الأمم المتحدة

CRPD/C/22/D/24/2014

اتفاق ية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

Distr.: General

15 October 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥ من ا لبروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم ٢٤/٢٠١٤ * **

بلاغ مقدم من: ز. (يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: جمهورية تنزانيا المتحدة

تاريخ تقديم البلاغ : ١٢ حزيران/ يونيه ٢٠١٤ (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادتين 64 و70 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 9 كانون الثاني/يناير ٢٠١٥ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : ١٩ أيلول/سبتمبر ٢٠١٩

الموضوع: التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ والتمييز ضد شخص مصاب بالمهق

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وإثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: المهق؛ التمييز القائم على أساس الإعاقة؛ والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ وانتهاك الحق في احترام السلامة الذهنية والعقلية

مواد الاتفاقية: 5 و6، و8 و10 و14 و15(1) و16 و17

مواد البروتوكول الاختياري: 2(د) و(هـ)

١- صاحبة البلاغ هي السيدة ز.، مواطنة من جمهورية تنزانيا المتحدة ولدت في عام ١٩٨٣. وهي تدعي أنها ضحية انتهاك الدولة الطرف للمواد 5 و6 و8 و10 و14 و15(١) و١٦ و١٧ من الاتفاقية. وقد صدقت جمهورية تنزانيا المتحدة على البروتوكول الاختياري في ١٠ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٩. ويمثل صاحبة البلاغ محام ( ) .

ألف- موجز المعلومات والحجج التي قدمها الطرفان

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 ولدت صاحبة البلاغ في ٣ آذار/مارس ١٩٨٣. وهي تنتمي إلى قرية نتوبييه في منطقة كاجيرا بجمهورية تنزانيا المتحدة. وهي مصابة بالمهق وأم عزباء. وكانت حتى عام ٢٠٠٨، مزارعة تمارس زراعة الكفاف.

2-2 وفي ١٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٨، كانت صاحبة البلاغ ترقد إلى جانب طفلها ذي العامين حين اعتدى عليها رجلان وقطع ا أحد ذراعيها بالساطور وشوها الأخرى. وتمكنت من رؤية أحد الرجلين، وكان جارها أما الثاني فلم تعرف من يكون. وصرخت صاحبة البلاغ طلب اً للنجدة ولم يُغثها أحد وتمكن الرجلان من الفرار وهما يحملان ذراعها. وفي وقت لاحق، بترت ذراعها الأخرى في المستشفى. وكانت صاحبة البلاغ حامل اً آنذاك ولكنها طرحت حملها بسبب ذلك الاعتداء.

2-3 وفي يوم غير محدد من عام ٢٠١١، ألقي القبض على المعتدييْن وحوكما. وادعت صاحبة البلاغ أنها تعرف أحد المعتديين حق المعرفة. غير أن المحكمة لم تعط وزن اً كبير اً لشهادتها لأنها رأت أنه ما كان بإمكانها التعرف على الشخصين اللذين اعتديا عليها نظر اً لإصابتها بحالة ضعف البصر التي تمنعها من الرؤية بوضوح. وبالإضافة إلى ذلك، سُمح لوالدها بالإدلاء بشهادته من دون توكيل رسمي وكان ثمل اً. وتعارضت شهادته مع شهادة صاحبة البلاغ. ولذلك، بُرِّئ المعتديان لعدم كفاية الأدلة.

2-4 وبعد الحادث، أصبحت صاحبة البلاغ عاجزة عن مزاولة أي نشاط. واستقبلتها مفوضة المقاطعة وآوتها في منزلها. ولكنها ظلت تتعرض للمضايقة والتمييز والوصم، ولم تعد قادرة، بعد فقدان ذراعيها، على القيام بالأنشطة الشخصية الاعتيادية مثل الاستحمام وإطعام نفسها.

2-5 ووفق اً للإحصاءات التي قدمتها صاحبة البلاغ، فإن العدد الإجمالي للأشخاص المصابين بالمهق في جمهورية تنزانيا المتحدة يقدر بأكثر من ٠٠٠ ٢٠٠ شخص ( ) . ويتعرض الأشخاص المصابون بالمهق لشتى أشكال الاضطهاد والتمييز التي ينبع كثير منها من الأساطير. وتفيد صاحبة البلاغ بأن هناك اعتقادا ً سائدا ً بأنهم ” لعنة من الآلهة “ و ” أشباح من الداخل “ . وتشير صاحبة البلاغ أيضاً إلى اعتقاد الناس بأن أعضاء جسم الشخص المصاب بالمهق يجلب الثروة والرخاء. وفي هذا السياق، كثير اً ما يقع الأشخاص المصابون بالمهق ضحية لأعمال الشعوذة؛ وترمي هذه الممارسات أيضاً إلى التخلص من الأشخاص ذوي الإعاقة لأن رعايتهم تعتبر عبئ اً لا يعود بفائدة على المجتمع. وفي هذا الصدد، تدعي صاحبة البلاغ أن الجناة يفلتون من العقاب في معظم حالات العنف التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق، لأن سلطات الدولة الطرف تعتبر هذا النوع من العنف مرتبطا ً بالسحر، الذي يمثل عموماً، ممارسة ثقافية مقبولة ولا تزال تخضع للتحيز السائد في المجتمع.

2-6 وتدعي صاحبة البلاغ عدم وجود سبل انتصاف محلية متاحة في الدولة الطرف. وقد تقاعست سلطات الدولة الطرف عن بذل العناية الواجبة وإظهار الالتزام في المحاكمة لكي يتسنى تحقيق العدالة في قضية صاحبة البلاغ. وتهاونت السلطات في معالجة هذه القضية ولم تعمل على جمع الأدلة الهامة، مما أدى إلى تبرئة اثنين من المتهمين بدعوى عدم كفاية الأدلة.

2-7 وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف هي من يتعين عليها أن تطعن في هذا القرار عن طريق المدعي العام. وتدفع صاحبة البلاغ كذلك بأن حقها في محاكمة عادلة قد انتهك بسبب عدم جبر الضرر الذي أصابها، وعدم تعمق السلطات الوطنية المختصة في بحث قضيتها. وفي هذا الصدد، تشير صاحبة البلاغ إلى قرار لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان بشأن قضية أرغيس سيكيرا مانغاس ضد نيكاراغوا ، الذي يقضي بعدم جواز طلب استنفاد سبل الانتصاف المحلية في حالة الجرائم التي تقام بشأنها دعوى عامة وحتى في حالة الجرائم التي تخضع للمقاضاة الشخصية لأن الدولة من واجبها حفظ النظام العام، وهي بذلك، ملزمة بتفعيل نظام القانون الجنائي ومعالجة القضية حتى النهاية. وكما ذكرت محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان واستشهدت به لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في القرار أعلاه، فإن الالتزام بإجراء تحقيق يجب أن تتحمله الدولة باعتباره واجب اً مفروض اً عليها قانون اً وليس كإجراء يتخذ للدفاع عن مصالح خاصة ويتوقف على مبادرة من الضحية أو أسرة الضحية أو على دليل يقدمانه من دون أن تبذل الحكومة جهود اً فعالة لتقصي الحقيقة. وبعبارة أخرى، يعدُّ الالتزام بإجراء التحقيق ومقاضاة الأشخاص المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ومعاقبتهم من واجبات الدولة غير القابلة للتفويض ( ) .

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أنها ضحية انتهاك حقوقها المكفولة بموجب المواد ٥ و٦ و٨ و١٠ و١٤ و١٥ ( ١) و١٦ و١٧ من الاتفاقية.

3-2 وفيما يتعلق بالمادة ٥، تدعي أنها تعرضت للتمييز بسبب إعاقتها لأن الدولة الطرف تقاعست عن توفير الرعاية للأشخاص المصابين بالمهق. وتدفع بأن الاعتداء عليها هو مثال على ممارسة منهجية تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق. وترى أنها ما كانت لتتعرض لهذا الهجوم لو أن الدولة الطرف اتخذت تدابير وقائية لحماية الأشخاص المصابين بالمهق.

3-3 وتدعي صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير اللازمة لحماية النساء ذوات الإعاقة وكفالة حقوقهن وتمكينهن، طبق اً لما تقتضيه المادة ٦ من الاتفاقية.

