لجنة مناهضة التعذيب
قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 951/2019 * **
بلاغ مقدم من: ر. ك. (تمثله المحامية غابرييلا تاو)
الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ
الدولة الطرف: سويسرا
تاريخ تقديم الشكوى: 30 آب/أغسطس 2019 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادتين 114 و 115 من النظام الداخلي للجنة والمحال إلى الدولة الطرف في 2 أيلول/سبتمبر 2019 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد القرار: 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2022
الموضوع: الإبعاد إلى سري لانكا
المسائل الإجرائية: دعم الادعاءات بالأدلة
المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في حال الإبعاد إلى البلد الأصلي (عدم الإعادة القسرية)
مواد الاتفاقية: 3 و 14 و 16
1 - 1 صاحب البلاغ هو ر. ك.، وهو مواطن سريلانكي وُلِد في 23 آذار/مارس 197 7 . وقد رفضت الدولة الطرف طلب اللجوء الذي قدمه؛ وهو يدعي أن إعادته إلى سري لانكا ستشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف لحقوقه المكفولة بموجب المواد 3 و 14 و 16 من الاتفاقية. وقد أصدرت الدولة الطرف الإعلان المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 22 من الاتفاقية في 2 كانون الأول/ديسمبر 198 6 . وتمثل صاحب البلاغ محامية.
1 - 2 وفي 2 أيلول/سبتمبر 2019 ، قررت اللجنة، عملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، وعن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة وتدابير الحماية المؤقتة، أن تطلب اتخاذ تدابير مؤقتة.
الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ
2 - 1 صاحب البلاغ من التاميل وأصله من ثيرونلفلي ، في مقاطعة جافنا، الواقعة في المحافظة الشمالية لسري لانكا. وهو يقول إنه اعتُقِل واحتُجِز في عام 2000 عقب اعتقال أخيه الأكبر في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1999 ( ) . ويدعي أيضاً أنه احتُجِز في معسكر تعرض فيه لتعذيب شديد أثناء استجوابه. وأُطِلق سراحه في اليوم نفسه، ولكن كان عليه أن يبقى تحت تصرف السلطات لمدة ثلاثة أشهر. وفي وقت لاحق من ذلك العام، عاد الوضع إلى طبيعته العادية نتيجة لمحادثات السلام، وأُفرِج عن أخيه الأكبر وتمكن صاحب البلاغ من فتح ورشة خياطة بالقرب من قاعدة عسكرية في ثيرونلفيلي . ويذكر صاحب البلاغ أنه طُلِب منه في عام 2002 أن يصنع أعلام تاميل بونغو . ولما كان يتعاطف مع نمور تحرير تاميل إيلام وتاميل بونغو ، فقد قبل أن يفعل ذلك بمقابل.
2 - 2 وفي عام 2005 ، انفجرت قنبلة في القاعدة العسكرية القريبة من ورشة صاحب البلاغ. ويذكر هذا الأخير أن السلطات استجوبته وعذبته بعد أن علمت أنه كان يصنع الأعلام ولأنه كان يُشتبَه في أن له صلات بنمور تحرير تاميل إيلام، بسبب أخيه الأكبر. وهو يدعي أنه تعرض لإصابات خطيرة نتيجة لهذا التعذيب وأنه لم يعد قادراً على مد ذراعه، في جملة أمور أخرى. وخوفاً من التعرض لمزيد من سوء المعاملة ، أغلق ورشته وغادر ثيرونلفلي . وبين عامي 2005 و 2011 ، غير مكان إقامته عدة مرات، في منطقة جافنا. ويضيف صاحب البلاغ أن ابن أخيه ألقي عليه القبض في عام 2008 وأبلغ لاحقاً عن اختفائه، ولهذا السبب اختبأ لفترة طويلة، خوفاً من أن يكون هو الفرد التالي في هذه الأسرة الذي يلقى هذا المصير.
2 - 3 وبعد انتهاء الحرب في عام 2009 ، افتتح صاحب البلاغ ورشة خياطة أخرى، هذه المرة بالقرب من جامعة جافنا. وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 ، وهو يوم إحياء ذكرى مقاتلي حركة نمور تحرير تاميل إيلام الذين قتلوا في تاميل إيلام، نظم طلاب الجامعات مظاهرة في الحرم الجامعي واجهتها السلطات بقمع عنيف. ويذكر صاحب البلاغ أن منظم المظاهرة اختبأ في ورشته وأن أشخاصاً يرتدون ملابس مدنية دخلوا أيضاً وضربوه ضرباً مبرحاً. وحاول صاحب البلاغ التدخل ولكن الأشخاص المشار إليهم منعوه من ذلك. وبعد ذلك بوقت قصير، غادر هؤلاء الأشخاص تاركين الضحية مصابة بجروح خطيرة على الأرض. وحاول صاحب البلاغ أن يقدم شكوى إلى دورية تابعة للجيش، لكن الجنود أمروه أن يصمت. وهو يقول إن هذه هي المرحلة التي أدرك فيها أن الأشخاص الذين هاجموا الطالب في ورشته كانوا على الأرجح من إدارة التحقيقات الجنائية. ويدعي صاحب البلاغ أن أفراداً من الإدارة اختطفوه في اليوم التالي، أي في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 201 2 . واقتاده شخصان على متن دراجة نارية إلى مكان مجهول، حيث سألوه مراراً وتكراراً عن سبب اختباء الطالب في ورشته. وسألوه أيضاً عن مكان شقيقه الذي اختفى. واتهموه بدعم نمور تحرير تاميل إيلام من خلال نقل رسائل إلى الحركة وصنع الأعلام. ويقول صاحب البلاغ إنهم ضربوه بالعصي وجردوه من ملابسه وأساؤوا معاملته على مستوى أعضائه التناسلية. ويدعي أنه فقد وعيه عدة مرات. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه لا يزال يعاني من ندوب جسدية ونفسية جراء هذا التعذيب. وقال إنه أُطلِق سراحه في اليوم التالي بشرط أن يحتفظ بورشته وأن يصبح مخبراً لإدارة التحقيقات الجنائية، فيراقب أنشطة الطلاب الذين يدعمون نمور تحرير تاميل إيلام. ويضيف صاحب البلاغ أن موظفي الإدارة منعوه من تقديم شكوى أو الاتصال بالمنظمات غير الحكومية، وهددوه بالقتل.
2 - 4 ويذكر صاحب البلاغ أنه قرر منذ تلك اللحظة أن يفر من بلده، لكنه لم يكن لديه ما يكفي من المال ولم يتمكن من الاتصال بالمهربين. ويدعي أيضاً أن إدارة التحقيقات الجنائية وضعته تحت مراقبة صارمة وتعرض باستمرار لمضايقة العملاء الذين كانوا يأتون بانتظام إلى ورشته ليطلبوا منه معلومات عن أنشطة الطلاب الذين يدعمون نمور تحرير تاميل إيلام. ويذكر صاحب البلاغ أن الإدارة كثفت مراقبتها اعتباراً عام 2015 ، وأجرت معه مقابلات منتظمة. وكان يبلغ العملاء بقدوم الطلاب إلى ورشته، دون تزويدهم بكثير من التفاصيل. وكان يفترض أن العملاء يعرفون أنه لا يخبرهم بالحقيقة كاملة، لذلك عجَّل بتنظيم فراره. وفي نهاية المطاف، تمكن من الاتصال بمهرب في كولومبو أعطاه جواز سفر مزوراً ذهب به في رحلة جوية إلى الدوحة في 24 كانون الثاني/يناير 201 6 .
2 - 5 وفي اليوم نفسه، وصل صاحب البلاغ إلى سويسرا وقدم طلب لجوء في 8 شباط/فبراير 201 6 . ويدعي أنه، في 18 شباط/فبراير 2016 ، كان موضوع جلسة استماع بشأن بياناته الشخصية في مركز التسجيل. وذكر أنه كان ضحية لضروب تعذيب متعددة. وفي 28 آب/أغسطس 2018 ، استجوب موظف في أمانة الدولة للهجرة صاحب البلاغ بشأن الأسباب التي دفعته إلى طلب اللجوء.
