الأمم المتحدة

E/C.12/GC/21

المجلس الاقتصادي والاجتماعي

Distr.: General

21 December 2009

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

الدورة الثالثة والأربعون

2-20 تشرين الثاني/نوفمبر 2009

التعليق العام رقم 21

حق كل فرد في أن يشا رك في الحياة الثقافية (الفقرة 1 (أ) من المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق ال اقتصادية والاجتماعية والثقافية)

أولا ً - مقدمة ومنطلقات أساسية

1- الحقوق الثقافية جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وهي، مثل الحقوق الأخرى، عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة. وتعزيز الحقوق الثقافية واحترامها بشكل تام أمران جوهريان لصون كرامة الإنسان وللتفاعل الاجتماعي الإيجابي بين الأفراد والمجتمعات في عالم متنوع ومتعدد الثقافات.

2- وحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية وثيق الارتباط بالحقوق الثقافية الأخرى الواردة في المادة 15: الحق في التمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته (الفقرة 1(ب) من المادة 15)؛ وحق كل فرد في الإفادة من حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من صنعه (الفقرة 1(ج) من المادة 15)؛ والحق في الحرية التي لا غنى عنها للبحث العلمي والنشاط الإبداعي (الفقرة 3 من المادة 15). وحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية مرتبط كذلك ارتباط اً جوهري اً بالحق في التعليم (المادتان 13 و14)، الذي من خلاله ينقل الأفراد والمجتمعات تفاصيل قيمهم ودينهم وعاداتهم ولغتهم ومرجعياتهم الثقافية الأخرى إلى غيرهم، والذي يساعدهم على إشاعة جو من التفاهم والاحترام المتبادلين للقيم الثقافية. والحق في المشاركة في الحياة الثقافية وثيق الارتباط أيض اً بحقوق أخرى منصوص عليها في العهد، بما فيها حق جميع الشعوب في تقرير المصير (المادة 1) والحق في مستوى معيشي لائق (المادة 11).

3- وحق كل فرد في المشاركة في الحياة الثقافية معترف به أيض اً في الفقرة 1 من المادة 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أن "لكل شخص حق المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية". وتشير صكوك دولية أخرى إلى الحق في الاشتراك على قدم المساواة في الأنشطة الثقافية للمجتمع ( ) ؛ والحق في الاشتراك في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية ( ) ؛ والحق في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية والفنية ( ) ؛ والحق في الوصول إلى الحياة الثقافية والمشاركة فيها ( ) ؛ والحق في المشاركة في الحياة الثقافية على قدم المساواة مع الآخرين ( ) . كما تحتوي على أحكام مهمة بشأن هذا الموضوع الصكوك المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية ( ) ، وبحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات في التمتع بثقافتهم الخاصة وإعلان وممارسة دينهم الخاص واستخدام لغتهم الخاصة، سر اً وعلانية ( ) ، والاشتراك بفعالية في الحياة الثقافية ( ) ، وبحقوق الشعوب الأصلية في مؤسساتها الثقافية وأراضي أسلافها ومواردها الطبيعية ومعارفها التقليدية ( ) ، وبالحق في التنمية ( ) .

4- وفي التعليق العام الحالي، تتناول اللجنة بالتحديد حق كل فرد بموجب الفقرة 1(أ) من المادة 15 في أن يشارك في الحياة الثقافية، بالاقتران مع الفقرات 2 و3 و4 بالنظر إلى تعلقها بالثقافة والنشاط الإبداعي وتنمية الاتصالات الدولية والتعاون الدولي في المجالات الثقافية، على التوالي. وكان حق كل فرد في الإفادة من حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من صنعه، وفق اً لما هو منصوص عليه في الفقرة 1 (ج) من المادة 15، موضوع التعليق العام رقم 17(2005).

5- وقد اكتسبت اللجنة خبرة واسعة النطاق في هذا الموضوع من خلال قيامها بالنظر في التقارير وإجراء حوارات مع الدول الأطراف. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها قامت مرتين بتنظيم يوم مناقشة عامة، مرة في عام 1992 ومرة أخرى في عام 2008، مع ممثلي المنظمات الدولية والمجتمع المدني بغية إعداد التعليق العام الحالي.

ثانيا ً - الم ضمون المعياري للفقرة 1 (أ) من المادة 15

6- الحق في المشاركة في الحياة الثقافية يمكن وصفه بأنه حرية. وضمان هذا الحق يقتضي من الدولة الطرف الامتناع عن التدخل (أي عدم التدخل في الممارسات الثقافية وفي سبل الحصول على السلع والخدمات الثقافية) واتخاذ إجراءات إيجابية (ضمان توافر الشروط المسبقة المؤاتية للمشاركة، وتيسير الحياة الثقافية وتعزيزها، والوصول إلى السلع الثقافية والحفاظ عليها).

7- والقرار الذي يتخذه شخص بممارسة الحق في المشاركة، أو عدم المشاركة، في الحياة الثقافية بمفرده، أو بالاشتراك مع غيره، خيار ثقافي وبالتالي ينبغي الاعتراف به واحترامه وحمايته على أساس المساواة. وهذا مهم بشكل خاص لجميع الشعوب الأصلية، التي لها ال ح ق في التمتع الكامل، كجماعات أو أفراد، بجميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المعترف بها في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك في إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية.

ألف - مكونات الفقرة 1(أ) من المادة 15

8- يتعين فهم مضمون أو نطاق التعابير المستخدمة في الفقرة 1 (أ) من المادة 15، بشأن حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية، على النحو المبين أدناه:

"كل فرد"

9- في تعليق اللجنة العام رقم 17 بشأن حق كل فرد في الإفادة من حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من صنعه ( ) ، تسلم اللجنة بأن التعبير "كل فرد" في السطر الأول من المادة 15 قد يشير إلى فرد أو إلى جماعة؛ وبعبارة أخرى، يجوز أن يمارس شخص الحقوق الثقافية (أ) باعتباره فرد اً، (ب) أو بالاشتراك مع آخرين، (ج) أو داخل مجتمع أو جماعة، بصفته تلك.

"الحياة الثقافية"

10- وضعت تعاريف مختلفة للتعبير "ثقافة" في الماضي وقد توضع تعاريف أخرى في المستقبل. بيد أن كل هذه التعاريف تشير إلى المضمون المتعدد الجوانب الذي ينطوي عليه مف ه وم الثقافة ( ) .

11- والثقافة، في رأي اللجنة، مفهوم واسع شامل يتضمن جميع مظاهر الوجود البشري. والتعبير "الحياة الثقافية" إشارة محددة إلى الثقافة باعتبارها عملية حية، تاريخية ودينامية ومتطورة، ذات ماض وحاضر ومستقبل.

12- ويجب أن ينظر إلى مفهوم الثقافة لا على أنه سلسلة من المظاهر المنعزلة أو الوحدات محكمة الغلق وإنما على أنه عملية تفاعلية يعبر بموجبها الأفراد والمجتمعات، مع احتفاظهم بخصائصهم وأغراضهم، عن ثقافة الإنسانية. ويؤخذ في الاعتبار في هذا المفهوم الطابعان الفردي والغيري للثقافة باعتبارها إبداع المجتمع ونتاجه.

13- وترى اللجنة أن الثقافة، لأغراض تنفيذ الفقرة 1 (أ) من المادة 15، تشمل، ضمن أمور أخرى، أساليب الحياة، واللغة، والأدب الشفوي والمكتوب، والموسيقى والأغاني، والاتصال غير الشفوي، والدين أو مجموعات المعتقدات، والطقوس والاحتفالات، والرياضة والألعاب، وأساليب الإنتاج أو التكنولوجيا، والبيئات الطبيعية والاصطناعية، والمأكل والملبس والمأوى، والفنون والعادات والتقاليد التي من خلالها يعبر الأفراد ومجموعات الأفراد والمجتمعات عن إنسانيتهم والمعنى الذي يعطونه لوجودهم، ويكونون رؤيتهم للعالم التي تمثل مواجهت ه م للقوى الخارجية المؤثرة على حياتهم. وتشكل الثقافة وتبرز قيم الرفاه والحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأفراد ومجموعات الأفراد والمجتمعات.

