لجنة مناهضة التعذيب
قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 922/2019 * ** ***
بلاغ مقدم من: ك. ب. وآخرون (تمثلهم المحامية ماري دوسيه)
الشخص المدعى أنه ضحية/ الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: ل. ف. وآخرون
الدولة الطرف: فرنسا
تاريخ تقديم الشكوى: 15 آذار/مارس 2019 (تاريخ الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 115 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 29 آذار/ مارس 2019 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد القرار: 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2022
الموضوع: إعادة مواطنين فرنسيين محتجزين في مخيم الهول في شمال شرق الجمهورية العربية السورية إلى وطنهم
المسائل الإجرائية: الولاية خارج الحدود الإقليمية؛ واستنفاد سبل الانتصاف الداخلية
المسائل الموضوعية: تدابير لمنع ارتكاب أعمال التعذيب؛ المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
مواد الاتفاقية: 2 و 16 و 22
1 - 1 أصحاب الشكوى هم: ك. ب.، بالنيابة عن ابنته ل. ف. ( 1994 ) ( ) وحفيده أ. ب. ف. ( 2017 ) ؛ وأ . ك.، نيابة عن أخته ر. ك. ( 1985 ) ، وابنة أخته أ. ك. ( 201 5) وابن أخته أ. ك. ( 2017 ) ؛ وإ . س.، بالنيابة عن ابنته أ. س. ( 198 7) وأحفاده س. س. ( 200 8) ون . س. ( 201 0) وم . س. ( 2016 ) ؛ ول. ر. بالنيابة عن شقيقته أ. ر. ( 1991 ) ، وابن أخته أ. ل. ( 201 4) وابنة أخته أ. ل. ( 2016 ) ؛ وب. م ول. م. نيابة عن أحفادهما ي. م. ( 201 4) وس . م. ( 201 6) وج . م. ( 201 8) .
1 - 2 أصحاب الشكوى يحملون الجنسية الفرنسية، باستثناء إ. س. الذي يحمل الجنسية الإيطالية ( ) . والضحايا جميعهم من المواطنين الفرنسيين – أفراد عائلات أصحاب الشكوى – يُزعم أنهم تعاونوا مع داعش. وهم محتجزون حالياً في مخيم الهول الواقع في شمال شرق الجمهورية العربية السورية والذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية. ويدعي أصحاب الشكوى أن السلطات الفرنسية، برفضها إعادة أفراد عائلاتهم إلى وطنهم، لا تتخذ أي تدابير لحماية رعاياها المحتجزين في الجمهورية العربية السورية، وأن تقاعسها يحول دون إنهاء المعاملة السيئة التي يتعرضون لها. وهي بذلك تعرضهم لخطر انتهاك حقوقهم بموجب الاتفاقية انتهاكا ً خطيرا ً لا يمكن إصلاحه. وعليه، يرى أصحاب الشكوى أن قرار السلطات الفرنسية يشكل انتهاكا ً للمادة 2 مقروءة بالاقتران مع المادة 16 من الاتفاقية. وتجدر الإشارة إلى أن الدولة الطرف أصدرت الإعلان المطلوب بمقتضى الفقرة 1 من المادة 22 من الاتفاقية في 23 حزيران/ يونيه 198 8. ويمثل أصحابَ الشكوى محام.
1 - 3 وفي 29 آذار/مارس 2019 و 18 تشرين الأول/أكتوبر 2019 و 24 آذار/مارس 2020 ، رفضت اللجنة، من خلال مقررها المعني بالشكاوى الجديدة وتدابير الحماية المؤقتة، طلب أصحاب الشكوى اتخاذ تدابير مؤقتة لإعادة أفراد عائلاتهم إلى فرنسا. بيد أن اللجنة طلبت إلى الدولة الطرف، في 18 تشرين الأول/اكتوبر 2019 ، أن تتخذ التدابير الدبلوماسية اللازمة لضمان حماية حق أفراد عائلات أصحاب الشكوى في الحياة والسلامة، بما في ذلك الحصول على جميع أشكال الرعاية الطبية التي قد يحتاجون إليها، فضلاً عن حماية حقهم في محاكمة عادلة حماية كاملة. وفي وقت لاحق، في 24 آذار/مارس 2020 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف اتخاذ جميع التدابير القنصلية اللازمة لمنح أفراد عائلات أصحاب الشكوى جميع التصاريح الإدارية ووثائق الهوية والسفر اللازمة لإعادتهم إلى وطنهم، سواء أكان ذلك بتدخل من الحكومة أم بمساعدة منظمة إنسانية، واتخاذ أي تدابير أخرى مناسبة ومعقولة في حدود سلطتها لحماية السلامة البدنية والنفسية لأفراد عائلات أصحاب الشكوى حماية فعالة، بما في ذلك الحصول على الرعاية الطبية التي يحتاجونها.
الوقائع كما عرضها أصحاب الشكوى
2 - 1 غادرت ل. ف. فرنسا إلى الجمهورية العربية السورية في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ، حيث تزوجت من ت. د. الذي توفي في القتال. ول. ف. وابنها أ. ب. ف. محتجزان في مخيم الهول منذ شباط/ فبراير 201 9. وتعاني ل. ف. من سوء التغذية وتزن 30 كيلوغراما ً فقط. ويعاني طفلها أيضا ً من سوء التغذية، وهو بلا حراك يظل خاملاً طوال النهار يحدق في الفراغ كما لو كان تائها. ويبدو أن العنف الذي تعرض له هذا الطفل البالغ من العمر عامين كان له تأثير عميق على صحته الجسدية والنفسية.
2 - 2 وانتقلت ر. ك. إلى الجمهورية العربية السورية في حزيران/يونيه 2014 ، وتزوجت هناك وأنجبت طفلين، هما أ. ك. وأ . ك. وفي آب/أغسطس 2018 ، طلبت إعادتها هي وطفلاها إلى فرنسا. وثلاثتهم محتجزون في مخيم الهول منذ 27 شباط/فبراير 201 9. وقد كانت ر. ك. على اتصال بإحدى نزيلات المخيم توفيت مؤخرا ً بسبب مرض السل، وهي تعتقد أنها تحمل المرض الآن. وما فتئت حالتها الصحية تتدهور يوما ً بعد يوم، وهي لا تتلقى أي رعاية. وتفتقر، هي وطفلاها، إلى الماء والغذاء. ومنذ عدة أيام يعاني الطفل الأصغر من الزحار مع ظهور الدم في البراز. ولم يعد لديه القوة للمشي ويبقى بين ذراعي والدته طوال النهار. وقد كانت ابنتها الكبرى، البالغة من العمر أربع سنوات، على اتصال مع أطفال آخرين مصابين بالكوليرا، وتخشى والدتها أن تكون هي أيضا ً حاملة للمرض. ولم يغتسل الأطفال منذ أسابيع، حيث لا توجد مياه كافية لجميع المحتجزين. وأبلغت ر. ك. شقيقها، قبل بضعة أيام فقط، أنها تعرضت للسرقة من قبل حارس كردي في المخيم بينما كانت تحمل ابنها بين ذراعيها.
2 - 3 وغادرت أ. س. إلى الجمهورية العربية السورية في عام 2014 ، برفقة زوجها وطفليهما، البالغين من العمر 6 و 3 سنوات وقت مغادرتهم. وفي 15 تموز/يوليه 2016 ، أنجبت أ. س. طفلا ً ثالثا ً . وقد أصدر قاضي تحقيق في محكمة باريس الإقليمية مذكرة توقيف دولية بحق أ. س.، وهي موجودة مع أطفالها الثلاثة في مخيم الهول منذ 3 آذار/مارس 201 9 .
2 - 4 وتعيش ر. ك. وأ . س. في خيمة مع نساء وأطفال آخرين. ولم يعد ممكنا ً استخدام مراحيض المخيم، ويجب الوقوف في طوابير لعدة ساعات للحصول على المياه. ولم يتسن للأطفال الاغتسال منذ أشهر ولا الحصول على أي رعاية، على الرغم من أنهم في حالة نفسية مقلقة جدا ً . ويبدو أن اثنيْن من أطفال ر. ك. وأ . س. قد أُصيبا بداء الليشمانيات ( ) . ويعاني أصغر الأطفال الخمسة من سعال مقلق للغاية في حين أن الرطوبة داخل الخيمة مرتفعة للغاية. في الواقع، الخيمة مصنوعة من قماش بسيط، من دون مادة مشمعة واقية في جزئها الأعلى، ولهذا السبب تتسرب المياه إلى الداخل فتصبح الأسرّة مبللة والأرضية غارقة. وتتجاوز مدة الانتظار للحصول على خدمات المستوصف ست ساعات، ولا يمكن الحصول على أي دواء حتى إذا تعلق الأمر بدواء بسيط يحتوي مادة الباراسيتامول .
