُنفدت.

6 - 7 وترى اللجنة أن شكاوى صاحبة البلاغ، التي تثير مسائل بموجب المادتين 18 و 26 من العهد، قد أُثبتت بما فيه الكفاية لأغراض المقبولية، وتعلن أنها مقبولة، وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لأحكام المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحبة البلاغ بأن الحظر الجنائي المفروض بموجب القانون على إخفاء وجهها في ا لأماكن العامة، وإدانتها بارتداء النقاب ينتهكان حقوقها بموجب المادة 18 من العهد. وتلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف التي مفادها أن القانون يفرض حظراً عاماً على أي نوع من الملابس يُقصد منه إخفاء الوجه في الأماكن العامة، بصرف النظر عن شكل اللباس أو سبب ارتدائه، وأن القانون لا يتناول الملابس الدينية على وجه الخصوص. وتلاحظ اللجنة، مع ذلك، أن المادة 2 ( 2 ) تستثني عموماً من القانون ارتداء الملابس لأسباب صحية أو مهنية، أو ارتداء الملابس التي تشكل جزءاً من الممارسات الرياضية، أو من الأعياد، أو المناسبات الفنية أو التقليدية، أو الملابس الأخرى التي يجيزها القانون. وتلاحظ اللجنة كذلك تعليقات صاحبة البلاغ، التي لم تعترض عليها الدولة الطرف، بأن أقل من 000 2 امرأة يرتدين النقاب في فرنسا، وأن الغالبية العظمى من عمليات التفتيش بموجب القانون قد أُجريت على نساء يرتدين النقاب ( ) .

7 - 3 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 22 ( 1993 )، الذي ذكرت فيه أنه يجوز للفرد ممارسة حريته في المجاهرة بدينه أو عقيدته بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة. ولا يقتصر اتباع طقوس الدين أو العقيدة وممارستهما على الشعائر فحسب، بل إنه قد يشمل أيضاً عادات مثل ارتداء ملابس أو أغطية رأس مميزة ( ) . ولا جدال في أن ارتداء النقاب إحدى العادات لدى شريحة من المسلمين، وجزء من اتباع طقوس الدين وممارستها ، على النحو الذي أكدته صاحبة البلاغ. ولا جدال أيضاً في أن القانون ينطبق على النقاب الذي ترتديه صاحبة البلاغ، التي تُجبر بالتالي على التخلي عن ارتداء الملابس المرتبطة بمعتقداتها الدينية وإلا فستعرّض نفسها ل عقوبات. وبناء ً على ذلك، ترى اللجنة أن الحظر المفروض بموجب القانون يشكل قيداً أو تحديداً لحق صاحبة البلاغ في المجاهرة بدينها أو معتقداتها - بارتداء النقاب - بالمعنى المحدد في المادة 18 ( 1 ) من العهد.

7 - 4 وبناء ً عليه، يجب على اللجنة أن تحدد ما إذا كان ذلك التقييد جائزاً بموجب المادة 18 ( 3 ) من العهد. وتشير اللجنة إلى أن المادة 18 ( 3 ) لا تسمح بتقييد حرية المجاهرة بالدين أو العقيدة إلا إذا كان القانون ينص على قيود ضرورية لحماية السلامة العامة، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية ( ) . وتلاحظ اللجنة كذلك أنه ينبغي تفسير المادة 18 ( 3 ) تفسيراً دقيقاً: فلا يُسمح بفرض قيود لأسباب غير محددة فيها، حتى لو كان يُسمح بها كقيود على حقوق أخرى محمية في العهد، على سبيل المثال، لأسباب تتعلق بالأمن القومي. ولا يجوز تطبيق القيود إلا للأغراض التي وُضعت من أجلها، كما يجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تستند إليه وأن تكون متناسبة معه. ولا يجوز فرض القيود لأغراض تمييزية أو تطبيقها بطريقة تمييزية ( ) .

7 - 5 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أنه لا جدال في أن الحظر المفروض على ارتداء النقاب يندرج بوضوح ضمن نطاق القانون، على النحو الوارد في المادة 1 من ذلك القانون. ولذا، يتعين على اللجنة تقييم ما إذا كان هذا القيد الذي يفرضه القانون يسعى إلى تحقيق هدف مشروع، وما إذا كان ضرورياً لتحقيق ذلك الهدف، وما إذا كان متناسباً وغير تمييزي.

