الأمم المتحدة

CAT/C/71/D/858/2018

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

1 September 2021

Arabic

Original: French

‎ لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 858/2018 * **

بلاغ مقدم من : ب. ن. و س . ر. (تمثلهما الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : ب. ن. وأ . ه.

الدولة الطرف : بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى : 22 كانون الأول / ديسمبر 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادتين 114 و 115 من النظام الداخلي للجنة، والذي أحيل إلى الدولة الطرف في 12 كانون الثاني / يناير 2012 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد هذا القرار : 19 تموز / يوليه 2021

الموضوع : التعذيب والاختفاء القسري؛ عدم إجراء تحقيق فعال وعدم جبر الضرر

المسألة الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : ‎ التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛‏ وتدابير منع أفعال التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والتزام الدولة الطرف بأن تضمن قيام سلطاتها الخاصة بإجراء تحقيق فوري ونزيه؛ والحق في تقديم شكوى؛ والحق في الحصول على تعويض

مواد الاتفاقية : الفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و 12 و 13 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و 16

1 - 1 صاحب الشكوى هو ب. ن. وهو مواطن بوروندي ولد في عام 1948 في بلدة جيسوزي في مقاطعة موارو . وهو والد الضحية أ. ه. وهو مواطن بوروندي ولد في عام 1980 في نفس البلدة وتعرض للاختفاء القسري في 14 كانون الأول / ديسمبر 2015 . ويدعي صاحب الشكوى أن بوروندي انتهكت الفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و 12 و 13 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 وعلى سبيل التحوط المادة 16 من الاتفاقية فيما يتعلق بالضحية، والمواد 12 و 13 و 14 مقروءةً بالاقتران مع المادة 1 وعلى سبيل التحوط المادة 16 من الاتفاقية فيما يتعلق بصاحب الشكوى. وانضمت بوروندي إلى الاتفاقية في 18 شباط / فبراير 1993 ، وأصدرت الإعلان المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 22 من الاتفاقية في 10 حزيران/يونيه 2003 . وتمثل صاحب الشكوى الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب.

1 - 2 وفي 7 تشرين الثاني / نوفمبر 2018 ، أبلغ محامي صاحب الشكوى اللجنة بأن صاحب الشكوى، ب. ن.، توفي في 17 حزيران / يونيه 2018 وفاةً طبيعية. وعقب الوفاة، وافق س. ر.، وهو أحد أبناء ب. ن. وشقيق أ. ه.، على مواصلة إجراءات الشكوى وحرر توكيلاً للمحامي. وبناءً عليه، طلب س. ر. من اللجنة أن تعتبره صاحب شكوى جديداً.

1 - 3 وفي 22 كانون الأول / ديسمبر 2017 ، طلب صاحب الشكوى إلى اللجنة أن تتخذ تدابير حماية مؤقتة. وفي 12 كانون الثاني / يناير 2018 ، قررت اللجنة، عملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، الاستجابة لطلب اتخاذ تدابير مؤقتة وطلبت إلى الدولة الطرف أن تعتمد على وجه السرعة جميع التدابير اللازمة لحماية حياة صاحب الشكوى والضحية وأمنهما وسلامتهما الشخصية، وضمان عدم تعرضهما لضرر لا يمكن جبره ريثما تفرغ اللجنة من النظر في القضية.

تذكير بالوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

معلومات عامة

2 - 1 في آب / أغسطس 2010 ، أعيد انتخاب الرئيس بيير نكورونزيزا لولاية ثانية، وكان قد انتُخب لأول مرة في عام 2005 . ونتيجة لذلك، اتسمت أعمال القمع التي استهدفت أعضاء أحزاب المعارضة بلجوء السلطات المتكرر إلى الإعدام خارج نطاق القانون والاختفاءات القسرية إضافة إلى أفعال التعذيب والتخويف. واعتباراً من نيسان / أبريل 2015 ، كانت بوروندي مرة أخرى مسرحاً لتصاعد العنف وللانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان بسبب قرار بيير الترشح لولاية ثالثة، وهو قرار اعتبره المجتمع الدولي والمجتمع المدني البوروندي منافياً لاتفاق أروشا للسلام والمصالحة في بوروندي ( ) . وتلت ذلك مظاهرات كبيرة مناهضة لترشح نكورونزيزا لولاية الثالثة، قمعتها السلطات قمعاً شديداً باستخدام الذخيرة الحية وقاذفات القنابل اليدوية ضد المتظاهرين. وفي 13 أيار / مايو 2015 ، فشلت محاولة انقلاب، أعقبها قمع شديد لجميع المشتبه في ارتباطهم بها. وفي 21 تموز / يوليه 2015 ، أعيد انتخاب بيير نكورونزيزا في مناخ متوتر للغاية. ومع انخفاض عدد المظاهرات، بدأت فترة جديدة من العنف اتسمت من بين أمور أخرى بعمليات القتل المستهدف والإعدام خارج نطاق القانون والاعتقالات التعسفية وأفعال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والاختفاءات القسرية. ووفقاً لتقرير التحقيق المستقل للأمم المتحدة بشأن بوروندي الذي أُعد بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان دإ- 24 / 1 وقُدم في عام 2016 إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الثالثة والثلاثين، قُتل أكثر من 000 1 شخص خلال الأزمة. وتعرض آلاف آخرون للتعذيب، كما تعرض عدد غير معروف من النساء لنوع من أنواع العنف الجنسي، واختفى مئات الأشخاص واحتجز آلاف آخرون بصفة غير قانونية ( ) . وفي الليلة من 10 إلى 11 كانون الأول / ديسمبر 2015 ، هاجم مسلحون مجهولون ثلاث قواعد عسكرية في بوجومبورا وأخرى بالقرب من المدينة ( ) . وفي أعقاب هذه الهجمات، قامت قوات الأمن بتطويق وتمشيط عدة أحياء مرتبطة بالمعارضة السياسية في بوجومبورا، بهدف معلن هو إخراج المقاتلين المسلحين من مخابئهم والعثور على الأسلحة المخبأة. وأسفرت هذه العمليات عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين ( ) . واستهدفت العمليات التي نفذتها أجهزة إنفاذ القانون على وجه الخصوص الأحياء التابعة للمعارضة، وهي جابي ونياكابيغا ومواساغا وموتاكورا وسيبيتوكي ونغاغارا ( ) . وبالفعل، كان حي سيبيتوكي ، الذي كان يقيم فيه الضحية، معروفاً كأحد الأحياء التي عارضت الولاية الثالثة للرئيس نكورونزيزا ( ) .