2 - 5 وذهبت أ. ر. إلى الجمهورية العربية السورية في عام 2015 ، مع زوجها وطفلهما الصغير أ. ل.، المولود في عام 2014 في فرنسا. وفي عام 2016 ، أنجبت طفلا ً ثانيا ً ، أ. ل . . وتوفي زوجها على الفور أثناء حملها الثاني. وهي محتجزة مع طفليها في مخيم الهول منذ 7 آذار/مارس 201 9 .
2- 6 وانتقلت ج. م. إلى لايبزيغ (ألمانيا) لمواصلة الدراسة هناك بعد اعتناقها الإسلام في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 في المركز الإسلامي في فيلنوف داسك. وفي عام 2013 ، تزوجت زواجاً دينيا ً من السيد م. ل.، وهو مواطن ألماني اعتنق الإسلام. وأنجبا من زواجهما ي. م.، الذي وُلد في عام 2014 في لايبزيغ ويحمل الجنسية الفرنسية. وغادر الزوجان برفقة طفلهما ألمانيا إلى الرقة، الجمهورية العربية السورية، في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، حيث أنجبت س. م. في عام 2016 وج . م. في عام 201 8. وفي 3 شباط/فبراير 2019 ، علم والدا ج. م. - صاحبا الشكوى ب. م. ول. م. - بوفاة ابنتهما. وتعرض م. ل. للاعتقال على أيدي قوات سوريا الديمقراطية، وهو محتجز حاليا ً في سجن القامشلي في شمال شرق الجمهورية العربية السورية. وفي شباط/فبراير 2019 ، علم ب. م. ول. م. بوجود أحفادهم الثلاثة في مخيم الهول.
2 - 7 وفي سلسلة من المقالات عن الأطفال المحتجزين في مخيمات في شمال شرق الجمهورية العربية السورية، أشارت صحيفة Libération إلى حالة ج. م. وس . م.، اللذيْن تدهورت حالتهما الصحية بدرجة كبيرة تبعث على القلق. وأصيب ج. م. بشظايا قنبلة أو قذيفة صاروخية تسببت له في جروح واضحة على مستوى الوجه، وتبدو ساقه اليمنى متيبسة ونحيفة. ويعاني س. م. من آلام في البطن تثير قلقا ً بالغا ً . وبالإضافة إلى سوء التغذية ونقص الرعاية الطبية، تعرض ي. م. لسوء المعاملة من قبل إحدى زوجات م. ل. التي كان يعيش معها. وورد في مقال آخر أن الأطفال الثلاثة كانوا يقبعون في البرد والطين في المخيمات السورية.
2 - 8 وفي بيان مؤرخ في 31 كانون الثاني/يناير 2019 ، أفادت منظمة الصحة العالمية بوفاة 29 طفلا ً وحديثي الولادة في مخيم الهول خلال شهرين، معظمهم يعانون من انخفاض حرارة الجسم.
2 - 9 وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الجمهورية العربية السورية في 4 آذار/مارس 2019 بأن الليالي في مخيم الهول كانت باردة جداً، وأن نحو 20 طفلا ً توفوا من شدة البرد، وأن البعض ليس لديهم حتى خيام ويظلون في الخارج معرضين للأمطار والرياح والبرد. وأعربت عن قلقها العميق إزاء مصير الأطفال الذين يعيشون في تلك المخيمات.
2 - 10 ونشرت صحيفة Le Monde تقريرا ً مصورا ً في 14 آذار/مارس 2019 نددت فيه بظروف الاحتجاز المؤسفة التي تعاني منها النساء والأطفال حاليا ً في مخيم الهول. وتظهر هذه الصور أطفالا ً مشوهين وهزيلي الجسم وقذرين وباكين ومحشورين في خيام مؤقتة. وتشير التقديرات إلى أن المخيم يضم في الوقت الراهن أكثر من 000 62 شخص، 90 في المائة منهم من النساء والأطفال. وهؤلاء الأطفال الفرنسيون، والغالبية العظمى منهم دون سن ست سنوات، يفتقرون إلى الرعاية والماء والغذاء. ولأكثر من ثمانية عشر شهرا ً ، لم تنظم السلطات الفرنسية أي عملية إعادة إلى الوطن. وقد أكدت قوات سوريا الديمقراطية مراراً وتكراراً أنها لا تملك الوسائل اللازمة لعلاج النساء والأطفال الفرنسيين المحتجزين في مخيمي روج والهول ولإطعامهم ورعايتهم.
2 - 11 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يشير أصحاب الشكوى إلى أن قرار الدولة الطرف إعادةَ الأطفال الفرنسيين المحتجزين حاليا ً في شمال شرق الجمهورية العربية السورية من عدم ذلك يُعتبر، وفقا ً للاجتهاد القضائي المستقر، فعلا ً لا يمكن فصله عن إدارة العلاقات الخارجية لفرنسا. ولما كان هذا القرار يعرَّف بأنه عمل حكومي، فإنه لا يخضع للطعن أمام المحاكم الفرنسية، التي تعتبر دائما ً أنها غير مختصة ( ) . ففي قضية مماثلة، أصدرت محكمة باريس الإدارية أمراً قضت فيه بأن المسؤولية الإدارية للدولة لا يمكن أن تترتب عن قرار يندرج على وجه الخصوص ضمن الحقل الدبلوماسي ويمكن اعتباره عملا ً حكوميا ً ( ) .
2 - 12 وفي آذار/مارس 2019 ، تقدم أصحاب الشكوى بطلب إلى رئيس الجمهورية ووزارة شؤون أوروبا والشؤون الخارجية لإعادة أفراد عائلاتهم إلى الوطن. ورُفضت هذه الطلبات أو ظلت دون رد. وعلاوة على ذلك، أعلنت الدولة الطرف مؤخرا ً رفضها إعادة الأطفال وأمهاتهم المحتجزين حاليا ً في مخيمات في شمال شرق الجمهورية العربية السورية إلى فرنسا، ولم تستجب قط لطلبات الإعادة إلى الوطن التي وجهها إليها العديد من الأسر المعنية منذ أكثر من سنة. وفي أوائل عام 2019 ، أعلنت السلطات الفرنسية عن إعادة 130 مواطنا ً فرنسيا ً ، من بينهم 70 طفلا ً ( ) . غير أن هذا الإعلان لم تتبعه أي إجراءات ولم تقدم السلطات أي تفسير لهذا التحول في الموقف. وفي 14 آذار/مارس 2019 ، خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الأوروبية في الجمعية الوطنية، صرح وزير الدولة للداخلية أن " قوات سوريا الديمقراطية قد اختارت أن يبقى الأطفال مع أمهاتهم . .. وعليه، لا يمكن الحديث في الوقت الحالي عن عودة متوقعة " ( ) .
2 - 13 ويشكل قرار إعادة هؤلاء الأطفال المحتجزين في مخيمات في شمال شرق الجمهورية العربية السورية إلى وطنهم من عدم ذلك عملا ً من أعمال الحكومة، ومن ثم يجعل الطعون المقدمة إلى المحاكم الإدارية غير فعالة وغير مجدية بالضرورة. وهذا يضع أصحاب الشكوى أمام عقبة إجرائية لا يمكن التغلب عليها ( ) .
الشكوى
3 - 1 يشتكي أصحاب الشكوى من أن أفراد عائلاتهم احتُجزوا دون حق أو سند، أي أن احتجازهم تعسفي لأن السلطات السورية لم تتخذ بشأنهم أ ي إجراءات قضائية. وعلى وجه الخصوص، يوجد أطفال فرنسيون، وبعضهم يتامى، دون رعاية في شمال شرق الجمهورية العربية السورية، وهم محتجزون تعسفيا ً في مخيمات تحرسها قوات سوريا الديمقراطية في وسط منطقة حرب دون حماية من السلطات الفرنسية، ويصارعون من أجل البقاء في ظروف صحية مروعة.
3 - 2 ويرى أصحاب الشكوى أن المعاملة المفروضة على أفراد عائلاتهم في مخيم الهول هي معاملة تندرج في نطاق الاتفاقية وتمثل انتهاكا ً لها. ويستشهدون بالمادة 2 من الاتفاقية التي تنص على أنه يجب على الدول الأطراف أن تتخذ إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية.
