الأمم المتحدة

E/C.12/69/D/85/2018

ا لمجلس الاقتصادي والاجتماعي

Distr.: General

16 March 2021

Arabic

Original: Spanish

‎‎اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية‏‏

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشأن البلاغ رقم 85/2018 *

المقدم من : حكيمة الغماري وأحمد تيدلي

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبا البلاغ وأطفالهما

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 12 أيار/مايو 2018 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد الآراء : 18 شباط/فبراير 2021

الموضوع : إخلاء صاحبي البلاغ من سكنهما

المسائل الموضوعية : الحق في سكن لائق

مواد العهد : 11(1)

مواد البروتوكول الاختياري : 3(1)

1-1 صاحبا البلاغ هما حكيمة الغماري، من مواليد عام 1981، وأحمد تيدلي ، من مواليد عام 197 1 ، وكلاهما مواطنان مغربيان يقيمان في الدولة الطرف منذ أكثر من 25 عاما ً ، ويتصرفان أصالة عن نفسهما ونيابة عن أطفالهما الأربعة (هو. ت.، وم . ت.، وها ت.، وأ . ت.)، وكلهم مواطنون مغاربة من مواليد 2002 و2006 و2008 و2014 على التوالي. ويدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهما وحقوق أطفالهما بموجب المادة 11(1) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 5 أيار/مايو 2013. ولا يمثل صاحبي البلاغ محام.

1-2 وتقدم اللجنة في هذه الآراء أولاً موجز ا ً للمعلومات والحجج التي قدمها الطرفان دون أن تتخذ منها موقفا ً . ثم تنظر في مسائل مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وأخيرا ً ، تقدم استنتاجات وتوصيات.

ألف- موجز المعلومات والحجج المقدمة من الطرفين

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ ( )

قبل تسجيل البلاغ

2-1 يدعي صاحبا البلاغ أنهما استأجرا في 1 كانون الثاني/يناير 2015 مسكنا ً من وكالة عقارية بمبلغ قدره 480 يورو شهريا ً وفقا ً لاتفاق الإيجار. وفقد َ السيد تيدلي وظيفته في عام 2016، ولم يكن لديه من ثم سوى حدّ الكفاف البالغ 735,90 يورو شهريا ً الذي كان يتلقاه منذ عام 2004. ولما كان هذا المبلغ هو مصدر َ دخل الأسرة الوحيد، اضطُرا إلى التوقف عن دفع الإيجار.

2-2 وفي 26 تموز/يوليه 2017، أُبلغ صاحبا البلاغ بأن محكمة مدريد الابتدائية رقم 69 تلقت شكوى تطلب منهما مغادرة السكن أو دفع الإيجار المستحق أو ال استئناف. وفي 25 كانون الثاني/ يناير 2018، قضت المحكمة، في قرارها رقم 19 /2018، بإنهاء عقد الإيجار بسبب عدم دفع الإيجار وحكمت عليهما بمغادرة السكن ودفع الإيجارات المستحقة ودفع الرسوم القضائية.

2-3 وفي 5 آذار/مارس 2018، طلب صاحبا البلاغ وقف الإخلاء ؛ وفي 7 آذار/مارس 2018، قدمت دوائر الخدمات الاجتماعية تقريرا ً تطلب فيه صراحة وقف الإجراءات بدعوى أن الأسرة معرضة لخطر الإقصاء الاجتماعي وأن طفليهما الثاني والثالث من ذوي الإعاقات بنسبة 45 في المائة و10 في المائة على التوالي. ورُفض طلب صاحبي البلاغ في 9 آذار/مارس 2018 وأُخطرا بالأمر الذي يحدد موعد الإخلاء في 15 آذار/مارس 2018. وذكّرت المحكمة في قرار الرفض الذي أصدرته بأن المالكة طالبت مرارا ً وتكرارا ً دون جدوى بدفع الإيجارات وأن المدعى عليهما انتظرا أكثر من عام واللحظة الأخيرة قبل أن يحاولا إيجاد حل. وفي 13 آذار/مارس 2018، قدم صاحبا البلاغ طلب إعادة نظر التمسا فيه تعليق الإخلاء بمقتضى المادة 704 من قانون الإجراءات المدنية 1 /2000 المؤرخ 7 كانون الثاني/يناير 2000. وأحالت المحكمة الطلب، لكنها لم تعلق إجراءات ال إخلاء لأن هذا النوع من الاستئناف ليس له أثر إيقافي.

2-4 وفي 15 آذار/مارس 2018، قامت السلطات ب محاولة إخلاء أول ى ، لكن ه ذه ا لمحاولة باءت بالفشل، إذ إن ممثلاً للمالكة ذهب إلى عين المكان ووافق على تأجيل إجراء الإخلاء حتى 22 آذار/ مارس 2018. وفي 16 آذار/مارس 2018، التمس صاحبا البلاغ مرة أخرى تعليق ال إخلاء طالبَين إلى القاضي إجراء مراجعة للتناسب، وفقا ً للاجتهاد القضائي للجنة والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وأكدا على وجه الخصوص أن المالكة شخصية اعتبارية تملك أكثر من 150 مسكنا ً ، وشددا على خطر الإقصاء الاجتماعي ا ل ذي يهدد أسرتهما والضرر الذي يلحق بالأطفال الأربعة، الذين ثبت أن اثنين منهم من ذوي الإعاقات المؤكدة. وذكّرا أيضاً بأنهما قدما طلبات شتى للحصول على سكن اجتماعي إلى السلطات المختصة في منطقة مدريد ومدينة مدريد منذ عام 2006، أي قبل تلقي شكوى المالكة بكثير. غير أن طلبهما لم يوقف إجراءات ال إخلاء .

2-5 وفي 22 آذار/مارس 2018، قامت السلطات ب محاولة ال إخلاء الثانية، التي باءت بالفشل لأن مجموعة من الأشخاص حالوا دون ال و صول إ لى السكن. ووافق ممثل للمالكة مرة أخرى على تأجيل ال إخلاء إلى 11 نيسان/أبريل 2018.

2-6 وفي 11 نيسان/أبريل 2018، أُخلي صاحبا البلاغ في نهاية المطاف. ورفضت المحكمة في 26 حزيران/يونيه 2018 طلب إعادة النظر الذي قدماه في 16 آذار/مارس 2018 بدعوى أن ال إخلاء تمّ أصلاً وأن الطلب أصبح متجاوزاً .

2-7 وبعد الإخلاء، عرضت دوائر الخدمات الاجتماعية بمدينة مدريد (Samur Social) على صاحبي البلاغ الإيواء في فندق ويلكوم (Welcome)، حيث أقاما 10 أيام. ويقع هذا الفندق في منطقة صناعية في فاليكاس (Vallecas) لا يمر بها لا القطار ولا الميترو ولا توجد فيها محلات تجارية أو ملاعب للأطفال أو مراكز صحية أو مراكز ثقافية أو رياضية أو مدارس.

2-8 وفي 21 نيسان/أبريل 2018، نقل صاحبا البلاغ إلى مأوى بينار دي سان خوسيه (Pinar de San José) الذي تشبه بيئته بيئة فندق ويلكوم . ونظام النقل العام في المنطقة التي يوجد فيها المأوى غير جيد، فكان يتعين عليهما المشي 15 دقيقة للوصول إلى أقرب محطة حافلات وأخذ أطفالهما إلى المدرسة التي تقع في الطرف الآخر من مدريد. وكان على الأطفال أن يستيقظوا في السادسة صباحا ً كيلا يتأخروا عن المدرسة. ويضاف إلى ذلك أن المأوى كان قذراً، إذ توجد فيه صراصير وبق فراش، وكانت الأسرّة في حالة رديئة. ولم يكن يوجد فيه سوى 5 حمامات ل ‍ 40 شخصا ً ، وكانت أُسر عدة مضطرة إلى تقاسم غرفة واحدة؛ ونتيجة لذلك لم يكن صاحبا البلاغ ينعمان بأي خصوصية (علماً بأن السيدة الغماري كانت حاملاً). ولما كان المأوى يقع بجوار مركز لمدمنين على المخدرات، لم يكن نادراً مصادفة أشخاص يتعاطونها.

