الأمم المتحدة

CCPR/C/126/D/2697/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

19 August 2019

Arabic

Original: English

لجنة حقوق ال إ نسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2697/2015 * **

بلاغ مقدم من: أولان نازالييف (يمثله المحامي ساردوربيك عبد الخليلوف )

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: قيرغيزستان

تاريخ تقديم البلاغ: 30 تشرين الثاني /نوفمبر 2014 (رسالة أولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي (المادة 92 حاليا ً )، والمحال إلى الدولة الطرف في 7 كانون الأول/ديسمبر 2015 (لم يصدر في شكل وثيقة) ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

تاريخ اعتماد الآراء: ٥ تموز/يوليه ٢٠١٩

الموضوع: التعذيب على يد الشرطة؛ عدم إجراء تحقيق فعال؛ ظروف الاحتجاز

المسائل الإجرائية: لا يوجد

المسائل الموضوعية: التعذيب؛ والتحقيق الفوري والنزيه في التعذيب؛ وظروف الاحتجاز

مواد العهد: 7 مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادتين 2(3) و10(1)؛

مواد البروتوكول الاختياري: 5(2)(ب)

١- صاحب البلاغ هو أولان نازارالييف ، مواطن من قيرغيزستان، مولود في عام 1982. وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة ٧، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادتين ٢(٣)(أ) و10(١)، من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في ٧ كانون الثاني/يناير ١٩٩٥. ويمثّل صاحبَ البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ اُحتُجز صاحب البلاغ من ٢١ تموز/يوليه إلى ١٥ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ في مركز الاحتجاز المؤقت التابع لإدارة الشؤون الداخلية التابعة لوزارة الشؤون الداخلية في مدينة جلال أباد بتهمة الشغب والسّلب بموجب المادتين ٢٣٤(٢)(١) و١٦٨(٢)(١) و(٣)و(٤)(٤) من قانون العقوبات، على التوالي. ويصف صاحب البلاغ أن أوضاع احتجازه تخلو من الإنسانية ومهينة: فالمحتجزون وُضعوا في طابق تحت الأرض به ١٠ زنزانات تضم كل واحدة منها ثمانية أشخاص. ولا توجد تهوية أو تدفئة، ما يعني أنها شديدة الحرّ صيف اً والقرّ شتاء ً . ونظر اً لعدم وجود أي مرافق صحية، يُنقل صاحب البلاغ وغيره من السجناء إلى المراحيض الموجودة في الباحة بدون أي خصوصية. والنظافة الصحية عموم اً سيئة واحتمالُ الإصابة بأمراض معدية كبير. ولم يكن لدى مركز الاحتجاز المؤقت عاملون طبيون.

٢-٢ وفي ٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، في حوالي الساعة السادسة مساء، أخبر صاحبُ البلاغ ضباط الشرطة بأنه يعاني من صداع. فأعطوه شفرة حلاقة وقالوا له إن بإمكانه تقطيع نفسه، ولكن بدون مساعدة من أحد. وبدأ في الصراخ احتجاج اً على هذا النوع من المعاملة من ضباط الشرطة. وضربه الضباط على صدره ثم علَّقوه على الجدار وبدأوا في خنقه. وكاحتجاج على ذلك، أخذ شفرة الحلاقة وجرح معصمه الأيسر ( ) . وعندما وصلت سيارة الإسعاف، تلقى المساعدة الطبية اللازمة. وفي ٥ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، بدأت يدُه تنزف مرة أخرى وأُخذ إلى المستشفى الإقليمي في جلال أباد لخياطة جراحه.