2 - 2 ووفقاً لتقرير لجنة التحقيق التي شكّلها المدعي العام للجمهورية للتحقيق في حركة العصيان التي انطلقت في 26 نيسان / أبريل 2015 ، فُتح باب القمع على العديد من أعضاء أحزاب المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان المنتمين إلى الحركة المسماة "لا للولاية الثالثة" واعُتبروا مسؤولين عن "العصيان" ( ) .

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2 - 3 كان أ. ه . يعمل سباكاً، وكان عضواً في حزب سياسي معارض في بوروندي مثل شقيقيْه، وهو حركة التضامن والتنمية التي كانت تتعرض لقمع شديد منذ عام 2014 . وفي نيسان / أبريل 2015 ، شارك أ. ه. وشقيقاه في مظاهرات مناهضة لتجديد ولاية الرئيس نكورونزيزا .

2 - 4 وفي 13 كانون الأول / ديسمبر 2015 ، كان أ. ه. مع والده ب. ن.، في محل إقامته في حي سيبيتوكي في مقاطعة بوجومبورا البلدية عندما تلقى مكالمة هاتفية من شخص ضرب له موعداً للقائه في بلدة نغاغارا . وغادر أ. ه. منزله للذهاب إلى الموعد دون أن يكشف لوالده عن هوية صاحب المكالمة. وعند وصوله إلى مكان الحادث حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، التقى أ. ه. بأحد معارفه وشاهد مركبة شرطة قادمة ( ) . ونزل من المركبة أفراد شرطة من وحدة دعم حماية المؤسسات. وكان جميع الأفراد يرتدون زي الشرطة، باستثناء فرد واحد كان يرتدي زياً مدنياً، وتم التعرف عليه على أنه العميد جوناس ندابيريندي ، وهو العميد الذي كان ضالعاً، وفقاً لبعض وسائط الإعلام، في العديد من الانتهاكات ( ) . وما إن رأى أ. ه. أفراد الشرطة، حتى بدأ في الركض، فلاحقه العميد ندابيريندي الذي تمكن من توقيفه. وقام أفراد من الشرطة بتقييد يدي أ.ه . وانهالوا عليه ضرباً مبرحاً بالهراوات على ظهره وباللكمات على وجهه، كما استجوبوه في عين المكان لمعرفة مكان وجود بعض المتظاهرين. فقدموا له وثيقة تحمل أسماء بعض المتظاهرين المطلوبين. وبعد ذلك، التفت جوناس ندابيريندي إلى المارة الذين تابعوا المشهد وسألهم عما إذا كانوا يعرفون أ. ه.، فأجابوه بالنفي. وقال إنهم أكدوا لتوه أنهم لا يعرفونه، فلا ينبغي أن يبكوا على شخص لا يعرفونه في حال عُثر عليه جثة هامدة. وبعد ذلك، اقتاده أفراد الشرطة عنوةً على متن مركبتهم واتجهوا به نحو مكان مجهول، دون أن يكون في حوزتهم أمر بإلقاء القبض عليه.

2 - 5 وأُبلغ ب. ن. باختطاف ابنه بعد ظهر يوم 13 كانون الأول / ديسمبر 2015 . فذهب إلى زعيم التلة الذي رفض مساعدته ( ) . وفي الأيام التالية، بدأ ب. ن. عمليات بحث عن أ. ه. وذهب إلى جميع مراكز الشرطة في مناطق سيبيتوكي ونغاغارا وبويزا ، وكذلك إلى مركز الاحتجاز التابع لدائرة الاستخبارات الوطنية، ولكن بحثه لم يسفر عن شيء. ثم تلقى ب. ن زيارة من شخص يرتدي زياً مدنياً في محل إقامته. وقال له هذا الشخص إنه مبعوث من الرجال الذين اختطفوا ابنه. وهدده قائلاً إنه مراقَب وإذا واصل عمليات بحثه أو قدم شكوى، فإنه سيلقى نفس المصير الذي لقيه ابنه. ونتيجة لذلك، قرر شقيقا أ. ه.، بمن فيهما صاحب الشكوى س. ر. - مغادرة بوروندي للجوء إلى بلد مجاور خوفاً من أن يتعرضا بدورهما للاختطاف، لأنهما كانا عضوين في حركة التضامن والتنمية. ويشير صاحب الشكوى إلى أن هذه الأحداث قد وقعت في أعقاب هجمات 11 كانون الأول / ديسمبر 2015 وأنها تدخل في إطار ما أعقب ذلك من قمع مارسته الشرطة ( ) .

