رسالة مقدّمة من:

ج. د. (تمثلها المحامية ميلينا كادييفا )

الضحية المزعومة:

صاحبة الرسالة

الدولة الطرف:

بلغاريا

تاريخ الرسالة:

5 آذار/مارس 2019 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية:

أُحيلت إلى الدولة الطرف في 24 أيار/مايو 2019 (لم تُصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار:

25 تشرين الأول/أكتوبر 2021

الموضوع:

العنف العائلي؛ والتمييز ضد المرأة؛ والمساواة أمام القانون

المسألة الإجرائية:

عدم كفاية الأدلة المقدّمة

مواد الاتفاقية:

1 و 2 (ج) و 5 (ب) و 15 و 16

مادة البروتوكول الاختياري:

4 (2) (ج)

* اعتمدته اللجنة في دورتها الثمانين (18 تشرين الأول/أكتوبر - 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2021).

** شارك في النظر في هذه الرسالة أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: غلاديس أكوستا فارغاس ، وهيروكو أكيزوكي ، وتماضر الرماح، ونيكول أميلين ، وماريون بيثيل ، وليتيسيا بونيفاز ألفونسو، ولويزة شعلال ، وكورين ديتماير - فيرمولين ، ونائلة جبر، وهيلاري غبيديماه ، ونهلة حيدر، وداليا لينارتي ، وروساريو غ. مانالو ، وأرونا ديفي نارين، وآنا بيلاييز نيرفاييز ، وباندانا رانا، ورودا ريدوك ، وناتاشا ستوت ديسبويا ، وفرانسلين توي - بودا، وليا نادارايا ، وإلغون سافاروف . ووفقاً للمادة 60 (1) من النظام الداخلي للجنة، لم تشارك عضوة اللجنة جينوفيفا تيشيفا في دراسة هذه الرسالة.

1 - صاحبة الرسالة هي ج. د.، وهي مواطنة بلغارية من مواليد عام 1976. وصاحبة الرسالة وزوجها السابق ف. ز. والدان لطفلين قاصرين، هما د. ز. و م. ز. وُلدا تباعا في عامي 2004 و 2008. وتتعلق شكواها بانتهاكات بلغاريا للمواد 2 (ج) و 5 (ب) و 15 و 16، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية. وتدفع صاحبة الرسالة بأن الدولة الطرف لم توفر لها ولطفليها حماية فعالة من العنف العائلي لأنها عاملتها بطريقة لا تكفل لها المساواة أمام القانون، مما أدى إلى إسقاط حقها في حضانة طفليها ومنح هذا الحق لوالد الطفلين الذي يُزعَم أنه عنيف. وتطلب صاحبة الرسالة إلى اللجنة أن تطالب الدولة الطرف بتعليق الإجراءات القضائية التي بدأت لتنفيذ قرار المحكمة النهائي الذي يمنح الأب حق حضانة طفليها، وأن تطالب الدولة الطرف بأن تضمن أن تدور اللقاءات بين الطفلين ووالدهما في بيئة آمنة، على سبيل المثال، تحت إشراف أخصائي في شؤون الأطفال في مركز اتصال. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في بلغاريا في 20 كانون الأول/ديسمبر 2006. وتمثل صاحبةَ الرسالة المحاميةُ ميلينا كادييفا .

الوقائع كما عرضتها صاحبة الرسالة

2-1 في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2012، أكدت محكمة صوفيا المحلية الاتفاق الذي توصّلت إليه صاحبة الرسالة وزوجها أثناء إجراءات الطلاق، حيث تم فسخ زواجهما ومُنحت الأم حق حضانة طفليهما القاصرين. ومُنح الأب حق الزيارة وأُمر بدفع نفقة شهرية للطفلين.

2-2 وفي تاريخ غير محدد، رفع زوج صاحبة الرسالة السابق دعوى قضائية ضد صاحبة الرسالة لاستعادة حق حضانة طفليهما القاصرين، وإلزامها بدفع نفقة للطفلين. وذكر في التماسه أن صاحبة الرسالة تزوجت وأصبحت تعيش مع رجل آخر بعد طلاقهما مباشرة، ولم تترك مهلة زمنية أمام الطفلين للتكيّف مع الوضع الجديد. وادعى أن الزوجَ الجديد يبقى في غرفة نوم الطفلين وأن الزوجين أجبرا الطفلين على مناداة الزوج الجديد بـ ” بابا “ . وأضاف أن صاحبة الرسالة كانت تنفّر طفليهما منه وتعرقل لقاءه بطفليه بصورة منتظمة. وادعى أيضا أن ابنته م. ز. تعرضت ” لأفعال مشينة “ صدرت عن جدها من جهة الأم ( ) .

2-3 وفي 28 نيسان/أبريل 2016، قدمت صاحبة الرسالة مرافعاتها خطيّا إلى المحكمة، وذكرت فيها أنها تعرضت إلى جانب طفليها، أثناء فترة زواجها من ف. ز.، للإساءة البدنية والنفسية على يد زوجها السابق، ولهذا السبب طلبت الطلاق. وأفادت بأن العنف قد استمر بعد الطلاق أثناء اللقاءات التي دارت بين الطفلين ووالدهما ( ) ، ورغم ذلك ظلت تقول لطفليها إنه من المهم أن يظلا على اتصال بوالدهما. ومع ذلك، في مرحلة معينة، لم تعد تريد إجبار طفليها على مقابلة والدهما لأنهما يعترضان على الزيارات ويعودان دائما وهما يشعران بالسوء. ولهذه الأسباب، التمست صاحبة الرسالة الدعم النفسي من مؤسسة رابطة أنيموس لتجاوز الصدمة التي زعمت أن زوجها السابق تسبب فيها أثناء زواجهما وبعده ( ) .

2-4 وفي 1 حزيران/يونيه 2016، أصدرت محكمة صوفيا المحلية حكما لصالح ف. ز. ومنحته حضانة الطفلين وأمرت صاحبة الرسالة بدفع نفقة للطفلين. ورأت المحكمة أن تغييرات هامة قد حدثت في ظروف الطرفين، مما استلزم تنقيح أحكام الحكم الأولي المؤرخ 3 تشرين الأول/أكتوبر 2012 فيما يتعلق بممارسة حق الحضانة. ودفعت المحكمة، على وجه الخصوص، بأن صاحبة الرسالة لم تمتثل لأمر المحكمة الذي ينص على حق الزيارة الممنوح للأب، وبأنها نفّرت الطفلين من والدهما واقترنت بزوج جديد، وبأن بيئة الطفلين كانت غير آمنة بسبب تصرفات جدهما من جهة الأم.