7 - 6 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف عرضت هدفين يُزعَم أن ّ القانون يحققهما ، وهما حماية السلامة العامة والنظام العام، وحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

7 - 7 وفيما يتعلق بحماية السلامة العامة والنظام العام، تدفع الدولة الطرف بأنه يجب أن يتسنى لها تحديد هوية جميع الأفراد عند الضرورة من أجل منع المخاطر التي تهدد أمن الأشخاص والممتلكات ومكافحة انتحال الهوية. وتدرك اللجنة حاجة الدولة الطرف، في ظروف معينة، إلى اشتراط إظهار الأفراد وجوههم، وهو ما قد ينطوي على عدم إخفاء وجوههم أحياناً في ظروف محددة تنطوي على خطر على السلامة العامة أو النظام العام، أو لأغراض التحقق من الهوية ( ) . بيد أن اللجنة تلاحظ أن القانون لا يقتصر على هذه السياقات، بل إنه يحظر بصورة شاملة ارتداء أغطية وجه معينة في الأماكن العامة في جميع الأوقات، ولم تُثبت الدولة الطرف كيف يشكل ارتداء النقاب في حد ذاته تهديداً للسلامة العامة أو النظام العام من شأنه أن يبرر هذا الحظر المطلق. ولم تقدم الدولة الطرف أيضاً أي مبرر أو تفسير من زاوية السلامة العامة لأسباب حظر تغطية الوجه لأغراض دينية معينة - أي النقاب - في حين أن تغطية الوجه لأغراض عديدة أخرى، بما فيها الأغراض الرياضية والفنية وغير ذلك من الأغراض التقليدية والدينية، مسموح به. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم ت ُ بي ّ ن أي سياق محدد، أو تقدم أي مثال، يدل على وجود تهديد حقيقي وكبير على السلامة العامة أو النظام العام من شأنه تبرير هذا الحظر الشامل على النقاب. ولا يبدو أيضاً أن وجود مثل هذا التهديد مذكور في ديباجة القانون أو في قرار الجمعية الوطنية المؤرخ 11 أيار/مايو 2010 ، الذي صدر قبل اعتماد هذا القانون.

7 - 8 وحتى إذا كان بإمكان الدولة الطرف إثبات وجود تهديد حقيقي وجدّي للسلامة العامة والنظام العام من حيث المبدأ، فإنها لم تثبت أن الحظر الوارد في القانون متناسب مع ذلك الهدف، لا سيما بالنظر إلى الاستثناءات العديدة لهذا القانون، وتأثيره الكبير على صاحبة البلاغ بصفتها امرأة مسلمة ترتدي النقاب. ولم تحاول أيضاً إثبات أن الحظر هو التدبير الأقل تقييداً اللازم لضمان حماية حر ِّ ية الدين أو المعتقد ( ) .

7 - 9 وفيما يتعلق بالهدف الثاني الذي عرضته الدولة الطرف، أي حماية حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية بموجب المادة 18 ( 3 )، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف المستندة إلى مفهوم "العيش معاً" أو التقيد بالمتطلبات الدنيا للعيش في المجتمع. وترى الدولة الطرف أن إظهار وجه الشخص يدل على قبوله لأن يتعرف عليه مَن يحاوره وعدم إخفاء حالته الذهنية "بصورة غير عادلة"، وهذا يشكل "الحد الأدنى من الثقة اللازمة للعيش معاً في مجتمع منفتح وقائم على المساواة". وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحبة البلاغ أن المشرّع لم يحدد بوضوح هذا الهدف، سواء في القانون نفسه أو في بيان الغرض. وتدرك اللجنة أنه قد يكون من مصلحة الدولة تشجيع الروح الاجتماعية والاحترام المتبادل فيما بين الأفراد في أراضيها، وفي هذا السياق، التفاعل الاجتماعي فيما بين الأفراد على جميع اختلافاتهم، ومن ثم فقد يعتبر إخفاء الوجه عقبة محتملة أمام هذا التفاعل.

7 - 10 غير أن اللجنة تلاحظ أن حماية حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية تتطلب تحديد ماهية هذه الحقوق الأساسية المحددة التي قد تتأثر بالفعل المحظور ، والأشخاص المتضررين من ذلك. ويجب تفسير الاستثناءات الواردة في المادة 18 ( 3 ) بدقة وعدم تطبيقها بصورة مجردة ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن مفهوم "العيش معاً" موغل في الإبهام والتجرد. ولم تحدد الدولة الطرف أي حقوق أو حريات أساسية محددة للآخرين ستتأثر من وجود بعض الناس في الأماكن العامة وهم يخفون وجوههم، ويشمل هؤلاء النساء المنتقبات. ولم توضح الدولة الطرف أيضاً كيف يمكن تقويض التمتع ب هذه الحقوق "بصورة غير عادلة" عن طريق ارتداء النقاب، دون أن يترتب أي مساس بها عن طريق تغطية الوجه في الأماكن العامة من خلال الوسائل العديدة الأخرى المستثناة من القانون. والعهد لا يحمي الحق في التفاعل مع أي شخص في الأماكن العامة والحق في عدم الانزعاج من الأشخاص الذين يرتدون النقاب، ومن ثم فلا يمكن أن يشكّل هذان الحقّان قيوداً مسموحاً بها بالمعنى المحدد في المادة 18 ( 3 ) من العهد.

