الأمم المتحدة

CRPD/C/22/D/17/2013

اتفاق ية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

Distr.: General

18 October 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 17/2013 * **

بلاغ مقدم من: كريستوفر ليو (يمثله المحامي فيليب فرينش ، ومارك باتريك، المركز الأسترالي لقانون الإعاقة)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ: 19 أيلول/سبتمبر 2013 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 70 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 30 آب/أغسطس 2019

الموضوع: إيداع شخص ذي عاهة ذهنية ونفسية - اجتماعية في مؤسسة رعاية؛ والحق في التمتع بالأهلية القانونية على قدم المساواة مع الآخرين

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: اللجوء إلى المحكمة؛ والإعاقة الذهنية والنفسية - الاجتماعية؛ وممارسة الأهلية القانونية؛ وسلب الحرية؛ والتمييز على أساس الإعاقة؛ وتقييد الحقوق

مواد الاتفاقية: 5 و12 و13 و14 و15 و19 و25 و26 و28

مواد البروتوكول الاختياري: 2

1- صاحب البلاغ هو كريستوفر ليو، وهو مواطن أسترالي من السكان الأصليين، وُلد في 24 آب/أغسطس 1980. ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف أحكام المواد 5 و12 و13 و14 و15 و19 و25 و26 و28 من الاتفاقية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 19 أيلول/سبتمبر 2009. ويمثّل صاحب البلاغ محام.

ألف- موجز المعلومات والحجج التي قدمها الطرفان

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 يعاني صاحب البلاغ من عاهة ذهنية ناشئة عن إصابة في الدماغ والصرع ومرض عقلي. وفي آب/أغسطس 2007، كان يعيش مع أحد أفراد الأسرة في أليس سبرنغز . ووصف له دواء لعلاج نوباته ومرضه العقلي، لكنه لم يواظب على جرعات الدواء بانتظام. وكانت علاقته بأقاربه متوترة للغاية، وهو ما يعزى جزئياً على الأقل إلى إدمان السيد ليو على الكحول وسلوكه تجاه أطفال الأسرة عندما يكون تحت تأثير الكحول. وتلقى مجلس تانجنتير ( ) أموالا ً من حكومة الإقليم الشمالي من أجل تقديم بعض خدمات الدعم المحدودة إلى صاحب البلاغ. وفي 15 آب/أغسطس 2007، قابلت موظفة في المجلس صاحب البلاغ صدفة قرب مكان عملها وكانت قد التزمت بتوفير هذه الخدمات له. وأثناء مرورها وجهت له التحية. ويبدو أن صاحب البلاغ كان يعاني في ذلك الوقت من نوبة نفسية. فركل نافورة المياه، وبدأ بملاحقة الضحية ثم لكمها وركلها. وتسبب هذا الاعتداء في إصابات طفيفة في رأس الموظفة وكتفها وساقها اليمنى، فضلا عن ألم نفسي شديد عانت منه عدة أشهر قبل أن تتعافى. وخلال هذه الفترة، لم تتمكن من العمل ( ) .

2-2 وألقي القبض على صاحب البلاغ في اليوم نفسه واتهم بارتكاب اعتداء عادي في ظرف مشدد للعقوبة ( ) بموجب المادة 188 ( ) من القانون الجنائي للإقليم الشمالي من أستراليا. ووضع صاحب البلاغ رهن الحبس الاحتياطي، وسُجن في قسم خاضع لحراسة شديدة في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي. ومثل أمام المحكمة العليا في الإقليم الشمالي بناء على لائحة اتهام مؤرخة 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2007، واتهم بهذه الجريمة. وبالنظر إلى عاهته الذهنية، عالجت المحكمة قضيته بموجب أحكام الباب ثانياً-ألف من القانون، فيما يتعلق بالعاهة العقلية وعدم الأهلية للمحاكمة.

2-3 وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2007، وبموافقة كل من مستشار مدير الادعاء العام وصاحب البلاغ، قرر قاض في المحكمة العليا في الإقليم الشمالي أن صاحب البلاغ لا يتمتع بالأهلية للمثول أمام المحكمة على أساس عاهته العقلية ( ) . وقررت المحكمة أيضاً أنه لا يوجد احتمال معقول بأن صاحب البلاغ سيستعيد الأهلية للمحاكمة على هذه الجرائم في غضون 12 شهراً ( ) . واستدعت هذه القرارات أن تعقد المحكمة جلسة استماع خاصة أمام هيئة محلفين في 31 آذار / مارس 2008. وخلصت هيئة المحلفين إلى عدم إدانة صاحب البلاغ بالتهم الموجهة إليه بسبب عاهته العقلية. ونتيجةً لهذا الحكم، كان على المحكمة أن تقرر ما إذا كان يتعين الإفراج عن صاحب البلاغ دون شروط أو إخضاعه للإشراف. وأعلنت المحكمة إخضاع صاحب البلاغ للإشراف، ونتيجة لذلك، أودع في الحبس الاحتياطي إلى حين صدور قرار آخر عن المحكمة بشأن تحديد النوع المناسب من الإشراف. وأعيد إلى القسم الخاضع لحراسة شديدة في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي.

2-4 وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2008، أودعت المحكمة العليا في الإقليم الشمالي صاحب البلاغ في السجن بموجب أمر الإشراف بالاحتجاز وأرغمته على البقاء في السجن ( ) . وطُلب إلى المحكمة تحديد مصطلح مناسب للجريمة المذكورة وتبيان هذا المصطلح في الأمر ( ) . ولما كانت المحكمة ستفرض عقوبة بالسجن لمدة 12 شهراً لو أُدين صاحب البلاغ بارتكاب الجرائم فإنها حددت مدة الإشراف في 12 شهراً. وأعيد صاحب البلاغ إلى الوحدة الخاضعة لحراسة شديدة في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي وبقي فيه حتى حزيران/ يونيه 2013. وبذلك، يكون صاحب البلاغ قد أمضى 5 سنوات و10 أشهر في السجن، أي ما يقرب من ستة أضعاف المدة التي كان يُفترض أن يقضيها في السجن لو كان أدين بارتكاب الجرائم التي اتهم بها.

2-5 واحتُجز صاحب البلاغ لكامل الفترة تقريباً في مكان يخضع لحراسة مشددة إلى أقصى حد، حيث حُبس في زنزانته لفترات طويلة. وأتيحت له في فترات متقطعة فرص محدودة للغاية للحصول على خدمات الصحة العقلية اللازمة لاستقرار صحته العقلية وتعافيه، أو الاستفادة من برامج التأهيل وإعادة التأهيل اللازمة له لتطوير مهاراته وسلوكه في مجالات التواصل وفي المجالات الاجتماعية والمعيشية. ونتيجة لذلك، تدهورت حالة الصحة العقلية لصاحب البلاغ فضلاً عن أدائه الاجتماعي، وأصبح أكثر اعتماداً على المساعدة والرعاية المؤسسية.

2-6 وعندما أمرت المحكمة العليا في الإقليم الشمالي بسجن صاحب البلاغ، حددت تاريخاً لإجراء مراجعة شاملة للأمر بغية تحديد ما إذا كان ينبغي الإفراج عنه. وفي 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، أمرت المحكمة بإبقاء صاحب البلاغ رهن الاحتجاز، رغم أنه كان قد قضى 26 شهراً في السجن، أي حوالي ضعف الفترة التي كان من المفترض أن يحكم بها فيما لو أدين. وزُعم أن المحكمة أجرت أيضاً استعراضات دورية لظروف صاحب البلاغ. فقد بدأت استعراضاً في آذار/مارس 2012 لكنه لم يكتمل. وفي الأساس، فإن النتيجة الوحيدة لهذا الاستعراض هي طلب مزيد من التقارير.

2-7 وفي حزيران/ يونيه 2013، نُقل صاحب البلاغ إلى دار كويرنبي ، وهو مرفق احتجازي شيدته عام 2013 حكومةُ الإقليم الشمالي ويديره برنامج وزارة الصحة لدعم كبار السن والأشخاص ذوي والإعاقة في الإقليم.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 5 و12 و13 و14 و15 و19، و25 و26 و28، من الاتفاقية. ويتعلق بلاغه بالتصرفات التي استمرت بعد 19 أيلول / سبتمبر 2009، وقد أدرجت التصرفات السابقة لهذا التاريخ كمعلومات أساسية فقط.

3-2 وانتُهك حق صاحب البلاغ في المساواة وعدم التمييز بموجب المادة 5، وحقه في الحرية والأمن بموجب المادة 14 وحقه في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بموجب المادة 15 من الاتفاقية لأنه أبقي قيد الاحتجاز دون تحديد المدة حتى حزيران / يونيه 2013 دون أن يدان بارتكاب أي جريمة. ولا يمكن إيداع شخص من غير ذوي الإعاقة رهن الاحتجاز لمدة غير محددة دون أن يُدان بارتكاب أي جريمة. وبهذا المفهوم، ينطوي الباب ثانياً-ألف من قانون العقوبات للإقليم الشمالي على التمييز لأنه لا ينطبق إلا على الأشخاص ذوي الإعاقة.