2-5 وفي تاريخ غير محدد من عام 2016، رفعت صاحبة الرسالة دعوى استئناف أمام محكمة مدينة صوفيا، مدعية أساسا أن المحكمة اعتمدت بشكل انتقائي على أدلة قدمها زوجها السابق فقط. وأوضحت صاحبة الرسالة أن قرار المحكمة الابتدائية تجاهل إفادات الطفلين التي أكدت صحتها تقارير نفسية كشفت عن تعرضهما للعنف العائلي على يد والدهما. وذكرت أنها كانت تحترم دائما حق الزيارة الممنوح للأب. غير أنه كانت هناك فترات لم يتمكن فيها الأب من مقابلة الطفلين لأنهما كانا يرفضان رؤية والدهما بسبب سلوكه العنيف تجاههما. وأضافت أن العقبات التي حالت دون الاتصال بين الأب والطفلين لم تكن نابعة من سلوكها هي وإنما من سلوك الأب. وزعمت أن هناك رابطة عاطفية قوية تربطها بطفليها، وهو أمر أكده الخبراء. وأكدت للمحكمة أن زوجها السابق اتخذ إجراءات قانونية ضدها انتقاما منها لأنها تزوجت مرة أخرى وأنجبت طفلا من زوجها الجديد. وتمكّن زوجها السابق أيضا من جعل المحكمة تصدر أمر حماية فوري ( ) ضدها للاشتباه في تعرض الطفلين للعنف العائلي على يد صاحبة الرسالة وزوجها الجديد، وكان ينبغي بموجب ذلك الأمر أن يقيم الطفلان مع والدهما. وقد لجأت صاحبة الرسالة، بسبب تعرضها باستمرار لادعاءات كاذبة وإهانات وعنف عائلي على يد زوجها السابق، إلى مركز لمواجهة الأزمات يقدم المساعدة للنساء والأطفال، عندما كانت القضية المرفوعة ضدها وضد زوجها الجديد معروضة على المحكمة ( ) . وأُلغي أمر الحماية لاحقاً، غير أن زوج صاحبة الرسالة السابق واصل الاعتماد عليه في العديد من المؤسسات الاجتماعية. وعلاوة على ذلك، قالت إن والدها مصاب باضطراب وهامي بسبب صدمة في الطفولة، وإنها فعلت كل ما في وسعها، رغم عدم ثبوت التهمة عليه، لحماية طفليها ما إن علمت بالسلوك المزعوم الصادر عن والدها، وإنها أبعدت الطفلين عنه.

2-6 وفي سياق إشارتها إلى حقها في الزواج، وهو حق مكفول بموجب المادة 12 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، اعترضت على استنتاج المحكمة الابتدائية أن لزواجها الجديد أثر سلبي على حياة الطفلين. وذكرت أيضا أن المحكمة المحلية لم تنظر في المصالح الفضلى للطفلين اللذين يرغبان في البقاء معها واللذين سيصابان بصدمة إذا أُبعدا عنها .

2-7 وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أيدت محكمة مدينة صوفيا الحكم الصادر عن محكمة صوفيا المحلية. وقبلت محكمة الاستئناف الوقائع بالصيغة التي قدمتها المحكمة الابتدائية، وزعمت صاحبة الرسالة أن محكمة الاستئناف لم تقيّم الأدلة التي قدمتها ولم تول الاعتبار الواجب لإفادة د. ز. أمام المحكمة بشأن العنف العائلي الذي تعرض له هو وأخته ( ) . فطعنت صاحبة الرسالة في هذا القرار أمام محكمة النقض .

2-8 وكان من المقرر عقد جلسة مغلقة أمام محكمة النقض العليا في 9 أيلول/سبتمبر 2018. إلا أنه بناء على طلب ف. ز. الذي ادعى أن الطفلين لم يكونا بأمان مع صاحبة الرسالة، تم تقديم موعد جلسة المحكمة إلى 15 أيار/مايو 2018. ولم يتم إخطار صاحبة الرسالة بالطلب الذي قدمه ف. ز. ولذلك لم تُتح أمامها فرصة لتقديم ادعاءاتها في هذا الصدد ( ) . وفي 7 حزيران/يونيه 2018، رفضت المحكمة العليا طعن صاحبة الرسالة. وقضت، في جملة أمور، بأن المحكمة الابتدائية، خلافا لما أكدته صاحبة الرسالة، لم تخالف الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا عندما خلصت إلى احتمال تنفير الطفلين من والدهما، وعدم امتثال الأم المزعوم للقرار الذي يمنح الأب حق الزيارة، وفي تقييمها للمصالح الفضلى للطفل في ظل الظروف المحيطة بهذه القضية تحديدا.

2-9 ثم قدمت صاحبة الرسالة طعنا خاصا طلبت فيه الموافقة على الاستئناف على حكم محكمة النقض. غير أن المحكمة لم تنظر في هذا الطلب. وفي 22 تشرين الأول/أكتوبر 2018، كررت صاحبة الرسالة طلبها على أساس زعمها باحتمال أن ينتحر الطفلان ( ) .

2-10 وفي مناسبتين، حاول ف. ز. إبعاد الطفلين عن صاحبة الرسالة، امتثالا لقرار المحكمة النهائي، غير أن الطفلين رفضا تركها.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة الرسالة أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها بموجب المواد 2 (ج) و 5 (ب) و 15 و 16 من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 منها، مع مراعاة التوصية العامة للجنة رقم 19 (1992) بشأن العنف ضد المرأة، والتوصية العامة رقم 21 (1994) بشأن المساواة في الزواج والعلاقات الأسرية، والتوصية العامة رقم 28 (2010) بشأن الالتزامات الأساسية للدول الأطراف بموجب المادة 2 من الاتفاقية، والتوصية العامة رقم 33 (2015) بشأن لجوء المرأة إلى القضاء، والتوصية العامة رقم 35 (2017) بشأن العنف الجنساني ضد المرأة، الصادرة تحديثاً للتوصية العامة رقم 19. وتزعم صاحبة الرسالة أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزاماتها الإيجابية بموجب الاتفاقية لأنها لم توفر لها ولطفليها حماية فعالة من العنف العائلي. وتزعم على وجه الخصوص أن الدولة الطرف عاملتها بطريقة لا تكفل لها المساواة أمام القانون، مما أدى إلى إسقاط حقها في حضانة طفليها ومنح هذا الحق لوالد الطفلين الذي يُزعم أنه عنيف.