2 - 6 وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، قصد ب. ن. اللجنة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان لطلب المساعدة في بحثه. وسجلت اللجنة طلبه، ولكنها أعلمته فيما بعد في مقابلة شفوية، أنها لم تعثر على أ. ه. في أماكن الاحتجاز التي زارتها. وفي الأيام التالية، طلب ب. ن. نسخة من طلب تسجيل طلبه، ولكن اللجنة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان رفضت إعطاءه هذه الوثيقة. ويشير صاحب الشكوى إلى أن اللجنة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان تفتقر إلى الاستقلالية والنزاهة إزاء السلطة التنفيذية وإلى أنه شُرع في اتخاذ إجراءات دولية ضدها ( ) .

2 - 7 وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، تعرّف شاهد على أ. ه. في حي سيبيتوكي . وكان على متن مركبة تابعة للشرطة مقيداً وملطخاً بالدماء ومحاطاً بعدة أفراد من الشرطة. ومنذ ذلك اليوم، لم يره أحد قط.

2 - 8 وفي الأشهر التي تلت، استمر التخويف الذي تعرض له ب. ن.. وكان أفراد من الشرطة يأتون كل ثلاثة أشهر تقريباً لتفتيش منزله زاعمين أنهم كانوا يفحصون دفتر الأسرة المعيشية ( ) . وفي كل زيارة، كان ب. ن. يُستجوب عن مكان وجود ابنيه الآخرين وكان أفراد الشرطة يهددونه بأنهما"سيلقيان نفس المصير الذي لقيه أ. ه." إذا عثروا عليهما. ويشير صاحب الشكوى س. ر. إلى أن تلك الزيارات تسببت في معاناة شديدة أثرت على ب. ن. وربما كانت السبب في مشكلة ارتفاع ضغط الدم لديه.

عدم إجراء تحقيق وعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

2 - 9 يؤكد صاحب الشكوى أن ب. ن. لم يقدم شكوى إلى الهيئات القضائية الوطنية خوفاً من التعرض لأعمال انتقامية. ويشير إلى أنه تم الاعتراف بضلوع أفراد وحدة دعم حماية المؤسسات بشكل خاص في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ( ) .

2 - 10 ويؤكد صاحب الشكوى أن سبل الانتصاف غير متاحة على الصعيد المحلي بسبب حالة حقوق الإنسان في بوروندي. ويشير إلى قضية فيليب ضد ترينيداد وتوباغو ( ) ، التي رأت فيها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن صاحب الشكوى ليس ملزماً باستنفاد سبل الانتصاف المحلية إذا كان ذلك سيعرضه للخطر. وفي هذه القضية، الأشخاص المسؤولون عن وقائع التعذيب وسوء المعاملة هم أفراد من الشرطة أو ضباط رفيعو المستوى أو مقربون من الحكومة يتمتعون بسلطات ووسائل ضغط كبيرة لمنع اتخاذ إجراءات ضدهم أمام المحاكم الوطنية. ويشير صاحب الشكوى إلى أن اللجنة قد أعلنت في عام 2014 أنها تشعر بالقلق إزاء عدم وجود تدابير لحماية الضحايا والشهود الذين كانوا يتعرضون لأعمال انتقامية ( ) . وبالفعل، حتى 27 حزيران / يونيه 2016 ، لم يكن لدى بوروندي أي إطار قانوني ومؤسسي مناسب لضمان سلامة الضحايا والشهود ( ) . ويشير صاحب الشكوى إلى أنه نظراً إلى استمرار الانتهاكات والإفلات من العقاب في بوروندي، من الواضح أن اعتماد هذا القانون لم يكن له أي أثر ملموس على حالة الضحايا أو على حمايتهم.

2 - 11 ويشير صاحب الشكوى أيضاً إلى النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق المعنية ببوروندي وتقييمها لحالة حقوق الإنسان في البلد، التي كانت تتسم بـ "انتشار ظاهرة الإفلات من العقاب التي تفاقمت بسبب انعدام استقلال القضاء ( ) " وهي حالة عامة سادت نتيجة مظاهرات نيسان / أبريل 2015 واستمرت في 2016 و 2017 ، في حين تعرض أقارب العديد من الأشخاص المفقودين "لضغوط أو تخويف أو تهديد بالاختفاء على أيدي أفراد الشرطة أو دائرة الاستخبارات الوطنية" ( ) ولذلك، لم يقدم العديد من الضحايا شكاوى "إما خوفاً من الانتقام أو لانعدام الثقة في عمل القضاء واستقلاله" ( ) ، و"حتى لو أعلنت السلطات إجراء تحقيقات، لم تكن هناك متابعة في الغالب" ( ) . ويذكر صاحب الشكوى بالاجتهادات السابقة للجنة المعنية بحقوق الإنسان ومفادها أن "من واجب الدولة الطرف إجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، [...] وتقديم دعوى جنائية ضد أي شخص يُزعم أنه مسؤول عن هذه الانتهاكات، والبت في القضية وفرض عقوبة" ( ) .

