الأمم المتحدة

CAT/C/52/D/477/2011

Distr.: General

24 June 2014

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب

البلاغ رقم 477/2011

القرار الذي اتخذته اللجنة في دورتها الثانية والخمسين ( 28 نيسان/أبريل - 2 3 أيار/مايو 2014)

المقدم من: علي عراس (يمثله المحاميان دنيا ألمات وكريستوف مارشوند )

الشخص المدعي أنه الضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: المغرب

تا ر يخ تقديم الشكوى: 3 تشرين الأول/أكتوبر 2011 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ اتخاذ هذا القرار: 19 أيار/مايو 2014

الموضوع: التعذيب أثناء الحبس الاحتياطي

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ واجب الدولة الطرف إجراء تحقيق فوري ونزيه؛ منع الاستدلال باعترافات انتزعت تحت التعذيب.

مواد الاتفاقية : المواد 2 (الفقرة 1) ؛ و11 ؛ و12 ؛ و13 ؛ و15 من الاتفاقية.

[ ال مرفق ]

ال مرفق

قرار اتخذته لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (الدورة الثانية والخمسون)

بشأن

البلاغ رقم 477 /20 11

المقدم من: علي عراس (يمثله المحاميان دنيا ألمات وكريستوف مارشوند )

الشخص المدعي أنه الضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: المغرب

تا ر يخ تقديم الشكوى: 3 تشرين الأول/أكتوبر 2011 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،

وقد اجتمعت في 19 أيار/مايو 2014 ،

وقد فرغت من نظرها في الشكوى رقم 477 /20 11 ، المقدمة إلى لجنة مناهضة التعذيب من طرف علي عراس ، بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها ص ا حب الشكوى ومحاميه والدولة الطرف،

تعتمد القرار التالي:

قرار بموجب الفقرة 7 من الما دة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب

1- 1 صاحب البلاغ هو علي عراس ، صاحب جنسية بلجيكية - مغربية. ويدعي أنه وقع ضحية انتهاك المواد 2 و11 و12 و13 و15 من الاتفاقية. ويمثل صاحب البلاغ محامٍ .

1- 2 وفي 15 حزيران/يونيه 2012، أبلغت اللجنة الدولة الطرف بأنها قررت أن تنظر في مقبولية البلاغ وفي أسسه الموضوعية معا ً .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 1 نيسان/أبريل 2008، ألقي القبض على صاحب البلاغ في إسبانيا ثم احتجز في إطار مذكرة توقيف دولية أصدرها المغرب في حقه بدعوى انتمائه إلى منظمة إرهابية. وطلب المغرب تسليمه، وعلى إثر الإجراء الذي اتخذ في هذا الصدد سلّمت إسبانيا صاحب البلاغ إلى السلطات المغربية في 14 كانون الأول/ديسمبر 2010.

2-2 وبمجرد وصول صاحب البلاغ إلى الدار البيضاء، أودع الحبس الاحتياطي ( ) في مكان لم يتبيّن طبيعته لأنه اقتيد إليه معصوب العينين. ويؤكد أنه خضع بعد ذلك لمدة أربعة إلى خمسة أيام لجلسات تعذيب متكررة تعرض فيها للضرب بالعصي والصفع من عدة أشخاص، ولعمليات صعق كهربائي، والاختناق بإغراق الرأس في سطل ماء إلى حد الإغماء، والحرمان من النوم والغذاء والشرب، والتهديد بالاغتصاب، والاغتصاب في حد ذاته عن طريق زجاجات فارغة. ويُعتقد أنه حُقن عدة مرات وانتابته على إثرها نوبات جنون وفقدان الوعي. واقتيد مرتين إلى غابة في ضواحي النادور ، وهُدّد بالقتل وخضع لجلسة محاكاة عملية رمي بالرصاص. وقضى بضعة أيام محتجزا ً في تمارا حيث تعرض لأصناف من التعذيب كالتي تعرض لها من قبل. وبقي هناك حتى 23 كانون الأول/ديسمبر 2010، وهو تاريخ نقله إلى الدار البيضاء وتسليمه إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، في حالة صحية خطيرة لا يقدر على الكلام ولا على الحركة. وبعد تجرعه هذه المعاملة، وقّع صاحب البلاغ على اعترافات مكتوبة باللغة العربية التي لا يجيدها. وفي 24 كانون الأول/ديسمبر 2010، قُدّم صاحب البلاغ إلى قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بسلا الذي لم يوثّق ما كان به من جروح عديدة ولم يطلب إجراء كشف طبي.

2-3 وبعد تسليم صاحب البلاغ إلى المغرب، لم تعلم أسرته بمصيره إلا عن طريق مقال صدر في الصحافة يوم 27 كانون الأول/ديسمبر 2010. وعندئذ، لجأت الأسرة إلى محام وتمكن هذا الأخير من الاتصال في نفس اليوم بصاحب البلاغ في سجن سلا 2. ولاحظ المحامي أن صاحب البلاغ كان مذعورا ً وغير قادر على الكلام ولا على الحركة. وظل في هذه الحالة عدة أيام، عاجزا ً عن التحدث عن المعاملة التي تعرض لها. وفي الأسابيع التالية، رفض تقديم شكوى خوفا ً من التعرض مرة أخرى للتعذيب.

2-4 ومثل صاحب البلاغ مجددا ً أمام قاضي التحقيق يوم 18 كانون الثاني/يناير 2011. وصحبه في هذه المرة محاميه الذي قدم ادعاءات بتعرض موكله لسوء المعاملة. على أن القاضي رفض توثيق هذه الادعاءات. ولم يخضع صاحب البلاغ أيضا ً لفحص طبي بالرغم من أن الفقرة 5 من المادة 73 والفقرة 5 من المادة 134 من مدونة المسطرة الجنائية اللتين تنصان على أنه يتعين على المدعي العام و/أو قاضي التحقيق عرض المتهم لإجراء فحص طبي عند ملاحظة آثار تبرر إجراء هذا الفحص.

2-5 وفي 11 شباط/فبراير 2011، وجه محاميا صاحب البلاغ رسالة إلى وزارة العدل لطلب إجراء كشف طبي على أيدي خبراء دوليين مستقلين. وفي 18 آذار/مارس 2011، رفضت وزارة العدل هذا الطلب وقالت إن الاحتجاز كان في ظروف مشروعة واحترمت فيه حقوق صاحب البلاغ وكرامته؛ وأنه لم يشتك قط، لا أمام النيابة العامة ولا أمام قاضي التحقيق، من تعرضه لأعمال التعذيب؛ وأنه لا صاحب البلاغ ولا محاميه المغربي طلبا إجراء أي فحص طبي ولا قدما شكوى بهذا الخصوص؛ وأن صاحب البلاغ يظل محقا ً في طلب خضوعه لكشف طبي تجريه المصالح الصحية المغربية، وفقا ً لأحكام التشريع المغربي.

2-6 وفي 13 أيار/مايو 2011، وجّه صاحب البلاغ شكوى إلى المدعي العام لدى محكمة الاستئناف في الرباط يندد فيها بأعمال التعذيب التي وقع ضحية لها، لكن هذه الشكوى حُفظت دون اتخاذ أي إجراء في 29 أيلول/سبتمبر 2011. واشتكى أيضا ً من أعمال التعذيب التي تعرض لها أمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان في 2 أيار/مايو و29 تموز/يوليه 2011. وفي 26 أيار/مايو 2011، وجّهت نقابة المحامين في بروكسل رسالة إلى وزارة العدل المغربية تطلب فيه السماح بإجراء تحقيق طبي شرعي على أيدي خبراء مغاربة وأجانب.