2-9 ويدعي صاحبا البلاغ أن السلطات المختصة في مدينة مدريد منحت في 21 نيسان/أبريل 2018، وهو يوم وصولهما إلى مأوى بينار دي سان خوسيه، ما لا يقل عن 134 مسكنا ً في إطار برنامجها العام، ول م تمنح مسكن ا ً واحد ا ً في إطار برنامجها للرعاية الأولوية ( ) .

بعد تسجيل البلاغ

2-10 مكث صاحبا البلاغ في مأوى بينار دي سان خوسيه حتى 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. وفي 6 تموز/يوليه 2018، اشتكى المقيمون في المأوى إلى مدينة مدريد سوء ظروف الإقامة، لكنهم لم يتلقوا ردا ً . وأثناء إقامة صاحبي البلاغ في المأوى، كان يُطلب منهما باستمرار مغادرة المكان، دون أن يُعرض عليهما بديل، كي يتسنى إيواء أشخاص آخرين. ولم يتلقيا معلومات عن البدائل قبل إخلائهما من المأوى، وعاشا من ثم في حالة من القلق وعدم التيقّن. وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أسقطت السيدة الغماري حملها في شهرها السابع، الأمر الذي دفع أعضاء المنظمة غير الحكومية " بلاتفورما دي أفيكتادوس بور لا هيبوتيكا " (Plataforma de Afectados por la Hipoteca) إلى حبس أنفسهم في المأوى للضغط على السلطات بحيث تمنع ترك أي أسرة من دون سكن بديل.

2-11 وفي 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، نُقل صاحبا البلاغ وأطفالهما مجدداً إلى فندق ويلكوم ، لكن الظروف المعيشية هناك كانت أسوأ من المرة السابقة لأنه لم يكن لديهما سوى غرفة واحدة لجميع أفراد الأسرة مقابل غرفتين في نيسان/أبريل 2018. ومرة أخرى، أجبروا على مغادرة المرفق دون بديل، علما ً بأن السيدة الغماري كانت في نقاهة بعد الإسقاط. وفي 21 و23 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، اتخذت المنظمة غير الحكومية"بلاتفورما دي أفيكتادوس بور لا هيبوتيكا " إجراءات أخرى في الفندق لصدّ إخلاء الأسرة.

2-12 وبعد وقت قصير، عُرض على صاحبي البلاغ مكان في نزل إيرا ألونسو مارتينيز (Hostel ERA Alonso Martínez) حيث مكثا شهرين حتى شباط/فبراير 2019. ثم أجبرا على مغادرة المأوى لأنهما تجاوزا مدة الإقامة وعُرض عليهما مكان في مركز خدمات الرعاية الاجتماعية المعروف باكتظاظه ( ) . ورفضا هذا العرض لأنه أتيحت لهما فرصة العيش مع أصدقاء استضافوهما فترة من الوقت.

2-13 ويعيش صاحبا البلاغ حاليا ً في شقة إيجارها 300 يورو شهريا ً في حي الصفيح " كانيادا ريال" («Cañada Real») وهو محور ل تجارة المخدرات في مدريد حيث الجريمة واسعة الانتشار ( ) . وهذه الشقة أيضا ً ليست مسكنا ً ملائما ً لأسباب عدة. والأسرة، المؤلفة من 8 أشخاص منذ ولادة توأم، لا تملك سوى غرفة نوم وغرفة جلوس. ونظرا ً لعدم وجود مطبخ مستقل، على الأسرة الطهي في غرفة الجلوس. ويضاف إلى ذلك عدم وجود تدفئ ة في الشقة . والتوأم مضطران إلى النوم في عرب تهما لعدم وج و د مكان آخر. وأخيرا ً ، لما كان عقد الإيجار شفويا ً ، فإن الأسرة لا يمكن الأسرةَ أن ت ُ سج َّ ل لدى السلطات للحصول على مساعدة اجتماعية لدفع الإيجار والكهرباء وحافلة الأطفال المدرسية.

الشكوى

3- ادعى صاحبا البلاغ في رسالتهما الأولية أن إخلاء هما والتصرفات اللاحقة الصادرة عن الدولة الطرف ينتهكان المادة 11(1) من العهد ل أنه ما ك ا ن ا يفتقران إلى سكن بديل ملائم. وأوضحا أن البدائل المقترحة بعد طردهما لا يمكن اعتبارها سكنا ً لائقا ً وم لائم ا ً لأسرة، لا سيما لأطفال. وأضافا أن السلطات لم تبد أي نية لتوفير سكن بديل دائم لهما.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2019، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. فهي تصحح قبل كل شيء بعض ما ساقَه صاحبا البلاغ من وقائع، موضّحةً أنهما حصلا في مركز استقبال بينار دي سان خوسيه على معونة غذائية ومِغسلة مجاناً. وخلال هذه الفترة، عُرض عليهما سكن في ضواحي مدريد، لكن داخل أسوار المدينة، غير أنهما رفضاه لأنه بعيد عن المدرسة ولأنهما لم يرغبا في تقاسم المكان مع الأشخاص الآخرين الذين كانوا يقيمون فيه. وعند تقديم الملاحظات، كان صاحبا البلاغ مستأجرين أصلاً السكن الواقع في كانيادا ريال غاليانا (Cañada Real Galiana)، وكانا يتلقيان خدمات اجتماعية مرة أخرى تمثلت خاصةً في متابعة الأطفال ومرافقة السيد تيدلي في بحثه عن عمل. ولما كان لدى صاحبي البلاغ بالفعل سكن مؤجر، فإن الدولة الطرف تطلب إنهاء النظر في البلاغ.

4-2 وفيما يتعلق بأسس البلاغ الموضوعية، تدعي الدولة الطرف أن دوائر الخدمات العامة تلبي الاحتياجات الأساسية للأسرة إذ يمكن لصاحبي البلاغ تلقّي خدمات أحد أفضل 10 نظم صحية في العالم مجاناً، وإذ أن أطفالهما يتلقون التعليم العام المجاني، الذي يشمل أيضا ً المقصف المدعوم، وأن الأب يحصل منذ عام 2004 على حد الكفاف ويستفيد من مساعدة دوائر الخدمات الاجتماعية في بحثه عن عمل، وأن بإمكان الأسرةَ اللجوء إلى العدالة مجانا ً ، وأن الإمداد بالمياه والكهرباء والتدفئة مجاني أو مدعوم.

4-3 وتدعي الدولة الطرف أن تدابير عدة اتخذت، سواء قبل ال إخلاء أ و بعده، لتلبية احتياجات الأسرة من السكن. فأما قبل ال إخلاء ، لكن بعد الإيجارات الأولى غير المدفوعة، فقد ات ُّ خ ِ ذت التدابير التالية: (أ) نظر مكتب السكن الاجتماعي التابع لمنطقة مدريد في ملف صاحبي البلاغ في إطار برنامج الإسكان الطارئ ورفضه؛ (ب) نظر مكتب الإسكان والأرض البلدي التابع لمدينة مدريد في الملف في إطار البرنامج نفسه، لكن لم يكن من ال ممكن أن يستفيد صاحبا البلاغ منه لأنهما لا يستوفيان المعايير؛ (ج) نظرت دوائر الخدمات الاجتماعية البلدية في إمكانية تقديم مساعدة اقتصادية مؤقتة إل ى صاحبي البلاغ من أجل دفع الإيجار، لكن ذلك لم يتسنّ لأن هما لم يقدما عقد إيجار. و أما بعد ال إخلاء ، فقد اقترحت السلطات بدائل مؤقتة عدة قبل أن تجد الأسرة سكنا ً استئجار ه . وبذلك تكون دوائر الخدمات العامة قد لبّت احتياجات الأسرة في حدود الإمكانيات المتاحة .