2 - 6 ويدعي صاحب البلاغ أن جثة أخيه الأصغر عُثِرَ عليها في 26 تموز/يوليه 2016 على ضفاف بحيرة، وكانت بادية عليها آثار التعذيب؛ فعلى سبيل المثال، لم تبق لديه سوى عين واحدة. ويقول إن تقرير تشريح الجثة، الذي ذكر أن الوفاة كانت بسبب حادث، تقرير كاذب، مثلما أشار أحد المقالات في الصحافة المحلية.
2 - 7 ورفضت أمانة الدولة للهجرة طلب اللجوء الذي قدمه صاحب البلاغ في 3 كانون الأول/ ديسمبر 201 8 . ولم يشكك القرار في مصداقية ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بالحوادث التي وقعت في الأعوام 2000 و 2005 و 2012 المتصلة بادعاءات تعرضه للتعذيب. ومع ذلك، رأت أمانة الدولة أنه لا توجد علاقة سببية زمنية بين هذه الحوادث ومغادرة صاحب البلاغ، التي كانت في عام 2016 ، أي بعد أربع سنوات من آخر الأحداث المزعومة. ولاحظت أمانة الدولة أن صاحب البلاغ لم يشر إلى أي حادث ملموس وقع بعد عام 2012 واعتبرت أن الاستجوابات التي يزعم أن ضباط إدارة التحقيقات الجنائية أجروها ليست كافية، من حيث شدتها، لاستنتاج أن صاحب البلاغ معرض لأضرار جسيمة في حال إعادته. وأشارت أمانة الدولة أيضاً إلى أنه لا يبدو لا من أقوال صاحب البلاغ ولا من الملف أنه قد يلفت انتباه السلطات السريلانكية في حال إعادته.
2 - 8 وقدم صاحب البلاغ في 4 كانون الثاني/يناير 2019 طعناً في قرار أمانة الدولة للهجرة أمام المحكمة الإدارية الاتحادية. واعترض على استنتاج أمانة الدولة فيما يتعلق بعدم وجود علاقة سببية بين الاضطهاد الذي تعرض له وأسباب فراره، محتجاً بأن مضايقة إدارة التحقيقات الجنائية ينبغي أن توصف بأنها شديدة بما يكفي. وبالإضافة إلى ذلك، احتج، في جملة أمور، بأن جلسة الاستماع المتعلقة بأسباب لجوئه التي أجراها موظف في أمانة الدولة لم تسر على ما يرام بسبب أوجه القصور والتصريحات غير اللائقة التي أدلى بها هذا الأخير ومنعته من إثبات الأسباب التي دفعته إلى الفرار في عام 201 6 . وفي 11 شباط/فبراير 2019 ، رفضت المحكمة طعن صاحب البلاغ، مؤكدة الاستنتاجات التي توصلت إليها أمانة الدولة بش أ ن عدم وجود علاقة سببية زمنية بين أحداث 2000 و 2005 و 2012 ومغادرة صاحب البلاغ في عام 201 6 . وأكدت المحكمة أيضاً أن صاحب البلاغ ليس معرضاً لخطر التعذيب في حال إعادته لأنه لم يكن يخضع لمراقبة السلطات السريلانكية. وأخذت المحكمة في اعتبارها أن صاحب البلاغ استطاع إدارة ورشته إلى أن غادر البلد، ورأت أنه ما دامت السلطات كانت تعرف مكان وجوده، وبالنظر إلى الادعاءات التي تفيد بأن عملاء إدارة التحقيقات كانوا يستجوبونه باستمرار، فقد كان بإمكانها أن تلقي القبض عليه دون عناء لو كانت لها أي مصلحة خاصة في ذلك. ورأت المحكمة أيضاً أن صاحب البلاغ قد أتيحت له فرصة كافية لعرض أسباب فراره وأن طريقة استجواب الموظف لا تستدعي الانتقاد. وبدلاً من ذلك، اعتبرت المحكمة أن إجابات صاحب البلاغ كانت دائماً لا تمت بصلة للأسئلة المطروحة عليه.
2 - 9 وفي 19 آذار/مارس 2019 ، قدم صاحب البلاغ طلباً لإعادة النظر في طلب اللجوء الخاص به استناداً إلى شهادة طبية جديدة يدعي فيها أنه عانى من عدة صدمات جسدية ونفسية بسبب التعذيب الذي تعرض له والضغوط النفسية التي مارسها عليه عملاء إدارة التحقيقات الجنائية ( ) . وذكر صاحب البلاغ أن هذه الشهادة تثبت أنه تعرض لضغوط نفسية لا تطاق من جانب السلطات السريلانكية، بما في ذلك إدارة التحقيقات الجنائية، مما يدل على أنه كان تحت مراقبة السلطات حتى مغادرته في عام 201 6 . وفي 16 نيسان/أبريل 2019 ، أبلغ صاحب البلاغ أمانة الدولة للهجرة بأن طبيبه النفسي أحاله إلى مركز للأمراض النفسية نظراً لخطورة حالته الصحية ( ) . وطلب أيضاً أن تُجرى عليه خبرة نفسية. وفي 1 أيار/مايو 2019 ، رفضت أمانة الدولة طلب إعادة النظر الذي قدمه، معتبرة أن من غير الممكن النظر في المشاكل الطبية لصاحب البلاغ بمعزل عن مجرى إجراءات اللجوء، لا سيما أن الشهادة الطبية المقدمة تفيد بأن صاحب البلاغ لم يتلق أي علاج من قبل، على الرغم من أنه كان يعاني من بعض الأعراض منذ عام 201 7 . وبالإضافة إلى ذلك، أشارت أمانة الدولة إلى أن صاحب البلاغ سيتمكن من تلقي العلاج الذي يحتاجه في بلده الأصلي.
2 - 10 وطعن صاحب البلاغ في قرار أمانة الدولة للهجرة أمام المحكمة الإدارية الاتحادية في 16 أيار/مايو 201 9 . وفي 27 حزيران/ يونيه 2019 ، رفضت المحكمة الطعن، وخلصت إلى أن إعادته إلى سري لانكا لن تشكل معاملة لا إنسانية أو مهينة أو انتهاكاً لحقه في إعادة التأهيل، وأن بإمكان صاحب البلاغ أن يحصل على الرعاية اللازمة هناك. وبالإضافة إلى ذلك، أشارت المحكمة إلى أن الأدلة المقدمة - أي الشهادة الطبية – أتت متأخرة؛ ورغم ذلك، استعرضتها المحكمة وخلصت إلى أنها لا يمكن اعتبارها حاسمة. فمن جهة، سبق أن اعتبرت الأحداث التي استندت إليها ذات مصداقية أثناء إجراءات اللجوء. ومن جهة أخرى، لم تنص الشهادة الطبية على أن صاحب البلاغ قد تعرض لضغوط نفسية نتيجة لتعاونه القسري مع إدارة التحقيقات الجنائية في السنوات التي سبقت مغادرته. وعلاوة على ذلك، فحتى لو أخذت الاستنتاجات التي توصل إليها الطبيب في الاعتبار، فإنها ليست كافية لإثبات أسباب الإجهاد اللاحق للصدمة ( ) .
