الأمم المتحدة

E/C.12/GC/26

ا لمجلس الاقتصادي والاجتماعي

Distr.: General

24 January 2023

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

التعليق العام رقم 26(202 2) بشأن الأرض والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية *

أولا ً - مقدمة

1 - للأرض دور أساسي في إعمال مجموعة من الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويمكن أن يكون حصول الأفراد والمجتمعات المحلية على الأرض واستخدامها والتحكم فيها على نحو آمن ومنصف أمراً أساسياً للقضاء على الجوع والفقر وضمان الحق في مستوى معيشي لائق. والاستخدام المستدام للأرض ضروري لضمان الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة ولتعزيز الحق في التنمية، من بين حقوق أخرى. وفي أنحاء كثيرة من العالم، ليست الأرض مورداً لإنتاج الغذاء وتوليد الدخل وبناء المساكن فحسب، بل هي أيضاً أساس الممارسات الاجتماعية والثقافية والدينية والتمتع بالحق في المشاركة في الحياة الثقافية. ونظم حيازة الأرض الآمنة مهمة في الوقت نفسه لحماية حصول الناس على الأرض كوسيلة لضمان سبل العيش وتجنب النزاعات وتنظيمها.

2 - غير أن استخدام الأرض وإدارتها حالياً لا يفضيان إلى إعمال الحقوق المكرسة في العهد. وفيما يلي أهم العوامل التي تساهم في هذا الاتجاه:

( أ) زيادة المنافسة على الحصول على الأرض والتحكم فيها. فقد كان للاتجاهات الطويلة الأجل في ارتفاع الطلب على الأرض والتوسع الحضري السريع في معظم أنحاء العالم أثر كبير على حقوق الكثيرين، ولا سيما الفلاحين والمجتمعات المحلية الريفية والرعاة وصيادي الأسماك والشعوب الأصلية، فضلاً عن الأشخاص الذين يعيشون في حالة فقر في المناطق الحضرية؛

( ب) التنافس بين مختلف الفئات، في المدن، على الحصول على الأرض والتحكم فيها بسبب أمولة أسواق الإسكان، مما شجع المضاربة والتضخم وأثر على حق من تُرِكوا خلف الركب في مستوى معيشي ملائم وحقهم في السكن اللائق؛

( ج) تأثير التنافس على الأرض الصالحة للزراعة تأثيراً كبيراً على سبل عيش السكان وحقوقهم في المناطق الريفية نتيجة النمو الديمغرافي والتحضر ومشاريع التنمية الواسعة النطاق والسياحة؛

( د) تسبب تدهور الأرض الناتج عن الإفراط في الاستخدام وسوء الإدارة والممارسات الزراعية غير المستدامة في انعدام الأمن الغذائي وتدهور المياه، وارتباطه ارتباطاً مباشراً بتغير المناخ والتدهور البيئي، مما يزيد من خطر حدوث تغيرات بيئية واسعة الانتشار ومفاجئة ولا رجعة فيها، بما في ذلك التصحر الواسع النطاق ( ) ؛

( هـ) إمكانية إسهام التدابير الرامية إلى التخفيف من آثار تغير المناخ، مثل مشاريع الطاقة المتجددة الواسعة النطاق أو تدابير إعادة التحريج، في هذه الاتجاهات عند عدم إدارتها على نحو ملائم؛

( و) ترجيح أن تؤدي الاتجاهات العالمية، بما في ذلك تغير المناخ وما ينتج عنه من زيادة في الهجرة الداخلية وعبر الحدود، إلى زيادة التوترات بشأن إمكانية الحصول على الأرض واستخدامها وحيازتها، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على حقوق الإنسان؛

( ز) تسبب الأطر القانونية والمؤسسية الضعيفة أو المُساءة إدارتها أو الفاسدة أو المنعدمة لإدارة حيازة الأراضي في تفاقم هذه المشاكل، مما يؤدي إلى المنازعات والنزاعات على الأرض وإلى عدم المساواة الاجتماعية والجوع والفقر.

3 - وقد أدت الشواغل المتعلقة بالحصول على الأرض واستخدامها والتحكم فيها في السنوات الأخيرة إلى اعتماد عدد من الصكوك الدولية التي أثرت تأثيراً كبيراً على التشريعات والسياسات الوطنية وأيدتها الحكومات على نطاق واسع. ففي عام 2004 ، اعتمد مجلس منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) الخطوط التوجيهية الطوعية لدعم الإعمال المطرد للحق في غذاء كاف في سياق الأمن الغذائي القطري ( ) ، التي تتضمن عدة أحكام تتعلق بالحصول على الموارد الطبيعية، بما في ذلك الأرض والماء. وفي عام 2012 ، أقرت لجنة الأمن الغذائي العالمي الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني ( ) ، التي اكتسبت درجة عالية من الشرعية لأسباب من جملتها الطبيعة الشاملة لتلك اللجنة. وفي عام 2014 ، أقرت لجنة الأمن الغذائي العالمي المبادئ الخاصة بالاستثمارات المسؤولة في الزراعة ونظم الأغذية، التي تتناول، من بين أمور أخرى، آثار الاستثمارات الزراعية على حقوق الإنسان ( ) . وفي عام 2007 ، اعتمدت الجمعية العامة، في قرارها 61 / 295 ، إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، وفي عام 2018 ، اعتمدت في قرارها 73 / 165 إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحقوق الفلاحين وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية، اللذين اعترفت فيهما الجمعية بحق هؤلاء السكان في الأرض. والواقع أن أهمية الأرض في إعمال العديد من حقوق الإنسان حدت ببعض العلماء ومنظمات المجتمع المدني والمقررين الخاصين إلى اعتبار الأرض حقاً من حقوق الإنسان، مع الإشارة إلى جميع الحقوق والاستحقاقات والتزامات الدولة المتعلقة بالأرض. ومن الأمثلة على ذلك المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية المتعلقة بعمليات الإخلاء والترحيل بدافع التنمية، التي وضعها المقرر الخاص المعني بالسكن اللائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب ( ) .

4 - وقد صيغ هذا التعليق العام على أساس خبرة اللجنة في استعراضها لتقارير الدول الأطراف ( ) وفي ضوء تعليقاتها العامة الأخرى وآرائها وقراراتها بشأن البلاغات. والهدف منه هو توضيح التزامات الدول فيما يتعلق بأثر الحصول على الأرض واستخدامها والتحكم فيها على التمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد، ولا سيما بالنسبة لأكثر الأفراد والجماعات حرماناً وتهميشاً. ومن ثم، فالهدف منه هو توضيح الالتزامات المحددة الواردة في العهد والمتعلقة بالأرض، ولا سيما في سياق الحقوق المكرسة في المواد من 1 إلى 3 و 11 و 12 و 1 5 .

ثانياً- أحكام العهد المتعلقة بالأرض

5 - يمكن أن يؤثر الحصول على الأرض واستخدامها والتحكم فيها على نحو مضمون ومنصف تأثيراً مباشراً وغير مباشر على التمتع بمجموعة من الحقوق المكرسة في العهد.

6 - أولاً، الأرض ضرورية لضمان التمتع بالحق في الغذاء الكافي، حيث تستخدم الأرض في المناطق الريفية لأغراض إنتاج الأغذية. وبالتالي، إذا حُرِم مستخدمو الأرض من الأرض التي يستخدمونها لأغراض إنتاجية، فإن حقهم في الغذاء الكافي قد يتعرض للخطر. وتنص المادة 11 ( 2 ) من العهد على أن الدول الأطراف، إذ تعترف بالصلة بين الحق في التحرر من الجوع واستخدام الموارد الطبيعية، بما فيها الأرض، ينبغي أن تقوم بتطوير النظم الزراعية أو إصلاحها من أجل تحقيق تنمية الموارد الطبيعية واستخدامها بأكثر السبل كفاءة. وفي التعليق العام رقم 12 ( 199 9 ) الصادر عن اللجنة بشأن الحق في الغذاء الكافي وفي الخطوط التوجيهية الطوعية لدعم الإعمال المطرد للحق في غذاء كاف في سياق الأمن الغذائي القطري، يُسلَّط الضوء على أهمية الحصول على الموارد الإنتاجية كعنصر أساسي لإعمال الحق في الغذاء الكافي، لا سيما في المناطق الريفية، حيث يعيش معظم الفلاحين والرعاة وحيث يُرجَّح أكثر أن يتعرض الناس للجوع.

7 - ثانياً، بما أن الحصول على الأرض يوفر مكاناً للسكن، فإن التمتع بالحق في السكن اللائق يعتمد إلى حد كبير على ضمان الحصول على الأرض. وبدون الحصول على الأرض، يمكن أن يتعرض الناس للتشريد والإخلاء القسري، مما قد ينتهك حقهم في السكن اللائق. ويكفل أمن الحصول على الأرض في المناطق الريفية الحق في الغذاء الكافي والسكن اللائق لأن السكن غالباً ما يبنى على أرض تستخدم لأغراض إنتاج الأغذية.

8 - ثالثاً، ترتبط الأرض أيضاً ارتباطاً مباشراً بالتمتع بالحق في الماء. فعلى سبيل المثال، يحرم تطويق الأراضي المجتمعية الناس من الوصول إلى مصادر المياه الضرورية لتلبية احتياجاتهم الشخصية والمنزلية.

