الأمم المتحدة

E/C.12/65/D/22/2017

ا لمجلس الاقتصادي والاجتماعي

Distr.: General

28 March 2019

Arabic

Original: English

‎‎ اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية‏‏

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشأن البلاغ رقم 22/2017 *

بلاغ مقدم من: س. ك. وج . ب. (يمثلهما محام، هو سيزار رومانو)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبا البلاغ

الدولة الطرف: إيطاليا

تاريخ تقديم البلاغ: 20 آذار/مارس 2017

تاريخ اعتماد الآراء: 7 آذار/مارس 2019

الموضوع: تنظيم الإخصاب الأنبوبي

المسائل الإجرائية: الاختصاص الزمني للجنة؛ استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ الوضع كضحية

المسائل الموضوعية: الحق في الصحة الجنسية والإنجابية والموافقة المستنيرة

مواد العهد: 3 و10 و12 و15

مواد البروتوكول الاختياري: 3(2)(ب) و(د) و(هـ)

1-1 صاحبا البلاغ هما س. ك. وج . ب.، امرأة ورجل يحملان الجنسية الإيطالية، من مواليد 1969 و1978 على التوالي. ويدفع صاحبا البلاغ بأن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقهما بموجب المواد 10، و12(1)(2)(ج) و(د)، و15(1)(ب) و(2) و(3)، مقروءة كلها بالاقتران مع المادة 2(1) ( ) من العهد. ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 20 شباط/فبراير 2015. وصاحبا البلاغ يمثلهما محام.

1-2 وفي هذه الآراء، توجز اللجنة أولاً المعلومات والحجج المقدمة من الطرفين (الفقرات من 2-1 إلى 5-2 أدناه)، ثم تنظر في مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، وأخيراً تضع استنتاجاتها وتصدر التوصيات.

ألف- موجز المعلومات والحجج التي قدمها الطرفان

الوقائع كما قدمها صاحبا البلاغ

2-1 في عام 2008، زار صاحبا البلاغ عيادة خاصة في إيطاليا متخصصة في تكنولوجيا المساعدة على الإنجاب من أجل التماس المساعدة على الحمل. وأجريت أول دورة إخصاب أنبوبي. وطلب صاحبا البلاغ من العيادة إنتاج ستة أجنة على الأقل من خلال إجراء الإخصاب الأنبوبي، وإخضاع تلك الأجنة لتشخيص جيني قبل زراعتها من أجل تحديد "الاختلالات الجينية" المحتملة، وعدم نقل الأجنة التي تحمل هذه الاختلالات إلى رحم س. ك.. وردت العيادة بأن هذا الطلب غير جائز بموجب القانون 40/2004 وبالتالي لا يمكن قبوله.

2-2 وينظم القانون 40/2004 استخدام تكنولوجيا المساعدة على الإنجاب في إيطاليا. ويحظر أي بحوث سريرية وتجريبية على الأجنة البشرية. وكان القانون 40/2004 في الأصل قد حدد العدد الأقصى للأجنة التي يتم إنتاجها خلال دورة الإخصاب الأنبوبي بثلاثة أجنة؛ كما حظر التشخيص الجيني السابق للزراعة، وأمر بالنقل الآني لجميع الأجنة إلى الرحم بصرف النظر عن قابليتها للحياة أو الاختلالات الجينية فيها، وحظر حفظ الأجنة بالتجميد. ومع ذلك، تقلص نطاق القانون عبر السنوات بسلسلة من القرارات الصادرة عن المحكمة الدستورية، التي خلصت إلى تعارض أجزاء منه مع دستور إيطاليا ومع اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان).

2-3 ورفع صاحبا البلاغ دعوى قضائية ضد العيادة أمام محكمة فلورنسا (TribunalediFirenze). وفي 12 تموز/يوليه 2008، أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة، وأمرت العيادة بإجراء تشخيص جيني سابق للزراعة، وأحالت المسألة إلى المحكمة الدستورية لإصدار حكمها. وبانتظار القرار بشأن دستورية القانون 40/2004، أُنتج ثلاثة أجنة فقط. وكشف التشخيص الجيني السابق للزراعة عن إصابة الأجنة الثلاثة بالورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد ( ) ، ومن ثم لم تُنقل إلى رحم س. ك..

2-4 وفي 8 أيار/مايو 2009، أعلنت المحكمة الدستورية أن المادتين 14-2 و14-3 من القانون 40/2004 غير دستوريتين، وذلك بقدر ما تفرض المادة 14-2 إنتاج ثلاثة أجنة كحد أقصى في كل دورة من دورات الإخصاب الأنبوبي، وواجب نقلها جميعاً وآنياً إلى الرحم، وبقدر عدم نص المادة 14-3 على أن نقل الأجنة يتعين ألا يضر بصحة المرأة .

2-5 وفي تشرين الأول/أكتوبر 2009، حاول صاحبا البلاغ إجراء دورة إخصاب أنبوبي ثانية في نفس العيادة. وأُنتج هذه المرة عشرة أجنة. ولأسباب تقنية، فإن التشخيص الجيني السابق للزراعة لا يمكن إجراؤه إلا على ستة من الأجنة العشرة. وحُدد واحد فقط من الأجنة الستة التي خضعت للتشخيص كجنين خال من الورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد، ولكنه صُنف على أنه "متوسط الجودة"، مع ضعف فرص الاستقرار إذا نُقل إلى الرحم. ورفضت س. ك. نقل الجنين "المتوسط الجودة" إلى رحمها. ومع ذلك، أصر موظفو العيادة على أنه وفقاً لفهمهم للقانون 40/2004، فإن الموافقة على نقل الأجنة إلى الرحم لا يمكن إلغاؤها إلا قبل الإخصاب. ودفع صاحبا البلاغ بأن الموظفين هددوا س. ك. برفع دعوى قضائية إذا أصرت على عدم نقل الجنين. وبسبب هذا التهديد، وافقت س. ك. على نقل الجنين إلى رحمها، ولكنها تعرضت في النهاية لإجهاض عفوي.

2-6 وحُفظت الأجنة التسعة الأخرى بالتجميد. وطلب صاحبا البلاغ بأن تسلمهم العيادة الأجنة المحفوظة بالتجميد التي كانت متضررة بالورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد أو التي كانت غير قابلة للاختبار ليتسنى لهم التبرع بها لأغراض البحث العلمي. ولكن العيادة رفضت طلب صاحبي البلاغ معتبرة أن المادة 13 من القانون 40/2004 تحظر الأبحاث على الأجنة.

2-7 وفي 30 آذار/مارس 2012، رفع صاحبا البلاغ دعوى قضائية على العيادة والدولة الطرف، ممثلة في رئيس مجلس الوزراء، أمام محكمة فلورنسا. وطلبا إلى المحكمة أن تأمر العيادة بتسليم الأجنة، وأن تبت في صحة قرار س. ك. بعدم نقل الأجنة إلى رحمها. وطلبا أيضاً إلى المحكمة أن تعلن أن الدولة الطرف مسؤولة عن انتهاك دستورها، وأن تأمر بتعويض مالي قدره 000 5 يورو وتعويض غير مالي حسبما تراه المحكمة مناسباً.

2-8 وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2012، أحالت محكمة فلورنسا المسألة إلى المحكمة الدستورية عملاً بالمادة 700 من قانون الإجراءات المدنية. وطُلب إلى المحكمة الدستورية أن تبت في مدى توافق المادتين 6-3 (المتعلقة بإلغاء الموافقة قبل الإخصاب) و13 (المتعلقة بحظر الأبحاث على الأجنة) من القانون 40/2004 مع الدستور، على سبيل الاستعجال.

