بلاغ مقدّم من:

روزانا فلامر - كالديرا (تمثلها هيئة محامين مؤلفة من: الصندوق الاستئماني للكرامة الإنسانية (Human Dignity Trust)؛ وكريستين تشينكين ، من كلية لندن للاقتصاد؛ وكارون موناغان كيو سي، من مؤسسة ميتريكس تشيمبرز (Matrix Chambers)؛ وكينا يوشيدا، من مؤسسة دوتي ستريت تشيمبرز (Doughty Street Chambers)؛ وأوليفيا كلارك، من مؤسسة دي إل إي بايبر(DLA Piper))

الضحية المزعومة:

صاحبة البلاغ

الدولة الطرف:

سري لانكا

تاريخ البلاغ:

23 آب/أغسطس 2018 (تاريخ البلاغ الأول)

الوثائق المرجعية:

القرار المتخذ عملا بالمادة 69 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

21 شباط/فبراير 2022

1 - صاحبة البلاغ هي روزانا فلامر - كالديرا ، وهي مواطنة سريلانكية ولدت في عام 1956. وهي تدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها بموجب المواد 2 (أ) و (ج) إلى (ز) و 5 (أ) و 16 من الاتفاقية. بالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن الطرف الثالث المتدخل يثير مطالبات بموجب المادتين 7 (ج) و 15 من الاتفاقية. وقد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري على سري لانكا في 15 كانون الثاني/يناير 2003. وصاحبة البلاغ تمثلها هيئةُ محامين.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 صاحبة البلاغ مثلية. وترتدي ملابس تعتبر ”ذكورية“ وهي قصيرة الشعر. وهي منفتحة بشأن حياتها الجنسية كما أنها ناشطة بارزة في مجال حقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين في سري لانكا. وقد أسست منظمة تدعى ”أرض المساواة“ (Equal Ground)، هي المنظمة الوحيدة في سري لانكا التي تمثل مجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين بأكمله في قضايا عدم التمييز، وهي مديرتها التنفيذية.

2-2 وما برحت صاحبة البلاغ تعاني من التمييز والإساءات لكونها مثلية. وعندما كانت مراهقة، عانت من الوصم المرتبط بميلها الجنسي وحاولت الانتحار حين كان عمرها 17 عاما. ولم يمض على ذلك وقت طويل حتى غادرت سري لانكا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أمكن لها أن تكون منفتحة بشأن حياتها الجنسية. وعادت إلى سري لانكا لتقيم فيها بصفة دائمة في عام 1990. إلا أنها وجدت صعوبة في العثور على وظيفة وفي إدارة أعمالها لكونها نفسها ولارتدائها ملابس متوافقة مع نفسها.

2-3 وفي عام 1997، اكتشفت صاحبةُ البلاغ أن النشاط الجنسي المثلي الذي يتم بالتراضي بين بالغين يشكل جُرما بموجب المادة 365 ألف من قانون العقوبات لعام 1883. وكان هذا القانون يشمل الرجال فحسب فيما سبق، إلا أنه عُدل بقانون العقوبات (المعدل) رقم 22 لعام 1995 ليشمل السلوك الجنسي بين النساء، حيث استعاض عن الصياغة السابقة ” شخص ذكر “ بتعبير ” شخص “ ( ) .

2-4 وفي عام 1999، شاركت صاحبة البلاغ في تأسيس مجموعة لدعم المثليات ومزدوجات الميل الجنسي، باسم مجموعة دعم المرأة. وكثيرا ما وجهت إليها منذ ذلك الحين تهديدات وتعرضت للإساءة من جانب وسائل الإعلام والجمهور. وعندما تحدثت عضوات مجموعة دعم المرأة عن تنظيم مؤتمر للمثليات في عام 1999، نُشرت رسالةٌ في الصحف تدعو الشرطة إلى الإفراج عن المدانين بارتكاب جرائم اغتصاب حتى يتسنى للمثليات ” معرفة مذاق الشيء الحقيقي “ . وإزاء ذلك، تقدمت إحدى المنظمات غير الحكومية بشكوى إلى مجلس الصحافة، ثبت أنها لم تثمر شيئا. وخلال هذا الوقت، نشر مجلس الصحافة حكما أدان فيه المثلية الجنسية للنساء ( ) .

2-5 وفي عام 2004، أسست صاحبة البلاغ منظمة جديدة تدعى ” أرض المساواة “ . وما برحت تواجه تحديات مستمرة في إدارة هذه المنظمة. وفي كانون الأول/ديسمبر 201 2 وشباط/فبراير 2013، قدم مكتب المرأة والطفل التابع للشرطة عروضاً أكد فيها أن إساءة معاملة الأطفال آخذة في التزايد لأسباب تعزى في معظمها إلى ” تنامي ثقافة المثلية الجنسية “ . وعُرضت صورة صاحبة البلاغ مع اسمها ومنصبها في منظمة أرض المساواة، مع ادعاء بأنها ومنظمتها مسؤولتان عن نشر المثلية الجنسية، بما يعني ضمنا أنها والمنظمة مسؤولتان أيضا عن نشر الميل الجنسي إلى الأطفال. ولم تقدِّم شكوى إلى الشرطة خشية أن يتم اعتقالها. وقامت إدارة التحقيقات الجنائية بوضعها هي ومنظمة أرض المساواة تحت المراقبة، مما أجبرها على نقل المواد الخاصة بالمنظمة إلى مكان آمن، حيث كانت الإدارة قد اعتبرت أي مواد عن المثلية الجنسية موادا إباحية، مما قد يسوغ اعتقالها.