9 - رابعاً، يمكن أن يؤثر استخدام الأرض على الحق في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنيـة والعقليـة. فاستخدام الأرض الذي يعتمد على مبيدات الحشرات والأسمدة ومنظِّمات نمو النباتات أو الذي يؤدي إلى إنتاج النفايات الحيوانية والكائنات الحية الدقيقة الأخرى، على سبيل المثال، ساهم في أمراض الجهاز التنفسي المختلفة.

10 - خامساً، ترتبط الأرض ارتباطاً وثيقاً وجوهرياً في كثير من الأحيان بالتمتع بالحق في المشاركة في الحياة الثقافية بسبب الأهمية الروحية أو الدينية الخاصة للأرض بالنسبة للعديد من المجتمعات المحلية ، مثلاً عندما تُستخدَم الأرض كأساس للممارسات الاجتماعية والثقافية والدينية أو للتعبير عن الهوية الثقافية ( ) . وينطبق ذلك بصفة خاصة على الشعوب الأصلية والفلاحين والمجتمعات المحلية الأخرى التي تعيش أنماط حياة تقليدية.

11 - سادساً، ترتبط الأرض أيضاً ارتباطاً وثيقاً بالحق في تقرير المصير، المكرس في المادة 1 من العهد، الذي تم التأكيد على أهميته في إعلان الحق في التنمية ( 198 6 ). وإعمال الحق في تقرير المصير شرط أساسي للضمان والاحترام الفعليين لحقوق الإنسان الفردية ولتعزيز هذه الحقوق وتقويتها ( ) . ولا يمكن للشعوب الأصلية أن تسعى بحرية إلى تحقيق تنميتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأن تتصرف في ثرواتها ومواردها الطبيعية لتحقيق أهدافها الخاصة إلا إذا كانت لديها أرض أو إقليم يمكنها أن تمارس فيه حقها في تقرير مصيرها ( ) . ولا يتناول هذا التعليق العام سوى حق الشعوب الأصلية في تقرير المصير الداخلي، الذي يتعين ممارسته وفقاً للقانون الدولي ومع احترام السلامة الإقليمية للدول ( ) . وهكذا، يجب احترام الملكية الجماعية لأراضي الشعوب الأصلية وأقاليمها ومواردها ووفقاً لحقها في تقرير المصير الداخلي، مما يعني أن هذه الأراضي والأقاليم يجب أن تكون مرسمة الحدود ومحمية من جانب الدول الأطراف.

ثالثاً- التزامات الدول الأطراف بموجب العهد

ألف- عدم التمييز والمساواة والجماعات أو الأشخاص الذين يحتاجون إلى اهتمام خاص

12 - بموجب المادتين 2 ( 2 ) و 3 من العهد، يتعين على الدول الأطراف القضاء على جميع أشكال التمييز وضمان المساواة الفعلية ( ) . وبناءً على ذلك، تجري الدول الأطراف استعراضات منتظمة لضمان عدم تمييز القوانين والسياسات المحلية ضد الناس على أي أساس محظور. وينبغي لها أيضاً أن تعتمد تدابير محددة، بما في ذلك تشريعات، بهدف القضاء على التمييز ضد الكيانات العامة والخاصة على السواء فيما يتعلق بالحقوق المنصوص عليها في العهد في السياقات المتصلة بالأرض. وعلى وجه الخصوص ، تستحق النساء والشعوب الأصلية والفلاحون وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية اهتماماً خاصاً، إما لأنهم تعرضوا تقليدياً للتمييز من حيث الحصول على الأرض واستخدامها والتحكم فيها أو بسبب علاقتهم الخاصة بالأرض.

1- النساء

13 - النساء من الفئات التي تتأثر بشكل غير متناسب بضعف الحصول على الأرض واستخدامها والتحكم فيها وسوء إدارتها، مما يهدد حقوقهن بموجب العهد وقد يؤدي إلى التمييز، بما في ذلك التمييز المتقاطع. ووجهت اللجنة ، في العديد من ملاحظاتها الختامية، الانتباه بشكل خاص إلى التمييز ضد النساء فيما يتعلق بأمن حيازة الأراضي، والحصول على الأراضي واستخدامها والتحكم فيها، والممتلكات الزوجية، والميراث، والاستبعاد من عمليات صنع القرار، بما في ذلك في سياق الأشكال المجتمعية لحيازة الأراضي ( ) . ولاحظت اللجنة، في تعليقها العام رقم 16 ( 2005 )، أن للنساء الحق في امتلاك المساكن والأراضي والممتلكات أو استخدامها أو التحكم فيها على نحو آخر على قدم المساواة مع الرجال، وفي الوصول إلى الموارد اللازمة للقيام بذلك (الفقرة 28 ) ( ) . واعترفت اللجنة، في تعليقها العام رقم 12 ( 1999 )، بأهمية الوصول الكامل والمتكافئ إلى الموارد الاقتصادية، ولا سيما بالنسبة للنساء، بما في ذلك الحق في الميراث وملكية الأرض (الفقرة 26 ) ( ) .

14 - وبالنسبة للنساء، تعتبر الأرض مورداً محورياً لتلبية احتياجات الكفاف وللحصول على سلع وخدمات أخرى، مثل الائتمان. وعلاوة على ذلك، فإن الأرض مهمة لتعزيز مشاركة النساء في صنع القرار الأسري ولمشاركتها في المؤسسات الريفية التي يمكن أن تعزز سلطتها في صنع القرار والتأثير على الحقوق والموارد الجماعية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ملكية النساء للممتلكات تحسن رفاه الأطفال وتزيد من فرص الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية. وهي تقلل أيضاً من تعرض النساء للعنف، ويُعزى ذلك جزئيا إلى أن النساء اللواتي يتمتعن بالأمن في الحصول على الحيازة يمكنهن الفرار من العنف المنزلي بسهولة أكبر من خلال السعي للحصول على الحماية، وكذلك من خلال جعل الأسر المعيشية للنساء أكثر أمناً، ومن خلال تعزيز ثقة النساء بنفسهن واحترامهن لذاتهن ودورهن في صنع القرار، ومن خلال السماح لهن بكسب مزيد من الدعم الاجتماعي والأسري والمجتمعي ( ) . وهكذا، ففي حالات الإصلاح الزراعي أو أي إعادة توزيع للأرض، ينبغي أن يُراعى بعناية حق النساء، بغض النظر عن وضعهن الاجتماعي، في تقاسم هذه الأرض المُعاد توزيعها بالتساوي مع الرجال. وينبغي للدول أن ترصد وتنظم أيضاً القانون العرفي، الذي يؤدي في كثير من البلدان دوراً هاماً في إدارة الأراضي، لحماية حقوق النساء والفتيات المتأثرات بقواعد الميراث التقليدية المتمثلة في أحقية البكر الذكر في الإرث.

15 - غير أن القوانين والأعراف الاجتماعية مثل تلك التي تنص على أنه، عند وفاة الرجل، تكون أرضه ملكاً لأبنائه وليس لأرملته أو بناته، لا تزال قائمة، على الرغم من انتهاكها الصارخ لحقوق النساء بموجب العهد ( ) . ويقتضي ضمان تمتع النساء بالحقوق المكرسة في العهد على قدم المساواة مع الرجال إزالة الأنظمة والهياكل التقليدية المتعلقة بالأرض التي تميز ضد النساء. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الجمع بين النظم التقليدية والحديثة لإدارة الأراضي ( ) .

2- الشعوب الأصلية

16 - يعترف القانون الدولي بحق الشعوب الأصلية في الأراضي والأقاليم التي كانت تقيم فيها تقليدياً. وتعترف اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الشعوب الأصلية والقبلية، 1989 (رقم 16 9 ) وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (المواد 25 إلى 28 ) ( ( ) بحق الشعوب الأصلية في الأراضي والأقاليم ( ) . وتنص مصادر القانون الدولي لحقوق الإنسان هذه على احترام وحماية العلاقة التي تربط الشعوب الأصلية بأراضيها وأقاليمها ومواردها، مما يتطلب من الدول ترسيم حدود أراضيها، وحماية تلك الأراضي من التعدي عليها، واحترام حقها في إدارة الأراضي وفقاً لأساليب تنظيمها الداخلية. ولا ترتبط العلاقة الروحية للشعوب الأصلية بالأرض بالاحتفالات الروحية فحسب، بل أيضاً بكل نشاط على الأرض، مثل القنص وصيد الأسماك والرعي وجمع النباتات والأدوية والأغذية. وبالتالي، ينبغي للدول الأطراف أن تكفل حق الشعوب الأصلية في صون وتعزيز علاقتها الروحية بأراضيها وأقاليمها ومواردها، بما في ذلك المياه والبحار التي توجد في حوزتها أو التي لم تعد في حوزتها، ولكنها كانت تمتلكها أو تستخدمها في الماضي. وللشعوب الأصلية الحق في ترسيم حدود أراضيها، ولا ينبغي السماح بإعادة التوطين إلا في ظل ظروف محددة بدقة وبموافقة مسبقة وحرة ومستنيرة من المجموعات المعنية ( ) . وينبغي أن تحمي القوانين والسياسات الشعوب الأصلية من خطر تعدي الدولة على أرضها، مثلاً لتطوير المشاريع الصناعية أو للاستثمارات الواسعة النطاق في الإنتاج الزراعي ( ) . وقد أسهمت المحاكم الإقليمية لحقوق الإنسان في تعزيز حقوق الشعوب الأصلية في أراضيها وأقاليمها ( ) . وترى كل من محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أن الشعوب الأصلية التي فقدت حيازة أراضيها مكرهة دون موافقتها الحرة والمسبقة بعد نقلها بصورة قانونية إلى أطراف ثالثة "يحق لها استردادها أو الحصول على أراضٍ أخرى مساوية لها في الامتداد والنوعية" ( ) .