4-4 وتدعي الدولة الطرف أن الحق في السكن ليس حقا ً مطلقا ً وأن السلطات غير ملزمة بتوفير السكن للجميع إن لم تسمح الموارد العامة بذلك. وترى أن المادة 25(1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 11(1) من العهد لا تنصان على حق شخصي نافذ المفعول، لكنهما تلزمان الدول باعتماد تدابير استراتيجية مناسبة لتيسير حصول جميع المواطنين على سكن لائق. وجاء في اجتهادات محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي ( ) أن المادة 34(3) من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي لا تضمن الحق في السكن وإنما الحق في الحصول على مساعدة على الإسكان في إطار السياسات الاجتماعية المستندة إلى المادة 153 من المعاهدة المنظِّمة لعمل الاتحاد الأوروبي. وثمة اعتراف صريح بهذا الالتزام الواقع على عاتق الدول في المادة 47 من الدستور وفي نظم أساسية شتى متعلقة بالحكم الذاتي. فقد جاء في هذه المادة وفي اجتهادات المحكمة الدستورية ( ) أن الحق في السكن يعد "توجيها ً أو ولاية دستورية" يجب أن يكون له مضمون اجتماعي أساساً، لكن لا يمكن أن يُعتبر في حد ذاته اختصاصاً مستقلاً للدولة. ولذلك فإن السلطات العامة ملزمة بتهيئة الظروف ال ضروري ة ووضع القواعد المناسبة لإنفاذ حق الإسبان في السكن اللائق والملائم، ولا سيما عن طريق تنظيم استغلال الأراضي وفقاً للمصلحة العامة قصد منع المضاربة. وعلى هذا، فإن الدولة الطرف، من وجهة نظر قانونية، تحترم تماما ً التزاماتها الدولية بخصوص الحق في السكن ، الذي يُعْمل تدريجيا.

4-5 وترى الدولة الطرف أن المسألتين الأساسيتين هما: (أ) تسهم الدولة، في حدود ما تسمح به مواردها، بالنظر إلى حالة المالية العامة، في دفع تكاليف الإسكان التي يتكبدها من ليس لديهم ما يكفي من الإمكانات؛ ( ب) عندما لا يمكن أن تلبي هذه الموارد جميع الاحتياجات، يستند ترتيب أولويات الطلبات إلى معايير موضوعية ومبدأ المساواة، بحيث يستجاب لها حسب الأولوية ( ) .

4-6 وتدرك الدولة الطرف أن البلاغ لكي يكون مقبولا ً بم قتضى المادة 11(1) من العهد، يجب على صاحب البلاغ أن يثبت ما يلي بما فيه الكفاية: (أ) أنه محتاج وأن موارده أقل من الحد الأدنى اللازم للوصول إلى سوق السكن؛ (ب) أن السلطات المختصة في الدولة الطرف لم تخصص جميع الموارد المتاحة لتلبية احتياجات الأسر، التي هي في حالة إقصاء اجتماعي حقيقي، من السكن (لا سيما كونها لم تتخذ تدابير لتيسير دخول سوق المسكن الخاص ولمنع الخروج منها، وأنها لم تتخذ تدابير طارئة في حالة اضطرار الأشخاص المعنيين إلى الخروج من النظام الخاص للاستفادة من السكن الاجتماعي أو أنها لم تستثمر ما يكفي في هذا النوع من السكن؛ (ج) أنه حيثما لا تكفي الموارد العامة المتاحة لتلبية جميع الاحتياجات القائمة، لم يستند توزيع هذه الموارد الضئيلة إلى معايير رشيدة وموضوعية، وأن أسوأ الحالات لم تُعطَ الأولوية؛ (د) أنه لم يأت أفعالا ً أو يمتنع عن أفعال، عن قصد وبوعي، حالت دون حصوله على المساعد ات الحكومية المقترحة.

4-7 وتدعي الدولة الطرف أنها اتخذت التدابير التالية للتصدي للأزمة الاقتصادية: (أ) من أجل تعزيز فرص التملّك في سوق السكن الخاص، خفضت ضريبة دخل الأشخاص الطبيعيين حتى عام 2013، إضافة إلى القروض المدعومة والمساعدات المقدمة للشباب. وفيما ي خص استئجار المساكن، قدمت مساعدات حكومية للأسر ذات الدخل المحدود، إضافة إلى مساعدات ل دفع الضمانة والإيجار والمساعدات إلى الشباب ( ) ؛ (ب) لمنع مُلاّك من فقدان مساكنهم، اعتمدت الدولة الطرف إعفاء مؤقتا ً ( ) ؛ ووضعت أيضاً مدونة للممارسات المصرفية الجيدة للسماح بإعادة التفاوض، بشروط مقبولة، على الآجال في حالة عدم دفع الإيجار ( ) ؛ (ج) لإدارة الحالات الطارئة التي يتعرض فيها الناس للإخلاء القانوني قبل أن يكون لديهم سكن بديل، خاص أو اجتماعي، وضعت السلطات القضائية بروتوكولات تنسيق تتعاون بفضلها مع دوائر الخدمات الاجتماعية قبل الإخلاء بحيث يتسنى تقييم احتياجات الأشخاص المعنيين وتوفير سكن طارئ لهم ( ) . وتتحمل دوائر الخدمات الاجتماعية مسؤولية تقييم احتياجات الأسر ورصدها، وإدارة الطوارئ وتوفير السكن، والتعاون مع المناطق المتمتعة بالحكم الذاتي المعنية لتيسير الانتقال إلى نظام السكن الاجتماعي.

4-8 وتستشهد الدولة الطرف بتقرير صدر في 9 تموز/يوليه 2019 تصف فيه منطقة مدريد المتمتعة بالحكم الذاتي حالة الأسرة فيما يتعلق بالتشريع المنطبق على قضيتها. وتوضح أن الملف المت صل بطلب الأسرة الذي التمست فيه الحصولَ على سكن اجتماعي حظي بالموافقة، وأنه حاز 14 نقطة وفقا ً للجدول المطبق، وأنه حاليا ً في المرتبة 258 على قائمة الانتظار. وقبل الإخلاء ، كانت السلطات المختصة قد قررت عدم بدء إجراءات تخصيص سكن اجتماعي طارئ بدعوى أن الأسرة لا تستوفي المعايير المنصوص عليها في المرسوم 52 /2016 المؤرخ 31 أيار/مايو 2016. ومن بين المعايير غير المستوفاة ، يمكن ذكر أ ن الإخلاء لم يكن نتيجة انخفاض مفاجئ في دخل الأسرة، لأنها كانت تتلقى حد الكفاف منذ عام 2004.

4-9 وتدعي الدولة الطرف أن الوقائع كما عُرضت في القضية محل النظر تثبت أنه لم يحدث انتهاك للمادة 11(1) من العهد بالنظر إلى ما يلي: (أ) أدت دوائر الخدمات الاجتماعية دورها وأُبلغت جميعَ مواعيد الإخلاء المقررة؛ (ب) ما فتئت السلطات المختصة تقيّم بانتظام احتياجات الأسرة منذ عام 2003؛ (ج) قبل الإخلاء وبعده على السواء، سعت الهيئات العامة جاهدةً إلى إيجاد سكن بديل ، ووظّفت الموارد الموجودة في الحالات الط ارئة المؤقتة، ووفرت لصاحبَي البلاغ سكنا ً مؤقتا ً إلى أن وجدا البديل الذي يعيشان فيه حاليا ً . وإضافة إلى ذلك، تواصل دوائر الخدمات الاجتماعية التدخل، لا سيما من خلال متابعة الأطفال ومساعدة السيد تيدلي ومرافقته في بحثه عن عمل. لذلك تطلب الدولة الطرف، عوضا ً عن ذلك، رفض البلاغ من حيث أسس ُ ه الموضوعية.

تعليقات صاحبَي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 يدعي صاحبا البلاغ في تعليقاتهما المؤرخة 7 كانون الثاني/يناير 2020 أنه بين 26 تموز/ يوليه 2017، وهو التاريخ الذي أُبلغا فيه بشكوى عدم دفع الإيجارات، و11 نيسان/أبريل 2018، وهو تاريخ الإخلاء، لم تفعل الدولة الطرف شيئا ً لإيجاد سكن بديل لهما، الأمر الذي وضعهما في حالة من عدم التيقن التام، رغم أنها كانت على علم، قبل تقديم الشكوى بكثير، بهشاشة الأوضاع التي تعيش ها الأسرة وعدم قدرتها على دفع الإيجار.