2-7 وجرت محاكمة صاحب البلاغ أمام محكمة استئناف الرباط المنعقدة في سلا في إطار قضايا الإرهاب. ومثُل صاحب البلاغ أمام المحكمة يوم 22 نيسان/أبريل 2011 ويوم 15 أيلول/سبتمبر 2011. وأثناء هذه الجلسة الثانية، رافع محامو صاحب البلاغ بشأن سير الإجراءات، لا سيما ما تعلق منها بأصناف سوء المعاملة التي تعرض لها. لكن المحكمة رفضت جميع الالتماسات، بما في ذلك الالتماس بإبطال تصريحات صاحب البلاغ التي أدلى بها أثناء الحبس الاحتياطي بسبب إكراهه على الإدلاء بها. ورفضت أيضا ً تأجيل بحث الملف إلى حين إجراء تحقيق فعلي في ادعاءات تعرض صاحب البلاغ للتعذيب.

2-8 وجرت جلسة أمام المحكمة يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2011. وحُكم على صاحب البلاغ بالسجن 15 عاما ً بتهمة المشاركة في مجموعة إرهابية واقتناء أسلحة لهذه المجموعة. ويقول صاحب البلاغ إن ملفه لا يحتوي على أي عنصر موضوعي يثبت تورطه بأي شكل من الأشكال في جماعة إرهابية وأن هذا الملف مكوّن أساسا ً من " اعترافات " انتزعت منه تحت التعذيب وتراجع عنها في وقت لاحق ( ) . غير أن المحكمة اعتبرت تلك المحاضر الأولية، المحررة باللغة العربية دون أن تترجم لصاحب البلاغ، صحيحة على اعتبار أنها موقعة من صاحب البلاغ، في حين أن المحكمة استعانت بخدمات مترجم فوري في جلساتها. وأكدت المحكمة عدم تقديم أي طلب يتعلق بالتعذيب، والحال أن طلبا ً قدم في شباط/ فبراير 2011 لوزارة العدل لالتماس إجراء كشف طبي وأن شكوى بدعوى التعرض للتعذيب، حُفظت لاحقا ً دون اتخاذ أي إجراء بشأنها، قُدّمت في أيار/مايو 2011.

2-9 وفي سجن سلا 2، لم يكن صاحب البلاغ يتمتع بأية سرية لدى تحدثه مع محاميه، لأنه كان يوجد بجنبه دائما ً رجل بزي مدني يمكنه أن يسمع مكالماته. واشتكى المحامون بهذا الشأن، لا سيما في الرسالة التي وجهوها يوم 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 إلى وزارة العدل وإلى المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، لكنهم لم يتلقوا أي رد. وفيما يتعلق بنظام احتجاز صاحب البلاغ، يؤكد هذا الأخير أنه خضع لنظام العزل الكامل لعدة أشهر، لم يكن بوسعه خلالها التواصل مع محاميه أو مع أسرته أو مع أقاربه. ولم يبلّغ صاحب البلاغ قط بالنظام الذي يسري عليه ولا بالأسباب التي تبرر النظام الذي خضع له. ولم يبلغ أيضا ً بالأسباب التي استدعت تخفيف هذا النظام تدريجيا ً .

الشكوى

3 -1 يدفع صاحب البلاغ ب أن الوقائع التي عرضها تشكل انتهاكا ً ل لمواد 2 (الفقرة 1) و11 و12 و13 و15 من الاتفاقية.

3-2 وفيما يتعلق بالمادة 2، الفقرة 1، يدفع صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تتخذ كافة التدابير الفعالة لمنع تعرضه لأعمال التعذيب. ومما يزيد من خطورة هذا الانتهاك أن صاحب البلاغ أبلغ وزير العدل بهذه الوقائع، وطلب إجراء كشف طبي، وقدم شكوى بشكل رسمي؛ لكن السلطات لم تحرك ساكنا ً .

3-3 وفيما يتعلق بالمادة 11، يدفع صاحب البلاغ بأنه لو أن الدولة الطرف أوفت بالتزاماتها بموجب أحكام هذه المادة لما عانى من أصناف المعاملة التي تعرض لها بقصد حمله على الإدلاء " باعترافات " . فقد مرت سنوات والدولة الطرف تواجه ادعاءات بممارسة التعذيب دون أن يغيّر ذلك من سلوكها في شيء. هذا وقد أخطر وزير العدل منذ 16 كانون الأول/ديسمبر 2010 بدواعي قلق محامي صاحب البلاغ إزاء حالته الصحية.

3-4 وفيما يتعلق بالمادتين 12 و13 من الاتفاقية، ونظرا ً إلى الوقائع الخاصة بالقضية والسياق الذي تندرج فيه، فمن المؤكد أن ثمة أسبابا ً معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب البلاغ قد عُذّب. فقد استجوَبته السلطات الإسبانية عدة مرات في إطار التحقيقين اللذَين فتحا ضده في إسبانيا بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب. وطوال ثلاث سنوات من التحقيقات، انتهت برد هذه التهم، ظل ينفي باستمرار انتماءه إلى أي جماعة إرهابية. وبالتالي من غير المعقول أن يتحول هكذا فجأة، بعد تسليمه إلى السلطات المغربية، للاعتراف بما ظل ينفيه طوال تلك المدة.

3-5 وفي المغرب، لم يجر أي تحقيق فوري وشامل يلبي المتطلبات المنصوص عليها في الاتفاقية. فأولا ً ، كان على قاضي التحقيق أن يتحرك منذ مثول صاحب البلاغ أول مرة في كانون الأول/ديسمبر 2010. ثم إن محكمة استئناف الرباط المنعقدة في سلا لإصدار حكم ابتدائي لا هي طلبت ضم مستندات الدعوى ذات الصلة بالادعاءات بممارسة تعذيب ولا هي أمرت باتخاذ تدابير للتحقيق في هذه الشكوى. والتحقيق الذي جرى في هذه الشكوى لم يسع إلى تحديد مرتكبي أعمال التعذيب وكانت الجهة التي تولت إجراءه هي مصالح الشرطة نفسها التي أذاقت صاحب البلاغ المعاملة التي اشتكى منها. وعلاوة على ذلك، لا النيابة العامة ولا قاضي التحقيق اتخذ أي إجراء لدى خروج صاحب البلاغ من الحبس الاحتياطي مصدوما ً وآثار التعذيب الذي تعرض له بادية عليه، ثم إن النيابة العامة في الرباط هي التي تولت التحقيق أيضا ً .

3-6 وفضلا ً عن ذلك، تعرض صاحب البلاغ ودفاعه لضغوط وللتخويف. ولم يكن صاحب البلاغ يشعر قط بالأمان في مكان احتجازه.

3-7 ويدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت المادة 15 من الاتفاقية لأنها لم تحرص على عدم الاحتجاج بأية أقوال تنتزع نتيجة التعذيب كأدلة إثبات في الدعوى التي أقيمت ضده.

ملاحظات الدولة الطرف

4- 1 في مذكرة مؤرخة 11 كانون الأول/ديسمبر 20 11 ، اعترضت الدولة الطرف على قبول البلاغ. وأبلغت اللجنة أن صاحب البلاغ احتجز بمجرد وصوله إلى المغرب في 14 كانون الأول/ديسمبر 2010. وكان يشتبه في انتمائه إلى منظمة إرهابية تدعى ‘ حركة المجاهدين في المغرب‘. وسمح التحقيق الذي أجرته مصالح الشرطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة بإثبات أنه جُنِّد من قِبل عبد القادر بلعيرج (القضية المتعلقة بتفكيك خلية إرهابية تحمل الاسم نفسه) وأنه كان متورطا ً في إدخال أسلحة نارية إلى المغرب، في الفترة بين عام 2002 وعام 2006، عبر أوروبا ( مليلة ). وبمجرد وصوله إلى المغرب، وضع في الحبس الاحتياطي، وجرى تمديده أول مرة في 18 كانون الأول/ديسمبر 2010، ومرة ثانية في 22 كانون الأول/ديسمبر 2010، وفقا ً للمادة 66 من مدونة المسطرة الجنائية المتعلقة بالحبس الاحتياطي في جرائم الإرهاب.