"يشترك" أو "يشارك"

14- للتعبيرين "يشترك" و "يشارك" نفس المعنى ويستخدمان كمترادفين بالتبادل بينهما في الصكوك الدولية والإقليمية الأخرى.

15- وهناك، ضمن مكونات رئيسية أخرى، ثلاثة مكونات رئيسية مترابطة لحق كل فرد في أن يشترك أو يشارك في الحياة الثقافية: (أ) الاشتراك في الحياة الثقافية، (ب) والوصول إليها، (ج) والإسهام فيها.

(أ) الاشتراك يغطي، على وجه الخصوص، حق كل فرد - بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين أو في نطاق مجتمع - في التصرف بحرية، واختيار هويته، والارتباط أو عدم الارتباط بمجتمع واحد أو عدة مجتمعات أو تغيير هذا الاختيار، والمشاركة في حياة المجتمع السياسية، والانخراط في ممارساته الثقافية، والتعبير عن نفسه باللغة التي يختارها. ولكل فرد أيض اً الحق في السعي إلى التوصل إلى المعارف الثقافية وأشكال التعبير الثقافي وتنميتها وتقاسمها مع الآخرين، وفي العمل على نحو إبداعي والمشاركة في النشاط الإبداعي؛

(ب) الوصول يغطي، على وجه الخصوص، حق كل فرد - بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين أو في نطاق مجتمع - في معرفة وفهم ثقافته وثقافة الآخرين من خلال التعليم والإعلام، وفي الحصول على تعليم وتدريب جيدين مع إيلاء اعتبار خاص للهوية الثقافية. ولكل فرد أيض اً الحق في معرفة أشكال التعبير والنشر من خلال أي واسطة تقنية للإعلام والاتصال، واتباع أسلوب حياة مرتبط باستخدام السلع والموارد الثقافية مثل الأراضي والمياه ( ) ، والتنوع البيولوجي واللغة ومؤسسات معينة، والإفادة من التراث الثقافي وإبداع غيره من الأفراد والمجتمعات؛

(ج) الإسهام في الحياة الثقافية يشير إلى حق كل فرد في المشاركة في إيجاد أشكال تعبير المجتمع الروحية والمادية والفكرية والعاطفية. وهذا أمر يدعمه الحق في المشاركة في تنمية المجتمع الذي ينتمي إليه الشخص، وفي تحديد ووضع وتنفيذ السياسات والقرارات التي لها تأثير على ممارسة الشخص لحقوقه الثقافية ( ) .

باء - عناصر الحق في المشاركة في الحياة الثقافية

16- الشروط التالية ضرورية للإعمال التام لحق كل فرد في المشاركة في الحياة السياسية على أساس المساواة وعدم التمييز.

(أ) التوافر هو وجود السلع والخدمات الثقافية المتاح لكل فرد التمتع بها والإفادة منها، بما فيها المكتبات والمتاحف والمسارح ودور السينما والملاعب الرياضية؛ والآداب، بما في ذلك الفولكلور، والفنون بجميع أشكالها؛ والأماكن المفتوحة المشتركة الضرورية للتفاعل الثقافي، مثل المتنزهات والميادين والجادات والشوارع؛ وهبات الطبيعة، مثل البحار والبحيرات والأنهار والجبال والغابات والمحميات الطبيعية، بما في ذلك النباتات والحيوانات الموجودة فيها، التي تعطي الأمم طابعها وتنوعها البيولوجي؛ والسلع الثقافية غير المادية، مثل اللغات والعادات والتقاليد والمعتقدات والمعارف والتاريخ، وكذلك القيم، التي تشكل هوية الأفراد والمجتمعات وتسهم في تنوعهم الثقافي. وهناك، من بين كل السلع الثقافية، سلعة ثقافية ذات قيمة خاصة هي التقارب المثمر بين الثقافات الذي يحدث حيثما يتسنى للجماعات والأقليات والمجتمعات المختلفة تقاسم نفس الأرض بحرية؛

(ب) إمكانية الوصول تتألف من فرص فعالة وملموسة متاحة للأفراد والمجتمعات للتمتع التام بالثقافة، وتكون في متناول الجميع مادي اً ومالي اً في المناطق الحضرية والريفية على السواء، دون تمييز ( ) . ومن الضروري، في هذا الصدد، إتاحة وتيسير الوصول إلى هذه الفرص لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة وكذلك للأشخاص الذين يعيشون في فقر. وتتضمن إمكانية الوصول أيض اً حق كل فرد في طلب وتلقي وتقاسم المعلومات المتعلقة بجميع مظاهر الثقافة باللغة التي يختارها الشخص، ووصول المجتمعات إلى الوسائل الخاصة بأشكال التعبير والنشر؛

(ج) المقبولية تستلزم صياغة وتنفيذ القوانين والسياسات والاستراتيجيات والبرامج والتدابير التي تعتمدها الدولة الطرف لتحقيق التمتع التام بالحقوق الثقافية، بحيث تكون مقبولة من المعنيين من الأفراد والمجتمعات. وفي هذا الصدد، ينبغي إجراء مشاورات مع المعنيين من الأفراد والمجتمعات لضمان أن تحظى تدابير حماية التنوع الثقافي بالقبول منهم؛

(د) القابلية للتكيف تشير إلى مرونة وملاءمة الاستراتيجيات والسياسات والبرامج والتدابير التي تعتمدها الدولة الطرف في أي مجال من مجالات الحياة الثقافية، والتي يجب أن تحترم التنوع الثقافي للأفراد والمجتمعات؛

(ه‍( الملاءمة تشير إلى إعمال حق محدد من حقوق الإنسان بطريقة ملائمة ومناسبة لأسلوب أو سياق ثقافي معين، أي تحترم ثقافة الأفراد والمجتمعات، بمن فيهم الأقليات والشعوب الأصلية، وحقوقهم الثقافية ( ) . وقد أشارت اللجنة في حالات كثيرة إلى فكرة الملاءمة الثقافية (أو المقبولية أو المناسبة الثقافية) في التعليقات العامة السابقة، فيما يتصل على وجه الخصوص بالحقوق في الغذاء والصحة والماء والسكن والتعليم. والطريقة التي يتم بها إعمال الحقوق قد يكون لها أيض اً تأثير في الحياة الثقافية والتنوع الثقافي. وتود اللجنة أن تشدد في هذا الصدد على ضرورة أن تراعى في هذا الصدد، إلى أقصى حد ممكن، القيم الثقافية المرتبطة بجملة أمور من بينها الغذاء والاستهلاك الغذائي، واستعمال المياه، وطريقة تقديم الخدمات الصحية والتعليمية، وطريقة تصميم المساكن وتشييدها.

جيم - القيود على الحق في المشاركة في الحياة الثقافية

17- يرتبط حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية ارتباط اً وثيق اً بالتمتع بالحقوق الأخرى المعترف بها في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان. وبالتالي، فإن الدول الأطراف عليها واجب يتمثل في تنفيذ التزاماتها بموجب الفقرة 1 (أ) من المادة 15، إلى جانب التزاماتها بموجب الأحكام الأخرى المنصوص عليها في العهد والصكوك الدولية، بغية تعزيز وحماية المجموعة الكاملة من حقوق الإنسان المكفولة بموجب القانون الدولي.

