الأمم المتحدة

CAT/C/71/D/839/2017

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

21 September 2021

Arabic

Original: Spanish

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم  839/2017 * **

بلاغ مقدم من: غ. ج. (تمثلها المحامية خيما فرنانديث رودريغيث دي لييبانا )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب ة الشكوى

الدولة الطرف: إسبانيا

تاريخ تقديم الشكوى: 24 أيار/مايو 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادتين 114 و115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 4 أيلول/سبتمبر 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 27 تموز/يوليه 2021

الموضوع: الاتجار بالأشخاص

المسائل الإجرائية: بحث المسألة ذاتها في إطار إجراءٍ آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية

المس ائل الموضوعية: التعذيب؛ والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة؛ والاتجار بالأشخاص؛ وعدم التحقيق

مواد الاتفاقية: 1 ، و2 (1) ، و 3 ، و 12 ، و13 ، و16

1- صاحبة الشكوى هي غ. ج. ، وهي مواطن ة نيجيرية، وُلدت في عام 1985. وتدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة 2(1)، مقروءة بالاقتران مع المواد 1، و3 ، و12 ، و13 ، و16 من الاتفاقية. وقد قدمت الدولة الطرف الإعلان المنصوص عليه في المادة 22 من الاتفاقية، وبدأ نفاذه اعتباراً من 21 تشرين الأول/أكتوبر 1987. وتمثل صاحبةَ الشكوى المحامية خيما فرنانديث رودريغيث دي لييبانا .

الوقائع كما عرضتها صاحبة الشكوى

2-1 في تشرين الأول/أكتوبر 2006، اختطفت شبكة ٌ للاتجار بالأشخاص صاحبة الشكوى في مدينة بنن. و أوهمتها هذه الشبكة بأنه سيكون بإمكانها مزاولة العمل المنزلي ومتابعة الدراسة. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2006، وصلت صاحبة الشكوى إلى إسبانيا على متن قارب، وأُبلغت بعد ذلك بأن عليها ديناً قيمته 000 20 يورو، و يتعين عليها ممارسة البغاء لسداده، إذ لا يمكنها ممارسة أي عمل آخر لعدم حيازتها الوثائق اللازمة. وبالإضافة إلى ذلك، أُخضعت لطقوس الفودو.

2-2 وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، التمست صاحبة الشكوى اللجوء تحت ضغط شبكة الاتجار بالأشخاص ووفقاً لتعليماتها. وكانت هذه الشبكة ترغب في أن تُسوي صاحبة الشكوى وضعها لتواصل استغلالها جنسياً. وأشارت عليها هذه الشبكة بأن تدعي أنها مواطنة سودانية فرَّت من بلدها بسبب تعرضها للاضطهاد لأسباب دينية. ووفقاً لصاحبة الشكوى، فهذا هو الأسلوب الذي تتبعه عادةً شبكات تهريب الأشخاص في إسبانيا. ورفضت وزارة الداخلية طلب صاحبة الشكوى في 22 كانون الثاني/يناير 2007 من دون اعتبارها ضحية للاتجار، ورُفض الطعن الإداري في هذا القرار في 20 حزيران/ يونيه 2007.

2-3 واستُغلت صاحبة الشكوى جنسياً رغماً عنها مدة ثلاث سنوات. وبالإضافة إلى ذلك، أُجبرت على ممارسة الجنس من دون وقاية، مما أدى إلى حملها. وفي 12 شباط/فبراير 2010، اقتيدت، من دون موافقتها، إلى مصحة حيث اضطرت إلى التوقيع على الموافقة على إنهاء حملها. غير أنه جرى توقيفها في 18 شباط/فبراير 2010، قبل الخضوع للعملية، خلال إجراءات لمراقبة الهجرة عندما كانت متوجهة إلى مكتب شؤون الأجانب في كوسلادا ، حيث كان لديها موعد لتقديم طلب رخصة الإقامة والعمل على أساس الرسوخ الاجتماعي. واحتُجزت صاحبة الشكوى مباشرة بعد ذلك في مركز احتجاز الأجانب في مدريد. وفي 24 شباط/فبراير 2010، قدَّمت مرة أخرى، وهي لا تزال في مركز الاحتجاز، طلباً للجوء بسبب الاضطهاد الديني وخشية أن يقتلها الشخص الذي ساعدها في دخول إسبانيا، إذ لم تكن قد سددت ديونها بعدُ. ورأت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، لدى دراسة طلب صاحبة الشكوى، أن ادعاءاتها تبين أنها وقعت ضحية للاتجار بالأشخاص لأغراض الاستغلال الجنسي وربما لا تزال كذلك، والتمست قبول النظر في طلب الحماية الدولية لهذا السبب ( ) . وفي 2 آذار/مارس 2010، رُفض طلب صاحبة الشكوى لعدم اتساق روايتها ولعدم إثباتها صحة الوقائع التي روتها بما يكفي من الأدلة، وكذلك لاعتبار رواية الوقائع مشابهة جداً لتلك التي نُظر فيها في إطار طلب اللجوء الأول الذي قدمته. وفي 3 آذار/مارس 2010، التمست صاحبة الشكوى إعادة النظر في طلبها، حيث قدمت مزيداً من التفاصيل، وحاجت بأن القرار السابق لم يكن معللاً على النحو الواجب. وفي 5 آذار/مارس 2010، رُفض أيضاً هذا الطلب.

2-4 وفي 11 آذار/مارس 2010، قابلت صاحبة الشكوى، وهي لا تزال في مركز احتجاز الأجانب، المحامية الموكَّلة ل تمث ي لها أمام اللجنة، وأعربت عن رغبتها في أن تمثلها. وحاولت المحامية إيجاد موثق لإثبات إذن التمثيل في وثيقة رسمية، ولكنها لم تتوفق في ذلك لأن الموثقين يعرفون أنهم يُمنعون بشكل منهجي من دخول مركز الاحتجاز، ويرفضون بالتالي الانتقال إليه بلا طائل. وقد اعترفت المحاكم الابتدائية المكلفة بالإشراف على مركز الاحتجاز، في 22 نيسان/أبريل 2010، بهذه الصعوبة التي يواجهها الموثقون في دخوله ( ) . وفي ظل هذه الظروف، وقَّعت صاحبة الشكوى على عقد خاص تمنح بموجبه لمحاميتها أمام اللجنة توكيلاً لتمثيلها قانوناً في إجراءات طلب فترة التعافي والتفكير المعترف بها في المادة 59 مكرراً من القانون الأساسي 4/2000 بشأن حقوق وحريات الأجانب في إسبانيا وإدماجهم في المجتمع، المؤرخ 11 كانون الثاني/يناير، وكذلك في جميع الإجراءات المترتبة على هذا الطلب ( ) . وفترة التعافي والتفكير آلية ينص عليها القانون الوطني لمنح ضحايا الاتجار مهلة للتفكير في إمكانية التعاون مع السلطات في ملاحقة الشبكة الإجرامية المعنية.