4-2 وفي 24 كانون الأول/ديسمبر 2010، قُدّم صاحب البلاغ أمام قاضي التحقيق المختص لدى محكمة الاستئناف في الرباط. ولا يذكر محضر هذه الجلسة أن صاحب البلاغ اشتكى من تعذيبه أو أنه طلب عرضه على طبيب لفحصه. فقد أكد فقط أنه أصبح عضوا ً في حركة المجاهدين في المغرب في عام 1992. وأثناء الجلسة الثانية التي مثل فيها أمام القاضي، يوم 18 كانون الثاني/يناير 2011، لم يشتك هو ولا محامية من التعذيب. كما أنهما لم يستأنفا على قرار القاضي. وفي 3 آذار/مارس 2011، قُدِّم صاحب البلاغ أمام محكمة الاستئناف في الرباط. وفي أيار/مايو 2011، قدَّم شكوى بدعوى التعرض للتعذيب إلى وزارة العدل التي أحالتها إلى النيابة العامة للتحقيق فيها.

4-3 وفي 15 أيلول/سبتمبر 2011، طلب محامي صاحب البلاغ إبطال تقرير الشرطة لأن أقوال صاحب البلاغ التي يتضمنها انتزعت منه جراء التعذيب. وقد رفضت المحكمة هذا الطلب. وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 2011، أُدين صاحب البلاغ استنادا ً إلى أحكام المواد 293 و294 و295 من المدونة الجنائية (الانتماء إلى عصابة إجرامية وتقديم المساعدة إلى مجرمين) والمادة 218-1، الفقرة 9، (تكوين عصابة أو اتفاق لأجل إعداد أو ارتكاب فعل من أفعال الإرهاب). وحُكِم عليه بالسجن 15 عاما ً . واستأنف على هذا الحكم.

4-4 وتدفع الدولة الطرف أولا ً بأن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية، لأن صاحب البلاغ قدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بلاغا ً ضد إسبانيا يتعلق بنفس الوقائع. وتدفع ثانيا ً بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، ذلك أن استئنافه لا يزال معروضا ً على محكمة الاستئناف للنظر فيه. وبعد أن تتخذ هذه المحكمة قرارها، بوسع صاحب البلاغ أيضا ً أن يقدم استئنافا ً مرة أخرى طبقا ً للمادة 323 من قانون المسطرة الجنائية. وعلاوة على ذلك، لا تزال الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ إلى وزارة العدل في أيار/مايو 2011 قيد التحقيق. والانتهاء من هذا التحقيق يحتاج إلى وقت، سيما وأن صاحب الشكوى لم يكشف عن هوية الذين يدعي مشاركتهم في أعمال التعذيب. وقد أمرت المحكمة في الآونة الأخيرة بعرض صاحب البلاغ على طبيب لفحصه من أجل التأكد من ادعاءات تعرضه للتعذيب.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 28 آذار/مارس 2012، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف.

5-2 ويدفع صاحب البلاغ بأن القضية المقدمة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ليست هي نفسها القضية المعروضة على لجنة مناهضة التعذيب. فقد قدم بلاغا ً ضد إسبانيا إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بغية تجنب تسليمه إلى المغرب بسبب احتمال تعرضه للتعذيب. أما هذه الشكوى فتتعلق بوقائع حدثت على التراب المغربي.

5-3 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يدفع صاحب البلاغ بعدم وجود أي إجراء في المغرب يسمح لشخص يشتكي من تعرضه للتعذيب بحمل الدولة على إجراء تحقيق نزيه وفوري. ولا يترتب على تقديم شكوى من هذا القبيل أي أثر، لا من الناحية القانونية ولا من الناحية العملية، على سير دعوى جنائية تقوم على مثل هذه الإثباتات المزعومة والمرجح أنها انتزعت تحت التعذيب. ولا يوجد أي إجراء يسمح لصاحب البلاغ بوقف الدعوى الجنائية التي حُرّ ِ كت ضده ما لم يُنظر بكل نزاهة في الشكوى التي قدّمها. ولا يتمتع صاحب البلاغ في هذا الصدد بأي سبيل انتصاف على الصعيد المحلي. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المحكمة استبعدت، في حكمها الذي أدانت فيه صاحب البلاغ، التماس عدم قبول " الاعترافات " بدعوى خلو الملف من أي ادعاءات متعلقة بالتعذيب ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الانتهاكات للاتفاقية التي اشتكى منها صاحب البلاغ نهائية ولا يمكن " استدراكها " بإخلاء سبيل صاحب البلاغ أو الإقرار بأصناف المعاملة البشعة التي تعرض لها.

5-4 ويعرب صاحب البلاغ عن قلقه إزاء سير الدعوى العامة على إثر تقديمه شكوى بتهمة التعرض للتعذيب. فقد ردت النيابة، عندما أشار إلى هذه الشكوى أثناء محاكمته، بأنه لم تُقدَّم أي شكوى. وبعد أن قدم صاحب البلاغ الدليل على تقديم الشكوى، اعتبر القضاة أن مثل هذه الشكوى لن يكون لها أي أثر على المحاكمة. وفي تلك الأثناء، حفظت النيابة الشكوى دون اتخاذ أي إجراء، وحُكم على صاحب البلاغ في النهاية بالسجن 15 عاما ً . وفضلا ً عن ذلك، قدّم صاحب البلاغ شكوى مع الادعاء بالحق المدني لكن لم يُبلَّغ بشيء عما آلت إليه. وفي الأخير، وفي إطار الدعوى المعروضة على اللجنة، علم صاحب البلاغ أن التحقيق في الشكوى الأولى التي قدمها قد أعيد تفعيله. والحال أن صاحب البلاغ يخشى، نظرا ً لعدم إطلاق أي تحقيق طيلة ستة أشهر، أن تكون هذه الخطوة مجرد ادعاء كاذب. ودليله على ذلك الظروف التي جرى فيها التحقيق في الحالتين الوحيدتين اللتين كان يتعين فيهما التحقيق، وهما التحقيقان اللذان سبق الطعن فيهما أمام المدعي العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط مع توجيه نسخة من هذا الطعن إلى وزارة العدل، أي حالة استجواب صاحب البلاغ من قبل أفراد الشرطة المكلفين بالتحقيق وحا لة عرضه على الفحص الطبي الشرعي.

5-5 ففي كانون الأول/ديسمبر 2011، استُجوِب صاحب البلاغ من قِبل أفراد من الشرطة بزي مدني لم يقدِّموا بطاقاتهم للتعرف على هوياتهم، ولم يذكروا القسم الذي ينتمون إليه، ولم يوضحوا الإطار الإجرائي الذي يندرج فيه الاستجواب الذي يجرونه معه. وجرى الاستجواب باللغة الفرنسية لكن دوّن على جهاز الحاسوب مباشرة باللغة العربية، دون حضور مترجم فوري، وهو أمر لازم في كل عمل إجرائي يخص صاحب البلاغ. وقدَّم أفراد الشرطة الوثائق لصاحب البلاغ للتوقيع عليها، لكنه رفض لأنها كانت مكتوبة باللغة العربية. ولم يتلق نسخة من المحضر.

5-6 أما عن الفحص الطبي الشرعي، فقد اقتيد صاحب البلاغ يوم 8 كانون الثاني/ يناير 2013، دون إخباره مسبقا ً ، إلى مستشفى لا يبعد كثيرا ً عن السجن ( ) . وقابل فيه امرأة قدمت نفسها على أنها طبيبة شرعية وكان يرافقها طبيبان آخران من الرجال. ولم يقدم أحد منهم نفسه باسمه. وشرح صاحب البلاغ لهم بالتفصيل أعمال التعذيب التي يكون قد تعرض لها وجرى فحصه ( ) . وجرت المقابلة والفحص بحضور خمسة أشخاص بزي مدني، لم يعرف أحد بهم. وفي هذا المستشفى نفسه، جرى له فحص بالأشعة على كتفه اليسرى . ثم نُقل إلى مستشفى آخر لإجراء فحص متعلق بطب الأنف والأذن والحنجرة، لكن الفحص لم يجر بسبب عطل الجهاز. وبعد هذا التاريخ، لم يجر له أي فحص آخر. ولم يقابل صاحب البلاغ أي طبيب نفساني، وبالتالي لم يجر أي فحص لتقييم ما به من آثار نفسية.

