تجميع للتعليقات العامة والتوصيات العامة التي اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان

مذكرة من الأمانة

تتضمن هذه الوثيقة تجميعاً للتعليقات العامة أو التوصيات العامة التي اعتمدتها لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، ولجنة القضاء على التمييز العنصري، ولجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، ولجنة مناهضة التعذيب، ولجنة حقوق الطفل. أما اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين فلم تعتمد بعد أية تعليقات عامة.

المحتويات

الصفحة

أولاً- تعليقات عامة اعتمدتها لجنة الحقوق الاقتصادي ة والاجتماعية والثقافية 8

التعليق العام رقم 1: تقديم الدول الأطراف تقاريرها 8

التعليق العام رقم 2: التدابير الدولية للمساعدة التقنية (المادة 22 من العهد) 10

التعليق العام رقم 3: طبيعة التزامات الدول الأطراف (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد) 13

التعلي ق العام رقم 4: الحق في السكن الملائم (المادة 11(1) من العهد) 17

التعليق العام رقم 5: المعوقون 22

التعليق العام رقم 6: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن 32

التعليق العام رقم 7: الحق في السكن الملائـم (المادة 11(1) من العهـد ): حالات إخ ـلاء

المساكن بالإكراه 42

التعليق العام رقم 8: العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعـية

والثقافية 47

التعليق العام رقم 9: التطبيق المحلي للعهد 50

التعليق العام رقم 10: دور مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية في حماية الحقوق الا قتصادية

والاجتماعية والثقافية 54

التعليق العام رقم 11: خطط العمل من أجل التعليم الابتدائي (المادة 14) 55

التعليق العام رقم 12: الحق في الغذاء الكافي (المادة 11) 57

التعليق العام رقم 13: الحق في التعليم (المادة 13) 65

التعليق العام رقم 14: الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه (المادة 12) 79

التعليق العام رقم 15: الحق في الماء (المادتان 11 و12 من العهد) 98

ثانياً - تعليقات عامة اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان 116

التعليق العام رقم 1: الالتزام بتقديم التقارير 117

المحتويات (تابع )

الصفحة

التعليق العام رقم 2: المبادئ التوجيهية المتعلقة بتقديم التقارير 117

التعليق العام رقم 3: المادة 2 (التنفيذ على المستوى الوطني) 118

التعليق العام رقم 4: المادة 3 (الحـق المتسـاوي للرجـال والنسـاء فـي التمتع بجميـع

الحقوق المدنية والسياسية) 118

التعليق العام رقم 5: المادة 4 (عدم التقيد) 119

التعليق العام رقم 6: المادة 6 (الحق في الحياة) 120

التعليق العام رقم 7: المادة 7 (حظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية أو المهينة ) 121

التعليق العام رقم 8: المادة 9 (حق الفرد في ا لحرية والأمان على شخصه) 122

التعليق العام رقم 9: المادة 10 (المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم) 123

التعليق العام رقم 10: المادة 19 (حرية الرأي) 124

التعليق العام رقم 11: المادة 20 125

التعليق العام رقم 12: المادة 1 (حق تقرير المصير) 1 25

التعليق العام رقم 13: المادة 14 (إقامة العدل) 127

التعليق العام رقم 14: المادة 6 (الحق في الحياة) 130

التعليق العام رقم 15: وضع الأجانب بموجب العهد 131

التعليق العام رقم 16: المادة 17 (الحق في حرمة الحياة الخاصة) 133

التعليق العام رقم 17: الماد ة 24 (حقوق الطفل) 135

التعليق العام رقم 18: عدم التمييز 137

التعليق العام رقم 19: المادة 23 (الأسرة) 139

التعليق العام رقم 20: المادة 7 (حظـر التعذيب وغيـره مـن ضروب المعاملـة أو العقوبة القاسيـة أو اللاإنسانية أو المهينة) 141

المحتويات (تابع)

ال صفحة

التعليق العام رقم 21: المادة 10 (المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم) 143

التعليق العام رقم 22: المادة 18 (حرية الفكر والوجدان والدين) 146

التعليق العام رقم 23: المادة 27 (حقوق الأقليـات) 148

التعليق العام رقم 24: المسائل المتعلقة با لتحفظات التي تُبدى لدى التصديق على العهد أو البروتوكولين الاختياريين الملحقين به أو الانضمام إليها أو فيما يتعلق بالإعلانات التي تصدر في إطار المادة 41 من العهد 151

التعليق العام رقم 25: المادة 25 (المشاركة في إدارة الشؤون العامة وحق الاقتراع) 157

التع ليق العام رقم 26: استمرارية الالتزامات 162

التعليق العام رقم 27: المادة 12 (حرية التنقل) 163

التعليق العام رقم 28: المادة 3 (المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء) 168

التعليق العام رقم 29: المادة 4 (عدم التقيد بأحكام العهد أثناء حالات الطوارئ) 174

التعليق العام رقم 30: التزامات الدول الأطراف بتقديم التقارير بموجب المادة 40 من العهد 181

التعليق العام رقم 31: طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد 182

ثالثاً- توصيات عامة معتمدة من لجنة القضاء على التمييز العنصري 187

الت وصية العامة الأولى فيما يتعلق بالتزامات الدول الأطراف (المادة 4 من الاتفاقية) 187

التوصية العامة الثانية فيما يتعلق بالتزامات الدول الأطراف 187

التوصية العامة الثالثة فيما يتعلق بتقديم التقارير من جانب الدول الأطراف 188

التوصية العامة الرابعة فيما ي تعلق بتقديم التقارير من قبل الدول الأطراف (المادة 1 من الاتفاقية) 188

التوصية العامة الخامسة فيما يتعلق بتقديم التقارير من قبل الدول الأطراف (المادة 7 من الاتفاقية) 189

التوصية العامة السادسة فيما يتعلق بالتقارير التي فات موعد تقديمها 190

التوصية ال عامة السابعة المتعلقة بتنفيذ أحكام المادة 4 191

التوصية العامة الثامنة المتعلقة بتفسير وتطبيق أحكام الفقرتين 1 و4 من المادة 1 من الاتفاقية 192

المحتويات (تابع)

الصفحة

التوصية العامة التاسعة المتعلقة بتطبيق أحكام الفقرة 1 من المادة 8 من الاتفاقية 192

التوصية العامة العاشرة المتعلقة بالمساعدة التقنية 192

التوصية العامة الحادية عشرة المتعلقة بغير المواطنين 193

التوصية العامة الثانية عشرة بشأن الدول الخَلَف 193

التوصية العامة الثالثة عشرة بشأن تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين في مجال حماية ح قوق الإنسان 194

التوصية العامة الرابعة عشرة بشأن الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية 194

التوصية العامة الخامسة عشرة بشأن المادة 4 من الاتفاقية 195

التوصية العامة السادسة عشرة بشأن تطبيق أحكام المادة 9 من الاتفاقية 196

التوصية العامة السابعة عشرة بشأ ن إنشاء مؤسسات وطنية لتيسير تنفيذ الاتفاقية 197

التوصية العامة الثامنة عشرة بشأن إنشـاء محكمـة دوليـة لملاحقـة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية 197

التوصية العامة التاسعة عشرة بشأن المادة 3 من الاتفاقية 198

التوصية العامة العشرون بشأن المادة 5 من الاتفاقي ة 199

التوصية العامة الحادية والعشرون بشأن الحق في تقرير المصير 200

التوصية العامة الثانية والعشرون بشأن المادة 5 من الاتفاقية المتعلقة باللاجئين والمشردين 201

التوصية العامة الثالثة والعشرون بشأن حقوق الشعوب الأصلية 202

التوصية العامة الرابعة والع شرون بشأن المادة 1 من الاتفاقية 203

التوصية العامة الخامسة والعشرون بشأن أبعاد التمييز العنصري المتعلقة بنوع الجنس 204

التوصية العامة السادسة والعشرون بشأن المادة 6 من الاتفاقية 205

التوصية العامة السابعة والعشرون بشأن التمييز ضد الغجر 206

المحتويا ت (تابع)

الصفحة

التوصية العامة الثامنة والعشرون بشأن عملية متابعة المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب 210

التوصية العامة التاسعة والعشرون بشأن الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية 213

رابعاً - توصيات عامة اع تمدتها لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة 219

التوصية العامة رقم 1: تقديم الدول الأطراف للتقارير 219

التوصية العامة رقم 2: تقديم الدول الأطراف للتقارير 219

التوصية العامة رقم 3: حملات التثقيف والإعلام العام 220

التوصية العامة رقم 4: التحفظات 220

ا لتوصية العامة رقم 5: التدابير الخاصة المؤقتة 220

التوصية العامة رقم 6: الأجهزة الوطنية الفعالة والدعاية 221

التوصية العامة رقم 7: الموارد 221

التوصية العامة رقم 8: تنفيذ المادة 8 من الاتفاقية 222

التوصية العامة رقم 9: البيانات الإحصائية المتعلقة بو ضع المرأة 222

التوصية العامة رقم 10: الذكرى العاشـرة لاعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 223

التوصية العامة رقم 11: الخدمات الاستشارية التقنية الخاصة بالالتزامات بتقديم التقارير 224

التوصية العامة رقم 12: العنف ضد المرأة 224

الت وصية العامة رقم 13: تساوي الأجور عن الأعمال المتساوية القيمة 225

التوصية العامة رقم 14: ختان الإناث 226

التوصية العامة رقم 15: تجنب التمييز ضد المرأة في الاستراتيجيات الوطنية للوقاية من مرض متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) ومكافحته 227

التوصية ال عامة رقم 16: العاملات بلا أجر في المشاريع الأسرية في الريف والحضر 228

المحتويات (تابع)

الصفحة

التوصية العامة رقم 17: قياس وتقدير الأنشطة المنزلية التي تقوم بها النساء دون أجر والاعتراف بهذه الأنشطة في حساب الناتج القومي الإجمالي 229

التوصية العامة رقم 18: النساء المعوقات 230

التوصية العامة رقم 19: العنف ضد المرأة 230

التوصية العامة رقم 20: التحفظات على الاتفاقية 236

التوصية العامة رقم 21: المساواة في الزواج والعلاقات الأسرية 237

التوصية العامة رقم 22: تعديل المادة 20 من الاتفاقية 245

التوصية العامة رقم 23: الحياة السياسية والعامة 246

التوصية العامة رقم 24: المادة 12 من الاتفاقية (المرأة والصحة) 257

التوصية العامة رقم 25: الفقرة 1 من المادة 4 من الاتفاقية (التدابير الخاصة المؤقتة) 264

خامساً - تعليق عام اعتمدته لجنة مناهضة التعذيب 273

الت عليق العام رقم 1: تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22 (الإعادة القسرية والبلاغات) 273

سادساً - تعليق عام اعتمدته لجنة حقوق الطفل 276

التعليق العام رقم 1: أهداف التعليم 276

التعليق العام رقم 2: دور المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان في ح ماية وتعزيز حقوق الطفل 283

التعليق العام رقم 3: فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز وحقوق الطفل 290

التعليق العام رقم 4: صحة المراهقين ونموهم في سياق حقوق الطفل 303

التعليق العام رقم 5: التدابير العامة لتنفيذ اتفاقية حقوق الطفل (المواد 4، و42، و44- الفقرة 6) 315

أولاً- تعليقات عامة اعتمدتها لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

مقدمة: الغرض من التعليقات العامة*

1 - قررت + اللجنة، في دورت ه ا الثانية المعقودة عام 1988 (E/1988/14، الفقرتان 366 و 367) ، بناء على دعوة وجهها إليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي ( القرار 1987 /5 ) وأقرتها الجمعية العامة ( القرار 42 / 102) ، أن تشرع، اعتبارا من دورتها الثالثة، في إعداد تعليقات عامة تستند إلى شتى المواد والأحكام التي يتضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بغية مساعدة الدول الأطراف على الوفاء با لتزاماتها بتقديم التقارير.

2 - وقد قامت اللجنة، وكذلك فريق الخبراء الحكوميين العامل للدورة الذي كان قائما قبيل إنشاء اللجنة، ببحث 138 تقريرا أوليا و44 تقريرا دوريا ثانيا تتعلق بالحقوق التي تشملها المواد من 6 إلى 9 ومن 10 إلى 12 ومن 13 إلى 15 من العهد حتى ن هاية دورتها الثالثة. وتغطي هذه التجربة عددا كبيرا من الدول الأطراف في العهد، يبلغ حاليا 92 دولة ، تمثل كافة مناطق العالم على اختلاف نظمها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والقانونية. والتقارير التي قدمتها هذه الدول حتى الآن توضح الكثير من المشاكل التي قد تنشأ لدى تنفيذ العهد برغم أنها لم ت وفر حتى الآن أي صورة كاملة فيما يتعلق بالحالة العالمية بخصوص التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتشرح اللجنة في مقدمة المرفق الثالث ( التعليقات العامة ) لتقريرها لعام 1989 المقدم إلى المجلس الاقتصادي و الاجتماعي (E/1989/22) الغرض من التعليقات العامة كما يلي:

3 - "تسعى اللجنة، من خلال تعليقاتها العامة، إلى إتاحة التجربة المكتسبة حتى الآن من بحث هذه التقارير لتستفيد منها كافة الدول الأطراف بغية مساعدتها وتشجيعها على مواصلة تنفيذها للعهد، وتوجيه نظر ها إلى جو انب القصور التي يكشف عنها عدد كبير من التقارير ، واقتراح تحسينات في إ جراءات تقديم التقارير و إ نعاش الأنشطة التي تضطلع بها الدول الأطراف والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة لإعمال ا لحقوق المعترف بها في العهد إعمالاً تاماً بشكل تدريجي وفعال. ويمكن للجنة، متى اقتضت الضرورة، وفي ضوء تجربة الدول الأطراف وما تستخلصه من نتائج من تلك التجربة، أن تنقح وتستكمل تعليقاتها العامة".

الدورة الثالثة (1989) *

التعليق العام رقم 1 : تقديم الدول الأطراف تقاريرها

1- إ ن واجب تقديم التقارير الوارد في الجزء الرابع من العهد ي هدف أساسا إلى مساعدة كل دولة طرف على الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد، بال إ ضافة إلى توفير أساس يستطيع المجلس بالاستناد إليه ، وبمساعدة اللجنة، أن يؤدي مسؤولياته عن رصد وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها وعن تسهيل إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام ا لعهد. وترى اللجنة أن من الخطأ افتراض أن تقديم التقارير هو أساساً مجرد مسألة إ جرائية يقتصر هدفها على وفاء كل دولة طرف بالتزامها الرسمي بتقديم التقارير إلى هيئة الرصد الدولية المناسبة. فعلى ـــــــــــــ

* واردة في الوثيقة E/1989/22.

العكس من ذلك، ووفقا لن ص وروح العهد، ف إن عملية إعداد وتقديم التقارير من جانب الدول يمكن، بل ينبغي، أن تكون سبيلا لتحقيق مجموعة متنوعة من الأهداف.

2- الهدف الأول ، الذي يتسم بأهمية خاصة بالنسبة إلى التقرير الأولي الواجب تقديمه في غضون سنتين من بدء نفاذ العهد بالنسبة إلى الدولة الط رف المعنية، يتمثل في تأمين الاضطلاع باستعراض شامل للتشريع الوطني والقواعد وال إ جراءات ا لإ دارية والممارسات الوطنية سعيا ً إلى تأمين الامتثال الكامل للعهد بقدر الإمكان . ويمكن الاضطلاع باستعراض كهذا، على سبيل المثال، بالتعاون مع كل من الوزارات الوطنية المعنية أ و غيرها من السلطات المسؤولة عن وضع السياسات وتنفيذها في مختلف الميادين التي يشملها العهد.

3- والهدف الثاني يتمثل في تأمين قيام الدولة الطرف ب رصد الحالة الفعلية فيما يتصل بكل حق من الحقوق على أساس منتظم وبذا تكون مدركة لمدى تمتع كافة الأفراد الموجودين في إ ق ليمها أو المشمولين بولايتها بمختلف الحقوق أو عدم تمتعهم بها. ويتضح من الخبرة التي اكتسبتها اللجنة حتى الآن أن ه لا يمكن بلوغ هذا الهدف ب إ عداد إ حصاءات أو تقديرات وطنية كلية فقط، بل يقتضي الأمر أيضا أن يولى اهتمام خاص للأقاليم أو المناطق التي لم تحظ بنفس القد ر من التمتع ولأي مجموعات أو مجموعات فرعية محددة يبدو أنها معرضة للمخاطر أو محرومة بوجه خاص. وعلى هذا، فان الخطوة الأولى الأساسية صوب تعزيز إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تكمن في تشخيص ومعرفة الحالة السائدة. واللجنة تدرك أن عملية الرصد وجمع ا لمعلومات هذه عملية ربما تستغرق كثيرا من الوقت وتكون باهظة التكاليف وأنه ا قد تستلزم توفير مساعدة وتعاون دوليين، كما تنص على ذلك الفقرة 1 من المادة 2، والمادتان 22 و 23 ، من العهد، لتمكين بعض الدول الأطراف من الوفاء بالالتزامات ذات الصلة. و إ ذا كان الأمر كذلك، وإذا استنتجت الدولة الطرف أنها لا تملك القدرة على الاضطلاع بعملية الرصد التي هي جزء لا يتجزأ من أي عملية تهدف إلى النهوض بأهداف مقبولة تتوخاها السياسة العامة ولا غنى عنها في التنفيذ الفعال للعهد، فإنها تستطيع أن تدوّن هذه الحقيقة في تقريرها إلى اللجنة وأن تبين طبيعة ومقدار أي مساعدة دولية قد تحتاج إ ليها.

4- وبينما يقصد من عملية الرصد الاستعراض المفصل للحالة السائدة، فان القيمة الرئيسية لهذا الاستعراض تكمن في توفير الأساس لصياغة سياسات تبيّن بوضوح وتوجّه نحو أهداف دقيقة، بما في ذلك وضع أولويات تعكس أحكام الع هد. ولذلك، فان الهدف الثالث من عملية تقديم التقارير يتمثل في تمكين الحكومة من إثبات أن عملية تقرير السياسة المبدئية هذه قد تمت فعلاً . وفيما ينص العهد الدولي صراحة على التزام كهذا فقط فـي المـادة 14 فـي الحالات التي لم يؤمن فيها للجميع حتى الآن "التعليم الا بتدائي الإلزامي المجاني"، فإن هناك التزاما مماثلا "بوضع واعتماد خطة عمل مفصلة للإعمال التدريجي" لكل حق من الحقوق الواردة في العهد يتضمنه بوضوح التزام الدول الوارد في الفقرة 1 من المادة 2، " بأن تتخذ ما يلزم من خطوات... سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة...".

5- والهدف الرابع من عملية تقديم التقارير هو تسهيل الفحص العام للسياسات الحكومية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتشجيع على اشتراك مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع في صوغ السياسات ذات الصلة بالموضوع وتنفيذها واستع راضها. وقد رحبت اللجنة، في معرض بحثها للتقارير التي قدمت حتى الآن، بحقيقة أن عددا من الدول الأطراف ذات النظم السياسية والاقتصادية المختلفة قد شجعت هذه المجموعات غير الحكومية على تقديم مساهماتها في إعداد تقاريرها بموجب العهد. وأمنت دول أخرى نشر تقاريرها على نطاق واسع بغية تمكين عامة الناس من إ بداء التعليقات بشأنها. وبهذه الطرق، فإن إعداد التقرير والنظر فيه على المستوى الوطني يمكن أن يكتسبا أهمية تعادل على الأقل أهمية الحوار البناء الجاري على الصعيد الدولي بين اللجنة وممثلي الدولة المقدمة للتقرير.

6- والهدف ا لخامس يتمثل في توفير أساس يمك ِّ ن الدولة الطرف نفسها، فضلا عن اللجنة، من إجراء تقييم فعال لمدى التقدم المحرز صوب الوفاء بالالتزامات الواردة في العهد. ولهذا الغرض، قد يكون مفيدا للدول تحديد معايير معينة أو أهداف يمكن بواسطتها تقييم أدائها في مجال معين. وهكذا فإن من المتفق عليه عموما، على سبيل المثال، أن من الأهمية بمكان وضع أهداف معينة فيما يتعلق بتخفيض وفيات الأطفال، ومدى تلقيح الأطفال، و الكمية المأخوذة من السعرات الحرارية لكل شخص، وعدد الأشخاص لكل جهة توفر الرعاية الصحية، وما إلى ذلك. وفي العديد من هذه المج الات، تكون المعايير العالمية محدودة الفائدة، في حين أن المعايير الوطنية أو غي رها من المعايير الأكثر تحديدا يمكن أن توفر دلالة بالغة القيمة على التقدم المحرز .

7- وتود اللجنة أن تلاحظ، في هذا الصدد، أن العهد يولي أهمية خاصة لمفهوم "الإعمال التدريجي" للحقوق ذ ات الصلة، ولذلك السبب، تحث اللجنة الدول الأطراف على أن تدرج في تقاريرها الدورية معلومات تبين التقدم المحرز عبر الزمن في مجال الإعمال الفعلي للحقوق ذات الصلة. وبالمثل، يبدو واضحا أن البيانات بنوعها وكمها لازمة لتقييم الحالة تقييما ملائما.

8- والهدف السادس ي تمثل في تمكين الدولة الطرف ذاتها من أن تفهم بشكل أفضل المشاكل وجوانب القصور التي تواجَه في الجهود المبذولة من أجل الإعمال التدريجي لكامل مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولهذا السبب، من الضروري أن تقدم الدول الأطراف تقارير مفصلة عن "العوامل والصعوبات " التي تحول دون ذلك . وهذه العملية المتمثلة في تحديد المصاعب ذات الصلة والتسليم بوجودها توفر الإطار الذي يمكن أن يتم ضمنه وضع سياسات أنسب.

9- والهدف السابع يتمثل في تمكين اللجنة، والدول الأطراف ككل، من تيسير تبادل المعلومات فيما بين الدول والتوصل إ لى فهم أفضل للمشاكل المشتركة التي تواجهها الدول وتقدير أكمل لنوع ال إ جراءات التي يمكن اتخاذها لتشجيع الإعمال الفعال لكل حق من الحقوق التي يشملها العهد. وهذا الجانب من العملية يمكن اللجنة أيضا من تحديد أنسب الوسائل التي يمكن بفضلها للمجتمع الدولي أن يساعد ال دول، وفقا للمادتين 22 و 23 من العهد. ول إ براز الأهمية التي توليها اللجنة لهذا الهدف ، فإنها ستناقش في دورتها الرابعة تعليقا عاما منفصلا على هاتين المادتين.

الدورة الرابعة (1990) *

التعليق العام رقم 2 : التدابير الدولية للمساعدة التقنية ( المادة 22 من العهد )

1- ت نشئ المادة 22 من العهد آلية يمكن للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بواسطتها أن يوجه انتباه هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة إلى أية مسائل تنشأ عن التقارير المقدمة بموجب العهد "ويمكن أن تساعد تلك الأجهزة، كلاً في مجال اختصاصه، على تكوين رأي حول مدى ملاءمة اتخاذ تداب ير دولية من شأنها أن تساعد في ضمان فعالية التنفيذ التدريجي لهذا العهد". وفي حين أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق المجلس بموجب المادة 22، فمن الواضح أن من الملائم للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن تقوم بدور نشط في تقديم المشورة والمساعدة إل ى المجلس في هذا الصدد.

ـــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1990/23.

2- ويمكن تقديم توصيات، وفقا للمادة 22، إلى أي من "هيئات الأمم المتحدة وهيئاتهـا الفرعيـة والوكالات المتخصصة المعنية بتوفير المساعدة التقنيـة". وتـرى اللجنة أنه ينبغي تفسير ذلك الحكم بحيث يتضمن فعليا جميع أجهزة الأمم المتحدة والوكالات المشاركة في أي وجه من وجوه التعاون الإنمائي الدولي. ولذا، فقد يكون من الملائم أن توجه التوصيات الموضوعة بموجب المادة 22، من بين من توجه إليهم، إلى الأمين العام والأجهزة الفرعية للمجلس مثل لجنة حقوق الإنسان ولجنة الت نمية الاجتماعية ولجنة مركز المرأة، وهيئات أخرى مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف ولجنة التخطيط الإنمائي، ووكالات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وأي وكالات متخصصة أخرى مثل منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ومنظمة ال أمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ومنظمة الصحة العالمية.

3- ويمكن أن يترتب على المادة 22 إما توصيات لها طابع السياسة العامة أو توصيات أدق تركيزا تتعلق بحالة معينة. وفي السياق الأول، قد يبدو أن الدور الرئيسي للجنة هو التشجيع على إيلاء اهتمام أكبر للجهود ا لمبذولة لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار أنشطة التعاون الإنمائي الدولية التي تضطلع بها الأمم المتحدة ووكالاتها أو تقدم إليها المساعدة. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن لجنة حقوق الإنسان قد دعتها في قرارها 1989 / 13 المؤرخ في 2 آذار/مارس 19 89 "إلى النظر في الوسائل التي يمكن بها لسائر وكالات الأمم المتحدة العاملة في ميدان التنمية أن تدمج في أنشطتها على أفضل وجه التدابير التي تهدف إلى تعزيز الاحترام الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".

4- وتلاحظ اللجنة، كأمر عملي أولي، أنه مما يساع د مساعيها الخاصة، ومما يجعل الوكالات ذات الصلة أفضل إطلاعا أيضا، أن تولي تلك الوكالات اهتماما أكبر لعمل اللجنة. وفي حين تسلّم اللجنة بأنه يمكن إظهار هذا الاهتمام بطرق شتى، فإنها تلاحظ أن حضور ممثلي هيئات الأمم المتحدة المعنية في دوراتها الأربع الأولى كان ض عيفا جدا، باستثناء منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ومنظمة الصحة العالمية ، وهو استثناء جدير بالذكر. وبالمثل، فقد تلقت اللجنة مواد ومعلومات مكتوبة وثيقة الصلة بالموضوع من عدد قليل جدا من الوكالات. وترى اللجنة أن فهما أعمق لأه مية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في سياق أنشطة التعاون الإنمائي الدولي سيتيس َّ ر إلى حد كبير من خلال زيادة التفاعل بين اللجنة والوكالات المعنية . وعلى الأقل ، فإن يوم المناقشة العامة لقضية محددة، وهو ما تضطلع به اللجنة في كل دورة من دوراتها، يوفر س ياقا مثاليا يمكن الاضطلاع فيه بتبادل للآراء يمكن أن يكون مثمرا ً .

5- وبالنسبة إلى القضايا الأعم المتصلة بتعزيز الاحترام لحقوق الإنسان في سياق الأنشطة الإنمائية، لم تشهد اللجنة حتى الآن سوى أدلة محدود ة على قيام هيئات الأمم المتحدة بجهود محددة. وتلاحظ اللجنة بارتياح في هذا الصدد المبادرة التي اشترك في اتخاذها كل من مركز حقوق الإنسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالكتابة إلى الممثلين المقيمين للأمم المتحدة وغيرهم من المسؤولين الميدانيين لدعوتهم إلى تقديم "اقتراحاتهم ومشورتهم، وعلى وجه الخصوص بشأن الأشكال الم مكنة للتعاون في المشاريع الجارية [ التي تم تعيينها ] بوصفها ذات بعد من أبعاد حقوق الإنسان أو في المشاريع الجديدة التي تعد استجابة لطلب من حكومة معينة". وقد أُبلغت اللجنة أيضا بالجهود الطويلة الأمد التي تضطلع بها منظمة العمل الدولية للربط بين المعايير في مجال حقوق الإنسان وغيرها من المعايير الدولية في مجال العمل التي وضعتها هي نفسها وبين أنشطة التعاون التقني التي تقوم بها.

6- وهناك، بالنسبة إلى تلك الأنشطة، مبدآن عامان لهما أهمية. الأول أن مجموعتي حقوق الإنسان لا تتجزآن ومترابطتان. وهذا يعني أنه ينبغي للجهود المبذولة لتعزيز إحدى مجموعتي الحقوق أن تأخذ في اعتبارها بالكامل المجموعة الأخرى أيضا . وينبغي لوكالات الأمم المتحدة المشاركة في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن تبذل أقصى ما بوسعها لكي تكفل اتساق أنشطتها تماما مع التمتع بالحقوق المدنية والسي اسية. وهذا يعني، من الناحية السلبية، أنه ينبغي للوكالات الدولية أن تتجنب، على نحو دقيق، المشاركة في مشاريع تنطوي، مثلا، على استخدام السخرة بما يتنافى مع المعايير الدولية، أو على تعزيز أو توطيد التمييز ضد الأفراد أو الجماعات بما يتناقض مع أحكام العهد، أو تن طوي على عمليات إخلاء أو تشريد واسعة النطاق للأشخاص دون توفير كل أشكال الحماية والتعويض المناسبة. و هو يعني، من الناحية الإيجابية، أنه ينبغي للوكالات، حيثما أمكن، أن تعمل على دعم المشاريع والنهج التي تساهم ليس فقط في التنمية الاقتصادية أو تحقيق الأهداف الأخر ى المعرّفة تعريفاً واسعاً ، وإنما أيضا في تعزيز التمتع بجميع حقوق الإنسان.

7- والمبدأ الثاني الذي له صلة عامة بالموضوع أن أنشطة التعاون الإنمائي لا تساهم تلقائيا في تعزيز الاحترام للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فالكثير من الأنشطة المضطلع بها باسم "التنمية" قد تبين فيما بعد أنها أنشطة لم يحسن التفكير فيها، بل إ نها أنشطة معوقة من حيث حقوق الإنسان. وينبغي، من أجل تقليل حدوث مشاكل كهذه، أن يولى النظر، على نحو محدّد ومتأن، في كل القضايا المعالجة في العهد، كلما أمكن ذلك وكان مناسبا.

8- ورغم أهمية السعي إ لى إدماج الشواغل المتعلقة بحقوق الإنسان في الأنشطة الإنمائية، فمن الصحيح أن المقترحات الخاصة بهذا الإدماج يمكن بسهولة تامة أن تبقى على مستوى العموميات. وهكذا، وسعيا إلى تشجيع إضفاء الطابع العملي على المبدأ الوارد في المادة 22 من العهد، ترغب اللجنة في توجيه الانتباه إلى التدابير المحددة التالية التي تستحق أن تنظر فيها الهيئات المعنية :

( أ ) ينبغي، من ناحية المبدأ، لأجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المختصة أن تسلّم تحديداً بالعلاقة الجوهرية التي ينبغي إنشاؤها بين الأنشطة الإنمائية والجهود الرامية إلى تعزيز الاحتر ام لحقوق الإنسان بصفة عامة، وللحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بصفة خاصة. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد قصور كل من استرات ي جيات عقود الأمم المتحدة الإنمائية الثلاث الأولى عن إدراك تلك العلاقة، وتحث على ضرورة أن تصحح الاستراتيجية الرابعة، التي ستُعتمد عام 1990 ، هذا الإغفال؛

( ب ) ينبغي لوكالات الأمم المتحدة أن تولي الاعتبار للاقتراح الذي قدمه الأمين العام في تقرير أُعِدّ في عام 1979 (1) بأن يُطلب إعداد "بيان عن تأثير حقوق الإنسان" بالنسبة إلى جميع أنشطة التعاون الإنمائي الرئيسية.

( ج ) ينبغي أن يشمل التدريب أ و التوجيه المقدمين إلى موظفي المشاريع وغيرهم من الموظفين الذين تستخدمهم وكالات الأمم المتحدة عنصرا يعالج معايير حقوق الإنسان ومبادئها؛

( د ) ينبغي بذل كل جهد ممكن، في كل مرحلة من مراحل أي مشروع إنمائي، لكفالة مراعاة الحقوق الواردة في العهد على النحو الواجب. وينطبق ذلك، مثلا، في التقييم الأولي للحاجات ذات الأولوية لبلد معين، وفي تحديد ملامح مشروع معين، وفي تصميم المشروع، وفي تنفيذ المشروع، وفي تقييمه النهائي.

9- ومن الأمور التي شغلت اهتمام اللجنة بوجه خاص أثناء بحث تقارير الدول الأطراف، الأثر المعاكس لأعباء ا لديون ولتدابير التكيف ذات الصلة على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في بلدان كثيرة. وتسلم اللجنة بأنه كثيرا ما سيتعذر تجنب برامج التكيف، وبأن هذه البرامج ستنطوي مرارا على عنصر تقشف رئيسي. بيد أنه، في ظل ظروف كهذه تصبح المساعي الرامية إلى حم اية أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أكثر إلحاحا وليس العكس. وهكذا، ينبغي للدول الأطراف في العهد، علاوة على وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة، أن تبذل جهدا خاصا لكفالة أن تكون تلك الحماية، إلى أقصى حد ممكن، مدمجة في البرامج والسياسات المصممة لتعزي ز التكيف. ومثل هذا النهج، الذي يشار إليه في بعض الأحيان باسم "التكيف ذي الوجه الإنساني" أو باعتباره يعزز "البعد الإنساني للتنمية"، يتطلب أن يصبح هدف حماية حقوق الفقراء والضعفاء هدفا أساسيا للتكيف الاقتصادي. وبالمثل، ينبغي للتدابير الدولية الخاصة بعلاج أزمة الديون أن تأخذ في اعتبارها تماما الحاجة إلى حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن طريق جملة أمور منها التعاون الدولي. ومن الممكن، في كثير من الحالات، أن يشير ذلك إلى الحاجة إلى ال مبادرات ال رئيسية لتخفيف أعباء الديون .

10 - وأخيرا، ترغب اللجنة في توجيه الانتباه إلى الفرصة الهامة المتاحة للدول الأطراف، وفقا للمادة 22 من العهد، لكي تحدد في تقاريرها ما قد يكون لديها من حاجات خاصة إلى المساعدة التقنية أو التعاون الإنمائي.

الحاشية

( 1 ) "الأبعاد الدولية للحق في التنمية باعتباره حقا من حقوق الإنسان يتصل ب حقوق أخرى ل لإ نسان على أساس التعاون الدولي، بما في ذلك الحق في السلم، مع إيلاء الاعتبار لمتطلبات النظام الاقتصادي الدولي الجديد واحتياجات الإنسان الأساسية " (E/CN.4/1334، الفقرة 314) .

الدورة الخامسة (1990) *

التعليق العام رقم 3 : طبيعة التزامات الدول الأطراف ( الفقرة 1 من المادة 2 من العهد )

1- تتسم المادة 2 بأهمية خاصة لتفهم العهد تفهما تاما، ويجب اعتبار أن لها علاقة دينامية بسائر أحكامه. وهي تصف طبيعة الالتزامات القانونية العامة التي تتعهد بها الدول الأطراف في العهد. وتشمل هذه الالتزامات على حد سواء ما يمكن أن يسمى ( تبعا لعمل لجنة القانون الدولي ) التزامات بسلوك، والتزامات بتحقيق نتيجة. وبينما تم أحيانا التشديد بقوة على الاختلاف الموجود بين الصيغة المستخدمة في هذه المادة والصيغة المستخدمة في المادة 2 النظيرة لها من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإ نه من غير المسلم به دوما أنه توجد أيضا أوجه شبه هامة. وعلى وجه الخصوص، بينما ينص العهد على الإعمال التدريجي للحقوق ويقر بوجود قيود ناشئة عن محدودية الموارد المتاحة، فهو يفرض أيضا التزامات شتى لها أثر فوري. ومن هذه الالتزامات، هناك التزامان يتصفان بأهمية خا صة لتفهم الطبيعة المحددة لالتزامات الدول الأطراف. أحدهما، ويتناوله تعليق عام منفصل ستنظر فيه اللجنة في دورتها السادسة، هو تعهد الدول الأطراف "بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق" ذات الصلة ممارسة "لا يشوبها أي تمييز...".

