الأمم المتحدة

E/C.12/72/D/26/2018

ا لمجلس الاقتصادي والاجتماعي

Distr.: General

8 March 2023

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بشأن البلاغ رقم 26/2018 * **

بلاغ مقدم من : جوزيفا هيرنانديز كورتيس وريكاردو رودريغيس بيرموديس (يمثلهما محام)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : صاحبا البلاغ وابنتاهما

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 7 آذار/مارس 2018 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد الآراء : 10 تشرين الأول/أكتوبر 2022

الموضوع : طرد أسرة من مسكن كانت تسكن فيه دون سند قانوني

المسائل الإجرائية : عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : الحق في سكن لائق

مواد العهد : المادة 11( 1)

مواد البروتوكول الاختياري : 2 و5

1-1 صاحبا البلاغ الذي ورد في 7 آذار/مارس 2018 هما جوزيفا هيرنانديز كورتيس المولودة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1977، وريكاردو رودريغيس بيرموديس المولود في 16 آب/أغسطس 1969 ، وهما مواطنان إسبانيان. وهما يقدمان البلاغ بالأصالة عن نفسيهما وبالنيابة عن ابنتيهما القاصرتين، س. و إ .، المولودتين في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2008 و14 آب/أغسطس 201 3. ويدعي صاحبا البلاغ أن طردهما هما وابنتاهما سيشكل انتهاكاً لحقوقهم بموجب المادة 11 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لإسبانيا في 5 أيار/مايو 201 3. ويمثل صاحبي البلاغ المحاميان أليخاندرا خاثينتو أورانغا وفرانثيسكو خافيير روبيو خيل.

1-2 وفي 13 آذار/مارس 2019، طلبت الدولة الطرف إلى اللجنة أن تعلق النظر في البلاغ. وفي 12 نيسان/أبريل 2019، اعترض صاحبا البلاغ على تعليق اللجنة نظرها في البلاغ . وفي 23 كانون الثاني/يناير 2020، قررت اللجنة، من خلال فريقها العامل، عدم تعليق نظرها في البلاغ لأن الاستئناف قد رُفض و لأن إجراءات الطرد استؤنفت.

ألف- موجز المعلومات والحجج التي قدمها الطرفان

الأسس الوقائعية ( )

الوقائع السابقة لتسجيل البلاغ

2-1 يذكر صاحبا البلاغ أنهما قدما منذ عام 2008 عدة طلبات إلى هيئة الإسكان في مدريد للحصول على سكن اجتماعي دون جدوى. وتمكن صاحبا البلاغ من استئجار شقة عن طريق السوق الخاصة بين عامي 2010 و2014 لكنهما فقدا وظيفتيهما وأصبحا غير قادرين على دفع الإيجار منذ عام 201 4. ووفقاً ل ما ذكره صاحب ا البلاغ، لم يعد أمامهما خيار سوى الانتقال إلى شقة يملكها أحد المصارف لأنه لم يكن لديهما مسكن بديل ولم تنجح طلباتهما للحصول على سكن اجتماعي. ويدفعان بأن الشقة المعنية كانت غير مأهولة.

2-2 وفي تاريخ غير محدد، قدم المصرف الذي يمتلك الشقة شكوى إلى محكمة التحقيق رقم 50 في مدريد بشأن إشغال صاحبة البلاغ للعقار بصورة غير مشروعة. وأثناء الإجراءات، ادعت صاحبة البلاغ أنها انتقلت إلى الشقة لأنها كانت فارغة ولأنها لم تكن قادرة على دفع الإيجار ولم تكن أمامها وسيلة أخرى لتوفير مسكن لابنتيها؛ وأنها كانت قد طلبت من المصرف السماح لهم بالعيش في الشقة مقابل إيجار ميسور التكلفة؛ وأنها تقدمت بطلب للحصول على سكن اجتماعي؛ وأن إحدى ابنتيها تعاني من مشاكل تتطلب مساعدة خاصة.

2-3 وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2015، قدمت صاحبة البلاغ طلباً للحصول على مسكن إلى شركة الإسكان والأراضي البلدية التابعة لمجلس مدينة مدريد. وقُبل طلبها وأُدرجت في قائمة الانتظار.

2-4 وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 2015، أدانت المحكمة صاحبة البلاغ بجريمة الإشغال غير المشروع لأحد الممتلكات، التي يعاقب عليها بموجب المادة 245( 2) من القانون الجنائي. وحكم عليها بغرامة قدرها 3 يورو في اليوم لمدة ثلاثة أشهر وبدفع رسوم المحكمة. و في حال تخلفها عن الدفع، ستكون العقوبة السجن لمدة يوم واحد لكل دفعتين يوميتين فائتتين. وأصدرت المحكمة أيضاً أمراً في حق صاحبة البلاغ وأسرتها بإخلاء المسكن وإبلاغ خدمات الرعاية الاجتماعية بالقرار حتى تتمكن من مساعدة الأسرة. واستأنفت صاحبة البلاغ الحكم أمام المحكمة العليا الإقليمية في مدريد.

2-5 وفي 23 آذار/مارس 2016، نقضت المحكمة العليا الإقليمية جزئياً حكم المحكمة وبرأت صاحبة البلاغ من المخالفة البسيطة المتمثلة في الإشغال غير المشروع، ورأت أن حالة الضرورة التي يفرضها وضعها غير المستقر مالياً تشكل سبباً للحكم بإعفاء كامل. وفي هذا الصدد، لاحظت المحكمة العليا الإقليمية أن لصاحبي البلاغ ابنتين، تبلغان من العمر 7 سنوات وسنتين، وأنهما عاطلان عن العمل وأنهما تقدما بطلب للحصول على سكن اجتماعي دون جدوى. ورأت المحكمة العليا الإقليمية أن حاجة الأسرة أخطر من انتهاك الحق القانوني المحمي ، بالنظر إلى ضعف ها الاجتماعي والاقتصادي والجهود التي تبذلها لإيجاد حل لمشكلتها . ورأت المحكمة العليا الإقليمية أن ذلك لا يعفي صاحبي البلاغ من الالتزام بإخلاء المسكن لأنهما لا يملكان أي سند يبرر إشغالهما له.

2-6 وفي 21 شباط/فبراير و28 حزيران/يونيه 2017، أصدرت المحكمة أوامر إخلاء ضد صاحبي البلاغ. وفي كلتا المرتين، عُلّق قرار الإخلاء بعد أن قدم صاحبا البلاغ وخدمات الرعاية الاجتماعية طلبات تشير إلى الحالة الاجتماعية والاقتصادية لصاحبي البلاغ وعدم توافر مسكن بديل لهما .

2-7 وفي 10 تموز/يوليه 2017، طلب صاحبا البلاغ إلى المصرف مرة أخرى السماح لهما بالبقاء في الشقة مقابل إيجار ميسور التكلفة. وبدلاً من الاستجابة لطلبهم ا ، طلب المصرف إخلاءهما. وفي التاريخ نفسه، قدم صاحبا البلاغ طلباً آخر للحصول على مسكن إلى شركة الإسكان والأراضي ا لبلدية.

2-8 وفي 3 تموز/يوليه 2017، قدمت صاحبة البلاغ طلباً للحصول على سكن اجتماعي إلى منطقة مدريد. وادعت أنها كانت في حالة ضرورة ماسة. وفي 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، رفضت منطقة مدريد، عملاً بالمادة 14(1)(و) من المرسوم رقم 52/2016 المؤرخ 31 أيار/مايو بشأن إنشاء صندوق الإسكان الاجتماعي في حالات الطوارئ، طلب صاحبة البلاغ على أساس أنها كانت تشغل مسكناً من دون سند قانوني.