18- وتود اللجنة التذكير بأنه بينما يتعين مراعاة الخصوصيات الوطنية والإقليمية والخلفيات التاريخية والثقافية والدينية المختلفة، فإن من واجب الدول، بغض النظر عن نظمها السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية، تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية ( ) . ومن ثم، فإنه لا يجوز لأحد أن يستند إلى التنوع الثقافي لكي ينتهك حقوق الإنسان التي يضمنها القانون الدولي أو لكي يحد من نطاقها ( ) .

19- وقد يلزم ، في بعض الظروف، فرض قيود على حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية، وبصفة خاصة في حالة الممارسات السلبية، بما فيها الممارسات السلبية التي تعزى إلى العادات والتقاليد، التي تنتهك حقوق إنسان أخرى. ويجب أن تكون هذه القيود ذات هدف مشروع، ومتوافقة مع طبيعة هذا الحق، وضرورية تمام اً لتعزيز الرفاه العام في مجتمع ديمقراطي، وفق اً للمادة 4 من العهد. و من ثم يجب أن تكون أي قيود متناسبة، بمعنى أنه يتعين اتخاذ أقل التدابير تقييد اً عندما يجوز فرض عدة أنواع من القيود . وتود اللجنة أيض اً أن تشدد على ضرورة مراعاة ما هو قائم من المعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بالقيود التي يمكن أو لا يمكن فرضها بشكل مشروع على الحقوق المرتبطة ارتباط اً جوهري اً بالحق في المشاركة في الحياة الثقافية، مثل الحقوق في الخصوصية، وفي حرية الفكر والضمير والدين، وفي حرية الرأي والتعبير، وفي التجمع السلمي، وفي حرية تكوين الجمعيات.

20- ولا يجوز تـأوبل الفقرة 1 (أ) من المادة 15 على أنها تنطوي على أي حق لأي دولة أو جماعة أو شخص في مباشرة أي نشاط أو القيام بأي عمل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق والحريات المعترف بها في العهد أو إلى فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها فيه ( ) .

دال - مواضيع خاصة ذات تطبيق واسع

عدم التمييز والمساواة في المعاملة

21- تحظر الفقرة 2 من المادة 2 والمادة 3 من العهد أي تمييز في ممارسة حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب ( ) .

22- وعلى وجه الخصوص، فإنه لا يجوز التمييز ضد أي شخص بسبب اختياره أن ينتمي، أو ألا ينتمي، إلى مجتمع ثقافي معين أو جماعة ثقافية معينة، أو أن يمارس، أو ألا يمارس، نشاط اً ثقافي اً بعينه. وبالمثل، لا يجوز حرمان أي شخص من الممارسات والسلع والخدمات الثقافية.

23- وتشدد اللجنة على أن القضاء على جميع أشكال التمييز من أجل ضمان ممارسة حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية يمكن، في حالات كثيرة، تحقيقه بموارد محدودة ( ) وذلك باعتماد أو تعديل أو إلغاء تشريعات، أو من خلال الدعاية والإعلام. وعلى وجه الخصوص، فإن خطوة أولى ومهمة نحو القضاء على التمييز، سواء كان مباشر اً أم غير مباشر، تتمثل في اعتراف الدول بوجود هويات ثقافية متنوعة للأفراد والجماعات الموجودين على أراضيه . كما تحيل اللجنة الدول الأطراف إلى الفقرة 12 من تعليقها العام رقم 3(1990) بشأن طبيعة التزامات الدول الأطراف، التي تنص على أنه، حتى في أوقات وجود قيود شديدة على الموارد، يمكن، بل ويجب فعل اً، حماية أشد الأفراد و الجماعات حرمان اً وتهميش اً عن طريق اعتماد برامج هادفة منخفضة التكلفة نسبي اً.

24- ولا يشكل اعتماد تدابير مؤقتة وخاصة، لغرض وحيد هو تحقيق المساواة الفعلية، تمييز اً، بشرط ألا تديم هذه التدابير الحماية غير المتساوية أو تشكل نظام اً منفصل اً لحماية أفراد معينين أو مجموعات معينة من الأفراد، وأن يجري إيقافها عندما يتم تحقيق الأهداف التي اتخذت من أجلها.

هاء - الأشخاص والمجتمعات المحتاجون ، إلى حماية خاصة

1- النساء

25- إن ضمان المساواة بين الرجل والمرأة في الحق في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التزام إجباري وفوري بالنسبة للدول الأطراف ( ) . ويتطلب تنفيذ المادة 3 من العهد، بالاقتران مع الفقرة 1 ( أ) من المادة 15، جملة أمور منها القضاء على العوائق المؤسسية والقانونية والعوائق القائمة على أساس الممارسات السلبية، بما في ذلك العوائق التي تعزى إلى العادات والتقاليد، التي تمنع النساء من المشاركة التامة في الحياة الثقافية وتعليم العلوم والبحث العلمي ( ) .

2 - الأطفال

26- يؤدي الأطفال دور اً أساسي اً بوصفهم حملة القيم الثقافية وناقليها من جيل إلي جيل. وينبغي أن تتخذ الدول الأطراف كل الخطوات اللازمة لاستحثاث وتنمية الإمكانات الكاملة للأطفال في مجال الحياة الثقافية، مع إيلاء الاعتبار الواجب لحقوق ومسؤوليات آبائهم والأوصياء عليهم. وعلى وجه الخصوص، فإن الدول، عندما تضع في الاعتبار التزاماتها بموجب العهد وغيره من صكوك حقوق الإنسان بخصوص الحق في التعليم، بما في ذلك فيما يتعلق بأهداف التعليم ( ) ، ينبغي أن تتذكر أن الهدف الأساسي لتطوير التعليم هو نقل وإثراء القيم الثقافية والأخلاقية المشتركة التي يجد فيها الفرد والمجتمع هويتهما وقيمتهما ( ) . وبناء على ذلك، يجب أن يكون التعليم ملائم اً ثقافي اً، وأن يتضمن التثقيف في مجال حقوق الإنسان، وأن يمكن الأطفال من تنمية شخصيتهم وهويتهم الثقافية ومعرفة وفهم القيم والممارسات الثقافية للجماعات التي ينتمون إليها، وكذلك القيم والممارسات الثقافية للجماعات والمجتمعات الأخرى.

27- وتود اللجنة أن تذكر في هذا الصدد بأنه ينبغي أن تحترم البرامج التعليمية للدول الأطراف الخصوصيات الثقافية للأقليات القومية أو الإثنية ، واللغوية والدينية، وللشعوب الأصلية، وأن تدرج في هذه البرامج تاريخ ومعارف وتكنولوجيات هذه الأقليات والشعوب، وكذلك قيمها وطمو ح اتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وينبغي إدراج هذه البرامج في المناهج الدراسية للجميع وليس فقط في المناهج الدراسية للأقليات والشعوب الأصلية. وينبغي أن تتخذ الدول الأطراف التدابير اللازمة وألا تدخر جهد اً لضمان تنفيذ برامج تعليمية للأقليات والشعوب الأصلية بخصوص لغتها أو بلغتها، مع مراعاة الرغبات المعرب عنها من جانب المجتمعات وفي المعايير الدولية لحقوق الإنسان في هذا المجال ( ) . وينبغي أيض اً أن تنقل البرامج التعليمية المعارف اللازمة لتمكين جميع الأفراد من المشاركة التامة وعلى قدم المساواة مع غيرهم في مجتمعاتهم وفي المجتمعات الوطنية.