17 - وفي السوابق القضائية الأخيرة للمحاكم الإقليمية لحقوق الإنسان، تم توسيع نطاق بعض الحقوق المنطبقة على الشعوب الأصلية فيما يتعلق بالأرض لتشمل بعض المجتمعات التقليدية التي تحتفظ بعلاقة مماثلة مع أرض أجدادها، والتي تركز على المجتمع وليس على الفرد ( ) .

3- الفلاحون وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية

18 - يكتسي الحصول على الأرض أهمية خاصة لإعمال حقوق الفلاحين وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية في جميع أنحاء العالم ( ) . وبالنسبة للفلاحين، يُعد الحصول على الأرض وغيرها من الموارد الإنتاجية من الأهمية لإعمال معظم الحقوق المنصوص عليها في العهد بحيث أنه يعني بالنسبة إليهم أن لهم حق في الأرض. وتعترف المادتان 5 و 17 من إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحقوق الفلاحين وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية بهذا الحق في الأرض للفلاحين وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية، بمن فيهم العمال الزراعيون والرعاة وصيادو الأسماك. ويمكن ممارسة هذا الحق فردياً وجماعياً. وهو يشمل الحق في الحصول على الأرض واستخدامها وإدارتها على نحو مستدام لتحقيق مستوى معيشي لائق، والحق في الحصول على مكان للعيش فيه في أمن وسلام وكرامة، والحق في تطوير ثقافاتهم ( ) . وينبغي للدول أن تتخذ تدابير لدعم الفلاحين في استخدام الأرض بطريقة مستدامة، والحفاظ على خصوبة التربة ومواردها الإنتاجية، وضمان ألا تعرض أساليب إنتاجهم البيئة للخطر بالنسبة للآخرين، من حيث جوانب مثل الوصول إلى المياه النظيفة والحفاظ على التنوع البيولوجي.

19 - وإذا نشأت نزاعات على الأرض بين الشعوب الأصلية أو الفلاحين، يجب على الدول أن توفر آليات لتسوية تلك النزاعات تسوية ملائمة، مع بذل كل جهد ممكن للوفاء بالحق في الأرض لكلتا المجموعتين ( ) . وتعتمد كلتا المجموعتين إلى حد كبير على الحصول على الأراضي الجماعية أو الملكية الجماعية. ويتطلب احترام حق الشعوب الأصلية في تقرير المصير ونظامها العرفي لحيازة الأراضي الاعتراف بملكيتها الجماعية للأراضي والأقاليم والموارد ( ) . وهناك أيضاً مجموعات أخرى، ومنها الفلاحون والرعاة وصيادو الأسماك، يُعدّ ضرورياً بالنسبة إليها الحصول على الأراضي المجتمعية أو المشاعات لجمع الحطب أو جمع المياه أو النباتات الطبية أو القنص وصيد الأسماك. وقد توفر أشكال الملكية العرفية ضماناً للأشخاص الذين يعتمدون على المشاعات والذين لا تشكل حقوق الملكية الرسمية عموماً حلاً مناسباً بالنسبة إليهم. غير أن المحاولات غير المدروسة لإضفاء الطابع الرسمي على حقوق الحيازة العرفية من خلال مخططات سندات الملكية وتطويق الأراضي المجتمعية قد تستبعد هؤلاء الأشخاص من الوصول إلى الموارد التي يعتمدون عليها، مما يؤثر على الحق في الغذاء والحق في الماء وغير ذلك من الحقوق المكرسة في العهد. وبالتالي، يقع على عاتق الدول واجب يقضي بضمان حصول المستخدمين الشرعيين الآمن إلى الأراضي دون تمييز، بمن فيهم أولئك الذين يعتمدون على الأراضي الجماعية أو المجتمعية.

باء- المشاركة والتشاور والشفافية

20 - المشاركة والتشاور والشفافية مبادئ أساسية لتنفيذ الالتزامات الناشئة عن العهد، بما في ذلك فيما يتعلق بالأرض. فيجب إطلاع الأفراد والمجتمعات على النحو الواجب على عمليات صنع القرار التي قد تؤثر على تمتعهم بالحقوق المنصوص عليها في العهد في السياقات المتصلة بالأرض، دون انتقام، والسماح لهم بالمشاركة الفعالة فيها ( ) . والمساواة في الحصول على معلومات كافية وشفافة لجميع الأطراف المشاركة في صنع القرار أمر أساسي للمشاركة القائمة على حقوق الإنسان في صنع القرار. وينبغي للدول الأطراف أن تضع القوانين والسياسات والإجراءات ذات الصلة لضمان الشفافية والمشاركة والتشاور فيما يتعلق باتخاذ القرارات التي تمس الأرض، بما في ذلك فيما يتعلق بتسجيل الأرض وإدارتها ونقل ملكيتها، وكذلك قبل عمليات الإخلاء من الأرض. وينبغي أن تكون عمليات صنع القرار شفافة، ومنظمة باللغات ذات الصلة، دون حواجز، ومع توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة لجميع المعنيين.

21 - وينبغي الإعلان عن عمليات صنع القرار على نطاق واسع وأن تشمل هذه العمليات إجراءات لإتاحة الوصول إلى جميع الوثائق ذات الصلة. وينبغي الاتصال بالأشخاص المتضررين قبل اتخاذ أي قرار قد يمس حقوقهم بموجب العهد. والمعيار القانوني الدولي للشعوب الأصلية هو معيار الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة ( ) ، الذي يجب أن يكون عملية حوار وتفاوض تكون فيها الموافقة هي الهدف. ولا يتم إشراك الشعوب الأصلية في عمليات صنع القرار فحسب، بل يجب أن تكون قادرة أيضاً على التأثير بنشاط على نتائجها. والموافقة مطلوبة لإعادة التوطين، على النحو المنصوص عليه في المادة 10 من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية. ولا يكون الحق في المشاركة ذا مغزى إلا عندما لا ينطوي استخدامه على أي شكل من أشكال الانتقام.

جيم- التزامات محددة للدول الأطراف

1- الالتزام بالاحترام

22 - يقتضي الالتزام بالاحترام ألا تتدخل الدول الأطراف بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الحقوق المكرسة في العهد فيما يتعلق بالأرض، بما في ذلك الحصول على الأرض واستخدامها والتحكم فيها. ويعني الالتزام بالاحترام عدم القيام بأي أمر من الأمور التالية: (أ) التدخل في حقوق الحيازة المشروعة لمستخدمي الأرض ( ) ، ولا سيما بطرد شاغليها الذين يعتمدون عليها في كسب رزقهم؛ (ب) الإخلاء بالقوة وهدم الممتلكات كتدابير عقابية؛ (ج) ارتكاب أي أفعال تمييزية في عملية تسجيل الأرض وإدارتها، بما في ذلك على أساس الوضع العائلي أو الأهلية القانونية أو الوصول إلى الموارد الاقتصادية؛ (د) ارتكاب أي فعل من أفعال الفساد فيما يتعلق بإدارة الحيازة ونقلها. وينطوي الالتزام بالاحترام أيضاً على احترام إمكانية الوصول القائمة إلى الأرض لجميع أصحاب الحيازة الشرعية واحترام قرارات المجتمعات المحلية المعنية فيما يخص إدارة أراضيها وفقاً لأساليب التنظيم الداخلية.

23 - وينبغي للدول أن توفر لجميع الأشخاص درجة معقولة من ضمان الحيازة تكفل لهم الحماية القانونية من عمليات الإخلاء القسري. وبشكل أعم، يفرض العهد على الدول واجب الإحجام عن التدخل في حقوق الحيازة المشروعة لمستخدمي الأرض، ولا سيما بعدم طرد شاغليها الذين يعتمدون عليها في كسب رزقهم. وتتعارض حالات الإخلاء القسري لأول وهلة مع مقتضيات العهد ( ) . ويجب على السلطات المختصة أن تكفل ألا تُنفَّذ إلا وفقاً للتشريعات المتوافقة والمتفقة مع العهد ووفقاً للمبادئ العامة للمعقولية والتناسب بين الهدف المشروع للإخلاء وعواقبه على الأشخاص الذين يجري إخلاؤهم ( ) . وينشأ هذا الالتزام عن تفسير التزامات الدولة الطرف بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 11 ، ووفقاً لمتطلبات المادة 4 ، التي تحدد الشروط التي يسمح بموجبها بفرض قيود على التمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد. أولاً، يجب أن يكون القيد محدداً بنص قانوني. ثانياً، يجب أن يعزز القيد الرفاه العام أو "غرضاً عاماً" في مجتمع ديمقراطي. ثالثاً، يجب أن يكون القيد مناسباً للغرض المشروع المذكور. رابعاً، يجب أن يكون القيد ضرورياً، بمعنى أنه أقل التدابير تقييداً لتحقيق الغرض المشروع. وأخيراً، يجب أن تكون منافع القيد للرفاه العام أكبر من آثاره على التمتع بالحق المعني ( ) . ويجب أن تحدد الدول الأطراف بوضوح مفاهيم الغرض العام في القانون، من أجل السماح بالمراجعة القضائية. ويجب على الدول الأطراف أن تقوم بسن وتنفيذ تشريعات وطنية تحظر صراحة عمليات الإخلاء القسري وتضع إطاراً لعمليات الإخلاء وإعادة التوطين التي يتعين تنفيذها وفقاً للقانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان ( ) .