2- أما التعهد الآخر، فهو تعهد الدول الأطراف ، في المادة 2 ( 1 ) ، "بأن تتخذ... خطوات"، وهو تعهد ليس، في حد ذاته، مقيدا أو محدودا باعتبارات أخرى. ويمكن أيضا تقدير المعنى التام لهذه العبارة بملاحظة بعض صياغاتها المختلفة باللغات الأخرى. ففي النص ال إ نكليزي، تتعهد الدول الأطراف "بأن تتخذ ... خطوات" ("totake steps") ، وفي النص الفرنسي، تتعهد "بأن تعمل على" ("s'engagent à agir")، وفي النص ا لإ سباني، تتعهد "بأن تعتمد تدابير" ("a adoptar medidas"). وعليه، ففي حين أن الإعمال التام للحقوق ذات الصلة يمكن تحقيقه تدريجيا، فلا بد من اتخاذ خطوات باتجاه هذا الهدف في غضون مدة قصيرة معقولة من الزمن بعد بدء نفاذ العهد بالنسبة إلى الدول المعنية. وينبغي أن تكون هذه الخطوات متعمدة ومحددة وهادفة بأكبر درجة ممكنة من الوضوح إلى الوفاء بالالتزامات المعترف بها في العهد.

ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1991/23.

3- أما الوسائل التي ي نبغي استخدامها للوفاء بالالتزام باتخاذ خطوات، فهي مبينة في المادة 2 ( 1 ) ، بوصفها "جميع السبل المناسبة، وخصوصا سبيل اعتماد تدابير تشريعية". وتقر اللجنة بأن التشريع مستصوب للغاية في كثير من الحالات، وقد لا يُستغنى عنه في بعض الحالات. فقد يكون من الصعب، مثلا، م كافحة التمييز بفعالية في غياب أساس تشريعي سليم لما يلزم اتخاذه من تدابير. وفي ميادين مثل الصحة، وحماية الأطفال والأمهات، والتعليم، وكذلك فيما يتعلق بالمسائل التي تتناولها المواد من 6 إلى 9، يمكن أن يكون التشريع أيضا عنصرا لا غنى عنه لأغراض كثيرة.

4- وتلاح ظ اللجنة أن الدول الأطراف قد دأبت عموما على أن تقدّم بدقة تفاصيل فيما يتصل على الأقل ب بعض ما اتخذته من تدابير تشريعية في هذا الشأن. غير أن اللجنة تود أن تشدد على أن اعتماد تدابير تشريعية، على نحو ما يتوخاه العهد بالتحديد، لا يستنفد على الإطلاق التزامات الد ول الأطراف. بل إ ن عبارة "جميع السبل المناسبة" يجب إعطاؤها معناها الكامل والطبيعي. وفي حين أنه ينبغي لكل دولة طرف أن تقرر بنفسها ما هي أنسب السبل، في ظل الظروف السائدة، فيما يتعلق بكل حق من الحقوق، فإن "مناسبة" السبل التي يتم اختيارها لن تكون دوما أمرا بدي هيا. وعليه فإن من المستصوب أن تبين تقارير الدول الأطراف ليس فقط ما اتُخذ من تدابير، وإنما أيضا الأساس الذي تُعتبر ، بناء عليه ، أنها "أنسب" التدابير في ظل الظروف السائدة. بيد أن الحكم النهائي في ما إذا كانت جميع التدابير المناسبة قد اتخذت هو حكم يعود إلى الل جنة.

5- ومن بين التدابير التي قد تعتبر مناسبة، إضافة إلى التشريع، توفير سبل التظلم القضائي فيما يتعلق بالحقوق التي يمكن، وفقا للنظام القانوني الوطني، اعتبارها حقوقا يمكن الاحتجاج بها أمام المحاكم. فتلاحظ اللجنة، مثلا، أن التمتع بالحقوق المعترف بها، دونما ت مييز، يشجّع، في كثير من الأحيان على النحو المناسب، إلى حد ما، من خلال توفير سبل التظلم القضائي أو غيرها من سبل الانتصاف الفعالة. والواقع أ ن الدول الأطراف التي هي أيضا أطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ملتزمة بالفعل ( بمقتضى المواد 2 ( الف قرتان 1 و3 ) و3 و 26) من العهد المذكور "بأن تكفل توفر سبيل فعال للتظلم" لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته ( بما في ذلك حقه في المساواة وعدم التمييز ض ـ ده (المعترف بها في العهد المذكور ( المادة 2 ( 3 )( أ )) . وإضافة إلى ذلك، هناك عدد من الأحكام الأخرى في العهد الدولي ال خاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما فيها المواد 3، و7 ( أ )‘ 1 ‘ ، و8، و 10( 3 ) و 13( 2 )( أ ) ، و ( 3 ) ،و ( 4 ) ، و 15( 3 ) ، يبدو أنها قابلة للتطبيق الفوري من جانب الأجهزة القضائية وغيرها من الأجهزة في كثير من النظم القانونية الوطنية. وأية حجة قائلة بأن الأحكام الم بينة هي، بطبيعتها، غير ذاتية التنفيذ، تبدو حجة واهية.

6- وفي الحالات التي اعتُمدت فيها، في شكل تشريعي، سياسات محددة تهدف بصورة مباشرة إلى إعمال الحقوق المعترف بها في العهد، ترغب اللجنة في أن تحاط علما، في جملة أمور، بما إذا كانت هذه القوانين تنشئ ، لصالح ا لأفراد أو الجماعات الذين يرون أن حقوقهم لا يجري إعمالها إعمالا تاما ، حق إقامة الدعوى. وفي الحالات التي منح فيها اعتراف دستوري لحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية محددة، أو التي تم فيها دمج أحكام العهد دمجا مباشرا في القانون الوطني، ترغب اللجنة في تلقي معلومات عن مدى إمكان اعتبار هذه الحقوق حقوقا يمكن الفصل فيها بالقضاء (أي يمكن الاحتجاج بها أمام المحاكم ) . كما ترغب اللجنة في تلقي معلومات محددة عن أية حالات اعترى فيها الأحكام الدستورية القائمة المتصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضعف أو تغيير كبير.

7 - والتدابير الأخرى التي يمكن أيضا اعتبارها "مناسبة" لأغراض المادة 2 ( 1 ) تشمل التدابير الإدارية والمالية والتعليمية والاجتماعية، ولكنها لا تقتصر عليها.

8- وتلاحظ اللجنة أن تعهد الدول الأطراف "بأن تتخذ ... ما يلزم من خطوات ... سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسب ة، وخصوصا سبيل اعتماد تدابير تشريعية"، لا يتطلب ولا يستبعد استخدام أي شكل معين من أشكال الحكم أو النظم الاقتصادية كوسيلة لتنفيذ الخطوات موضوع البحث، وذلك بشرط واحد هو أن يكون ديمقراطيا وأن يتم بذلك احترام حقوق الإنسان كافة. وعليه، فإن العهد محايد من حيث ال نظم السياسية والاقتصادية، ولا يمكن وصف مبادئه وصفا دقيقا بأنها تقوم حصرا على ضرورة أو استصواب إقامة نظام اشتراكي أو رأسمالي، أو اقتصاد مختلط أو مخطط مركزيا أو حر، أو على أي نهج معين آخر. وفي هذا الشأن، تؤكد اللجنة مجددا أن الحقوق المعترف بها في العهد قابلة للإعمال في سياق مجموعة متنوعة واسعة من النظم الاقتصادية والسياسية، بشرط واحد، هو أن يعترف النظام موضوع البحث بترابط مجموعتي حقوق الإنسان وبعدم قابليتهما للتجزئة، على نحو ما تؤكده، في جملة أمور، ديباجة العهد، وأن يعكس النظام ذلك. كما تلاحظ اللجنة ما لحقوق الإنسان الأخرى، ولا سيما الحق في التنمية ، من صلة بالموضوع في هذا الشأن.

9- إن الالتزام الرئيسي بتحقيق نتيجة ، وهو الالتزام الذي تنص عليه المادة 2 ( 1 )، يتمثل في اتخاذ خطوات "لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها" في العهد. وعبارة "التمتع التدريجي" تُستخدم في كثير من الأحيان لوصف القصد من هذا التعبير. ويشكل مفهوم التمتع التدريجي اعترافا بأن التمتع الفعلي بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لن يتسنى تحقيقه بوجه عام في فترة قصيرة من الزمن. وبهذا المعنى، يختلف الالتزام اختلافا هاما عن الالتزام الوارد في المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تجسد التزاما فوريا باحترام وضمان جميع الحقوق ذات الصلة. غير أن كون العهد ينص على التمتع بالحقوق مع مرور الوقت، أو بتعبير آخر تدريجيا ينبغي ألا يساء تفسيره بشكل يفرغ الالتزام من كل مض مون ذي دلالة. فهو، من جهة، أداة ضرورية من أدوات المرونة، تعكس صورة واقع العالم الحقيقي وما قد يواجهه أي بلد من صعوبات في ضمان التمتع الكامل بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن جهة أخرى، يجب قراءة العبارة في ضوء الهدف الكلي للعهد، وفي الواقع، سبب وجوده، وهو وضع التزامات واضحة على عاتق الدول الأطراف فيما يتعلق بالتمتع الكامل بالحقوق موضوع البحث. ومن ثم، يفرض العهد التزاما بالتحرك بأكبر قدر ممكن من السرعة والفعالية نحو هذا الهدف. وعلاوة على ذلك، فإن أية تدابير تراجعية متعمدة في هذا الشأن سوف تتطلب در اسة متأنية للغاية وسوف يلزم تبريرها تبريرا تاما بالإشارة إلى كامل الحقوق التي ينص عليها العهد وفي سياق الاستخدام الكامل لأقصى ما هو متاح من ال موارد.

10 - واستنادا إلى الخبرة الواسعة التي اكتسبتها اللجنة، وكذلك الهيئة التي سبقتها، خلال فترة دراسة تقارير الدو ل الأطراف، وهي فترة تزيد على العقد ، ترى اللجنة أنه يقع على عاتق كل دولة من الدول الأطراف حد أدنى من الالتزام الأساسي بضمان الوفاء، على أقل تقدير، بالمستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق. ومن ثم، وعلى سبيل المثال، فإن الدولة الطرف التي يُحرم فيها أ ي عدد هام من الأفراد من المواد الغذائية الأساسية، أو من الرعاية الصحية الأولية الأساسية، أو من المأوى والمسكن الأساسيين، أو من أشكال التعليم الأساسية، تُعتبر ، بداهةً، متخلفة عن الوفاء بالتزاماتها بمقتضى العهد. فإذا قُرئ العهد على نحو لا يحدد هذا الالتزام الأساس ي الأدنى، يكون قد جُرد إلى حد كبير من سبب وجوده. كما يجب ملاحظة أن أي تقدير لما إذا كانت دولة من الدول قد وفت بالتزامها الأساسي الأدنى يجب أن تراعى فيه أيضا قيود الموارد القائمة في البلد المعني. فالمادة 2 ( 1 ) تلزم كل دولة من الدول الأطراف بأن تتخذ ما يلزم م ن خطوات "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة". وكيما تتمكن دولة ما من الدول الأطراف من عزو تخلفها عن الوفاء على الأقل بالتزاماتها الأساسية الدنيا إلى قلة الموارد المتاحة، يجب عليها أن تثبت أنها قد بذلت كل جهد من أجل استخدام كل الموارد التي هي تحت تصرفها في سب يل الوفاء، على سبيل الأولوية، بهذه الالتزامات الدنيا.

11- غير أن اللجنة ترغب في التأكيد على أنه حتى عندما يثبت أن الموارد المتاحة غير كافية، تظل الدولة الطرف ملزمة بالسعي لضمان التمتع، على أوسع نطاق ممكن، بالحقوق ذات الصلة في ظل الظروف السائدة. وعلاوة على ذلك، ف إن الالتزامات برصد مدى التمتع، أو بالأخص، عدم التمتع، بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وباستنباط استراتيجيات وبرامج لتعزيزها، لا تزول بأي شكل من الأشكال نتيجة لقيود الموارد. وقد سبق أن تناولت اللجنة هذه القضايا في تعليقها العام رقم 1 (1989) .

12 - وبالمثل، تشدد اللجنة على أنه، حتى في أوقات وجود قيود شديدة على الموارد، سواء بسبب عملية التكيف أو بسبب الانتكاس الاقتصادي أو غير ذلك من العوامل، يمكن، بل يجب، حماية الضعفاء من أفراد المجتمع المعرضين للمخاطر باعتماد برامج هادفة منخفضة الكلفة. ودعما لهذ ا النهج، تحيط اللجنة علما بالتحليل الذي أعدته اليونيسيف بعنوان Adjustment With a Human Face: Protecting the Vulnerable and Promoting Growth ( 1 ) ( التكيف ذو الوجه الإنساني: حماية الضعفاء وتعزيز النمو ) ، والتحليل الذي أعده برنامج الأمم المتحدة ال إ نمائي في تقرير ه Human Development Report 1990 ( 2 ) ( تقرير التنمية البشرية لعام 1990) ، والتحليل الذي أعده البنك الدولي في World Development Report 1990 ( 3 ) ( تقرير التنمية العالمية لعام 1990) .

13 - وثمة عنصر أخير للمادة 2 ( 1 ) لا بد من توجيه النظر إليه وهو أن تعهد جميع الدول ال أطراف هو "بأن تتخذ، بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني... خطوات...". وتلاحظ اللجنة أن واضعي العهد أرادوا من عبارة "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحـة" أن تشير في آن واحد إلى الموارد القائمة داخل الدولة وإلى الموارد المتاحة من المجتمع الدولي من خلال التعاون والمساعدة الدوليين. وعلاوة على ذلك، ف إن الأحكام المحددة الواردة في المواد 11 و 15 و22 و 23 تؤكد كذلك الدور الجوهري لهذا التعاون في تيسير الإعمال الكامل للحقوق ذات الصلة. وفيما يتعلق بالمادة 22، فإن اللجنة قد وجهت النظر بالفعل، في التعليق العام رقم 2 (1990) ، إلى بعض الفرص والمسؤوليات القائمة فيما يتعلق بالتعاون الدولي. كما أن المادة 23 تنص بالتحديد على "توفير مساعدة تقنية"، وكذلك على أنشطة أخرى، بوصفها من الوسائل التي تتيح اتخاذ "التدابير الدولية الرامية إلى كف الة إعمال الحقوق المعترف بها...".

14 - وترغب اللجنة في التأكيد على أن التعاون الدولي من أجل التنمية، وبالتالي من أجل إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هو، وفقا للمادتين 55 و 56 من ميثاق الأمم المتحدة، ولمبادئ القانون الدولي الثابتة، ولأحكام العهد ذاته، التزام يقع على عاتق الدول كافة. وهو يقع، بوجه خاص، على عاتق الدول التي تستطيع مساعدة غيرها من الدول في هذا الشأن. وتلاحظ اللجنة، على وجه الخصوص، أهمية إعلان الحق في التنمية الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 41 / 128 المؤرخ في 4 كانون الأول/ديسمبر 1986 وضرورة أن تراعي الدول الأطراف المراعاة التامة جميع المبادئ المعترف بها في الإعلان المذكور. وتؤكد اللجنة أنه، في غياب برنامج نشط للمساعدة والتعاون الدوليين من جانب جميع الدول التي تستطيع الاضطلاع بمثل هذا البرنامج، سيظل الإعمال التام للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كثير من البلدان طموحاً لم يتحقق. وفي هذا الشأن، تشير اللجنة أيضا إلى ما ورد في تعليقها العام رقم 2 (1990) .

الحواشي

( 1 )G.A. Cornia, R. Jolly and F. Stewart, eds., Oxford, Clarendon Press, 1987.

( 2 )Oxford, Oxford University Press, 1990.

( 3 )Oxford, Oxford University Press, 1990.

الدورة السادسة ( 1991 ) *

التعليق العام رقم 4 : الحق في السكن الملائم ( المادة 11 ( 1 ) من العهد )

1- بموجب المادة 11 ( 1 ) من العهد، "تقر الدول الأطراف بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية". و إن حق الإنسان في السكن الملائم، الناتج عن الحق في التمتع ب مستوى معيشي كاف، يتسم بأهمية أساسية بالنسبة ل لتمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

2- وقد استطاعت اللجنة أن تجمع قد را كبيرا من المعلومات المتصلة بهذا الحق. فمنذ عام 1979 ، نظرت اللجنة، والهيئات السابقة لها، في 75 تقريرا تعالج الحق في السكن الملائم. كما خصصت اللجنة يوما ل لمناقشة العامة لهذه المسألة في كل من دورتيها الثالثة ( انظر E/1989/22، الفقرة 312) والرابعة (E/1990/23، الفقرات 281 - 285) . يضاف إلى ذلك أن اللجنة قد أحاطت علما بعناية بالمعلومات التي تمخضت عنها السنة الدولية ل إ يواء المشردين (1987) ، بما في ذلك الاستراتيجية العالمية للمأوى حتى عام 2000 التي اعتمدتها الجمعية العامة في قرارها 42 /191 المؤرخ في 11 كانون الأول/ديس مبر 1987 ( 1 ) . كما استعرضت اللجنة التقارير ذات الصلة وغيرها من وثائق لجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات ( 2 ) .

3 - وبالرغم من أن هناك مجموعة متنوعة واسعة من الصكوك الدولية التي تعالج مختلف أبعاد الحق في السكن الملائم ( 3 ) ، فإن المادة 11 ( 1 ) من العهد تمثل الحكم الأشمل ولربما الأهم من الأحكام ذات الصلة.

4- وعلى الرغم من قيام المجتمع الدولي على نحو متكرر ب إ عادة تأكيد أهمية الاحترام التام للحق في السكن الملائم، فإنه لا تزال هناك فجوة واسعة على نحو مقلق بين المعايير المحددة في المادة 11 ( 1 ) من العهد والحالة السائدة في الكثير من أنحاء العالم. وفي حين أن المشاكل كثيرا ما تكون حادة بصفة خاصة في بعض البلدان النامية التي تواجه تقييدات كبيرة للموارد وغير ذلك من القيود، فإن اللجنة تلاحظ أن مشاكل ذات شأن متمثلة في انعدام المأوى وعدم كفاية السكن توجد أيض ا في بعض المجتمعات الأكثر تقدما من الناحية الاقتصادية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هناك على نطاق العالم أكثر من 100 مليون شخص يفتقرون إلى المأوى وأكثر من مليار شخص يعيشون في مساكن غير ملائمة ( 4 ) . وليس هناك ما يدل على أن هذا العدد آخذ في التناقص. ويبد و واضحا أنه ما من دولة من الدول الأطراف إلا وتعاني مشاكل هامة من نوع أو آخر فيما يتعلق بالحق في السكن.

5- وفي بعض الحالات، تضمنت تقارير الدول الأطراف، التي نظرت فيها اللجنة، اعترافا بالصعوبات المواجهة في ضمان الحق في المسكن الملائم واشتملت على وصف لهذه الص عوبات. إلا أن المعلومات المقدمة لم تكن في الغالب كافية لتمكين اللجنة من الحصول على صورة كافية للحالة السائدة في الدولة المعنية. ولذلك، فإن هذا التعليق العام يرمي إلى تحديد بعض المسائل الرئيسية التي تعتبرها اللجنة مهمة فيما يتعلق بهذا الحق.

ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1992/23.

6- إن الحق في المسكن الملائم ينطبق على جميع الناس. وفي حين أن ال إ شارة إلى "له ولأسرته" تعبر عن افتراضات فيما يتعلق بأدوار الجنسين وأنماط النشاط الاقتصادي التي كانت مقبولة عموما في عام 1966 عندما تم اعتماد العهد، فإنه لا يمكن قرا ءة هذه العبارة اليوم باعتبارها تعني فرض أي قيود على انطباق الحق على أفراد أو على أسر معيشية تعيلها نساء أو على جماعات أخرى من هذا القبيل. وهكذا، فإن فكرة "الأسرة" يجب فهمها بالمعنى الواسع. ويضاف إلى ذلك أن من حق الأفراد، وكذلك الأسر، الحصول على مسكن ملائم بغض النظر عن السن أو الوضع الاقتصادي أو الانتماء إلى جماعة أو غيرها أو المركز الاجتماعي وعوامل أخرى من هذا القبيل. وبصفة خاصة، يجب ألا يخضع التمتع بهذا الحق، وفقا للمادة 2 ( 2 ) من العهد، لأي شكل من أشكال التمييز.

7- وفي رأي اللجنة أن الحق في السكن ينبغي ألا يفسر تفسيرا ضيقا أو تقييديا يجعله مساويا، على سبيل المثال للمأوى الموفر للمرء بمجرد وجود سقف فوق رأسه، أو يعتبر المأوى على وجه الحصر سلعة. بل ينبغي النظر إلى هذا الحق باعتباره حق المرء في أن يعيش في مكان ما في أمن وسلام وكرامة. وهذا مناسب لسببين على الأقل. ففي المقام الأول، يعتبر الحق في السكن مرتبطا ارتباطا تاما بسائر حقوق الإنسان وبالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها العهد. وهكذا، فإن "الكرامة المتأصلة في شخص الإنسان" التي يقال إن الحقوق المبينة في العهد مستمدة منها تقتضي أن يُفسر مصطلح "السكن" تفسيرا يأخذ ف ي الحسبان مجموعة متنوعة من الاعتبارات الأخرى، وبدرجة أهم جدا، أن يُكفل الحق في السكن لجميع الناس بصرف النظر عن الدخل، أو إمكانية حيازة موارد اقتصادية. ثانيا، يجب أن تُقرأ الإشارة الواردة في المادة 11 ( 1 ) باعتبارها إشارة لا إلى السكن فحسب وإنما إلى السكن الم لائم. وكما أعلنت لجنة المستوطنات البشرية وكذلك الاستراتيجية العالمية للمأوى حتى عام 2000 : فإن "المأوى الملائم يعني... التمتع بالدرجة الملائمة من الخصوصية، والمساحة الكافية، والأمان الكافي، والإنارة والتهوية الكافيتين، والهيكل الأساسي الملائم، والموقع الملا ئم بالنسبة إلى أمكنة العمل والمرافق الأساسية - وكل ذلك بتكاليف معقولة".

8- وهكذا، فإن مفهوم الكفاية يتسم بمغزى خاص فيما يتعلق بالحق في السكن ، إذ إنه يساعد على إ براز عدد من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند تحديد ما إذا كان يمكن النظر إلى أشكال معينة م ن أشكال المأوى باعتبارها تشكل "سكنا ملائما" لأغراض العهد. وفي حين أن الكفاية تحددها جزئيا عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية ومناخية و إ يكولوجية وغير ذلك من العوامل، فإن اللجنة تعتقد أن من الممكن مع ذلك تحديد بعض جوانب هذا الحق التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار له ذه الغاية في أي سياق معين. وهذه الجوانب تشمل ما يلي:

( أ ) الضمان القانوني لشغل المسكن : إ ن شغل المسكن يتخذ أشكالا مختلفة منها ال إ يجار ( العام والخاص ) ، وال إ سكان التعاوني، وشغل المسكن من قبل مالكه، وال إ سكان في حالات الطوارئ، والاستيطان غير الرسمي، بما في ذلك ا لاستيلاء على الأراضي أو العقارات. وبصرف النظر عن نوع شغل المسكن، ينبغي أن يتمتع كل شخص بدرجة من الأمن في شغل المسكن تكفل له الحماية القانونية من الإخلاء بال إ كراه، ومن المضايقة، وغير ذلك من التهديدات. ولذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير فورية ترمي إلى توفير الضمان القانوني لشغل المسكن بالنسبة إلى الأشخاص والأسر الذين يفتقرون حاليا إلى هذه الحماية، وذلك من خلال تشاور حقيقي مع الأشخاص والجماعات المتأثرة؛

( ب ) توفير الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية : إن المسكن الملائم يجب أن تتوفر له بعض المرافق الأساسية اللازمة للصحة والأمن والراحة والتغذية. وينبغي أن تتاح لجميع المستفيدين من الحق في السكن الملائم إ مكانية الحصول بشكل مستمر على الموارد الطبيعية والعامة ومياه الشرب النظيفة، والطاقة لأغراض الطهي والتدفئة والإضاءة، ومرافق ال إ صحاح والغسل، ووسائل تخزين الأغذية، والتخلص من النفايات، وتصريف المياه، وخدمات الطوارئ؛

( ج ) القدرة على تحمل الكلفة : إن التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية المرتبطة بالسكن ينبغي أن تكون ذات مستوى يكفل عدم تهديد تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى أو الانتقاص منها. وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات لضمان أن تكون النسبة المئوية للتكاليف المتصلة بالسكن متناسبة، بصورة عامة، مع مستويات الدخل. وينبغي للدول الأطراف تقديم إ عانات سكن لأولئك الذين لا يستطيعون الحصول على مساكن يمكنهم تحمل كلفتها، فضلا عن تحديد أشكال ومستويات تمويل ال إ سكان التي ت عبر بصورة كافية عن الاحتياجات للسكن. ووفقا لمبدأ مراعاة القدرة على تحمل التكاليف، ينبغي حماية مستأجري المساكن من مستويات ال إ يجار أو زيادات الإيجار المرتفعة على نحو غير معقول، وذلك من خلال اعتماد وسائل مناسبة. وفي المجتمعات التي تشكل فيها المواد الطبيعية ال مصادر الرئيسية لمواد البناء اللازمة لتشييد المساكن، ينبغي للدول الأطراف اتخاذ خطوات لضمان توفر مثل هذه المواد؛

( د ) الصلاحية للسكن : إن المسكن الملائم يجب أن يكون صالحا للسكن من حيث توفير المساحة الكافية لساكنيه وحمايتهم من البرد والرطوبة والحر والمطر والري ح أو غير ذلك من العوامل التي تهدد الصحة، ومن المخاطر البنيوية وناقلات الأمراض. كما يجب ضمان السلامة الجسدية لشاغلي المساكن. وتحث اللجنة الدول الأطراف على أن تطبق بصورة شاملة "المبادئ الصحية للسكن" ( 5 ) التي أعدتها منظمة الصحة العالمية والتي تعتبر أن السكن يش كل العامل البيئي المرتبط على نحو أكثر تواترا بالحالات المسببة للأمراض في تحليلات الوبائيات؛ أي أن السكن وظروف المعيشة غير الملائمة والمعيبة تكون بصورة دائمة مرتبطة بارتفاع معدلات الوفيات والإصابة بالأمراض؛

(ه‍) إ تاحة إ مكانية الحصول على السكن : إن إ مكانية ا لحصول على سكن ملائم يجب أن تكون متاحة لأولئك الذين يحق لهم الاستفادة منها. ويجب أن تتاح للجماعات المحرومة إ مكانية الاستفادة بصورة كاملة ومستمرة من موارد السكن الملائم. وهكذا يجب ضمان إيلاء درجة معينة من الأولوية في مجال الإسكان للجماعات المحرومة مثل الأشخا ص المسنين والأطفال والمعوقين جسديا والمصابين بأمراض لا شفاء منها والمصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب والأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مستمرة والمرضى عقليا وضحايا الكوارث الطبيعية والأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث وغيرهم من الجماعات. وينبغي ل قوانين وسياسات الإسكان أن تأخذ في الاعتبار الكامل الاحتياجات السكنية الخاصة لهذه الجماعات. وفي العديد من الدول الأطراف، ينبغي أن يكون من الأهداف الرئيسية للسياسة العامة زيادة إ مكانية الحصول على الأراضي لصالح قطاعات المجتمع الفقيرة أو التي لا تمتلك أية أراض . وينبغي تحديد التزامات حكومية واضحة ترمي إلى تأكيد حق جميع الناس في الحصول على مكان آمن يعيشون فيه بسلام وكرامة، بما في ذلك الحصول على الأرض كحق من الحقوق؛

( و ) الموقع : إ ن السكن الملائم يجب أن يكون في موقع يتيح إ مكانية الاستفادة من خيارات العمل وخدمات الر عاية الصحية والمدارس ومراكز رعاية الأطفال وغير ذلك من المرافق الاجتماعية. وهذا ينطبق على السواء في المدن الكبيرة وفي المناطق الريفية حيث يمكن للتكاليف، من حيث الوقت والمال، التي تترتب على التنقل بين المسكن وموقع العمل أن تفرض ضغوطا مفرطة على ميزانيات الأسر الفقيرة. وبالمثل، فان المساكن ينبغي ألا ّ تبنى في مواقع ملوثة أو في مواقع قريبة جدا من مصادر التلوث التي تهدد حق السكان في الصحة؛

( ز ) السكن الملائم من الناحية الثقافية : إن الطريقة التي يتم بها بناء المساكن ومواد البناء المستخدمة والسياسات الداعمة لها يجب أن تتيح إمكانية التعبير على نحو مناسب عن الهوية الثقافية والتنوع في السكن. وينبغي للأنشطة الموجهة نحو التطوير أو التحديث في قطاع ال إ سكان أن تكفل عدم التضحية بالأبعاد الثقافية لل إ سكان، وتوفير المعدات التكنولوجية الحديثة أيضا، في جملة أمور، عند الاقتضاء.

9- وكما لوحظ أعلاه، فإن الحق في السكن الملائم لا يمكن أن ينظر إليه بمعزل عن سائر حقوق الإنسان المبينة في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان وغيرهما من الصكوك الدولية المنطبقة. وقد سبقت ال إ شارة في هذا الخصوص إلى مفهوم كرامة الإنسان ومبدأ عدم التمييز. ويضاف إلى ذلك أن التمتع الكامل بسائر الحقوق - مثل الحق في حرية التعبير والحق في حرية تكوين الجمعيات ( مثل رابطات المستأجرين وغير ذلك من الجماعات المحلية ) ، وحق الشخص في أن يختار بحرية محلّ إ قامته والحق في المشاركة في اتخاذ القرارات العامة - هو أمر لا غنى عنه إذا ما أريد إعمال الحق في السكن الملائم والمحافظة عليه لصالح جميع الفئات في المجتمع. وبالمثل، فان حق الفرد في ألا يخضع لأي تدخل تعسفي أو غير مشروع في خصوصياته أو خصوصيات أسرته أو منزله أو مراسلاته يشكل بعدا بالغ الأهمية في تعريف الحق في السكن الملائم.

10 - وبص رف النظر عن حالة التنمية في أي بلد من البلدان، فإن هناك خطوات معينة يجب اتخاذها على الفور. وكما هو مسلم به في الاستراتيجية العالمية للمأوى وفي غيرها من التحليلات الدولية، فان العديد من التدابير اللازمة لتعزيز الحق في السكن لا تتطلب سوى امتناع الحكومات عن ا نتهاج ممارسات معينة والتزامها بتيسير قيام الجماعات المتأثرة بمساعدة نفسها بنفسها. وبقدر ما تعتبر أي خطوات كهذه متجاوزة الموارد القصوى المتاحة لدولة من الدول الأطراف، يكون من المناسب تقديم طلب في أقرب وقت ممكن للحصول على التعاون الدولي وفقا للمواد 11 ( 1 ) و22 و 23 من العهد، وإبلاغ اللجنة بذلك.

11- وينبغي للدول الأطراف أن تولي الأولوية الواجبة لتلك الجماعات من المجتمع التي تعيش في ظل أحوال غير مؤاتية بأن توليها الاعتبار بوجه خاص. وينبغي، في هذه الحالة، ألا توضع السياسات والتشريعات بحيث تفيد تلك الجماعات من المجت مع المحظوظة بالفعل على حساب الجماعات الأخرى. وتدرك اللجنة أن هناك عوامل خارجية يمكن أن تؤثر على الحق في التحسين المستمر لأحوال المعيشة، وأن الأحوال المعيشية ال إ جمالية في العديد من الدول الأط ـ راف ق ـ د تردّت خلال الثمانين ـ ات. ومع ذلك، وكما لاحظت اللجنة في تعل يقها العام رقم 2 (1990) (E/1990/23، المرفق الثالث ) ، تظل الالتزامات المبينة في العهد واجبة التطبيق ولربما تتسم بقدر أكبر من الأهمية خلال أوقات الانكماش الاقتصادي، وذلك بالرغم من المشاكل الناجمة عن عوامل خارجية. ولذلك، يبدو للجنة أن حدوث تردٍ عام في الأحوال المعيشية والسكنية، يمكن عزوه مباشرة إلى سياسات الدول الأطراف وقراراتها التشريعية، وفي غياب أية تدابير تعويضية تصحب ذلك، إنما يتعارض مع الالتزامات المحددة في العهد.

12- و في حين أن أنسب وسيلة لتحقيق الإعمال الكامل للحق في السكن الملائم لا بد أن تتفاوت تفاوتا كبيرا بين دولة وأخرى من الدول الأطراف، فإن العهد يتطلب على نحو واضح أن تتخذ كل دولة من الدول الأطراف ما يلزم من الخطوات لهذه الغاية. وهذا يتطلب على نحو ثابت تقريبا اعتماد استراتيجية إسكان وطنية تعرّف، حسبما هو مذكور في الفقرة 32 من الاستراتيجية العالمية ل لمأوى، "الأهداف اللازمة لتهيئة ظروف ال إ يواء، وتحدد الموارد المتاحة للوفاء بهذه الأهداف، وطريقة استخدام هذه الموارد بصورة مجدية إلى أقصى حد بالقياس إلى التكاليف، وتحدد المسؤوليات وال إ طار الزمني لتنفيذ التدابير اللازمة". ولأسباب تتعلق بانطباق الاستراتيجية وف عاليتها، وكذلك من أجل ضمان احترام سائر حقوق الإنسان، ينبغي لهذه الاستراتيجية أن تعكس استشارة ومشاركة جميع المعنيين بالأمر، بمن فيهم الأشخاص الذين لا مأوى لهم والذين يفتقرون إلى السكن الملائم بال إ ضافة إلى ممثليهم. وعلاوة على ذلك، ينبغي اتخاذ الخطوات التي تض من التنسيق بين الوزارات والسلطات ال إ قليمية والمحلية بغية التوفيق بين السياسات ذات الصلة ( في مجالات الاقتصاد والزراعة والبيئة والطاقة الخ. ) والالتزامات المنصوص عليها في المادة 11 من العهد.

13 - و إن الرصد الفعال للحالة فيما يتعلق بال إ سكان يمثل التزاما آخر ذا أثر فوري. ولكي تقوم دولة من الدول الأطراف بالوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 11 ( 1 ) ، لا بد لها من أن تثبت، في جملة أمور، أنها اتخذت كل الخطوات اللازمة، إما بمفردها أو على أساس التعاون الدولي، للتحقق من المدى الكامل لانعدام المأوى وعدم ملاءمة السكن في نطاق ولا يتها. وفي هذا الخصوص، فإن المبادئ التوجيهية العامة المنقحة، التي اعتمدتها اللجنة بشأن شكل ومضمون التقارير ، (E/C.12/1991/1) تشدد على الحاجة إلى "تقديم معلومات مفصلة عن تلك الجماعات داخل المجتمع التي تعتبر ضعيفة ومحرومة فيما يتعلق بال إ سكان". وهذه الجماعات ت شمل بصفة خاصة الأشخاص والأسر الذين لا مأوى لهم، وأولئك الذين يعيشون في مساكن غير ملائمة دون أن تتيسر لهم إ مكانية الاستفادة من المرافق الأساسية، وأولئك الذين يعيشون في مستوطنات "غير مشروعة"، وأولئك الذين يخضعون ل إ خلاء المساكن بال إ كراه، والجماعات المنخفضة ال دخل.

14 - ثم إن التدابير الرامية إلى وفاء دولة من الدول الأطراف بالتزاماتها فيما يتعلق بالحق في السكن الملائم يمكن أن تعكس أي خليط من التدابير التي تعتبر مناسبة والتي تتخذ في القطاعين العام والخاص. وفي حين أن التمويل العام لل إ سكان في بعض الدول يمكن أن ينفق على أجدى نحو على البناء المباشر للمساكن الجديدة، ففي معظم الحالات، دلت التجربة على عدم قدرة الحكومات على التغطية الكاملة لحالات العجز في مجال ال إ سكان من خلال المساكن المبنية بأموال عامة. ولذلك، ينبغي تشجيع قيام الدول بتعزيز "الاسترات ي جيات التمكينية" على أن يقترن ذلك بتعهد كامل بالوفاء بالالتزامات المتعلقة بالحق في السكن الملائم. ويتمثل هذا الالتزام أساسا في إثبات كون التدابير المتخذة كافية في مجملها لإعمال هذا الحق لصالح كل فرد في أقصر مدة ممكنة وفقا للموارد القصوى المتاحة.

15 - وسيتطلب العديد من التدابير ال تي سيلزم اتخاذها إجراء تخصيصات للموارد واتخاذ مبادرات من النوع العام في مجال السياسة العامة. إلا أنه ينبغي عدم التقليل من دور التدابير التشريعية وال إ دارية الرسمية في هذا السياق. وقد وجهت الاستراتيجية العالمية للمأوى ( الفقرتان 66-76 ) الانتباه إلى أنواع التد ابير التي يمكن اتخاذها في هذا الخصوص وإلى أهميتها.