3 - كبار السن

28- ترى اللجنة أن الدول الأطراف في العهد ملزمة بإيلاء اهتمام خاص لتعزيز وحماية الحقوق الثقافية لكبار السن. وتشدد اللجنة على الدور الهام الذي يواصل كبار السن الاضطلاع به في معظم المجتمعات بفضل قدراتهم الإبداعية والفنية والفكرية، وباعتبارهم ناقلي المعلومات والمعارف والتقاليد والقيم الثقافية. وبالتالي، تولي اللجنة أهمية خاصة للرسالة الواردة في التوصيتين 44 و48 من خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، والتي تدعو إلى تطوير البرامج التعليمية التي تبرز كبار السن باعتبارهم معلمين وناقلين للمعارف والثقافة والقيم الروحية، وتشجع الحكومات والمنظمات الدولية على تسهيل الوصول الفعلي لكبار السن إلى المؤسسات الثقافية (كالمتاحف والمسارح وقاعات الحفلات الموسيقية ودور السينما) ( ) .

29- ولذلك تحث اللجنة الدول الأطراف على مراعاة التوصيات الواردة في مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن، و لا سيما المبدأ 7 ، الذي يقضي بأنه ينبغي أن يظل كبار السن مندمجين في المجتمع، وأن يشاركوا بنشاط في ص ياغة وتنفيذ السياسات التي تؤثر تأثير اً مباشر اً في رفاههم ، وأن يتقاسموا معارفهم ومهاراتهم مع الأجيال الشابة، والمبدأ 16، الذي يقضي بأنه ينبغي أن تتاح لكبار السن إمكانية الاستفادة من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية ( ) .

4 - الأشخاص ذوو الإعاقة

30- تنص الفقرة 17 من القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة على أنه ينبغي للدول أن تكفل للأشخاص ذوي الإعاقة فرصة استغلال قدراتهم الإبداعية والفنية والفكرية، لا لفائدتهم وحدهم فحسب بل أيض اً لإثراء مجتمعهم المحلي، سواء كانوا في مناطق حضرية أم ريفية، وأنه ينبغي للدول أن تعمل على تيسير وصولهم إلى أماكن العروض والخدمات الثقافية وعلى توفير هذه الأماكن ( ) .

31- ولتسير مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة الثقافية، ينبغي للدول الأطراف أن تقر، ضمن أمور أخرى، بحق هؤلاء الأشخاص في التمتع بالمواد الثقافية والبرامج التلفزيونية والأفلام والعروض المسرحية والأنشطة الثقافية الأخرى بأشكال ميسرة؛ وفي الوصول إلى الأماكن المخصصة للعروض أو الخدمات الثقافية، مثل المسارح والمتاحف ودور السينما والمكتبات والخدمات السياحية، وكذلك، قدر الإمكان، إلى المعالم الأثرية والمواقع ذات الأهمية الثقافية الوطنية؛ وفي الاعتراف بهويتهم الثقافية واللغوية الخاصة، بما في ذلك لغة الإشارات وثقافة الصم؛ وفي تشجيع وتعزيز مشاركتهم، قدر الإمكان، في الأنشطة الترويحية والترفيهية والرياضية ( ) .

5- الأقليات

32- إن الفقرة 1(أ) من المادة 15 من العهد تتضمن أيض اً، في رأي اللجنة، حق الأقليات والأشخاص المنتمين إلى أقليات في المشاركة في الحياة الثقافية للمجتمع، وكذلك في صون ثقافتهم وتعزيزها وتنميتها ( ) . ويستتبع هذا الحق التزام الدول الأطراف بالاعتراف بثقافات الأقليات واحترامها وحمايتها باعتبارها عنصر اً أساسي اً في هوية الدول ذاتها. وبالتالي، فإن للأقليات الحق في تنوعها الثقافي وتقاليدها وعاداتها ودينها وأشكال التعليم الخاصة بها ولغاتها ووسائط الاتصال الخاصة بها (الصحافة والإذاعة والتلفزيون والإنترنت) والمظاهر الأخرى لهويتها الثقافية وانتمائها الثقافي.

33- وللأقليات، وكذلك للأشخاص المنتمين إلى أقليات، الحق لا في هويتها فحسب وإنما أيض اً في التنمية في جميع مجالات الحياة الثقافية. ومن ثم، فإن أي برنامج الغرض منه تعزيز الدمج البناء للأقليات والأشخاص المنتمين إلى أقليات في مجتمع دولة طرف ينبغي أن يرتكز على الإدماج والمشاركة وعدم التمييز، بغية الحفاظ على الطابع المميز لثقافات الأقليات.

6 - ال مهاجرون

34- ينبغي أن تولي الدول الأطراف اهتمام اً خاص اً لحماية الهويات الثقافية للمهاجرين، وكذلك لغاتهم ودينهم وفولكلورهم ، وحقهم في عقد لقاءات ثقافية وفنية ولقاءات للحوار بين الثقافات. وينبغي ألا تمنع الدول الأطراف المهاجرين من الاحتفاظ بوشائجهم الثقافية مع بلدانهم الأصلية ( ) .

35- وبالنظر إلى أن التعليم مرتبط ارتباط اً جوهري اً بالثقافة، فإن اللجنة توصي بأن تتخذ الدول الأطراف التدابير الملائمة لتمكين أطفال المهاجرين من الالتحاق، على أساس المساواة في المعاملة، بالمؤسسات والبرامج التعليمية التي تديرها الدولة.

7 - ال شعوب الأصلية

36- ينبغي أن تتخذ الدول الأطراف التدابير اللازمة لضمان أن تنطوي ممارسة الحق في المشاركة على إيلاء الاعتبار الواجب لقيم الحياة الثقافية، التي قد تكون ذات بعد جماعي قوي أو التي لا يمكن أن تعبر عنها الشعوب الأصلية وتتمتع بها إلا بصفتها الجماعية ( ) . والبعد الجماعي القوي للحياة الثقافية للشعوب الأصلية لا غنى عنه لوجودها ورفاهها وتنميتها الكاملة، ويتضمن الحق في الأراضي والأقالي م والموارد التي دأبت على امتلاكها أو شغل ها تقليدي اً، أو التي استخدمتها أو اكتسبتها ( ) . وينبغي النظر باحترام إلى القيم الثقافية للشعوب الأصلية وحقوقها المرتبطة بأراضي أسلافها وعلاقتها مع الطبيعة وحماية هذه القيم والحقوق، بغية منع تدهور نمط حياتها، بما في ذلك سبل عيشها، وفقدان مواردها الطبيعية وكذلك، في خاتمة المطاف، هويتها الثقافية ( ) . ولذلك يجب أن تتخذ الدول الأطراف التدابير اللازمة للاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية في امتلاك أراضيها وأقاليمها ومواردها المشاع وتنميتها والسيطرة عليها واستخدامها ولحماية هذه الحقوق، وأن تتخذ الخطوات اللازمة، حيثما يكون قد جرى السكن فيها أو استخدامها على نحو آخر دون الحصول على موافقة حرة ومستنيرة من هذه الشعوب، لإعادة هذه الأراضي والأقاليم إليها.

37- وللشعوب الأصلية الحق في العمل بشكل جماعي على ضمان احترام حقها في الحفاظ والسيطرة على تراثها الثقافي ومعارفها التقليدية و أشكال تعبيرها الثقافي التقليدية وحمايتها وت نميتها ، وكذلك الأمر بالنسبة لمظاهر علومها وتكنولوجياتها وثقافاتها، بما في ذلك الموارد البشرية والجينية والبذور والأدوية ومعرفة خصائص الحيوانات والنباتات والتقاليد الشفوية والآداب والرسوم والرياضة بأنواعها والألعاب التقليدية والفنون البصرية و ال فنون الاستعراضية ( ) . وينبغي أن تحترم الدول الأطراف مبدأ الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة للشعوب الأصلية في جميع المسائل التي تغطيها حقوقها الخاصة ( ) .