2-6 وفي تموز/يوليه 2013، داهمت إدارة التحقيقات الجنائية منظمةً شريكة لمنظمة أرض المساواة على أساس الادعاء بأنها ” تنشر المثلية الجنسية “ . وتعرضت صاحبة البلاغ للتمييز والمضايقة والوصم والتهديدات وهجمات من شخصيات بارزة على شخصها وتهديدات بالعنف من جانب موظفين بالدولة وأفراد من الجمهور، بما في ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد جرى استهدافها بسبب انفتاحها بشأن ميلها الجنسي، وملابسها ” الذكورية “ ، وعدم امتثالها للقوالب النمطية الجنسانية، ودفاعها عن المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين في سري لانكا. وفي نيسان/أبريل وأيار/مايو 2018، تعرضت للإساءة اللفظية ووُجهت لها تهديدات بالعنف في مشادة أثناء قيادة السيارة ومن قبل رجل يعمل في توصيل طلبات الخبز ( ) .

2-7 وتقول صاحبة البلاغ إن تجريم النشاط الجنسي المثلي يعني أن التمييز والعنف والمضايقة التي يواجهها مجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين في سري لانكا لا يزال يحدث مع إفلات مرتكبيه من العقاب. ولا تتوفر لأفراد هذا المجتمع حماية من مضايقات الشرطة. وقد غيَّر القانون الطريقة التي تعيش وتتصرف بها في السر والعلن. فهي لديها خوف دائم من الاعتقال وتبقي باب منزلها موصدا وستائر نوافذها مغلقة عندما تكون في المنزل مع صديقتها.

2-8 وتدفع صاحبة البلاغ بأنها لا تملك أي وسيلة للطعن في المادة 365 ألف من قانون العقوبات لعام 1883، لأن الدستور السريلانكي يحظر صراحةً أي طعن دستوري في صحة تشريعات سنت بالفعل ( ) ، وهو ما أكدته الدولة الطرف ( ) . وفي عام 2016، أكدت المحكمة العليا في سري لانكا صحة المادتين 365 و 365 ألف من قانون العقوبات في دعوى الاستئناف رقم 32/11 المرفوعة أمامها وأيدت حكما بإدانة رجلين ( ) .

الشكوى

3-1 تدفع صاحبة البلاغ بأن تجريم النشاط الجنسي المثلي للنساء وما يصاحبه من احتمال الاعتقال والملاحقة القضائية يرقى إلى مستوى التمييز على أساس الهوية الجنسانية والميل الجنسي، مما يشكل انتهاكا لحقها في عدم التمييز بموجب المادة 2 (أ) و (د) إلى (ز) من الاتفاقية ( ) . وفي حين تنطبق المادة 365 ألف من قانون العقوبات لعام 1883 بالتساوي على الرجال والنساء، فإن أشكال التمييز المتداخلة التي تواجهها المثليات ومزدوجات الميل الجنسي، بوصفهن نساء وبوصفهن أقليات جنسية، هي السبب وراء معاناتهن من آثار مضاعفة ناجمة عن هذا الحكم ( ) .

3-2 وتقول صاحبة البلاغ إن تجريم النشاط الجنسي المثلي ينتهك قاعدة آمرة هي مبدأ المساواة وعدم التمييز بموجب المادة 2 (د) من الاتفاقية ( ) . وتعاني المثليات ومزدوجات الميل الجنسي من قدر كبير من التمييز المجتمعي والوصم. وهذا التجريم أوجد حواجز كبيرة أمام اللجوء إلى القضاء كما أوجد ثقافة سُمح فيها بازدهار التمييز والمضايقة والعنف ضد المثليات ( ) . وعلى هذا النحو، ما برحت صاحبة البلاغ تتعرض للتهديدات والمضايقات على أساس حياتها الجنسية وعدم امتثالها للأدوار والمظاهر النمطية للمرأة، مما جعلها تخشى على سلامتها وسلامة أسرتها. وهي ما برحت، بوصفها مدافعة عن حقوق الإنسان، معرضة بشكل خاص للتمييز، مثلما دل عليه ما تعرضت له من تشهير ورصد ومراقبة ومضايقات. ويرقى عدم التصدي لهذا التمييز إلى حد انتهاك المادة 2 (و) و (ز) من الاتفاقية.

3-3 وبموجب المادة 2 (ج) إلى (ز) من الاتفاقية والتوصية العامة رقم 35 (2017) بشأن العنف الجنساني ضد المرأة، الصادرة تحديثاً للتوصية العامة رقم 19، تؤكد صاحبة البلاغ أن تجريم النشاط الجنسي المثلي بين النساء يؤدي إلى تفاقم العنف الجنساني ضد المرأة، بما في ذلك على يد مجتمعها وأسرتها ( ) . ذلك أنه يخلق سياقا تجبر فيه المثليات ومزدوجات الميل الجنسي على الزواج من أشخاص غيريين جنسيا، في غياب حظر جنائي للاغتصاب الزوجي، ويعانين من انتهاكات لحقهن في الاستقلالية الجنسية والجسدية. والانتهاكات التي تحدث لحقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين لا يتم الإبلاغ عنها كلها ولا يجري التحقيق فيها أو الملاحقة القضائية لمرتكبيها على النحو الواجب ( ) . وأدى التجريم إلى ترك صاحبة البلاغ عرضة للتشهير من جانب السلطات والتهديدات بالعنف من جانب جهات عادية، مما يشكل انتهاكا لالتزام الدولة الطرف باحترام وحماية حقها في عدم التعرض للعنف ( ) . وقد استُهدفت باعتبارها أبرز المدافعات عن حقوق الإنسان الواجبة للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين في سري لانكا، بالإضافة إلى الاحتياطات التي يتعين عليها اتخاذها كامرأة. لأجل ذلك، وضعت بروتوكولات أمنية لحمايتها وحماية أسرتها، وهي تنظم المناسبات في أماكن آمنة، وتضمن عدم الإعلان عن موقع عملها. ونظرا لنشاطها وميلها الجنسي المعروف، فإنها تخشى الوقوع ضحية للممارسة المستمرة المتمثلة في ” الاختفاء بعد الاختطاف في شاحنات بيضاء “ .