2-9 وفي 22 آذار/مارس 2016، خلصت المحكمة الدستورية إلى أن طلب محكمة فلورنسا غير مقبول ( ) . فذكرت أولاً أن الادعاء المتعلق بعدم قابلية الموافقة للإلغاء هو ادعاء موضع جدل، بعد أن وافقت س. ك. في نهاية المطاف على نقل الجنين إلى رحمها. وذكرت أيضاً أن الادعاء المتعلق بإمكانية سحب س. ك. لموافقتها في سياق علاجات الإخصاب الأنبوبي في المستقبل هو من قبيل التكهنات. وثالثاً، خلصت المحكمة إلى أن للنزاع تبعات أخلاقية وقضائية متعددة تتعلق بالتوازن بين الحق في التمتع بفوائد التقدم العلمي وتطبيقاته (والفوائد ذات الصلة)، وحقوق الجنين؛ وأن تلك المسائل قد انقسم بشأنها فقهاء القانون والعلماء والمجتمع. وذكرت المحكمة أن المشرعين يمثلون السلطة المناسبة لتحقيق التوازن بين حقوق الجنين والحق في التمتع بفوائد التقدم العلمي وتطبيقاته، لا المحكمة الدستورية نفسها؛ ودعت المشرعين إلى النظر في "الآراء ونداءات التحرك... المتجذرة في أي لحظة من الزمن في ضمير المجتمع".

2-10 ويدعي صاحبا البلاغ أنهما استنفدا كل سبل الانتصاف المحلية، حيث إن قرار المحكمة الدستورية نهائي وغير قابل للاستئناف. وفيما يتعلق بالشرط المنصوص عليه في المادة 3(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، يدعي صاحبا البلاغ أنه على الرغم من وقوع الأحداث قبل 20 شباط/فبراير 2015، وهو تاريخ دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف، فإن القرارات التي اتُخذت بعد ذلك تُظهر استمرار انتهاك حقوقهما.

الشكوى

3-1 يدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقهما بموجب المادة 15(1)(ب) من العهد في التمتع بفوائد التقدم العلمي وتطبيقاته. فبحظر الأبحاث على الأجنة، يعرقل القانون 40/2004 التقدم العلمي، حيث يبطئ البحث عن علاج للأمراض المختلفة، مما يشكل حسب زعم صاحبي البلاغ انتهاكاً لحقهما في التمتع بفوائد التقدم العلمي وتطبيقاته.

3-2 ويعتبر صاحبا البلاغ أيضاً أن هذا الحظر ينتهك حقهما في المشاركة في البحث العلمي. ويدفعان في هذا الصدد بأن القانون 40/2004 قد حال دون مشاركتهما في البحث العلمي من خلال التبرع بأجنتهما المصابة بخلل جيني. ويؤدي الأثر التراكمي لحظر الأبحاث على الأجنة ولإعلان عدم دستورية حظر التشخيص الجيني السابق للزراعة إلى حالة لا يمكن فيها للأجنة المصابة بخلل جيني، والتي لن يتم نقلها، أن تُستخدم في البحث العلمي ولا أن يتم التخلص منها. وفي الدولة الطرف، فإن استخدام البحث العلمي لخطوط الخلايا الجذعية التي أُنتجت في الخارج من خلال إتلاف الأجنة يعتبر قانونياً، مما يؤدي إلى حالة مناقضة. ويدفع صاحبا البلاغ بأن فعالية الأبحاث على الأجنة تعتمد على خصائص الأجنة المتاحة وعددها على السواء. ويعد حظر الأبحاث على الأجنة تعسفياً لأنه يستند إلى فكرة غير علمية عن الجنين. فوفقاً للبحث العلمي، يتشكل الجنين بعد 10 أيام إلى 12 يوماً من الإخصاب، بينما يعتبر القانون الإيطالي أن الجنين ينشأ من يوم الإخصاب. ويشرح صاحبا البلاغ أن الأجنة البشرية تُستخدم على نطاق واسع لإنتاج الخلايا الجذعية، وهو أمر ضروري للبحث العلمي المتعلق بالأمراض المهددة للحياة مثل السكري، ومرض ألزهايمر ، ومرض باركنسون، والسرطان، وأمراض القلب، من بين أغراض أخرى عديدة. ولم تتحقق بعد الإمكانات الكبيرة لأبحاث الخلايا الجذعية. ويشير صاحبا البلاغ إلى أنه في قضية باريّو ضد إيطاليا ، اعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) أن قدرة مقدمة الشكوى على ممارسة الاختيار بشأن مصير الأجنة تشكل جانباً خصوصياً من حياتها الشخصية وتتعلق بتقرير المصير بالنسبة لها. واعتُبر أن تطبيق القانون 40/2004 قد أسفر عن تعطيل حق المدعي في حرمة الحياة الخاصة. وفضلاً عن ذلك، فإن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في نسختيه الإسبانية والفرنسية، ينص على الحق في المشاركة (" participar " أو " participer ") في التقدم العلمي وفوائده ( ) . ورغم أن الصياغة في العهد تختلف بشكل طفيف، يزعم صاحبا البلاغ أنه يتعين تفسيرها في ضوء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبشكل شامل، أخذاً في الاعتبار المادة 15(2) و(3) من العهد. ونظراً لذلك، يعتبر صاحبا البلاغ أن العهد يحمي حق كل شخص في المشاركة في البحث العلمي.

3-3 ويعتبر صاحبا البلاغ أيضاً أن القانون 40/2004 ينتهك حقهما في التمتع بفوائد التقدم العلمي لأنهما عانا من تبعات إبطاء هذا البحث. وس . ك. مصابة دون أعراض بالورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد، وتسعة من عشرة من الأجنة التي أنتجها صاحبا البلاغ كانت إما مصابة بهذا الخلل الجيني أو تعذر اختبارها. وما لم يتم التوصل إلى علاج للورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد، فإن احتمالات الحمل تعتبر ضئيلة بالنسبة لهما. وهناك أفراد من أسرة س. ك. مصابون بالمرض أيضاً. ومع ذلك، فإن صاحبي البلاغ محرومان من المساهمة في البحث العلمي لإيجاد علاج من خلال التبرع بالأجنة المصابة لهذا البحث.

3-4 ويدفع صاحبا البلاغ كذلك بأن حقوقهما بموجب المادة 15(2) من العهد قد انتُهكت. وفي هذا الصدد، فإنهما يدفعان بأن القانون 40/2004 يحول دون وفاء الدولة الطرف بواجب تطوير العلم ونشر التطورات العلمية. فحظر الأبحاث على الأجنة البشرية يصعّب على العلماء تحقيق إمكانات البحث في مجال الخلايا الجذعية ويعوق نشر المعارف والتطبيقات العلمية في الوسط العلمي والمجتمع ككل. وأشار صاحبا البلاغ إلى أنه في قضية أرتافيا موريّو وآخرين ضد كوستاريكا ( ) ، قضت محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان بأن الحق في التمتع بفوائد التقدم العلمي يتضمن إمكانية الاستفادة من التكنولوجيا الطبية اللازمة لممارسة الحق في حرمة الحياة الخاصة والحرية الإنجابية لتكوين أسرة.

3-5 ويدعي صاحبا البلاغ أن المادة 15(3) من العهد قد انتُهكت أيضاً من قبل الدولة الطرف لأن الدولة تمنع الأبحاث على الأجنة دون هدف مشروع. وبينما لا تعد حرية الأبحاث مطلقة، يدفع صاحبا البلاغ بأنه لا يمكن تقييدها إلا لحماية حقوق أخرى، ولا يوجد في الحالة الراهنة حق متعارض لحمايته حيث إن الأجنة موضع النظر لن تنمو أبداً وقد تُركت إلى الأبد مجمّدة إلى مصير مجهول.