3-2 وتطلب صاحبة الرسالة إلى اللجنة أن تطالب الدولة الطرف بتعليق الإجراءات القضائية التي بدأت لتنفيذ قرار المحكمة النهائي الذي ينقل حضانة طفليها إلى والدهما، وبأن تضمن أن تدور اللقاءات بين الطفلين ووالدهما في بيئة آمنة، على سبيل المثال، تحت إشراف أخصائي في شؤون الأطفال في مركز اتصال .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها في مذكرة شفوية مؤرخة 1 تموز/يوليه 2019. وهي تدفع بأنه قد طُلِب من مديرية المساعدة الاجتماعية الإقليمية في مدينة صوفيا إجراء تحقيق وتقديم معلومات عن ادعاءات صاحبة الرسالة المتعلقة بأعمال العنف العائلي التي ارتكبها زوجها السابق وسلوكه العنيف. وقد اتخذت الهيئتان المعنيتان بملفّ الطفلين، وهما إدارتا حماية الطفل التابعتان لمديرية المساعدة الاجتماعية في لوزينيتس ولمديرية المساعدة الاجتماعية في سلاتينا ، إجراءات لتقديم الدعم والمشورة والمساعدة، وفقا لاختصاصات كل منهما. وتم تقديم خدمات دعم ومشورة نفسية إلى الوالدين والطفلين عن طريق جهة تقدم الخدمات الاجتماعية.

4-2 وردًّا على العدد الكبير من الشكاوى وطلبات المساعدة والاستفسارات التي قدمها كل من صاحبة الرسالة وزوجها السابق، أجرى الأخصائيون الاجتماعيون التحقيق المطلوب، عملا بأحكام المادة 14 من اللائحة التنفيذية لقانون حماية الطفل، بجمع معلومات من مصادر متنوعة. ولم يعثروا على أي دليل يثبت ارتكاب الأب أي أعمال عنف ضد الطفلين.

4-3 وفي 1 حزيران/يونيه 2016، منحت محكمة صوفيا المحلية حق حضانة الطفلين إلى والدهما ( ) . وأيدت محكمة مدينة صوفيا حكم المحكمة الابتدائية ( ) الذي طعنت فيه صاحبة الرسالة لاحقا أمام محكمة النقض العليا. ويحظر حكم محكمة النقض العليا الصادر في 7 حزيران/يونيه 2018 ( ) أي استئناف آخر. ولم تحترم صاحبة الرسالة الحكم، لأنها لم تذهب إلى إدارة حماية الطفل في لوزينيتس ، ولأن مراسلاتها مع الأخصائيين الاجتماعيين اقتصرت على تبادل الرسائل الإلكترونية معهم.

4-4 وقد بررت المحكمة الابتدائية بشكل شامل أسباب منح حق حضانة الطفلين إلى والدهما، وذلك مراعاة لمصالح الطفلين وبعد أن أخذت في الاعتبار جميع الأدلة المتصلة بالقضية التي جُمعت أثناء الإجراءات الابتدائية. وفي إجراءات الاستئناف، تم تقديم تقييمين أعدهما خبيرَان في الطب النفسي الشرعي، أكدا، إلى جانب الأدلة التي جُمعت أثناء الإجراءات الابتدائية، صحّة الحكم الصادر في 1 حزيران/يونيه 2016. ووافقت محكمة الاستئناف تماما على رأي الشاهد الخبير الذي أفاد بأنه ينبغي لكلا الوالدين أن يعيدا النظر في سلوكهما السابق وأن يبذلا ما أمكنهما من جهد ليظل الاتصال بينهما جيدا بما فيه الكفاية لإتاحة فرصة أمام الطفلين للاتصال بشكل كامل بكل واحد منهما، وهو عامل هام ليصبح الطفلان أفرادا ناضجين عاطفيا.

4-5 ورأت المحاكم الثلاث أنه من المعقول أن يحدث تغيير في الظروف وأن يتغير حق حضانة الطفلين وفقا لذلك. وقد أخذ هذا الاستنتاج في الاعتبار تنفير الطفلين من والدهما، وانقطاع الاتصال بين الطفلين وأقارب والدهما ( ) ، وعدم التقيد بطريقة الاتصال مع والدهما لمدة أكثر من عامين. ومن ناحية أخرى، لدى الأب الإمكانيات اللازمة لتلبية احتياجات طفليه، وقد وفّر لهما ظروفا معيشية جيدة تتواءم مع ما يفضله الطفلان ومع اهتماماتهما، كما أنه لا يتعدى على المساحة الشخصية الخاصة بكليهما.

4-6 وفي الأغلبية العظمى من قضايا الحضانة، عندما لا يكون هناك اتفاق مسبق بين الوالدين، تُمنح الأم حق الحضانة، كما كان الشأن بعد طلاق صاحبة الرسالة وزوجها السابق ف. ز. أما قرار نقل حق الحضانة لاحقا إلى الأب فقد اتُّخذ بناء على معطيات موضوعية نظرا إلى أن الأم استمرت في عدم احترام أحكام المحكمة. وتتجاهل الادعاءات المتعلقة بعدم المساواة في معاملة النساء والرجال أمام القانون الأدلةَ على أن سلوك صاحبة الرسالة قد اعتُبر غير صحي وضارا بالطفلين من وجهة نظر الدوائر الاجتماعية والأخصائيين النفسيين على حد السواء، وكذلك انتهاكها المستمر للأحكام التي قضت بها المحكمة .

4-7 وتولي الدولة الطرف اهتماما خاصا للمساواة أمام القانون ولديها تقاليد عريقة في مجال المساواة بين المرأة والرجل. وتقتضي التشريعات الرئيسية التكافؤ التام بين المرأة والرجل، وتعاملهما على قدم المساواة مع بعض في جميع مجالات الحياة. كما تُعطى الأولوية دائما للنساء والفتيات والأمهات. بيد أن التزام الدولة الطرف بالدفاع عن مصالح الطفل الفضلى فوق كل اعتبار، كما تبرهن على ذلك الأحكام التي أصدرتها المحاكم في هذه القضية.

4-8 ويخضع عمل المرشدين الاجتماعيين والمحاكم لعمليات مراقبة وتدقيق، ولم يتم اكتشاف أي انتهاكات للتشريعات أو الإجراءات السارية في هذه القضية.