3-4 وتستشهد صاحبة البلاغ بالمادة 5 (أ) من الاتفاقية، والفقرة 10 من التوصية العامة رقم 25 (2004) بشأن التدابير الخاصة المؤقتة، والفقرة 18 من التوصية العامة رقم 28 (2010) بشأن الالتزامات الأساسية للدول الأطراف بموجب المادة 2 من الاتفاقية، والفقرة 8 من التوصية العامة رقم 33 (2015) بشأن لجوء المرأة إلى القضاء في دفعها بأن تجريم النشاط الجنسي المثلي بين النساء والتمييز ضد المثليات ومزدوجات الميل الجنسي يشكلان جزءا من مواقف أبوية متجذرة تحدد أدوار الأدوار الجنسانية وتختزل المرأة في وظيفة إنجابية معينة. وينتهك القانون المادة 5 (أ) من الاتفاقية بتجريم نشاط جنسي لا يتفق مع القوالب النمطية الجنسانية وبإضفاء الشرعية على التحيز المجتمعي والتنميطات والأدوار الجنسانية. وإلى جانب أن صاحبة البلاغ واجهت قوالب نمطية كامرأة، بما في ذلك القوالب التي تضيق عليها سبل العيش، فما برحت تتعرض للتنميط الضار بسبب ميلها الجنسي، بما في ذلك اتهامها بأنها تنشر الميل الجنسي إلى الأطفال، وللتشهير والمضايقة والتهديدات القائمة على هذه القوالب النمطية.

3-5 وتذهب صاحبة البلاغ إلى أن تجريم السلوك الجنسي المثلي بين النساء ينتهك الحق في الاستقلالية والحق في الاختيار اللذين تقوم عليهما المادة 16 من الاتفاقية. وهي تؤكد أن التوجه الجنسي مرتبط بحق الفرد في تقرير مصيره واستقلاليته الجنسية، وفقا لاختيارها وقناعاتها ( ) . والتجريم يقحم في المجال العام النشاط الخاص الذي يتم بالتراضي، ومن ثم ينتهك الحق في الخصوصية، والكرامة، والسلامة الشخصية، لأنه يسمح لضباط الشرطة بدخول أسرة معيشية لمجرد الاشتباه في أن امرأتين متراضيتين في علاقة حميمة، وبالتحقيق في هذه الجوانب من الحياة الخاصة، وباحتجاز صاحبة البلاغ. وقد أوجد ذلك صعوبة لها في العثور على شريكة سريلانكية بسبب المخاوف من الاضطهاد، وعندما تكون مع شخص ما، يتعين عليها التأكد من أن الباب موصد والنوافذ والستائر مغلقة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 تدفع الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 13 آب/أغسطس 2019، بأن البلاغ غير مقبول. وترى الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية، لأنها لم تدخل في أي إجراء محلي. وتلاحظ أن المادة 126 من دستور سري لانكا تنص على الحق في الوصول المباشر إلى المحكمة العليا لالتماس الانتصاف في حالة انتهاكات الحقوق الأساسية من جانب السلطات التنفيذية أو الإدارية. ومصداقا لذلك، أصدرت المحكمة العليا العديد من الأحكام التي تأكدت فيها من وقوع انتهاكات للحقوق الأساسية من جانب موظفين عموميين ونصت على تعويض. وعلاوة على ذلك، يمكن رفع دعاوى بشأن وقوع انتهاكات لهذه الحقوق من جانب جهات فاعلة عادية أمام المحاكم العادية. واستنادا إلى المادة 4 (د) من الدستور، أتاحت المحكمة العليا أيضا التقاضي من أجل المصلحة العامة. وفي دعوى الاستئناف رقم 32/11 المعروضة على المحكمة العليا، أقرت المحكمة ” بالفكر المعاصر الذي مؤداه أن ممارسة الجنس بالتراضي بين بالغين ينبغي ألا يكون أمرا تراقبه الدولة بغية منعه كما أنه ينبغي ألا يكون سببا للتجريم “ . وفي حين اعترفت المحكمة بالقانون المحلي الساري، فقد رأت أن فرض عقوبات بالسجن سيكون غير مناسب في القضايا التي تكون فيها الأفعال المطعون فيها بين بالغين متراضيين. وعلاوة على ذلك، تنص المادة 140 من الدستور على إتاحة الأوامر القضائية أمام محكمة الاستئناف.

4-2 وتلاحظ الدولة الطرف أن لجنة حقوق الإنسان، واللجنة العامة للالتماسات التابعة للبرلمان، والمفوض البرلماني المعني بالإدارة، ولجنة الشرطة الوطنية تتلقى الشكاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والقرارات الرسمية وتحقق فيها. وينص نظام العدالة الجنائية على العديد من الإجراءات القانونية لحماية الأشخاص، بما في ذلك دفع تعويضات لضحايا الاعتقال أو الاحتجاز غير القانونيين. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن الطعن في النصوص التشريعية عن طريق مراجعة التشريع المعني قبل سنه.

4-3 وتدفع الدولة الطرف بأن البلاغ غير مشفوع بأدلة كافية لغرض المقبولية، لأن صاحبة البلاغ تستشهد بالاتفاقية بعبارات عامة جدا، دون أن تشرح بشكل محدد الانتهاكات المزعومة.

4-4 وترى الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول من حيث الزمن، لأن صاحبة البلاغ تشير إلى عدة أحداث مزعومة وقعت قبل بدء نفاذ الاتفاقية على الدولة الطرف ( ) .