٢- ٣ وفي ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، دخل ستة من ضباط الشرطة زنزانة صاحب البلاغ للقيام بعملية تفتيش. وفي أثناء التفتيش، بدأ الضباط في ضربه وضرب زملائه السجناء. وعندما سأل ما الذي يجري، قال له أحد الضباط إنهم يقومون بعملية تفتيش. وأُمر بالانبطاح أرض اً وصعد ضابط فوقه، وانهال عليه ضرب اً على رأسه وأذنيه وركْل اً على الكليتين والأعضاء التناسلية. ورُميت ملابسه وأغراضه الشخصية بعيد اً، بما في ذلك الأدوية ومواد النظافة الصحية الشخصية الأساسية أثناء عملية التفتيش. وفي فترة ما بعد الظهر، في الساحة التي يُسمح فيه للمحتجزين بالتريّض ، قام ضباط الشرطة بطرحه أرض اً وتفتيشه مرتين وتجريده من ملابسه. وبعد ذلك، اُقتيد إلى أحد مكاتب المحققين في مركز الاحتجاز حيث ضربوا رأسه على الجدار. وبما أنه لم يستطع تحمل الألم، وردّا ً على إساءة المعاملة، قام بفك غُرَز الجرح الذي أخذ ينزف مرة أخرى. وكبَّله ضباط الشرطة من يديه إلى جهاز التدفئة الثابت. وتُرك على تلك الحال لبعض الوقت.

٢-٤ وفي اليوم التالي، في ٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، قدّم صاحب البلاغ ومحتجَزِين آخرين تعرضوا لإساءة المعاملة شكاوى إلى مكتب المدعي العام في مدينة جلال أباد. واِتهموا ضباط الشرطة بالاعتداء البدني والمعاملة غير الإنسانية والمهينة فيما يتعلق بسلوكهم أثناء تفتيش الزنزانة في ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢.

٢-٥ وفي ٨ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، بعد تقديم الشكوى، حُوِّل صاحب البلاغ إلى مركز الاحتجاز المؤقت التابع لإدارة الشؤون الداخلية في مقاطعة سوازاكسك في منطقة جلال أباد (تبعد ١٠ كيلومترات عن مدينة جلال أباد). وفي أثناء التحويل تعرَّض للسخرية والإذلال على يد ضباط الشرطة الذين جرَّدوه من ملابسه الداخلية والتقطوا صورة لجهازه التناسلي. وعلى الرغم من الجروح الظاهرة على جسمه أدخلُه ضباط الشرطة إلى مركز الاحتجاز المؤقت دون إجراء فحصٍ طبي.

٢-٦ وفي اليوم نفسه، قام طبيب شرعي بفحص صاحب البلاغ. واستناد اً إلى تقرير الطب الشرعي، فقد تعرض ’’لإصابات طفيفة‘‘. بيد أن الطبيب الشرعي، في تقرير الطب الشرعي، الصادر في ١٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، لا يَستبعد أن تكون الجروح من فِعله هو. ووفق اً لصاحب البلاغ، فقد عانى لاحق اً من آثار الجروح ولكن لم تُقدَّم له المساعدة الطبية اللازمة.

٢-٧ وفي ١٠ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، أضرب صاحب البلاغ عن الطعام احتجاج اً على الاعتداءات الجسدية والإهانة. ولم يوقِف الإضرابَ إلا بعد أن التقى نائب المدعي العام في منطقة جلال أباد وعرَض عليه شكواه في ١٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢. وفي ١٨ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، رفض المحقِّقُ المكلَّف بالتحقيق الأولي تحريك الدعوى الجنائية ضد ضباط مركز الاحتجاز بدعوى انتفاء الركن المادي الجريمة. وخلُص إلى أنه لا يوجد ما يُثبت ادعاءات صاحب البلاغ. وفي ٢٠ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، ألغى مكتب المدعي العام في منطقة جلال أباد (في إطار إشراف مؤسسي) القرار بحكم وظيفته وأمر بفحص أولي آخر عُهد به إلى المحقِّق نفسه. وفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، رفض المحقق مرة أخرى تحريك الدعوى الجنائية ضد ضباط مركز الاحتجاز بدعوى انتفاء الركن المادي للجريمة. ويدَّعي صاحب البلاغ أنه أثناء الضرب قام ضباط الشرطة بتحريك كاميرات الفيديو بحيث تكون موجَّهة إلى السقف، ما يجعل تسجيل ما تعرض له من سوء معاملة أمر اً مستحيل اً. وهذا يفسر السبب في أن تسجيلات الفيديو من مواقع مختلفة في مركز الاحتجاز (الزنازين، والممرات، وفناء، ومكتب المحققين) مفقودةٌ في المواد التي جُمعت خلال الفحص الأولي.

