بلاغ مقدّم من:

أ‌. ف. (تمثلها المحاميتان م. تيريزا ماننتي و م. إيلاريا بويانو )

الشخص المدعي أنه ضحية:

صاحبة البلاغ

الدولة الطرف:

إيطاليا

تاريخ البلاغ:

16 آب/أغسطس 2018 (تاريخ تقديم البلاغ الأولى)

الوثائق المرجعية:

القرار المتخذ عملا بالمادة 69 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

20 حزيران/يونيه 2022

1 - صاحبة البلاغ هي أ. ف.، وهي مواطنة إيطالية من مواليد عام 1965. وهي تدعي أنها ضحية انتهاكات الدولة الطرف لحقوقها بموجب المواد 2 (ب)-(د) و (و)؛ و 5 (أ)؛ و 15 (1) من الاتفاقية. ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لإيطاليا في 22 أيلول/سبتمبر 2000. وتُمثّل صاحبة البلاغ محاميتان.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ ( )

2-1 صاحبة البلاغ هي موظفة حكومية في بلدية كالياري . وهي تعيش مع ابنتيها.

2-2 وفي 2 كانون الأول/ديسمبر 2008، تعرضت صاحبة البلاغ لاعتداء من زوجها السابق. اتصلت بالشرطة ( الكارابنييري ) للتدخل. وفي الساعة 35/11 ، وصل عنصران من الشرطة (أحدهما كان هو س. س.، الجاني المزعوم)، إلى مقر إقامتها استجابة لاتصالها ووجد صاحبة البلاغ تعاني من إصابات مؤلمة في يديها. ونصحها العنصران بالذهاب إلى المستشفى لتلقي علاج على تلك الإصابات وتقديم شكوى رسمية في مركز شرطة كالياري فيلانوفا ضد زوجها السابق بتهمة العنف العائلي ( ) .

2-3 ولدى وصولها إلى المستشفى، بدأت صاحبة البلاغ تتلقى مكالمات هاتفية من أحد عنصري الشرطة اللذين كانا موجودين في منزلها، وهو س. س.، بحجة طلب معلومات مستكملة عن حالتها. وأحالها إلى زميلة له ذكر أنها كُلفت بتقديم مزيد من الدعم لها ومرافقتها أثناء عملية تقديم الشكوى. بيد أنه استمر في الاتصال بصاحبة البلاغ طوال فترة ما بعد ظهر ومساء اليوم نفسه، وطلب منها مرافقته لتناول العشاء في ذلك المساء. واستمرت المكالمات حتى الليل، وعندما رفضت صاحبة البلاغ الرد على مكالماته، بدا أنه أصبح متضايقا بصورة متزايدة.

2-4 وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 2008، في وقت الظهيرة، اتصل س. س. بصاحبة البلاغ مرة أخرى، طالبا مقابلتها في مقر إقامة صاحبة البلاغ، مدعيا أن لديه معلومات تتعلق بالقضية المرفوعة ضد زوجها السابق. وصدقت ذلك، ووافقت على استقباله في منزلها في اليوم نفسه، لأنها كانت في المنزل للتعافي من إصاباتها ومن صدمة الاعتداء الذي تعرضت له في اليوم السابق، وكانت تنتظر زيارة طبيب أرسله صاحب عملها لتقييم حالتها. وقبل هذا الموعد، وصل س. س. إلى منزلها.

2-5 وعندما دخل س. س. شقة صاحبة البلاغ، اتضح أنه كذب بشأن حصوله على معلومات تتعلق بقضية الاعتداء العائلي وبدأ يتحدث عن حياته الشخصية. وحاول معانقة صاحبة البلاغ عنوة، دون موافقتها. وعندما وصل الطبيب، توارى س. س. عن أنظار الطبيب، في مطبخ صاحبة البلاغ، طوال مدة الزيارة. وعندما غادر الطبيب، عادت صاحبة البلاغ إلى الداخل وأغلقت الباب، وهي لا تزال تفترض أنه على الرغم من التعامل غير اللائق لس. س.، فإن كونه عنصر شرطة يقوم بمهامه يجعله لا يشكل أي خطر حقيقي عليها وأنه سيغادر قريبا.

2-6 ومع ذلك، وبمجرد دخول صاحبة البلاغ، خرج س. س. من المطبخ وأمسكها بقوة. فتعاركت من أجل تحرير نفسها، وعندما أطلق سراحها، سقطت على الأريكة، منهكة من العراك نظرا لحالتها العامة. وفي تلك النقطة، تغلب س. س. عليها وأمسكها على الأريكة، واعتدى عليها اعتداء جنسيا مؤلما. وقد توسلت إليه صاحبة البلاغ بأن يتوقف. فأطلق س.س . سراحها واعتذر. وارتدى سترته وكأنه يهم بالمغادرة، لكنه قال إنه يريد زيارة غرفة نوم ابنة صاحبة البلاغ قبل أن يغادر. وعلى أمل أن يغادر بسرعة أكبر إن هي وافقت، قامت صاحبة البلاغ بمرافقته إلى غرفة ابنتها. بيد أنه بمجرد أن وصل س. س. إلى الطابق العلوي ووصلا إلى غرفة نوم صاحبة البلاغ، أمسك بها مرة أخرى ودفعها إلى سريرها واغتصبها. وبعد ذلك، طلب منها أن تجلب له مناديل لتنظيف نفسه، وهو ما فعلته. ثم ارتدى ملابسه، وبعد أن طلب من صاحبة البلاغ التحقق من عدم وجود أحد في الشارع في الخارج، وهو ما فعلته، غادر.

2-7 وبمجرد رحيل س. س.، التقطت صاحبة البلاغ ملاءات الأسرة وأغطية الوسائد والمناديل التي استخدمها س.س . ووضعتها في كيس بلاستيكي. وبناء على اقتراح من أحد الأصدقاء، حاولت إغراء س. س. بالعودة إلى شقتها لاعتقاله في مكان الحادث، لكنه رفض العودة، وطلب منها عدم إزعاجه في العمل. ولذلك تخلت صاحبة البلاغ عن الخطة ولم تتصل به مرة أخرى.

2-8 وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2008، اتصلت صاحبة البلاغ بصديقة لها وأخبرتها بما حدث ( ) . فأخذتها الصديقة إلى طبيب نسائي، فحصها وأكد أن إصاباتها تتطابق والاتصال الجنسي بدون موافقة. ونظرا لكمية الدم التي فقدتها ولحالتها النفسية، فقد أُدخلت إلى المستشفى بعد ذلك مباشرة. وفي المستشفى، قامت الطبيبة ترونسي بفحص صاحبة البلاغ، وقدمت فيما بعد تقريرا طبيا أُدخل كدليل في المحاكمة.

2-9 وفي 5 كانون الأول/ديسمبر 2008، أبلغت صاحبة البلاغ محاميتها باغتصاب س. س. لها وطلبت عقد اجتماع.

2-10 وخلال الأسابيع القليلة التالية، بدأ س. س. في الاتصال بصاحبة البلاغ من رقم غير معروف، طالبا منها مقابلته. وبعدما زاد ذعرها بسبب إصراره، وخوفا على سلامة ابنتيها، وافقت على مقابلته. وفي 4 كانون الثاني/يناير 2009، التقت صاحبة البلاغ بس. س. في حانة عامة وحاولت أن تشرح له أثر سلوكه عليها وطلبت منه أن يتركها وشأنها. وقلل س. س. من شأن دواعي قلق صاحبة البلاغ، مشيرا إلى ترقيته مؤخرا وصلاته الرفيعة المستوى، التي ادعى أنها ستحميه، مما يعني ضمنا إفلاته من العقاب، وذلك على سبيل التحذير لها.

2-11 وبعد اللقاء، واصل س. س. التحرش بصاحبة البلاغ. وفي 18 كانون الثاني/يناير 2009، قدمت صاحبة البلاغ شكوى جنائية ضد س. س. بتهمة الاغتصاب والتحرش. وفي 1 نيسان/أبريل 2010، وبعد إجراء تحقيق، وجهت إلى س. س. تهمة العنف الجنسي والتحرش. وفي الجلسة التمهيدية، المعقودة في 30 آذار/مارس 2011، أكد القاضي لائحة الاتهام الموجهة لس. س.

2-12 وعُقدت محاكمة أمام هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة في محكمة كالياري . وخلال المحاكمة، شهدت امرأتان كانتا على علاقة مع س. س. على سلوكه العنيف والعدواني تجاههما. كما تم تقديم أدلة طبية ( ) وغيرها من شهادات الشهود ( ) كأدلة. وأكد تحليل الحمض النووي للعينات التي جمعتها صاحبة البلاغ أنها لس.س . كما عُرضت على المحكمة أيضا مستنسخات أكثر من 60 رسالة نصية ومكالمة هاتفية من س. س. إلى صاحبة البلاغ.

2-13 وفي 24 كانون الثاني/يناير 2015، صدر قرار المحكمة المؤرخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2014. وخلصت المحكمة إلى أن حجج الدفاع ( ) تفتقر إلى المصداقية لأنها لا تستقيم وانطباعية وغير متسقة وتستند إلى قوالب نمطية معممة ولا تؤيدها الأدلة ( ) . وخلصت المحكمة، على وجه الخصوص، إلى أن سجلات المحادثات الهاتفية بينت بوضوح أن س. س. هو الذي اتصل بصاحبة البلاغ عنوة، وأن شهادات الشهود التي أدلت بها محامية صاحبة البلاغ وأطباؤها، الذين لم تكن موثوقيتهم موضع شك، كانت متسقة، وأن المدَّعى عليه استغل ضعف صاحبة البلاغ ومنصبه لإيذائها. ولذلك خلصت المحكمة إلى أن الوقائع التي ادعتها صاحبة البلاغ قد ثبتت بما لا يدع أي مجال لشك معقول. وحُكم على س.س . بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة العنف الجنسي ضد صاحبة البلاغ ومنع من تولي منصب عام إلى الأبد. وأُسقطت تهمة التحرش قبل المحاكمة، لأنها سقطت بالتقادم. وأمرت المحكمة س. س. بدفع 000 20 يورو تعويضاً لصاحبة البلاغ، بالإضافة إلى ما تكبدته من تكاليف قانونية.