5-2 وإضافة إلى ذلك، لم تنظر محكمة مدريد الابتدائية رقم 69 في التناسب بخصوص الإخلاء، في حين كان هناك، من ناحية، شخصية اعتبارية ذات ثروة طائلة وعقارات مستأجرة كثيرة ، ومن ناحية أخرى، أسرة في حالة إقصاء اجتماعي وطفل ان من ذوي الإعاقات . وكان بإمكان المحكمة تأجيل الإخلاء وحثّ السلطات المحلية على إيجاد سكن بديل.

5-3 و عن الدعوى العامة بعد الإخلاء، يدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف لم تكتف بعدم توفير سكن لائق وملائم قط، بل جاوزته بإجبارهما على العيش في فنادق ومآوي لا يمكن اعتبارها مساكن مناسبة لأسرة مكونة من ستة أفراد، من بينهم طفلان من ذوي الإعاقات وامرأة حامل. ويزعمان أنهما اضطُرا إلى الانتقال من مكان إقامة إلى آخر، علماً بأنه لم يكن أي من هذه الأماكن مرضيا ً ، وأنهما عاشا في حالة من عدم التيقن المستمر خشية أن يُجبَرا على مغادرة سكنهما دون بديل. ويؤكدان خاصة على أن الدولة الطرف لم تذكر في ملاحظاتها أن السيدة الغماري أسقطت حملها في شهرها السابع أثناء هذا الترحال. ويؤكدان أيضا ً أنهما تقدما طوال هذه الفترة وحتى اليوم بطلبات للحصول على سكن اجتماعي واشتكيا إلى السلطات المختصة بشأن ظروف سكنهما غير الملائمة دون أن يتلقيا أي رد على الإطلاق.

5-4 ويؤكد صاحبا البلاغ أنه على الرغم من أنهما وجدا سكنا ً للإيجار، فإنه غير ملائم لأسرة تضم حاليا ً ثمانية أفراد. ويشيران إلى هشاشة السكن وعقد الإيجار الذي لا يسمح لهما، كونه اتفاقا ً شفويا ً ، بالحصول على الاستحقاقات الاجتماعية التي تذكرها الدولة الطرف.

5-5 ويعترف صاحبا البلاغ بأن بإمكانهما الحصول على خدمات الصحة والتعليم العامَّين، مثل جميع المواطنين الإسبان، لكنهما يدعيان أن هذا ليس سببا ً لعدم تأمين حقوق أساسية أخرى، مثل الحق في سكن لائق وملائم. ويضاف إلى ذلك أن وضع صاحبي البلاغ من حيث السكن قوّض كثيرا ً من الحقوق التي ذكرتها الدولة الطرف: كان لظروف السكن أثر على صحة الأسرة إلى حد أن صاحبة البلاغ أسقطت حملها في شهرها السابع، وكان لعدم التيقن من الموقع والمسافة بين السكن والمدرسة أثر سلبي على تربية الأطفال ؛ وحد الكفاف الذي يتلقيانه غير كاف لأن أكثر من 40 في المائة من المبلغ يسخَّر حاليا ً لدفع إيجار مسكن لا يمكن اعتباره ملائما ً ، ولا يحق للأسرة حاليا ً الحصول على إعانات الكهرباء والتدفئة التي ذكرتها الدولة الطرف بسبب عدم استقرار عقد الإيجار.

5-6 وفيما ي خص الحلول التي قيل إن الدولة الطرف قدمتها قبل الإخلاء، يدعي صاحبا البلاغ أنها لم تتجسّد قط في الواقع العملي لأنهما حُرما منها، والدولة الطرف نفسها تعترف بذلك. فمكتب السكن الاجتماعي في منطقة مدريد هو الذي رفض منح سكن طوارئ، وأن مكتب الإسكان والأر ض البلدي لمدينة مدريد هو الذي رأى أن الأسرة لا تستوفي المعايير اللازمة للاستفادة من برنامج سكن الطوارئ، في حين أوصت دوائر الخدمات الاجتماعية بمنحها سكنا ً بالنظر إلى احتياجاتها الخاصة. أما بالنسبة للمساعدة الاقتصادية المؤقتة، فهي ليست موردا ً حقيقيا ً ، لأن الأسرة التي لا تتلقى راتبا ً وتعاني أوضاعها الهشاشةَ ف لا يمكنها دخول سوق المساكن المؤجرة على أية حال، سواء أكانت هذه المساعدة موجودة أم لا. ويقول صاحبا البلاغ إنهما حاولا استئجار سكن في سوق العقارات، لكنهما لم يتمكنا من ذلك.

5-7 ويدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير اللازمة لتأمين حقهما في سكن لائق وملائم. ولا يمكن اعتبار الفنادق والمآوي مساكن من هذا القبيل. ويزعمان على وجه الخصوص أن الدولة الطرف لم تمتثل التوصيات التي قدمتها اللجنة بشأن بلاغ آخر ( ) والتي كانت ستجنّب الأسرة المعاناة لو نفذت.

5-8 ويدعي صاحبا البلاغ أن حقوق أطفالهما بوصفهم قاصرين انتهكت لأن السلطات المحلية لم تأخذ في الحسبان العواقب الوخيمة التي قد تترتب على الإخلاء من حيث تعليمهم والجوانب الأخرى لنمائهم وتكوين شخصيتهم ( ) . ويضيفان أنه ورد في الاجتهادات القضائية للدولة الطرف أن الإخلاء يجب أن يخضع لنظر في التناسب تُراعى في إطاره حقوق القاصرين المعنيين ومصالحهم، وأن عدم إجراء هذا النظر ينتهك حقوق القاصرين ( ) . ويدعيان أن الحالة الأسرية لمقدم الطلب توضع في الاعتبار في إجراءات أخرى لمنح المساكن، لكن في إجراءات الطوارئ، التي تكتسي فيها الحاجة إلى السكن وال ضرورة الملحّة أهمية أكبر، لا تقيَّم عواقب الإخلاء على الأطفال بحيث إن هذه الإجراءات لا تحترم مبدأ حماية الطفل والأسرة.

5-9 ويعترض صاحبا البلاغ على أن الدولة الطرف اتخذت جميع التدابير اللازمة، إلى أقصى حد ممكن من مواردها المتاحة، لحماية حقهما في السكن. ويدعيان أنهما غير قادرين على تحديد عدد الأشخاص الذين هم في وضع يمنعهم من الحصول على سكن لائق وملائم، لكن مدينة مدريد لم تستغل الموارد المتاحة لها استغلالا ً رشيدا ً لأنها باعت هي ومنطقة مدريد 860 1 ثم 935 2 سكنا ً اجتماعيا ً على التوالي في عام 2013 بحجة أن هذه المساكن غير ضرورية. وقضت المحكمة العليا بأن البيع الثاني غير قانوني ومن ثم فهو باطل ( ) . ويثبت هذا المثال الفجوة بين واجب السلطات العامة بم قتضى المادة 47 من الدستور، أي الالتزام بتهيئة الظروف ووضع المعايير اللازمة لإعمال الحق في السكن اللائق والملائم، والواقع. ومن الأمثلة الملموسة الأخرى على ذلك أن صاحبي البلاغ يطلبان سكنا ً اجتماعيا ً منذ عام 2006، لكن دون جدوى. ويدعيان، إضافة إلى ذلك، أن الأموال التي تخصصها الدولة الطرف للمساكن الاجتماعية من الواضح أنها غير كافية بالنظر إلى أن ال مساكن الاجتماعي ة ت مثل 1,5 في المائة من مجموع المساكن في إسبانيا، وهي واحدة من أدنى النسب المئوية في أوروبا ( ) .