3-4 وترى صاحبة البلاغ كذلك أنها ضحية انتهاك حقوقها المكفولة بموجب المادة ٨ من الاتفاقية، لأن الدولة الطرف لم تنفذ حملات التوعية العامة لضمان إدراك حقوق الأشخاص المصابين بالمهق. ويبدو أن سلطات الدولة الطرف قد تجاهلت عمداً المهق كحالة من حالات الإعاقة. وفي هذا الصدد، تدعي صاحبة البلاغ أن سكان قريتها يرون أن التماسها للعدالة قد جلب العار للقرية. وتدفع بأن هذا التصور يدل على الجهل السائد بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وعلى تقاعس السلطات عن اتخاذ إجراءات بهذا الشأن.

3-5 وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تقاعست عن اتخاذ تدابير لحماية الأشخاص المصابين بالمهق، وأن هذا التقاعس يشكل انتهاك اً لحقوقها المكفولة بموجب المادة ١٠ من الاتفاقية. وتدفع بأن الشخصين اللذين هاجماها ما كانا ليجرؤا على فعل ذلك لو أن الدولة الطرف امتثلت لمقتضيات الاتفاقية.

3-6 وترى صاحبة البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف لم توفر الأمن اللازم لكي يتمكن الأشخاص المصابون بالمهق من التمتع بالحياة، وهو ما يشكل انتهاك اً للمادة ١٤ من الاتفاقية.

3-7 وتدفع صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف لم توفر لها الحماية من العنف والتعذيب. وقد كابدت خطر اً مزدوج اً، بوصفها امرأة أول اً ثم بوصفها مصابة بالمهق. وتدعي صاحبة البلاغ أن قطع ذراعيها يعد بوضوح بمثابة التعذيب والمعاملة المهينة، وهو ما يشكل انتهاك اً لحقوقها المكفولة بموجب المادة ١٥ ( ١) من الاتفاقية.

3-8 وترى صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تكفل حماية الأشخاص المصابين بالمهق من التعرض للاستغلال والعنف والاعتداء، وأن حالة الإفلات من العقاب لا تزال مستمرة فيما يتعلق بجميع الجرائم ذات الصلة، مع أن هذه الممارسات تنتشر على نطاق واسع ولا تخفى على السلطات. ولذلك، فهي ترى أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة ١٦ من الاتفاقية.

3-9 وتدعي صاحبة البلاغ أن ذلك ترتب عليه عدم احترام سلامتها البدنية. وتقاعس الدولة الطرف عن اتخاذ تدابير ترمي إلى حماية الأشخاص المصابين بالمهق من هذه الممارسات أو إلى إنشاء آليات فعالة للحماية والردع، فيه انتهاكٌ للالتزامات الواقعة عليها بموجب المادة ١٧ من الاتفاقية ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في ٢٥ حزيران/ يونيه ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وهي تدفع بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، عملاً بالمادة ٢(د) من البروتوكول الاختياري. وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن البلاغ لا يستوفي شرط المقبولية المنصوص عليه في المادة ٢(ه) من البروتوكول الاختياري.

4-2 وتدعي الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ كان بإمكانها تقديم التماس دستوري بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية، الذي ينص على إجراءات إنفاذ الحقوق الدستورية الأساسية. فقد عززت الدولة الطرف وتيرة الفصل في القضايا الدستورية بوضع قائمة دائمة تضم أسماء خمسة قضاة لتولي النظر في القضايا الدستورية وتسريع جلسات الاستماع فيها.

4-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ المتعلق بجبر الضرر، تدفع الدولة الطرف بأن هذه المسألة لم تثر قط أمام السلطات. وفي هذا الصدد، تدعي الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ بإمكانها إقامة دعوى مدنية بشأن المقاضاة الكيدية ضد السلطات التي وجهت الاتهام.

4-4 وتطعن الدولة الطرف كذلك في ادعاء صاحبة البلاغ بشأن تقاعسها عن إجراء تحقيقات فعالة، وتدفع بأن الشرطة شرعت في التحقيق فور وقوع الاعتداء ( ) . وتشير إلى أن ثلاثة مشتبه فيهم قد ألقي القبض عليهم واستدعوا للمثول أمام المحكمة العليا بتهمة محاولة القتل (القضية الجنائية رقم ٣٦ المؤرخة عام ٢٠٠٩).

4-5 وتدفع الدولة الطرف بأن المدعي العام للدولة كان عازم اً على ضمان إدانة الأشخاص المتهمين لأن السلطات المختصة هي نفسها التي باشرت المقاضاة الجنائية ضدهم. ولا يجوز أن يُعزى قصور الأدلة المتاحة عن استيفاء معيار التعرف على هوية المتهمين بما يتجاوز درجة الشك المعقول، وهو معيار ضروري، إلى إهمال من طرف الادعاء العام الذي عرض القضية بعناية.

4-6 وعندما عرضت القضية على المحكمة العليا، سحب الادعاء العام التهم الموجهة إلى شخصين من الأشخاص المتهمين لأن الأدلة المتاحة لإدانتهما لا تستوفي المعيار المطلوب (وهو تجاوز درجة الشك المعقول) لضمان صدور حكم الإدانة. ولم يُبرَّأ هذان المتهمان ولا يزال توجيه تهمة جريمة محاولة القتل لهما ممكن اً. وبدأت محاكمة كاملة في حق المتهم الثالث. وقدم الادعاء العام ثمانية شهود وأبرز ثلاثة مستندات كأدلة. وفي ١٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، برأت المحكمة العليا المتهمين لعدم استيفاء شروط التعرف على هوية المتهمين التي حددتها محكمة الاستئناف من أجل إثبات عناصر الدعوى بما يتجاوز درجة الشك المعقول وإعطاء مسوغ للإدانة.

4-7 وتنفي الدولة الطرف الادعاء القائل بأن الأدلة التي قدمتها صاحبة البلاغ لم تُعْطَ وزن اً كبير اً بسبب ضعف قدرتها على الإبصار. فلا الادعاء العام ولا محامي الدفاع ولا القاضي وضعوا بصر صاحبة البلاغ في حسبانهم. وقد استُند في التحقق من التعرف على هوية المتَّهمين إلى المبادئ والمعايير التي عيَّنتها محكمة الاستئناف للتعرف على هوية الشخص المتهم. وعلاوة على ذلك، ترى الدولة الطرف أنه من المحال أن يكون الادعاء العام والقاضي والخبراء القضائيون قد سمحوا لشاهد بالإدلاء بشهاداته وهو تحت تأثير الكحول. ولذلك، ترى الدولة الطرف أن ادعاءات صاحبة البلاغ لا أساس لها من الواقع وغير مدعمة بأدلة مثبتة.

4-8 وحين قضت المحكمة العليا بأن عملية التعرف على هوية المتهم لا تستوفي المعيار المطلوب (وهو تجاوز درجة الشك المعقول)، أخذت في اعتبارها جميع العوامل، مثل التناقضات التي اعترت شهادات الشهود بشأن ما إذا كان هناك قنديل في غرفة صاحبة البلاغ مكنها من التعرف على هوية المتهمين.

4-9 واستندت المحكمة العليا إلى الاجتهادات القضائية الوطنية البارزة، والتي حددت شروط التعرف على هوية المتهم لإعطاء مسوغ لإدانته. ففي قضية وزيري أماني ضد الجمهورية (١٩٨٠)، رأت محكمة الاستئناف أن الدليل المتمثل في التعرف على المتهم بصري اً هو أضعف أنواع الأدلة وأقلها موثوقية، وأنه لا ينبغي لأي محكمة أن تستند إلى هذه الأدلة إلا إذا كانت جميع احتمالات الخطأ في التعرف على الهوية مستبعدة واقتنعت المحكمة تمام اً بأن الأدلة المعروضة عليها لا جدال فيها ( ) .