2-5 وأعربت صاحبة الشكوى، خلال مقابلتها مع محاميتها، عن خوفها من العودة إلى نيجيريا وهي حامل ولم تسدد ديونها. وكانت تخشى أيضاً على مولودها المرتقب، إذ تعلم أن أطفال ضحايا الاتجار يصبحون ملكاً لشبكة الاتجار. وأوضحت أيضاً أنها لم تتلق، خلال فترة وجودها في مركز احتجاز الأجانب، أي رعاية طبية خاصة باعتبارها حاملاً، ولا أي رعاية نفسية. وتشير صاحبة الشكوى إلى أنها عانت في مركز الاحتجاز من جوٍّ عامٍ من العنف البدني والنفسي على حد سواء، متسم بشكل شديد من العنصرية والتمييز، كان - ولا يزال إلى حد كبير - سائداً في مركز ألوتشي للاحتجاز.

2-6 وفي 12 آذار/مارس 2010، طلبت صاحبة الشكوى الاستفادة من فترة التعافي والتفكير التي تُمنح لضحايا الاتجار. وفي اليوم ذاته، أصدرت أمينة المظالم، بعدما أبلغتها محامية صاحبة الشكوى بالوضع، قراراً موجهاً إلى مفوضية الشرطة العامة لشؤون الأجانب والحدود وإلى مفوضية الحكومة في إقليم مدريد، طلبت فيه تأجيل تنفيذ أمر ترحيل المعنية من الإقليم الوطني، الذي كان مقرراً تلك الليلة، ومباشرة َ الإجراءات اللازمة لتمتيعها بفترة التعافي والتفكير المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 59 مكرراً من القانون الأساسي 2/2009، المؤرخ 11 كانون الأول/ديسمبر.

2-7 وبعد تقديم هذا الطلب، استجوب موظفون في الشرطة صاحبة الشكوى، التي قدمت إليهم كل ما كان لديها من معلومات بشأن المتاجرين بها: أسماؤهم وأرقام هواتفهم، في جملة بيانات أخرى. وتدعي صاحبة الشكوى أنه لم يجر التحقق أبداً من هذه المعلومات ولا أخذها في الاعتبار لدى البت في طلبها.

2-8 وفي 16 آذار/مارس 2010، قررت مفوضية الحكومة في مدريد رفض طلب صاحبة الشكوى تمتيعها بفترة التعافي والتفكير، ورُحلت في الليلة التالية. ولم تبلَغ صاحبة الشكوى ولا محاميتها بهذا القرار إلا في 17 آذار/مارس 2010، أي بعد ترحيلها.

2-9 وفي 31 آذار/مارس 2010، قدمت محامية صاحبة الشكوى، نيابةً عنها، إلى محكمة المنازعات الإدارية طعناً في قرار الترحيل الصادر عن مفوضية الحكومة في مدريد في 16 آذار/مارس 2010، التمست فيه الحماية القضائية للحقوق الأساسية للمعنية. وادعت في الطعن ذاته أن ترحيلها نُفذ قبل إخطار ممثلتها القانونية برفض طلب تمتيعها بفترة التفكير، وحال دون إمكانية استفادتها فعلياً من المراجعة القضائية لذلك القرار. وفي 5 نيسان/أبريل 2010، طلبت محكمة المنازعات الإدارية رقم 14 في مدريد تقديم توكيل رسمي ورفضت الوثيقة الخاصة التي وقَّعت عليها صاحبة الشكوى. وفي 7 أيار/مايو 2010، قدمت المحامية طلباً لإعادة النظر ادعت فيه أن السبب المباشر لعدم تقديم صاحبة الشكوى توكيلاً رسمياً هو ترحيلها وانتهاك الدولة حقوقها الأساسية. وادعت أيضاً أنه لا يمكن لصاحبة الشكوى، بعد ترحيلها، توكيل محام ليمثلها أمام المحكمة ذاتها، والتمست الاعتراف بصحة الوثيقة الخاصة أو، عوض ذلك، اعتبار منظمة الترابط النسائي العالمي مؤهلة قانوناً للتصرف بوصفها صاحبة الحقوق والمصالح المشروعة في هذه القضية. وفي قرار مؤرخ 7 حزيران/ يونيه 2010، رفضت المحكمة طلب إعادة النظر، وأشارت إلى إمكانية منح توكيل موقَّع أمام السلطات القنصلية. وفي 8 تموز/يوليه 2010، قدمت محامية صاحبة الشكوى مذكرة بشأن القرار المؤرخ 7 حزيران/ يونيه . وفي 3 آب/أغسطس 2010، أصدرت المحكمة مرة أخرى، بعد جلسة استماع علنية، قراراً برفض ادعاءات صاحبة الشكوى. و قد استؤنف هذا القرار. وفي 27 أيار/مايو 2011، رفضت محكمة العدل العليا في مدريد طلب الاستئناف على أساس أنه، رغم إدراكها الصعوبات التي يواجهها نزلاء مركز احتجاز الأجانب في الاستفادة من خدمات الموثقين، لم يثبت لها أن المعنية في هذه القضية سعت إلى الحصول على هذه الخدمة. ورأت المحكمة أيضاً أنه يمكن لصاحبة الشكوى أن تقدم توكيلاً من خلال السلطات القنصلية في بلدها، وأنه لا يحق لمنظمة الترابط النسائي العالمي أن تكون طرفاً في الإجراءات ولا أن تُقدم دعوى في هذه القضية.

2-10 وفي 8 تموز/يوليه 2011، قدمت محامية صاحبة الشكوى طلباً للحماية القضائية الدستورية إلى المحكمة الدستورية، التي رفضت النظر فيه في 7 آذار/مارس 2012 ، لأنه لا يكتسي أهمية دستورية خاصة.

2-11 وبالموازاة مع الإجراءات الوطنية، عُرضت القضية، في 21 نيسان/أبريل 2010، على المقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالأشخاص، لا سيما النساء والأطفال، من خلال إجراء تقديم الشكاوى الفردية. وقبلت المقررة الخاصة الشكوى وأرسلت أسئلتها إلى حكومة إسبانيا في آب/أغسطس 2010. ولم ترد عليها الدولة الطرف حتى تاريخ صياغة هذا البلاغ، أي بعد مرور سبع سنوات تقريباً.