5-10 ويرى صاحبا البلاغ أنهما يستوفيان جميع الشروط التي تعتبرها الدولة الطرف نفسها ضرورية لانتهاك المادة 11(1) من العهد ( ) ، وذلك للأسباب التالية: (أ) من البديهي أنهما في حاجة إلى سكن، لأن دخليهما يقلاّن كثيرا ً عن أجر الكفاف، ومن الواضح أنهما غير كافيين للحصول على سكن لائق لأسرتهما؛ (ب) من البديهي أيضا ً أن السلطات المختصة رصد ت موارد لتلبية احتياجاتهما السكنية، لكن من الواضح أن هذه الموارد لم تكن كافية وغير مناسبة ولم تمكّن من تسوية الوضع؛ (ج) حتى لو افترضنا أن الدولة الطرف لا تملك موارد كافية، فإنها لم تثبت أن المعايير المطبقة كانت رشيدة وموضوعية -فإن لم يحظَ بالرعاية أسرةٌ ضعيفة الحال ولديها أطفال، اثنان منهم من ذوي الإعاقات، فمن يحظى بها ( ) ؟ (د) وحاولت الأسرة الاستفادة من جميع الحلول التي اقترحتها الدولة الطرف، علما ً بأن قرار السلطات حَرَمها كثيرا ً منها، وقبلت أربعة مقترحات لسكن مؤقت، في حين أرغمتها الدولة الطرف على الانتقال باستمرار والعيش في حالة من عدم التيقن.

5-11 وفيما يتعلق بالتدابير العامة التي اتخذتها الدولة الطرف في سياق مواجهة الأزمة الاقتصادية ( ) ، يدعي صاحبا البلاغ أن أيا ً منها لا ينطبق عليهما للأسباب التالية: ليسا من المُلاّك، ولا يمكنهما من ثم المطالبة بتخفيضات ضريبية؛ ولا يمكنهما أيضا ً الاستفادة من المساعدات على دفع الإيجار، لأن المالك لم يعلن عن مقدار الإيجار؛ ولا تنطبق على حالتهما مدونة الممارسات المصرفية الجيدة لأنهما لم يحصلا على قرض؛ وصدر المرسوم الملكي بقانون رقم 7 /2019 بعد إخلائهما (رغم أن دوائر الخدمات الاجتماعية طلبت تقريرا ً عن الإخلاء بالنظر إلى وضعهما الهش)؛ ولم تنسق السلطات المحلية فيما بينها جيدا ً ، لأن وضع الأسرة لم يحل قط.

5-12 ويدعي صاحبا البلاغ أن حقهما بموجب المادة 11(1) من العهد انتهك، بخلاف ما تزعمه الدولة الطرف ( ) ، وذلك للأسباب التالية: (أ) مع أن دوائر الخدمات الاجتماعية أُبلغت وضع َ هما، فإن الدولة الطرف لم تعرض عليه م ا قط سكنا ً بديلا ً لائقا ً وملائما ً ؛ (ب) لم يكن الغرض من تقييم احتياجاتهما الذي أجرته السلطات المحلية حل مشكلة السكن التي يواجهانها ؛ (ج) لم تكن الحلول السكنية التي اقترحتها الدولة الطرف لائقة ولا ملائمة للأسرة ؛ وما كان من المفترض أن يكون وضعا ً مؤقتا ً ، طال وأحدث أضرارا ً . ويضاف إلى ذلك أن سكن الأسرة الحالي ليس لائقا ً ولا ملائما ً ، بل هو متهالك ومتهرّئ، و لم تتخذ دوائر الخدمات الاجتماعية، التي تدرك ذلك، تدابير لمعالجة الوضع.

باء- النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 9 من نظامها الداخلي المؤقت، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6-2 وتحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف التي تذهب إلى أن صاحبي البلاغ كانا بالفعل يستأجران مسكنا ً وقت تقديم ملاحظاتهما؛ ونتيجة لذلك، لم تعد أسباب البلاغ موجودة وينبغي رفضه من ثم. بيد أنها تلاحظ أن الدولة الطرف، وفقا ً لما ذكره صاحبا البلاغ، انتهكت حقهما في سكن لائق وملائم بقرارها القاضي ب إخلا ئ هما دون توفير سكن بديل ، وبتقديمها بدائل مؤقتة لهما لم تكن لائقة ولا ملائمة، وبتركهما ي عيش ان في مسكن لا يمكن اعتباره لائقا ً وملائما ً . وعلى هذا، ترى اللجنة أن البلاغ يفي بالالتزام المنصوص عليه في المادة 2 من البروتوكول الاختياري لأنه يتعلق باحتمال انتهاك حق يكفله العهد.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية البلاغ على أساس عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية وأن صاحبي البلاغ استنفدا على ما يبدو جميع هذه السبل. وتخلص إلى أن الالتزام القاضي باستنفاد سبل الانتصاف المحلية قد اسوفي فيما يخص ادعاء الإخلاء، وفقا ً للمادة 3(1) من البروتوكول الاختياري.

6-4 وتلاحظ اللجنة أن البلاغ يستوفي معايير المقبولية الأخرى المنصوص عليها في المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري، وتعلن من ثم قبول البلاغ وتباشر النظر في أسسه الموضوعية.

جيم- النظر في الأسس الموضوعية

الوقائع والمسائل القانونية

7-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في المادة 8 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتبدأ اللجنة بدراسة الوقائع التي تعتبرها صحيحة. ففي كانون الثاني/يناير 2015، استأجر صاحبا البلاغ من شخصية اعتبارية سكنا ً للعيش فيه مع أطفالهما القاصرين الأربعة، اثنان منهم من ذوي الإعاقات. وفي كانون الثاني/يناير 2018، أعلنت محكمة مدريد الابتدائية رقم 69 إنهاء عقد الإيجار لعدم دفع مستحقاته وأمرت صاحبي البلاغ بمغادرة سكنهما. ولما لم يذعنا، حددت تاريخ الإخلاء في 15 آذار/ مارس 2018. ورغم تقديم صاحبي البلاغ طلبين يلتمسان فيهما تعليق تنفيذ أمر الإخلاء بسبب هشاشة وضعهما و رغم تقرير من دوائر الخدمات الاجتماعية في نفس الاتجاه، لم تعلق المحكمة قرار الإخلاء ولم تدرس مدى ت َ ناسب هذا القرار، وهي دراسة كان من شأنها أن توازن بين حقوق الأطراف المعنية. وكان الإخلاء في نهاية المطاف في نيسان/أبريل 2018، بعد محاولتين فاشلتين.

7-3 وبعد الإخلاء، عرضت الدولة الطرف على صاحبي البلاغ وأسرتهما الإقامة في فندق لمدة 10 أيام، ثم في مأوى أقاموا فيه أكثر من ستة أشهر حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ثم مرة أخرى في الفندق الأول مدةً تقل عن شهر، وفي نهاية المطاف في مأوى آخر لمدة شهرين حتى شباط/فبراير 2019. وقال صاحبا البلاغ إن ظروف العيش في هذه المآوي ليست لائقة ولا ملائمة لأسرة مكونة من ستة أفراد. ولم تشكك الدولة الطرف في ادعاءات صاحبي البلاغ والوثائق التي قدماها بخصوص ظروف الإقامة في مأوى بينار دي سان خوسيه (الاكتظاظ والظروف غير الصحية وانعدام الخصوصية) واكتفت بالقول إن هما وأسرتهما حصل وا على معونة غذائية ومِغسلة مجاناً. وبعد ذلك ، أُجبر صاحبا البلاغ على مغادرة المأوى؛ ولما كانا يعتبران البديل المقترح أسوأ من جميع أماكن الإقامة التي عاشا فيها، تمكنا من استئجار السكن الذي يشغلونه حاليا ً لكن شروط الإيجار تمنعهما من الحصول على استحقاقات اجتماعية مختلفة. ولم تطعن الدولة الطرف أيضاً في المعلومات والوثائق التي قدمها صاحبا البلاغ والتي جاء فيها أنهما ما انفكّا يتعرضان للضغط من أجل ترك أماكن الإقامة المؤقتة دون أن تضمن ل هما السلطات حلاً للسكن ، الأمر الذي دفع المجتمع المدني إلى الضغط على السلطات المحلية لتوفر لهما سكن اً بديل اً . وخلال إقامة السيدة الغماري في هذه الأماكن المختلفة، أسقطت حملها في شهرها السابع.