3-6 وقد انتهكت الدولة الطرف حق صاحبي البلاغ في الصحة بموجب المادة 12 من العهد، وخاصة 12(1) و(2)(ج) و(د)، لأن القانون 40/2004 لا يمكنه توفير الصحة البدنية والعقلية الملائمة. أولاً، إن القانون 40/2004 هو قانون تعسفي ويستحدث قيداً غير معقول أو مبرر، حيث إن حظر الأبحاث لا يميز بين الأجنة القابلة للحياة وغير القابلة للحياة. وقد أصبح القانون 40/2004 غير متسق بشكل متزايد بمرور السنين بعد القرارات المتعاقبة للمحكمة الدستورية، مما أسفر عن عدم وجود فهم واضح لدى العيادات والممارسين للتشريع المنطبق وأدى إلى وقوع انتهاك لحق صاحبي البلاغ في إمكانية الاطلاع على المعلومات بشأن حقوقهما الإنجابية. وفي قضية س. هـ. وآخرين ضد النمسا ، لاحظت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) أن العلاجات الإنجابية الاصطناعية مجال يجب فيه على الدول المتعاقدة أن تراجع تشريعاتها باستمرار. ولم تقم إيطاليا بتطوير وتكييف تشريعاتها بشأن هذه المسألة. وقد أشارت إلى ذلك أيضاً المحكمة الدستورية الإيطالية في حكمها المؤرخ 22 آذار/مارس 2016 ( 3 ) .

3-7 وثانياً، يحظر القانون البحث العلمي على الأجنة، حتى عندما تكون مصابة باختلالات جينية تجعلها غير قابلة للنقل. وثالثاً، فإنه يعوق البحث العلمي بشأن الورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد، واختلالات جينية أخرى قابلة للانتقال، والخلايا الجذعية. ويشير صاحبا البلاغ إلى أنه نتيجة لذلك، فإن حقهما في الصحة قد انتُهك حيث لا يمكنهما محاولة الحمل مرة أخرى، إلا إذا وُجد علاج للورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد.

3-8 ورابعاً، فإن القانون لا يحدد ما إذا كان من الممكن سحب الموافقة على نقل جنين إلى الرحم بعد الإخصاب. وفي هذا الصدد، يعتبر صاحبا البلاغ أن حق س. ك. في الصحة قد انتُهك عندما أُجبرت على أن تتحمل نقل جنين إلى رحمها رغم إرادتها ولم تُمنح الفرصة لسحب موافقتها. وإذا كان ما يشغل الدولة الطرف هو أن سحب الموافقة قد يُستخدم للتحايل على حظر إنتاج الأجنة للبحث العلمي، فإن هناك سبلاً أقل تقييداً لتحقيق هذه الغاية، مثل وضع حدود لتكرار إمكانية تبرع شخص ما بالأجنة أو للعدد الإجمالي للأجنة التي يمكن التبرع بها. وقد أسفر نقل الجنين عن إجهاض عفوي، وهو ما تنتج عنه آثار بدنية ونفسية طويلة الأجل. ويشير صاحبا البلاغ إلى أنه وفقاً للتعليق العام رقم 14(2000) بشأن الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ، الصادر عن اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن الالتزام باحترام حق كل شخص في الصحة يتطلب إحجام الدول عن "منع أو تقييد إتاحة فرص متكافئة لجميع الأشخاص"، وهو ما يشمل الإحجام عن "تطبيق معالجات طبية قسرية" وتعمد "تقييد الوصول إلى وسائل منع الحمل وغيرها من وسائل الحفاظ على الصحة الجنسية والإنجابية" ( ) . ويدفع صاحبا البلاغ بأن عدم اليقين هذا بشأن ما إذا كان من الممكن سحب الموافقة على النقل بعد الإخصاب، قد منعهما من محاولة الحمل ثانية، مما أدى إلى انتهاك حقهما في الصحة، وخاصة الصحة الإنجابية.

3-9 وأخيراً، فإن القانون المنطبق ينتهك الالتزام باتخاذ خطوات من أجل "ا لوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها " والخطوات اللازمة من أجل " تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض " على النحو الصادر به تكليف بموجب المادة 12(2)(ج) و(د)، للأسباب المذكورة في الفقرتين 3-3 و3-4 أعلاه.

3-10 ويدعي صاحبا البلاغ أن إيطاليا انتهكت المادة 10 من العهد لأنها لم توفر أوسع نطاق ممكن من الحماية والمساعدة لهما كأسرة، وكذلك للأزواج الآخرين في إيطاليا الذين يمرون بمواقف مشابهة أو سيتعرضون لها. ويود صاحبا البلاغ أن يجربا العلاجات بالإخصاب الأنبوبي ثانية بهدف الحمل بطفل يتمتع بصحة جيدة، ولكن فقط إذا أكد التشخيص الجيني السابق للزراعة أن الأجنة المنتجة حديثاً قابلة للحياة. وحيث إن القانون 40/2004 لا يذكر ما إذا كان من الممكن سحب الموافقة على النقل بعد الإخصاب، وحيث إن المحكمة الدستورية لم تدل بدلوها في هذه المسألة، فإن ذلك يصدهما عن محاولة الحمل ثانية. ويدعي صاحبا البلاغ كذلك أنه إذا لم تتمكن امرأة من رفض نقل جنين إلى رحمها، اعتُبر - على أساس معايير موضوعية - أن "فرصه ضعيفة في النجاح"، وإذا لم تكن ترغب في أخذ المخاطرة الكبيرة بالتعرض لإجهاض عفوي، فلا يمكنها إذن أن تقرر بحرية عدد أطفالها والمسافة الزمنية بينهم وتوقيت إنجابهم. وينتهك استمرار صمت الدولة الطرف عن مسألة سحب الموافقة على نقل الأجنة بعد الإخصاب الأنبوبي حقوق س. ك.، وكذلك أي امرأة في موقف مماثل، في أن تختار ما إذا كانت ستكوّن أسرة، وتوقيت ذلك وكيفيته.

3-11 ومن ناحية أوجه الجبر، يطلب صاحبا البلاغ أن تتخذ الدولة الطرف تدابير لضمان عدم التكرار، بما في ذلك الاستعاضة عن القانون 40/2004 بقانون جديد يأخذ في الاعتبار جميع الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان التي تعهدت بها الدولة الطرف، وجميع القرارات ذات الصلة الصادرة عن المحكمة الدستورية الإيطالية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان واللجنة. وكبديل، يعتبر صاحبا البلاغ أن بعض أحكام القانون 40/2004 يجب تعديلها لضمان عدم التكرار: فيجب أن تتضمن المادتان 13 و14-1 تعريفاً للجنين يتيح إجراء الأبحاث والتجارب على الكيسة الأريمية والأجنة حتى 14 يوماً بعد الإخصاب أو عندما تكون مصابة بخلل جيني أو غير قابلة للنقل إلى الرحم خلافاً لذلك. ويجب أن تحدد المادة 6 أنه يمكن سحب الموافقة على نقل جنين إلى الرحم. وأخيراً، يطلب صاحبا البلاغ تعويضاً عن المعاناة البدنية والنفسية والمعنوية، وردّ ما تكبداه من تكاليف قانونية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية في 12 آذار/ مارس و16 نيسان/أبريل 2018.

