الأمم المتحدة

A/HRC/41/53

الجمعية العامة

Distr.: General

16 May 2019

Arabic

Original: English

مجلس حقوق الإنسان

الدورة الحادية والأربعون

24 حزيران/ يونيه - 12 تموز/يوليه 2019

البند ٤ من جدول الأعمال

حالات حقوق الإنسان التي تتطلب اهتمام المجلس بها

حالة حقوق الإنسان في إريتريا

تقرير المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا *

موجز

يُقدَّم هذا التقرير عملاً بقرار مجلس حقوق الإنسان ٣٨/١٥، الذي قرَّر فيه المجلس تمديد ولاية المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا لمدة سنة واحدة، وطلب إلى المكلفة بالولاية أن تقدم تقريراً خطياً إلى المجلس في دورته الحادية والأربعين.

وخلال الفترة قيد الاستعراض، لم يُسمح للمقررة الخاصة بدخول إريتريا في إطار زيارات قطرية. فرصدت حالة حقوق الإنسان في البلد عن طريق تنظيم بعثات ميدانية إلى بلدان أخرى والعمل مع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة. ورحَّبت المقررة الخاصة بالفرصة التي أتيحت لها لعقد اجتماع مع وفد إريتريا على هامش الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان في آذار/مارس ٢٠١٩، ولكنها تشير إلى أن الحكومة ما زالت تمانع في التعاون معها في إطار ولايتها بشأن المسائل الموضوعية وفي السماح لها بدخول البلد.

ومنذ توقيع الإعلان المشترك للسلام والصداقة بين إريتريا وإثيوبيا في تموز/يوليه ٢٠١٨، استمر البَلَدَان في إحراز تقدم يمهد للتوصل إلى السلام المستدام. وحسَّنت إريتريا أيضاً علاقاتها مع جيرانها في المنطقة، وشاركت في جهود تعزيز التكامل والروابط الاقتصادية في شرق أفريقيا، وأظهرت استعداداً أكبر لتطبيع العلاقات الثنائية مع مختلف البلدان. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨، رفع مجلس الأمن العقوبات المفروضة على إريتريا.

وولدت القوة الإيجابية الدافعة لإحلال السلام والأمن في المنطقة الأمل في إريتريا وفي أوساط المجتمع الدولي في أن تنفذ حكومة إريتريا إصلاحات سياسية ومؤسسية. غير أن السلطات الإريترية لم تشرع بعد في عملية الإصلاحات المحلية ولم تشهد حالة حقوق الإنسان أي تغيير حتى الآن. وتحدد المقررة الخاصة، في هذا التقرير، المجالات الرئيسية التي لم تعالج بعد، وتعرض معايير لإحراز تقدمٍ ذي معنى ودائم في مجال حقوق الإنسان.

أولاً- مقدمة

١- يُقدَّمُ هذا التقرير عملاً بقرار مجلس حقوق الإنسان ٣٨/١٥، الذي قرر فيه المجلس تمديد ولاية المقررة الخاصة لمدة سنة واحدة، وطلب إلى المكلفة بالولاية أن تقدم تقريراً خطياً إلى المجلس في دورته الحادية والأربعين.

٢- وقد سعت المقررة الخاصة، منذ تعيينها في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٨، إلى تنفيذ ولايتها باستقلالية وحياد وبأسلوب بناء. وهي تقدم في هذا التقرير، معلومات عن الأنشطة التي اضطلعت بها. وتشير أيضاً إلى التطورات الإقليمية ذات الصلة، وتبين مدى تعاون حكومة إريتريا معها في إطار ولايتها ومشاركتها مع الهيئات الدولية لحقوق الإنسان. وتقدم لمحة عامة عن حالة حقوق الإنسان في إريتريا، مع التركيز على المجالات ذات الأولوية، ومعايير تحسين حالة حقوق الإنسان في إريتريا. ويغطي هذا التقرير الفترة من ١ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨ إلى ٦ أيار/مايو ٢٠١٩.

٣- وخلال الفترة قيد الاستعراض، لم يُسمح للمقررة الخاصة بدخول إريتريا في إطار زيارات قطرية. فرصدت حالة حقوق الإنسان في البلد عن طريق تنظيم بعثات ميدانية إلى عدد من البلدان الأخرى والعمل مع طائفة واسعة من أصحاب المصلحة، بما في ذلك مع مسؤولين في حكومة إريتريا في جنيف، وممثلي الأمم المتحدة وغيرها من الوكالات، وأعضاء السلك الدبلوماسي والوكالات الحكومية والوزارات في بلدان مختلفة، ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميين والباحثين وقادة المجتمعات المحلية، وممثلي المؤسسات الدينية، وأفراد الشتات الإريتري والمواطنين العاديين. ويستند هذا التقرير إلى نتائج البعثات التي نظمتها فضلاً عن استناده إلى المعلومات المستقاة من مقابلات أجريت خلال الفترة المشمولة بالتقرير.

ثانياً- الأنشطة

٤- منذ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨، نظمت المقررة الخاصة أربع بعثات. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨، سافرت إلى جنيف للمشاركة في نشاط لمدة أسبوع واحد نظمته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان لعقد دورة توجيهية للمكلفين الجدد بولايات في إطار الإجراءات الخاصة. وعقب هذا النشاط بأسبوع، قابلت أيضاً أعضاء في السلك الدبلوماسي، وممثلين لمختلف وكالات الأمم المتحدة وأفراد من الشتات ا لإريتري. وفي كانون الثاني/يناير ٢٠١٩، سافرت المقررة الخاصة إلى السويد والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية للمشاركة في مجموعة كبيرة من الاجتماعات والمشاورات بشأن قضايا لها صلة بولايتها. وفي آذار/مارس ٢٠١٩، شاركت المقررة الخاصة في جلسة التحاور المعززة بشأن حالة حقوق الإنسان في إريتريا التي عقدت خلال الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان. وخلال هذه البعثة، شاركت أيضاً في اجتماعات ثنائية مع أعضاء في السلك الدبلوماسي وفي اجتماعات مع ممثلي مختلف الوكالات الدولية ومنظمات المجتمع المدني. وفي مطلع نيسان/أبريل ٢٠١٩، سافرت المقررة الخاصة إلى ألمانيا وبلجيكا لمقابلة مختلف أصحاب المصلحة ومناقشة حالة حقوق الإنسان في إريتريا وحماية اللاجئين.

٥- وتعرب المقررة الخاصة عن تقديرها لجهود التعاون التي بذلتها حكومات بلجيكا وألمانيا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة خلال زياراتها.

٦- ونظراً لعدم تمكن المقررة الخاصة من دخول إريتريا، ق دمت طلباً إلى حكومة إثيوبيا، في ٢٥ كانون الثاني/يناير ٢٠١٩، لتنظيم زيارة قطرية بهدف زيارة المنطقة ومناقشة القضايا المتصلة بولايتها مع مسؤولي حكومة إثيوبيا ومسؤولي حكومة إريتريا في أديس أبابا وممثلين عن الاتحاد الأفريقي في جملة جهات أخرى. ولم تقدم حكومة إثيوبيا بعد ردا ً رسميا ً على هذا الطلب.

ثالثاً- التطورات المستجدة على الصعيد الإقليمي

٧- شهدت الفترة المشمولة بالتقرير وقوع تطورات هامة في القرن الأفريقي. ومنذ توقيع الإعلان المشترك للسلام والصداقة بين إريتريا وإثيوبيا في تموز/يوليه ٢٠١٨، استمر البلدان في العمل على تحسين علاقاتهما الدبلوماسية، وعزَّزا جهودهما الرامية إلى تحقيق السلام المستدام ( ) . وحسنت إريتريا علاقاتها أيضاً مع جيبوتي والصومال، وشارك مسؤولون إريتريون في الجهود الرامية إلى تحفيز التكامل الإقليمي وزيادة الروابط الاقتصادية في منطقة شرق أفريقيا الأوسع. وأظهرت حكومة إريتريا استعداداً أكبر لتطبيع علاقاتها الثنائية مع عدد من البلدان الأخرى. وقد زار أسمرة في الأشهر الأخيرة، مندوبون ومبعوثون ودبلوماسيون وبرلمانيون رفيعو المستوى من بلدان شتى. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨، صوَّت مجلس الأمن بالإجماع على رفع العقوبات المفروضة على إريتريا ( ) اعترافاً منه بهذه التطورات الإيجابية. وفي آذار/مارس ٢٠١٩، عيَّن الأمين العام مبعوثاً خاصاً للقرن الأفريقي لكي يعمل مع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية المعنية من أجل تثبيت المكاسب التي تحققت مؤخ راً في مجال السلام والأمن (S/2019/227وS/2018/955) ( ) .

٨- وبعد توقيع الإعلان المشترك المذكور أعلاه، استؤنفت حركة النقل الجوي والبري بين إريتريا وإثيوبيا مما أتاح تنقل الأشخاص والبضائع بحرية. وأسفر هذا التطور عن فرص تجارية جديدة وتبادلات اقتصادية، مما جعل الحصول على الأغذية الأساسية واللوازم المنزلية أيسر منالاً في المدن الرئيسية في إريتريا، فانخفضت بذلك، أسعار هذه المواد. وعلى الصعيد الشعبي، بات بإمكان المجتمعات المحلية والأسر التي تعيش على جانبي الحدود التواصل فيما بينها من جديد. ولكن السلطات الإريترية انفردت، منذ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٨، بقرار إغلاق معابر حدودية برية مختلفة تربط بينها وبين إثيوبيا ( ) وأعادت فرض شرط الحصول على تأشيرة الخروج على المواطنين الإريتريين.

٩- ويمثل هذا المناخ السياسي الجديد فترة حاسمة بالنسبة للمنطقة ولإريتريا بوجه خاص، ولكن ثمة مسائل كثيرة عالقة. وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، كانت عملية السلام بين إريتريا وإثيوبيا تنتظر إضفاء الطابع المؤسسي عليها من خلال اعتماد إطار ثنائي رسمي. وبالإضافة إلى ذلك، لم تُبرم بعدُ اتفاقات ثنائية تنظم التجارة والتعريفات والعملات. ومن المهم الإشارة إلى أن كلا البلدين لم يُخططا حتى الآن، الحدود رسمياً ويسويا نزاعهما الحدودي الذي طال أمده ( ) .