3-3 وانتُهك أيضاً حق صاحب البلاغ في عدم التعرض التمييز بموجب المادة 5 لأنه احتُجز، بعد حزيران/ يونيه 2013، في مرفق آمن أنشئ وفقاً لأحكام الباب 3 من قانون خدمات دعم الأشخاص ذوي الإعاقة في الإقليم الشمالي من أستراليا، الذي يتناول توفير "العلاج والعناية القسريين للأشخاص ذوي الإعاقة". وينطوي الباب 3 أيضاً من القانون على التمييز لأنه لا ينطبق إلا على الأشخاص ذوي الإعاقة. وقد أخفقت الاستعراضات الدورية الشاملة لأمر الإشراف بالاحتجاز المتعلق بصاحب البلاغ في حماية حقه في المساواة أمام القانون بموجب المادة 12 من الاتفاقية. وأدت ببساطة إلى إدامة عدم المساواة مع الآخرين. ونتيجة لذلك، لا يحمي القانون صاحب البلاغ من هذا التمييز بل يجيزه.

3-4 وقد انتُهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المواد 5 و14 و15، وكذلك حقه في المساواة أمام القانون بموجب المادة 12، وحقه في اللجوء إلى القضاء بموجب المادة 13، وحقه في العيش المستقل والاندماج في المجتمع المحلي في إطار المادة 19 من الاتفاقية، لأنه كان محتجزاً في السجن لفترة تزيد ست مرات عن فترة سجن شخص بدون إعاقة في ظروف مماثلة.

3-5 وانتُهكت المواد 12 و13 و14 و15 من الاتفاقية لأن المحكمة قررت أن صاحب البلاغ غير مؤهل للمحاكمة بسبب عدم تمتعه بالأهلية القانونية للردّ على التهم الموجهة إليه. ولم يُدن بارتكاب الجرائم المزعومة، لكنه خضع لنظام احتجاز ومراقبة. ولم يحظ صاحب البلاغ بدعم متعلق بالإعاقة ولا بالتسويات التي يحتاجها لممارسة أهليته القانونية والرد على التهم الموجهة إليه. وهذه الحالة مستمرة منذ أيلول/سبتمبر 2009.

3-6 وانتُهك حق صاحب البلاغ في الحرية والأمن بموجب المادة 14 بسبب التعسف في سلب حريته على أساس الإعاقة، وعدم تناسب هذا الانتهاك مع التبريرات المقدمة ( ) ، وكذلك استناده إلى انتمائه للسكان الأصليين. وتصدر أوامر الإشراف بالاحتجاز بحق الأشخاص ذوي الإعاقة من السكان الأصليين أكثر بكثير مما تصدر بحق غيرهم لأنهم معرضون بشكل غير متناسب للفقر والتشرد، ولأنهم يفتقرون لروابط أسرية ومجتمعية مستقرة وداعمة أو لديهم القليل من هذه الروابط. وبموجب المادة 43ZA (2) من القانون الجنائي للمنطقة الشمالية، يجب ألا تصدر المحكمة أمر إشراف باحتجاز شخص في السجن إلا إذا اقتنعت بأنه لا يوجد بديل عملي في ظروف الشخص المعني، بما في ذلك توفير سكن مناسب وخدمات دعم للأشخاص ذوي الإعاقة. وبالنظر إلى أن صاحب البلاغ فقير ومشرد وبلا أسرة وينتمي إلى السكان الأصليين، قررت المحكمة أنه لا يوجد أي بديل عملي لإيداعه في السجن. وعلاوة على ذلك، أُودع صاحب البلاغ طوال فترة احتجازه في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي مع أشخاص مدانين. ولم يوفر له سكن لائق في المجتمع المحلي، كبديل عن احتجازه في السجن أو في دار كويرنبي ، الأمر الذي ينتهك حقه في العيش المستقل والإدماج في المجتمع في إطار المادة 19. وانتُهك أيضاً حقه في الحصول على مستوى معيشي لائق وعلى الحماية الاجتماعية بموجب المادة 28 من الاتفاقية.

3-7 وانتُهكت المواد 15 و19 و26 من الاتفاقية لأن ظروف سلبه حريته في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي كانت قاسية وغير معقولة. وطوال الجزء الأكبر من فترة حبسه، احتجز صاحب البلاغ تحت حراسة مشددة إلى أقصى حد وعُزل تماماً عن الآخرين. وعانى نفسياً من عدم إمكانية الوصول إلى خدمات وبرامج الصحة العقلية والتأهيل وإعادة التأهيل التي يحتاجها بسبب إعاقته. وتدهورت قدراته الوظيفية وأصبح أكثر اعتماداً على المساعدة والرعاية المؤسسية. وعلى غرار ذلك، كانت ظروف سلبه حريته قاسية وغير معقولة في دار كويرنبي الملاصق للمركز الإصلاحي، والذي يعد مرفق رعاية آمن شبيهاً بالسجن. وخضع صاحب البلاغ للرقابة والإشراف المستمرين، ولم يُسمح له بمغادرة المرفق إلا بإذن، وكان خاضعاً على الدوام لإشراف ومراقبة الموظفين. وخضع للعلاج القسري، الأمر الذي لم يساعد في اندماجه ومشاركته في المجتمع المحلي. ولم يتمكن دار كويرنبي من تعيين عدد كاف من الموظفين المناسبين من أجل وضع وتنفيذ برامج التأهيل وإعادة التأهيل. ووُضع القليل من هذه البرامج لفائدة صاحب البلاغ، ولم تكن البرامج التي نُفذت كافية وكانت إلزامية وغير طوعية. وانتُهكت المادة 26 من الاتفاقية لأن صاحب البلاغ لم يزود بما يكفي من المهارات الاجتماعية أو مهارات الحياة اليومية، أو مهارات الاتصال، أو لم توفر له برامج لتحسين السلوك. وحُرم من الخدمات الصحية النفسية الملائمة اللازمة لاستقرار حالته النفسية وعلاجها ومساعدته على التعافي، الأمر الذي ينتهك المادة 25 من الاتفاقية.

3-8 وانتُهكت المادتان 19 و26 أيضاً لأن صاحب البلاغ احتُجز رغماً عنه. وما زال غير قادر، كغيره، على اختيار مكان إقامته أو الأشخاص الذين يعيش معهم. ولا يزال محروماً من خدمات الدعم في المنزل وفي دُور الإقامة، وغيرها من خدمات الدعم المجتمعي اللازمة للعيش، ولا يمكن إدماجه في المجتمع، الأمر الذي يؤكد عزله وفصله عن المجتمع المحلي.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2015، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية. وترى فيها أن ادعاءات صاحب البلاغ غير مقبولة لأنه لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وحتى إذا اعتبرت اللجنة أن ادعاءاته مقبولة فهي لا تستند إلى أي أساس موضوعي. وعلى أية حال، لا يُحتجز صاحب البلاغ بناء على أوامر صادرة بموجب قانون خدمات دعم الأشخاص ذوي الإعاقة في الإقليم الشمالي، بل وفقاً لأحكام القانون الجنائي للإقليم الشمالي. ومن ثم، فإن أحكام قانون خدمات دعم الأشخاص ذوي الإعاقة لا صلة لها ببلاغه.

4-2 وتقرّ الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ احتُجز في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي ومن ثم في مرفق رعاية آمن. ومع ذلك، فهي لا تقبل رواية صاحب البلاغ للوقائع ما لم تشر إلى خلاف ذلك.

4-3 وخلصت الاستعراضات الدورية للمحكمة العليا في الإقليم الشمالي باستمرار إلى عدم وجود أي بديل عملي للاحتجاز في المركز الإصلاحي، بسبب عدم توفر أي مرفق ملائم آخر. وأجرت وزارة الصحة في الإقليم الشمالي تقييماً للمخاطر فيما يتعلق بصاحب البلاغ كي تنظر فيه المحكمة. وفي تقييم المخاطر المؤرخ 11 كانون الثاني/يناير 2012، خلص أخصائي في علم النفس الجنائي إلى أن احتمال ارتكاب صاحب البلاغ العنف في المستقبل كبير ما لم يوفر له دعم فعلي. ومع ذلك، حتى مع وجود مستويات مناسبة من الدعم، خرج التقييم بأنه لا يزال هناك خطر متوسط إلى كبير من العنف في المستقبل.

4-4 وتعترض الدولة الطرف على الادعاء القائل بأن صاحب البلاغ احتُجز في مرفق يخضع لحراسة مشددة إلى أقصى حد وأنه عزل في زنزانته في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي لفترات طويلة. وأشرفت وزارة الصحة في الإقليم الشمالي على رعايته وتلقى خدمات المساعدة الشخصية ودعم الإعاقة والعلاج من خلال وحدة الأدلة الجنائية المعنية بالإعاقة في برنامج دعم كبار السن وذوي الإعاقة، بهدف تحسين حالته حتى يتسنى إيداعه في أقل البيئات تقييداً. وكان يخضع لثلاث جلسات فردية كل أسبوع، وشملت ممارسات تأهيله إكسابه مهارات التكيف والتسامح، واسترخاء العضلات التدريجي، وأنشطة ترمي إلى زيادة قدراته على التواصل وتدريب على تسلسل الأنشطة لمساعدته في تحسين أو وقف تدهور ذاكرته. وقد أودع صاحب البلاغ أساساً في وحدة دعم مكثف مخصصة لعلاج وإيواء المرضى المحتجزين بموجب أمر قضائي وغيرهم من السجناء من ذوي الأمراض الذهنية والنفسية الاجتماعية - وغيرها من الإعاقات. ورغم أن الوحدة تقع ضمن القسم الخاضع لحراسة مشددة إلى أقصى حد من المركز الإصلاحي فإن الأجواء السائدة فيها تختلف اختلافاً كبيراً عن أجواء الوحدات الأخرى في القسم العام الخاضع لحراسة مشددة. وتلقى صاحب البلاغ الدعم من عاملين في مجال دعم الأشخاص ذوي الإعاقة وكان بإمكانه التواصل مع أسرته. ويقدم موظفو الوحدة أيضاً، خارج ساعات العمل، الدعم في مجالي الصحة والرعاية الاجتماعية للأشخاص الخاضعين لإشرافهم. وأتيحت لصاحب البلاغ إمكانية الوصول إلى الساحة الخارجية وأتيحت له فرص متزايدة للوصول إلى الأماكن الخاضعة لحراسة غير شديدة بمجرد استكمال الخطوات المطلوبة، للسماح له بالخروج إلى مناطق خارج مبنى المركز الإصلاحي. وشارك أيضاً في برنامج الإفراج النهاري، وهو برنامج جرى تعليقه أحياناً عقب وقوع حوادث سلوكية مثيرة للقلق أو لم يشارك فيه لعدم اهتمامه بالأنشطة المقدمة.