24 - وعندما يُنقل الأشخاص ويُمنحون مساكن بديلة، يجب أن يكون السكن البديل آمناً ويوفر ضمان الحيازة، مما يتيح الوصول إلى الخدمات العامة، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والمشاركة المجتمعية وفرص كسب الرزق ( ) . ويجب بذل كل جهد ممكن لعدم تفكك المجتمعات المحلية، نظراً لدورها الحاسم في دعم واستدامة شبكات الجيران ودعم سُبُل العيش. وقبل تنفيذ أي عمليات إخلاء أو نقل في استخدام الأرض يمكن أن تؤدي إلى حرمان الأفراد من الوصول إلى مواردهم الإنتاجية، ينبغي للدول الأطراف أن تكفل استكشاف جميع البدائل الممكنة بالتشاور مع الأشخاص المتضررين، بغية تجنب الحاجة إلى اللجوء إلى عمليات الإخلاء، أو على الأقل التقليل منها إلى أدنى حد ( ) . وفي جميع الحالات، ينبغي توفير سبل الانتصاف أو الإجراءات القانونية الفعالة للمتضررين بأوامر الإخلاء.

25 - وحيثما كانت الدولة تملك الأرض أو تتحكم فيها، ينبغي لها أن تكفل الاعتراف بالحقوق المشروعة للأفراد والمجتمعات المحلية في حيازة الأراضي، كما ينبغي لها أن تكفل احترامها، حتى في إطار نظم الحيازة العرفية. وينبغي تحديد النظم الجماعية لاستخدام الأرض وإدارتها، كما ينبغي الاعتراف بها وتسجيلها، سواء أكانت نظماً تقليدية أو تعاونيات أم غير ذلك من أشكال الإدارة المشتركة. وينبغي للسياسات الرامية إلى منح حقوق حيازة الأرض المملوكة ملكية عامة للفلاحين الذين لا يملكون أرضاً أن تتبع أهدافاً اجتماعية وبيئية أوسع نطاقاً وفقاً لالتزامات حقوق الإنسان. وينبغي إعطاء الأولوية في إعادة تخصيص حقوق الحيازة للمجتمعات المحلية التي دأبت تقليدياً على استخدام الأرض.

2- الالتزام بالحماية

26 - يقتضي الالتزام بالحماية من الدول الأطراف أن تعتمد تدابير لمنع أي شخص أو كيان من التدخل في الحقوق المكرسة في العهد فيما يتعلق بالأرض، بما في ذلك الحصول على الأرض واستخدامها والتحكم فيها. وتحمي الدول الأطراف إمكانية الحصول على الأرض بضمان عدم إخلاء أي شخص قسراً وعدم انتهاك أطراف ثالثة لحقوقه المتعلقة بالحصول على الأرض. وينبغي للدول الأطراف أيضاً أن تكفل حماية حقوق الحيازة المشروعة في جميع العمليات المتعلقة بنقل هذه الحقوق، بما في ذلك المعاملات الطوعية أو غير الطوعية بسبب الاستثمارات أو سياسات توحيد الأراضي أو غيرها من تدابير التصويب وإعادة التوزيع المتصلة بالأرض.

27 - وبصرف النظر عن نوع نظم حيازة الأراضي المعمول بها، تتخذ الدول الأطراف تدابير لضمان تمتع جميع الأشخاص بدرجة معقولة من الأمن فيما يتعلق بعلاقتهم بالأرض ولحماية أصحاب حقوق الحيازة المشروعة من الإخلاء ونزع ملكية الأراضي بصورة غير قانونية والاستيلاء عليها والمضايقة وغير ذلك من التهديدات. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير فورية ترمي إلى توفير ضمان الحيازة القانونية للأشخاص والأسر المعيشية التي تفتقر حالياً إلى هذه الحماية، في إطار تشاور حقيقي مع الأشخاص والجماعات المعنية ( ) . وينبغي للدول الأطراف أن تعترف أيضاً بالأبعاد المجتمعية للحيازة وأن تحميها، ولا سيما فيما يتعلق بالشعوب الأصلية والفلاحين وغير ذلك من المجتمعات التقليدية التي تربطها بأراضيها التقليدية علاقة مادية وروحية لا غنى عنها لوجودها ورفاهها وتنميتها الكاملة. ويشمل ذلك الحقوق الجماعية المتعلقة بالحصول على الأراضي والأقاليم والموارد التي امتلكتها أو شغلتها أو استخدمتها أو اكتسبتها بخلاف ذلك بصفة تقليدية، وباستخدام تلك الأراضي والأقاليم والموارد والتحكم فيها ( ) . ولذلك ينبغي أن تتجنب الأطر القانونية زيادة تركيز ملكية الأراضي وامتيازاتها في إطار نظم حيازة الأراضي، بما في ذلك عندما يكون الدافع لتغيير الإطار القانوني نابعاً من الاتفاقات الدولية ( ) .

28 - وينبغي للدول الأطراف أن تضع قوانين وسياسات تكفل القيام بالاستثمارات القائمة على الأراضي بطريقة مسؤولة. ويتطلب ذلك المشاركة المبكرة لجميع الأطراف المتأثرة والتنظيم العادل لعمليات النقل. وفي جميع عمليات الاستثمار المتصلة بالأراضي، تتاح للأشخاص أو الجماعات المتضررة إمكانية الوصول إلى آليات تقديم الشكاوى التي تسمح لهم بالطعن في قرارات الحكومات المحلية أو مجالس الاستثمار أو الأطراف الأخرى ذات الصلة قبل بدء الاستثمار وحتى دفع تعويض عادل. وتجرى تقييمات للأثر على حقوق الإنسان لتحديد الضرر المحتمل وخيارات التخفيف منه. ويجب أن يحدد القانون مبادئ للمستثمرين المسؤولين والاستثمار المسؤول وأن تكون هذه المبادئ قابلة للتنفيذ. ويجب أن تحترم الاستثمارات المسؤولة حقوق الحيازة المشروعة وألا تضر بحقوق الإنسان وأهداف السياسة المشروعة مثل الأمن الغذائي والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية. وينبغي للدول الأطراف أن توفر قواعد شفافة بشأن حجم ونطاق وطبيعة المعاملات المسموح بها في مجال حقوق الحيازة، كما ينبغي لها أن تحدد ما يشكل معاملات واسعة النطاق في مجال حقوق الحيازة في سياقاتها الوطنية ( ) .

29 - وينبغي أن تكون لدى الدول الأطراف ضمانات وسياسات لحماية حقوق الحيازة المشروعة من المخاطر التي يمكن أن تنجم عن المعاملات الواسعة النطاق في مجال حقوق الحيازة. وتنطوي الاستثمارات الواسعة النطاق في الأراضي على خطر انتهاك الحقوق المنصوص عليها في العهد لأنها كثيراً ما تؤثر على العديد من أصحاب الحيازات الصغيرة، الذين كثيراً ما لا يُعترَف بسنداتهم غير الرسمية لاستخدام الأراضي ( ) . ويمكن أن تشمل هذه الضمانات وضع حدود قصوى لمعاملات الأراضي المسموح بها واشتراط الموافقة على أعلى مستوى في الحكومة أو في البرلمان الوطني على التحويلات التي تتجاوز مستوى معيناً. وينبغي للدول أن تنظر في تعزيز مجموعة من نماذج الإنتاج والاستثمار التي لا تؤدي إلى تشريد واسع النطاق من الأراضي، بما في ذلك نماذج تشجع الشراكات مع أصحاب حقوق الحيازة المحليين.

30 - ويستتبع الالتزام بالحماية واجباً إيجابياً يتمثل في اتخاذ تدابير تشريعية وغيرها من التدابير لتوفير معايير واضحة للجهات الفاعلة من غير الدول مثل الكيانات التجارية والمستثمرين من القطاع الخاص، ولا سيما في سياق عمليات حيازة الأراضي واستئجارها على نطاق واسع في الداخل والخارج ( ) . وتعتمد الدول الأطراف إطاراً قانونياً يقتضي من كيانات الأعمال التجارية أن تبذل العناية الواجبة ( ) في مجال حقوق الإنسان من أجل تحديد ومنع وتخفيف الأثر السلبي على الحقوق المكرسة في العهد الناجم عن قراراتها وعملياتها.

