الأمم المتحدة

CAT/C/52/D/503/2012

Distr.: General

12 June 2014

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

البلاغ رقم 503 / 2012

قرار اعتمدته اللجنة في دورتها الثانية والخمسين، المعقودة في الفترة من 28 نيسان/أبريل إلى 23 أيار/مايو 201 4

المقدم من: بونيفاس إنتيكاراهيرا، تمثله رابطة مكافحة الإفلات من العقاب (TRIAL)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى: 12 نيسان/أبريل 2102 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ القرار: 12 أيار/مايو 201 4

الموضوع: تعذيب على يد عناصر الشرطة

المسائل الإجرائية : -

المسائل الموضوعية : التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ ال التزام بإجراء رصد منهجي لممارسات الاستجواب ؛ و التزام الدولة الطرف ب ضمان قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه ؛ و الحق في تقديم شكوى ؛ و الحق في الحصول على تعويض

مواد الاتفاقية: المادة 2؛ الفقرة 1، والمواد 11 و12 و13 و14 مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و16 من الاتفاقية

المرفق

قرار اعتمدته لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (الدورة الثانية والخمسون)

بشأن

البلاغ رقم 503 / 2012

المقدم من: بونيفاس إنتيكاراهيرا، ت مثله رابطة مكافحة الإفلات من العقاب (TRIAL)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى: 12 نيسان/أبريل 2102 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن لجنة مناهضة التعذيب المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،

وقد اجتمعت في 12 أيار/مايو 2014 ،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 503 / 2012 المقدم من بونيفاس إنتيكاراهيرا بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها صاحب الشكوى ومحاميه والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

قرار اتخذ بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب

1-1 صاحب الشكوى هو بونيفاس إنتيكاراهيرا ، المولود عام 1971 في كيرامبي في بلدة روساكا ، مقاطعة إ موارو، ويقيم ببلدة إنياكابيجا ، مقاطعة بوجمبورا (بوروندي). ويدّعي صاحب الشكوى أنه كان ضحية انتهاك الفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و12 و13 و14 مقروءة بالاقتران مع المادة 1، أو با لمادة 16 من الاتفاقية. و ي مثل صاحب الشكوى محام .

1-2 و في 25 نيسان/أبريل 2012، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف ، عملا ً بالفقرة 1 من المادة 114 (المادة 108 سابق اً ) من نظامها الداخلي (CAT/C/3/Rev.5)، أن تمنع بشكل فعال، طوال المدة التي يستغرقها نظر اللجنة في القضية ، أي تهديد أو فعل من أفعال العنف يمكن أن يتعرض له صاحب الشكوى أو أسرته، خصوصا ً بسبب تقديم هذ ه الشكوى .

الوقائع كما قدمها صاحب الشكوى

2-1 يعمل صاحب الشكوى حارس اً ليلي اً في مستشفى ولي العهد الأمير تشارلز في بوجمبورا. و في عشية 17 تشرين الأول/أكتوبر 2010، حوالي الساعة الثالثة فجرا ً ، رأى سيارتين لونهما أبيض ، من نوع "البيك اب" تتوقفان أمام قسم الطوارئ ب المستشفى. وذهب صاحب الشكوى للاستفسار عن الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية. وتعرف في تلك اللحظة على عمدة بوجمبورا، ومفوض الشرطة في بلدية بوجمبورا. و كانا ي رافقهم ا 11 فرداً مجهول ي الهوية، بعضهم يرتدي الزي الرسمي للشرطة الوطنية و بعضهم يرتدي ملابس مدنية. وأمر العمدة ، الذي كان يبدو هائجاً للغاية ، صاحب الشكوى بأن يستدعي الفريق الطبي. وألقى أربعة من ضباط الشرطة شخصين مصابين على الأرض أمام مدخل الطوارئ أحدهما ملطخاً بالدماء ولم يكن بوسعه أن يظل واقفاً . وتبين أن سبب حالة الهياج الشديد للعمدة هي شجار نشب بينه وبين مجموعة شبان في ملهى ليلي وسط مدينة بوجمبورا. وأصيب الشخصان أثناء تدخل الشرطة بهدف حماية العمدة خلال المشاجرة .

2-2 و فهم صاحب الشكوى أن العمدة ينوي ترك الشخصين المصابين أمام المستشفى، فوجه إلى هذا الأخير أسئلة عن الشخص المسؤول عن ا لرعاية الطبية لهؤلاء الأفراد، و سأل ه أيضاً عما إ ذا كان سيدفع المبلغ المطلوب كضمانة للعلاج . و ردا ً على ذلك، صفعه العمدة صفعتين عنيف تين . ثم قام ضابطان من ضباط الشرطة بملاحقة صاحب الشكوى، الذي كان يحاول الهر و ب، وأمسكوا به . ثم دفع مفوض الشرطة صاحب الشكوى بشدة ، و بمجرد أن وقع أرضاً ، ركله ركل ات عنيف ة ، خصوصا ً في الظهر. و بدأ صاحب الشكوى ينزف من فم ه، تحت وطأة الضربات، وكان ي صرخ من الألم. ومع ذلك، استمر أربعة من ال ضباط في توجيه ضربات إليه ، بما في ذلك صفعات على ال وجه. و في ال أثناء ، حث العمدة ضباط الشرطة على مواصلة الضرب ال ذ ي استمر ل ما مجموعه عشر دقائق تقريباً . وبالإضافة إلى الشتائم الموجهة إلى صاحب الشكوى، أمر العمدة رجاله بأن " يجهزوا على هذا المدمن ".