2-9 وفي 4 كانون الثاني/يناير 2018، أصدرت المحكمة أمراً بإخلاء صاحبي البلاغ وابنتيهما في 9 آذار/مارس 201 8. وعندما سُجل البلاغ، ادعى صاحبا البلاغ أنه لم تكن هناك وسيلة تمكنهما من الطعن في أمر الإخلاء أو طلب تعليقه، وبالتالي استُنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية.

الوقائع اللاحقة لتسجيل البلاغ

2-10 في 8 آذار/مارس 2018، سجلت اللجنة البلاغ وطلبت إلى الدولة الطرف اتخاذ تدابير مؤقتة لمنع تعرُّض صاحبي البلاغ وابنتيهما لأذى لا يمكن جبره ريثما تنظر اللجنة في القضية، من خلال تعليق عملية الإخلاء أو منحهما مسكناً بديلاً ملائماً لاحتياجاتهما، بالتشاور الحقيقي والفعلي معهما.

2-11 وفي 8 آذار/مارس 2018، طلب الكيان الذي يملك العقار تعليق الإخلاء لمدة شهر واحد ريثما يبحث مجلس المدينة عن مسكن بديل لصاحبي البلاغ. وفي 13 آذار/مارس 2018، علّقت المحكمة عملية الإخلاء لمدة شهر واحد.

2-12 وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أصدرت المحكمة أمراً بطرد صاحبي البلاغ وشاغلي المسكن الآخرين. وقدمت صاحبة البلاغ طلباً لإعادة النظر في هذا الأمر. وفي 11 كانون الأول/ ديسمبر 2018، رفضت المحكمة طلب صاحبة البلاغ إعادة النظر وأيدت أمر الإخلاء. وطعنت صاحبة البلاغ في هذا القرار. وفي 7 شباط/فبراير 2019، رفضت المحكمة العليا الإقليمية استئنافها. ونظرت المحكمة العليا الإقليمية في مضمون طلب التدابير الاحترازية الذي أصدرته اللجنة. وفي هذا الصدد، لاحظت المحكمة أن اللجنة اقترحت خيارين ممكنين للدولة الطرف: تعليق عملية الإخلاء أو توفير مسكن بديل ملائم. ورأت المحكمة أنه يمكن اعتبار الخيار الأول قد استُنفد على نحو معقول، دون أن تتوصل السلطات الإدارية إلى حل لمشكلة الإسكان، وأنه لا يمكن تعليق الإخلاء كتدبير احترازي إلى أجل غير مسمى لأن ذلك سيضر المالك بشكل مفرط.

2-13 وأصدرت المحكمة أوامر بإخلاء صاحبي البلاغ عدة مرات منذ 10 كانون الأول/ديسمبر 201 8. وفي كل مرة، عُلّق الأمر قبل تنفيذه لأسباب متعددة تتعلق بالوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة. وفي 29 حزيران/يونيه 2021، علقت المحكمة الإخلاء المقرر في 7 تموز/يوليه 2021 في ضوء الطلب المقدم من صاحبي البلاغ بموجب المرسوم الملكي بقانون رقم 8/2021 المؤرخ 4 أيار/مايو بشأن اعتماد تدابير عاجلة في المجالات الصحية والاجتماعية والقانونية التي يتعين تنفيذها بعد انقضاء حالة الطوارئ. وفي 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أصدرت المحكمة أمراً بإخلاء صاحبي البلاغ في 1 كانون الأول/ديسمبر 202 1. وطلب صاحبا البلاغ تعليق الأمر بموجب المرسوم الملكي بقانون رقم 21/2021 المؤرخ 26 تشرين الأول/أكتوبر بشأن توسيع نطاق تدابير الحماية الاجتماعية لمعالجة حالات الضعف الاجتماعي والاقتصادي.

الشكوى

3-1 يدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقهما في السكن اللائق بموجب المادة 11 من العهد لأن السلطات القضائية أمرت بإخلائهما دون توفير مسكن بديل لهما. ويحتجان بأنه على الرغم من حصولهما على استحقاق الحد الأدنى من الدخل من منطقة مدريد وأن صاحب البلاغ يعمل بدوام جزئي، فإن هذا الدخل غير كاف لإعالة الأسرة واستئجار مسكن عن طريق السوق الخاصة.

3-2 ويدعي صاحبا البلاغ أن السلطات لم تنظر في وضعهما ولا في ت أث ي ر الإخلاء في حقوقهما على الرغم من أن السلطات القضائية في الدولة الطرف على علم بحالتهما وأن المحكمة العليا الإقليمية قد خلصت إلى أنهما في حالة ضرورة وضعف . وعلاوة على ذلك، لا تسمح قوانين الدولة الطرف للقضاة بتقييم الأثر الذي قد يحدثه أمر الإخلاء على الأشخاص الذين هم في نفس وضع أصحاب البلاغ.

3-3 ويرى صاحبا البلاغ أيضاً أن الحق في سكن لائق قد ينتهك إذا طردوا دون مسكن بديل. ويلاحظ صاحبا البلاغ أن جميع طلبات الإسكان الاجتماعي التي قدماها إلى منطقة مدريد قد رفضت على الرغم من كونهما في وضع هش للغاية. وعلاوة على ذلك، رفض في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 طلب صاحبة البلاغ الحصول على سكن اجتماعي لأنها كانت تشغل شقة من دون سند قانوني، على الرغم من أن المحكمة العليا الإقليمية أعفتها من أي مسؤولية جنائية لأنها كانت في حالة ضرورة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية في 10 أيلول/ سبتمبر 2018 و13 آذار/مارس 2019 و15 تموز/يوليه 202 0.

4-2 وتدعي الدولة الطرف أن الأسرة ليست مشتركة في أي مسار للدعم توفره خدمات الرعاية الاجتماعية بهدف الحصول على مسكن بديل. وترفق طيه تقرير من خدمات الرعاية الاجتماعية يدعم هذا الادعاء. وتذكر الخدمات الاجتماعية أن الأسرة رفضت عروض المسكن المشترك وأعربت عن رغبتها في تسوية وضعها في المسكن موضوع أمر الإخلاء. ولا يزال صاحبا البلاغ مسجلين كطالبي سكن لدى شركة الإسكان والأراضي البلدية التابعة لمجلس مدينة مدريد ولكن لم يخصص لهما مسكن بعد. و قدم صاحبا البلاغ أيضاً طلباً إلى وكالة الإسكان الاجتماعي في مدريد للحصول على سكن اجتماعي طارئ. ورُفضت هذه الطلبات في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2018 و14 شباط/فبراير 2020 و16 كانون الأول/ ديسمبر 202 0. ففي المرة الأولى، رفض الطلب على أساس أن الأسرة كانت تشغل مسكناً من دون سند قانوني، مما جعل طلبهما غير مؤهل بموجب المادة 19(1)(د) من المرسوم رقم 52/2016 وفي المرتين الأخريين، رفض طلبهما لأنهما لم يقدما جميع الوثائق المطلوبة، ولا سيما الوثائق التي تثبت أنهما لم يكونا يشغلان مسكناً من دون سند قانوني. وفي تموز/يوليه 2020، كان دخل الأسرة 584 يورو شهرياً، على الرغم من أن الدولة الطرف تشير إلى أنهما إذا كانا يتلقيان الحد الأدنى لدعم الدخل المنصوص عليه في المرسوم الملكي بقانون رقم 20/2020 المؤرخ 29 أيار/مايو، فمن شأن دخلهما أن يرتفع إلى 015 1 يورو شهرياً.