3 - 3 وأولا ً وقبل كل شيء، تقع على عاتق كل دولة طرف مسؤولية اتخاذ جميع التدابير اللازمة لوضع حد لأي حالة تكشف عن انتهاك الاتفاقية. وإذ يقر أصحاب الشكوى بأن نص المادة 2 يشير إلى الولاية القضائية للدولة بوصفها حدا ً إقليميا ً ، فإنهم يؤكدون، مع ذلك، أن تفسير الاتفاقية وفقاً لتعليق اللجنة العام رقم 2 ( 200 7) يسمح بتوسيع مفهوم الولاية القضائية باعتبار أن الدول الأطراف مطالَبة أيضاً باتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع انتهاكات حقوق الأشخاص الذين تمارس سلطتها عليهم، ولا سيما الانتهاكات ذات الطابع الشخصي. وهكذا، يجب أن تفسَّر المادة 2 من الاتفاقية على أنها تُلزم الدولة الطرف باعتماد التدابير اللازمة لوضع حد لضروب المعاملة المحظورة بموجب الاتفاقية التي يخضع لها رعاياها.
3 - 4 وعلاوة على ذلك، واستنادا ً إلى المادة 2 من الاتفاقية، يقع على عاتق الدول الأطراف التزام إيجابي بمنع أعمال التعذيب بجميع الوسائل. ويمتد هذا الالتزام، مقترنا ً بأحكام المادة 16 من الاتفاقية، ليشمل المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة التي لا تصل إلى حد التعذيب ( ) ويفرض على الدول الأطراف واجب إزالة جميع العقبات القانونية التي من شأنها أن تعرض شخصاً لخطر المعاملة التي تحظرها الاتفاقية.
3 - 5 ويرى أصحاب الشكوى أن الدولة الطرف، برفضها إعادة مواطنين فرنسيين ضحايا معاملة محظورة بموجب الاتفاقية ومعرضين بشكل واضح لخطر التعذيب، تكون قد أخلت بالتزاماتها بموجب المادة 2 من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 6. ويطلبون إلى اللجنة أن تتخذ تدابير وقائية عاجلة وأن تخلص إلى أن رفض إعادة مواطنين فرنسيين يخضعون لمعاملة تحظرها الاتفاقية ومعرضون لخطر التعذيب يشكل انتهاكا ً من جانب السلطات الفرنسية للمادتين 2 و 16 من الاتفاقية.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية
4 - 1 في 19 كانون الأول/ديسمبر 2019 ، اعترضت الدولة الطرف على مقبولية الشكوى بسبب افتقارها الواضح إلى أية أسس موضوعية فيما يتعلق بالادعاءات التي أثارها ب. م. ول. م.، وبسبب انتفاء الصفة فيما يتعلق بالادعاءات التي أثارها كل من ك. ب.، وأ . ك.، وإ . س.، ول. ر.، وكذلك بسبب عدم الاختصاص.
4 - 2 وتوضّح الدولة الطرف بادئ ذي بدء أن ي. م.، وس . م.، وج . م. - أحفاد ب. م. ول. م. - استفادوا من تدبير إعادة إلى الوطن في آذار/مارس 201 9.
4 - 3 ثم، تلاحظ الدولة الطرف أن أصحاب الشكوى لا يقدمون في الملف دفاتر عائلية تثبت صلة القرابة التي تربطهم على الأقل بأمهات الأطفال موضوع هذه الشكوى. وعلاوة على ذلك، لا يقدم أصحاب الشكوى ما يثبت أنهم تصرفوا بموافقة القصر أو بموافقة أمهاتهم.
4 - 4 وأخيرا ً ، ترى الدولة الطرف أن الأمهات والقصر المحتجزين في شمال شرق الجمهورية العربية السورية غير خاضعين لولايتها القضائية. وتدفع بأن المادة 2 من الاتفاقية تشير فقط إلى مفهوم الولاية القضائية، الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال الخلط بينه وبين مفهوم الجنسية. ولم توافق الدول على التعهد باحترام الحقوق المنصوص عليها في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، التي تشكل الاتفاقية جزءاً منها، إلا في الحالات التي تقع في نطاق سيادتها واختصاصها والتي يُرجح أن تكون لها سيطرة فعلية عليها. ووفقاً للدولة الطرف، لا يبدو من الممكن تحميل الدول المسؤولية في إطار الصكوك الدولية لحقوق الإنسان في الحالات التي لا تكون مسؤولة عنها ولا تملك سيطرة فعلية عليها، عن طريق نسب أفعال دول أخرى أو جهات من غير الدول إليها. ويجب على اللجنة أن تضع في اعتبارها، من جهة، ما كانت الدول تعتزم القيام به عندما التزمت باتخاذ الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من الإجراءات لمنع ارتكاب أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية، والصلات الجوهرية بين مفهومي الولاية القضائية والسيطرة الفعلية على الحالة، من جهة أخرى. وعلاوة على ذلك، لا يبدو من الممكن توسيع مفهوم الولاية القضائية بشكل مصطنع لمنح الاتفاقية نطاق تطبيق لم تكن الدول تعتزم منحه إياها عند التصديق عليها.
4 - 5 وتلاحظ الدولة الطرف أن مفهوم الولاية القضائية في القانون الدولي العام هو مفهوم إقليمي في المقام الأول، وأنه لا يجوز ممارسة الولاية القضائية للدولة خارج حدودها بموجب الاتفاقية إلا في حالات استثنائية، عندما تمارس الدولة سيطرة فعلية على شخص في إقليم آخر ( ) . وتلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة أعلنت، نتيجة لذلك، عدم مقبولية الشكاوى من حيث الاختصاص الشخصي استنادا ً إلى أفعال ارتكبت خارج إقليم دولة طرف ومن جانب وكلاء دولة أخرى ( ) .
4 - 6 وتلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة، في تعليقها العام رقم 2 ( 2007 )، تعتبر أن مفهوم " الإقليم " يشمل جميع المناطق التي تمارس فيها الدولة الطرف، وفقاً لأحكام القانون الدولي، سيطرة فعلية مباشرة أو غير مباشرة، كليةً أو جزئية، بحكم القانون أو بحكم الواقع ( ) . وترى اللجنة أيضا ً أن مفهوم " الإقليم " الوارد في المادة 2 ينبغي أن يمتد أيضا ً ليشمل الحالات التي تمارس فيها الدولة الطرف، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، سيطرة على المحتجزين سواء بحكم الواقع أم بحكم القانون، ولكن دون أن تنص على أي معيار لتحديد متى تكون للدولة الطرف سيطرة فعلية على إقليم ما أو على المحتجزين ( ) .
4 - 7 وتلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعتبر أن السيطرة الفعلية للدولة الطرف يمكن أن تنجم عن سيطرة تمارَس على منطقة واقعة خارج إقليمها، إما بشكل مباشر، عن طريق قواتها المسلحة، أو بشكل غير مباشر، عن طريق إدارة محلية تابعة ( ) . وعلاوة على ذلك، لكي تكون الدولة مسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في إقليم غير تابع لها، يجب إثبات وجود تأثير حاسم على إدارة ذلك الإقليم بحيث يكون للدولة، في الواقع، السيطرة الفعلية على هذه المنطقة، وبحيث لا يمكن للإدارة المحلية أن تعمل دون دعم الدولة المعنية ( ) . وقد وضعت محكمة العدل الدولية مفهوماً مماثلاً للولاية خارج الحدود الإقليمية على أساس السيطرة الفعلية ( ) . وأخيراً، وجدت لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان أن ممارسة الولاية خارج الحدود الإقليمية تتميز بالسيطرة الكاملة والحصرية للدولة الطرف، عن طريق موظفيها، على الشخص الذي كانت حقوقه موضوع تظلم ( ) .
4 - 8 وتدفع الدولة الطرف، على ضوء هذه السوابق القضائية، بأن حجة أصحاب الشكوى التي مفادها أن الاتفاقية تلزم الدولة الطرف بحماية مواطنيها خارج حدود " الإقليم الخاضع لولايتها القضائية " ، بالنظر إلى جنسيتهم الفرنسية، لا تتفق مع نص الاتفاقية أو روحها. ووفقاً للدولة الطرف، ليس المقصود من تعليق اللجنة العام رقم 2 ( 200 7) توسيع نطاق تطبيق الاتفاقية لكي يشمل جميع مواطني الدولة الطرف، بل يشير التعليق فقط إلى أن مسؤولية الدول تنشأ عن أفعال وتصرفات موظفيها، من ناحية، وأنه يجب على الدول الأطراف أن تتخذ تدابير فعالة لمنع ارتكاب أفعال التعذيب في إقليمها وفي أي إقليم يخضع لولايتها القضائية، من ناحية أخرى. كما تدفع الدولة الطرف بأن المادة 5 ( 1 )( ج ) من الاتفاقية تهدف إلى المعاقبة على الجرائم المشار إليها في المادة 4 من الاتفاقية وتوفير سبيل انتصاف للضحية، ولكنها لا توسّع ولاية الدول الأطراف بالمعنى المقصود في المادة 2 من الاتفاقية لتشمل جميع رعاياها الموجودين خارج إقليمها أو في إقليم غير خاضع لسيطرتها الفعلية.