2-12 وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 2012، قدمت محامية صاحبة الشكوى دعوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي 21 حزيران/ يونيه 2016، أعلنت هيئة م ك ونة من سبعة قضاة عدم قبول هذه الدعوى، من دون النظر في أسسها الموضوعية. واستندت المحكمة في ذلك بالتحديد إلى عدم وجود توكيل عام للتمثيل في الإجراءات، حيث رأت أنه لا يكفي التوكيل الخاص الذي وقَّعت عليه صاحبة الشكوى.

2-13 وبقيت صاحبة الشكوى، بعد ترحيلها، على اتصال بممثلتها. ووفقاً لروايتها، فقد وقعت في أيدي المتاجرين بها، كما خشيته وتوقعته. وفي آذار/مارس 2011، سافرت إحدى المتعاونات مع منظمة الترابط النسائي العالمي، وهي خبيرة في مجال الاتجار بالنساء، إلى نيجيريا في بعثة تحقيق بشأن الاتجار بالأشخاص، وذلك بتكليف من أمين المظالم. وخلال رحلتها، حددت مكان وجود صاحبة الشكوى، وأجرت معها مكالمة هاتفية في مسعى للالتقاء بها. ولم تتمكن صاحبة الشكوى قط من الاستجابة لدعوة الخبيرة ولا من الالتقاء بها شخصياً، لأن رجلاً ردَّ على المكالمة وأنهاها. فعندما شكَّت شبكة الاتجار في أن صاحبة الشكوى اتصلت بالسلطات، قيَّدت حرية تنقلها كُلياً وعاقبتها بشدة، وهو ما ينطوي في حد ذاته على أشكال متعددة من العنف. وواصلت المنظمة البحث عن صاحبة الشكوى، وحصلت لاحقاً على معلومات مفادها أن شبكة الاتجار نقلتها مجدداً خارج نيجيريا وتعتزم إعادتها إلى أوروبا عبر ليبيا حتى تتمكن من سداد ديونها، وعرّضتها بالتالي للاتجار مرة أخرى.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة 2(1)، مقروءة بالاقتران مع المواد 1، و3 ، و12 ، و13 من الاتفاقية. وحتى إن رأت اللجنة، خلافاً لذلك، أن الوقائع التي روتها صاحبة الشكوى لا تشكل أفعال تعذيب بالمعنى المقصود في المادة 1، فقد انتُهكت المادة 16 من الاتفاقية، حسبما تدعيه.

3-2 وتدعي صاحبة الشكوى أن الوقائع التي روتها تشكل انتهاكاً للمادة 2(1)، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية. وتشدد على أن المجتمع الدولي اعترف بأن بعض أفعال العنف المرتكبة ضد النساء والفتيات فيما يتعلق بحياتهن الخاصة، مثل الاتجار بالنساء، قد تشكل تعذيباً. وتشير صاحبة الشكوى إلى أن الاتجار بالأشخاص يمارسه في معظم الحالات أفراد عاديون. ولكنها تؤكد أن هذه اللجنة رأت في تعليقها العام رقم 2(2007) أنه يمكن تحميل الدول المسؤولية عن أفعال التعذيب التي ترتكبها جهاتٌ خاصة إن كان لدى سلطات الدولة علم أو أسباب وجيهة للاعتقاد بأن هذه الجهات بصدد ارتكاب هذه الأفعال. وترى صاحبة الشكوى أنه تتوافر عناصر تعريف التعذيب في قضيتها. أولاً، فيما يتعلق بمسؤولية الدولة، فقد تصرفت بإهمال بعدم تدخلها لوضع حد لأفعال التعذيب التي تعرضت لها باعتبارها ضحية للاتجار. فقد كانت عدة سلطات إسبانية على علم بحالتها، ولكنها لم تعتبرها حالة استغلال. وشجعت الدولة ويسَّرت بالتالي، بعدم اكتراثها وبتقاعسها، استمرار تعرض صاحبة الشكوى للاستغلال الجنسي، الذي يشكل ضرباً من التعذيب. وبعدما طلبت صاحبة الشكوى اللجوء وفترة التعافي والتفكير أثناء وجودها في مركز احتجاز الأجانب، لم يعد الأمر يتعلق بمجرد قرائن الاتجار، بل أكدت صاحبة الشكوى نفسها ذلك في شهادتها، التي أيَّدتها تقارير منظمتين خبيرتين في مجال الاتجار ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. وتصرفت الدولة مرة أخرى بإهمال، حيث رفضت ادعاءات صاحبة الشكوى واعتبرتها غير معقولة، ورأت، استناداً إلى قوالب نمطية جنسانية وعنصرية، أن النساء في مثل هذه الحالة يكذبن. وثانياً، فيما يتعلق بخطورة الألم والمعاناة، فقد تعرضت صاحبة الشكوى لضغوط نفسية مدة ثلاث سنوات من جانب المتاجرين بها، الذين أجبروها على ممارسة البغاء رغماً عنها. وتنضاف كذلك إلى ما سبق ذكره المضايقات التي تعرضت لها بسبب الاتصالات والتهديدات المستمرة من جانب الشخص الذي كان يستغلها والقو َّ ادة التي كانت تراقبها، حيث كانا يمارسان عليها الضغط لتسدد الدين المترتب على نقلها إلى إسبانيا من خلال ممارسة البغاء ويجبرانها على ممارسة الجنس من دون عازل لكسب المزيد من المال، وهو ما أدى إلى حملها. وينضاف إلى ما تعرضت له من ضرر ومعاناة في محيط شبكة الاتجار العنف ُ المؤسسي الذي تعرضت له بعدما ألقت عليها السلطات القبض، حيث لم تعتبرها ، كما ينبغي ، ضحية للاتجار خلال فترة وجودها في مركز احتجاز الأجانب. وثالثاً، تمثَّل الغرض من ذلك في الاستغلال الجنسي، الذي انطوى على التخويف والعقاب والإكراه. وعلاوةً على ذلك، فمن الواضح أن لأفعال الاتجار التي روتها صلة بالتمييز الجنساني، إذ يتعلق الأمر بامرأة نيجيرية مهاجرة، قليلة الموارد وبلا تعليم ولا عمل، تعرضت لضغوط لأغراض الاستغلال الجنسي. وبالإضافة إلى ذلك، تعرضت صاحبة الشكوى للتمييز في التمتع بالحقوق والضمانات المكفولة لها بوصفها ضحية للاتجار، بما في ذلك الحق في فترة التفكير. ولم تراعَ ظروفها الشخصية ولا السياق في نيجيريا، وأُعطيت الأولوية لوضعها الإداري غير القانوني على حساب حقوقها. ورابعاً، يتجلى غرض الجناة في استغلال صاحبة الشكوى جنسياً وإبقائها في حالة خوف دائم. وبالإضافة إلى ذلك، كانت صاحبة الشكوى في حالة عجز، حيث سُلبت حريتها بحكم الواقع وتعرضت للتهديد المستمر والإكراه وسوء المعاملة من جانب شبكة الاتجار، مما حال دون فرار ها أو طلب ها المساعدة للإفلات من سيطرة الشبكة. وسبَّب لها تقاعسُ السلطات إزاء هذا الوضع وإيداعُها في مركز للاحتجاز حالة شديدة من الألم والمعاناة وشعوراً حاداً بالخوف على حياتها وحياة مولودها المرتقب.