5-7 وفي 19 آذار/مارس 2012، وجّه صاحب البلاغ رسالة إلى المدعي العام طلب فيها، في جملة أمور، إجراء فحص لكتفه اليسرى والعلاج اللازم لأنه لم يعد يستطيع رفع ذراع ه بصورة طبيعية ودون آلام؛ وفحص متعلق بطب الأنف والأذن والحنجرة؛ وفحص عصبي لأنه فقد الكثير من الحساسية في الأطراف منذ تعرضه لهذه الأحداث؛ وفحص نفسي لأنه بات يعاني من الأرق والإجهاد والقلق بصفة خاصة. وطلب في الرسالة نفسها أن يسمح له بتعيين مستشار طبي واحد أو أكثر، وبإمكانية تكليف جهاز دولي محايد بإجراء الفحص الطبي، هو المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب ، لكي يكون هذا الفحص الطبي متعارضا ً ، وبتمكينه من تلقي المساعدة من محامٍ طوال مدة هذا التحقيق. وطلب أيضا ً الاطلاع على ألبوم صور يحتوي على صور جميع الأشخاص الذين تكفلوا به منذ وصوله إلى المغرب، لكي يتمكن من التعرف على الذين اعتدوا عليه. ولم يتلق أي رد على هذه الرسالة.

5-8 ويدفع صاحب البلاغ بأن التحقيق الذي أجري كان متأخرا ً ، الأمر الذي تسبب في فقدان الأدلة. وفضلا ً عن ذلك، لم يبلّغ بسير التحقيق ولم يسمح لمحاميه بمساعدته في هذا الصدد ولم يطلب منهم تقديم ما يمكن أن يكون لديهم من تعليقات. ولم تحترم واجبات أساسية، مثل أن تكون الجلسات حضورية ، وإتاحة الاطلاع على ألبوم صور الجناة المحتملين، وتحويل ملف السجن الخاص بصاحب البلاغ متضمنا ً صوره، إلخ . ولم يُبلَّغ لا هو ولا محاميه بأنه سيستجوب وسيفحص من قبل طبيب، ولم يطلب منه إبداء رأيه لمعرفة إن كان موافقا ً أو رافضا ً لإجراء هذا الفحص. أما التقرير الخاص بالتحقيق في أعمال التعذيب فناقص إلى حد كبير، ذلك أنه لم يُتَح للدفاع طلب إجراء ما يلزم من التحقيقات. وخلص صاحب البلاغ إلى أنه لا يتمتع بسبيل انتصاف فعال للتدليل على التعذيب الذي تعرض له والحيلولة دون إدانته على أساس اعترافات انتزعت منه تحت التعذيب.

5-9 وفيما يتعلق بملاحظات الدولة الطرف، يلاحظ صاحب البلاغ أنه من المفارقة التأكيد، من جهة، على إجراء تحقيق في ادعاءات التعرض للتعذيب، والإعلان، من جهة أخرى، أن هذه الادعاءات منافية للحقيقة لأنها لم توثّق في محاضر الجلسات أمام قاضي التحقيق. فثمة تقارير صادرة عن منظمات دولية تتحدث عن حالات تعذيب متكررة في المغرب تحدث في إطار إجراءات قضائية غير عادلة، وعن الإفلات من العقاب الذي يسود في هذا الصدد. فالقول ابتداءً بأن شكاوى صاحب البلاغ لم توثَّق لا يمكن أن يقود تلقائيا ً إلى الاستنتاج بأنه لم يتعرض إلى معاملة لا إنسانية ومهينة.

5-10 ويؤكد صاحب البلاغ أن قضايا الإرهاب توكل إلى قضاة متخصصين. ويفهم من ذلك أن القضاة المكلفين بقضيته هم أنفسهم الذين ساهموا، في السابق، في الإفلات من العقاب من انتهاكات حقوق أساسية لمحتجزين آخرين على أيدي رجال الشرطة ومديرية مراقبة التراب الوطني في المغرب وفي استخدام الأقوال التي تنتزع تحت التعذيب كأدلة في المحاكمات. ومن ذلك على وجه الخصوص أن مشاركة قاضي التحقيق ج.، المتخصص في قضايا الإرهاب، وقضاة الدرجة الأولى، الذين يعتقد أنهم هم من نظر في قضية بلعيرج ، في تناول قضيته يحمل على الاشتباه في أن التعذيب قد مورس مرة أخرى في حالة صاحب البلاغ ( ) . ويشير صاحب البلاغ إلى الملاحظات الختامية للجنة بشأن المغرب حيث أعربت اللجنة عن قلقها إزاء استتباب بيئة في البلد تتسم على ما يبدو بالإفلات من العقاب ( ) من أعمال مخالفة للاتفاقية. ويشير أيضا ً إلى قضية بوتاني ضد فرنسا ، حيث لاحظت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن مجموع التقارير الدولية بشأن حالة حقوق الإنسان في المغرب تتطابق في التنديد بالمعاملة السيئة التي يعامل بها الأشخاص الذين يشتبه في مشاركتهم في أعمال إرهابية ( ) .

5-11 ويشدد صاحب البلاغ على قلة حيلته في جعل هذا العنصر أو ذاك موثقا ً في تقارير جلساته، سواء أثناء الحبس الاحتياطي أو أثناء مثوله أمام قاضي التحقيق. وعند مثوله أمام هذا القاضي، " قُدِّم " له على أنه رئيس الموظفين الذين قادوا الاستجوابات السابقة، وكان ذلك سببا ً كافيا ً لجعله يفضل عدم تقديم أي شكوى أمامه. لكن كان على قاضي التحقيق، بالنظر إلى الحالة البدنية التي كان عليها صاحب البلاغ، أن يطلب إجراء الفحوص الطبية اللازمة. وأثناء مثوله في المرة الثانية، وكان مصحوبا ً بمحاميه، تراجع صاحب البلاغ عن " اعترافاته " واشتكى من أعمال التعذيب، لكن لم يوثَّق شيء من ذلك. ولم يكن بوسع صاحب البلاغ إرغام القاضي على احترام القانون. ومن جهة أخرى، لم يكن يخفى على هذا الأخير ما حدث وكان بإمكانه أن يتصرف بما يلزم لو أراد ذلك. وفي الأخير، اشتكى صاحب البلاغ لدى وزارة العدل وقدّم دعوى جنائية. وقد جرى حفظ هذه الدعوى دون اتخاذ أي إجراء ودون إجراء التحقيق اللازم قبل أن يفعَّل تحقيق بشأنها. ويخشى صاحب البلاغ بحق أن يكون هذا التحقيق ظرفيا ً ليس إلا، بالنظر إلى البطء الذي اتسم به وإلى عدم جدواه وإلى افتقاره إلى الشفافية وإلى خلوه من الطابع الحضوري، لا سيما فيما يخص الفحص الذي يُدعى أنه أُجري على صاحب البلاغ.

5-12 ولم تفند الدولة الطرف، في ملاحظاتها، أن الاتهامات الموجهة لصاحب البلاغ تستند أساساً إلى إفادات قدمها أثناء الحبس الاحتياطي وأٌكدت أثناء جلسة استجوابه الأولى أمام قاضي ا لتحقيق. لكن صاحب ا لبلاغ نفى هذه الاعترافات منذ المرحلة التالية من الإجراءات.