٢-٨ وفي غضون ذلك، شرع مكتب المدعي العام في منطقة جلال أباد في تحقيق تأديبي، وفي ٢١ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ تلقى المدعي العام والمحقق المعنيين بقضية صاحب البلاغ ’’تحذيرا ً شديدا ً ‘‘.

٢-٩ ومن ٣٠ تشرين الثاني/نوفمبر إلى ١٠ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢، نُقل صاحب البلاغ إلى المستشفى الإقليمي في جلال أباد بسبب صداع شديد، وشُخِّص بأنه يعاني من إصابة مُغلقة في الدماغ وارتفاع في ضغط الدم ( ) . ويشير ملف صاحب البلاغ في المستشفى (أي بطاقته الطبية)، بوصفه التشخيص الرئيسي، أنه تم إدخاله إلى وحدة الأعصاب في المستشفى وأنه يعاني من إصابة مغلقة في الدماغ، ويحدد، علاوة على ذلك، أنه أصيب بارتجاج.

٢-١٠ وفي ١٣ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢، رفع صاحب البلاغ شكوى إلى محكمة مدينة جلال أباد يطلب فيها إلغاء قرار عدم تحريك الدعوى الجنائية بشأن قضيته التي كان المدعي العام قد اعتمدها. وفي ٤ شباط/فبراير ٢٠١٣، قررت المحكمة إعادة الشكوى إلى مكتب المدعي العام مُلتمسة إجراء تحقيق شامل، بما في ذلك استجواب الشهود، والحصول على تسجيلات الفيديو، إلى غير ذلك.

٢-١١ ومع ذلك، استأنف مكتب المدعي العام، في ٨ شباط/فبراير ٢٠١٣، قرارَ محكمة مدينة جلال أباد أمام محكمة جلال أباد الإقليمية يلتمس فيها نقض قرار محكمة الدرجة الأولى. وفي 27 آذار/مارس 2013، أيَّدت المحكمة العليا قرار محكمة المدينة. وفي ١٨ نيسان/أبريل ٢٠١٣، قدَّم مكتب المدعي العام طعن اً أمام المحكمة العليا بموجب إجراءات المراجعة الرقابية القضائية. وفي ٢٢ أيار/مايو ٢٠١٣، نقضت المحكمة العليا قراري محكمتي الدرجة الأولى والثانية. وأيدت في حكمها مكتبَ المدعي العام في قراره برفض تحريك الدعوى الجنائية. وبما أن حكم المحكمة العليا نهائي ولا يجوز استئنافُه، يدّعي صاحب البلاغ أن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة قد اُستنفدت.

الشكوى

٣-١ يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادة ٧، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادتين ٢(٣)(أ)، و10(١)، من العهد.

٣-٢ ويدعي صاحب البلاغ أن ما تعرض له من معاملة على يد ضباط الشرطة يَرقى إلى التعذيب في انتهاكٍ للمادة 7 من العهد. وقد زادت الظروفُ التي اُحتجز فيها صاحبُ البلاغ وعدمُ تقديم المساعدة الطبية له عند الحاجة من وطأة التعذيب. ويشكِّل تقصير الدولة الطرف في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية صاحب البلاغ من التعذيب، وعدمُ إجرائها تحقيق اً حيادي اً وفعال اً ودقيق اً في تعذيبه، وعدمُ إتاحة إمكانية الاستفادة من سبل الانتصاف الفعالة انتهاكا ً للمادة ٧، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة ٢(٣)، من العهد ( ) .