4-3 وفي 22 شباط/فبراير 2021، أرسلت الدولة الطرف ملاحظات إضافية تدفع فيها بأن صاحبي البلاغ أقرا بأن طلبهما المقدم إلى منطقة مدريد للحصول على مسكن لم يكن مكتملاً لأنهما لم يقدما جميع الوثائق اللازمة. وتضيف الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ قدما في 16 كانون الأول/ديسمبر 2020 طلباً جديداً للحصول على مسكن ولا يزال رهن تقديم المعلومات المطلوبة.

4-4 وفيما يتعلق بالمقبولية، ترى الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ لم يستنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية لأنهما لم يمتثلا لطلب وكالة الإسكان الاجتماعي في مدريد بأن يثبتا أنهما لا يشغلان مسكناً من دون سند قانوني. وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن الإجراءات القضائية لم تكتمل بعد لأن أمر الإخلاء لم ينفذ.

4-5 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ وبنتاهما يتمتعون بالرعاية الصحية المجانية، وبإمكانية اللجوء إلى العدالة مجاناً، وبمخصصات أساسية مجانية أو مدعومة. و يجري أيضاً دعم الأسرة من خلال خدمات الرعاية الاجتماعية منذ عام 201 6. ولذلك، فإن احتياجات الأسرة مكفولة، في نطاق ما تسمح به الموارد المتاحة، من خلال الأموال العامة.

4-6 و أولاً، تؤكد الدولة الطرف أن الحق في التملك هو أيضاً حق أساسي من حقوق الإنسان، تحميه المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 33 من الدستور الإسباني. وترى الدولة الطرف أنه لا يجوز استخدام العهد لإضفاء الشرعية على شغل ممتلكات الآخرين لأن ذلك من شأنه أن ينتهك حقهم في الملكية الخاصة. وتلاحظ الدولة الطرف أن تعليق اللجنة العام رقم 7(199 7) يعترف بأن عمليات الإخلاء لها ما يبررها في بعض الأحيان، بما في ذلك عندما يشغل شخص ما ممتلكات شخص آخر.

4-7 و تجادل الدولة الطرف أيضاً بأن الحق في السكن ليس حقاً مطلقاً في شغل مسكن معين يملكه شخص آخر، أو حقاً مطلقاً في حصول أي شخص في جميع الأحوال على مسكن من السلطات إذا كانت الموارد العامة غير كافية لإعمال هذا الحق. وترى الدولة الطرف أن المادة 25( 1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 11( 1) من العهد لا تعترفان بحق شخصي واجب الإنفاذ، وإنما تُلزمان الدول الأطراف باعتماد التدابير المناسبة لتعزيز السياسات العامة الرامية إلى تيسير حصول جميع المواطنين على سكن لائق. ووفقاً للسوابق القضائية لمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن المادة 34( 3) من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي، التي تعترف بالحق في مساعدة سكنية، لا تضمن الحق في السكن وإنما الحق في الحصول على مساعدة سكنية في إطار السياسات الاجتماعية القائمة على المادة 153 من المعاهدة المنظِّمة لعمل الاتحاد الأوروبي. وتنص المادة 47 من الدستور الإسباني وأنظمة أساسية شتى تتعلق بالحكم الذاتي، صراحةً، على التزام الدول المذكور آنفاً. ووفقاً لهذه المادة وللسوابق القضائية للمحكمة الدستورية، يشكل الحق في السكن ’’ولاية دستورية أو توجيهاً دستورياً‘‘ يجب أن يكون له مضمون اجتماعي أساساً، لكن لا يمكن أن يُعتبر في حد ذاته اختصاصاً مستقلاً من اختصاصات الدولة. ولذلك فإن من واجب السلطات العامة تهيئة الظروف ووضع المعايير التي تمكن المواطنين الإسبان من ممارسة حقهم في السكن اللائق والملائم؛ وتقوم السلطات بذلك، لا سيما عن طريق تنظيم استغلال الأراضي وفقاً للمصلحة العامة قصد منع المضاربة. ولما كان هذا الحق يُعْمَل بالتدريج، فإن الدولة تمتثل بالتزاماتها الدولية في هذا المجال امتثالاً تاماً وتشير إلى الحجج المقدمة في سياق بلاغات مماثلة لهذا البلاغ فيما يتعلق بالجهود المبذولة في مجال الإسكان.

4-8 وتخلص الدولة الطرف إلى أن المسألتين الأساسيتين اللتين ينبغي مراعاتهما لتحليل مدى وفائها بالتزاماتها بموجب العهد هما: (أ) مساهمة الدولة بكل الموارد المتاحة لها في الحدود المعقولة، مع مراعاة حالة المالية العامة، في تلبية الاحتياجات السكنية لمن ليست لديهم الموارد الكافية للحصول على مسكن؛ (ب) والاستجابة، بحسب درجة الحاجة، للطلبات استناداً إلى معايير موضوعية وإلى مبدأ المساواة، عندما لا تكفي الموارد المتاحة لتلبية كل الاحتياجات المحتملة.

  4-9 وترى الدولة الطرف أنه يجب على صاحب بلاغ فردي، كي يكون بلاغه مقبولاً بموجب المادة 11( 1) من العهد، أن يثبت بما فيه الكفاية ما يلي: (أ) أنه محتاج، لأن موارده تقل عن الحد الأدنى اللازم للحصول على مسكن من خلال سوق السكن المفتوحة؛ (ب) وأن السلطات المختصة في الدولة الطرف لم تخصص الموارد المتاحة لتلبية الاحتياجات السكنية للأسر التي تعيش حالة إقصاء اجتماعي حقيقي (بما في ذلك اتخاذ خطوات لتيسير الحصول على سكن في إطار سوق السكن الخاصة وتفادي فقدانه، واتخاذ تدابير طارئة في حالة اضطرار الأشخاص المعنيين قانونياً إلى مغادرة مساكنهم للانتقال إلى نظام السكن الاجتماعي، والاستثمار بالقدر الكافي في نظام السكن الاجتماعي )؛ (ج) وأن توزيع الموارد العامة الضئيلة، في حالة عدم كفاية الموارد العامة المتاحة لتلبية جميع الاحتياجات الحقيقية القائمة، لم يستند إلى معايير عقلانية وموضوعية، للاستجابة في المقام الأول لاحتياجات من هم أشد احتياجاً؛ (د) وأنه لم يصدر عن صاحب البلاغ، عن قصد ووعي، فعل أو تقصير حال دون حصوله على المساعدات العامة المتاحة.