2-3 استرعى الصراخ انتباه أحد زملاء صاحب الشكوى ، فهرع إ لى مكان الحادث، وأجرى تقييماً ل لمشهد وهو في حالة هلع وركض لتنبيه شرطة وحدة مستشفى السجن. غير أن أحداً لم يجرؤ على التدخل بعد أن تعرف أفراد الشرطة على العمدة في الحال . وبعد أن رأى الضباط أعضاء الفريق الطبي الذين شاهدوا جثة صاحب الشكوى ملطخة بالدماء، قرر الضباط مغادرة الموقع بسرعة. وأمر مفوض الشرطة في ال بلدية الضباط ب تكبيل صاحب الشكوى، وأحكمت السيطرة عليه من اليدين والقدمين، ثم زُج به بعنف في الجزء الخلفي من إحدى الشاحنات الصغيرة. و في السيارة، واصل الضباط ضربه بأعقاب بنادقهم، وخاصة في الأضلاع. وتعرض صاحب الشكوى أيضاً لضرب في الصدغ ، مما تسبب في فقدانه الوعي للحظات.

2-4 و قبل الفجر، كان صاحب الشكوى قد نقل إلى مركز الشرطة القضائية (سابق اً "لواء التحقيق ات الخاص")، واحتجز في زنزانة ضيقة، وهو لا يزال مكبل اليدين والرجلين ، وفي حالة جسدية مثيرة للقلق جراء الضرب. وأ ُ مر ضباط الشرطة المسؤول ون عن ال إشراف عل يه ب عدم إزالة أصفاده. ولم تفك أصفاده إلا في منتصف نهار 18 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، أ ي بعد تكبيل ه لمدة 32 ساعة متواصلة . و كان هناك حوالي أربعين سجينا ً في ال زنزانة. ونظراً لاكتظاظ المكان، ا ضطر بعض السجناء إلى النوم خارج الزنزانة ، في قاعة مغلقة وتحت حراسة خارجية من الشرطة.

2-5 و طلب صاحب الشكوى، حال وصوله إلى سجن الشرطة القضائية، أن يتم عرضه على طبيب لما كان يعاني ه من إصابات كثيرة ، و كان ينزف من فمه ويعاني من سلس البول. غير أنه ، و على الرغم من طلبات ه المتكررة، لم يحصل على حق ه في العرض على طبيب في البداية. ولم يزره طبيب مستشفى ولي العهد الأمير تشارلز إلا في اليوم التالي فقط ، أي في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2010، حيث قدم له الرعاية الأولية لوقف النزيف وتخفيف ألم ساقه اليسرى عن طريق و ضع ضمادة عليها . واحتجز صاحب الشكوى في نفس المكان لمدة أربعة أيام من 17 إلى 20 تشرين الأول/أكتوبر 2010 . ولم يتم إبلاغه في أي وقت من الأوقات عن أسباب احتجاز ه. ولم تؤكد أي سلطة قانونية صحة احتجاز ه. و بعد أن علم زملاء صاحب الشكوى بشكل غير رسمي من أحد ض با ط الشرطة ب أن ه اعتقل في مقر الشرطة القضائية، قاموا بزيارته في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2010 والأيام التالية، وأحضروا له ال طعام، لأن إدارة السجن لم تقدم إليه أي طعام طوال فترة احتجازه . و خلال الزيارة الأولى ل زملائه، كان صاحب الشكوى مكبل اً وكان يحتاج إلى مساعدة ل تناول الطعام.

2-6 و في أعقاب هذه الزيارة الأول ى ، أبلغ زملاء صاحب الشكوى " الإذاعة ا ل أ فريقي ة العامة " بما حدث . و في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2010، قام أحد الصحفيين بزيارة صاحب الشكوى وأذيعت في نفس اليوم معلومات عن ضرب ه و احتجازه على موجات الإذاعة . وأدى هذا التقرير إلى رد فعل قوي من جانب السلطات البوروندية ، حيث ذهب مفوض الشرطة في بلدية بوجمبورا ب نفسه إلى مقر محطة الإذاعة في اليوم التالي، وصرح بلهجة من التهديد إ ن ه لن يتم الإفراج عن صاحب الشكوى. كما أحيل عدد من صحافيي الإذاعة ، بعد هذا التقرير، إلى دائرة المحكمة العليا في بوجمبورا ، في 27 تموز/يوليه 2011، بتهمة التعرض ل شرف العمدة وسمعته وفقاً ل لقانون الجنائي. و ما زالت القضية أمام المحكمة حتى وقت تقديم ال شكوى إلى اللجنة من قبل صاحب الشكوى.