2 - 12 ويدعي صاحب الشكوى أن السلطات البوروندية لم تجر أي تحقيق رغم علمها بالانتهاكات التي ارتكبت ضد الضحية، وهو جزء من السياق العام للإفلات من العقاب الذي أقرت به اللجنة ( ) وتقارير لجنة التحقيق بشأن بوروندي ( ) . وبالفعل، أكدت اللجنة من جديد "استمرار حالات الاختفاء القسري وغيرها من حالات الاختفاء في الفترة من نيسان / أبريل 2015 إلى عام 2017 ( ) " وأشارت إلى أنه "طوال عامي 2016 و 2017 ، كانت تكتشف بانتظام جثثاً هامدة في عدة مقاطعات، وغالبا ً ما تكون أذرع الضحايا مربوطة خلف ظهورها، وتكون مقطوعة الرأس أحياناً" ( ) . وأخيراً، وكما أبرز تقرير لجنة التحقيق المستقل للأمم المتحدة بشأن بوروندي، "زادت الأزمة الحالية من ترسيخ الهيمنة البنيوية والمؤسسية للجهاز التنفيذي على القضاء" ( ) . ولما كان أعضاء السلطة التنفيذية "استخدموا أساليب عنيفة ضد معارضيهم المفترضين [...]، فإن الضحايا لم يقدموا شكاوى على انتهاكات حقوق الإنسان ولم يلجؤوا إلى نظام العدالة لتسوية الخلافات" ( ) .

2 - 13 ولذلك، يؤكد صاحب الشكوى أنه بسبب وجود خطر حقيقي منعه من الشروع في إجراءات أخرى على الصعيد الوطني وإحجام الدولة الطرف عن إجراء تحقيق وخطورة حالة حقوق الإنسان في بوروندي، تبين أن سبل الانتصاف المحلية غير متاحة له.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب الشكوى حدوث انتهاكات للفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و 12 و 13 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 وعلى سبيل التحوط المادة 16 من الاتفاقية فيما يتعلق بالضحية أ. ه. وانتهاكات للمواد 12 و 13 و 14 مقروءة بالاقتران مع المادة 1 وعلى سبيل التحوط المادة 16 من الاتفاقية فيما يتعلق بصاحبي الشكوى المتعاقبين.

الانتهاكات المزعومة ضد أ. ه.

3 - 2 يزعم صاحب الشكوى أن الضرب العنيف بالهراوات الذي تعرض له أ. ه. على ظهره ووجهه، مما سبب له نزيفاً حاداً، وتقييده واستجوابه بالعنف واختفاؤه القسري، تشكل أفعال تعذيب بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية، لأن موظفي الدولة هم من ارتكبوا تلك الأفعال عمداً للحصول على معلومات من الضحية ومعاقبته على نشاطه السياسي. ومع ذلك، إذا رأت اللجنة أنها غير ملزمة بالأخذ بهذا التوصيف، يتمسك صاحب الشكوى احتياطياً بادعائه أن الاعتداءات التي تعرض لها تشكل على أي حال معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة تتنافى مع المادة 16 من الاتفاقية.

3 - 3 ويؤكد صاحب الشكوى كذلك أن الدولة الطرف لم تتخذ جميع التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع ارتكاب أفعال التعذيب في الإقليم الخاضع لولايتها، وذلك خلافاً لالتزاماتها بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية. بالفعل، لم تبلغ سلطات الدولة الطرف عن اختفاء أ. ه. ولم تعترف بذلك ولم يجر أي تحقيق في الموضوع. ولم يكن له أي اتصال بأسرته بعد ذلك. بالإضافة إلى ذلك، شوهد في اليوم التالي للحادث على متن سيارة ملطخاً بالدماء يحمل آثار إصابة وهو يرتدي نفس الملابس، مما يدل على أنه لم يحصل على الرعاية الطبية. وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على الحادث، ورغم وجود شهود عيان في مكان الحادث، لم تجر الدولة الطرف أي تحقيق بمبادرة منها. ولم تقدم توضيحات قط بشأن الوقائع المحيطة بالاختفاء القسري الذي تعرض له أ. ه . ولا يزال المسؤولون عن اختفائه دون عقاب.

3 - 4 ويدعي صاحب الشكوى أيضاً انتهاك المادة 11 من الاتفاقية بسبب عدم احترام الدولة الطرف لأي ضمانات إجرائية لأن أ. ه. لم يُبلغ بأسباب توقيفه الذي تم دون صدور أمر بإلقاء القبض عليه ولم يتمكن من الاتصال بأسرته ولم يستفد من مساعدة قانونية ولم يُعرض على أي طبيب لفحصه.

3 - 5 ويؤكد صاحب الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت المادة 12 من الاتفاقية لأنها لم تُجر تحقيقاً فورياً ونزيهاً وفعالاً في ادعاءات التعذيب الذي تعرض له أ. ه. رغم أن لدى السلطات أسباباً معقولة تدعو للاعتقاد بأن أفعال تعذيب قد ارتكبت لأن صاحب الشكوى عرض قضيته على مختلف مراكز الشرطة واللجنة الوطنية المستقلة المعنية بحقوق الإنسان.

3 - 6 وفيما يتعلق بالمادة 13 من الاتفاقية، يدفع صاحب الشكوى بأن الدولة الطرف حرمت أ. ه. من إمكانية تقديم شكوى، ولم تتخذ أي تدابير لحمايته على الرغم من علم السلطات باختفائه وبالمخاطر التي كانت تهدد سلامته البدنية والنفسية.