3-3 وبالإضافة إلى ذلك، تدعي صاحبة الشكوى أنه، في حالة استنتاج اللجنة عدم إثبات أحد عناصر التعذيب التي عرضتها بما يكفي من الأدلة، يتعين اعتبار ما تعرضت له أفعالاً تشكل انتهاكاً للمادة 16 من الاتفاقية. وتشكل حالة الاتجار لأغراض الاستغلال التي روتها صاحبة الشكوى، على الأقل، انتهاكاً للحق في عدم التعرض للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

3-4 وتدّعي صاحبة الشكوى أيضاً أن ترحيلها إلى نيجيريا شكَّل إخلالاً بالالتزام بعدم الإعادة القسرية بموجب المادة 3 من الاتفاقية. وفي هذا الصدد، تُذكر بأن اللجنة طبقت، وفقاً لتعليقها العام 2(2007)، هذا المبدأ على الدول الأطراف في الحالات التي لم تمنع فيها أفعال العنف الجنساني، مثل الاغتصاب والعنف العائلي وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والاتجار بالأشخاص، ولم تكفل حماية ا لضحايا. وفي هذه القضية، انتهكت دولة إسبانيا المادة 3 من الاتفاقية لأنها لم تعتبر صاحبة الشكوى ضحية للاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي، ولم تُقيم بالتالي على النحو الصحيح ما قد تتعرض له، لهذا السبب، من خطر التعذيب في بلدها الأصلي، نيجيريا، كما حدث بالفعل عندما وقعت ضحية للاتجار مرة أخرى. وتدعي صاحبة الشكوى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اعترفت بالفعل بأن ضحايا الاتجار الذين يُعادون إلى نيجيريا يواجهون خطر معاودة الاتجار بهم إن لم تبلَغ السلطات بإعادتهم إلى البلد كي تقدم إليهم المساعدة ( ) ، وهو ما لم يحدث في حالتها. وتضيف صاحبة الشكوى أن وزارة خارجية الولايات المتحدة نشرت أيضاً تقريراً عن نيجيريا في عام 2011 مفاده أن النساء النيجيريات ضحايا الاتجار اللواتي يُعدن إلى نيجيريا قد يُجبَرن من قِبل قوات الأمن نفسها على ممارسة البغاء ( ) . وأخيراً، تدعي صاحبة الشكوى أن الدولة الطرف لم تكفل لها الحق في محاكمة تتوافر فيها جميع الضمانات القانونية، وهو ما يشكل أيضاً انتهاكاً، من الناحية الإجرائية، للمادة 3 من الاتفاقية. ولم ي علَّل بالقدر الكافي بعض القرارات الحاسمة، ولا يوجد، على وجه الخصوص، سبيل انتصاف فعال في إسبانيا للطعن في إجراءات تحديد وضع الضحية ولا ضمانات ولا سبيل انتصاف فعال ذو أثر إيقافي تلقائي يضمن عدم ترحيل ضحايا الاتجار، وإن كان الترحيل في حد ذاته ينتهك حقاً أساسياً. وبالتالي، نُفذ قرار ترحيل صاحبة الشكوى قبل إخطار ممثلتها القانونية بذلك، مما جعل صاحبة الشكوى عاجزة تماماً عن الدفاع عن نفسها، وحال دون إمكانية استفادتها فعلياً من المراجعة القضائية لهذا القرار الإداري. وواجهت صاحبة الشكوى عراقيل في الدفاع عن نفسها، حيث لم تتمكن منذ دخولها مركز احتجاز الأجانب من الاتصال بالعالم الخارجي، وصودر هاتفها النقال، ولم تُتَح لها قط إمكانية استخدام الحواسيب ولا الاستفادة من خدمة الإنترنت، ولم يكن ثمة عدد كاف من مقصورات الهاتف. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن هذه الحالة استمرت، وإلى أن محكمة التحقيق رقم 6 في مدريد المكلفة بالإشراف على مركز الاحتجاز أصدرت، في 27 شباط/فبراير 2012، قراراً في قضية مماثلة ينص على وجوب إخطار نزلاء المركز، قبل 12 ساعة على الأقل، بموعد تنفيذ قرار ترحيلهم، وبرقم الرحلة، ووقت الوصول، ومدينة المقصد. وتعيَّن إعادة إبلاغ مدير مركز الاحتجاز بهذا القرار في 26 حزيران/ يونيه 2015، بأمر من المحكمة ذاتها. وبالإضافة إلى ذلك، لم تخضع صاحبة الشكوى لأي فحوص طبية للتحقق مما إذا كان بإمكانها السفر. وأخيراً، لم يتسن الطعن في قرار الترحيل أمام أي هيئة قضائية. وبالإضافة إلى ذلك، تذكر صاحبة الشكوى بأنه لم يوافق أي موثق على الانتقال إلى مركز ألوتشي لاحتجاز الأجانب، خلال الأيام القليلة التي قضتها هناك، لتمكينها من منح توكيل عام لمحاميتها لتمثيلها في الدعاوى القضائية.