2-7 و في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، كان صاحب الشكوى لا يزال محتجزاً في زنزانة الشرطة القضائية عندما بدأ موظف و مستشفى ولي العهد الأمير تشارلز إضراب اً بالاتفاق مع المستشفى لإطلاق سراح صاحب الشكوى. وبعد بضع ساعات، أ ُ طلق سراحه ون ُ قل إ لى قسم الطوارئ ب مستشفى ولي العهد الأمير تشارلز، حيث كان لا يزال يعاني من آلام حادة في الرأس والظهر والضلوع اليسرى فضلاً عن ساقه اليسرى التي كانت متورمة ، و كان لا ي زال ي عاني من سلس البول. وكشفت الفحوص الطبية عن ألم في صدر مدمى على الجانب الأيسر، و جروح في المعصمين و الجزء ال داخل ي من الساق اليسرى، و وجود دم في البول، و نوبات صداع ( ) . وظل صاحب الشكوى في المستشفى من 20 تشرين الأول/أكتوبر إلى 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، حيث حصل خلال هذه الفترة على الرعاية و كان يتعاطى المسكنات. و بعد خروجه ، استمر في تلقي العلاج بشكل منتظم، وخاصة ل ساقه اليسرى. و في نيسان/أبريل 2011، اضطر إلى الذهاب إلى المستشفى من جديد لأن جروح ساقه اليسرى كانت لا تزال مؤلمة جدا ً ولم يكن قادراً على استعادة الحركة الكاملة. وأجرى صاحب الشكوى عملية جراحية في ساقه و ظل في المستشفى من 3 نيسان/أبريل إلى 5 أيار/ مايو 2011 ( ) . ومع ذلك، لا تزال ساقه اليسرى تؤلمه حتى يومنا هذا ولم يستعد صاحب الشكوى القدرة الكاملة على الحركة .

2-8 ويشير صاحب الشكوى إلى أنه أبلغ سلطات الدول ة بهذه الأحداث . و بعد أيام قليلة من إطلاق سراحه، في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، قدم شكوى رسمي ة إلى المدعي العام بسبب ما تعرض له من ضرب واحتجاز تعسفي ( ) . ومع ذلك، لم يجر أي تحقيق في هذه الوقائع. و بعد ثمانية أشهر، لم تفض فيها شكواه إلى أية نتيجة، قدم صاحب الشكوى في 22 تموز/يوليه 2011، شكوى إلى رئيس المحكمة العليا، في شكل طلب استدعاء مباشر، وفقاً للمادة 106 من قانون الإجراءات الجنائية ( ) . ومع ذلك، رفض قلم المحكمة العليا تسجيل شكواه على أساس أن ه يجب أن يطعن أولاً أمام المحاكم الأدنى درجة . غير أنه وفقاً لصاحب الشكوى، فإ ن المحكمة العليا هي المختصة في ال تحقيق و ال مقاضاة في أي انتهاك يرتكبه عمدة ما ، لما يتمتع به من امتياز قضائي (بموجب الفقرة 8 من المادة 138 من القانون رقم 1/ 08 بشأن تنظيم واختصاص ال محاكم الصادر في 17 آذار/ مارس 2005، و و فقاً ل لسوابق القضائية). ومع ذلك، لم يفتح أي تحقيق في الوقائع في أعقاب ال شكوى التي قدمها صاحب الشكوى.

2-9 وأمام هذا الموقف السلبي ل لسلطات القضائية، توجه صاحب الشكوى مرة أخرى إلى رئيس المحكمة العليا في 2 شباط/فبراير 2012 يشكو إليه من التعذيب و الاحتجاز التعسفي ليتم تسجيل شكواه والتحقيق فيها رسميا ً ( ) . ولكن قلم المحكمة العليا الذي استلم منه الطلب رفض أن يعطيه إيصالا ً يفيد ب التسجيل الرسمي ، ما يشكل حسب صاحب الشكوى، انتهاكاً ل لمادة 50 من القانون رقم 1/ 07 المؤرخ 25 شباط/فبراير 2005 الذي ي نظم عمل المحكمة العليا ( ) . وفي 28 آذار/ مارس 2012 ، توجه صاحب الشكوى مرة أخرى إلى المحكمة العليا للاستفسار عن الإجراءات المتخذة بشأن شكواه، ولكن قلم المحكمة رفض أن ي قدم إليه أي معلومات. وبالتالي، يؤكد صاحب الشكوى أنه بعد أكثر من 18 شهرا ً على الوقائع، لم يجر أي تحقيق فيها .

2-10 وبالإضافة إلى هذه الإجراءات الرسمية، يشير صاحب الشكوى إل ى أن الانتهاكات التي تعرض لها نشرت علنا ً ، ولا سيما من خلال بث عبر ال إذاعة العامة الإفريقية (انظر الفقرة 2-6 أعلاه ). و بالتالي ، فقد وصلت بلا شك إلى أسماع السلطات الحكوم ي ة و الإدارية البوروندية، كما يتبين من زيارة مفوض شرطة بلدية بوجمبورا إلى محطة ال راديو في اليوم التالي لبث التقرير . ويؤكد صاحب الشكوى أيضاً تأثير الانتهاكات التي تعرض لها خلال إضراب مستشفى ولي العهد الأمير تشارلز. وأضاف أن ه في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2010، نشرت صحيفة " إيواكو "، التي تحظى بعدد كبير من القراء ة في البلد، مقالا ً بشأن هذه الوقائع ( ) . و ي شير هذا المقال أيضاً إلى موقف منظمة "المسيحيين لمناهضة التعذيب" في بوروندي، التي حث ت من خلال رئيسها السلطات القضائية على اتخاذ إجراء في قضية صاحب الشكوى. وفي ضوء هذه الإعلانات العامة، لا يمكن ل لسلطات البوروندية أن تتجاهل الانتهاكات المرتكبة ضد صاحب الشكوى. ومع ذلك، لم ي ُ تخذ أي إجراء للتحقيق في ال انتهاكات ال خطيرة التي تعرض لها، و ملاحقة الجناة ومعاقبتهم ، و تعويض صاحب الشكوى.