7-4 ويدعي صاحبا البلاغ أن إخلاء هما من السكن الذي كا ن ا يشغل ا نه ي شكل ا نته ا ك اً ل حقهما وحق أطفالهما في سكن ملائم، وهو حق مكرس في المادة 11(1) من العهد، لأنهما أُخليا دون اعتبار لكونهم ا لم يكن لديهم ا سكن آخر ولعواقب هذا الإجراء. ويزعمان أن السكن البديل المؤقت الذي عرض عليهما لا يستوفي معايير السكن اللائق والملائم، وأن دوام التنقّل وعدم التيقّن اللذين عاشاه ما ينتهكان أيضا ً حقهما المكفول بالعهد. ويزعمان أيضا ً أن السلطات لم تمنحهما سكنا ً اجتماعيا ً حتى اللحظة. وتدعي الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ ما زالا على قائمة الانتظار للحصول على سكن اجتماعي وأن البدائل التي اقترحتها هي أفضل الحلول التي تتيحها ال موارد المتوفرة .

7-5 وفي ضوء ما أقرته اللجنة من وقائع ذات صلة بالموضوع ومن حجج قدمها الطرفان، يثير البلاغ السؤال التالي : هل ينتهك إخلاء صاحبي البلاغ وأطفالهما من سكنهم المعتاد وتنقلهم بين مساكن بديلة مؤقتة شتى الحق في سكن لائق الذي تنص عليه المادة 11(1) من العهد؟ وللإجابة على هذا السؤال، ستبدأ اللجنة بالتذكير باجتهاداتها المتعلقة بالحماية من الإخلاء القسري ، ثم تحلل حالة إخلاء صاحبي البلاغ الملموسة وتصوغ استنتاجاتها بشأن السؤال الذي أثاره البلاغ.

الحماية من الإخلاء القسري

8-1 الحق في سكن لائق حقٌّ أساسي للتمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( ) ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بحقوق الإنسان الأخرى، بما فيها الحقوق المكرسة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) . وينبغي ضمان هذا الحق لجميع الأشخاص بغض النظر عن دخلهم أو حيازتهم مواردَ اقتصادية ( ) ، وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ ما يلزم من تدابير لتحقيق الإعمال التام لهذا الحق بأقصى ما تسمح به مواردها ( ) .

8-2 ويتنافى الإخلاء القسري لأول وهلة مع العهد ولا يمكن تبريره إلا في أكثر الظروف استثنائية ( ) . وعلى السلطات المختصة أن تتأكد من أن يكون متلائما ً مع تشريعات متوافقة مع العهد ومتلائما ً مع المبادئ العامة للمعقولية والتناسب بين الهدف المشروع للإخلاء وعواقبه على الأشخاص المعنيين ( ) . وهذا الالتزام ناشئ عن تفسير التزامات الدولة الطرف بمقت ض ى المادة 2(1) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 11 وفي ضوء مقتضيات المادة 4 التي تحدد الشروط التي يجوز بموجبها فرض قيود على ممارسة الحقوق التي يكرسها العهد ( ) .

8-3 وبناء على ذلك، يجب استيفاء المعايير التالية للبت في الإخلاء. أولا ً ، يجب أن يكون القيد محدداً بنص قانوني. ثانياً، يجب أن يعزز القيد الرفاه العام في مجتمع ديمقراطي؛ ثالثا ً ، يجب أن يكون متناسبا ً مع الغرض المشروع المحتجّ به. رابعاً، يجب أن يكون ضروريا ً ، بمعنى أنه إن وُجدت تدابير عدة من شأنها تحقيق نفس الهدف على نحو معقول، وَجب اختيار أقل التدابير تقييداً للحق المعني. وأخيرا ً ، يجب أن يكون للقيد على الرفاه العام منافع أكثر من العواقب على ممارسة الحق المعني. وكلما كانت الآثار المترتبة على تقييد الحقوق التي يحميها العهد كبيرة، كلما لزم فحص تبرير هذا التدبير فحصا ً دقيقا ً . ومن العوامل الحاسمة أيضا ً في هذا التحليل إمكانية الحصول على سكن بديل لائق، والظروف الشخصية لشاغلي المسكن ومُعاليهم، ومدى تعاونهم مع السلطات على البحث عن حل مُوائم. ومما لا غنى عنه أيضا ً التمييز بين العقارات المملوكة لأفراد يحتاجون إلى السكن فيها أو لدرّ دخل حيوي والعقارات المملوكة لمؤسسات مالية أو كيانات أخرى ( ) . وهكذا، سترتكب الدولة الطرف انتهاكاً للحق في سكن لائق إن نصت قوانينها على وجوب إخلاء الشخص الذي ينتهي عقد إيجاره فوراً، دون مراعاة ظروف تنفيذ أمر الإخلاء ( ) . ويجب أن يحلِّل تناسبَ التدبير سلطةٌ قضائية أو سلطةٌ نزيهة ومستقلة أخرى تتمتع بصلاحية الأمر بوقف الانتهاك وتوفير سبيل انتصاف فعال. ويجب على هذه السلطة أن تحلل ما إذا كان الإخلاء متوافقاً مع العهد، بما في ذلك ما يتعلق بعناصر معيار التناسب الذي تقتضيه المادة 4 من العهد على النحو المبين أعلاه ( ) .

8-4 وإضافة إلى ذلك، يجب ألا تكون هناك حلول أخرى ولا تدابير أقل مساسا ً بالحق في السكن، وأن تكون هناك مشاورات مسبقة حقيقية بين السلطات والأشخاص المعنيين، وألا يُترك هؤلاء الأشخاص في وضع ينتهك حقوقا ً أخرى يكفلها العهد أو حقوق إنسان أخرى أو يعرّض لانتهاك مماثل ( ) .

واجب الدول في توفير سكن بديل ل لأشخاص ا لمحتاجين

9-1 ينبغي ألا يسفر الإخلاء عن تشريد الأفراد أو تعر ي ضهم لانتهاك حقوق أخرى من حقوق الإنسان. فإنْ عجز المتضررون عن تلبية احتياجاتهم بأنفسهم، لزمَ الدولة َ الطرف أن تتخذ كل التدابير المناسبة، بأقصى ما لديها من موارد، لضمان توفير مسكن بديل ملائم لهم أو إعادة توطينهم أو إتاحة أراض منتجة لهم، حسب الحالة ( ) . وعلى الدولة الطرف اتخاذ تدابير معقولة لإتاحة سكن بديل للأشخاص الذين شردوا بسبب الإخلاء، بصرف النظر عما إذا كانت سلطات عامة أو كيانات خاصة، مثل المؤجر، هي التي اتخذت قرار الإخلاء ( ) . وفي حالة إخلاء شخص من مسكنه دون أن تمنحه السلطات أو تضمن له سكنا ً بديلا ً ، يجب على الدولة الطرف أن تثبت أنها نظرت في ملابسات القضية وأنها، رغم اتخاذها كل التدابير المعقولة وتسخيرها أقصى ما لديها من موارد، لم تتمكن من صون حق الشخص المعني في السكن. ويجب أن تمكن المعلومات التي تقدمها الدولة الطرف اللجنةَ من النظر في معقولية التدابير المتخذة وفقاً للمادة 8(4) من البروتوكول الاختياري ( ) .