4-10 وبناء على ما سبق، تخلص الدولة الطرف إلى أن انتهاك العهد لن يحدث إلا إذا كانت أسرة صاحبي البلاغ في وضع من الاستبعاد الاجتماعي، ولم توفر لها ملاجئ طارئة، ولم تخصص لها مساكن عامة على أساس إجراء موضوعي يضمن توفير المسكن وفقاً لاحتياجات مقدمي الطلبات، في آن واحد وبشكل تراكمي. وتدفع الدولة الطرف بأنها اتخذت تدابير عديدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، بهدف تيسير الحصول على مساكن عن طريق سوق السكن الخاصة في إطار نظام الملكية أو الإيجار؛ وتفادي فقدان ملكية المساكن المكتسبة عن طريق سوق السكن الخاصة؛ وتلبية الاحتياجات في الحالات الطارئة، من خلال وضع بروتوكولات تعزز التنسيق بين المحاكم ودوائر الخدمات الاجتماعية التابعة للبلديات، قبل تنفيذ عمليات الإخلاء حتى يتسنى تقييم الحالة المعنية وتوفير حلول سكنية طارئة. وتضطلع خدمات الرعاية الاجتماعية بتقييم ومتابعة احتياجات الأسر.

4-11 وترى الدولة الطرف أن المعايير المذكورة أعلاه إن طبقت على هذه القضية، فيمكن أن يستخلص منها أنه لم يحدث انتهاك للمادة 11 من العهد، لأن خدمات الرعاية الاجتماعية كانت حاضرة في تواريخ الإخلاء وتتابع حالة الأسرة و أن السلطات القضائية علقت عملية الإخلاء عدة مرات دون تحديد تاريخ جديد للإخلاء. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ يشغلان عقاراً لا يملكانه منذ عام 2014، وأنهما لم يسلكا المسار الاجتماعي ولا مسار العمل الذي تقترحه خدمات الرعاية الاجتماعية، وأنهما لا يتوخيان أي خيارات سوى البقاء في العقار بصورة غير قانونية. وبما أنه ثبت أن السلطات الإدارية قد اتخذت جميع التدابير الممكنة لمساعدة صاحبي البلاغ، فإن الدولة الطرف ترى أنها امتثلت لالتزاماتها بموجب العهد وأن البلاغ يفتقر إلى الأسس الموضوعية.

تعليقات صاحب ي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 قدم صاحبا البلاغ ملاحظات بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية في 11 كانون الثاني/يناير 2019، و12 نيسان/أبريل 2019، و29 أيار/مايو 2019، و4 تموز/يولي ه 2019، و31 كانون الأول/ديسمبر 2020، وتناولا هذه الملاحظات بالتفصيل في 30 حزيران/يونيه و9 آب/أغسطس و23 تشرين الثاني/نوفمبر 202 1.

5-2 أولاً، يشدد صاحبا البلاغ على أنهما لم يشغلا مسكناً من دون سند قانوني إلا لكونه ال ملاذ ال أخير، إذ لم يعد لديهما بديل، وأن المحكمة العليا الإقليمية أكدت ذلك، واعتبرت حالة الضرورة التي تعرضت لها صاحبة البلاغ سبباً ل إعفائها إعفاء كامل اً وبرأتها.

5-3 ويقر ّ صاحبا البلاغ بأن عملية الإخلاء لم تحدث وأنها علقت ولكنهما يدعيان أن ذلك لم يكن ممكناً إلا لأن اللجنة طلبت اتخاذ تدابير مؤقتة. ولا يعني ذلك أن الإخلاء لن يحدث في المستقبل.

5-4 ويفيد صاحبا البلاغ أنهما مُنحا في 22 كانون الأول/ديسمبر 2020، الحق في الحصول على دعم الحد الأدنى من الدخل، الذي يبلغ، في حالتهما، 843 يورو شهرياً ويحل محل الحد الأدنى لدخل الكفاف الذي كان مخصصاً لهما سابقاً.

5-5 ويدعي صاحبا البلاغ أنهما اتخذا كل خطوة ممكنة لتأمين مسكن من خلال القنوات القانونية، ولا سيما من خلال سلوك ثلاثة مسارات عمل. أولاً، قدما طلبات للحصول على مسكن إلى منطقة مدريد بوتيرة منتظمة ومستمرة بين عامي 2009 و202 0 . ومع ذلك، فإن هذا المسار مغلق لأن اللوائح المعمول بها تستبعد الطلبات المقدمة من أي شخص يشغل مسكناً من دون سند قانوني. وفي هذا الصدد، يلاحظ صاحبا البلاغ أن طلبهما رفض على هذا الأساس في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 201 7. وعلى الرغم من أن الأساس الرسمي الذي رُفضت طلباتهما اللاحقة بموجبه ي تمثل في كونهما لم يقدما جميع الوثائق اللازمة، إلا أنها رُفضت في الواقع لأنهما كانا يشغلان مسكناً من دون سند قانوني. ويتضح ذلك من مسألة أن صاحبي البلاغ قدما جميع الوثائق المطلوبة ولكنهما لم يتمكنا من الامتثال لطلب إثبات كونهما لا يشغلان مسكناً من دون سند قانوني. ويرى صاحبا البلاغ أن السلطات الإدارية تستخدم هذا النهج في محاولة للتغطية على ما مفاده أن الأسر التي تعيش في ظروف مماثلة ل ظروفهما تُستبعد من الحصول على سكن اجتماعي. ويساور صاحبي البلاغ القلق إذ يلاحظان أنهما محرومان من الحصول على سكن اجتماعي لأنهما يشغلان مسكناً من دون سند قانوني في حين أن المحكمة أصدرت قراراً تعترف فيه بأنهما يشغلانه لأنهما في حالة ضرورة. ويلاحظ صاحبا البلاغ أن اللجنة أوصت الدولة الطرف بوضع حد لممارسة الاستبعاد التلقائي للأشخاص الذين يشغلون ممتلكات من دون سند قانوني ( ) . ويفيدان بأن أمين المظالم أعرب عن نفس الرأي واعتبر أن هذا الشكل من أشكال الاستبعاد يشكل العقبة الرئيسية التي تحول دون تلبية الاحتياجات السكنية للأشخاص الضعفاء في مدريد. ويضيفان أن الأشخاص الذين تُقبَل طلباتهم لا يخصَّص لهم مسكن على الفور. بل على العكس من ذلك، تضاف أسماؤهم إلى قائمة الانتظار التي قد يقضون سنوات عليها، حيث يوجد نقص مقلق في الإسكان الاجتماعي في منطقة مدريد.

5-6 و ثانياً، قدم صاحبا البلاغ طلبات للحصول على مسكن إلى مجلس مدينة مدريد في عامي 2018 و202 0 . وفيما يتعلق بهذه الطلبات، يود صاحبا البلاغ أن يشيرا إلى أنه على الرغم من أن الدولة الطرف قدمت وثائق تدعي فيها أنهما رفضا عروض الحصول على مسكن مشترك، فإنهما لم يفعلا ذلك. ويذكر صاحبا البلاغ أن مجلس المدينة ليس لديه مساكن مشتركة في منطقتهما وأن الأخصائيين الاجتماعيين اقترحوا فقط تقييم فرص الأسرة في الحصول على مثل هذا المسكن، على الرغم من أن الفرص كانت بعيدة المنال جداً وربما تكون الأسرة قد انفصلت ريثما تتحقق. ولذلك، يرى صاحبا البلاغ أنه ينبغي عدم اعتبارهما قد رَفضا هذا الخيار الذي لم يكن ليوفر للأسرة على أي حال مسكناً بديلاً لائقاً. وتشير صاحبة البلاغ إلى أنه في 4 شباط/فبراير 2021، كان عدد الوحدات السكنية المعروضة 398 ، في حين تقدم 200 28 شخص بطلبات إلى مجلس مدينة مدريد للحصول على إسكان عام. ولم تخصص أي من تلك الوحدات لصاحبة البلاغ.