2-11 و يشير صاحب الشكوى إلى أنه بموجب المادة 392 من القانون الجنائي، فإن ال قاض ي الذي يحرم شخص اً من العدالة بعد أن يقدم طلب اً إليه يعاقب بالسجن من ثمانية أيام إلى شهر واحد من الأشغال الشاقة وغرامة قدرها 000 50 إلى 000 100 فرنك بوروندي، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط . ومع ذلك، فإنه يلاحظ أن رفع دعوى على أساس هذ ه المادة لن يكون له أي فرصة نجاح من الناحية الموضوعية ، لأن المدعي العام ربما يتمتع بنفس الحماية التي يتمتع بها المسؤول و ن عن الانتهاكات التي ا رتكب ت ضده. و نظرا ً لكثرة الدعاوى القانونية التي رفعت، والتي لم تكلل بالنجاح، والعراقيل التي واجهها في تسجيل شكواه لدى المحكمة العليا، فإن صاحب الشكوى يضيف أن ه من الواضح أن السلطات القضائية والإدارية كانت غير مستعدة في جميع الأحوال لمحاكمة المسؤولين ولا معاقب تهم . و على الرغم من تحديد هويات ه م بوضوح، و هم عمدة بوجمبورا و المفوض والضباط الذين كانوا ي رافق ونهما، لم يجر أي تحقيق معهم . ولا يزال العمدة يمارس وظائف الدولة كما لا يزال مفوض الشرطة في عداد الشرطة و يعمل حاليا ً في كاروزي.

2-12 و بالإضافة إلى عزوف السلطات بوضوح عن ال تحقيق و المساءلة في هذه القضية ، فإن صاحب الشكوى يشير إلى المناخ العام للإفلات من العقاب في بوروندي، وخاصة في حالات التعذيب، وهو موضوع تناولته تقارير عديدة ل منظمات دولية ( ) . ويشير على وجه الخصوص إلى أن اللجنة أعربت عن قلقها إزاء عدم فعالية النظام القضائي للدولة الطرف وطلبت إلي ها اتخاذ تدابير فعالة للقضاء على الإفلات من العقاب لمرتكبي أفعال التعذيب وسوء المعاملة، سواء أ كانوا من موظفي ا لدولة أ م جهات فاعلة غير تابعة ل لدول ة ، و إجراء تحقيقات فورية ونزيهة وشاملة، ومحاكمة الجناة وفرض عقوبات تتناسب مع خطورة الفعل ، إذا تم ت إدانتهم، و تقديم تعويض ملائم ل ضحايا ( ) . و وفقاً لصاحب الشكوى، فإن أوجه القصور التي تعتري النظام القضائي للدولة الطرف أبق ت مناخ اً من الإفلات من العقاب وحالة من تبعية السلطة القضائية للسلطة التنفيذية، حسبما أشارت إلى ذلك اللجنة ( ) ، وهو ما يمثل عقبة رئيسية أمام فتح تحقيق نزيه فور اً عندما تكون هناك أسباب معقولة تدعو إلى ا لاعتقاد بأن فعلاً من أ فعال التعذيب قد ارتكب. و أخيرا ً ، يؤكد صاحب الشكوى أ نه لا يمكن أن يتوقع منه أن يحاول الطعن في سلبية السلطة القضا ئية ، نظراً لأن مثل هذه الطعون محكوم عليها بالفشل. ولذلك فإنه ي طلب إلى اللجنة أن تخلص إلى أنه سعى لاستنفاد سبل الانتصاف الداخلية المتاحة، ولكنها كانت غير فعالة و كخيار بديل، ي طلب إلى اللجنة أن تستنتج أن سبل الانتصاف المحلية قد طالت دون مبرر، نظراً لأنه بعد 18 شهرا ً من الوقائع ، لم يجر أي تحقيق فيها، رغم إبلاغه عنها فور وقوعها ( ) .

الشكوى

3-1 يدعي صاحب الشكوى أنه كان ضحية انتهاكات من جانب الدولة الطرف للمادة 2 ، الفقرة 1، والمواد 11 و12 و13 و14 مقروءة بالاقتران مع الماد ة 1 و على سبيل التحوط المادة 16 من الاتفاقية .

3-2 وو فقاً لصاحب الشكوى، فإن سوء معاملة التي تعرض لها قد سببت له ألما ومعاناة شديدين ، و ي شكل أفعال تعذيب ( ) بمفهوم المادة 1 من الاتفاقية. فقد تعرض أولاً لصفعتين من عمدة بوجمبورا، ثم تعرض لضرب مبرح من قبل مفوض الشرطة في بلدية بوجمبورا وضباط الشرطة الذين كانوا ي رافقو ن ه. و بينما كان على الأرض ، تعرض ل لركل والضرب بأعقاب البنادق في جميع أ جزاء جسده ، وخاصة على ظهره، مما أدى إلى نزيف وألم شديد. و في سيارة الشرطة التي حملت ه، استمر صاحب الشكوى في تلق ي ضربات قوية في جميع أجزاء جسده، مما تسبب في فقدان وعيه . و شجع العمدة رجاله على مواصلة الضرب، حتى طلب منهم " أن يجهزوا عليه "، دون ترك أي مجال للشك في نواياه. وقد أهانته هذه الكلمات بشدة وجعلته يعتقد أنه لن يخرج حياً من الضرب وسببت له معاناة نفسية شديدة .

3-3 و بموجب المادة 1 من الاتفاقية أيضاً، يشير صاحب الشكوى إلى أنه حُرم من حقه في العرض على طبيب خلال اليوم الأول من احتجازه ، و تم تكبيله لمدة 32 ساعة، ودخل المستشفى لمدة شهر وأربعة أيام جراء سوء المعاملة التي تعرض لها ، ومرة أخرى لمدة شهر في نيسان/أبريل 2011 ، لإجراء عملية جراحية في ساقه اليسرى . ويدعي أن هذه الوقائع تؤكد شدة ما تعرض له من ألم ومعاناة تطلبا عناية طبية لعدة أشهر .