4-9 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للرسالة، تؤكد الدولة الطرف أن تعزيز المساواة بين المرأة والرجل، فضلا عن عدم التمييز، يمثلان هدفين رئيسيين مدرجين في البرنامج التنفيذي للحكومة بشأن التنمية المستدامة. كما تساهم الدولة الطرف بحماس في العمل المشترك للاتحاد الأوروبي المضطلَع به في مجال المساواة بين الجنسين، وحقوق الإنسان، وتمكين النساء والفتيات، والقضاء على العنف الجنساني. وتقوم الدولة الطرف التي لديها تقاليد عريقة في مجال تعزيز المساواة بين الجنسين ووفقا لأسمى قواعد ومعايير الاتحاد الأوروبي، بإدخال تحسينات باستمرار على تشريعاتها الوطنية. وفي هذا الصدد، اعتُمد قانون جديد يعنى تحديدا بالمساواة بين الجنسين. ويكفل القانون الجديد تعميم مراعاة المنظور الجنساني في جميع السياسات والاستراتيجيات والبرامج، وهو شرط مسبق هام آخر لإعمال حقوق الإنسان للمرأة والفتاة بشكل تام.

4-10 ووفقا للبنك الدولي، في تقريره المعنون ” المرأة والأعمال والقانون لعام 2019 “ ، تُعتبر الدولة الطرف من أفضل البلدان أداءً في العالم حيث حصلت على 93,75 نقطة من أصل 100 نقطة كحد أقصى. وإضافة إلى ذلك، تحتل الدولة الطرف المرتبة الأولى في العالم حسب المؤشر المتعلق بالأطر القانونية والمؤسسية التي تحدد الفرص الاقتصادية المتاحة للمرأة وتؤدي إلى تحسين المساواة بين الجنسين.

4-11 وتُمنح الأولوية نفسها للدفاع عن حقوق الطفل وحمايتها. وتدافع الدولة الطرف بقوة عن المبدأ القائل بأن الأسرة هي أفضل بيئة لنماء الطفل، ولكن دائما بعد النظر بعناية وحياد ومهنية في مصالح الطفل الفضلى.

4-12 وقد عُرضت أسرة صاحبة الرسالة على دوائر نظام حماية الطفل منذ عام 2013. وكانت الهيئة التي اهتمت في البداية بملفّ الطفلين هي إدارة حماية الطفل التابعة لمديرية المساعدة الاجتماعية في سرديكا . وقد تولّى نظام حماية الطفل ملفّ الطفلين بعد تلقي إنذار من مؤسسة رابطة أنيموس بعد أن أبلغت صاحبة الرسالة عن تعرضها وتعرّض طفليها للعنف البدني والنفسي على يد زوجها السابق أثناء الزواج، وكذلك بعد فسخه. وأبلغ زوج صاحبة الرسالة السابق بدوره أيضا عن تعرّض الطفلين للعنف النفسي على يد أمهما. ولفترة من الزمن، ودون إحالة من أي جهة، أقامت صاحبة الرسالة وطفلاها في مركز لمواجهة الأزمات يقدم المساعدة للأطفال من ضحايا العنف.

4-13 ومنذ 11 تموز/يوليه 2015، أحيل الملف إلى إدارة حماية الطفل التابعة لمديرية المساعدة الاجتماعية في لوزينيتس . وفي 30 تموز/يوليه 2015، عُقد اجتماع مع د. ز. و م. ز. وصاحبة الرسالة وزوجها آنذاك وطفلهما حديث الولادة في مقر إدارة حماية الطفل التابعة لمديرية المساعدة الاجتماعية في لوزينيتس . وأفاد كل من صاحبة الرسالة و د. ز. و م. ز. بأنهم يريدون الاستمرار في تلقي الخدمات الاجتماعية التي توفرها مؤسسة رابطة أنيموس ، وقدمت صاحبة الرسالة طلبًا لهذا الغرض. واستعان ف. ز. بالخدمات الاجتماعية التي يقدمها مركز الدعم الاجتماعي التابع لمعهد الأنشطة والممارسات الاجتماعية ولم يكن يريد أن تتعامل مؤسسة رابطة أنيموس معه أو مع طفليه. وأُصدر أمر متعلق بالخدمات الاجتماعية تم توجيهه إلى صاحبة الرسالة وطفليها للاستعانة بخدمات المساعدة الاجتماعية التي توفرها إدارة حماية الطفل، ولكن هذا الأمر أُلغي لاحقا بموجب قرار صادر عن المحكمة الإدارية بمدينة صوفيا في 28 شباط/فبراير 2018 بعد أن طعنت صاحبة الرسالة في الأمر. ورفعت مديرية المساعدة الاجتماعية في سلاتينا دعوى استئناف على القرار أمام المحكمة الإدارية العليا، ولكن التحري الذي أجرته مديرية المساعدة الاجتماعية الإقليمية في مدينة صوفيا كشف عن عدم إصدار أي قرار بعدُ. ولا تستعين صاحبة الرسالة وزوجها السابق حاليا بأي خدمات اجتماعية بسبب عدم توصلهما إلى اتفاق بشأن هذه المسألة.

4-14 وفيما يتعلق بإجراءات المحكمة (في القضية المدنية رقم 11745/2015 المسجلة في قائمة قضايا محكمة صوفيا المحلية، والقضية المدنية رقم 12502/2016 المسجلة في قائمة قضايا محكمة مدينة صوفيا)، كشف التحري الذي أجري أنه قد طُلب من مديريتَي المساعدة الاجتماعية في لوزينيتس وفي سلاتينا إعداد تقارير اجتماعية عن القضية، كما تقتضي ذلك المادة 15 من قانون حماية الطفل.

4-15 وقد أعدت مديرية المساعدة الاجتماعية في لوزينيتس التقرير الاجتماعي عن القضية المدنية رقم 11745/2015، الذي كان يعتمد على الاجتماعات والمقابلات التي أجريت مع صاحبة الرسالة وطفليها. وخلصت المديرية في تقريرها إلى أن ” الأم قادرة على تلبية احتياجات طفليها ومراعاة مصالحهما بشكل ملائم مع احترام خصائصهما الفردية وسمات شخصية كل منهما؛ وأن الطفلين مرتبطان عاطفيا بالأم؛ وأن الاتصالات بين الطفلين والأب قد انقطعت “ . وجرت الإشارة في هذا التقرير الاجتماعي إلى أن كل من الأم والأب قد أعربا عن استعدادهما لتوفير الرعاية الكافية للطفلين وعن قدرتهما على ذلك، وإلى أن الوالدين لا يدركان أن سلوكهما يهدد النمو الذهني والعاطفي للطفلين. ويتضمن التقرير رأيا مفاده أن انقطاع الصلة بين أحد الوالدين والطفلين، وإبعاد الطفلين عن أحد والديهما مسألة تتعارض مع مصالح الطفلين، وأنه يتعين إحالة الوالدين إلى جهة وساطة.