16 - والحق في السكن الملائم محمي من الناحية الدستورية في بعض الدول. واللجنة في هذه الحالات تهتم اهتماما خاصا بالاطلاع على الأهمية القانونية والعملية لاتباع هذا النهج. ولذلك، ينبغي تقديم تفاصيل عن الحالات ال محددة والسبل الأخرى التي ثبتت فيها فائدة هذه الحماية.

17 - وتعتبر اللجنة أن العديد من العناصر المكونة للحق في السكن الملائم تتفق على الأقل مع الحكم المتعلق بتوفير سبل الانتصاف المحلية. وتبعا للنظام القانوني، يمكن لهذه المجالات أن تشتمل ولكنها لا تقتصر على: ( أ ) الطعون القانونية التي ترمي إلى منع العمليات المخطط لها فيما يتصل ب إ خلاء المساكن أو هدمها، وذلك من خلال أوامر زاجرة تصدر عن المحاكم؛ ( ب ) ال إ جراءات القانونية الرامية إلى دفع التعويضات بعد إ خلاء المساكن بصورة غير مشروعة؛ ( ج ) الشكاوى ضد ال إ جراءات غير المشر وعة التي يقوم بها أو يدعمها أصحاب المساكن ( العامة أو الخاصة ) فيما يتعلق بمستويات ال إ يجار وصيانة المساكن والتمييز العنصري أو غيره من أشكال التمييز؛ ( د ) المزاعم المتعلقة بأي شكل من أشكال التمييز في تخصيص وتوفير المساكن؛ (ه‍) الشكاوى ضد أصحاب المساكن فيما يتع لق بأحوال السكن غير الصحية أو غير الملائمة. وقد يكون من المناسب أيضا في بعض النظم القانونية بحث إ مكانية تيسير إقامة الدعاوى الجماعية في الحالات التي تنطوي على ارتفاع كبير في مستويات انعدام المأوى.

18 - وفي هذا الخصوص، تعتبر اللجنة أن حالات إ خلاء المساكن بال إ كراه تتعارض بداهة مع مقتضيات العهد ولا يمكن أن تكون مبررة إلا في بعض الظروف الاستثنائية جدا ووفقا لمبادئ القانون الدولي ذات الصلة.

19 - وأخيرا، فإن المادة 11 ( 1 ) تختتم بالتزام الدول الأطراف بالاعتراف "بالأهمية الأساسية للتعاون الدولي القائم على الارتضاء الح ر". ومن الناحية التقليدية فإن نسبة تقل عن 5 في المائة من جميع المساعدات الدولية قد وجهت نحو ال إ سكان أو المستوطنات البشرية وكثيرا ما تكون الطريقة التي يتم بها تقديم هذا التمويل قاصرة عن تقديم أية مساهمة ذات شأن في معالجة الاحتياجات السكنية للجماعات المحرومة . وينبغي للدول الأطراف، المتلقية والمقدمة للمساعدة على السواء، أن تكفل تخصيص نسبة كبيرة من التمويل لأغراض تهيئة الظروف المفضية إلى توفير السكن الملائم لعدد أكبر من الأشخاص. وينبغي للمؤسسات المالية الدولية التي تشجع تدابير التكيف الهيكلي ضمان ألا تؤدي هذه ا لتدابير إلى الانتقاص من التمتع بالحق في السكن الملائم. وينبغي للدول الأطراف، عند التفكير في طلب التعاون المالي الدولي، أن تسعى إلى تحديد المجالات الوثيقة الصلة بالحق في السكن الملائم والتي يكون فيها للتمويل الخارجي الأثر الأكبر. وينبغي لهذه الطلبات أن تأخذ في كامل الاعتبار احتياجات وآراء الجماعات المتأثرة.

الحواشي

( 1 ) الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة الثال ث ة والأربعون، الملحق رقم 8، إ ضافة A/43/8/Add.1)).

( 2 ) قرارا لجنة حقوق الإنسان 1986 / 36 و 1987 /22، وتقرير ا السيد دانيلو تورك، المقرر الخاص للجنة الفر عية (E/CN.4/Sub.2/1990/19، الفقرات 108 - 120 ؛ وE/CN.4/Sub.2/1991/17، الفقرات 137 - 139) ، وانظر أيضا قرار اللجنة الفرعية 1991/ 26 .

( 3 ) انظر على سبيل المثال المادة 52 ( 1 ) من ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 5 (ه‍) `3` من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكا ل التمييز العنصري، والمادة 41 ( 2 ) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والمادة 27( 3 ) من اتفاقية حقوق الطفل والمادة 10 من إعلان التقدم الاجتماعي والتنمية والفرع الثالث ( 8 ) من إعلان فانكوفر للمستوطنات البشرية ، 1976 ( Report of Habitat: United N ations Conference on Human Settlements ). ( منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.76.IV.7 والتصويب ) ، الفصل الأول ] والمادة 8 ( 1 ) من إعلان الحق في التنمية، وتوصية منظمة العمل الدولية بشأن إسكان العمال، 1961 ( رقم 115) .

( 4 ) انظر الحاشية 1 أعلاه.

( 5 ) جنيف، منظمة ا لصحة العالمية، 1990 .

الدورة الحادية عشرة (1994) *

التعليق العام رقم 5 : المعوقون

1- كثيرا ما أكد المجتمع الدولي الأهمية الرئيسية للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فيما يتعلق بحقوق الإنسان للمعوقين ( 1 ) . وهكذا انتهى الاستعراض الذي أجرا ه الأمين العام في عام 1992 لتنفيذ برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين وعقد الأمم المتحدة للمعوقين إلى أن "العجز يرتبط ارتباطا وثيقا بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية" وأن "أحوال المعيشة في أجزاء كبيرة من العالم سيئة إلى درجة أن توفير الاحتياجات الأساسية ل لجميع - من أغذية وماء ـــــــــــ

* وارد في الوثيقةE/1995/22.

ومأوى ووقاية صحية وتعليم - يجب أن تشكل حجر الزاوية للبرامج الوطنية" ( 2 ) . وحتى في البلدان التي يُعتبر فيها مستوى المعيشة مرتفع اً نسبيا ً ، كثيرا ما يُحرَم المعوقون من فرصة التمتع بكامل الحقوق الاق تصادية والاجتماعية والثقافية المعترف بها في العهد.

2- وقد وُجِّه طلب صريح إلى لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإلى الفريق العامل الذي سبقها، من كل من الجمعية العامة ( 3 ) . ولجنة حقوق الإنسان ( 4 ) ، لرصد امتثال الدول الأطراف في العهد لالتزامها بضمان تمتع المعوقين تمتعا كاملا بالحقوق ذات الصلة. ولكن تجربة اللجنة حتى اليوم تبين أن الدول الأطراف لم توجه إلا اهتماما قليلا جدا لهذه المسألة في تقاريرها. ويتفق هذا فيما يبدو مع استنتاج الأمين العام بأن "معظم الحكومات لا تزال تفتقر إلى التدابير المتسقة الحاسم ة التي من شأنها أن تحسّن بشكل فعال حالة" المعوقين ( 5 ) . ولهذا، من المناسب استعراض وتأكيد بعض طرق نشوء ال قضايا ال متعلقة بالمعوقين من حيث صلتها بالالتزامات الواردة في العهد.

3- ليس هناك حتى الآن تعريف مقبول دوليا لكلمة "عجز" ولكن، يكفي لل أ غراض الحالية الاعتماد على الأسلوب الذي اتُبع في القواعد الموحدة لعام 1993 والتي جاء فيها:

"يلخص مصطلح "العجز" عددا كبيرا من أوجه التقصير الوظيفي المختلفة التي تحدث لدى أية مجموعة من السكان ... . وقد يعاق الناس باعتلال بدني أو ذهني أو حسي، أو بسبب أحوال طبية ما أو مرض عقلي ما . وهذه الاعتلالات أو الأحوال أو الأمراض يمكن أن تكون، بطبيعتها، دائمة أو مؤقتة" ( 6 ) .

4- ووفقا للأسلوب الذي اتُبع في القواعد الموحدة، يستخدم هذا التعليق العام كلمة "المعوقين" بدلا من عبارة "ذوي العاهات" السابقة. فقد قيل إن هذه العبارة الأخيرة يمكن أن تفسّر خ طأ بأنها تعني أن قدرة الفرد على العمل كإنسان هي التي أُعيقت.

5- ولا يشير العهد صراحة إلى المعوقين. ومع ذلك، فإن ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان يعترف بأن جميع الناس ولدوا أحرارا ومتساوين في الكرامة وفي الحقوق، ولما كانت أحكام العهد تنطبق بالكامل على جميع أفر اد المجتمع، فمن الواضح أن المعوقين لهم الحق في كامل مجموعة الحقوق المعترف بها في العهد. وبال إ ضافة إلى ذلك، وبقدر ما تكون المعاملة الخاصة ضرورية، يكون على الدول الأطراف أن تتخذ التدابير المناسبة، إلى أقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، لتمكين هؤلاء الأشخاص من محاولة التغلب على أي عوامل سلبية ترجع إلى عجزهم وتعوق تمتعهم بالحقوق المنصوص عليها في العهد. كما أن الشرط الوارد في المادة 2 ( 2 ) من العهد، والذي يجعل "ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد خالية من أي تمييز" يستند إلى أسباب معينة مذكورة "أو غير ذلك من ال أسباب"، ينطبق بوضوح على التمييز بسبب العجز.

6- ولعل عدم وجود حكم صريح في العهد ي تعلق بالعجز يرجع إلى عدم الوعي بأهمية تناول هذه المسألة بطريقة صريحة، لا ضمنية فقط، أثناء صياغة العهد قبل أكثر من ربع قرن مضى. ولكن صكوكاً دولية أحدث عهداً في مجال حقوق الإنسان قد تناولت هذه المسألة على وجه التحديد. وهي تشتمل على اتفاقية حقوق الطفل ( المادة 23) ، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ( المادة 18( 4 )) ، والبروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( ا لمادة 13) . وعلى ذلك، فقد أصبح من المقبول على نطاق واسع جدا في الوقت الحاضر ضرورة حماية حقوق الإنسان للمعوقين وتعزيزها بالقوانين والسياسات والبرامج العامة إلى جانب قوانين وسياسات وبرامج توضع لهذا الغرض خصيصا.

7- ووفقا لهذا النهج ، أكد المجتمع الدولي، في الصك وك التالية، التزامه بضمان تمتع المعوقين ب مجموعة حقوق الإنسان بكاملها : ( أ ) برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين الذي ينص على إطار للسياسة العامة يهدف إلى "اتخاذ التدابير الفعالة للوقاية من العجز، وإعادة التأهيل، وتحقيق هدفي "المشاركة الكاملة [ من جانب المع وقين ] في الحياة الاجتماعية والتنمية، وتحقيق "المساواة" ( 7 ) ؛ ( ب ) المبادئ التوجيهية لإنشاء وتطوير لجان التنسيق الوطنية أو الهيئات المماثلة المعنية بالعجز، التي اعتمدت في عام 1990 ( 8 ) ؛ ( ج ) مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية، ال تي اعتمدت في عام 1991 ( 9 ) ؛ ( د ) القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين ( المشار إليها فيما بعد باسم "القواعد الموحدة" ) ، المعتمدة في عام 1993 والتي تهدف إلى أن يكون لجميع الأشخاص المعوقين " إ مكانية ممارسة ما يمارسه غيرهم من حقوق والتزامات" (10) . وللقواع د الموحدة أهمية رئيسية، وهي تعتبر مرجعا إ رشاديا قيّما بوجه خاص في التعرف، على نحو أدق، على التزامات الدول الأطراف في هذا المجال بموجب العهد.

1 - الالتزامات العامة التي تقع على عاتق الدول الأطراف

8- قدّرت الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 500 مليون معوق في العا لم اليوم. ويعيش 80 في المائة من هم في المناطق الريفية في البلدان النامية. والمقدّر أن 70 في المائة من المجموع لا يستطيعون الحصول على الخدمات التي يحتاجون إليها أو أنهم يحصلون على قدر محدود منها فقط. ولهذا، فإن تحدي تحسين حالة المعوقين يتصل على نحو مباشر بكل دولة طرف في العهد. وتختلف الأساليب التي يتم اختيارها لتعزيز الإعمال الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذه الجماعة بالضرورة اختلافا كبيرا بين بلد وآخر، ولكن ليس هناك بلد واحد لا يحتاج إلى بذل جهد رئيسي في السياسات والبرامج لهذا الغرض ( 11 ) .

9- ولا شك في أن الالتزام الواقع على عاتق الدول الأطراف في العهد بالعمل على تعزيز الإعمال التدريجي للحقوق ذات الصلة إلى أقصى ما تسمح به الموارد المتاحة لها يتطلب بوضوح من الحكومات أن تفعل ما هو أكثر بكثير من مجرد الامتناع عن اتخاذ تدابير قد يكون لها أ ثر سلبي ع لى المعوقين. فالالتزام في حالة هذه الجماعة الضعيفة والمحرومة هو اتخاذ إ جراء ات إ يجابي ة لتقليل جوانب النقص الهيكلية ولمنح معاملة تفضيلية مناسبة للمعوقين من أجل بلوغ هدفي المشاركة الكاملة والمساواة داخل المجتمع لجميع المعوقين. ويعني ذلك في كل الحالات تقريبا ض رورة تخصيص موارد إ ضافية لهذا الغرض واتخاذ مجموعة واسعة من التدابير التي توضع على وجه الخصوص لتحقيق هذا الغرض.

10 - وقد جاء في تقرير للأمين العام أن التطورات التي حدثت في العقد الأخير في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على السواء لم تكن مواتية بوجه خاص من منظور المعوقين:

"... فالتدهور الاقتصادي والاجتماعي الجاري، وما يصحبه من انخفاض في معدلات النمو، وارتفاع في معدلات البطالة، وخفض ال إ نفاق العام، وبرامج التكييف الهيكلي، والتحول إلى القطاع الخاص، كلها قد أثرت تأثيرا سلبيا في البرامج والخدمات ... وإذا ما استم رت الاتجاهات السلبية الحالية، فسيتزايد خطر إ قصاء [ المعوقين ] إلى هامش المجتمع حيث يعتمدون على ما قد يخصص لهم من دعم " (12) .

وقد سبق للجنة أن لاحظت ( التعليق العام رقم 3 ( الدورة الخامسة، 1990) ، الفقرة 12) أن واجب الدول الأطراف في حماية الضعفاء من أفراد مجتمعاته ا تتزايد أهميته، بدلا من أن تتناقص، في أوقات وجود قيود شديدة على الموارد.

11- ونظرا لتزايد اتجاه الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى اتباع سياسات مبنية على أساس السوق، فإن من المناسب في هذا السياق تأكيد بعض جوانب التزامات الدول الأطراف. ومن هذه الجوانب ضرورة ضمان إ خضاع القطاع الخاص أيضاً، لا القطاع العام فقط، لضوابط تنظيمية ، ضمن الحدود المناسبة، بما يضمن المعاملة العادلة للمعوقين. ففي سياق تتعرّض فيه ترتيبات تقديم الخدمات العامة للخصخصة أكثر فأكثر ويتزايد فيه الاعتماد على السوق الحرة، يكون من الضروري إ خضاع أ ص حاب العمل من القطاع الخاص، وموردي السلع والخدمات من القطاع الخاص، وغيرهم من الكيانات غير الحكومية، لمعايير عدم التمييز ولمعايير المساواة فيما يتعلق بالمعوقين. و إ ذا لم تمتد هذه الحماية إلى ما يجاوز القطاع الحكومي، فإن قدرة المعوقين على المشاركة في المسار ال عام لأنشطة المجتمع المحلي وتحقيق قدراتهم بالكامل كأعضاء نشطين في المجتمع ستواجه عوائق قاسية كثيرا ما تكون تعسفية. ولا يعني هذا أن التدابير التشريعية ستكون دائما أفعل الوسائل للسعي إلى إزالة التمييز ضمن القطاع الخاص. وهكذا، مثلاً، تشدد القواعد الموحدة تشديد ا خاصا على ضرورة أن تتخذ الدول "ال إ جراءات اللازمة لتوعية المجتمع بشأن الأشخاص المعوقين وحقوقهم واحتياجاتهم و إ مكاناتهم ومساهماتهم" (13) .

12 - وفي غياب ال تدخل ال حكومي، ستكون هناك دائما حالات يؤدي فيها سير السوق الحرة إلى نتائج غير مرضية للمعوقين، إما كأفراد أو كجماعة، وفي هذه الظروف، يكون على الحكومات أن تتدخل وتتخذ التدابير المناسبة لتخفيف النتائج الناشئة عن قوى السوق أو لاستكمالها أو التعويض عنها أو التغلب عليها. وبالمثل، إذا كان من المناسب للحكومات أن تعتمد على الجماعات الطوعية الخاصة لمساعدة المعوقين بطرق م ختلفة، فإن هذه الترتيبات لا يمكن أبداً أن تُعفي الحكومات من واجب ضمان الامتثال التام لالتزاماتها بموجب العهد. وقد جاء في برنامج العمل العالمي بشأن المعوقين " أ ن المسؤولية النهائية لتصحيح الأوضاع التي تؤدي إلى الاعتلال ولمعالجة نتائج ال إ عاقة تقع على عاتق الح كومات" (14) .

2 - وسائل التنفيذ

13 - إن الأساليب التي ستستخدمها الدول الأطراف في السعي إلى تنفيذ التزاماتها تجاه المعوقين بموجب العهد هي أساساً نفس الأساليب المتاحة بالنسبة إلى التزامات أخرى ( انظر التعليق العام رقم 1 ( الدورة الثالثة، 1989)) . وهي تشمل ضرورة الت عرف من خلال الرصد المنتظم على طبيعة المشاكل الموجودة داخل الدولة وعلى نطاقها؛ وضرورة اتباع سياسات وبرامج مصممة على النحو المناسب للاستجابة للاحتياجات التي أمكن التعرف عليها؛ وضرورة سن التشريعات حينما يكون ذلك لازما واستبعاد أي تشريع تمييزي قد يكون قائما؛ و ضرورة تخصيص اعتمادات مناسبة في الميزانية أو السعي عند الضرورة إلى الحصول على التعاون والمساعدة الدوليين. وفي هذا المجال الأخير، ربما يكون التعاون الدولي وفقا للمادتين 22 و 23 من العهد عنصرا مهما بوجه خاص في تمكين بعض البلدان النامية من أداء التزاماتها بموجب العهد.

14 - ويضاف إلى هذا أن المجتمع الدولي كان دائما يعترف بأن وضع السياسات وتنفيذ البرامج في هذا المجال يجب أن يجريا على أ ساس التشاور الوثيق مع جماعات تمثيلية للأشخاص أصحاب الشأن، و إ شراكهم في العمل. ولهذا السبب، توصي القواعد الموحدة بعمل كل ما يمكن لتسهي ل تشكيل لجان تنسيق وطنية، أو هيئات مماثلة، تكون بمثابة صلة وصل لشؤون المعوقين على المستوى الوطني. والحكومات إذ تفعل ذلك يكون عليها أن تراعي المبادئ التوجيهية لإ قامة وتطوير لجان تنسيق وطنية أو هيئات مماثلة تُعنى بالمعوقين، وهي المبادئ التي صدرت عام 1990 (15) .

3 - الالتزام بالقضاء على التمييز بسبب العجز

15 - هناك تاريخ طويل من التمييز ضد المعوقين إما بحكم القانون أو بحكم الأمر الواقع، وهو تمييز يتخذ أشكالا مختلفة. فهو يتراوح من التمييز الشنيع، مثل الحرمان من الفرص التعليمية، إلى أ شكال التمييز "الأكثر تخفياً " مثل الفصل والعزل بفعل حواجز طبيعية واجتماعية مفروضة. وفي تطبيق العهد، يمكن تعريف "التمييز بسبب العجز" على أنه يشمل أي تمييز أو إ قصاء أو ال قصر أو ال تفضيل أو الحرمان من الاستفادة من ا لمرافق المعقولة استنادا إلى صفة العجز مما يؤدي إلى إ بطال أو تعطيل الاعتراف بال حقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو التمتع بها أو ممارستها. وكثيرا ما تعرّض المعوقون للحرمان من ممارسة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على قدم المساواة مع غير المعوقين، وذلك بسبب الإهمال أو التجاهل أو التحامل أو التصورات الخاطئة، وبسبب ال إ قصاء أو التمييز أو العزل. وقد كانت آثار التمييز بسبب العجز قاسية بوجه خاص في مجالات التعليم والتوظيف وال إ سكان والنقل والحياة الثقافية ودخول الأماكن والمرافق العامة.

16 - ورغم إحراز بعض التقدم في التشريع في العِقد الماضي (16) ، لا يزال الوضع القانوني للمعوقين محفو فاً بالمخاطر . ومن أجل معالجة آثار التمييز السابق والحاضر، ومنع التمييز في المستقبل، يبدو أنه لا غنى ل جميع الدول الأطراف عملياً عن سن تشريع شامل ضد التمييز بسبب العجز. وينبغي ألا يقتصر هذا التشريع على تزويد المعوقين بوسائل الانتصاف القضائية على النحو الممكن والمناسب، بل أن ينص أيضا على برامج سياسية اجتماعية تمكن المعوقين من أن يحيوا حياة متكاملة يتمتعون فيها بتقرير شؤونهم واستقلالهم.

17 - وينبغي أن تستند تدابير مكافحة التمييز على مبدأ التساوي في الحقوق بين المعوقين وغير المعوقين، وهو يعني، كما جاء في برنامج ا لعمل العالمي بشأن المعوقين، "أن احتياجات كل فرد وأي فرد تتسم بذات القدر من الأهمية، وأن هذه الاحتياجات يجب أن تكون الأساس لتخطيط المجتمعات، وأن كل الموارد يجب أن تستخدم بطريقة تضمن لكل فرد فرصة متكافئة للاشتراك في حياة المجتمع. كما يجب أن تكفل السياسات الم تعلقة بالعجز إ مكانية استفادة [ المعوقين ] من جميع خدمات المجتمع المحلي" (17) .

18 - ونظرا لضرورة اتخاذ تدابير مناسبة للقضاء على التمييز القائم و إ يجاد فرص متساوية للمعوقين، يجب عدم النظر إلى هذه ال إ جراءات على أنها تمييزية بالمعنى الذي جاء في المادة 2 ( 2 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ما دامت تستند إلى مبدأ المساواة ولا تستخدم إلا بالقدر الضروري لبلوغ هذا الهدف.

4 - أ حكام محددة من العهد

ألف- المادة 3 : المساواة في الحقوق بين الذكور والإناث

19 - في بعض الأحيان يعامل المعوقون على أنهم كا ئنات بشرية لا جنس لها. والنتيجة هي أن النساء المعوقات يعانين من تمييز مزدوج ولكنه كثيراً ما يكون موضع إهمال (18) . ورغم النداءات المتكررة من جانب المجتمع الدولي للتشديد بوجه خاص على أوضاع هؤلاء النساء، لم تبذل إلا جهود قليلة في أثناء العقد. وقد ورد الحديث مر اراً عن إهمال النساء المعوقات وذلك في تقرير الأمين العام عن تنفيذ برنامج العمل العالمي (19) . ولهذا، فإن اللجنة تحث الدول الأطراف على مواجهة أوضاع النساء المعوقات، وإيلاء أولوية عالية في المستقبل لتنفيذ برامج تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ب اء - المواد 6 إلى 8 : الحقوق المتصلة بالعمل

20 - إن مجال العمل يمثل واحداً من المجالات التي يظهر فيها التمييز بسبب العجز بصورة بارزة ومستمرة. وفي معظم البلدان، يبلغ معدل البطالة بين المعوقين مستوى أعلى مرتين إلى ثلاث مرات منه بين غير المعوقين. وعندما يُستخدم المعوقون، فإنهم يُستخدمون غالباً في وظائف ينخفض فيها مستوى الأجور ومستوى الضمان الاجتماعي والقانوني، و هم في كثير من الحالات، يُعزلون عن التيار الرئيسي لسوق العمل. فينبغي أن تدعم الدول بنشاط إدماج المعوقين في سوق العمل العادية.

21 - ولا يكون "ح ـ ق كل شخص في أن تتاح ل ـ ه إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية" ( المادة 6 ( 1 )) مكفولاً إذا كانت الفرصة الحقيقية الوحيدة المتاحة للمعوقين هي العمل فيما يسمى بالمرافق "المحمية" في ظروف أدنى من المعايير. ومن شأن الترتيبات التي يخصص بموجبها فعلاً الأشخاص المصابون بفئة معينة من ال إ عاقة لمهن معيّنة أو لإنتاج سلع معيّنة أن تنتهك هذا الحق. وبالمثل، وفي ضوء المبدأ 13( 3 ) من مبادئ "حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية" (20) ، يكون مخالفاً للعهد أيضاً "العلاج الطبي" في مؤسسات الذي يعادل العمل الجبري. وف ي هذا الشأن، ي مكن أن تكون ل حظر العمل الجبري الوارد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية صلة بالموضوع أيضاًُ .

22- ووفقاً للقواعد الموحدة، ينبغي أن يتمتع المعوقون، سواء في المناطق الريفية أو في المناطق الحضرية، بالمساواة في فرص العمل المنتج والمرب ح في سوق العمل (21) . وحتى يتحقق ذلك، يكون من المهم بوجه خاص إزالة الحواجز المصطنعة أمام الاندماج بصفة عامة وأمام التوظف بصفة خاصة. وكما لاحظت منظمة العمل الدولية، فإن الحواجز المادية التي أقامها المجتمع في مجالات مثل النقل والإسكان وموقع العمل هي التي تُستخ دم كثيراً فيما بعد كحجة لعدم تشغيل المعوقين ( 22 ) . فمثلاً، ما دام تصميم مواقع العمل وبناؤها يجعلان الدخول إليها بكراسي المقعدين المتحركة على عجلات أمراً غير ممكن، سيستطيع أصحاب العمل أن "يبرّروا" عدم استخدام أشخاص يستعملون هذه الكراسي. وينبغي أن تضع الحكومات أيضاً سياسات تشجع وتنظم ترتيبات العمل المرنة والبديلة التي تراعي بطريقة معقولة احتياجات العمال المعوقين.

23 - وبالمثل، عندما لا تكفل الحكومات إمكانية استخدام المعوقين ل وسائل النقل، فإن ذلك يقلل بدرجة كبيرة من فرص هؤلاء الأشخاص في العثور على أعمال مناسبة، ت حقق التكامل أو في الاستفادة من التعليم والتدريب المهني، أو في الانتقال إلى مختلف أنواع المرافق. والواقع أن توفير إمكانية استخدام وسائل النقل المناسبة وعند الضرورة، المصممة بشكل خاص، هو أمر حاسم في تأمين تمتع المعوقين عملياً بجميع الحقوق المعترف بها في العه د.

24 - وينبغي أن تعكس "برامج التوجيه والتدريب التقنيين والمهنيين" المطلوبة بموجب المادة 6 ( 2 ) من العهد احتياجات جميع المعوقين، وأن تجري في محيط مندمج في المجتمع، وأن تخطّط وتنفّذ بمشاركة كاملة من ممثلي المعوقين.

25 - وينطبق "الحق في التمتع بشروط عمل عادلة وم رضية" ( المادة 7 ) على جميع العمال المعوقين، سواء كانوا يعملون في مرافق محمية أو في سوق العمل الحرّة. ولا يجوز التمييز ضد العمال المعوقين في الأجور أو في غيرها من الشروط إذا كان عملهم يساوي عمل العمال غير المعوقين. وتقع على عاتق الدول الأطراف مسؤولية ضمان عد م استخدام العجز كحجة لتقلي ص المعايير فيما يتعلق بحماية العمل أو لدفع أجور أقل من الأجور الدنيا.

26 - كما تنطبق الحقوق النقابية ( المادة 8 ) على العمال المعوقين بصرف النظر عما إذا كانوا يعملون في مرافق عمل خاصة أو في سوق العمل الحرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الم ادة 8 ، عند النظر إليها في ضوء الحقوق الأخرى، مثل الحق في الحرية النقابية، تؤكد أهمية حق المعوقين في تكوين منظمات خاصة بهم. وإذا أريد لهذه المنظمات أن تكون فعالة في " النهوض ب مصالح [ هؤلاء الأشخاص ] الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها" ( المادة 8 ( 1 )( أ )) ، فيجب أن تس تشيرها الهيئات الحكومية وغيرها بصفة منتظمة فيما يتعلق بجميع المسائل التي تخصها؛ وقد يكون من الضروري أيضاً أن يقدم إليها دعم مالي وغيره من أشكال الدعم حتى تستطيع البقاء.

27 - وقد وضعت منظمة العمل الدولية صكوكاً قيّمة وشاملة بشأن حقوق المعوقين المتصلة بالعمل، بما في ذلك على وجه الخصوص الاتفاقية رقم 159 (1983) بشأن التأهيل المهني والعمالة للمعوقين (23) . وتشجع اللجنة الدول الأطراف في العهد على النظر في التصديق على هذه الاتفاقية.

جيم- المادة 9 : الضمان الاجتماعي

28 - لنظم الضمان الاجتماعي والمحافظة على الدخل أهمية خ اصة بالنسبة إلى المعوقين. وكما جاء في القواعد الموحدة، "ينبغي للدول أن تكفل توفير الدعم الكافي لدخل المعوقين الذين فقدوا دخلهم أو انخفض دخلهم مؤقتاً أو حرموا من فرص العمل بسبب العجز أو العوامل المتصلة بالعجز" (24) . وينبغي أن يفي هذا الدعم بالاحتياجات الخاصة إلى المساعدة وبسائر النفقات التي ترجع في كثير من الحالات إلى العجز. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أيضاً أن يشمل الدعم المقدم، بقدر الإمكان، الأشخاص الذين يتولون رعاية المعوقين ( والأغلبية العظمى من هؤلاء الأشخاص مكونة من النساء ) . فهؤلاء الأشخاص، بمن فيهم أعضاء أسر المعوقين، يكونون في كثير من الحالات في حاجة ماسة إلى دعم مالي بسبب دور المساعدة الذي يؤدونه (25) .

29 - ووضع المعوقين في مؤسسات خاصة، ما لم يكن ذلك ضرورياً لأسباب أخرى، لا يمكن أن يعتبر بديلاً كافياً لحقوق هؤلاء الأشخاص في الضمان الاجتماعي وفي دعم دخولهم.

دال- المادة 10: حماية الأسرة والأمهات والأطفال

30 - لقد نصّ العهد على ضرورة منح "الحماية والمساعدة" للأسرة، ويعني ذلك في حالة المعوقين عمل كل ما يمكن لتمكين هؤلاء الأشخاص من العيش مع أسرهم، عندما يرغبون في ذلك. وتفترض المادة 10 أيضاً، بشرط أن تراعى المبادئ العامة للقانون الدولي الخاص بحقوق الإنسان، حق المعوقين في الزواج وتكوين أ سرة. وكثيراً ما تكون هذه الحقوق موضع إهمال أو إنكار ، وخصوصاً في حالة المصابين بعاهات عقلية (26) . وفي هذا السياق وغيره، ينبغي تفسير كلمة "الأسرة" تفسيراً واسعاً وبما يتفق مع العرف المح لي المناسب. وينبغي للدول الأطراف أن تضمن ألا تعيق القوانين والسياسات والممارسات الاجتماعية إعمال هذه الحقوق. وينبغي أن ت ت اح للمعوقين فرصة الحصول على خدمات الإرشاد اللازمة لإعمال حقوقهم وواجباتهم داخل الأسرة (27) .

31 - والنساء المعوقات لهن أيضاً الحق في الحما ية والدعم في حالات الأمومة والحمل. وكما جاء في القواعد الموحدة، "ينبغي ألا يحرم المعوقون من فرصة خوض التجربة الجنسية وإقامة علاقات جنسية وخوض تجربة تكوين الأسرة" (28) . والاحتياجات والرغبات المشار إليها ينبغي أن تكون موضع اعتراف وأن تؤخذ في الاعتبار في كلا س ياقي الترويح وال إ نجاب. والمعتاد هو إنكار هذه الحقوق على الرجال والنساء المعوقين على السواء في العالم بأكمله (29) . ويعتبر تعقيم النساء المعوقات أو إجهاضهن دون الموافقة المسبقة والواعية من جانبهن خرقاً خطيراً للمادة 10( 2 ) .

32 - ويتعرض الأطفال المعوقون للاستغلا ل وال ت عسف والإهمال بوجه خاص، ويحق لهم الحصول على حماية خاصة وفقاً للمادة 10( 3 ) من العهد ( تدعمها الأحكام المماثلة في اتفاقية حقوق الطفل. ) .

هاء- المادة 11 : الحق في التمتع ب مستوى معيشي كاف

33- بالإضافة إلى ضرورة ضمان حق المعوقين في الحصول على غذاء كاف ومسكن ملائم وغير ذلك من الاحتياجات المادية الأساسية، من الضروري أيضاً "توفير خدمات الدعم للمعوقين، ومنها الإمداد بالمعينات، لكي يتسنى لهم رفع مستوى استقلالهم في حياتهم اليومية وممارسة حقوقهم" (30) . كما أن الحق في الحصول على الملابس الملائمة له أهمية خاصة بالنسبة إلى المعوقين الذين يحتاجون إلى ملابس خاصة، حتى يستطيعوا القيام بدورهم بالكامل وبطريقة فعالة في المجتمع. وحيثما أمكن، ينبغي أيضاً تقديم المساعدة الشخصية المناسبة في هذا السياق. ويجب تقديم هذه المساعدة بطريقة وبروح تحترمان حقوق الإنسان للشخص المعني ( للأشخاص المعنيين ) احتراماً كاملاً. وبالمثل، وكما لاحظت اللجنة من قبل في الفقرة 8 من التعليق العام رقم 4 ( الدورة السادسة، 1991 ) ، فإن الحق في المسكن الملائم يشمل حق المعوقين في الحصول على السكن.

واو- المادة 12: الحق في الصحة البدنية والعقلية

34 - تقضي القواعد الموحدة بأنه "ينبغي للدول أن تكفل حصول المعوقين، ولا سيما الرضع والأطفال، على رعاية طبية من نفس المستوى الذي يحصل عليه، ضمن النظام نفسه، سائر أفراد المجتمع" (31) . كما أن الحق في الصحة البدنية والعقلية يفترض الحق في الحصول على الخدمات الطبية والاجتماعية والاستفادة منها - بما في ذلك الأطراف الصناعية - بما يمكّن المعوقين من أن يصبحوا مستقلين، ويمنع وقوع عجز آخر، ويساعد على اندماجهم في المجتمع (32) . وبالمثل، يجب تزويد هؤلاء الأشخاص بخدمات التأهيل التي تسمح لهم "ببلوغ مستوى أمثل في استقلالهم وأدائهم، والحفاظ عليه" ( 33 ) . و ينبغي تقديم هذه الخدمات بطريقة تكفل للأشخاص المعنيين المحافظة على الاحترام الكامل لحقوقهم وكرامتهم.

زاي- المادتان 13 و 14: الحق في التعليم

35 - تعترف البرامج المدرسية في كثير من البلدان اليوم بأن المعوقين يمكن أن يحصلوا على التعليم على خير وجه ضمن نظام التعل يم العام (34) . وعلى ذلك، تقضي القواعد الموحدة بأنه "ينبغي للدول أن تعترف بمبدأ المساواة في فرص التعليم في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية، وذلك ضمن أطر مدمجة، للمعوقين من الأطفال والشباب والكبار" (35) . ولتطبيق هذا النهج، ينبغي للدول أن تكفل تدريب المع لمين على تعليم الأطفال المعوقين في مدارس عادية وتوفير المعدات والدعم اللازمين لتوصيل المعوقين إلى نفس مستوى تعليم أقرانهم من غير المعوقين. ففي حالة الأطفال الصم، مثلا، يجب الاعتراف بلغة الإشارات كلغة مستقلة ينبغي أن يستطيع هؤلاء الأطفال استخدامها، كما ينبغ ي مع الاعتراف بما لها من أهمية في بيئتهم الاجتماعية الشاملة.