٣ -٣ وعلاوة على ذلك، كانت ظروف احتجاز صاحب البلاغ لا إنسانية انتهاكاً للمادة 10 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤-١ في ٢١ نيسان/أبريل ٢٠١٧، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية. وقالت إنه في ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، قام ضباط الشرطة بتفتيش مركز الاحتجاز المؤقت التابع لإدارة الشؤون الداخلية في مدينة جلال أباد، شارك فيه نائب المدعي العام لمدينة لجلال أباد. وأثناء عملية التفتيش، ضُبطت في الزنزانات أشياء ممنوعة مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الشحن، والبطاريات، وسماعات الأذن.

٤-٢ وفي ٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، أعرب ١٩ مُحتجَز اً من بين ٤٣ في مركز الاحتجاز المؤقت، بينهم قاصر، عن استيائهم من تصرفات ضباط إدارة الشؤون الداخلية. واحتجاج اً على عمليات الضبط، قاموا بجرح أنفسهم، فأحدثوا جروح اً في أذرعهم ورِقابهم وبطونهم وأعلنوا إضراب اً عن الطعام. وقدّم لهم الأطباء الممارسون الإسعافات الأولية.

٤-٣ وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بتعرُّضه للعنف، تدفعُ الدولة الطرف بأنه قدم شكوى إلى مكتب المدعي العام في مدينة جلال أباد، وطلب متابعة أحد ضباط الشرطة قضائي اً بدعوى أنه ضربه في زنزانته في ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢. وفي ١٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ أُجري فحص طبي شرعي يفيد بعدم وجود علامات ضرب أو عنف على جسد صاحب البلاغ، باستثناء الجروح على معصمه الأيسر التي تسبب فيها لنفسه.

٤-٤ ونتيجة لتحقيق أُجري في ٣٠ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، رفض مكتب المدعي العام تحريك الدعوى الجنائية ضد الضابط على أساس أن أفعاله لا تشكل جريمة. واستأنف محامي صاحب البلاغ قرارَ مكتب المدعي العام أمام محكمة مدينة جلال آباد. وفي ٤ شباط/ فبراير ٢٠١٣ قُبل الاستئناف ونُقض قرار مكتب المدعي العام. وأيدت محكمة جلال أباد الإقليمية الحكم الصادر عن محكمة المدينة. ومع ذلك، نقضت المحكمةُ العليا قراري المحكمتين المذكورتين في ٢٢ أيار/مايو ٢٠١٣.

٤-٥ ووفق اً لقانون الإجراءات الجنائية، تختص المحاكم العليا بمراجعة قانونية وصلاحية قرارات المحاكم الدنيا. وتؤكد الدولة الطرف أن المحكمة العليا قامت بهذه المراجعة؛ ويعد حكمُها نهائي اً ولا يجوز الطعن فيه حسب المادة ٩٦ من دستور قيرغيزستان.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

٥-١ في ٢٣ حزيران/ يونيه ٢٠١٧، دفع صاحب البلاغ، في تعليقه على ملاحظات الدولة الطرف، بأن الدولة الطرف لم تنظُر في ادعاءاته.

٥-٢ وبوجه خاص، إن الدولة الطرف لا تنازِعُ في أنه جرى، في ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، تفتيشُ الزنزانات في مركز الاحتجاز المؤقت التابع لإدارة الشؤون الداخلية في جلال أباد، وأن صاحب البلاغ كان يحمل جروح اً على جسده. وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن صاحب البلاغ قام أول اً برفع طلب إلى مكتب المدعي العام يلتمسُ فيه تحريك دعوى جنائية ضد الموظفين المسؤولين عن إنفاذ القوانين الذين استخدموا العنف البدني ضده، وطعنَ في وقت لاحق أمام المحكمة في نتائج التحقيقات غير الفعالة وغير القاطعة. كما تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. ‬

٥-٣ ويدفعُ صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم توضِّح كيف كان التحقيق في ادعائه بأنه تعرض للتعذيب فعال اً وشامل اً، إذا لم تُتخذ العديدُ من خطوات التحقيق من قبيل استجواب الشهود والحصول على تسجيلات الفيديو.