4-5 وقد عزل صاحب البلاغ نفسه (أو عُزل) في بعض الأحيان، عندما أعرب عن رغبته في الوحدة أو، تمشياً مع أفضل الممارسات في مجال دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، في حالة وقوع حوادث تتعلق بسلوكيات معينة، للحفاظ على سلامة صاحب البلاغ أو سلامة الموظفين أو المعنيين بدعم الأشخاص ذوي الإعاقة. وعُزل صاحب البلاغ في معظم الأوقات عن السجناء العاديين غير المحتجزين في وحدة الدعم الرفيع. وكثيراً ما كان الهدف من هذا الاختلاط هو تمكين نزلاء الوحدة، بمن فيهم صاحب البلاغ، من المشاركة في الأنشطة الترويحية خارج تلك الوحدة.

4-6 ويوفر مرفق الرعاية الآمن الذي احتُجز فيه صاحب البلاغ بعد ذلك بيئة سكنية آمنة على مدار الساعة، وطوال أيام الأسبوع من خلال تقديم خدمات إشراف ودعم مكثفين للأشخاص ذوي الإعاقة. وبعد نقل صاحب البلاغ إلى هناك في منتصف عام 2013، واصلت المحكمة العليا للإقليم الشمالي إجراء مراجعة وإشراف دوريين لترتيبات رعاية صاحب البلاغ وفقاً للقانون الجنائي للإقليم الشمالي، بما في ذلك فيما يتعلق بعدد من حوادث السلوك العنيف الخطيرة. وتواصل وزارة الصحة للإقليم الشمالي تقديم التقارير إلى المحكمة عن صاحب البلاغ وعما يحرزه من تقدم. وعادة ما يتلقى صاحب البلاغ الدعم من موظفيْن يعملان في مجال دعم الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع الأوقات. وكل يوم، يؤخذ خارج المرفق لزيارة أفراد من أسرته أو للمشاركة في أنشطة ترويحية، بما في ذلك زيارات منتظمة إلى دور السينما وأماكن ترفيه في الهواء الطلق ومتنزهات وطنية ومحلات تجارية أو مراكز تجارية في أليس سبرنغز . ومع ذلك، فإنه ما زال يظهر في بعض الأحيان عدداً من السلوكيات المثيرة للقلق التي أفضت إلى إلغاء زيارات الخروج اليومية.

4-7 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بادعاءاته بموجب المواد 5 و12 و13 و14. ويحظر قانون مكافحة التمييز للإقليم الشمالي لعام 1992 التمييز على أساس الإعاقة في الإقليم الشمالي، ويخول المفوضَ المعني بمكافحة التمييز في الإقليم الشمالي صلاحيات التحقيق في الشكاوى المتعلقة بالتمييز، والسعي إلى التوفيق بين الأطراف، بما في ذلك سلطة إصدار أوامر ملزمة قانوناً. وكان بوسع صاحب البلاغ أن يرفع شكوى إلى مفوض مكافحة التمييز كلما رأى أن ممارسات أو سياسات حكومة الإقليم الشمالي تمييزية. وكان بوسع المفوض أن يصدر أوامر ملزمة تطلب إلى طرف ما القيام أو الامتناع عن القيام بأعمال معينة، وتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ.

4-8 ولم يطعن صاحب البلاغ أو ولي أمره قط في استنتاج المحكمة بأن صاحب البلاغ لم يكن مؤهلاً للمثول أمام المحكمة، وإن كان هذا الاستنتاج خاضعاً لإجراءات الاستئناف العادية . وإذا كان صاحب البلاغ بحاجة إلى ترتيبات تيسيرية خاصة في إطار القوانين ذات الصلة لتمكينه من ممارسة أهليته القانونية، فإن الأمر يرجع إليه لتقديم شكوى من التمييز عملاً بالمادة 24 من قانون مناهضة التمييز. وكان يمكن أيضاً الطعن في قرار إخضاع صاحب البلاغ للإشراف وأمر الإشراف بالاحتجاز، كما هو الحال في أي عقوبة جنائية أخرى. وخلال الإجراءات، لم يطعن ممثل صاحب البلاغ قط في أن صاحب البلاغ يحتاج إلى مستوى عال من الرعاية والإشراف وأن ذلك يستلزم إيداعه في مرفق رعاية آمن، وإيداعه في المركز الإصلاحي إلى حين توفر هذا المرفق.

4-9 وباستثناء بعض الادعاءات المتعلقة بانتهاك المواد 14 (غير المرتبطة بالتمييز العنصري)، و15 و19، لم تُدعَّم جميع ادعاءات صاحب البلاغ بما يكفي من الأدلة. ولم يحدد، على وجه الخصوص، التسويات التي كان يمكن إجراؤها، إن وجدت - أو الدعم الذي كان يمكن تقديمه ولم يقدم - لتمكينه من ممارسة أهليته القانونية. ولم يقدم أي دليل على أنه حُرم من الخدمات الصحية النفسية الملائمة ولا على ادعائه أن حالته الصحية قد تدهورت بسبب حرمانه من الرعاية الصحية أو عدم كفاية الرعاية الصحية. كما لم يثبت بالأدلة صحة ادعاءاته بموجب المادة 26 فيما يتعلق بتوفير وكفاية تقديم خدمات التأهيل وإعادة التأهيل الموجهة إليه أو ادعاءاته بموجب المادة 28 بعدم توفير الخدمات المتعلقة بإعاقته والتي يحتاجها للعيش في المجتمع.

4-10 وأخيراً، تتعلق الاتفاقية بالتمييز على أساس الإعاقة، وليس على أساس العرق أو غير ذلك من الخصائص. ولذلك فإن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 5 غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي.

4-11 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تشدد الدولة الطرف على أن القانون الجنائي للإقليم الشمالي لا يتعامل مع أي شخص تعاملاً مختلفاً بسبب إعاقته، بل ينص على تفريق في المعاملة للأشخاص الذين "اعتُبروا غير مؤهلين للمثول أمام المحكمة". ومن المرجح أن يؤثر القانون بشكل غير متناسب على الذين قد يستوفون تلك المعايير لأسباب ترتبط بالإعاقة، إلا أن هذا التفريق في المعاملة مشروع وراسخ في القانون الدولي فيما يتعلق بأشكال التمييز المباشر وغير المباشر على السواء. وينبغي تفسير المادة 5 من الاتفاقية وفقاً لذلك النهج. ويستوفي القانون معيار التفريق المشروع في المعاملة ( ) سواء فيما يتعلق باستنتاج القدرة على المثول أمام المحكمة وبإصدار أوامر الاحتجاز، وبالتالي لا يشكل انتهاكاً للمادة 12(2). والأسس التي يستند إليها فرض واستمرار أوامر الإشراف بالاحتجاز واضحة وموضوعية ومعقولة، ولا تُعرَّف بالإشارة إلى الإعاقة.

4-12 ولم يقدم صاحب البلاغ أي معلومات بشأن التدابير اللازمة لممارسة الأهلية القانونية. ويوفر النظام القضائي في الإقليم الشمالي للأشخاص ذوي الإعاقة نفس الفرص المتاحة للأشخاص من غير ذوي الإعاقة في الحصول على خدمات من نوعية متساوية، إضافة إلى المباني والمرافق، للحصول على المعلومات بطريقة ميسورة، وفي تمكينهم من تقديم الشكاوى والمشاركة في المشاورات العامة ذات الصلة. ومُنح صاحب البلاغ الحقوق التي تكفلها المادة 13. فقد مثله محام ذو خبرة طويلة في القضايا الجنائية طوال الإجراءات، وعُين له وصي قانوني لينوب عنه. وليست الدولة الطرف على علم برفض أية طلبات لدعم مشاركة صاحب البلاغ في الإجراءات القضائية.

4-13 وتوافق الدولة الطرف على أن الاحتجاز على أساس الإعاقة وحدها مخالف للمادة 14 ( ) ، لكنها تدفع بأن ظروف صاحب البلاغ كانت أمراً آخر. وينبغي تفسير المادة 14(1)(ب) من الاتفاقية على نحو يتسق مع حظر الاحتجاز التعسفي المنصوص عليه في القانون الدولي، كما هو الحال، على سبيل المثال، في المادة 9(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. أما المعيار الذي اعتمدته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن ما إذا كان الاحتجاز تعسفياً هو ما إذا كان الاحتجاز، في جميع الظروف، ملائماً ومبرراً ومعقولاً وضرورياً ومتناسباً ( ) .