4 - 9 ولذلك لا يمكن لأصحاب الشكوى أن يستنتجوا من المادة 5 من الاتفاقية أن الفرد يخضع لولاية دولة طرف لمجرد أنه يحمل جنسية تلك الدولة، ولا يمكن أيضاً أن يستنتجوا أن الدول الأطراف ملزمة باتخاذ جميع التدابير لمنع ارتكاب أعمال التعذيب ضد رعاياها عندما لا يكون هؤلاء الرعايا تحت سيطرتها الفعلية ( ) .
4 - 10 وختاما ً ، فإن الدولة الطرف لا تمارس أي سيطرة أو سلطة على أفراد عائلات أصحاب الشكوى من خلال وكلائها، كما أنها لا تمارس أي سيطرة إقليمية على المخيمات في شمال شرق سوريا.
4 - 11 وفي 29 حزيران/يونيه 2020 و 23 حزيران/يونيه 2021 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وتجادل الدولة الطرف بأنه لا يترتب على الاتفاقية ولا على أعمال أو آراء مختلف لجان منظمة الأمم المتحدة وقوع التزام إيجابي على عاتق الدول الأطراف بإعادة رعاياها الذين قد يتعرضون لمعاملة لا إنسانية أو مهينة إلى وطنهم. كما أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تخلص إلى وجود هذا الالتزام. وعلاوة على ذلك، فإن هذا الالتزام يتعارض عمليا ً مع مبدأ سيادة الدول التي ترتكب فيها الانتهاكات المزعومة. ومن شأنه أيضاً أن يتجاوز ما كانت الدول ترغب في الالتزام به بالتصديق على الاتفاقية، وهو ما لا يمكن تفسيره على هذا النحو. ومن شأن التزام كهذا أن يتعارض أيضاً مع النهج الذي اعتمدته اللجنة، والذي يعترف بالسلطة التقديرية للدول الأطراف في تقييم الحالات الفعلية التي يوجد فيها رعاياها ( ) .
4 - 12 بالفعل، لا يترتب بأي حال من الأحوال على القانون الدولي العرفي أو الاجتهادات القضائية الدولية أو اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 أن الدول ملزمة بإعادة رعاياها إلى أوطانهم، بما في ذلك عندما يحتمل أن يتعرضوا لمعاملة لا إنسانية أو مهينة في الخارج. وفي حين أن الإعادة إلى الوطن قد تشكل، في ظروف معينة، إحدى وسائل تنفيذ المساعدة القنصلية، فإنها لا تشكل التزاما ً على الدولة الموفدة. وإن عدم قيام الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في مجلس أوروبا بإعادة رعاياها إلى وطنهم يدل على أن هناك إجماعا ً على هذه النقطة - فإذا كان هذا الالتزام واجبا ً عليهم ، لكانوا جميعا ً قد دخلوا في مفاوضات بهدف إعادة رعاياهم إلى أوطانهم. زد على ذلك أنه لا ينبع أي التزام بالإعادة إلى الوطن من القانون الوطني إذ إنه لم يخلص مجلس الدولة ولا المجلس الدستوري إلى وجود التزام من هذا القبيل. وأياً يكن الأمر، فإن رأت اللجنة أن الدولة الطرف ملزمة بالإعادة إلى الوطن، لم يكن فهم هذا الالتزام إلا على أنه التزام بسلوك.
4 - 13 وتذكّر الدولة الطرف بأنها الدولة الأوروبية الغربية التي أعادت أكبر عدد من القاصرين إلى الوطن – 35 قاصراً فرنسياً في المجموع – وأنها تسهم بهمّة في الاستجابة الإنسانية لصالح المشردين واللاجئين من شمال شرق سوريا.
4 - 14 وتؤكد الدولة الطرف أن أصحاب الشكوى لم يقدموا حتى الآن أي دليل على تعرض أقاربهم لانتهاكات الاتفاقية. ويواجه أصحاب الشكوى أنفسهم صعوبة في تحديد مكان بعض أقاربهم، ولم يقدموا أي أدلة حديثة تثبت أن أقاربهم ما زالوا محتجزين في مخيم الهول ( ) .
4 - 15 وختاماً، خلافاً لما ذكرته لجنة حقوق الطفل في قراراتها بشأن مقبولية ثلاثة بلاغات مماثلة ضد فرنسا، ليس لدى الدولة الطرف " أهلية " تنفيذ عمليات الإعادة إلى الوطن التي طلبها أصحاب الشكوى ( ) . فإعادة أقارب اصحاب الشكوى إلى وطنهم لا تتوقف - خلافاً لما يؤكده أصحاب الشكوى - على إرادة حكومة الدولة الطرف فحسب، بل على عوامل كثيرة على العكس من ذلك: موافقة السلطات في شمال شرق سوريا، التي تحتفظ بهم ( ) ؛ وموافقة الأمهات على إعادة أطفالهن إلى وطنهم ( ) ؛ والصعوبات التي تواجهها قوات سوريا الديمقراطية في تحديد هوية المواطنين الأجانب وتحديد أماكن وجودهم؛ وكون المواطنين الفرنسيين المحتجزين في مخيم روج ليسوا تحت سيطرة دولة ذات سيادة وإنما تحت سيطرة سلطات الأمر الواقع، الأمر الذي لا يسمح أيضاً باللجوء إلى آلية التسليم، في حالة الأمهات؛ وكذلك الصبغة المعقدة والخطيرة لبعثات من هذا القبيل التي تعتمد بطبيعتها على العلاقات التي تربط كل دولة بمختلف الجهات الفاعلة في النزاع المسلح الذي يتخبط فيه شمال شرق سوريا. زد على ذلك أن الوجود السري لداعش داخل المخيم نفسه يعرّض أمن عمليات الإعادة إلى الوطن للخطر. فقد قُتل العديد من أفراد الأمن الداخلي للمخيم ( آسايش )، إضافة إلى عمال إغاثة، في المخيم في الأشهر الأخيرة.
تعليقات أصحاب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف
5 - 1 يصر أصحاب الشكوى، في تعليقاتهم المؤرخة 20 آذار/مارس 2020 ، على أن الدولة الطرف مارست سيطرتها على الأمهات والأطفال المحتجزين في مخيم الهول، حيث لا يزالون يتعرضون لمعاملة لا إنسانية ومهينة لا يمكنها أن تزعم عدم علمها بها. والدولة الطرف، بعدم اتخاذها أي تدابير لوقف هذه المعاملة، تكون قد أخلت بالتزامها باتخاذ جميع التدابير الفعالة لوضع حد لضروب المعاملة المخالفة للاتفاقية، انتهاكا ً للفقرة 1 من المادة 2 والمادة 16 من الاتفاقية.
5 - 2 ويؤكد أصحاب الشكوى إعادة ي. م. وس . م. وج . م. إلى أرض الوطن.
5 - 3 ورداً على مزاعم الدولة الطرف التي مفادها أن أصحاب الشكوى غير ذوي صفة لتقديم شكوى، وهم ك. ب.، وأ . ك.، وإ . س.، ول. ر.، يقدم أصحاب الشكوى دفاتر عائلاتهم التي تثبت علاقتهم بالأمهات والأطفال المحتجزين في مخيم الهول.