8 - الأشخاص الذين يعيشون في فقر

38- ترى اللجنة أن كل شخص ينعم، أو كل مجموعة من الأشخاص تنعم، بثراء ثقافي متأصل في إنسانيتهما ولذلك يمكنهما تقديم، ومواصلة تقديم، إسهام كبير في تنمية الثقافة. ومع ذلك، يجب أن يوضع في الاعتبار أن الفقر، في الواقع العملي، يحد على نحو خطير من قدرة شخص أو مجموعة من الأشخاص على القيام، على قدم المساواة مع غير الفقراء، بممارسة الحق في المشاركة في جميع مجالات الحياة الثقافية والنفاذ إليها والإسهام فيها، وأنه، وهذا أهم، يؤثر بشكل خطير على آمالهما في المستقبل وقدرتهما على التمتع على نحو فعال بثقافتهما . والموضوع الأساسي المشترك في تجربة الأشخاص الذين يعيشون في فقر هو الشعور بالعجز الذي كثير اً ما يكون نتيجة مترتبة على حالتهم. ومن شأن الوعي بحقوق الإنسان المكفولة لهم، وبصفة خاصة حق كل شخص في المشاركة في الحياة الثقافية، أن يحقق قدر اً كبير اً من التمكين لمن يعيشون في فقر من الأشخاص أو مجموعات الأشخاص ( ) .

39- والثقافة، باعتبارها نتاج اً اجتماعي اً، يجب إتاحتها للجميع، على أساس المساواة وعدم التمييز والمشاركة. ومن ثم، فإنه يجب على الدول الأطراف، عند تنفيذ الالتزامات القانونية المنصوص عليها في الفقرة 1(أ) من المادة 15 من العهد، أن تعتمد، دون إرجاء، تدابير محددة لضمان الحماية الكافية والممارسة الكاملة لحق الأشخاص الذين يعيشون في فقر ومجتمعاتهم في التمتع بالحياة الثقافية والمشاركة فيها. وفي هذا الصدد، تحيل اللجنة الدول الأطراف إلى بيانها بشأن الفقر والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( ) .

هاء - التنوع الثقافي والحق في المشاركة في الحياة الثقافية

40- حماية التنوع الثقافي حتمية أخلاقية لا تنفصل عن احترام كرامة الإنسان. وهي تنطوي ضمن اً على التزام باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتقتضي الإعمال التام للحقوق الثقافية، بما فيها الحق في المشاركة في الحياة الثقافية ( ) .

41- والثقافات ليست لها حدود ثابتة. وقد حققت ظواهر الهجرة والإدماج والاستيعاب والعولمة، أكثر من أي وقت مضى، زيادة توثيق الصلات بين الثقافات والجماعات والأفراد في وقت تحاول فيه كل فئة منها الحفاظ على هويتها.

42- وبالنظر إلى أن للعولمة تأثيرات إيجابية وسلبية، فإنه يجب على الدول الأطراف أن تتخذ خطوات ملائمة لتجنب عواقبها الضارة على الحق في المشاركة في الحياة الثقافية، وبصفة خاصة بالنسبة لأ شد الأفراد و الجماعات حرمان اً وتهميش اً، مثل الأشخاص الذين يعيشون في فقر. والعولمة، البعيدة كل البعد عن أن تكون قد أوجدت ثقافة عالمية واحدة، أظهرت بوضوح أن مفهوم الثقافة ينطوي ضمن اً على التعايش بين الثقافات المختلفة.

43- وينبغي أن تضع الدول الأطراف في اعتبارها أيضاً أن الأنشطة والسلع والخدمات الثقافية لها أبعاد اقتصادية وثقافية، تحمل هويات وقيم ودلالات. ويجب عدم معاملتها على أنها ذات قيمة تجارية فحسب ( ) . وعلى وجه الخصوص، ومع وضع المادة 15(2) من العهد في الاعتبار، ينبغي أن تعتمد الدول الأطراف تدابير لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي ( ) ، وتمكين كل الثقافات من التعبير عن نفسها والتعريف بنفسها ( ) . وفي هذا الصدد، ينبغي إيلاء اهتمام خاص لمعايير حقوق الإنسان، بما فيها الحق في الحصول على المعلومات وفي التعبير، ولضرورة حماية التدفق الحر للأفكار بالكلمة والصورة. ويمكن أن تهدف التدابير أيض اً إلى منع إخراج إشارات ورموز وأشكال تعبير ثقافة معينة من سياقها لغرض وحيد هو تسويقها أو استغلالها من جانب وسائط الإعلام.

ثالثا ً - التزامات الدول الأطراف

ألف - الالتزامات القانونية العامة

44- يفرض العهد على الدول الأطراف الالتزام الفوري بضمان ممارسة الحق المنصوص عليه في الفقرة 1(أ) من المادة 15 دون تمييز، والاعتراف بالممارسات الثقافية وعدم التدخل في التمتع بها وتنميتها ( ) .

45- وبينما ينص العهد على الإعمال "التدريجي" للحقوق المنصوص عليها في أحكامه ويقر بالمشاكل الناشئة عن محدودية الموارد، فإنه يفرض على الدول الأطراف الالتزام المحدد والمستمر باتخاذ تدابير مدروسة وملموسة تهدف إلى الإعمال التام لحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية ( ) .

46- وكما في حالة الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد، فإن من غير المسموح به اتخاذ تدابير تراجعية فيما يتعلق بحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية. وبناء على ذلك فإن الدولة الطرف، إذا اتخذت متعمدة أي تدبير من هذا القبيل، يتعين عليها إثبات أن التدبير اتخذ بعد النظر بعناية في جميع البدائل وأن التدبير المعني له ما يبرره، مع وضع المجموعة الكاملة للحقوق المعترف بها في العهد في الاعتبار ( ) .

47- وبالنظر إلى الترابط الوثيق بين الحقوق المنصوص عليها في المادة 15 من العهد (انظر الفقرة 2 أعلاه)، فإن الإعمال التام لحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية يقتضي أيض اً اتخاذ الخطوات اللازمة لصون العلم والثقافة وتنميتهما وإشاعتهما، وكذلك الخطوات الضرورية لضمان احترام الحرية التي لا غنى عنها للبحث العلمي والنشاط الإبداعي، طبق اً للفقرتين 2 و3، على التوالي، من المادة 15 ( ) .

باء - الالتزامات القانونية المحددة

48- يفرض حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية، مثل الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد، ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات على الدول الأطراف: (أ) لالتزام بالاحترام؛ (ب) الالتزام بالحماية؛ (ج) الالتزام بالوفاء . ويقتضي الالتزام بالاحترام أن تمتنع الدول الأطراف عن التدخل، بشكل مباشر أو غير مباشر، في التمتع بالحق في المشاركة في الحياة الثقافية. ويقتضي الالتزام بالحماية أن تتخذ الدول الأطراف التدابير اللازمة لمنع أطراف ثالثة من التدخل في الحق في المشاركة في الحياة الثقافية. وأخير اً، يقتضي الالتزام بالوفاء أن تتخذ الدول الأطراف تدابير تشريعية وإدارية وقضائية، وتدابير في إطار الميزانية وتدابير تعزيزية ، ملائمة وتدابير أخرى تهدف إلى الإعمال التام للحق المنصوص عليه في الفقرة 1(أ) من المادة 15 من العهد ( ) .

49- ويتضمن الالتزام بالاحترام اعتماد تدابير محددة تهدف إلى تحقيق احترام حق كل فرد، بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين أو داخل مجتمع أو جماعة، في:

(أ) اختيار هويته الثقافية بحرية، والانتماء أو عدم الانتماء إلى مجتمع ما، وضمان احترام اختياره؛

هذا يشمل الحق في عدم التعرض لأي شكل من أشكال التمييز القائم علي الهوية الثقافية، أو الإقصاء، أو الإدماج القسري ( ) ، وحق جميع الأشخاص في التعبير عن هويتهم الثقافية بحرية وممارسة أنشطتهم الثقافية وأسلوب حياتهم. وينبغي بالتالي أن تكفل الدول الأطراف ألا تعوق تشريعاتها التمتع بهذه الحقوق من خلال التمييز المباشر أو غير المباشر.