4-14 وفي جميع الأوقات، كان احتجاز صاحب البلاغ مشروعاً. وقد أُذن به بموجب أمر الإشراف بالاحتجاز الصادر عن المحكمة، وهو أمر غير تعسفي وغير تمييزي. وتقّر الدولة الطرف بأن الأشخاص ذوي العاهات الإدراكية أكثر عرضة لصدور أوامر إشراف بالاحتجاز في حقهم مقارنة بالأشخاص من غير ذوي العاهات الإدراكية. لكن، حتى إذا كانت أوامر الإشراف بالاحتجاز تطال الأشخاص المنتمين إلى الشعوب الأصلية أكثر من الأشخاص غير المنتمين إلى الشعوب الأصلية، فإن ذلك يمثل تفاوتاً مشروعاً في معاملة فئة محددة من الأشخاص ذوي الإعاقة لأن أوامر الإشراف بالاحتجاز لا تُفرض إلا في حالة عدم وجود أي بديل عملي يكفل سلامة الشخص الخاضع للإشراف أو سلامة بقية أفراد المجتمع المحلي.

4-15 ولا توجد قاعدة شاملة تنص على أن الحبس لمدة زمنية معينة يعتبر، بالضرورة، تعسفاً.

4-16 ولا يمثل احتجاز صاحب البلاغ في مركز إصلاحي، في حد ذاته، معاملة أو عقوبة مهينة فيما يخص المادة 15. ومن حيث المبدأ، ليس من المستصوب احتجاز الأشخاص غير المتهمين أو المدانين بارتكاب جرائم جنائية في مراكز إصلاحية. ومع ذلك، قد تكون هناك ظروف استثنائية تبرر احتجاز هؤلاء الأشخاص في مراكز إصلاحية، كاحتجازهم مؤقتاً، على سبيل المثال، رهناً بتوافر مكان ما في مرفق متخصص. وعلاوة على ذلك، لم يُعزل صاحب البلاغ عن الآخرين. ورغم احتمال أن يكون قد عزل مؤقتاً عندما كان سلوكه مثيراً للقلق بشكل خاص أو عندما اختار الانعزال، فإن ذلك كان معقولاً ومتناسباً مع ظروفه ولفترات قصيرة.

4-17 ولم يقدم صاحب البلاغ أي دليل يشير إلى أن تراجع حالته قد نجم عن قصور في الرعاية التي تلقاها أثناء الاحتجاز. وقد تبين للخبراء الطبيين من التقييمات الأولية، أن تراجع حالة صاحب البلاغ لسوء الحظ بسبب عاهته المعرفية، من الناحيتين الإدراكية والجسدية أمر "لا مفر منه" ( ) .

4-18 ولم يعزل صاحب البلاغ، أثناء احتجازه في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي، عن المجرمين المدانين في جميع الأوقات لكن تفاعله مع المجرمين المدانين في حد ذاته لا يمثل انتهاكاً للمادة 15. ولم يشتكِ صاحب البلاغ من أي حادث معين مع النزلاء الآخرين، كما لم يشر إلى أن إيداعه مع السجناء العاديين أدى إلى معاملة تمثل انتهاكاً للمادة 15.

4-19 وفيما يتعلق بالظروف السائدة المزعومة في مرفق الرعاية الآمن، لا يمثل الإشراف المستمر ووجود حراسة عند مغادرة المرفق ظروف احتجاز قاسية. ويرى أخصائيون نفسيون مستقلون ومختصون آخرون أن الإشراف والرعاية المستمرين ضروريان لدعم صاحب البلاغ وضمان سلامته وسلامة الآخرين. وعلاوة على ذلك، فإن احتجاز صاحب البلاغ في مرفق الرعاية الآمن ليس تعسفياً لأنه معقول وضروري ومتناسب مع الظروف، ويمثل أقل البيئات تقييداً لسكن صاحب البلاغ، وهو شخص ذو احتياجات معقدة ولا يستطيع الحصول على دعم من أسرته أو من آخرين في المجتمع المحلي. وتعترض الدولة الطرف على الادعاء القائل بأن صاحب البلاغ لا يحصل على خدمات الصحة العقلية الكافية. وبعض جوانب معالجة صاحب البلاغ وتوفير الرعاية له قد تتم من وقت لآخر بصورة غير طوعية، كإعطائه الأدوية اللازمة على أساس طارئ عندما يظهر سلوكيات مثيرة للقلق، لكن الدولة الطرف ترى، وفقاً للإعلان التفسيري للاتفاقية المقدم لدى التصديق عليها في 17 تموز/يوليه 2008، أن هذا الأمر معقول وضروري ومتناسب ولا يستخدم إلا كملاذ أخير. ولذلك، فإن تعرّض صاحب البلاغ لعلاج قسري، في بعض الأحيان، لا يمثل ظروف احتجاز قاسية وغير معقولة.

4-20 وأخيراً، لا يمثل طول الوقت الذي أمضاه في الاحتجاز في حد ذاته انتهاكاً للمادة 15. وإذا أصبح أو عندما يصبح تلقي صاحب البلاغ الرعاية ممكناً في بيئة أقل تقييداً، يشترط التشريع أن تضع المحكمة الترتيبات اللازمة لذلك. ولذلك، لم تكن الفترة الزمنية التي قضاها صاحب البلاغ في الاحتجاز غير متناسبة.

4-21 ولم يثبت صاحب البلاغ كيفية ارتباط المادة 19 بادعاءاته، وهو شخص خاضع لأمر إشراف بالاحتجاز وأودع لاحقاً في مرفق جديد مخصص للغرض وقد حصل على مستوى عال جداً من الرعاية وخدمات الدعم المتصلتين بالإعاقة. ولا تقّر الدولة الطرف أيضاً بأنها لا تبذل كل ما في وسعها، إلى أقصى حد تسمح به الموارد المتاحة، لتحقق تقدماً في إعمال الحقوق المنصوص عليها في المادة 19، وتشير إلى النفقات الكبيرة التي خصصتها أستراليا لخدمات دعم الصحة والإعاقة ( ) .

4-22 ولا تقبل الدولة الطرف ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 26 أنه لم يتلق أي خدمات تأهيل أو إعادة تأهيل، أو ادعاءه أن الخدمات التي تلقاها غير كافية. وشملت الخدمات المتاحة له في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي فحوصات طبية ونفسية منتظمة ودعماً من الموظفين المختصين بمساعدة ذوي الإعاقة، والعلاج عبر الاضطلاع بأنشطة عملية، والوصول إلى المجتمع المحلي، والزيارات الترفيهية. ويشجع المقيمون في مرفق الرعاية الآمن على تطوير أو صون مهارات حياتية يومية، مثل الرعاية بأنفسهم، والطهي، والتنظيف، وغير ذلك من المهام المنزلية، لتمكينهم من العيش باستقلالية قدر الإمكان، في انتظار تمكنهم من مغادرة المرفق والعيش في بيئة أقل تقييداً. وهناك مجموعة من الأنشطة الترويحية، بما في ذلك إمكانية استخدام المعدات الرياضية والآلات الموسيقية، وهي ترمي إلى ضمان ألا يصبح الأشخاص الذين يتلقون خدمات إعادة تأهيل سلبيين أو معتمدين على غيرهم أو موضع رعاية في المؤسسات. ولا تقّر الدولة الطرف أيضاً بالمزاعم التي تفيد بأن مرفق الرعاية الآمن لم يتمكن من تعيين الموظفين المناسبين.

4-23 وأخيراً، لا تقتضي المادة 28 من الدول توفير السكن للجميع عندما يطلبونه. ورغم أن صاحب البلاغ أعرب عن الرغبة في العيش في مجتمعه المحلي، فإن هذا لا يعني أن إقامته في مرفق الرعاية الآمن تنطوي على انتهاك لحقوقه بموجب المادة 28. ومن شأن الإيواء في المجتمع المحلي أن يؤدي إلى انخفاض في مستوى ونوعية الرعاية والإشراف والخدمات المتعلقة بالإعاقة، فضلاً عن الزيادة الكبيرة وغير المقبولة في احتمال تضرر صاحب البلاغ والمعتنين به والمجتمع الأوسع نطاقاً. ورغم أن الإيواء السابق لصاحب البلاغ في المركز الإصلاحي أليس سبرنغز لم يكن مثالياً، فإن صاحب البلاغ حصل، في جميع الأوقات، على قدر كاف من الخدمات والدعم المتصلين بالإعاقة. وحالما علمت حكومة الإقليم الشمالي بحالة صاحب البلاغ وبإقامته في المركز الإصلاحي، قررت بناء مرفق الرعاية الآمن، الذي يستند بناؤه في جزء منه إلى توفير السكن المناسب لصاحب البلاغ على وجه التحديد، وخصصت له تمويلاً كبيراً.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2017، تناول صاحب البلاغ، في بداية الأمر، مسألة سبل الانتصاف. ويحظر قانون مكافحة التمييز التمييزَ على أساس الإعاقة في مجالات محددة من الحياة لكنه ينص على بعض الاستثناءات والعوامل المبرِّرة. وهو ليس قانوناً أساسياً يمكنه إلغاء أو إبطال القوانين الأخرى في الإقليم الشمالي، مثل الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي للإقليم الشمالي. وتجيز المادة 53 من قانون مناهضة التمييز على وجه التحديد للشخص القيام بعمل تمييزي إذا كان ذلك ضرورياً للامتثال لأحد قوانين أو لوائح الإقليم الشمالي أو إذا كان أحد هذه القوانين أو اللوائح يجيزه أو إذا صدر أمر عن محكمة أو هيئة قضائية يجيزه. وفي هذه القضية، أذنت المحكمة العليا في الإقليم الشمالي بجميع الإجراءات موضوع شكوى صاحب البلاغ بموجب أحكام الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي.