2-14 واستأنف س.س . ضد إدانته أمام محكمة كالياري الإقليمية، التي نظرت في القضية في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2015. وطلب س. س. إعادة النظر في القضية، بحجة أن عناصر الجريمة لم تكن موجودة، وعلى أساس أن العلاقة كانت بالتراضي. وقدم الحجج الداعمة التالية: (أ) أن التحليل البيولوجي أظهر وجود أحماض أمينية متطابقة مع رفال تم استخدامه، وهو ما لم تكشفه صاحبة البلاغ؛ و (ب) أن الأدلة قوضت مصداقية صاحبة البلاغ ( ) ؛ و (ج) أن تقرير المستشفى، المؤرخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2008، لم يتمكن من إثبات العنف الجنسي بشكل قاطع؛ و (د) أن صاحبة البلاغ لفقت قصة الاغتصاب لحماية سمعتها؛ و(ه) أن سلوك صاحبة البلاغ لم يكن متسقا مع سلوك امرأة تعرضت للاعتداء ( ) ؛ و (و) أن المستأنِف كان عنصر شرطة محترما وله مستقبل مشرق وبالتالي لم يكن ليخاطر بحياته المهنية بهذه الطريقة.

2-15 وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حكمت المحكمة الإقليمية لصالح س. س. وتمت تبرئته من جميع التهم. وفي الحكم، خلص القضاة إلى أن شهادة صاحبة البلاغ فيما يتعلق بالأدلة الهاتفية، وعدم تنبيهها للطبيب إلى وجود س. س.، وواقع أنها جمعت أدلة مادية، وأنها تصرفت كمراقب بناء على طلب س. س. لا تتوافق مع ادعائها التعرض للاغتصاب. وقبل القضاة حجة الدفاع بأن صاحبة البلاغ وافقت على ممارسة الجنس مع س. س. وأنها استمتعت ” بفترة مسائية من الخفة أو حتى البهجة “ معه، ولكنها شعرت بالإهانة بعد ذلك لعدم اهتمام س. س. بمواصلة المزيد من العلاقات وأن صاحبة البلاغ اتصلت بصديقتها من أجل تأكيد رواية من شأنها أن تحمي سمعتها وكبرياءها وتنتقم من رفض س. س. لها. ووفقا للمحكمة، فإن وجود أدلة تتفق مع استخدام رفال، والتي لم تكشف عنها صاحبة البلاغ، تشير إلى انعدام المصداقية. وتبين للمحكمة أيضا أن محادثات صاحبة البلاغ مع شخصين هاتفيا بعد الاغتصاب ” ليس معقولا من الناحية الموضوعية “ ، وهو ما ولد الانطباع بوجود ” علاقات صداقة اعتيادية في وقت كان ينبغي أن تكون في حالة من القلق بسبب الاضطراب “ . واعتبرت المحكمة رواية صاحبة البلاغ بشأن طلب س. س. منها التحقق من خلو الشارع قبل مغادرته غير ذات مصداقية إذ حاججت بأن صاحبة البلاغ وحدها من كان يفترض أن لها مصلحة في ضمان عدم رؤية الجيران، بمن فيهم أقاربها، لس. س وهو يغادر بيتها. ورأت المحكمة كذلك أنه من غير المعقول أن صاحبة البلاغ لم تطلب المساعدة من الطبيب أثناء وجود س. س.، وخلصت إلى أنه لا بد وأن صاحبة البلاغ ” كانت سعيدة بوجود المتهم “ . ورأت المحكمة أن الخيارات والسلوكيات الرائقة لصاحبة البلاغ لا تتسق مع تعرضها للاغتصاب. وقبلت المحكمة حجج س. س. بأن صاحبة البلاغ، التي شعرت بالإهانة بسبب عدم اهتمام س. س. بعد الاتصال الجنسي بالتراضي، أحست أنها تعرضت للخداع وأن س. س. قد استغلها وكأنها ” أداة متعة وحدية الاستعمال “ . ورأت المحكمة أيضا أن صاحبة البلاغ زارت المستشفى في 4 كانون الأول/ديسمبر 2008 لحماية سمعتها ونيل الأولوية في الحصول على الخدمات الصحية من أجل الانتقام من المتهم، الذي شعرت أنه ” أساء استخدام استسلامها لميل جنسي في منعطف من حياتها كانت فيه مشوشة “ . وقبلت المحكمة أيضا أن النتائج الطبية يمكن تفسيرها على أنها دليل على ” حماسة “ المتهم و ” قدرته على الإغواء “ ، وأن اتهامات صاحبة البلاغ كانت مدفوعة بالرغبة في خلق دراما انتقاما لإغوائها من قبل المتهم وتخليه عنها فيما بعد، كما لاحظت أنه حدث كذلك مع رجل التقت به لاحقا.

2-16 وطعنت صاحبة البلاغ في قرار المحكمة الإقليمية أمام محكمة النقض العليا، محتجة بأنه صدر بسوء نية ودون أساس في القانون أو في الواقع. وادعت صاحبة البلاغ، على وجه الخصوص، أن القرار تضمن انتهاكات جسيمة للقانون على النحو التالي: (أ) انتهاك واجب تقديم أسباب معقولة للقرار، والتطبيق غير الصحيح للمادة 609 مكررا من قانون العقوبات ( ) وتحوير؛ و (ب) التطبيق غير الصحيح للمادة 609 مكرر من قانون العقوبات فيما يتعلق بالعناصر الذاتية والموضوعية ذات الصلة بسلوك المتهم؛ و (ج) التبرير غير المنطقي والتمييزي لتقييم شهادة صاحبة البلاغ على أنها غير ذات مصداقية؛ و (د) انتهاك الحق في محاكمة عادلة، بسبب الإيذاء للمرة الثانية الذي تعرضت له صاحبة البلاغ.

2-17 وفي 19 أيار/مايو 2017، أعلنت المحكمة العليا أن طلب صاحبة البلاغ إجراء مراجعة قضائية غير مقبول، لأنها لم تجد حججها كافية لتبرير إعادة النظر في القرار المطعون فيه، الذي وصفته بأنه منطقي، وخلصت بالتالي إلى أن صاحبة البلاغ لم تزد عن الاعتراض على تقييم المحكمة للوقائع والأدلة، وهي مسألة خارجة عن الاختصاص القضائي للمحكمة العليا.

2-18 ولذلك تدعي صاحبة البلاغ أن القوالب النمطية التي شكلت أساس قرار المحكمة الإقليمية قد تعززت بإعلان محكمة النقض العليا عدم المقبولية، والتي بدلا من تصحيح التمييز الممارس ضد المرأة، وفقا لما توجبه المادة 2 (د) من الاتفاقية، فاقمته وأيدته.

2-19 وتؤكد صاحبة البلاغ أن هذه القوالب النمطية كانت نتيجة لعدم تنفيذ الدولة الطرف تدابير للقضاء على القوالب النمطية الجنسانية. وكان ينبغي أن تشمل هذه التدابير فرض تدريب إلزامي في جميع مستويات السلطة القضائية بشأن أثر القوالب النمطية الجنسانية على وصول المرأة إلى العدالة على قدم المساواة. ويؤدي الفشل في التصدي للمعايير الثقافية الضارة التي تسود في السلطة القضائية إلى التحيز في تفسير العناصر الذاتية من القانون الجنائي. ولذلك تدعي أن الدولة الطرف لم تحمها من التمييز الممارس عليها من جانب السلطات العامة، بما فيها السلطة القضائية، ولم تبذل العناية الواجبة في المعاقبة على أعمال العنف ضد المرأة، ولا سيما الاغتصاب.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أنها ضحية تمييز بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية.

3-2 وتدعي أن قرار المحكمة الإقليمية استند إلى قوالب نمطية ( ) وخرافات جنسانية بشأن الاغتصاب والسلوك المتوقع لضحايا الاغتصاب، مما أدى إلى انتهاك حقوقها بموجب المواد 2 (ب)-(د) و (و)، و 5 (أ)، و 15 (1) من الاتفاقية.

3-3 وتدعي صاحبة البلاغ أن القوالب النمطية الجنسانية أعاقت وصولها إلى العدالة وحماية حقوقها القانونية، مما عرضها لإيذاء ثان ومستمر. وعليه، فإنها تدفع بحدوث انتهاك لحقها في الحصول على سبيل انتصاف فعال، وهو حق تكفله المادة 2 (ب) و (ج) من الاتفاقية لأن الدولة الطرف لم تعتمد التدابير التشريعية وغيرها من التدابير الملائمة التي تحظر جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ولم تحم حقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، ولم تكفل، عن طريق المحاكم الوطنية المختصة وغيرها من المؤسسات العامة، الحماية الفعالة للمرأة من أي فعل من أفعال التمييز.

3-4 وتدفع صاحبة البلاغ بأن سلطات الدولة الطرف انتهكت أيضا حقوقها بموجب المادة 2 (د) من الاتفاقية، لأن التنميط الجنساني في الجهاز القضائي أضر بحياد قضاة المحكمة الإقليمية، الذين سمحوا، من خلال تبرئتهم لـس. س.، أن تؤثر القوالب النمطية الجنسانية في فهمهم للوقائع. ولذلك فإنها لم تكفل امتناع سلطاتها ومؤسساتها العامة عن المشاركة في أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة.

3-5 وتدعي صاحبة البلاغ أيضا أن حقوقها بموجب المادتين 2 (و) و 5 (أ) من الاتفاقية قد انتهكت، لأن الدولة الطرف لم تقض على التنميط الجنساني بسبب إهمالها اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك تعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والأنماط والممارسات الاجتماعية والثقافية القائمة التي تشكل تمييزا ضد المرأة أو التي تستند إلى فكرة دونية أو تفوق أي من الجنسين أو إلى الأدوار النمطية للرجال والنساء. وتشير بوجه خاص إلى تعريف الاغتصاب الوارد في التشريع الجنائي للدولة الطرف، الذي لا يدرج عدم الموافقة في صلبه ولا يشمل فهما واسعا للظروف القسرية ويشمل شرط القوة أو العنف، وكلها تتطلب تفسيرا من جانب السلطة القضائية، التي لا تتلقى تدريبا إلزاميا بشأن العنف الجنساني ، لمجموعة واسعة من العوامل الذاتية من الناحية الثقافية، والتي تتأثر بشدة بالقوالب النمطية الجنسانية.