4-2 وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحبي البلاغ قد ربحا في طعنهما على الحد الأقصى المحدد بثلاثة أجنة لكل دورة إخصاب أنبوبي، حيث أعلنت المحكمة الدستورية في 1 نيسان/ أبريل 2009 عدم دستورية المادة 14-2 من القانون 40/2004 بقدر ما تفرض إنتاج ثلاثة أجنة كحد أقصى ، وعدم دستورية المادة 14-3 بقدر عدم نصها على أن نقل الأجنة يتعين ألا يضر بصحة المرأة. وينبع عدم دستورية هاتين المادتين من مبدأي المعقولية والمساواة (المادة 3 من الدستور) والحق في الصحة (المادة 32 من الدستور). وأثار صاحبا البلاغ أيضاً مسألة عدم قابلية الإلغاء بالنسبة للموافقة على نقل الأجنة إلى الرحم بعد الإخصاب، ولكن هذه المسألة حُكم بعدم مقبوليتها لكونها غير ذات صلة بقضية صاحبي البلاغ.

4-3 وفي 22 آذار/مارس 2016، قضت المحكمة الدستورية بشأن الدعوى القضائية الثانية التي رفعها صاحبا البلاغ ضد العيادة والدولة الطرف، وأعلنت عدم مقبولية طلب صاحبي البلاغ بعدم دستورية المادة 6-3 (المتعلقة بحظر سحب الموافقة بعد الإخصاب) والمادة 13(1)(3) (المتعلقة بحظر الأبحاث على الأجنة إلا بهدف حمايتها).

4-4 وتشدد الدولة الطرف كذلك على أن المحكمة الدستورية خلصت إلى أن العديد من أحكام القانون 40/2004 تعد غير دستورية. وفي 29 نيسان/أبريل 2014، أعلنت المحكمة الدستورية أن المواد 4(3)، و9(1) و(3)، و12(1) من القانون تعد غير دستورية بقدر ما تستثني اللجوء إلى الإخصاب المغاير. وفي أيار/مايو 2015، أعلنت عدم دستورية المادتين 1(1) و(2) و4(1)؛ وفي 21 تشرين الأول/أكتوبر 2015، أعلنت أيضاً عدم دستورية المادة 13(3)(ب) و(4).

4-5 وتذكر الدولة الطرف بوضع المحكمة الدستورية باعتبارها أحد أهم حراس الدستور. فبإمكانها تلقي شكاوى من السلطات العامة بشأن دستورية قواعد أو مراسيم على صعيدي الأقاليم أو الدولة. ومن ثم فهي ترصد كيفية احترام السلطات للدستور وتقوم بالتحكيم عند وقوع خلافات بين السلطات المركزية والمحلية. ويجوز للمحاكم أيضاً أن تثير مسائل تتعلق بالدستورية أمام المحكمة الدستورية عندما تعتمد قرارات هذه المحاكم على قانون مشكوك في دستوريته. ولا يمكن استئناف قرارات المحكمة الدستورية. وعندما تعلن أن قانوناً أو مرسوماً يعد غير دستوري، يتوقف سريانه في النظام القانوني الإيطالي.

4-6 وتعتبر الدولة الطرف أن وقائع قضية صاحبي البلاغ لا تشير إلى أي انتهاك للعهد. ومع ذلك، فإنها لا تشكك في اختصاص اللجنة في النظر في مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 27 آذار/مارس 2018، دفع صاحبا البلاغ بأن الدولة الطرف لم تقم سوى بإعادة ذكر سبل الانتصاف المحلية التي اتبعها صاحبا البلاغ وعرضت دور المحكمة الدستورية دون الرد على مزاعمهما.

5-2 وطلبا أن تشرع اللجنة في النظر في البلاغ من ناحيتي المقبولية والأسس الموضوعية دون مزيد من التأخير.

باء- نظر اللجنة في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب أن تقرر اللجنة، وفقاً للبروتوكول الاختياري، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا.

6-2 وتحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية البلاغ. ومع ذلك، فإنها تعتبر أن من الضروري توضيح عناصر مختلفة في هذا الخصوص.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بأن صاحبي البلاغ رفعا دعوى مدنية ضد مركز المساعدة على الإنجاب والدولة الطرف أمام محكمة فلورنسا، التي أحالت المسألة إلى المحكمة الدستورية. وقضت المحكمة الدستورية في المسألة في 22 آذار/مارس 2016. وتحيط اللجنة علماً بأن قرارات المحكمة الدستورية غير قابلة للاستئناف. وتخلص اللجنة إلى أن صاحبي البلاغ قد استنفدا سبل الانتصاف المحلية وفقاً للمادة 3(1) من البروتوكول الاختياري.

6-4 وقد دخل البروتوكول حيز النفاذ في الدولة الطرف في 20 شباط/فبراير 2015. ووفقاً للمادة 3(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، يجب على اللجنة إعلان عدم مقبولية بلاغ ما عندما تكون الوقائع موضوع البلاغ قد حدثت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف المعنية إلا إذا استمرت تلك الوقائع بعد ذلك ال تاريخ . وتتضمن معاهدات أخرى في مجال حقوق الإنسان بنداً مماثلاً بشأن الاختصاص الزمني ، مما يؤدي إلى تفسيرات مختلفة؛ وبالتالي، ترى اللجنة أن من المفيد توضيح معنى هذا الشرط المتعلق بالمقبولية.

6-5 تشير اللجنة إلى أنه من أجل تحديد ما إذا كان بلاغ ما يستوفي معيار المقبولية الذي تنص عليه المادة 3(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، يلزم التمييز بين الوقائع التي يزعم أنها تصل إلى حد انتهاك العهد، ونتائج أو آثار تلك الوقائع. وكما أشارت اللجنة، فإن الفعل الذي قد يشكل انتهاكاً للعهد لا يكتسب طابع الاستمرارية لمجرد امتداد آثاره أو نتائجه زمنياً ( ) .وبالتالي، فعندما تكون الوقائع التي ت شكل انتهاكاً للعهد قد حدثت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف المعنية، فإن مجرد عدم انتهاء نتائجها أو آثارها بعد بدء ال نفاذ لا يشكل سبباً كافياً لإعلان مقبولية ال بلاغ من حيث الاختصاص الزمني . وإذا لم يجر التمييز بين الأفعال التي أدت إلى الانتهاك المزعوم ونتائجه أو آثاره المستمرة، فإن معيار المقبولية من حيث الاختصاص الزمن ي المنصوص عليه في البروتوكول الاختياري، فيما يتعلق باختصاص اللجنة بالنظر في البلاغات الفردية، يكاد يكون غير ذي صلة ( ) .

6-6 ولأغراض المادة 3(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، تعني الوقائع تسلسل الأحداث أو حالات الفعل أو الامتناع التي تُنسب إلى الدولة الطرف و قد تؤدي إلى الانتهاك المزعوم للعهد. وكما أشارت اللجنة في آراء سابقة، فإن القرارات القضائية أو الإدارية للسلطات الوطنية تعتبر أيضاً جزءاً من الوقائع عندما تنتج عن إجراءات لها صلة مباشرة بالأحداث أو حالات الفعل أو الامتناع الأصلية التي أدت إلى الانتهاك، وكان بإمكانها جبر الضرر الناجم عن الانتهاك المزعوم وفقاً للقانون المنطبق حينئذ. وعندما تتخذ هذه الإجراءات بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف المعنية، فإن شرط المقبولية المنصوص عليه في المادة 3( 2 ) (ب) لا يحول دون اعتبار بلاغ ما مقبولاً. وفي الواقع، فعندما ت لجأ الضحية إلى سبل الانتصاف هذه، تتاح للسلطات الوطنية فرصة وضع حد للانتهاك المعني وجبر الضرر الناجم عنه ( ) .