5-2 وسبق أن اشتكى صاحب البلاغ إلى اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان من أن احتجازه إلى أجل غير مسمى يتعارض مع أحكام الاتفاقية. وخلصت اللجنة إلى أن حقوقه بموجب المواد 14(1)، و19، و25، و26(1) و28(1) من الاتفاقية قد انتهكت، وقدمت سلسلة من التوصيات إلى الحكومة تهدف إلى توفير سبل الانتصاف لصاحب البلاغ وإلى معالجة القضايا المنهجية المثارة. وقدم المدعي العام لأستراليا التقرير إلى البرلمان، الذي رفضه، مدعياً أن اللجنة ليس لديها اختصاص إجراء هذا التحقيق. وأحال المدافع عن صاحب البلاغ التقريرَ أيضاً إلى الوزير الأول والنائب العام في الإقليم الشمالي، لكن حكومة الإقليم الشمالي لم تقدم أي ردّ على الإطلاق.

5-3 وفيما يتعلق بإمكانية الطعن فيما خلصت إليه المحكمة ومفاده أن صاحب البلاغ غير مؤهل للمثول أمام المحكمة وتقديم شكوى بموجب قانون مكافحة التمييز عن عدم تقديم المحكمة أي ترتيبات معقولة له لتمكينه من ممارسة أهليته القانونية، لا يدعي صاحب البلاغ أن المحكمة العليا أساءت تطبيق القانون. بل إن القانون طُبق بشكل صحيح وليست هناك أي فرصة لنجاح أي طعن في هذه الظروف. لكن صاحب البلاغ يدعي أن الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي للإقليم الشمالي هو قانون ظالم يميز ضده على أساس إعاقته، في انتهاك لحقه في المساواة أمام القانون. وهذا الظلم يتمثل في أنه يعفيه من المسؤولية الجنائية على أساس افتراض عدم أهليته القانونية. ولا ينص القانون على تعديلات وتسويات تتيح تحديد مسؤوليته عن الجرائم مع مراعاة إعاقته الإدراكية. ولا يتضمن هذا النظام بأي شكل من الأشكال باباً يتناول تنفيذ الالتزام الوارد في المادة 12(3) من أجل دعم الأشخاص لتمكينهم من ممارسة الأهلية القانونية في عملية المحاكمة ( ) . ولم تتح الدولة الطرف أية ترتيبات تيسيرية لتمكينه من المشاركة الفعالة في الإجراءات القانونية، ما يشكل انتهاكاً للمادة 13. وليس لدى حكومة أستراليا أو حكومة الإقليم الشمالي شرعة حقوق دستورية أو قانونية يمكن أن يحتج بها صاحب البلاغ لإبطال الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي للإقليم الشمالي.

5-4 وفيما يتعلق بسبل الانتصاف من الحرمان من الحرية، يقّر صاحب البلاغ مرة أخرى بأن الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي للإقليم الشمالي طُبق بشكل صحيح في قضيته، ولذلك فإن أي طعن في تطبيق القانون في هذه القضية سيكون عديم الجدوى. فقد قدم المدافعون عنه وأوصياؤه الشرعيون، مراراً وتكراراً، وعلى مدى سنوات عديدة، بيانات وعروضاً على جميع مستويات حكومة الإقليم الشمالي دعوا فيها إلى دعم مجتمعي ملائم خارج السجن أو غيره من بيئات الرعاية في الاحتجاز.

5-5 وفي قضية نوبل ضد أستراليا ، نظرت اللجنة في حجة الدولة الطرف القائلة بأن أحكام القانون الجنائي لأستراليا الغربية لعام 1996 (المتعلق بالمتهمين ذوي العاهة العقلية) الذي ينص أيضاً على نظام تفريق في معاملة المتهمين ذوي العاهات الإدراكية غير المؤهلين للمثول أمام المحكمة، يشكل تفريقاً مشروعاً في المعاملة، لكنها رفضت هذا الادعاء، معتبرة أن نظاماً كهذا يشكل انتهاكاً للمادة 5(1) و(2) من الاتفاقية ( ) . وموقف صاحب البلاغ بموجب الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي للإقليم الشمالي يعادل موقف السيد نوبل.

5-6 ويعترض صاحب البلاغ على الحجة القائلة بأن الباب ثانياً-ألف من القانون يمثل تفريقاً مشروعاً في المعاملة لا يشكل تمييزاً. ومن الناحية العملية، أدى عدم تجريم صاحب البلاغ بسبب العاهة الذهنية والنفسية - الاجتماعية إلى صدور أمر إشراف بالاحتجاز وإلى إيداعه في مرافق احتجاز لفترة تتجاوز أي فترة سجن كانت ستُفرض عليه فيما لو أدين بالجرائم التي اتهم بها.

5-7 كما لا تشكل أحكام الباب ثانياً-ألف من القانون تفريقاً مشروعاً في المعاملة على أساس أنها تستخدم لحماية المجتمع من "استمرار خطر" يشكله صاحب البلاغ. وتنطبق هذه الأحكام على الأشخاص ذوي العاهات الإدراكية وحدهم، وليس على الأشخاص الآخرين من عامة الناس الذين يمكن أن ينخرطوا في سلوكيات تشكل خطراً مستمراً على المجتمع. وهذا السبب لوحده يبين أن الباب ثانياً-ألف تمييزي بشكل ظاهر.

5-8 وتقّر الدولة الطرف بأن قضاة المحكمة العليا للإقليم الشمالي أعربوا مراراً عن قلقهم إزاء حبس صاحب البلاغ في مرفق للعدالة الجنائية. ومن الواضح أن المحكمة رأت أن هذا ليس ضرورياً لحماية المجتمع المحلي، إذا ما توفر بديل مجتمعي للاحتجاز أقل تقييداً. ولم تتمكن حكومة الإقليم الشمالي من إتاحة أي من تلك البدائل منذ سنوات. ولا تحدد الدولة الطرف أيضاً أشكال إيذاء النفس التي تدعي أن صاحب البلاغ معرّض لها. وتعرض صاحب البلاغ، أثناء احتجازه في السجن، لعنف فعلي من سجناء آخرين ولخطر التعرض لهذا العنف باستمرار.

5-9 واحتجاز صاحب البلاغ تعسفي لأنه يستند إلى إعاقته. ولذلك، فهو تمييزي ويشكل انتهاكاً للمادة 14. ولا تفضي أي مراجعة دورية تجريها المحكمة لظروف صاحب البلاغ إلى جعل احتجازه تمييزياً أو تعسفياً بقدر أقل. واستند قرار المحكمة مواصلة احتجازه في مرفق إصلاحي إلى عدم وجود بدائل للسجن، وليس إلى تقدير لمستوى الخطر الذي يشكله. ولم تثبت الدولة الطرف أنها كانت تنفذ أي خطة، خلال الفترة المعنية، في الحدود القصوى لمواردها المتاحة، لمعالجة أوجه الحرمان المتعددة والمتفاقمة لصاحب البلاغ بوصفه شخصاً ذا إعاقة ينتمي إلى السكان الأصليين.

5-10 وتعرّض صاحب البلاغ خلال احتجازه في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي لمعاملة وعقوبة مهينة تنتهك المادة 15 من الاتفاقية ( ) . ووُضع قيد الحبس في ذلك المرفق دون إدانته بأي جرم من شأنه أن يوفر تبريراً موضوعياً لاحتجازه، بل كانت العاهة الذهنية والنفسية - الاجتماعية هي التبرير، وقد أودع مع أشخاص أدينوا بارتكاب جرائم جنائية.

5-11 ويرفض صاحب البلاغ ادعاءات الدولة الطرف أنه لم يُعزل وأنها وفرت له خدمات التأهيل وإعادة التأهيل والصحة العقلية وخدمات الدعم الأخرى التي طلبها. ونتيجة لذلك، تدهورت قدراته العقلية والوظيفية. وقال إنه احتُجز دوماً في مرفق يخضع لحراسة مشددة، وإنه عُزل مراراً وتكراراً ولفترات طويلة وتعرّض للعنف والاضطهاد على يد نزلاء السجن العاديين. وقال إنه حُرم من أنشطة التأهيل، وإعادة التأهيل، ومن الأنشطة الترفيهية وأسباب الراحة الشخصية. وتوضح الاستعراضات التي أجرتها المحكمة العليا في الإقليم الشمالي أن سلامته وقدرته العقلية والوظيفية تراجعتا نتيجة سجنه.

5-12 ولم تتم تلبية احتياجات صاحب البلاغ المتعلقة بالصحة العقلية والإعاقة على النحو الملائم، مما يشكل انتهاكاً للمادتين 25 و26. وربما وُضعت خطط لدعم السلوكيات الإيجابية، لكنها لم تنفذ بفعالية بسبب الظروف السائدة والافتقار إلى الموظفين داخل السجن. ولم يحصل صاحب البلاغ على دعم في مجال الإعاقة طوال الأسبوع وعلى مدار الساعة في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي. وشهدت خدمات الصحة العقلية التي حصل عليها صاحب البلاغ في مرفق الرعاية الآمن بعض التحسن.