3-6 وتجادل صاحبة البلاغ بأن حقوقها بموجب المادة 15(1) من الاتفاقية قد انتُهكت لأن آراء قضاة المحكمة الإقليمية والمحكمة العليا استندت إلى القوالب النمطية الجنسانية وليس إلى تقييم مستقل للوقائع والأدلة. ولذلك لم يسمح لها بالوصول إلى القانون على قدم المساواة مع الرجل.

3-7 وتدعي صاحبة البلاغ كذلك أنها عانت من الأذى والتحيز بسبب الطول المفرط لإجراءات المحاكمة، وإعادة الإيذاء بسبب تعزيز السلطة القضائية للقوالب النمطية الجنسانية، والأضرار المالية الناجمة عن فقدان وظيفتها والنفقات القانونية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في 10 آذار/مارس 2015، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية بلاغ صاحبة البلاغ وأسسه الموضوعية.

4-2 وتحدد الدولة الطرف الإطار القانوني المحلي، الذي يستند إلى المبادئ الأساسية للديمقراطية ( ) ، و ” مبدأ الشخصانية “ ( ) ، والتضامن، والمساواة ( ) ، ولا سيما بين الرجل والمرأة ( ) ، وقبل كل شيء سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، على النحو المنصوص عليه في المعايير المحلية والدولية على السواء ( ) . كما تشير إلى حماية الحق في الدفاع ( ) والمحاكمة وفق الأصول القانونية ( ) .

4-3 وتشير الدولة الطرف كذلك إلى الوثيقة الأساسية الموحدة التي قدمتها بموجب إجراء تقديم التقارير، الذي يقدم إطارا شاملا للنظام المحلي، بما في ذلك الضمانات والكفالات.

4-4 وفيما يتعلق بالادعاءات الواردة في بلاغ صاحبة البلاغ، تشير الدولة الطرف إلى حكم محكمة كالياري الإقليمية المؤرخ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2015. وألغت المحكمة الإقليمية (وهي محكمة استئناف)، في ذلك الحكم، حكم محكمة كالياري ، المؤرخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2014، الذي أعلن أن س. س. مذنب بإجبار صاحبة البلاغ بعنف على الخضوع لأفعال جنسية وحكمت عليه بالسجن لمدة ست سنوات ودفع تعويض عن الأضرار لصالح صاحبة البلاغ. ثم برأت محكمة الاستئناف س. س. ” لأن الواقعة [التي تقوم عليها الشكوى الجنائية] غير موجودة “ .

4-5 وتشير الدولة الطرف إلى تقييم المحكمة العليا لطلب صاحبة البلاغ إجراء مراجعة قضائية استنادا إلى سوابقها القضائية هي نفسها، والتي تؤكد أن تقييم القاضي ينبغي أن يقتصر على النظر في وجود حجج منطقية للحكم المطعون فيه. وقد ” ذكرت “ المحكمة العليا ” مرارا وتكرارا أنه فيما يتعلق بمسألة الاستدلال على الحكم، لا يمكن للقاضي الذي ينقض الحكم الابتدائي، ويصل إلى حكم بالبراءة، أن يحصر نفسه في تقديم ملاحظات انتقادية مخالفة في الرأي فيما يتعلق بالحكم المطعون فيه، إذ أن عليه بدلا من ذلك أن ينظر، ولو بإيجاز، في مواد الإثبات التي فحصها قاضي المحكمة الابتدائية، إلى جانب مواد محكمة الاستئناف، من أجل تقديم هيكل جديد وشامل للدوافع يقدم تعليلا لاستنتاجاته حيث تتناقض مع الحكم الابتدائي “ . ونتيجة لذلك، فإن القاضي الذي يقوم بنقض إدانة المحكمة الابتدائية نقضا تاما ملزم بتحديد الأسس الهيكلية التي تدعم استدلاله البديل، وكذلك أن يدحض على وجه التحديد الحجج الأوثق صلة بالموضوع في المرحلة الابتدائية. ولا يمكنه أن يكتفي بفرض تقييمه الخاص لمواد الإثبات، على أساس من التفضيل، على التقييم المطعون فيه. ولذلك، إذا كان القاضي سيحول الإدانة الصادرة عن المحكمة الابتدائية إلى حكم بالبراءة على أساس تقييم مختلف لنفس مواد الإثبات، فإنه مطالب بتقديم تعليل قوي ودقيق للاستنتاجات المختلفة المستخلصة على ذلك النحو.

4-6 وتحيط الدولة الطرف علما باستنتاجات المحكمة العليا بشأن طلب صاحبة البلاغ، وهي أنه فيما يتعلق بتقييم موثوقية صاحبة البلاغ، دحضت المحكمة الإقليمية، بإلغائها لتقييم قاضي المحكمة الابتدائية، الحجج التي قدمها قاضي المحكمة الابتدائية دحضا تاما بحجج معقولة ودقيقة ومنطقية. وخلصت المحكمة العليا إلى أن ادعاءات صاحبة البلاغ كانت ” مجملة تماما “ لأن طلبها لم يشر إلى أدلة محددة لم يتم تقييمها أو كان ينبغي تقييمها بطريقة أخرى، وكانت، على أي حال، ” من دون أساس بشكل واضح “ ، في ضوء أسباب هذا الطعن.

4-7 وتشير الدولة الطرف إلى السوابق القضائية التي تلزم القاضي بأن يعيد الاطلاع على الأدلة وأن يستمع إلى الشهود مرة أخرى، عندما يختلف تقييم القاضي لموثوقيتها عن تقييم قاضي المحكمة الابتدائية ( ) ، إلا إذا كان القاضي بصدد إلغاء حكم بالبراءة؛ ولا تنطبق هذه السوابق القضائية عندما يُطلب إلى المحكمة أن تلغي حكما بالإدانة.

4-8 ولذلك تجادل الدولة الطرف بأن منظور المحكمة للحق في إعادة النظر في الأدلة الشفوية يتفق مع اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وكذا الدستور ( ) ، بصيغته التي وُضعت بهدف تعزيز الضمانات الإجرائية وليس من منظور اتهامي ضد المدّعَى عليه في أعقاب صدور قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية دان ضد جمهورية مولدوفا والأحكام اللاحقة. وفي حالة إلغاء حكم بالإدانة، تنطبق القواعد العادية لتجديد النظر ( ) ، بحيث يمكن للقاضي، بحكم منصبه أيضا، أن يستمع إلى الأدلة من جديد، إذا رأى أن تجديد النظر في الأدلة الشفوية ضروري للغاية.

4-9 وعلاوة على ذلك، تستشهد الدولة الطرف بقرار المحكمة العليا بأنه لا يمكنها أن تقبل، فيما يتعلق بطلب استئناف الدعوى المقدم إليها، بأسس تتعارض مع مبدأ الكفاية الذاتية وهي عامة في ادعاء وجود عيب في الاستدلال، سواء كان ذلك بمجرد ذكر مقتطفات من مقاطع منفردة من الأدلة الشفوية، على النحو الذي استنبط من المحتوى العام لمحضر المحاكمة لكي تُستمد القوة من الاعتماد على مقتطفات أعيدت صياغتها من الأدلة، أو من خلال الشروع في إرفاق مستنسخ المحاكمة بكامله، دفعة واحدة ودون أي تمييز، لتقرأه المحكمة العليا قراءة تامة.

4-10 وتستشهد الدولة الطرف بتقييم المحكمة العليا لادعاءات صاحبة البلاغ فيما يتعلق بالتصريحات التي أدلى بها الشهود، بما في ذلك تصريحات الشريكتين الحميمتين السابقتين للمتهم، مشيرة إلى أن ” ادعاءاتها تندرج ضمن نطاق اللوم العام وعدم احترام مبدأ الكفاية الذاتية “ . وتحيط الدولة الطرف علما، على وجه الخصوص، بتقييم المحكمة العليا ومفاده أن الدافع والاستدلال اللذين قدمتهما المحكمة الإقليمية فيما يتصل بالأدلة المتعلقة باستخدام المدعَى عليه لرفال، وهو عنصر قدمه الفريق القانوني للمدعَى عليه كأساس لأطروحته المتعلقة بالاتصال الجنسي بالتراضي، معقول ومنطقي ويستند إلى تقييم شامل لنتائج اختبار علم الأدلة الجنائية للمواد التي تم جمعها.

4-11 وفي ضوء ما سبق، وإذ تشير الدولة الطرف إلى التوصيات العامة للجنة، ولا سيما التوصية العامة رقم 19(1992) بشأن العنف ضد المرأة، بصيغتها المستكملة بالتوصية العامة رقم 35(2017) بشأن العنف الجنساني ضد المرأة، الصادرة تحديثا للتوصية العامة رقم 19، والتوصية العامة رقم 33(2015) بشأن لجوء المرأة إلى القضاء، فضلا عن السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ولا سيما حكمها في قضية إ. ب. ضد رومانيا ، فإنها تؤكد احترامها الكامل للاتفاقية، المفعلة من خلال المادتين 3 و111 من الدستور، واتفاقية مجلس أوروبا للوقاية من العنف ضد النساء والعنف العائلي ومكافحتهما، فيما يتعلق بالالتزام الإيجابي بوضع نظام عقوبات ملائم.

4-12 وتحدد الدولة الطرف أوجه الحماية القائمة عملا بأحكام قانون العقوبات، التي أتت على ذكرها صاحبة البلاغ. وتشير إلى المادة 609 مكرر من قانون العقوبات، بصيغته المعدلة بموجب القانون رقم 66/1996، التي تنص على أنه ” يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 5 و 10 سنوات كل من يجبر شخصا ما، بالعنف أو بالتهديد أو عن طريق إساءة استعمال السلطة، على ارتكاب أفعال جنسية أو التعرض لها “ . وتدعي الدولة الطرف أن فعالية هذه الأحكام تتجلى في السوابق القضائية لمحكمة النقض العليا، التي طبقت بشكل حثيث روح تلك التعديلات منذ بدء العمل بالتشريع الجديد في عام 1996.