9-2 والالتزام بتوفير سكن بديل للمحتاجين إليه من ا لذين شملهم الإخلاء يعني ضمناً أن على الدول الأطراف، بموجب المادة 2(1) من العهد، اتخاذ جميع التدابير اللازمة، بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، لضمان إعمال الحق في السكن. ولتحقيق هذا الهدف، يمكن للدولة الطرف أن تعتمد مجموعة من السياسات ( ) . ومع ذلك، يجب أن يكون أي تدبير يُتخذ مدروساً وملموساً وموجهاً ب قدر ما يمكن من الوضوح نحو إعمال هذا الحق بالقدر الممكن من السرعة والفعالية ( ) . وينبغي أن تكون سياسات الإسكان البديل في حالة الإخلاء متناسبة مع حاجة الأشخاص المعنيين ومع الطابع الملح للحالة، كما ينبغي أن تحترم كرامة الشخص. وإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تتخذ الدول الأطراف تدابير متسقة ومنسقة لحل المشاكل المؤسسية والبنيوية التي تتسبب في نقص المساكن ( ) .

9-3 ويجب أن يكون السكن البديل لائقا ً . ويعتمد الطابع اللائق للسكن اعتمادا ً جزئيا ً على عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية ومناخية وبيئية وعوامل أخرى، لكن اللجنة ترى أنه أيا ً ك ا ن الأمر، فمن الممكن حصر بعض جوانب الحق في السكن التي يجب وضعها في الحسبان لهذا الغرض في أي سياق كان. ومن هذه الجوانب: الأمن القانوني لشغل السكن، ووجود خدمات، ومواد، ومعدات وبنى تحتية، والقدرة على الدفع، والصلاحية للسكن، وسهولة الوصول، والموقع الذي يجب أن يمكّن من الحصول على الخدمات الاجتماعية (التعليم، والتوظيف، والرعاية الصحية)، واحترام البيئة الثقافية، بحيث يُسمح بالتعبير عن الهوية والتنوع ( ) .

9-4 وفي ظروف معينة، قد تتمكن الدول الأطراف من إثبات أنها، رغم بذلها قصارى جهدها بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، تعذر عليها توفير سكن بديل دائم لشخص أُخلي من سكنه ويحتاج إلى سكن بديل. وفي ظروف من هذا القبيل، يمكن منح سكن طوارئ مؤقت لا يستوفي جميع متطلبات السكن اللائق. غير أنه يجب على الدول أن تحرص على أن يحترم السكن المؤقت الكرامة الإنسانية لمن أُخلوا من مساكنهم وأن يستوفي جميع متطلبات الأمن، وألا يصبح حلاً دائماً، بل أن يكون خطوة نحو الحصول على سكن لائق ( ) . ويجب أيضا ً مراعاة حق أفراد الأسرة في ألا ينفصل بعضهم عن بعض ( ) وأن يتمتعوا بمستوى معقول من حماية الخصوصية.

تحليل مدى تناسب إخلاء صاحبي البلاغ

10-1 ستحلل اللجنة الآن ما إذا كان إخلاء صاحبي البلاغ ينتهك حقهما في سكن لائق أو ما إذا كان يمكن تبرير الإجراء بكونه قيدا ً على الحق في السكن بموجب المادة 4 من العهد. ولم يَقل صاحبا البلاغ إنهما لم يستفيدا من ضمانات وفق الأصول المرعية، ولا شيء في المعلومات المقدمة إلى اللجنة يوحي بأن الإجراءات تعسفية.

10-2 وتذكّر اللجنة بأن حق الملكية ليس حقاً من الحقوق المنصوص عليها في العهد، لكنها تقرّ بأن للدولة الطرف مصلحة مشروعة في ضمان حماية جميع الحقوق الواردة في نظامها القانوني ما دام ذلك لا يتعارض مع الحقوق المكرسة في العهد ( ) . ولما كانت محكمة أثبتت عدم دفع الإيجار وأن هذا سبب لإنهاء عقد الإيجار، ترى اللجنة أن هناك باعثا ً مشروعا ً يمكنه تبرير قرار الإخلاء الذي صدر في حق صاحبي البلاغ.

10-3 ومع أن صاحبي البلاغ ادّعيا أن من شأن إجراء الإخلاء أن يعرّض للخطر إعمال حقهما في سكن لائق، فإن ذلك لم يدفع المحكمة إلى تحليل مدى تناسب الإجراء في ضوء الغرض المشروع من الإخلاء وعواقبه على الأشخاص المعنيين. ولم تقيّم المحكمة في أي وقت من الأوقات مدى ضعف صاحبي البلاغ، ولا سيما أطفالهما القاصرين، رغم أنهما طلبا منها ذلك وأنها تلقّت تقريرا ً من دوائر الخدمات الاجتماعية في هذا الصدد. وإذا كان الإخلاء أُجل مرتين، فإن هذين التأجيلين لم يكونا بسبب قرار من السلطات القضائية وإنما بسبب أحداث وقعت يوم الإخلاء استحال معها تنفيذ عملية الإخلاء. وإضافة إلى ذلك، لا تنص تشريعات الدولة الطرف على أي آلية قضائية أخرى من شأنها أن تسمح لصاحبي البلاغ بالطعن في أمر الإخلاء بحيث إنه لم تتمكن أي سلطة قضائية أخرى من تقييم مدى تناسب الإخلاء أو الظروف التي سينفذ في إطارها. وعليه، ترى اللجنة أن عدم إجراء هذا التقييم انتهاك من الدولة الطرف لحق صاحبي البلاغ في سكن بم قتضى المادة 11 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(1).

10-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعتمدت، في تاريخ لاحق للوقائع المذكورة في البلاغ محل النظر، قانونا ً جديدا ً ينص على أن القضاة ملزمون بإبلاغ دوائر الخدمات الاجتماعية في حالة إخلاء أشخاص ضعفاء، وذلك كي يتسنى ل هذه ال دوائر إعداد تقرير عن حالة الأشخاص المعنيين، وإن رأت أن المعنيين في وضع هش، أمكن تعليق الإخلاء ل تستطيع مساعد تهم لمدة شهر على أقصى تقدير أو لمدة ثلاثة أشهر إن كان مقدم الطلب شخصية اعتبارية ( ) . وترى اللجنة أن من شأن هذه التشريعات أن تحول دون حدوث انتهاكات من هذا القبيل ل لحق في السكن لأنها تسمح للسلطات القضائية أو لسلطات نزيهة ومستقلة أخرى مختصة بوقف الانتهاك وتوفير سبيل انتصاف فعال لتقييم مدى تناسب طلبات الإخلاء وفقا ً للمعايير المذكورة أعلاه.

السكن البديل المؤقت المقترح على صاحبي البلاغ بعد الإخلاء

11-1 ستنظر اللجنة الآن فيما إذا كان ت المساكن التي اقترحتها الدولة الطرف بعد إخلاء صاحبي البلاغ ملائمة (الفقرة 9-3 أعلاه). وتلاحظ أنه لا يمكن اعتبار الحلول المقترحة مساكن بديلة لأنها تتعلق ب فنادق ومآوي مؤقتة. وستركز بعدئذ على تحديد ما إذا كانت المساكن المؤقتة تستوفي معيارَي الكرامة والأمن وأن المقصود منها ليس أن تصبح حلا ً دائما ً بل أن تظل خطوة في طريق الحصول على سكن لائق (الفقرة 9-4 أعلاه).

11-2 ففيما يتعلق بالمسألة الأولى، ترى اللجنة أن الكرامة والأمن يعتمدان خاصة على اليقين والاستقرار مع مرور الوقت، وسلامة المساكن البديلة، والخصوصية التي يمكن للمقيمين التمتع بها، حسب احتياجاتهم. وفي هذا السياق، تحيط اللجنة علما ً بظروف الإقامة في مأوى بينار دي سان خوسيه (الاكتظاظ والظروف غير الصحية وانعدام الخصوصية). وتدرك أنه على الرغم من أن الدولة الطرف تدعي أنها اقترحت مسكنا ً بديلا ً في ضواحي مدريد، لكن داخل أسوار المدينة، فإن هذا السكن كان أبعد من ذي قبل من مدرسة الأطفال، و اثنان منهم من ذوي الإعاقات، وأن الأطفال كانوا مضطرين أصلاً إلى قطع مسافة طويلة إلى المدرسة كل يوم. وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن صاحبي البلاغ، أثناء إقامتهما في مأوى بينار دي سان خوسيه وفندق ويلكوم (الإقامة الثانية) ومأوى ألونسو مارتينز ، ما انفكّا يتعرضان للضغط من أجل المغادرة دون أن يُعرض عليهما حل آخر - مؤقت أو غير مؤقت. وتلاحظ أن هذا الوضع دفع المجتمع المدني إلى اتخاذ إجراءات لإنهاء حالة عدم التيقن التي يعانيها صاحبا البلاغ وتحسين ظروف سكنهما. وتلاحظ أيضا ً أن السيدة الغماري أسقطت حملها في شهرها السابع أثناء هذه الأشهر من القلق وعدم التيقن. ولا يمكن اللجنةَ أن تعتبر أن ظروف السكن المذكورة أعلاه تحترم كرامة صاحبي البلاغ وأطفالهم، لا سيما أنها كانت نتيجة إخلاء ينتهك أحكام العهد.