5-13 وأخيراً، لا يؤدي السجن إلى أجل غير مسمى في سجن أو في مركز احتجاز شبيه بالسجن إلى إعمال حق صاحب البلاغ في السكن بموجب المادة 28. ويمكن تماماً توفير ما يطلبه صاحب البلاغ من خدمات إيواء ودعم داخل المجتمع المحلي. وفي مناطق أخرى من أستراليا، يتلقى الأشخاص ذوو الإعاقة الذهنية الذين يحتكون بنظام العدالة الجنائية، بمن فيهم أولئك الذين اتُهموا بارتكاب جرائم خطيرة أكثر بكثير من تلك التي اتُهم بها صاحب البلاغ، دعماً فعالاً في بيئات أقل تقييداً وبيئات تمكينية بقدر أكبر ( ) .

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 في 12 شباط/فبراير 2018، كررت الدولة الطرف ملاحظاتها، وأشارت إلى ردّها على آراء اللجنة في قضية نوبل ضد أستراليا ( ) ، وقدمت وقائع محدثة عن حالة صاحب البلاغ.

6-2 وفي أيلول/سبتمبر 2015، نُقل صاحب البلاغ تدريجياً من مرفق الرعاية الآمن إلى مسكن داخل المجتمع المحلي. وهو يعيش منذ 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، بمفرده في المنزل في أليس سبرنغز . ويدعمه موظفان مختصان بدعم الأشخاص ذوي الإعاقة موجودان في جميع الأوقات، ولديهما خبرة سابقة في العمل مع أشخاص ذوي إعاقة ذهنية من الشعوب الأصلية. ويعقد هؤلاء المختصون والموظفون اجتماعات شهرية برئاسة مدير دار الرعاية لمناقشة صحة صاحب البلاغ وسلوكه، والاتجاهات والنتائج المرجوة والتحديثات ذات الصلة.

6-3 وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2017، بُدل أمر الإشراف بالاحتجاز رسمياً إلى أمر إشراف غير احتجازي. وقدم طلب تعديل الأمر بناء على توصية ومبادرة وزارة الصحة في الإقليم الشمالي، آخذة في الاعتبار، ضمن جملة أمور أخرى، التقدم الذي أحرزه صاحب البلاغ. ويتيح أمر الإشراف الحالي لصاحب البلاغ العودة إلى مرفق الرعاية الآمن في حالة تدهور سلوكياته. وإذا استدعى الأمر إبقاءه في مرفق الرعاية الآمن لأكثر من يومين، يتعين تقديم طلب في هذا الشأن إلى المحكمة العليا.

6-4 ولا يزال صاحب البلاغ على اتصال كبير بأسرته في أليس سبرنغز وفي المجتمعات المحلية النائية. وهو يواصل المشاركة في الأنشطة المهنية والتعليمية. وقد قدم إليه مؤخراً كلب أليف وهو يشارك في رعايته اليومية. ولا يزال صاحب البلاغ يخضع لأمر الوصاية القانونية الذي يقضي بوجوب استشارة مكتب الوصي العام والوصي المجتمعي في جميع المسائل الصحية والمسائل المتعلقة بالإيواء.

باء- ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري والمادة 65 من نظامها الداخلي، ما إذا كانت القضية مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري.

7-2 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 2(ج) من البروتوكول الاختياري، من أنه لم يسبق لها النظر في المسألة نفسها ومن أنه لم يُنظَر فيها وليست قيد النظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تقدم ثلاث مجموعات من الحجج بشأن مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 2(ب) و(د) و(ه) من البروتوكول الاختياري، وأنها ستدرسها بشكل منفصل.

7-4 أولاً، تحيط اللجنة علماً بالحجج التي قدمتها الدولة الطرف بشأن عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 5 و12 و13 و14 من الاتفاقية. وترى الدولة الطرف، فيما يتعلق بالادعاءات المقدمة بموجب المادة 5، أن الأمر متروك لصاحب البلاغ لتقديم شكوى إلى مفوض مكافحة التمييز في الإقليم الشمالي، الذي يملك سلطة التحقيق وإصدار أوامر ملزمة قانوناً. ويرى صاحب البلاغ أن قانون مكافحة التمييز ليس قانوناً أساسياً يمكن أن يبطل القوانين الأخرى في الأقاليم الشمالية، مثل القانون الجنائي للإقليم الشمالي، وتنص المادة 53 من ذلك القانون على استثناء يسمح بالقيام بعمل تمييزي إذا أذنت المحكمة بذلك. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن شكاوى صاحب البلاغ أمام اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان لم تفض إلى أي ردّ من حكومة الإقليم الشمالي. ولذلك، ترى اللجنة أن الدعاوى المعروضة على المفوض المعني بمناهضة التمييز في الإقليم الشمالي واللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان لا ينشأ عنها سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، ولا يمكن اعتبار ذلك سبل انتصاف فعالة ( ) . وبناء عليه، فإن الشكوى بموجب المادة 5 مقبولة بموجب المادة 2(د) من البروتوكول الاختياري.

7-5 وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ لم يطعن فيما خلصت إليه المحكمة العليا من أنه لم يكن قادراً على المثول أمام المحكمة (المادة 12 من الاتفاقية)، وأنه لم يقدم شكوى بشأن التمييز في إطار الباب 24 من قانون مناهضة التمييز في طلب الإقامة الخاصة (المادة 13) وأنه لم يطعن أبداً في أوامر الإشراف بالسجن (المادة 14). لكن اللجنة تذّكر أيضاً بأنه لا حاجة إلى استنفاد سبل الانتصاف المحلية إذا لم يكن ثمة ما يوحي موضوعياً بنجاحها ( ) . وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ التي تفيد بأن طعنه ما كان لينجح إلا إذا تمكن من أن يثبت أن قرارات المحكمة خاطئة، في حين أن هذه القرارات اعتُمدت، في الواقع، وفقاً للقانون الجنائي للإقليم الشمالي. وتلاحظ اللجنة أن هذا التقدير يستند إلى القانون ذاته، ويزعم أنه ينتهك حقوق صاحب البلاغ بموجب الاتفاقية، ولا يتعلق بمسألة تفسير المحاكم المحلية أو تطبيقها للقانون. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أنه لا توجد أي سبل انتصاف فعالة إضافية متاحة لصاحب البلاغ وأن ادعاءاته بموجب المواد 12 و13 و14 مقبولة أيضاً بموجب المادة 2(د) من البروتوكول الاختياري.

7-6 وثانياً، تلاحظ اللجنة دفع الدولة الطرف بعدم مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ من حيث الموضوع فيما يتعلق بحالته كفرد من السكان الأصليين على أساس أن المادة 5 من الاتفاقية لا تغطي سوى التمييز على أساس الإعاقة. ولم يعترض صاحب البلاغ على هذا الجانب. وفي هذا الصدد، تذكِّر اللجنة بأن جميع الأسباب الممكنة للتمييز وأوجه التقاطع بينها يجب أن تؤخذ في الحسبان، بما في ذلك الانتماء إلى الشعوب الأصلية ( ) . ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ لم يقدم الحجج لتوضيح مدى تأثير انتمائه للسكان الأصليين على انتهاك حقوقه المنصوص عليها بموجب الاتفاقية، ولذا فهي ترى أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة كافية على هذا الادعاء لأغراض المقبولية.

7-7 وثالثاً، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن جميع ادعاءات صاحب البلاغ - باستثناء بعض الادعاءات بموجب المواد 14 (غير المتصلة بالتمييز العنصري)، و15 و19 من الاتفاقية - ينبغي اعتبارها غير مقبولة لعدم كفاية الأدلة وافتقارها إلى الأسس الموضوعية بموجب المادة 2(ه) من البروتوكول الاختياري. لكن اللجنة تعتبر أن صاحب البلاغ قد قدم، لأغراض المقبولية، ما يكفي من أدلة لدعم ادعاءاته، بموجب المواد 5 و12 و13 و14 و15، و19 و25 و26 و28 من الاتفاقية.

7-8 وتبعاً لذلك، وفي ظل عدم وجود عقبات أخرى تحول دون قبول البلاغ، تعتبر اللجنة البلاغَ مقبولاً وتمضي إلى النظر فيه من حيث أُسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي تلقتها، عملاً بالمادة 5 من البروتوكول الاختياري والفقرة 1 من المادة 73 من نظامها الداخلي.

8 -2 وتحيط اللجنة علماً بالمعلومات التي قدمها صاحب البلاغ بموجب المادة 5 من الاتفاقية، ومفادها أن الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي للإقليم الشمالي تمييزي لأنه لا ينطبق إلا على الأشخاص ذوي العاهة الإدراكية، وينص على احتجاز هؤلاء الأشخاص إلى أجل غير مسمى حتى في حالة عدم إدانتهم بجرائم جنائية، في حين أن الأشخاص الذين لا يعانون من عاهات إدراكية محميون من هذه المعاملة بتطبيق قواعد الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة. وتقول الدولة الطرف إن القانون الجنائي غير تمييزي، بل إنه ينص على تفريق مشروع في معاملة بعض الأشخاص ذوي الإعاقة، رهن ضمانات تكفل معاملة تتناسب مع أهدافه.