7 - 11 وحتى مع افتراض إمكانية اعتبار مفهوم التعايش "هدفاً مشروعاً" بالمعنى المحدد في المادة 18 ( 3 )، فإن الدولة الطرف لم تثبت أن الحظر الجنائي المفروض على وسائل معينة لتغطية الوجه في الأماكن العامة، والذي هو تقييد كبير لحقوق صاحبة البلاغ وحرياتها بصفتها امرأة مسلمة ترتدي النقاب، يتناسب مع ذلك الهدف، أو أنه أقل الوسائل تقييداً لتحقيق حماية حرية الدين أو المعتقد.

7 - 12 وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أن تقييد حرية صاحبة البلاغ في المجاهرة بدينها أو معتقدها، من خلال ارتداء النقاب، ضروري ومتناسب بالمعنى المحدد في المادة 18 ( 3 ) من العهد. ووفقاً لذلك، تخلص اللجنة إلى أن الحظر الذي فرضه القانون وإدانة صاحبة البلاغ بموجب ذلك القانون لارتدائها النقاب يشكلان انتهاكاً لحقوقها بموجب المادة 18 من العهد.

7 - 13 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة 26 من العهد، ومفادها أن القانون المعني يشكل تمييزاً غير مباشر ضد الأقلية من المسلمات اللاتي يرتدين النقاب، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف أن الحظر المفروض بموجب القانون لا يستند إلى الدلالات الدينية للباس المعني، بل إلى كونه يخفي الوجه. ووفقاً للدولة الطرف، يقتصر أثر الحظر على "أكثر أشكال الملابس تشدداً التي تحول دون رؤية الشخص في الأماكن العامة"، وعليه، يمكن لصاحبة البلاغ ارتياد الأماكن العامة مرتدية الحجاب، الذي من شأنه أن يُظهر معتقداتها الدينية دون إخفاء وجهها. غير أن اللجنة تلاحظ أن الجمعية الوطنية، في قرارها المتعلق بالالتزام باحترام قيم الجمهورية في مواجهة نشوء الممارسات الأصولية التي تهددها، رأت أن الممارسات الأصولية التي تقوّض الكرامة والمساواة بين الرجل والمرأة، ومن بينها ارتداء النقاب، تتعارض مع قيم الجمهورية، وأنها تريد أن تكون مكافحة التمييز وتعزيز المساواة بين الرجل والمرأة من أولويات السياسة العامة. وتلاحظ اللجنة كذلك أن القانون، بالرغم من صياغته بعبارات عامة، يشمل استثناءات لمعظم سياقات تغطية الوجه في الأماكن العامة، مما يحد من إمكانية تطبيق الحظر إلى ما يتجاوز بالكاد النقاب الإسلامي، وأن القانون يُنفذ في المقام الأول ضد النساء اللاتي يرتدين النقاب. ومن ثم، تلاحظ اللجنة، من خلال نص القانون، والنقاش الذي دار قبل اعتماده وتنفيذه في الممارسة العملية، أن القانون يطبَّق في المقام الأول على النقاب الإسلامي، وهو شكل من أشكال الشعائر الدينية وتحديد الهوية لأقلية من النساء المسلمات.

7 - 14 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 22 ( 199 3 ) الذي عبرت فيه عن ال قلق إزاء أي ميل إلى التمييز ضد أي أديان أو معتقدات لأي سبب من الأسباب، بما في ذلك كونها تمثل أقليات دينية قد تتعرض للعداء من جانب طائفة دينية مهيمنة ( ) . وتشير اللجنة إلى أن انتهاكاً للمادة 26 قد ينتج عن الأثر التمييزي لقاعدة أو تدبير في ظاهره الحياد أو الافتقار إلى أي نية للتمييز ( ) . وتذكّر اللجنة أيضاً بأن القواعد التي تحكم الملابس التي ترتديها المرأة في الأماكن العامة يمكن أن تنطوي على انتهاك لعدد من الحقوق التي يكفلها العهد، مثل المادة 26 المتعلقة بعدم التمييز ( ) . ومع ذلك، فلا تُعتبر كل تفرقة على أساس الأسس الواردة في المادة 26 تمييزاً ما دامت قائمة على معايير معقولة وموضوعية ( ) ، وتسعى إلى تحقيق هدف مشروع بموجب العهد ( ) . ولذا، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كانت التفرقة في معاملة صاحبة البلاغ التي ترتدي النقاب الإسلامي، مقارنةً بالأشكال الأخرى من تغطية الوجه المأذون بها في إطار الاستثناءات المحددة بموجب المادة 2 من القانون ، تستوفي معايير ال معقولية و ال موضوعي ة و ال مشروعي ة من حيث الهدف المنشود .