١٠- وهناك أيضاً توتر لم يحل حتى الآن، بين جيبوتي وإريتريا بسبب نشوب نزاع حدودي بينهما في عام ٢٠٠٨. وبالإضافة إلى ذلك، لم تُفرِج إريتريا بعدُ عن معلومات تتعلق بأسرى الحرب الجيبوتيين الذين لا يُعرف مصيرهم منذ الاشتباكات التي نشبت بين البلدين في حزيران/يونيه ٢٠٠٨ ( ) . وبعد أن رفع مجلس الأمن العقوبات المفروضة على إريتريا في تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨، دعا الأمين العام إلى أن يطلع المجلس بانتظام على ما يستجد بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين ( ) . وفي شباط/فبراير ٢٠١٩، أفاد الأمين العام بأن جيبوتي ترغب في أن يُحلّ نزاعها الحدودي مع إريتريا عن طريق تحكيم دولي ملزم (S/2019/154).

رابعاً- التعاون مع المقررة الخاصة والمشاركة مع الهيئات الدولية لحقوق الإنسان

١١- سعت المقررة الخاصة منذ بداية ولايتها، إلى إجراء حوار بنَّاء مع حكومة إريتريا. ورحبت المقررة الخاصة بالفرصة التي أتيحت لها لعقد اجتماع وفد إريتريا على هامش الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان. وقد كان هذا الاجتماع كان مثمراً، غير أن رئيس الوفد أوضح أن حكومة إريتريا لا تزال تعترض على الولاية القطرية الخاصة ولن تسمح للمقررة الخاصة بدخول البلد. وتأسف المقررة الخاصة لأن الحكومة أظهرت بوادر تشي بالتعاون ولكنها لا تنوي السماح لها بتنظيم زيارة قطرية.

١٢- ومنذ بداية عام ٢٠١٩، شاركت إريتريا بنشاط مع هيئات حقوق الإنسان الدولية. وفي ٢٨ كانون الثاني/يناير، شاركت إريتريا في الدورة الثالثة من الاستعراض الدوري الشامل، وقدمت تقريرا ً قطريا ً (A/HRC/WG.6/32/ERI/1) ( ) . وفي كانون الثاني/يناير أيضاً، انضمت إريتريا إلى مجلس حقوق الإنسان، في آذار/مارس وشاركت في الدورة الأربعين للمجلس. وفي ١١ آذار/مارس، تدخل رئيس وفد إريتريا أثناء جلسة التحاور ال معززة بشأن حالة حقوق الإنسان في إريتريا التي عقدها المجلس. وفي ١٢ و١٣ آذار/مارس، شارك ذلك الوفد في الدورة ١٢٥ للجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي بحثت فيها حالة الحقوق المدنية والسياسية في إريتريا (CCPR/C/ERI/CO/1).

١٣- وترحب المقررة الخاصة بتلك التطورات لأنها توحي بأن إريتريا تُسلِّم بالدور المحوري لهيئات حقوق الإنسان المذكورة أعلاه وبمهمتها الأساسية، وتُدرك أهمية المشاركة في تلك المحافل. ولكن ينبغي لها أن تجري تحسينات ملموسة فيما يتعلق بتمتع المواطنين الإريتريين بحقوقهم الأساسية، ولاسيما بحقوقهم المدنية والسياسية، لكي تكون مشاركتها مشاركة ذات معنى وحقيقية. وكما أُشير في الفقرات ١٦ - ٦٣ أدناه، فإن الضرورة تقتضي اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي للانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في البلد.

١٤- ولتشجيع التقدم في إعداد برنامج حقوق الإنسان في إريتريا وتنفيذ هذا البرنامج، تشجع المقررة الخاصة الحكومة على تعزيز تعاونها مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان وهيئات حقوق الإنسان المتخصصة، بما في ذلك عن طريق السماح بالزيارات القطرية المنتظمة. وتشجع المقررة الخاصة الحكومة أيضاً على تعزيز تعاونها مع اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب وعلى دعوة مقرر اللجنة المعني بإريتريا للقيام بزيارة قطرية.

١٥- ويجب على إريتريا، بوصفها من أعضاء مجلس حقوق الإنسان، أن تتقيد بأعلى المعايير في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ويجب أن تتعاون تعاونا ً كاملا ً مع المجلس وآلياته. وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تكن إريتريا قد وقعت بعدُ على التعهد الذي يلتزم بموجبه الأعضاء ال جدد بتعزيز عمل المجلس من خلال الممارسات الجيدة، والتشجيع على تهيئة بيئة آمنة ومواتية للحقوق الإنسان .

خامساً- التحديات الرئيسية لحقوق الإنسان

١٦- رحبت المقررة الخاصة بالتطورات الإيجابية التي تقدَّم ذكرُها، ولكنها لا تزال تشعر بالقلق إزاء استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في إريتريا، وتسلط الضوء على المجالات ذات الأولوية التالية، وهي مجالات لم تعالج بعد وتتطلب إصلاحات وإجرا ءات حكومية عاجلة:

(أ) وضع حد للممارسات المتمثلة في الاحتجاز لأجل غير محدد والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري؛

(ب) إصلاح نظام الخدمة الوطنية/العسكرية؛

(ج) تطبيق إطار دستوري وقانوني من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها؛

(د) تعزيز احترام حرية الدين والمعتقد؛

(ه) التصدي للعنف الجنساني، وتعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين؛

(و) تعزيز احترام حقوق الأقليات الإثنية؛

(ز) تعزيز حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي؛

(ح) تعزيز حرية التعبير والصحافة؛

(ط) تسوية وضع أسرى الحرب الجيبوتيين في إريتريا؛

(ي) زيادة حرية الوكالات الدولية العاملة في البلد في التنقل والوصول.

وتحيط المقررة الخاصة علماً بالملاحظات التي قدمتها البعثة الدائمة لإريتريا لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف بشأن هذا التقرير في رسالة مؤرخة ٣ أيار/مايو ٢٠١٩. وذكرت البعثة الدائمة في هذه الرسالة أن التقرير غير متوازن ولا يعترف بما أحرزته إريتريا من تقدم ظاهر وواجهته من تحديات حقيقية، وأنه يكرر افتراضات من سبقوا من المكلفين بولايات، وأنه استند إلى معلومات انتقائية عززت تلك الافتراضات، وأنه تضمَّن توصيات تتعارض مع مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وفي حقوقها السيادية من خلال إملاء أولويات ومعايير محددة عليها. وأكدت البعثة الدائمة أن حكومة إريتريا واصلت العمل من أجل بناء القدرات البشرية والمؤسسية اللازمة لضمان تمتع جميع الإريتريين بحياة كريمة بلا حرمان ولا خوف. وتعرب المقررة الخاصة عن تقديرها لهذه الملاحظات ولكنها تشير إلى أن البعثة الدائمة لم تعالج المسائل الموضوعية التي أثيرت في هذا التقرير.

ألف- وضع حد للممارسات المتمثلة في الاحتجاز لأجل غير محدد والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري

١٧- تشعر المقررة الخاصة بالقلق إزاء ورود تقارير عن وقوع حالات الاعتقال التعسفي والاحتجاز لأجل غير محدد والوفاة أثناء الاحتجاز والاختفاء القسري في إريتريا. وتفيد بأن إريتريا لا تزال تحتجز السجناء السياسيين وسجناء الرأي. وتشعر المقررة الخاصة بالقلق إزاء استمرار احتجاز الأشخاص مع منع اتصالهم بالخارج واحتجازهم لأجل غير محدد، وهو ما يشكل انتهاكًا لحقوقهم الأساسية في مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك حقوق الشخص في إبلاغه بالتهم الموجهة ضده، والمثول سريعاً أمام قاض، وإجراء مراجعة قضائية لاحتجازه، والاستعانة بمحام، والحصول على الرعاية الطبية وحقه في الزيارات العائلية. ومن السمات المشتركة بين هذه الحالات، تعذُّر وصول الضحايا وأسرهم إلى سبيل انتصاف قانوني فعال. ولا تزال هذه الانتهاكات ترتكب من دون أن يلقى مرتكبوها عقابهم، على الرغم من النداءات المتكررة التي وجهتها مختلف هيئات الأمم المتحدة وآلياتها ودعت فيها إلى احترام الإجراءات القانونية الواجبة والمساءلة من (مثلCCPR/C/ERI/CO/1الفقرتان 27-28؛ قرار مجلس حقوق الإنسان ٣٨/١٥، الفقرة 6؛ وA/HRC/35/39، الفقرة 78؛ وA/HRC/32/47، الفقرة 122)، وعلى الرغم من التوصيات المحددة التي قدمتها الدول الأعضاء أثناء الدورة الثانية للاستعراض الدوري الشامل (A/HRC/26/13، الفقرات 122-134 - 122-137، 122-139 - 122-140، 122-142 و122-144 - 122-150). وقد أعربت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب عن قلقها أيضاً، أثناء انعقاد دورتها العادية الثالثة والستين، التي عقدت في أواخر عام ٢٠١٨، إزاء عدم توفر المعلومات عن مدى توفر مجموعة من الضمانات الأساسية للأشخاص المحتجزين في إريتريا ( ) .

١٨- وتتعارض ممارسة الاحتجاز لأجل غير محدد والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري مع الالتزامات الملزمة للحكومة والواردة في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ( ) ، وهي لا تتوافق مع ما أعلنته عن اعتزامها العمل بجد من أجل تعزيز احترام حقوق الإنسان.

١٩- وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، تلقت المقررة الخاصة إفادات عديدة أدلى بها إريتريون يبحثون عن أشخاص مسجونين في إريتريا. ومن الصعب أن يُحدَّد على وجه الدقة، عدد الأشخاص الذين احتجزوا تعسفاً أو دون سند قانوني. فالسلطات لا تذيع المعلومات المتعلقة بالمحتجزين. ومن الصعب أيضاً تحديد عدد مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، المدنية والعسكرية، التي تُستخدم حالياً. ولا يسمح للمنظمات الإنسانية المستقلة، بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالوصول إلى مراكز الاحتجاز لرصد ظروف الاحتجاز.