4-5 وتلاحظ الدولة الطرف أنها ملتزمة بإصلاح قانون العقوبات لعام 1883 لضمان امتثال جميع الجرائم الواردة فيه لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان. وقد اعترفت الدولة الطرف أمام هيئات معاهدات حقوق الإنسان بأن الحق في المساواة وعدم التمييز يشمل ضمنا عدم التمييز على أساس الميل الجنسي. وتجري حاليا عملية إصلاح دستوري تشمل النظر في توصية مقدمة من اللجنة الفرعية البرلمانية المعنية بالحقوق الأساسية بأن يُضمن بعبارات صريحة عدم التمييز على أساس الميل الجنسي.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 تعترض صاحبة البلاغ في تعليقاتها المؤرخة 10 كانون الأول/ديسمبر 2019 على الادعاء بأنها لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية. وتقول إنه ليس هناك أي تدبير من التدابير التي أشارت إليها الدولة الطرف سيجيز لها الطعن في صحة المادة 365 ألف من قانون العقوبات. ومع أن المادة 126 من الدستور تسمح للمحكمة العليا بمنح تعويض، فإنه يلزم أن تقرأ بالاقتران مع الأحكام التي تحول دون مراجعة تشريعات تم سنها. ولا تعلق الدولة الطرف على استحالة إجراء تلك المراجعة، كما أنها لا تقدم أي أمثلة على حالات الطعون الدستورية الناجحة في صحة القانون الجنائي. وتشير صاحبة البلاغ إلى قلق اللجنة من عدم وجود فرصة لإجراء مراجعة قضائية للتشريعات السابقة للدستور ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، لا يوجد حُكم يقضي بمعالجة وسائل الانتصاف غير القضائية التي تحتج بها الدولة الطرف ( ) .

5-2 وتعترض صاحبة البلاغ على أن البلاغ غير مقبول من حيث الزمن، لأن انتهاك حقوقها، بما في ذلك من خلال وجود المادة 365 ألف من قانون العقوبات لعام 1883، ما زال مستمرا.

5-3 وتؤكد صاحبة البلاغ من جديد أنه في عام 2016، أيدت المحكمة العليا أحكام إدانة بموجب المادة 365 ألف من قانون العقوبات. وتذهب إلى أن إشارة الدولة الطرف إلى إمكانية إدخال تغيير على القانون لا صلة لها بمقبولية البلاغ. وعلاوة على ذلك، ترقى هذه الملاحظة إلى مستوى قبول الطابع التمييزي للقانون. وتدفع صاحبة البلاغ بأنها فندت بوضوح كيف انتُهكت كل مادة من مواد الاتفاقية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6-1 تقدم الدولة الطرف في مذكرة شفوية مؤرخة 3 كانون الثاني/يناير 2020 ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية. وتذهب الدولة الطرف إلى أن المادة 12 من الدستور تتفق مع المادة 2 (أ) من الاتفاقية من حيث إنها تنص على المساواة أمام القانون والمساواة في التمتع بحماية القانون وعدم التمييز. وتفهم الدولة الطرف أن هذه الحقوق تشمل عدم التمييز على أساس الميل الجنسي. ولا توجد قوانين في سري لانكا تجيز التمييز على أساس الميل الجنسي أو تمنع الأشخاص من الانخراط في أنشطتهم اليومية على هذا الأساس فقط. وتلك القوانين إنْ وجدت لن تكون دستورية، مما يعطي الضحية الحق في التماس سبل الانتصاف. وإضافةً إلى ذلك، نفذت سياسات عديدة للمساهمة في إعمال الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية. وعلاوة على ذلك، تبين الأسباب التي سردتها المحكمة العليا في حكمها في دعوى الاستئناف رقم 32/11 المعروضة عليها أن مواقف المحاكم في هذا السياق آخذة في التطور.

6-2 وتلاحظ الدولة الطرف أن المادة 120 من الدستور تمكِّن المحكمة العليا من مراجعة اتساق مشروع قانون ما مع الدستور، وهو إجراء يمكن أن يلجأ إليه المواطنون. وفي حين ينص الدستور فقط على المراجعة القضائية للتشريعات قبل سنها، فقد توافرت لصاحبة البلاغ إمكانية الطعن في قانون العقوبات (المعدل) رقم 22 لعام 1995. إلا أنها لم تفعل ذلك فتكون بذلك قد ارتضت دستورية القانون. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك وجود شعبة بكل قسم شرطة في البلد مخصصة للنظر في الاحتياجات المحددة للمرأة. غير أن صاحبة البلاغ لم تقدم أي شكوى في سري لانكا.

6-3 وتقول الدولة الطرف إن صاحبة البلاغ تدعي خطأ أنها تعيش تحت تهديد مستمر بالاعتقال. فأولا، هناك شروط معينة يجب استيفاؤها قبل إلقاء القبض على أي شخص، منها ضلوع المقبوض عليه أو عليها في ارتكاب جريمة، أو ورود شكوى معقولة أو معلومات ذات مصداقية بشأن ارتكاب جريمة، أو وجود اشتباه معقول في ارتكابها. وثانيا، يتعارض تنظيم المجتمع السريلانكي مع الوجاهة التشغيلية للمادة 365 ألف من قانون العقوبات، نظرا لأن المعايير السالفة الذكر تتطلب وجود اشتباه على أسس معقولة في أن فعلا فاضحا قد ارتكب. وترى الدولة الطرف أن الادعاءات الأخرى لصاحبة البلاغ غير مشفوعة بأدلة وتستند إلى سيناريوهات افتراضية أو تكهنات.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7-1 تلاحظ صاحبة البلاغ في تعليقاتها المؤرخة 23 آذار/مارس 2020 أن الدولة الطرف تقبل باستحالة الطعن في تشريع نافذ المفعول. ومن ثم فإنه لا توجد أمامها سبل الانتصاف القانوني الفعال للطعن في المادة 365 ألف من قانون العقوبات. ولا يمكن للمحكمة العليا أن تبدأ مراجعة تشريع قبل سنه إلا إذا قدم طلب بذلك في غضون أسبوع واحد من وضع مشروع القانون على جدول الأعمال اليومي للبرلمان (المادة 121 (1) من الدستور). إلا أن صاحبة البلاغ لم تكن على علم بالقانون إلا بعد عامين من اعتماده. وبصفتها مدافعة ثابتة عن حقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين، فإنها تشعر بألم عميق إزاء حجة الدولة الطرف بأنها ارتضت دستورية القانون.