7 - 15 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير يوضح السبب في أن الحظر الشامل على نقاب صاحبة البلاغ معقول أو مبرر، خلافاً للاستثناءات المسموح بها بموجب القانون ( ) . وتلاحظ اللجنة كذلك أن الحظر الشامل المفروض بموجب القانون على النقاب يستند على ما يبدو إلى فرضية أن النقاب عامل تمييزي بطبيعته، وأن النساء اللاتي يرتدينه مرغمات على ذلك. وبينما تقر اللجنة بأن بعض النساء قد يتعرضن لضغوط أسرية أو اجتماعية لتغطية وجوههن، تلاحظ اللجنة أن ارتداء النقاب يمكن أيضاً أن يكون اختياراً - بل ووسيلة لتقديم مطالبة ما - على أساس معتقد ديني، كما هي الحال في قضية صاحبة البلاغ ( ) . وترى اللجنة كذلك أن فرض الحظر، بدلاً من توفير الحماية للنساء المنتقبات، يمكن أن يكون له تأثير عكسي بحبسهن في منازلهن، مما يعوق حصولهن على الخدمات العامة، ويعرضهن للاستغلال والتهميش. وقد سبق للجنة بالفعل أن أعربت عن قلقها من أن حظر القانون لوسائل تغطية الوجه في الأماكن العامة ينتهك حرية تعبير الشخص عن دينه أو معتقده، وله تأثير غير متناسب على المنتمين لأديان معينة وعلى الفتيات، وأن تأثير القانون على مشاعر فئات معينة بالاستبعاد والتهميش قد يؤدي إلى نتائج تتعارض مع الأهداف المنشودة ( ) . وتلاحظ اللجنة كذلك أن هناك حكماً منفصلاً عن هذا القانون، هو المادة 225 - 4 - 10 من القانون الجنائي، يجرم المخالفة الجسيمة المتمثلة في إجبار الفرد على إخفاء وجه ه ، ويتصدى بذلك على وجه التحديد للشاغل المذكور.

7 - 16 وأخيراً، على الرغم من أن الدولة الطرف تدعي أن العقوبات المفروضة على النساء اللاتي يقررن ارتداء النقاب في الأماكن العامة "متناسبة"، فإن اللجنة تلاحظ أن للعقوبات طابعاً جنائياً وأنها طُبقت على بعض النساء في مناسبات متعددة. وتؤثر هذه العقوبات بالضرورة تأثيراً سلبياً على حق صاحبة البلاغ في المجاهرة بدينها من خلال ارتداء النقاب وربما على حقوق أخرى.

7 - 17 وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الحظر الجنائي المفروض بموجب المادة الأولى من القانون يؤثر تأثيراً غير متناسب على صاحبة البلاغ بصفتها امرأة مسلمة تختار ارتداء النقاب، ويقيم بينها وبين غيرها من الناس، الذين يغطون وجوههم أحياناً في الأماكن العامة بصورة قانونية، تمييزاً غير ضروري ولا يتناسب مع مصلحة مشروعة، وهو بذلك غير معقول. وتستنتج اللجنة من ذلك أن هذا الحكم وتطبيقه على صاحبة البلاغ يمثلان شكلاً من أشكال التمييز المتعدد الجوانب القائم على أساس نوع الجنس والدين، وهو ما يمثل انتهاكاً للمادة 26 من العهد.

8 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادتين 18 و 26 من العهد.

9 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. ويستلزم ذلك منها أن تتيح جبراً تاماً للضرر الذي لحق الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة في العهد. وبناء ً عليه، تكون الدولة الطرف ملزمة بجملة أمور من بينها أن توفر لصاحبة البلاغ تدابير الترضية المناسبة، بما فيها التعويض المالي المناسب، عن الضرر الواقع. ويقع أيضاً على الدولة الطرف التزام باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، بوسائل منها مراجعة القانون رقم 2010 - 1192 في ضوء التزاماتها بموجب العهد، ولا سيما المادتين 18 و 26 ( ) .

10 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة ب تحديد ما إن كان وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إن ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتعم مها على نطاق واسع بلغتها الرسمية.

Annex I

Joint opinion of Committee members Ilze Brands Kehris, Sarah Cleveland, Christof Heyns, Marcia V.J. Kran and Yuval Shany (concurring)

1.We agree with the majority of the Committee that France, the respondent State, did not adequately explain a security rationale that could justify the blanket ban on Muslim religious full-face coverage, especially in the light of the exceptions for other forms of full-face coverage made under Act No. 2010-1192. We also agree with the majority that the State party has not persuasively explained how the interest of “living together” could justify compelling, under threat of criminal sanction, individuals belonging to a religious minority to dress in a manner conducive to “normal” social interaction.

2.We are more receptive, however, to the implicit claim that thefull veil is discriminatory (para. 7.15), as we consider the wearing of the full veil to be a traditional practice that has allowed men to subjugate women in the name of preserving their “modesty”,which results in women not being entitled to occupy public space on the same terms as men. We would therefore have no difficulty in regarding France as entitled – and, in fact, under an obligation, pursuant to articles 2 (1), 3 and 26 of the Covenant, as well as article 5 (a) of the Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination against Women – to take all appropriate measures to address this pattern of conduct so as to ensure that it does not result in discrimination against women.