٢٠- وقد اعتُقل بعض الأشخاص المسجونين وهم في عمر صغير. ومن هذه الحالات، حالة سهام علي عبده، وهي مواطنة إريترية وأمريكية، ولدت في الولايات المتحدة وتعرضت للاحتجاز مع منع الاتصال بالخارج لمدة تزيد عن ست سنوات. وكان عمرها ١٥ عاماً عندما اعتُقِلت بتهمة محاولة مغادرة إريتريا بدون تأشيرة خروج في كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢. وفرَّ والدها علي عبدو أحمد، وهو وزير الإعلام السابق، من البلد في أواخر عام ٢٠١٢. ولا تزال سهام، التي بلغت الآن، عامها الـ ٢٢ عاماً ، تقبع في السجن في مكان مجهول من دون أن يوجه إليها الاتهام أو تحاكم.

٢١- ولا يزال هناك حتى الآن، عددٌ من الأشخاص الذين يعدُّون من المعارضين السياسيين قيد الاحتجاز لأجل غير محدد. ومن الحالات الرمزية، حالة ١١ مسؤولاً من كبار المسؤولين في الحكومة سابقاً يعرفون باسم مجموعة الـ 15، ولا يُعرف مكان وجودهم منذ أن اعتقلوا في أيلول/سبتمبر ٢٠٠١. ومن الحالات الأقرب عهداً، حالة بيرهان أبرهة، وزير المالية السابق، الذي اعتقل في أسمرة في أيلول/سبتمبر ٢٠١٨ بعد نشره كتاباً انتقد فيه الحكومة. وهو في الرابعة والسبعين من العمر ويقال إنه في حالة صحية سيئة. وقد اعتقلت زوجته، ألمز هبتي ماريم، البالغة من العمر 60 عاماً ، في أسمرة في كانون الثاني/يناير ٢٠١٨ بعد أن غادر أحد أفراد الأسرة البلد بدون إذن الحكومة. وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، كان كلاهما لا يزال قيد الاحتجاز من دون أن يوجه إليهما الاتهام، ولم تذع السلطات معلومات عن مكان احتجازهما. وتنظر اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب حالياً في حالة بيرهان أبرهة، وقد أصدرت تدابير مؤقتة بشأن احتجازه في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٨، ولم تمتثل السلطات الإريترية لهذه التدابير.

٢٢- وهناك عدد لا يحصى من الأشخاص الذين اختفى أثرهم منذ أن اعتقلتهم قوات الأمن. وخلَّف العديد منهم وراءهم أقارب ما زالوا يعانون من صدمة عاطفية كبيرة ولا يقوون على طي الصفحة. وكمثال على ذلك، تكلبرهان غبريساديك (المعروف أيضاً باسم ودي باشاي) وولدمريم بهلبي، اللذان اعتقلتهما قوات الأمن الإريترية في السودان، حسبما قيل، واقتادتهما إلى إريتريا في نيسان/أبريل 1992، ولم يرهما أحدٌ منذ ذلك الحين. وكان كلاهما آنذاك، عضوان في جبهة التحرير الإريترية - المجلس الثوري. ويبحث أفراد أسرتهما عنهما في إريتريا منذ سنوات عديدة، من دون جدوى. وفي قضية أخرى، لا يزال أفراد أسرة شقيقين، كانا في ٢٠ و٢٢ من العمر عندما اعتقلا، ينتظرون الحصول على معلومات عن مكان وجودهما منذ أن اعتقلتهما قوات الأمن قبل ١٨ عاماً خلت. وقد أُخذ أحد الشقيقين من منزل أسرته في أسمرة بينما أُخذ الشقيق الثاني من معسكر ساوا للتدريب العسكري. واعتقل أحمد شيخ فرس في مدينة مصوع في أيار/مايو ٢٠٠٧ وكان عمره ٨٠ عاماً ، وتوفي في السجن بعد ذلك بثلاث سنوات. وحتى الآن، لم تتلق أسرته أي معلومات عن أسباب اعتقاله وظروف وفاته بعد ذلك أو عن مكان دفنه. ولا تزال أسرٌ أخرى عديدة تنتظر أن تذيع السلطات معلومات عن مصير أحبائها ومكان وجودهم، وعن المسؤولين عن اختفائهم لمساءلتهم.

٢٣- وتحث المقررة الخاصة حكومة إريتريا على الامتثال لالتزاماتها الدولية بالكامل ووضع حد للجوء إلى الاحتجاز لأجل غير محدد والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري. وتدعو الحكومة إلى القيام بما يلي، على الأقل:

(أ) تقديم معلومات للأقارب عن مكان وجود ضحايا الاحتجاز التعسفي والاحتجاز لأجل غير محدد؛

(ب) الإفراج فوراً عن السجناء السياسيين وسجناء الرأي؛

(ج) توفير الضمانات القانونية وسبل الانتصاف القانوني الفعال للأشخاص المحتجزين؛

(د) السماح للسجناء بالاتصال بأفراد أسرهم وبزيارة أسرهم لهم بانتظام؛

(ه) اعتماد قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) وتطبيق هذه القواعد ( ) ؛

(و) إجراء تحقيقات فورية ونزيهة في حالات الاختفاء القسري، ومحاسبة الجناة؛

(ز) ضمان إطلاع الأقارب على مصير أحبائهم ومكان وجودهم، وحصولهم على تعويضات، عند الاقتضاء.

٢٤- وتوصي المقررة الخاصة الحكومة كذلك بالتوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وإدراج أحكامها في القانون المحلي.

٢٥- وعندما تراعي معايير الإجراءات القانونية الواجبة وتفرج فو راً عن المحتجزين دون سند قانوني والمحتجزين تعسفاً، سيكون ذلك بمثابة إشارة واضحة على التزامها بصون بحقوق الإنسان.

باء- إصلاح نظام الخدمة الوطنية/العسكرية

٢٦- كان من المتوقع أن يؤدي تطور الأوضاع مؤخ راً على صعيد السلام والأمن الإقليميين إلى إدخال إصلاحات على الخدمة الوطنية/العسكرية وتسريح المجندين في إريتريا. غير أنه لم يصدر حتى الآن، أي إعلان رسمي عن تقليص مدة الخدمة الوطنية/ العسكرية أو عن وجود خطط لتسريح المجندين.

٢٧- ويؤكد المسؤولون في إريتريا أن الخدمة الوطنية/العسكرية أُعطيت عنها فكرة خاطئة وأُسيء فهمها، ويدَّعون أنها نظام يراد به أن ينعم جيل جديد من الشباب بالمساواة في التعليم ( ) . غير أن ما يرويه مجندون، سابقون وحاليون، يعطي صورة مختلفة عن هذه الخدمة.

٢٨- فالخدمة الوطنية/العسكرية لا تزال تكتسي طابعاً غير طوعي وهي غير محددة المدة. وعلى الرغم من تحديد المدة القانونية للخدمة الوطنية/العسكرية في ١٨ شهراً ( ) ، فإن العديد من الإريتريين يبقون مجندين عملياً، فترةً تتجاوز تلك المدة بكثير ( ) . ولا يزال الطالب يُلزم بدراسة السنة الأخيرة من التعليم الثانوي في معسكر ساوا للتدريب العسكري، ويتعين عليه أن يشارك في التدريب العسكري الإلزامي ( ) . ويُكلَّف الطلاب، الذين يُسمح لهم بمتابعة التعليم العالي بعد التدريب العسكري، بمهام في إطار الخدمة الوطنية بعد التخرج. ويُحوَّل البعض الآخر مباشرة من التدريب العسكري إلى الخدمة الوطنية. ويؤدي المجندون مهام الخدمة الوطنية في جميع قطاعات المجتمع الإريتري، بما في ذلك المؤسسات العامة مثل المدارس والمستشفيات، وكذلك في قطاعي البناء والتعدين والقطاع الخاص ( ) . ويتقاضون أجوراً لا تكفي لتغطية تكاليف المعيشة الأساسية أو لإعالة أسرهم، ولا يوفر السكن الملائم للمجندين ( ) . ويجبر بعضهم على العمل بدون أجر. وهناك تقارير تفيد بأن المجندين في الخدمة الوطنية/العسكرية يتعرضون للاعتداء وسوء المعاملة. والتهرُّب من التجنيد الإلزامي يمكن أن يعرض صاحبه للاعتقال والاحتجاز. وبالإضافة إلى ذلك، تلجأ السلطات الإريترية، كما يشار في الفقرة ٤٠ أدناه، إلى معاقبة المستنكفين ضميرياً بالسجن ولا توفر لهم خيارات بديلة للخدمة العسكرية ذات طابع مدني.

٢٩- وتترك الخدمة الوطنية/العسكرية أثراً سلبياً جداً على حياة النساء والفتيات. وقد وردت المقررة الخاصة شهادات أدلت بها مجندات سابقات أُسيئت معاملتهم من رؤسائهم - وشمل ذلك الإيذاء الجسدي واللفظي والإكراه على العمل كخدم في المنازل - وذكرن في رواياتهن أن تعرض المجندات للتحرش الجنسي والاعتداء الجنسي أمرٌ شائعٌ، ولا سيما في معسكر ساوا للتدريب العسكري. ووردت المقررة الخاصة أيضاً تقارير تفيد بأن بعض الآباء فضلوا التوقف عن إرسال بناتهم إلى المدارس لتفادي التجنيد الإجباري. وفضلت بعض الفتيات المراهقات والنساء الشابات الزواج وإنجاب الأطفال لتجنب التجنيد في الخدمة الوطنية/العسكرية.

٣٠- ولا تزال الخدمة الوطنية/العسكرية تعدُّ من الدوافع الرئيسية للهجرة من إريتريا ( ) . وهي أيضاً من العوامل البارزة التي تدفع الشباب إلى ترك مقاعد الدراسة في مرحلة مبكرة وعدم إكمال تعليمهم. فالعجز عن التخطيط للمستقبل، وانسداد آفاق متابعة التعليم العالي، وانخفاض الأجور (الذي يتعذر معه إعالة أسرة) وعدم تحديد مدة الخدمة الوطنية/العسكرية أدى إلى إبعاد كثير من الإريتريين عن بلدهم.