٥-٤ ويدّعي صاحب البلاغ في رسالته أن كل هذه الوقائع تشكل انتهاكاً من الدولة الطرف للمادة 7، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2(3)، من العهد. لا بل إن الدولة الطرف لم تحاول إثبات أن التحقيق الأولي في ادعاءات صاحب البلاغ بأنه تعرَّض للتعذيب (الأمر الذي أدى إلى رفض تحريك دعوى جنائية ضد ضابط الشرطة) كان فعال اً ودقيق اً وشامل اً. ومن ثم، فإن صاحب البلاغ يدّعي أن الفحص الأولي، الذي خلُص إلى رفض تحريك دعوى جنائية، لم يكن فعال اً، وبالتالي، فإن الدولة الطرف لم تف بالتزامها بتوفير سبل انتصاف فعالة له بالمعنى الوارد في المادة ٢(٣) من العهد. وعلى وجه الخصوص، إن التحقيق الذي أجراه مكتب المدعي العام لم يكن فعال اً وشامل اً، لأن المحقق ركز على استجواب ضباط الشرطة فقط، دون أن يكلف نفسه عناء استجواب صاحب البلاغ. ولا تتضمن مواد التحقيقات سوى تفسيرات ضباط مركز الاحتجاز المؤقت التابع لإدارة الشؤون الداخلية في مدينة جلال أباد وإفادات بعض المحتجزين الذين كانوا على استعداد لدحض هذه الروايات، ولكنهم قاموا لاحق اً بسحب شكاواهم السابقة المتعلقة بالتعذيب والمعاملة غير الإنسانية.

٥-٥ وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكن أثناء تحقيقٍ أولي تنفيذُ بعضٍ من إجراءات التحقيق، مثل طابور العرض وعمليات الاستجواب أو البحث، وبالتالي جمع الأدلة بأكثر الطرق فعالية، لأن إجراءات التحقيق هذه لا يمكن أن تُتخذ إلا بعد تحريك الدعوى الجنائية. وعلاوة على ذلك، فإن التحقيق الأولي لا يأتي بأدلة مقبولة من الناحية الإجرائية. ومن ثم، فإن شهادة الزور لا تترتب عنها مسؤولية جنائية، والتفسيراتُ المقدمة في تلك المرحلة يمكن تغييرها في وقت لاحق دون أي عواقب. ولذلك، فإن إفادات ضباط الشرطة لا يمكن أن يُعتدَّ بها باعتبارها شهادة شهود بما أنهم لم يُحذَّروا من مغبة الوقوع تحت طائل المسؤولية الجنائية عن شهادة الزور.

٥-٦ وبالإضافة إلى ذلك، يؤكد صاحب البلاغ من جديد ادعاءه بأن المواد التي جُمعت لا تشمل إما تسجيلات الدوائر التلفزيونية المغلقة في مقر المركز الاحتجاز (الزنزانات، أو الممرات، أو باحة السجن، أو مكتب المحققين أو أماكن المراقبة الأخرى) أو نظام اً يحدد مشاهدة مواد المراقبة بالفيديو هذه. ووفق اً لصاحب البلاغ، فإنه أثناء ضربه، قام ضباط الشرطة، بتغيير وضعية كاميرات المراقبة، وبالتالي حال ذلك دون تسجيل أي أدلة. وهذا يفسر عدم وجود تسجيل فيديو للأماكن الداخلية لمركز الاحتجاز.