4-10 ولم ترفع صاحبة البلاغ قط طلباتها إلى المحاكم المحلية ولم تمنح الدولة الطرف فرصة لمعالجة الانتهاكات المزعومة التي عرضتها على اللجنة. وينبغي أن تُمنح الدولة الطرف الفرصة لتصحيح الانتهاك المزعوم في إطار نظامها القانوني المحلي قبل معالجته على الصعيد الدولي ( ) . وقد ثبت أنه لا يكفي إطلاق الافتراءات بشأن اقتدار سبل الانتصاف المحلية في الدولة الطرف في معالجة حوادث معزولة؛ وبدل اً من ذلك، يتعين على صاحبة البلاغ أن تتخذ جميع الخطوات اللازمة لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية، أو أن تحاول استنفادها على الأقل.

4-11 ولا تقبل الدولة الطرف بما قالته صاحبة البلاغ بشأن عدم تمكنها من الوصول إلى العدالة. فقد جرت محاكمة كاملة، وصدور حكم بتبرئة المتهمين وعدم استئناف الحكم لا يعنيان أن صاحبة البلاغ قد حرمت من حقها في الوصول إلى العدالة وفي التقاضي. أما قرار عدم استئناف الحكم الصادر، فقد اتخذ استناد اً إلى رأي قانوني مهني مفاده أن تقديم استئناف إلى محكمة الاستئناف لن يجدي شيئ اً بالنظر إلى أن المحكمة العليا استندت إلى القرارات نفسها الصادرة عن محكمة الاستئناف بشأن معايير إدانة المتهم بناء على التعرف على هويته.

4-12 وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تعلن عدم مقبولية القضية لأنها باطلة. وهي تنفي الادعاء المتعلق بانتهاك المادة ٥ من الاتفاقية، لأن الدولة الطرف اتخذت مبادرات لضمان عدم التمييز ضد الأشخاص المصابين بالمهق ومعاملتهم معاملة متساوية. وفي عام ٢٠١٠، اعتمد القانون المتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة لتلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم الأشخاص المصابون بالمهق، وضمان عدم تعرضهم للتمييز. وفي عام ٢٠٠٤، سُن قانون التشغيل وعلاقات العمل تحديد اً من أجل القضاء على التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة في مكان العمل. وعلاوة على ذلك، أنشئت إدارة خاصة داخل وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية لكي تشرف على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم الأشخاص المصابون بالمهق. ويمكن للأشخاص المصابين بالمهق اللجوء إلى شعبة الرعاية الاجتماعية لطلب إعفائهم من دفع تكاليف الخدمات الطبية. وهناك أيضاً خدمات متنوعة متاحة، مثل تقديم الإرشاد والمشورة. وقد وضعت الدولة الطرف سياسة وطنية بشأن الإعاقة في عام ٢٠٠٤ لضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بالحق في المشاركة في الشؤون العامة والخاصة. وهناك على سبيل المثال، عضو في البرلمان حالي اً مصاب بالمهق. وأنشأت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية مجلس اً وطني اً (صندوق) من أجل تقديم الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة. ولا تزال الدولة الطرف توفر الغذاء والملبس والمأوى والخدمات الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة الذين لا يستطيعون إعالة أنفسهم، وقدمت المساعدة إلى ٢٣٥ ١ شخص اً في عام ٢٠١٤. وتمثل السياسة السكانية الوطنية لعام ٢٠٠٦ وسيلة أخرى لحماية حقوق الأشخاص المصابين بالمهق. وتدل هذه السياسة العامة على إدراك المشاكل التي تعترض الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك الوصم والتمييز، والهدف المتوخى منها هو تعزيز رفاه الأشخاص ذوي الإعاقة.

4-13 وتدعي الدولة الطرف أنها بذلت جهود اً لضمان إيلاء الاعتبار لاحتياجات النساء ذوات الإعاقة، بمن في ذلك النساء المصابات بالمهق، في كل المسائل ذات الصلة بنمائهن الشخصي وبحقوقهن في الصحة والتعليم. وفي هذا الصدد، هناك كليتان خاصتان بالأشخاص ذوي الإعاقة في منطقتين اثنتين تقدمان دورات التدريب المهني لأفراد هذه الفئة. واعتمدت الدولة الطرف عدد اً من القوانين المحددة وورقات السياسة العامة في مجال الصحة، مثل الخطة الاستراتيجية لقطاع الصحة (تموز/يوليه ٢٠٠٩ - حزيران/ يونيه ٢٠١٥). ولذلك، ترى الدولة الطرف أنها لم تنتهك التزاماتها بموجب المادة ٦ من الاتفاقية.

4-14 وتنكر الدولة الطرف أيضاً ادعاءات صاحبة البلاغ التي تفيد بأنها لم تبذل أي جهد للتوعية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص المصابين بالمهق. فوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية تعاونت مع المجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى من أجل إذكاء الوعي العام في جميع أنحاء البلد. واضطلعت لجنة حقوق الإنسان والحكم الرشيد، وهي المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بدور فعال جد اً في تعزيز وحماية حقوق الأشخاص المصابين بالمهق. وفي عام ٢٠٠٩، نفذت هذه اللجنة أنشطة في مجال البحث والتحقيق والتوعية في أوساط الجمهور وجميع الجهات الفاعلة الرئيسية، ولا سيما موظفو إنفاذ القانون والجهاز القضائي، وزعماء الرأي على مستوى القاعدة الشعبية والمعالجين التقليديين المجازين وموظفي الرعاية الاجتماعية في المناطق والمقاطعات، وخاصة في المناطق التي يتفشى فيها قتل الأشخاص المصابين بالمهق. وفي ٢٤ أيلول/سبتمبر ٢٠١٤ ، عملت اللجنة، بالتعاون مع منظمة "UndertheSameSun" ومنظمة "theTanzaniaAlbinismSociety" ومع جهات معنية أخرى، على تنظيم مناسبة عامة تحت شعار ” الحق في السلام للجميع: فليتوقف قتل الأشخاص المصابين بالمهق “ . وفي هذه المناسبة، أُطلع الجمهور على كيفية اتخاذ الخطوات اللازمة، على مستوى الأفراد والجماعات، لتعزيز حقوق الأشخاص المصابين بالمهق.

4-15 وتطعن الدولة الطرف في الادعاءات التي تفيد بأنها لم تُبيِّن أو تتخذ التدابير المناسبة للحد من تعرض مواطنيها للإيذاء الجسدي والعاطفي والنفسي. وقد اتخذت الدولة الطرف فور اً إجراءات بشأن أعمال الاعتداء على الأشخاص المصابين بالمهق وقتلهم التي بلغت ذروتها في الفترة ٢٠٠٦ - ٢٠٠٧. وشُكِّلت فرق عمل خاصة للتحقيق في أعمال الاعتداء على الأشخاص المصابين بالمهق ومقاضاة الجناة. وتمثل الاعتقالات والمحاكمات التي جرت حتى الآن، ثمرة جهود التعاون بين الشرطة والمدعين العامين والقضاء. وقد وردت معلومات هامة ولا تزال ترد عن طريق مبادرة لممارسة الخفارة المجتمعية، وهي مبادرة بذلت الشرطة في إطارها جهود اً جماعية لتسهيل الوصول إليها على أفراد المجتمع والجماعة التي تسهر على حمايتها من أجل الحصول على معلومات موثوقة. واتخذت الدولة الطرف التدابير المناسبة لوقف أعمال القتل هذه عن طريق تشكيل قوة عمل وتعليق الحكومة لجميع التراخيص التي مُنحت للمعالجين التقليديين في عام ٢٠٠٨، وتنظيم حملات التوعية العامة وتسريع وتيرة التحقيق والملاحقة القضائية في القضايا الجنائية، بما في ذلك عقد دورات جنائية محددة للنظر في القضايا ذات الصلة بالاعتداء على الأشخاص المصابين بالمهق وقتلهم تسريع اً لصدور الأحكام القضائية. وساهمت هذه التدابير الصارمة في انخفاض عدد أعمال الاعتداء والقتل التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق. وتعمل وزارة الداخلية حالي اً على إلغاء تراخيص المعالجين التقليديين، وهي ستنظم زيارة للمناطق التي تنتشر فيها الاعتداءات على الأشخاص المصابين بالمهق أكثر من غيرها، وذلك بهدف تتبع الممارسين عديمي الضمير الذين يروجون للفكرة التي تربط بين أعضاء من جسم الشخص المصاب بالمهق وجلب الثروة والنجاح.