7-2 وتحتج صاحبة البلاغ بأن ملاحظات الدولة الطرف بشأن معايير الاعتقال وقرار المحكمة العليا في دعوى الاستئناف رقم 32/11 المعروضة عليها إنما يؤكدان أن ممارسة الجنس بالتراضي بين بالغين يظل أمرا مجرَّما تراقبه الشرطة وتحرص على منعه. وتذهب إلى أن الشكاوى المتعلقة بمسائل أخرى غير تجريم النشاط الجنسي المثلي بين النساء ليست ذات صلة بالبلاغ.

7-3 وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2020، قدمت صاحبة البلاغ طلبا تلتمس فيه الإذن بتقديم تدخل طرف ثالث. وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، وبعد موافقة اللجنة على الطلب، قدمت صاحبة البلاغ تدخل طرف ثالث ( ) . ويؤكد الطرف المتدخل، في جملة أمور، أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 7 (ب) و (ج) من الاتفاقية بالنظر إلى الخطاب التحريضي لقادة الحكومة، والمراقبة المخيفة لمنظمة أرض المساواة، والحواجز التي وضعت للحيلولة دون تسجيلها كمنظمة غير حكومية، والحاجة إلى إيجاد أماكن آمنة لعقد المناسبات. وأخلت الدولة الطرف أيضاً بالمادة 15 (1) من الاتفاقية، لأن تجريم النشاط الجنسي المثلي للنساء يحرم المثليات، بمن فيهن صاحبة البلاغ، من الاعتراف بهن على قدم المساواة مع غيرهن أمام القانون ويضع عراقيل تمنعهن من الإبلاغ عن الجرائم التي ترتكب ضدهن.

7-4 ويلاحظ الطرف المتدخل، احتجاجا بالمادة 16 من الاتفاقية، أنه يتعين دوما على صاحبة البلاغ إخفاء علاقاتها. وفي عام 2005، تعرضت هي وشريكتها للتمييز بسبب وضعهما الأسري، حيث رفض أحد أخصائيي الرعاية الصحية توفير العلاج لشريكتها في حضورها. وقد انتهكت الدولة الطرف حقها في الخصوصية، حيث يسمح لقوة الشرطة بالتحقيق في الجوانب الحميمة من حياتها الخاصة. وكانت هناك أيضا زيجات قسرية للمثليات، مما يشكل انتهاكا للحق في اختيار عدم الزواج. وعلاوة على ذلك، لم يتم التصدي للقوالب النمطية السلبية للمرأة غير المتزوجة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولا بموجب البروتوكول الاختياري. وعملا بالمادة 72 (4) من نظامها الداخلي، يتعين عليها أن تقوم بذلك قبل النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

8-2 ووفقاً للمادة 4 (2) (أ) من البروتوكول الاختياري، تحققت اللجنة من أن هذه المسألة لم تُبحث بالفعل من قبل اللجنة، ولم تبحث ولا يجري بحثها في إطار إجراءٍ آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-3 وتحيط اللجنة علما بحجة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول، لأن صاحبة البلاغ لم تلجأ إلى أي من سبل الانتصاف المحلية. وعلى وجه الخصوص، تقول الدولة الطرف إنه كان بإمكان صاحبة البلاغ تقديم التماس لمراجعة التعديل المدخل على قانون العقوبات لعام 1883 قبل سنه، وذلك بموجب المادة 121 (1) من الدستور. وتحيط اللجنة علما بحجة صاحبة البلاغ بأنه وفقا للمادة 121 (1) من الدستور، يلزم تقديم طلب مراجعة تشريع قبل سنه في غضون أسبوع واحد من إدراج مشروع القانون في جدول الأعمال اليومي للبرلمان، وأنها لم تكن على علم بهذه الإمكانية في الوقت ذي الصلة. وبالنظر إلى محدودية الإطار الزمني والافتقار إلى المعلومات التي تبين كيف كان بإمكان صاحبة البلاغ، عمليا، استخدام وسيلة الانتصاف هذه في الوقت المناسب، لا تستطيع اللجنة أن تتأكد من أن الإجراء المنصوص عليه في المادة 121 (1) من الدستور كان متاحا لها في الواقع بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن عدم استخدام صاحبة البلاغ لهذا الإجراء لا يمنع اللجنة من النظر في البلاغ بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري.