3.The question remains, however, whether the introduction of a blanket ban on the full-face veil in public, enforced through a criminal sanction imposed on the very women such a ban would purport to protect, is an appropriate measure in the circumstances of the present case – that is, whether it was a reasonable and proportional measure directed against the author and other Muslim women. On this matter, we are of the view that the State party has not demonstrated to the Committee that less intrusive measures than the blanket ban, such as education and awareness-raising against the negative implications of wearing the full-face veil, criminalizing all forms of pressure on women to wear such a veil and a limited ban enforced through appropriate non-criminal sanctions on wearing the full veil in specific social contexts, underscoring the State’s opposition to the practice (such as prohibiting the full-face veil for teachers in public schools or government employees addressing the public), would not have resulted in sufficient modification of the practice of wearing the full veil, while respecting the rights to privacy, autonomy and religious freedom of the women themselves, including those who choose to wear the veil.

4.Given the harsh consequences of the full ban on the ability of women who choose to wear the veil to move freely in public, we are not in a position to accept the Act as a reasonable and proportionate measure compatible with the Covenant. We believe that our position on the high threshold for justifying a ban on clothing chosen by women is generally consistent with the relevant parts of the judgment of the European Court of Human Rights in S.A. S. v Franc e, in which the Court rejected a justification of the ban on the grounds of, among others, anti-discrimination.

Annex II

Joint opinion of Committee members Ilze Brands Kehris and Sarah Cleveland (concurring)

1.We concur with the majority opinion. Regarding the stated aim of promoting public safety and order, we consider that the State party has not only failed to establish a comprehensive, significant and specific threat that would justify a blanket ban on wearing the full-face veil in public, but has also not explained in which ways the State party’s previously existing legislation providing for uncovering one’s face in public space for specific purposes or at specific times, such as security checks and identity checks, or in specific locations, such as schools and hospitals – which are not contested here – is not adequate to ensure public safety and order. Thus, in addition to the criminal nature of the sanction and its effect on the author and those Muslim women who, like her, choose to wear the full-face veil, which is not proportionate to the stated aim (para. 7.11), this blanket ban has not been shown to be either necessary or proportionate to its stated legitimate aim of promoting public safety.

2.With respect to protecting the fundamental rights and freedoms of others and the concept of “living together” that the State party relates to this aim, there is a lack of clarity regarding which fundamental rights are specifically intended to be protected (para. 7.10). The State party’s position is also unclear on how respect for the rights of persons belonging to minorities, including religious minorities, are taken into account in this concept in order to safeguard the value of pluralism and avoid the abuse of a dominant position by the majority.This reinforces the doubts about the claim that the concept of “living together” constitutes a legitimate aim under the fundamental rights and freedom of others in article 18 (3) of the Covenant.

3.Although the State party does not explicitly refer to equality between men and women in its arguments, in the background documents from the national debates and the preparatory work in the National Assembly, equality figured as a significant factor in the adoption of this legislation. In this regard, the argument that the full-face veil is inherently oppressive and stems from the patriarchal subjugation of women, which intends to prevent them from participating as equals in society, is relevant. However, in view of the fact that another criminal provision in article 4 of the same Act, which is not contested, penalizes the serious offence of compelling a person to wear such a veil, the argument as applied to the comprehensive ban on wearing the veil seems to imply that whenever a woman dons a full-face veil it cannot be her own informed and autonomous decision, which may reinforce a stereotype that Muslim women are oppressed. Penalizing wearing the full-face veil in order to protect women could thus, instead of promoting gender equality, potentially contribute to the further stigmatization of Muslim women who choose to wear the full-face veil, as well as more broadly of Muslims, based on a stereotypical perception of the role of women among Muslims. In any case, the State or the majority’s view that the practice is oppressive must accommodate the author’s own explicit choice to wear certain clothing in public to manifest her religious belief.The equality argument is thus not convincing as a legitimate aim for a blanket prohibition of full-face veils in all public spaces in France.

4.Finally, the present Views take into account the specific context of the case in France, including the fact that a very small number of women have chosen to wear the full veil. Apart from the inherent vulnerability to negative stereotyping of members of a minority – indeed, a minority within a minority – the disproportionality of the legislative measures that were adopted and implemented purportedly to promote respect for the rights of others is thus particularly acute in a context in which there is a very low likelihood that any person would encounter a fully veiled woman in a public space. For the same reason, disseminating awareness-raising leaflets to the general public regarding the law and criminalizing the wearing of the niqab and burka may have the unintended effect of increasing prejudice and intolerance towards this minority group.

Annex III

Individual opinion of Committee member Yadh Ben Achour (dissentin g)

1.In both cases set out in communications Nos. 2747/2016 and 2807/2016, the Committee notes that the State party, by adopting Act No. 2010-1192 of 11 October 2010, prohibiting the concealment of the face in public, has violated the rights of the authors under articles 18 and 26 of the Covenant. I regret that I am unable to share this opinion for the following reasons.