31 - وفي السنوات الأخيرة، تم تشجيع إصدار سندات الملكية لحماية مستخدمي الأراضي من طرد الدولة لهم وتعدي الجهات الفاعلة من القطاع الخاص عليهم، ولا سيما كبار ملاك الأراضي والمستثمرين. وتتمثل هذه العملية، التي يشار إليها أحياناً باسم "إضفاء الطابع الرسمي"، في ترسيم حدود الأرض التي يشغلها ويستخدمها فعلياً كل مستخدم للأرض (والمعترف بها عموماً بموجب القانون العرفي )، واستخدام التقنيات الرقمية بشكل متزايد، وإسناد صك يحمي مستخدمي الأراضي من نزع الملكية، مع تمكينهم في الوقت نفسه من بيع الأرض. وكان تأثير إصدار سندات الملكية مختلطاً. وقد كان القصد من توضيح حقوق الملكية هو توفير ضمان الحيازة، والسماح بالاعتراف بسكان المستوطنات غير الرسمية كمالكين، وحماية صغار المزارعين من الطرد من أراضيهم. وتم تبرير ذلك أيضاً بالحاجة إلى إنشاء سوق للحقوق المتعلقة بالأراضي، مما يسمح بنقل حقوق الملكية بمزيد من المرونة وتخفيض تكاليف المعاملات في تلك الأسواق. وقد يكون هذان الهدفان متناقضين لأن تسليع حقوق الملكية يمكن أن يكون مصدراً للاستبعاد وأن يزيد من انعدام ضمان الحيازة. ولذلك، ينبغي للدول أن تعتمد قوانين وسياسات لضمان عدم تنفيذ برامج إصدار سندات الملكية لمجرد دعم بيع الأراضي وتسليع حيازتها. وإذا كانت هذه القوانين أو اللوائح غير موجودة، فإن إصدار سندات ملكية لأشكال الحيازة العرفية القائمة من قبل قد يؤدي إلى مزيد من النزاعات بدلاً من الوضوح، وقد يؤدي أيضاً إلى قدر أقل من الأمن بدلاً من تحسين الأمن، مع ما يترتب على ذلك من أثر سلبي على الحقوق المنصوص عليها في العهد، ولا سيما الحق في مستوى معيشي لائق. وتكفل الدول أن أي عملية إصدار لسندات ملكية تنطوي على تحديد مطالبات متنافسة بالأراضي تحمي حقوق الأشخاص الأكثر عرضة لخطر التهميش والتمييز، مع معالجة المظالم التاريخية.

3- الالتزام بالإعمال

32 - يقتضي الالتزام بالإعمال أن تعتمد الدول تدابير تشريعية وإدارية وتدابير تتعلق بالميزانية وغيرها من التدابير، وأن تنشئ سبل انتصاف فعالة تهدف إلى التمتع الكامل بالحقوق المنصوص عليها في العهد فيما يتعلق بالأرض، بما في ذلك إمكانية الحصول عليها واستخدامها والتحكم فيها. وتيسر الدول الأطراف إمكانية الحصول على الأرض واستخدامها والتحكم فيها بشكل آمن ومنصف ومستدام لمن يعتمدون على الأرض لإعمال حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويكتسي هذا الأمر أهمية خاصة بالنسبة لأولئك الذين لا يملكون أرضاً أو يعيشون في حالة فقر، ولا سيما النساء والمهمشين ( ) .

33 - ويتم تسجيل الأرض وإدارتها دون أي تمييز، بما في ذلك التمييز على أساس تغيير الوضع العائلي، وانعدام الأهلية القانونية، وعدم الوصول إلى الموارد الاقتصادية. ويتم الاعتراف القانوني بحقوق الحيازة وتخصيصها للأفراد بشكل منهجي، دون تمييز على أساس النوع الاجتماعي والأسرة والمجتمع المحلي، وبطريقة تكفل إتاحة جميع الفرص للفقراء وغيرهم من المحرومين والمهمشين أفراداً وجماعات للحصول على الاعتراف القانوني بحقوقهم الحالية في الحيازة. وينبغي للدول الأطراف أن تحدد جميع حقوق الحيازة وأصحاب الحقوق الحاليين، وليس فقط أولئك الموجودين في السجلات المكتوبة. وتضع الدول الأطراف، من خلال القواعد العامة، تعريفاً لحقوق استخدام الأراضي المشروعة، بما يتماشى مع جميع أحكام العهد ذات الصلة ومع التعاريف الواردة في الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني.

34 - وتستند إدارة الأراضي إلى خدمات يسهل الحصول عليها وغير تمييزية تنفذها وكالات خاضعة للمساءلة تقوم الهيئات القضائية بمراجعة أعمالها. وينبغي أن يكون من الممكن الحصول على هذه الخدمات وأن تقدم بسرعة وفعالية. ويُدعَم المحرومون والمهمشون أفراداً وجماعات في الاستفادة من تلك الخدمات ويُضمَن لهم اللجوء إلى العدالة. وينبغي أن يشمل هذا الدعم المساعدة القانونية، بما في ذلك معونة قانونية ميسورة التكلفة، ولا سيما لمن يعيشون في مناطق نائية جداً. وينبغي للدول الأطراف أن تمنع الفساد فيما يتعلق بإدارة الحيازة ونقلها، وذلك باعتماد وإنفاذ تدابير لمكافحة الفساد تتصدى لتضارب المصالح، في جملة أمور أخرى.

35 - وتعترف الدول الأطراف أيضاً بالقيمة الاجتماعية والثقافية والروحية والاقتصادية والبيئية والسياسية للأرض بالنسبة للمجتمعات المحلية ذات نظم الحيازة العرفية، وتحترم الأشكال القائمة للحكم الذاتي للأرض. وتكفل المؤسسات التقليدية لنظم الحيازة الجماعية المشاركة الهادفة لجميع الأعضاء، بمن فيهم النساء والشباب، في القرارات المتعلقة بتوزيع حقوق المستخدمين. ولا يمكن أن يقتصر ضمان الوصول إلى الموارد الطبيعية على الحماية الممنوحة لأراضي وأقاليم الشعوب الأصلية. وتعتمد المجموعات الأخرى على المشاعات، وبعبارة أخرى، المنافع العامة العالمية. ويحتاج صيادو الأسماك إلى الوصول إلى مناطق الصيد، ولكن تعزيز حقوق الملكية الفردية قد يستلزم تسييج الأرض التي تتيح لهم الوصول إلى البحر أو الأنهار. ويشكل الرعاة أيضاً مجموعة مهمة بشكل خاص في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث يقيم ما يقرب من نصف الرعاة أو الرعاة الزراعيين في العالم البالغ عددهم 120 مليون نسمة. وبالإضافة إلى ذلك، لا يزال العديد من الفلاحين والأسر الريفية في جميع أنحاء العالم النامي يعتمدون على جمع الحطب لأغراض الطهي والتدفئة، وعلى الآبار أو مصادر المياه المملوكة ملكية مشتركة لحصولهم على المياه. وينبغي ألا يؤدي إضفاء الطابع الرسمي على حقوق الملكية وإنشاء سجلات للأراضي إلى تفاقم حالة أي من هذه المجموعات، لأن عزلها عن الموارد التي تعتمد عليها من شأنه أن يهدد سبل عيشها.

36 - والإصلاح الزراعي تدبير هام لإعمال الحقوق المكرسة في العهد فيما يتعلق بالأرض ( ) . ويمكن أن يكون للتوزيع الأكثر إنصافاً للأراضي من خلال الإصلاح الزراعي أثر كبير على الحد من الفقر ( ) ، كما يمكن أن يسهم في الإدماج الاجتماعي والتمكين الاقتصادي ( ) . فهو يحسِّن الأمن الغذائي لأنه يجعل الغذاء متاحاً بدرجة أكبر وبأسعار معقولة، مما يوفر حاجزاً ضد الصدمات الخارجية ( ) . وينبغي لخطط توزيع الأراضي أيضاً أن تدعم المزارع الصغيرة المملوكة للأسر، التي كثيراً ما تستخدم الأرض بطريقة أكثر استدامة وتسهم في التنمية الريفية نظراً لكثافة اليد العاملة فيها. غير أن خطط إعادة توزيع الأراضي ينبغي أن تكفل حصول المستفيدين على الدعم المناسب لتعزيز قدرتهم على استخدام الأرض استخداماً منتجاً والانخراط في ممارسات زراعية مستدامة من أجل الحفاظ على إنتاجية الأرض. وينبغي أن تشمل خيارات السياسات لدعم النجاح الاقتصادي للمزارعين الأسريين التثقيف بشأن الحصول على الائتمانات ، والمساعدة في استخدام فرص التسويق وتجميع الآلات. وينبغي صياغة السياسات بطريقة تمكن المستفيدين من الاستفادة من الأراضي التي يحصلون عليها وتتجنب الحوافز التي تدفعهم إلى بيع الأراضي لدعم الحد الأدنى من احتياجاتهم. وينبغي أن تركز إعادة توزيع الأراضي والإصلاحات الزراعية بصفة خاصة على حصول الشباب والنساء والمجتمعات المحلية التي تواجه التمييز القائم على العرق والنسب وغيرهم ممن ينتمون إلى الفئات المهمشة على الأراضي، وينبغي أن تحترم وتحمي الحيازة الجماعية والعرفية للأرض.