حاء - المادة 15: الحق في المشاركة في الحياة الثقافية والتمتع بفوائد التقدم العلمي

36 - تقضي القواعد الموحدة بأنه "ينبغي للدول أن تكفل للمعوقين فرص استغلال قدراتهم الإبداعية والفنية والفكرية، لا لفا ئدتهم وحدهم، وإنما أيضاً لإثراء مجتمعهم المحلي، سواء كانوا في المناطق الحضرية أو في المناطق الريفية ... وينبغي للدول أن تعمل على تيسير دخول المعوقين إلى الأماكن الخاصة بالعروض والخدمات الثقافية وعلى توفير هذه الأماكن ... (36) . وينطبق الشيء نفسه على الأماكن الخاصة بالترويح والرياضة والسياحة.

37 - ويتطلب حق المعوقين في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية والترويحية إزالة حواجز الاتصال إلى أقصى حد ممكن. ويمكن أن تشمل التدابير المفيدة في هذا الصدد "استخدام الكتب الناطقة، والأوراق المكتوبة بلغة بسيطة وبشكل وألوان واضحة بالنسبة إلى المتخلفين عقلياً، وتكييف برامج التلفزيون والمسرح لمراعاة احتياجات الصُمّ " (37) .

38 - ومن أجل تسهيل مشاركة المعوقين على قدم المساواة في الحياة الثقافية، ينبغي للحكومات إعلام الجمهور العام وتثقيفه بشأن العجز. وينبغي، بوجه خاص، اتخاذ تدابير لإ زالة التحيز أو العقائد الخرافية ضد المعوقين، مثل تلك التي ترى في الصرع شكلاً من أشكال ال إ صابة بأرواح شريرة أو التي ترى في الطفل المعوق شكلاً من أشكال العقاب الذي نزل بالأسرة. وبالمثل، يجب تثقيف الجمهور العام لقبول فكرة تمتع المعوقين، بمقدار تمتع أي شخص آخر ، بحق ارتياد المطاعم والفنادق ومراكز الترويح والأماكن الثقافية.

الحواشي

( 1 ) للاطلاع على استعراض شامل للمسألة، انظر التقرير النهائي الذي أعده السيد لياندرو ديسبوي، المقرر الخاص، عن حقوق الإنسان والعجز(E/CN.4/Sub.2/1991/31).

( 2 ) انظر الوثيقةA/47/415، الف قرة 5.

( 3 ) انظر الفقرة 165 من برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين، الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 37/52 المؤرخ في 3 كانون الأول/ديسمبر 1982 ( الفقرة 1 ) .

( 4 ) انظر قراري لجنة حقوق الإنسان 1992 / 48 ، الفقرة 4، و 1993 / 29 ، الفقرة 7.

( 5 ) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرة 6.

( 6 ) القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين، المرفقة بقرار الجمعية العامة 48 / 96 المؤرخ في 20 كانون الأول/ديسمبر 1993 ، ( المقدمة، الفقرة 17) .

( 7 ) برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين ( انظر الحاشية 3 أعلاه ) الفقرة 1.

( 8 )A/C.3/46/4، المرفق الأول. وهي واردة أيضاً في تقرير الاجتماع الدولي المعني بأدوار ووظائف لجان التنسي ـ ق الوطني ـ ة المعني ــ ة بالمعوقي ـ ن ف ـ ي البل ـ دان النامية، بيجين ـ غ، 5 - 11 تشري ـ ن الثاني/نوفمب ـ ر 1990 (CSDHA/DDP/NDC/4)، انظر أيضاً قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 19 91/8 وقرار الجمعية العامة 46 / 96 المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1991.

( 9 ) قرار الجمعية العامة 46 / 119 المؤرخ في 17 كانون الأول/ديسمبر 1991، المرفق.

(10) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، المقدمة، الفقرة 15 .

( 11 ) انظر الوثيقةA/47/415، مواضع متفرقة.

(12) المرجع نفسه، الفقرة 5.

(13) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 1.

(14) برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين ( انظر الحاشية 3 أعلاه ) ، الفقرة 3.

(15) انظر الحاشية 8 أعلاه.

(16) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرتان 37 - 38 .

(17) برنامج العم ل العالمي المتعلق بالمعوقين ( انظر الحاشية 3 أعلاه ) ، الفقرة 25 .

الحواشي ( تابع )

(18) انظر الوثيقةE/CN.4/Sub.2/1991/31( انظر الحاشية 1 أعلاه ) ، الفقرة 140 .

(19) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرات 35 و 46 و 74 و77.

(20) انظر الحاشية 9 أعلاه.

(21) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 7.

( 22 ) انظر الوثيقةA/CONF.157/PC/61/Add.10، الصفحة 12 .

(23) انظر أيضاً التوصية رقم 99 (1955) بشأن التأهيل المهني للمعوقين، والتوصية رقم 168 (1983) بشأن التأهيل المهني للمعوقين واستخدامهم.

(24) القواعد الموحدة ( انظر الح اشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 8، الفقرة 1.

(25) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرة 78 .

(26) انظر الوثيقةE/CN.4/Sub.2/1991/31( انظر الحاشية 1 أعلاه ) ، الفقرتان 190 و 193 .

(27) انظر برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين ( انظر الحاشية 3 أعلاه ) ، الفقرة 74 .

(28) القواع د الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 9، الفقرة 2.

(29) انظر الوثيقةE/CN.6/1991/2، الفقرات 14 ومن 59 إلى 68 .

(30) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 4.

(31) المرجع نفسه، القاعدة 2، الفقرة 3.

(32) انظر " الإ علان بشأن حقوق المعوقين" ( قرا ر الجمعية العامة 3447 ( د- 30) المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975) ، الفقرة 6؛ وبرنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين ( انظر الحاشية 3 أعلاه ) ، الفقرات 95 إلى 107 .

( 33 ) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 3.

(34) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرة 73 .

(35) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 6.

(36) المرجع نفسه، القاعدة 10 ، الفقرتان 1 و2.

(37) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرة 79 .

الدورة الثالثة عشرة (1995) *

التعليق العام رقم 6 : الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن

1- مقدمة

1- تزداد ظاهرة الشيخوخة بين سكان العالم بشكل مطرد وبمعدل مذهل تماما. فقد زاد مجموع الذين يبلغون من العمر 60 سنة فأكثر من 200 مليون في عام 1950 إلى 400 مليون في عام 1982 ، ومن المقدّر أن يصل إلى 600 مليون في عام 2001 وإلى 1.2 بليون في عام 2025 ، وفي ذلك الوقت، سيكون أكثر من 70 في المائة منهم يعيشون في ما يسمى اليوم بالبلدان النامية. و قد زاد أيضاً ، وما فتئ يزيد ب صورة مثيرة ، عدد الذين يبلغون من العمر 80 سنة فأكثر، إذ ارتفع من 13 مليون في عام 1950 إلى أكثر من 50 مليون اليوم، ومن المقدّر أن يزيد إلى 137 مليون في عا م 2025 . وهذه الفئة هي أسرع فئات السكان زيادة في العالم، ومن المقدّر أن تزداد بمعامل يبلغ 10 بين عام 1950 وعام 2025 مقابل معامل يبلغ 6 بالنسبة إلى الفئة البالغة من العمر 60 سنة فأكثر، ومعامل يبلغ أكثر من ثلاثة بقليل بالنسبة إلى مجموع السكان ( 1 ) .

2- وهذه الأر قام هي أمثلة توضيحية لثورة هادئة، ولكنها ثورة ذات نتائج بعيدة المدى يتعذر التنبؤ بها. وهي ثورة تمس الآن الهياكل الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات على الصعيد العالمي وعلى الصعيد القطري، بل ستزداد تأثيرا على هذه الهياكل في المستقبل.

3- وتواجه معظم الدول الأطر اف في العهد، والبلدان الصناعية بصفة خاصة، مهمة مواءمة سياساتها الاجتماعية والاقتصادية مع شيخوخة سكانها، لا سيما فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي. أما في البلدان النامية، فإن غياب وقصور نظام ا لضمان الاجتماعي يتفاقمان بسبب هجرة الشباب التي ت ؤدي إلى إضعاف الدور ا لتقليدي للأسرة ، التي تشكل الدعم الرئيسي لكبار السن.

2- السياسات المعتمدة على الصعيد الدولي فيما يتعلق بكبار السن

4- اعتمدت الجمعية العالمية للشيخوخة في عام 1982 خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة. وصادقت الجمعية العامة على هذه الوثيقة الهامة التي تعتبر دليلاً مفيدا جدا للعمل لأنها تبين بالتفصيل التدابير التي ينبغي للدول الأعضاء اتخاذها من أجل المحافظة على حقوق كبار السن في إطار الحقوق التي أعلنها العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان. وهي تتضمن 62 توصية يتصل كثير منها اتصالا مباشرا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( 2 ) .

5- وفي عام 1991، اعتمدت الجمعية العامة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن التي تعتبر ، بسبب طبيعتها البرنامجية، وثيقة هامة أيضا في هذا السياق ( 3 ) . وهي مقسمة إلى خمسة أقسام ترتبط ارتباطا وثيقا بالحقوق المعترف بها في ا لعهد. إن " الاستقلالية " تشمل حق كبار السن في الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية. وتضاف إلى هذه الحقوق الأساسية إمكانية ممارسة العمل بأجر والحصول على التعليم والتدريب. و" المشاركة " تعني وجوب أن يشارك كبار السن بنشاط في صوغ وتن فيذ السياسات التي تؤثر مباشرة في رفاههم، وأن يقدموا إلى الأجيال الشابة معارفهم ومهاراتهم، وأن يكونوا قادرين على تشكيل الحركات أو الرابطات الخاصة بهم. ويدعو القسم المعنون " الرعاية " إلى وجوب أن توفر لكبار السن فرص الاستفادة من الرعاية الأسرية والرعاية الصحية ، وأن يمكّنوا من ــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1996/22.

التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية عند إقامتهم في مأوى أو مرفق للرعاية أو للعلاج. أما فيما يتعلق بمبدأ " تحقيق الذات "، فينبغي بموجبه تمكين كبار السن من التماس فرص التنمية الكاملة لإمكاناتهم من خل ال إتاحة إمكانية استفادتهم من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية. وأخيرا، ينص القسم المعنون " الكرامة " على أنه ينبغي تمكين كبار السن من العيش في كنف الكرامة والأمن، ودون خضوع لأي استغلال أو سوء معاملة، جسدية أو عقلية، وينبغي أن يعاملوا مع املة منصفة، بصرف النظر عن عمرهم أو جنسهم أو خلفيتهم العرقية أو الإثنية، أو كونهم معوقين، وبصرف النظر عن وضع هم المالي أو أي وضع آخر، وأن يكونوا موضع تقدير بصرف النظر عن مدى مساهمتهم الاقتصادية.

6- وفي عام 1992 ، اعتمدت الجمعية العامة ثمانية أهداف عالمية في م جال الشيخوخة لسنة 2001 ، ودليلا مقتضبا لوضع الأهداف الوطنية في مجال الشيخوخة. وبالنسبة إلى عدد من الجوانب الهامة، تفيد هذه الأهداف العالمية في تعزيز التزامات الدول الأطراف في العهد ( 4 ) .

7- وفي عام 1992 أيضا، وبمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لاعتماد مؤتمر ا لشي خوخة لخطة عمل فيينا الدولية، اعتمدت الجمعية العامة ال إ علان بشأن الشيخوخة الذي حثت فيه على دعم المبادرات الوطنية المتعلقة بالشيخوخة بحيث يقدم الدعم الكافي إلى المسنات لقاء مساهماتهن في المجتمع غير المعترف بها إلى حد كبير. ويُشجّع كبار السن من الرجال على تطو ير قدراتهم الاجتماعية والثقافية والعاطفية التي ربما يكونون قد منعوا من تطويرها في سنوات كسبهم للعيش، ويُقدّم الدعم إلى الأسر من أجل توفير الرعاية، ويُشجّع جميع أفراد الأسرة على التعاون في توفير الرعاية، ويُوسّع التعاون الدولي في إطار الاستراتيجيات الموضوعة لبلوغ الأهداف العالمية في مجال الشيخوخة لسنة 2001 . كما تقرر في ال إ علان الاحتفال بعام 1999 بوصفه السنة الدولية لكبار السن، اعترافا ببلوغ البشرية "سن النضج" الديمغرافي ( 5 ) .

8- و قد أولت وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، في مجالات ا ختصاصها ، ولا سيما منظمة العمل ا لدولية، اهتمام اً أيضا ب مشكلة الشيخوخة.

3 - حقوق كبار السن فيما يتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية

9- تختلف المصطلحات المستخدمة لوصف كبار السن اختلافا كبيرا، حتى في الوثائق الدولية. فهي تشمل: "كبار السن"، و"المسنين"، "والأكبر سنا"، و"فئة العمر الثالثة"، و"الشيخوخة"، كما أطلق مصطلح "فئة العمر الرابعة" للدلالة على الأشخاص الذين يزيد عمرهم على 80 عاما. ووقع اختيار اللجنة على مصطلح "كبار السن" (older persons) ( بالفرنسية، personnes âgées، وبال إ سبانية، personas mayores) ، وهو التعبير الذي استخدم في قراري الجمعية العامة 47 /5 و 48 / 98 . ووفقا للممارسة المتبعة في ال إ دارات ال إ حصائية للأمم المتحدة، تشمل هذه المصطلحات الأشخاص ال ذين تبلغ أعمارهم 60 سنة فأكثر، ( تعتبر إدارة ال إ حصاءات التابعة للاتحاد الأوروبي أن "كبار السن" هم الذين بلغوا من العمر 65 سنة أو أكثر، حيث إن سن ال‍ 65 هي السن الأكثر شيوعا للتقاعد، ولا يزال الاتجاه العام ينحو نحو تأخير سن التقاعد ) .

10 - ولا يتضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أية إشارة صريحة إلى حقوق كبار السن، وإن كانت المادة 9 التي تتناول "ح ق كل شخص في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية"، تعترف ضمنا بحق الحصول على ضمانات الشيخوخة. ومع ذلك، وحيث إن أحكام العهد تطبق تطبيقا كاملا على جميع أفراد المجتمع، يصبح من الواضح أنه يحق لكبار السن التمتع بالطائفة الكاملة للحقوق المعترف بها ف ي العهد. وقد وجد هذا النهج التعبير الكامل عنه أيضا في خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة. وفضلا عن ذلك، ونظرا لأن احترام حقوق كبار السن يتطلب اتخاذ تدابير خاصة، فإن العهد يطالب الدول الأطراف بأن تفعل ذلك بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة.

11- وثمة مسألة هامة أخ رى هي معرفة ما إذا كان التمييز على أساس السن محظوراً بموجب العهد. فلا العهد ولا ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان يشيران بصراحة إلى السن كأحد الاعتبارات التي يُحظَر التمييز على أساسها. وبدلا من النظر إلى هذا الإغفال على أنه استبعاد مقصود، ربما يكون أفض ـ ل تفسي ر لـه هو أن مشكلة الشيخوخة الديمغرافية، لم تكن، عندما اعتُمد هذان الصكان، واضحة أو ملحّة كما هي الآن.

12 - ومع ذلك، فإن المسألة تبقى غير محسومة، إذ يمكن تفسير منع التمييز بسبب "أي وضع آخر" على أنه ينطبق على السن. وتلاحظ اللجنة أنه رغم أنه ليس من الممكن حتى ا لآن استنتاج أن التمييز على أساس السن محظور تماما بموجب العهد، فإن مجموعة المسائل التي يمكن قبول التمييز بصددها محدودة جداً. وفضلا عن ذلك، ينبغي التشديد على أن عدم قبول التمييز ضد كبار السن مؤكد في كثير من الوثائق الدولية المتعلقة بالسياسة العامة وفي تشريعا ت الأغلبية الكبيرة من الدول. وفي المجالات القليلة التي ما زال يُسمح بالتمييز فيها مثلما هو الحال فيما يتعلق بسن التقاعد الإلزامية أو بسن الحصول على التعليم العالي، هناك اتجاه واضح نحو إلغاء هذه الحواجز. ومن رأي اللجنة أنه ينبغي للدول الأطراف أن تسعى للتعجي ل بتنفيذ هذا الاتجاه إلى أ قصى حد ممكن.

13 - ومن ثم، فمن رأي لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أنه ينبغي للدول الأطراف في العهد أن تولي اهتماماً خاصاً لتعزيز وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن. ومما يزيد من أهمية دور اللجنة ذاته في هذا الصدد أنه لا توجد بعد على خلاف حالة فئات السكان الأخرى مثل النساء والأطفال، اتفاقية دولية شاملة تتعلق بحقوق كبار السن، كما لا توجد ترتيبات إ شرافية ملزمة تتعلق بشتى مجموعات مبادئ الأمم المتحدة في هذا المجال.

14 - وكانت اللجنة، ومن قبلها سلفها فري ق الخبراء الحكوميين العامل للدورة، قد نظرت، في نهاية دورتها الثالثة عشرة، في 144 تقريرا أوليا، و 70 تقريرا دوريا ثانيا، و 20 تقريرا عالميا أوليا ودوريا بشأن المواد 1 إلى 15 . وأتاح النظر في هذه التقارير إمكانية تحديد كثير من المشاكل التي يمكن مواجهتها لدى تنف يذ العهد في عدد كبير من الدول الأطراف التي تمثل جميع مناطق العالم والتي لها نظم سياسية واجتماعية - اقتصادية وثقافية مختلفة. ولم تقدم التقارير التي بُحثت حتى الآن أية معلومات، بصورة منهجية، عن حالة كبار السن فيما يتعلق بالامتثال للعهد، فيما عدا بعض المعلوما ت، التي قُدمت بدرجات متفاوتة من الاكتمال، عن تنفيذ المادة 9 المتعلقة بالحق في الضمان الاجتماعي.

15 - وفي عام 1993 ، كرّست اللجنة يوما للمناقشة العامة لهذه المسألة بغية تخطيط نشاطها في هذا المجال في المستقبل، وفضلا عن ذلك، بدأت اللجنة في الدورات الأخيرة تعلق أهمية أكبر بكثير على المعلومات المتعلقة بحقوق كبار السن، و قد أوضح استبيانها بعض المعلومات القيّمة جدا في بعض الحالات. ومع ذلك، فإن اللجنة تلاحظ أن الأغلبية الكبيرة من تقارير الدول الأطراف ما زالت تشير مجرد إشارة ضئيلة إلى هذه المسألة الهامة. ولذا، فإن اللج نة ترغب في الإشارة إلى أنها سوف تصرّ في المستقبل على وجوب تناول وضع كبار السن فيما يتعلق بكل حق من الحقوق المعترف بها في العهد تناولا كافيا في جميع التقارير. وي بيّن الجزء الباقي من هذا التعليق العام المسائل المحددة ذات الصلة في هذا الصدد.

4- الالتزامات الع امة للدول الأطراف

16 - يتميز كبار السن ك مجموعة بالتباين والتنوع، شأنهم في ذلك شأن باقي السكان، ويعتمد وضعهم على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للبلد، وعلى العوامل الديمغرافية والبيئية و الثقافية وبيئة العمل. كما يعتمد، على الصعيد الفردي، على الحالة الأسرية وع لى مستوى التعليم والبيئة الحضرية أو الريفية، وعلى شغل العاملين والمتقاعدين.

17 - وإلى ج ا نب كبار السن الذين يتمتعون بصحة جيدة والذين تعتبر حالتهم المالية مقبولة، هناك كثيرون لا تتوافر لهم الموارد الكافية، حتى في البلدان المتقدمة، ويبرزون بجلاء بين أكثر الجما عات ضعفا وتهميشا وافتقارا إلى الحماية. ويتعرض كبار السن بصفة خاصة للمخاطر في أوقات الانتكاس وإعادة هيكلة الاقتصاد. وكما أكدت اللجنة من قبل ( التعليق العام رقم 3 (1990) ، الفقرة 12) ، يقع على عاتق الدول الأطراف، حتى في أوقات وجود قيود شديدة على الموارد، واجب ح ماية الضعفاء من أفراد المجتمع.

18 - أما الطرائق التي تستخدمها الدول الأطراف للوفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها بموجب العهد فيما يتعلق بكبار السن، فستكون، بصفة أساسية، هي نفس الطرائق المستخدمة للوفاء بالالتزامات الأخرى ( انظر التعليق العام رقم 1 (1989)) . وهي تشمل ضرورة تحديد طبيعة ونطاق المشاكل داخل أي دولة من خلال عملية الرصد المنتظم، وضرورة اعتماد سياسات وبرامج موضوعة بشكل سليم للوفاء بالاحتياجات، وضرورة سن التشريع عند الاقتضاء وإلغاء أي تشريع تمييزي، وضرورة كفالة الدعم ذي الصلة من الميزانية أو، كما هو مناسب، التماس التعاون الدولي. وفي هذا الشأن الأخير، يمكن للتعاون الدولي وفقا للمادتين 22 و 23 من العهد أن يكون سبيلا هاما، إلى حد كبير، لتمكين بعض البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد.

19 - وفي هذا السياق، يمكن توجيه الانتباه إلى الهدف العالمي رقم 1 الذي اعتمدته الجمعية العامة في عام 1992 والذي يدعو إلى إنشاء هياكل دعم أساسية وطنية لتعزيز السياسات والبرامج المتعلقة بالشيخوخة في الخطط والبرامج ال إ نمائية الوطنية والدولية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن أحد مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن، الذي تشجّع الحكومات على إدراجه في برامجها الوطنية، هو وجوب تمكين كبار السن من تشكيل الحركات أو الرابطات الخاصة بهم.

5- أحكام محددة من العهد

المادة 3: المساواة في الحقوق بين الذكور والإناث

20 - وفقا للمادة 3 من العهد، التي تتعهد الدول الأطراف بموجبها ب‍‍ "ضما ن ال مساواة بين الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، ترى اللجنة أنه ينبغي للدول الأطراف أن تولي اهتماما خاصا للمسنات اللاتي غالبا ما يصبحن في أحوال خطيرة بسبب إنفاقهن كل حياتهن أو جزءا منها في رعاية أسرهن بدون ممارسة ن شاط مأجور يخولهن الحق في الحصول على معاش الشيخوخة واللاتي لا يحق لهن أيضا الحصول على معاش كأرامل.

21 - ومن أجل معالجة هذه الحالات، والامتثال بشكل كامل للمادة 9 من العهد والفقرة 2 ( ح ) من ال إ علان بشأن الشيخوخة، ينبغي للدول الأطراف أن تنشئ إعانات شيخوخة على أسا س عدم الاشتراك، أو صنوف مساعدات أخرى لجميع الأشخاص، بغض النظر عن جنسهم، الذين يجدون أنفسهم بلا موارد عند بلوغهم السن المحددة في التشريع الوطني. وبالنظر إلى زيادة العمر المتوقع للنساء و كو نهن لا يحصلن في أغلب الأحيان على معاشات تقاعدية لعدم اشتراكهن في نظام للتقاعد، ف ستكون النساء المستفيدات الرئيسيات من ذلك.

المواد 6 إلى 8: الحقوق المتعلقة بالعمل

22- تقتضي المادة 6 من العهد من الدول الأطراف اتخاذ الخطوات المناسبة لضمان حق كل شخص في أن تتاح لـه إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية. وفي هذا الصدد، و إذ تأ خذ اللجنة في اعتبارها أن العمال كبار السن الذين لم يبلغوا سن التقاعد بعد، كثيرا ما يواجهون مشاكل في الحصول على الأعمال والاحتفاظ بها، وتركز على ضرورة اتخاذ تدابير لمنع التمييز على أساس السن في العمل وشغل الوظائف ( 6 ) .

23 - ويتسم الحق "في التمتع بشروط عمل عادل ة ومرضية" ( المادة 7 من العهد ) بأهمية خاصة من أجل ضمان تمتع العمال كبار السن بشروط عمل آمنة حتى بلوغهم سن التقاعد. ومن المستصوب، بصفة خاصة، استخدام العمال كبار السن في ظروف تتيح أفضل استفادة من خبراتهم ودرايتهم التقنية ( 7 ) .

24 - وينبغي، في السنوات التي تسبق ا لتقاعد، تنفيذ برامج الإعداد للتقاعد، بمشاركة ممثلي منظمات أصحاب العمل والعمال وغيرها من الهيئات المعنية، من أجل إعداد العمال كبار السن لمواجهة وضعهم الجديد. وينبغي لهذه البرامج، بصفة خاصة، أن تزوّد هؤلاء العمال بالمعلومات عن حقوقهم والتزاماتهم كمتقاعدين، و عن الفرص المتاحة والشروط اللازمة لمواصلة القيام بنشاط وظيفي أو للاضطلاع بعمل تطوعي، وعن وسائل مكافحة الآثار الضارة للشيخوخة، وعن التسهيلات المتعلقة بتعليم الكبار والأنشطة الثقافية، واستخدام أوقات الفراغ ( 8 ) .

25 - أما الحقوق التي تحميها المادة 8 من العهد، وهي الحقوق النقابية، بما في ذلك بعد بلوغ سن التقاعد، فينبغي أن تطبق على العمال كبار السن.

المادة 9: الحق في الضمان الاجتماعي

26 - تنص المادة 9 من العهد، بصفة عامة، على وجوب أن تقر الدول الأطراف "بحق كل شخص في الضمان الاجتماعي" بدون تحديد نوع أو مستوى الحماية ا لتي يتعين ضمانها. ومع ذلك، فإن تعبير "الضمان الاجتماعي" ي غطي ضمنيا جميع المخاطر المترتبة ع لى فقد وسائل ال إ عاشة لأسباب خارجة عن إ رادة الشخص.

27 - ووفقا للمادة 9 من العهد وللأحكام المتعلقة بتنفيذ اتفاقيات منظمة العمل الدولي ـ ة بشأن الضم ـ ان الاجتماعي - الاتفاقي ة رقم 102 بشأن الضمان الاجتماعي ( المعايير الدنيا ) (1952) ، والاتفاقية رقم 128 بشأن إعانات العجز والشيخوخة والورثة (1967) - ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ التدابير الملائمة لوضع نظم عامة للتأمين الإلزامي على كبار السن، بدءا من سن معينة يحددها القانون الوطني.

28 - وتمشيا مع التوصيات الواردة في اتفاقيتي منظمة العمل الدولية المذكورتين أعلاه، والتوصية رقم 162 ، تدعو اللجنة الدول الأطراف إلى تحديد سن التقاعد بحيث تكون مرنة، تبعاً للوظائف المؤدا ة ولقدرة الأشخاص المسنين على العمل، مع إيلاء الاعتبار الواجب للعوامل الديمغر افية والاقتصادية والاجتماعية.

29 - ومن أجل أن تصبح أحكام المادة 9 من العهد نافذة المفعول حقاً، ينبغي للدول الأطراف أن تضمن تقديم إعانات الورثة والأيتام عند وفاة الشخص المعيل الذي كان مشمولاً بالضمان الاجتماعي أو الذي كان يتلقى معاشا تقاعديا.

30 - وبال إ ضافة إ لى ذلك، وكما لوحظ آنفا في الفقرتين 20 و 21 ، وبغية تنفيذ أحكام المادة 9 من العهد تنفيذا كاملا، ينبغي للدول الأطراف، في حدود الموارد المتاحة لها، أن تقدّم إعانات شيخوخة على أساس عدم الاشتراك، ومساعدات أخرى لجميع كبار السن الذين لا يكونون، عند بلوغهم السن المن صوص عليها في القانون الوطني، قد أكملوا فترة الاشتراك المؤهلة ولا يحق لهم الحصول على معاش شيخوخة، أو على غير ذلك من إعانات أو مساعدات الضمان الاجتماعي ولا يكون لديهم أي مصدر آخر للدخل.

المادة 10 : حماية الأسرة

31 - ينبغي للدول الأطراف أن تبذل، على أساس الفقرة 1 من المادة 10 من العهد والتوصيتين 25 و 29 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، كل الجهود اللازمة لدعم وحماية وتعزيز الأسرة ولمساعدتها، وفقا لنظام القيم الثقافية في كل مجتمع، على تلبية احتياجات أفرادها المسنين الذين تعولهم. وتشجّع التوصية 29 الحكومات و المنظمات غير الحكومية على إنشاء إدارات اجتماعية لدعم الأسرة بأكملها عندما تؤوي مسنين في مسكنها، وعلى تنفيذ تدابير توجه بصفة خاصة لصالح الأسر ذات الدخل المنخفض التي ترغب في رعاية المسنين منها في المسكن. وينبغي تقديم هذه المساعدة أيضا إلى الأشخاص الذين يعيشو ن وحدهم، أو إلى الأزواج المسنين الذين يرغبون في البقاء في المنزل.

المادة 11: الحق في التمتع ب مستوى معيشي كاف

32 - من مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن، ينص المبدأ رقم 1 الذي يتصدّر القسم المتعلق باستقلالية كبار السن على أنه: "ينبغي أن تتاح لكبار السن إمكانية الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية، بأن يوفّر لهم مصدر للدخل ودعم أسري ومجتمعي ووسائل للعون الذاتي". وتعلّق اللجنة أهمية كبيرة على هذا المبدأ الذي يطلب توفير الحقوق الواردة في المادة 11 من العهد لكبار السن.

33- وتؤك د التوصيات 19 إلى 24 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة على أن المسكن للمسنين ينبغي النظر إليه على أنه أكثر من مجرد مأوى . ذلك لأن لـه ، بالإضافة إلى المدلول المادي، مدلول اً نفسي اً واجتماعي اً ينبغي أخذه بالحسبان. ومن ثم، ينبغي للسياسات الوطنية أن تساعد المسنين على مواصلة الحياة في مساكنهم أطول مدة ممكنة، من خلال إصلاح المساكن وتطويرها وتحسينها وتكييفها مع قدرة هؤلاء الأشخاص على الحصول عليها واستخدامها ( التوصية 19) . وتركز التوصية 20 على أنه ينبغي لخطة وقوانين إعادة البناء والتطوير الحضريين إيلاء اهتمام خ اص لمشاكل المسنين وتقديم المساعدة إليهم لضمان دمجهم في المجتمع، في حين توجه التوصية 22 الانتباه إلى ضرورة أن تؤخذ في الاعتبار الطاقة الوظيفية لكبار السن بغية توفير بيئة معيشية أفضل لهم، وتسهيل حركتهم واتصالاتهم من خلال توفير وسائل نقل كافية لهم.

المادة 12 : الحق في الصحة ا لبدنية والعقلية

34 - ينبغي للدول الأطراف، بغية إعمال حق كبار السن في التمتع بمستوى مرضٍ من الصحة ا لبدنية والعقلية، وفقا للفقرة 1 من المادة 12 من العهد، أن تأخذ في الاعتبار مضمون التوصيات 1 إلى 17 من خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، التي تركز بشكل كامل على تقديم مبادئ توجيهية بشأن السياسة الصحية للمحافظة على صحة المسنين، وتستند إلى نظرة شاملة تتراوح بين الوقاية وإعادة التأهيل ورعاية المرضى في نهاية العمر.

35 - ومن الواضح أن تزايد عدد الأمراض المزمنة والمتنكسة، وارتفاع سعر تكاليف العلاج في المستش فيات للمصابين بهذه الأمراض هما مشكلتان لا يمكن معالجتهما بالوسائل العلاجية فقط. وفي هذا الشأن، ينبغي للدول الأطراف أن تأخذ في الاعتبار أن المحافظة على الصحة في العمر المتقدم تتطلب استثمارات طوال فترة الحياة، و لا سيما ، من خلال اعتماد أساليب حياة صحية ( من نا حية الغذاء والتدريبات البدنية وعدم التدخين أو تناول المشروبات الكحولية، الخ. ) . وتلعب الوقاية من خلال عمليات الفحص المنتظمة التي تناسب احتياجات المسنين دورا حاسما، شأنها في ذلك شأن عملية إعادة التأهيل من خلال المحافظة على القدرات الوظيفية للمسنين مما يؤدي إ لى انخفاض تكاليف الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.

المواد 13 إلى 15 : الحق في التعليم والثقافة

36 - تعترف الفقرة 1 من المادة 13 من العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم. وفي حالة المسنين، ينبغي تناول هذا الحق من وجهتي نظر مختلفتين ومتكام لتين: ( أ ) حق المسنين في الاستفادة من البرامج التعليمية، و ( ب ) إتاحة الدراية التقنية والخبرات التي يتمتع بها المسنّون إلى الأجيال الشابة.

37 - وفيما يتعلق بالأولى، ينبغي للدول الأطراف أن تأخذ في الاعتبار: ( أ ) التوصيات الواردة في المبدأ 16 من مبادئ الأمم المتح دة المتعلقة بكبار السن، التي مؤداها وجوب أن تتاح لكبار السن إمكانية الاستفادة من البرامج التعليمية المناسبة لهم، والحصول على التدريب، ومن ثم ينبغي، على أساس إعدادهم وقدراتهم ومدى ما لديهم من حوافز، أن تتاح لهم فرص الوصول إلى مختلف مستويات التعليم من خلال ا عتماد التدابير المناسبة فيما يتعلق بتعليم القراءة والكتابة، والتعليم مدى الحياة ، وال ح صول ع لى التعليم الجامعي، الخ.، و ( ب ) التوصية 47 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة التي تدعو، وفقا لمفهوم التعليم مدى الحياة الذي أصدرته اليونسكو، إلى وضع برامج للمسن ين تكون غير رسمية ومعتمدة على المجتمع المحلي وموجهة نحو الترويح، بغية تنمية شعورهم بالاعتماد على الذات وشعور المجتمع المحلي بالمسؤولية. وينبغي أن تحظى برامج كهذه ب دعم الحكومات الوطنية والمنظمات الدولية.

38 - وفيما يتعلق بالاستفادة من الدراية التقنية والخبرة المتوافرة ل دى كبار السن، على النحو المشار إليه في ذلك الجزء من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة المتعلق بالتعليم ( الفقرات 74-76) ، يوجّه الانتباه إلى الدور الهام الذي لا يزال المسنون وكبار السن يلعبونه في معظم المجتمعات باعتبارهم ناقلين للمعلومات والم عارف والتقاليد والقيم الروحية. وإلى وجوب عدم فقد هذا العرف. ومن ثم، تعلّق اللجنة أهمية خاصة على الرسالة الواردة في التوصية 44 من الخطة التي تشير إلى ت طوير "البرامج التعليمية التي تصوّر كبار السن بص ورة المعلمين وناقلي المعرفة والثقافة والقيم الروحية".

39 - و تقر الدول الأطراف في الفقرة 1 ( أ ) و ( ب ) من المادة 15 من العهد بحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية وأن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته. وفي هذا الخصوص، تحث اللجنة الدول الأطراف على أن تأخذ في الاعتبار التوصيات الواردة في مبادئ الأمم المتحدة المتعل قة بكبار السن، و لا سيما المبدأ 7: "ينبغي أن يظل كبار السن مندمجين في المجتمع، وأن يشاركوا بنشاط في صوغ وتنفيذ السياسات التي تؤثر مباشرة في رفاههم، وأن ي نقلوا إلى الأجيال الشابة معارفهم ومهاراتهم"، والمبدأ 16 : "ينبغي أن تتاح لكبار السن إمكانية الاستفادة من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية".

40 - وبالمثل، فإن التوصية 48 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة تشجع الحكومات والمنظمات الدولية على دعم البرامج الرامية إلى تسهيل وصول المسنين إلى المؤسسات الثقافية ( كالمتاحف والمسارح ودور الموسي قى ودور السينما و ما إليها . ) .

41 - وتركز التوصية 50 على ضرورة أن تبذل الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمسنون أنفسهم جهود اً لإنهاء التصوير النمطي للمسنين باعتبارهم مصابين دائما بعاهات بدنية ونفسانية، وعاجز ي ن عن التصرف على نحو مستقل، ولا دور ولا مركز لهم في المجتمع. وهذه الجهود، التي ينبغي لوسائ ط الإعلام والمؤسسات التربوية أن تشارك فيها أيضا، ضرورية لإقامة مجتمع يدافع عن الاندماج الكامل للمسنين فيه.