الشكوى
3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن ترحيله إلى سري لانكا سيعرضه لخطر حقيقي بأن يُعامل معاملة تتنافى وأحكام المادة 3 من الاتفاقية. ويدعي أن سلطات الدولة الطرف لم تقيم كما ينبغي خطر سوء المعاملة الذي سيواجهه إن أعيد إلى سري لانكا، وأن السلطات السريلانكية ستستهدفه من جديد بسبب صلاته المزعومة بنمور تحرير تاميل إيلام. وبالإضافة إلى ذلك، يذكر أن السلطات السريلانكية مارست عليه ضغوطاً نفسية وأرغمته على العمل كمخبر لها بين اعتقاله الأخير في عام 2012 وفراره في عام 201 6 . ويؤكد أن سلطات الدولة الطرف لم تجر تحقيقاً جدياً وشاملاً في وضعه كضحية للتعذيب، ولا في الضغط النفسي الذي مارسته عليه السلطات السريلانكية بين عامي 2012 و 201 6 . ويذكر صاحب البلاغ أن أمانة الدولة للهجرة لم تعتبره ضحية للتعذيب ولم تحله إلى طبيب ( ) . ويذكر أيضاً أن موظف أمانة الدولة الذي أجرى المقابلة بشأن أسباب لجوئه لم يسمح له بإثبات ادعاءاته المتعلقة بالضغوط التي تعرض لها بين عامي 2012 و 201 6 . وفيما يتعلق بهذه النقطة، يؤكد أنه كان يحاول أن يوضح أنه، بالنظر إلى كل التعذيب الذي تعرض له، ولا سيما عمله كمخبر، كان يعيش في خوف دائم من التعرض للاضطهاد والتعذيب مرة أخرى، وأنه كان عليه أولاً أن يشرح ما حدث قبل ذلك التاريخ لإثبات ادعاءاته المتعلقة بالضغوط التي تعرض لها بعد عام 201 2 . غير أن موظف أمانة الدولة قاطعه في مناسبات عديدة، وأخبره بأنه لا يعتقد أن أحداث عام 2012 كانت مرتبطة بأسباب هروبه، مما أزعج صاحب البلاغ وأجهده، لدرجة أنه أجهش بالبكاء في كثير من الأحيان. وبالإشارة إلى تعليق اللجنة العام رقم 4 ( 2017 )، يشير صاحب البلاغ إلى أن تعرضه لتعذيب شديد في الماضي - وهو ما لا تعترض عليه الدولة الطرف - مؤشر على أنه يواجه خطر التعرض للتعذيب مجدداً إن طُرد إلى بلده الأصلي. ويحيل إلى عدة تقارير قطرية لدعم ادعاء أنه سيكون معرضاً لخطر الخضوع لمعاملة منافية لأحكام المادة 3 من الاتفاقية عند عودته إلى سري لانكا ( ) .
3 - 2 وعلاوة على ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أنه، إن أعيد إلى سري لانكا، سيتعرض لمزيد من الصدمات، مما يشكل معاملة تتنافى مع أحكام المادتين 3 و 16 من الاتفاقية. وهو يدفع بأن سلطات الدولة الطرف لم تأخذ في الاعتبار على النحو الواجب المعلومات التي قدمها عن حالته الصحية، ولا سيما التقرير الطبي الذي أعده الطبيب النفسي أ. أ.، والذي ذكر فيه أن صاحب البلاغ، إن رُحِّل إلى سري لانكا، سيعيش معاناة نفسية لا تطاق "وزيادة في أعراض الاكتئاب إلى حد الانتحار".
3 - 3 ويجادل صاحب البلاغ بأنه، نظراً إلى هشاشته وإلى حالته الصحية، وكذلك إلى خطر سوء المعاملة، بل التعذيب، الذي سيتعرض له في سري لانكا، سيتم استيفاء عتبة الخطورة التي تقتضيها المادة 16 من الاتفاقية في حال إعادته. وبالتالي، فإن طرده سيشكل معاملة مهينة بالمعنى المقصود في تلك المادة، كما أنه يتعارض مع مبدأ عدم الإعادة القسرية المتأصل في المادة 3 من الاتفاقية.
3 - 4 ويضيف صاحب البلاغ أنه لن يحصل في سري لانكا على الرعاية الطبية المتخصصة التي يحتاج إليها، مما يشكل انتهاكاً للمادة 14 من الاتفاقية، لأنه لن يتمكن من الاستفادة من تدابير إعادة التأهيل. ويؤكد أنه يحتاج إلى متابعة طبية مستمرة وشاملة. ويرى أن سلطات الدولة الطرف لم تأخذ في الاعتبار بما فيه الكفاية ضعفه الشديد وكان ينبغي لها أن تولي اهتماماً كافياً للخطر الحقيقي والشخصي الذي سيواجهه في حال إعادته، بدلاً من الاعتماد على معلومات عامة وعلى افتراض أن العلاجات للمصابين بصدمات نفسية ستكون موجودة في سري لانكا وأن الأدوية ستكون متاحة له. ويدعي صاحب البلاغ أن الرعاية النفسية في جافنا بعيدة كل البعد عن كونها مضمونة وأنه لا يوجد أي برنامج لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب في سري لانكا ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أنه لن يجرؤ على التماس العلاجات الطبية اللازمة، لأنه قد يلفت يجلب إلى نفسه. وفي هذا الصدد، يحيل إلى تقرير صادر عن المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين يشير إلى وجود خطر قيام الموظفين الطبيين بإبلاغ الشرطة عن ضحايا التعذيب ( ) .
ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية
4 - 1 قدمت الدولة الطرف، في 27 شباط/فبراير 2020 ، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وهي تؤكد أنه ينبغي إعلان عدم قبول هذا البلاغ لعدم استناده بشكل واضح إلى أي أساس. وفي حال ارتأت اللجنة أن البلاغ مقبول، فإن الدولة الطرف تؤكد أنه لا يستند إلى أسس موضوعية.
4 - 2 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثبت، دعماً لادعائه بموجب المادة 3 من الاتفاقية، أن الوقائع الموصوفة أعلاه تثير مسائل منفصلة بموجب المادة 16 من الاتفاقية، على اعتبار أن ادعاءاته بموجب هذه المادة تدخل في نطاق الادعاءات التي قدمها بشأن حالته الشخصية ( ) . ومن ثم، فإن صاحب البلاغ لم يثبت ادعاءه بموجب المادة 16 من الاتفاقية لأغراض المقبولية.
4 - 3 وفيما يتعلق بالادعاءات المتعلقة بالمادة 3 من الاتفاقية، تدفع الدولة الطرف بأن اللجنة أوضحت العناصر الواردة في هذه المادة في تعليقها العام رقم 4 ( 2017 )، الذي ينص على أن أصحاب البلاغات يجب أن يثبتوا وجود خطر شخصي وقائم وجدي بالتعرض للتعذيب في حال طردهم إلى بلدهم الأصلي. وتحيل الدولة الطرف إلى الفقرة 49 من هذا التعليق العام، التي تشير فيها اللجنة إلى العناصر التي يمكن أخذها في الاعتبار عند تحديد هذا الخطر. ثم تجري الدولة الطرف تحليلاً لهذه العناصر في هذه القضية.
4 - 4 وتؤكد الدولة الطرف أن وجود مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان لا يشكل سبباً كافياً لاستنتاج أن الفرد سيتعرض للتعذيب عند عودته إلى بلده، وتضيف أنه يجب أن تكون هناك أسباب إضافية لوصف الخطر بأنه شخصي وقائم وجدي. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم في هذه القضية أية عناصر تسمح باستنتاج أنه سيواجه هذا الخطر في سري لانكا. وتحيل الدولة الطرف إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بحالات الإعادة إلى سري لانكا، وتذكر بأن المادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) لا تؤخذ في الاعتبار إلا عندما يكون صاحب البلاغ قادراً على إثبات وجود أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون من الأهمية للسلطات السريلانكية بحيث يُحتمَل أن تحتجزه تلك السلطات وتستجوبه عند عودته. وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثبت أن السلطات السريلانكية مهتمة به على هذا النحو، حسبما ورد في قراري أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية. وتشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة لاحظت أن صاحب البلاغ لم يكن عضواً في حركة نمور تحرير تاميل إيلام وأن نشاطه في هذه المنظمة اقتصر على صنع الأعلام في عامي 2004 و 2005 ، مما أدى إلى استنتاج أنه لم تكن له صلة وثيقة بهذه المنظمة. وبالمثل، فإن الأخ الأكبر لصاحب البلاغ، الذي يقيم في سويسرا، وفقاً لأقوال صاحب البلاغ نفسه، لم يكن عضواً في نمور تحرير تاميل إيلام. وبالإضافة إلى ذلك، لم يكن صاحب البلاغ ناشطاً سياسياً في المنفى، ولم تتخذ أي إجراءات قانونية ضده في سري لانكا. وتشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة لاحظت أن قدوم صاحب البلاغ من شمال البلد لا يشكل في حد ذاته خطراً لأن معظم السريلانكيين العائدين إلى البلد يأتون من هذه المنطقة.