5-13 ولم تذكر الدولة الطرف شيئا ً عن حفظ الشكوى في أيلول/سبتمبر 2011 ولم تقدم أي تفسير لذلك، كما أنها لم تبين أسباب إعادة فتح التحقيق ومتى كان ذلك. ولم توضح نوع الفحص الذي طلبت إجراءها ولم تذكر شيئا ً عن الطبيب المكلف بإجرائه، ولا عن الفحوص التي يكون قد أجراها، ولا عن نتائج هذه الفحوص. ولم تتناول الدولة الطرف مسألة عدم وجود مترجم فوري أثناء حبس صاحب البلاغ احتياطيا ً وعند توقيعه وثائق مكتوبة باللغة العربية. ويبدو أن صورا ً قد أخذت لصاحب البلاغ عند وصوله إلى سجن سلا 2. لكن لم تُعرَض هذه الصور في إطار المحاكمة للتأكد من ادعاءاته بشأن حالته البدنية. وفي 21 آذار/مارس 2012، وجّه محامو صاحب البلاغ رسالة إلى وزارة العدل وإلى المدعي العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط وإلى مدير السجن لطلب الإطلاع على هذه الصور، وبشكل عام على ملف السجن المتعلق بصاحب البلاغ، لكنهم لم يتلقوا أي رد.

معلومات إضافية من الطرفين

معلومات من صاحب البلاغ

6-1 كتب صاحب البلاغ عدة مرات إلى اللجنة لإطلاعها على مستجدات وقعت بعد تقديمه تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. ويشير إلى أن المدعي العام قرر مجددا ً ، في 18 نيسان/أبريل 2012، حفظ شكوى التعرض للتعذيب التي قدمها صاحب البلاغ في أيار/ مايو 2011 دون اتخاذ أي إجراء بشأنها، بدعوى " عدم تأكد المزاعم الوارد في الشكوى " . أما طلبه الادعاء بالحق المدني، فلم يلق أي استجابة. وجدد صاحب البلاغ مطالبه إلى وزارة العدل وإلى المدعي العام بالرباط للحصول، في جملة أمور، على تقرير جلسة يوم 7 كانون الثاني/يناير 2012 وتقرير الفحص الطبي الشرعي الصادر يوم 8 كانون الثاني/يناير 2012، وكذلك الصور التي أُخذت لصاحب البلاغ عند وصوله إلى سجن سلا 2. ويرى صاحب البلاغ أن هذه الوثائق مهمة بالنسبة للمحاكمة الاستئنافية بعد طعنه في إدانته.

6-2 وقد قُدِّم تقرير الفحص الطبي وتقرير الجلسة إلى صاحب البلاغ يوم 29 أيار/ مايو 2012. لكن هذين التقريرين صدرا عن المصالح نفسها التي شاركت في أعمال التعذيب وينطويان على مخالفات. ومن ذلك على سبيل المثال أن الإفادة التي أدلى بها صاحب البلاغ أمام المحققين تحمل توقيعه، في حين أنه لم يوقع على شيء إذ أنه لم يكن يفهم المحاضر التي كُتبت باللغة العربية. ويؤكد أنه لم يُظهِر قط أنه شُفِي تماما ً ، بينما يذكر التقرير عكس ذلك. وجاء في التقرير أيضا ً أنه لم يكن يَظْهَر على جسد صاحب البلاغ أي أثر لتعرضه لسوء المعاملة؛ والحال أن أخت صاحب البلاغ رأت آثارا ً على أصابعه وخلف أذنه اليمنى، ولاحظت زوجته آثار حروق السجائر. وتلقّى صاحب البلاغ أيضا ً صورة لكنها كانت صورة الإيداع في السجن وليس الصورة التي أخذتها إدارة السجن لدى وصوله إلى سجن سلا 2. أما فيما يتعلق بالفحص الطبي، فهو من جانب واحد ويحتوي على أخطاء. فقد تحدث مثلا ً عن إجراء فحص يتعلق بطب الأنف والأذن والحنجرة لكن ذلك لم يحدث.

6-3 وبناء على طلب محامي صاحب البلاغ، قدم الطبيب ب.، وهو خبير مستقل في مسألة التعذيب، رأيه في التقرير الطبي وخلص إلى أنه كان من المفروض إجراء فحص طبي ونفسي شامل وفقا ً للتوجيهات الواردة في دليل التقصي والتوثيق الفعالين بشأن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بروتوكول اسطنبول )، ويدخل في ذلك إجراء فحوص واختبارات من قِبل أطباء مستقلين متخصصين في تقييم حالة أشخاص يشتبه في تعرضهم للتعذيب. ولا يتضمن التقرير أية تفاصيل عن الفحوص التي أجريت ولا يكاد يتضمن تفاصيل عن نتائج هذه الفحوص. ولم يسعَ الأطباء إلى الاطلاع على تقارير الأطباء الذين فحصوا صاحب البلاغ أثناء حبسه الاحتياطي ولا أثناء فترة سجنه. ولم يذكر التقرير إن جرى الفحص بحضور رجال شرطة أو موظفين في السجن، وهل كان صاحب البلاغ مقيد الأيدي أو مقيد الحركة. ويتألف جوهر التقرير من صفحة واحدة ونصف الصفحة، أما الادعاءات بالتعرض للتعذيب فاقتُصر على ذكرها في سطرين قصيرين. ولا يحتوي التقرير على رسم توضيحي ولا على صور. ويقتصر على تكرار وجود ندوب في الأطراف السفلية ناجمة عن حادث سير قديم. ولم يذكر التقرير قط أن ادعاءات صاحب البلاغ قد بُحثت. ونظرا ً إلى إجراء الفحص بعد مرور أكثر من سنة على القبض على صاحب البلاغ مما يرجح بالتالي ألا تكون آثار التعذيب واضحة، فإن إجراء فحص لكامل بدن صاحب البلاغ أمر لازم. وعلاوة على ذلك، لم يشر التقرير قط إلى إمكانية إجراء فحص نفسي أو سيكولوجي، وهو ما يكشف أن الفحص الذي أجري لا يلبي المعايير الدولية لتقييم الادعاءات بالتعرض للتعذيب.

6-4 وعُرض تقرير الفحص الطبي وكذلك تقرير الدكتور ب. على الطبيب ح. ب.، وهو طبيب مغربي متخصص في مجال التعذيب، ليبدي رأيه فيهما. واعتبر أن تقرير الطب الشرعي " مقتضب للغاية بما لا يسمح للمحكمة ولا للأطراف بالتأكد من أن السيد علي عرّاس قد خضع بالفعل لتقييم جاد وشامل. وهذا الاقتضاب ملاحَظ على جميع المستويات [...]. وكانت الخلاصة جامدة أيضا ً ، وغير مطابقة لتوصيات بروتوكول اسطنبول . والواقع أنه كان على الخبير ألا يكتفي ببيان وجود أو عدم وجود آثار جسدية ناجمة عن أعمال التعذيب، بل كان عليه أن يقدم رأيا ً بشأن مدى تطابق جميع المعلومات التي جُمّعت انطلاقا ً من الملاحظات الجسدية والنفسية، ونتائج الاختبارات التشريحية، والمعرفة بأساليب التعذيب التي تمارس في المنطقة، وتقارير الفحوص [...] مع أصناف سوء المعاملة المزعومة [...]. وأي إهمال في إجراء تقييم نفسي في حالة تقديم ادعاءات بالتعرض للتعذيب يعد تقصيرا ً خطيرا ً وإخلالا ً غير مقبول من جانب الخبير بالمعايير الواردة في بروتوكول اسطنبول " . ويخلص الطبيب ب. إلى أن التقرير المذكور " كان مقتضبا ً للغاية في صياغته، وهزيلا ً في محتواه، وغير جاد في نهجه، وغير مطابق للحد الأدنى من المعايير الدولية المعترف بها في مجال التقييم الطبي للادعاءات بالتعرض للتعذيب ولسوء المعاملة كالتي حددها وفصلها بروتوكول اسطنبول .

6-5 " ومن الضروري بالتالي عرض السيد علي عرّاس على أطباء ذوي خبرة في مجال التحري والتوثيق بخصوص ادعاءات بوقوع تعذيب لإعادة تقييم شامل لحالته البدنية والنفسية، على أن يمنح لهم الوقت الكافي والصلاحية الكاملة لإجراء كل ما يلزم من التحريات الطبية والاختبارات التشريحية وغير ذلك من الفحوص اللازمة والخلوص إلى استنتاجات راسخة ومبني على حيثيات واضحة " .