٥-٧ ولا تُنازعِ الدولةُ الطرف في أن صاحب البلاغ استأنف نتائج الفحص الأولي غير الفعال. فقد قامت محكمتا الدرجة الأولى والثانية بتقييم ملابسات القضية، وعدمِ تحرك المحقق، واستنتاجِه أن تفسيرات ضباط الشرطة موثوقة. ولم تتفق المحكمتان مع هذا الاستنتاج لأن المحقق لم يبرِّر لماذا كانت شهادات ضباط الشرطة أكثر صدق اً. ومن وجهة النظر الموضوعية والإنصاف كان على المحقق أن يقيِّم كل شهادة خلال الفحص. وقد أنكر ضباط الشرطة استخدام القوة ضد صاحب البلاغ، لأنهم كانوا يريدون تفادي المتابعة الجنائية. ومع ذلك، بموجب إجراء المراجعة الرقابية القضائية، ألغت المحكمة العليا قراري المحكمتين الأدنى وأيدت قرار مكتب المدعي العام رفضَ تحريك الدعوى الجنائية. ويشير صاحب البلاغ إلى أن المراجعة الرقابية للقرارات القضائية في الدولة الطرف لا تشكل سبيلَ انتصافٍ فعالةً لأنها تحدُّ بشكل خطير من الحق في اللجوء إلى المحاكم ومن مبدأ اليقين القانوني.

٥-٨ ويؤكد صاحب البلاغ أن الادعاءات المتضاربة في هذه القضية لا يمكن تقييمها إلا بعد مباشرة الدعوى الجزائية وعددٍ من إجراءات التحقيق، مثل إجراء تقييم نفسي، ومزيد من المقابلات ولقاء وجه اً لوجه بين صاحب البلاغ وضباط الشرطة المعنيين.

٥-٩ ويدعي صاحب البلاغ أيض اً أنه اُحتجز في ظروف غير إنسانية في زنزانات مركز الاحتجاز التابع لإدارة الشؤون الداخلية في مدينة جلال أباد. وقد بلغت الظروف السائدة في مركز الاحتجاز مَبلغا ً إلى درجة أنه كان يتلقى العلاج بطريقة غير إنسانية وخالية من الاحترام لكرامته. بيد أن الدولة الطرف لا تردُّ على جميع هذه الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة ١٠(١) من العهد.

ملاحظات إضافية

ملاحظات مقدمة من الدولة الطرف

٦-١ في ١٧ كانون الثاني/يناير ٢٠١٨، أكدت الدولة الطرف مجدد اً أنه في ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، جرى تفتيشٌ لمركز الاحتجاز المؤقت التابع لإدارة الشؤون الداخلية في مدينة جلال أباد قام به ضباط الشرطة بحث اً عن الأشياء المحظورة، مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الشحن، والبطاريات، وسماعات الأذن.

٦-٢ وفيما يخص ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بممارسة العنف ضده، تدفع الدولة الطرف بأنه رفع شكوى إلى مكتب المدعي العام في مدينة جلال أباد، وطلب منه متابعة ضابط يُزعمُ أنه ضربه في زنزانته. وقد أُجري تحقيق كامل ومحايد في هذا الصدد. وبناء على فحص طبي شرعي صدر في ١٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ لا توجد علامات ضرب أو عنف على جسد صاحب البلاغ، باستثناء جروح على معصمه الأيسر سبَّبها هو لنفسه. واستناد اً إلى نتائج الفحص الأولي، رفض مكتب المدعي العام تحريك الدعوى الجزائية ضد ضابط الشرطة بسبب انتفاء الركن المادي الجريمة. واستأنف صاحبُ البلاغ القرار الصادر عن مكتب المدعي العام، ولكن المحكمة العليا أيَّدته في ٢٢ أيار/مايو ٢٠١٣.

٦-٣ وتخلُص الدولة الطرف إلى أن تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظاتها لا تستند إلى أي أساس.