4 - 5 وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن صاحب البلاغ قدم بالفعل هذه الحجج أمام السلطات الوطنية وأنه لا يشير إلى مواطن الخطأ في استنتاجات هذه السلطات. ولم تشكك أمانة الدولة للهجرة ولا المحكمة الإدارية الاتحادية في مصداقية ادعاءاته المتعلقة بالحوادث التي وقعت في الأعوام 2000 و 2005 و 201 2 . ولهذا السبب، لم يكن عليهم إخضاعها لمزيد من الفحص. غير أن أمانة الدولة والمحكمة خلصتا إلى أنه، نظراً لعدم وجود علاقة سببية زمنية بين هذه الحوادث ومغادرة صاحب البلاغ لسري لانكا، فإنه لا يمكن اعتبار أن هذا الأخير سيتعرض لخطر التعذيب أو سوء المعاملة إن هو أعيد إلى بلده. والواقع أن صاحب البلاغ بقي في بلده الأصلي حتى عام 2016 ، أي بعد أكثر من سبع سنوات من انتهاء الحرب وأربع سنوات من آخر الحوادث المزعومة. وذكر فقط، خلال جلسات الاستماع، أنه بعد عام 2012 لم يتم اعتقاله أو تعذيبه، بل تم استجوابه عدة مرات فقط في ورشته. وتشير الدولة الطرف إلى أن السلطات المحلية خلصت إلى أن هذه الاستجوابات ليست كافية، من حيث شدتها، لتستنتج أنه سيتعرض لخطر "ضرر جسيم" في حال إعادته إلى بلده. وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأنه لو كان لدى السلطات السريلانكية اهتمام خاص بصاحب البلاغ، لكانت قد اتخذت تدابير ملموسة ضده في الفترة التي سبقت مغادرته. وتقول إن المحكمة لاحظت كذلك أن صاحب البلاغ عاش في ثيرونلفيلي حتى مغادرته، مما يشكل عنصراً يسمح باستنتاج أنه لن يتعرض لخطر التعذيب في حال إعادته. وبالمثل، فإن والدة صاحب البلاغ وزوجته وأطفاله كانوا لا يزالون يعيشون هناك وقت صدور قرار المحكمة. وعلاوة على ذلك، ترى الدولة الطرف أن مغادرة صاحب البلاغ لبلده الأصلي بجواز سفره الخاص يشكل دليلاً إضافياً على أنه ينبغي ألا يخشى الملاحقة.
4 - 6 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بشأن أخيه الأصغر، تلاحظ الدولة الطرف أن أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية ذكّرتا بأن تقرير تشريح الجثة خلص إلى أن الوفاة نتجت عن حادث؛ ومن ثم، ترى أن ادعاءات صاحب البلاغ بأن السلطات السريلانكية قتلته لا أساس لها من الصحة. وفيما يتعلق بالادعاءات المتعلقة بالشهادة الطبية التي تفيد بأن ندوب صاحب البلاغ متطابقة مع ادعاءاته المتعلقة بالتعرض للتعذيب، تدفع الدولة الطرف بأن ذلك لا يغير من الأمر شيئاً لأنه كان من الممكن توقع أن يغادر صاحب البلاغ فوراً بعد هذه الحوادث، ولكنه لم يحدث.
4 - 7 وتحيط الدولة الطرف علماً بما أكدته المحكمة الإدارية الاتحادية في قرارها المؤرخ 27 حزيران/يونيه 2019 من أن الشهادة الطبية المقدمة دعماً للطلب الذي قدمه صاحب البلاغ بغية إعادة النظر في طلب اللجوء لا يمكن اعتبارها حاسمة لأن الأحداث التي استندت إليها قد اعتُبِرت بالفعل ذات مصداقية أثناء إجراءات اللجوء، من ناحية، ولأن الشهادة المعنية لم تشهد بأن صاحب البلاغ تعرض لضغوط نفسية بسبب تعاونه القسري مع السلطات في السنوات السابقة لمغادرته.
4 - 8 وفيما يتعلق بحجة صاحب البلاغ بأنه لم يتمكن من التحدث في جلسات الاستماع أمام أمانة الدولة للهجرة، تدفع الدولة الطرف بأنه حتى لو كان صحيحاً أن الشخص الذي استجوب صاحب البلاغ قاطعه عدة مرات، فقد كان من حقه أن يدير جلسة الاستماع بهدف إثبات الوقائع ذات الصلة بطلب اللجوء على أفضل وجه ممكن. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ جرى استجوابه عدة مرات عن أسباب مغادرته وأن انتباهه وُجِّه إلى أن الصلة بين الأحداث المزعومة ومغادرته ليست واضحة. ومع ذلك، فقد ابتعد عن الموضوع أو كرر ما قاله من قبل. وبالإضافة إلى ذلك، أكد بتوقيعه أنه قال كل ما يعتبره أساسياً لطلب اللجوء الذي قدمه.
4 - 9 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بحالته الصحية، تدفع الدولة الطرف بأن المحكمة الإدارية الاتحادية نظرت فيها في قرارها الصادر في 27 حزيران/يونيه 2019 ، وخلصت إلى ما يلي: (أ) أن صاحب البلاغ لم يثر المشاكل النفسية بالمستوى المزعوم إلا أثناء إجراءات المراجعة، وأنه لم يلتمس المساعدة النفسية لأول مرة إلا في عام 2019 ، أي بعد مضي ثلاث سنوات على وصوله إلى الدولة الطرف؛ (ب) أن المشاكل الصحية لصاحب البلاغ يمكن أن تعالج في سري لانكا، وأن الدولة ستمول العلاج من حيث المبدأ، وحتى في حال عدم وجود نظام صحي في ولاية جافنا، فإن العلاج الممكن للاضطرابات العقلية لصاحب البلاغ سيكون متاحاً من خلال العلاج في العيادات الخارجية الذي يقدمه عدد قليل من المستشفيات في المنطقة أو في إطار العلاجات الجماعية التي تقدمها المنظمات غير الحكومية. وعلاوة على ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن أمانة الدولة للهجرة لم تحدد صاحب البلاغ كضحية للتعذيب بسبب التأخير الطويل بين أعمال التعذيب ومغادرته سري لانكا، وكذلك بسبب طول الفترة التي لم يلتمس خلالها المساعدة فيما يتعلق بمشاكل صحته العقلية. وفيما يتعلق بالشهادات الطبية التي قدمها صاحب البلاغ دعماً لشكواه، تدفع الدولة الطرف بأنها لا تفضي إلى استنتاجات جديدة أو إلى افتراض حدوث تدهور خطير في حالته الصحية. وبالإضافة إلى ذلك، تؤكد من جديد أن صاحب البلاغ لم يثبت وجود علاقة سببية بين الأحداث التي تتعلق بها الشهادات والمشاكل النفسية الكبيرة التي يدعيها في سياق طلب إعادة النظر الذي قدمه.
4 - 10 وبالتالي، تخلص الدولة الطرف إلى أن إعادة صاحبة البلاغ إلى سري لانكا لن تشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية. وبالمثل، إذا اعتبر ادعاء انتهاك المادة 16 مقبولاً، فإنه لا يستند إلى أي أساس من الصحة للأسباب المبينة أعلاه.
4 - 11 وفيما يتعلق بالمادة 14 من الاتفاقية، تؤكد الدولة الطرف أن لها هامشاً من التقدير من أجل تحقيق هدف استعادة كرامة الضحية ( ) . فلا الاتفاقية ولا تعليق اللجنة العام رقم 3 ( 201 2 ) يستبعد، على سبيل المثال، تعاون الدول الأطراف. والأمر الأساسي هو أن ضحايا التعذيب يجب أن يُمنحوا إمكانية الاستفادة من برامج لإعادة التأهيل في أسرع وقت ممكن بعد تقييم يجريه أخصائيون طبيون مستقلون ومؤهلون ( ) . ويجب، بالتأكيد، إشراك الضحية في اختيار مقدِّم الخدمة، ولكن دون أن يكون له الحق في الحصول في الدولة التي يختارها على تدبير محدد في مؤسسته المفضلة. وبناءً على ذلك، تخلص الدولة الطرف إلى عدم وجود انتهاك للمادة 14 من الاتفاقية.
تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف
5 - 1 في 4 أيار/مايو 2020 ، قدّم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. وهو يؤكد فيها بأنه سيكون معرضاً لخطر متوقع وقائم وشخصي وحقيقي بأن يخضع للتعذيب أو سوء المعاملة إن هو رُحِّل إلى بلده الأصلي.
5 - 2 ويحيل صاحب البلاغ، فيما يتعلق بادعاءاته بموجب المادة 16 من الاتفاقية، إلى تعليق اللجنة العام رقم 2 ( 2007 )، الذي جاء فيه أن الالتزام بمنع التعذيب المكرس في المادة 2 والالتزام بمنع المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة غير قابلين للتجزئة ومترابطان ومتشابكان، وأن التجربة تبين أن الظروف التي تؤدي إلى سوء المعاملة كثيراً ما تؤدي إلى التعذيب؛ ولذلك فإن التدابير اللازمة لمنع التعذيب يجب أن تنطبق أيضاً على منع سوء المعاملة ( ) . وخلص صاحب البلاغ إلى أنه يبدو من المناسب في هذه القضية الاحتجاج بحدوث انتهاك لكل من المادتين 3 و 16 ، وأنه يبدو من الصعب تبرير إعلان أن الادعاء بموجب المادة 16 من الاتفاقية غير مقبول منذ البداية.
5 - 3 ويدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تجر دراسة متعمقة لحالة حقوق الإنسان في سري لانكا، وكذلك فيما يتعلق بالعوامل الفردية المتصلة بحالة صاحب البلاغ. وفيما يتعلق بالحالة في سري لانكا، يؤكد صاحب البلاغ أنها تغيرت تغيراً كبيراً، ولا سيما منذ الانتخابات الرئاسية لعام 2019 ( ) . وهو يوضح أن الوضع السياسي تغير تغيراً كبيراً بعد هذه الانتخابات وبدأت العواقب السلبية على حقوق الإنسان في البلد تظهر بالفعل. وفي هذا الصدد، يحيل إلى تقرير صادر عن المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين ( ) يفيد بأن التاميل العائدين إلى البلد بعد إقامتهم في الغرب يخضعون لمراقبة مشددة من جانب قوات الأمن، التي تشتبه فيهم بوجه خاص. وتفيد التقارير بأن هؤلاء الأفراد يُستجوَبون بصورة منهجية لدى وصولهم إلى المطار لتحديد ما إذا كانت لهم أي صلة بنمور تحرير تاميل إيلام قبل مغادرتهم البلد. وفي وقت لاحق، تقوم الشرطة بزيارة مكان إقامتهم. وبالمثل، يرى صاحب البلاغ أن حكومة سري لانكا تتجه بشكل متزايد نحو الاستبداد، وقد أرسيت ثقافة جديدة لإفلات قوات الأمن من العقاب ( ) .
5 - 4 ويشدد صاحب البلاغ، فيما يتعلق بحالته، على أن الدولة الطرف لم تشكك في ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب الذي تعرض له في الأعوام 2000 و 2005 و 2012 ، ويؤكد أن هناك علاقة سببية بين هذه الأحداث ومغادرته لبلده الأصلي. ويرى صاحب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف لم تتخذ تدابير التحقيق اللازمة لإثبات الوقائع ذات الصلة بدقة وبشكل كامل بشأن ما دفعه إلى الفرار من بلده الأصلي. ويدعي أن أحداث الأعوام 2000 و 2005 و 2012 تكتسي أهمية أساسية لفهم أسباب فراره، فضلاً عن وضعه الحالي المتمثل في الخوف من الاضطهاد. بيد أن الدولة الطرف أشارت إلى أنه لا حاجة إلى فحصها فحصاً شاملاً، رغم أنه قدم قرائن وأدلة عديدة تشرح ظروف الضغط النفسي الذي لا يطاق الذي مارسه عليه موظفو حكومة سري لانكا. ولهذا السبب، يخضع لفحص طبي شرعي وفقاً لمعايير بروتوكول اسطنبول ( ) . ويدفع صاحب البلاغ بأن التقرير المقدم نتيجة لهذا الفحص دليل ذو طابع طبي ومصدر مستقل بالمعنى المقصود في الفقرة 49 (ج) من تعليق اللجنة العام رقم 4 ( 201 7 ).
5 - 5 ويلاحظ صاحب البلاغ أن التقرير يؤكد أن ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة متطابقة مع نتائج الفحوص البدنية والنفسية التي أجريت عليه. وبالمثل، يقول صاحب البلاغ إن التقرير يؤكد ادعاء أنه لم يتمكن من مغادرة البلد على وجه السرعة بسبب الضغوط التي تعرض لها من ضباط إدارة التحقيقات الجنائية الذين أجبروه، اعتباراً من عام 2012 ، على التعاون معهم، مهددين إياه بقتل أفراد أسرته إن لم يتعاون معهم. وعلاوة على ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف لم تنظر على نحو كاف في عواقب وفاة أخيه الأصغر، وهو ما يؤكده، حسب قوله، التقرير الذي يذكر أن الشعور بالذنب لمقتل أخيه يجب أن يفسر على أنه أحد أعراض الإجهاد اللاحق للصدمة. وبالفعل، يذكر صاحب البلاغ أن وفاة أخيه تنطوي على عبء كبير بالنسبة إليه لأنه مقتنع بأنه قتل لأن صاحب البلاغ توقف عن التعاون مع إدارة التحقيقات الجنائية وأن هذه الأخيرة نفذت بذلك التهديد الذي وجهته إليه عندما تعرض للتعذيب في عام 201 2 . ويكرر صاحب البلاغ حججه بشأن سير جلسة الاستماع أمام أمانة الدولة للهجرة، ويضيف أن التقرير يؤكد أنه لم يجب على أسئلة الموظف بالطريقة التي رغب فيها هذا الأخير لأن أعمال التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها كان لها أثر سلبي على قدرته على السرد ( ) ، وهو ما تعترف به اللجنة ( ) . وكان من شأن تحديد صاحب البلاغ كضحية للتعذيب أن يمكن من تكييف طريقة إدارة جلسة الاستماع وفقاً لقدرة صاحب البلاغ على السرد، على النحو الموصى به في بروتوكول اسطنبول.
5 - 6 وعلاوة على ذلك، يذكر صاحب البلاغ أنه لا يمكن استبعاد أن يكون اسمه قد أُدْرِج في قائمة للمراقبة لأنه تعرض للتعذيب بسبب روابطه الأسرية (شقيقه الأكبر، المعترف به كلاجئ في سويسرا) والروابط الاقتصادية (صنع الأعلام) مع نمور تحرير تاميل إيلام، مما ينطبق أيضاً على الفترة من 2012 إلى 2016 ، التي تعاون خلالها مع إدارة التحقيقات الجنائية. ويدعي صاحب البلاغ أن عدم تعرض أسرته لمشاكل يرجع إلى صغر سن أبنائه نسبياً. وبالإضافة إلى ذلك، ليس لديه جواز سفر ساري المفعول. ويقول صاحب البلاغ إنه أبلغ السلطات السويسرية بأن المهرب الذي رتب فراره زوده بجواز سفر مزور. وهو يحيط علماً بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأنه غادر بلده بجواز سفره ويشير إلى أنه حتى لو كان ذلك صحيحاً، فإن صلاحية جواز السفر المذكور كانت قد انتهت، لأنه صدر في عام 2009 وكان صالحاً لمدة عشر سنوات. ويضاف إلى ذلك كله أن هناك ندوباً كبيرة على ذراعي صاحب البلاغ وساقيه ( ) ، مما قد يثير انتباه السلطات السريلانكية.