42 - وفيما يتعلق بالحق في التمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته، ينبغي للدول الأطراف أن تأخذ في الحسبان التوصيا ت 60 و 61 و 62 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، وأن تبذل جهود اً لتعزيز البحوث المتعلقة بالجوانب البيولوجية والعقلية والاجتماعية للشيخوخة وبوسائل المحافظة على القدرات الوظيفية للمسنين ومنع أو إرجاء بدء الإصابة ب الأمراض المزمنة وصنوف العجز. وفي هذا ال خصوص، يوصى بوجوب قيام الدول والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية بإنشاء مؤسسات متخصصة في تدريس علم الشيخوخة وطب الشيخوخة والطب النفسي للشيخوخة في البلدان التي لا توجد فيها مؤسسات من هذا القبيل.

الحواشي

( 1 ) أهداف عالمية في مجال الشيخوخة لسنة 2 001 : استراتيجية عملية. تقرير الأمين العام (A/47/339)، الفقرة 5.

( 2 ) تقرير الجمعية العالمية للشيخوخة ، فيينا، 26 تموز/يوليه - 6 آب/أغسطس 1982 ( منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.82.I.16).

( 3 ) قرار الجمعية العامة 46 / 91 المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1991، "تنفيذ خطة العمل الدولية للشيخوخة والأنشطة ذات الصلة"، المرفق.

( 4 ) أهداف عالمية في مجال الشيخوخة لسنة 2001 : استراتيجية عملية. (A/47/339)، الفصلان الثالث والرابع.

( 5 ) قرار الجمعية العامة 47 /5 المؤرخ في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1992 ، "إعلان بشأن الشيخوخة".

( 6 ) انظر توصية منظمة العمل الدولية 162 (1980) بشأن العمال المسنين، الفقرات 3 إلى 10 .

( 7 ) المرجع نفسه، الفقرات 11- 19 .

( 8 ) المرجع نفسه، الفقرة 30 .

ثبت عام للمراجع

Albouy, François‑Xavier y Kessler, Denis. Un système de retraite européen: une utopie réalisable? Revue Française des Affaires Sociales, No. hors‑série, noviembre de 1989.

Aranguren, José Luis. La vejez como autorrealizacion personal y social. Ministerio Asuntos Sociales. Madrid 1992.

Beauvoir, Simone de: La vieillese. Gallimard 1970 (Edhasa, 1983).

Cebriάn Badia, Franciso Javier: La jubilación forzosa del trabjador y su derecho al trabajo. Actualidad Laboral No. 14, Madrid 1991.

Commission des Communautés Européennes: L'Europe dans le mouvement démographique (Mandat du 21 juin 1989), Bruselas, junio de 1990.

Duran Heras, Almudena. Anticipo de la jubilación España. Revista de Seguridad Social, No. 41, Madrid 1989.

Fuentes, C. Josefa. Situación Social del Anciano. Alcaláde Henares, 1975.

Fundación Europea para la Mejora de las Condiciones de Vida y de Trabajo. Informe Anual 1989, Luxemburgo. Oficina de las publicaciones oficiales de las Comunidades Europeas, 1990 .

Girard, Paulette. Vieillissement et emploi, vieillissement et travail. Haut Conseil de la Population et de la Famille. Documentation Française, 1989.

Guillemard, Anne Marie. Analisis de las politicas de vejez en Europa. Ministerio de Asuntos Sociales. Madrid 1992.

Guillemard, Anne Marie. Emploi, protection sociale et cycle de vie: Résultat d'une comparaison internationaledes dispositifs de sortie anticipée d'activité. Sociologie du travail, No. 3, Paris 1993.

H. Draus, Renate. Le troisième âge en la République fédérale allemande. Observations et diagnostics économiques No. 22, enero de 1988.

Hermanova, Hana. Envejecer con salud en Europa en los años 90 Jornadas Europeas sobre personas mayores. Alicante 1993.

INSERSO (Instituto Nacional de Servicios Sociales). La Tercera Edad en Europe: Necesidades y Demandas. Ministerio de Asuntos Sociales, Madrid, 1989.

INSERSO. La Tercera Edad en España: Necesidades y Demandas. Ministerio de Asuntos Sociales, Madrid, 1990 .

INSERSO. La Tercera Edad en España Aspectos cuantitativos. Ministerio de Asuntos Sociales, Madrid, 1989.

ISE (Instituto Sindical Europeo). Los jubilados en Europa Occidental: Desarrollo y Posiciones Sindicales, Bruselas, 1988.

Lansley, John y Pearson, Maggie. Preparación a la jubilación en los países de la Comunidad Europea. Seminario celebrado en Francfort del Main, 10 a 12 de octubre de 1988. Luxemburgo: Oficina de Publicaciones Oficiales de las Comunidades Europeas, 1989 .

Martinez‑Fornes, Santiago, Envejecer en el año 2000. Editorial Popular, S.A. Ministerio de Asuntos Sociales, Madrid, 1991.

Minois, George. Historia de la vejez: De la Antigüedad al Renacimiento. Editorial Nerea, Madrid, 1989.

Ministerio de Trabajo. Seminario sobre Trabajadores de Edad Madura. Ministerio de Trabajo, Madrid, 1968.

OCDE. Flexibilité de l'âge de la retraite. OCDE, Paris, 1970.

OCDE. Indicadores Sociales. Informes OCDE. Ministerio de Trabajo y Seguridad Social, Madrid, 1985 .

OCDE. El futuro de la protección social y el envejecimiento de la población. Informes OCDE. Ministerio de Trabajo y Seguridad Social, Madrid, 1990.

OIT. Trabajadores de Edad Madura: Trabajo y Jubilación. 65a. Reunión de la Conferencia Internacional del Trabajo. Ginebra, 1965.

OIT. De la pirámide al pilar de población: los cambios en la población y la seguridad social. Informes OIT. Ministerio de Trabajo y Seguridad Social, Madrid, 1990 .

OIT. La OIT y las personas de edad avanzada. Ginebra 1992.

PNUD. Desarrollo Humano. Informe 1990. Tercer Mundo Editores, Bogotá. 1990.

Simposio de Gerontología de Castilla‑León. Hacia una vejez nueva. I Simposio de Gerontología de Castilla‑León, 5 a 8 de mayo de 1988. Fundación Friedrich Ebert, Salamanca, 1988.

Uceda Povedano, Josefina. La jubilación: reflexiones en torno a la edad de jubilación en la CEE: especial referencia al caso español. Escuela Social, Madrid, 1988.

Vellas, Pierre. Législation sanitaire et les personnes agées. OMS, Publications régionales. Série européenne, No. 33.

الدورة السادسة عشرة (1997) *

التعليق العام رقم 7 : الحق في السكن الملائم ( المادة 11 ( 1 ) من العهد ): حالات إخلاء المساكن بالإكراه

1- لاحظت اللجنة، في تعليقها العام رقم 4 ( 1991 ) ، أنه ينبغي أن يتمتع كل شخص بدرجة من الأمن في شغل المسكن تكفل لـه الحماية القانونية م ن إخلائه بالإكراه ومن المضايقة وغير ذلك من التهديدات. وخلُصت إلى أن حالات إخلاء المساكن بالإكراه تتعارض بداهةً مع مقتضيات العهد. واللجنة، إذ نظرت في عدد لا بأس به من التقارير المتعلقة بحالات إخلاء المساكن بالإكراه في السنوات الأخيرة، بما في ذلك حالات رأت ف يها أنه يجري الإخلال بالتزام الدول الأطراف، قد باتت الآن في موقف يتيح لها أن تسعى إلى تقديم مزيد من ال إ يضاح بشأن الآثار المترتبة على هذه الممارسات من حيث الالتزامات الواردة في العهد.

2- لقد اعترف المجتمع الدولي منذ زمن بعيد بأن مسألة إخلاء المساكن بالإكراه هي مسألة خطيرة. ففي عام 1976 ، لاحظ مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أنه ينبغي توجيه اهتمام خاص إلى "عدم القيام بعمليات إزالة كبرى إلا إذا كان صون المستوطنات واستصلاحها أمراً غير ممكن، وبشرط توفير أماكن سكن أخرى لأهلها" ( 1 ) . وفي عام 1988 ، في الاستراتي جية العالمية للمأوى حتى عام 2000 ، التي اعتمدتها الجمعية العامة في قرارها 34 /181، تم الإقرار "بالالتزام الأساسي [ للحكومات ] المتمثل في حماية وتحسين المساكن والأحياء ... بدلاً من تدميرها أو إلحاق الضرر بها" ( 2 ) . وورد في جدول أعمال القرن الحادي والعشرين أنه "ي نبغي حماية الناس بموجب القانون من الإخلاء الظالم من منازلهم أو أراضيهم" ( 3 ) . وفي جدول أعمال الموئل، عاهدت الحكومات أنفسها على "حماية جميع الناس من عمليات الإخلاء القسري المخالفة للقانون وتوفير الحماية القانونية منها وتداركها، مع أخذ حقوق الإنسان في الاعتبار ؛ [ و ] في حالة تعذر تفادي عمليات الإخلاء، ضمان توفير حلول بديلة ملائمة بحسب الاقتضاء" ( 4 ) . كما بيّنت لجنة حقوق الإنسان أن "ممارسة الإخلاء القسري تشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان" ( 5 ) . غير أنه، على الرغم من أهمية هذه البيانات، فهي لا تتصدى لإحدى أكثر المسائل أهمية ، ألا وهي مسألة تحديد الظروف التي تكون فيها حالات إخلاء المساكن بالإكراه مباحة وتحديد أنواع الحماية المطلوبة لضمان مراعاة الأحكام ذات الصلة من العهد.

3- و إن استخدام عبارة "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" هو، في بعض الحالات، أمر ينطوي على إشكالات. ف المق صود ب هذه العبارة هو التعبير عن مفهوم التعسف واللاقانونية. غير أن كثيراً من المراقبين يعتبرون الإشارة إلى "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" حشواً، بينما انتقد مراقبون آخرون عبارة "حالات الإخلاء غير القانوني للمساكن" لأنها تفترض أن القانون ذا الصلة يوفر حماية و افية للحق في الإسكان ويتفق مع أحكام العهد، والحالة، بالتأكيد، ليست كذلك دوماً. كما ارتئي أن عبارة "حالات الإخلاء غير المنصفة" هي أكثر ذاتية ، حيث إنها لا تشير إلى أي إطار قانوني على ال إ طلاق. وقد اختار المجتمع الدولي، وخاصة في سياق لجنة حقوق الإنسان، الإشارة إلى "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" وذلك، بالدرجة الأولى، لأن جميع البدائل المقترحة بها عيوب كثيرة من هذا النوع. إن عبارة "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" المستخدمة في هذا التعليق العام تُعرّف بأنها نقل الأفراد والأُسر و/أو المجتمعات المحلية، بشكل دائم أو مؤ قت وضد مشيئتهم، من البيوت و/أو الأراضي التي يشغلونها، دون إتاحة سبل مناسبة من الحماية القانونية أو غيرها من أنواع الحماية ـــــــــ

* وارد في المرفق الرابع ب الوثيقة E/1998/22.

أو إتاحة إمكانية الحصول عليها. غير أن حظر حالات إخلاء المساكن بالإكراه لا يسري على حالات الإخلاء التي تطبّق بالإكراه وفقاً لأحكام القانون والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان.

4 - إن ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه هي ممارسة واسعة الانتشار وتمس الأشخاص في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على السواء. ونظراً للترابط والتشابك ال قائمين بين حقوق الإنسان كافة، فكثيراً ما تكون عمليات إخلاء المساكن بالإكراه مخلّة بحقوق الإنسان الأخرى. وعليه، فإن ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه، وهي تُخل إخلالاً ظاهراً بالحقوق المدرجة في العهد، قد تسفر أيضاً عن انتهاكات للحقوق المدنية والسياسية، م ثل الحق في الحياة وحق الفرد في الأمن على شخصه والحق في عدم التدخل بالخصوصيات والأسرة والبيت والحق في التمتع السلمي بالممتلكات.

5 - و على الرغم من أن ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه قد يبدو أنها تحدث بصفة رئيسية في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، ف إنها تحدث أيضاً في حالات نقل السكان بالإكراه والتهجير الداخلي وتغيير مَواطن السكان بالإكراه في سياق المنازعات المسلحة، والهجرات الجماعية وتنقلات اللاجئين. ففي هذه الحالات جميعها، قد يتم الإخلال بالحق في السكن الملائم وفي عدم التعرض لإخلاء المساكن بالإكراه، وذلك من خلال مجموعة واسعة من الأفعال أو حالات الامتناع عن الفعل التي تُعزى إلى الدول الأطراف. بل وحتى في الحالات التي قد يكون من الضروري فيها فرض حدود على هذا الحق، يُطلب الالتزام التام بأحكام المادة 4 من العهد، بحيث لا تكون أية حدود مفروضة إلا الحدود "المقررة في القانون، وإلا بمقدار توافق ذلك مع طبيعة هذه الحقوق [ أي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ] ، وشريطة أن يكون هدفها الوحيد هو تعزيز الرفاه في مجتمع ديمقراطي".

6 - إن كثيراً من حالات إخلاء المساكن بالإكراه تكون مرتبطة بالعنف، مثل حالات الإخلاء الناجمة عن المن ازعات المسلحة الدولية والصراع الداخلي والعنف المجتمعي أو الإثني.

7 - وثمة حالات أخرى من الإخلاء بالإكراه تحدث باسم التنمية. وقد تتم عمليات الإخلاء بصدد منازعة على الحقوق في الأرض، أو المشاريع الإنمائية ومشاريع إقامة الهياكل الأساسية، مثل بناء السدود أو غيره ا من ال مشاريع الكبرى ل توليد الطاقة، مع تدابير حيازة الأراضي المتصلة بتحسين المناطق الحضرية أو ترميم المساكن أو برامج تجميل المدن أو تهيئة الأراضي للزراعة أو إطلاق العنان للمضاربة على الأراضي أو إقامة مباريات رياضية كبرى مثل الألعاب الأولمبية.

8 - ومن حيث ال جوهر، فإن التزامات الدول الأطراف في العهد فيما يتعلق بحالات إخلاء المساكن بالإكراه تستند إلى أحكام المادة 11-1، مقترنة بأحكام أخرى ذات صلة. وعلى وجه الخصوص، فإن المادة 2-1 تُلزم الدول باستخدام "جميع السبل المناسبة" في سبيل تعزيز الحق في سكن ملائم. غير أنه، نظراً لطبيعة ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه، فإن الإشارة في المادة 2-1 إلى التمتع التدريجي بالحقوق بناء على الموارد المتاحة، هي إشارة لا تكون ذات صلة بالموضوع إلا في حالات نادرة. ولا بد للدولة نفسها من أن تمتنع عن القيام بعمليات إخلاء المساكن بالإكر اه وأن تكفل تطبيق أحكام القانون على موظفيها أو على أطراف ثالثة تمارس هذه العمليات ( على النحو المشروح في الفقرة 3 أعلاه ) . وعلاوة على ذلك، فإن هذا النهج تعززه المادة 17-1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تُكمّل الحق في عدم الإخلاء بالإكر اه دون حماية وافية. فهذه المادة تعترف بجملة أمور، منها حق الإنسان في الحماية من التعرض "على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل" في بيته. ويلاحَظ أن التزام الدولة بضمان احترام هذا الحق ليس مشروطاً باعتبارات متصلة بمواردها المتاحة.

9 - وتقتضي المادة 2-1 من العهد أن تستخدم الدول الأطراف "جميع السبل المناسبة"، بما فيها اعتماد تدابير تشريعية، لتعزيز جميع الحقوق التي يحميها العهد. ومع أن اللجنة قد بيّنت في تعل ي قها العام رقم 3 (1990) أن هذه التدابير قد لا تكون لازمة في ما يتعلق بجميع الحقوق، فمن الواضح أن سن تشريعات تح ظر عمليات إخلاء المساكن بالإكراه هو أساس جوهري يجب أن يقوم عليه أي نظام حماية فعال. وينبغي أن يشمل هذا التشريع تدابير ( أ ) توفر لشاغلي المساكن والأراضي أكبر قدر ممكن من الضمان لشغلها، و ( ب ) تتفق مع أحكام العهد، و ( ج ) يكون الغرض منها المراقبة الدقيقة للظروف ال تي قد تجري في ظلها عمليات الإخلاء. كما يجب أن ينطبق التشريع على جميع الموظفين الخاضعين لسلطة الدولة والمساءلين أمامها. وعلاوة على ذلك، فنظراً للاتجاه السائد بشكل متزايد في بعض الدول نحو التقليل كثيراً من مسؤوليات الحكومات في قطاع الإسكان، يجب على الدول الأ طراف أن تكفل جعل التدابير التشريعية وغيرها من التدابير وافية للحيلولة دون عمليات الإخلاء بالإكراه، وللمعاقبة، عند الاقتضاء على هذه العمليات التي يقوم بها أفراد بصفتهم الشخصية أو تقوم بها هيئات دون تقديم ضمانات مناسبة. لذلك ينبغي للدول الأطراف استعراض التشر يعات والسياسات ذات الصلة كيما تضمن توافقها مع الالتزامات الناشئة عن الحق في السكن الملائم، كما ينبغي لها إلغاء أو تعديل أية تشريعات أو سياسات تكون متعارضة مع متطلبات العهد.

10 - و إن النساء والأطفال والشباب والمسنين والشعوب الأصلية والأقليات الإثنية وغيرها، وسائر الضعفاء من أفراد وجماعات، يعانون جميعاً بشكل غير متكافئ من ممارسة الإخلاء بالإكراه. والنساء في الفئات كافة ضعيفات بوجه خاص نظراً لمدى التمييز القانوني وغيره من أشكال التمييز التي كثيرا ما تمارس ضدهن فيما يتعلق بحقوق الملكية ( بما فيها ملكية البيوت ) أو حقوق حيازة الممتلكات أو المأوى، ونظراً لتعرضهن بوجه خاص لأفعال العنف والإساءة الجنسية عندما يُصبحن بلا مأوى . و إن أحكام عدم التمييز التي تتضمنها المادتان 2-2 و3 من العهد تفرض على الحكومات التزاماً إضافياً بأن تكفل، في حال حدوث عمليات إخلاء، اتخاذ تدابير من اسبة لضمان ألا ينطوي ذلك على أي شكل من أشكال التمييز.

11 - وبينما قد يكون هناك ما يبرر بعض حالات الإخلاء، كما يحدث في حالة الاستمرار في التخلف عن دفع ال إ يجار أو إلحاق ضرر بالممتلكات المستأجرة دون سبب وجيه، يتحتم على السلطات المعنية أن تكفل أن يجري الإخلاء ع لى النحو الذي يجيزه القانون وبما يتوافق مع أحكام العهد، وأن تكون جميع سبل الانتصاف والتعويضات القانونية متاحة للمتضررين.

12 - كما أ ن عمليات الإخلاء بالإكراه وتدمير المنازل، بوصفها تدابير عقابية، تتعارض أيضاً مع قواعد العهد. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بالالتزا مات الواردة في اتفاقيتي جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بهما لعام 1977 فيما يتعلق بحظر تهجير السكان المدنيين وتدمير الممتلكات الخاصة، من حيث صلة هذه الالتزامات بممارسة الإخلاء بالإكراه.

13 - و على الدول الأطراف أن تكفل ، قبل القيام بأية عمليات إخلاء، وخ اصة ما يتعلق منها بجماعات كبيرة، أن يتم استكشاف جميع البدائل المجدية بالتشاور مع المتضررين، بغية الحيلولة دون استخدام القوة، أو على الأقل، بغية التقليل إلى أدنى حد من ضرورة استخدامها . وينبغي توفير سبل الانتصاف أو الإجراءات القانونية للمتأثرين بأوامر الإخلا ء. وعلى الدول الأطراف أيضا أن تكفل للأفراد المعنيين كافةً الحقَ في التعويض الكافي عن أية ممتلكات تتأثر من جراء ذلك، شخصية كانت أم عقارية. و ت جدر الإشارة في هذا الصدد إلى المادة 2-3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تقتضي من الدول الأطراف أن تكفل توفير "سبيل فعال للتظلم" للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم وبأن تكفل قيام "السلطات المختصة بإنفاذ الأحكام الصادرة لصالح المتظلمين".

14 - وفي الحالات التي يعتبر فيها أن للإخلاء ما يبرره، ينبغي أن يجري هذا الإخلاء مع الامتثال الدقيق للأحكام ذات الصلة من ا لقانون الدولي لحقوق الإنسان ووفقاً للمبادئ العامة المراعية للمعقولية والتناسب. ومن المناسب بوجه خاص في هذا الشأن الإشارة إلى التعليق العام رقم 16 للجنة المعنية بحقوق الإنسان المتعلق بالمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي لا تجيز ا لتدخل في بيت أي شخص إلا "في الحالات التي ينص عليها القانون". ولاحظت اللجنة أن القانون ينبغي أن يكون "موافقاً لأحكام العهد ومراميه وأهدافه وأن يكون، في جميع الحالات، معقولاً بالنسبة للظروف المعيّنة التي يحدث فيها". كما بيّنت اللجنة أن " التشريع ذا الصلة يجب أن يحدد بالتفصيل الظروف التي يجوز السماح فيها بهذا التدخل".

15 - وتشكل الحماية الإجرائية المناسبة وقواعد الإجراءات القانونية جوانب جوهرية من حقوق الإنسان كافة، إلا أنها تنطبق بوجه خاص فيما يتعلق بمسألة مثل عمليات الإخلاء بالإكراه، وهي مسألة يتم فيها ا لاحتجا ج مباشرة بعدد كبير من الحقوق المعترف بها في كلا العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان. وترى اللجنة أن سبل الحماية الإجرائية التي ينبغي تطبيقها فيما يتعلق بعمليات الإخلاء بالإكراه تشمل: ( أ ) إتاحة فرصة للتشاور الحقيقي مع المتضررين؛ ( ب ) إشعار المتضررين كافة بشكل واف ومناسب قبل الموعد المقرر للإخلاء؛ ( ج ) الإحاطة علماً بعمليات الإخلاء المقترحة، وعند الاقتضاء، بالغرض البديل المقرر استخدام الأرض أو المسكن من أجله، على أن تتاح هذه المعلومات لجميع المتضررين في الوقت المناسب؛ ( د ) حضور موظفين حكوميين أو ممثلين عنهم أ ثناء الإخلاء، وخاصة عندما يتعلق الأمر بجماعات من الناس؛ (ه‍) التعيين الصحيح لهوية جميع الأشخاص الذين يتولون القيام بعملية الإخلاء؛ ( و ) عدم القيام بالإخلاء عند ما تكون الأحوال الجوية سيئة بشكل خاص أو أثناء الليل، ما لم يوافق المتضررون على غير ذلك؛ ( ز ) توفيـر سبل الانتصاف القانونية؛ ( ح ) توفير المساعدة القانونية، عند الإمكان، لمن يكونون بحاجة إليها من أجل التظلم لدى المحاكم.

16 - و ينبغي ألا تسفر عمليات الإخلاء عن تشريد الأفراد أو تعرضهم لانتهاك حقوق أخرى من حقوق الإنسان. وفي حال عجز المتضررين عن تلبية احتياجاتهم بأنفسهم، على الدولة الطرف أن تتخذ كل التدابير المناسبة، بأقصى ما هو متاح لها من موارد، لضمان توفير مسكن بديل ملائم لهم، أو إعادة توطينهم أو إتاحة أراض منتجة لهم، حسب الحالة.

17 - و تعي اللجنة أن ثمة مشاريع إنمائية شتى تمولها وكالات دولية في أراضي الدول الأط راف قد أسفرت عن عمليات إخلاء بالإكراه. وتشير اللجنة في هذا الشأن، إلى التعليق العام رقم 2 (1990) الذي ينص، في جملة أمور، على أنه "ينبغي للوكالات الدولية أن تتجنب، على نحو دقيق، المشاركة في مشاريع تنطوي، على سبيل المثال ... على تعزيز أو توطيد التمييز ضد الأ فراد أو الجماعات بما يتناقض مع أحكام العهد، أو تنطوي على عمليات إجلاء أو تشريد واسعة النطاق للأشخاص دون توفير كل أشكال الحماية والتعويض المناسبة لهم. وينبغي بذل كل جهد ممكن في كل مرحلة من أي مشروع إنمائي لكفالة المراعاة الواجبة للحقوق الواردة في العهد" ( 6 ) .

18 - وقد اعتمد بعض المؤسسات، مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، مبادئ توجيهية بشأن التهجير و/أو إعادة التوطين بغية الحد من نطاق عمليات الإخلاء بالإكراه والتقليل من المعاناة البشرية المتصلة بها. وكثيرا ما تكون هذه الممارسات مرافق ة للمشاريع الإنمائية الكبيرة، مثل بناء السدود وغيرها من المشاريع الكبرى لتوليد الطاقة. إن المراعاة التامة لهذه المبادئ التوجيهية، التي تجسد الالتزامات الواردة في العهد، هي أمر ضروري، سواء من جانب الوكالات أنفسها أو من جانب الدول الأطراف في العهد. وتشير الل جنة في هذا الشأن إلى ما ورد في إعلان وبرنامج عمل فيينا من أن ه " إذا كانت التنمية تُيَسّر التمتع بجميع حقوق الإنسان، فإن انعدام التنمية لا يجوز أن تتخذ ذريعة لتبرير الانتقاص من حقوق الإنسان المعترف بها دولياً" ( الجزء الأول، الفقرة 10) .

19 - و وفقاً للمبادئ الت وجيهية التي اعتمدتها اللجنة، فيما يتعلق بالإبلاغ، ي ُطلب من الدول الأطراف تقديم شتى المعلومات المتعلقة مباشرة بممارسة عمليات الإخلاء بالإكراه، ومنها معلومات عما يلي: ( أ ) "عدد الأشخاص الذين تم إخلاؤهم في غضون السنوات الخمس الأخيرة وعدد الأشخاص الذين لا يحظون حالياً بحماية قانونية من الإخلاء التعسفي أو أي نوع من الإخلاء"، ( ب ) "التشريع المتعلق بحقوق المستأجرين في ضمان شغل المسكن وفي الحماية من الإخلاء"، ( ج ) "التشريع الذي يحظر أي شكل من أشكال الإخلاء" ( 7 ) .

20 - كما ي ُطلب تقديم معلومات بشأن "ما يُتخذ من تدابير أثنا ء جملة حالات منها تنفيذ برامج تحسين المناطق الحضرية ومشاريع إعادة التنمية والنهوض بالمواقع والإعداد للمناسبات الدولية ( الألعاب الأوليمبية وغيرها من المباريات الرياضية والمعارض والمؤتمرات، وما إلى ذلك ) وحملات تجميل المدن، وما إليها، التي تكفل الحماية من الإ خلاء أو تكفل إعادة الإسكان بال تراضي ، من قبل كل من يعيشون في المواقع المتأثرة أو بالقرب منها" ( 8 ) . بيد أنه لم تقم سوى بضع دول أطراف بإدراج المعلومات المطلوبة في تقاريرها إلى اللجنة. لذلك ترغب اللجنة في التشديد على الأهمية التي تعلقها على تلقي هذه المعلومات.

21 - و قد أفاد بعض الدول الأطراف أن هذا النوع من المعلومات غير متاح. وتشير اللجنة إلى أن رصد ممارسة الحق في السكن الملائم رصداً فعالاً، سواء من جانب الحكومة المعنية أو من جانب اللجنة، يتعذّر في حال عدم جمع البيانات المناسبة. وهي ترجو من جميع الدول الأطراف أن تحرص على جمع البيانات اللازمة وإدراجها في ما تقدمه من تقارير بموجب أحكام العهد.

الحواشي

( 1 ) تقرير الموئل: مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، فانكوفر، 31 أيار/مايو - 11 حزيران/يونيه 1976 (A/CONF.70/15)، الفصل الثاني، التوصية باء - 8، الفقرة جيم `2`.

( 2 ) تقرير لجنة المستوطنات البشرية عن أعمال دورتها الحادية عشرة، إضافة (A/43/8/Add.1)، الفقرة 13 .

( 3 ) تقرير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، ريو دي جانيرو، 3 - 14 حزيران/يونيه 1992 ، المجلد الأول ( (A/CONF.151/26/Rev.1 (vol.I) ، المرف ـ ق الثاني، جدول أعمال القرن 21 ، الفصل 7-9 ( ب ) .

( 4 ) تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ( الموئل الثاني ) (A/CONF.165/14)، المرفق الثاني، جدول أعمال الموئل، الفقرة 40(ن) .

( 5 ) قرار لجنة حقوق الإنسان 1993 /77، الفقرة 1.

( 6 )E/1990/23، المرفق الثالث، الفقرتان 6 و8 ( د ) .

( 7 )E/C.12/1990/8، المرفق الرابع.

( 8 ) المرجع نفسه.

الدورة السابعة عشرة (1997)*

التعليق العام رقم 8 : العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

1- تُفرض ال عقوبات الاقتصادية بتواتر متزايد دوليا وإقليميا ومن جا نب واحد. والغرض من هذا التعليق العام هو التأكيد على أنه مهما كانت الظروف ، فإنه يتعين ع ند فرض هذه العقوبات أن تؤخذ في الحسبان بصورة تامة أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولا تتشكك اللجنة بأية طريقة في ضرورة فرض العقوبات في الحالات المناسبة وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أو غيره من أحكام القانون الدولي المنطبقة على الحالة. ولكن أحكام الميثاق ذات الصلة بحقوق الإنسان ( المواد 1 و55 و 56) ينبغي أن تعتبر واجبة ا لتطبيق بشكل تام في مثل هذه الحالات.

2- وخلال التسعينيات ، فرض مجلس الأمن عقوبات من أنواع مختلفة و ل مدد مختلفة فيما يتعلق بجنوب أفريقيا، والعراق/الكويت، وأجزاء من يوغوسلافيا السابقة، والصومال، والجماهيرية العربية الليبية، وليبيريا، وهايتي، وأنغولا، ورواندا، والسودان. وقد استرعي انتباه اللجنة إلى أثر هذه ال عقوبات على ا لتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عدد من الحالات التي تمس دولاً أطرافاً في العهد ظل قسم منها يقدم تقاريره بانتظام، وبذلك كان يعطي اللجنة الفرصة لبحث الحالة بعناية.

3- وبينما يختلف أثر ال عقوبات من حالة لأخرى، فإن اللجنة تعي أن لها في جميع ال أحوال تقريباً أثراً محسوساً على الحقوق التي يعترف بها العهد. فهي ، على سبيل المثال، كثيراً ما تسبب اضطراباً في توزيع الأغذية، والأدوية والإمدادات الصحية، وتهدد نوعية الطعام وتوا فر مياه الشرب النظيفة، وتتدخل بصورة قاسية في تشغيل الأنظمة الصحية والتعليمية الأ ساسية وتقوض الحق في العمل. وبالإضافة إلى ذلك ، فإن عواقبها غير المقصودة قد تشمل تعزيز سلطة الفئات المستبّدة، وظهور سوق سوداء بصورة تكاد تكون حتمية، وتوليد أرباح مفاجئة ضخمة للجماعات المتميزة التي تتصرف فيها، وتعزيز رقابة الفئات الحاكمة على السكان بشكل عام، وتقييد فرص التماس اللجوء أو التعبير عن المعارضة السياسية. وإذا كانت هذه الظواهر في جوهرها ذات طابع سياسي، فإن لها كذلك تأثيراً إضافياً كبيراً على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

4- وعند النظر في ال عقوبات ، من الضروري التمييز بين الغرض الأسا سي من ممارسة الضغط السياسي والاقتصادي على النخبة الحاكمة في البلد لإقناعهم بالامتثال للقانون الدولي، وما يرافق ذلك من تسبّب في معاناة الفئات الأ ضعف داخل البلد المستهدف. ولهذا السبب فإن أنظمة الجزاءات التي وضعها مجلـس الأمـــن الآن تحتوي على استثناءات إنسان ية تهدف إلى إتاحة تدفق السلع والخدمات الأساسية الموجهة لأغراض إنسانية. ومن المفترض بصفة عامة أن هذه الاستثناءات تضمن الاحترام الأساسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلد المستهدف.

5- غير أن عدداً من الدراسات التي أجرتها الأمم المتحدة حديثاً وغ يرها من الدراسات الأخرى التي حللت أثر ال عقوبات ، انتهت إلى أن هذه الاستثناءات ليس لها ذلك التأثير. وعلاوة على ذلك فإن الاستثناءات محدودة جداً في ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1998/22.

نطاقها. فهي لا تعالج - على سبيل المثال - مسألة ال ح صول ع لى التعليم الا بتدائي، ولا تتيح إصلاح البنى الأساسية الضرورية لتوفير المياه النظيفة، والرعاية الصحية الكافية، إلخ. وقد أشار الأمين العام في عام 1995 إلى ضرورة تقييم التأثير المحتمل للجزاءات قبل فرضها، وإلى توسيع تقديم المعونة الإنسانية إلى الفئات الأ ضعف (1) . وفي العام الت الي جاء في دراسة رئيسية أعدتها للجمعية العامة الآنسة غراسا ماشيل حول أثر النزاع المسلح على الأطفال، أن "الاستثناءات الإنسانية تميل إلى الغموض وتفسر بشكل ا عتباطي وغير متجانس [ ... ] . كما أن حالات التأخير والفوضى، ورفض طلبات استيراد السلع الإنسانية الضرورية تس بب نقص الموارد [ ... ] ولا بد أن ت كون [ تأثيراتها ] أ شد ّ وطأة على الفقراء (2) ." وفي الآونة الأخيرة، خلص تقرير صادر في تشرين الأول/أكتوبر 1997 إلى أن الإجراءات الاستعراضية التي وضعت في ظل لجان الجزاءات المختلفة التي أنشأها مجلس الأمن "ما زالت بطيئة، ولا تزال وكا لات المعونة تواجه مصاعب في الحصول على موافقة على الإمدادات المستثناة [ ... ] . وتهمل اللجان مشاكل أكبر تتعلق بالانتهاكات التجارية والحكومية وتتخذ شكل الت ع ا م ل في السوق السوداء والتجارة غير المشروعة، والفساد (3) ."

6- وهكذا فإن من الواضح، ا ستناداً إلى مجموعة مثير ة من الدراسات القطرية والعامة، أنه لا يجري ال اهتمام بقدر كـاف بتأثير ال عقوبات على الفئات الضعيفة. ومع ذلك فإن هذه الدراسات لم تتناول ، لأسباب متنوعة، العواقب السيئة على وجه التحديد بالنسبة للتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في حد ذاتها. ومن الو اضح في واقع الأمر أن تلك العواقب لم تؤخذ في الحسبان على الإطلاق، أو لم تُعطَ الاهتمام الجاد الذي تستحقه في معظم الحالات، إن لم يكن فيها جميعاً، ولهذا يلزم إعطاء بعدٍ يتعلق بحقوق الإنسان للمداولات التي تدور حول هذه القضية.

7- وتعتبر اللجنة أن أحكام العهد ال تي تنعكس كلها من الناحية العملية في سلسلة من المعاهدات الأخرى لحقوق الإنسان، وكذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يمكن اعتبارها أحكاماً غير معمول بها، أو غير قابلة للتطبيق على أي حال، لمجرد أن قراراً قد اتخذ بأن اعتبارات السلام والأمن العالميين تستدعي فرض جزاءات. وكما يصر المجتمع الدولي على أن أي دولة مستهدفة يتعين عليها أن تحترم الحقوق المدنية والسياسية لمواطنيها، فإنه ينبغي على تلك الدولة وعلى المجتمع الدولي نفسه عمل كل ما يمكن عمله لحماية جوهر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الأقل للسكان المتضررين في تلك الدولة (انظر التعليق العام رقم 3 (1990)، الفقرة 10).

8- وإذا كان هذا الالتزام الذي قطعته كل دولة على نفسها مستمداً من الالتزام الوارد في ميثاق الأمم المتحدة بتعزيز احترام كل حقوق الإنسان، فإنه تجدر الإشارة أيضا إلى أن كل عضو من الأعضاء ال دائمين في مجلس الأمن قد وقع العهد، رغم أن عضوين ( الصين والولايات المتحدة الأمريكية ) لم يصادقا عليه بعد. ومعظم الأعضاء غير الدائمين هم من الأطراف في وقت من الأوقات. فقد تعهدت كل دولة طرف، طبقاً للفقرة 1 من المادة 2 من العهد بأن "تتخذ، بمفردها وعن طريق المسا عدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد، سالكة في ذلك جميع السبل المناسبة ..." وعندما تكون الدولة المتضررة دولةً طرفاً أيضاً، يصبح الواجب مضاعفاً على الدول الأخرى بأن تحترم الالتزامات ذات الصلة وتأخذها في الحسبان. وبقدر ما يتعلق الأمر بالجزاءات المفروضة على دول ليست أطرافا في العهد فإن المبادئ نفسها تطبق على أية حال، مع مراعاة حالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفئات الضعيفة، كجزء من القانون الدولي العام، كما يدل على ذلك - مثلاً - التصديق شبه العالمي على اتفاقية حقوق الطفل، وحالة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

9- ورغم أن ه ليس للجنة دور فيما يتعلق بقرارات فرض ال عقوبات أو عدم فرضها، فإن عليها مسؤولية رصد امتثال جم يع الدول الأطراف للعهد. وعندما تتخذ تدابير تثبط قدرة دولة طرف على الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد، فإن شروط ال عقوبات وطريقة تطبيقها تصبح قضايا مناسبة لاهتمام اللجنة.