8-4 وتحيط اللجنة علما بما ذهبت إليه صاحبة البلاغ من أن الإجراءات الأخرى التي تحتج بها الدولة الطرف، وهي الإجراءات أمام المحكمة العليا، ومحكمة الاستئناف، ولجنة حقوق الإنسان، واللجنة العامة للالتماسات التابعة للبرلمان، والمفوض البرلماني المعني بالإدارة، ولجنة الشرطة الوطنية، غير قادرة على معالجة شكواها، التي تتعلق بالمادة 365 ألف من قانون العقوبات لعام 1883 بصيغته المعدلة. واللجنة، إذ تلاحظ أن الدولة الطرف لا تدحض الحجة القائلة بأنه يستحيل على محاكمها مراجعة تشريع معتمد ( ) ، وإذ تذكِّر بعدم وجود نص يقضي بمعالجة سبل الانتصاف غير القضائية لغرض المقبولية ( ) ، لا يمكنها الخلوص إلى أن الإجراءات المذكورة يمكن أن توفر فعليا الانتصاف في ضوء ادعاءات صاحبة البلاغ. ولذا تخلص اللجنة إلى أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري.

8-5 وتحيط اللجنة علما بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن البلاغ غير مقبول من حيث الزمن. وتذكِّر اللجنة بأن لها اختصاص النظر في الانتهاكات التي يزعم أنها وقعت بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري على الدولة الطرف، الذي حدث في 15 كانون الثاني/يناير 2003. وتخلص اللجنة إلى أن ادعاء صاحبة البلاغ فيما يتعلق بالآثار التي وقعت عليها من جراء المادة 365 ألف من قانون العقوبات لعام 1883 بصيغته المعدلة يجب أن يعتبر مستمرا بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري على الدولة الطرف، بما في ذلك التمييز والمضايقة والوصم والتهديدات والاعتداءات التي تعرضت لها بعد ذلك التاريخ. وعليه، تخلص اللجنة إلى أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب المادة 4 (2) (ه) من البروتوكول الاختياري بقدر ما يتعلق الأمر بالمادة 365 ألف من قانون العقوبات لعام 1883 بصيغته المعدلة وبأي أحداث وقعت بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري على الدولة الطرف.

8-6 وتحيط اللجنة علما بما ذكرته الدولة الطرف من أن البلاغ غير مقبول على أساس أنه غير مشفوع بأدلة كافية. إلا أن اللجنة ترى أن البلاغ يثير مسائل جوهرية بموجب الاتفاقية، ولا سيما فيما يتعلق بالادعاءات المتعلقة بالآثار الواقعة على صاحبة البلاغ من جراء تجريم النشاط الجنسي المثلي للنساء. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن البلاغ مشفوع بأدلة كافية لغرض المقبولية، وفقا للمادة 4 (2) (ج) من البروتوكول الاختياري.

8-7 ونظرا لعدم وجود أي اعتراضات أخرى من جانب الدولة الطرف على مقبولية البلاغ، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول، بقدر ما يتعلق الأمر بالآثار الواقعة على صاحبة البلاغ من جراء تجريم الدولة الطرف للنشاط الجنسي المثلي للنساء بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري على الدولة الطرف، لأنه يثير مسائل مشمولة بأحكام المواد 1 و 2 و 5 و 7 و 15 و 16 من الاتفاقية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف، على النحو المنصوص عليه في المادة 7 (1) من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتحيط اللجنة علما بادعاء صاحبة البلاغ أن المادة 365 ألف من قانون العقوبات لعام 1883 بصيغته المعدلة تنتهك حقها في عدم التمييز بموجب المادة 2 (أ) و (د) إلى (ز) من الاتفاقية، لأن تجريم النشاط الجنسي المثلي للنساء يضاعف من التمييز ضد المرأة في سري لانكا. وتشير اللجنة إلى أن فئات معينة من النساء، بمن فيهن المثليات، معرضة بشكل خاص للتمييز من خلال القوانين المدنية وقوانين العقوبات والأنظمة والقانون العرفي والممارسات العرفية ( ) . وتحيط اللجنة علما بادعاءات صاحبة البلاغ بأنها، بوصفها ناشطة معروفة في مجال حقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين، ومعروفة بكونها مثلية، تتعرض باستمرار لخطر الاعتقال والاحتجاز والتحقيق في حياتها الخاصة، واضطرت إلى تعديل سلوكها وفقاً لذلك، مع استمرار إنفاذ القانون. وتحيط علما كذلك بحجة صاحبة البلاغ بأن هذه القاعدة يترتب عليها أثران هما إعطاءُ إذن رسمي بالتهديدات والتجاوزات التي ما برحت تتعرض لها هي ومنظمتها من قبل جهات فاعلة تابعة للدولة وغير تابعة للدولة، وإعاقةُ لجوء صاحبة البلاغ إلى الإجراءات التي تمكنها من تقديم شكوى بشأن ذلك. وفي ظل هذه الظروف، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخضعت صاحبة البلاغ للتمييز المباشر وغير المباشر الناجم عن قانون العقوبات لعام 1883 بصيغته المعدلة. ويساور اللجنة القلق لأن القانون لم يُلغ على الرغم من الإعراب في مناسبات سابقة عن القلق إزاء أثره التمييزي على المرأة ( ) . وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 2 (أ) و (د) إلى (ز) من الاتفاقية.