ملاحظات مقدمة من صاحب البلاغ

٦- ٤ لا يوافق صاحب البلاغ في تعليقاته المقدمة في ١٩ آذار/مارس ٢٠١٨ على ملاحظات الدولة الطرف. ويدعي أن الدولة الطرف لم تقدِّم أي معلومات عن طابع تفتيش مركز الاحتجاز، والأساليب المستخدمة، وعدد ضباط الشرطة المشاركين واستخدام وسائل خاصة أثناء العملية. وهو يدعي أن وجود مدعٍ عام خلال هذه الإجراءات لا يمكن أن يضمن عدم تعرُّض المحتجزين لإساءة المعاملة، لأنه يمثل الادعاء العام في المحكمة ضدَّهم. ويبيِّن عدم وجود هذه المعلومات البالغة الأهمية الطابعَ التعسُّفي لعمليات التفتيش في المؤسسات المغلقة وانتهاكَ حقوق وحرياتِ الأشخاص المحرومين من حريتهم.

٦-٥ وعلاوة على ذلك، أكد مكتب المدعي العام مرة أخرى أن صاحب البلاغ قَدَّم، إلى جانب ١٩ محتجز اً آخرين، شكوى لديه. ويؤكد صاحب البلاغ أن هذه الشكوى تتعلق بسوء المعاملة والعنف البدني أثناء تفتيش الزنزانات وليس بمصادرة أشياء محظورة مثلما تزعم الدولة الطرف. وطلبَ اتخاذَ تدابير ضد ضباط الشرطة الذين قاموا بتعذيبه بغية معاقبته، حيث قدَّم أسماء ضباط الشرطة الذين قاموا بالتفتيش وتعرضوا له بسوء المعاملة، وعرضَ ظروف العنف وأعمال العنف بالتحديد.

٦-٦ ولم يتعامل مكتب المدعي العام على النحو الواجب مع ما لحِق صاحب البلاغ من سوء معاملةٍ أثناء التفتيش. ولم يتخذ المحقِّق كل ما يلزم من خطوات التحقيق لتحديد الأسباب الحقيقية التي حملت صاحب البلاغ على إلحاق الأذى بنفسه (الجروح). ولم يُحقق في ادعاءاته بشأن تعرضه للتعذيب. والسببُ الذي جعل صاحب البلاغ يجرح نفسه يكمن في لفْت الانتباه والاحتجاج على أنه تعرض للضرب على يد ضباط الشرطة. وقد تعرض للتعذيب كشكل من أشكال العقاب على الاحتجاج.

٦-٧ وفي الأخير، يؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد كل سبل الانتصاف الداخلية المتاحة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٧-١ قبل النظر في أي ادعاء يرِدُ في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، أن تحدد ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٧-٣ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة له. وفي ظل عدم وجود أي اعتراض من الدولة الطرف، تَعتبر اللجنةُ أن شروط المادة ٥(٢)(ب) من البروتوكول الاختياري قد اُستوفيت لأغراض المقبولية فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ٧، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة ٢(٣)(أ)، من العهد. بيد أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يُثبِت أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بادعائه أن الظروف التي اُحتجز فيها لمدة أربعة أشهر غير إنسانية، انتهاك اً للمادة ١٠(١) من العهد. وعليه، ترى اللجنة أن شروط المادة ٥(٢)(ب) من البروتوكول الاختياري لم تُستوف لأغراض المقبولية وتَعتبر أن الادعاء غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

٧-٤ وترى اللجنة أن صاحب البلاغ دعَّم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية باقي الادعاءات بموجب المادة 7، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2(3)(أ)، من العهد. ولذلك، فإنها تعلن أن البلاغ مقبول، وتشرع في بحثه من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٨-١ نظرت اللجنة في القضية في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