٣١- وخلال الاجتماع الذي عُقد مع المقررة الخاصة في آذار/مارس ٢٠١٩، ذكر مسؤولون إريتريون أن الحكومة ستشرع في إدخال إصلاحات على نظام الخدمة الوطنية/العسكرية عندما تكون لديها الموارد اللازمة لإيجاد فرص عمل للمجندين وأن عملية التسريح سوف تتم بالتدريج ( ) . وأشاروا أيضاً إلى أن الحالة الاقتصادية للبلد لا تسمح بزيادة أجور المجندين. وإذ تدرك المقررة الخاصة هذه التحديات، تحث الحكومة على التماس المساعدة التقنية من الجهات المانحة الدولية، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية، والشركاء الآخرين، وعلى وضع خطة متعددة السنوات لإصلاح نظام الخدمة الوطنية/العسكرية. وينبغي أن تتوخى هذه الخطة تحقيق ما يلي:

(أ) تسريح المجندين تدريجياً بدءاً بالمجندين الذين أتمُّوا بالفعل، شهور الخدمة العسكرية الـ 18؛

(ب) تعزيز القدرات المؤسسية من أجل تحسين استراتيجيات النمو الاقتصادي؛

(ج) إضفاء الطابع المهني على الجيش؛

(د) توفير خيارات مهنية في الخدمة العامة؛

(ه) دعم الاستثمار في خلق فرص العمل التي تعود بفوائد مباشرة على المجندين في الخدمة الوطنية/العسكرية.

وتحث المقررة الخاصة الحكومة أيضاً على التماس المساعدة التقنية من الوكالات المتخصصة، مثل منظمة العمل الدولية، من أجل وضع مبادئ توجيهية وأنظمة ملائمة في مجال العمل تكون موجهة للعاملين في جميع القطاعات العامة والخاصة، وتمتح من مبدأيْ العمل اللائق وشروط العمل المنصفة.

٣٢- وتدعو المقررة الخاصة الحكومة إلى فصل التعليم الثانوي عن التدريب العسكري ووضع آليات للرصد من أجل منع التعرض للاعتداء وسوء المعاملة في معسكرات التدريب في إطار الخدمة الوطنية/العسكرية. وتحث الحكومة على الإفراج عن المستنكفين ضميريا، وتوفير بدائل مدنية للخدمة.

٣٣- وأخيرا ً ، تشدد المقررة الخاصة على ضرورة أن تبذل المنظمات الدولية والمؤسسات التجارية الساعية إلى تنفيذ مشاريع في إريتريا ما يلزم من العناية الواجبة في مجال حقوق الإنسان، وأن تضع تدابير تضمن احترام الحقوق الأساسية لمن يعملون في هذه المشاريع، ومشاركة القوة العاملة طوعاً، وحصول العمال على التعويض المالي الكافي.

جيم- تنفيذ إطار دستوري وقانوني من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها

٣٤- تشعر المقررة الخاصة بالقلق لأن إريتريا لا تزال بلا دستورٍ يحدد نظام الحكم في البلد، ويوفر منظومة من الضوابط والموازين المؤسسية ويُبيِّن حقوق مواطنيه. فالدستور الذي صُدِّق عليه في عام ١٩٩٧ لم يدخل حيز النفاذ، والسلطات لم تعتمد بعدُ دستو راً جديداً. وبالإضافة إلى ذلك، لا يملك البلد هيئة تشريعية لمناقشة واعتماد تشريعات ترمي إلى تعزيز الحقوق الأساسية وحمايتها. والجمعية الوطنية معلقةٌ منذ عام ٢٠٠٢.

٣٥- وخلال الاجتماع الذي عقد مع المقررة الخاصة في آذار/مارس ٢٠١٩، ذكر المسؤولون الإريتريون أن هيئةً أنشئت في عام ٢٠١٥ لصياغة دستور جديد. وتلاحظ المقررة الخاصة انعدام الشفافية وعدم توفر معلومات عن تكوين هذه الهيئة والإطار الزمني لهذه العملية وعن الطرائق ذات الصلة. وتحث الحكومة على إذاعة المعلومات المتعلقة بعملية صياغة الدستور، وجعلها عملية جامعة من خلال التماس مشاركة الجمهور وإشراك جميع الفئات المعنية الرئيسية، بمن في ذلك النساء. وتوصي المقررة الخاصة بأن تولي حكومة إريتريا الأولوية لصياغة دستور جديد وتنفيذ دستور عام ١٩٩٧ مؤقتاً، باعتبار ذلك يمثل مسألة عاجلة.

٣٦- وتلاحظ المقررة الخاصة أن إريتريا لا تملك سلطة قضائية مستقلة لفرض حماية الحقوق الأساسية واحترامها، ولا تملك نظاما مطبقاً للدفاع العام. وكما أشير أعلاه، فإن الإجراءات القانونية الواجبة الأساسية تنتهك بصورة منهجية. ولكي تُرسى أسس سيادة القانون من جديد، وتُسترجع الثقة في المؤسسات القضائية، وتحسن فرص الوصول إلى العدالة، تشجع المقررة الخاصة الحكومة على تعزيز التدريب القانوني. وتحث السلطات تحديداً، على إعادة إنشاء كلية للحقوق واستحداث مدرسة للتدريب القضائي. وتشجع الحكومة كذلك على توفير التدريب على بناء القدرات في مجال حقوق الإنسان لضباط الشرطة والمدعين العامين والقضاة والمحامين والزعماء التقليديين، باعتبار ذلك يمثل وسيلة من وسائل تعزيز وحماية ممارسة هذه الحقوق.

٣٧- وتلاحظ المقررة الخاصة أن السلطات الإريترية أصدرت في عام ٢٠١٥، القانون المدني وقانون العقوبات وقانون الإجراءات المدنية وقانون الإجراءات الجنائية. بيد أن هذه القوانين صدرت في ظل فراغ دستوري، وفي غياب هيئة تشريعية وطنية. ومع أن السلطات تؤكد دخول القوانين الجديدة حيز النفاذ، فإنه من غير الواضح إلى أي مدى يجري تنفيذها. ويبدو أن القوانين الانتقالية السابقة لا تزال سارية.

٣٨- وأخيرا ً ، تلاحظ المقررة الخاصة أن إريتريا لا تملك مؤسسة وطنية معنية برصد حالة حقوق الإنسان في البلد. وهي تشجع الحكومة على إنشاء هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان تمتثل للمبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها (مبادئ باريس)، وتملك ولاية واسعة في مجال حقوق الإنسان ويكون لديها ما يكفي من الموظفين والموارد المالية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في البلد.

دال- تعزيز احترام حرية الدين والمعتقد

٣٩- خلال الفترة المشمولة بالتقرير، ظلت المقررة الخاصة تتلقى تقارير عن فرض قيود شديدة على حرية الدين والمعتقد في إريتريا. ولا تعترف الحكومة سوى بأربع مجموعات دينية - القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية الرومانية والإنجيلية اللوثرية والإسلام السني - ولا يسمح لأبناء الطوائف الأخرى، غير المسجلة، بحرية ممارسة شعائرهم الدينية أو المشاركة في التجمعات الدينية. ولا يزال أبناء الطائفة المسيحية الإنجيلية والطائفة الخمسينية يخضعون لقيود شديدة في ممارسة عقيدتهم. ويتعرض أتباع الجماعات المسجلة وغير المسجلة على حد سواء للاعتقال والاحتجاز تعسفاً بسبب معتقداتهم الدينية. وهناك العديد من أفراد الجماعات الدينية الذين توفوا مؤخراً، أثناء احتجازهم.

٤٠- ويواجه شهود يهوه الاضطهاد، بما في ذلك الحرمان من المواطنة ووثائق السفر، بسبب حيادهم السياسي واستنكافهم ضميرياً من أداء الخدمة العسكرية. وفي الوقت الحاضر، يقبع ٥٣ شخصاً ( ) من أعضاء هذه الجماعة في سجن ماي سروا في ضواحي أسمرة. وتضم هذه المجموعة ١١ امرأة فضلاً عن 15 رجلاً تزيد أعمارهم عن ٦٠ عاماً . ومنذ حزيران/ يونيه ٢٠١٨، لم يُسمح لهؤلاء المحتجزين باستقبال الزيارات العائلية. وقد مضى على سجن ثلاثة رجال - هم بولوس إياسو ونغيدي تيكليماريام وإيزاك موغوس - أكثر من ٢٤ سنة من دون أن يوجه إليهم الاتهام أو يُحاكموا، ومضى على احتجاز ١٠ آخرين أكثر من ١٠ سنوات. وقد فرَّ بعض أعضاء هذه الجماعة من إريتريا، أما من بقي منهم في البلاد فيتحتم عليه أن يمارس شعائره الدينية في الخفاء. ولا يملك شهود يهوه المحتجزين وسيلة يلجأون إليها للتظلم القانوني، شأنهم في ذلك شأن العديد من السجناء الآخرين في إريتريا، ولذلك، يتعذَّر عليهم الطعن في احتجازهم لأجل غير محدد. وتحث المقررة الخاصة حكومة إريتريا على التحاور مع هذه الجماعة والإفراج عن هؤلاء السجناء. وتحث الحكومة أيضاً على إتاحة الفرصة لأفراد هذه الجماعة للمشاركة في شكل من أشكال الخدمة المدنية ينسجم مع معتقداتهم الدينية.