4-16 وينفذ رئيس النيابات العامة مبادرات شتى تركز على تبادل المعلومات واستراتيجيات مثل تسريع وتيرة التحقيق والمقاضاة ومعالجة الصعوبات التي تواجهها المؤسسات عند تناول قضايا الاعتداء على الأشخاص المصابين بالمهق وقتلهم. فعلى سبيل المثال، يجري رئيس النيابات العامة عمليات تفتيش في المناطق التي يكثر فيها الإبلاغ عن وقوع جرائم ضد الأشخاص المصابين بالمهق. والهدف من عمليات التفتيش هو دراسة ملفات القضايا الموجودة لدى الشرطة لاستقاء بيانات دقيقة عن عدد هذه القضايا وحالتها، إلى جانب تقديم المشورة للضحايا وتشجيع الشهود المحتملين الذين يترددون في الإدلاء بشهادتهم في المحكمة.

4-17 وتؤكد الدولة الطرف وجود العديد من التحديات التي ينبغي التغلب عليها واستمرار الجهود المبذولة. ومع ذلك، لا ينبغي أن ينظر إلى الدولة الطرف على أنها لا تحرك ساكن اً ولا تكثرت بحالة الأشخاص المصابين بالمهق. وتنفي الدولة الطرف الادعاءات التي تفيد بأنها لم تحترم حقوق صاحبة البلاغ، مما يشكل انتهاك اً لأحكام المواد ٥ و٦ و٨ و١٠ و١٤ و١٥(١) و١٦ و١٧ من الاتفاقية.

4-18 وتدعي كذلك أن عدد اً من التدابير التصحيحية الملتمسة في البلاغ قد نفذت كلي اً أو جزئي اً وسوف تستمر الدولة الطرف في بذل قصارى جهدها والوفاء بالتزاماتها بوصفها المسؤولة الرئيسية عن تعزيز وحماية حقوق الأشخاص المصابين بالمهق.

4-19 وتؤكد الدولة الطرف من جديد أن مسألة جبر الضرر لم تثر قط أمام المحاكم الوطنية، وأن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، وأن اللجنة لا تملك اختصاص البت في المسائل المتعلقة بجبر الضرر التي لم تثر قط في الدولة الطرف.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 في ٢٥ آب/أغسطس ٢٠١٦، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، ودفعت بأن قاعدة استنفاد سبل الانتصاف المحلية لا ينبغي أن تكون درع اً تحتمي به الدول التي لم تهيئ بيئة مناسبة لتعزيز حقوق أفرادها وحمايتها وصونها. وفي هذا الصدد، تشير صاحبة البلاغ إلى الاجتهادات القضائية لآليات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية ( ) . فعندما تنعدم سبل الانتصاف المحلية أو تطول إجراءاتها بلا موجب أو على نحو يتجاوز حدود المعقول أو يُستبعد أن تحقق إنصافاً فعالاً، يُسمح باللجوء إلى التدابير الدولية. وترى صاحبة البلاغ أن هذا يصدق على أعمال القتل والاعتداءات التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق، وهي أعمال ذات طابع نُظُمي تشهدها الدولة الطرف باستمرار، وتعد بمثابة انتهاك جسيم لحقوق هؤلاء الأشخاص من دون أن يلقى الجناة عقابهم.

5-2 وفيما يخص ادعاء الدولة الطرف الشروع في التحقيق في قضية صاحبة البلاغ في نفس اليوم الذي تعرضت فيه للاعتداء، أي في ١٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٨، وإلقاء القبض على ثلاثة متهمين بارتكاب الجريمة، تقر صاحبة البلاغ بأن المدعي العام سحب التهمة عن اثنين من المتهمين لعدم كفاية الأدلة.

5-3 وتشير صاحبة البلاغ إلى قرار لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان بشأن قضية أرغيس سيكيرا مانغاس ضد نيكاراغوا المشار إليها أعلاه. ورأت هذه اللجنة أنه لا يجوز، في حالة الجرائم التي تقام فيها الدعوى العامة وحتى في حالة الجرائم التي قد تخضع للمقاضاة الشخصية، أن يطلب من الضحية أو من أقربائه استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن الدولة من واجبها حفظ النظام العام، وهي بذلك، ملزمة بتفعيل نظام القانون الجنائي ومعالجة القضية حتى النهاية. وعلاوة على ذلك، تستشهد اللجنة بموقف محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان الذي يقضي بأن الالتزام بالتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومقاضاة الأشخاص المسؤولين عن ارتكابها ومعاقبتهم هو من واجبات الدولة غير القابلة للتفويض ( ) .

5-4 وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تهاونت في التحقيق واتخاذ إجراءات الملاحقة القضائية في قضيتها على نحو فعال، كما في العديد من الحالات التي أُسقطت فيها التهم، وأوقفت فيها إجراءات الملاحقة القضائية. ولم تقدم لها أي معلومات عن التقدم المحرز بشأن تقديم المتهمين بارتكاب الجريمة إلى العدالة. ولذلك، فإنه على الرغم من ادعاء الدولة الطرف استمرار التحقيق تحقيق اً للعدالة، لا يوجد ما يشير إلى وصول هذه التحقيقات إلى خواتيمها والتوصل إلى نتائج، وقد حرمت صاحبة البلاغ من العدالة في نهاية المطاف.

5-5 وتدفع صاحبة البلاغ كذلك بأنه لا حاجة إلى استنفاد سبل الانتصاف التي تستغرق وقت اً طويل اً بلا موجب وتكون بحكم طبيعتها غير فعالة. وعادةً ما تنظر هيئات المعاهدات في سلوك الدولة المعنية ومدى تعقيد القضية لتقييم ما إذا كان التأخير معقولا ً ( ) . وتفيد الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تقدم بعد التماس اً دستوري اً بشأن انتهاك حقوقها على النحو المنصوص عليه في قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية، وترى أن ذلك يقوم مقام عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتقر صاحبة البلاغ بأنها لم تقدم التماس اً دستوري اً بشأن انتهاك حقوقها.

5- 6 وفي هذا الصدد، تشير صاحبة البلاغ إلى التماس قدمه أشخاص مصابون بالمهق تعرضوا لأعمال عنف إلى المحكمة العليا، في عام ٢٠٠٩، وفق اً لقانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية ( ) . وبعد ست سنوات، اتخذ بشأنه قرار يقضي برفض مطالبات مقدمي هذا الالتماس. وتدعي صاحبة البلاغ أن الإجراءات في المحكمة العليا عادة ما تسفر عن حالات تأخير لا موجب له لأن وجود عدد محدود من القضاة في العديد من الفروع الإقليمية للمحكمة العليا يجعل تشكيل هيئة المحكمة أمر اً معقد اً. وقد تأخرت معالجة القضايا المتعلقة بحقوق الأشخاص المصابين بالمهق وطالت مدتها بلا موجب، وعليه، فإن سبيل الانتصاف هذا لا يعتبر متاح اً.

5-7 وتدفع صاحبة البلاغ كذلك بأن سبيل الانتصاف لا يعتبر متاحاً إلا إذا كان سهل المنال نظري اً وعمليا ً ( ) ويمكن اللجوء إليه بلا عوائق ( ) . وتعتبر سبل الانتصاف المحلية فعالة أيضاً عندما تتيح فرص اً للتوصل إلى نتيجة، من قبيل تصحيح الانتهاكات. وتشير صاحبة البلاغ إلى الاجتهادات القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومفادها أنه لا لزوم لأن يستنفد مقدم الطلب سبل الانتصاف المحلية ” عندما يثبت وجود ممارسة إدارية تقوم على تكرار أفعال تتنافى مع اتفاقية [حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية] وتسامحٍ رسمي من سلطات الدولة إزاءها، ويكون من شأن هذه الممارسة أن تجعل الإجراءات غير ذات جدوى أو غير فعالة “ ( ) .