6-6 ويرى صاحب البلاغ أن إجراء فحص طبي متعمق ضروري لتقييم الادعاءات بوقوع تعذيب موضوعيا ً ، في ظل احترام مبدأ الإجراءات الحضورية . وهذا يقتضي إخطار صاحب البلاغ ومحاميه بالزيارات التي تنظم لمقابلة أطباء؛ والسماح لصاحب البلاغ بالاستعانة بمحاميه وبطبيب مستشار أثناء هذه المقابلات؛ وتمكين صاحب البلاغ من الاطلاع على نتائج الاختبارات السريرية التي تجرى له؛ والاضطلاع بالتدابير اللازمة والفحوص التكميلية التي يطلبها دفاع صاحب البلاغ للتوصل إلى تحليل كامل لحالة صاحب البلاغ الصحية وللشكاوى التي قدمها.

6-7 لقد كرر صاحب البلاغ، أثناء جلسة أمام المحكمة عقدت يوم 18 حزيران/ يونيه 2012، طلبه إجراء تحقيق فعال ومستقل في ادعاءاته بالتعرض للتعذيب، وكرر بالأخص طلبه إجراء فحص طبي جاد. ونظرا ً للحاجة إلى إجراء تحقيق متعمق، ادعى صاحب البلاغ بالحق المدني أمام رئيس محكمة الدرجة الأولى بالرباط ( ) يوم 18 أيلول/ سبتمبر 2012. لكن المحكمة أعلنت عدم قبول هذه الدعوى يوم 28 كانون الثاني/ يناير 2013. واستند القاضي في قراره على عدم تحديد صاحب البلاغ مرتكبي أعمال التعذيب ولعدم ذكره مواد القانون الجنائي التي تجرّم أعمال التعذيب.

6-8 وأبلغ صاحب البلاغ اللجنة أنه كان يتعرض في السجن لأعمال التخويف باستمرار. ومن ذلك أن محاميه لم يكونوا يبلَّغون دائما ً بمواعيد الجلسات، حيث مثل أحيانا ً وحيدا ً ؛ ولم تقدم له الرعاية الصحية المناسبة؛ وحيل بينه وبين تبادل الرسائل مع محاميه وأسرته. أما فيما يتعلق بظروف الاحتجاز، فبعد احتجازه في عزلة تامة طيلة أشهر (عدم الاتصال بالسجناء الآخرين ولا بالحراس، وعدم توفير مادة للقراءة ولا الاستماع إلى مذياع أو مشاهدة تلفاز، والخروج إلى الفناء فقط، إلخ .)، وُضع في زنزانة مع أربعة أشخاص مدانين بتهم تتعلق بالمخدرات شديدي البذاءة وقليلي الاحترام. وتعرض مرتين للاعتداء على يد أحدهم ولم يتدخل أي حارس لحمايته. وفي تموز/يوليه 2012، وضع مجددا ً دون مبرر في نظام العزل ولم يكن يسمح له بالخروج سوى مرة واحدة في اليوم قُلِّصت لمدة ساعة واحدة في فناء فردي. وأعيد إلى نظام الحبس العادي قبل فترة وجيزة من زيارة المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب إلى المغرب. وقابله هذا الأخير يوم 20 أيلول/سبتمبر 2012 ( ) . وعلى إثر هذه الزيارة، أكد صاحب البلاغ أنه تعرض للتهديد من قِبل نائب مدير السجن. ووجه محاموه العديد من الرسائل إلى السلطات المغربية بخصوص الضغوط والتهديدات وسوء المعاملة التي تعرض لها صاحب البلاغ ( ) وبخصوص حرمانه من العلاج الطبي، لكنهم لم يتلقوا أي رد.

6-9 وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر 2012، أدانت محكمة الاستئناف بالرباط، الغرفة الجنائية الاستئنافية ، صاحب البلاغ في حكمها الاستئنافي بالسجن 12 عاماً بتهمة انتهاك قانون مكافحة الإرهاب. ورأت المحكمة أن: " محكمة الدرجة الأولى فصلت بشكل سليم في جميع المطالب والدفوع ؛ وتؤكد هذه المحكمة هذه الأحكام ما دامت تعتبرها ملبية لجميع المتطلبات القانونية، لا سيما فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ تعرضه للتعذيب، على اعتبار أن فحصا ً طبيا ً قد أجري من قِبل ثلاثة أطباء أكدوا جميعا ً أن صاحب البلاغ لم يتعرض لأي تعذيب من أي نوع كان. وعليه، فقد اقتنعت هذه المحكمة بتأييد الحكم الصادر على مستوى الاستئناف كما ورد في قرار محكمة الاستئناف " ( ) . وترى المحكمة أن قرار المحكمة الجنائية الابتدائية كان مبررا ً ، ولذلك أيدته وأقرت التعليلات التي استند إليها. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2012، قدم صاحب البلاغ طعنا ً أمام محكمة النقض.

معلومات من الدولة الطرف

7-1 أبلغت الدولة الطرف اللجنة، يوم 20 آذار/مارس 2014 ( ) ، أن الادعاءات بالتعرض للتعذيب وسوء المعاملة قد أثارها صاحب البلاغ في شباط/فبراير 2011 لدى وزارة العدل التي دعته إلى تقديم شكوى جنائية. وقد جرت تحريات أولية في هذه الشكوى قامت بها مصالح الشرطة القضائية بناءً على طلب المدعي العام، لكن نتائج هذه التحريات لم تسمح للمدعي العام بفتح تحقيق. وبناءً على إصرار صاحب البلاغ، أمرت النيابة في كانون الأول/ديسمبر 2011 باتخاذ تدابير، وذلك بعقد جلسة استماع جديدة لدى الشرطة القضائية وإجراء فحص طبي شرعي. وأُبلغ صاحب البلاغ في نيسان/أبريل 2012 بما جرى تجميعه من معلومات تبعا ً لذلك.

7-2 وتولي السلطات المغربية اهتماما ً كبيرا ً لهذه الشكوى، وذلك في سياق التفاعل البناء مع آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان . وفي هذا الإطار، تمكن المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، برفقة طبيب، من مقابلة صاحب البلاغ يوم 20 أيلول/سبتمبر 2012 في سجن سلا. وعُرضت قضية صاحب البلاغ أيضا ً على إجراءات خاصة أخرى.

7-3 وتبعا ً للادعاءات التي أثارها المقرر الخاص والتي أحيلت رسميا ً إلى السلطات يوم 4 كانون الأول/ديسمبر 2012، توجّه أربعة أعضاء من المجلس الوطني لحقوق الإنسان برفقة ثلاثة أطباء إلى سجن سلا يومي 25 و26 كانون الأول/ديسمبر 2012. وحرصوا على التحقق من الادعاءات بتعرض صاحب البلاغ للتعذيب أثناء الحبس الاحتياطي وكذلك من الادعاءات بممارسة سوء المعاملة وضغوط وتخويف من قِبل إدارة السجن. وقد شرعت هذه الإدارة بالفعل في اتخاذ إجراءات للتحقق من هذه الادعاءات قبل زيارة المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

7-4 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بشأن المعاملة التي يقول إنه تعرض لها بعد مقابلته المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، تشير الدولة الطرف إلى أن تحقيقات قد أجرتها المفتشية العامة لإدارة السجون في تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر 2012 جرى فيها الاستماع إلى جميع المسؤولين المعنيين. وتبيّن أن هذه الادعاءات ناجمة أساسا ً عن الانزعاج الذي شعر به صاحب البلاغ بسبب مختلف الإجراءات المعتادة التي اتخذتها إدارة السجن. فهذه الإجراءات، التي اتخذت وفقا ً للقانون، اعتبرها صاحب البلاغ بغير وجه حق على أنها موجهة ضده فقط، بالنظر إلى الحوادث العديدة التي وقعت خلال هذه الفترة، واعتبر صاحب البلاغ أن الغرض منها هو التخويل أو الانتقام.