5 - 4 ويعترض أصحاب الشكوى بشدة على موقف الدولة الطرف التي تدفع بعدم المقبولية لعدم الاختصاص. فمن ناحية، لا تحدد المادة 2 من الاتفاقية النطاق العام لإعمال جميع الحقوق التي تكفلها الاتفاقية، بل تنص فقط على التزام إيجابي بمنع أعمال التعذيب المرتكبة في أي إقليم يخضع لولاية الدولة ( ) . ومن جهة أخرى، فإن الأمهات والأطفال الفرنسيين المحتجزين في شمال شرق الجمهورية العربية السورية يخضعون لولاية الدولة الطرف بالمعنى المقصود في المادة 22 من الاتفاقية. أولا ً ، من المقبول على نطاق واسع - خلافا ً لما أكدته الدولة الطرف - أن الدولة تمارس الولاية القضائية عندما يؤثر قرار يتخذه موظفوها في الإقليم الوطني على الوضع القانوني للأشخاص الموجودين خارج الإقليم ( ) . وحسب أصحاب الشكوى، يصدق هذا الأمر بوجه الخصوص في الحالات التي تمارس فيها الدولة الاختصاص الشخصي على رعاياها الموجودين خارج إقليمها الوطني. ولكي يقع أحد رعايا دولة يوجد خارج الإقليم الوطني ضمن ولايتها القضائية، من الضروري أن تكون الدولة، من خلال فعل أو تقصير من جانب وكلائها، قد أثرت على الوضع القانوني لمواطنها الموجود خارج الإقليم الوطني ( ) . وفي هذه القضية، مارست الدولة الطرف، باتخاذها قرارا ً بعدم إعادة الأمهات والأطفال الفرنسيين المحتجزين في شمال شرق سوريا، الذين يتعرضون بذلك لمعاملة تتنافى مع الاتفاقية، ولايتها القضائية عليهم بالمعنى المقصود في المادة 22 من الاتفاقية.
5 - 5 ويرى أصحاب الشكوى أن احتجاز أمهات وأطفال فرنسيين في ظروف غير إنسانية في مخيم الهول ليس نتيجة مباشرة لسيطرة سلطات شمال شرق سوريا على المخيم والأفراد - كما تؤكد الدولة الطرف - بل إن مردّه الوحيد هو التدابير التي اتخذتها السلطات الفرنسية حصرا ً ، أي قرار عدم إعادتهم إلى وطنهم ( ) . والدولة الطرف هي وحدها التي تملك سلطة الإذن بإعادتهم إلى وطنهم وإنهاء احتجازهم التعسفي في مخيم الهول.
5 - 6 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، يصر أصحاب الشكوى على أن الدولة الطرف قد أخلت بالتزامها بموجب الاتفاقية بوضع حد للمعاملة اللاإنسانية والمهينة التي يتعرض لها أقاربهم، ومن ثم فهي تنتهك الفقرة 1 من المادة 2 والمادة 16 من الاتفاقية. في الواقع، قررت الدولة الطرف، على الرغم من معرفتها الكاملة بالأفعال المخالفة للاتفاقية التي ارتكبتها جهات فاعلة غير حكومية، عدم إعادة الأمهات والأطفال الفرنسيين المحتجزين في مخيم الهول - باستثناء عدد من الأيتام في عام 2019 - حتى لو كانت تتحكم في وضعهم. وتعزى المعاملة اللاإنسانية والمهينة للأمهات والأطفال المحتجزين في شمال شرق سوريا بشكل رئيسي إلى ظروف الاحتجاز في مخيم الهول: الاكتظاظ وانتشار الأمراض والبرد وسوء التغذية والظروف غير الصحية ونقص الرعاية. زد على ذلك أن قوات سوريا الديمقراطية حثت جميع الدول مرارا ً وتكرارا ً على إعادة مواطنيها إلى أوطانهم. ومع ذلك، قررت الدولة الطرف السماح باستمرار أعمال سوء المعاملة هذه برفضها إعادة الضحايا إلى وطنهم. ويشكو أصحاب الشكوى من أن الدولة الطرف لم تتخذ أي تدابير لوضع حد للأفعال التي ارتكبتها بحق الضحايا جهات فاعلة غير حكومية تنشط في مخيم الهول. والدولة الطرف، بقرارها هذا رفض الإعادة إلى الوطن، تكون قد مارست فعليا ً سيطرتها على وضعهم.
5 - 7 وفي 9 آذار/مارس و 20 كانون الأول/ديسمبر 2021 ، أكد أصحاب الشكوى أن الدولة الطرف أعادت في 13 كانون الثاني/يناير 2021 سبعة أطفال محتجزين في مخيمي روج والهول لأسباب طبية أو بسبب حالة الضعف الشديد التي كانوا يعانون منها. ويشير أصحاب الشكوى أيضا ً إلى قرارات لجنة حقوق الطفل بشأن مقبولية ثلاث قضايا مماثلة ضد فرنسا، حيث خلصت إلى أن الأطفال موضوع البلاغات يخضعون بالفعل للولاية القضائية للدولة الطرف ( ) .
5 - 8 ويوضّح أصحاب الشكوى أنهم لا يعتبرون أن الدولة الطرف يقع على عاتقها التزام بالإعادة إلى الوطن فقط لا غير، بل يروْن أن عليها التزاماً عاماً بتنفيذ الاتفاقية، سواء فيما يتعلق بأعمال التعذيب بموجب الفقرة 1 من المادة 2 ، أو فيما يتعلق بالمعاملة اللاإنسانية والمهينة، بموجب المادة 1 6. ولذلك، فحتى إذا كانت الإعادة إلى الوطن غير ناشئة عن التزام محدد بموجب الاتفاقية، فإن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن بها للدولة الطرف أن تفي بالتزاماتها بموجب الاتفاقية.
5 - 9 وفيما يتعلق بأماكن وجود أقاربهم، يذكر أصحاب الشكوى أن ل. ف. موجودة في مخيم روج برفقة ابنها؛ وأن ر. ك. أودعت سجن روج آفا بعد قمع حركة احتجاج داخل المخيم، تاركةً طفليها بمفردهما في مخيم روج 1 ؛ وأن أ. ر. محتجزة برفقة طفليْها في مخيم روج 2 ؛ وأن أ. س. لا تزال في مخيم الهول برفقة أطفالها الثلاثة. ويلاحظ أصحاب الشكوى أن الدولة الطرف لا تنكر صراحة أن أقاربهم ضحايا لأفعال تصل إلى حد التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وفي الواقع لا يمكن إنكار هذه الأفعال الموثَّقة على نطاق واسع من قبل العديد من الجهات الفاعلة الوطنية والدولية.
5 - 10 وأخيرا ً ، يدعي أصحاب الشكوى حدوث انتهاك للمادة 22 من الاتفاقية على أساس أنه على الرغم من أن اللجنة قررت عدم تقديم طلب لاتخاذ تدابير مؤقتة، فقد طلبت إلى الدولة الطرف اتخاذ تدابير محددة (انظر الفقرة 1 - 3 أعلاه ). غير أن الدولة الطرف لم تتخذ أي تدابير في هذا الصدد، مما يدل على عدم وفائها بالتزاماتها بموجب المادة 22 من الاتفاقية.
5 - 11 وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 ، أكد محامي أصحاب الشكوى أن ل. ف. أعيدت إلى فرنسا برفقة ابنها أ. ب. ف..
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تحققت اللجنة، على نحو ما تقتضيه المادة 22 ( 5 )( أ ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم يجر بحثها، ولا يجرى بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
6 - 2 وتحيط اللجنة علماً بأن الطرفين يتفقان على أن ي. م. وس . م. وج . م. - أحفاد ب. م. ول. م. - قد أُعيدوا إلى الوطن في آذار/مارس 201 9. وتحيط علما ً أيضا ً بأن محامي أصحاب الشكوى أكد إعادة ل. ف. وأ . ب. ف. في نهاية عام 202 2. وفي ضوء هذه المعلومات، ترى اللجنة أن البلاغ المتعلق برفض الدولة الطرف إعادة ي. م.، وس . م.، وج . م.، ول. ف . ، وأ . ب. ف.، أصبح غير ذي صلة ويجب من ثم وقف النظر فيه.
6 - 3 وتحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف تدفع بأن هذا البلاغ غير مقبول لعدم وجود تفويض. غير أنها تلاحظ أن أصحاب الشكوى قدموا فيما بعد نسخة من دفاتر عائلاتهم لإثبات علاقتهم بأقاربهم المحتجزين في شمال شرق الجمهورية العربية السورية. وبناء على ذلك، وبالنظر إلى ظروف أقارب أصحاب الشكوى التي لا تتيح لهم إمكانية واقعية لتقديم تفويض خطي، فضلا ً عن أن هذه الشكوى تهدف بوضوح إلى تمكينهم من العودة إلى فرنسا، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها، بموجب المادة 113 ( أ ) من نظامها الداخلي، من النظر في هذه الشكوى ( ) .
6 - 4 وأخيرا ً ، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعترض على مقبولية البلاغ على أساس أن أقارب أصحاب الشكوى المحتجزين في شمال شرق الجمهورية العربية السورية لا يخضعون لولايتها القضائية. فمن ناحية، تؤكد الدولة الطرف أنها لا تمارس سيطرة فعلية على المخيمات الواقعة في شمال شرق سوريا، ولا أي سيطرة أو سلطة على أفراد عائلات أصحاب الشكوى من خلال وكلائها. وعلاوة على ذلك، تعترض الدولة الطرف على وجود التزام بموجب الاتفاقية بحماية مواطنيها على أساس جنسيتهم، حتى خارج الإقليم الخاضع لولايتها.