5-8 وتدعي صاحبة البلاغ أن سبل الانتصاف المحلية غير متاحة في الدولة الطرف، وإذا ما أتيحت فإنها تكون عديمة الفعالية وغير كافية. ويعتبر سبيل الانتصاف متاح اً إذا كان بالإمكان استخدامه بالفعل من دون عقبات. ويمكن اعتباره فعال اً إذا كان يتيح إمكانية التوصل إلى نتيجة، ويكون كافي اً إذا كان كفيل اً بمعالجة الانتهاك ( ) . وتشير صاحبة البلاغ أيضاً إلى الاجتهادات القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تقضي بوجوب أن يكون وجود سبل الانتصاف المحلية مضمون اً بدرجة كافية ليس فقط من الناحية النظرية، بل في الممارسة العملية أيض اً. وعند تحديد ما إذا كان سبيل الانتصاف يستوفي معياريْ التوافر والفعالية، يجب أن تؤخذ في الحسبان الظروف الخاصة بكل حالة على حدة ( ) . وعلاوة على ذلك، يجب أن تأخذ اللجنة في الاعتبار، عند البت في مآل قضية من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان المعروضة على المحاكم في جمهورية تنزانيا المتحدة، عدم وضوح طبيعة ونطاق سبل الانتصاف التي يمكن أن تقدمها المحكمة العليا. ففي قضية مركز الحقوق القانونية وحقوق الإنسان وآخرون ضد المدعي العام وآخرين ، رأت المحكمة العليا أن التعويض لا يُمنح إلا بعد إثبات وقوع الضرر عن طريق دعوى مدنية منفصلة ( ) . ومع أن القضية تتعلق بانتهاك حقوق مجموعة من الأشخاص (مجتمع المهق)، فإن صيغة الحكم توحي في الظاهر بأن الأمر يتطلب إقامة دعوى مدنية في حالة مطالبة الأفراد بالتعويض عن التعرض لانتهاك من انتهاكات حقوق الإنسان.

5-9 وتدعي صاحبة البلاغ أن مفهوم انتهاكات حقوق الإنسان ” الخطيرة “ أو ” الجسيمة “ قد تطور أيضاً في العديد من هيئات حقوق الإنسان إلى اعتباره استثناء من القاعدة العامة المتمثلة في استنفاد سبل الانتصاف المحلية ( ) . وتشير الإحصاءات إلى قتل 76 شخص اً مصاب اً بالمهق في المجموع، خلال الفترة الممتدة من عام 2000 وحتى حزيران/يونيه 2006، ونجاة 69 من الاعتداءات تعرض كثيرٌ منهم لتشويه شديد ( ) . والنظام القضائي في جمهورية تنزانيا المتحدة غير مهيأ لمعالجة العدد الكبير من القضايا المتعلقة بالأشخاص المصابين بالمهق، وتدل الممارسات المتبعة حالي اً على عدم رغبة الحكومة في التصدي لهذه المشكلة ( ) . وترى صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لا يجدر بها أن تنتظر من يبلغها عن وقوع انتهاكات حقوق الإنسان لكي تفعل شيئ اً من أجل تصحيح الوضع، فهي تتحمل واجب اً رئيسي اً يقتضي منها أن تتصرف قبل أن يأتي من يبلغها.

5-10 وتدفع صاحبة البلاغ بأن جهاز الادعاء العام الجاد والحريص لا يمكن أن ينفق أكثر من سبع سنوات في التحقيق في قضية اتُّهم فيها شخصان. ولم تبين الدولة الطرف مدى العناية التي بذلتها في معالجة الانتهاكات المزعومة، وتعزيز ثقة الضحايا في التزامها بتقديم الجناة إلى العدالة. والامتناع عن اللجوء إلى محكمة الاستئناف والسماح بإنهاء القضية عند صدور حكم المحكمة العليا ينبغي أن يُفسر برمته على أنه عدم التزام بالحد من الانتهاك المستمر لحقوق صاحبة البلاغ.

5-11 وفي قضية صاحبة البلاغ، لم يُوجه الاتهام إلى أي شخص لعدم كفاية الأدلة. غير أن صاحبة البلاغ ترى أن الدولة الطرف ملزمة بتوخي الفعالية والعناية في التحقيق في هذه الأفعال اللاإنسانية ومقاضاة الجناة ( ) . وتقول صاحبة البلاغ إن الدولة الطرف تدعي أنها أقامت الدعوى في هذه القضية، ومع ذلك، فهي تخل بواجبها الإيجابي الذي يقتضي منها احترام حقوق الإنسان وحمايتها وإعمالها ما دامت الحكومة لا تبذل العناية المطلوبة منها في منع الانتهاكات المرتكبة ضد الأشخاص المصابين بالمهق والتصدي لها.

5-12 وتدعي صاحبة البلاغ أنها تمكنت من التعرف على هوية أحد الأشخاص الذين اعتدوا عليها لوجود قنديل في المكان ولمعرفتها به كونه يسكن بجوارها. وتدعي كذلك أنهما قضيا وقت اً طويل اً مع اً في فترة بعد ظهر اليوم الذي سبق ليلة الاعتداء عليها. ومن الأدلة الداعمة، العثور على زوج صندل في غرفتها إلى جانب قداحة، وتبين أن كلاهما يعود للمتهم الذي تعرفه.

5-13 وتدفع صاحبة البلاغ بأن الحق في الاستئناف هو حق دستوري تمنحه الدولة الطرف التي تهدف إلى ضمان المساواة أمام القانون ( ) . والحق في الاستئناف هو بمثابة آلية تتيح التحقق من عدم وجود خطأ في الحكم. وبذلك، تكون الدولة الطرف قد حرمتها أيضاً من حقها الدستوري باتخاذ الموقف القضائي القاضي بعدم الاستئناف من بداية الدعوى.

عدم ورود رد من الدولة الطرف على الملاحظات الإضافية

6- طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، في 29 آب/أغسطس 2016، و13 شباط/فبراير 2017، و11 كانون الثاني/يناير 2018، تقديم ملاحظات إضافية بشأن المقبولية والأسس الموضوعية. وفي 15 كانون الثاني/يناير 2018، طلبت الدولة الطرف إعادة إرسال تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وفي 16 كانون الثاني / يناير 2018، أقرت الدولة الطرف باستلام تعليقات صاحبة البلاغ. وتشير اللجنة إلى عدم ورود أي معلومات إضافية من الدولة الطرف بحلول الموعد النهائي المحدد، وهي تأسف لذلك.

باء - نظر اللجنة في المقبولية والأسس الموضوعية

النظر في مقبولية البلاغ

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري والمادة 65 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم لا بموجب أحكام البروتوكول الاختياري.

7-2 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة (ج) من المادة 2 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لم يسبق أن نظرت فيها اللجنة أو كانت، أو ما زالت، محل دراسة بمقتضى إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. ‬

7-3 قبل النظر في الحجج التي ساقها الطرفان فيما يخص مقبولية البلاغ، تود اللجنة أن تشير إلى أن المادة ١ من الاتفاقية تنص على أن مصطلح ”الأشخاص ذوي الإعاقة“ يشمل كل من يعانون من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسّيَة، قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين. وتشير اللجنة أيضاً إلى وصف الخبيرة المستقلة المعنية بتمتع الأشخاص المصابين بالمهق بحقوق الإنسان لحالة المهق (A/HRC/34/59، الفقرات 15-16) ، بأنه حالة نادرة نسبياً ووراثية وغير معدية تصيب الأشخاص في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن أصلهم العرقي أو نوع الجنس. ‬

7-4 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن البلاغ ينبغي اعتباره غير مقبول بموجب المادة ٢(د) من البروتوكول الاختياري بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تحيط اللجنة علماً بالحجج التي دفعت بها الدولة الطرف ألا وهي أن: (أ) صاحبة البلاغ لم تقدم التماس اً دستوري اً بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية، و(ب) لم ترفع دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن العطل والضرر. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ أن الدعوى المدنية والمقاضاة الشخصية لا يشكلان سبيل اً من سبل الانتصاف الفعالة في قضيتها ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ قدمت شكوى إلى الشرطة في اليوم الذي اعتُدي فيه عليها، أي في ١٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٨؛ وأن الملاحقة القضائية لمُتهميْن اثنين قد ألغيت لأن الأدلة المتاحة لا تستوفي المعيار المطلوب لصدور حكم الإدانة، وأن متهما ثالث اً بُرِّئ لأن شروط التعرف على هويته لم تُستوف؛ وأن صاحبة البلاغ لم تُبلَّغ، منذ ذلك الحين، بأي خطوات إضافية اتخذتها السلطات للتحقيق في القضية وتقديم الأشخاص المتهمين بارتكاب الجريمة إلى العدالة. وفي هذا السياق، تشير اللجنة إلى أن فعالية سبيل الانتصاف تتوقف على طبيعة الانتهاك المزعوم ومدى خطورته ( ) . وتشير اللجنة كذلك إلى أن الإجراءات الجنائية المعتمدة في الدولة الطرف تجيز للقاضي الذي يتولى التحقيق أو الفصل في قضية من القضايا أن يأذن لأي شخص، بمن في ذلك الضحية، بمباشرة الملاحقة القضائية ( ) . ومع ذلك، ففي حال وقوع انتهاكات تبلغ من الخطورة ما ادعته صاحبة البلاغ تقع المسؤولية الرئيسية عن إجراءات الملاحقة القضائية على عاتق سلطات الدولة الطرف ( ) ، التي تتحمل واجب اً غير قابل للتفويض وتكون ملزمة بفتح التحقيق ومقاضاة الجناة ومعاقبتهم ( ) .