4-13 وتشير الدولة الطرف إلى أحدث تقاريرها الدورية المقدمة إلى اللجنة، الذي تناولت فيه بالتفصيل التطورات التشريعية الهامة، بما في ذلك المرسوم بقانون 11/2009، الذي حوّل إلى القانون رقم 38/2009، والذي أدخل جريمة المطاردة. وتماشيا مع اتفاقية مجلس أوروبا للوقاية من العنف ضد النساء والعنف العائلي ومكافحتهما، تذكر الدولة الطرف أن قانونها المحلي يهدف إلى كفالة حماية أكبر للضحايا، سواء فيما يتعلق بجلسات الاستماع أو من خلال نظام يضمن الشفافية أثناء التحقيقات والإجراءات القانونية الجارية، بالإضافة إلى الالتزام بإبلاغ الضحايا بخدمات الدعم المحلية. وعلاوة على ذلك، ينص القانون على تقديم المعونة القانونية للنساء ضحايا العنف العائلي اللائي يتجاوز دخلهن حدود الدخل التي تحددها التشريعات الوطنية. وبشكل أعم، وفيما يتعلق بحماية الضحايا، يهدف المرسوم التشريعي 9/2015، الذي ينقل التوجيه 2011/99/EU، بشأن نظام الحماية الأوروبية، إلى كفالة الاعتراف المتبادل بآثار تدابير الحماية على ضحايا الجريمة عند اعتمادها من قبل السلطات القضائية من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الإطار، شددت المحكمة العليا على أن الموافقة على الأفعال الجنسية بين الزوجين أو الشركاء أمر أساسي: فإن هي غابت، جرت المتابعة القضائية على السلوك. وبموجب المرسوم بقانون رقم 93/2013، تم ترسيخ الاعتراف كذلك بخطورة العنف الجنسي باعتباره مظهراً من مظاهر الهيمنة داخل العلاقات أو كأداة مطاردة بعد انتهاء العلاقة، ويتم التعامل معهما بالطريقة نفسها ( ) .

4-14 وعلى صعيد أكثر تحديدا، تشير الدولة الطرف إلى أن البرلمان اعتمد في تموز/يوليه 2019، في ضوء الاتفاقية والتوصية العامة رقم 33 للجنة، ما يسمى بالقانون الأحمر (القانون رقم 69/2019) ( ) ، الذي تُوخي فيه مسار قضائي تفضيلي وعاجل يشمل حق المرأة في أن يستمع إليها المدعي العام في غضون ثلاثة أيام من تسجيل الإخطار بارتكاب جريمة. وتقدم الدولة الطرف تفاصيل عن خطتها الاستراتيجية الوطنية بشأن عنف الذكور ضد المرأة للفترة 2017-2020، التي ترمي إلى تعزيز التحقيق في العنف ضد المرأة ورصده وتقييمه، بما في ذلك جمع البيانات على الصعيد الوطني. وبموجب الخطة، يتم تعزيز الحوكمة متعددة المستويات، وتُسند المسؤولية على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية. ومن أجل ترجمة الخطة إلى إجراءات ملموسة، تم اعتماد خطة تشغيلية مرتبطة بها في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، شملت زيادة كبيرة في الموارد المخصصة للإدارة المعنية بتكافؤ الفرص لعامي 2018 و2019. وتشير الدولة الطرف أيضا إلى نظام متكامل للبيانات عن العنف ضد المرأة ( ) ، وتطوير وزارة الداخلية نظاما لإصدار تحذيرات الشرطة، وتوسيع نطاق تعريف الجرائم ذات الصلة ( ) ، وتزويد الضحايا بمعلومات عن برامج الوقاية المتصلة بالرعاية الاجتماعية، والتدخلات الداعمة ( ) ، وتدريب قوات الشرطة ( ) والجهاز القضائي ( ) ، وزيادة البحث ( ) والتثقيف ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدولة الطرف إلى التزامها، المبين في آخر تقرير قدمته إلى اللجنة (تموز/يوليه 2017) ( ) ، بكفالة نظام حماية متكامل للضحايا يركز على منع إعادة الإيذاء، وأقرت بأهمية أن تزيد في جميع المقاطعات الرئيسية اعتماد مذكرات التفاهم ذات الصلة، التي توقعها السلطات القضائية، ولا سيما مكاتب المدعي العام، إلى جانب أصحاب مصلحة رئيسيين آخرين، ولا سيما على المستوى المحلي.

4-15 وتؤكد الدولة الطرف أنه من أجل تعزيز حماية الضحايا، أنشأت إدارة شؤون العدالة التابعة لوزارة العدل، من خلال المديرية العامة للعدالة الجنائية، في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، لجنة تنسيق من أجل تتمة شبكة متكاملة من خدمات المساعدة لضحايا الجريمة، تشمل مشاركة المؤسسات الرئيسية ( ) المسؤولة عن حماية حقوق الضحايا والمهنيين الراسخين منذ وقت طويل في المجال. والهدف من لجنة التنسيق هو المساعدة على إنشاء شبكة مساعدة متكاملة ترافق الضحية من أول اتصال مع السلطات وصولا إلى مرحلة التعويض وزيادة الوعي بحقوق الضحايا وتبادل المعلومات بشأنها، بما في ذلك بين عامة الجمهور. وسيكون عمل لجنة التنسيق بمثابة خطوة نحو إنشاء هيئة تنسيق وطنية دائمة لخدمات دعم الضحايا باختصاصات أوسع نطاقا ومعززة أكثر، وستكون أيضا بمثابة مرجعية للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالمسائل عبر الوطنية، وذلك فقا للتوصيات الدولية والممارسات الأوروبية الفضلى.

4-16 وفي ضوء ما تقدم، تجادل الدولة الطرف بأنه خلافا للادعاءات الواردة في بلاغ صاحبة البلاغ، لا يمكن العثور على أي معاملة تنميطية ، لا سيما من وجهة نظر قضائية، وتؤكد من جديد التزامها بالتعاون الكامل مع اللجنة وغيرها من هيئات معاهدات الأمم المتحدة، وكذلك مع جميع آليات حقوق الإنسان الأخرى ذات الصلة.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 قّدمت صاحبة البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف في 30 تموز/يوليه 2020.

5-2 و تلاحظ صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية البلاغ، ومن ثم تطلب الاعتراف بثبوت مقبولية بلاغها ثبوتا تماما.

5-3 ومن حيث الأسس الموضوعية، تؤكد صاحبة البلاغ أنها لا تحاول إعادة المقاضاة بشأن المسؤولية الجنائية للمتهم بالاغتصاب وتدحض الادعاء بأن خلافها هو مع تقييم الوقائع والأدلة في الإجراءات الجنائية التي تشكل أساس شكواها، بل إنها ترغب في معالجة أثر القوالب النمطية الجنسانية والمتسمة بالتحيز الجنسي، والخرافات والمفاهيم الخاطئة حول الاغتصاب وضحايا الاغتصاب على حقوقها الأساسية، والتي شكلت الأساس للحكم بتبرئة المتهم.

5-4 وتزعم كذلك أن محكمة النقض العليا ساهمت في انتهاك حقوقها الأساسية بصفتها ضحية للعنف الجنسي والجنساني عندما لم ترفض القرار الصادر عن المحكمة الإقليمية باعتباره قرارا غير منطقي أو غير قانوني، وهو الذي استند إلى قوالب نمطية متحيزة جنسيا وخرافات ومفاهيم خاطئة عن الاغتصاب وضحايا الاغتصاب. وتزعم كذلك أنه كان ينبغي للقرار النهائي الصادر عن محكمة النقض العليا أن يدين هذا القرار باعتباره مخالفا للقانون الإيطالي من حيث مبدأ المساواة الدستوري والمبادئ والحقوق الدولية المكرسة في الاتفاقية والمجسدة في التوصيات العامة للجنة.

5-5 وتشير صاحبة البلاغ إلى أن الدولة الطرف اكتفت في ملاحظاتها بوصف الإصلاحات التشريعية التي اعتُمدت في السنوات الأخيرة والرامية إلى منع جميع أشكال العنف الجنسي والجنساني والمعاقبة عليها، دون تقديم أي حجج قانونية جوهرية من شأنها أن تدحض الاتهام بأن القوالب النمطية المتحيزة جنسيا المتعددة التي استند إليها قرار البراءة كان لها تأثير على حقوقها الأساسية كامرأة ضحية للاغتصاب.

5-6 وفيما يتعلق بفعالية وكفاءة النظام القانوني الإيطالي والأدوات القانونية التي أشير إليها، تشير صاحبة البلاغ إلى الفجوة القائمة بين النظام القانوني الإيطالي على النحو المحدد رسميا في القانون والسياسات العامة وبين تنفيذه الملموس لتلك المبادئ، الذي يجرى الإخلال به على وجه التحديد بسبب الثقافة المتحيزة جنسيا المعممة والواسعة الانتشار التي لا تزال متأصلة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، وذلك على النحو الذي نددت به التقارير المقدمة من منظمات المجتمع المدني الإيطالية خلال دورة الإبلاغ الأخيرة. ومما يؤسف له أن هذا التفكير التمييزي لا يزال يؤثر على الفرعين التشريعي والقضائي للحكومة ولم تُعالجه الدولة الطرف بجدية من حيث إدخال التغييرات التشريعية أو السياساتية التي تعطي الأولوية للقضاء على التمييز والقوالب النمطية.

5-7 وتؤكد صاحبة البلاغ أن التنميط على المستوى القضائي لا يزال قضية مركزية، كما أكدت على ذلك لجنة التحقيق البرلمانية المعنية بقتل الإناث وجميع أشكال العنف ضد المرأة، التي دعت المعهد الوطني للإحصاءات إلى التحقيق في تأثير القوالب النمطية الجنسانية على المرأة، في حين سلط المدعي العام لدى المحكمة العليا الضوء في عام 2019 على الزيادة المقلقة في قتل الإناث في إيطاليا.