3-5 وتدعي صاحبة الشكوى أيضاً وقوع انتهاك للمادتين 12 و13 ، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2(1) من الاتفاقية، لعدم إجراء تحقيق فوري ونزيه في الشكوى التي قدمتها إلى الشرطة بشأن تعرضها لأفعال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وتدعي أنه كان ينبغي للدولة الطرف أن تباشر تحقيقاً في قضيتها بمجرد علمها بوجودها في إسبانيا. وتكرر صاحبة الشكوى ادعاءاتها المتعلقة بتقصير سلطات الدولة الطرف في تحديد وضعها وحمايتها (انظر الفقرة 3-2 أعلاه ). وتَمثل الإجراء الوحيد للإدارة في المقابلة التي أُجريت معها في إطار طلب فترة التعافي والتفكير. وعلاوةً على ذلك، تفيد صاحبة الشكوى بأن السلطات حصلت منها على المعلومات خلال تلك المقابلة بطريقة غير قانونية، حيث كان ينبغي ألا تطلب إليها تلك المعلومات إلا بعد منحها فترة التعافي والتفكير، وفقط إن هي قررت التعاون معه ا ( ) . وعلى أية حال، فبعدما عر َّ ضت صاحبة الشكوى نفسها للخطر على هذا النحو، كان ينبغي للسلطات أن توفر لها قدراً أكبر من الحماية. غير أن موظفي الشرطة، عوض تطبيق نهج قائم على حقوق الإنسان، تصرفوا بمنطق تطبيق قوانين الهجرة، حيث أعطوا الأولوية لكونها أجنبية في وضع إداري غير قانوني. وتصرفت الهيئة المكلفة بإعادة النظر في طلبها على النحو ذاته، حيث لم تتخذ أي إجراء لاستجلاء الملابسات التي ساقتها صاحبة الشكوى واكتفت بالاستناد إلى المقابلة التي أُجريت معها من دون مراعاة تقارير المنظمات المتخصصة في مجال الاتجار. وبالإضافة إلى ذلك، انت ُ هكت ا لمادت ا ن 12 و13 ، بانتهاك حق المعنية في أن تقدم شكوى وفي أن تنظر السلطات المختصة في قضيتها بشكل فوري ونزيه.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في 27 أيلول/سبتمبر 2020، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وخلصت فيها إلى أن البلاغ غير مقبول لأنه قُدم إلى إجراءٍ آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، ولأن التوكيل الذي منحته صاحبته لمحاميتها لا يكفي لتمثيلها، ولأن البلاغ لا يستند إلى أي أساس واضح ويشكل إساءة استعمال ل لحق في تقديم البلاغات.

4-2 وتلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أعلنت عدم مقبولية الشكوى التي قدمتها إليها صاحبة الشكوى، على أساس أنه لم يثبت لها أنها كانت ترغب في تقديم أي دعوى إليها. وتشدد الدولة الطرف على أن المحكمة الأوروبية نظرت، وفقاً لاجتهاداتها القضائية، في مسألة تطبيق استثناء لهذا الشرط، مثل قبول توكيل التمثيل أمام السلطات المحلية، وحالة ضعف المدعية الشديد ( ) . وتُذكر الدولة الطرف أيضاً بأن الدعوى المقدمة إلى المحكمة الأوروبية تتضمن نفس الادعاءات وقُدمت بالنيابة عن صاحبة الشكوى. وتخلص الدولة الطرف إلى أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بموجب المادة 22(5)(أ) من الاتفاقية، بالنظر إلى أن المحكمة الأوروبية رأت، بعد إجراء تحليل م عم َّ ق لملف الدعوى، أن صاحبة الشكوى لا توجد في حالة ضعف استثنائية، ولا يجوز تطبيق أي استثناء لشرط تقديم توكيل خاص للتمثيل أمامها.

4-3 وفيما يتعلق بادعاءات عدم المقبولية من حيث الاختصاص الشخصي، ت ُ ذكر الدولة الطرف بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نظرت بالفعل في حجج ممثلة صاحبة الشكوى بشأن أهليتها لتمثيلها، وأخذت في الاعتبار أنه كان يمثل صاحبةَ الشكوى أمام السلطات الإسبانية محاميان مختلفان، وأن هذه المحامية لم يكن لديها سوى اتصال غير مباشر بصاحبة الشكوى. وخلصت المحكمة الأوروبية إلى أن شهادة الخبيرة في مجال الاتجار التي تكلمت خلال رحلتها إلى نيجيريا مع صاحبة الشكوى، والتي أكدت فيها أن صاحبة الشكوى وافقت على عرض قضيتها على الهيئات الدولية، لا تشكل أساساً كافياً لإثبات أن صاحبة الشكوى كانت على علم بنية المحامية تقديم الدعوى ووافقت على ذلك. و تشير الدولة الطرف أيضاً إلى اجتهادات اللجنة التي مفادها أنه ينبغي لمن يدعي أن ه ضحية أن يمنح موافقة صريحة لمقدِّم البلاغ على ا لتصرف نيابة عنه أمام اللجنة، ما لم يكن ذلك مستحيلاً في حالته؛ وفي حالة عدم إثبات أن ذلك مستحيل، وبخاصة عندما تكون ثمة إجراءات بشأن الوقائع ذاتها على الصعيد المحلي، ترى اللجنة أن مقدم البلاغ غير مؤهل لتمثيل الضحي ة ( ) . وبالتالي، تطلب الدولة الطرف إلى اللجنة إعلان عدم قبول البلاغ من حيث الاختصاص الشخصي بموجب المادتين 104(2)(ج)، و113 (أ) من نظام ها الداخلي.

4-4 وتدعي الدولة الطرف أيضاً أن البلاغ لا يستند إلى أي أساس ويشكل إساءة استعمال ل لحق في تقديم البلاغات، إذ لم تشر صاحبته على الإطلاق إلى مسألة الاتجار بها حتى 4 آذار/مارس 2010، وادعت في طلبيْن للجوء أنها تعرضت للاضطهاد لأسباب دينية، وقدَّمت نفسها في الطلب الأول باعتبارها سودانية وفي الثاني باعتبارها نيجيرية. وت ُ ذكر الدولة الطرف بأن سلطاتها نظرت في طلبيْ اللجوء هذين على النحو الواجب ورفضتهما لعدم ثبوت صحة رواية صاحبة الشكوى. وترى الدولة الطرف أنه من غير المعقول اعتبار جميع الوقائع التي ادعت صاحبة الشكوى حدوثها منذ عام 2006 صحيحةً، بالاستناد فقط إلى الإفادات التي أدلت بها في 4 آذار/مارس والتي تتناقض بشكل واضح مع إفاداتها السابقة. أما بخصوص ادعاءات صاحبة الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت المواد 3 و12 و13 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 من الاتفاقية، لأنها لم تعتبرها ضحيةً للاتجار، ولم تحقق في هذه الجريمة، وطردتها من أراضيها، فترى الدولة الطرف أنه من قبيل التعسف مطالبة السلطات باتخاذ إجراءات لا تتوافق مع رواية صاحبة الشكوى نفسها، التي ادعت أنها فرَّت من بلدها الأصلي بسبب الاضطهاد الديني.