3-4 و يضيف صاحب الشكوى أن ه تعرض ل هذه المعاناة عن عمد. حيث تبين أوامر العمدة وشراسة رجاله بوضوح أن ما قاموا به كان فعلاً متعمدا ً يهدف إلى إلحاق ألم شديد بصاحب الشكوى . ويشير صاحب الشكوى أيضاً إلى الرفض المتعمد لتوفير الرعاية له خلال الساعات الأولى من احتجازه، ثم احتجازه التعسفي لمدة أربعة أيام، و ال ذ ي يدعي أن الهدف منه كان م عاقبته على توجيه أسئلة إلى عمدة بوجمبورا بشأن دفع مبلغ تأمين لل استشارة ال طبية ل لجر يحين اللذين أحضرهما إلى غرفة الطوارئ. كما كانت ال ضربات التي وجهت إليه ترمى إلى ترهيبه ل لتوقف عن طرح أسئلة حول هذا الموضوع. وأضاف أنه لم يكن محتجزاً وأن تدخل الشرطة في أي وقت من الأوقات لم يكن بدافع احتجازه . ولم ينقل إلى الشرطة القضائية إلا لأن أفراد اً قد بدأ وا يتجمعون حوله وكانوا يمثلون شهود اً غير مريح ين . وبالتالي، فلا يمكن اعتبار أن العنف المستخدم ضد ه كان ل هدف مشروع. و بالإضافة إلى ذلك، فقد استُخدمت القوة بشكل غير متناسب، بالنظر إلى أن صاحب الشكوى كان تحت سيطرة ضابط شرطة يرافقه عشرات الرجال وتعرض للضرب بينما كان على الأرض أو في حالة من الخضوع التام. وأخيرا ً ، يشير صاحب الشكوى إلى أن ه لا يوجد أي شك في أن مرتكبي الاعتداء الذي تعرض له هم مسؤول و ن في الدولة (العمدة و مفوض الشرطة وضباط الحراسة في سجن الشرطة القضائية).

3-5 ويتذرع صاحب الشكوى أيضاً ب الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية، التي ينبغي بموجبها أن تتخذ ا لدولة الطرف التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع أفعال التعذيب في أي إقليم خاضع لولايتها. و في هذه الحالة، رغم أن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم بموجب قانون بوروندي، فإن جريمة التعذيب بحد ذاتها ، عندما تمارس خارج هذه ال سياقات تحديداً ، ت خضع لفترة تقادم تتراوح من 20 إلى 30 سنة حسب ال ظروف ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، فإن التدابير التي حددتها اللجنة ل لدول الأطراف ل منع التعذيب وسوء المعاملة ضد المحتجزين ، مثل الاحتفاظ ب سجل رسمي للمحتجزين ، و حق المحتجزين في الحصول الفور ي على المساعدة القانونية والطبية المستقلة، والاتصال ب أسرهم، وإمكانية الحصول على سبل انتصاف قانونية والطعن في قانونية احتجازهم أو استجوابهم ، لم تحترم في حالة صاحب الشكوى ( ) . ويضيف أن حالته ليست حالة فردية وأن الإفلات من العقاب على الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي يرتكبها ضباط الشرطة لا يزال متفشياً على نطاق واسع ر في بوروندي. ونظراً لعدم اعتماد تدابير تشريعية أو تدابير أخرى لمنع التعذيب، فإن الدولة الطرف، وفقاً ل صاحب الشكوى لم تف بالتزاماتها بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية.

3-6 ويتذرع صاحب الشكوى أيضاً ب المادة 11 من الاتفاقية، مشيرا ً إلى أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها فيما يتعلق بحجز ومعاملة الأشخاص المعتقلين أو المحتجزين أو المسجونين. ف قد كان احتجاز ه خارج إطار القانون ، و لم ي بلغ ب التهم الموجهة إليه، و لم يكن لدي ه إمكانية الوصول إلى محام ولم يمثل أمام قاض أثناء احتجازه. ونظراً لتعذر المطالبة بحقوقه فعلياً أمام القضاء، فلم يتسن له رسمي اً الطعن في احتجاز ه أو ال تنديد بالتعذيب الذي تعرض له. و على الرغم من الحالة الحرجة التي كان فيها لدى وصوله إلى الشرطة القضائية ، فلم يتم عرضه على طبيب وبناء على ذلك، يخلص صاحب الشكوى إلى أن الدولة الطرف لم تف بالتزامها بإجراء الرصد اللازم فيما يتعلق بمعاملته أثناء احتجازه لدى الشرطة القضائية ( ) .