37 - وتستخدم الدول الحد الأقصى من الموارد المتاحة للإعمال التدريجي للحقوق المنصوص عليها في العهد فيما يتعلق بالوصول إلى الموارد الإنتاجية، ولا سيما لمساعدة الأفراد والجماعات على التمتع بمستوى معيشي لائق. وتفرض المادة 11 ( 2 )(أ) من العهد على الدول الأطراف التزاماً بتحسين أساليب إنتاج الأغذية وحفظها وتوزيعها عن طريق تطوير أو إصلاح النظم الزراعية بطريقة تحقق أكفأ تنمية وأكفأ استخدام للموارد الطبيعية. ويعني ذلك أن على الدول واجب دعم خطط الإصلاح الزراعي التي تكفل الحصول على ما يكفي من الأراضي، ولا سيما لصغار الفلاحين الذين يعتمدون على الحصول على الأرض لكسب عيشهم ( ) . وينبغي أن تقترن السياسات والقوانين بتدابير دعم كافية مراعية للاعتبارات الجنسانية، وأن توضع من خلال عمليات تشاركية، وينبغي أن تهدف إلى جعل الإصلاحات الزراعية مستدامة. وينبغي أن تتضمن هذه السياسات والقوانين ضمانات كافية ضد إعادة تركيز الأراضي بعد الإصلاح، مثل قوانين الحد الأقصى للأراضي والضمانات القانونية لحماية الحيازة الجماعية والعرفية للأراضي.

38 - وينبغي للدول الأطراف أن تشارك في تخطيط إقليمي طويل الأجل للحفاظ على الوظائف البيئية للأرض. وينبغي لها أن تعطي الأولوية لاستخدامات الأرض وتدعمها باتباع نهج قائم على حقوق الإنسان إزاء الحفظ والتنوع البيولوجي والاستخدام المستدام للأرض والموارد الطبيعية الأخرى ( ) . وينبغي لها أيضاً، في جملة أمور، أن تيسر الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية عن طريق الاعتراف بالاستخدامات التقليدية للأرض وحمايتها وتعزيزها، واعتماد سياسات وتدابير لتعزيز سبل عيش الناس على أساس الموارد الطبيعية وحفظ الأرض في الأجل الطويل. ويشمل ذلك تدابير محددة لدعم المجتمعات المحلية والناس لمنع عواقب الاحترار العالمي والتخفيف من حدتها والتكيف معها. وينبغي للدول أن تهيئ الظروف لتجديد القدرات والدورات البيولوجية وغيرها من القدرات والدورات الطبيعية وأن تتعاون مع المجتمعات المحلية والمستثمرين وغيرهم لضمان أن احترام استخدام الأرض للأغراض الزراعية وغيرها يحترم البيئة ولا يعجل باستنفاد التربة واستنفاد احتياطيات المياه ( ) .

39 - وتضع الدول الأطراف قوانين وسياسات تسمح بالاعتراف بالحيازة غير الرسمية من خلال عمليات تشاركية مراعية للاعتبارات الجنسانية، مع إيلاء اهتمام خاص للمزارعين المستأجرين والفلاحين وغيرهم من صغار منتجي الأغذية.

دال- الالتزامات خارج الحدود الإقليمية

40 - تكتسي الالتزامات التي تتجاوز الحدود الإقليمية أهمية خاصة بالنسبة لتنفيذ الالتزامات الناشئة عن العهد والمتعلقة بالحصول على الأرض واستخدامها والتحكم فيها. وكثيراً ما يتم تمويل أو تعزيز عمليات نقل الأراضي من قبل كيانات دولية، بما في ذلك مستثمرون من القطاع العام مثل مصارف التنمية التي تمول مشاريع التنمية التي تتطلب الأراضي، مثل السدود أو مجمعات الطاقة المتجددة، أو من قبل مستثمرين من القطاع الخاص. ولدى استعراض تقارير الدول الأطراف، واجهت اللجنة عدداً متزايداً من الإشارات إلى الأثر السلبي على وصول الأفراد والجماعات والفلاحين والشعوب الأصلية إلى الموارد الإنتاجية نتيجة لمفاوضات واتفاقات وممارسات الاستثمار الدولية، بما في ذلك في شكل شراكات بين القطاعين العام والخاص بين وكالات الدول والمستثمرين الأجانب من القطاع الخاص.

1- الالتزام بالاحترام خارج الحدود الإقليمية

41 - يقضي الالتزام بالاحترام خارج الحدود الإقليمية بأن تمتنع الدول الأطراف عن الإجراءات التي تحول، بشكل مباشر أو غير مباشر، دون التمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد في سياقات متصلة بالأرض خارج أقاليمها. ويقتضي منها أيضاً اتخاذ تدابير محددة لمنع سياساتها وإجراءاتها المحلية والدولية، مثل سياسات التجارة والاستثمار والطاقة والزراعة والتنمية والتخفيف من آثار تغير المناخ، من الحيلولة، بشكل مباشر أو غير مباشر، دون التمتع بحقوق الإنسان ( ) . وينطبق ذلك على جميع أشكال المشاريع التي تنفذها وكالات التنمية أو تمولها مصارف التنمية. وتمثل الضمانات التي وضعها البنك الدولي وغيره من المصارف الإنمائية الدولية شكلاً من أشكال الاعتراف بذلك الالتزام، ولا سيما فيما يتعلق بالاستثمارات في الأراضي ( ) . وفي أعقاب أزمة الغذاء العالمية في الفترة 2007 - 2008 ، ازداد عدد الاستثمارات الواسعة النطاق في الأراضي في جميع أنحاء العالم، مما تسبب في مجموعة متنوعة من المشاكل للأشخاص الذين يعيشون على الأرض أو يستخدمونها، بما في ذلك عمليات الإخلاء القسري أو غير الطوعي دون تعويض مناسب. ومن أجل التخفيف من حدة هذه الحالات أو منعها، وُضِعَت الخطوط التوجيهية الطوعية لدعم الإعمال المطرد للحق في غذاء كاف في سياق الأمن الغذائي القطري. وعلاوة على ذلك، تم تحديث معايير أداء مؤسسة التمويل الدولية وضمانات البنك الدولي ذات الصلة. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للدول الأطراف الأعضاء في المؤسسات المالية الدولية، ولا سيما في البنك الدولي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومصارف التنمية الإقليمية، أن تتخذ خطوات لضمان ألا تعوق سياساتها الإقراضية وغيرها من الممارسات التمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد فيما يتعلق بالأرض.

2- الالتزام بالحماية خارج الحدود الإقليمية

42 - يقتضي الالتزام بالحماية خارج الحدود الإقليمية من الدول الأطراف أن تنشئ الآليات التنظيمية اللازمة لضمان أن الكيانات التجارية، بما فيها الشركات عبر الوطنية، وغيرها من الجهات الفاعلة من غير الدول التي هي في وضع يمكنها من تنظيمها، لا تعوق التمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد في السياقات المتصلة بالأرض في بلدان أخرى. وهكذا، تتخذ الدول الأطراف الخطوات اللازمة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان في الخارج في السياقات المتصلة بالأرض من جانب جهات فاعلة من غير الدول يمكن أن تمارس عليها نفوذاً، دون التعدي على سيادة الدول المضيفة أو الانتقاص من التزاماتها ( ) .

43 - وفي سياق حيازة الأراضي وغيرها من الأنشطة التجارية التي تؤثر على التمتع بإمكانية الوصول إلى الموارد الإنتاجية، بما فيها الأراضي، تكفل الدول الأطراف ألا يحرم المستثمرون الذين يقيمون في بلدان أخرى والذين يستثمرون في الأراضي الزراعية في الخارج الأفراد أو المجتمعات المحلية من الوصول إلى الأرض أو الموارد المرتبطة بالأرض التي يعتمدون عليها في كسب رزقهم. وقد ينطوي ذلك على فرض التزام ببذل العناية الواجبة على المستثمرين لضمان عدم حصولهم على الأراضي أو تأجيرها بطريقة تنتهك المعايير والمبادئ التوجيهية الدولية ( ) .

44 - وينبغي للدول الأطراف التي تشجع أو تنفذ استثمارات متصلة بالأراضي في الخارج، بما في ذلك من خلال شركات مملوكة جزئياً أو كلياً للدولة أو خاضعة لسيطرتها، بما في ذلك صناديق الثروة السيادية، وصناديق المعاشات التقاعدية العامة، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، أن تكفل عدم الحد من قدرة الدول الأخرى على الامتثال لالتزاماتها الناشئة عن العهد ( ) . وتجري الدول الأطراف تقييمات للأثر على حقوق الإنسان قبل القيام بهذه الاستثمارات وتقوم بتقييمها وتنقيحها بانتظام. وتُجرى هذه التقييمات بمشاركة عامة موضوعية وتُعلَن نتائجها وتسترشد بها التدابير الرامية إلى منع أي انتهاكات أو تجاوزات لحقوق الإنسان ووقفها ومعالجتها ( ) .

45 - وتكفل الدول الأطراف أن وضع الاتفاقات الدولية وإبرامها وتفسيرها وتنفيذها، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، مجالات التجارة والاستثمار والتمويل والتعاون الإنمائي وتغير المناخ، متسق مع التزاماتها بموجب العهد وليس له أثر ضار على إمكانية الحصول على الموارد الإنتاجية في بلدان أخرى ( ) .