6 - 5 ومن ناحية أخرى، تحيط اللجنة علما ً بادعاء أصحاب الشكوى أن أقاربهم يخضعون للولاية القضائية للدولة الطرف بموجب المادة 22 من الاتفاقية. ويصر أصحاب الشكوى على أنه حتى لو كان أقاربهم خارج الإقليم الوطني، فإنهم يخضعون للولاية القضائية للدولة الطرف ما دامت أفعال وكلائها أو تقصيرهم تؤثر على الوضع القانوني لمواطنيها. وفي هذه القضية، يدفع أصحاب الشكوى بأن الدولة الطرف، برفضها إعادة الأمهات والأطفال الفرنسيين المحتجزين في شمال شرق سوريا إلى وطنهم، تعرضهم لمعاملة تتنافى مع الاتفاقية.
6 - 6 وتذكر اللجنة بأنها تتلقى، بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بلاغات واردة من أفراد أو نيابة عنهم يخضعون لولاية دولة طرف يدعون أنهم ضحايا انتهاك تلك الدولة الطرف لأحكام الاتفاقية وتنظر في تلك البلاغات شريطة أن تكون الدولة الطرف قد أعلنت اعترافها باختصاص اللجنة في هذا الصدد ( ) . وقد سبق للجنة أن وضّحت في تعليقها العام رقم 2 ( 200 7) أن مفهوم الولاية القضائية لا يقتصر على الإقليم الوطني، بل يمتد ليشمل جميع المناطق التي تمارس عليها الدولة الطرف، وفقاً لأحكام القانون الدولي، سيطرة فعلية مباشرة أو غير مباشرة، كليةً أو جزئية، بحكم القانون أو بحكم الواقع، بما في ذلك مرافق الاحتجاز أو أي حيز آخر تمارس عليه الدولة الطرف سيطرة فعلية ( ) .
6 - 7 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أنه لا جدال في أن أصحاب الشكوى أبلغوا الدولة الطرف بحالة الضعف الشديد للأطفال المحتجزين في مخيمات للاجئين في منطقة نزاع. وقد ذكرت وسائل الإعلام في مناسبات عديدة أن ظروف الاحتجاز مزرية، وأُبلغت سلطات الدولة الطرف بها عن طريق شكاوى مختلفة تقدم بها أصحاب الشكوى على الصعيد الوطني. وتشكل ظروف الاحتجاز خطراً وشيكاً يتمثل في إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بحياة أقارب أصحاب الشكوى وسلامتهم البدنية والعقلية. وتسلم اللجنة بأن جهة فاعلة غير حكومية هي التي تمارس سيطرة فعلية على المخيمات، وبأن هذه الجهة أعلنت عدم امتلاكها للوسائل أو لم تبد الإرادة اللازمة لرعاية الأطفال والنساء المحتجزين في المخيمات، وأنها تتوقع أن تعيدهم بلدان جنسيتهم إلى أوطانهم. وفي السياق الخاص بهذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، بوصفها دولة جنسية النساء والأطفال المحتجزين في المخيمات، لديها القدرة والسلطة لحماية حقوقهم باتخاذ تدابير لإعادتهم إلى وطنهم أو أي إجراءات قنصلية أخرى. ويشمل هذا السياق علاقات الدولة الطرف مع قوات سوريا الديمقراطية، واستعداد قوات سوريا الديمقراطية للتعاون، وحقيقة أن الدولة الطرف، وفقا ً لما صدر عنها من بيانات، هي البلد الأوروبي الغربي الذي نفذ أكبر عدد من عمليات إعادة القصر إلى أوطانهم - ما مجموعه 35 قاصرا ً فرنسيا ً ، كانوا محتجزين في مخيمات في شمال شرق سوريا ( ) .
6 - 8 وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى وجود رابط ولاية قضائية بين الدولة الطرف وأصحاب الشكوى، وأن هذه الشكوى تثير مسائل موضوعية بموجب المادتين 2 و 16 من الاتفاقية يجب النظر فيها من حيث أسسها الموضوعية. وترى اللجنة أنه لا يوجد أي عائق يحول دون مقبولية الشكوى، وتعلن قبولها وتباشر النظر في أسسها الموضوعية.
الأسس الموضوعية
7 - 1 عملاً بالفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.
7 - 2 وتحيط اللجنة علما ً بالحجج المتناقضة التي ساقها الطرفان بشأن وجود التزام بإعادة المواطنين إلى أوطانهم بموجب القانون الدولي العام أو القانون الدولي لحقوق الإنسان ( ) . وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بالقرار الصادر في الآونة الأخيرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية مماثلة ضد فرنسا، والذي قضت فيه المحكمة بعدم وجود التزام في القانون الدولي للمعاهدات أو القانون الدولي العرفي يلزم الدول بإعادة رعاياها إلى وطنهم. بيد أن السؤال المطروح على اللجنة في الظروف الخاصة بهذه القضية، هو ما إذا كانت الدولة الطرف، باعتبارها دولة الجنسية التي يحملها أقارب أصحاب الشكوى المحتجزين في شمال شرق سوريا، وهي الدولة التي استخدمت بالفعل مرارا ً وتكرارا ً قدرتها وسلطتها لحماية مواطنيها في مثل هذه الحالة عن طريق إعادتهم إلى وطنهم، قد اتخذت جميع التدابير الإدارية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع أعمال التعذيب أو إساءة المعاملة في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية، وفقا ً للمادة 2 من الاتفاقية.
7 - 3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي مفادها أنها لا تملك القدرة على إعادة أقارب أصحاب الشكوى إلى وطنهم، حيث إن عملية الإعادة لا تتوقف على إرادة الدولة الطرف فحسب، بل على موافقة السلطات في شمال شرق سوريا وأمهات الأطفال أيضاً، وتعوقها عقبات تتعلق بتحديد هوية الأطفال وبأمن مثل هذه العمليات. بيد أن اللجنة تذكّر بأن الدولة الطرف سبق أن نجحت في إعادة أكثر من ثلاثين طفلاً فرنسياً إلى وطنهم دون أن تبلغ عن أي حوادث في تنفيذ عمليات الإعادة هذه إلى الوطن أو عن رفض قوات سوريا الديمقراطية التعاون. بل على العكس من ذلك، تلاحظ اللجنة أن قوات سوريا الديمقراطية أعربت مراراً وتكراراً عن رغبتها في أن تعيد دولُ جنسيات جميع الأجانب المحتجزين في المخيمات إلى أوطانهم، الأمر الذي يترك للدولة الطرف القرار بشأن المضي قدماً في إعادتهم إلى أوطانهم أم لا. ولذلك ترى اللجنة أن للدولة الطرف القدرة والسلطة لمنع إساءة معاملة أقارب أصحاب الشكوى من خلال إعادتهم إلى وطنهم أو اتخاذ تدابير قنصلية أخرى ( ) .
7 - 4 وتحيط اللجنة علما ً بحجة أصحاب الشكوى التي مفادها أن أقاربهم بالكاد يسدُّون رمقهم في مخيمات السجناء التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المحجوزين فيها والموجودة في منطقة حرب، ويعيشون في ظروف صحية لا إنسانية ومهينة. وتؤكد الدولة الطرف أن أصحاب الشكوى لم يقدموا حتى الآن أي دليل على تعرض أقاربهم لانتهاكات الاتفاقية. بيد أن اللجنة تلاحظ أن الظروف المتصلة بالأمن وبالقيود المفروضة على الحركة وبالحالة الصحية الموصوفة تنطبق على جميع الأشخاص المحجوزين في مخيمات شمال - شرق سوريا، بمن فيهم أقارب أصحاب الشكوى، الذين لا يستطيعون الهروب من ظروف الاحتجاز والمعيشة المنطبقة على غيرهم من سكان المخيمات. وترى اللجنة أن الأضرار قد حُددت بما فيه الكفاية وأنه لا يوجد سبب يحمل على الاعتقاد أن أقارب أصحاب الشكوى أقل عرضة للخطر من غيرهم من سكان المخيمات ( ) .