5-7 و ثالثاً، تفاوض صاحبا البلاغ مع الكيان الذي يملك المسكن بهدف تسوية وضعهما من خلال عقد إيجار. ويشير صاحبا البلاغ إلى أن الإجراءات العديدة التي اتخذاها تشمل الاتصال بالجمعيات الخيرية والإنسانية، مثل مؤسسة كاريتاس الدولية وبرنامج الإسكان التابع للصليب الأحمر، والحفاظ على حوار ودي وبناء ومستمر مع مختلف الكيانات المالية التي تملك المسكن.

5-8 ويجادل صاحبا البلاغ بأن تمتع الأسرة بالرعاية الصحية والمساعدة القانونية والتعليم المدرسي لا يستبعد إمكانية انتهاك حقوق أخرى، مثل الحق في سكن لائق. وتلاحظ كذلك أن هذه الحقوق مترابطة وأن انتهاك الحق في سكن لائق من شأنه أن يؤثر على حقوق الإنسان الأخرى. وبالإضافة إلى ذلك، يلاحظ صاحبا البلاغ أن إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تدريجياً، بما في ذلك الحق في سكن لائق، هو التزام يقع على عاتق الدولة الطرف و لا يمكن التملص منه ب التراجع ات أو الاختلالات غير ال مبرر ة . وفي حالة الدولة الطرف، حيث تحَقق تقدم نسبي في ميدان التنمية الاجتماعية، ثمة تفاوتات و أوجه عدم مساواة واضحة بين المواطنين و بين منطقة و أخرى، مما يؤدي إلى نقص في الإسكان لأسر مثل أسرة صاحبي البلاغ. ووفقاً لصاحبي البلاغ، جرت موجة من عمليات الإخلاء في أعقاب انفجار الفقاعة العقارية في عام 2008، وهو ما أشارت إليه اللجنة في ملاحظاتها الختامية المؤرخة 18 أيار/مايو 2012 ( ) . وفي هذا الصدد، يلاحظ صاحبا البلاغ أن خطة الإسكان الحكومية للفترة 2018-2021، والتي تحتوي على تدابير لمعالجة هذا الوضع، لم تنفَّذ في بعض مناطق الحكم الذاتي، بما في ذلك منطقة مدريد.

5-9 ويرى صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف تصنف الحق في الملكية الخاصة على أنه حق مطلق من حقوق الإنسان يتنافى مع إشغال صاحبي البلاغ لمسكن من دون سند قانوني. أولاً، يشير صاحبا البلاغ إلى أن المالك ليس فرداً بل كيان مالي يمتلك العديد من العقارات. وثانياً، يلاحظان أن المحكمة العليا الإقليمية قد وازنت بالفعل بين الحق في الملكية الخاصة وحالة الضرورة التي تعرض لها صاحبا البلاغ وحكمت لصالح صاحبي البلاغ باعتبار حالة الضرورة التي يعيشانها سبباً للحصول على إعفاء كامل، ولكنها أمرت بطردهما على الرغم من ذلك.

5-10 ويخلص صاحبا البلاغ إلى أنه كان بإمكان الدولة الطرف توفير مسكن بديل وأنه كان ينبغي أن تتوافر أثناء الإجراءات القضائية وسيلة إجرائية لعرض ودراسة الادعاءات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأشخاص الذين تعرضوا لل إخلا ء . ولذلك، يعتبران أن حقهما في سكن لائق قد انتهك لأن أمر إخلائهما صدر عندما لم يكن لديهما مسكن بديل ولأنهما حرما من الحصول على سكن اجتماعي.

باء- نظر اللجنة في ال مقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 10( 2) من نظامها الداخلي المؤقت بموجب البروتوكول الاختياري، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا.

6-2 وتذكِّر اللجنة بأن المادة 3( 1) من البروتوكول الاختياري لا تجيز لها النظر في أي بلاغ ما لم تتحقق من أن صاحبه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتجادل الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يستنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية لأنهما لم يقدما الوثائق التي طلبتها منطقة مدريد لاستكمال طلبهما الحصول على سكن اجتماعي بعد أن شغلا مسكنهما الحالي. ولأغراض المادة 3( 1) من البروتوكول الاختياري، ترى اللجنة أن ’’سبل الانتصاف القضائية المحلية المتاحة‘‘ هي كل السبل المتاحة لصاحب أي بلاغ فيما يتعلق مباشرةً بالوقائع الأصلية التي أدت إلى وقوع الانتهاك المزعوم، والتي يمكن اعتبارها، ظاهرياً، فعالة إلى حد معقول في جبر الانتهاكات المزعومة للعهد. وتلاحظ اللجنة أن الشكوى الرئيسية المقدمة في هذا البلاغ هي أن طرد صاحبي البلاغ يشكل انتهاكاً للعهد لأنه ليس لديهما سكن بديل ولأن السلطات لم تتخذ أي إجراء على الرغم من طلباتهما. ولذلك، فإن سبل الانتصاف التي يلزم استنفادها هي، أولاً وقبل كل شيء، سبل الانتصاف ذات الصلة المباشرة بالإخلاء، مثل تلك التي تسعى إلى تجنب أمر الإخلاء أو تأخيره، وكذلك تلك التي تُبلَّغ بها الهيئات القضائية بعدم وجود سكن بديل. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ استنفدا جميع سبل الانتصاف المتاحة لتجنب الإخلاء أو تأخيره، لأن صاحبة البلاغ كانت قد طعنت في أمر مغادرة المسكن وقت تقديم بلاغها، وبذلك تكون قد استنفدت سبيل الانتصاف المعني، وطلبت تعليق أمر الإخلاء، نظراً لعدم وجود سكن بديل، كما تلاحظ أن الخدمات الاجتماعية أُبلغت بذلك. وفيما يتعلق بطلب الإسكان الاجتماعي المقدم إلى منطقة مدريد، تلاحظ اللجنة ما أشارت إليه الدولة الطرف من أن الأشخاص الذين يشغلون مسكناً من دون سند قانوني، كما هو الحال بالنسبة لصاحبة البلاغ، لا يمكنهم التقدم بطلب للحصول على سكن اجتماعي من تلك الهيئة. وتذكّر اللجنة بأنها وجدت، لدى نظرها في بلاغ سابق، أن هذا الشرط يشكل عائقاً أمام الحصول على المسكن، مما يشكل في حد ذاته انتهاكاً للعهد ( ) . وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت على النحو الواجب أن سبيل الانتصاف هذا مفيد في ظروف هذه القضية. لذا، ترى اللجنة أن صاحبي البلاغ استنفدا سبل الانتصاف المتاحة المتعلقة بدعواهما، وأن بلاغهما مقبول وفقاً للفقرة 1 من المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يقدما أدلة كافية لإثبات ادعاءاتهما لأنهما رفضا اقتراح الإقامة المؤقتة واتخذت الدولة الطرف كل التدابير الممكنة بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ لم ينجحا في تقديم طلبات الحصول على مسكن اجتماعي منذ عام 2008 وأن طلباتهما قد رفضت. وعليه، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحبي البلاغ مدعومة بأدلة كافية وتعلن أن البلاغ مقبول بموجب المادة 3( 1) من البروتوكول الاختياري.

6-4 وتلاحظ اللجنة أن باقي البلاغ يستوفي شروط المقبولية الأخرى المنصوص عليها في المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري، وتعلن بالتالي قبوله وتشرع في النظر فيه من حيث الأسس الموضوعية.