3 - 7 وفي انتهاك للمادة 14 من الاتفاقية، لم يحصل الضحية على أي تعويض ولم يُقدَّم له أي ضمان بعدم التكرار ومن المحتمل أنه ظل في حالة من المعاناة المستمرة والمتكررة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2015 . ولما كان أ. ه. ضحية اختفاء قسري، فإنه يقع خارج نطاق حماية القانون. وبحرمان أ. ه. من تقديم دعوى جنائية، تكون الدولة الطرف قد حرمته من ممارسة أي سبيل من سبل الانتصاف للحصول على تعويض عن جرائم خطيرة مثل التعذيب. وبالنظر إلى الموقف السلبي للسلطات القضائية، تنعدم من الناحية الموضوعية أي فرصة لنجاح سبل انتصاف أخرى، ولا سيما بطلب جبر الضرر من خلال دعوى مدنية للحصول على تعويض. وقليلة هي التدابير التي اتخذتها سلطات بوروندي لتعويض ضحايا التعذيب، على النحو الذي أشارت إليه اللجنة في ملاحظاتها الختامية التي اعتمدها في أعقاب نظرها في التقرير الأولي للدولة الطرف في عام 2006 ( ) . وفي عام 2014 ، وبينما نوهت اللجنة إلى أن قانون الإجراءات الجنائية الجديد في بوروندي ينص على تعويض ضحايا التعذيب، فإنها قد أعربت عن قلقها إزاء عدم تنفيذ هذا الحكم في انتهاك للمادة 14 من الاتفاقية ( ) . وأخيراً، أكدت اللجنة مجددا ً في عام 2016 التزام الدولة الطرف بضمان حصول ضحايا التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة على تعويضات كافية ( ) . وعليه، لم تمتثل سلطات بوروندي لالتزاماتها بموجب المادة 14 من الاتفاقية لأن الانتهاكات المرتكبة ضد أ. ه. لا تزال دون عقاب بسبب الموقف السلبي للدولة الطرف ولأنه لم يتلق أي تعويض ولم يستفد من أي تدابير لإعادة تأهيله.

الانتهاكات المزعومة ضد ب. ن.

3 - 8 يدعي صاحب الشكوى حدوث انتهاكات للمواد 12 و 13 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 وعلى سبيل التحوط المادة 16 من الاتفاقية، فيما يتعلق بالضحية ب. ن. ويؤكد أن اختفاء أ. ه. القسري والتهديدات الخطيرة التي تعرض لها ب. ن. والتي استمرت حتى وفاته، تشكل أفعال تعذيب بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية. ويشير إلى أن هذه الأفعال قد عرضت ب. ن. لحالة من الكرب والضيق الدائمين أثرت على سلامته المعنوية. ويستشهد صاحب الشكوى بقضية إيرنانديز كولميناريز وغيريرو سانشيز ضد جمهورية فنزويلا البوليفارية ، التي وصفت فيها اللجنة الاختفاء القسري بأنه شكل من أشكال التعذيب بالنسبة للضحية وأسرته على السواء ( ) . وإذا اعتبرت اللجنة أنها غير ملزمة بالأخذ بهذا التوصيف، يتمسك صاحب الشكوى احتياطياً بادعائه أن الاعتداءات التي تعرض لها تشكل على أي حال معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة تتنافى مع المادة 16 من الاتفاقية.

3 - 9 أما بخصوص الادعاءات بموجب المادة 12 من الاتفاقية، يؤكد صاحب الشكوى عدم إجراء أي تحقيق فوري ونزيه في اختفاء أ. ه. على الرغم من إبلاغ سلطات الدولة الطرف بذلك. ولما كان الاختفاء القسري يشكل فعلاً من أفعال التعذيب ارتُكب بحق الضحية وأفراد أسرته، فإن صاحب الشكوى يدفع بأن سلطات الدولة الطرف أدركت أن ب. ن. تعرض لفعل من أفعال التعذيب بمجرد أن علمت أن أ. ه. تعرض للاختفاء القسري. ولذلك، فإن الدولة الطرف لم تف، منذ ذلك الوقت، بالتزامها تجاه صاحب الشكوى.

3 - 10 وفيما يتعلق بالادعاء بموجب المادة 13 ، يؤكد صاحب الشكوى أن حق ب. ن. في تقديم شكوى إلى سلطات الدولة الطرف بشأن التعرض لأفعال تعذيب لم يكن مكفولاً، لأنه تلقى تهديدات حتى يكف عن البحث عن ابنه.

3 - 11 وفيما يتعلق بالادعاء بموجب المادة 14 ، يؤكد صاحب الشكوى أن الدولة الطرف، بحرمان ب. ن. من تقديم دعوى جنائية، تكون قد حرمته من أي سبيل انتصاف للحصول على تعويض عن جرائم خطيرة مثل التعذيب.

3 - 12 ويطلب صاحب الشكوى إلى اللجنة أن تقوم بما يلي: (أ) تأمر الدولة الطرف بضمان إجراء تحقيق فوري وشامل وفعال من جانب هيئات مستقلة ونزيهة في أفعال التعذيب التي تعرض لها أ. ه. وب. ن.، بهدف تقديم دعوى جنائية ضد مرتكبيها ومعاقبتهم؛ و(ب) تأمر الدولة الطرف بأن تمنح صاحب الشكوى جبراً مناسباً، بما يشمل تعويضه عما لحق به من ضرر مادي ومعنوي وتدابير لرد حقه وإعادة تأهيله وترضيته وضمانات بعدم التكرار؛ و(ج) تطلب إلى الدولة الطرف تعديل تشريعاتها بحيث تصبح الدعوى العامة غير قابلة للتقادم فيما يتعلق بأفعال التعذيب، بصرف النظر عن السياق الذي تمارس فيه، وبما يكفل وفاء السلطات بالتزامها إجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة بمبادرة منها وبمجرد علمها بأفعال التعذيب التي يرتكبها وكلاؤها.