4-16 وفيما يتعلق بالقضية المدنية رقم 12502/2016 المسجلة في قائمة قضايا محكمة مدينة صوفيا، أصدرت مديرية المساعدة الاجتماعية في لوزينيتس تقريرا اجتماعيا يعتمد على معلومات عن الطفلين يعود تاريخها إلى نيسان/أبريل 2017، لأن الطفلين كانا يقيمان في سلاتينا قبل ذلك التاريخ. ويعكس التقرير الاجتماعي المعلومات التي جُمعت من الاجتماعات المعقودة مع الطفلين ومع الوالدين، ومن الزيارات إلى البيت الذي نشآ فيه. ويتضمن التقرير معلومات كاملة عن ملف د. ز. و م. ز. ويصف ارتباطهما العاطفي بوالدتهما وزوجها الثاني، ويفيد بأن التواصل مع ف. ز. ومع الأسرة الموسعة من ناحية الأب قد انقطع. وفي ذلك التقرير الاجتماعي، ذُكر أيضا أنه كان على الأم أن تحترم طريقة الاتصال بين الأب والطفلين التي أمرت بها المحكمة، وأن إقحام الطفلين في خلاف الوالدين يتعارض مع مصلحتهما. وقد أُبلغت صاحبة الرسالة وزوجها السابق بالتقرير، كما يبرهن على ذلك توقيع كليهما. وأشار ف. ز. إلى أن التقرير لم يعكس بالقدر الكافي مدى ” التلاعب وتنفير الطفلين “ . وأشارت صاحبة الرسالة إلى أن ” الطفلين يلتقيان بوالدهما بانتظام وفقا لطريقة الاتصال التي أمرت بها المحكمة. وخلال تلك اللقاءات، تنشأ خلافات يثيرها ف. ز. “.

4-17 وقد أمر حكم صادر في القضية المدنية رقم 11745/2015 بعقد ثلاثة اجتماعات مستقلة لمدة ساعتين ونصف بين الأب وكل واحد من الطفلين (أي ستة اجتماعات في المجموع) بحضور طرف ثالث. وقد وُصفت تلك الاجتماعات في تقرير اجتماعي أعدته مديرية المساعدة الاجتماعية في سلاتينا في إطار القضية المدنية رقم 12502/2016. وفي ذلك التقرير، ذُكر أنه من اختصاص المحكمة إصدار حكم بشأن حق الحضانة، وطريقة الاتصال بين الوالدين والطفلين، والنفقة المحددة للطفلين. وذُكر أيضا أن ” الأم تنفي بشدة السعي لعدم التقيّد بطريقة الاتصال “ . ويتضمن التقرير وصفا للاجتماعات التي دارت بين الأب والطفلين بأمر من المحكمة. وذُكر أن الأب أبدى حنانا ومشاعر أبوية تجاه الطفلين؛ وأنه لا يمكن تفسير أي إشارات لفظية أو غير لفظية صادرة عن الأب أثناء الاجتماعات على أنه يشكل خطرا على الطفلين. ويخلص التقرير إلى أن الطفلين كانا يبدوان هادئين أثناء اللقاءات وإلى أنهما اغتنما تلك الفرصة للتواصل مع والدهما بشكل طبيعي.

4-18 وتدفع الدولة الطرف كذلك بأنه في وقت تقديم ملاحظاتها، استمرت صاحبة الرسالة في عدم احترام حكم المحكمة كما أنها لم تتعاون مع الأخصائيين الاجتماعيين. وتؤكد الدولة الطرف أنه في قضايا الانفصال، ينبغي ألاّ يقحم الوالدان طفليهما في خلافاتهما، وألا يشوّها شخصية الوالد الآخر لدى الأطفال. وفي مثل هذه الحالات، تقع على عاتق الدولة مسؤولية دعم الأطفال والأسرة لتفادي تفاقم المشكلة أو لإيجاد حل لها، وينبغي مراعاة المصالح الفضلى للطفل عند اتخاذ أي خطوة. ويُعتبر دعم الأطفال ووالديهم من أجل الحفاظ على أفضل ظروف ممكنة لتربية الأطفال في بيئة أسرية أحد المهام الرئيسية لهيئات حماية الطفل، كما تركز جهود السلطات المختصة على الدفاع عن حقوق الطفل.

4-19 واتخذ الموظفون المعنيون بملفّ م. ز. و د. ز. تدابير لدعم الوالدين والطفلين المعنيين وتقديم المشورة والمساعدة لهم جميعا، باستخدام الموارد التي توفرها الجهة المقدِّمة للخدمات الاجتماعية. وأثناء التفاعل مع الوالدين، تم إطلاعهما على المسائل المتعلقة بتربية الطفلين، ومسؤولية الوالدين، وحق الطفلين في البقاء على اتصال مع الوالد الذي ليس له حق الحضانة. وفي جميع التحريات التي أجراها الموظفون العاملون في إدارتي حماية الطفل التابعتين لمديرية المساعدة الاجتماعية في لوزينيتس ولمديرية المساعدة الاجتماعية في سلاتينا ، اتخذ الموظفون إجراءات لتقديم الدعم والمشورة والمساعدة للطفلين ولصاحبة الرسالة ولوالد الطفلين. وقد ركزت الإجراءات التي اتخذها الموظفون العاملون في مديريتي المساعدة الاجتماعية وفي الجهاز القضائي على مصالح الطفلين بشكل عام، نظرا لضرورة إيجاد توازن معقول وإعطاء الأولوية لحق الطفلين وللحاجة الطبيعية للتواصل مع كلا الوالدين.

تعليقات صاحبة الرسالة على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 في 16 آذار/مارس 2020، قدمت صاحبة الرسالة تعليقاتها. وهي تشير عموما إلى أن الدولة الطرف لم تفنّد أيا من ادعاءاتها، ولا سيما الادعاء المتعلق بتعرضها لانتهاك حقوقها بموجب المواد 2 (ج) و 5 (ب) و 15 و 16 من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 منها، مع مراعاة أيضا التوصيات العامة للجنة رقم 19 و 21 و 28 و 33 و 35 لأن الدولة الطرف لم توفر لها ولطفليها حماية فعالة من العنف العائلي بسبب معاملتها بطريقة لا تكفل لها المساواة أمام القانون، وكذلك لأن الدولة الطرف لم تفِ بالتزاماتها الإيجابية بموجب الاتفاقية. وأكدت أن الدولة الطرف ساعدت على استمرار حالة كانت صاحبة الرسالة وطفلاها يتعرضون فيها للعنف العائلي.