3-7 ويدعي صاحب الشكوى أيضاً حدوث انتهاك ل لمادة 12 من الاتفاقية، التي ت تطلب إجراء تح قيق فوري و نزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن فعلاً من أفعال التعذيب قد ارتكب، من قبل الدولة الطرف في هذه الحالة ( ) . ويشير إلى أنه ليس من الضروري لأغراض المادة 12، أن يقدم شكوى رسمية حسب الأصول . و هنا، يشير إلى التقرير الذي بثته المحطة ال إذاع ي ة عن قضيته . و بالنظر إلى ال جمهور ال كبير الذي يستمع إلى هذه المحطة الإذاعية، ف ليس هناك شك في أن السلطات البوروندية قد علمت بهذا التقرير ، وهو ما تؤكده زيارة مفوض الشرطة إلى محطة الإذاعة ، و هو أ حد المسؤولين عن الوقائع . ويشير صاحب الشكوى أيضاً إلى إضراب مستشفى ولي العهد الأمير تشارلز لمساندة زميلهم. وهكذا، ف بالإضافة إلى تقديم ه شكوى رسمية إلى المدعي العام للجمهورية في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، فإن السلطات كانت على علم تام ب التعذيب ال ذ ي تعرض له؛ و بالتالي كان من ال مطلوب منها ا لتحقيق بحكم منصبه ا في هذه الأفعال . ومع ذلك، ل م تجر تحقيقات فعالة وشاملة و نزيهة قط . ولم يجر أي عمل من أعمال التحقيق، ول م يجر حتى استدعاء صاحب الشكوى أو الجناة المزعومين على الرغم من تحديد هويتهم . ويخلص صاحب الشكوى إلى أن ه ب عدم إجراء تحقيق حقيقي وسريع وفعال في مزاعم التعذيب التي تعرض لها، ف قد تصرفت الدولة الطرف على نحو ينتهك التزاماتها بموجب المادة 12 من الاتفاقية.

3-8 وفيما يتعلق بالمادة 13 من الاتفاقية، يدعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف كانت ملزمة بضمان حقه في تقديم شكوى إلى السلطات الوطنية المختصة و ضمان النظر على وجه السرعة وبنزاهة في القضية. ويشير إلى أ نه قدم شكوى رسمية في هذه الحالة إلى النائب العام للجمهورية ، في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، ثم إلى رئيس المحكمة العليا، في 22 تموز/يوليه 2011، ومرة أخرى في 2 شباط/فبراير 2012. وأشار إلى أن اللجنة قد شددت على أهمية إجراء التحقيق دون تأخير، و أن التأخير لمدة 15 شهرا ً أو 10 شهور أو شهرين أو حتى ثلاثة أسابيع مفرط في ضوء متطلبات سرعة ا لتحقيق ( ) . و في هذه الحالة، لم يجر أي تحقيق بعد 18 شهرا ً من الوقائع . وعليه ، ف إن ه يدفع ب أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 13 من الاتفاقية.

3-9 ويتذرع صاحب الشكوى أيضاً ب المادة 14 من الاتفاقية حيث إن الدولة الطرف بحرمانه من الإجراءات الجنائية، قد حرم ته في نفس الوقت من إمكانية ا لحصول بطريقة قانونية على تعويض عن التعذيب. و بالإضافة إلى ذلك، نظرا ً لسلبية السلطات القضائية، فإن ال سبل الأخرى لل انتصاف من خلال دعوى مدنية بالتعويض عن الأضرار، لن تحظى بأي فرص للنجاح من الناحية العملية . فقلما اتخذ ت سلطات بوروندي تدابير لتعويض ضحايا التعذيب، وهو ما أثارته اللجنة في الاستنتاجات التي اعتمدت ها في عام 2006، بشأن التقرير الأولي للدولة الطرف ( ) . ويضيف صاحب الشكوى أنه لا يزال يحمل ندوب اً جسدية ونفسية من الضرب الذي تعرض له (انظر الفقرة 2-7) ولم يحصل على أي تدابير ل إعادة تأهيل ه بصورة كاملة عن الأضرار الجسدية و النفسية والاجتماعية والمالية. وأشار إلى أن واجب التعويض المستحق على الدولة الطرف ي تضمن التعويض عن الأضرار، ولكنه ل ا يقتصر عليها ، لأنه يجب أن ي شمل أيضاً اتخاذ تدابير لعدم تكرار الوقائع بما في ذلك من خلال تطبيق عقوبات بحق المسؤولين تتناسب مع خطورة الوقائع ، وهو ما يعني، أولا ً وقبل كل شيء، إجراء تحقيق ومحاكمة المسؤولين ( ) . ويدعي صاحب الشكوى أن الجريمة التي ارتكبت ضده لا تزال دون عقاب حيث لم تتم إدانة مرتكبيها أو محاكم تهم ، ولم يتم التحقيق فيها ، مما يدل على انتهاك حقه في التعويض بموجب المادة 14 من الاتفاقية.

3-10 ويؤكد صاحب الشكوى أن العنف الذي تعرض له يشكل أفعال تعذيب، حسب التعريف الوارد في المادة 1 من الاتفاقية. و لكن، على سبيل التحوط، إذا لم تأخذ اللجنة بهذا التوصيف، فمن المؤكد أن سوء المعاملة التي تعرض لها الضحي ة تشكل في كل الأحوال معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة، وأنه بمقتضى ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة أيضاً بمنع الموظفين الحكوميين من ارتكاب هذه الأفعال أو التحريض عليها أو السكوت عنها وبمعاقبة من يصدر عنه ذلك ، تماشياً مع المادة 16 من الاتفاقية. و بالإضافة إلى ذلك، يشير صاحب الشكوى إلى ظروف احتجاز ه خلال ال أيام الأربعة الأولى من احتجازه التعسفي في سجن الشرطة القضائية (انظر الفقرة 2-4 )، مشيراً إلى الملاحظات الختامية للجنة على التقرير الأولي الدولة الطرف، التي خلصت فيها إلى أن ظروف الاحتجاز في بوروندي ترقى إلى ال معاملة ال لاإنسانية و ال مهينة ( ) . وأخيرا ً ، يشير صاحب الشكوى إلى أنه لم يتلق عناية طبية فورية، على الرغم من حالته الصحية الحرجة، وأن الرعاية التي حصل عليها في النهاية كانت غير كاف ية بالنظر إلى حالته و يشير إلى بقائه مكبلاً لمدة 32 ساعة. و ختاماً ، يدعي صاحب الشكوى ، على سبيل التحوط أنه كان ضحية لانتهاك المادة 16 من الاتفاقية. ويؤكد أيضاً أن ظروف الاحتجاز التي تعرض لها تشكل انتهاكاً ل لمادة 16 من الاتفاقية.