11-3 أما في ما ي خص الطابع المؤقت للمساكن المقترحة، ف ترى اللجنة أنه على الرغم من أن الحلول المؤقتة لم تقدم على أنها دائمة، فإن الدولة الطرف لم تثبت أن المساكن الجديدة المقترحة على صاحبي البلاغ خطوة صوب الحصول على سكن ملائم. ويضاف إلى ذلك أنه كان على صاحبي البلاغ أن يعيشا في خوف دائم من الاضطرار إلى مغادرة الفنادق والمآوي التي كانا يقيمان فيها دون أن يستفيدا حتى من سكن بديل مؤقت.

11-4 و عن السكن الذي يشغله صاحبا البلاغ حاليا ً ، لا يمكن اللجنةَ أن تعتبره لائقا ً لسببين: شروط الإيجار لا تسمح لصاحبي البلاغ بالمطالبة بالإعانات التي تذكرها الدولة الطرف في ملاحظاتها، ولا يوجد في الشقة سوى غرفة واحدة لأسرة مكونة من ثمانية أفراد، الأمر الذي يجعلها مسكنا ً مكتظا ً - علما ً بأن الحد الذي وضعته إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة لأمانة منظمة الأمم المتحدة هو 3 أشخاص في الغرفة الواحدة - وهو من ثم غير مناسب. ( ) .

11-5 وأخيرا ً ، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت، فيما عدا التدابير العامة التي أشارت إليها، أنها أخذت في الاعتبار الظروف الخاصة للقضية وأنها تصرفت بأقصى ما لديها من موارد واتخذت جميع التدابير المعقولة. ولهذا السبب، وبالنظر إلى أن الوضع ناجم عن إخلاء انتهك تنفيذه أحكام العهد، ترى اللجنة أن المساكن البديلة المؤقتة التي اقتُرحت على صاحبي البلاغ وأطفالهما، والظروف التي اضطروا إلى العيش فيها، والسكن الذي يشغلونه حاليا ً ، تشكل انتهاكا ً لحقهما في السكن بمقتضى المادة 11 من العهد.

دال- الاستنتاجات والتوصيات

12- استناداً إلى جميع المعلومات المقدمة وال ملابسات الخاصة للقضية موضع النظر، ترى اللجنة أن إخلاء صاحبي البلاغ وأطفالهما دون أن تحلل السلطات مدى التناسب ينتهك حقهم في سكن لائق. وترى أيضا ً أن المساكن البديلة المؤقتة التي مُنحت لصاحبي البلاغ والعملية التي تعرضا لها يشكلان في حد ذاتهما انتهاكا ً لحقهما في سكن لائق.

13- واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للمادة 9(1) من البروتوكول الاختياري، تخلص إلى أن الدولة الطرف انتهكت حق صاحبي البلاغ وأطفالهما بموجب المادة 11(1) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(1) ووفقاً ل مقتضيات المادة 4. وفي ضوء الآراء الواردة في هذا البلاغ، تقدم اللجنة التوصيات التالية إلى الدولة الطرف.

توصيات بشأن صاحبي البلاغ وأطفالهما

14- الدولة الطرف ملزمة بأن توفر سبيلَ انتصاف فعالا ً لصاحبي البلاغ وأطفالهما. وينبغي لها على وجه الخصوص (أ) إن لم يكن لديهم سكن لائق أن تعيد تقييم حال ة احتياجهم ومستوى أولويتهم في قائمة الانتظار، مع مراعاة تاريخ تقديمهم طلب السكن لدى دوائر منطقة مدريد بهدف توفير سكن اجتماعي لهم أو اتخاذ تدبير آخر يمكّنهم من العيش في سكن لائق، وفق المعايير الواردة في هذا البلاغ؛ (ب) وتعويضهم عن الانتهاكات التي تعرضوا لها؛ ( ج ) وأن تسدد الرسوم القضائية التي يُعقل أن يكونوا دفعوها نتيجة تقديم هذا البلاغ.

توصيات عامة

15- ترى اللجنة أن سبل الانتصاف الموصى بها في سياق البلاغات الفردية يمكن أن تشتمل على ضمانات عدم التكرار، وتذكّر بأن الدولة الطرف ملزمة بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وينبغي للدولة الطرف أن تكفل كون تشريعاتها وإنفاذ ه ذه ا لتشريعات مع الالتزامات المنصوص عليها في العهد. والدولة الطرف ملزمة بما يلي على وجه الخصوص:

(أ) ضمان أن يسمح الإطار المعياري للأشخاص الذين صدر أمر إخلاء بشأنهم والذين قد يتعرضون لخطر العوز أو انتهاك حقوقهم المكفولة بموجب العهد بالطعن في هذا القرار أمام السلطات القضائية أو سلطة نزيهة ومستقلة أخرى لديها اختصاص الأمر بوقف الانتهاك وتوفير سبيل انتصاف فعال حتى تتمكن هذه السلطات من تحليل مدى تناسب التدبير في ضوء معايير تقييد الحقوق المكرسة بموجب المادة 4 من العهد؛

(ب) اتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم تنفيذ أوامر إخلاء الأشخاص الذين ليست لديهم إمكانات الحصول على سكن بديل إلا بعد تشاور حقيقي مع الأشخاص المعنيين وبعد أن تتخذ الدولة جميع الخطوات الضرورية، بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، لضمان حصولهم على مساكن بديلة، لا سيما عندما يمس الإخلاء الأسر أو كبار السن أو الأطفال أو غيرهم من الضعفاء؛

(ج) اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان تَوافق السكن المؤقت المقدم ، إن لم ي توافر ا لسكن الدائم حالاً، مع معيارَي الكرامة والأمن. ومع أن السكن المؤقت ليس سوى خطوة واحدة في طريق الحصول على سكن لائق، يجب على الدولة الطرف أن تضمن تمتع من يعيشون فيه ببعض الاستقرار، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالأسر أو كبار السن أو الأطفال أو غيرهم من الضعفاء؛

(د) وضع خطة شاملة ومتكاملة وتنفيذها، بالتنسيق مع المناطق المتمتعة بالحكم الذاتي، لضمان إعمال الحق في سكن لائق لذوي الدخل المنخفض، وبأقصى ما تسمح به الموارد المتاحة، تمشياً مع التعليق العام رقم 4 ( ) . وينبغي أن يشار في هذه الخطة إلى الموارد التي ستسخّر والتدابير التي ستتخذ لضمان حق هؤلاء الأشخاص في السكن، وكذلك الأطر الزمنية لتنفيذها والمعايير التي ستستخدم لتحديد ما إذا كان الهدف قد حُقق على نحو معقول .

16- ووفقا ً للمادة 9(2) من البروتوكول الاختياري والمادة 18(1) من النظام الداخلي المؤقت المتعلق بالبروتوكول الاختياري ، يجب على الدولة الطرف أن تمدّ اللجنة بمعلومات خطية في غضون ستة أشهر عن التدابير المتخذة لإنفاذ هذه الآراء والتوصيات الصادرة عن اللجنة. والدولة الطرف مدعوة أيضا ً إلى نشرها وتعميمها على نطاق واسع، في شكل يسهل الوصول إليه، بحيث تصل إلى جميع فئات السكان.