4-5 وترى الدولة الطرف أيضاً أنه لا ينبغي للجنة أن تتصرف كهيئة قضائية من الدرجة الرابعة، وأنه يقع عموماً على محاكم الدول الأطراف واجب تقييم الوقائع والأدلة، ما لم يثبت أن سير المحاكمة أو تقييم أدلة الإثبات كان تعسفياً بشكل واضح أو بمثابة إنكار للعدالة. وفي هذا الصدد، ترى الدولة الطرف أنه لا يمكن الحديث عن أي تقصير في معاملة صاحبة الشكوى خلال السنوات التي قضتها في إقليم الدولة الطرف بصفة غير قانونية، ولا عن أي إجراءات تعسفية أو إنكار للعدالة.

4-6 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تؤكد الدولة الطرف أنه لا يوجد أي مظهر من مظاهر انتهاك الاتفاقية. وترى الدولة الطرف أنه من الصعب قبول الحجج المقدمة في البلاغ لأن ذلك يعني ضمنياً أن صاحبته ومحامييها خدعوا السلطات الإسبانية خلال إجراءيْ ن ل طلب اللجوء وأن الإفادة ال ت ي أدلت بها صاحبة الشكوى لدى إعادة النظر في طلبها الثاني هي وحدها الصحيحة. ويتبين من تدابير الدولة الطرف خلال الإجراءات الثلاثة المباشرة على الصعيد المحلي أنها تصرفت على النحو الواجب.

تعليقات صاحبة الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 في 21 أيار/مايو و28 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، قدمت صاحبة الشكوى تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وترى صاحبة الشكوى، في المقام الأول، أن الدعوى المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا تتوخى الغرض ذاته، حيث تركز على تطبيق اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، بينما يركز البلاغ المعروض على اللجنة على تحديد طبيعة الوقائع، التي تدعي أنه ينبغي تصنيفها ضمن أفعال التعذيب بموجب الاتفاقية. وعلاوة ً على ذلك، لا ترى صاحبة الشكوى أن المحكمة الأوروبية درست قضيتها، لأنها اكتفت بالنظر في معايير المقبولية الشكلية البحتة ولم تنظر بالقدر الكافي في ا لأسس الموضوعية. وت ُ ذكر صاحبة الشكوى، على وجه الخصوص، بأن اللجنة اعتمدت قرارات بعدم المقبولية ( ) في القضايا التي استخدمت فيها المحكمة الأوروبية صيغة "لم تكشف الوقائع ارتكاب أي انتهاك لحقوق المدعي المكرسة في الاتفاقية"، ولكن المحكمة لم تستخدم هذه الصيغة في قضيتها، وهو ما يدفع إلى استنتاج أنها لم تنظر في أسسها الموضوعية. وتكرر صاحبة الشكوى أن قرار هذه المحكمة لا يشير إلاَّ إلى عدم المقبولية من حيث الاختصاص الشخصي.

5-2 وفيما يتعلق بادعاءات عدم المقبولية من حيث الاختصاص الشخصي، تدعي صاحبة الشكوى، في المقام الأول، أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اعتمدت قرارها وفقاً لقواعد إجرائية غير تلك التي تنظم آلية اللجنة. وتلاحظ صاحبة الشكوى أن المادة 45 من النظام الداخلي للمحكمة الأوروبية تشترط تقديم "توكيل أو تفويض كتابي"، في حين يشترط النظام الداخلي للجنة تقديم "إذن ملائم". وبالإضافة إلى ذلك، ترى صاحبة الشكوى أن اللجنة أرست في اجتهاداتها معياراً مختلفاً، يركز على إمكانية إثبات موافقة الضحايا على تمثيلهم، بطريقة أو بأخرى. وبالتالي، تشدد صاحبة الشكوى على أن السوابق التي أشارت إليها الدولة الطرف تتعلق بقضايا لم تستطع فيها اللجنة استنتاج أنه لم تُتح لممثلي الضحايا المزعومين إمكانية الاتصال بموكليهم ( ) . وتذكر صاحبة الشكوى بأنه نشأت بينها وممثلتها علاقة ثقة، دفعتها إلى منحها توكيلاً لتمثيلها. ولم يتسن إنجاز هذا التوكيل رسمياً أمام موثق بسبب منع السلطات الإسبانية الموثقين من دخول مراكز احتجاز الأجانب. وعلاوةً على ذلك، يُعزى أيضاً عدم التمكن من الحصول لاحقاً على توكيل رسمي خاص بالتمثيل أمام الهيئات الدولية إلى الدولة الطرف، لأنها رحَّلت صاحبة الشكوى من دون إخطارها مسبقاً ومن دون إبلاغ ممثلتها القانونية. وفي هذا الصدد، ترى الآليات الدولية لحقوق الإنسان في اجتهاداتها أنه لا يجوز للدول، في سياق إجراءات البلاغات الفردية، أن تستغل تقصيرها لصالحها ( ) . وتمنح صاحبة الشكوى بموجب العقد الذي وقَّعت عليه لممثلتها توكيلاً لتمثيلها في جميع الإجراءات الإدارية والقضائية المترتبة على طلب فترة التفكير وتجميد ملف الترحيل. وبالإضافة إلى ذلك، كرَّرت صاحبة الشكوى رغبتها في ذلك من خلال مكالمة هاتفية مع ممثلتها أعربت فيها عن موافقتها على مواصلة إجراءات الدعاوى القانونية، ولا سيما اللجوء إلى المنظمات الدولية. وتدعي صاحبة الشكوى أيضاً أن وضعها، بالنظر إلى خضوعها من جديد لسيطرة شبكة الاتجار، يمنعها من الاتصال بممثليها القانونيين، وهو ما اعتبرته ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان في اجتهاداتها ( ) كافياً لتخويل ممثل الضحية أهلية التصرف نيابة عنها. وينطبق هذا التفسير تماماً على هذه القضية. غير أن ممثلة صاحبة الشكوى تكرر أن الإذن المقدم يستوفي الشروط التي يقتضيها النظام الداخلي. وترى ممثلة صاحبة الشكوى أنه ثبت بما فيه الكفاية عدم قدرة صاحبة الشكوى على تقديم البلاغ بنفسها، وأن أي نقص قد يلاحَظ في الإذن الممنوح لها بتمثيلها يُعزى إلى أوجه تقصير الدولة الطرف وإجراءاتها، وأن صاحبة الشكوى ليست في وضع يسمح لها بالإعراب مجدداً عن موافقتها الصريحة، وأن البلاغ المعروض على اللجنة يشكل استمراراً للإجراءات المترتبة على طلب فترة التفكير، ويندرج تقديمه بالتالي ضمن الصلاحيات التي خولتها لها صاحبة الشكوى. ولهذا السبب، وبالنظر كذلك إلى الأهمية الخاصة لهذا البلاغ، ترى ممثلة صاحبته أنه ينبغي اعتباره مقبولاً من حيث الاختصاص الشخصي.