جيم- النظر في الأسس الموضوعية

الوقائع والمسائل القانونية

7-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ آخذة في اعتبارها جميع المعلومات التي أُتيحت لها وفقاً لأحكام المادة 8 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتنتقل اللجنة إلى النظر في الوقائع التي تعتبرها مثبتة. وقد تقدم صاحبا البلاغ بطلب للحصول على مسكن منذ عام 200 8. ورُفض طلبهما المقدم إلى منطقة مدريد لأنهما يشغلان مسكناً من دون سند قانوني في حين أن طلبهما المقدم إلى مجلس مدينة مدريد، الذي يمتلك رصيداً محدوداً من المساكن، لا يزال مدرجاً على قائمة الانتظار. ومنذ ذلك الحين، عُلق الإخلاء لأسباب متعددة.

7-3 ويدعي صاحبا البلاغ أن إخلاءهما في غياب مسكن بديل، بسبب رفض منطقة مدريد تقديم أي إسكان لهما، يشكل انتهاكاً لحقهما في السكن اللائق بموجب المادة 11( 1) من العهد. وتجادل الدولة الطرف بأنها قدمت المساعدة إلى الأسرة بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة.

7-4 وفي ضوء الوقائع التي رأت اللجنة أنها ذات صلة، والحجج التي قدمها الطرفان، فإن السؤال الذي أثاره البلاغ هو ما إذا كان أمر الطرد الصادر بحق صاحبة البلاغ و ا بنتيها، والذي عُلّق فيما بعد، يشكل انتهاكاً للحق في السكن اللائق بموجب المادة 11( 1) من العهد. وللإجابة على هذا السؤال، ستبدأ اللجنة بالتذكير باجتهاداتها المتعلقة بالحماية من الإخلاء القسري. وستحلل بعد ذلك حالة طرد صاحبة البلاغ على وجه التحديد وستتناول المسائل المثارة في البلاغ.

الحماية من الإخلاء القسري

8-1 حقُّ الإنسان في سكن لائق حقٌّ أساسي يشكل أساس التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( )  ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بحقوق الإنسان الأخرى، بما في ذلك الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) . وينبغي ضمان الحق في المسكن لجميع الأشخاص بغض النظر عن دخلهم أو حيازتهم لموارد اقتصادية أخرى ( )  وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ ما يلزم من تدابير لتحقيق الإعمال الكامل لهذا الحق بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة ( ) .

8-2 وتتنافى عمليات الإخلاء القسري في الظاهر مع العهد ولا يمكن أن تكون مبررة إلا في بعض الظروف الاستثنائية جداً ( ) . ويجب على السلطات المختصة أن تكفل تنفيذها وفقاً لتشريعات متوافقة مع العهد وفي إطار مراعاة المبدأيْن العامين المتمثلين في معقولية الإخلاء وتناسب هدفه المشروع مع عواقبه على الأشخاص المعنيين ( ) . وينبع هذا الالتزام من تفسير التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 2( 1) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 11، ووفقاً لمتطلبات المادة التي تنص على الشروط التي يُسمح بموجبها بفرض القيود على التمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد ( ) .

8-3 وعليه، يجب أن تستوفي عملية الإخلاء الشروط التالية كي تكون قانونية. أولاً، يجب أن يكون التقييد منصوصاً عليه في القانون. وثانياً، يجب أن يعزز التقييد الرفاه العام في مجتمع ديمقراطي. وثالثاً، يجب أن يكون التقييد متناسباً مع الغرض المشروع المذكور. ورابعاً، يجب أن يكون التقييد ضرورياً، بمعنى أنه إذا كانت ثمة تدابير عدة يمكن أن تخدم، على نحو معقول، الغرض من فرضها، فلا بد من اختيار أقل التدابير تقييداً للحق المعني. وأخيراً، يجب أن تفوق مزايا التقييد فيما يتعلق بتعزيز الرفاه العام آثارَه على التمتع بالحق موضوع التقييد. وكلما زادت حدة الآثار على حقوق مقدم البلاغ التي يكفلها العهد، زادت ضرورة التدقيق في مبررات هذا التقييد. ومن العوامل الحاسمة أيضاً في هذا التحليل إمكانية الحصول على مسكن بديل لائق، والظروف الشخصية لشاغلي المسكن ومُعاليهم، ومدى تعاونهم مع السلطات على البحث عن حل مُوائم. ومما لا غنى عنه أيضاً التمييز بين العقارات المملوكة لأفراد يحتاجون إلى السكن فيها أو لدرّ دخل حيوي والعقارات المملوكة لمؤسسات مالية أو كيانات أخرى ( ) . وبالتالي، سوف تنتهك الدولة الطرف الحق في سكن لائق إن نصت قوانينها على وجوب أن يجري فوراً طرد الشخص الذي ينتهي عقد إيجاره، أيّاً كانت ظروف تنفيذ الأمر بالإخلاء ( ) . ويجب أن تحلل مدى تناسب هذا التدبير سلطةٌ قضائية أو سلطةٌ أخرى محايدة ومستقلة تتمتع بصلاحية الأمر بوقف الانتهاك وتوفير سبيل انتصاف فعال. ويجب على هذه السلطة أن تقيِّم ما إذا كانت عملية الإخلاء متوافقة مع العهد، بما في ذلك عناصر تحليل معيار التناسب التي تقتضيها المادة 4 من العهد على النحو المبين أعلاه ( ) . واعتبارُ الإخلاء تدبيراً غير معقول في لحظة زمنية محددة لا يعني بالضرورة أنه لا يمكن إصدار أمر بالإخلاء ضد شاغلي مسكن. غير أن مبدأي المعقولية والتناسب قد يجعلان من الضروري وقف أو تأجيل أمر الإخلاء لتجنب تعريض الأشخاص الذين جرى إخلاؤهم لحالات عوز أو انتهاك حقوقهم الأخرى المنصوص عليها في العهد. وقد يتوقف أمر الإخلاء أيضاً على عوامل أخرى، مثل التزام السلطات الإدارية بالتدخل لمساعدة شاغلي المسكن على تخفيف حدة العواقب التي يرتبها الإخلاء عليهم ( ) .

8-4 وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك فرصة حقيقية للتشاور الفعلي المسبق بين السلطات والأشخاص المعنيين، ويجب ألا يكون هناك سبيل أو تدبير بديل أقل كُلفة متاح للأشخاص المعنيين كما يجب ألا يظل الأشخاص المعنيون في حالة تشكل انتهاكاً للحقوق الأخرى الواردة في العهد أو لحقوق الإنسان وألا يتعرضوا لهذه الحالة ( ) .

واجب الدول في توفير سكن بديل للأشخاص المحتاجين

9-1 ينبغي ألا تسفر عمليات الإخلاء عن تشريد الأفراد أو تعرضهم لانتهاك حقوق أخرى من حقوق الإنسان. وفي حال عجز المتضررين عن تلبية احتياجاتهم بأنفسهم، على الدولة الطرف أن تتخذ كل التدابير المناسبة، بأقصى ما هو متاح لها من موارد، لضمان توفير مسكن بديل ملائم لهم، أو إعادة توطينهم أو إتاحة أراض منتجة لهم، حسب الحالة ( ) . وعلى الدولة الطرف واجب اتخاذ تدابير معقولة لإتاحة سكن بديل للأشخاص الذين شردوا بسبب الإخلاء، بصرف النظر عما إذا كانت سلطاتها هي التي نفذت عملية الإخلاء أو نفذتها جهات خاصة، مثل مالك العقار ( ) . وفي حالة إخلاء الشخص من بيته دون أن تمنحه الدولة الطرف سكناً بديلاً أو تضمنه له، يجب أن تثبت الدولة الطرف أنها نظرت في الظروف الخاصة للحالة، وأنها لم تتمكن من إنفاذ حق السكن للشخص المعني رغم اتخاذها جميع التدابير المعقولة، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة. وينبغي أن تمكِّن المعلومات المقدمة من الدولة الطرف اللجنة من النظر في مدى معقولية التدابير المتخذة بموجب المادة 8( 4) من البروتوكول الاختياري ( ) .