6-7 وتشير اللجنة إلى أن جميع الادعاءات التي أثارها صاحبا البلاغ تتعلق بواقعتين: الأولى هي نقل جنين صاحبي البلاغ إلى رحم س. ك. من دون موافقتها؛ والثانية هي رفض العيادة تسليم الأجنة ليتسنى التبرع بها للاستخدام في البحث العلمي.

6-8 وفيما يتعلق بعدم قبول سحب س. ك. لموافقتها على نقل الجنين إلى رحمها، فإن كون صاحبة البلاغ لا تزال تعاني من نتائج النقل والإجهاض العفوي الذي تعرضت له لا يؤدي في حد ذاته إلى فقدان هذا النقل لطابعه الآني. ومع ذلك، تشير اللجنة إلى أن المحكمة الدستورية، في حكمها المؤرخ 22 آذار/مارس 2016، قد نظرت في الدعوى المدنية لصاحبي البلاغ بشأن نقل الجنين إلى رحم س. ك. رغم إرادتها، من خلال تساؤل يتعلق بالدستورية. ووفقاً للحكم المشار إليه في الفقرة 6-6 أعلاه، تشير اللجنة إلى أن قرار المحكمة الدستورية قد صدر بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في 20 شباط/فبراير 2015. وبناء على ذلك، فإن الادعاءات المتعلقة بنتائج نقل الجنين إلى رحم س. ك. رغم أنها أبدت بوضوح لأطباء العيادة رغبتها في سحب موافقتها، تعتبر مقبولة من حيث الاختصاص الزمني .

6-9 وفيما يتعلق برفض العيادة تسليم الأجنة، تحيط اللجنة علماً بأن العيادة لا يزال لديها هذه الأجنة وأن صاحبي البلاغ لا يزالان عازمين على التبرع بها لأغراض البحث العلمي. ويمكن في أي وقت العدول عن رفض تسليمها، وبالتالي يكون لرفض ذلك طابع مستمر. ومن ثم يتعين اعتبار جميع الادعاءات بهذا الخصوص مندرجة في إطار ولاية اللجنة من حيث الاختصاص الزمني .

6-10 ومن ثم ترى اللجنة أن ادعاءات صاحبي البلاغ لا يمكن اعتبارها غير مقبولة بموجب المادة 3(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

6-11 وتحيط اللجنة علماً بأن صاحبي البلاغ قدما ادعاءين مختلفين على أسس قانونية مختلفة للغاية. ويتمثل الادعاء الأول في انتهاك حقهما في الصحة لأن المرأة قد أُجبرت على أن يُنقل إلى رحمها جنين ذو احتمالات استقرار ضعيفة، رغم إرادتها، وتعرضت في نهاية الأمر إلى إجهاض عفوي. ويدفعان أيضاً بأن عدم اليقين الذي تسبب فيه القانون بشأن ما إذا كان من الممكن سحب الموافقة على النقل بعد الإخصاب يمنعهما من محاولة الحمل ثانية من خلال إجراء الإخصاب الأنبوبي، مما ينتهك حقهما في الصحة وفي تكوين أسرة. وفيما يتعلق بهذا الادعاء، تعتبر اللجنة أن صاحبي البلاغ قدما ما يكفي من الأدلة على احتمال وقوعهما ضحية لانتهاك الحقوق المكرسة في العهد، بموجب المادة 3(2)(هـ).

6-12 ويتعلق الادعاء الثاني لصاحبي البلاغ بحظر تبرعهم بالأجنة التسعة المتبقية للبحث العلمي. ويدفعان بأن هذا الحظر ينتهك حقوقهما في التمتع بفوائد التقدم العلمي ويقيد حرية البحث بموجب المادة 15 من العهد، وحقهما في الصحة بموجب المادة 12(2)(ج) و(د).

6-13 وتعتبر اللجنة أن هذا الادعاء الثاني غير مقبول، لأن صاحبي البلاغ لم يقدما ما يكفي من الأدلة على أن بإمكانهما الادعاء بالوقوع ضحية لانتهاك حقوقهما المكرسة في العهد نتيجة حظر تبرعهما بالأجنة للبحث العلمي. وترد الأسباب في الفقرات التالية.

6-14 تقصر المادة 2 من البروتوكول الاختياري الأهلية القانونية لتقديم البلاغات على الضحايا الحقيقيين أو المحتملين لانتهاك الحقوق الواردة في العهد. ولا يجوز للجنة أن تنظر في بلاغ ما من الناحية المجردة : فلا يجوز لها تقييم ما إذا كان فعل أو امتناع من قبل دولة طرف متوافقاً مع العهد إلا إذا كان هذا الفعل أو الامتناع قد أضر بصاحب البلاغ. ولا يقر البروتوكول الاختياري دعوى الحسبة التي من شأنها أن تتيح لأشخاص، غير الذين يمكن جدلاً اعتبارهم ضحايا، أن يطلبوا إلى اللجنة أن تحلل من الناحية المجردة مدى توافق قانون أو سياسة ما للدولة الطرف مع العهد. ويقع على أصحاب البلاغ عبء إثبات وضعهم كضحايا حقيقيين أو محتملين لانتهاك الحقوق موضع النظر. ويؤدي عدم استيفاء هذا الشرط إلى اعتبار البلاغ غير مقبول.

6-15 وتدرك اللجنة أن البلاغات يمكن تقديمها من أشخاص لا يمثلهم في كل الأحوال محامون أو رجال قانون مدربون في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان. وبالتالي، يتعين تفسير شروط المقبولية بطريقة مرنة، دون أن يسفر ذلك عن فرض شروط تقنية غير ضرورية، من أجل تجنب وضع العقبات أمام تقديم البلاغات إلى اللجنة. ومع ذلك، ولكي تبدأ اللجنة نظرها في الأسس الموضوعية لبلاغ ما، فإن من الضروري أن تُبيِّن الوقائع والادعاءات المقدمة، على الأقل ظاهرياً، أن أصحاب البلاغ يمكن أن يكونوا ضحايا حقيقيين أو محتملين لانتهاك حق مكرس في العهد.

6-16 وتحيط اللجنة علماً بزعم صاحبي البلاغ أن القانون 40/2004 ينتهك حقوقهما بموجب المادتين 12(2)(ج) و(د)، و15 من العهد لأنه بمنعهما من التبرع بأجنتهما للأغراض العلمية "يبطئ" من الأبحاث المتعلقة بالورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد، وهو المرض الذي تحمله س. ك. دون أعراض. ويدفع صاحبا البلاغ أيضاً بأن بعض أفراد عائلتهما يعانون من هذا المرض وربما يس ت فيدون من إجراء الأبحاث على هذه الأجنة. ومن ثم، تتمثل حجة صاحبي البلاغ في أن التبرع بهذه الأجنة تحديداً من شأنه إفادتهم بشكل مباشر، لأنه قد يؤثر بشكل واضح على الأبحاث المتعلقة بالورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد وهو ما قد يسمح بالتوصل إلى دواء أو إلى علاج أفضل لهذا المرض أو يجعل من الممكن تجنب الانتقال الوراثي من حاملي المرض دون أعراض مثل س. ك.. ولو كان أصحاب البلاغ قدموا أدلة كافية على وجود صلة ممكنة، أو على الأقل معقولة، بين التبرع بهذه الأجنة تحديداً وتطوير علاجات أفضل للمرض أو الحد من إمكانية انتقاله وراثياً، بما من شأنه إفادتهم شخصياً، لأضحى ادعاءهم مقبولاً. ولكن الالتماس لا يثبت وجود هذه الصلة. والبلاغ مفصل للغاية في إظهار ما قد تحمله الأبحاث على الأجنة أو الخلايا الجذعية من إمكانيات للنهوض بالعلوم الطبية أو علاج أمراض معينة مثل مرض ألزهايمر . ولكن الالتماس لا يقدم الحد الأدنى من الأدلة على أن التبرع بهذه الأجنة تحديداً من شأنه أن يسفر عن أي فائدة ملموسة لصاحبي البلاغ فيما يتعلق بالورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد. بل إنه من غير الواضح على الإطلاق أن الأجنة ستُستخدم في الأبحاث المتعلقة بهذا المرض. ومن ثم، فإن الحجة المتعلقة بالفوائد التي سيجنيها صاحبا البلاغ تظل من باب التكهنات. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن هذه الحجة الأولى ليست كافية لكي تثبت بالقدر الكافي ادعاءهم المتعلق بحظر التبرع بالأجنة لأغراض البحث العلمي.