5-8 واستجابة لدعوة لجنة التحقيق، حقق المعهد الوطني للإحصاءات في طبيعة ومدى انتشار القوالب النمطية المتحيزة جنسانيا في إيطاليا، مؤكدا أنها معممة وتمنع النساء من طلب المساعدة، مما يحول دون وصولهن إلى سبل الانتصاف الفعالة والعدالة: تقدم صاحبة البلاغ، على وجه الخصوص، التقييم التالي للمعهد الوطني للإحصاءات المؤرخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2019:

” التحيز الذي يحمل المسؤولية للمرأة التي تعاني من العنف الجنسي لا يزال قائما. وتعتقد نسبة كبيرة من السكان تصل إلى 39,3 في المائة أن المرأة تستطيع تجنب الاتصال الجنسي إذا كانت لا تريد ذلك حقا. كما أن النسبة المئوية لأولئك الذين يعتقدون أن النساء يمكن أن يستثرن العنف الجنسي من خلال نمط ارتدائهن للملابس مرتفعة أيضا (23,9 في المائة). ويرى 15,1 في المائة أيضا أن المرأة التي تتعرض للعنف الجنسي عندما تكون تحت تأثير الكحول أو المخدرات مسؤولة عن ذلك جزئيا على الأقل “ .

5-9 وتشير صاحبة البلاغ إلى أن أثر هذه القوالب القائمة على التحيز الجنسي على السلطة القضائية موثق توثيقا جيدا من قبل باولا دي نيكولا، وهي مؤلفة وقاضية، جمعت أمثلة على الأحكام الصادرة في قضايا العنف الجنسي والجنساني الصادرة عن المحاكم الإيطالية تبين الأثر الخطير للتحيزات والقوالب النمطية على حقوق المرأة. وعلاوة على ذلك، تذكر صاحبة البلاغ أنه على الرغم من إنكار الدولة الطرف لمشكلة التنميط القائم على التحيز الجنسي في القضاء، فإن إدارة تكافؤ الفرص قامت في عام 2019 بتمويل مشروع بحثي لا يزال جاريا بشأن القضاء على القوالب النمطية والتحيزات الجنسانية في الجهاز القضائي ووكالات إنفاذ القانون، بتنسيق من الأستاذة فلامينيا ساكا من جامعة توشيا ومنظمة حقوق المرأة ديفيرينزا دونا، مكرس بالكامل للتحقيق في التنميط القائم على التحيز الجنسي من جانب الجهاز القضائي ووكالات إنفاذ القانون والعاملين في وسائط الإعلام في حالات العنف الجنسي والجنساني ، ولتصميم دورات تدريبية محددة للقضاء على هذه القوالب النمطية القائمة على التحيز الجنسي.

5-10 وفيما يتعلق بالحالات المحددة للتنميط، تؤكد صاحبة البلاغ من جديد أن الاعتماد على القوالب النمطية أدى إلى انتهاك حقها في سبيل انتصاف فعال، تكفله المادة 2(ب) و(ج) من الاتفاقية التي يقع بموجبها على عاتق الدول الأطراف التزام ضمني بتوفير سبل انتصاف فعالة للنساء اللاتي انتهكت حقوق الإنسان المكفولة لهن. والحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال ينطبق على انتهاكات جميع حقوق الإنسان.

5-11 وانتهكت السلطات الإيطالية كذلك حقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 2 (د) من الاتفاقية، التي تتعهد بموجبها الدول الأطراف بالامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام. وقد أخلت القوالب النمطية والتنميط على مستوى القضاء بحياد القضاة في قرارهم بالبراءة وأثرت على فهمهم للوقائع، وهو ما أدى إلى أشكال إيذاء مرة ثانية لصاحبة البلاغ، التي حرمت من إمكانية اللجوء إلى القضاء ومن سبيل انتصاف فعال بسبب مركزها كامرأة ضحية للاغتصاب.

5-12 وعلى الرغم من أن إطارا أكثر مراعاة للاعتبارات الجنسانية قد طبق تدريجيا في معالجة الاغتصاب والعنف الجنسي في القوانين الإيطالية والسوابق القانونية، على نحو ما أكدته الدولة الطرف في ملاحظاتها، فإن القوالب النمطية القائمة على التحيز الجنسي لا تزال منتشرة جدا في الثقافة الإيطالية وتقوض فعالية القانون الساري، وتبطئ تطور السوابق القضائية، وتعوق إمكانية لجوء المرأة إلى القضاء في حالات العنف الجنساني .

5-13 وانتهكت السلطات الإيطالية أيضا المادة 5(أ) من الاتفاقية، التي تتضمن أحكاما رئيسية بشأن التنميط.

5-14 وقد أثر التنميط على آراء القضاة بشأن مصداقية صاحبة البلاغ، مما شكل انتهاكا لحق الرجل والمرأة في المساواة أمام القانون بموجب المادة 15 من الاتفاقية. وتستشهد صاحبة البلاغ بالاجتهادات السابقة للجنة في قضية فيرتيدو ضد الفلبين (CEDAW/C/46/D/18/2008)، مشددة على وجوب أن تحرص السلطة القضائية على عدم وضع معايير تفتقر إلى المرونة بشأن ما ينبغي أن تكون عليه النساء والفتيات أو ما كان ينبغي أن يقمن به في مواجهة حالة اغتصاب بصورة لا تستند إلا إلى الأفكار المسبقة لتعريف ضحية الاغتصاب أو ضحية العنف الجنساني ، بصورة عامة.

5-15 وتكرر صاحبة البلاغ التأكيد أن الدولة الطرف لم تف بالتزامها بكفالة حماية السلطات العامة للمرأة من التمييز، بما فيها السلطة القضائية، وأنها لم تبذل العناية الواجبة في المعاقبة على أعمال العنف ضد المرأة، ولا سيما الاغتصاب. وتشير صاحبة البلاغ إلى أن التشريع الذي وجه بموجبه الاتهام إلى س. س. لا يركز على مسألة الرضا، بل يشير بدلا من ذلك إلى العنف والتهديد باستعمال القوة واستخدامها، وإساءة استعمال السلطة، وكلها مصطلحات فضفاضة جدا تخضع بالضرورة لتفسير مفتوح. وينص التشريع أيضا على التقادم بالنسبة لقضايا التحرش، الذي سقط قبل البت في قضيتها، مما حرمها من العدالة في هذه الجريمة، على الرغم من أنها أبلغت عن التحرش في نفس وقت إبلاغها عن الاغتصاب.

5-16 وتخلص صاحبة البلاغ إلى أن الإجراءات التي اتخذت في محكمة الاستئناف، والتي أدت إلى تبرئة المدعى عليه، مثلت انتهاكا من جانب الدولة الطرف لالتزاماتها الإيجابية بموجب المواد 2 (ب)-(د) و (و)، و 5 (أ)، و 15 (1) من الاتفاقية، مما تسبب لصاحبة البلاغ في أضرار معنوية واجتماعية، ويُعزى ذلك بوجه خاص إلى الطول المفرط في سير إجراءات المحاكمة وإعادة الإيذاء من خلال القوالب النمطية الجنسانية والتصورات الخاطئة التي استند إليها في إصدار الحكم. وعانت صاحبة البلاغ أيضا من أضرار مالية بسبب فقدانها لوظيفتها وتكاليف الدعوى القضائية التي أجبرت على دفعها خلال سعيها للدفاع عن حقوقها التي انتهكت.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولا بموجب البروتوكول الاختياري.

6-2 وقد اطمأنت اللجنة، حسبما تقتضيه المادة 4 (2) (أ) من البروتوكول الاختياري، إلى أن هذه المسألة لم يُنظر فيها ولا يجري النظر فيها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتشير اللجنة إلى تأكيد صاحبة البلاغ بأنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لا تطعن في مقبولية البلاغ على أساس عدم استنفاد سُبُل الانتصاف المحلية. وبناء على ذلك، لا ترى اللجنة أن أحكام المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري تمنعها من النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

6-4 وتحيط اللجنة علما بتأكيد الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لأن صاحبة البلاغ تلتمس مراجعة قضائية لتقييم المحاكم المحلية للوقائع والأدلة، وأن تلك المحاكم قد أجرت تقييماً مستفيضا للأدلة. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحبة البلاغ أن الإجراءات القانونية المتبعة في قضيتها طغت عليها القوالب النمطية الجنسانية فيما يتعلق بالسلوك المتوقع من المرأة ومن ضحايا الاغتصاب من الإناث، مما شوه قدرة القاضي على التمييز وأسفر عن اتخاذ قرار يستند إلى تصورات مسبقة وخرافات وليس إلى وقائع، وهو ما عكسه التساهل الذي أبداه القاضي تجاه المتهم في قبول أقواله. وتحيط اللجنة علما كذلك بادعاء صاحبة البلاغ بأن السلطات القضائية فضلت بعض الأدلة الجنائية، وتحديدا الدليل المتعلق باستخدام رفال، التي استُند إليها للخلوص إلى أن صاحبة البلاغ غير ذات مصداقية، مما أدى إلى عدم قبول ادعاءاتها، على الرغم من أنها كانت مدعومة بأدلة طبية. وتذكّر اللجنة بأن تقييم الوقائع والأدلة وتطبيق القانون الوطني في حالة معينة يعود عموما إلى السلطات صاحبة القرار في الدول الأطراف في الاتفاقية، إلا إذا أمكن إثبات أن التقييم أُجري على نحو متحيز أو قام على قوالب نمطية جنسانية تشكّل تمييزا ضد المرأة، أو أنه كان تعسفيا بشكل واضح، أو بلغ حد الحرمان من العدالة. وفي هذه القضية، وإذ تأخذ اللجنة في الاعتبار أن صاحبة البلاغ تطعن في الأساس الذي استندت إليه السلطات المحلية في استنتاجها بدلا من الاكتفاء بالطعن في النتائج استنادا إلى دوافع حرمانها من العدالة بسبب التمييز الجنساني ، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في هذا البلاغ من أجل تحديد ما إذا كان قد حدث أي انتهاك للحقوق التي تعترف بها الاتفاقية أثناء العملية القضائية التي جرت في المحاكم المحلية فيما يتعلق بتقييم العنف الجنساني الذي ادعت صاحبة البلاغ أنها تعرضت له.