٤١- ويواجه زعماء الديانات المسجلة بدورهم، الاعتقال التعسفي والاحتجاز المطول. فعلى سبيل المثال، فرضت الإقامة الجبرية، منذ عام ٢٠٠٧، على بطريرك الكنيسة الارثوذكسية الإريترية، أبونا أنطونيوس، الذي تجاوز عمره ٩٠ عاماً ، بعد اعتراضه على تدخل الدولة في شؤون كنيسته وطلبه الإفراج عن القساوسة المسجونين. وفي تموز/يوليه ٢٠١٧، أُحضر مخفوراً إلى كاتدرائية إندا مريم في أسمرة خلال قداس احتفالي، وظل محتجزاً منذ ذلك الحين. واحتجز تعسفاً، أربعون شخصاً من رجال الدين والعلماء المسلمين الذين ينتمون إلى إثنية ساهو منذ عام ٢٠٠٨. وكما أُشير في الفقرة ٥٤ أدناه، اعتُقل قادة المجتمع المحلي القيِّمين على مدرسة ضياء الإسلام في أسمرة في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٧، بعد أن احتجوا على تدخل الدولة في شؤون المدرسة وعلى المحاولات الرامية إلى حظر تعاليم الدين. ومنذ ذلك الحين، توفي شخصان مسنان من قادة هذه الطائفة الإسلامية أثناء الاحتجاز.

٤٢- وفي تموز/يوليه ٢٠١٨، أُخرج ٣٥ مسيحياً - ١١ امرأة و٢٤ رجلاً - بكفالة من سجن ماي سروا. وقد احتُجزوا بسبب انتمائهم إلى الطوائف المسيحية غير المسجلة.

٤٣- وتشير المقررة الخاصة إلى أن الحق في حرية الدين مكرسٌ في المادة ١٨ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإريتريا طرفٌ فيه. وهي تدعو حكومة إريتريا إلى السماح لأفراد الشعب الإريتري بممارسة حقهم في حرية الدين والإفراج عن الأشخاص المسجونين بسبب معتقداتهم الدينية.

٤٤- وحين تبادر الحكومة فوراً إلى الإفراج عمن سُجنوا بسبب ممارسة معتقداتهم، سوف تثبت تعهدها باحترام التزاماتها الدولية بحقوق الإنسان.

هاء- التصدي للعنف الجنساني، وتعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين

٤٥- تحيط المقررة الخاصة علماً بالجهود الحكومية الرامية إلى التصدي للعنف الجنساني. وهي ترحب بالجهود التي تبذلها من أجل حظر الممارسات الضارة، مثل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ووضع حد لزواج الأطفال. ولكنها تلاحظ استمرار انتشار ظاهرتيْ التمييز القائم على أساس نوع الجنس والعنف ضد المرأة على نطاق واسع في إريتريا. وتشدد المقررة الخاصة على أن إريتريا لا تملك إطاراً شاملاً للتصدي للعنف ضد المرأة، ولا سيما الأحكام الجنائية التي تتناول جميع أشكال العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس وتتيح سبل الانتصاف القانونية المناسبة للضحايا. وتشير أيضاً إلى أن الحكومة لم تعتمد حتى الآن، خطة عمل وطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن ١٣٢٥ (٢٠٠٠). وتشير المقررة الخاصة كذلك إلى أن القانون الجنائي الصادر في عام ٢٠١٥ يحظر العلاقات الجنسية المثلية، وهو بذلك، لا يحترم حقوق الأشخاص الذين تتنوع ميولهم الجنسية وهويتهم وتعبيرهم الجنسانيين. وتشجع المقررة الخاصة الحكومة على اعتماد سياسة شاملة وتشريعات مناسبة لتجريم جميع أشكال العنف الجنساني والقضاء عليها، وتعزيز المساواة بين الجنسين.

٤٦- وتشعر المقررة الخاصة بالقلق لأن النساء والفتيات الإريتريات ما زلن يتعرضن للاتجار بالأشخاص والاستغلال الجنسي، ولا سيما على أيدي شبكات يتزعمها إريتريون وتعمل داخل البلد وفي الخارج. وتلاحظ المقررة الخاصة أن حكومة إريتريا صدَّقت على بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمِّل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، غير أنها لم تضع بعدُ، إطاراً قانونياً ملائماً وسياسة شاملة للتصدي للاتجار بالأشخاص. وهي تشجع الحكومة على القيام بما يلي: تعزيز جهودها الرامية إلى مكافحة الاتجار بالأشخاص عن طريق تعزيز التعاون مع السلطات في الدول المجاورة؛ واتخاذ تدابير للتحقيق مع مرتكبي تلك الأفعال ومقاضاتهم؛ ووضع تشريعات لمكافحة الاتجار تحمي حقوق الضحايا حماية كافية.

٤٧- وتلقت المقررة الخاصة معلومات عن العقبات التي تعترض وصول النساء والفتيات إلى العدالة. وهي تشعر بالقلق إزاء عدم اتخاذ تدابير لضمان استقلال القضاء ومراعاته للجانب الجنساني. وتفيد المعلومات الواردة بأن النساء المحتجزات يواجهن أشكالا مختلفة من العنف الجنساني، وهناك ثغرات في اللوائح التي تنظم معاملة النساء المحتجزات وحمايتهن، ولا سيما فيما يتعلق بالحصول على الرعاية الصحية وظروف الاحتجاز والمعاملة الإنسانية. وتلقت المقررة الخاصة شهادات تفيد بأن النساء المحتجزات معرضات للاغتصاب والاعتداء الجنسي والإذلال، ولا سيما من حراس السجن. وهي تشجع الحكومة على وضع سياسة شاملة لإزالة الحواجز التي تحول دون الوصول إلى العدالة وضمان الحصول على الجبر الملائم، وتمكين المرأة من الحصول على المساعدة القانونية. وتشجع الحكومة أيضاً على اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ قواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات (قواعد بانكوك) ( ) .

٤٨- وتحيط المقررة الخاصة علماً بالجهود التي تبذلها الحكومة من أجل الارتقاء بمشاركة المرأة في جميع جوانب الحياة العامة وتعزيز المساواة بين الجنسين. غير أنها تلاحظ غياب المرأة في المبادرات الحكومية الحالية الرامية إلى تعزيز السلام والأمن الإقليميين. ولا يزال تمثيل المرأة ناقصاً في المناصب الوزارية العليا، وبين ذوي الرتب الرفيعة في الجيش والقضاء. ولا يُعيَّن في المناصب الحكومية سوى المرأة المنحازة للجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة الحاكمة، ولا يسمح للنساء بالانضمام إلى النقابات بصورة مستقلة من أجل الدفاع عن مصالحهن أو بإنشاء منظمات شعبية لا ترضى عنها السلطات، أو المشاركة في هذه المنظمات. وتوجه المقررة الخاصة الانتباه أيضاً، على النحو المبين في الفقرة ٢٩ أعلاه، إلى التأثير السلبي للمشاركة في الخدمة الوطنية/العسكرية على حياة النساء والفتيات، ولا سيما فيما يتعلق بحصولهن على التعليم والعمل المحترم وتعرضهن للعنف والزواج المبكر.

٤٩- ويمكن أن تؤدي مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية دوراً رئيسياً في تعزيز الإنتاجية والنمو الاقتصادي في إريتريا. وتحيط المقررة الخاصة علماً بالجهود الحكومية الرامية إلى دعم صاحبات المشاريع لمساعدتهن على إنماء مشاريعهن والحفاظ عليها. وهي تشجع الحكومة على تعزيز مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية عن طريق تقليص الحواجز القانونية التي تعترض مشاركتها، مثل فرض رسوم باهظة للترخيص للمشاريع التجارية وقيود على المسحوبات النقدية الشهرية. وتشدد المقررة الخاصة على أن اللوائح الداخلية في إريتريا ( ) تضمن للمرأة الحق في الإرث والحق في الحصول على الأرض في حين لا تُكفل للمرأة، في الممارسة العملية، المساواة في المعاملة في المسائل المتعلقة بالميراث وحقوق الملكية في مجتمعات محلية معينة، ولا سيما بعد الزواج. وتشير المقررة الخاصة إلى أن دعم التمكين الاقتصادي للمرأة يمكن أن يُحسِّن الإنتاجية ويقلص التفاوت في الدخل.

واو- تعزيز احترام حقوق الأقليات الإثنية

٥٠- لا تزال المقررة الخاصة تتلقى تقارير تفيد بأن الأقليات الإثنية في إريتريا تواجه التمييز والاستبعاد والحرمان من الحقوق الأساسية، وتتعرض للعنف. وهي تلاحظ أن الحكومة تستبعد أقليات معينة، بما في ذلك إثنية العفر وإثنية كوناما، من الجهود التي تبذلها للتخفيف من حدة الفقر وتحقيق التنمية الاقتصادية.

٥١- وتفيد المعلومات الواردة بأن حالة مجتمعات العفر في المناطق الساحلية في إريتريا لا تزال غير مستقرة. فمنذ أن أُنشِئت قاعدة الإمارات العربية المتحدة في عصب، قُيِّدت بشدة حقوق مجتمعات العفر في مزاولة الأنشطة التقليدية لكسب العيش، مثل استخراج الملح وصيد الأسماك. وبالإضافة إلى ذلك، تؤثر المشاريع، التي تُنفَّذ حالياً لتجديد ميناء عصب وتوسيع البنية التحتية للطريق في المنطقة، على الأراضي التي ورثتها هذه المجموعة عن الأجداد. وبالنظر إلى أن السلطات لا تعترف للعفر بحقوق الأرض، فإن هذه المشاريع تُنفَّذ من دون إشراكهم أو التشاور معهم، وفقاً لما ورد في التقارير. وبالإضافة إلى ذلك، تلقت المقررة الخاصة تقارير شتى عن اعتداءات تعرض لها صيادون من العفر في المياه الساحلية الإريترية. وفي حوادث أخرى، وقعت بين تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦ وآب/أغسطس ٢٠١٨، قُتِل ما لا يقل عن ١٠ صيادين من العفر وأُصيب عدة أشخاص آخرين بجروح بعد أن أطلقت مروحيات تابعة للإمارات العربية المتحدة النار على قواربهم في عرض البحر، وفقاً للتقارير. وفي حادثة وقعت في شباط/ فبراير ٢٠١٨، اختفى أثر ١٠ صيادين في ساحل بوري، القريب من مصوع، بعد أن خرجوا للبحر. وفي أوائل شباط/فبراير ٢٠١٩، قيل إن ثلاثة صيادين اختفى أثرهم أثناء الصيد في ساحل ماكاكا، القريب من عصب، وفي آذار/مارس، قال بعض الأقارب إنهم عثروا على جثتي صيادين آخرين في البحر. ومع مرور السنين، فرَّ كثيرٌ من أبناء العفر الإريتريين. وهناك حوالي ٠٠٠ ٢٠ إريترياً من العفر يعيشون حالياً في إثيوبيا كلاجئين.