عدم تعاون الدولة الطرف

4 - في 12 كانون الثاني/ يناير 2018 و 7 شباط/ فبراير 2019 و 9 نيسان/أبريل 2019 ، دُعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق أي رد وتعرب عن أسفها لعدم تعاون الدولة الطرف في تقديم ملاحظاتها على هذه الشكوى ( ) . وتذكّر بأن الدولة الطرف المعنية مطالبة بموجب الاتفاقية بتقديم تفسيرات أو بيانات خطية توضح المسألة وتشير، عند الاقتضاء، إلى التدابير التي ربما تكون قد اتخذتها لتصحيح الوضع. وفي حال عدم ورود رد من الدولة الطرف، يجب إيلاء الاهتمام الواجب لادعاءات صاحب الشكوى، المدعومة بما يكفي من الأدلة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5 - 1 تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة ذاتها لم تُبحث وليست قيد البحث حالياً من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق أو التسوية الدولية.

5 - 2 وتذكّر اللجنة بقلق بأن الدولة الطرف لم تقدم أي ملاحظات على الرغم من رسائل التذكير الثلاث التي بُعثت إليها. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من أن تنظر في البلاغ بموجب الفقرة ( 5 )(ب) من المادة 22 من الاتفاقية ( ) .

5 - 3 وفي ظل غياب أي عوائق أخرى تحول دون مقبولية البلاغ، تباشر اللجنة النظر في الأسس الموضوعية لادعاءات صاحب الشكوى بموجب الفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و 14 و 16 من الاتفاقية. ‬

النظر في الأسس الموضوعية

6 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية. ولما كانت الدولة الطرف لم تبد أي ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب الشكوى.

6 - 2 وقبل النظر في ادعاءات صاحب الشكوى بموجب مواد الاتفاقية التي يستند إليها، يجب أن تحدد اللجنة ما إذا كانت الأفعال التي تعرض لها أ. ه. وب. ن. تشكل أفعال تعذيب بالمعنى المقصود في المادة الأولى من الاتفاقية.

6 - 3 وتلاحظ اللجنة أولاً ادعاء صاحب الشكوى أن أفراداً من الشرطة قيدوا يدي أ. ه. وضربوه ضرباً مبرحاً بالهراوات ووجهوا له لكمات على وجهه وقاموا باستجوابه للحصول على معلومات عن مكان وجود متظاهرين. وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن أ. ه. نُقل في مركبة وهو ملطخ بالدماء وشوهد في اليوم التالي وكان لا يزال مقيداً ومصاباً على متن مركبة للشرطة. وتلاحظ اللجنة أن أ. ه. لم تره أسرته وأقاربه منذ 14 كانون الأول / ديسمبر 2015 ، وأن صاحب الشكوى يؤكد أن أ. ه. وقع ضحية الاختفاء القسري. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن هذه الأفعال قد ارتكبت عمداً من قبل موظفي الدولة من أجل الحصول على معلومات من الضحية ومعاقبته على نشاطه السياسي. وتلاحظ اللجنة أيضاً الادعاءات التي مفادها أن ب. ن. هو أيضاً ضحية للتعذيب بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية، بسبب الاختفاء القسري لابنه وما أعقب ذلك من تهديدات مستمرة. كما تلاحظ اللجنة أن هذه الأحداث تسببت في معاناة ب. ن. معاناةً معنويةً ونفسيةً وأنها ارتُكبت ضده عمداً من قبل موظفي الدولة بهدف تخويفه. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف، بسبب عدم ردها، لا تعترض على هذه الوقائع. وأخيراً، تلاحظ اللجنة أنه في حال لم تأخذ اللجنة بالادعاء بموجب المادة 1 ، فإن صاحب الشكوى يدعي على سبيل التحوط انتهاك المادة 16 من الاتفاقية في حق كل من أ. ه. وب. ن. .

6 - 4 وتشير اللجنة إلى أن الدول الأطراف يقع عليها التزام خاص بضمان احترام الحقوق المكرسة في الاتفاقية للأشخاص المسلوبة حريتهم، وباتخاذ تدابير فعالة لمنع أفعال التعذيب ( ) . كما أن الدول الأطراف ملزمة باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الموظفين العموميين أو الأفراد من ممارسة أعمال التعذيب على أشخاص يخضعون لسيطرتها ( ) . وتشير اللجنة كذلك إلى أن الاختفاء القسري ينطوي على انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان وإخلال من جانب الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب الاتفاقية؛ ويشكل في حد ذاته بالنسبة إلى الشخص المختفي - أو يمكن أن يشكل بالنسبة إلى أسرته وأقاربه - ضرباً من ضروب التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية المنافية للاتفاقية ( ) . وفي هذه الظروف، تستنتج اللجنة أن الوقائع المحيصة بقضية أ. ه. كما قدمها صاحب الشكوى، تشكل تعذيباً بالمعنى المقصود في المادة الأولى من الاتفاقية ( ) .