6-5 وترى اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المواد 2(ب)-(د) و(و)، و5(أ)، و15(1) من الاتفاقية مدعومة بأدلة كافية لأغراض المقبولية، ومن ثم تعلن أن البلاغ مقبول بموجب تلك المواد وتشرع في النظر فيه من حيث أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء كافة المعلومات التي وضعها تحت تصرفها صاحبة البلاغ والدولة الطرف، وفقا لأحكام المادة 7(1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتحيط اللجنة علما بادعاءات صاحبة البلاغ بأنها تعرضت، باعتبارها ضحية للعنف العائلي، لاعتداء جنسي واغتصاب عندما استغل ممثل معين من طرف الدولة، وهو عنصر شرطة لجأت إليه طلبا للحماية، وذلك أثناء أداء واجبه الرسمي، استغل ضعفها البدني والعاطفي في أعقاب اعتداء عنيف مباشرة، أثناء وجودها في المستشفى وعندما كانت تتعافى في المنزل، مستخدما نفوذه وسلطته وبحجج كاذبة للتحرش بها والاعتداء عليها جنسيا واغتصابها في منزلها. وتقول كذلك إن تحرشه استمر بعد الاغتصاب وأنه استغل منصبه وصلاته لتخويفها وتهديدها. ثم عاشت مراحل محاكمة أدين فيها، فقط لترى تبرئته في مرحلة الاستئناف على أساس الأدلة التي قدمها، والتي رفضتها المحكمة الابتدائية باعتبارها أعذارا واهية وغير منطقية، وتدفع بأنها اعتبرت، استنادا إلى القوالب النمطية الجنسانية، أنها أقامت علاقة رضائية معه، كما يتضح من استخدام رفال وإصاباتها الداخلية الشديدة، وأنها بعد علاقتهما تعرضت للنبذ من جانبه، ونتيجة لذلك، أصبحت لها ميول انتقامية وقررت تلفيق ادعاء بالاغتصاب، من أجل إنقاذ شرفها والحصول على الخدمات. وتدعي أن المحكمة الإقليمية قبلت رواية المتهم للأحداث دون تشكيك استنادا إلى الافتراضات المجنسنة للمحكمة نفسها بشأن الطريقة التي كان ينبغي أن تتصرف بها كضحية اغتصاب والطريقة التي تتصرف بها المرأة عند نبذها. وتدعي أيضا أن ذلك يتجلى بوضوح في عدم تقديم المحكمة الإقليمية تعليلات مسنودة إسنادا جيدا لنقض الإدانة. وتؤكد أن موافقة محكمة النقض العليا على النهج المعيب لمحكمة الاستئناف يدل كذلك على مدى التجذر العميق لهذه القوالب النمطية الجنسانية. وتخلص إلى أن أجهزة الدولة لم تحمها بوصفها ضحية للعنف العائلي ولم توفر لها سبيل انتصاف فعالا من هذه الانتهاكات بسماحها بوجود أوجه قصور هيكلية في النظام القضائي وعدم وفائها بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، مما أدى إلى إصابتها بالاكتراب بشكل متكرر.

7-3 وتحيط اللجنة علما بإشارات الدولة الطرف إلى المبادرات واسعة النطاق والإجراءات التصحيحية، بما في ذلك تفاصيل عن تنفيذ التزاماتها بموجب الدستور والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الاتفاقية. وتلاحظ أيضا أن الدولة الطرف تقتبس من قرار محكمة النقض العليا، التي رُفض فيه طلب صاحبة البلاغ إجراء مراجعة قضائية على أساس أن صاحب ة البلاغ لم تقدم سوى بيانات عامة ومقتطفات من المستنسخ من أجل تقويض قرار محكمة الاستئناف. وعلاوة على ذلك، تحيط اللجنة علما باستشهاد الدولة الطرف بقرار محكمة النقض العليا، الذي رفضت فيه طعن صاحبة البلاغ، وأيدت اعتماد المحكمة الإقليمية على الأدلة الجنائية فيما يتعلق باستخدام رفال كأساس منطقي وكاف يلقي بظلال جدية من الشك على مصداقية صاحبة البلاغ ولكنه غير كاف لتحريك واجب إعادة الاستماع إلى الشهادة.

7-4 ولذلك يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كانت الأجهزة القضائية للدولة الطرف، ولا سيما المحكمة الإقليمية ومحكمة النقض العليا، قد اعتمدت على خرافات جنسانية وتصورات خاطئة عن الاغتصاب وضحايا الاغتصاب والنساء عموما، وما إذا كان هذا الاعتماد قد أدى إلى المعاملة التمييزية لصاحبة البلاغ وأدلتها، مما يرقى إلى انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ وخرقا من جانب الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب المادة 2)ب)-(ج) و (و)، و 5 (أ) من الاتفاقية. وتقتصر المسائل المعروضة على اللجنة على ما سبق. وتشدّد اللجنة على أنها لا تحل محل السلطات المحلية في تقييم الوقائع، ولا تبت في المسؤولية الجنائية للجاني المدّعى عليه.

7-5 وتذكر اللجنة بأن المرأة تواجه صعوبات جمة في إمكانية اللجوء إلى القضاء بسبب التمييز المباشر وغير المباشر، على النحو المحدد في الفقرة 16 من التوصية العامة رقم 28(2010) بشأن الالتزامات الأساسية للدول الأطراف بموجب المادة 2 من الاتفاقية. وعدم المساواة هذا لا يتجلى في محتوى القوانين واللوائح والإجراءات والأعراف والممارسات التمييزية و/أو أثرها فحسب، بل أيضا في عجز المؤسسات القضائية وشبه القضائية عن التصدي بما فيه الكفاية لانتهاكات حقوق الإنسان للمرأة وعدم وعيها بذلك. ولذلك تشير اللجنة، في توصيتها العامة رقم 28، إلى أن على المؤسسات القضائية أن تطبق مبدأ المساواة الموضوعية أو الفعلية على النحو المنصوص عليه في الاتفاقية، وأن تفسر القوانين، بما في ذلك القوانين الوطنية والدينية والعرفية، وفقا لهذا الالتزام. وتشمل المادة 15 من الاتفاقية التزامات تقع على الدول الأطراف وتتمثل في كفالة تمتع المرأة بالمساواة الفعلية مع الرجل في جميع مجالات القانون. وتذكّر كذلك بأن للتنميط والتحيز الجنساني في النظام القضائي آثاراً بعيدة المدى على تمتع المرأة بكامل حقوق الإنسان المكفولة لها. فهما يعوقان إمكانية لجوء المرأة إلى القضاء في جميع مجالات القانون، ويمكن أن يكون لهما تأثير سلبي بوجه خاص على ضحايا العنف من النساء والناجيات منه. ذلك أن التنميط يشوه التصورات ويؤدي إلى اتخاذ قرارات تستند إلى معتقدات وخرافات مسبّقة، بدلا من استنادها إلى وقائع ذات صلة. وفي كثير من الأحيان، يعتمد القضاة معايير صارمة بشأن ما يعتبرونه السلوك المناسب للنساء، ويعاقبون اللائي لا يتوافقن وتلك القوالب النمطية. ويؤثر التنميط أيضا على مصداقية أصوات النساء وحججهن وشهاداتهن بصفتهن أطرافا أو شهوداً. ومن شأن هذا التنميط أن يدفع القضاة إلى إساءة تفسير القوانين أو إساءة تطبيقها. ولهذا الأمر عواقب بعيدة المدى، على سبيل المثال، في مجال القانون الجنائي، حيث يؤدي إلى عدم إخضاع مرتكبي انتهاكات حقوق المرأة للمساءلة القانونية، ومن ثم تعزيز ثقافة الإفلات من العقاب. ويخل التنميط، في جميع مجالات القانون، بحياد النظام القضائي ونزاهته، وهو ما يمكن أن يؤدي بدوره إلى أخطاء فادحة للقضاء، بما في ذلك إعادة إيذاء المشتكين. وليس القضاة والقضاة الابتدائيون والمحكمون الجهات الفاعلة الوحيدة في منظومة العدالة الذين يطبقون القوالب النمطية ويعززونها ويديمونها. فكثيرا ما يترك المدعون العامون والمسؤولون عن إنفـاذ القانون وجهات فاعلة أخرى القوالب النمطية تؤثر على التحقيقات والمحاكمات، وخاصة في قضايا العنف الجنساني ، حيث تؤدي القوالب النمطية إلى تقويض دعاوى ضحايا الاعتداء/الناجيات منه، وفي الوقت ذاته، تدعم الدفاع الذي يتقدم به الجاني المزعوم. فيمكن للتنميط، إذن، أن يتخلّل كلاً من التحقيق ومراحل المحاكمة، ويحدد شكل الحكم النهائي ( ) .