٥٢- وتحث المقررة الخاصة الحكومة على تعزيز حقوق الأقليات الإثنية، بطرق منها اعتماد سياسات التنمية المنصفة والإدماج الاجتماعي. وهي تدعو الحكومة إلى كفالة احترام حقوق الأقليات الإثنية من خلال ضمان مشاركتها في اتخاذ القرارات التي تؤثر عليها وإدماجها في استراتيجيات التنمية الاقتصادية والحد من الفقر.

زاي- تعزيز حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي

٥٣- تعرب المقررة الخاصة عن قلقها إزاء القيود التي فرضتها السلطات الإريترية على حرية المدافعين المستقلين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في تكوين الجمعيات والتجمع السلمي. فالحكومة تؤكد أن منظمات المجتمع المدني يمكنها العمل بحرية في إريتريا. غير أن اللوائح التنظيمية القائمة ( ) تحدُّ، في الممارسة العملية، من نشاط منظمات المجتمع المدني ومنظمات الإغاثة وإعادة التأهيل. وكل ما تستطيع منظمات المجتمع المدني فعله، هو تنفيذ مشاريع بالشراكة مع الوزارات الحكومية، ولا يُسمح بالعمل إلا للمنظمات المنحازة للحكومة. والجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة هي الحزب السياسي الوحيد الذي يحظى بالاعتراف قانوناً.

٥٤- ويتعرض الفاعلون في المجتمع المدني، الذين يعبرون عن رأي معارض، للاعتقال التعسفي، وسوء المعاملة، والاحتجاز المطول. ففي تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٧ مثلاً، اعتقلت قوات الأمن أعضاء مجلس إدارة مدرسة ضياء الإسلام في أسمرة وقادة المجتمع المحلي القيِّمين عليها بعد احتجاجهم على قرار الحكومة القاضي بالسيطرة على المدرسة. وفي كانون الثاني/ يناير ٢٠١٩، توفي في السجن أحد أعضاء المجلس وشخصٌ مسن يدعى حاجي إبراهيم يونس، وكان في السبعينيات من العمر. وكان قد احتجز تعسفاً في سجن ماي سروا من دون توجيه الاتهام إليه. وتوفي بعد وفاة رئيس مجلس المدرسة، حاجي موسى محمد نور، البالغ من العمر 93 عاماً ، في السجن في آذار/مارس ٢٠١٨. وتتابع المقررة الخاصة التقارير التي تشير إلى استمرار احتجاز العديد من طلاب هذه المدرسة وآبائهم في سجن أدي أبيتو، بعد أن اعتقلوا على إثر مشاركتهم في موكب جنازة حاجي موسى محمد نور. وترى المقررة الخاصة أن جميع الأشخاص المحتجزين يستحقون مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة، وأن حالات الوفاة أثناء الاحتجاز يجب أن تخضع للتحقيق سريعاً، وأن أسر الأشخاص الذين توفوا في السجن يجب أن تُبلَّغ بسبب الوفاة.

٥٥- وتحث المقررة الخاصة حكومة إريتريا على إيجاد حيز ل لمجتمع المدني والحفاظ عليه، ولا سيما للمنظمات التي تشجع حرية الرأي والتعبير وحماية حقوق الإنسان. وتحث الحكومة أيضاً على دعم التنوع في المجتمع المدني ومنع التهديدات والاعتداءات وعمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية وغير ذلك من أشكال الانتقام. وتُشير المقررة الخاصة إلى أن تهيئة بيئة آمنة يمكن أن يعمل فيها المجتمع المدني في جو يخلو من العوائق ويسوده الأمن، والحفاظ على تلك البيئة، سيساعد الحكومة على الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.

ح اء - تعزيز حرية التعبير والصحافة

٥٦- لا تزال المقررة الخاصة تشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة عن فرض قيود صارمة على التمتع بحرية التعبير والصحافة. وتلاحظ المقررة الخاصة أن الحكومة مخولة سلطة ممارسة الرقابة على جميع وسائط الإعلام، وفرض شروط مرهقة لمنح التراخيص، وتحديد المضامين الإعلامية ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، استُخدمت الأحكام الجنائية المتعلقة بالتشهير لتقييد حرية التعبير وحرية وسائط الإعلام وتقويض حقوق المواطنين في التعبير عن آرائهم. والمنافذ الإعلامية الوحيدة المسموح بها داخل إريتريا هي محطة التلفزيون الحكومية والصحف، التي تخضع لمراقبة شديدة. وأغلقت الصحف الخاصة منذ عام ٢٠٠١. وهناك نسبة صغيرة فقط من السكان الذين يمكنهم الوصول إلى شبكة الإنترنت داخل البلد. وقد بدأت مؤخراً، بعض القنوات التلفزيونية الفضائية التابعة للقطاع الخاص، تبث برامجها في إريتريا من خارج البلد، مما يتيح للسكان المحليين الذين يملكون أطباقا ساتلية إمكانية متابعة التطورات المستجدة في البلدان الأخرى.

٥٧- وتشير مصادر مختلفة إلى أن ١٦ صحفياً على الأقل ما زالوا يقبعون في السجن في إريتريا. ومن بين تلك الحالات، حالة داويت إسحاق، وهو مواطن إريتري وسويدي، اعتُقل في أسمرة في ٢٣ أيلول/سبتمبر ٢٠٠١ خلال حملة شنتها الحكومة ضد الصحافة المستقلة - اعتقل في إطارها صحفيون آخرون - وأودع منذ ذلك الحين، الاحتجاز مع منع الاتصال. وقضت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، في قرار صادر في عام ٢٠١٦ ( ) ، بأن تفرج إريتريا عن الصحفيين المحتجزين منذ أيلول/سبتمبر ٢٠٠١، أو تقدمهم سريعاً للمحاكمة، وتتيح للمحتجزين فوراً، إمكانية الاتصال بأسرهم والحصول على المشورة القانونية، وتضمن دفع تعويضات لهؤلاء المحتجزين. ولم تمتثل حكومة إريتريا بعدُ لهذا القرار.

٥٨- وتلقت المقررة الخاصة شهادات شتى بشأن القيود المفروضة على الصحفيين وإساءة معاملتهم في الاحتجاز. وروت إحدى الصحفيات أنها احتُجزت قرابة ست سنوات في سجن ماي سروا. واعتقلتها قوات الأمن هي و٢٥ زميلاً لها في شباط/فبراير ٢٠٠٩، بعد إغلاق محطة الإذاعة التي تعمل فيها. وخلال احتجازها، قضت فترات في الحبس الانفرادي، وتعرضت للضرب والتعذيب، واستُجوبت بشأن علاقاتها بالمنافذ الإعلامية الإثيوبية. وبسبب سوء المعاملة التي كابدتها، قضت عدة أشهر في أحد المستشفيات المحلية ثم أعيد سجنها. وأفرج عنها في نهاية المطاف في عام ٢٠١٥. وأفيد بأن زملاءها الذين احتُجزوا معها قد أُفرج عنهم أيضاً.

٥٩- وتدعو المقررة الخاصة الحكومة إلى وضع حد لمضايقة الأشخاص واعتقالهم واحتجازهم بسبب تعبيرهم عن رأيهم، بما في ذلك انتقاد الحكومة، والإفراج فوراً عن جميع الأشخاص الذين احتُجزوا بسبب ممارسة حقهم في حرية الرأي. وتحث الحكومة كذلك على السماح للصحفيين وغيرهم من العاملين في وسائط الإعلام، بما في ذلك المنافذ الإعلامية الخاصة، بالعمل بحرية واستقلالية في البلد.

طاء- تسوية وضع أسرى الحرب الجيبوتيين في إريتريا

٦٠- تعرب المقررة الخاصة عن قلقها إزاء وضع أسرى الحرب الجيبوتيين الـ ١٣ ( ) الذين ما زالوا محتجزين في إريتريا ولا يُعرف مصيرهم منذ ١٢ حزيران/يونيه ٢٠٠٨. وقد أثار كل من مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان هذه المسألة مرارا ً وتكرارا ً ( ) . وتنتظر أُسَر هؤلاء الأسرى منذ أكثر من عقد من الزمن الحصول على معلومات عن مصيرهم ومكان وجودهم. وتلاحظ المقررة الخاصة أن هناك عملية لبذل مساع حميدة ييسرها الأمين العام تهدف إلى حل المسائل المعلقة بين إريتريا وجيبوتي، بما في ذلك مسألة أسرى الحرب الجيبوتيين الذين فقدوا في المعركة (S/2019/154) ( ) .

٦١- وفي رسالة مؤرخة ٣ أيار/مايو ٢٠١٩ (انظر الفقرة 16 أعلاه)، نفت البعثة الدائمة لإريتريا لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى في جنيف أن يكون في عهدة إريتريا أي أسرى حرب جيبوتيين، وذكرت أنها لا تعلم بمكان وجود الأشخاص المذكورين أعلاه، وأنها أطلقت سراح جميع أسرى الحرب في آذار/مارس ٢٠١٦. وتلاحظ المقررة الخاصة أن هذه الرسالة لا تعالج الشواغل المتعلقة بأسرى الحرب الجيبوتيين المفقودين، وتدعو الحكومة إلى التحقيق في المسألة وتقديم معلومات عن نتائج هذا التحقيق.

ياء- زيادة حرية الوكالات الدولية العاملة في إريتريا في التنقل والوصول

٦٢- تلاحظ المقررة الخاصة أن القيود المفروضة على التنقل في البلد لا تزال مطبقة على موظفي الوكالات الإنسانية الدولية ووكالات الأمم المتحدة في إريتريا. ولا يزال يُشترط على جميع العاملين في المجال الإنساني الدولي وموظفي الأمم المتحدة والدبلوماسيين والأجانب طلب الإذن من السلطات للسفر خارج وسط مدينة أسمرة لمسافة تتجاوز 25 كيلومتراً. وهذه القيود المفروضة على تنقل الوكالات الدولية ووصولها تعيق قدرتها على الاضطلاع بولاياتها.