2.First, I am surprised at the Committee’s statement that “the State party has not demonstrated how wearing the full-face veil in itself poses a threat to public safety or public order that would justify such an absolute ban”. I shall not dwell on the threat to public safety, which appears self-evident given the ongoing battle against terrorists, some of whom have carried out attacks and assassinations in France and elsewhere disguised with niqabs. Security considerations alone justify both prohibition and criminalization. I shall, however, spend more time on the meaning of the phrase “protect order” read conjointly with “protect the morals or the fundamental rights and freedoms of others” in article 18 (3) of the Covenant.

3.In that article, the term “order” clearly refers to that of the State at the origin of the restriction. In France, under its Constitution, the order is republican, secular and democratic. Equality between men and women is among the most fundamental principles of that order, just as it is among the most fundamental principles of the Covenant. The niqab in itself is a symbol of the stigmatization and degrading of women and as such contrary to the republican order and gender equality in the State party, but also to articles 3 and 26 of the Covenant. Defenders of the niqab reduce women to their primary biological status as females, as sexual objects, flesh without mind or reason, potentially to blame for cosmic and moral disorder, and in consequence obliged to remove themselves from the male gaze and thus be virtually banished from the public space. A democratic State cannot allow such stigmatization, which sets them apart from all other women. Wearing the niqab violates the “fundamental rights and freedoms of others” or, more precisely, the rights of other women and of women as such. Its prohibition is therefore not contrary to the Covenant.

4.I agree with the Committee that the restrictions provided for under article 18 (3) must be interpreted strictly. However, “strictly” does not mean that the restrictions need not respect the other provisions of the Covenant, or the spirit of article 18 itself, as I have explained in the preceding paragraph.

5.The Committee admits in both cases that “wearing the niqab or the burka amounts to wearing a garment that is customary for a segment of the Muslim faithful and that it is the performance of a rite or practice of a religion”. However, the Committee does not explain the mysterious transformation of a custom into a religious obligation as part of worship, within the meaning of article 18 of the Covenant. The truth is that the wearing of the niqab or the burka is a custom followed in certain countries called “Muslim countries” that, under the influence of political Islamism and a growing puritanism, has been artificially linked to certain verses from the Qur’an, in particular to verse 31 of the Surah of Light and verse 59 of the Surah of the Confederates. However, the most knowledgeable authorities on Islam do not recognize concealing the face as a religious obligation. Even allowing, as the Committee wishes to do, that the wearing of the niqab may be interpreted as an expression of freedom of religion, it must not be forgotten that not all interpretations are equal in the eyes of a democratic society that has founded its legal system on human rights and the principles of the Universal Declaration of Human Rights and of the Covenant, and that has enshrined the principle of secularism within its Constitution – all the more so given the particular historical and legal context of France. Certain interpretations simply cannot be tolerated.

6.The same holds true for polygamy, excision, inequality in inheritance, repudiation of a wife, a husband’s right to discipline his wife and levirate and sororate practices. All those constitute, for their practitioners, religious obligations or rites, just as wearing the full-face veil does for followers of that custom. But the Committee has always considered the former practices to be contrary to the provisions of the Covenant and has consistently called on States to abolish them. Surely then, it is contradictory to decide in one case that it is the prohibition of one such practice, which undermines equality between citizens and the dignity of women, that contravenes the Covenant, while deciding in another case that it is the practices that contravene article 18?

7.A more serious problem must be raised. It concerns the concept of “living together” championed by France, which led to the adoption of the Act. I entirely disagree with the Committee that “the concept of ‘living together’ is presented by the State party in very vague and abstract terms” and that “the State party has not identified any specific fundamental rights or freedoms of others that are affected”. On the contrary, the preamble to the Act deals fully with this issue and clearly states that concealment of the face goes against the social contract, basic good manners and the notions of fraternity and living together. Unfortunately, the Committee fails to note that the fundamental right that is violated in this instance is not that of a few individuals, nor of any particular group, but the right of society as a whole to recognize its members by their faces, which are also a token of our social and, indeed, our human nature. Contrary to the Committee’s assertions, the concept of living together is neither vague nor abstract, but rather, precise and specific. It is founded on the very simple idea that a democratic society can only function in full view of all. More generally, as I have already suggested, the most basic human communication, preceding language of any other kind, is conveyed by the face. By totally and permanently concealing our faces in public, especially in a democratic context, we renounce our own social nature and sever our links with our peers. To prohibit the wearing of the full-face veil and penalize it with a small fine is therefore neither excessive nor disproportionate. In this connection, there can be no comparison between the hijab and the niqab. The two are essentially different.