5 - 7 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن المهلة الطويلة بين أعمال التعذيب والمغادرة من سري لانكا والفترة الطويلة التي بقي خلالها صاحب البلاغ في بلده وسويسرا دون علاج نفسي تسمح بتبرير عدم تحديد صاحب البلاغ كضحية للتعذيب، يقول صاحب البلاغ إن هذه الحجة غير وجيهة. ويدفع بأن اعتراف الدولة الطرف بأنه كان ضحية للتعذيب وسوء المعاملة (أحداث الأعوام 2000 و 2005 و 2012 )، مع اعتبار أن من غير الضروري أخذ ذلك في الحسبان في إجراءات اللجوء، ينطوي على تناقض ويشكل انتهاكا لالتزاماتها الدولية وقد كانت لها عواقب سلبية للغاية على صاحب البلاغ. وبالفعل، يترتب على ذلك أن الوقائع المتعلقة بالفترة من 2012 إلى 2016 ، فضلاً عن الوقائع ذات الصلة المتعلقة بالوضع الشخصي لصاحب البلاغ، قد تم إثباتها بشكل غير دقيق وغير كامل. ولهذا السبب، أخطأت السلطات السويسرية في استبعاد وجود خطر تعرض صاحب البلاغ للتعذيب وسوء المعاملة في حال إعادته إلى بلده.
5 - 8 وعلاوة على ذلك، يذكر صاحب البلاغ أن إلقاء اللوم عليه لعدم ذكر مشاكله النفسية في وقت مبكر من إجراءات اللجوء، فضلاً عن عدم التماسه العلاج النفسي في وقت سابق، ينم عن جهل لواقع ضحية التعذيب والصعوبات التي يواجهها . ويكرر صاحب البلاغ أنه لم تتح له أي إمكانية لالتماس الدعم النفسي في بلده الأصلي لأنه كان تحت مراقبة إدارة التحقيقات الجنائية. وفيما يتعلق بإقامته في سويسرا، يدعي صاحب البلاغ أنه دفع أمام أمانة الدولة للهجرة بأنه يعاني من مشاكل نفسية، وأنه أوضح خلال جلسات الاستماع أنه تعرض للتعذيب وقدم أدلة على سوء حالته الصحية. ولذلك، فهو يعتبر أنه قد أدى واجبه المتمثل في تقديم أدلة كافية على مشاكله الصحية، ويرى أن الدولة الطرف هي التي يقع عليها إثبات الحقائق الطبية، وفقاً لما تقتضيه السوابق القضائية للمحكمة الإدارية الاتحادية. وعلى الرغم من كل ذلك، لم يُطلَب منه تقديم شهادة طبية. ويضيف صاحب البلاغ أنه ما كان يمكن أن يتوقع منه تقديم شهادة من هذا القبيل بمحض إرادته لأنه لم يكن يعرف إجراءات اللجوء أو اللغة. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأنه لم يتلق علاجاً نفسياً لفترة طويلة في سويسرا، يشير صاحب البلاغ إلى أن الحصول على هذا العلاج لم يكن سهلاً لأنه واجه عدة عقبات ذات طابع لغوي ومالي ولوجستي ( ) .
5 - 9 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن بإمكانه أن يتلقى العلاج في سري لانكا وأن الدولة ستدفع تكاليف العلاج، يؤكد صاحب البلاغ أنه كان ينبغي للسلطات السويسرية أن تسعى إلى تحديد العلاج الذي سيحتاج إليه بدقة، بدلاً من الإحالة إلى معلومات عامة عن توافر العلاجات النفسية في سري لانكا. ويحيل في هذا الصدد إلى التقرير الطبي المؤرخ 30 كانون الأول/ديسمبر 2020 ، الذي جاء فيه أنه سيكون من المناسب، في حالته، أن يجري علاجاً يساعد على الاستقرار، في مرحلة أولى، ثم يجري، في مرحلة ثانية ، وفقط إذا نجح في الحصول على ظروف معيشية مستقرة وآمنة، علاجاً يركز على تجاربه المؤلمة. ويؤكد صاحب البلاغ أنه لا يمكن تحقيق هذه الشروط في سري لانكا. ويستشهد بتقرير صدر عن المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين في عام 2019 وينص على أن العلاجات في سريلانكا تركز على المعالجة الدوائية، وأن الاستشارات تستغرق أحيانا أقل من خمس دقائق لكل مريض، وأنه لا يمكن إجراء أي متابعة طويلة الأجل ( ) . وعلاوة على ذلك، فالتقرير نفسه يفيد بأن العاملين الصحيين يحجمون عن معالجة ضحايا التعذيب خشية أن يصبحوا هم أنفسهم أهدافاً للسلطات السريلانكية ( ) .
5 - 10 ويكرر صاحب البلاغ، فيما يتعلق بادعاءاته بموجب المادة 14 من الاتفاقية، حججه الوارد وصفها في بلاغه الأول.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
6 - 1 ينبغي للجنة، قبل النظر في أي شكوى مقدمة في بلاغ، أن تقرر ما إذا كانت مقبولة بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تحققت اللجنة، على نحو ما تقتضيه المادة 22 ( 5 )(أ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث وليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
6 - 2 وتذكّر اللجنة بأنها لا تنظر، وفقاً للمادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية، في أي بلاغات يتقدم بها أي فرد ما لم تتحقق من أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ، في القضية محل النظر، لم تطعن في استنفاد صاحب الشكوى جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. لذا، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في هذا البلاغ بموجب المادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية.
6 - 3 وتحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ بأن سلطات الدولة الطرف لم تأخذ في الاعتبار على نحو كاف المعلومات التي قدمها عن حالته الصحية، وأنه نظراً لهشاشة حالته وارتباطها بالظروف السائدة في سري لانكا، فإن عتبة الخطورة التي تقتضيها المادة 16 من الاتفاقية قد استوفيت. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثبت أن وقائع هذه القضية تثير مسائل منفصلة بموجب المادة 16 من الاتفاقية، من حيث إ ن ادعاءاته بموجب تلك المادة تندرج في نطاق الادعاءات المقدمة بشأن حالته الشخصية دعماً لشكواه بموجب المادة 3 من الاتفاقية.
6 - 4 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة صاحب البلاغ بأنه لن يتمكن في سري لانكا من الحصول على الرعاية الطبية المتخصصة التي يحتاج إليها، مما يشكل انتهاكاً للمادة 14 من الاتفاقية، لأنه لن تتاح له إمكانية الاستفادة من تدابير إعادة التأهيل. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف بأن ما يلزم هو أن يتمكن الضحايا من بدء برنامج لإعادة التأهيل في أقرب وقت ممكن، بعد إجراء تقييم من قبل مهنيين طبيين مستقلين ومؤهلين، وهي شروط يمكن استيفاؤها في البلد الأصلي لصاحب البلاغ.
6 - 5 وتلاحظ اللجنة أن هدف صاحب البلاغ من شكواه هو تجنب ترحيله إلى سري لانكا، وتحقيقاً لهذه الغاية، فهو يدفع بأن الدولة الطرف ستنتهك التزاماتها بموجب المادة 3 من الاتفاقية إن تم الترحيل. وترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 14 و 16 من الاتفاقية ليست مستقلة، بل تشكل جزءاً من ادعاءاته المتعلقة بحالته الشخصية، التي تدعم ادعاءه بموجب المادة 3 ( ) . وترى أيضاً أن صاحب البلاغ لم يثبت أن الوقائع، كما عرضها، تثير مسائل منفصلة بموجب المادتين 14 و 16 ، وتشرع في النظر في الادعاءات المعروضة بموجب المادة 3 من الاتفاقية.
6 - 6 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لأنه يفتقر بوضوح إلى الأسس الموضوعية، إذ إن صاحب البلاغ لم يثبت وجود أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً وقائماً بالاضطهاد إذا أعيد إلى سري لانكا. وتلاحظ أن صاحب البلاغ يدعي أنه سبق أن تعرض للتعذيب وسوء المعاملة في سري لانكا، وأنه سيتعرض لخطر الاضطهاد بسبب صلاته المزعومة بنمور تحرير تاميل إيلام إن هو أعيد إلى بلده الأصلي. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم، لأغراض المقبولية، ما يكفي من الأدلة لدعم ادعاءاته بموجب المادة 3 من الاتفاقية.