8-3 وتذّكر اللجنة بأنه يجب على الدول الأطراف بموجب المادة 5(1) و(2) من الاتفاقية، أن تحرص على أن يكون جميع الأشخاص متساوين أمام القانون وبمقتضاه ولهم الحق دون أي تمييز وعلى قدم المساواة في الحماية والفائدة اللتين يوفرهما القانون، وأن عليها أن تتخذ جميع الخطوات المناسبة لكفالة توفر ترتيبات تيسيرية معقولة سعياً لتعزيز المساواة والقضاء على التمييز. وتذكِّر اللجنة أيضاً بأن التمييز قد ينجم عن الأثر التمييزي لقاعدة أو تدبير لا يُقصد منهما التمييز، ولكنه يؤثر بشكل غير متناسب على الأشخاص ذوي الإعاقة ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي للإقليم الشمالي يهدف إلى معالجة حالة الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنفسية - الاجتماعية الذين يعتبرون غير مؤهلين للمثول أمام المحكمة على أساس إعاقتهم. ولذلك، فإن المسألة المعروضة على اللجنة هي معرفة ما إذا كانت المعاملة التفضيلية المنصوص عليها في الباب ثانياً-ألف معاملة معقولة أو ما إذا كانت تؤدي إلى معاملة تمييزية ضد الأشخاص ذوي الإعاقة.

8-4 وتلاحظ اللجنة أنه، في إطار الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي للإقليم الشمالي، يمكن إبقاء شخص غير مؤهل للمثول أمام المحكمة محتجزاً لفترة زمنية غير محدودة لأن أمر الإشراف، وفقاً لنص المادة 43ZCمن القانون، هو أمر غير محدد المدة ويمكن تغييره أو إلغاؤه أو تعديله تعديلاً كبيراً. ويعتبر الشخص الخاضع لأمر إشراف غير مؤهل للمثول أمام المحكمة إلى أن يثبت العكس. وإلى ذلك الحين، لا يمكنه ممارسة أهليته القانونية أمام المحاكم. وفي هذه القضية، وجهت التهمة إلى صاحب البلاغ في تشرين الثاني/نوفمبر 2007 بارتكاب اعتداء بسيط في ظروف مشدِّدة للعقوبة. وفي كانون الأول / ديسمبر 2007، أُعلن أن صاحب البلاغ غير مؤهل للمثول أمام المحكمة. وقد صدر أمر احتجاز احتُجز صاحب البلاغ بموجبه في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي حتى حزيران/ يونيه 2013، عندما أودع في مرفق رعاية آمن. وفي نهاية المطاف، نُقل، في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، إلى دار إقامة مجتمعية حيث يعيش هناك بمفرده. وتلاحظ اللجنة أن مجمل الإجراء القضائي تركّز، طوال فترة احتجاز صاحب البلاغ، على قدراته العقلية للمثول أمام المحكمة دون منحه أي إمكانية للدفع بإنكار الذنب أو للردّ على التهم الموجهة إليه. وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه وفقاً للمعلومات المتاحة، لم تحلل الدولة الطرف التدابير التي يمكن أن تكون قد اتخذت لتقديم ما يحتاجه صاحب البلاغ من دعم ومأوى لممارسة أهليته القانونية، كما أنها لم تتخذ أي تدابير في هذا الصدد. ونتيجة لتطبيق الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي، لم يُستمع إلى صاحب البلاغ في أية مرحلة من مراحل الإجراءات، مما حرمه من حقه في محاكمة عادلة ومن الحماية والفائدة اللتين يوفرهما القانون. وحسبما توضح الفقرة 16 من تعليق اللجنة العام رقم 6(2018) بشأن المساواة وعدم التمييز، يعني مصطلح "المساواة في التمتع بالفائدة التي يوفرها القانون" أن على الدول الأطراف إزالة العقبات التي تحول دون الوصول إلى أي من جوانب الحماية التي يوفرها القانون، ومزايا المساواة في الوصول إلى القانون والعدالة من أجل تأكيد الحقوق. ولذا، ترى اللجنة أن الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي أدى إلى معاملة قضية صاحب البلاغ معاملة تمييزية، ما يشكل انتهاكاً للمادة 5(1) و(2) من الاتفاقية.

8-5 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن احتجازه في مرفق رعاية آمن أنشئ فقط لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة يشكل انتهاكاً للمادة 5. وتلاحظ اللجنة أيضاً تأكيد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، الذي يخضع لأمر إشراف بالاحتجاز، كان مودعاً في ذلك المرفق الجديد الذي شُيد لهذا الغرض وحصل فيه على مستوى عال جداً من خدمات الرعاية والدعم المتصلة بالإعاقة. وظل صاحب البلاغ في المرفق حتى 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، عندما نقل إلى دار إقامة مجتمعية تلقى فيها دعماً محدداً. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه وفقاً للمعلومات المتاحة في الملف، لم يُستشر صاحب البلاغ في أي مرحلة من مراحل الإجراءات المتعلقة باحتجازه وإقامته. وإذ تحيط اللجنة علماً بما ذكر أعلاه، تشير إلى أن الاتفاقية تعترف بحق الشخص في عدم إرغامه على العيش في بيئة معيشية خاصة بسبب إعاقته وأن إيداع الأشخاص ذوي الإعاقة في مؤسسات رعاية كشرط للحصول على خدمات الصحة العقلية في القطاع العام يشكل تفريقاً في المعاملة على أساس الإعاقة، ومن ثم فهو تمييزي. وعليه، ترى اللجنة أن إرغام صاحب البلاغ على العيش في مؤسسة خاصة بسبب إعاقته من حزيران/ يونيه 2013 إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2016 يمثل إخلالاً بأحكام المادة 5 من الاتفاقية.

8-6 وفيما يخص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 12(2) و(3) و13(1) من الاتفاقية، تحيط اللجنة علماً بإفادة صاحب البلاغ بأن القرار الذي اعتبره غير مؤهل للمثول أمام القضاء حرمه من إمكانية ممارسة أهليته القانونية للردّ على التهم الموجهة إليه وأن ذلك بلغ حد انتهاك المادة 12(2) و(3) من الاتفاقية. وتشير اللجنة إلى أن كون الشخص من الأشخاص ذوي الإعاقة أو إصابته بعاهة يجب ألا يشكل أبداً أساساً لتجريده من الأهلية القانونية أو من أي من الحقوق الواردة في المادة 12 ( ) ، وأن الدول الأطراف ملزمة بموجب المادة 12(2) بأن تقّر بتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بأهلية قانونية على قدم المساواة مع الآخرين في جميع مناحي الحياة. وتنص الفقرة (3) من المادة 12، على وجوب أن توفر الدول الأطراف إمكانية حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الدعم الذي قد يحتاجونه أثناء ممارسة أهليتهم القانونية. وتشير اللجنة أيضاً إلى أنه، بموجب الفقرة (1) من المادة 13، يجب على الدول الأطراف أن تكفل سبلاً فعالة للأشخاص ذوي الإعاقة للجوء إلى القضاء على قدم المساواة مع الآخرين، بما في ذلك من خلال توفير التيسيرات الإجرائية التي تتناسب مع أعمارهم.

8-7 وفي هذه القضية، أدى قرار اعتبار صاحب البلاغ غير مؤهل للمثول أمام المحكمة بسبب عاهته الذهنية والنفسية - الاجتماعية إلى حرمانه من حقه في ممارسة أهليته القانونية والدفع بأنه غير مذنب ودحض الأدلة المقدمة ضده. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف بأن النظام القضائي في الإقليم الشمالي يتيح للأشخاص ذوي الإعاقة نفس الفرص المتاحة لغيرهم من الأشخاص للوصول إلى الخدمات، والمباني والمرافق، وأن الدولة الطرف ليست على علم بأي طلبات لدعم مشاركة صاحب البلاغ في الإجراءات القانونية التي حرم من المشاركة فيها، وتلاحظ اللجنة أيضاً إفادة صاحب البلاغ بأن القانون لا ينص على تعديلات وتسويات تتيح تحديد مسؤوليته عن الجرائم مع مراعاة عاهته الإدراكية. وترى اللجنة أن سلطات الدولة الطرف لم تتح أي شكل من أشكال الدعم والإيواء المناسبة لتمكين صاحب البلاغ من المثول أمام المحكمة وممارسة أهليته القانونية. وعليه، لم تتح له قط أي فرصة لتحديد التهم الجنائية الموجهة إليه. وترى اللجنة أنه، على الرغم من أن الدول الأطراف تملك هامش تقدير معيناً لتحديد الترتيبات الإجرائية التي تمكِّن الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة أهليتهم القانونية ( ) ، لا بد من احترام حقوق الأشخاص المعنيين ذات الصلة. وهذا لم يحدث في قضية صاحب البلاغ، إذ لم تُتح له أي إمكانية للقيام بذلك ولم يتلقَ ما يناسب من الدعم أو الترتيبات التيسيرية اللازمة لممارسة حقوقه في اللجوء إلى القضاء والحصول على محاكمة عادلة. وفي ضوء ذلك، ترى اللجنة أن الحالة قيد الاستعراض تشكل انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 12(2) و(3) و13(1) من الاتفاقية ( ) .