6-17 وتعد الحجة الثانية التي طرحها صاحبا البلاغ لدعم ادعائهما إقراراً في واقع الأمر برغبتهما في التبرع بالأجنة للبحث العلمي عموماً، حتى إذا لم يكن لهذا البحث أي إمكانية مجدية لإفادتهما مباشرة. ومن ثم، فإنهما يدفعان بأن القيد على إمكانية تبرعهما بأجنتهما، الذي يفرضه القانون 40/2004، ينتهك حقهما في المشاركة في البحث العلمي، وهو ما يعتبرانه جزءاً من العهد. وليس من الضروري أن تحلل اللجنة في هذه المناسبة ما إذا كان العهد يشتمل على حق لكل شخص بالمشاركة في البحث العلمي أو إلى أي مدى يشتمل العهد على هذا الحق؛ وعلى أية حال، فإن عبء إظهار أن صاحبي البلاغ يعتزمان فعلاً المشاركة في مسعى علمي، يقع عليهما. ومع ذلك، فإن صاحبي البلاغ لم يثبتا هذا الادعاء، حيث إنهما يدفعان ببساطة بأنهما يرغبان في التبرع بأجنتهما في سبيل العلم، لكي يتسنى لآخرين إجراء البحث العلمي. ويتضمن الالتماس تفاصيل بشأن طابع الأبحاث على الأجنة وأثرها المحتمل على العلم، ويضع حججاً قانونية للدفاع عن وجود حق في العهد للمشاركة في العلم. ومع ذلك، فإن صاحبي البلاغ لا يثبتان بأي طريقة مجدية أن التبرع بجنين هو بالفعل أحد أشكال المشاركة في البحث العلمي. وتخلص اللجنة إلى أن هذه الحجة الثانية أيضاً لا تثبت بالقدر الكافي ادعاء صاحبي البلاغ بأن حظر التبرع بأجنتهما انتهك حقوقهما بموجب العهد.

6-18 وتتمثل الحجة الثالثة التي ساقها صاحبا البلاغ بشأن حظر التبرع بالأجنة في أن حرية البحث قد انتُهكت لأن القيد الذي يفرضه القانون 40/2004 ينتهك التزام الدول " باحترام الحرية التي لا غنى عنها للبحث العلمي "، بما ينتهك المادة 15(3) من العهد. ومع ذلك، فإن صاحبي البلاغ لم يدعيا أبداً أنهما يعتزمان إجراء أي بحث علمي بنفسيهما، ولذلك فهما لا يدعيان في واقع الأمر أنهما قد يكونان ضحية لانتهاك حريتهما في البحث. وفي هذا الصدد، فإنهما ليسا في وضع الضحايا أو الضحايا المحتملين، لأن هدفهما كان قيام اللجنة من الناحية المجردة بتقييم ما إذا كانت القيود التي وضعها القانون 40/2004 متوافقة مع العهد، وهو ما يتجاوز اختصاص اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري.

6-19 ونظراً للأسباب المذكورة أعلاه، تخلص اللجنة إلى أن صاحبي البلاغ لم يثبتا بالقدر الكافي حجتيهما الأوليين بشأن ادعائهما المتعلق بحظر التبرع بالأجنة. وتعتبر اللجنة أيضاً أن صاحبي البلاغ ليسا في وضع الضحايا المشترط ليقدما ادعاء في بلاغ بشأن حجتهما الثالثة المتعلقة بحظر التبرع بالأجنة. ومن ثم، فبموجب المادتين 2 و3(2)(ه) من البروتوكول الاختياري، تعلن اللجنة أن البلاغ غير مقبول من ناحية الادعاء بأن حظر التبرع بالأجنة انتهك حقوق صاحبي البلاغ بموجب المادة 15 من العهد.

6-20 وتشير اللجنة إلى استيفاء بقية البلاغ لشروط المقبولية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري، وتعلن بناء على ذلك أن بقية الادعاءات بموجب المادتين 10 و12 من العهد مقبولة وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

جيم- نظر اللجنة في الأسس الموضوعية

الوقائع والمسائل القانونية

7-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ آخذة في الاعتبار جميع المعلومات المقدمة إليها، وفقاً لأحكام المادة 8 من البروتوكول الاختياري.

7-2 يدفع صاحبا البلاغ بأنهما أجريا دورتي إخصاب أنبوبي: الأولى بثلاثة أجنة، كانت كلها مصابة بالورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد، ولذلك لم تُنقل إلى رحم س. ك.؛ والثانية بعشرة أجنة، ثبت أن واحداً منها فقط كان خالياً من الورم العظمي الغضروفي الوراثي المتعدد، ولكنه صُنف على أنه "متوسط الجودة"، أي أن فرصة استقراره ضعيفة. ورفضت س. ك. نقل الجنين "المتوسط الجودة" إلى رحمها ولكنها أُخبرت بأنه ليس بإمكانها إلغاء موافقتها على نقل الجنين إلى رحمها، وهُددت بدعوى قضائية إذا رفضت القيام بذلك. ونظراً للتهديد بالمقاضاة، شعرت س. ك. أنها مجبرة على الموافقة على نقل الجنين، ولكنها تعرضت لاحقاً لإجهاض عفوي. وحُفظت الأجنة التسعة الأخرى بالتجميد. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تعترض على رواية صاحبة البلاغ للوقائع على النحو المقدم.

7-3 ويدفع صاحبا البلاغ بأن نقل الجنين إلى رحم س. ك. رغم إرادتها يشكل انتهاكاً لحقها في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه. ويدفعان كذلك بأن عدم اليقين الذي تسبب فيه عدم وضوح الأحكام الراهنة المتعلقة بحق النساء في إلغاء موافقتهن على نقل الأجنة ينتهك حقوقهما بموجب المادتين 10 و12 من العهد لأنه يمنعهما من محاولة الحمل ثانية من خلال إجراء الإخصاب الأنبوبي.

7-4 وفي ضوء استنتاج اللجنة بشأن الوقائع ذات الصلة وبشأن الادعاءات التي قدمها صاحبا البلاغ، فإن البلاغ يثير مسألتين محوريتين: ما إذا كان نقل جنين إلى رحم س. ك. من دون موافقتها يعد انتهاكاً لحقها في الصحة؛ وما إذا كان عدم اليقين الذي تسبب فيه القانون بشأن ما إذا كان من الممكن سحب الموافقة على نقل الأجنة بعد الإخصاب يشكل انتهاكاً لحق صاحبي البلاغ في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه بموجب المادة 12 وحقهما في حماية أسرتهما بموجب المادة 10. وتستلزم هذه المسائل القانونية الأساسية النظر المسبق في مسألتين أخريين: (أ) نطاق الحق في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه وعلاقته بالمساواة الجنسانية؛ (ب) وماهية القيود المسموح بها بالنسبة للمادة 12.