9-3 وتحيط اللجنة علما بادعاء صاحبة البلاغ أن تجريم النشاط الجنسي المثلي بين النساء يؤدي إلى تفاقم العنف الجنساني ضد المرأة، بما في ذلك التشهير بصاحبة البلاغ ومضايقتها وتهديدها. وتذكِّر اللجنة بأن العنف الجنساني المرتكب ضد المرأة يتخذ أشكالا متعددة، بما فيها الأفعال أو أوجه التقصير التي يقصد منها أو يحتمل أن تسبب الوفاة أو الضرر البدني أو الجنسي أو النفسي أو الاقتصادي أو المعاناة للمرأة، أو أن تفضي إلى ذلك، والتهديد بتلك الأفعال، والتحرش، والإكراه، والحرمان التعسفي من الحرية ( ) . وتذكِّر اللجنة كذلك بتوصيتها إلى الدول الأطراف بإلغاء الأحكام التي تجيز أشكال العنف الجنساني ضد المرأة أو تتسامح معها أو تؤيدها ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تدعي أنها استهدفت من قبل جهات فاعلة تابعة للدولة وغير تابعة للدولة بسبب نشاطها ولكونها معروفة بأنها مثلية، بما في ذلك من خلال تعرضها بصورة متواترة للتهديدات والتجاوزات والاعتداءات والمضايقات. وهي تدعي أيضا أنها اضطرت إلى تطبيق بروتوكولات أمنية لحمايتها وحماية أسرتها، وأنها تنظم المناسبات في أماكن آمنة، وأن عليها أن تكفل عدم الإعلان عن موقع عملها. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تقم فعليا بدحض هذه الادعاءات ولا بتبيين أي تدابير قانونية أو تدابير أخرى اتخذت لاحترام وحماية حق صاحبة البلاغ في حياة خالية من العنف الجنساني. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 2 (ج) إلى (و) من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع التوصية العامة رقم 19 (1992) بشأن العنف ضد المرأة والتوصية العامة رقم 35.

9-4 وتحيط اللجنة علما بادعاء صاحبة البلاغ الذي يفيد بأن الدولة الطرف لم تقم بإزالة التحيز والقوالب النمطية التي ما برحت تتعرض لها. وتدعي صاحبة البلاغ أنه بالإضافة إلى القوالب النمطية التي ما برح يتعين عليها أن تواجهها كامرأة، ظلت السلطات تخضعها لقوالب نمطية ضارة واتهامات بسبب كونها مثلية، بما في ذلك الاتهام بأنه تنشر الميل الجنسي إلى الأطفال. وتدعي أيضا أن تجريم النشاط الجنسي المثلي للنساء يضفي الشرعية على التحيز المجتمعي والقوالب النمطية الجنسانية المجتمعية، بما في ذلك من خلال التهديدات والمضايقات التي تتعرض لها. وتلاحظ اللجنة أن إلغاء تجريم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي أمر لا غنى عنه لمنع العنف والتمييز والقوالب النمطية الجنسانية الضارة والحماية منها ( ) . بيد أن الدولة الطرف لم تقم فعليا بدحض ادعاءات صاحبة البلاغ ولا بتبيين أي تدابير متخذة للقضاء على التحيزات التي ما برحت تتعرض لها بوصفها امرأة، ومثلية، وناشطة. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلت بالتزاماتها بموجب المادة 5 (أ)، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية.

9-5 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ بأنها كثيرا ما تعرضت للتهديدات وواجهت تجاوزات من جانب الشرطة ووسائل الإعلام والجمهور فيما يتصل بقيادتها لمجموعة دعم المرأة ومنظمة أرض المساواة، وأنه لم يكن بوسعها الإبلاغ عن هذه التجاوزات خشية أن يلقى القبض عليها. وتحيط اللجنة علما أيضا بادعاء صاحبة البلاغ أن إدارة التحقيقات الجنائية قد وضعتها هي ومنظمة أرض المساواة تحت المراقبة واعتبرت أن أي مواد تتعلق بالجنسية المثلية هي مواد إباحية. وقد أرغمها ذلك على نقل المواد الخاصة بالمنظمة إلى مكان آمن وعرضها للتهديد المستمر بالاعتقال بسبب قيادتها لمنظمة أرض المساواة. وتذكِّر اللجنة بأنه ينبغي للدول الأطراف أن تشجع عمل منظمات حقوق الإنسان والمنظمات النسائية غير الحكومية ( ) . وتذكِّر اللجنة أيضاً بأن قدرة النساء على المشاركة كعضوات نشطات في المجتمع المدني هي من بين الشروط المسبقة لإقامة مجتمع تزدهر فيه الديمقراطية والسلام والمساواة بين الجنسين على الدوام ( ) . وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن سلطات الدولة الطرف لم توفر لصاحبة البلاغ الحماية من المضايقات والتجاوزات والتهديدات بسبب ما تقوم به من أعمال للنهوض بحقوق مجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين في سري لانكا، بل شاركت في هذه المضايقات والتجاوزات والتهديدات. وتخلص اللجنة إلى أن هذه الوقائع ترقى إلى مستوى انتهاك حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 7 (ج) من الاتفاقية.

9-6 وتحيط اللجنة علما بادعاء صاحبة البلاغ أنه لم يكن بوسعها الاتصال بالشرطة وتقديم شكاوى بشأن التهديدات والمضايقات التي تعرضت لها، بالنظر إلى أن تجريم النشاط الجنسي المثلي يجعلها عرضة للاعتقال والملاحقة القضائية. وتذكِّر اللجنة بأن الدول الأطراف ملزمة، بموجب المادتين 2 و 15 من الاتفاقية، بضمان حصول المرأة على الحماية وسبل الانتصاف المتاحة من خلال القانون الجنائي وعدم تعرضها للتمييز في سياق تلك الآليات، سواء بوصفها ضحية للأفعال الإجرامية أو مرتكبة لها ( ) . وتذكِّر اللجنة أيضا في هذا الصدد بأن النساء يجرَّمن على نحو غير متناسب بسبب حالتهن أو وضعهن، بما في ذلك بوصفهن مثليات ( ) . وترى اللجنة أن تجريم النشاط الجنسي المثلي بموجب المادة 365 ألف من قانون العقوبات لعام 1883، بصيغته المعدلة، قد أسفر عن صعوبات أكبر بكثير لصاحبة البلاغ لكونها مثلية. وعلى وجه الخصوص، ترى اللجنة أن التجريم يتنافى مع حق صاحبة البلاغ في تقديم شكاوى بشأن التجاوزات والتهديدات التي تعرضت لها. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 15 (1) من الاتفاقية قد انتهكت.