3- الالتزام بالإعمال خارج الحدود الإقليمية

46 - ينبغي للدول أن تتخذ خطوات من خلال المساعدة والتعاون الدوليين بموجب المادة 2 ( 1 ) من العهد بغية التوصل تدريجياً إلى الإعمال الكامل للحقوق المنصوص عليها في العهد فيما يتعلق بالأرض، الأمر الذي سيفيد أيضاً الشعوب والمجتمعات المحلية خارج أقاليمها. وينبغي أن يشمل الدعم التعاون التقني، والمساعدة المالية، وبناء القدرات المؤسسية لجملة أمور منها إدارة الأراضي، وتقاسم المعارف، والمساعدة في وضع سياسات وطنية للحيازة، فضلاً عن نقل التكنولوجيا ذات الصلة.

47 - وينبغي أن يركز التعاون والمساعدة الدوليان على دعم السياسات الوطنية الرامية إلى ضمان الحصول على حيازة الأراضي لأولئك الذين لم يُعترَف بحقوقهم المشروعة في استخدام الأراضي. وينبغي أن تتجنب السياسات التسبب في تركيز الأراضي أو تسليعها، كما ينبغي أن تهدف إلى تحسين فرص حصول المحرومين والمهمشين أفراداً وجماعات على الأراضي وزيادة أمن حيازتهم. وتوضع سياسات وقائية ملائمة، وتُتاح للأشخاص والجماعات المتأثرين بتدابير التعاون والمساعدة الدوليين إمكانية الوصول إلى آليات مستقلة لتقديم الشكاوى. ويمكن للتعاون والمساعدة الدوليين أن ييسرا الجهود الرامية إلى ضمان كون السياسات المتعلقة بالأراضي مستدامة وكونها جزءاً لا يتجزأ من التخطيط الرسمي لاستخدام الأراضي والتخطيط المكاني الأوسع نطاقاً للدول، أو ستصبح كذلك.

رابعاً- قضايا محددة ذات صلة بإعمال الحقوق المكرسة في العهد في السياقات المتصلة بالأراضي

ألف- النزاعات المسلحة الداخلية وحالات ما بعد النزاع

48 - هناك صلات بين النزاعات المسلحة الداخلية والأراضي والتمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد. وفي بعض الأحيان، يمكن أن تكون النزاعات على الأراضي، ولا سيما تلك المتعلقة بالتوزيع الهيكلي غير المتكافئ لحيازة الأراضي الآتية، على سبيل المثال، من النظم الاستعمارية أو نظم الفصل العنصري، أحد الأسباب الجذرية للنزاع أو سبباً في اندلاعه. وفي حالات أخرى، قد تؤدي النزاعات إلى التهجير القسري والاستيلاء على الأراضي ونزع ملكيتها، لا سيما بالنسبة للسكان الذين يعيشون في أوضاع هشة، مثل الفلاحين والشعوب الأصلية والأقليات الإثنية والنساء. ومن الجدير بالذكر أن معالجة النزاعات والمنازعات على الأراضي قد تكون مفتاحاً لبناء القدرة على الصمود والحفاظ على السلام ( ) . وبالتالي، ينبغي للدول أن تبذل قصارى جهدها لمنع انتزاع ملكية الأراضي أثناء النزاعات المسلحة الداخلية. وإذا حدثت حالات نزع الملكية، مع ذلك، فإن الدول ملزمة بوضع برامج لرد الممتلكات لتضمن لجميع المشردين داخلياً الحق في استعادة أي أراض حرموا منها تعسفاً أو بصورة غير قانونية ( ) . وينبغي للدول أن تتصدى أيضاً لجميع النزاعات على الأراضي التي قد تؤدي إلى عودة نشوب نزاع مسلح.

49 - وينبغي أن تشمل التدابير الوقائية الرامية إلى تجنب نزع ملكية الأراضي أثناء النزاعات المسلحة ما يلي على الأقل: (أ) إنشاء آليات لحماية حيازة الأراضي للسكان الذين يعيشون في أوضاع هشة؛ (ب) تنسيق المساعدة الإنسانية وتنفيذ القانون الدولي الإنساني مع اتخاذ تدابير لمنع نزع ملكية الأراضي؛ (ج) تضمين نظم المعلومات جميع العقارات المعرضة لخطر نزع الملكية، لا لمنع نزع الملكية فحسب، بل أيضاً لتيسير رد الأراضي في المستقبل؛ (د) إمكانية تجميد سوق الأراضي في المناطق التي ترتفع فيها مخاطر التشرد الداخلي ونزع ملكية الأراضي. وينبغي ألا تحمي جميع هذه التدابير الوقائية الممتلكات فحسب، بل أيضاً جميع أشكال حيازة الأراضي، بما في ذلك الحيازة العرفية، لأن الأشخاص الأكثر عرضة لخطر نزع ملكية أراضيهم قد لا يكونون المالكين الرسميين لها.

50 - وتشمل برامج إعادة الأراضي إلى أصحابها تدابير لضمان حق اللاجئين والمشردين داخلياً في العودة الطوعية إلى أراضيهم السابقة أو أماكن إقامتهم المعتادة، بأمان وكرامة. وإذا تعذرت الإعادة، ينبغي للدول أن تضع آليات تعويض ملائمة ( ) . وتنشئ الدول وتدعم إجراءات ومؤسسات وآليات منصفة ومناسبة التوقيت ومستقلة وشفافة وغير تمييزية لتقييم وإنفاذ جميع مطالبات إعادة الأراضي. وينبغي ألا تشمل هذه الإجراءات حقوق الملكية فحسب، بل جميع أشكال حيازة الأراضي، لا سيما عندما تكون مرتبطة بالتمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد. وينبغي إيلاء اهتمام خاص للتعامل على نحو ملائم مع "الشاغلين الثانويين"، الذين هم في الغالب مشترون بحسن نية، والأشخاص الذين هم في وضع ضعيف ويشغلون الأراضي بعد فرار المستأجرين الشرعيين بسبب نزاع مسلح. وعلى وجه الخصوص، يجب أن تكون الإجراءات القانونية الواجبة مكفولة للشاغلين الثانويين؛ وإذا كان إخلاؤهم ضرورياً، فإنه يُنفَّذ بتشاور حقيقي، وتوفر لهم الدول، عند الاقتضاء، سكناً بديلاً وخدمات اجتماعية تكفل لهم مستوى معيشياً لائقاً.

51 - وفي كثير من حالات ما بعد النزاع، قد تكون برامج إعادة الأراضي، حتى الناجحة منها، غير كافية لمنع نشوب نزاعات جديدة وضمان الحقوق المنصوص عليها في العهد للاجئين والمشردين داخلياً لأن هؤلاء السكان كثيراً ما كانوا يعيشون في حالة فقر ويستبعدون من الحقوق في الأراضي قبل النزاع. وفي ظل هذه الظروف، لا يكفي إعادة الأراضي أو التعويض عنها وحدهما لأنهما لن ينتشلا اللاجئين والمشردين داخلياً من براثن الفقر أو يحدا من عدم المساواة الاجتماعية والجنسانية في حيازة الأراضي. وفي مثل هذه السياقات، ينبغي أن تتجاوز التعويضات المقدمة لضحايا التشرد الداخلي أو العنف مسألة إعادة الأراضي. وينبغي أن تكون تعويضات تحويلية ( ) ، بمعنى أنها ينبغي أن تشمل سياسات وتدابير تهدف إلى الحد من عدم المساواة وتحسين مستوى معيشة هؤلاء الأشخاص. وينبغي اتخاذ تدابير محددة لتحسين المساواة بين الجنسين في حيازة الأراضي، مثلاً بإعطاء الأفضلية للنساء عند منح الحقوق المتعلقة بالأراضي. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للدول أن تبذل جهوداً لضمان تضمُّن برامج إعادة الأراضي سياسات إصلاح ريفي تنطوي على تقديم الدعم التقني والمالي والتعليمي للمستفيدين.

باء- الفساد

52 - إدارة الأراضي من المجالات التي يمكن أن يكون الفساد فيها أكثر انتشاراً. والفساد يحدث ويؤثر سلباً على ترسيم حدود الأراضي وفي تنفيذ مخططات سندات الملكية؛ وفي تصميم مخططات استخدام الأراضي وتحديدها على أنها "مستغلة بطريقة ناقصة" أو "فارغة"؛ وفي استخدام حكمي "الغرض العام" أو "حق الاستملاك العام" لتبرير نزع ملكية الأراضي؛ وفي بيع أو تأجير الأراضي للمستثمرين من قبل الحكومات.

53 - وتنشئ الدول آليات مساءلة مناسبة لمنع الفساد فيما يتعلق بجميع السياسات ذات الصلة المتعلقة بالأراضي، وينبغي أن تسعى إلى منع الفساد بجميع أشكاله وعلى جميع المستويات وفي جميع السياقات ( ) . وينبغي للدول أن تستعرض وترصد بانتظام الأطر السياساتية والقانونية والتنظيمية للحفاظ على فعاليتها. وينبغي للوكالات المنفذة والسلطات القضائية أن تعمل مع المجتمع المدني وممثلي المستعملين والجمهور على نطاق أوسع لتحسين الخدمات والسعي إلى منع الفساد من خلال شفافية العمليات واتخاذ القرارات ( ) . وينبغي للدول أن تفعل ذلك بصفة خاصة من خلال التشاور والمشاركة واحترام سيادة القانون ومبادئ الشفافية والمساءلة ( ) .