إمكانية الحصول على خدمات الصحة الإنجابية، والشأن الجنساني

8-1 تشير اللجنة إلى أن الحق في الصحة الجنسية والإنجابية هو أيضاً غير قابل للفصل عن حقوق الإنسان الأخرى ومترابط معها . " ويرتبط هذا الحق ارتباطاً وثيقاً بالحقوق المدنية والسياسية التي تقوم عليها السلامة البدنية والعقلية للأفراد واستقلالهم، مثل الحق في الحياة؛ وحرية الشخص وأمنه؛ وعدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة " ( ) . وتشير اللجنة أيضاً إلى أن " الحق في الصحة الجنسية والإنجابية يشمل مجموعة من الحريات والاستحقاقات. وتشمل الحريات حق المرء في اتخاذ قرارات وخيارات حرة ومسؤولة، دون عنف أو إكراه أو تمييز، بشأن الأمور التي تخص جسده وصحته الجنسية والإنجابية " ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، تقع انتهاكات الالتزام ب احترام " الحق في الصحة الجنسية والإنجابية عندما تقوّض الدولة إعماله بواسطة قوانين أو سياسات أو إجراءات . وتشمل هذه الانتهاكات تدخل الدولة في حرية الفرد في التصرف في جسده أو تقييد قدرته على اتخاذ قرارات حرة ومستنيرة ومسؤولة في هذا الصدد ". كما أن القوانين والسياسات التي تنص على تدخلات طبية قسرية أو إجبارية أو غير طوعية، بما في ذلك التعقيم القسري أو الفحص الإلزامي لفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز أو ل لعذرية أو الحمل، تنتهك الالتزام باحترام هذا الحق ( ) .

8-2 وتعتبر اللجنة فعلاً أن من الضروري النظر بشكل منفصل في المزاعم المحددة التي أثارها صاحبا البلاغ والمتعلقة بالحق في الصحة الإنجابية والسلامة البدنية لـ س. ك.. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أن تجارب النساء في التعرض لتمييز وعنف منهجي ين طوال حياتهن " يتطلب فهماً شاملاً لمفهوم المساواة بين الجنسين في الحق في الصحة الجنسية والإنجابية. إن عدم التمييز على أساس نوع الجنس، على النحو المكفول في الفقرة 2 من المادة 2 من العهد، ومساواة المرأة، على النحو المكفول في المادة 3، لا يقتضيان القضاء على التمييز المباشر فحسب، بل أيضاً التمييز غير المباشر، وكفالة المساواة بصورة رسمية وفعلية ". وهناك قوانين وسياسات وممارسات تبدو محايدة لكنها يمكن أن تؤدي إلى استدامة ما هو قائم بالفعل من أوجه عدم المساواة بين الجنسين والتمييز ضد المرأة . و" يقتضي تحقيق المساواة الفعلية ألا تؤدي القوانين والسياسات والممارسات إلى استمرار الحرمان المتأصل الذي تعاني منه النساء في ممارسة حقهن في الصحة الجنسية والإنجابية، بل تخفيفه " ( ) .

8-3 وتشير اللجنة إلى أنه في إطار التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 3، " يتحتم على الدول الأطراف أن تأخذ في الاعتبار التأثير الذي تحدثه القوانين، والسياسات العامة، والبرامج التي يبدو أنها محايدة من حيث نوع الجنس، وأن تنظر في احتمال أن تؤدي إلى تأثير سلبي على قدرة الرجل والمرأة على التمتع بحقوق الإنسان المتصلة بهم ا على أساس المساوا ة" ( ) .

القيود المسموح بها على الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه

9- إن المادة 12 من العهد ليست مطلقة ويمكن أن تخضع لقيود حسب ما تسمح به المادة 4 من العهد. وتشير اللجنة إلى أن البند المتعلق بالقيود في العهد، المادة 4، يهدف أساساً إلى حماية حقوق الأفراد وليس للسماح للدول بفرض قيود. وبالتالي، يقع على الدولة الطرف التي تفرض قيداً على التمتع بحق ما بموجب العهد عبء تبرير هذه التدابير الخطيرة فيما يتعلق بكل عنصر من العناصر المحددة في المادة 4. ويجب أن تكون هذه القيود وفقاً للقانون، بما في ذلك المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومتوافقة مع طابع الحقوق التي يحميها العهد، ولصالح الأهداف الشرعية المتوخاة، وضرورية تماماً للنهوض بالرفاه العام في مجتمع ديمقراطي ( ) .

انعدام الموافقة وانتهاك الحق في الصحة

10-1 تحيط اللجنة علماً بالادعاء الأول المقدم من صاحبي البلاغ بموجب المادة 12، وهو تحديداً انتهاك حق س. ك. في الصحة عندما أُجبرت على نقل جنين إلى رحمها رغم إرادتها. وتحيط اللجنة علماً بأن هذا النقل أدى إلى إجهاض عفوي، وهو ما اعتبرته صاحبة البلاغ أمراً صادماً. وتشير اللجنة إلى أن الحق في الصحة يشمل الحق في اتخاذ قرارات حرة ومستنيرة بشأن أي علاج طبي قد يخضع له الشخص. ومن ثم، فإن القوانين والسياسات التي تنص على تدخلات طبية غير طوعية أو قسرية أو إجبارية تنتهك مسؤولية الدولة باحترام الحق في الصحة. وتلاحظ اللجنة كذلك أن إرغام امرأة على نقل جنين إلى رحمها يشكل بوضوح تدخلاً طبياً إجبارياً. وتخلص اللجنة إلى أنه في ظروف هذه القضية، تشكل الوقائع المعروضة عليها انتهاكاً لحق س. ك. في الصحة على النحو المكرس في المادة 12 من العهد.

10-2 وتعتبر اللجنة أنه عندما تشير المعلومات ذات الصلة المقدمة في بلاغ ما، ظاهرياً، إلى أن قانوناً مؤثراً في النساء بشكل غير متناسب ينتهك التزام الدولة الطرف بضمان الحق المتكافئ بين الرجال والنساء في التمتع بالحق المزعوم انتهاكه، يكون على الدولة الطرف إظهار أنها أوفت بالتزاماتها بموجب المادة 3 من العهد.

10-3 وتشير اللجنة إلى أن شرط المساواة بين النساء والرجال، على النحو الذي تكفله المادة 3 من العهد، يقتضي ألا تؤدي القوانين والسياسات والممارسات إلى استمرار الحرمان المتأصل الذي تعاني منه النساء في ممارسة حقهن في الصحة الجنسية والإنجابية، بل تخفيفه ، وإلى أن هناك قوانين تبدو محايدة لكنها يمكن أن تؤدي إلى استدامة ما هو قائم بالفعل من أوجه عدم المساواة بين الجنسين والتمييز ضد المرأة. وتشير اللجنة إلى أن القانون 40/2004، على النحو المفسر في قضية صاحبي البلاغ، يقيد حق النساء الخاضعات للعلاج في إلغاء موافقتهن، مما يؤدي إلى احتمال إجراء تدخلات طبية إجبارية أو حتى حالات حمل إجباري لجميع النساء الخاضعات للعلاجات بالإخصاب الأنبوبي. وتعتبر أنه حتى لو كان هذا التقييد للحق في سحب موافقة شخص ما يؤثر على الجنسين سواء بسواء، ظاهرياً، فإنه يضع عبئاً بالغاً على النساء. وتشير اللجنة إلى أن التبعات المحتملة على النساء بالغة الخطورة، وتشكل انتهاكاً مباشراً لحقهن في الصحة والسلامة البدنية. وتخلص إلى أن نقل جنين إلى رحم س.ك . من دون موافقتها السليمة يشكل انتهاكاً لحقها في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ولحقها في المساواة الجنسانية في سياق تمتعها بحقها في الصحة، يصل إلى حد انتهاك المادة 12، مقروءة بشكل منفرد وبالاقتران مع المادة 3 من العهد.

