اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
البيان المتعلق بأهمية وملاء مة الحق في التنمية، المعتمد بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لإعلان الحق في التنمية *
1- يصادف عام 2011 الذكرى الخامسة والعشرين لإعلان الحق في التنمية (الإعلان) الذي اعتمدته الجمعية الع امة في 4 كانون الأول/ديسمبر 1986 ( ) . واحتفالاً بهذه المناسبة، تود اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (اللجنة) أن تؤكد على العلاقة الوثيقة والتكامل القائم بين العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (العهد) و الإعلان.
2- وتذكّر اللجنة أن ميثاق الأمم المتحدة يُلزم الدول باتخاذ إجراءات، على نحو فردي ومشترك، بغية تعزيز واحترام حقوق الإنسان والنهوض بالتقدم الاقتصادي والاجتماعي. وتنص المادة 55 على أن تعزيز فرص العمل والتنمية على أكمل وجه جزء لا يتجزأ من هذه الجهود ( ) . وفي عام 1948، اعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الذي تنص مواده من 22 إلى 27 على حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية مختلفة، لا سيما الحق في العمل، والحق في الضمان الاجتماعي، والحق في مستوى معيشي لائق، يشمل الحق في الغذاء والسكن والصحة والتعليم، والحق في التمتع بالحياة الثقافية والمشاركة فيها بحرية. ومن ثم جاء العهد في عام 1966 ليكرس هذه الحقوق ويفصلها . و قد ألهمت المواد الموضوعية من 1 إلى 15 الواردة في العهد عناصر أساسية عدّة من الحق في التنمية وشكلت معالمها .
3- وعلى الرغم من إدراج المكونات الأساسية للحق في التنمية في العهد، فقد واجه تنفيذ الحق في التنمية عقبات هيكلية كثيرة. وتقرّ المادة 28 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بما يلي " لكل فرد الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققاً تاما ً . واستجابت الجمعية العامة في المقام ال أول للاحتياجات والشواغل الخاصة با لدو ل النامية، فاعتمدت في عام 1986 لإعلان ا لحق في التنمية، وأعربت عن قلقها إزاء وجود عقبات جسيمة تعرقل مسيرة ال تنمية وتحول دون تحقيق الازدهار الكامل للبشر والشعوب، ومنشأ هذه ا لعقبات، في جملة أمور، إنكار الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . كما اعتبرت أن جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية مترابطة ويكمل بعضها بعضاً . ويؤكد الإعلان أن تعزيز التنمية يقتضي إيلاء الاهتمام على قدم المساواة لإعمال الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعزيزها وحمايتها ومراعاتها بصو رة عاجلة؛ وبالتالي لا يمكن أن يبرر تعزيز بعض حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها والتمتع بها إنكار غيرها من حقوق الإنسان والحريات الأساسية .
4- ويسلط الإعلان الضوء أيضاً على أن التنمية عملية متعددة الأوجه وقائمة على المشاركة. ولا سيما أنّ الإعلان يعترف بأن التنمية عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة، تهدف إلى النهوض المستمر برفاه جميع السكان وكل الأفراد على أساس مشاركتهم النشطة والحرة والهادفة في التنمية وفي التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها. علاوةً على ذلك، يقرر الإعلان أن الحق في التنمية هو حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف يحق بموجبه لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والإسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية التي يمكن من خلالها إعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالاً تاماً .
5- ويتضح التكامل بين الحقوق المنصوص عليها في العهد والحق في التنمية الوارد في الإعلان من خلال أمور تشمل التطابق بين المادتين 3 و4 من إعلان الحق في التنمية المتصلتين بالمسؤوليات الوطنية والدولية و المادة 2 من العهد المتعلقة بالتزامات الدول الأطراف، بما فيها واجب تقديم المساعدة والتعاون الدوليين، كما يتضح من خلال التطابق بين أحكام الفقرة 1 من المادة 8 من ال إعلان و أحكام العهد ذات الصلة، ومنها مثلاً الأحكام المتعلقة بضمان تمكين وتفعيل مشاركة المرأة والمحرومين والمهمشين من الأفراد والفئات، والعمل، والموارد الأساسية والتوزيع العادل للدخل، والقضاء على الفقر، وتوفير مستوى معيشي لائق، بما يشمل الغذاء والسكن والخدمات الصحية والتعليم والتمتع بالحياة الثقافية.
6- واعتمدت اللجنة، وفقاً لولايتها ( ) ، تعليقات عامة وبيانات عدّة لا تكمل جوهر الحق في التنمية فحسب، بل تشير أيضاً إلى س ُ ب ُل و وسائل إعمال العناصر الأساسية المتعلقة بالحق في التنمية. ويشمل ذلك التعليق العام رقم 3(1990) بشأن التزامات الدول الأطراف وبياني اللجنة بشأن العولمة (15 أيار/مايو 1998) ( ) والفقر (4 أيار/مايو 2001) ( ) ، والأهداف الإنمائية للألفية (أيلول/سبتمبر 2010) ( ) . بالإضافة إلى ذلك، تذكّر اللجنة دائماً في حوارها مع الدول الأطراف بالتزام الدول المتقدمة بتخصيص 0.7 في المائة على الأقل من ناتجها القومي الإجمالي، للمساعدات ال إنمائية ال رسمية ( ) ، والواجب المفروض على جميع الدول با لتعاون في مجال تعزيز التنمية واحترام حقوق الإنسان والحقوق الأساسية كافة ، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة. وتعتبر اللجنة أنّ إعمال الحق في التنمية ، من خلال التطبيق المنهجي للمبادئ الأساسية للمساواة وعدم التمييز والمشاركة والشفافية والمساءلة، على الصعيدين الوطني والدولي، م ن شأنه أن يرسي إطاراً محدداً ينفذ من خلاله واجب تقديم التعاون والمساعدة الدوليين.
7- وإذ تسلم اللجنة بال ت رابط والت آزر بين العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتص ادية والاجتماعية والثقافية و إعلان الحق في التنمية ، وإذ تؤكد هذا الترابط والتآزر من جديد، فإنها تعرب عن تصميمها على أن تتابع رصد تنفيذ جميع الحقوق المحمية والواردة في العهد، وأن تسهم في الآن ذاته في إعمال العناصر المتصلة بالحق في التنمية إعمالاً تاماً. وبذلك، فإن اللجنة ، في سياق نظرها في تقارير الدول الأطراف وحوارها معها، ستواصل تناول مسائل القضاء على الفقر و التخلف ، وتهيئة الظروف اللازمة من أجل تحقيق ال تقدم الاقتصادي والاجتماعي والتنمية للجميع، بمَن فيهم المحرومون والمهمشون من الأفراد والفئات.