7 - 5 وتذكّر اللجنة بالتزام الدول الأطراف بموجب المادة 2 من الاتفاقية باعتماد تدابير إيجابية فعالة لمنع التعذيب وإساءة المعاملة منعا ً فعالا ً ( ) . وتعتبر أن الدولة الطرف كانت على معرفة جيدة بالحالة في مخيمات شمال - شرق سوريا، إذ شرعت بمبادرة منها في إعادة العديد من الأطفال إلى وطنهم . و تلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لا تنكر الظروف المعيشية في المخيمات على النحو الذي وصفه أصحاب الشكوى . وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هناك معلومات كافية تثبت أن ظروف احتجاز أقارب أصحاب الشكوى في مخيمات في شمال شرق سوريا، بما في ذلك على وجه الخصوص انعدام الرعاية الصحية والغذاء والمياه والمرافق الصحية، هي بمثابة معاملة لا إنسانية ومهينة تحظرها المادة 16 من الاتفاقية . بالإضافة إلى ذلك، إذ تأخذ اللجنة في حسبانها علم الدولة الطرف بالاحتجاز المطول لهؤلاء الرعايا الفرنسيين في أوضاع تسودها المعاملة السيئة، ترى أن على الدولة الطرف التزاماً إيجابياً بحمايتهم من انتهاك فعلي لحقهم في عدم التعرض لأي أعمال تشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة . وترى اللجنة أنه على الرغم من أن الدولة الطرف ليست مسؤولة عن الانتهاكات التي يتعرض لها مواطنوها لأنها لا تمارس الولاية القضائية على الإقليم الذي تقع فيه المخيمات، فإنها تظل ملزمة بحماية مواطنيها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان باتخاذ جميع التدابير اللازمة والممكنة . وختاما ً ، ترى اللجنة أن فشل الدولة الطرف في توفير الحماية لهم باتخاذ تدابير فعالة لمنع هذه الأفعال يشكل انتهاكا ً للفقرة 1 من المادة 2 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 16 من الاتفاقية .
8 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، ترى أن عدم اتخاذ الدولة الطرف، في الظروف الخاصة بالبلاغ، أي تدبير آخر معقول في حدود سلطتها لإعادة أقارب أصحاب الشكوى إلى وطنهم يشكل انتهاكا ً من جانب الدولة الطرف للفقرة 1 من المادة 2 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 16 من الاتفاقية .
9 - وتحث اللجنة الدولة الطرف على مواصلة جهودها لضمان إعادة أقارب أصحاب الشكوى إلى وطنهم .
10 - وتدعو اللجنة الدولة الطرف، عملاً بأحكام الفقرة 5 من المادة 118 من نظام اللجنة الداخلي، إلى إبلاغها في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالتدابير المتخذة استجابةً للملاحظات المذكورة أعلاه .
المرفق الأول
[ الأصل : بالإنكليزية ]
رأي مشترك لأعضاء اللجنة ليو هواوين ومايدا ناوكو وبختيار توزمحمدوف (رأي مخالف)
1 - لئن كنا نؤيد دعوة الدولة الطرف إلى " مواصلة جهودها لضمان إعادة أقارب أصحاب الشكوى إلى وطنهم " ( الفقرة 9 )، فإننا نختلف بكل احترام، ولكن بشدة، مع الاستنتاج الذي توصلت إليه الأغلبية، وذلك للأسباب المبينة أدناه . ونود أن ننأى بأنفسنا عن النهج الذي اتبعته الأغلبية، التي اختارت أن تخلص إلى انتهاك محتمل للمادة 2 ( 1) مقروءة بالاقتران مع المادة 16 من الاتفاقية إذا لم تتخذ الدولة الطرف " أي تدبير آخر معقول في حدود سلطتها لإعادة أقارب أصحاب الشكوى إلى وطنهم " ( الفقرة 8).
2 - ونلاحظ مع الأسف أن القرار يرتكز على سوء فهم من جانب الأغلبية لمعنى المادة 2 ( 1) من الاتفاقية، إن لم يكن استخفافاً بمفهوم المادة، التي تلزم صراحة كل دولة طرف باتخاذ تدابير لمنع أعمال التعذيب " في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية " . وعلاوة على ذلك، تستخدم الاتفاقية نفس الصياغة تماما ً في المواد 5 ( 1 (أ)) و 5 ( 2) و 7 ( 1) و 11 و 12 و 13 و 16 ( 1 )، دون احتساب الإشارات إلى إقليم دولة طرف التي يمكن العثور عليها في مواضع أخرى . ولا تسمح الصياغة الواضحة للاتفاقية بأي فسحة لأنها تتضمن " المعنى العادي " للمصطلح، على النحو المنصوص عليه في المادة 31 ( 1) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات . وتختلف لغة الاتفاقية عن تلك المستخدمة في المادة 2 ( 1) من اتفاقية حقوق الطفل، التي تلزم الدول الأطراف باحترام وضمان الحقوق المنصوص عليها في تلك الاتفاقية " لكل طفل يخضع لولايتها " . وهذا الاختلاف ليس من باب الصدفة وله تأثير مباشر على نتيجة النظر في البلاغ قيد النظر، على النحو الذي نوقش بشكل مستفيض في الرأي المنفصل لزميلنا الموقر تود بوكوالد ( انظر المرفق الثاني ).
3 - وتطرح الأغلبية في الفقرة 8 سؤالا ً عما إذا كانت الدولة الطرف ملزمة، " في الظروف الخاصة بهذا البلاغ " ، بمنع أعمال التعذيب أو إساءة المعاملة، وفقا ً للمادة 2 من الاتفاقية، " في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية " ، مما يوسع نطاق الحكم دون أساس لينطبق على الأماكن التي يسجن فيها الأشخاص المدعى أنهم ضحايا، ولا تقدم ردا ً لعدم وجود أي دليل على أن الدولة الطرف تمارس، بحكم القانون أو بحكم الواقع، أي ولاية أو سيطرة على المنطقة، التي هي، بالمناسبة، ضمن الولاية الإقليمية الرسمية للجمهورية العربية السورية، ولكنها تقع، في الواقع العملي، تحت سيطرة كيان غير حكومي . وبدلا ً من ذلك، تعتمد الأغلبية على مفهوم غامض وبعيد المنال بخصوص " رابط ولاية قضائية " ( الفقرة 6 - 8 )، وهو ما لا توضحه .
4 - والطريقة التي تتعامل بها الأغلبية مع اللغة الصارمة والمحددة للاتفاقية هي بمثابة تفسير فضفاض، إن لم نقل تافها ً ، للمعاهدة التأسيسية . ولا يمكننا أن ننحاز إلى هذا النهج الذي ينم عن تجاوز للسلطة . وبموجب كل من الاتفاقية ( المادة 30 ( 1 )) واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ( المادة 31 )، فإن تفسير المعاهدة هو من اختصاص الدول الأطراف، ما لم تفوض هذه الأخيرة تلك السلطة أو حل نزاع حول التفسير إلى هيئة قضائية ( ) .
5 - وترى الأغلبية أن لدى الدولة الطرف " القدرة والسلطة لمنع إساءة معاملة أقارب أصحاب الشكوى من خلال إعادتهم إلى وطنهم أو اتخاذ تدابير قنصلية أخرى " . أولا ً ، قد يُنظر إلى الإشارة إلى " القدرة والسلطة " من قبل أولئك الذين يمتلكون كلتيهما على أنها حكمٌ يجيز التصرف بطريقة غير مقيدة . ثانيا ً ، إن مصطلح " التدابير القنصلية " غائب عن اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ولا يمكن تفسيره بتطبيق معيار " المعنى العادي " لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات . ثالثا ً ، يجب أن تدرك الأغلبية أن فرنسا لم تحتفظ بوجود دبلوماسي وقنصلي في الجمهورية العربية السورية منذ آذار / مارس 2012 ( ) . رابعا ً وأخيرا ً ، ينبغي أن تدرك الأغلبية التزام الدولة الطرف، الذي قطعته في 14 أيلول / سبتمبر 2022 في أعقاب إعادة مواطنيها إلى فرنسا، بمواصلة هذه البعثات " كلما سمحت الظروف بذلك، استناداً إلى تطورات الوضع على أرض الواقع والظروف الأمنية المحيطة باحتجاز مواطنين فرنسيين في مخيمات في شمال شرق سوريا " ( ) . وقد أوفت الدولة الطرف بهذا التعهد، وفي 20 تشرين الأول / أكتوبر 2022، قامت ببعثة أخرى أفضت إلى إعادة 55 مواطنا ً فرنسيا ً في جسر جوي واحد ( ) .
6- وكان بإمكان اللجنة أن تسهم بنصيبها الخاص، مهما كان متواضعا ً ، في تلك الجهود بأن تخلص إلى أن البلاغ غير مقبول وأن تواصل في الوقت نفسه تشجيعها للمساعي الإنسانية التي تبذلها الدولة الطرف في بيئة متقلبة وغير مستقرة .