10 - وتعتقد اللجنة أن مجموعتين من الالتزامات تنبعان من هذه الاعتبارات. تتعلق المجموعة الأولى منها بالدولة المتضررة. ذلك أن فرض ال عقوبات لا يلغي الالتزامات ذات الصلة لتلك الدولة الطرف أو ينقصها ب أي حال من الأحوال. وكما في حالات مماثلة أخرى، تكتسب تلك الالتزامات أهمية عملية أكبر في أوقات الشدة على وجه الخصوص. وهكذا فإن اللجنة مطالبة بأن تبحث بعناية مدى ما اتخذته الدولة المعنية من خطوات "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة" لتوفير أكبر حماية ممكنة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل فرد يعيش ضمن ولايتها. وبينما تقلل ال عقوبات حتماً قدرة الدولة المتضررة على تمويل بعض التدابير الضرورية أو دعمها، تظ ل الدولة ملتزمة بضمان عدم وجود تمييز فيما يتعلق بالتمتع بهذه الحقوق، وباتخاذ كل التدابير الممكنة، بما في ذلك التفاوض مع دول أخرى ومع المجتمع الدولي لتخفيض الأثر السلبي على حقوق الفئات الضعيفة داخل المجتمع.

11- وتتعلق المجموعة الثانية من الالتزامات بالطرف أ و الأطراف المسؤولة عن فرض ال عقوبات وا لإبقاء عليها وتنفيذها، سواء أكان المجتمع الدولي، أم منظمة دولية أو إقليمية، أم دولة أو مجموعة من الدول. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن هناك ثلاثة استنتاجات تنجم منطقياً عن الاعتراف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

12 - فأولا، ينبغي أن تؤخذ هذه الحقوق في الحسبان بشكل كامل عند تصميم نظام مناسب للجزاءات. وبدون الموافقة على أية تدابير معينة في هذا الصدد، تأخذ اللجنة علماً بمقترحات كتلك الداعية إلى إنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة ل رصد ومتابعة أثر ال عقوبات ؛ وتطوير مجموعة أكثر شفافية من المبادئ والإجراءات المتفق عليها، تقوم على أساس احترام حقوق الإنسان؛ وتحديد طائفة أوسع من السلع والخدمات المعفاة؛ وتخويل وكالات تقنية متفق عليها للبت في الإعفاءات الضرورية؛ وإنشاء مجموعة من لجان الجزاءات التي تتاح لها موارد أفضل؛ واستهداف أدق لمواطن الضعف لدى أولئك الذين يرغب المجتمع الدولي في تغيير سلوكهم؛ وإدخال قدر أكبر من المرونة العامة.

13 - وثانياً، ينبغي الاضطلاع برصد فعال، وهو مطلوب دائماً بموجب بنود العهد، طيلة فترة تطبيق ال عقوبات . وعندما يأخذ طرف خارجي على عاتقه مسؤولية حتى ولو جزئية عن الحالة داخل بلد ما ( سواء بموجب الفصل السابع من الميثاق أو غيره ) ، لا بد أن يتحمل هذا الطرف مسؤولية أن يفعل كل ما في وسعه لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسكان المتضررين.

14 - وثالثاً، يلتزم الكيان الخارجي بأن "يتخذ خطوات، بمفرده وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني" ( الفقرة 1 من المادة 2 من العهد ) من أجل الاستجابة لأية معاناة غير متناسبة تتعرض لها الفئات الضعيفة داخل البلد المستهدف.

15 - وتحسباً للاعتراض على أن ال عقوبات لا بد أن تؤدي، في حد ذاتها تقري باً، إلى انتهاكات خطيرة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إذا أريد لها أن تحقق أهدافها، تلاحظ اللجنة ما خلصت إليه دراسة رئيسية للأمم المتحدة أُجريت حديثاً من أنه "يمكن اتخاذ قرارات لتخفيف معاناة الأطفال أو لتقليل العواقب الضارة إلى حد أدنى دون الإضرا ر بالأهداف السياسية ل ل عقوبات " (4) . وهذا ينطبق بشكل متساوٍ على حالة الفئات الضعيفة الأخرى.

16 - والهدف الوحيد للجنة من اعتماد هذا التعليق العام هو استرعاء الانتباه إلى أن سكان بلد معين لا يفقدون حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بسبب أي قناعة بأن قادتهم قد انتهكوا أعرافاً تتصل بالسلام والأمن الدوليين. إن الهدف ليس تقديم الدعم أو التشجيع لمثل أولئك القادة، ولا تقويض أو إضعاف المصالح المشروعة للمجتمع الدولي في فرض الاحترام لأحكام ميثاق الأمم المتحدة والمبادئ العامة للقانون الدولي. بل هو الإصرار على أن الخر وج على القانون من جانب ينبغي أل اّ يقابله خروج على القانون من نوع آخر لا يهتم بالحقوق الأساسية التي تكمن وراء أي عمل جماعي من هذا القبيل، وتضفي عليه الشرعية.

ال حواشي

(1) ملحق لخطة السلام (A/50/60-S/1995/1)، الفقر ات من 66 إلى 76 .

(2) "أثر النزاع المسلح على الأطفال : مذكرة من الأمين العام " (A/51/306، المرفق ) ، الفقرة 128 .

(3)L. Minear, et al., Toward More Humane and Effective Sanctions Management: Enhancing the Capacity of the United Nations System, Executive Summary.أُعدت الدراسة بناء على طلب إدارة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة نيابة عن اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات ، 6 تشرين الأول/أكتوبر 1997.

(4) المرجع نفسه .

الدورة التاسعة عشرة ( 1998)*

التعليق العام رقم 9 : التطبيق المحلي للعهد

ألف - واجب إعمال العهد في النظام القانوني المحلي

1- تناولت الل جنة ، في تعليقها العام رقم 3 (1990) بشأن طبيعة التزامات الدول الأطراف (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد) ( 1 ) ، و المسائل المتعلقة بطبيعة ونطاق التزامات الدول الأطراف. ويسعى هذا التعليق العام إلى بلورة بعض جوانب البيان السابق. ويتمثل الالتزام الرئيسي للدول الأطراف فيما يخص العهد في إعمال الحقوق المعترف بها فيه. وبدعوة الحكومات إلى القيام بذلك سالكة "جميع السبل المناسبة"، يعتمد العهد نهجاً عاماً ومرناً يمكّن من مراعاة خصائص النظامين القانوني والإداري لكل دولة فضلاً عن اعتبارات أخرى ذات صلة.

2- غير أن هذه المرونة ت قت رن ب التزام كل دولة طرف باستخدام كافة الوسائل المتوفرة لديها لإعمال الحقوق المعترف بها في العهد. وفي هذا الصدد يجب أن تراعى الشروط الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وعليه يتعين الاعتراف بقواعد العهد بالطرق المناسبة في النظام القانوني المحلي، ويجب أن يت اح لكل مظلوم أو مجموعة مظلومين سبل الانتصاف أو التظلم المناسبة وكذلك وضع وسائل ملائمة لضمان مساءلة الحكومة.

ــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1999/22.

3- ويجب أن ينظر في المسائل المتصلة بتطبيق العهد على الصعيد المحلي في ضوء مبدأين من مبادئ القانون الدولي. وا لمبدأ الأول الذي تعكسه المادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ( 2 ) هو أنه "لا يجوز لأي طرف أن يحتج بأحكام قانونه الداخلي لتبرير عدم تنفيذه معاهدة ما". وبعبارة أخرى، ينبغي للدول أن تعدِّل النظام القانوني المحلي حسب الاقتضاء للوفاء بالتزاماتها التعاهدية. أما المبدأ الثاني فتعكسه المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن "لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك ا لحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون". ولا يتضمن العهد أي نظير صريح للفقرة 3( ب) من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يلزم الدول الأطراف بجملة أمور منها "أن تنمي إمكانيات التظلم القضائي". غير أنه سيتعين على الدولة الطرف التي تسعى إلى تبرير عدم توفير أي سبل قانونية محلية للتظلم من انتهاكات الحقوق الاقتصادي ة والاجتماعية و الثقافية أن تثبت أن سبل الانتصاف هذه لا تشكل "سبلاً مناسبة" بالمعنى الوارد في الفقرة 1 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو أنها غير ضرورية نظراً للسبل الأخرى المستخدمة. وسيكون من الصعب إثبات ذلك، وتر ى اللجنة أن "السبل" الأخرى المستخدمة يمكن أن تصبح غير فعالة في كثير من الحالات إذا لم تعزز أو تكمّل بسبل انتصاف قضائية.

باء - مكانة العهد في النظام القانوني المحلي

4- ينبغي، عموما، أن تطبق معايير حقوق الإنسان الدولية الملزمة قانوناً على نحو مباشر وفوري في النظام القانوني المحلي لكل دولة طرف بحيث يتمكن الأفراد من طلب إعمال حقوقهم أمام المحاكم والهيئات القضائية الوطنية. والقاعدة التي تنص على استنفاذ سبل الانتصاف المحلية قاعدة تعزز أولوية سبل الانتصاف الوطنية في هذا الشأن. ويعتبر وجود الإجراءات الدولية لمتابعة المطالبات الفردية وزيادة تطويرها أمرا لـه أهميته، لكن هذه الإجراءات ليست في نهاية الأمر سوى إجراءات تكمّل سبل الانتصاف الوطنية الفعالة.

5 - ولا ينص العهد على سبل محددة لتنفيذه في النظام القانوني الوطني. ولا يوجد أي حكم يُلزم بإدماجه التام أو ينص على إعطائه نوعاً من المكانة المحددة في القانون الوطني. وعلى الرغم من أن التحديد الدقيق لطريقة إعمال الحقوق التي ينص عليها العهد في القانون الوطني يمثل مسألة تبتّ فيها كل دولة طرف، فإن الوسائل المستخدمة في ذلك يجب أن تكون ملائمة، بحيث تسفر عن نتائج تتماشى مع وفاء الد ولة الطرف بالتزاماتها كاملة. وتخضع السبل التي يقع عليها الاختيار أيضا لاستعراض في إطار نظر اللجنة في مدى وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب العهد.

6- ويتبين من تحليل لممارسة الدول فيما يخص العهد أنها استخدمت مجموعة متنوعة من النهج. ولم تتخذ بعض الدول أي إ جراء محدد على الإطلاق. وقامت بعض الدول التي اتخذت تدابير بتحويل العهد إلى قانون محلي بتكمل ة أو تعديل التشريع القائم من غير الاحتجاج بالأحكام المحددة للعهد. وقامت دول أخرى باعتماده أو إدماجه في القانون المحلي للاحتفاظ بأحكامه كما هي وإضفاء صلاحية رسمية عليه ا في النظام القانوني الوطني. وتم ذلك في معظم الأحيان من خلال أحكام دستورية أعطت ل أحكام معاهدات حقوق الإنسان الدولية الأولوية على أية قوانين محلية لا تتمشى معها. ويعتمد نهج الدول إزاء العهد اعتماداً كبيراً على النهج المعتمد في النظام القانوني المحلي إزاء ال معاهدات بصورة عامة.

7- ولكن، أيا كانت المنهجية المفضلة، هناك عدة مبادئ مترتبة على واجب إعمال العهد ويجب بالتالي احترامها. أولا، يجب أن تكون وسائل التنفيذ المختارة كافية لضمان الوفاء بالالتزامات بموجب العهد. وينبغي أن تراعى ضرورة ضمان أهليتها لنظر المحاكم ف يها (انظر الفقرة 10 أدناه) لدى تحديد أفضل طريقة لإعمال الحقوق التي ينص عليها العهد في القانون الداخلي. ثانيا، ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار الوسائل التي ثبت أنها أكثر فعالية في ضمان حماية حقوق الإنسان الأخرى في البلد المعني. وحيثما تكون الوسائل المستخدمة لإعما ل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مختلفة اختلافا كبيرا عن الوسائل المستخدمة فيما يتعلق بمعاهدات حقوق الإنسان الأخرى، ينبغي أن يكون لذلك مبرر قوي ويُؤخذ في الاعتبار كون الصيغ المستخدمة في العهد مشابهة إلى حد بعيد للصيغ المستخدمة في المعاهدات التي تتناول الحقوق المدنية والسياسية.

8- ثالثا، لا يقتضي العهد الدول رسمياً إ لى إدماج أحكامه في القانون الداخلي لكن هذا النهج مستصوب. فالإدماج المباشر يتفادى المشاكل التي قد تنشأ في ترجمة ا لا لتزامات بموجب العهد إلى قانون وطني ويوفر أساساً لا حت جاج الأفراد مباشرة بالحقوق المنصوص عليها فيه أمام المحاكم الوطنية. ولهذه الأسباب تشجع اللجنة بقوة اعتماد العهد أو إدماجه في القانون الوطني رسميا.

جيم - دور سبل الانتصاف القانونية

سبل انتصاف قانونية أم قضائية؟

9- ينبغي أ لاّ يفسر الحق في الانتصاف الفعال دائم اً على أنه ي قتصر على سبل ا لا نتصاف ال قضائي ة . ف كثيراً ما تكون سبل الانتصاف الإدارية كافية بحد ذاتها، ومن المشروع أن يتوقع من يعيش داخل نطاق الولاية القضائية لدولة طرف، استناداً إلى مبدأ حسن النية، أن تأخذ كافة السلطات الإدارية في الاعتبار مقتضيات العهد لدى ا تخاذ قراراتها. وينبغي أن يكون كل سبيل من سبل الانتصاف الإدارية هذه متيسراً ومعقول التكلفة ومتوفراً في الوقت المناسب وفعالاً. ك ما أنه كث يراً ما يكون التمتع بالحق المطلق في الطعن قضائيا في الإجراءات الإدارية من هذا النوع أمراً مناسبا في هذا المضمار. و بالمثل ، هناك بعض الالتزامات من قبيل تلك المتعلقة بعدم التمييز ( 3 ) ، (و لكنها، لا تقتصر بأي حال من الأحوال عليها) حيث النص على شكل من أشكال سبل الانتصاف القضائية فيما يخصها ضروري فيما يبدو للامتثال لمقتضيات العهد. وبعبارة أخرى، يعتبر الانتصاف أمام القضاء ضرورياً كلما استحال إعمال حق من ال حقوق المشمولة ب العهد إعمالاً كاملاً دون أن تقوم السلطة القضائية بدور ما في ذلك.

الأهلية لنظر المحاكم

10- يعتبر من البديهي عادة أن السبل القضائية للتظلم من الانتهاكات ضرورية فيما يخص الحقوق المدنية والسياسية. ويفترض عكس ذلك في معظم الأ حيان، للأسف، فيما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذا التناقض لا تُبرّره طبيعة الحقوق ولا أحكام العهد ذات الصلة. و قد سبق للجنة أن أ وضحت أنها تعتبر الكثير من أحكام العهد واجبة ا لتنفيذ فورا. وهكذا فقد ساقت في التعليق العام رقم 3 (1990) مثالاً هو المادة 3، والفقرة (أ)‘1‘ من المادة 7، والمادة 8، والفقرة 3 من المادة 10، والفقرة 2(أ) من المادة 13، والفقرة 3 من المادة 13، والفقرة 4 من المادة 13، والفقرة 3 من المادة 15. ومن الأهمية بمكان هنا التمييز بين الأهلية لنظر المحاكم (أي المسائل التي من المناس ب أن تبت فيها المحاكم) والقواعد النافذة تلقائياً (التي يمكن أن تنفذها المحاكم دون الدخول في المزيد من التفاصيل). ولئن كان من اللازم مراعاة النهج العام لكل نظام قانوني ، فإنه لا يوجد في العهد أي حق لا يمكن اعتباره، في الأغلبية العظمى للنظم، حقاً ينطوي على ال أقل على بعض الأبعاد الهامة التي يمكن أن تنظر فيها المحاكم. ويقترح أحيانا ترك أمر البت في المسائل المتعلقة بتوزيع الموارد للسلطات السياسية بدلا من تركه للمحاكم. وينبغي احترام اختصاصات كل فرع من الفروع المختلفة للحكومة ، إلا أن من المناسب الاعتراف بأن المحاكم ، عادة، تشارك بالفعل في مجموعة كبيرة من المسائل التي تترتب عليها آثار هامة فيما يخص الموارد، واعتماد تصنيف صارم للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يضعها، بحكم تعريفها، خارج دائرة اختصاص المحاكم سيكون بالتالي تعسفياً ومتعارضاً مع مبدأ عدم قابلية مجموعت ي حقوق الإنسان للتجزئة وترابطهما. ومن شأن ذلك أن يحد بصورة كبيرة كذلك من قدرة المحاكم على حماية حقوق أضعف الفئات وأكثرها حرمانا في المجتمع أيضاً.

النفاذ التلقائي

11- لا ينفي العهد إمكانية اعتبار الحقوق الواردة فيه حقوقاً نافذة تلقائياً في النظم التي تنص عل ى هذا الخيار. والواقع أن المحاولات التي تم القيام بها خلال صياغة العهد لتضمينه حكما محددا ينص على اعتباره "غير نافذ تلقائيا" قد رفضت بشدة. وفي معظم الدول ستبت المحاكم، لا السلطة التنفيذية أو التشريعية، في مسألة ما إذا كان حكم من أحكام المعاهدات نافذاً تلقا ئياً. ولكي تنفذ هذه المهمة بفعالية ، يجب إطلاع المحاكم والهيئات القضائية المعنية على طابع وآثار العهد وعلى الدور الهام الذي تؤديه سبل الانتصاف القضائية في تنفيذه. وهكذا ينبغي للحكومات ، عند مشاركتها مثلا في إجراءات المحاكم ، أن تشجع تفسير القانون المحلي تفسير اً يُمكّنها من الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد. وبالمثل، ينبغي أن يأخذ التدريب القضائي في الاعتبار الكامل أهلية العهد لنظر المحاكم. ومما يكتسي أهمية خاصة تجنب كل افتراض مسبق بأنه ينبغي اعتبار هذه القواعد غير نافذة تلقائيا. والواقع أن الكثير منها مبين بعبارا ت هي على الأقل في مثل وضوح ودقة العبارات الواردة في معاهدات حقوق الإنسان الأخرى التي تعتبر المحاكم أحكامها بانتظام نافذة تلقائياً.

دال - معاملة العهد في المحاكم المحلية

12- يطلب من الدول ، في المبادئ التوجيهية التي وضعتها اللجنة بخصوص تقارير الدول ، أن تقدم معلومات عما "إذا كان من الممكن الاحتجاج بأحكام العهد أمام المحاكم أو غيرها من الجهات القضائية أو السلطات الإدارية وقيامها بإنفاذها مباشرة" ( 4 ) . وقد قدمت بعض الدول هذه المعلومات ولكن من اللازم إيلاء هذا الجانب مزيدا من الأهمية في التقارير المقبلة. وتطلب اللج نة، بصفة خاصة ، أن تقدم الدول الأطراف تفاصيل أية أحكام سابقة هامة صادرة عن المحاكم المحلية تكون قد استعانت بأحكام العهد.

13- ويتضح من المعلومات المتوفرة أن ممارسات الدول متفاوتة. وتلاحظ اللجنة أن بعض المحاكم طبقت أحكام العهد إما مباشرة وإما بوصفها معايير تف سيرية. وهناك محاكم أخرى مستعدة للاعتراف مبدئياً بفائدة العهد فيما يخص تفسير القانون المحلي لكن أثر العهد محدود جداً، من ناحية التطبيق، في تحليل القضايا أو نتائجها. و قد رفضت محاكم أخرى أن تعترف للعهد بأي سريان قانوني في القضايا التي حاول فيها أفراد الاستناد إليه. وما زال هناك مجال واسع لزيادة اعتماد المحاكم على العهد في معظم البلدان.

14- وينبغي للمحاكم، في حدود ممارسة وظائف المراجعة القضائية المنوطة بها على النحو ا لواجب ، أن تأخذ في الاعتبار الحقوق المنصوص عليها في العهد حيثما يكون ذلك ضروريا لضمان تماشي تصرّ ف الدولة مع التزاماتها بموجب العهد. ويتناقض إغفال المحاكم لهذه المسؤولية مع مبدأ سيادة القانون الذي يجب أن يفهم منه دائما أنه يشمل احترام الالتزامات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان.

15- ومن المسلّم به عموما أنه يجب تفسير القانون المحلي، قدر المستطاع، بطريقة تتماشى مع الالتزامات القانونية الدولية للدولة. وهكذا، عندما يواجه أي صاحب قرار محلي أمر الاختيار بين تفسير للقانون المحلي يجعل الدولة تخالف العهد وتفسير يمكّن الدولة من الامتثال للعهد، ينص القانون الدولي على اختيار التفسير الأخير. وينبغي أن تفسر الضمانات ا لمتعلقة بالمساواة وعدم التمييز، إلى أقصى حد ممكن، بطرق تيسر توفير حماية تامة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

الحواشي

( 1 )E/1991/23، المرفق الثالث.

( 2 ) الأمم المتحدة، مجموعة المعاهدات، المجلد 1155، ص 331 من النص ال إ نكليزي.

( 3 ) عملاً بالفقرة 2 من المادة 2 من العهد، "تتعهد الدول الأطراف بأن تضمن" جَعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد "بريئةً من أي تمييز".

( 4 ) انظر الوثيقة E/1991/23، المرفق الرابع، الف صل ألف، الفقرة 1(د)`4`.

الدورة التاسعة عشرة ( 1998)*

التعليق العام رقم 10 : دور مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

1- تلزم الفقرة 1 من المادة 2 من العهد كل دولة طرف بأن "تتخذ ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق [المعترف بها في العهد] سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة". وتلاحظ اللجنة أن أ حد هذه السبل، التي يمكن اتخاذ خطوات هامة من خلالها، هو عمل المؤسسات الوطنية ل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وفي السنوات الأخيرة تكاثرت هذه المؤسسات ولق ي هذا الاتجاه تشجيعا قويا من الجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان. ووضع ت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق ا لإنسان برنامجاً رئيسياً لمساعدة الدول وتشجيعها فيما يخص المؤسسات الوطنية.

2- وتجمع هذه المؤسسات بين لجانٍ وطنية لحقوق الإنسان ومكاتب أمناء مظالم و"دعاة" المصلحة العامة أو غيرها من حقوق الإنسان ومدافعين عن الشعب (defensores del pueblo). وفي حالات كثيرة، أنش ئت هذه المؤسسات على يد الحكومة ، وهي تتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلال عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتأخذ في الاعتبار التام معايير حقوق الإنسان الدولية التي تنطبق على البلد المعني، و قد كلفت بأنشطة متنوعة ترمي إلى النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها. وأنشئت هذه المؤسسات في دول ذات ثقافات قانونية متباينة جداً، وبغض النظر عن وضعها الاقتصادي.

3- وتلاحظ اللجنة أن للمؤسسات الوطنية دوراً قد يكون بالغ الأهمية في تعزيز كافة حقوق الإنسان وضمان عدم قابليتها للتجزئة وترابطها. ومما يؤسف لـه أن هذه المؤسسات لم يُسنَد إليها في معظم الأحيان هذا الدور أو أنه قد تم تجاه ل ه أو إيلاؤه أولوية دنيا. ولذا فإنه من الضروري إيلاء الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية العناية التامّة في جميع الأنشطة ذات الصلة التي تضطلع بها هذه المؤسسات. وتبين القائمة التالية أنواع الأنشطة التي يمكن أن تض طلع بها المؤسسات الوطنية فيما يخص هذه الحقوق، والتي سبق أن اضطلعت بها في بعض الحالات:

(أ) ترويج البرامج التعليمية والإعلامية الرامية إلى زيادة الوعي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتفهمها، بين السكان عموماً وفي أوساط مجموعات خاصة مثل الموظفين ال حكوميين وأعضاء السلطة القضائية والقطاع الخاص والحركة النقابية؛

ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1999/22.

(ب) إنعام النظر في القوانين والإجراءات الإدارية الموجودة، فضلاً عن مشاريع القوانين وغير ذلك من المقترحات لضمان تماشيها مع مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛

(ج) إسداء المشورة التقنية أو الاضطلاع بدراسات استقصائية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك بناء على طلب السلطات العامة أو الوكالات المختصة الأخرى؛

(د) تحديد معا يير على الصعيد الوطني يمكن است خدامها لقياس مدى الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في العهد؛

(ه‍) إجراء بحوث وتحقيقات للتأكد من إعمال بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إما داخل الدولة ككل أو في أقاليم منها أ و فيما يخص المجموعات الضعيفة بصورة خاصة؛

(و) رصد إعمال حقوق محددة معت رف بها في العهد، وتقديم تقارير عن ذلك إلى السلطات العامة والمجتمع المدني؛

(ز) النظر في الشكاوى المتعلقة بمخالفات مزعومة لمعايير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السارية داخل البلد.

4- وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى العمل على أن تشمل الولايات الممن وحة لكافة مؤسسات حقوق الإنسان اهتماما مناسبا بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وتطلب إلى الدول الأطراف أن تضمّن التقارير التي تقدمها إلى اللجنة تفاصيل بشأن كل من ولايات هذه المؤسسات وأنشطتها الرئيسية ذات الصلة.

الدورة العشرون (1999)*

التعليق العام رقم 11: خطط العمل من أجل التعليم الابتدائي (المادة 14)

1- تقتضي المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن تتعهد كل دولة أصبحت طرفاً في العهد ولم تكن قد تمكنت، حتى ذلك الحين، من كفالة إلزامية التعليم الابتدائي ومجانيته، بال قيام في غضون سنتين بوضع واعتماد خطة عمل مفصلة للتنفيذ الفعلي والتدريجي لمبدأ إلزامية التعليم الابتدائي ومجانيته للجميع خلال عدد معقول من السنين يحدد في الخطة.

2- وإن الحق في التعليم، المعترف به في المادتين 13 و14 من العهد، وكذلك في عدة معاهدات دولية أخرى م ثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، يتسم بأهمية حيوية. وقد جرى تصنيفه بعدة طرق مختلفة باعتباره حقاً اقتصادياً وحقاً اجتماعياً وحقاً ثقافياً. وفضلاً عن انطباق جميع هذه الصفات عليه، فإنه يمثل أيضاً حقاً مدنياً وحقاً سياسيا ً، لأنه أساسي للإعمال التام والفعال لهذين الحقين كذلك. وبالتالي فإن الحق في التعليم يعبر عن عدم تجزئة حقوق الإنسان كما يعبر عن ترابط هذه الحقوق جميعها.

ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/C.12/1999/4.

3- ويقع على عاتق كل دولة طرف، وفقاً لالتزامها الواضح والق اطع بموجب المادة 14، واجب تقديم خطة عمل إلى اللجنة، توضع على الأسس المحددة في الفقرة 8 أدناه. ولا بد من احترام هذا الالتزام احتراماً تاماً بالنظر إلى أن التقديرات تشير إلى أنه يوجد في البلدان النامية حالياً 130 مليون طفل ممن بلغوا سن الالتحاق بالمدارس دون أن يتاح لهم التعليم الابتدائي، وثلثاهم من البنات* وتدرك اللجنة إدراكاً تاماً أن عدة عوامل مختلفة قد جعلت من الصعب على دول أطراف تنفيذ التزامها المتعلق بتقديم خطة عمل. وعلى سبيل المثال، فإن برامج التكيف الهيكلي التي بدأت في السبعينات وأزمات الديون التي أعقب تها في الثمانينات والأزمات المالية في أواخر التسعينات، بالإضافة إلى عوامل أخرى، قد زادت بقدر كبير من حدة إنكار الحق في التعليم الابتدائي. بيد أن هذه الصعوبات لا يمكن أن تعفي الدول الأطراف من التزامها المتعلق باعتماد خطة عمل وتقديمها إلى اللجنة على النحو ال مذكور في المادة 14 من العهد.

4- فلخطط العمل التي تعدها الدول الأطراف في العهد وفقاً للمادة 14 أهمية خاصة، لا سيما لأن عمل اللجنة قد أظهر أن انعدام فرص التعليم للأطفال كثيراً ما يزيد من تعرضهم لشتى أشكال انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى. وعلى سبيل المثال، فإن ا لأطفال، الذين يعيشون حياة غير صحية في فقر مدقع، يكونون معرضين للسخرة وغيرها من أشكال الاستغلال. وفضلاً عن ذلك، هناك علاقة مباشرة مثلاً بين مستويات الالتحاق بالمدارس الابتدائية بالنسبة للبنات وانخفاض حالات زواج الأطفال.

5- وتنطوي المادة 14 على عدد من العنا صر التي تستحق أن يتم تناولها بقدر معين من التفصيل على ضوء الخبرة التي اكتسبتها اللجنة في فحص تقارير الدول الأطراف.

6- الإلزامية . يهدف عنصر الإلزام إلى إبراز أنه لا يحق للآباء ولا للأوصياء ولا للدولة النظر إلى القرار المتعلق بإتاحة التعليم الابتدائي للطفل ك ما لو كان قراراً اختيارياً. وهذا المتطلب يشدد أيضاً على حظر التمييز على أساس نوع الجنس فيما يتعلق بإتاحة التعليم، وذلك وفقاً للمادتين 2 و3 من العهد. ولكن ينبغي التأكيد على أن التعليم المتاح يجب أن يكون كافياً من حيث النوعية ووثيق الصلة باحتياجات الطفل، كما يجب أن يعزز إعمال حقوق الطفل الأخرى.

7- المجانية . إن طبيعة هذا المتطلب لا يشوبها لبس. فصيغة هذا الحق صريحة بحيث تكفل إتاحة التعليم الابتدائي مجاناً للطفل أو الآباء أو الأوصياء. ذلك أن فرض رسوم من جانب الحكومة أو السلطات المحلية أو المدرسة، بالإضافة إلى ا لتكاليف المباشرة الأخرى، يشكل عاملاً مثبطاً وحائلاً دون التمتع بالحق في التعليم، وقد يعرقل إعماله. وكثيراً ما يكون لـه أثر انتكاسي للغاية أيضاً. وإزالة هذه العقبة أمر يجب أن تعالجه خطة العمل المطلوبة. ويضاف إلى ذلك أن التكاليف غير المباشرة، مثل الضرائب الإ لزامية المفروضة على الآباء (التي يتم تصويرها أحياناً كما لو كانت طوعية ولكنها ليست طوعية في الواقع)، أو الإلزام بارتداء زي مدرسي موحد تكاليفه باهظة نسبياً، لها نفس الأثر المثبط. وهناك تكاليف غير مباشرة أخرى يمكن أن تكون مقبولة رهناً بفحص اللجنة لكل حالة عل ى حدة. وفضلاً عن ذلك، فإن إلزامية التعليم الابتدائي لا تتعارض بأي شكل من الأشكال مع الحق المعترف به في الفقرة 3 من المادة 13 من العهد الذي يكفل للآباء والأوصياء "اختيار مدارس لأولادهم غير المدارس الحكومية".

8- اعتماد خطة تفصيلية . يُطلب من الدولة الطرف اعتم اد خطة عمل في غضون سنتين. ويجب أن يُفَسَّر هذا بأنه يعني اعتماد خطة في غضون سنتين من بدء نفاذ العهد بالنسبة للدولة المعنية أو في غضون سنتين من حدوث تغيير لاحق ـــــــــــــ

* انظر التقرير العام لليونيسيف، حالة أطفال العالم في عام 1999 .

في الظروف التي أدت إلى عدم احترام الالتزام ذي الصلة. فهذا الالتزام مستمر، علماً بأن الدول الأطراف التي ينطبق عليها الحكم نتيجة للوضع السائد ليست في حلٍّ من الالتزام نتيجة لعدم اتخاذها هذا الإجراء في الماضي في غضون فترة السنتين المحددة. ويجب أن تشمل الخطة جميع الإجراءات اللا زمة لتأمين كل جزء من الأجزاء المكوِّنة المطلوبة للحق، ويجب صياغتها بتفاصيل كافية لضمان إعمال الحق بصورة شاملة. ومشاركة جميع قطاعات المجتمع المدني في صياغة الخطة أمر حيوي، كما أن توفير بعض الوسائل لاستعراض التقدم المحرز دورياً وضمان إمكانية المساءلة أمر ضرو ري إذ بدون هذه العناصر ستضعف أهمية المادة.

9- الالتزامات . لا يمكن للدولة الطرف أن تتهرب من الالتزام القاطع باعتماد خطة عمل بحجة عدم توفر الموارد اللازمة لذلك. فإذا أمكن تفادي الالتزام بهذه الطريقة، فلن يكون هناك مبرر للشرط الصريح الوارد في المادة 14 والذي ينطبق بالتحديد تقريباً على الحالات المتميزة بعدم توفر موارد مالية كافية. وعلى هذا الأساس، وللسبب نفسه، فإن الإشارة إلى "المساعدة والتعاون الدوليين" في الفقرة 1 من المادة 2 وإلى "التدابير الدولية" في المادة 23 من العهد تنطبق على هذه الحالة بالتحديد. فمن ال واضح أنه من واجب المجتمع الدولي أن يقدم المساعدة في حالة افتقار دولة طرف افتقاراً واضحاً إلى الموارد المالية و/أو الخبرات المطلوبة من أجل "وضع واعتماد" خطة عمل تفصيلية.

10- الإعمال التدريجي . يجب توجيه خطة العمل نحو تأمين الإعمال التدريجي للحق في إلزامية ال تعليم الابتدائي ومجانيته بموجب المادة 14. ولكن المادة 14 - خلافاً للحكم الوارد في الفقرة 1 من المادة 2 - تحدد أن الموعد المستهدف يجـب أن يكون "خلال عدد معقول من السنين"، وأن الإطار الزمني يجب أن "يحدد في الخطة". وبعبارة أخرى، يجب أن تحدّد الخطة سلسلة مواعي د مستهدفة للتنفيذ بالنسبة لكل مرحلة من مراحل التنفيذ التدريجي للخطة. وهذا يبرز أهمية الالتزام المنشود وعدم مرونته نسبياً. وهناك حاجة أيضاً إلى التشديد في هذا الصدد على أن الالتزامات الأخرى للدولة الطرف، مثل عدم التمييز، يجب أن تنفذ تنفيذاً تاماً وفورياً.

1 1- وتطلب اللجنة إلى كل دولة طرف ينطبق عليها حكم المادة 14 أن تضمن الامتثال الكامل لشروطها وتقديم خطة العمل الموضوعة إلى اللجنة كجزء مكمل للتقارير المطلوبة بموجب العهد. وفي حالات مناسبة، تشجع اللجنة الدول الأطراف أيضاً على التماس المساعدة من الوكالات الدولي ة ذات الصلة، بما فيها منظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونسكو واليونيسيف وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك فيما يتعلق بإعداد خطط العمل بموجب المادة 14 وتنفيذها لاحقاً. وتدعو اللجنة أيضاً الوكالات الدولية ذات الصلة إلى مساعدة الدو ل الأطراف إلى أقصى حد ممكن على تنفيذ التزاماتها تنفيذاً سريعاً.

الدورة العشرون ( 1999) *

التعليق العام رقم 12 : الحق في الغذاء الكافي (المادة 11)

مقدمة ومنطلقات أساسية

1- إن حق الإنسان في الغذاء الكافي معترف به في العديد من الصكوك بموجب القانون الدولي. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يعنى بصورة أشمل من أي صك آخر بهذا الحق. فطبقاً ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/C.12/1999/5.