7-5 وفيما يتعلق بظروف احتجاز صاحب البلاغ بوجه عام، فقد وضع في زنزانة فردية بناء على طلبه، وهي ليست زنزانة عزل. وأثناء زيارة المقرر الخاص، لم يكن صاحب البلاغ يخضع لأي إجراء ع زلي أو عقابي. فقد طلب صاحب البلاغ أن يكون وحيدا ً في زنزانته منذ إيداعه الحبس الاحتياطي. ورغم اكتظاظ السجن، أمكن وضع زنزانة فردية في متناوله. وبقي في نفس الزنزانة منذ دخوله السجن.

7-6 أما بخصوص الادعاءات المتعلقة بعدم تقديم العلاج الطبي، تلاحظ الدولة الطرف، في جملة أمور أخرى، أن صاحب البلاغ خضع، منذ وصوله إلى سجن سلا، إلى 11 فحصا ً طبيا ً . وبعد الزيارة التي قام بها أعضاء من المجلس الوطني لحقوق الإنسان يومي 25 و26 كانون الأول/ديسمبر 2012، وبفضل التكفل الطبي الموجه بقدر أكبر، بما يشمل المتابعة النفسية، أمكن تخفيف التوترات المرتبطة بظروف احتجاز صاحب البلاغ بشكل كبير.

7-7 وقد دخل صاحب البلاغ، منذ بداية سجنه، في إضراب عن الطعام عدة مرات للتنديد بظروف احتجازه. وكانت آخر مرة أضرب فيها عن الطعام يوم 10 تموز/ يوليه 2013. وبعد تدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان وإجراء عدة مقابلات بين صاحب البلاغ ومسؤولي إدارة السجن، وكذلك عقد لقاءات وجها ً لوجه بين مختلف الأطراف، قرر صاحب البلاغ وقف إضرابه. وفي 3 آب/أغسطس 2013، تلقى زيارة من المندوب العام لإدارة السجون الذي طمأنه أن جميع الإجراءات سوف تتخذ لتمكينه من الاستفادة من الفحوص الطبية المطلوبة على وجه الخصوص، وأن تعليمات سوف تصدر للتأكد من احترام حقوقه الأساسية بصفته محتجزا ً . وفي 6 آب/أغسطس، أُجري له فحص على يد طبيب متخصص في المسالك البولية وخضع لأول فحص شامل بالنظر إلى حالته الصحية العامة، وكان ذلك بحضور أعضاء من المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ولم يكشف هذا الفحص عن وجود أي خلل يمكن أن يشكل خطرا ً على صحته.

7-8 وبالنظر إلى النتائج الإيجابية التي أفضت إليها وساطة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمكن إعادة جسور الحوار بين المحتجز وإدارة السجن. وقد تعهدت هذه الإدارة أمام المجلس والوفد المشترك بين الوزارات المعني بحقوق الإنسان بإبلاغهما بانتظام بما يستجد في إطار متابعة حالة صاحب البلاغ.

معلومات إضافية من صاحب البلاغ

8 - كرر صاحب البلاغ، في 31 آذار/مارس 2014، ادعاءاته السابقة وأكّد أنه لا يزال يتعرض لضغوط من جانب السلطات.

مداولات اللجنة

النظر في المقبولية

9 -1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، ينبغي للجنة مناهضة التعذيب أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بمقتضى المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، على النحو المطل وب منها أن تفعله وفقاً للفقرة 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة ذاتها لم تُبحث ولا يجري بحثها في إطار إجراء من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ أن المسائل المتعلقة باحتجاز صاحب البلاغ ومحاكمته قد أُبلغ بها عدة مكلفين بإجراءات خاصة تابعة لمجلس حقوق الإنسان، لا سيما المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي. بيد أن اللجنة تعتبر أن الإجراءات أو الآليات غير المنبثقة عن المعاهدات التي أقامتها لجنة حقوق الإنسان أو مجلس حقوق الإنسان، والتي تتمثل ولايتها في النظر في حالة حقوق الإنسان في هذا البلاد أو الإقليم أو ذلك أو في مظاهر انتهاك واسع النطاق لحقوق الإنسان في العالم، ليست على العموم إجراءً من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمفهوم المقصود من الفقرة 5(أ) من المادة 22 في الاتفاقية. وعليه، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها، تبعا ً لهذه الأحكام، من النظر في هذه الشكوى ( ) .

9-2 ووفقاً للفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا تنظر اللجنة في أي بلاغ ما لم تتأكد من أن صاحبه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علما ً بشكوى التعذيب التي قدمها صاحب البلاغ في 13 أيار/مايو 2011 أمام المدعي العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط. وقد حُفظت هذه الشكوى في أول الأمر دون اتخاذ إجراء بشأنها، ثم أعيد تفعيلها قبل أن تحفظ مرة أخرى في 18 نيسان/أبريل 2012 دون اتخاذ أي إجراء، بسبب عدم تأكيد المزاعم الواردة في الشكوى. وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بأن صاحب البلاغ اشتكى من تعرضه للتعذيب في إطار محاكمته أمام محكمة الاستئناف بالرباط. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت فيما يتعلق بشكوى صاحب البلاغ من تعرضه للتعذيب أثناء حبسه احتياطيا ً .

9-3 ونظرا ً لاستيفاء المعايير الأخرى للمقبولية ، تعلن اللجنة قبول البلاغ، وتنتقل من ثم إلى النظر في الأسس الموضوعية للشكوى المقدمة فيه بموجب المواد 2 (الفقرة 1) و11 و12 و13 و15 من الاتفاقية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

10-1 نظرت اللجنة في هذه الشكوى مراعية في ذلك جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف المعنية، عملاً بالفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

10-2 وتحيط اللجنة علما ً بمظالم صاحب البلاغ ومؤداها: أنه أودع الحبس الاحتياطي في 14 كانون الأول/ديسمبر 2010 وتعرض لجلسات تعذيب إلى غاية 23 كانون الأول/ ديسمبر 2010 بهدف انتزاع اعترافات منه؛ وأنه أُجبر بعد هذه المعاملة على التوقيع على ما قيل إنها اعترافات صيغت مسبقا ً باللغة العربية، وهي لغة لا يجيدها؛ وأنه لم تبلَّغ أسرته، خلال تلك الفترة، بمكان وجوده ولم تعلم بذلك إلا عبر الصحافة في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2010؛ وأنه لم يتلقى مساعدة من محامٍ إلا في هذا التاريخ؛ وأنه، أثناء جلسة استجوابه في 24 كانون الأول/ديسمبر 2010، لم يوثّق قاضي التحقيق الجروح التي أصيب بها صاحب البلاغ ولم يطلب إجراء فحص طبي؛ وأنه اشتكى، أثناء جلسة استجوابه الثانية أمام قاضي التحقيق في 18 كانون الثاني/يناير 2011، وكان يرافقه حينها محاميه، من المعاملة التي تعرض لها أثناء الحبس الاحتياطي لكن لم توثّق ادعاءاته ولم يطلب قاضي التحقيق إجراء فحص طبي. وفيما يتعلق بهذه الادعاءات، تحيط اللجنة علما ً أيضا ً بملاحظات الدولة الطرف ومؤداها أنه لا صاحب البلاغ ولا محاميه اشتكى من التعذيب أثناء جلسة الاستجواب في 18 كانون الثاني/يناير 2011.