9-2 ويعني واجب توفير سكن بديل لمن يحتاج إليه من الأشخاص الذين يجري طردهم من مساكنهم أنه يجب على الدول الأطراف، وفقاً للمادة 2( 1) من العهد، أن تتخذ جميع التدابير اللازمة، في نطاق أقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، لصون الحق في السكن. وتحقيقاً لهذه الغاية، يمكن للدول الأطراف اختيار مجموعة واسعة من السياسات ( ) . غير أن أي إجراء يُتخذ يجب أن يكون مدروساً وملموساً وأن يهدف بأكبر قدر ممكن من الوضوح إلى إعمال هذا الحق ( ) ، بأسرع الطرق الممكنة وأكثرها فعالية. وينبغي أن تكون إجراءات الإسكان البديل المتخذة في حالات الإخلاء متناسبة مع حاجة الأشخاص المتضررين ومع الطابع الملحّ للحالة، كما يجب أن تحترم كرامة الشخص.

9-3 ويجب أن يكون السكن البديل لائقاً. وفي حين أن الكفاية تحددها جزئيا ً عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية ومناخية وإيكولوجية وغير ذلك من العوامل، فإن اللجنة تعتقد أن من الممكن مع ذلك تحديد بعض جوانب هذا الحق التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار لهذه الغاية في أي سياق معين. وتشمل هذه الجوانب ما يلي: الضمان القانوني لشغل المسكن؛ وتوفر الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية؛ والقدرة على تحمل الكلفة؛ والصلاحية للسكن؛ وإتاحة إمكانية الحصول على السكن؛ وأن يكون في موقع يتيح إمكانية الاستفادة من المرافق الاجتماعية (التعليم وخيارات العمل وخدمات الرعاية الصحية )؛ وملاءمته من الناحية الثقافية، على نحو يراعي التعبير عن الهوية الثقافية والتنوع الثقافي ( ) .

9-4 وفي ظروف معينة، يمكن للدول الأطراف أن تثبت أنه لم يتسن لها، رغم بذل قصارى جهدها في نطاق أقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، توفير سكن بديل دائم لشخص طُرد من مسكنه يحتاج إلى سكن بديل. وفي حالات من هذا القبيل، يمكن استخدام أماكن للإقامة المؤقتة في حالة الطوارئ لا تستوفي جميع متطلبات السكن البديل اللائق. غير أنه يجب على الدول أن تبذل جهوداً لضمان أن يكون المسكن المؤقت ملائماً لصون الكرامة الإنسانية للأشخاص الذين جرى طردهم من مساكنهم، وأن يستوفي جميع شروط السلامة والأمن، وألا يصبح حلاً دائماً، بل خطوة نحو الحصول على سكن لائق ( ) . ويجب أيضاً مراعاة حق أفراد الأسرة في عدم فصل بعضهم عن بعض ( )  وفي مستويات معقولة من حماية الخصوصية.

امتثال أمر الإخلاء للمعاهدات

10-1 تنظر اللجنة فيما إذا كان أمر إخلاء صاحبي البلاغ يشكل انتهاكاً لحقهما في السكن اللائق. ولم يدّع صاحبا البلاغ أنه لم تُراع في حالتهما الأصول القانونية الواجبة، ولا تشير أي من المعلومات المقدمة إلى اللجنة إلى أن الإجراءات كانت تعسفية.

10-2 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأنه لا يجوز استخدام العهد لإضفاء الشرعية على شغل ممتلكات الآخرين لأن ذلك من شأنه أن ينتهك حقهم في الملكية الخاصة. وتعترف اللجنة بأن للدولة الطرف مصلحة مشروعة في ضمان حماية جميع الحقوق المنصوص عليها في نظامها القانوني، ما دام ذلك لا يتعارض مع الحقوق المنصوص عليها في العهد ( ) . وبما أنه ثبت في المحكمة أن صاحبة البلاغ لم يكن لديها سند قانوني للعقار الذي كانت تشغله، فإن اللجنة ترى أن ثمة سبب مشروع من شأنه تبرير تدبير طرد صاحبي البلاغ.

10-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ طلبا مراراً وقف إخلائهما بسبب وضعهما الاجتماعي والاقتصادي. وتلاحظ أيضاً أن المحكمة علقت عملية الإخلاء في عدة مناسبات على مدى السنوات الخمس الماضية لأسباب إنسانية، وأن المحكمة علقت في السنوات الأخيرة عملية الإخلاء وفقاً للتدابير التشريعية التي اعتمدتها الدولة الطرف في مجال الحماية الاجتماعية. كما تلاحظ اللجنة ادعاء الدولة الطرف بأنها اتخذت جميع التدابير اللازمة، بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، لضمان إعمال حقوق صاحبي البلاغ من خلال الموارد العامة. وتشمل هذه التدابير تخصيص حد أدنى محدد قانوناً لدعم الدخل قدره 834 يورو شهرياً لتزويدهما وابنت ي هما بمستوى معيشي لائق وتلبية احتياجاتهما من الغذاء والملبس والمسكن اللائق. وتلاحظ اللجنة أن الحد الأدنى من الدخل يهدف، وفقاً للمعلومات المتاحة للجمهور، إلى ضمان أن يتمكن جميع المواطنين من العيش بكرامة ( ) . كما يجري دعم الأسرة من خلال خدمات الرعاية الاجتماعية منذ عام 201 6. ولذلك ترى اللجنة أنه على الرغم من أمر الإخلاء الصادر، أجرت سلطات الدولة الطرف دراسة للمعقولية والتناسب، راعت فيها الحالة الاجتماعية والاقتصادية لصاحبي البلاغ وأثر الإخلاء على حقهما في السكن، وأصدرت قراراً بتأجيل الإخلاء لتجنب إخضاع الأشخاص الذين يتعرضون للإخلاء لحالات عوز أو انتهاك الحقوق الأخرى الواردة في العهد (انظر الفقرة 8-3 أعلاه ).