عدم تعاون الدولة الطرف

4- دعيت الدولة الطرف في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2012، و 8 أيار/ ما يو 2013 ، و9 تشرين الأول/أكتوبر 2013 إلى تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية الشكوى وأسسها الموضوعية. و تلاحظ اللجنة أنها لم تتلق أي معلومات في هذا الصدد. وتعرب اللجنة عن أسفه ا لرفض الدولة الطرف تقد ي م معلومات عن مقبولية الادعاءات التي ساقها صاحب الشكوى أو أسسها الموضوعية أو كليهما مع اً. وتذكر اللجنة ب أن الدولة الطرف المعنية ملزمة بموجب الاتفاقية ب أن ت قدم إلى ال لجنة كتابة توضيحات أو تصريحات توضح المسألة وتبين ، حسب الاقتضاء، ال تدابير التي اتخذتها لتصحيح الوضع. ونظر اً لامتناع الدولة الطرف عن الرد ، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاء ات صاحب الشكوى التي تم إثباتها على النحو الواجب.

المسائل والإجراءات المعروضة على الل جنة

النظر في المقبولية

5-1 تأكدت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة ذاتها ليست موضع بحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوي ة الدولية.

5-2 و تلاحظ اللجنة مع القلق أنه على الرغم من إرسال ثلاث رسائل تذكير ية ل لدولة الطرف ، فإنها لم تقدم أي ملاحظ ات . و خلصت اللجنة إلى أن ه لا يوجد ما يحول دون النظر في البلاغ بموجب الفقرة 5 ( ب) من المادة 22 من الاتفاقية. و لا ت رى اللجنة أي عوائق أخرى أمام مقبولية البلاغ، وبالتالي ستواصل اللجنة النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ المقدم من صاحب الشكوى بموجب المادة 2، الفقرة 1؛ والمواد 11؛ و 12؛ و 13؛ و 14؛ و 16 من الاتفاقية.

النظر في الأسس الموضوعية

6-1 ن ظرت اللجنة في الشكوى واضعة في الاعتبار على النحو الواجب جميع المعلومات التي قدمتها إليها الأطراف، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية. ونظراً لعدم تقد ي م الدولة الطرف أي ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب الشكوى.

6-2 و تلاحظ اللجنة أنه وفقاً لصاحب الشكوى، في ليلة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2010، وصل عمدة بوجمبورا، و مفوض الشرطة في بلدية بوجمبورا و11 من ضباط الشرطة الوطنية إلى مستشفى ولي العهد الأمير تشارلز، حيث ي عمل صاحب الشكوى. و أثناء ال مشادة التي تلت ذلك، ضرب العمدة والشرطة صاحب الشكوى عدة مرات، مما تسبب في تعرضه ل نزيف وألم شديد. ووفقاً ل لضحية، أمر العمدة رجاله بأن " يجهزوا على هذا المدمن ". ثم قيدوا صاحب الشكوى، و ضرب وه مرة أخرى في الطريق إلى سجن الشرطة القضائية، حتى فقد وعيه . وأحاطت اللجنة علما ً ب مزاعم صاحب الشكوى، التي تفيد بأنه تعرض لضربات ألحقت به ألما ومعاناة شديدين ، بما في ذلك معاناة نفسية، وأنها أُلحقت به عمدا ً من قبل موظفي د ولة قصد معاقب ته وتخويف ه . ونظراً لعدم اعتراض الدولة الطرف على هذه الادعاءات ، تخلص اللجنة إلى أن ادعاءات صاحب الشكوى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار على النحو الواجب و أن الوقائع، كما قدم ها ، تشكل أفعال تعذيب بمفهوم المادة 1 من الاتفاقية.

6-3 ويتذرع صاحب الشكوى أيضاً ب الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية، التي ينبغي بموجبها أن تتخذ ا لدولة الطرف تدابير تشريعية وإدارية وقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع ارتكاب أفعال التعذيب في أي إقليم خاضع لولايتها. وتلاحظ اللجنة ، في هذه الحالة، تعرض صاحب الشكوى للضرب ثم احتجازه دون السماح له بالاتصال ب عائلته أو مقابلة محام أو طبيب. وتشير اللجنة إلى استنتاجاتها بشأن التقرير الأولي للدولة الطرف، ال ت ي حثت فيها الدولة الطرف على اتخاذ تدابير تشريعية وإدارية وقضائية فعالة لمنع التعذيب وسوء المعاملة، واتخاذ خطوات عاجلة لتكون جميع أماكن الاحتجاز تحت ال سلطة القضائية ومنع وكلا ء الدولة من القيام بأفعال الاحتجاز التعسفي والتعذيب ( ) . كما أن غياب أي آلية لرصد سجن الشرطة القضائية حيث احتجز صاحب الشكوى أدّى بلا شك إلى تفاقم خطر تعرضه ل لتعذيب وحرمانه من أي إمكانية للانتصاف . وفقاً لذلك، تخلص اللجنة إلى انتهاك ا لفقرة 1 من المادة 2، بالاقتران مع المادة 1 م ن الاتفاقية ( ) .