المرفق الثاني
[ الأصل: بالإنكليزية ]
رأي فردي لعضو اللجنة تود بوكوالد (مخالف)
1 - لا تتعلق هذه القضية بما إذا كان ينبغي أن تتخذ الدولة الطرف إجراءات لإعادة الضحايا إلى وطنهم، أو ما إذا كان مطلوبا ً منها أن تفعل ذلك بموجب أحكام اتفاقيات أخرى أو بموجب القانون الدولي العرفي. كما أن القضية لا تثير مسائل مجردة حول طبيعة الولاية القضائية. بل إن القضية تتطرق إلى مسألة محددة، هي ما إذا كانت الدولة الطرف لم تف بالتزامها بموجب المادة 2 ( أو المادة 1 6) من الاتفاقية باتخاذ تدابير فعالة لمنع أعمال التعذيب أو إساءة المعاملة " في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية " .
2 - فماذا تعني عبارة " في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية " ؟ تعني هذه العبار ة ، في ظاهرها، أن الإقليم الذي وقعت فيه أعمال التعذيب (أو سوء المعاملة) هو إقليم يخضع إلى حد ما للولاية القضائية للدولة الطرف. وقد اعترفت اللجنة في قراراتها بأنه يكفي أن يخضع الإقليم لسيطرة الدولة بحكم الواقع وأنه لا يلزم أن تكون لدى الدولة ولاية بمعنى أن يكون لها حقوق صاحب/صاحبة سيادة.
3 - لكن هذه القضية مختلفة. ولا تزعم اللجنة أن الدولة الطرف تسيطر على الإقليم ذي الصلة في الجزء الشمالي الشرقي من الجمهورية العربية السورية، بل تدعي أن هذه السيطرة غير ضرورية إذا كان هناك " رابط ولاية قضائية " بين الدولة الطرف والمشتكين. وقد يكون ذلك مقبولا ً إذا نصت المادة 2 على أن الدولة الطرف ملزمة بمنع أعمال التعذيب ضد أي شخص يربطها به رابط ولاية قضائية، ولكن هذا ليس ما تنص عليه المادة 2. والواقع أن الصيغ الأولى للنص الذي أصبح فيما بعد نص الاتفاقية ربما كانت تقبل مثل هذا التفسير. وهكذا، فإن المادة 4 من إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي اعتمدته الجمعية العامة في عام 1975 ، تنص على أن تتخذ كل دولة تدابير فعالة لمنع ممارسة التعذيب أو سوء المعاملة ضمن ولايتها القضائية، وتنص المادة 3 من المشروع الأصلي للاتفاقية المقدم من السويد على الشيء نفسه ( ) .
4- وفي حين أن هذه الصياغة ربما ساهمت فيما خلصت إليه اللجنة من استنتاج، استنادا ً إلى النظرية القائلة إن الأشخاص الذين تعرضوا للإيذاء كانوا خاضعين لولاية الدولة الطرف، فإن الدول التي تفاوضت على الاتفاقية رفضت تلك الصياغة على وجه التحديد، والمادة 2 ، بصيغتها المعتمدة، لا تشترط على الدولة الطرف إلا أن تتخذ تدابير لمنع أعمال التعذيب " في أي إقليم " يخضع لولايتها القضائية ( ) . والواقع أن تقرير الفريق العامل المعني بمشروع الاتفاقية يشير إلى أن المفاوضين رفضوا الصياغة تحديدا ً بسبب مخاوف " من أن عبارة ‘ داخل ولايتها ‘ قد تفسر تفسيرا ً واسعا ً جدا ً بحيث تشمل مواطني دولة ما المقيمين في إقليم دولة أخرى " ( ) . ومع ذلك، فإن هذا التفسير " الواسع جدا ً " هو الذي اتفقت عليه اللجنة الآن.
5 - ويبدو أيضا ً أن استنتاج اللجنة لا يتسق مع استخدام عبارة " في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية " في مواضع أخرى من الاتفاقية. فعلى سبيل المثال، تلزم المادة 5 ( 1 )( أ ) من الاتفاقية الدول بإقامة ولايتها القضائية على الجرائم المرتكبة " في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية " . غير أنه من الواضح أن المادة 5 ( 1 )( أ ) لا تلزم الدول بإقامة ولايتها القضائية على الجرائم المرتكبة خارج إقليمها ضد رعاياها لأن المادة 5 ( 1 )( ج ) توضح أن الدول غير ملزمة بأن تفعل ذلك. وإذا كانت العبارة لا تشمل الحالات التي تنطوي على رعايا دولة ما خارج إقليمها بموجب المادة 5 ، كيف يمكن أن نفسّر نفس العبارة على أنها تحمل المعنى المعاكس في المادة 2 ؟ إن القرار الذي اعتمدته اللجنة لا يرد على هذا السؤال.
6 - وقد دفع البعض بأن قرار اللجنة ينبع، مع ذلك، من قرارات صادرة عن لجنة حقوق الطفل أو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضايا مماثلة. غير أنه لا يمكن التأكد من صحة هذه الحجة. ففيما يتعلق باتفاقية حقوق الطفل، فإن استنتاج لجنة حقوق الطفل الذي مفاده أنه لا حاجة إلى وجود صلة إقليمية يستند إلى لغة مختلفة جدا ً في اتفاقية حقوق الطفل، وإلى تاريخ تفاوضي يختلف تماماً عن التاريخ التفاوضي لاتفاقية مناهضة التعذيب. وهكذا، فإن المادة 2 من اتفاقية حقوق الطفل تنص على أن تضمن الدول الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية " لكل طفل يخضع لولايتها " ، بدلا ً من الأطفال الموجودين في إقليم يخضع لولايتها ( ) . وقد اعتمدت لجنة حقوق الطفل على هذه النقطة صراحة، حيث قالت، على سبيل المثال، إن " الاتفاقية لا تقصر ولاية الدولة على ‘ الإقليم ‘ " ( ) وإنه " بموجب الاتفاقية، يقع على عاتق الدول التزام بأن تحترم وتضمن حقوق الأطفال الخاضعين لولايتها، ولكن الاتفاقية لا تقصر ولاية الدولة على ‘ الإقليم ‘ " ( ) . وفي هذا الصدد، لاحظت لجنة حقوق الطفل أن اختيار الكلمات كان متعمدا ً ، وعلى وجه التحديد، أنه في حالة اتفاقية حقوق الطفل، استبعد المفاوضون عمدا ً عنصر الإقليمية ( ) ، ونتيجة لذلك تقع على عاتق الدول بموجب تلك الاتفاقية " التزامات فيما يتعلق بحقوق الطفل خارج أراضيها " ( ) .
7 - وفيما يتعلق بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، خلصت الدائرة الكبرى إلى أن على فرنسا التزامات معينة فيما يتعلق بالتزام منفصل، بموجب المادة 3 ( 2) من البروتوكول 4 الملحق بالاتفاقية الأوروبية، بعدم حرمان أي شخص " من الحق في دخول إقليم الدولة التي هو من رعاياها " ، معللة ذلك بأن هذا الحق لا يكون له معنى إلا إذا كان ينطبق، على الأقل إلى حد ما، على المواطنين الموجودين خارج إقليم الدولة - وهي حالة مختلفة تماما ً عن الحالة التي تنطوي عليها القضية المعروضة على لجنتنا ( ) . والواقع أنه فيما يتعلق بالالتزام بمنع التعذيب، رفضت الدائرة الكبرى على وجه التحديد التفسير الذي مفاده أن الاتفاقية الأوروبية تلزم فرنسا بضمان حق رعاياها في عدم التعرض للتعذيب خارج إقليمها، وخلصت إلى أن هذا التفسير " سيكون بمثابة مطالبة [فرنسا] بالامتثال للمادة 3 من الاتفاقية على الرغم من أنها لا تمارس ‘ سيطرة ‘ " ( ) . وهكذا، فإن استنتاجات الدائرة الكبرى، شأنها شأن استنتاجات لجنة حقوق الطفل، تقوض القرار الذي اعتمدته اللجنة اليوم ولا تعززه.
8 - وفي الختام، لا يتناول قرار اللجنة أيا ً من المسائل المبينة أعلاه، وهذا تقصير يبدو مؤسفا ً بشكل خاص في قضية تنطوي على مثل هذه الآثار العميقة المحتملة على تفسير الاتفاقية. وبناء على ذلك، فإنني أرفض بكل احترام الموافقة على قرار اللجنة.