10-4 بيد أن اللجنة تذكّر بأن وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها بضمان الحق في مسكن لائق يستند إلى نوعين من الالتزامات الموضوعية. فمن ناحية، لا يجوز للدول الأطراف أن تحرم الأفراد وأسرهم من مساكنهم بطردهم أو بأي وسيلة أخرى دون توفير حل بديل لهم عند الحاجة، ويجب احترام الشروط الصارمة المبينة أعلاه (الفقرة 8(1)( وو ) ). وكما تبين، فإن الدولة الطرف لم تنتهك هذا الالتزام لأنها وافقت على تعليق عملية الإخلاء وفقاً للتدابير المؤقتة التي اتخذتها اللجنة. ومن ناحية أخرى، يقع على عاتق الدول الأطراف التزام إيجابي باتخاذ التدابير المناسبة لضمان إعمال الحق في المسكن اللائق. ووفقاً للمعايير المنصوص عليها في تعليق اللجنة العام رقم 4(1991 )، يعرف الحق في السكن باعتباره الحق في العيش في منزل في سلام وأمن وكرامة، ويشمل ضمان الحيازة وتوافر الخدمات ويسر التكلفة والصلاحية للسكن وإمكانية الوصول والموقع المناسب والملاءمة من الناحية الثقافية ( ) . وفي هذه القضية، لم تثبت الدولة الطرف أنها اتخذت التدابير المناسبة لضمان حق صاحبي البلاغ في السكن وفقاً للمعايير الموصوفة. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ، وهما أسرة لديها ابنتان قاصرتان، في ’’حالة ضرورة‘‘ - على نحو ما اعترفت به إحدى المحاكم في عام 2016 - وبذلا جهوداً كبيرة على مدى عدة سنوات لإبلاغ سلطات الدولة بحالة العوز التي يعيشون فيها. وعلى الرغم من أن الدولة علقت أمر الإخلاء، مما سمح لصاحبي البلاغ بالبقاء في المسكن الذي يشغلانه، فإن استمرار شغلهما له يستند إلى التعليق المتكرر لأمر الإخلاء ولا يتفق مع شرط ضمان أمن الحيازة.

10-5 ويتفاقم هذا الوضع بسبب الشرط المنصوص عليه في المادة 19(1)(د) من المرسوم رقم 52/2016، الذي ينص على أنه لا يجوز للشخص الذي يشغل مسكناً دون موافقة مالكه أن يتقدم بطلب للحصول على سكن اجتماعي. وتذكر اللجنة بأنها خلصت بالفعل، في رسالة مماثلة سابقة، إلى أن هذا الشرط قد يؤدي إلى إدامة الحالة غير المستقرة أصلاً للأشخاص المحتاجين ( ) . ورأت اللجنة أن تطبيق هذا الشرط يتنافى مع طبيعة الحق في سكن لائق. وكان صاحبا البلاغ يشغلان المسكن دون سند قانوني لأنهما كانا في حالة ضرورة، على نحو ما اعترفت به المحكمة العليا الإقليمية، ولكنهما استُبعدا من إمكانية تقديم أي طلب للحصول على سكن اجتماعي. وتكرر اللجنة توصيتها السابقة إلى الدولة بتعديل هذه اللائحة لمواءمتها مع العهد.

10-6 ولكل هذه الأسباب، ترى اللجنة أن الدولة انتهكت، في هذه القضية، المادة 11( 1) من العهد.

دال- الاستنتاجات والتوصيات

11- ترى اللجنة، عملاً بالفقرة 1 من المادة 9 من البروتوكول الاختياري، أن الدولة الطرف انتهكت حق صاحبي البلاغ بموجب المادة 11( 1) من العهد. وفي ضوء الآراء الواردة في هذا البلاغ، تقدم اللجنة إلى الدولة الطرف التوصيات التالية.

توصيات بشأن صاحبي البلاغ وابنتيه م ا

12- الدولة الطرف ملزمة بأن توفر سبيلَ انتصاف فعالاً لصاحبي البلاغ وابنتيهما. وعلى وجه الخصوص، يتعين عليها إجراء ما يلي: (أ) إن لم يكن لديهم مسكن لائق حالياً أن تعيد تقييم حالة احتياجهم ومستوى أولويتهم في قائمة الانتظار، مع مراعاة تاريخ تقديمهم طلب المسكن لدى دوائر منطقة مدريد بهدف توفير سكن اجتماعي لهم أو اتخاذ تدبير آخر يمكّنهم من العيش في سكن لائق، وفق المعايير الواردة في هذه الآراء؛ (ب) إعطاء صاحبي البلاغ وطفليهما تعويضاً مالياً عن الانتهاكات التي تعرضوا لها؛ (ج) تعويض صاحبي البلاغ عن التكاليف القانونية التي تكبداها بشكل معقول نتيجة تقديم هذا البلاغ على الصعيدين المحلي والدولي.

توصيات عامة

13- ترى اللجنة أن سبل جبر الضرر الموصى بها في سياق البلاغات الفردية قد تشمل ضمانات بعدم التكرار، وتُذكر بأن الدولة الطرف ملزمة بمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل. وينبغي للدولة الطرف أن تكفل اتساق تشريعاتها وطريقة تنفيذها مع الالتزامات المنصوص عليها في العهد. والدولة الطرف ملزمة، على وجه الخصوص، بما يلي:

(أ) ضمان أن يسمح الإطار القانوني للأشخاص الذين صدر في حقهم أمر بالإخلاء قد يُعرضهم لخطر العوز أو يشكل انتهاكاً لحقوقهم المكفولة بموجب العهد، بمن فيهم من يشغلون مسكناً من دون سند قانوني، بالطعن في هذا القرار أمام السلطات القضائية أو سلطة أخرى محايدة ومستقلة تتمتع بصلاحية الأمر بوقف الانتهاك وتوفير سبيل انتصاف فعال، كي تنظر هذه السلطات في مدى تناسب تدبير الإخلاء في ضوء معيار تقييد الحقوق المعترف بها في العهد في إطار المادة 4؛

(ب) اعتماد التدابير اللازمة لوضع حد لممارسة الاستبعاد التلقائي من قوائم مقدمي طلبات السكن لجميع من يشغلون مسكناً بلا سند قانوني بدافع الحاجة، بحيث تتاح لجميع هؤلاء الأشخاص إمكانية الاستفادة على قدم المساواة من المساكن المعروضة في إطار السكن الاجتماعي، مع إلغاء أي شرط غير معقول قد يستبعد الأشخاص المعرضين لخطر العوز؛

(ج) اتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم تنفيذ عمليات إخلاء الأشخاص الذين لا يملكون وسيلة للحصول على سكن بديل إلا بعد التشاور الحقيقي مع الأشخاص المعنيين ( )  وبعد أن تتخذ الدولة جميع الخطوات الضرورية، بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، لضمان حصول الأشخاص المطرودين على مساكن بديلة، لا سيما في الحالات التي تمس الأسر وكبار السن والأطفال و/أو الأشخاص الآخرين الذين يعانون أوضاعاً هشة؛

(د) وضع وتنفيذ خطة واسعة النطاق وشاملة، بالتنسيق مع الأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتي وفي نطاق أقصى ما تسمح به الموارد المتاحة، لضمان إمكانية حصول الأشخاص منخفضي الدخل على السكن اللائق، تمشياً مع التعليق العام رقم 4(1991) ( ) . وينبغي أن يشار في هذه الخطة إلى الموارد التي ستسخّر والمؤشرات التي ستتخذ لكفالة حق هؤلاء الأشخاص في المسكن، وكذلك الأطر الزمنية لتنفيذها والمعايير التي ستستخدم لتحديد ما إذا كان الهدف قد حُقق على نحو معقول.

14- ووفقاً للمادة 9( 2) من البروتوكول الاختياري والمادة 21( 1) من النظام الداخلي بموجب البروتوكول الاختياري، ينبغي للدولة الطرف أن تقدم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن أي تدابير اتخذتها لمتابعة آراء اللجنة وتوصياتها. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة وتعممها على نطاق واسع، في شكل يسهل الاطلاع عليه، لكي تصل إلى جميع الفئات السكانية.