5-3 وفيما يتعلق بادعاءات الدولة الطرف أن البلاغ يشكل إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات ولم يُدعم بما يكفي من الأدلة، تشير صاحبة الشكوى إلى أن الدولة الطرف لم تقدم ح جج اً ولا أدلة على ذلك. ف بخصوص ادعاء الدولة الطرف أن البلاغ يشكل إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات، ترى صاحبة الشكوى أنه، وفقاً لاجتهادات اللجنة ( ) ، لا يتعلق الأمر بإساءة استعمال هذا الحق إلا إذا كان تقديم الشكوى يشكل فعلاً كيدياً أو ينطوي على سوء النية أو على الأقل على خطأ قد يكون بمثابة تدليس أو استخفاف مُستهجن، أو إذا لم تكن للأفعال أو أوجه التقصير المبلغ عنها أي صلة مطلقاً بالاتفاقية. ولم تثبت الدولة الطرف أن الشكوى تشكل فعلاً كيدياً أو تنطوي على سوء النية أو على خطأ قد يكون بمثابة تدليس أو استخفاف مُستهجن. وبخصوص احتمال ألا تكون للشكوى صلة بالاتفاقية، تحيل صاحبتها إلى الادعاءات الواردة أدناه فيما يتعلق بالأسس الموضوعية التي تثبت أن شكواها تندرج تماماً في نطاق اختصاص اللجنة. ولكل هذه الأسباب، ترى صاحبة الشكوى أن البلاغ ليس، بأي شكل من الأشكال ، إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات وأنه دُعم بما يكفي من الأدلة.

5-4 وتكرر صاحبة الشكوى أن الدولة الطرف مسؤولة عن انتهاك المادة 2 من الاتفاقية لعدم بذلها العناية الواجبة في حمايتها من أفعال التعذيب التي تعرضت لها في إقليمها، وترى أن عدم حمايتها يُعزى إلى استناد الدولة إلى قوالب نمطية جنسانية وعنصرية خلال إجراءات تحديد وضعها وترحيلها. ولا تورد الدولة الطرف أي إشارة إلى الآليات القائمة لضمان تحد ي د السلطات ضحايا الاتجار استناداً إلى أسس موضوعية وبعيداً عن أي أحكام مسبقة أو قوالب نمطية مرتبطة ب ال نوع الاجتماعي ل لأشخاص الذين يدعون أنهم ضحايا الاتجار و ب أصلهم. وتتجلى هذه المعاملة التمييزية في عدم تعليل قرار رفض طلب فترة التفكير.

5-5 وتُذكر صاحبة الشكوى بادعاء الدولة الطرف أن السلطات بذلت العناية الواجبة في الإجراءات الثلاثة التي باشرتها. غير أن الدولة الطرف لا توضح كيف بذلت السلطات العناية الواجبة لمنع الاتجار بها، ولا سيما الإجراءات التي اتخذتها للتحقيق في الوقائع المبلغ عنها. وتُذكر صاحبة الشكوى بأن الدولة ملزمة، وفقاً لاجتهادات اللجنة، بالتحقيق في الوقائع التي تشير إلى سوء المعاملة ( ) . وعلاوةً على ذلك، لا تقدم الدولة الطرف أي مبرر آخر لعدم اتخاذها أي إجراء. فعندما ترى الدولة الطرف، في معرض إشارتها إلى طلبيْ اللجوء اللذيْن قدمتهما صاحبة الشكوى، أن الوقائع لم تُثبَت بالأدلة وأن روايتها غير معقولة وغير متسقة، فهي لا تحدد مكمن عدم الاتساق ولا تأخذ في الاعتبار أنه يشكل سمة معتادة في روايات الأشخاص ضحايا ا لتعذيب. وترى صاحبة الشكوى أن ذلك يسمح باستنتاج أنها كانت ضحية انتهاك المادتين 12 و13 ، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2(1) من الاتفاقية.

5-6 وتشدد صاحبة الشكوى على أن ترحيلها شكَّل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية، إذ لم يجر تقييم خطر تعرضها للتعذيب لدى إعادتها إلى بلدها الأصلي. وترى صاحبة الشكوى أن خطر وقوعها مرة أخرى ضحية للاتجار والأعمال الانتقامية من جانب المتاجرين بها كان واضحاً في حالتها، وذلك بسبب الإفلات من العقاب على الاتجار في نيجيريا وبسبب شيوعه في المنطقة التي تنحدر منها، وبسبب ضعفها باعتبارها شابة، وضحية للاتجار، وحاملاً كنتيجة للاستغلال الجنسي الذي تعرضت له. وأخيراً، تشدد صاحبة الشكوى على أنه لا يوجد سبيل للطعن في قرار رفض طلب فترة التفكير، الذي لم تُبلَغ به إلا بعد ترحيلها، وترى أنه ينبغي أن يكون لسبيل انتصاف فعال أثر إيقافي في حالة ادعاء وقوع انتهاك محتمل لمبدأ عدم الإعادة القسرية. وتدعي صاحبة الشكوى أيضاً أنه وقعت مؤخراً حالات أخرى من الإعادة القسرية لأشخاص ضحايا للاتجار لم يجر تحديد وضعهم على النحو الواجب ( ) .