للمادة 11-1 من هذا العهد، تقر الدول الأطراف "بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف ل ـ ه ولأسرته يوفر ما يفي بحاجتهم من الغـذاء، والكساء، والمأوى وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية"، بينما تعترف، طبقاً للمادة 11-2، بأن تدابير أكثر استعجالاً وإلحاحاً قد تلزم لتأمين "الحق الأساسي في التحرر من الجوع وسوء التغذية". وحق الإنسان في الغذاء الكافي يتسم بأهمية حاسمة بالنسبة ل لتمتع بجميع الحقوق. فهو ينطبق على كل فرد ومن ثم فإن الإشارة في المادة 11-1 إلى "لنفسه ولأسرته" لا تعني أي تقييد لانطباق هذا الحق على الأفراد أو على ربات الأسر.

2- وقد قامت اللجنة بتجميع معلومات ذات أهمية تتصل بالحق في الغذاء الكافي من خلال دراستها لتقارير الدول الأطراف خلال السنوات منذ عام 1979 ولاحظت اللجنة أنه برغم ما يتوفر من مبادئ توجيهية لتقديم التقارير المتصلة بالحق في الغذاء الكافي ، لم تقم سوى قلة من الدول بتوفير معلومات وافية وعلى درجة من الدقة تمكِّن اللجنة من الوقوف على الحالة السائدة في البلدان ا لمعنية فيما يخص هذا الحق وتحديد العراقيل التي تعترض إعماله. ويهدف هذا التعليق العام إلى تحديد بعض القضايا الرئيسية التي تراها اللجنة ذات أهمية فيما يتصل بالحق في الغذاء الكافي. وكان الباعث على إعداده طلب الدول الأعضاء أثناء مؤتمر القمة العالمي للأغذية المع قود عام 1996 الداعي إلى تحديد أفضل للحقوق المتصلة بالغذاء و الواردة في المادة 11 من العهد وطلب خاص إلى اللجنة بإيلاء بالغ الاهتمام لخطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة في معرض رصد تنفيذ التدابير المحددة التي تنص عليها المادة 11 من العهد.

3- واستجابة لهذين الطل بين، استعرضت اللجنة التقارير والوثائق ذات الصلة الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات والمتعلقة بالحق في الغذاء الكافي بوصفه حقاً من حقوق الإنسان، وكرست يوماً لإجراء مناقشة عامة لهذه القضية في دورتها السابعة عشرة المعقود ة في عام 1997 آخذة بعين الاعتبار مشروع المدونة الدولية لقواعد السلوك بشأن حق الإنسان في الغذاء الكافي الذي أعدته المنظمات غير الحكومية الدولية، وشاركت في اجتماعين تشاوريين للخبراء بشأن الحق في الغذاء الكافي بوصفه حقاً من حقوق الإنسان نظمتهما مفوضية الأمم ا لمتحدة . السامية لحقوق الإنسان في جنيف في شهر كانون الأول/ديسمبر 1997، وفي روما في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1998 واشتركت في استضافة هذين الاجتماعين منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وقد أحاطت اللجنة علماً بالتقريرين النهائيين الصادرين عنهما. وفي نيسان/أب ريل 1999 اشتركت اللجنة في ندوة بعنوان "جوهر النهج الذي تمليه حقوق الإنسان وأساليبه السياسية في تناول السياسات العامة والبرامج المتعلقة بالأغذية وسوء التغذية"، نظمته اللجنة الفرعية المعنية بالتغذية المنبثقة عن لجنة التنسيق الإدارية التابعة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والعشرين المعقودة في جنيف واستضافتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

4- و تؤكد ا للجنة أن الحق في الغذاء الكافي يرتبط ارتباطاً لا انفصام فيه بالكرامة المتأصلة في الإنسان ، وهو حق لا غنى عنه للتمتّع بحقوق الإنسان الأخرى المكرسة في ال شرعة الدولية لحقوق الإنسان. ولا يمكن أيضاً فصل هذا الحق عن العدالة الاجتماعية ، وهو يستلزم انتهاج السياسات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية الملائمة على الصعيدين الوطني والدولي الموجهة نحو القضاء على الفقر وإعمال كافة حقوق الإنسان للجميع.

5- وبالرغم من أن ال مجتمع الدولي قد أعاد التأكيد مراراً على أهمية الاحترام الكامل للحق في الغذاء الكافي، لا تزال هناك فجوة مثيرة للانزعاج تفصل بين المستويات المحددة في المادة 11 من العهد والحالة السائدة في العديد من أنحاء العالم. فهناك ما يزيد على 840 مليون شخص في أنحاء العال م، معظمهم في البلدان النامية، يعانون من الجوع المزمن، و هناك ملايين الأشخاص يعانون من المجاعة نتيجة للكوارث الطبيعية ولتزايد الصراعات الأهلية والحروب في بعض المناطق واستخدام الغذاء كسلاح سياسي. وتلاحظ اللجنة أنه برغم ما تتسم به مشاكل المجاعة وسوء التغذية في البلدان النامية من حدة بالغة في الكثير من الأحيان ، فإن مشاكل سوء التغذية ونقص التغذية وغير ذلك من المشاكل ذات الصلة بالحق في الغذاء الكافي والحق في التحرر من الجوع تواجه في بعض أكثر البلدان تقدماً من الناحية الاقتصادية. وجذور مشكلة الجوع وسوء التغذية لا ت كمن أساساً في الافتقار إلى الأغذية بل إنها تكم ن في حرمان قطاعات كبيرة من السكان في العالم من سبيل الحصول على الغذاء وذلك لأسباب منها الفقر.

المضمون المعياري للمادة 11، الفقرتان 1 و2

6- يتم إعمال الحق في الغذاء الكافي عندما يتاح مادياً واقتصادياً لكل رجل وا مرأة وطفل بمفرده أو مع غيره من الأشخاص، في كافة الأوقات، سبيل الحصول على الغذاء الكافي أو وسائل شرائه. ولذلك لا ينبغي تفسير الحق في الغذاء الكافي تفسيراً ضيقاً يقصره على تأمين الحد الأدنى من الحريرات والبروتينات وغير ذلك من العناصر المغذية المحددة. إذ سيلز م إعمال الحق في الغذاء الكافي بصورة تدريجية. بيد أن الدول ملزمة أساساً باتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من أثر الجوع على النحو المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 11 حتى في أوقات الكوارث الطبيعية.

كفاية واستدامة توفر الغذاء وسبيل الحصول عليه

7- لمفهوم الكفاي ة أهمية خاصة فيما يتصل بالحق في الغذاء لأنه يستخدم لإبراز عدد من العوامل التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار في تحديد ما إذا كانت أنواع معينة من الأغذية أو النظم الغذائية المتاحة يمكن أن تعتبر في ظروف معينة أنسب الأنواع لأغراض المادة 11 من العهد. ومفهوم الاستدامة مرتبط ارتباطاً لا انفصا م فيه بمفهوم الغذاء الكافي أو الأمن الغذائي، فهو ينطوي على إمكانية الحصول على الغذاء حاضراً ولأجيال المستقبل على حد سواء. والمعنى الدقيق لكلمة "كفاية" يتحدد إلى مدى بعيد بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمناخية والإيكولوج ية وغيرها من الأوضاع السائدة ، في حين أن "الاستدامة" تنطوي على مفهوم توفر الغذاء وإمكان الحصول عليه في الأجل الطويل.

8- وترى اللجنة أن المضمون الأساسي للحق في الغذاء الكافي يعني ما يلي:

توفر الغذاء بكمية ونوعية تكفيان لتلبية الاحتياجات التغذوية للأفراد ، وخل و الغذاء من المواد الضارة وكونه مقبولاً في سياق ثقافي معين؛

وإمكانية الحصول على الغذاء بطرق تتسم بالاستدامة ولا تعطل التمتع بحقوق الإنسان الأخرى.

9- والاحتياجات التغذوية تعني أن النظام الغذائي ككل يتضمن خليطاً من المغذيات اللازمة للنمو الجسمي والنفسي، ولنم اء وتطور النشاط البدني . وتكون هذه المغذيات متمشية مع الاحتياجات الفيزيولوجية البشرية في جميع مراحل الحياة ووفقاً لنوع الجنس والمهنة. ولذلك قد تدعو الحاجة لاتخاذ تدابير لإدامة وتطويع وتعزيز التنوع التغذوي والاستهلاك الملائم ونماذج الرضاعة بما في ذلك الرضاعة الطبيعية مع تأمين كون التغييرات فيما يتوفر ويتاح الحصول عليه من الأغذية كحد أدنى لا يؤثر تأثيراً سلبياً على التركيبة التغذوية والم تناول من الغذاء.

10- الخلو من المواد الضارة يحدد اشتراطات للسلامة الغذائية وجملة من التدابير الوقائية التي تتخذ بوسائل عامة و خاصة لمنع تلوث المواد الغذائية بشوائب و/أو بسبب انعدام الشروط البيئية الصحية أو المناولة غير السليمة في مختلف المراحل التي يمر بها إنتاج الأغذية، ويجب الحرص على تحديد وتجنب وتدمير التكسينات التي تحدث في الطبيعة.

11- مقبولية الغذاء من الوجهة الثقافية أو وجه ة نظر المستهلك تعني الحاجة إلى أن تؤخذ بعين الاعتبار، قدر المستطاع، قيم مستشفة غير العناصر المغذية . وترتبط هذه القيم بالغذاء و اهتمامات المستهلك المستنير فيما يتعلق بطبيعة الإمدادات الغذائية المتاحة.

12- توافر الأغذية يشير إلى الإمكانيات التي تيسر إما تغذية الفرد لنفسه مباشرة بالاعتماد على الأرض المنتجة أو الموارد الطبيعية الأخرى أو على نظم التوزيع والتجهيز والتسويق العاملة بشكل سليم والتي ي مكن أن تنقل الغذاء من موقع الإنتاج إلى الموقع الذي ت وجد فيه الحاجة إلى الغذاء بحسب الطلب.

13- إمكانية الحصول على الغذاء تشمل الإمكاني ة الاقتصادية والمادية على حد سواء:

فالإمكانية الاقتصادية تعني أن التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية التي ترتبط ب الحصول على الأغذية من أجل تأمين نظام غذائي كاف يلزم أن تكون بالمستوى الذي لا يهدد الوفاء بالاحتياجات الأساسية الأخرى. والإمكانية الاقتصادية لتأمين الغذاء تنطبق على أي نمط من أنماط الحصول على الأغذية أو أهلية ا لحصول عليها وبها يقاس مدى ما يتحقق من التمتع بالحق في الغذاء الكافي. والمجموعات الضعيفة اجتماعياً مثل الأشخاص الذين لا يملكون أراض ٍ أو غيرهم من قطاعات السكان التي تعاني من الفق ر الشديد قد تحتاج إلى عناية توفرها برامج خاصة.

والإمكانية المادية للحصول على الغذاء تعني أن الغذاء الكافي يجب أن يكون متاحاً لكل فرد ، بما في ذلك الأفراد ضعاف الجسم مثل الرضع والأطفال الصغار والمسنين والمعاقين بدنياً والمصابين بأمراض لا شفاء منها والأشخاص ا لذين يعانون مشاكل صحية مزمنة بمن فيهم المرضى عقلياً. وقد يحتاج ضحايا الكوارث الطبيعية وغيرهم من الأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث وغيرهم من المجموعات المحرومة بشكل خاص لعناية خاصة وبعض الاهتمام ذي الأولوية فيما يتعلق بالحصول على الغذاء. وهناك ضعف خاص يعانيه الكثير من مجموعات السكان الأصليين الذين تكتنف الأخطار سبيل وصولهم إلى أراضي أجدادهم .

الالتزامات والانتهاكات

14- إن طبيع ـ ة الالتزام ـ ات القانونية التي تتعهد بها الدول مبينة في المادة 2 من العهد وقد تناولها التعليق العام 3 للجنة (1990). والالتزام الرئيسي يتمثل في اتخاذ خطوات تسمح، تدريجيا ً ، بالإعمال الكامل للحق في الغذاء الكافي . وهذا الأمر يفرض التزاما بالتقدم بأسرع ما يمكن نحو بلوغ هذا الهدف. وكل دولة ملزمة بأن تضمن لكل فرد يخضع لولايتها القضائية الحصول على الحد الأدنى من الغذاء الأساسي يكون كافيا ومغذيا بصورة مناسبة ومأمونة، وأن تضمن تحرر الفرد من الجوع.

15- والحق في الغذاء الكافي ، مثل أي حق آخر من حقوق الإنسان ، يفرض على الدول الأطراف ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات هي: الالتزامات بالاحترام ، والحماية، وبالإعمال . والالتزام بالإعمال بدوره يشمل

الالتزام بالتسهيل والالتزام بالتوفير * . والالتزام باحترام السبيل المتوفر للحصول على الغذاء الكافي يستلزم من الدول الأطراف ألا تتخذ أي تدابير تسفر عن الحؤول دونه. والالتزام بالحماية يستلزم أن تتخذ الدولة تدابير لضمان عدم قيام أفراد أو شركات بحرمان الأفراد من الحصول على الغذاء الكافي . والالتزام بالوفاء يعني أنه يجب أن تشارك الدولة بفعالية في الأنشطة المقصود منها أن تعزز وصول الناس إلى موارد ووسائل ضمان مقومات عيشهم، بما في ذلك الأمن الغذائي، واستخدام تلك الموارد والوسائل. وأخيراً، وكلما عجز فرد أو جماعة، لأس باب خارجة عن نطاق إرادتهما، عن التمتع بالحق في الغذاء الكافي بالوسائل المتاحة للفرد أو الجماعة، يقع على عاتق الدول التزام بأن تفي بذلك الحق مباشرة. ويسري هذا الالتزام أيضا على الأشخاص ضحايا الكوارث الطبيعية أو غيرها من الكوارث.

16- و ل بعض التدابير ، على هذه المستويات المختلفة من التزامات الدول الأطراف ، طبيعة عاجلة، بينما تكتسي تدابير أخرى الصبغة الأطول أجلا للتوصل تدريجيا إلى الإعمال الكامل للحق في الغذاء.

17- وت حدث انتهاكات للعهد عندما تقصر الدولة عن الوفاء، على أقل تقدير، بالحد الأساسي الأدنى المطلوب ليكون الفرد متحررا من الجوع. ولدى تحديد أي فعل أو إ غفال لفعل يعدّ انتهاكا للحق في الغذاء، من الأهمية بمكان التمييز بين عجز الدولة الطرف عن الوفاء بالتزاماتها وعدم استعدادها لذلك. وإذا ادعت دولة طرف أن القيود المفروضة على الموارد تجعل من المستحيل عليها أن توفر ال غذاء للعاجزين عن توفيره بأنفسهم ، يجب أن تثبت الدولة أنها بذلت قصارى الجهد من أجل استخدام كل الموارد الموجودة تحت تصرفها في سبيل الوفاء، على سبيل الأولية، بهذه الالتزامات الدنيا. وهذا أمر مترتب على المادة 2-1 من العهد التي تلزم الدولة باتخاذ ما يلزم من خطوا ت "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة"، حسبما سبق للجنة أن أشارت إليه في تعليقها العام 3، الفقرة 10. وبالتالي، فإن الدولة التي تدعي بأنها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها لأسباب خارجة عن إرادتها تتحمل عبء إثبات ذلك و إثبات أنها التمست ، بلا جدوى ، الحصول على الدعم ا لدولي لضمان توافر الغذاء الكافي وإمكانية الحصول عليه.

18- وبالإضافة إلى ذلك، يعد انتهاكا للعهد أي تمييز في الحصول على الغذاء، وفي وسائل واستحقاقات الحصول عليه، على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو السن، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياس ي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب، يكون غرضه أو أثره إلغاء أو إعاقة تكافؤ التمتع بالحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو ممارستها.

19- وت حدث انتهاكات الحق في الغذاء من خلال العمل المباشر الذي تقوم به الدول أو كيانات أخرى لا تخضع الخضوع الكافي للوائح الدولة. وتشمل هذه الانتهاكات ما يلي: إلغاء أو تعليق العمل رسميا بالتشريع اللازم لاستمرار التمتع بالحق في الغذاء؛ و حرمان أفراد أو جماعات من الحصول على الغذاء، سواء كان التمييز مستندا إلى التشريع أو تمييزا ً استباقياً ؛ و منع الحصول على المساعدة الغذائية الإنسانية في المنازعات الداخلية أو في حالات ـــــــــــــ

* تم أصلاً اقتراح ثلاثة مستويات للالتزامات: الاحترام، والحماية، والمساعدة/الوفاء. (انظر الوثيقة المعنونة "الحق في الغذاء الكافي بوصفه حقا من حقوق الإنسان"، سلسلة الدراسات، العدد 1، نيويورك، 1989، م نشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع A.89.XIV.2). تم اقتراح المستوى الوسيط ل‍ "التيسير" كفئة حددتها اللجنة، لكن اللجنة قررت الاحتفاظ بالمستويات الثلاثة للالتزامات.

الطوارئ الأخرى؛ و اعتماد تشريعات أو سياسات تتعارض بشكل واضح م ع الالتزامات القانونية القائمة سابقاً و المتصلة بالحق في الغذاء؛ والتقصير في تنظيم أنشطة الأفراد أو الجماعات على النحو الذي يمنعهم من انتهاك حق الغير في الغذاء، أو تقصير الدولة في مراعاة التزاماتها القانونية الدولية فيما يتعلق بالحق في الغذاء عندما تبرم اتف اقات مع دول أو منظمات دولية أخرى.

20- و في حين أن الأطراف في العهد هي الدول دون سواها وهي بالتالي المسؤولة في النهاية عن الامتثال للعهد، فإن كل أفراد المجتمع الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وكذلك قطاع الأعما ل التجارية الخاص يتحملون مسؤوليات في مجال إعمال الحق في الغذاء الكافي . وينبغي أن تهيىء الدولة بيئة تسهل تنفيذ هذه المسؤوليات. وينبغي أن يواصل قطاع الأعمال التجارية الخاص الوطني والدولي أنشطته في إطار مدونة لقواعد السلوك تؤدي إلى احترام الحق في الغذاء ال كافي ويتفق عليها بالاشتراك بين الحكومة والمجتمع المدني.

التنفيذ على الصعيد الوطني

21- إن أنسب الوسائل والأساليب لإعمال الحق في الغذاء الكافي تتفاوت حتما تفاوتاً كبيراً من دولة إلى أخرى ويكون لكل دولة طرف هامش استنتسابي في اختيار مناهجها الخاصة، غير أن ا لعهد يشترط بوضوح أن تتخذ كل دولة طرف ما يلزم من خطوات لتضمن لكل فرد التحرر من الجوع وأن يتمكن الفرد في أقرب وقت ممكن من التمتع بالغذاء ا لكافي . ويستلزم هذا الأمر اعتماد استراتيجية وطنية لضمان الأمن الغذائي والتغذوي للجميع، استنادا إلى مبادئ حقوق الإنسان الت ي تحدد الأهداف، وتصميم سياسات وما يقابلها من مقاييس. وينبغي أيضا أن تحدد الاستراتيجية الموارد المتاحة لبلوغ الأهداف وأنجع وسائل استخدامها من حيث التكلفة.

22- وينبغي أن تستند الاستراتيجية إلى تحديد منهجي لتدابير السياسة العامة والأنشطة ذات الصلة بالحالة وال سياق، على النحو المستمد من المضمون المعياري للحق في الغذاء والمبين فيما يتصل بمستويات وطبيعة التزامات الدول الأطراف في الفقرة 15 من هذا التعليق العام. وسيسهل هذا الأمر التنسيق بين الوزارات والسلطات الإقليمية والمحلية ويضمن امتثال القرارات السياسية والإداري ة للالتزامات المبينة في المادة 11 من العهد.

23- ويستلزم تصميم وتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية المعنية بالحق في الغذاء الامتثال الكامل لمبادئ المساءلة، والشفافية، والمشاركة الجماهيرية، واللامركزية، والأهلية التشريعية واستقلال السلطة القضائية. وحسن التدبير لازم لإعمال كل حقوق الإنسان، بما فيها القضاء على الفقر وضمان معيشة مرضية للجميع.

24- وينبغي تصميم آليات مؤسسية مناسبة لضمان اتباع عملية ذات صبغة تمثيلية في صياغة استراتيجية، تستند إلى كل ما يتاح من خبرة وطنية متصلة بالغذاء والتغذية. وينبغي أن تبين الاستراتيجية المسؤوليات والإطار الزمني لتنفيذ التدابير اللازمة.

25- وينبغي أن تتناول الاستراتيجية قضايا وتدابير حاسمة إزاء كل جوانب نظام الأغذية، بما في ذلك إنتاج الغذاء المأمون وتجهيزه وتوزيعه وتسويقه واستهلاكه، وكذلك تدابير موازية في مجالات الصحة والتعليم والتشغيل و الضمان الاجتماعي. وينبغي الحرص على ضمان إدارة واستغلال الموارد الطبيعية وغيرها من موارد الغذاء، على المستويات الوطني ة والإقليمي ة والمحلي ة و على مستوى الأسرة المعيشية، بشكل يتصف بأقصى قدر من الاستدامة.

26- وينبغي أن تولي الاستراتيجية عناية خاصة لضرورة منع ال تمييز في مجال الحصول على الغذاء أو الموارد الغذائية. وينبغي أن يشمل هذا ما يلي: ضمانات الوصول الكامل والمتكافئ إلى الموارد الاقتصادية، ولا سيما لصالح النساء ، بما في ذلك الحق في الإرث وملكية الأرض وغير ذلك من الممتلكات، والائتمان، والموارد الطبيعية والتكنول وجيا المناسبة؛ وتدابير احترام وحماية العمالة الذاتية والعمل الذي يتيح أجرا يضمن للأجير وأسرته عيشا كريما (على النحو المنصوص عليه في المادة 7 (أ) ‘2’ من العهد)؛ و مسك سجلات عن الحقوق المتصلة بالأرض (بما في ذلك الغابات).

27- وينبغي للدول الأطراف، كجزء من التزا ماتها بحماية قاعدة الموارد الغذائية للسكان، أن تتخذ الخطوات المناسبة لضمان تمشي أنشطة قطاع الأنشطة التجارية الخاص والمجتمع المدني مع الحق في الغذاء.

28- وحتى في الحالات التي تواجه فيها الدولة قيودا شديدة على الموارد، سواء بسبب عملية تكيف اقتصادي، أو انتكاس اقتصادي، أو ظروف مناخية أو غير ذلك من العوامل، ينبغي اتخاذ تدابير لضمان إعمال الحق في الغذاء الكافي خاصّة لصالح الضعفاء من ال مجموعات السكانية والأفراد.

المعايير والتشريع الإطاري

29- يتعين على الدول ، عند تنفيذ الاستراتيجيات المحددة للبلد المشار إليها أعلاه ، أن تضع معايير للمراقبة اللاحقة على المستويين الوطني والدولي يمكن التحقق منها. وفي هذا الصدد، يتعين على الدول أن تنظر في اعتماد قانون إطاري كأداة أساسية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالحق في الغذاء . وينبغي أن يتضمن القانون الإطاري أحكاماً تتعلق بغ رضه؛ و الأهداف أو المقاصد المنشودة والإطار الزمني الواجب تحديده لبلوغها و وصف الطرق المستخدمة لبلوغ هذا الهدف، ولا سيما التعاون المستصوب مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية؛ و المؤسسية عن هذه العملية؛ والآليات الوطنية لرصدها، وكذلك الإجراءات الم مكنة لطلب الاستعانة. ويتعين على الدول الأطراف ، عند وضع المعايير والتشريع الإطاري ، أن تُشرك بصورة نشيطة منظمات المجتمع المدني.

30- ويتعين على برامج ووكالات الأمم المتحدة المعنية أن تقدم المساعدة ، عند الطلب، في صياغة التشريع الإطاري وتنقيح التشريع القطاعي. ف لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ، مثلاً، دراية كبيرة ومعلومات متراكمة تتعلق بالتشريعات في مجالي الأغذية والزراعة. كما تتوفر لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) دراية مماثلة بشأن ال تشريعات المتعلقة بالحق في الغذاء الكافي للرضع والأطف ال الصغار من خلال حماية الأم والطفل، بما في ذلك تشريعات تسمح بالرضاعة الطبيعية وتتعلق بتنظيم تسويق بدائل لبن الأم.

عمليات الرصد

31- ينبغي للدول الأطراف أن تضع وتطوِّر آليات لرصد التقدم المحرز نحو إعمال الحق في غذاء كافٍ للجميع، وتحديد العوامل والصعوبات الت ي تؤثر في مستوى تنفيذ التزاماتها، وتيسير اعتماد تشريعات تصحيحية وتدابير إدارية، بما في ذلك تدابير لتنفيذ التزاماتها بموجب المادتين 2-1 و23 من العهد .

سبل الانتصاف والمساءلة

32- ينبغي أن يكون بإمكان من يقع من الأشخاص أو المجموعات ضحية لانتهاك الحق في غذاء كا فٍ الوصول إلى سبل انتصاف قضائية فعالة أو غيرها من سبل الانتصاف الملائمة على المستويين الوطني والدولي معاً. ويحق لجميع ضحايا مثل هذه الانتهاكات الحصول على تعويض مناسب قد يتخذ شكل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه، أو التعويض أو الترضية أو تقديم ضمانات بعدم التك رار. ويتعين على أمناء المظالم ولجان حقوق الإنسان على المستوى الوطني أن يعالجوا انتهاكات الحق في الغذاء.

33- ومن شأن إدراج صكوك دولية تعترف بالحق في الغذاء في النظام القانوني المحلي، أو الاعتراف بتطبيقها، أن يعزز بصورة ملحوظة نطاق وفعالية تدابير الانتصاف وي نبغي تشجيعه في جميع الحالات. وعندئذ يمكن إسناد صلاحيات إلى المحاكم للفصل في انتهاكات المضمون الأساسي للحق في الغذاء بالرجوع مباشرة إلى الالتزامات المنصوص عليها في العهد.

34- و إن القضاة وغيرهم من ممارسي المهنة القضائية مدعوون إلى إيلاء انتهاكات الحق في الغذ اء المزيد من الاهتمام عند ممارستهم لمهامهم.

35- ويتعين على الدول الأطراف أن تحترم وتحمي عمل مناصري حقوق الإنسان وغيرهم من أفراد في المجتمع المدني الذين يقدمون المساعدة إلى المجموعات الضعيفة لتحقيق تمتعها بالحق في الغذاء الكافي.

الالتزامات الدولية

الدول الأ طراف

36- يتعين على الدول الأطراف، طبقاً لروح المادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة، والنصوص المحددة الواردة في المادتين 11، 2(أ) و23 من العهد وإعلان روما الصادر عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية، أن تعترف بالدور الهام للتعاون الدولي وأن تفي بالتزاماتها المتمثلة في اتخاذ إ جراءات مشتركة ومنفصلة لبلوغ هدف التحقيق الكامل للتمتع بالحق في غذاء كاف. ويتعين على الدول الأطراف، عند الامتثال ل التزاماتها، أن تتخذ الخطوات اللازمة لاحترام التمتع بالحق في الغذاء في بلدان أخرى، ولحماية ذلك الحق، ولتيسير الحصول على الغذاء ولتوفير ا لمساعدة اللازمة عند الطلب. ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل إيلاء الاعتبار الواجب للحق في غذاء كافٍ في الاتفاقات الدولية حيثما تكون ل ـ ه صلة بالموضوع، وأن تنظر في صياغة مزيد من الصكوك القانونية الدولية لتحقيق هذا الغرض.

37- ويتعين على الدول الأطراف أن تمتنع في جمع الأوقات عن فرض حظر على الغذاء أو اتخاذ تدابير مشابهة تعرّض للخطر ظروف إ نتاج الغذاء والحصول عليه في بلدان أخرى. فينبغي ألا يستخدم الغذاء مطلقاً كأداة لممارسة ضغوط سياسية واقتصادية. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بموقفها المشار إليه في التعليق العام رقم 8 بشأن العلاقة بين الجزاءات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

الدول والمنظمات الدولية

38- ينص ميثاق الأمم المتحدة على أنه تقع على عاتق الدول مسؤولية مشتركة ومنفردة عن التعاون في تقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ، بما في ذلك مساعدة اللاجئين والمشردين بصورة دائمة. ويتعين على كل دولة أن تسهم في هذه المهمة وفقاً لقدراتها. ويؤدي برنامج الأغذية العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبصورة متزايدة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومنظمة الأ مم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) دوراً هاماً في هذا الصدد وينبغي تعزيزه. وينبغي إيلاء الأولوية في المساعدة الغذائية إلى أضعف فئات السكان.

39- وينبغي أن تقدم المساعدة الغذائية، كلما كان ذلك ممكناً، بطرق لا تؤثر سلباً على المنتجين المحليين والأسواق المحلي ة، وينبغي تنظيمها بطرق تيسر عودة المستفيدين منها إلى الاعتماد على الذات في توفير الغذاء. وينبغي أن تستند مثل هذه المساعدة إلى احتياجات المستفيدين المستهدفين، ويجب أن تكون المنتجات التي تشملها التجارة الدولية في ا لأغذية أو برامج المساعدة منتجات سليمة ومقبول ة في السياق الثقافي للسكان المستفيدين.

الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى

40- و إن ل دور وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك الدور الذي تؤديه في إطار المساعدة الإنمائية التي توفرها الأمم المتحدة على الصعيد القطري، في تعزيز التمتع بالحق في الغذاء أهمية خاصة. وينبغي المحافظة على الجهود المنسقة المبذولة لتحقيق التمتع بالحق في الغذاء بغية تعزيز الانسجام والتفاعل فيما بين جميع الفاعلين المعنيين، بمن فيهم مختلف عناصر المجتمع المدني. ويتعين على المنظمات المعنية بالغذاء، وهي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وبر نامج الأغذية العالمي ، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، أن تقوم بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، والبنك الدولي والبنوك الإنمائية الإقليمية، بالتعاون بصورة أكثر فعالية، وذلك بالاعتماد على خبراتها في مجال إ عمال الحق في الغذاء على المستوى الوطني مع المراعاة الواجبة لولاية كل منها.

41- ويتعين على المؤسسات المالية الدولية، لا سيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أن تولي حماية الحق في الغذاء اهتماماً متزايداً في سياساتها المتعلقة بالقروض واتفاقاتها المتعلقة با لائتمان وفي التدابير الدولية التي تتخذها لمواجهة أزمة الديون. وينبغي توخي الحذر ، تمشياً مع الفقرة 9 من التعليق العام رقم 2 للجنة، في أي برنامج للتكيف الهيكلي لضمان حماية الحق في الغذاء.

الدورة الحادية والعشرون ( 1999)

التعليق العام رقم 13 : الحق في التعليم ( المادة 13)

1- إن الحق في التعليم هو في حد ذاته ح ق من حقوق الإنسان، وهو في نفس الوقت وسيلة لا غنى عنها لإعمال حقوق الإنسان الأخرى. والتعليم، بوصفه حقاً تمكينياً، هو الأداة الرئيسية التي يمكن بها للكبار والأطفال المهمَّشين اقتصادياً واجتماعياً أن ينهضوا بأنف سهم من الفقر وأن يحصلوا على وسيلة المشاركة مشاركة كاملة في مجتمعاتهم. وللتعليم دور حيوي في تمكين المرأة، وحماية الأطفال من العمل الاستغلالي الذي ينطوي على مخاطر، وكذلك من الاستغلال الجنسي، وفي ت عزيز حقوق الإنسان والديمقراطية، وحماية البيئة، والحد من نمو ال سكان. ويُعترف بالتعليم بشكل متزايد بوصفه واحداً من أفضل الاستثمارات المالية التي يمكن للدول أن تستثمرها. ولكن أهمية التعليم ليست أهمية عملية وحسب، فالعقل المثقف والمستنير والنشط القادر على أن ينطلق بحرية وإلى أبعد الحدود هو عقل ينعم بمسرّات الوجود ونعمه .

2 - والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يخصص مادتين للحق في التعليم هما المادة 13 والمادة 14. والمادة 13، التي هي أطول ما نص عليه العهد من أحكام، هي المادة الأبعد مدى والأكثر شمولاً بشأن الحق في التعليم في قانون حقوق الإنسان الدولي. ولقد اعتمدت اللجنة بالفعل التعليق العام رقم 11 على المادة 14(خطط العمل للتعليم الابتدائي)؛ والتعليم العام رقم 11 وهذا التعليق العام يكمّل أحدهما الآخر، ويجب النظر فيهما في آن واحد معاً. واللجنة تدرك أن التمتع بالحق في التعليم يظل، بالنسبة للملايين من الأشخ اص في جميع أنحاء العالم ، هدفاً بعيد المنال. وبالإضافة إلى ذلك ، أصبح هذا الهدف، في حالات عديدة، بعيداً بشكل متزايد. واللجنة تدرك أيضاً الحواجز الهيكلية الهائلة وغيرها من الحواجز التي تعرقل التنفيذ الكامل للمادة 13 في العديد من الدول الأطراف.

3 - وبغية مساعدة الدول الأطراف على تنفيذ العهد والاضطلاع بالتزاماتها فيما يتصل بتقديم التقارير، يركز هذا التعليق العام على المضمون التقنيني للمادة 13 (الجزء الأول، الفقرات 4-42)، وبعض الالتزامات الناتجة عن ذلك (الجزء الثاني، الفقرات 43-57)، وبعض الانتهاكات المذكورة على سب يل الإرشاد (الجزء الثاني، الفقرتان 58 و59). ويقدم الجزء الثالث ملاحظات موجزة حول التزامات الجهات الفاعلة غير الدول الأطراف. ويستند التعليق العام إلى تجربة اللجنة في دراسة تقارير الدول الأطراف على مدى عدة أعوام.

1 - المضمون المعياري للمادة 13

المادة 13(1): أ هداف التعليم وأغراضه

4- توافق الدول الأطراف على أن أي تعليم، سواء كان عاماً أو خاصاً رسمياً أو غير رسمي، يجب أن يكون موجهاً نحو تحقيق الأهداف والأغراض المحددة في المادة 13(1). وتلاحظ اللجنة أن هذه الأهداف التعليمية تعكس الأغراض والمبادئ الأساسية للأمم المت حدة المكرسة في المادتين 1 و2 من الميثاق. وهي توجد أيضاً في أغلبها في المادة 26(2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولو أن المادة 13(1) تضيف إلى الإعلان ثلاثة جوانب هي: يجب أن يكون التعليم موجهاً نحو " الإحساس بكرامة" الشخصية الإنسانية، ويجب "تمكين كل شخص م ن الإسهام بدور نافع في مجتمع حر"، ويجب أن يشجع التفاهم بين جميع الفئات "الإثنية" وكذلك الأمم والمجموعات العرقية والدينية. ولعلّ "وجوب توجيه التعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية" هو أ هم الأهداف الأ ساسية من بين الأهداف التعليمية ال مشتركة بين المادة 2 6(2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 13(1) من العهد.

5- وتلاحظ اللجنة أنه منذ اعتماد الجمعية العامة للعهد في عام 1966 حدّدت صكوك دولية أخرى ، بمزيد من التفصيل ، الأهداف التي يجب أن يكون التعليم موجهاً نحو تحقيقها. ووفقاً لذلك ترى اللجنة أن الدول الأ طراف مطالبة بالسهر على أن يكون التعليم متفقاً مع الأهداف والأغراض المحددة في المادة 13(1)، كما هي مفسرة في ضوء الإعلان العالمي حول التربية للجميع (جومتيين، تايلند، 1990) (المادة 1)، واتفاقية حقوق الطفل (المادة 29(1))، وإعلان وبرنامج عمل فيينا (الجزء الأول، الفقرة 33 والجزء الثاني، الفقرة 80)، وخطة عمل عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان (الفقرة 2). وفي حين أن جميع هذه النصوص تتفق على نحو وثيق مع المادة 13(1) من العهد ، فإنها تتضمن أيضاً عناصر غير منصوص عليها بشكل صريح في المادة 13(1)، مثل الإشارات المحددة إلى المساواة بين الجنسين واحترام البيئة. وهذه العناصر الجديدة ضمنية في التفسير المعاصر للمادة 13(1) وهي تعكسه. وتحصل اللجنة على تأييد لوجهة النظر هذه من التأييد الواسع النطاق الذي حظيت به النصوص الآنفة الذكر من جميع أنحاء العالم (1) .