(ب) التمتع بحرية الرأي، وحرية التعبير باللغة أو اللغات التي يختارها، والحق في طلب وتلقي ونقل المعلومات والأفكار من جميع الأنواع والأشكال، بما فيها الأشكال الفنية، بعض النظر عن الحدود من أي نوع؛

ينطوي هذا على حق جميع الأشخاص في النفاذ إلى، والمشاركة في، العمليات المختلفة لتبادل المعلومات، والوصول إلى السلع والخدمات الثقافية، التي من المفهوم أنها حاملات للهوية والقيم والدلالة ( ) .

(ج) التمتع بحرية الإبداع، بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين أو داخل مجتمع أو جماعة، مما يعني ضمن اً أن الدول الأطراف يجب أن تلغي الرقابة على الأنشطة الثقافية في مجالات الفن وأشكال التعبير الأخرى، إن وجدت؛

هذا الالتزام وثيق الارتباط بواجب الدول الأطراف، بموجب الفقر 3 من المادة 15، المتمثل في "احترام الحرية التي لا غنى عنها للبحث العلمي والنشاط الإبداعي".

(د) الوصول إلى تراثه الثقافي واللغوي وإلى التراث الثقافي واللغوي للآخرين؛

يجب، على وجه الخصوص، أن تحترم الدول حرية وصول الأقليات إلى ثقافتها وتراثها وأشكال تعبيرها الأخرى، وكذلك ممارسة هويتها وأنشطتها الثقافية بحرية. وهذا يتضمن الحق في أن يُعلَّم ثقافته وثقافة الآخرين ( ) . ويجب أن تحترم الدول الأطراف أيض اً حقوق الشعوب الأصلية في ثقافتها وتراثها وفي صون وتعزيز علاقتها الروحية بأراضي أسلافها والموارد الطبيعية الأخرى التي تمتلكها أو تشغلها أو تستخدمها تقليدي اً، والتي لا غنى عنها لحياتها الثقافية.

(ه‍( المشاركة الحرة بطريقة فعالة ومستنيرة، ودون تمييز في أي عملية اتخاذ قرارات مهمة قد تؤثر على أسلوب حياته أو على حقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1(أ) من المادة 15.

50- والالتزامات باحترام وحماية الحريات والتراث الثقافي والتنوع الثقافي تكون مترابطة في حالات كثيرة. وبناء على ذلك، يتعين فهم الالتزام بالحماية على أنه يقتضي من الدول أن تتخذ تدابير لمنع الأطراف الثالثة من التدخل في ممارسة الحقوق المبينة في الفقرة 49 أعلاه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدول ملزمة بما يلي:

(أ) احترام وحماية التراث الثقافي بجميع أشكاله في أوقات الحرب والسلم والكوارث الطبيعية؛

يحب صون التراث الثقافي وتنميته وإثراؤه ونقله إلى الأجيال المقبلة كشاهد على تجارب الإنسان وطموحاته، بغية تشجيع الإبداع بكل تنوعه والحفز على قيام حوار حقيقي بين الثقافات. وتتضمن هذه الالتزامات العناية بالمواقع التاريخية والمعالم الأثرية والأعمال الفنية والأدبية، ضمن غيرها، وصونها وإثراءها وترميمها ( ) .

(ب) احترام وحماية التراث الثقافي لكل الجماعات والمجتمعات، وبصفة خاصة حماية أشد الأفراد والجماعات حرمان اً وتهميش اً، في سياسات وبرامج التنمية الاقتصادية والسياسات والبرامج البيئية؛

ينبغي إيلاء اهتمام خاص للعواقب الضارة للعولمة، والخصخصة التي لا مبرر لها للسلع والخدمات، وإلغاء الضوابط، على الحق في المشاركة في الحياة الثقافية.

(ج) احترام وحماية الإنتاج الثقافي للشعوب الأصلية، بما في ذلك معارفها التقليدية وعلاجاتها الطبيعية وفولكلورها وطقوسها وأشكال تعبيرها الثقافي الأخرى؛

يدخل في ذلك الحماية من الاستغلال غير المشروع وغير العادل لأراضيها وأقاليمها ومواردها من جانب الكيانات التابعة للدولة أو المؤسسات والشركات الخاصة أو عبر الوطنية.

(د) إصدار وإنفاذ تشريعات لحظر التمييز القائم على أساس الهوية الثقافية، وكذلك الدعوة إلى الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية التي تشكل تحريض اً على التمييز أو العداء أو العنف، مع مراعاة أحكام المادتين 19 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 4 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

51- ويمكن تقسيم الالتزام بالوفاء إلى التزام بالتيسير والتزام بالتعزيز والتزام بالتوفير.

52- والدول الأطراف ملزمة بتيسير ممارسة حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية وذلك باتخاذ مجموعة كبيرة من التدابير الإيجابية، بما فيها تدابير مالية، التي من شأنها أن تسهم في إعمال هذا الحق، ومن أمثلتها:

(أ) اعتماد سياسات لحماية وتعزيز التنوع الثقافي، وتيسير الوصول إلى مجموعة خصبة ومتنوعة من التعابير الثقافية، عن طريق وسائل من بينها تدابير تهدف إلى إنشاء ودعم المؤسسات العامة والبنية الأساسية الثقافية اللازمة لتعزيز التنوع من خلال البث الإذاعي والتلفزيوني العام باللغات الإقليمية ولغات الأقليات؛

(ب) اعتماد سياسات تمكن الأشخاص المنتمين إلى مجتمعات ثقافية متنوعة من الانخراط بحرية ودون تمييز في ممارساتهم الثقافية وممارسات غيرهم الثقافية، واختيار أسلوب حياتهم بحرية؛

(ج) تعزيز ممارسة الأقليات الثقافية واللغوية للحق في تكوين الجمعيات بغية تنمية حقوقها الثقافية واللغوية؛

(د) منح مساعدات مالية أو غير مالية للفنانين والمنظمات العامة والخاصة، بما في ذلك أكاديميات العلوم والجمعيات الثقافية والنقابات العمالية وغيرها من المؤسسات والأفراد العاملين في الأنشطة العلمية والإبداعية؛

(ه‍( تشجيع العلماء والفنانين وغيرهم على المشاركة في أنشطة البحث العلمي والثقافي الدولية، كالندوات والمؤتمرات والحلقات الدراسية وحلقات العمل؛

(و) اتخاذ تدابير ملائمة، أو تنفيذ برامج ملائمة، لدعم الأقليات أو الشرائح المجتمعية الأخرى، بما فيها مجتمعات المهاجرين، في جهودها الرامية إلى الحفاظ على ثقافتها؛

(ز) اتخاذ تدابير ملائمة لتصحيح أشكال التمييز الهيكلية بغية ضمان ألا يلحق تدني تمثيل الأشخاص المنتمين إلى مجتمعات معينة في الحياة العامة تأثير اً ضار اً بحقهم في المشاركة في الحياة الثقافية؛

(ح) اتخاذ تدابير ملائمة لتهيئة ظروف مواتية لإقامة علاقة بناءة متعددة الثقافات بين الأفراد والجماعات على أساس الاحترام المتبادل والتفاهم والتسامح؛

(ط) اتخاذ تدابير ملائمة لتنظيم حملات عامة، عن طريق وسائط الإعلام والمؤسسات التعليمية والقنوات المتاحة الأخرى، بغية القضاء على أي شكل من أشكال التحيز ضد الأفراد أو المجتمعات ع لى أساس الهوية الثقافية لهؤلاء الأفراد أو هذه المجتمعات.