6 - 5 وتلاحظ اللجنة أن تعرض أ. ه. للاختفاء القسري شكل مصدر كرب ومعاناة بالنسبة إلى ب. ن. وأن السلطات كانت غير مبالية بجهوده للكشف عما حدث لابنه وتحديد مكان وجوده. ولم يتلق أصحاب الشكوى المتعاقبون أي تفسير مرضٍ فيما يتعلق بظروف اختفائه. وفي غياب تفسيرات كافية من جانب الدولة الطرف، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمادة 16 من الاتفاقية في حق ب. ن . ( ) .

6 - 6 ويستند صاحب الشكوى أيضاً إلى الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية، التي تقضي بأن تتخذ الدولة الطرف تدابير تشريعية وإدارية وقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع ارتكاب أفعال تشكل تعذيباً في أي إقليم خاضع لولايتها القضائية. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى استنتاجاتها وتوصياتها التي حثت فيها الدولة الطرف على اتخاذ تدابير تشريعية وإدارية وقضائية فعالة لمنع أي فعل من أفعال التعذيب وسوء المعاملة ( ) ، وبذل كل جهد ممكن للبحث عن الأشخاص المبلّغ عن اختفائهم، ولا سيما أولئك الذين يُزعم أنهم اختفوا بعد استجوابهم من قبل أفراد أجهزة إنفاذ القانون ( ) . وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب الشكوى أن أ. ه. قد تعرض للضرب واقتيد بالقوة على أيدي أفراد أجهزة إنفاذ القانون. كما تحيط اللجنة علماً بأن سلطات الدولة الطرف لم تبلغ عن اختفاء أ. ه. أو تعترف بذلك ولم تتخذ أي تدابير لحمايته. ولم تتخذ سلطات الدولة أية تدابير للتحقيق في أفعال التعذيب التي تعرض لها أ. ه. واختفائه القسري، ولا تدابير لمعاقبة مرتكبي هذه الأفعال، رغم أن ب. ن. قد أبلغ مختلف مراكز الشرطة ومراكز الاحتجاز ودائرة الاستخبارات الوطنية عن الوقائع، فضلاً عن إبلاغ اللجنة الوطنية المستقلة المعنية بحقوق الإنسان. وفي ضوء ما تقدم، وفي غياب معلومات مقنعة من الدولة الطرف، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 2 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية ‬ ( ) .

6 - 7 وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب الشكوى بأن المادة 11 قد انتُهكت لأن الدولة الطرف لم تحترم أي ضمان إجرائي لصالح أ. ه. الذي لم يبلغ بأسباب توقيفه وألقي القبض عليه دون مذكرة توقيف. ولم يتمكن أ. ه. من الاتصال بأسرته ولم يتلق مساعدة قانونية ولم يُعرض على أي طبيب لفحصه. وتشير اللجنة إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الثاني لبوروندي التي أعربت فيها عن قلقها إزاء ما يلي: فرط طول فترة الاحتجاز لدى الشرطة، والحالات العديدة التي تجاوزت فترة الاحتجاز لدى الشرطة، وعدم الاحتفاظ بسجلات للمحتجزين أو الاحتفاظ بها ناقصة، وعدم احترام الضمانات القانونية الأساسية للأشخاص المسلوبة حريتهم، وعدم وجود أحكام تنص على إمكانية وصول المعوزين إلى الطبيب وإلى المساعدة القانونية، واللجوء التعسفي إلى الاحتجاز لدى الشرطة في ظل عدم وجود رصد منتظم لمدى قانونية هذا الاحتجاز وحدود فترته الإجمالية ( ) . وفي هذه القضية، يبدو أن إجراءات إلقاء القبض على أ. ه. واحتجازه لم تخضع لمراجعة قضائية. وفي غياب أي معلومات مقنعة من جانب الدولة الطرف من شأنها أن تثبت أن إجراءات القبض على صاحب الشكوى واحتجازه كانت بالفعل خاضعةً لمراقبتها، فإن اللجنة تخلص إلى أن الدولة الطرف انتهكت المادة 11 من الاتفاقية ( ) .

6 - 8 وفيما يتعلق بالمادتين 12 و 13 من الاتفاقية، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب الشكوى أنه بعد مرور أكثر من أربع سنوات على الوقائع لم يجر أي تحقيق فوري ونزيه وفعال في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب الذي خضع له أ. ه.، رغم أن لدى السلطات أسباباً معقولة تدعو إلى الاعتقاد أن هذه الأفعال قد ارتكبت بالفعل، بالنظر إلى أن صاحب الشكوى عرض قضيته على مختلف مراكز الشرطة واللجنة الوطنية المستقلة المعنية بحقوق الإنسان. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف حرمت أ. ه. من فرصة تقديم شكوى. وترى اللجنة أن الانتظار طيلة هذه الفترة قبل مباشرة التحقيق في ادعاءات تعذيب يعتبر بوضوح إجراء تعسفياً. وفي هذا الصدد، تذكر اللجنة بالتزام الدولة الطرف، بموجب المادة 12 من الاتفاقية، بأن تبادر بإجراء تحقيق فوري ونزيه كلما وُجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد أن فعلاً من أفعال التعذيب قد ارتُكب ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة انتهاكاً للمادة 12 من الاتفاقية في حالة أ. ه . .

6 - 9 وبالإضافة إلى عدم وفاء الدولة الطرف بهذا الالتزام، فإنها أخلّت كذلك بالمسؤولية الواقعة على عاتقها بموجب المادة 13 من الاتفاقية والمتمثلة في أن تكفل حق أ. ه. في تقديم شكوى، وهو ما يفترض أن تستجيب السلطات لهذه الشكوى استجابة مناسبة بإجراء تحقيق سريع ونزيه ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن المادة 13 من الاتفاقية قد انتُهِكت أيضاً.