5-2 وقدمت صاحبة الرسالة عدة توضيحات وأرفقت وثائق بوصفها أدلة على أقوالها. وهي تعترض على تقييم الدولة الطرف بأن ” التحقيقات التي أجريت لم تعثر على أي وثائق تشير إلى ارتكاب الأب أي أعمال عنف ضد الطفلين “ ، الذي وصفته بأنه غير صحيح. وتفيد صاحبة الرسالة بأن جميع الآراء المتعلقة بصاحبة الرسالة بوصفها أما وبطفليها، التي أعدها الأخصائيون النفسيون الذين عملوا معهم خلال الفترة من 2013 إلى 2018 في إدارة حماية الطفل في سيرديكا ، وإدارة حماية الطفل في سلاتينا ، وإدارة حماية الطفل في لوزينيتس ، وإدارة حماية الطفل في بلوفديف ، ومؤسسة رابطة أنيموس ، ومركز مواجهة الأزمات الذي يقدم المساعدة لضحايا العنف العائلي في بلدة بلوفديف ، تؤكد وتثبت أعمال العنف العائلي التي ارتكبها زوجها السابق.

5-3 وقد أصدرت إدارات حماية الطفل عدة تعليمات لتقديم الدعم النفسي للطفلين بهدف معالجة الصدمة التي يعانيان منها بسبب العنف العائلي الذي تعرّضا له، وتحديدا لتقديم ” المشورة النفسية للأطفال ضحايا العنف وأسرهم “ ؛ ولكن الإدارات لم تزود المحاكم بالآراء الكتابية التي أعدها الأخصائيون النفسيون.

5-4 وأرسلت الجهة المقدِّمة للخدمات الاجتماعية تقارير مرحلية منتظمة إلى إدارات حماية الطفل لإبلاغها بالتقدم المحرز فيما يتعلق بملف الطفلين. غير أن إدارات حماية الطفل أخفت تلك المعلومات، وبذلك تسامحت مع العنف العائلي الذي ارتكبه الأب ضد طفليه. وأرسلت الجهة المقدِّمة للخدمات الاجتماعية إشعارات أيضا إلى محكمة مدينة صوفيا ومحكمة النقض العليا، ولكن المحكمتين تجاهلتا التقارير المتعلقة بالعنف العائلي وتعاملتا مع القضية خارج سياق العنف العائلي، وعرضتاها على أنها قضية تنفير من أحد الوالدين.

5-5 وقد عرضت صاحبة الرسالة على المحكمتين جميع الوثائق المتعلقة بالعنف العائلي الذي ارتكبه الأب ضد طفليه. وهي تؤكد أن المحكمتين تجاهلتا تلك الوثائق تماما.

5-6 وتنفي صاحبة الرسالة كذلك تأكيد الدولة الطرف أنها ” لم تحترم الأحكام، لأنها لم تذهب إلى إدارة حماية الطفل في لوزينيتس ، ولأن مراسلاتها مع الأخصائيين الاجتماعيين اقتصرت على تبادل الرسائل الإلكترونية معهم “ ، وتؤكد أن جميع الوثائق تثبت صحة أقوالها: فقد كان الأخصائيون الاجتماعيون على اتصال بها وبالطفلين بانتظام، كما قاموا بزيارة بيتهم عدة مرات. وتم توثيق هذه الزيارات في بروتوكولات ومحاضر الزيارات ذات الصلة، وكذلك في الوثائق المرسَلة إلى مختلف المؤسسات.

5-7 وتعترض صاحبة الرسالة على ادعاء الدولة الطرف أنها مسؤولة عن ” تنفير الطفلين من والدهما، وانقطاع الاتصال بين الطفلين وأقارب والدهما، وعدم التقيد بطريقة الاتصال معه لمدة أكثر من عامين “ ، وتصف هذا الادعاء بأنه لا يعتمد على أي أدلة. وتوضح أنه على عكس ما ذُكر، كان الطفلان يلتقيان بوالدهما في المواعيد المحددة للقاءات وكانا على اتصال به بانتظام، وأنها لا تحضر تلك اللقاءات. ومع ذلك، في كل لقاء، كان الأب يضرب الطفلين، ويهددهما بالقتل، ويهينهما، وينتقد والدتهما ثم يغادر. وفي كل مرة، كانت صاحبة الرسالة تبلغ فورا المؤسسات المعنية بالتّفقد، وتثبت عمليات التحقّق التي قامت بها تلك المؤسسات أن اللقاءات بين الطفلين ووالدهما قد دارت فعلا وأن الأب كان يهددهما ويضربهما ويهينهما.

5-8 وتشير صاحبة الرسالة إلى أنه من الموثّق أنه قد عُرضت على الأب في العديد من المناسبات خدمة اجتماعية تتيح له الالتقاء بطفليه في مركز اتصال. وقد رفض الأب هذه الخدمة، مشيرا إلى أن اتصاله بطفليه كان مُرضٍ تماما بالنسبة له. وهذا ينفي ادعاء الدولة الطرف أن صاحبة الرسالة كانت تعرقل اتصاله بالطفلين وتنفّرهما منه. وتبذل صاحبة الرسالة قصارى جهدها لتحسين التواصل بين الطفلين ووالدهما، وقد طلبت إحالة الأب إلى دائرة اجتماعية لعلاج عدوانيته وعقد لقاءاته مع الطفلين في مركز اتصال بحضور أخصائي يضطلع بدور الوسيط.

5-9 وتعترض صاحبة الرسالة على ادعاء الدولة الطرف أن سلوكها قد اعتُبر ” غير صحي وضارا بالطفلين “ . ولا تؤيد هذا الادعاء آراء الأخصائيين النفسيين الذين قيّموا الطفلين ولا التحقيقات التي أجرتها الشرطة أو مكتب المدعي العام، ولا آراء الخبراء بشأن قدرتها على الاضطلاع بواجباتها كأم، التي أثبتت أن الطفلين كانا ينشآن في بيئة رائعة وأنها توفر لهما الرعاية الكافية. كما يبرهن على رفاه الطفلين نجاحهما في المدرسة ومشاركتهما في أنشطة خارجة عن المناهج الدراسية، وقد أكدت ذلك التحقيقات التي أجراها الأخصائيون الاجتماعيون. وتشير التقارير الاجتماعية إلى أن قدرتها على الاضطلاع بواجباتها كأم ممتازة وإلى أنها ترعى طفليها بكثير من العناية والتفاني.