7-5 وفيما يتعلق بتقديم التماس دستوري بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية، تحيط اللجنة علم اً بحجة صاحبة البلاغ التي تفيد بأن أشخاص اً آخرين تعرضوا لأعمال عنف مماثلة قد عرضوا قضيتهم في عام ٢٠٠٩ على المحكمة العليا في جمهورية تنزانيا المتحدة بموجب هذا القانون ولم يصدر قرار الرفض عن المحكمة إلا في عام ٢٠١٥ ( ) . وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ أن المحكمة العليا اعترضتها صعوبات في تشكيل هيئة قضائية من ثلاثة قضاة للبت في الأسس الموضوعية لكل طلب مقدم بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية. وتحيط اللجنة علم اً أيضاً بادعاء الدولة الطرف بشأن وضع قائمة دائمة تضم أسماء خمسة قضاة لتعزيز وتيرة الفصل في القضايا الدستورية. غير أن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف لم تثبت أن وضع هذه القائمة المؤلفة من خمسة قضاة قد مكن عملي اً من تقليص مدة النظر في الدعوى الدستورية أمام المحكمة العليا بدرجة كبيرة. ولم تشكك الدولة الطرف أيضاً في وجود سوابق قضائية رفضت فيها المحكمة العليا دعاوى مماثلة تتعلق بارتكاب أعمال عنف في حق أشخاص مصابين بالمهق. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن المعلومات المعروضة عليها لا تسمح لها بأن تستنتج أن تقديم التماس دستوري كان من شأنه أن يمثل سبيل انتصاف فعال اً في قضية صاحبة البلاغ.

7-6 وترى اللجنة كذلك أن الدعوى المدنية والتعويض ليس من شأنهما أن يشكلا وحدهما، في ظروف هذه القضية، سبيل انتصاف فعال اً لأغراض المادة 2 ( د) من البروتوكول الاختياري. وفي ضوء ما تقدم، تستنتج اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها، بموجب المادة 2 ( د) من البروتوكول الاختياري، من النظر في شكوى صاحبة البلاغ ( ) .

7-7 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ التي تندرج في إطار المادة 6 من الاتفاقية، تشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 6 ( 2018) بشأن المساواة وعدم التمييز، الذي ورد فيه (الفقرة 36) أن المادة 6 من الاتفاقية هي مادة شاملة ويجب أن تُؤخذ في الحسبان فيما يتعلق بجميع أحكام الاتفاقية. ولذلك، ففي هذه القضية، سوف تبحث اللجنة ادعاءات صاحبة البلاغ استناد اً إلى المادة 6 في ضوء الحقوق التي استُشهد بها بموجب المواد 5 و15 ( 1) و16 و17 من الاتفاقية.

7-8 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ التي تندرج في إطار المادة 8 من الاتفاقية، ترى اللجنة أن الأحكام الواردة في هذه المادة تنص على التزام عام يقع على الدول الأطراف، ولا يمكن أن تكون، عند الاستشهاد بها منفردة، أساس اً لادعاء يرد في بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة كذلك أن ادعاءات صاحبة البلاغ التي تندرج في إطار هذا الحكم لها صلة وثيقة بالادعاءات المقدمة فيما يتعلق بالمواد 5 و15 ( 1) و16 و17. ولذلك، سوف تنظر اللجنة في هذه الادعاءات معاً.

7-9 وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ قد تذرعت بوقوع انتهاك للمادة 10 من الاتفاقية، ولكنها لم تقدم ما يثبت أو يبين أكثر كيف يمكن أن تكون هذه المادة قد انتُهكت في قضيتها هي. وعليه، فإن اللجنة ترى أن هذا الادعاء لم يُشفع بأدلة، لأغراض المقبولية، ويعد بذلك، غير مقبول بموجب المادة 2 ( ه) من البروتوكول الاختياري.

7-10 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ التي تندرج في إطار المادة 14 من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تُسلب قط حريتها بالمعنى المقصود في المادة 14، التي تشير إلى احتجاز الأشخاص ذوي الإعاقة أو إيداعهم في مؤسسات بأي شكل من الأشكال. وعليه، تعتبر اللجنة هذا الجزء من البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي، بموجب المادة 2(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) .

7-11 ونظر اً لعدم وجود أي عقبات أخرى تحول دون قبول البلاغ، فيما يتعلق بالمواد 5 و15(1) و16 و17، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي تلقتها، وفق اً لأحكام المادة ٥ من البروتوكول الاختياري والمادة ٧٣(١) من النظام الداخلي للجنة.

8-2 وفيما يخص شكوى صاحبة البلاغ التي تندرج في إطار المادة ٥ من الاتفاقية، تحيط اللجنة علم اً بالحجة التي دفعت بها ومفادها أنها تعرضت للتمييز بسبب إعاقتها، لأن العنف الذي كابدته يشكل ممارسة معممة في الدولة الطرف تؤثر على الأشخاص المصابين بالمهق دون سواهم. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحبة البلاغ بشأن وقوعها ضحية للتمييز بسبب الإعاقة نتيجة إفلات الجناة من العقاب عن أعمال العنف التي تعرضت لها ولا تزال تحمل آثارها حتى الآن. وفي هذا الصدد، تدَّعي صاحبة البلاغ أن الجناة يفلتون من العقاب في معظم حالات العنف التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق، لأن سلطات الدولة الطرف تعتبر هذا النوع من العنف مرتبط اً بالسحر، الذي يمثل عموماً، ممارسة ثقافية مقبولة ولا تزال تخضع للتحيز السائد في المجتمع. وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء الدولة الطرف أن السلطات اتخذت فيما مضى ولا تزال تتخذ مبادرات ترمي إلى ضمان عدم تعرض الأشخاص المصابين بالمهق للتمييز وضمان معاملتهم معاملة متساوية، ومن ذلك اعتماد قوانين جديدة وسياسات ومبادرات هادفة لمعالجة وضع الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم الأشخاص المصابون بالمهق. وأخير اً، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ بشأن تقاعس سلطات الدولة الطرف عن اتخاذ التدابير اللازمة لضمان إجراء تحقيق فعال وكامل ونزيه ومقاضاة من اعتدى عليها، وعدم تنفيذ تدابير وقائية أو حمائية تمنع تعرض الأشخاص المصابين بالمهق للعنف وتضمن إدماجهم في المجتمع.