9-7 وتحيط اللجنة علما بحجة صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف، بتجريمها السلوك الجنسي المثلي بين النساء، قد انتهكت حقها في الاستقلالية وحقها في الاختيار اللذين تقوم عليهما المادة 16 من الاتفاقية، بالنظر إلى أن خوفها من الاضطهاد أوجد صعوبة لها في العثور على شريكة سريلانكية، وأنها معرضة لخطر مداهمة الشرطة منزلها وملاحقتها قضائيا للاشتباه في ممارستها الجنس المثلي، وأنها اضطرت إلى إبقاء بابها موصدا ونوافذها وستائرها مغلقة عندما تكون مع شريكتها. وتذكِّر اللجنة بأنه أياً كان شكل الأسرة، فإنه يجب أن تتفق معاملة المرأة داخل الأسرة سواء بمقتضى القانون أو في الحياة الخاصة مع مبدأي المساواة والعدل بين جميع الناس ( ) . وترى اللجنة أن الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية تخص جميع النساء، بمن فيهن المثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسانية وحاملات صفات الجنسين، وأن المادة 16 من الاتفاقية تنطبق أيضا على العلاقات اللاغيرية . وتلاحظ اللجنة أن تجريم النشاط الجنسي المثلي بين النساء في سري لانكا يعني أن صاحبة البلاغ ما برحت تواجه صعوبات في العثور على شريكة، وأنها مضطرة إلى إخفاء علاقاتها، وأنها تواجه خطر التحقيق معها وملاحقتها قضائيا في هذا السياق. ولذلك تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 16 من الاتفاقية.

10 - ووفقا للمادة 7 (3) من البروتوكول الاختياري، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المواد 2 (أ) و (ج) إلى (ز) و 5 (أ) و 7 (ج) و 15 و 16، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية، في ضوء التوصيات العامة رقم 19 ورقم 33 ورقم 35.

11 - وتقدم اللجنة التوصيات التالية إلى الدولة الطرف:

(أ) فيما يتعلق بصاحبة البلاغ:

’ 1‘ اتخاذ إجراءات فورية وفعالة ضد التهديدات والمضايقات والتجاوزات التي تعرضت لها صاحبة البلاغ، بما في ذلك من خلال اعتماد تدابير للوقاية والحماية، والشروع عند الاقتضاء في إجراءات جنائية لمحاسبة المسؤولين عنها؛

’2‘ اتخاذ جميع التدابير المناسبة لضمان قدرة صاحبة البلاغ ومنظمتها على القيام بنشاطهما بأمان وحرية؛

’3‘ أن يقدم لصاحبة البلاغ جبر مناسب، بما في ذلك تعويض ملائم، يتناسب مع جسامة انتهاكات حقوقها والنتائج المستمرة المترتبة على تلك الانتهاكات؛

(ب) توصيات عامة:

’ 1‘ فيما يتعلق بالمادة 365 ألف من قانون العقوبات لعام 1883، إلغاء تجريم السلوك الجنسي المثلي بالتراضي بين النساء اللاتي تجاوزن سن الرضا؛

’2‘ توفير حماية فعالة من العنف الجنساني ضد المرأة، بما في ذلك باعتماد تشريعات شاملة تحظر التمييز ضد المثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسانية وحاملات صفات الجنسين؛

’3‘ توفير الحماية الكافية ونظم الدعم وسبل الانتصاف، بما في ذلك جبر الضرر، للمثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسانية وحاملات صفات الجنسين اللاتي يقعن ضحايا التمييز؛

’4‘ ضمان وصول النساء من ضحايا العنف الجنساني ضد المرأة، بمن فيهن المثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسانية وحاملات صفات الجنسين، إلى سبل الانتصاف المدنية والجنائية الفعالة وحصولهن على حماية فعالة، بما في ذلك توفير المشورة والخدمات الصحية والدعم المالي، تمشيا مع التوجيهات الواردة في التوصية العامة رقم 33 للجنة؛

’5‘ جمع إحصاءات عن قضايا جرائم الكراهية والعنف الجنساني ضد المثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسانية وحاملات صفات الجنسين؛

’6‘ التصدي بفعالية للتمييز ضد المثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسانية وحاملات صفات الجنسين في مكان العمل؛

’7‘ اتخاذ تدابير محددة وفعالة لضمان تهيئة بيئة آمنة ومواتية للمدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات في مجال حقوق الإنسان؛

’8‘ توفير التدريب لوكالات إنفاذ القانون بشأن الاتفاقية والبروتوكول الاختياري الملحق بها والتوصيات العامة للجنة، وعلى وجه الخصوص، التوصيات العامة رقم 19 ورقم 21 ورقم 28 ورقم 33 ورقم 35، لإذكاء الوعي بحقوق الإنسان الواجبة للمثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسانية وحاملات صفات الجنسين، وحتى يكون مفهوما أن الجرائم التي تنطوي على كراهية المثليين المرتكبة ضد المثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسانية وحاملات صفات الجنسين هي من جرائم العنف الجنساني أو جرائم الكراهية التي تقتضي تدخلا نشطا من جانب الدولة.

12 - ووفقا للمادة 7 (4) من البروتوكول الاختياري، يتعين على الدولة الطرف أن تولي الاعتبار الواجب لما أعربت عنه اللجنة من آراء وكذلك ما قدمته من توصيات، وأن تُقدّم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن أي إجراءات تكون قد اتخذتها في ضوء تلك الآراء والتوصيات. ويُطلب من الدولة الطرف ترجمة آراء وتوصيات اللجنة إلى اللغات الرسمية للدولة الطرف ونشرها وتعميمها على نطاق واسع لتصل إلى كافة قطاعات المجتمع.