جيم- المدافعون عن حقوق الإنسان

54 - حالة المدافعين عن حقوق الإنسان صعبة بشكل خاص في النزاعات على الأراضي ( ) . وقد تلقت اللجنة بانتظام تقارير عن تهديدات واعتداءات تستهدف من يسعون إلى حماية حقوقهم بموجب العهد أو حقوق غيرهم، غالباً في شكل مضايقة وتجريم وتشهير وقتل، لا سيما في سياق المشاريع الاستخراجية والإنمائية ( ) . وفي سياق الأراضي، يدافع العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان أيضاً عن الوظائف البيئية للأرض واستدامة استخدام الأراضي كشرط مسبق لاحترام حقوق الإنسان في المستقبل. ووفقاً للإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً، تتخذ الدول جميع التدابير اللازمة لاحترام المدافعين عن حقوق الإنسان وعملهم، بما في ذلك فيما يتعلق بقضايا الأراضي، والامتناع عن فرض عقوبات جنائية عليهم أو سن جرائم جديدة بهدف إعاقة عملهم.

55 - وتتوقف التدابير المحددة التي ينبغي أن تعتمدها الدول لحماية عمل المدافعين عن حقوق الإنسان فيما يتعلق بالأراضي على الظروف الوطنية. بيد أن التدابير التالية تكتسي أهمية حاسمة: (أ) الاعتراف العلني على أعلى مستويات الحكومة بأهمية ومشروعية عمل المدافعين عن حقوق الإنسان والالتزام بعدم التسامح مع أي عنف ضدهم أو تهديد تجاههم؛ (ب) إلغاء أي تشريع حكومي أو أي تدابير ترمي إلى معاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان أو عرقلة عملهم؛ (ج) تعزيز مؤسسات الدولة المسؤولة عن حماية عمل المدافعين عن حقوق الإنسان؛ (د) التحقيق في أي شكل من أشكال العنف أو التهديد تجاه المدافعين عن حقوق الإنسان والمعاقبة عليه؛ (ه ) بالتشاور مع المستفيدين المحتملين، اعتماد وتنفيذ برامج مزودة بموارد كافية ولديها آليات تنسيق داخلية تكفل توفير تدابير حماية كافية للمدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر عند الضرورة ( ) .

دال- تغير المناخ

56 - يؤثر تغير المناخ تأثيراً شديداً على الوصول إلى الأراضي في العديد من البلدان، مما يؤثر على حقوق المستخدمين. وفي المناطق الساحلية، يؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر على الإسكان والزراعة والوصول إلى مصائد الأسماك. ويسهم تغير المناخ أيضاً في تدهور الأراضي والتصحر. ويؤثر ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار وتزايد تواتر الظواهر الجوية القصوى مثل الجفاف والفيضانات تأثيراً متزايداً على إمكانية الحصول على الأراضي ( ) . ويتعين على الدول أن تتعاون على المستوى الدولي وأن تمتثل لواجبها في تخفيف الانبعاثات و للالتزاماتها التي تقع على عاتق كل منها في سياق تنفيذ اتفاق باريس. وتقع على عاتق الدول هذه الواجبات أيضاً بموجب قانون حقوق الإنسان، كما أبرزت اللجنة من قبل ( ) . وعلاوة على ذلك، يتعين على الدول أن تتجنب اعتماد سياسات للتخفيف من تغير المناخ، مثل عزل الكربون من خلال إعادة التحريج على نطاق واسع أو حماية الغابات القائمة، تؤدي إلى أشكال مختلفة من الاستيلاء على الأراضي، لا سيما عندما تؤثر على أراضي وأقاليم السكان الذين يعيشون في أوضاع هشة، مثل الفلاحين أو الشعوب الأصلية. وينبغي أن تؤدي سياسات التخفيف إلى تخفيضات مطلقة في الانبعاثات من خلال التخلص التدريجي من إنتاج الوقود الأحفوري واستخدامه.

57 - ويقع على عاتق الدول التزام بوضع سياسات للتكيف مع تغير المناخ على الصعيد الوطني تأخذ في الاعتبار جميع أشكال تغير استخدام الأراضي الناجم عن تغير المناخ، وتسجيل جميع الأشخاص المتضررين، واستخدام أقصى قدر من الموارد المتاحة لمعالجة أثر تغير المناخ، ولا سيما على الفئات المحرومة.

58 - ويؤثر تغير المناخ على جميع البلدان، بما فيها تلك التي ربما كانت الأقل إسهاماً فيه. وهكذا، فإن البلدان التي كانت تاريخياً الأكثر إسهاماً في تغير المناخ وتلك التي هي حالياً المساهمة الرئيسية فيه يجب أن تساعد البلدان الأكثر تضرراً من تغير المناخ ولكنها الأقل قدرة على مواجهة آثاره، بسبل منها دعم وتمويل تدابير التكيف المتصلة بالأراضي. ويجب على آليات التعاون من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ وتدابير التكيف معه أن توفر وتنفذ مجموعة قوية من الضمانات البيئية والاجتماعية لكفالة عدم تأثير أي مشروع سلباً على حقوق الإنسان والبيئة وضمان الوصول إلى المعلومات والتشاور المجدي مع المتضررين من هذه المشاريع. ويجب أن تحترم أيضاً الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة للشعوب الأصلية ( ) .

خامسا ً - التنفيذ وسبل الانتصاف

59 - ينبغي للدول أن تكفل تمكن الأفراد والجماعات من تلقي ونقل المعلومات ذات الصلة بالتمتع بالحقوق المتعلقة بالأراضي بموجب العهد. ويجب أن ترصد الدول بانتظام تنفيذ نظم الحيازة وجميع السياسات والقوانين والتدابير التي تؤثر في إعمال الحقوق المكرسة في العهد في السياقات المتصلة بالأراضي. وينبغي أن تعتمد عمليات الرصد على البيانات الكمية النوعية والمصنفة التي تجمعها المجتمعات المحلية وغيرها من الجهات، وأن تكون شاملة وتشاركية، وأن تولي اهتماماً خاصاً للمحرومين والمهمشين أفراداً وجماعات. وفي البلدان التي توجد فيها حيازة جماعية وعرفية للأراضي من جانب المجتمعات الريفية، ينبغي أن يشمل الرصد آليات تشاركية لرصد أثر سياسات محددة على حصول السكان الذين يعيشون في المجتمعات المحلية ذات الصلة على الأراضي.

60 - وينبغي للدول الأطراف أن تكفل وجود نظم إدارية وقضائية لديها لتنفيذ السياسات والأطر القانونية المتعلقة بالأراضي تنفيذاً فعالاً، وأن تتصرف سلطاتها الإدارية والقضائية وفقاً لالتزامات الدولة بموجب العهد. ويشمل ذلك اتخاذ تدابير لتوفير خدمات غير تمييزية وسريعة وسهلة المنال لجميع أصحاب الحقوق من أجل حماية حقوق الحيازة وتعزيز وتيسير التمتع بتلك الحقوق، بما في ذلك في المناطق الريفية النائية ( ) . والوصول إلى العدالة أمر أساسي: تضمن الدول الأطراف إمكانية الوصول إليها بأسعار معقولة حتى في المناطق النائية، ولا سيما بالنسبة للمحرومين والمهمشين أفراداً وجماعات. ويجب أن تكون سبل الانتصاف القضائية مكيفة أيضاً مع ظروف المناطق الريفية ومتلائمة مع احتياجات ضحايا الانتهاكات، وأن تتيح لهم إمكانية الحصول على جميع المعلومات ذات الصلة والجبر والتعويض المناسبين ، بما في ذلك، عند الاقتضاء، إعادة الأراضي إلى أصحابها وعودة اللاجئين والمشردين داخلياً. وكما هو مبين في المادة 28 من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، كثيراً ما تكون إعادة الأراضي إلى أصحابها هي سبيل الانتصاف الأساسي للشعوب الأصلية ( ) . ويشمل الوصول إلى العدالة الوصول إلى الإجراءات اللازمة لمعالجة أثر الأنشطة التجارية، ليس في البلدان التي يقيم فيها الضحايا فحسب، بل أيضاً في البلدان التي حدثت فيها الانتهاكات ( ) .

61 - ويجب أن تبني الدول الأطراف قدرات سلطاتها الإدارية والقضائية لضمان الوصول في الوقت المناسب وبتكلفة ميسورة وبطريقة فعالة إلى وسائل لحل المنازعات بشأن حقوق الحيازة من خلال هيئات قضائية وإدارية نزيهة ومختصة، ولا سيما في المناطق الريفية النائية ( ) . وينبغي للدول الأطراف أن تعترف بالأشكال العرفية وغيرها من الأشكال المعمول بها لتسوية المنازعات وأن تتعاون معها، حيثما وجدت، وأن تكفل أنها توفر سبلاً عادلة وموثوقة وسهلة المنال وغير تمييزية وسريعة لحل المنازعات بشأن حقوق الحيازة، وفقاً لحقوق الإنسان ( ) . وفيما يتعلق بالأراضي ومصائد الأسماك والغابات التي يستخدمها أكثر من مجتمع محلي واحد، ينبغي تعزيز أو تطوير وسائل حل النزاعات بين المجتمعات المحلية ( ) . ويشكل احترام وحماية وضمان الوصول الآمن والمنصف إلى الأراضي واستخدامها والتحكم فيها شروطاً مسبقة للتمتع بالعديد من الحقوق المكرسة في العهد. ولسبل الانتصاف الفعالة أهمية حاسمة لإعمال هذه الحقوق.