6-4 و فيما يتعلق بالمادتين 12 و13 من الاتفاقية، أحاطت اللجنة علما ً بادعاءات صاحب الشكوى التي تفيد بأنه تعرض في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2010 للضرب والاحتجاز من قبل رجال الشرطة المرافقين ل عمدة بوجمبورا، واحتجز دون سبب قانوني حتى 20 تشرين الأول/أكتوبر 2010 . و تلاحظ أنه قدم شكوى رسمية إلى النائب العام في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، ثم إلى رئيس المحكمة العليا في 22 تموز/يوليه 2011 و2 شباط/فبراير 2012، دون نتيجة. و على الرغم من تحديد هوية الجناة بوضوح، ف لم تجر الدولة الطرف أي تحقيق، حتى بعد مرور نحو أربع سنوات من حدوث الوقائع . وترى اللجنة أن مثل هذا التأخير في فتح تحقيق في ادعاءات التعذيب غير عادل وينتهك بشكل صارخ التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 12 من الاتفاقية، التي تنص على إجراء تحقيق فوري ونزيه كلما كان هناك سبب معقول يدعو إلى ا لاعتقاد بأن فعلاً من أفعال التعذيب قد ارتكب. ونظراً لعدم وفاء الدولة الطرف بالتزامها هذا، فإنها أخلت كذلك بالمسؤولية الواقعة عليها بموجب المادة 13 من الاتفاقية بأن تكفل ل صاحب الشكوى حقه في تقديم شكوى، وهو واجب يفترض أن تقدم السلطات الرد المناسب على مثل هذه الشكوى عن طريق بدء إجراء تحقيق فوري ونزيه ( ) .

6-5 وفيما يتعلق ب ادعاءات صاحب الشكوى بموجب المادة 14 من الاتفاقية، تشير اللجنة إلى أن هذ ه المادة لا ت عترف ب الحق في الحصول على ت عو ي ض مناسب و كاف فحسب ، ولكن ها ت فرض أيضاً على الدول الأطراف الالتزام ب ضمان أن يحصل ضحية فعل التعذيب على الإنصاف. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 3 (2012)، الذي ينص على أن الدول الأطراف ينبغي أن تكفل ل ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة الحصول على تعويضات كاملة وفعالة، بما في ذلك التعويض وسبل إعادة التأهيل الكامل قدر الإمكان ( ) . و هذا التعويض يجب أن ي غطي بالفعل جميع الأضرار التي لحقت ب الضحية ويشمل، في جملة أمور ، رد الحقوق والتعويض وتدابير لضمان عدم تكرار الانتهاكات، مع مراعاة ظروف كل حالة ( ) . و في هذه الحالة، لاحظت اللجنة ادعاء صاحب الشكوى، الذي يزعم فيه أنه دخل المستشفى مرتين نتيجة الاعتداء الذي تعرض له ، و أنه لا يزال يعاني من آثاره (انظر الفقرة 2-7 )، غير أنه لم يحظ ب أي ة تدابير لجبر هذه الأضرار. و في غياب إجراء تحقيق فوري ونزيه، رغم وجود أدلة مادية واضحة تشير إلى أن صاحب الشكوى كان ضحية لتعذيب لما يُعاقب مرتكبوه ، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تف أيضاً بالتزاماتها بموجب المادة 14 من الاتفاقية.

6-6 وفيما يتعلق ب ال شكوى بموجب المادة 16، لاحظت اللجنة أن صاحب الشكوى يدعي أنه تم احتجازه من 17 إلى 20 تشرين ال أ ول /أكتوبر 2010 في سجن الشرطة القضائية، في زنزانة صغيرة تقاسمها مع أربعين سجينا ً ، و تم تكبيل ه لمدة 32 ساعة، ولم يحصل على طعام ، ورفض عرضه على طبيب عند وصوله في اليوم الأول من احتجازه ، على الرغم من طلبه و سوء حالته ا لصح ي ة. و أحاطت اللجنة علما ً أيضاً ب حجة صاحب الشكوى، التي تفيد ب أنه لم ي ُ بلغ بالتهم الموجهة إليه ، ول م يسمح له بالاتصال ب محام ولم يمثل أمام قاض خلال فترة احتجازه بأكملها . و تخلص اللجنة إلى أن الوقائع تكشف عن انتهاك الدولة الطرف ل ا لتزاماتها بموجب المادة 16 مقروءة بالاقتران ب المادة 11 من الاتفاقية.

7- و لجنة مناهضة التعذيب، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تنم عن انتهاك ل لم واد 1 و 2 ( الفقرة 1 )، والمواد 12 و13 و14 و16 مقروءة بالاقتران مع المادة 11 من الاتفاقية.

8- و وفقاً للفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، تحث اللجنة الدولة الطرف على الشروع في إجراء تحقيق نزيه في الأحداث المذكورة، من أجل محاكمة الأشخاص الذين يمكن أن ي كون وا مسؤول ين عن الأضرار التي لحقت بالضحية، وإبلاغها في غضون 90 يوما ً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالتدابير المتخذة استجابة إلى الآراء الواردة أعلاه، بما في ذلك تقديم تعويض عادل ومناسب، يتضمن الوسائل اللازمة ل إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن.

[اعتمد بالفرنسية (النص الأصلي) و الإسبانية والإنكليزية والروسية ، وسيصدر لاحقاً ب العربية والصينية كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]