53- والالتزام بالتعزيز يقتضي من الدول الأطراف أن تتخذ تدابير فعالة لضمان توفير تعليم وتوعية ملائمين بخصوص الحق في المشاركة في الحياة الثقافية، وبصفة خاصة في المناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة، أو فيما يتعلق بالحالة المحددة للأقليات والشعوب الأصلية، ضمن غيرها من الفئات. ويدخل في ذلك توفير التعليم وإذكاء الوعي بشأن ضرورة احترام التراث الثقافي والتنوع الثقافي.

54- والالتزام بالوفاء يقضي بأنه يجب على الدول الأطراف توفير كل ما يلزم لإعمال الحق في المشاركة الثقافية عندما يكون الأفراد أو المجتمعات غير قادرين، لأسباب خارجة عن سيطرتهم، على إعمال هذا الحق لأنفسهم بالوسائل المتاحة لهم. ويتضمن مستوى الالتزام هذا، على سبيل المثال، ما يلي:

(أ) سن تشريعات ملائمة وإنشاء آليات فعالة تسمح للأشخاص، بمفردهم أو بالاشتراك مع آخرين أو داخل مجتمع أو جماعة، بالمشاركة بفعالية في عمليات اتخاذ القرارات، والمطالبة بحماية حقهم في المشاركة في الحياة الثقافية، والمطالبة بتعويض والحصول عليه إذا انتهكت حقوقهم؛

(ب) وضع برامج تهدف إلى صون واستعادة التراث الثقافي؛

(ج) إدراج التعليم الثقافي على كل مستوى في المناهج الدراسية، بما في ذلك التاريخ والأدب والموسيقي وتاريخ الثقافات الأخرى، بالتشاور مع جميع المعنيين؛

(د) ضمان أن يتيسر للجميع، دون تمييز على أساس الوضع المالي أو أي وضع آخر، دخول المتاحف والمكتبات ودور السينما والمسارح والمشاركة في الأنشطة الثقافية والاستفادة من الخدمات الثقافية وحضور المناسبات الثقافية.

جيم - الالتزامات الأساسية

55- شددت اللجنة، في تعليقها العام رقم 3(1990) ، على أنه يقع على عاتق كل دولة من الدول الأطراف حد أدنى من الالتزام الأساسي بضمان الوفاء ، على أقل تقدير، بالمستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد. ومن ثم، فإن اللجنة ترى، وفق اً للعهد والصكوك الدولية الأخرى التي تتناول حقوق الإنسان وحماية التنوع الثقافي، أن الفقرة 1(أ) من المادة 15 من العهد تستتبع، على الأقل، الالتزام بإيجاد وتعزيز بيئة يستطيع فيها أي شخص، بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين أو داخل مجتمع أو جماعة، أن يشارك في الثقافة التي يختارها، وهو الالتزام الذي يتضمن الالتزامات الأساسية التالية الواجبة التطبيق على الفور:

(أ) اتخاذ خطوات تشريعية وأي خطوات أخرى لازمة لضمان عدم التمييز والمساواة بين الجنسين في التمتع بحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية؛

(ب) احترام حق كل فرد في الارتباط أو عدم الارتباط بمجتمع واحد أو أكثر، وحقه في تغيير اختياره؛

(ج) احترام وحماية حق كل فرد في الانخراط في ممارساته الثقافية، مع احترام حقوق الإنسان وهو ما يستتبع، على وجه الخصوص، احترام حرية الفكر والمعتقد والدين؛ وحرية الرأي والتعبير؛ وحرية كل شخص في استخدام اللغة التي يختارها؛ وحرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي؛ وحرية اختيار وإنشاء المؤسسات التعليمية؛

(د) القضاء على أي حواجز أو عوائق تمنع أو تقيد وصول أي شخص إلى ثقافته أو إلى الثقافات الأخرى، دون تمييز ودون مراعاة الحدود من أي نوع؛

(ه‍( السماح بمشاركة الأشخاص المنتمين إلى جماعات الأقليات أو الشعوب الأصلية أو المجتمعات الأخرى في وضع وتنفيذ القوانين والسياسات التي تؤثر عليهم، والتشجيع على هذه المشاركة. وعلى وجه الخصوص، ينبغي للدول الأطراف أن تحصل على موافقتهم المسبقة الحرة والمستنيرة عندما تكون مواردهم الثقافية، وبصفة خاصة تلك المرتبطة بأسلوب حياتهم، معرضة للخطر.

دال - الالتزامات الدولية

56- تسترعي اللجنة الانتباه، في تعليقها العام رقم 3(1990) ، إلى التزام الدول الأطراف بأن تتخذ خطوات، بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، وبصفة خاصة عن طريق التعاون الاقتصادي والتقني، بغية تحقيق الإعمال التام للحقوق المعترف بها في ال ع هد. وينبغي للدول الأطراف، من منطلق المادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة، وأحكام محددة من أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الفقرة 1 من المادة 2، والمادتان 15 و23)، أن تعترف بالدور الأساسي للتعاون الدول ي في إعمال الحقوق المعترف بها في العهد، بما فيها حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية، وتعزز ذلك الدور، وأن تفي بالتزامها باتخاذ إجراءات مشتركة ومنفصلة تحقيق اً لهذه الغاية.

57- وينبغي أن تكفل الدول الأطراف، عن طريق الاتفاقات الدولية حسب الاقتضاء، أن يحظى إعمال حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية بالاهتمام الواجب ( ) .

58- وتذكر اللجنة بأن التعاون الدولي من أجل التنمية وبالتالي من أجل إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما فيها الحق في المشاركة في الحياة الثقافية، هو التزام يقع على عاتق الدول الأطراف، وبصفة خاصة على عاتق الدول التي تستطيع تقديم مساعدات إلى غيرها في هذا الصدد. ويقع هذا الالتزام وفق اً للمادتين 55 و56 من ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك الفقرة 1 من المادة 2 والمادتين 15 و23 من العهد ( ) .

59- وينبغي للدول الأطراف، في المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية وعند إبرام اتفاقات ثنائية، أن تضمن عدم إعاقة التمتع بالحق المنصوص عليه في الفقرة 1(أ) من المادة 15 من العهد. وعلى سبيل المثال، فإن الاستراتيجيات والبرامج والسياسات التي تعتمدها الدول الأطراف في إطار برامج التكيف الهيكلي ينبغي ألا تخل بالتزاماتها الأساسية فيما يتعلق بحق كل فرد، وبصفة خاصة أشد الأفراد والجماعات حرمان اً وتهميش اً، في المشاركة في الحياة الثقافية ( ) .

رابعا ً - الانتهاكات

60- يجب على الدول الأطراف، لإثبات امتثالها لالتزاماتها العامة والمحددة، أن تبين أنها اتخذت التدابير الملائمة لضمان احترام وحماية الحريات الثقافية، وكذلك الخطوات اللازمة لتحقيق الإعمال التام للحق في المشاركة في الحياة الثقافية، مستخدمة في ذلك أقصى ما هو متاح لها من الموارد. ويجب على الدول الأطراف أيض اً أن تبين أنها كفلت تمتع الرجال والنساء بهذا الحق على قدم المساواة ودون تمييز.

61- وعند تقييم ما إذا كانت الدول الأطراف قد امتثلت لالتزاماتها باتخاذ الإجراءات اللازمة، تبحث اللجنة ما إذا كان التنفيذ معقول اً أو متناسب اً فيما يتعلق بإعمال الحقوق ذات الصلة، ويمتثل لحقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، وما إذا كان موضوع إطار رصد ومساءلة ملائم.