7-6 وتذكّر اللجنة بأنه يقع على عاتق الدول الأطراف، بموجب المادة 2 (أ) من الاتفاقية، التزام بكفالة التحقيق العملي لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، وبأن الدول الأطراف تلتزم، بموجب المادتين 2 (و) و5، باتخاذ جميع التدابير المناسبة لتغيير أو إبطال ليس فقط القوانين والأنظمة القائمة، بل كذلك الأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة. وعلاوة على ذلك، تُعتبر أفعال أو أوجه التقصير من قبل الجهات الفاعلة الخاصة المخوّل لها بموجب قانون تلك الدولة صلاحية ممارسة بعض اختصاصات السلطة الحكومية، بما في ذلك الهيئات الخاصة التي توفر الخدمات العامة، مثل الرعاية الصحية أو التعليم، أو التي تقوم بتشغيل أماكن الاحتجاز، أفعالا تُعزى للدولة نفسها ( ) . ووفقا للمواد 2 (د)-(و) و 5 (أ)، تُلزم جميع الهيئات القضائية بالامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية أو عنف جنساني ضد المرأة، وأن تطبق بدقة جميع أحكام القانون الجنائي التي تعاقب على هذا النوع من العنف، وأن تكفل كون جميع الإجراءات القانونية في القضايا المتعلقة بادعاءات العنف الجنساني ضد المرأة محايدة ونزيهة وغير متأثرة بالقوالب النمطية الجنسانية أو التفسير التمييزي للأحكام القانونية، بما في ذلك القانون الدولي ( ) . ويمكن لتطبيق المفاهيم المسبقة والنمطية لما يشكل عنفا جنسانيا ضد المرأة، وما ينبغي أن تكون عليه ردود فعل المرأة إزاء ذلك العنف، ومعيار الإثبات المطلوب لإثبات حدوثه أن يؤثر على حقوق المرأة في المساواة أمام القانون، وفي محاكمة عادلة وانتصاف فعال، على النحو المنصوص عليه في المادتين 2 و 15 من الاتفاقية ( ) . وينبغي أن يكون في مقدور المرأة أن تعتمد على نظام عدالة خالٍ من الخرافات والقوالب النمطية، وعلى سلطة قضائية لا تخل هذه الافتراضات المنحازة بحيادها. فالقضاء على القوالب النمطية القضائية في نظام العدالة خطوة بالغة الأهمية في كفالة تحقيق المساواة والعدالة للضحايا والناجيات. ويستند التمييز ضد المرأة إلى الجنس والجنسانية. وتشير عبارة الجنسانية إلى ما يشكله المجتمع من هوية وسمات وأدوار للمرأة والرجل، وإلى المعنى الثقافي الذي يفرضه المجتمع على الاختلافات البيولوجية، التي يعيد النظام القضائي ومؤسساته إنتاجها باستمرار. وبموجب المادة 5 (أ) من الاتفاقية، يقع على الدول الأطراف التزام بالكشف عن الحواجز الاجتماعية والثقافية الكامنة وإزالتها، بما في ذلك القوالب النمطية الجنسانية، التي تمنع المرأة من ممارسة حقوقها والمطالبة بها، وتعوق حصولها على سبل انتصاف فعالة.

7-7 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ فيما يتصل بالمادة 2(ج)، ترى اللجنة، إذ تسلم بأن نص الاتفاقية لا يحض صراحة على الحق في الانتصاف، أن هذا الحق وارد ضمنا في الاتفاقية، ولا سيما في المادة 2(ج)، التي يُطلب بموجبها إلى الدول الأطراف فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعَّالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أي عمل تمييزي. وتحيط اللجنة علما بالحقيقة التي لا جدال فيها، وهي أن القضية بقيت في مستوى المحكمة الابتدائية من عام 2009 إلى عام 2014، وهو ما نجم عنه إسقاط تهمة التحرش بعدما سقطت بالتقادم. وترى اللجنة أيضاً أن فعالية سبل الانتصاف تستدعي النزاهة والحياد والسرعة وحسن التوقيت عند البت في قضية تتضمن مزاعم بحدوث اغتصاب وجرائم جنسية.

7-8 ولذلك، تنتقل اللجنة إلى الاستدلال الذي يستند إليه قرار المحكمة الإقليمية بإلغاء إدانة الجاني المزعوم. وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الإقليمية رأت أن محكمة الاستئناف انتقدت المحكمة الابتدائية لإغفالها أو عدم تقييمها لأدلة البراءة. ولاحظت المحكمة أن الأدلة الجنائية التي طلبها الدفاع أظهرت آثارا لمركب يوجد في مواد التزليق المستخدمة في الرفالات . وبما أن صاحبة البلاغ لم تكشف عن استخدام رفال، وجدت المحكمة أن أدلتها تبعث على التحفظ. وأقرت المحكمة بأن شاهدة النفي الخبيرة ذكرت أن النتائج لم تؤكد أو تستبعد بشكل قاطع استخدام رفال وقدمت مصادر بديلة ممكنة للمركّــب، من قبيل المواد المستخدمة في إعداد الطعام.

7-9 وتلاحظ اللجنة أن محكمة الاستئناف انتقدت المحكمة الابتدائية لأنها لم تنظر في هذا الدليل بعمق، واكتفت بالقول إن الاستخدام المزعوم لرفال لم يتم إثباته. ودرست محكمة الاستئناف هذا الدليل الجنائي بدقة على أساس أنه، حتى وإن لم يكن قاطعا، فإنها خلصت إلى أن هذا الدليل وما اقترن به من أدلة أخرى تلقي ظلالا جدية من الشك على تأكيدات صاحبة البلاغ. وبقيامها بذلك، وضعت محكمة الاستئناف افتراضات مختلفة بشأن عدم احتمال التسرب إلى المنسوجات من مصادر أخرى وبشأن عدم احتمال مغادرة س. س. للمنزل بملابس متسخة، وذلك على الرغم من عدم تقديم أي تفسير بديل لسبب طلبه من صاحبة البلاغ التحقق من عدم وجود أحد في الشارع قبل مغادرته. وواصلت المحكمة النظر في الأدلة التي قدمتها صاحبة البلاغ، ووجدت مبررات بديلة لكل ادعاء من ادعاءاتها. وقد اعتُمد على دليل الرفال، على وجه الخصوص، لاستنتاج أن استخدام الرفال يستبعد إمكانية عدم الموافقة، على افتراض أنه لو استغرق س. س. لحظة للتركيز على وضع الرفال، لكانت هناك برهة يمكن فيها لـ ” ضحية اغتصاب حقيقية “ أن تهرب قطعا. وفيما يتعلق بالكدمات داخل ركبتي صاحبة البلاغ، وفي غياب شرح مفصل من صاحبة البلاغ للطبيعة الدقيقة للقوة العنيفة التي استخدمت لتثبيتها، خلصت المحكمة إلى أنه، وفقا لمذكرة الدفاع، يمكن تفسير الكدمات بـ ” الحماسة “ في اتصال بالتراضي. واستبعدت كل أدلة الخبرة من المستشفى، وطبيبة أمراض النساء، والطبيب النفسي، والمحامية، وغيرهم من الشهود باعتبارها غير موثوقة على أساس أن رواياتهم تستند جميعها إلى رواية الأحداث التي قدمتها صاحبة البلاغ بعد أن اتخذت قرارا مغرضا، في غضون المهلة القانونية، بالتجني على س. س. وأُخضعت الأدلة الطبية للبحث عن تفسير بديل يتفق مع حجج الدفاع، وهو أن إصاباتها الداخلية الكبيرة تتطابق مع ممارسة الجنس بالتراضي لأنه في حالة عدم الرضى ما كان ليتسنى بلوغ الإيلاج الأعمق الذي دلت عليه مثل تلك الإصابات.

7-10 وقامت المحكمة الإقليمية أيضا بفحص السجلات الهاتفية واستبعدت التحرش، لأن المرات الـ60 التي اتصل فيها المتهم بصاحبة البلاغ تركزت في معظمها في تواريخ معينة، وامتدت البقية على مدى شهر ونصف. ولاحظت أيضا أن صاحبة البلاغ لم تذكر رحلتها إلى المستشفى في رسالة نصية إلى صديقة لها بعد وقت قصير من مغادرة س. س. وفسرت ذلك على أنه يعني أنها لم تكن تمر بأي كرب.

7-11 وخلصت المحكمة الإقليمية إلى أن الخيارات والسلوكيات الرائقة لصاحبة البلاغ لم تكن تتسق مع خيارات وسلوكيات شخص تعرض للاغتصاب وأن عدم تنبيهها الطبيب إلى وجود س. س. يشير إلى أنها كانت ” سعيدة بوجود المتهم “ . واعتبرت أمرا مثيرا للشكوك أن تجمع صاحبة البلاغ أدلة مادية بعد الاعتداء وأنها حاولت إيقاع المتهم في فخ. واحتجت المحكمة بأن من شأن امرأة عزباء و ” غير صغيرة جدا في السن “ أن تكون بطبيعة الحال قلقة بشأن المساس بسمعتها بسبب علاقة جنسية عارضة مع رجل أصغر سنا، وأنه كان من شأنها أن تشعر بالإطراء بفعل حركاته تجاهها، وأنه من المتوقع أن تنتابها رغبة في الانتقام في حالة نبذه إياها. واستنتجت المحكمة أن صاحبة البلاغ ثمنت ” أمسية من الخفة أو حتى البهجة “ ، ولكنها شعرت فيما بعد بالخداع لأن س. س. قد استغلها باعتبارها ” أداة متعة وحيدة الاستعمال “ وأساء استخدام ” استسلامها لميل جنسي في منعطف من حياتها كانت فيه مضطربة “ . وأكدت المحكمة أيضا أن المرأة قد تختلق ادعاءات بالاغتصاب بغرض الانتقام أو الحصول على الأولوية في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، ووجدت أن هذه رواية أكثر ترجيحا من ادعاءات صاحبة البلاغ. وأخيرا، قبلت المحكمة حجة الدفاع بأن تقرير المستشفى، الذي يوثق الضرر الجسيم الذي لحق برحم صاحبة البلاغ، بأنه دليل على ” حماسة “ المتهم و ” قدرته على الإغواء “ ، وليس دليلا على الاغتصاب.

7-12 وعلى الرغم من شكوك المحكمة الإقليمية المتعددة بشأن أدلة صاحبة البلاغ، حتى إنها اعترفت في بعض الأحيان بأنها لم تُستجوب بشأن عناصر معينة، فإنها لم تر أن من المهم إعادة الاستماع للأدلة أو إعطاء صاحبة البلاغ الفرصة للرد على أسئلتها. ورفضت اللجنة شواغل المحكمة الابتدائية بشأن التناقضات في أدلة س. س. بالقول إنه كذب لحماية نفسه.

7-13 ورأت المحكمة العليا أن هذه الحجج منطقية، بيد أنها لاحظت أن تقييمها لشرعية القرار، وفقا للسوابق القضائية، اقتصر على التحقق مما إذا كان الاستدلال المنطقي قد طُبق فيما يتعلق بمختلف عناصر الحكم المطعون فيه وأنها لم تكن في وضع يمكّنها من التحقق من ملاءمة الاستدلال الذي استخدمه القاضي. وتذكر أنه لا يمكنها أن تفرض تقييما جديدا بل يجب أن تقتصر على اختبار كون الاستدلال الذي استندت إليه محكمة الاستئناف معقولا.