5-7 وبالإضافة إلى ذلك، تكرر صاحبة الشكوى أنه وقع في حالتها انتهاك للمادة 14 من الاتفاقية، إذ لم تتمكن من الاستفادة من سبل جبر الضرر، وسبل الانتصاف الفعالة، والتعويض. وتشير أيضاً إلى أن الاعتداءات على النساء في الدولة الطرف لا تعتبر عنفاً جنسانياً إلا إذا ارتكبها الشريك الحالي أو السابق، ولا ينطبق هذا المعيار بالتالي على ضحايا الاتجار، رغم خطورة الجرائم التي يتعرضن لها. وتطلب صاحبة الشكوى إلى اللجنة أن تقترح تدابير للجبر الكامل تشمل منظوراً جنسانياً ورؤية تحويلية وتصحيحية، فضلاً عن تدابير الترضية وضمانات عدم التكرار. وتطلب بالتالي ما يلي: (أ) اعتماد جميع التدابير اللازمة لتحديد مكان وجودها ثم توفير الحماية الشاملة لها باعتبارها ضحية للتعذيب والاتجار بالأشخاص لأغراض الاستغلال الجنسي؛ و(ب) الجبر الكامل للضرر الناجم عن أفعال التعذيب التي تعرضت لها سواء في إسبانيا أو في نيجيريا بسبب ترحيلها؛ و(ج) فتح تحقيق فع َّ ال لتحديد هوية مدبِّري ومنفذي جريمة الاتجار بها وأفعال التعذيب التي تعرضت لها، ومقاضاتهم ومعاقبتهم، عند الاقتضاء؛ و(د) إجراء المؤسسات العامة المختصة تحقيقاً مع الموظفين الذين قد يُتهمون بارتكاب مخالفات في إجراءات تحديد وضعها وترحيلها، وتطبيق العقوبات الإدارية أو التأديبية أو الجنائية المناسبة في حقهم ؛ و(ه) تعويضها عن الضرر الذي لحق بها. وتطلب صاحبة الشكوى أيضاً اعتماد ضمانات عدم التكرار التالية: (أ) إتاحة سبيل انتصاف فع َّ ال ذي أثر إيقافي تلقائي يكفل عدم ترحيل ضحايا الاتجار إلى أن يجري تحليل احتمال تعرض حياتهم أو سلامتهم البدنية أو النفسية للخطر؛ و(ب) إزالة جميع الحواجز التي تمنع تمتع ضحايا الاتجار، من دون أي تمييز على أساس وضعهم الإداري، بحقهم في التعويض الكامل وفي الحماية من أفعال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية والقاسية والمهينة؛ و(ج توفير التدريب الإلزامي والمنتظم القائم على المنظور الجنساني وحقوق الإنسان لموظفي هيئات الشرطة والسلطات الإدارية والقضائية المختصة في مجال تنفيذ الإطار القانوني لمكافحة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة والاتجار بالأشخاص؛ (د) إنشاء آلية رصد مستقلة لقياس مدى فعالية المؤسسات والسياسات التي تنفذها الدولة لتنظيم ورصد إجراءات منع الاتجار بالأشخاص في إسبانيا وحماية ضحاياه ، من خلال جمع بيانات إحصائية وتقديم تقارير دورية تتضمن توصيات بهذا الخصوص؛ و(ه) توحيد البروتوكولات والأدلة والمعايير المتعلقة بالتحقيق، وبخدمات إجراء الخبرة وإقامة العدل التي تُستخدم للتحقيق في جرائم الاتجار بالأشخاص والاختفاء القسري والعنف الجنسي ضد النساء، وفقاً لدليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بروتوكول اسطنبول)، و ل بروتوكول مينيسوتا المتعلق بالتحقيق في حالات الوفاة التي يُحتمل أن تكون غير مشروعة، والمعايير الدولية للبحث عن الأشخاص المفقودين، وذلك استناداً إلى منظور جنساني.

5-8 وترفق صاحبة الشكوى بلاغها بمذكرة من المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب تشير فيها إلى وجود ثغرات قانونية وممارسات مؤسسية سيئة في الدولة الطرف، تؤدي إلى جعل الأشخاص المشمولين بالحماية بموجب الاتفاقية عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم، ولا سيما في مراكز احتجاز الأجانب. وتؤكد هذه المنظمة أنه يتواصل كشف أوجه قصور خطيرة في هذه المراكز في ما يتعلق ب التمتع بالضمانات الأساسية، مثل الطعن في قرارات الترحيل والاتصال بالعالم الخارجي أو بالمحامين المعيَّنين ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، لا توجد آليات كافية لتحديد ضحايا الاتجار بالأشخاص وحمايتهم ( ) ، وتفيد المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب بأن البت في الطعون المقدمة، بما في ذلك من قِبل ضحايا الاتجار المزعومين، أو إبلاغ مقدميها بالقرارات المتخ ذ ة بشأنها عادة ً ما يجري بعد ترحيلهم ( ) ، وبأن عمليات الترحيل غير القانونية أو السريعة للغاية شائعة جداً. وتبرز هذه المنظمة أيضاً حالة ضعف ضحايا الاتجار بالأشخاص، إذ ينضاف إلى ما قد يشعر به عموماً ضحايا العنف الجنساني، في حالة تقديم شكوى بهذا الشأن، من خوف التعرض لأعمال انتقامية محتملة، خوفهم من أن تتخذ السلطات إجراءات عقابية ضدهم بسبب إقامتهم غير القانونية في الدولة الطرف و أن ت باشر إجراءات ترحيلهم ( ) . وينص تعديلٌ لقانون الأجانب لعام 2011 على ضمانةٍ لمنع ترحيل النساء اللواتي ي ُ بلغن عن تعرضهن ل لعنف العائلي أو الجنساني. غير أن هذا الحكم لا يشمل ضحايا الاتجار بالأشخاص.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية.

6-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بموجب المادة 22(5)(أ) من الاتفاقية، لأن المسألة ذاتها عُرضت على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي خلصت، بعد تحليل معمَّق لملف القضية ، إلى أن صاحبة الشكوى لا توجد في حالة ضعف استثنائية، ولا يجوز تطبيق أي استثناء لشرط تقديم توكيل خاص يستوفي جميع المقتضيات الشكلية التي تشترطها المحكمة. وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة الشكوى أن المحكمة الأوروبية اكتفت بدراسة معايير المقبولية الشكلية البحتة، ولم تنظر بالقدر الكافي في الأسس الموضوعية. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بإعلان المحكمة الأوروبية، في قرار اعتمدته هيئة مكونة من سبعة قضاة في 21 حزيران/ يونيه 2016، عدم قبول الدعوى، لعدم الاختصاص الشخصي، عملاً بأحكام الفقرتين 3 و4 من المادة 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وتُذكر اللجنة باجتهاداتها التي مفادها أنه، وفقاً للمادة 22(5)(أ) من الاتفاقية، لا يُعتبر البلاغ مقبولاً إذا نُظر في أسسه الموضوعية في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية ( ) . وتحيط اللجنة علماً بنظر المحكمة الأوروبية بتفصيل في وقائع البلاغ، ولا سيما حالة الضعف التي ادعتها صاحبة الشكوى. وفي ظل الملابسات الخاصة لهذه القضية، ترى اللجنة أن النظر في حالة ضعف صاحبة الشكوى ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظر في الأسس الموضوعية للانتهاكات المزعومة لمواد الاتفاقية. وبناء عليه، ترى اللجنة أن نظر المحكمة الأوروبية في هذه القضية يعني أنه جرى النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية في المسألة التي أثارتها صاحبة الشكوى، وتخلص إلى أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 22(5)(أ) من الاتفاقية .