10-3 وتذكّر اللجنة برأيها السابق بشأن بعض الضمانات الأساسية المعينة التي ينبغي أن تسري على جميع الأشخاص المحرومين من الحرية للحيلولة دون وقوع التعذيب. ومن هذه الضمانات، حق المحتجز في الاستفادة فورا ً من مساعدة قضائية وطبية مستقلة، فضلا ً عن التمكن من الاتصال بأسرته ( ) . وتذكّر اللجنة أيضا ً بملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للمغرب حيث لاحظت بقلق أن القانون رقم 03-03 الصادر في عام 2003 لمكافحة الإرهاب لا يسمح للمحتجزين بالاستعانة بمحام إلا بعد مرور ستة أيام من احتجازهم، وهو ما يزيد من احتمال تعرض المحتجزين الذين تحوم حولهم شبهات للتعذيب. وتضيف اللجنة أن في أثناء هذه الفترات تحديدا ً ، حين يتعذر على المحتجزين الاتصال بأسرهم وبمحاميهم، يكون هؤلاء المشتبه فيهم أكثر عرضة للتعذيب ( ) . ونظرا ً إلى هذا المناخ الذي يتسم بانتفاء الضمانات المتعلقة بالحصول على المساعدة القضائية، لا سيما أثناء الحبس الاحتياطي، والحرمان من أي اتصال بالأسرة، وعدم إبلاغ الأسرة بمعلومات عن مكان الاحتجاز، والحرمان من استشارة طبيب ، وكون صاحب البلاغ ربما أُكره على التوقيع على إفادات مكتوبة بلغة لا يجيدها، وعدم ورود معلومات من الدولة الطرف تفند هذه الادعاءات، ترى اللجنة أن الدولة الطرف أخلت بالتزاماتها بموجب الفقرة1 من المادة 2 والتزاماتها بموجب المادة 11 من الاتفاقية.

10-4 وفيما يتعلق بالمادتين 12 و13 من الاتفاقية، تحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ أن قاضي التحقيق لم يأمر بإجراء تحقيق ولا فحص طبي، ورفض توثيق الادعاءات بالتعرض للتعذيب التي قدمها صاحب البلاغ؛ وأن صاحب البلاغ وجّه، يوم 11 شباط/ فبراير 2011، رسالة إلى وزارة العدل يطلب فيها إجراء فحص طبي على أيدي خبراء مستقلين، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض؛ وأنه قدّم، يوم 13 أيار/مايو 2011، شكوى تتعلق بالتعذيب إلى المدعي العام لدى محكمة الاستئناف، وهي الشكوى التي حُفظت دون اتخاذ إجراء ثم أعيد تفعيلها؛ وأن الاستجواب الذي أجرته الشرطة معه بخصوص شكواه لم يحدث إلا في كانون الأول/ديسمبر 2011 ولم يفحص من قِبل طبيب شرعي إلا في كانون الثاني/يناير 2012؛ وأن مطالبه بأن يُعرض على أطبة ينتمون إلى مؤسسات محايدة لفحصه لم تُقبل؛ وأن طلبه الاطلاع على الصور التي أخذت له عند وصوله إلى السجن لم يُقبل أيضا ً . وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً برأي الطبيبين في التقرير الطبي عن الفحص الذي أجراه طبيب شرعي لصاحب البلاغ في كانون الثاني/يناير 2012، وهو الرأي الذي يؤكد أن هذا التقرير غير منسجم مع توجيهات بروتوكول اسطنبول.

10-5 وتلاحظ اللجنة أنه، رغم الرسالة التي وجّهها صاحب البلاغ إلى وزارة العدل في شباط/فبراير 2011، لم يجر أي فحص طبي، وأنه في إطار الشكوى الجنائية التي قدمها لم يجر له الفحص إلا في كانون الثاني/يناير 2012، أي بعد أكثر من عام كامل على الوقائع المزعومة. وفضلا ً عن ذلك، لم تعقد، في إطار هذه الشكوى، أي جلسة استماع لصاحب البلاغ إلى غاية كانون الأول/ديسمبر 2011 ولم يبلَّغ صاحب البلاغ قبل هذا التاريخ قط بما آلت إليه الدعوى ولم يبلغ أيضا ً بأن الدعوى قد أعيد تفعيلها. وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات عن نتائج التحقيق ولا عن الأدلة التي تملكها السلطات، بل اكتفت بالقول إن صاحب البلاغ قد أُبلغ بالأدلة التي جُمّعت. وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن محكمة الاستئناف لم تأخذ بعين الاعتبار، عند إصدارها قرار الإدانة، الادعاءات التي ساقها صاحب البلاغ بشأن أعمال التعذيب، بل نفت أن تكون هذه الادعاءات قد قُدِّمت أثناء إجراءات الدعوى.

10-6 وبناءً على ما تقدم، ترى اللجنة أن السلطات أخلت بواجب إجراء التحقيق، وفي ذلك إخلال بالالتزام الواقع على عاتق الدولة الطرف بموجب المادة 12 من الاتفاقية، وهو التأكد من قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملاً من أعمال التعذيب قد ارتكب. وحيث إن الدولة الطرف لم تف بالتزامها هذا، تكون قد أخلت أيضاً بالمسؤولية التي يتعين عليها تحملها بموجب المادة 13 من الاتفاقية بأن تكفل لصاحبة البلاغ الحق في تقديم شكوى، وهو ما يفترض أن تستجيب السلطات لهذه الشكوى على النحو المناسب بأن تفتح تحقيقاً فورياً ونزيهاً ( ) .

10-7 ويؤكد صاحب البلاغ أنه وقع ضحية انتهاك المادة 15 من الاتفاقية لأنه أدين على أساس ملف يتألف أساسا ً من اعترافات مزعومة انتزعت تحت التعذيب أثناء الحبس الاحتياطي وتراجع عنها صاحب البلاغ في وقت لاحق.

10-8 وتذكّر اللجنة بأنه بناءً على أحكام هذه المادة، ينبغي للدولة أن تكفل عدم قبول أية إفادة يثبت أن الإدلاء بها كان تحت التعذيب كدليل في أي دعوى قضائية. ويتبيّن من نص أحكام محكمة الاستئناف أن اعترافات صاحب البلاغ كان لها أثر حاسم في قرار الإدانة. وتحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ بشأن التعذيب الذي يكون قد تعرض له أثناء الحبس الاحتياط؛ وبأن صاحب البلاغ خضع للفحص يوم 20 أيلول/سبتمبر 2012 على يد طبيب مستقل كان يرافق المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب أثناء زيارته للمغرب والذي خلُص إلى أن معظم الآثار التي لوحظت على جسم صاحب البلاغ والأعراض التي شعر بها مطابقة لادعاءاته؛ وبأن الدولة الطرف، مثلما ذُكر من قبل، أخلّت بالتزامها بإجراء تحقيق سريع ونزيه في الادعاءات بوقوع تعذيب؛ وبأن محكمة الاستئناف لم تأخذ الادعاءات بالتعرض للتعذيب على محمل الجد عند إدانتها صاحب البلاغ على أساس اعترافاته، نافية أن تكون هذه الادعاءات قد قُدِّمت أثناء إجراءات الدعوى. وبناءً على هذه الحيثيات، ترى اللجنة أن الدولة الطرف أخلّت بالتزاماتها بموجب المادة 15 من الاتفاقية. وتذكّر اللجنة في هذا الصدد أنها أعربت، في ملاحظاتها الختامية على التقرير الدوري الرابع للمغرب، عن قلقها إذ من الشائع جدا ً أن يشكل الاعتراف، في نظام التحقيق السائد في الدولة الطرف، دليلا ً يتيح ملاحقة شخص وإدانته، وأن العديد من الإدانات الجنائية تستند إلى اعترافات، لا سيما في قضايا الإرهاب، وهو ما يساعد على تهيئة الظروف التي تشجع على اللجوء إلى تعذيب الأشخاص المشتبه فيهم وسوء معاملتهم ( ) .

11- وتخلص لجنة مناهضة التعذيب، متصرفةً بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و12 و13 و15 من الاتفاقية.

12- وعملاً بالفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي (CAT/C/3/Rev.6) ، تدعو اللجنة الدولة الطرف بإلحاح إلى إبلاغها، في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالإجراءات التي تكون قد اتخذتها عملاً بالملاحظات المبين أعلاه. وينبغي أن تشمل هذه الإجراءات فتح تحقيق نزيه وشامل في ادعاءات صاحب البلاغ. وينبغي أن يشمل هذا التحقيق إجراء فحوص طبية وفقا ً ل توجيهات بروتوكول اسط نبول.

[اعتُمد ب الفرنسية (الصيغة الأصلية) ، و بالإسبانية والإنكليزية والروسية . وس ي صدر لاحقاً ب الصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]