٨-٢ وتأخذ اللجنة في اعتبارها أولاً، ادعاءات صاحب البلاغ أنه تعرض للتعذيب أو لسوء المعاملة على يد ضباط الشرطة في عدة مناسبات، لا سيما أنه، قَبل تفتيش الزنزانات، أُعطي شفرة حلاقة وقِيل له إن بإمكانه أن يجرح نفسه، ثُم تعرَّض لاحق اً للضرب في صدره والخنق وهو معلق على الجدار، وتعرض للضرب أثناء التفتيش وضُرب رأسه على الجدار. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى الشرح الذي قدمه صاحب البلاغ بأنه أثناء ضربه قام ضباط الشرطة بتحويل وضعية كاميرات المراقبة ليستحيل تسجل أي أدلة. وتشير اللجنة إلى ما خلُصت إليه الدولة الطرف من أن ادعاءات صاحب البلاغ لم تُدعَّم بأدلة. وتحيط اللجنة علم اً بأن نتائج فحص الطب الشرعي تبين ’’إصابات طفيفة‘‘ وتقول إنه أذًى ذاتي (جروح). بيد أن اللجنة تلاحظ أنه عندما كان صاحب البلاغ لا يزال رهن الاحتجاز مَكث في المستشفى ١٠ أيام وأظهر التشخيص أنه يعاني من إصابة مغلقة في الدماغ، وهو تشخيص يتسق والوصف الذي قدمه لنوع العنف الذي تعرض له أثناء وجوده في مركز الاحتجاز، وهو أن ضابط شرطة وجه له لكمات على الرأس وضرب رأسه على الجدار.

٨-٣ وفيما يتعلق بالتزام الدولة الطرف بإجراء تحقيق سليم في ادعاءات صاحب البلاغ بشأن تعرضه للتعذيب، تذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة ومفادها أن إجراء أن تحقيق جنائي معمَّق والملاحقة القضائية التي تستتبعه سبيلان من سبل الانتصاف الضرورية لجبر الضرر الناجم عن انتهاكات حقوق الإنسان، من قبيل الحقوق المحمية بموجب المادة 7 من العهد ( ) . وتلاحظ اللجنة أن مستندات الملف لا تسمح لها بأن تستنتج أن الفحص الأولي لادعاءات التعذيب أُجري بعمق وفعالية. وفي هذه القضية، يفتقر التحقيق الذي أجري إلى الحياد، بما أن المحقق أجرى مقابلات مع الموظفين المسؤولين عن إنفاذ القانون في مركز الاحتجاز المؤقت، ولكنه لم يستجوب صاحب البلاغ. وبالإضافة إلى ذلك، تشير اللجنة إلى إفادة صاحب البلاغ بأن المواد التي تم جمعها من خلال التحقيق الأولي لم تتضمن أي تسجيلات لمباني مركز الاحتجاز أو نظام اً يحدد مشاهدة مواد المراقبة بالفيديو، وهو أمر لم تفسِّره الدولة الطرف ولم تنازِع فيه. كما تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اقتصرت على الفحص الأولي، بدل اً من الشروع في إجراء تحقيق جنائي رسمي. وبالنظر إلى ملابسات هذه القضية، تخلُص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للحقوق المكفولة لصاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2(3)(أ)، من العهد.

٩- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك من جانب الدولة الطرف للمادة 7، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2(3)(أ) .

١٠- ويقع على عاتق الدولة الطرف، بموجب المادة 2(3)(أ) من العهد، التزامٌ بتوفير سبيلِ انتصاف فعالةٍ لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك تقديم الجبر الكامل للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد. وبناءً عليه، يتعين على الدولة الطرف القيام بأمور منها اتخاذ الخطوات المناسبة في سبيل: (أ) إجراء تحقيق شامل وفعال في ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بتعرضه للتعذيب، ومقاضاة المسؤولين عن تعذيبه ومحاكمتهم ومعاقبتهم، إن ثبت ذلك؛ و(ب) منح صاحب البلاغ تعويض اً كافٍ عن الانتهاكات التي تعرض لها. كما يقع على عاتق الدولة الطرف التزامٌ باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

١١- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حال ثبت حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.