8.By considering that “the criminal ban introduced by article 1 of the Act disproportionately affects the author as a Muslim woman who chooses to wear the full-face veil and introduces a distinction between her and other persons who may legally cover their face in public that is not necessary and proportionate to a legitimate interest and is therefore unreasonable”, the Committee is simply turning rights upside down. It concludes from this reasoning that article 1 of the Act constitutes a kind of intersectional discrimination based on sex and religion that violates article 26 of the Covenant. Yet there is no doubt that prohibition is necessary, if only because of the threat to security (para. 2 above); it is also proportionate, as shown by the light penalty: a fine of €150 and a course in citizenship, richly deserved given the seriousness of the infringement of equality between citizens and of the dignity of women.

9.Let us now turn to the question of those persons who, unlike women who wear the full-face veil, are authorized by the Act to cover their faces. This, according to the Committee’s Views, constitutes discrimination under article 26 of the Covenant. These are the persons referred to in article 2 (2) of the Act, which establishes exceptions to the prohibition. Can these exceptions be placed on an equal footing and compared with the practice of wearing the full-face veil? Is article 2 of the Act discriminatory within the meaning of article 26? I do not think so. These exceptions, generally speaking circumstantial and temporary, are for the most part made for recreational, festive, carnival or sporting purposes, or are required for service or security purposes, in particular road safety. They exist in all countries and in no way constitute discriminatory symbols or messages likely to trigger implementation of article 26 of the Covenant, as the full-face veil would.

10.I conclude that the prohibition of the wearing of the full-face veil and its penalization by fine, especially in the French context, is neither contrary to article 18 nor to article 26 of the Covenant.

Annex IV

Individual opinion of Committee member José Manuel Santos Pais (dissentin g )

1.I regret not being able to share the conclusion, reached by the majority of the Committee, that the State party violated the author’s rights under articles 18 and 26 of the Covenant.

2.Communications Nos. 2747/2016 and 2807/2016 concern the use of the niqab and are the first of their kind to be considered by the Committee. The issue is a very sensitive one and a solution should therefore be reached thoughtfully, due to its far-reaching implications.

3.Significantly enough, the two complaints do not concern an Islamic State, but a European one with a strong democratic tradition and an impressive human rights record. Possible solutions are dilemmatic, since persuasive arguments can be invoked both for and against finding a violation of certain rights. Decisions in both cases will have, apart from the underlying legal issues, a significant political impact, not only for France, but for many other countries in Europe, Africa and Asia, where the problem of the use of the niqab may also arise. The question was thus to find a solution that minimized the harm, while taking into account all the relevant factors and preventing the risk of any unwarranted and abusive interpretation of the Committee’s decision.

4.I tend to consider the complaints in both cases as mostly artificial, using the argument of a restriction of freedom of thought, conscience and religion as a means to address what is foremost a political problem. The authors never explain which religious prescriptions impose the use of the niqab on them or which part of the Qur’an they base their conclusions on. Yet they acknowledge that wearing the niqab or the burka amounts to wearing a garment that is customary for a segment of the Muslim faithful and is an act motivated by religious beliefs. Therefore, it concerns the observance and practice of a religion, notwithstanding the fact that wearing the niqab or the burka is not a religious requirement common to all practising Muslims (para. 3.2). We are therefore facing a religious custom, not an undisputed religious obligation.

5.The Committee has in the past refused to accept as violations of the provisions of the Covenantcertain social or religious customs and practices that run counter to human rights (female genital mutilation, honour and ritual killings, attacks against persons with albinism and many others). Therefore, the fact that the authors invoke a violation of their religious beliefs does not necessarily lead to the conclusion that their rights have been violated.

6.Both authors are nationals of France born and domiciled in France. Yet, they refuse to abide by the prevalent legislation of the State party concerned, although they acknowledge that they belong to a minority of Muslim women who wear the full-face veil. According to a parliamentary commission that studied the matter, fewer than 2,000 women are concerned (paras. 3.3 and 3.14), which constitutes a tiny minority (para. 3.9). They consider that such a tiny minority can impose their beliefs on the rest of the population, but do not wish to acknowledge the same right to the rest of the population, which, in terms of a proportionality test, seems quite disturbing, especially as both authors can use, still within the observance of their religious beliefs, other less rigorous and extreme forms of dressing, such as a headscarf. This extreme and radical form of religious belief should, in my view, be considered with caution so as to allow the Committee to reach a fair and reasonable decision, which unfortunately, in the present case, did not occur.

7.When one encounters a given society, the need for respecting its habits and customs should be a natural concern, as well as respect for social predominant values. Even more so, when one has a standing relationship with such a society, as is the case for both authors. Yet the authors refuse to accept this.

8.It falls within the legitimate powers of each State to democratically define the legislative framework of their societies, while respecting their international obligations. The State party has carefully done so. Act No. 2010-1192 was passed unanimously (bar one vote) by the National Assembly and Senate after a wide-ranging democratic debate. A parliamentary task force was set up involving elected representatives from across the political spectrum, which proceeded to hear many persons of diverse opinions, including both Muslim and non-Muslim women and persons from civil society (para. 5.1).On 11 May 2010 – prior to the adoption of the law – the National Assembly adopted a resolution in which it said that radical practices detrimental to human dignity and equality between men and women, including the wearing of a full-face veil, were contrary to the values of the Republic, and called for the implementation of all possible measures to ensure the effective protection of women subjected to violence or pressure, including by being forced to wear a full-face veil (para. 5.2).