62- والانتهاكات يمكن أن تحدث من خلال فعل مباشر تقوم به دولة طرف أو كيانات أو مؤسسات أخرى غير منظمة تنظيم اً كافي اً من جانب الدولة الطرف، بما فيها، على وجه الخصوص، كيانات أو مؤسسات في القطاع الخاص. وتحدث انتهاكات كثيرة للحق في المشاركة في الحياة الثقافية عندما تمنع الدول الأطراف وصول الأفراد أو المجتمعات إلى الحياة والممارسات والسلع والخدمات الثقافية.

6 3- وتحدث أيض اً انتهاكات للفقرة 1 (أ) من المادة 15 من خلال تقصير الدول الأطراف في اتخاذ التدابير اللازمة للامتثال لالتزاماتها القانونية بموجب هذا الحكم أو عدم قيامها باتخاذ هذه التدابير. وتتضمن الانتهاكات من خلال التقصير في اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق الإعمال التام لحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية، وعدم إنفاذ القوانين ذات الصلة أو عدم توفير سبل الانتصاف الإدارية أو القضائية أو غيرها من السبل الملائمة لتمكين الأشخاص من الممارسة الكاملة للحق في المشاركة في الحياة الثقافية.

64- ويحدث انتهاك أيض اً عندما تتقاعس دولة طرف عن اتخاذ الخطوات اللازمة لمكافحة الممارسات الضارة برفاه شخص أو مجموعة من الأشخاص. وتشكل هذه الممارسات الضارة، بما فيها الممارسات التي تعزى إلى العادات والتقاليد، مثل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث ومزاعم ممارسة السحر، عوائق تحول دون الممارسة الكاملة من جانب الأشخاص المتضررين للحق المنصوص عليه في الفقرة 1(أ) من المادة 15.

65- وأية ت دابير تراجعية متعمدة فيما يتعلق بالحق في المشاركة في الحياة الثقافية تتطلب دراسة متأنية للغاية ويلزم تبريرها تبرير اً تام اً بالإشارة إلى كامل الحقوق المنصوص عليها في العهد وفي سياق الاستخدام الكامل لأقصى ما هو متاح من الموارد.

خامسا ً - التنفيذ على المستوى الوطني

ألف - التشريعات والاستراتيجيات والسياسات

66- في حين أن للدول الأطراف هامش اً تقديري اً واسع اً فيما يتعلق باختيار الخطوات التي ترى أنها أنسب خطوات للإعمال التام للحق، فإنها يجب أن تتخذ فور اً الخطوات المعتزمة لضمان وصول كل فرد، دون تمييز، إلى الحياة الثقافية.

67- ويجب أن تتخذ الدول الأطراف، دون إرجاء، الخطوات اللازمة لضمان الأداء الفوري لما لا يقل عن المضمون الأدنى للالتزامات الأساسية (انظر الفقرة 56 أعلاه). والكثير من هذه الخطوات، مثل الخطوات المعتزمة لضمان عدم التمييز بحكم القانون، لا يتطلب بالضرورة موارد مالية. وفي حين أنه قد تكون هناك خطوات أخرى تتطلب موارد، فإن هذه الخطوات، مع ذلك، ضرورية لضمان تنفيذ هذا ا ل مضمون الأدنى. وهذه الخطوات ليست ساكنة ، والدول الأطراف ملزمة بالتقدم تدريجي اً نحو الإعمال التام للحقوق المعترف بها في العهد وكذلك، بقدر ما يتعلق الأمر بهذا التعليق العام، للحق المنصوص عليه في الفقرة 1(أ) من المادة 15.

68- وتشجع اللجنة الدول الأطراف على الاستفادة إلى أقصى حد ممكن من الموارد الثقافية القيمة التي يمتلكها كل مجتمع وجعلها في متناول كل فرد ، مع إيلاء اهتمام خاص لأشد الأفراد والجماعات حرمان اً وتهميش اً، بغية ضمان أن يتسنى لكل فرد الوصول فعل اً إلى الحياة الثقافية.

69- وتشدد اللجنة على أن التمكين الثقافي الشامل، المستمد من حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية، يشكل وسيلة للحد من التفاوتات كيما يتسنى لكل فرد أن يتمتع، على قدم المساواة مع غيره، بقيم ثقافته داخل مجتمع ديمقراطي.

70- وينبغي للدول الأطراف، عند إعمال الحق المكرس في الفقرة 1(أ) من المادة 15 من العهد، أن تتجاوز نطاق الجوانب المادية للثقافة (مثل المتاحف والمكتبات والمسارح ودور السينما والمعالم الأثرية ومواقع التراث) وتعتمد سياسات وبرامج وتدابير استباقية تعزز أيض اً الوصول الفعلي للجميع إلى السلع الثقافية غير المادية (مثل اللغة والمعارف والتقاليد).

باء - المؤشرات والمعايير

71- ينبغي أن تحدد الدول الأطراف، في استراتيجياتها وسياساتها الوطنية، مؤشرات ومعايير ملائمة، بما في ذلك إحصاءات مفصلة وأطر زمنية تتيح لها أن ترصد على نحو فعال إعمال حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية، وأن تقيم أيض اً التقدم المحرز نحو الإعمال التام لهذا الحق.

جيم - سبل الانتصاف والمساءلة

72- ينبغي أن تنص السياسات والاستراتيجيات التي تعتمدها الدول الأطراف على إنشاء آليات ومؤسسات فعالة، حيثما لا توجد هذه الآليات والمؤسسات، للتحقيق في الانتهاكات المزعومة للفقرة 1(أ) من المادة 15 وبحث هذه الانتهاكات، وتحديد المسؤوليات، وإعلان النتائج، وتوفير سبل الانتصاف الإدارية أو القضائية أو سبل الانتصاف الأخرى الضرورية لتعويض الضحايا.

سادسا ً - ال تزامات الجهات الفاعلة غير الدول

73- في حين أن الامتثال للعهد هو، بصفة رئيسية، مسؤولية الدول الأطراف، فإن جميع أعضاء المجتمع المدني - الأفراد والجماعات والمجتمعات والأقليات والشعوب الأصلية والهيئات الدينية والمنظمات الخاصة وقطاع الأعمال والمجتمع المدني عموم اً - عليهم أيض اً مسؤوليات فيما يتعلق بالتنفيذ الفعال لحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية. وينبغي أن تنظم الدول الأطراف المسؤولية الواقعة على عاتق قطاع الشركات والجهات الفاعلة الأخرى غير التابعة للدولة فيما يتصل باحترام هذا الحق.

74- وتضطلع المجتمعات والجمعيات الثقافية بدور أساسي في تعزيز حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية على الصعيدين المحلي والوطني، وفي التعاون مع الدول الأطراف في تنفيذ التزاماتها بموجب الفقرة 1(أ) من المادة 15.

75- وتلاحظ اللجنة أن الدول الأطراف، بوصفها أعضاء في منظمات دولية مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والمنظمة العالمية للملكية الفكرية ( الويبو ) ومنظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية، عليها التزام باعتماد كل ما يمكنها اعتماده من تدابير لضمان توافق سياسات وقرارات هذه المنظمات في مجال الثقافة وما يتصل بها من مجالات مع التزاماتها بموجب العهد، وبصفة خاصة الالتزامات المنصوص عليها في المادة 15 والفقرة 1 من المادة 2 والمادتين 22 و23 بخصوص المساعدة والتعاون الدوليين.

76- وينبغي لأجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة أن تعتمد، في إطار مجالات اختصاصها ووفق اً لأحكام المادتين 22 و23 من العهد، تدابير دولية من شأنها أن تسهم في التنفيذ التدريجي للفقرة 1(أ) من المادة 15. وعلى وجه الخصوص، فإن اليونسكو والويبو ومنظمة العمل الدولية والفاو ومنظمة الصحة العالمية وغيرها من وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها المعنية مدعوة إلى تكثيف جهودها بغية مراعاة المبادئ والالتزامات الخاصة بحقوق الإنسان في أعمالها المتعلقة بحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية، بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.