6 - 10 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب الشكوى بموجب المادة 14 من الاتفاقية، تذكّر اللجنة بأن هذا الحكم لا يعترف بالحق في تلقي تعويض عادل ومناسب فحسب، بل يفرض أيضاً التزاماً على الدول الأطراف بأن تكفل حصول ضحية فعل من أفعال التعذيب على الجبر. وتذكر اللجنة بأن الجبر يجب أن يغطي مجموع الأضرار التي لحقت الضحية وأن يشمل، في جملة تدابير أخرى، رد الحقوق والتعويض فضلاً عن اتخاذ تدابير من شأنها أن تضمن عدم تكرار الانتهاكات، مع الحرص دائماً على مراعاة ظروف كل قضية ( ) . وفي هذه القضية، وبالنظر إلى عدم إجراء تحقيق سريع ونزيه رغم وجود شهادات مقنعة مفادها أن أ. ه. وقع ضحية لأفعال تعذيب ظلت بدون عقاب، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلّت أيضاً بالتزاماتها بموجب المادة 14 من الاتفاقية ( ) .

6 - 11 وفيما يتعلق بانتهاكات المواد 12 و 13 و 14 من الاتفاقية بالنسبة إلى ب. ن.، تلاحظ اللجنة أن الاختفاء القسري الذي تعرضه له أ. ه.، وأعمال التهديد والتخويف المتكررة التي استهدفت ب. ن. شكلت ولا تزال تشكل مصدر معاناة شديدة للضحية ب. ن. وأن السلطات لم تستجب قط لشكاواه. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترف قط بالوقائع، فتعذر على ب. ن. ممارسة أي سبيل من سبل الانتصاف. ونتيجة لذلك، لم تبادر الدولة الطرف إلى إجراء تحقيق فوري ونزيه وفعال؛ ولم يتمكن ب. ن. من تقديم شكوى، وحرم من أي سبيل انتصاف للحصول على تعويض. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب الشكوى يستنكر ما أسفر عنه ضلوع أشخاص مقربين من الحكومة في الاختفاء القسري الذي تعرض له أ. ه.، من زيادة في تردد الدولة الطرف في إجراء تحقيق ويعتبر أن ذلك زاد من مخاوف ب. ن. من اتخاذ إجراءات أخرى على الصعيد الوطني. وتشير اللجنة إلى أنه، وفقاً للمادة 14 ، يشمل مصطلح "الضحايا" =الأشخاص الذين لحق بهم ضرر بشكل فردي أو جماعي، بما في ذلك المساس بسلامتهم البدنية أو العقلية، أو المعاناة النفسية، أو الخسارة المادية، أو المساس بشكل خطير بحقوقهم الأساسية عن طريق أفعال أو حالات تقصير تشكل انتهاكاً للاتفاقية ( ) . ويشمل مفهوم الضحية أيضاً أفراد الأسرة المقرّبين، مثل والد أ. ه.. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي حجة يمكن أن يُستنتج على أساسها أن ب. ن. لا يندرج في هذه الفئة. علاوة على ذلك، ترى اللجنة أن الشعور بالكرب والمعاناة الذي عانى منه ب. ن. بسبب نقص المعلومات التي قد تقدم توضيحاً لما حدث لابنه، قد تفاقم بسبب عدم الاعتراف بوضعه كضحية، الأمر الذي يشكل سبباً لإلحاق الأذى به مرة أخرى، وهو ما يتنافى مع المبادئ المكرسة في الاتفاقية ( ) . وترى اللجنة في هذه القضية، أن مجرد عدم تمكن صاحب الشكوى من التصرف بصفة مشتك في إطار إجراءات التحقيق بعد مرور أكثر من أربع سنوات على الوقائع، ينطوي في حد ذاته على انتهاك للمواد 12 و 13 و 14 من الاتفاقية. فبعد انقضاء هذه الفترة الطويلة، تضعف إمكانية أداء دور نشط وفعال في الإجراءات إلى حد تصبح معه إعاقة ممارسة هذا الحق أمراً لا يمكن تداركه، وهو ما يشكل انتهاكاً لحق الضحايا في معرفة الحقيقة والحصول على تعويض ( ) .

7 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و 12 و 13 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 فيما يتعلق بالضحية أ. ه.، والمواد 12 13 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 16 فيما يتعلق بالضحية ب. ن . .

8 - ونظراً لأن الدولة الطرف لم تستجب لطلبات اللجنة بتقديم ملاحظاتها على هذه الشكوى، وبذلك رفضت التعاون مع اللجنة ومنعتها من النظر بفعالية في عناصر الشكوى، تقرر اللجنة، وهي تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، أن الوقائع المعروضة عليها تشكل انتهاكاً للمادة 22 من الاتفاقية من جانب الدولة الطرف.

9 - وتحث اللجنة الدولة الطرف، وفقاً للفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي على القيام بما يلي: (أ) الشروع في إجراء تحقيق نزيه وشامل في ظروف اختفاء أ. ه.؛ و(ب) مقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ و(ج) منح أ. ه. تعويضاً والوسائل اللازمة لإعادة التأهيل إذا كان لا يزال على قيد الحياة، ولصاحب الشكوى كذلك لأن ب. ن قد توفي؛ و(د) إبلاغ صاحب الشكوى، في أجل أقصاه تسعون يوماً اعتباراً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالخطوات التي اتخذتها استجابةً للآراء الواردة أعلاه.