8-3 وتشير اللجنة إلى أن الدول الأطراف تقر، بموجب المادة 5 ( 1) من الاتفاقية، بأن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون وبمقتضاه ولهم الحق دون أي تمييز وعلى قدم المساواة في الحماية والفائدة اللتين يوفرهما القانون، وهي مُطالبة، بموجب المادة 5 ( 3)، باتخاذ جميع الخطوات المناسبة لضمان توافر الترتيبات التيسيرية المعقولة للأشخاص ذوي الإعاقة من أجل تعزيز المساواة والقضاء على التمييز. وترى اللجنة أن التمييز يمكن أن ينجم عن الأثر التمييزي الذي يترتب على قاعدة أو تدبير محايد في ظاهره أو لا ينطوي على قصد التمييز، ولكنه يؤثر على الأشخاص ذوي الإعاقة أكثر من غيرهم ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ وقعت ضحية جريمة عنيفة تنطبق عليها سمات ممارسة تمس الأشخاص المصابين بالمهق دون سواهم. ففي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2008، هاجم ثلاثة رجال صاحبة البلاغ وهي نائمة؛ فقصلوا إحدى ذراعيها وشوهوا الأخرى، وذهبوا بالذراع المقصولة . ومنذ ذلك الحين، اعترضت صاحبة البلاغ قيود شديدة في اللجوء إلى القضاء لأن السلطات المختصة لم تتخذ، على ما يبدو، أي إجراءات لفتح تحقيق بعد إلغاء مقاضاة شخصيْن من الأشخاص المتهمين وتبرئة الشخص الثالث، ولأن الجناة لم تنلهم أي عقوبة حتى الآن وقد مر على تعرضها للاعتداء 11 عام اً.

8-4 وترى اللجنة أن الدولة الطرف لا يجوز لها أن تتنصل من المسؤوليات الواقعة عليها بموجب الاتفاقية لمجرد أن بعض سلطاتها القضائية نظرت بالفعل في المسألة أو لا تزال تنظر فيها، في حين يظهر بجلاء أن إجراءات الانتصاف المعلقة في الدولة الطرف قد استغرقت وقت اً طويل اً بلا موجب وتبدو غير فعالة. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تتلق من سلطات الدولة الطرف أي دعم يمكنها من العيش المستقل كما قبل بعد أن فقدت ذراعيها، وأن الدولة الطرف لم تعتمد، بوجه عام، تدابير ملائمة وفعالة ترمي إلى منع هذا الشكل من أشكال العنف الذي يستهدف الأشخاص المصابين بالمهق وإلى حمايتهم منه ( ) . وعلى الرغم من الملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف بشأن هذه المسألة، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ وقعت ضحية لشكل من العنف يستهدف الأشخاص المصابين بالمهق دون سواهم. وترى اللجنة كذلك أن تقاعس الدولة الطرف عن منع هذه الأفعال ومعاقبة مرتكبيها قد عرض صاحبة البلاغ وغيرها من الأشخاص المصابين بالمهق لحالة من الضعف الشديد ومنعهم من العيش في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن صاحبة البلاغ وقعت ضحية للتمييز المباشر بسبب إعاقتها، مما يشكل انتهاك اً للمادة 5 من الاتفاقية.

8-5 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ التي تندرج في إطار المادة 15 ( 1) من الاتفاقية، تحيط اللجنة علماً بحجة صاحبة البلاغ التي تفيد بأن الأفعال التي كابدتها تبلغ حدَّ التعذيب والعنف وسوء المعاملة، وهي أعمال تقاعست الدولة الطرف عن إجراء تحقيق فعال وسريع فيها ومعاقبة مرتكبيها. وتحيط اللجنة علم اً كذلك بادعاء الدولة الطرف أنها اتخذت التدابير المناسبة لمعالجة مشكلة الاعتداء على الأشخاص المصابين بالمهق ومقاضاة المسؤولين عن هذه الاعتداءات، وأن ثمة تدابير إضافية اتخذت لتسريع الفصل في القضايا، وأن هذه التدابير الصارمة أسهمت في انخفاض عدد حالات الاعتداء والقتل التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق.

8-6 وتشير اللجنة إلى أنه لا يجوز، بموجب المادة 15 ( 1) من الاتفاقية، تعريض أي شخص للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن المقصود بمصطلح ” التعذيب “ ، وفق اً للمادة 1 من ‎‎ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة‏، ” أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدي اً كان أم عقلي اً، يلحق عمد اً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب يقوم على التمييز أي اً كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية “ . وتشير اللجنة كذلك إلى أن أعمال العنف التي كابدتها صاحبة البلاغ نفذها أفراد عاديون، وهي بذلك، لا تعتبر من أعمال التعذيب. ومع ذلك، تشير اللجنة أيضاً إلى أن التزام الدول الأطراف بمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو المعاملة المهينة والمعاقبة عليها يسري على الأفعال التي ترتكبها الدول والجهات الفاعلة من غير الدول على حد سواء ( ) . فالسرعة والفعالية هما عنصران شديد اً الأهمية في الفصل في هذه القضايا. وترى اللجنة أيضاً أن المعاناة التي مرت بها صاحبة البلاغ من جراء تقاعس الدولة الطرف عن اتخاذ إجراء يمكن من خضوع الجناة الذين يشتبه في ارتكابهم الجريمة لمقاضاة فعالة، تحولت إلى مصدر لإعادة الإيذاء، وهي بذلك، تبلغ حد التعذيب النفسي أو سوء المعاملة. وفي ضوء هذه الاعتبارات، تخلص اللجنة، في ضوء ملابسات هذه القضية، إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 15 ( 1) من الاتفاقية ( ) .

8-7 وتشير اللجنة إلى أن المادة 16 ( 4) تنص على أنه يجب أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتشجيع استعادة الأشخاص ذوي الإعاقة عافيتهم البدنية والإدراكية والنفسية، وإعادة تأهيلهم، وإعادة إدماجهم في المجتمع عندما يتعرضون لأي شكل من أشكال الاستغلال أو العنف أو الاعتداء، بما في ذلك عن طريق توفير خدمات الحماية لهم. ويجب أن تتحقق استعادة العافية وإعادة الإدماج في بيئة تعزز صحة الفرد ورفاهيته واحترامه لنفسه وكرامته واستقلاله الذاتي وتراعي الاحتياجات الخاصة بكل من نوع الجنس والسن. وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ كانت في عامها الثامن والعشرين حين اعتُدي عليها، وكانت أم اً لطفل وحامل اً بآخر. وكانت تعمل مزارعة تمارس زراعة الكفاف. ومع ذلك، لم تتخذ السلطات المختصة، وفق اً للمعلومات المقدمة من الطرفين، أي تدابير لتقديم المساعدة اللازمة لصاحبة البلاغ من أجل إعادة تأهيلها وإعادة إدماجها. ولهذه الأسباب، ترى اللجنة أن الدولة الطرف، في ظروف هذه القضية، قد انتهكت حقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 16 من الاتفاقية.

8-8 وتشير اللجنة إلى أن المادة 17 من الاتفاقية تنص على حق كل شخص ذي إعاقة في احترام سلامته الشخصية والعقلية على قدم المساواة مع الآخرين. وتشير أيضاً إلى أن الحق في السلامة الشخصية يقوم على المفهوم المقصود بالشخص؛ وهو يرتبط بفكرة الكرامة الإنسانية، وضرورة حماية الحيز البدني والنفسي الخاص بكل شخص؛ ويشمل هذا الحق حظر أعمال التعذيب الجسدي والنفسي والمعاملة اللاإنسانية والمهينة والمعاقبة عليها، فضل اً عن مجموعة واسعة من الأشكال الأقل خطورة للتدخل الذي يمس جسم الشخص وعقله ( ) . وترى اللجنة أن أعمال العنف التي عانت منها صاحبة البلاغ تندرج، على نحو جلي، ضمن فئة الأعمال التي تنتهك السلامة البدنية والعقلية للضحية. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن المادة 4 من الاتفاقية تفرض على الدول الأطراف التزام اً عام اً باتخاذ جميع التدابير اللازمة لكفالة وتعزيز إعمال جميع حقوق الإنسان إعمال اً تام اً، بما في ذلك الحق في السلامة الشخصية. وفي هذه القضية، لم تتخذ الدولة الطرف تدابير كافية ترمي إلى منع الأفعال التي عانت منها صاحبة البلاغ ومعاقبة مرتكبيها، وإلى تقديم الدعم اللازم لها لكي تتمكن من العيش المستقل كما قبل بعد أن فقدت ذراعيها. وها قد مر حتى الآن، أكثر من 11 عام اً على الجرائم التي ارتكبت في حق صاحبة البلاغ ولم يُعاقب أحد على ارتكابها. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ لم تتلق من سلطات الدولة الطرف أي دعم يمكنها من العيش المستقل كما قبل بعد أن فقدت ذراعيها. وأن الدولة الطرف لم تعتمد، بوجه عام، تدابير فعالة ترمي إلى منع هذا الشكل من أشكال العنف الذي يستهدف الأشخاص المصابين بالمهق وإلى حمايتهم منه ( ) . وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن تقاعس الدولة الطرف عن اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع أعمال العنف المماثلة لما تعرضت له صاحبة البلاغ ولإجراء تحقيق فعال في هذه الأعمال ومعاقبة الجناة في قضية صاحبة البلاغ يعد بمثابة انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 17 من الاتفاقية.