9.The general ban introduced by the Act is limited in scope, given that only the concealment of the face is prohibited. Sanctions are measured, lawmakers having prioritized the role of education (para. 5.3).The ban covers any article of clothing intended to conceal the face in public spaces, regardless of the form it takes or the reason for wearing it (para. 5.5),and does not target any specific article of clothing and makes no distinction between men and women (para. 5.11).Therefore, no special treatment is reserved for garments worn for religious or cultural reasons and only the most radical form of clothing that makes the person invisible in public is affected. The ban cannot restrict the exercise of religious freedom in places of worship open to the public (para. 5.9).Exemptions from the Act include clothing worn for health or professional reasons, or as part of sporting, artistic or traditional festivities or events, including religious processions, or that otherwise is legally authorized (para. 7.2),which confirm the general and reasonable character of the ban. A circular of 2 March 2011 provided a comprehensive explanation of the scope and modalities for the application of the law, complemented by a campaign in public places and a leaflet available in government offices, as well as an educational website. Moreover, the law provided for a period of six months from the time of its enactment to its entry into force to meet the predictability requirement (para. 5.6).

10.The Act pursues a legitimate aim, the protection of the rights and freedoms of others and the protection of public order, as clearly defined in the Act’s preamble, which reaffirms the values of the Republic and the requirements of living together (para. 5.7).The European Court of Human Rights, in its judgment in S.A. S. v. Franc e, accepted the observance of the minimum requirements of life in society as part of the protection of the rights and freedoms of others and so concluded that the ban imposed was proportionate to the aim pursued (paras. 140–159).

11.Public safety and public order require that everyone can be identified if need be, to prevent attacks on the security of persons and property and to combat identity fraud. This implies that people must show their faces, a vital concern in the context of current international terrorist threats (para. 5.8).The Committee, failing to address the underlying problem properly, does not seem to have sufficiently weighed this last requirement (para. 7.7).

12.It is true that the European Court of Human Rights, in its judgment in the S.A. S. v. France case, dismissed the argument that the ban was necessary in a democratic society for public safety, since “a blanket ban on the wearing in public places of clothing designed to conceal the face can be regarded as proportionate only in a context where there is a general threat to public safety” (para. 139). However, since the judgment was delivered, France has experienced several terrorist attacks by Al-Qaida and Da’esh: Île-de-France in January 2015 (20 killed and 22 injured), Paris in November 2015 (137 killed and 368 injured) and Nice in July 2016 (87 killed and 434 injured). In 2017, a total of 205 foiled, failed and completed terrorist attacks were reported by nine European Union member States (France experienced 54 attacks). In 2017, a total of 975 individuals were arrested in the European Union for terrorism-related offences. Most arrests (705 out of 791) were related to jihadist terrorism (123 women, of whom 64 per cent held the citizenship of a European Union member State and were born in the Union). France alone accounted for 411 arrests and 114 convictions. As for the number of suspects arrested for religiously inspired/jihadist terrorism (705), France accounted for 373.In this context, it is of extreme importance to quickly identify and locate possible suspects, since they travel through different countries to arrive at their destination and may avail themselves of the niqab to go unnoticed. Therefore, in the current circumstances, the ban imposed seems proportionate to the aim pursued by the Act, although it should be subject to periodic risk assessments (art. 7 of the Act).

13.In contrast to the view of the majority of the Committee (para 7.16), I believe that the sanctions are measured. Although they are of a criminal nature in France, in other countries they would probably be administrative fines. Sanctions comprise a category two fine (maximum €150), a moderate sanction that can, however, be replaced by a mandatory citizenship course. If, however, the person refuses to abide by the law, what should the State do? Accept such a behaviour? In the Yaker case, the author was sentenced twice, the second time because she refused to remove her full-face veil at the security checkpoint to enter the court. Is it reasonable to force a judge to accept persons that they are going to judge to have their faces covered during a trial? Such a demand will probably not be accepted in any court, in whichever country. Furthermore, both cases were tried by a community court, which confirms, if need be, the minor gravity of the violation. Sanctions are thus not disproportionate.

14.Finally, as regards the allegation that penalties have been imposed in particular on Islamic women, the reason seems obvious: they violated the ban. Would one consider, for instance, the prosecution of drunk drivers or drug traffickers as disproportionately affecting them? Is this not just the result of law enforcement policy?

15.I would therefore conclude that articles 18 and 26 of the Covenant were not violated. Rejecting the ban could, regrettably, be seen by some States as just a step away from accepting the imposition of a full-face veil policy.