6 - 7 ولما كانت اللجنة لا ترى أية عقبات أخرى تحول دون المقبولية، فإنها تعلن قبول البلاغ وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية
7 - 1 عملاً بالفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.
7 - 2 وفي هذه القضية، تتمثل المسألة المعروضة على اللجنة في تحديد ما إذا كان ترحيل صاحب البلاغ إلى سري لانكا سيشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم ترحيل أي شخص أو إعادته إلى دولة أخرى إن وُجدت أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض لخطر التعذيب.
7 - 3 ويتعين على اللجنة أن تقيّم ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن صاحب البلاغ سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب لدى عودته إلى سري لانكا. وعند تقييم هذا الخطرَ، يجب على اللجنة أن تأخذ في الحسبان جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3 ( 2 ) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. غير أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لإثبات أن شخصاً معيناً سيتعرض لخطر التعذيب عند عودته إلى ذلك البلد. فلا بد من تقديم أدلة إضافية على أن الشخص المعني سيواجه شخصياً هذا الخطر ( ) . وعلاوة على ذلك، ورغم أن الأحداث الماضية قد تكون ذات أهمية، فإن المسألة الرئيسية المطروحة على اللجنة تتلخص في معرفة ما إذا كان صاحب البلاغ معرضاً حالياً لخطر التعذيب في حال إعادته إلى سري لانكا.
7 - 4 وإن اللجنة، إذ تحيل إلى تعليقها العام رقم 4 ( 2017 )، تشير إلى أنها تقيم وجود "أسباب حقيقية" وتعتبر أن خطر التعذيب متوقع وشخصي وقائم وحقيقي إذا ما وُجدت، وقت اتخاذ قرارها، وقائع تبين أن هذا الخطر في حد ذاته سيؤثر على الحقوق التي تكفلها الاتفاقية لصاحب البلاغ في حال ترحيله. ويمكن أن تشمل عوامل الخطر الشخصي، على وجه الخصوص: (أ) الخلفية الإثنية لصاحب البلاغ؛ (ب) الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية لصاحب البلاغ أو لأفراد أسرته؛ (ج) الاعتقال أو الاحتجاز دون ضمان معاملة ومحاكمة عادلتين؛ (د) التعرض للتعذيب سابقاً؛ (د) الاحتجاز مع منع الاتصال أو أي شكل آخر من أشكال الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في البلد الأصلي؛ (ه) الهروب سراً من البلد الأصلي عقب تلقي تهديدات بالتعذيب (الفقرة 4 5 ). وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية لأي بلاغ يقدم بموجب المادة 22 من الاتفاقية، يقع على عاتق صاحب البلاغ أن يعرض حججاً يمكن الدفاع عنها، أي أن يبين بطريقة مفصلة أنه معرض شخصياً لخطر تعذيب متوقع وحقيقي وفعلي (الفقرة 38 ) ( ) . وتُذكِّر اللجنة كذلك بأنها تولي أهمية كبيرةً للاستنتاجات الوقائعية التي تقدمها أجهزة الدولة الطرف المعنية، ولكنها غير ملزمة بتلك الاستنتاجات. ويعني ذلك أن تجري اللجنة تقييماً حراً للمعلومات المتاحة لها، وفقاً للمادة 22 ( 4 ) من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية (الفقرة 5 0 ).
7 - 5 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه سيتعرض لخطر الخضوع لمعاملة تتنافى مع المادة 3 من الاتفاقية إن هو أعيد إلى سري لانكا، لأنه سيتعرض لخطر الاحتجاز والتعذيب وسوء المعاملة بسبب صلاته المفترضة بنمور تحرير تاميل إيلام. وتحيط علماً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ أنه اعتُقل واستُجوب وعُذِّب ثلاث مرات: في عام 2000 ، بعد إلقاء القبض على أخيه الأكبر؛ وفي عام 2005 ، عندما اكتشفت السلطات أنه كان يصنع أعلاماً لبونغو تاميل؛ وفي عام 2012 ، بعد الحادث الذي وقع في ورشة الخياطة الخاصة به، عندما اختبأ هناك زعيم طلابي يدعم نمور تحرير تاميل إيلام هرباً من الشرطة. وتحيط علماً كذلك بادعاء صاحب البلاغ أنه اضطر، بعد الحادث الأخير، إلى أن يصبح مخبراً لإدارة التحقيقات الجنائية فيما يتعلق بأنشطة الطلاب الذين يدعمون نمور تحرير تاميل إيلام. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ أن الإدارة المذكورة كثفت مراقبتها، اعتباراً من عام 2015 ، واستجوبته بصورة منهجية، مما دفعه إلى تكثيف الجهود من أجل تنظيم فراره من بلده الأصلي. وتلاحظ اللجنة علاوة على ذلك ادعاء صاحب البلاغ بأن السلطات السريلانكية قتلت شقيقه الأصغر في تموز/يوليه 2016 لأنه توقف عن تعاونه مع إدارة التحقيقات الجنائية عندما غادر البلد.
7 - 6 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ادعت أن السلطات المسؤولة عن النظر في طلبات اللجوء، بما فيها أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية، قد نظرت بعناية في ادعاءات صاحب البلاغ. وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن كلاً من أمانة الدولة والمحكمة خلصتا إلى أن صاحب البلاغ لم يثبت وجود أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأنه من الأهمية للسلطات السريلانكية بحيث يحتمل أن تحتجزه تلك السلطات وتستجوبه عند عودته. وتحيط اللجنة علماً أيضاً باستنتاجات المحكمة، التي لاحظت أن صاحب البلاغ لم يكن عضواً في حركة نمور تحرير تاميل إيلام وأن نشاطه في هذه المنظمة اقتصر على صنع الأعلام في عامي 2004 و 2005 ، مما أدى إلى استنتاج أنه لم تكن له صلة وثيقة بهذه المنظمة. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أي معلومات محددة عن أسباب اهتمام السلطات السريلانكية المزعوم به، علماً بأنه لا يدعي أنه كان عضواً في نمور تحرير تاميل إيلام أو مؤيداً لها ولا أنه شارك في أنشطة سياسية. وعلاوة على ذلك، تشير اللجنة إلى أن أمانة الدولة والمحكمة اعتبرتا ادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأن السلطات السريلانكية قتلت أخاه الأصغر لا أساس لها من الصحة لأن تقرير تشريح الجثة يشير إلى أن سبب الوفاة كان حادثاً.
7 - 7 وبالمثل، تشير اللجنة إلى ادعاء الدولة الطرف أنه على الرغم من أن أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية لم تشككا في مصداقية ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بالحوادث التي وقعت في الأعوام 2000 و 2005 و 2012 ، فقد خلصتا إلى أنه، في غياب سببية زمنية بين هذه الحوادث ومغادرته لسري لانكا، لا يمكن اعتبار أن صاحب البلاغ سيتعرض لخطر التعذيب أو سوء المعاملة في حال إعادته إلى بلده. وتشير اللجنة كذلك إلى ادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ بقي في بلده الأصلي حتى عام 2016 ، أي بعد مرور أربع سنوات على آخر الحوادث المزعومة، وأنه أشار فقط إلى أن إدارة التحقيقات الجنائية استجوبته عدة مرات بعد عام 201 2 . وتشير اللجنة إلى ادعاء الدولة الطرف بأن أمانة الدولة والمحكمة خلصتا إلى أن هذه الاستجوابات لم تكن كافية، من حيث شدتها، لاستنتاج أن صاحب البلاغ من المرجح أن يتعرض لأضرار جسيمة إذا أعيد إلى بلده الأصلي. وبالمثل، تشير اللجنة إلى ادعاء الدولة الطرف أنه لو كان لدى السلطات السريلانكية اهتمام خاص بصاحب البلاغ، لكانت قد اتخذت تدابير ملموسة ضده في الفترة التي سبقت مغادرته. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة ما خلصت إليه المحكمة من أن تمكن صاحب البلاغ من إدارة ورشته حتى مغادرته يدل على عدم اهتمام السلطات السريلانكية به، بالنظر إلى أنها كانت تعرف مكان الورشة وكان بإمكانها إلقاء القبض عليه في أي وقت. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ أكد خلال جلسة الاستماع أمام أمانة الدولة أنه لم يحدث له شيء بعد عام 2012 ، وأنه على الرغم من أنه أشار إلى استجوابات عملاء إدارة التحقيقات الجنائية، فإنه ركز روايته على الحوادث التي وقعت في الأعوام 2000 و 2005 و 2012 ، وكذلك على الحالة العامة في سري لانكا.