8-9 وبما أن اللجنة خلصت إلى حدوث انتهاك للمواد 5 و15 ( 1) و16 و17 من الاتفاقية، فإنها ترى من المناسب أن تنظر في ادعاءات صاحبة البلاغ التي تندرج في إطار المادتين 6 و8، مقروءتين بالاقتران مع تلك المواد. وفيما يتعلق بالمادة 6، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ كانت، حين تعرضت للاعتداء، أم اً عزباء لطفل صغير وحامل اً. وتحيط اللجنة علم اً كذلك بأن صاحبة البلاغ طرحت حملها كنتيجة مباشرة لهذا الاعتداء. وتلاحظ اللجنة كذلك أن هذه العناصر، التي ترتبط بطبيعتها بوضع صاحبة البلاغ كامرأة مصابة بالمهق، قد أدت إلى عزل صاحبة البلاغ عن مجتمعها، وهي تبلغ حدَّ التمييز الجنساني والتمييز بسبب الإعاقة. وبالإضافة إلى ذلك، تشير المعلومات المتاحة في ملف القضية إلى أن السلطات الوطنية لم تراع، في سياق الإجراءات المتخذة، أي اً من هذه العناصر من أجل ضمان معالجة التمييز الجنساني الكامن في الوقائع قيد النظر. وترى اللجنة أن هذه ” التعمية “ على ترتب آثار محددة على الاعتداء الذي تعرضت له صاحبة البلاغ بصفتها امرأة يبلغ أيضاً حد التمييز الجنساني، ويتنافى مع التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 6 من الاتفاقية بالإقرار بتعرض النساء والفتيات ذوات الإعاقة لأشكال متعددة من التمييز، وباتخاذ جميع التدابير الملائمة لكفالة التطور الكامل والتقدم والتمكين للمرأة، بغرض ضمان ممارستها لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المبينة في هذه الاتفاقية والتمتع بها. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الوقائع قيد الاستعراض تكشف عن انتهاك حقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 6، مقروءة بالاقتران مع المواد 5 و15 ( 1) و16 و17 من الاتفاقية.

8-10 أما فيما يخص ادعاءات صاحبة البلاغ التي تندرج في إطار المادة 8، مقروءة بالاقتران مع المواد 5 و15 ( 1) و16 و17 من الاتفاقية، فإن اللجنة تحيط علم اً بالحجة التي دفعت بها ومفادها أن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير الملائمة والكافية لإذكاء الوعي في المجتمع بأسره بشأن الأشخاص المصابين بالمهق، وأن ذلك أدى إلى تعرض الأشخاص المصابين بالمهق للتمييز وشعورهم بعدم الأمان، وهو ما عانت منه صاحبة البلاغ بشكل مباشر من جراء الاعتداء عليها. وتحيط اللجنة علم اً أيضاً بحجة صاحبة البلاغ التي تفيد بأن الدولة الطرف لم تتخذ أي مبادرات لإنهاء هذا الوضع. وتلاحظ اللجنة كذلك أن وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية قد عملت، وفق اً للدولة الطرف، بالتعاون مع المجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى على إذكاء الوعي العام في جميع أنحاء البلد، وأن السلطات شرعت في الجهود الرامية إلى إذكاء الوعي وتغيير المواقف السائدة بشأن الأشخاص المصابين بالمهق مستعينة في ذلك بموظفي الرعاية الاجتماعية في الأقاليم والمقاطعات، ولا سيما في المناطق التي يتفشى فيها قتل هؤلاء. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن المعلومات المتاحة تشير إلى أن هذه التدابير لم تكن منتظمة ولا كافية للوفاء بواجبات الدولة الطرف، بموجب المادة 8، في إذكاء الوعي في المجتمع بأسره، بما في ذلك على مستوى الأسرة، بشأن الأشخاص المصابين بالمهق وتعزيز احترام حقوقهم وكرامتهم، ومكافحة القوالب النمطية وأشكال التحيز والممارسات الضارة المتعلقة بالأشخاص المصابين بالمهق. وتخلص اللجنة إلى أن عدم استجابة الدولة الطرف بما فيه الكفاية يعد بمثابة موافقة ضمنية على ارتكاب الجرائم البشعة التي في نطاق ولايتها القضائية في حق الأشخاص المصابين بالمهق، ولذلك، ترى أنه يشكل انتهاك اً لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 8، مقروءة بالاقتران مع المواد 5 و15 ( 1) و16 و17 من الاتفاقية.

جيم- الاستنتاجات والتوصيات

9- إن اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها بموجب المواد 5 و15(1) و16 و17، مقروءة بمفردها، وبموجب المادتين 6 و8، مقروءة بالاقتران مع المواد 5 و15(1) و16 و17 من الاتفاقية. وعليه، تقدم اللجنة التوصيات التالية إلى الدولة الطرف:

(أ) فيما يتعلق بصاحبة البلاغ، تلزم الدولة الطرف بما يلي:

‘1‘ توفير وسيلة انتصاف فعالة لها، بما في ذلك التعويض، والعلاج الطبي المناسب، وجبر الضرر الذي أصابها من جراء الإساءات التي تعرضت لها، والأجهزة المساندة مثل الأطراف الاصطناعية الوظيفية، وخدمات إعادة التأهيل والدعم اللازم لتمكينها من العيش المستقل كما قبل؛

’2‘ إجراء تحقيقات نزيهة وسريعة وفعالة في الاعتداء الذي تعرضت له صاحبة البلاغ، ومقاضاة الجناة وإنزال العقاب بهم؛

(ب) إن الدولة الطرف ملزمة، عموم اً، باتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى توصيات الخبيرة المستقلة المعنية بتمتع الأشخاص المصابين بالمهق بحقوق الإنسان، الواردة في التقرير الذي قدمته إلى مجلس حقوق الإنسان (A/HRC/34/59، الفقرات 97-99)، وتطلب إلى الدولة الطرف القيام بما يلي:

‘1‘ استعراض الأطر القانونية ومواءمتها على الوجه اللازم لضمان تناولها جميع الجوانب التي ينطوي عليها الاعتداء على الأشخاص المصابين بالمهق، بما في ذلك ما تعلق منها بالاتجار بأعضاء الجسم؛

’2‘ ضمان سرعة التحقيق والملاحقة القضائية في حالات الاعتداء التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق والاتجار بأعضاء الجسم ومعاقبة المسؤولين عن ذلك؛

’ 3 ‘ ضمان ورود أحكام كافية في التشريعات المحلية تجرم استخدام أعضاء من الجسم في الممارسات المتصلة بالسحر تجريم اً كافي اً لا لبس فيه؛

’ 4 ‘ إعداد وتنفيذ حملات متواصلة للتوعية تستند إلى نهج تناول مسألة الإعاقة من منظور حقوق الإنسان وتتماشى مع التزامات الدولة الطرف بموجب المادة ٨ من الاتفاقية، ودورات تدريبية موجهة لعامة الجمهور والموظفين القضائيين وأفراد الشرطة وجميع العاملين في مجالات التعليم والصحة والعدالة لمعاجلة الممارسات الضارة والخرافات المتفشية التي تؤثر على تمتع الأشخاص المصابين بالمهق بحقوق الإنسان وتناول نطاق الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري؛

’ 5 ‘ نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع في أشكال يسهل الاطلاع عليها حتى تكون في متناول جميع فئات السكان؛

‘6‘ مواصلة تدابير إعادة تأهيل الناجين من محاولات القتل وضحايا التشويه.

10- ووفقاً للمادة 5 من البروتوكول الاختياري والمادة 75 من النظام الداخلي للجنة، ينبغي للدولة الطرف أن تقدم للجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات بخصوص أية إجراءات اتخذت في ضوء آراء اللجنة وتوصياتها. ‬