7-14 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تكرر تأييد المحكمة العليا لتعليل المحكمة الإقليمية.

7-15 وتلاحظ اللجنة كذلك الاختلاف الصارخ في تعامل المحكمة الإقليمية مع أدلة صاحبة البلاغ وأدلة المتهم، على النحو الذي أقرته محكمة النقض العليا والدولة الطرف. وأشارت المحكمة الإقليمية، على وجه الخصوص، إلى رواية صاحبة البلاغ ” الراديكالية “ و ” العبثية “ ، التي ” كذبت “ فيها وتضمنت ما وصفته بأنه ” تناقض عميق “ ، في حين قالت، في المقابل، إن المتهم ” لا يمكن لومه على تفسيراته المتباينة، لأنه بات على علم بالتهم الموجهة إليه، وبالتالي فإن لديه حاجة ملحة للدفاع عن نفسه من الإجراءات الجنائية والتأديبية “ . وتلاحظ اللجنة أيضا أن تشخيص الطبيب النفسي لحالة صاحبة البلاغ فيما يتعلق بالحادث والأعراض البادية عليها، التي كانت متسقة مع الاكتراب التالي للصدمة، تم رفضه باعتباره مجرد نتائج طبيعية لـ ” لدراما في حياة امرأة كان منهكة بالفعل بسبب انفصال زوجي عاصف “ والتي ” استسلمت، في لحظة ضعف، إلى إغواء الدركي “ .

7-16 وترى اللجنة أن قرار المحكمة الإقليمية بإلغاء إدانة س. س. لعدم كفاية الأدلة التي تثبت عناصر الجريمة التي اتهم بها، على الرغم من الأدلة الجنائية والطبية وأدلة الشهادات الكبيرة المتاحة، لا يمكن أن يعزى إلا إلى القوالب النمطية الجنسانية المتجذرة بعمق والتي أدت إلى زيادة القوة الإثباتية لرواية المتهم، التي تم قبولها دون أي فحص نقدي لملاحظات الدفاع ودون أي إعادة فحص أو إعادة استماع إلى الأدلة للسماح للشهود بشرح أي تناقضات متصورة. وتخلص اللجنة إلى أن هذا القرار لا يتبع خطا استدلاليا منطقيا قياساً إلى أي معايير موضوعية ولا يفي بالالتزامات الإجرائية للدولة الطرف. وترى أن المحكمة العليا اقتصرت على إجراء تقييم سطحي لما إذا كانت جميع الأدلة قد ذُكرت في تسلسل منطقي بغض النظر عن العيوب في تحليل الأدلة نفسها والأهمية الممنوحة لها، واختارت رفض أسس أخرى للحكم باعتبارها لا تستند إلى مقتطفات منسقة.

7-17 وتخلص اللجنة إلى أن معاملة صاحبة البلاغ أمام محكمة الاستئناف والتي زادت سوءا على مستوى المحكمة العليا لم تكفل المساواة الفعلية لصاحبة البلاغ بصفتها ضحية للعنف الجنساني . وكشفت عن نقص واضح في فهم البنى المجنسنة للعنف ضد المرأة، ومفهوم السيطرة القسرية، والآثار المترتبة على إساءة استعمال السلطة وتعقيداتها، بما في ذلك إساءة استخدام الثقة، وأثر التعرض للصدمات المتتالية، والأعراض المعقدة لما بعد الصدمة، بما في ذلك الاضطراب الفصامي وفقدان الذاكرة، ومواطن الضعف والاحتياجات المحددة لضحايا الاعتداء العائلي.

7-18 وتحيط اللجنة علما بادعاءات الدولة الطرف بأنه يجري بذل جهود كبيرة لتنفيذ مبادرات متعلقة بالمساواة بين الجنسين، ولكنها تشدد على أنه لا يمكن الاعتماد على هذه الجهود، دون الاعتراف بوجود قوالب نمطية ضارة واتخاذ إجراءات حازمة لمعالجة التحيز اللاشعوري، لتغيير واقع المرأة التي تقع بشكل غير متناسب ضحية للعنف والاعتداء، وهو ما قد يترك ندوبا (غير مرئية في بعض الأحيان) مدى الحياة وعبر الأجيال. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن قرار المحكمة الإقليمية بإلغاء الإدانة استند إلى تصورات مشوهة ومعتقدات وخرافات مسبقة وليس إلى وقائع ذات صلة، مما دفع المحكمة الإقليمية ومحكمة النقض العليا إلى إساءة تفسير القوانين أو إساءة تطبيقها، وبالتالي قوضت حياد ونزاهة نظام العدالة وأدت إلى خطأ فادح للعدالة وإعادة إيذاء صاحبة البلاغ.

7-19 وتخلص اللجنة إلى أن هذه القوالب النمطية تزدهر عندما لا تحدد التشريعات بوضوح الموافقة بوصفها العنصر الرئيسي في تعريف جريمة ما. وقد أدى عدم القيام بذلك إلى تشريح حياة صاحبة البلاغ وأخلاقها واتصالاتها وإصاباتها ووضعها العائلي وحالة علاقتها وعمرها وعدة عوامل أخرى، جرى بحثها بإمعان مرارا وتكرارا. وواجهت درجة من التدقيق لم تطبق على س.س . ونتيجة لذلك، كانت الإجراءات عرضة لتفسيرات متناقضة وضارة تستند إلى معايير ثقافية وتصورات مسبقة حرمتها من إمكانية اللجوء إلى القضاء على قدم المساواة ولم تخفق في حمايتها فحسب، بل أخضعتها مرارا وتكرارا للتمييز ومعاودة التعرض للصدمة.

8 - وبناء على ذلك، ترى اللجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 7 (3) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 2 (ب)-(د) و (و)، و3، و5، و15 من الاتفاقية.

9 - وتقدم اللجنة التوصيات التالية إلى الدولة الطرف:

(أ) فيما يتعلق بصاحبة البلاغ:

’1‘ الاعتراف بأن صاحبة البلاغ عانت من أضرار وأوجه تحيز معنوية واجتماعية بسبب عدم قيام السلطات بتوفير سبل الانتصاف والحماية لضحية من ضحايا العنف العائلي وبسبب طول مدة إجراءات المحاكمة، وبسبب تعرضها لإعادة الإيذاء من خلال القوالب النمطية والخرافات الجنسانية التي اعتُمد عليها في حكم المحكمة الإقليمية، فضلا عن قبول المحكمة العليا لتلك القوالب النمطية؛

’2‘ تقديم تعويض ملائم يتناسب وجسامة انتهاكات حقوقها، على أن تراعي، على وجه الخصوص، الأضرار المالية التي لحقت بصاحبة البلاغ بسبب فقدانها لوظيفتها؛

(ب) بشكل عام:

’1‘ اتخاذ تدابير فعالة لكفالة سير إجراءات المحكمة المتعلقة بادعاءات الاغتصاب من دون تأخير لا مبرر له.

’2‘ كفالة أن تكون جميع الإجراءات القانونية التي تتعلق بجرائم جنسية محايدة وعادلة وغير متأثرة بأوجه التحيز أو القوالب النمطية الجنسانية، من خلال اتخاذ مجموعة واسعة من التدابير التصحيحية التي تستهدف جميع مستويات النظام القانوني، بما في ذلك:

(أ) توفير بناء القدرات المناسب والمنتظم بشأن الاتفاقية والبروتوكول الاختياري الملحق بها والتوصيات العامة للجنة، لا سيما التوصيات العامة رقم 19 و 33 و 35، لفائدة القضاة والمحامين والعاملين في إنفاذ القانون؛

(ب) وضع برامج مناسبة لبناء القدرات لفائدة القضاة والمحامين والموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين والموظفين الطبيين وجميع أصحاب المصلحة الآخرين ذوي الصلة لشرح الأبعاد القانونية والثقافية والاجتماعية للعنف ضد المرأة والتمييز الجنساني ؛

(ج) وضع وتنفيذ ورصد استراتيجيات للقضاء على القوالب النمطية الجنسانية في حالات العنف الجنساني تشمل ما يلي: تسليط الضوء على أضرار القوالب النمطية الجنسانية في المجال القضائي من خلال إجراء بحوث مرتكزة على الأدلة وتحديد الممارسات الفضلى؛ والدعوة إلى إجراء إصلاحات قانونية وسياساتية ؛ ورصد وتحليل السوابق والاتجاهات في الاستدلال القضائي؛ والسماح بتقديم الطعون في الحالات الفردية للتنميط الجنساني القضائي؛ وتحسين القدرة الرقابية؛

’3‘ اتخاذ تدابير تشريعية ملموسة لكفالة ألا يكون عبء الإثبات مرهقا أو غامضا على نحو لا مبرر له، على نحو يؤدي إلى تفسير فضفاض بشكل مغالي أو بعيد المدى، بما في ذلك:

(أ) تعديل تعريف جميع الجرائم الجنسية التي تنطوي على ضحايا قادرين على إعطاء الموافقة القانونية، لتشمل الموافقة باعتبارها العنصر المحدِّد؛

(ب) كفالة إلقاء عبء الإثبات على عاتق المتهم، في حالة إثارة الموافقة كدفاع، لإثبات اعتقاد راسخ بأن الموافقة الإيجابية قد أعطيت، بدلا من إلقائه على الضحية لإثبات أنها أبلغت عن عدم موافقة لا لبس فيه؛

(ج) إزالة شرط إثبات الضحية للإيلاج أو استخدام القوة أو العنف من العناصر المحددة للجرائم الجنسية، ما لم تكن هذه الأدلة مطلوبة لإثبات جريمة إضافية أو ظروف مشددة.

10 - ووفقا للمادة 7 (4) من البروتوكول الاختياري، يتعين على الدولة الطرف أن تولي الاعتبار الواجب لما أعربت عنه اللجنة من آراء وكذلك ما قدمته من توصيات، وأن تُقدّم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن أي إجراءات تكون قد اتخذتها في ضوء تلك الآراء والتوصيات. كما يُطلب إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة وتوصياتها وأن تترجمها إلى اللغة الإيطالية وتوزعها على نطاق واسع لتشمل كافة الشرائح المعنية من المجتمع.