5-10 وفيما يتعلق بتأكيد الدولة الطرف أن ” إبعاد الطفلين عن أحد والديهما مسألة تتعارض مع مصالح الطفلين، وأنه يتعين إحالة الوالدين إلى جهة وساطة “ ، تشير صاحبة الرسالة إلى أنها كانت تصر على عقد مثل هذه اللقاءات بحضور جهة وساطة لمساعدة والد الطفلين على علاج عدوانيته منذ بداية الإجراءات القضائية. وزوجها السابق هو الذي كان يرفض حضور أي لقاءات تدور في مكان محمي وأي وساطة يوفرها أخصائي. فهو لا يريد تحسين تواصله مع طفليه ولا العمل على حل مشكلة عدوانيته. وأعربت صاحبة الرسالة عن استغرابها من تجاهل مؤسسات الدولة الطرف لهذه الحقيقة، ومن إلقاء اللوم عليها لأن الطفلين يخافان من والدهما ولا يرغبان في العيش معه.

5-11 وتصف صاحبة الرسالة أيضا ادعاء الدولة الطرف أن والدَي الطفلين لا يستعينان حاليا بأي خدمات اجتماعية بأنه غير صحيح. فمنذ عام 2013 وحتى الآن، دأبت صاحبة الرسالة على الاستعانة بدائرة اجتماعية للحصول على المشورة النفسية. وهي تستعين بهذه الدائرة بناءً على إحالة من إدارة حماية الطفل. لكن زوجها السابق يرفض السعي لعلاج عدوانيته ولا يريد قبول أي مساعدة نفسية.

5-12 وتعترض صاحبة الرسالة على تقييم الدولة الطرف بأن لدى الأب الإمكانيات اللازمة لتلبية احتياجات طفليه، وأنه قد وفّر لهما ظروفا معيشية جيدة تتواءم مع ما يفضله الطفلان ومع اهتماماتهما، وأنه لا يتعدى على المساحة الشخصية الخاصة بكليهما، واعتبرت ذلك التقييم ” خاطئا تماما “ . وقد ذكر زوجها السابق في قاعة المحكمة أثناء إجراءات طلب حق الحضانة أنه يفتقر للظروف المعيشية اللازمة لتربية الطفلين، ولكن عندما ينتقلان للعيش معه، سينظر عندئذ فقط في كيفية توفير غرفة لهما. وهكذا، اعترف بأنه لم يوفّر بعدُ، بعد مرو سبع سنوات على الطلاق، مساحة شخصية للطفلين. وقد أصبح الطفلان في سن المراهقة ( ) ، وهما بحاجة إلى مساحة شخصية، وليس من المقبول أن يتقاسما سريرا مع والدهما. فهو يعيش في شقة والدته معها ومع شقيقه الأكبر (55 عاما). وتتألف الشقة من غرفتي نوم تشغلهما والدته وشقيقه. أما الأب، فليس لديه غرفته الخاصة؛ وهو ينام على الأريكة في غرفة الجلوس حيث تتناول الأسرة وجبات الطعام. وأثناء زيارات الطفلين لوالدهما، يجبران على النوم في سرير مع جدتهما أو على الأريكة مع والدهما .

5-13 وأكدت أن الادعاء أن زوج صاحبة الرسالة السابق استعان بخدمات اجتماعية يقدمها معهد الأنشطة والممارسات الاجتماعية ادعاء كاذب. ففي الواقع، كان ذلك للتستر على حقيقة أن الأب قد رأى أخصائيا نفسيا فقط في مؤسسة رابطة أنيموس ، الذي ذكر أن قدرته على الاضطلاع بواجباته كأب متدنية جدا، وأوصى بأن يواصل العمل مع أخصائي نفسي لتحسين قدرته.

5-14 ووفقا لصاحبة الرسالة، ليس صحيحا أن مواعيد اللقاءات الستة التي حددتها المحكمة قد دارت في غرفة في معهد الأنشطة والممارسات الاجتماعية وأن ” الطفلين كانا يبدوان هادئين أثناء اللقاءات و ... أنهما اغتنما تلك الفرصة للتواصل مع والدهما بشكل طبيعي “ . وبعد إنهاء اللقاءات الستة الأولى قبل الأوان لأن الطفلين كانا منزعجين من عدوانية والدهما، رفض الأب الامتثال لأمر المحكمة ورفض المشاركة في اللقاءات الستة المتبقية مع طفليه في بيئة محمية، وفقا لأمر المحكمة.

5-15 وترى صاحبة الرسالة أن تأكيد الدولة الطرف أنها ” تولي . .. اهتماما خاصا للمساواة أمام القانون . .. وتُعطى الأولوية دائما للنساء والفتيات والأمهات “ مثير للسخرية ويتعارض تماما مع الواقع في الدولة الطرف. وأشارت في هذا الصدد إلى الملاحظات الختامية للجنة بشأن التقرير الدوري الثامن لبلغاريا (CEDAW/C/BGR/CO/8).

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي، ما إذا كانت الرسالة مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري. وعملاً بالمادة 72 (4) من النظام الداخلي للجنة، يتعين عليها أن تقوم بذلك قبل النظر في موضوع الرسالة.

6-2 وتذكّر اللجنة بأنه يُمنع عليها، بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، أن تنظر في أي رسالة ما لم تكن قد تأكدت من أن جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة قد استُنفدت إلا إذا استغرق تطبيق وسائل الانتصاف هذه أمدا طويلا بدرجة غير معقولة، أو كان من غير المحتمل أن يحقق انتصافاً فعالاً ( ) ‬ . وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن صاحبة الرسالة تدّعي أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وإذ تعتبر اللجنة أن هذا الشرط القانوني شرط أساسي لقبول الرسالة، تُلاحظ أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم أي حجة تفيد عكس الادعاء ولم تطعن في مقبولية الرسالة لأي سبب من الأسباب. وفيما يتعلق بالسياق الخاص بحالة صاحبة الرسالة، ترى اللجنة أن سبل الانتصاف المحلية المتاحة قد استنفدت. وبناء عليه، لا يوجد في هذه الحالة ما يمنع اللجنة، بحكم مقتضيات المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، من النظر في هذه الرسالة.

6-3 وقد اطمأنت اللجنة، حسبما تقتضيه المادة 4 (2) (أ) من البروتوكول الاختياري، إلى أن هذه المسألة لم يُنظر فيها ولا يجري النظر فيها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية .

6-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة الرسالة تدعي أنها تعرضت إلى جانب طفليها للتمييز من جانب الدولة الطرف عندما لم توفر لها ولطفليها حماية فعالة من العنف العائلي لأنها عاملتها بطريقة لا تكفل لها المساواة أمام القانون، مما أدى إلى إسقاط حقها في حضانة طفليها ومنحِ هذا الحق لوالد الطفلين الذي يُزعم أنه عنيف. وتلاحظ اللجنة أيضا ادعاء الدولة الطرف أنه ردًّا على العدد الكبير من الشكاوى وطلبات المساعدة والاستفسارات التي قدمها كل من صاحبة الرسالة وزوجها السابق، أجرى الأخصائيون الاجتماعيون التحقيق المطلوب، عملا بأحكام المادة 14 من اللائحة التنفيذية لقانون حماية الطفل، بجمع معلومات من مصادر متنوعة، وأنهم لم يعثروا على أي دليل على ارتكاب الأب أي أعمال عنف ضد الطفلين. وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحبة الرسالة لم ترفع أي دعوى جنائية ضد والد الطفلين بسبب سلوكه العنيف المزعوم، لا أثناء الزواج ولا بعده. وتحيط اللجنة علما بتأكيد الدولة الطرف أن المحاكم قد أخذت في الاعتبار ادعاءات صاحبة الرسالة المتعلقة بالعنف البدني والنفسي الذي تعرض له الطفلان، ولكن لم تثبت صحة تلك الادعاءات أثناء الإجراءات القضائية. وتلاحظ اللجنة أيضا صدور أمر حماية عاجل ضد صاحبة الرسالة وزوجها الجديد كان ينبغي بموجبه أن يقيم الطفلان مع والدهما، وأنه خلال الفترة من 17 كانون الثاني/يناير 2015 إلى 11 تموز/يوليه 2015 لجأت صاحبة الرسالة مع طفليها إلى مركز حماية لمدة ستة أشهر لم يتمكن الأب خلالها من رؤيتهما. وترى اللجنة أن الأدلة والظروف التي احتّجت بها صاحبة الرسالة لم توفر أسسا كافية لكي تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تف بالتزامها ببذل العناية الواجبة لحمايتها وحماية طفليها من العنف العائلي.

6-5 وتذكر اللجنة بأنها لا تحل محل السلطات الوطنية في تقييم الوقائع والأدلة، ما لم يكن التقييم تعسفياً بشكل واضح أو يشكل حرمانا من العدالة ( ) .

6-6 وتلاحظ اللجنة أيضا ادعاء صاحبة الرسالة أنها تعرضت للتمييز الجنساني أثناء إجراءات دعوى الحضانة، إذ لم يعاملها الجهاز القضائي بطريقة تكفل لها المساواة أمام القانون. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن محكمة صوفيا المحلية منحت في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2012 حق حضانة الطفلين لصاحبة الرسالة ومنحت الأب حق الزيارة وأمرته بدفع نفقة للطفلين. وتلاحظ اللجنة أيضا أن محكمة صوفيا المحلية غيّرت في 1 حزيران/يونيه 2016 قرارها السابق بسبب التغيير في الظروف وحكمت لصالح الزوج السابق لصاحبة الرسالة، ومنحته حق حضانة الطفلين، للأسباب التالية وهي الحفاظ على علاقة الطفلين بكلا الوالدين، لأن صاحبة الرسالة عرقلت نظام العلاقات الشخصية بين الطفلين والأب لعدم امتثالها لقرار المحكمة أو أمر الحماية العاجل ولأنها نفّرت الطفلين من والدهما؛ ولأن البيئة الداعمة للطفلين اعتُبرت غير آمنة بسبب تصرفات جدهما من جهة الأم. وأمرت المحكمة صاحبة الرسالة أيضا بدفع نفقة للطفلين. وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أيدت محكمة مدينة صوفيا القرار الصادر عن المحكمة الابتدائية. وأيدت محكمة النقض العليا هذا القرار في 7 حزيران/يونيه 2018.

6-7 وتلاحظ اللجنة أن محكمة الاستئناف والمحكمة العليا قد خلصتا إلى أن قيام الجهة الحاضنة بعرقلة الاتصالات الشخصية بين الطفلين والوالد الآخر وبالحد من علاقات الطفلين معه قد كان له تأثير سلبي على الطفلين، وإلى أنه قد تم تقييم صفات الوالدين في سياق التنافس بين الوالدين وتضارب الولاء لدى الطفلين لمنح حق الحضانة بطريقة تضمن مصالح الطفلين الفضلى. وتلاحظ اللجنة أيضا أنه مع أن المحكمة الابتدائية ركّزت، في جملة أمور، على كون صاحبة الرسالة قد تزوجت مرة أخرى، لم تتبع المحكمتان الأعلى درجة [أي محكمة الاستئناف ومحكمة النقض] نفس هذا المنطق. وتلاحظ اللجنة، على وجه الخصوص، أن تفسير المحكمتين الأعلى درجة لم يمسّ بحق صاحبة الرسالة في الزواج مرة أخرى ولا بحقها في الحياة الأسرية لأنهما لم تؤاخذاها على الاقتران بزوج جديد، ولكنهما آخذتاها على عرقلة العلاقات الشخصية بين الأب والطفلين وعلى تنفيرهما من والدهما، واعتبرتا البيئة الداعمة للطفلين غير آمنة بسبب الشكوك المحيطة بارتكاب الجد من جهة الأم أفعالا مشينة بحق م. ز. وتلاحظ اللجنة كذلك أن المحكمتين اعتمدتا بشكل كبير على تقارير الخبراء النفسيين عند تقييم مصالح الطفلين الفضلى. ولئن كان صحيحا أن حق الحضانة مُنح للأب في هذه القضية، فإن اللجنة ترى أنه على ضوء جميع المعلومات المقدّمة، لم تنجح صاحبة الرسالة، لأغراض المقبولية، في تقديم أدلة تثبت صحة ادعاءاتها المتعلقة بالتعرض للتمييز الجنساني وبعدم المساواة في المعاملة أمام القانون أثناء إجراءات دعوى الحضانة.

7 - ولذلك ترى اللجنة أنه لأغراض المقبولية، لم تقدم صاحبة الرسالة أدلة تثبت صحة ادعاءاتها المتعلقة بارتكاب انتهاكات بموجب المواد 1 و 2 و 5 و 15 و 16 من الاتفاقية، ولذلك ينبغي إعلان عدم مقبولية الرسالة بموجب المادة 4 (2) (ج) من البروتوكول الاختياري لأنها غير مدعومة بأدلة كافية.

8 - وبناء على ذلك، تُقرِّر اللجنة:

(أ) أن الرسالة غير مقبولة بموجب المادة 4 (2) (ج) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن تُبلّغ الدولة الطرف وصاحبة الرسالة بهذا القرار.