عدم اليقين القانوني بشأن سحب الموافقة، وانتهاك الحق في الصحة

11-1 تحيط اللجنة علماً بالادعاء الثاني المقدم من صاحبي البلاغ بموجب المادة 12: وهو أن عدم اليقين الذي تسبب فيه القانون بشأن ما إذا كان من الممكن سحب الموافقة على النقل بعد الإخصاب، يمنعهما من محاولة الحمل ثانية، ومن ثم ينتهك حقهما في الصحة. ويتمثل ما مر به صاحبا البلاغ في أن س. ك. لم تتمكن من سحب موافقتها بعد الإخصاب، ولديهما أسباب تدعو إلى الخوف من احتمال تعرضهما لموقف مماثل إذا حاولا إجراء الإخصاب الأنبوبي مرة أخرى. وبناء على ذلك، تسلم اللجنة بأن صاحبي البلاغ محرومان من إمكانية الحصول على علاجات الإخصاب الأنبوبي. وتعتبر اللجنة أنه يترتب على ذلك أن القانون 40/2004 يفرض قيداً على حق صاحبي البلاغ في الصحة، حيث يحرمهما من إمكانية الحصول على علاج طبي متاح في الدولة الطرف بطريقة أخرى.

11-2 ويجب أن تمتثل القيود على الحقوق التي يحميها العهد للحدود الواردة في المادة 4 منه. وتشير اللجنة إلى أنه وفقاً للمادة 4، يجب أن تتوافق القيود " مع طبيعة هذه الحقوق ". وخلصت اللجنة إلى أن منع شخص ما من سحب موافقته على نقل جنين يشكل انتهاكاً للحق في الصحة، حيث يمكن أن يؤدي إلى تدخلات طبية إجبارية أو حتى حالات حمل إجباري. وهذا الحظر يتعلق بجوهر الحق في الصحة ويتجاوز نوع القيود التي يمكن تبريرها بموجب المادة 4 من العهد. وهذا الحظر، أو على الأقل الغموض المتعلق بوجود هذا الحظر، هو مصدر عجز صاحبة البلاغ عن الاستفادة من علاجات الإخصاب الأنبوبي. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى عدم توافق القيد مع طبيعة الحق في الصحة وإلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وجود انتهاك للمادة 12 من العهد إزاء صاحبي البلاغ كليهما.

11-3 وإذ تخلص اللجنة إلى أن القيد على إمكانية حصول صاحبي البلاغ على علاج الإخصاب الأنبوبي ينتهك حقوقهما بموجب المادة 12 من العهد، فإنها لا ترى ضرورة للنظر في ادعاءاتهما بموجب المادة 10.

11-4 وأخيراً، تلاحظ اللجنة أن معظم المشاكل التي أثارها صاحبي البلاغ في التماسهما مرتبطة بأوجه الغموض، بل وربما التناقضات، في لوائح الدولة الطرف المتعلقة بالإخصاب الأنبوبي والأبحاث الممكنة على الأجنة والخلايا الجذعية. وترجع أوجه الغموض هذه، جزئياً، إلى كون القانون 40/2004، الصادر في عام 2004، قد خضع لتعديلات هامة - ولكن تدريجية - بموجب عدة قرارات للمحكمة الدستورية. وبالإضافة إلى ذلك، تدرك اللجنة أن هذا المجال قد شهد تطوراً هاماً في آراء المجتمع، وأن العلم والتقنيات في حالة تطور مستمر. ولهذه الأسباب، وكما شددت هيئات أخرى لحقوق الإنسان ( ) ، يتعين على الدول تحديث لوائحها بانتظام لكي تتسق مع التزاماتها في مجال حقوق الإنسان ومع تطور المجتمع والتقدم العلمي. ويبدو أن ذلك يعد أكثر إلحاحاً في الدولة الطرف.

دال- الاستنتاج والتوصيات

12-1 في ضوء المعلومات المقدمة والظروف الخاصة للقضية، تعتبر اللجنة أن حظر سحب موافقة س. ك. على نقل جنين إلى رحمها وتقييد إمكانية حصول صاحبي البلاغ كليهما على الحقوق الإنجابية يشكلان انتهاكاً للمادة 12 من العهد فيما يتعلق بصاحبي البلاغ كليهما، وللمادة 12 مقروءة بالاقتران مع المادة 3 من العهد فيما يتعلق بـ س. ك..

12-2 واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 9(1) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 12، والمادة 12 مقروءة بالاقتران مع المادة 3، من العهد. وفي ضوء الآراء الواردة في هذا البلاغ، تقدم اللجنة التوصيات التالية إلى الدولة الطرف.

توصيات بشأن صاحبي البلاغ

13- يقع على الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبي البلاغ، بطرق من بينها: (أ) تهيئة الظروف الملائمة لإعمال حقهما في الحصول على علاجات الإخصاب الأنبوبي مع الثقة في احترام حقهما في سحب موافقتهما على العلاجات الطبية؛ (ب) ضمان أن تحظى س. ك. بالحماية من أي تدخل طبي غير مرغوب وأن يُحترم حقها في اتخاذ قرارات حرة بشأن جسدها؛ (ج) تقديم التعويض الكافي لـ س. ك. عما عانته من أضرار بدنية ونفسية ومعنوية؛ (د) ردّ التكاليف القانونية التي تكبدها صاحبا البلاغ بقدر معقول في تجهيز هذا البلاغ.

توصيات عامة

14- ترى اللجنة أن سبل الانتصاف الموصى بها في سياق البلاغات الفردية يمكن أن تشتمل على ضمانات بعدم التكرار، وتذكر بأن الدولة الطرف ملزمة بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وترى اللجنة أن على الدولة الطرف ضمان اتساق تشريعاتها وإنفاذ هذه التشريعات مع الالتزامات المنصوص عليها في العهد. وعلى وجه الخصوص، فإن الدولة الطرف ملزمة بما يلي:

(أ) اعتماد تدابير تشريعية و/أو إدارية مناسبة لضمان حق جميع النساء في اتخاذ قرارات حرة بشأن التدخلات الطبية التي تؤثر على أجسادهن، ولا سيما ضمان حقهن في سحب موافقتهن على نقل أجنة إلى أرحامهن ؛

(ب) اعتماد تدابير تشريعية و/أو إدارية لضمان إمكانية الحصول على جميع العلاجات الإنجابية المتاحة بشكل عام وللسماح لجميع الأشخاص بسحب موافقتهم على نقل الأجنة للإنجاب، مع ضمان امتثال جميع القيود المفروضة على إمكانية الحصول على هذه العلاجات للمعايير الواردة في المادة 4 من العهد.

15- ووفقاً للمادة 9(2) من البروتوكول الاختياري والمادة 18(1) من النظام الداخلي المؤقت المتعلق ب البروتوكول الاختياري، يُطلب إلى ا لدولة الطرف أن تقدم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن التدابير المتخذة لمتابعة آراء اللجنة وتوصياتها . ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة وتعممها على نطاق واسع، في شكل يسهل الاطلاع عليه ، لكي تص ل إلى جميع قطاعات السكان .