٦٣- وتشير المقررة الخاصة إلى أن إريتريا يمكنها أن تستفيد من مساعدة تقنية معززة تحصل عليها من الوكالات الإنسانية الدولية ذات الصلة والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك المفوضية السامية لحقوق الإنسان. وهناك منظمات دولية وشركاء دوليون متعددون يسعون إلى تعزيز التعاون التقني مع حكومة إريتريا للنهوض بالتنمية وتعزيز المؤسسات الوطنية. ولكي تحرز السلطات الإريترية تقدماً وتحقق التنمية المستدامة، بما في ذلك في مجال حقوق الإنسان، يجب عليها أن تهيئ للوكالات الدولية والجهات المانحة والشركاء الآخرين بيئة مواتية لأداء عملها في البلد، وأن تتيح لهم حرية التنقل والوصول دون عوائق.

سادساً- حالة المهاجرين واللاجئين الإريتريين

ألف- المهاجرون واللاجئون المتنقلون

٦٤- تواصل فرار الإريتريين من البلد خلال الفترة المشمولة بالتقرير. وقد أسفر فتح الحدود بين إريتريا وإثيوبيا في أيلول/سبتمبر ٢٠١٨ عن طفرة في عدد المهاجرين واللاجئين الإريتريين الذين يعبرون إلى إثيوبيا. وفي الفترة بين أيلول/سبتمبر وكانون الأول/ديسمبر ٢٠١٨، عبر ما يُقدَّر ب ٠٠٠ ٤٥ لاجئ إرتيري الحدود إلى إثيوبيا، ولا سيما إلى منطقة تيغري. وتشير التقديرات إلى أن العدد الحقيقي للأشخاص الذين غادروا إريتريا خلال تلك الفترة تجاوز هذا الرقم لأن العديد منهم سافر مباشرة إلى مدن إثيوبية مختلفة دون أن يتسجَّل لدى سلطات الحدود أو السلطات المعنية باللاجئين. وخلال تلك الفترة، شكل النساء والأطفال الغالبية العظمى من اللاجئين، وكان الكثير منهم يسعى إلى الالتحاق بأقاربه الذين يعيشون في الخارج. وكان ضمن الفارين عددٌ كبيرٌ من الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم ( ) .

٦٥- وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٨، عادت السلطات الإريترية إلى إلزام الإريتريين بشرط الحصول على تصريح الخروج. وتشعر المقررة الخاصة بالقلق لأن هذا الشرط يضطر الإريتريين الذين يتعذَّر عليهم الحصول على تأشيرة الخروج إلى الاستعانة بشبكات التهريب، مما يعرضهم للاتجار والاستغلال وسوء المعاملة.

٦٦- وتشير مصادر مختلفة إلى معدل عبور الأشخاص يومياً من إريتريا إلى إثيوبيا في شباط/فبراير وآذار/مارس ٢٠١٩ تراوح بين ٢٥٠ - ٣٠٠. واستناداً إلى المعلومات الواردة، بلغت نسبة المجندين في الخدمة الوطنية/العسكرية ضمن الأشخاص الذين عبروا الحدود خلال تلك الفترة، حوالي ٣٠ في المائة. ويعتمد العديد من الأشخاص، الذين يحاولون العبور بدون تأشيرة خروج، على " حراس " أو على مهربين لتجنب مراقبة الحدود والمعابر الحدودية الرسمية ( ) .

٦٧- وقد ظلت إثيوبيا تنتهج سياسة الباب المفتوح لاستضافة اللاجئين. وترحب المقررة الخاصة باعتماد إثيوبيا إعلاناً جديداً بشأن اللاجئين في شباط/فبراير ٢٠١٩، يعزز حقوق اللاجئين في البلد ويسهل اندماجهم محلياً ( ) . ومن جملة ما تتوخاه الأنظمة الجديدة، توسيع نطاق سياسة “العيش خارج المخيمات” التي يعتمدها البلد، عن طريق السماح للاجئين بالحصول على تصاريح العمل والرخص التجارية، وعلى الأراضي، ومتابعة الدراسة والعيش خارج المخيمات. وحتى نهاية كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٨، بلغ عدد اللاجئين الإريتريين الذين استضافتهم إثيوبيا حوالي 000 173 إرتيرياً.

٦٨- وفي أواخر كانون الثاني/يناير ٢٠١٩، أعلن السودان عن إعادة فتح حدوده مع إريتريا. غير أن المواطنين الإريتريين الراغبين في عبور الحدود إلى السودان ما زالوا ملزمين بالحصول على تصريح الخروج. وقد استمر تدفق المهاجرين واللاجئين إلى السودان أثناء الفترة المشمولة بالتقرير على الرغم من تراجع عدد الأشخاص الذين يعبرون الحدود لدخول البلد. وتلقت المقررة الخاصة تقارير تفيد بأن شبكات التهريب والاتجار ما زالت نشطة على طول الحدود الإريترية السودانية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨، أفادت السلطات السودانية بأن قوة مشتركة حررت ما يزيد على ٨٠ إريترياً من ضحايا الاتجار بالبشر في شرق ولاية كسلا، بينهم حوالي ٥٠ امرأة، كانوا قد احتُجزوا لعدة أسابيع وتعرضوا لسوء المعاملة والابتزاز.

٦٩- ولا تزال المقررة الخاصة تشعر بقلق بالغ إزاء حالة المهاجرين واللاجئين الإريتريين العالقين في ليبيا. فقد وصفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، في تقرير مشترك صدر في كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٨، حالة اليأس التي يعيشها المهاجرون واللاجئون خلال عبورهم لليبيا وإقامتهم فيها وما يواجهونه من “أهوال لا يتصورها عقل”، ولا سيما أثناء الأسْر ( ) . ففي أعقاب الاشتباكات التي اندلعت حول طرابلس في أوائل نيسان/أبريل ٢٠١٩، حوصر العديد من اللاجئين والمهاجرين في مراكز الاحتجاز دون أن تتاح لهم إمكانية الحصول على الغذاء أو الماء واللوازم الأساسية. وتدخلت الوكالات الإنسانية لتأمين نقلهم بصورة عاجلة بعي داً عن مناطق التي يحتدم فيها القتال.

٧٠- وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، تلقت المقررة الخاصة شهادات أدلى بها إريتريون كانوا محتجزين لدى جماعات وميليشيات مسلحة مختلف في ليبيا، وأبلغوا عن خضوعهم للعمل القسري والتعذيب والضرب أثناء الأسر. وتلقت المقررة الخاصة معلومات عن حالات نساء وفتيات إريتريات تعرضن للاستغلال الجنسي من العناصر المسلحة وأُكرهن على ممارسة الدعارة؛ وأنجب بعضهن أطفالاً نتيجة التعرض للاغتصاب. وأشارت عدة مصادر إلى أن الفتيان والفتيات غير المصحوبين الذين يعبرون ليبيا معرضون بشدة لخطر العنف الجنسي والاستغلال الجنسي من مختلف الجهات المسلحة، ولا سيما أثناء الاحتجاز.

٧١- والإريتريون معرضون أيضاً لخطر الاختطاف من المتجرين بالبشر والعناصر المسلحة، الذين يعذبونهم بعد ذلك، لابتزاز المال من الأقارب أو بيعهم لجماعات أخرى. وقد باتت هذه الممارسة مطردة، ووثقت خلال السنوات الأخيرة في بلدان مختلفة بمنطقة الساحل ( ) . ويتصيَّدُ المتَّجرون والعناصر المسلحة المهاجرينَ واللاجئينَ الإريتريين أملاً في الحصول على فديات عالية عبر شبكات الشتات. وتلقت المقررة الخاصة تقارير عن وقوع حالات منذ عهد قريب، تتعلق بأسر إريترية تعيش في أوروبا الغربية تلقت طلبات من شبكات الاتجار في ليبيا لدفع الفدية من أجل تأمين إطلاق سراح الأقارب. وأُجبرت بعض الأسر مراراً على دفع مبالغ مالية كبيرة لتحرير أقاربها. ومن التطورات الإيجابية، فرض عقوبات للمرة الأولى، في حزيران/يونيه ٢٠١٨، من مجلس الأمن ( ) والاتحاد الأوروبي على ستة متجرين بالبشر في ليبيا، اثنان منهم من إريتريا.

٧٢- وقد أدى النزاع الدائر في ليبيا واعتراض خفر السواحل الليبي سبيل المهاجرين واللاجئين في منطقة البحر الأبيض المتوسط إلى انخفاض كبير في عدد الأشخاص الذين يصلون إلى أوروبا عبر المسلك البحري الأوسط في اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ( ) . غير أن الإريتريين ما زالوا يواجهون حالات تعرض حياتهم للخطر عندما يحاولون التماس اللجوء في بلدان أخرى. وتفيد التقارير بأن المهاجرين واللاجئين الإريتريين يسلكون مسالك بديلة عبر تركيا للوصول إلى اليونان ( ) وعبر الجزائر وتونس للوصول إلى جنوب أوروبا. بينما اتجه آخرون جنوباً عبر إثيوبيا ثم بعد ذلك إلى كينيا أوغندا.

باء- سياسات اللجوء المطبقة على ملتمسي اللجوء الإريتريين

٧٣- تشعر المقررة الخاصة بالقلق إزاء تشديد بعض الحكومات لأنظمة اللجوء التي تطبقها على طالبي اللجوء الإريتريين. وقد وثقت المقررة الخاصة في تقارير سابقة ـ تغييرات في سياسات تقديم الحماية لملتمسي اللجوء الإريتريين في عدة بلدان (على سبيل المثال،A/HRC/35/39الفقرات 39 -40؛ وA/HRC/38/50، الفقرات 99 - 104).