7 - 8 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أن موظف أمانة الدولة للهجرة الذي عقد جلسة الاستماع بشأن أسباب لجوئه لم يسمح له بإثبات ادعاءاته المتعلقة بالضغوط التي تعرض لها بين عامي 2012 و 2016 ، لأنه قاطعه عدة مرات، مما جعله متوتراً للغاية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف تؤكد أن صاحب البلاغ جرى استجوابه أثناء جلسة الاستماع عدة مرات عن أسباب مغادرته وأن انتباهه وُجِّه إلى أن الصلة بين الأحداث المزعومة ومغادرته لم تكن واضحة. وتلاحظ اللجنة أن تقرير جلسة الاستماع الذي قدمه صاحب البلاغ يفيد بأن موظف أمانة الدولة حاول، عدة مرات، أن يوضح لصاحب البلاغ أنه لم يجب على الأسئلة المتعلقة بالأسباب التي دفعته إلى مغادرة بلده في عام 201 6 . غير أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ كان يرد دائماً بالإشارة إلى ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب في الأعوام 2000 و 2005 و 201 2 . وتلاحظ أن موظف أمانة الدولة كان يحاول تسيير جلسة الاستماع لتحديد ما دفع صاحب البلاغ إلى الفرار من بلده في عام 2016 ، وأن أسئلته كانت وجيهة فما يخص هذا الهدف. وبالمثل، تلاحظ اللجنة أن الأسئلة كانت واضحة وأنها طُرِحت بطريقة قائمة على الاحترام.
7 - 9 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم، عقب رفض طلب اللجوء الأول الذي قدمه في عام 2018 ، طلباً لإعادة النظر على أساس تقرير طبي جديد يفيد بأنه كان يعاني من عدة صدمات بدنية ونفسية ناتجة عن التعذيب الذي تعرض له وعن الضغوط النفسية التي مارسها عليه موظفو إدارة التحقيقات الجنائية بين عامي 2012 و 201 6 . وتلاحظ أيضاً أن قرار المحكمة الإدارية الاتحادية المؤرخ 27 حزيران/ يونيه 2019 ، الذي يبت في استئناف صاحب البلاغ ضد قرار أمانة الدولة للهجرة القاضي برفض طلب إعادة النظر، يلاحظ أن الأدلة المقدمة - أي الشهادة الطبية - أتت في وقت متأخر، لكنها فحصتها على أي حال. وتلاحظ اللجنة كذلك أن المحكمة خلصت إلى أن الشهادة الطبية لا تشهد بأن صاحب البلاغ تعرض لضغوط نفسية نتيجة لتعاونه القسري مع إدارة التحقيقات الجنائية في السنوات التي سبقت مغادرته، واعتبرت أن الشهادة لا تشكك في الاستنتاج القائل بأن السلطات السريلانكية ليس لها أي اهتمام بصاحب البلاغ.
7 - 10 وفيما يتعلق بحجة صاحب البلاغ بشأن حالة صحته العقلية وكون سلطات الدولة الطرف أشارت ببساطة إلى أنه سيتمكن من الحصول على العلاج النفسي اللازم في سري لانكا، دون السعي إلى تحديد العلاج الذي سيحتاج إليه بدقة، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الإدارية الاتحادية اعتبرت أن صاحب البلاغ لم يحتج بالمشاكل النفسية بالقدر المزعوم إلا خلال إجراءات إعادة النظر، وأنه لم يلتمس علاجاً نفسياً إلا في عام 2019 ، أي بعد ثلاث سنوات من وصوله إلى سويسرا، وأن من الممكن معالجة المشاكل الصحية لصاحب البلاغ في سري لانكا، إما عن طريق علاج في العيادات الخارجية المتاح في عدة مستشفيات في منطقة جافنا أو من خلال البرامج التي تقدمها المنظمات غير الحكومية. وتلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف قامت بتحليل الأدلة التي قدمها صاحب البلاغ، حتى وإن قُدِّمت في وقت متأخر، وخلصت إلى أنه لن يتعرض لأي خطر يتعلق بحالته الصحية إن هو أعيد إلى بلده. وتلاحظ أن المحكمة أشارت حتى إلى العلاجات المتاحة في منطقة صاحب البلاغ، فضلاً عن تأكيدها لتوافر الأدوية في سري لانكا. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن التقرير المؤرخ 30 كانون الأول/ديسمبر 2020 ، الذي أُعد وفقاً لبروتوكول اسطنبول، لم يُقدَّم إلى سلطات الدولة الطرف أثناء إجراءات اللجوء.
7 - 11 وفيما يتعلق بحجة صاحب البلاغ بشأن تدهور حالة حقوق الإنسان في سري لانكا منذ انتخاب غوتابايا راجاباكسا في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 ، تلاحظ اللجنة أن الطرفين لم يقدما أي معلومات عن الحالة الراهنة للتاميل في سري لانكا، في أعقاب الأزمة الأخيرة التي أدت إلى تعيين رانيل ويكريميسينغ رئيساً للجمهورية. غير أن اللجنة تحيط علماً بالتقرير الأخير لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عن حالة حقوق الإنسان في سري لانكا، الذي يفيد بأن الوجود العسكري لا يزال هاماً، من حيث الأفراد ونقاط التفتيش والمشاركة العسكرية في أنشطة مكافحة المخدرات والزراعة والتنمية، خاصة في شمال وشرق سريلانكا ( ) . وبالمثل، تحيط اللجنة علماً بالمعلومات الواردة في التقرير نفسه ومفادها أن دوائر الاستخبارات والجيش والشرطة تواصل رصد وترهيب ومضايقة الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأسر المختفين والأشخاص المشاركين في مبادرات إحياء الذكرى، ولا سيما في شمال البلد وشرقه ( ) . وتحيل اللجنة إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الخامس لسري لانكا، التي أعربت فيها عن قلقها البالغ إزاء المعلومات التي تفيد بأن قوات أمن الدولة، ولا سيما الشرطة، استمرت في ارتكاب عمليات اختطاف وتعذيب وسوء معاملة في مناطق كثيرة من البلد بعد انتهاء النزاع مع نمور تحرير تاميل إيلام في أيار/مايو 2009 ( ) . وتحيل أيضاً إلى تقارير صادرة عن منظمات غير حكومية بشأن ضروب سوء المعاملة التي تمارسها السلطات على الأشخاص الذين تتم إعادتهم إلى سري لانكا ( ) . غير أن اللجنة تذكر بأن وجود خطر عام بالتعرض للعنف في بلد ما لا يسمح في حد ذاته باستنتاج أن هذا الشخص أو ذاك سيكون معرضاً لخطر التعذيب عند عودته إلى هذا البلد؛ ولا بد من وجود أسباب إضافية تدفع إلى الاعتقاد بأن المعني بالأمر معرض شخصياً لخطر ما ( ) .
8 - وترى اللجنة، استناداً إلى ما تقدَّم وإلى المعلومات الواردة إليها، أن صاحب البلاغ لم يقدِّم أدلة كافية تمكِّنها من استنتاج أن إبعاده إلى بلده الأصلي سيُعرِّضه شخصياً لخطر حقيقي ومتوقع وقائم ينطوي على ضروب معاملة منافية للمادة 3 من الاتفاقية.
9 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 22 ( 7 ) من الاتفاقية، تخلص إلى أن قيام الدولة الطرف بإبعاد صاحب البلاغ إلى سري لانكا لن يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.