8-8 وفيما يخص ادعاءات صاحب البلاغ بشأن احتجازه، تؤكد اللجنة مجدداً أن حرية الشخص وأمنه من أثمن الحقوق التي يحق لكل فرد التمتع بها. فلجميع الأشخاص ذوي الإعاقة، وعلى وجه الخصوص الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والإعاقات النفسية - الاجتماعية، الحق في الحرية بموجب المادة 14 من الاتفاقية ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أنه بعد قرار المحكمة العليا المؤرخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2007 الذي أعلن صاحب البلاغ غير مؤهل للمثول أمام المحكمة، أودع صاحب البلاغ قيد الاحتجاز في السجن بناء على قرار المحكمة العليا المؤرخ 22 كانون الأول/ديسمبر 2008. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن قضاة المحكمة العليا أعربوا عن قلقهم إزاء حبس صاحب البلاغ في مرفق من مرافق القضاء الجنائي، لكن هذا القرار اعتُمد نظراً للافتقار إلى البدائل المتاحة وخدمات الدعم. وبالتالي، اتُخذ قرار احتجاز صاحب البلاغ على أساس تقييم سلطات الدولة الطرف للتداعيات المحتملة للإعاقة الذهنية، في غياب أي إدانة جنائية، فحوّلت إعاقته إلى السبب الرئيسي لاحتجازه. وعليه، ترى اللجنة أن احتجاز صاحب البلاغ يشكل انتهاكاً للمادة 14(1)(ب) من الاتفاقية التي تنص على "ألا يكون وجود الإعاقة مبرراً بأي حال من الأحوال لأي حرمان من الحرية" ( ) .

8-9 وفيما يتعلق بمزاعم صاحب البلاغ بموجب المادة 15 من الاتفاقية، تشدد اللجنة على أن للدول الأطراف وضعاً خاصاً يمكنها من صون حقوق الأشخاص مسلوبي الحرية، بالنظر إلى مدى السيطرة التي تمارسها عليهم ( ) ، بما في ذلك لمنع أي شكل من أشكال المعاملة تتنافى مع المادة 15 وحماية الحقوق المكفولة بموجب الاتفاقية. وفي هذا السياق، يجب على سلطات الدولة الطرف إيلاء اهتمام خاص لاحتياجات الشخص المعني الخاصة واحتمال ضعفه، بما في ذلك بسبب إعاقته. وتشير اللجنة كذلك إلى أن عدم اعتماد التدابير ذات الصلة، وعدم توفير ما يكفي من الترتيبات التيسيرية المعقولة عند الحاجة من قبل الأشخاص ذوي الإعاقة الذين حرموا من حريتهم قد يشكل خرقاً للمادة 15(2) من الاتفاقية.

8-10 وفي هذه القضية، يدَّعي صاحب البلاغ أنه احتجز في مرفق خاضع لحراسة مشددة إلى أقصى حد مع أشخاص مدانين، وتعرّض لعلاج قسري وكذلك، لأعمال عنف على يد سجناء آخرين. وتقّر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يُفصل في جميع الأوقات عن المجرمين المدانين، وأنه عُزل مؤقتاً وتعرّض لعلاج قسري. وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أُودع في الاحتجاز في مركز أليس سبرنغز الإصلاحي في بداية الأمر، ثم في مرفق رعاية آمن لأكثر من تسع سنوات، دون أي إشارة مسبقة لمدة احتجازه المتوقعة. واعتُبر احتجازه غير محدد المدة من حيث أن المادة 43ZC من الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي للإقليم الشمالي تنص على أن أمر الإشراف يصدر دون تحديد مدة. وإذ تأخذ اللجنة في الاعتبار أن الاحتجاز إلى أجل غير مسمى يعرِّض الشخص المحتجز إلى آثار نفسية لا يمكن معالجتها، ترى أن هذا الضرب من الاحتجاز الذي تعرّض له صاحب البلاغ يشكل معاملة لا إنسانية ومهينة ( ) . ورغم أن صاحب البلاغ لم يثبت أنه تعرّض للعنف من جانب سجناء آخرين، ترى اللجنة أن طابع احتجازه إلى أجل غير مسمى، واحتجازه في مركز إصلاحي دون إدانته بارتكاب جريمة جنائية، وعزله بصورة دورية، وعلاجه القسري، واحتجازه مع مجرمين مدانين، يبلغ حد انتهاك المادة 15 من الاتفاقية.

8-11 وتحيط اللجنة علماً بالمعلومات التي قدمها صاحب البلاغ بموجب المادة 19 بأنه لم يزود بسكن لائق في المجتمع المحلي، كبديل عن الاحتجاز في المركز الإصلاحي أو مرفق الرعاية الآمن. وتلاحظ اللجنة أن المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف والتي تفيد بأن المحكمة العليا في الإقليم الشمالي خلصت باستمرار في استعراضاتها الدورية إلى عدم وجود أي بديل عملي للاحتجاز في المركز الإصلاحي، بسبب عدم توفر أي مرفق ملائم آخر. وتلاحظ اللجنة أيضاً القرار الإيجابي المنفذ في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 لمنح صاحب البلاغ إمكانية العيش في دار إقامة مجتمعية في أليس سبرنغز . وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة انتفاء المسألة التي أثارها صاحب البلاغ فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 19 من الاتفاقية. وبناء على ذلك، وفي ضوء ظروف القضية، لا تحتاج هذه المسألة المحددة إلى مزيد من المعالجة.

8-12 وأخيراً، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه حرم من الحصول على الرعاية الصحية (المادة 25 من الاتفاقية)، ومن خدمات التأهيل وإعادة التأهيل (المادة 26)، وأن حقه في مستوى معيشي لائق وفي الحماية الاجتماعية (المادة 28) قد انتهك. وتلاحظ اللجنة أيضاً حجج الدولة الطرف التي تفيد بأنه على الرغم من أن صاحب البلاغ لا يزال محتجزاً، فقد رصدت نفقات كبيرة لخدمات دعم الصحة والإعاقة، وأن صاحب البلاغ تلقى الرعاية الصحية المناسبة وخدمات التأهيل وإعادة التأهيل، وحصل على سكن لائق، وأن مرفق الرعاية الآمن أُنشئ في جزء منه لتوفير السكن المناسب لصاحب البلاغ، وأن صاحب البلاغ انتقل في نهاية المطاف إلى دار إقامة مجتمعية. وتلاحظ اللجنة أن البيانات التي أدلى بها صاحب البلاغ والدولة الطرف غير متسقة وأن المعلومات المقدمة لا تمكنها من الخلوص إلى حدوث انتهاك للمواد 25 و26 و28 من الاتفاقية.

8-13 وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزاماتها بموجب المواد 5 و12 و13 و14 و15 من الاتفاقية.

جيم- الاستنتاجات والتوصيات

9- إن اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزاماتها بمقتضى المواد 5 و12 و13 و14 و15 من الاتفاقية. وبناء على ذلك، تقدم إلى الدولة الطرف التوصيات التالية:

(أ) فيما يتعلق بصاحب البلاغ، ينبغي أن تلتزم الدولة الطرف بما يلي:

أن توفر له سبيل انتصاف فعالاً يشمل ردّ أي تكاليف قانونية يكون قد تكبَّدها، ومنحه التعويض؛

أن تنشر هذه الآراء وتعمّمها على نطاق واسع في أشكال يسهل إطلاع جميع فئات السكان عليها.

(ب) ينبغي للدولة الطرف بوجه عام أن تلتزم باتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، وبالنظر إلى الآثار البعيدة المدى للانتهاكات التي تنطوي عليها هذه القضية، تذّكر اللجنة، على وجه الخصوص، بالتوصيات المتعلقة بالحرية والأمن الشخصي الواردة في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الأولي المقدم من أستراليا (CRPD/C/AUS/CO/1، الفقرة 32) وتطلب إلى الدولة الطرف القيام بما يلي:

تعديل الباب ثانياً-ألف من القانون الجنائي للإقليم الشمالي وجميع التشريعات الاتحادية وتشريعات الولايات المشابهة له أو المرتبطة به، بتشاور وثيق مع الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم، بما يكفل امتثال هذا القانون لمبادئ الاتفاقية والمبادئ التوجيهية بشأن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحرية والأمن؛

الحرص، دون إبطاء، على إتاحة تدابير دعم وتدابير تيسيرية ملائمة للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية والنفسية - الاجتماعية لتمكينهم من ممارسة أهليتهم القانونية أمام المحاكم عند الاقتضاء؛

حماية الحق في العيش المستقل والإدماج في المجتمع عن طريق اتخاذ الخطوات اللازمة، بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، لتهيئة دور إقامة المجتمعية بغية الاستعاضة عن المرافق المؤسسية بخدمات دعم العيش المستقل؛

كفالة توفير التدريب الملائم والمنتظم للموظفين العاملين مع الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنفسية - الاجتماعية وأعضاء لجنة إصلاح القانون والبرلمان، والموظفين القضائيين والموظفين المشاركين في تيسير عمل الجهاز القضائي ، بشأن نطاق الاتفاقية والبروتوكول الاختياري الملحق بها، بما في ذلك ممارسة الأهلية القانونية، واللجوء إلى القضاء، وتجنب استخدام المؤسسات الخاضعة لحراسة مشددة لحبس الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنفسية - الاجتماعية.

10- ووفقاً للمادة 5 من البروتوكول الاختياري والمادة 75 من النظام الداخلي للجنة، ينبغي للدولة الطرف أن تقدم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن الإجراءات المتخذة في ضوء آراء اللجنة وتوصياتها هذه.