٧٤- وتصنف إريتريا ضمن بلدان المنشأ لطالبي اللجوء في سويسرا التي تحتل الصدارة. وفي السنوات الأخيرة، طبَّقت سلطات الهجرة السويسرية معايير أكثر صرامة لقبول اللاجئين في تقييم الحماية المقدمة لطالبي اللجوء الإريتريين. وفي كانون الثاني/يناير ٢٠١٧، قضت المحكمة الإدارية الاتحادية في سويسرا بأن مغادرة إريتريا بصورة غير قانونية لم تعد تشكل في حد ذاتها مبر راً لمنح صفة اللاجئ؛ ولا بد من وجود عوامل إضافية ( ) . و أكد هذا النهج الأكثر تقييداً، حكم ٌ صادر في آب/أغسطس ٢٠١٧ قضت فيه المحكمة بأن الإريتريين الذين أدوا الخدمة الوطنية لن ي و اجه وا بالضرورة خطر استدعائهم للخدمة أو معاقبتهم عند عودتهم ( ) . وفي تموز/يوليه ٢٠١٨، قضت المحكمة بأن التعرض للتجنيد العسكري قسراً عند العودة إلى إريتريا لا يكفي سبباً في حد ذاته للحصول على اللجوء ( ) . وتعكف أمانة الدولة للهجرة، منذ بداية عام ٢٠١٨، على إعادة تقييم إجراء القبول المؤقت للإريتريين، وفي أيلول/سبتمبر ٢٠١٨، ألغت تصاريح الدخول المؤقت في ٩ في المائة من ٢٥٠ حالة جرى استعراضها ( ) . وتعتزم أمانة الدولة للهجرة إعادة تقييم حوالي ٨٠٠ ٢ حالة إضافية بحلول منتصف ٠١٩ ٢. وتشير المقررة الخاصة إلى أن إلغاء تصاريح الدخول المؤقت تترتب عليه عواقب وخيمة، لأن أصحاب التصاريح الملغاة يخسرون إمكانية الاستفادة من الحق في العمل والحصول على التعليم والمساعدات الاجتماعية، مما يجعل خيارات العيش محدودة أمامهم. و يتعرض الكثير من العائدين إلى إريتريا للاعتقال والمضايقة والعنف. ففي كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٨، خلصت لجنة مناهضة التعذيب، في سياق النظر في حالة إريتري طلب اللجوء في سويسرا، إلى أن ترحيل صاحب الشكوى إلى إريتريا سيشكل انتهاكاً للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ( ) .

سابعاً- الاستنتاجات ومعايير قياس التقدم المحرز في تحسين حالة حقوق الإنسان

٧٥- ولدت القوة الإيجابية الدافعة لإحلال السلام والأمن في المنطقة الأمل في إريتريا وفي أوساط المجتمع الدولي في أن تنفذ حكومة إريتريا إصلاحات سياسية ومؤسسية أوسع نطاقاً. ولكن ثمة شواغل كبيرة في مجال حقوق الإنسان لم تعالج بعد، كما ورد بيانه في هذا التقرير. والفرص التي أتاحها إحلال السلام هي فرصٌ واسعة، وينبغي للسلطات الإريترية أن تستفيد من مشاركتها الجديدة في المنطقة لتنفيذ الإصلاحات الداخلية التي هي في أمس الحاجة إليها. وينبغي أن يكون الشعب الإريتري المستفيدَ الأول من عوائد السلام.

٧٦- وقد دعا مجلس حقوق الإنسان، في قراره ٣٨/١٥، المقررة الخاصة إلى وضع معايير لقياس التقدم المحرز في مجال تحسين حالة حقوق الإنسان وخطة عمل محددة زمنيا لتنفيذها. وهذه المعايير هي، على حد فهم المقررة الخاصة، المعايير الدنيا في مجال حقوق الإنسان التي تتطلبها معالجة الشواغل المتعلقة بحقوق الإنسان في إريتريا. وقد عقدت مشاورات مكثفة لوضعها، وأحاطت علماً بالتوصيات السابقة التي قدمتها مختلف هيئات وآليات حقوق الإنسان. وترى المقررة الخاصة أن هذه المعايير ينبغي أن تتجسد في سياسات وتدابير تحدد إنفاذ حقوق الإنسان في إريتريا وتيسره. وأدرجت لهذا الغرض، مؤشرات محددة على التقدم في القائمة الواردة أدناه. وتشير المقررة الخاصة إلى أن هذه القائمة لا تتوخى الشمول، وتشجع الحكومة على وضع مزيد من المعايير التي تراها ضرورية لإحراز التقدم في مجال حقوق الإنسان.

٧٧- وبناء على النتائج والتوصيات الواردة في هذا التقرير، واسترشاداً بالمعايير والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان، تعتبر المعايير الخمسة والمؤشرات ذات الصلة المبينة أدناه ضرورية لإحراز تقدم ذي معنى ودائم في مجال حقوق الإنسان.

٧٨- المعيار ١: إدخال تحسينات في مجال تعزيز سيادة القانون وتوطيد المؤسسات الوطنية للعدالة وإنفاذ القانون (انظر الفقرات 23-25، و٣٥-٣٨ و٦١ أعلاه). والمؤشرات ذات الصلة هي كالتالي:

(أ) الإفراج عن السجناء السياسيين وسجناء الرأي والأشخاص المحتجزين تعسفاً ودون سند قانوني؛

(ب) تهيئة بيئة أفضل لحماية الحقوق المدنية والسياسية، بسبل منها وضع أسس مستدامة لأعمال الشرطة وإنفاذ القانون الديمقراطية ؛

(ج) بدء عملية تشاركية لصياغة الدستور وإدخال إصلاحات قانونية لضمان ممارسة الحقوق المدنية والسياسية؛

(د) إحراز تقدم في مجال إرساء سيادة القانون وإنشاء المؤسسات الديمقراطية، بما في ذلك المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وكلية للحقوق، وأكاديمية للقضاء، والتقدم في ضمان إمكانية الوصول إلى العدالة للجميع؛

(ه) اتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة إنشاء الجمعية الوطنية.

٧٩- المعيار ٢: التزام واضح بإدخال إصلاحات على نظام الخدمة ال وطنية/العسكرية (انظر الفقرات 31 -32 أعلاه). والمؤشرات ذات الصلة هي كالتالي:

(أ) تقليص مدة الخدمة الوطنية/العسكرية إلى ١٨ شهرا ً ؛

(ب) وضع خطة متعددة السنوات لتسريح المجندين تدريجياً، والتشجيع على إيجاد فرص العمل واعتماد شروط العمل المنصفة.

٨٠- المعيار ٣: توسيع نطاق الجهود الرامية إلى ضمان حرية الدين وحرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير وحرية الصحافة، وتوسيع نطاق الجهود الرامية إلى القضاء على التمييز الديني والإثني (انظر الفقرات ٤٠ و٤٣-٤٤ و٤٨ و٥٢ و٥٥ و٥٩ أعلاه). والمؤشرات ذات الصلة هي كالتالي:

(أ) إخراج الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني من السجن، والإفراج عن الأشخاص الذين سجنوا بسبب عقيدتهم؛

(ب) تحسُّن بيئة عمل المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين والصحفيين وأعضاء المجتمع المدني، وإنشاء حيز للمجتمع المدني؛

(ج) تأسيس منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدينية السياسية المستقلة؛

(د) إصدار تراخيص لمحطات البث الإذاعي والتلفزيوني الخاصة؛

(ه) وضع سياسات لتحقيق التنمية المنصفة والإدماج الاجتماعي للأقليات الإثنية، ولا سيما فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والحد من الفقر.

٨١- المعيار ٤: التزام واضح بالتصدي لجميع أشكال العنف الجنساني وتعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين (انظر الفقرات 45-49 أعلاه). والمؤشرات ذات الصلة هي كالتالي:

(أ) اعتماد سياسات وتشريعات شاملة للتصدي لجميع أشكال العنف الجنساني؛

(ب) اعتماد خطة عمل وط نية لتنفيذ قرار مجلس الأمن ١٣٢٥ (٢٠٠٠)؛

(ج) إحراز تقدم في ضمان مشاركة المرأة، مشاركة كاملة وفعالة، وتكافؤ الفرص للاضطلاع بدور القيادة على جميع مستويات صنع القرار في الحياة السياسية والاقتصادية والعامة.

٨٢- المعيار ٥: تعزيز التعاون مع هيئات الأمم المتحدة المتخصصة في مجال حقوق الإنسان والوكالات الدولية واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (انظر الفقرتين 14 و63 أعلاه). والمؤشرات ذات الصلة هي كالتالي:

(أ) رفع القيود المفروضة على الوكالات الدولية العاملة في البلد فيما يتعلق بالتنقل والوصول؛

(ب) توجيه دعوة دائمة لزيارة البلد إلى المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان وأعضاء اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب؛

(ج) وضع خطة متعددة السنوات للتعاون التقني مع مفوضية حقوق الإنسان.

٨٣- وقدمت المقررة الخاصة في تقريرها عدة توصيات بي َّ نت فيها الإجراءات الفورية التي يمكن أن تتخذها حكومة إريتريا لبناء الثقة في التزامها المعلن بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وتشمل هذه الفئات الإفراج عن الأشخاص المحتجزين تعسفا ً ودون سند قانوني ، بجميع فئاتهم، ورفع القيود المفروضة على وصول وتنقل الوكالات الدولية العاملة أو الراغبة في العمل في البلد. وشددت المقررة الخاصة أيضاً على مجالات محددة تتطلب إجراء مشاورات أوسع وتعاونا ً تقنيا ً واستثمارات مالية وبناء القدرات، بما في ذلك ما يلي: إصلاح نظام الخدمة الوطنية/العسكرية، وتعزيز سيادة القانون، وضع مبادئ توجيهية وأنظمة ملائمة في مجال العمل تكون موجهة للعاملين في القطاعين العام والخاص، ووضع خطة وطنية لتنفيذ الإصلاحات الرامية إلى تعزيز حقوق المرأة. وتحث الحكومة على أن تشرع في العمل لمعالجة هذه المسائل.

٨٤- وأخيرا ً ، تشير المقررة الخاصة إلى أنها ستواصل، خلال الفترة المتبقية من ولايتها، رصد التقدم المحرز فيما يتعلق بالمعايير التي تقدَّم ذكرها، وسوف تقدم تقريرا ً شفويا ً عن المستجدات إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الحادية والأربعين بشأن تلك المسائل.