المادة 13(2): الحق في الحصول على تعليم - بعض الملاحظات العامة

6- في حين أن التطبيق الدقيق والملائم للأحكام سيتوقف على الظروف السائدة في كل دولة طرف ، يُظهر التعليم في جميع أشكاله وعلى جميع المستويات السمات المترابطة والأساسية التالية (2) :

(أ) التوافر - يجب أن تتوافر مؤس سات وبرامج تعليمية بأعداد كافية في نطاق اختصاص الدولة الطرف. وما تحتاج إليه هذه المؤسسات وهذه البرامج للعمل يتوقف على عوامل عدّة من بينها السياق ال إنمائي الذي تعمل فيه ؛ ويحتمل على سبيل المثال أن تحتاج جميع المؤسسات والبرامج إلى مبان أو إلى شكل آخر من أشكال الوقاية من الع وامل الطبيعية، والمرافق الصحية للجنسين، والمياه الصالحة للشراب، والمدرسين المدربين الذين يتقاضون مرتبات تنافسية محلياً، ومواد التدريس وما إلى ذلك؛ في حين أن البعض منها سيحتاج أيضاً إلى مرافق مثل مرافق المكتبات والحواسيب وتكنولوجيا المعلومات؛

(ب) إمكانية الالتحاق - يجب أن يكون الالتحاق بالمؤسسات والبرامج التعليمية ميسراً للجميع، دون أي تمييز، في نطاق اختصاص الدولة الطرف. ولإمكانية الالتحاق ثلاثة أبعاد متداخلة هي:

عدم التمييز - يجب أن يكون التعليم في متناول الجميع، ولا سيما أضعف الفئات، في ال قانون وفي الواقع، دون أي تمييز لأي سبب من الأسباب المحظورة (انظر الفقرات 31-37 بشأن عدم التمييز)؛

إمكانية الالتحاق مادي اً - يجب أن يكون التعليم في المتناول م ادياً وبطريقة مأمونة، وذلك إما عن طريق الحضور للدراسة في موقع جغرافي ملائم بشكل معقول (مث لاً في مدر سة تقع بالقرب من المسكن) أو من خلال استخدام التكنولوجيا العصرية (مثل الوصول إلى برنامج "للتعليم عن بعد")؛

إمكانية الالتحاق من الناحية الاقتصادية - يجب أن يكون التعليم في متناول الجميع. وهذا البعد يخضع لصيغة ال مادة 13(2) التي تميز بين التعليم الابتدائي والث انوي والعالي: ففي حين أنه يجب أن يوفر التعليم الابتدائي "مجاناً للجميع" ، فإن الدول الأطراف مطالبة بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم الثانوي والعالي؛

(ج) إمكانية القبول - يجب أن يكون شكل التعليم وجوهره مقبولين ، بما في ذلك المناهج الدراسية وأساليب التدريس، (م ث لاً، أن يكون وثيق الصلة بالاحتياجات وملائماً من الناحية الثقافية ومن ناحية الجودة) للطلاب ، و للوالدين حسب الاقتضاء ؛ وهذا يخضع للأهداف التعليمية المطلوبة في المادة 13(1) وما قد توافق عليه الدولة من معايير تعليمية دنيا (انظر المادة 13(3) و(4))؛

(د) قابلية ا لتكيف - يجب أن يكون التعليم مرناً كيما يتسنى ل ـ ه التكيف مع احتياجات المجتمعات والمجموعات المتغيرة وأن يستجيب لاحتياجات الطلاب في محيطهم الاجتماعي والثقافي المتنوع.

7- وعند التفكير في التطبيق الملائم لهذه "الخصائص المميزة المترابطة والأساسية" يجب التفكير من باب أولى في مصالح الطالب.

المادة 13(2)(أ): الحق في التعليم الابتدائي

8- ينطوي التعليم الابتدائي على عناصر التوافر وإمكانية الالتحاق وإمكانية القبول وقابلية التكيف، التي هي مشتركة بين جميع أشكال التعليم وعلى جميع المستويات (3) .

9- وتحصل اللجنة على توجيه فيم ا يتعلق بالتفسير المناسب لعبارة "التعليم الابتدائي" من الإعلان العالمي حول التربية للجميع الذي ينص على ما يلي: "إن المدرسة الابتدائية هي النظام التربوي الرئيسي الذي يوفّر التربية الأساسية للأطفال خارج نطاق الأسرة. ولذلك ينبغي تعميم التعليم الابتدائي وضمان تلبية حاجات التعلم الأساسية لكل الأطفال ومراعاة ثقافة المجتمع المحلي واحتياجاته والإمكانات التي يوفرها" (المادة 5). و"حاجات التعليم الأساسية" معرّفة في المادة 1 من الإعلان العالمي (4) وفي حين أن التعليم الابتدائي ليس مرادفاً للتعليم الأساسي ، فإن هناك تطابقا ً وثيقاً بين الإثنين. وبهذا الخصوص ، تؤيد اللجنة الموقف الذي اتخذته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف): "يُعد التعليم الابتدائي أهم عنصر من العناصر المكونة للتعليم الأساسي" (5) .

10- وكما جاء في المادة 13(2)(أ) ، فإن للتعليم الابتدائي خاصيتين مميزتين هما أنه "إلزامي" و"متاح مجاناً للجميع". وللاطلاع على ملاحظات اللجنة بخصوص التعبيرين، انظر الفقرتين 6 و7 من التعليق العام رقم 11 على المادة 14 من العهد.

المادة 13(2)(ب): الحق في التعليم الثانوي

11- يشمل التعليم الثانوي عناصر توافر المدارس، وإمكانية الالتحاق بها ، وإمكانية قبولها، وقابلية تكيفها، وهي عناصر مشتركة بين جميع أشكال التعليم وعلى جميع المستويات (6) .

12- وفي حين أن مضمون التعليم الثانوي يختلف من دولة طرف إلى أخرى ويختلف من وقت إلى وقت، فإنه يشمل إكمال التعليم الأساسي وتوطيد أسس التعلم مدى الحياة ونمو الإن سان. وهو يهيّئ الطلاب للفرص المهنية ولفرص التعليم العالي (7) . والمادة 13(2)(ب) تنطبق على التعليم الثانوي "بمختلف أنواعه"، وهي بذلك تسلم بأن التعليم الثانوي يتطلب مناهج دراسية مرنة ونظم توفير متنوعة للاستجابة لاحتياجات الطلاب في مختلف الأوساط الاجتماعية والث قافية. وتشجع اللجنة البرامج التعليمية "البديلة" الموازية لأنظمة التعليم الثانوي العادي.

13- وحسب ما جاء في المادة 13(2)(ب)، يجب "تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، وجعله متاحاً للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم". ولفظ ة "تعميم" تعني، أولاً، أن التعليم الثانوي لا يتوقف على طاقة طالب ما أو قدرته الظاهرة و، ثانياً، أن التعليم الثانوي يُعممّ في جميع أنحاء الدولة بحيث يكون متاحاً للجميع على قدم المساواة. وفيما يتعلق بتفسير اللجنة لعبارة "جعله متاحاً"، انظر الفقرة 6 أعلاه. وع بارة "كافة الوسائل المناسبة" تعزز النقطة التي مؤداها أنه على الدول الأطراف أن تعتمد مناهج متنوعة ومبتكرة لتوفير التعليم الثانوي في مختلف السياقات الاجتماعية والثقافية.

14- وتعني عبارة "الأخذ تدريجياً بمجانية التعليم" أنه في حين لا بد للدول من إعطاء الأولوي ة لتوفير تعليم ابتدائي مجاني، يقع على عاتق الدول أيضاً واجب اتخاذ تدابير ملموسة من أجل تحقيق مجانية التعليم الثانوي والعالي. وفيما يتصل بالملاحظات العامة للجنة على معنى لفظة "مجاني"، انظر الفقرة 7 من التعليق العام رقـم 11 على المادة 14.

التعليم التقني والم هني

15- يشكل التعليم التقني والمهني جزءاً من الحق في التعليم وكذلك من الحق في العمل (المادة 6(2)). و تشير المادة 13(2) (ب) إلى التعليم التقني والمهني على أنه جزء من التعليم الثانوي، بما يعكس الأهمية الخاصة للتعليم التقني والمهني على هذا المستوى من التعليم. غير أن المادة 6(2) لا تشير إلى التعليم التقني والمهني فيما يتصل بمستوى محدد من التعليم؛ بل هي ترى أن لهذا التعليم دوراً أوسع نطاقاً، بما يساعد على "تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مطّردة وعمالة كاملة ومنتجة". و كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ي نص على شرط أن "يكون التعليم الفني والمهني متاحاً للعموم" (المادة 26(1)). وعليه ترى اللجنة أن التعليم التقني والمهني يشكل جزءاً لا يتجزأ من التعليم على جميع المستويات (8) .

16- وتلقين التكنولوجيا والتأهيل لعالم العمل يجب ألا يقتصرا على برامج محددة من برامج ال تعليم التقني والمهني بل يجب أن ي ُ فهما على أنهما عنصران من العناصر المكونة للتعليم العام. وحسب ما جاء في اتفاقية اليونسكو بشأن التعليم التقني والمهني (1989) يتألف التعليم التقني والمهني من "كافة أشكال ومستويات عملية التعليم التي تشمل، بالإضافة إلى المعرفة ا لعامة، دراسة التكنولوجيات وما ي تصل بذلك من علوم، واكتساب المهارات العملية، والدراية، والمواقف والفهم فيما يتعلق بالمهن في مختلف قطاعات الحياة الاقتصادية والاجتماعية" (المادة 1(أ)). وينعكس هذا الرأي أيضاً في بعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية (9) . والحق في الت عليم التقني والمهني، إذا فهمناه بهذه الطريقة، يشمل الجوانب التالية:

(أ) إنه يمكّن الطلاب من اكتساب المعارف والمهارات التي تسهم في نموهم الشخصي، واعتمادهم على أنفسهم وإمكانية توظيف أنفسهم، ويعزز إنتاجية أسرهم ومجموعاتهم، بما في ذلك ال تنمية الاقتصادية والاج تماعية للدولة الطرف ؛

(ب) إنه يراعي الخلفية التعليمية والثقافية والاجتماعية للسكان المعنيين؛ والمهارات والمعارف والمستويات والمؤهلات اللازمة في مختلف قطاعات الاقتصاد؛ والصحة والسلامة والرفاه في المجال المهني؛

(ج) إنه يوفر إعادة التدريب للكبار الذين أصبحت معارفهم ومهاراتهم قديمة بسبب التغيرات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية و التغيرات في مجال العمل، وغير ذلك من التغيرات؛

(د) إنه يتألف من برامج تعطي الطلبة، وخاصة الطلبة من البلدان النامية، فرصة الحصول على التعليم التقني والمهني في دول أخرى، من أجل نقل وت كييف التكنولوجيا على النحو المناسب؛

(ه‍) إنه يتألف، في سياق أحكام العهد المتعلقة بعدم التمييز وتحقيق المساواة، من برامج تشجع التعليم التقني والمهني للنساء والفتيات والشبان الذين يتركون الدراسة، والشبان العاطلين عن العمل، وأطفال العمال المهاجرين، واللاجئين ، والمعوقين، وغير ذلك من المجموعات الضعيفة.

المادة 13(2)(ج): الحق في التعليم العالي

17- ينطوي التعليم العالي على عناصر توافر الجامعات وإمكانية الالتحاق وإمكانية القبول وقابلية التكيف، التي هي عناصر مشتركة بين جميع أشكال التعليم على جميع المستويات (10) .

18- وفي حين أن المادة 13(2) ( ج) قد صيغت بشكل يتفق مع ما جاء في المادة 13(2)(ب)، فإن هناك اختلافات بين أحكام الفقرتين. فالمادة 13(2)(ج) لا تتضمن إ شارة لا إلى ا لتعليم "بمختلف أنواعه" ولا إلى للتعليم التقني والمهني تحديداً. وفي رأي اللجنة أن وجهي الإغفال هذين يعكس ان فقط اختلافاً في التأكيد بين المادة 13(2)(ب) و(ج). وإذا ما أريد للتعليم العالي أن يستجيب لاحتياجات الطلاب في مختلف الأوساط الاجتماعية والثقافية، فلا بد أن يشتمل على مناهج دراسية مرنة ونظم مختلفة لتوفير التعليم، مثل التعليم عن بعد؛ غير أنه في الممارسة الع ملية يجب أن يتواف ـ ر كل م ـ ن التعلي ـ م الثانوي والتعليم العالي "بأنواع مختلفة". أما فيما يتعلق بانعدام ال إ شارة في المادة 13(2)(ج) إلى التعليم التقني والمهني، وبالنظر إلى المادة 6(2) من العهد والمادة 26(1) من الإعلان العالمي، يشكل التعليم التقني والمهني جزءاً لا يتجزأ من التعليم على جميع المستويات، بما في ذلك التعليم العالي (11) .

19- والاختلاف الثالث والأهم بين المادة 13(2)(ب) و(ج) هو أنه في حين يجب أن يكون التعليم الثانوي "متاحاً للعموم وفي متناول الجميع" يجب أن يكون التعليم العالي "متاحاً للجميع على قدم المساو اة، تبعاً للكفاءة". وحسب المادة 13(2)(ج) ، لا يجب أن يكون التعليم العالي "متاحاً للجميع" وإنما فقط متاحاً "تبعاً للكفاءة". و"كفاءة" الأفراد يجب تقديرها بالرجوع إلى كل ما لديهم من خبرة وتجربة فيما ي تصل بذلك.

20- ومن حيث تشابه صيغة المادة 13(2)(ب) و(ج) (مثل "الأخذ تدريجياً بمجانية التعليم")، انظر التعليقات السابقة على المادة 13(2)(ب).

المادة 13(2)(د): الحق في التربية الأساسية

21- تشمل التربية الأساسية عناصر التوافر وإمكانية الالتحاق وإمكانية القبول وقابلية التكيف التي هي عناصر مشتركة بين جميع أشكال التعليم عل ى جميع المستويات (12) .

22- و على العموم، فإن التربية الأساسية تتفق مع التعليم الأساسي المشار إليه في الإعلان العالمي حول التربية للجميع (13) . وبموجب المادة 13(2)(د)، فإن ل لأشخاص "الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا ال تعليم الابتدائي " الحق في التربية الأساسية، أو التعليم الأساسي كما هو محدد في الإعلان العالمي حول التربية للجميع.

23- وبما أن لكل الناس الحق في تلبية "حاجات تعلّمهم الأساسية" على نحو ما يُفهم من الإعلان العالمي، فإن الحق في التعليم الأساسي لا يقتصر على الأشخاص الذين "لم يتلقوا أو لم يستكملوا التعليم ا لابتدائي". والحق في التعليم الأساسي يمتد ليشمل جميع الأشخاص الذين لم يلبّوا بعد "حاجات تعلّمهم الأساسية".

24- ولا بد من تأكيد أن التمتع بالحق في التعليم الأساسي لا يقيده لا العمر ولا نوع الجنس؛ بل هو يمتد ليشمل الأطفال، والشبان، والكبار، بما في ذلك الأشخا ص الأكبر سناً. فالتعليم الأساسي هو بالتالي عنصر يشكل جزءاً لا يتج ـ زأ من تعليم الكب ـ ار والتعليم مدى الحياة. ولما كان التعليم الأساسي حقاً لجميع الناس في مختلف فئات الأعمار ، فإنه لا بد من وضع مناهج دراسية وأنظمة لتوفير التعليم تكون مناسبة للطلاب من جميع الأع مار.

المادة 13(2)(ه‍) الشبكة المدرسية: نظام منح واف بالغرض: الأوضاع المادية للعاملين في مجال التدريس

25- يعني اشتراط "العمل بنشاط على إنماء شبكة مدرسية على جميع المستويات" أن الدولة الطرف ملتزمة بأن تكون لديها استراتيجية تنمية عامة لشبكتها المدرسية. ويجب أن تشمل الاستراتيجية المدارس على كل المستويات، لكن العهد يطلب من الدول الأطراف إعطاء الأولوية للتعليم الابتدائي (انظر الفقرة 51)، وتوحي عبارة "العمل بنشاط" بأن الاستراتيجية العامة ينبغي أن تجتذب قدراً من الأولوية الحكومية، ويجب على أي حال أن تنفذ بقوة.

26 - وينبغي أن ي ُ فهم اشتراط "إنشاء نظام منح واف بالغرض" في إطار أحكام العهد المتعلقة بالمساواة وعدم التمييز، ويجب لنظام المنح أن يحسن نوعية التعليم المتاح للأفراد من المجموعات المحرومة.

27- ورغم أن العهد ينص على "مواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدر يس" فإن أوضاع العمل العامة للمدرسين قد تدهورت عملياً ، ووصلت إلى مستويات منخفضة غير مقبولة في السنوات الأخيرة في كثير من الدول الأطراف. وإلى جانب أن هذا لا يتسق مع المادة 13(2)(ه‍) ، فإنه ي مثل عقبة كبرى أمام الإعمال الكامل لحق الطلبة في التعليم. وتلاحظ اللجن ة كذلك العلاقة بين المواد 13(2)(ه‍) و2(2) و3 ومن 6-8 في العهد، بما في ذلك حق المدرسين في التنظيم والمفاوضة الجماعية، وتلفت اللجنة انتباه الدول الأطراف إلى التوصية المشتركة بين اليونسكو ومنظمة العمل الدولية بشأن حالة المدرسين (1966) وتوصية اليونسكو بشأن حال ة العاملين في التدريس في مجال التعليم العالي (1997)، وتحث الدول الأطراف على إرسال تقارير عن التدابير التي تتخذها لضمان تمتع كل العاملين في قطاع التدريس بظروف وأوضاع تتناسب مع دورهم.

المادة 13(3) و(4): الحق في حرية التعليم

28- ت تألف المادة 13(3) من عنصرين، الأول هو أن تتعهد الدول الأطراف باحترام حرية الآباء والأوصياء في تأمين تربية أولادهم دينياً وخلقياً وفقاً لقناعاتهم الخاصة (14) . وترى اللجنة أن هذا العنصر في المادة 13(3) يسمح للمدارس العامة بتعليم مواضيع مثل التاريخ العام للدين والأخلاق إذا قدم بطريقة موضو عية وغير متحيزة. وباحترام حرية الرأي والضمير والتعبير. وتلاحظ أن التعليم العام الذي يحوي تعليماً لدين أو معتقد معين لا يتسق مع المادة 13(3) ما لم ينص على إعفاءات أو بدائل غير تمييزية يمكن أن تلائم رغبات الآباء والأوصياء.

29- والعنصر الثاني في المادة 13(3) هو حرية الآباء والأوصياء في اختيار مدارس أخرى غير المدارس العامة لأطفالهم، بشرط أن تلتزم هذه المدارس "بمعايير التعليم الدنيا التي قد تفرضها أو تقرها الدولة". وينبغي فهم هذا مع الحكم التكميلي، المادة 13(4) التي تؤكد "حرية الأفراد والهيئات في إنشاء و إدارة مؤ سسات تعليمية" شريطة أن تتوافق هذه المؤسسات مع الأهداف التعليمية المبينة في المادة 13(1) ومع بعض المعايير الدنيا. وقد تتعلق هذه المعايير الدنيا بقضايا مثل القبول والمناهج الدراسية والاعتراف بالشهادات. ويجب أن تكون هذه المعايير بدورها متسقة مع الأهداف التعلي مية المبينة في المادة 13(1).

30- وبمقتضى المادة 13(4) ، فإن للجميع - بمن فيهم غير المواطنين - حرية إنشاء وإدارة ال مؤسسات الت عليمية. وتمتد هذه الحرية كذلك إلى "الهيئات"، أي الشخصيات أو الكيانات الاعتبارية. وتشمل الحق في إنشاء وإدارة كل أنواع المؤسسات التعلي مية. بما فيها دور الحضانة والجامعات ومؤسسات تعليم الكبار. ونظراً لمبادئ عدم التمييز و تحقيق تكافؤ الفرص والمشاركة الفعالة في مجتمع للجميع ، فإن الدولة تلتزم بألا تؤدي الحرية المبينة في المادة 13(4) إلى تفاوتات شديدة في فرص التعليم بالنسبة لبعض فئات المجتمع.

المادة 13: مو اضيع محددة ذات انطباق عام

عدم التمييز وتحقيق المساواة في المعاملة

31- لا يخضع حظر التمييز الذي كرسته المادة 2(2) من العهد لا لتنفيذ تدريجي ولا لتوافر الموارد، بل ينطبق كلية وفوراً على كل جوانب التعليم، ويشمل كل أسس التمييز المحظورة دولياً. وتف سر اللجنة المادتين 2(2) و3 على ضوء اتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في التعليم، والأحكام ذات الصلة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية منظمة العمل الدول ية بشأن الشعوب الأصلية والقبلية، 1989 (الاتفاقية رقم 159). وتود اللجنة أن تلفت الانتباه إلى القضايا التالية بصفة خاصة .

32- إن اعتماد تدابير خاصة مؤقتة من أجل الوصول إلى تحقيق مساواة فعلية بين الرجل والمرأة وللمجموعات المحرومة لا يشكل انتهاكاً للحق في عدم ا لتمييز في مجال التعليم ، كما أن هذه التدابير لا تؤدي إلى الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة للمجموعات المختلفة، بشرط ألا تستمر بعد بلوغ الأهداف التي اتخذت من أجلها.

33- وفي بعض الظروف ، قد لا يعتبر أن الشبكات أو المؤسسات التعليمية المنفصلة للمجموعات ال محددة بالفئات الواردة في المادة 2(2) تشكل انتهاكاً للعهد، وفي هذا الصدد تؤكد اللجنة المادة 2 من اتفاقية اليونسكو الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم (1960) (15) .

34- وتحيط اللجنة علماً بالمادة 2 من اتفاقية حقوق الطفل والمادة (3)(ه‍) من اتفاقية اليونسكو ل مكافحة التمييز في مجال التعليم، وتؤكد أن مبدأ عدم التمييز يمتد إلى جميع الأشخاص في سن المدرسة المقيمين في أراضي دولة طرف، بما في ذلك غير الوطنيين، وبصرف النظر عن وضعهم القانوني.

35- ويمكن أن تشكل التفاوتات الحادة في سياسات الإنفاق، التي تؤدي إلى اختلاف نوع ية التعليم بين الأشخاص المقيمين في مواقع جغرافية مختلفة ، تمييزاً ينطبق عليه هذا العهد.

36- وتؤكد اللجنة الفقرة 35 من تعليقها العام رقم 5 التي تتناول قضية المعوقين في سياق حق التعليم والفقرات من 36 إلى 42 من تعليقها العام رقم 6 التي تتناول قضية المسنين في ع لاقتها بالمواد من 13-15 من العهد.

37- ويجب على الدول الأطراف أن تراقب التعليم عن كثب - بما في ذلك كل السياسات والمؤسسات والبرامج وأنماط الإنفاق والممارسات الأخرى ذات الصلة - حتى تحدد أي تمييز واقعي، وتتخذ التدابير لتصحيحه. وينبغي تقسيم البيانات التعليمية و فق الأسس المحظورة للتمييز.

الحرية الأكاديمية واستقلال المؤسسات (16)

38- على ضوء بحث تقارير كثير من الدول الأطراف توصلت اللجنة إلى أن الحق في التعليم لا يمكن التمتع به إلا إذا صحبته الحرية الأكاديمية للعاملين وللطلاب. وبالتالي، ورغم أن المسألة لم تذكر صراحة في المادة 13 فإن من المناسب والضروري أن تدلي اللجنة ببعض الملاحظات عن الحرية الأكاديمية؛ وتولي الملاحظات التالية اهتماماً خاصاً لمؤسسات التعليم العالي لأن خبرة اللجنة تبين أن العاملين والطلاب في التعليم العالي هم الذين يتعرضون بوجه خاص للضغوط السياسية وغير ها من الضغوط التي تقوض الحرية الأكاديمية. إلا أن اللجنة تود أن تركز على أن الحرية الأكاديمية من حق العاملين والطلاب في القطاع التعليمي بأسره، وأن كثيراً من الملاحظات التالية ذات انطباق عام.

39- وأفراد المجتمع الأكاديمي، سواء بصورة فردية أو جماعية، أحرار في متابعة وتطوير ونقل المعارف والأفكار عن طريق الأبحاث أو التعليم أو الدراسة أو المناقشة أو التوثيق أو الإنتاج أو الإبداع أو الكتابة. وتشمل الحرية الأكاديمية حرية الأفراد في أن يعبروا بحرية عن آرائهم في المؤسسة أو النظام الذي يعملون فيه، وفي أداء وظائفهم دون تمييز أو خوف من قمع من جانب الدولة أو أي قطاع آخر، وفي المشاركة في الهيئات الأكاديمية المهنية أو التمثيلية، وفي التمتع بكل حقوق الإنسان المعترف بها دولياً والمطبقة على الأفراد الآخرين في نفس الاختصاص. ويحمل التمتع بالحريات النقابية معه التزامات مثل واجب ا حترام الحرية الأكاديمية للآخرين، وضمان المناقشة السليمة للآراء المعارضة، ومعاملة الجميع دون تمييز على أيٍ من الأسس المحظورة.

40- ويتطلب التمتع بالحرية الأكاديمية استقلال مؤسسات التعليم العالي. والاستقلال هو درجة من ال حكم الذاتي لازمة لكي تتخذ مؤسسات التعلي م العالي القرارات بفعالية بالنسبة للعمل الأكاديمي ومعاييره وإدارته وما يرتبط بذلك من أنشطة. غير أن الحكم الذاتي ينبغي أن يكون متسقاً مع نظم القابلية للحساب، وخاصة بالنسبة للأموال التي توفرها الدولة. ونظراً للاستثمارات العامة الكبيرة في مجال التعليم العالي فلا بد من التوصل إلى توازن سليم بين استقلالية المؤسسات وقابليتها للحساب. ورغم أنه ليس هناك نموذج واحد فإن الترتيبات المؤسسية ينبغي أن تكون أمينة وعادلة ومنصفة، وتتسم بأكبر قدر ممكن من الشفافية والمشاركة.

الانضباط في المدارس (17)

41- ترى اللجنة أن العقاب الب دني لا يتسق مع المبدأ التوجيهي الأساسي لقانون حقوق الإنسان الدولي المكرس في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكلا العهدين: كرامة الفرد (18) . وقد لا تتسق جوانب أخرى من الانضباط المدرسي كذلك مع الكرامة الإنسانية، مثل الإذلال العلني. كما ينبغي ألا ينتهك أي شكل من أشكال الانضباط الحقوق الأخرى الواردة في العهد، مثل الحق في الغذاء. وتلتزم الدولة الطرف باتخاذ تدابير لضمان عدم حدوث انضباط لا يتسق مع العهد في أي مؤسسة تعليمية عامة أو خاصة في ولايتها. وترحب اللجنة بالمبادرات التي اتخذتها بعض الدول الأطراف التي تشج ع المدارس بنشاط على تطبيق نهج "إيجابية" وغير عنيفة للانضباط المدرسي.

القيود على المادة 13

42- تود اللجنة أن تؤكد أن الشرط المقيد في العهد، المادة 4، يرمي بالدرجة الأولى إلى حماية حقوق الأفراد لا إلى السماح للدولة بفرض قيود. وبالتالي فإن الدولة الطرف التي ت غلق جامعة أو مؤسسة تعليمية أخرى لاعتبارات مثل الأمن القومي أو المحافظة على النظام عليه ـ ا عبء تبرير مثل هذا التدبير الخطر لأي من العناصر المبينة في المادة 4.

2 - التزامات الدول الأطراف وانتهاكاتها

الالتزامات القانونية العامة

43- في حين أن العهد ينص على الإعم ال التدريجي ويعترف بقيود الموارد المتاحة ، فإنه يفرض كذلك على الدول الأطراف التزامات مختلفة ذات سريان مباشر (19) ، فالدول الأطراف تتحمل التزامات عاجلة في الحق في التعليم مثل "ضمان" جعل ممارسة هذا الحق بريئة من أي تمييز (المادة 2(2)) والالتزام بأن "تتخذ ... خط وات" (المادة 2(1)) نحو التنفيذ الكامل للمادة 13 (20) . وهذه الخطوات يجب أن تكون "متبصرة وملموسة وموجهة" نحو التنفيذ الكامل لحق التعليم.

44- وينبغي ألا يفسر إعمال الحق في التعليم مع مرور الوقت، أي "بالتدريج" ، على أنه يفرغ التزامات الدول الأطراف من أي مضمون جا د، فا لإعمال التدريجي يعني أن على الدول الأطراف التزاماً محدداً ومستمراً "بالتحرك بسرعة وفعالية بقدر الإمكان" نحو التنفيذ الكامل للمادة 13 (21) .

45- وهناك افتراض قوي بعدم السماح بأي تدابير تراجعية بالنسبة للحق في التعليم، فضلاً عن الحقوق الأخرى التي يحددها ا لعهد، فإذا اتخذت أي تدابير تراجعية عمدية تحملت الدولة الطرف عبء إثبات أنها أدخلت بعد دراسة دقيقة للغاية لكل البدائل، وأنها مبررة تماماً بالرجوع إلى مجموع الحقوق المنصوص عليها في العهد، وفي سياق الاستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة للدولة الطرف (22) .

46- و الحق في التعليم، ككل حقوق الإنسان، يفرض ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات على الدول الأطراف: التزامات الاحترام والحماية والأداء. وبدوره يجسد الالتزام بالأداء التزاماً بالتسهيل والتزاماً بالتوفير.

47- ويتطلب الالتزام بالاحترام من الدول الأطراف أن تتحاشى التدابير التي تعرقل أو تمنع التمتع بالحق في التعليم. ويتطلب الالتزام بالحماية من الدول الأطراف أن تتخذ تدابير لمنع الغير من التدخل في التمتع بالحق في التعليم. ويتطلب الالتزام بالأداء (بالتسهيل) من الدول أن تتخذ تدابير إيجابية تمكِّن الأفراد والجماعات وتساع دها على التمتع بالحق في التعليم. وأخيراً تلتزم الدول الأطراف بأن تؤدي (توفر) الحق في التعليم. وكقاعدة عامة تلتزم الدول الأطراف بأن تؤدي (توفر) حقاً محدداً في العهد حين يكون فرد أو مجموعة عاجزاً لأسباب تخرج عن إرادته عن تنفيذ الحق بنفسه بالوسائل المتاحة له. غير أن مدى هذا الالتزام خاضع لنص العهد.

48- وفي هذا الصدد هناك سمتان من سمات المادة 13 تتطلبان التأكيد، فأولاً من الواضح أن المادة 13 تعتبر أن الدول هي التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن التقديم المباشر للتعليم في معظم الظروف؛ وعلى سبيل المثال تقر الدول الأ طراف بضرورة "إنشاء شبكة مدرسية على جميع المستويات" (المادة 13(2)(ه‍))، وثانياً بالنظر إلى اختلاف صياغة المادة 13(2) في الحديث عن التعليم الابتدائي والثانوي والعالي والتربية الأساسية فإن مقاييس التزام الدولة الطرف بأداء (توفير) التعليم ليس واحداً في كل مستو يات التعليم. وبالتالي وعلى ضوء نص العهد تلتزم الدول الأطراف التزاماً قوياً بأداء (توفير) الحق في التعليم، لكن مدى هذا الالتزام ليس موحداً بين كل مستويات التعليم. وتلاحظ اللجنة أن هذا التفسير للالتزام بالأداء (التوفير) في المادة 13 يتوافق مع القوانين والمما رسات في كثير من الدول الأطراف.

التزامات قانونية محددة

49- تلتزم الدول الأطراف بضمان توجيه المناهج الدراسية على كل مستويات النظام التعليمي نحو الأهداف المحددة في المادة 13(1) (23) . كما أنها ملزمة بإنشاء وصيانة نظام شفاف وفعال يراقب ما إذا كان التعليم أو لم ي كن في الواقع موجهاً نحو الأهداف التعليمية المبينة في المادة 13(1).

50- وبالنسبة للمادة 13(2) ، فإن الدول ملزمة باحترام وتنفيذ كل من "السمات الأساسية" للحق في التعليم (إتاحته، وسهولة الحصول عليه ، وتقبله، وقابليته للتكيف). وعلى سبيل الإيضاح ، لا بد للدولة أن ت حترم مبدأ إتاحة التعليم بعدم إغلاق المدارس الخاصة، وأن تحترم مبدأ سهولة الحصول على التعليم بضمان ألا يقوم الغير، بمن فيهم الآباء وأصحاب العمل، بمنع البنات من الذهاب إلى المدارس، وتنفذ (تسهل) تقبل التعليم باتخاذ تدابير إيجابية لضمان ملاءمة التعليم ثقافياً ل لأقليات والشعوب الأصلية، وجودته بالنسبة للجميع، وتنفذ (توفر) قابلية التعليم للتكيف بتصميم مناهج دراسية تعكس الاحتياجات المعاصرة للطلاب في عالم متغير، وتنفذ (توفر) إتاحة التعليم بالتطوير النشط للشبكة المدرسية، بما في ذلك بناء المدارس، وتقديم البرامج، وتوفير المواد التعليمية، وتدريب المدرسين، ودفع رواتب تنافسية لهم.

51- وكما سبقت الإشارة ، فإن التزامات الدول الأطراف بالنسبة للتعليم الابتدائي والثانوي والعالي والتربية الأساسية ليست متطابقة. وعلى ضوء صياغة المادة 13(2) تلتزم الدول الأطراف بإعطاء الأولوية لإدخال التعليم الابتدائي الإلزامي المجاني (24) . وتعزز من هذا التفسير للمادة 13(2) الأولوية المعطاة للتعليم الابتدائي في المادة 14. فالالتزام بتقديم التعليم الابتدائي للجميع واجب مباشر على كل الدول الأطراف.

52- وبالنسبة للمادة 13(2) من (ب) إلى (د) ، تلتزم الدولة الط رف التزاماً مباشراً "باتخاذ خطوات" (المادة 2(1)) نحو توفير التعليم الثانوي والعالي والتربية الأساسية لكل من يدخلون في ولايتها. وكحد أدنى تلتزم الدولة الطرف باعتماد وتنفيذ استراتيجية تعليم وطنية تتضمن توفير التعليم الثانوي والعالي والتربية الأساسية وفقاً لل عهد. وينبغي أن تتضمن هذه الاستراتيجية آليات يمكن بها مراقبة التقدم عن كثب مثل مؤشرات ومقاييس الحق في التعليم.

53- وتلتزم الدول الأطراف بمقتضى المادة 13(2)(ه‍) بضمان وجود نظام منح تعليمية لمساعدة المجموعات المتضررة (25) . ويعزز الالتزام "بالعمل بنشاط على إنش اء شبكة مدرسية على جميع المستويات" الالتزام الرئيسي بأن تكفل الدول الأطراف التنفيذ المباشر للحق في التعليم في معظم الظروف (26) .

54- وتلتزم الدول الأطراف بوضع "معايير تعليمية دنيا" يطلب من كل المؤسسات التعليمية المقامة وفقاً للمادة 13(3) و(4) التوافق معها. كما أن عليها أن تحافظ على نظام شفاف وفعال لمراقبة هذه المعايير. وليست الدولة الطرف ملزمة بتمويل المؤسسات المقامة وفقاً للمادة 13(3) و(4)، غير أنه إذا اختارت دولة ما تقديم إسهام مالي للمؤسسات التعليمية الخاصة فينبغي أن تفعل ذلك دون تمييز قائم على أي أساس من الأسس المحظورة.

55- وتلتزم الدول الأطراف بضمان ألا تكون الجماعات المحلية أو الأسر معتمدة على عمل الأطفال، وتؤكد اللجنة بوجه خاص أهمية التعليم في القضاء على عمل الأطفال، والالتزامات المبينة في المادة 7(2) من اتفاقية حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال (الاتفاقية 18 2)، 1999 (27) . وبالإضافة إلى ذلك تلتزم الدول الأطراف، على ضوء المادة 2(2) بإزالة مسألة الجنس وغيرها من أشكال القولبة التي تعوق نفاذ الفتيات والنساء والمجموعات المتضررة الأخرى إلى التعليم.

56- وقد لفتت اللجنة ، في تعليقها العام رقم 3 ، الانتباه إلى التزام كل ا لدول الأطراف باتخاذ خطوات "بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني" من أجل التنفيذ الكامل للحقوق المعترف بها في العهد مثل الحق في التعليم (28) . وتعزز المادتان 2(1) و23 من العهد والمادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة و المادة 10 من الإعلان العالمي للتعليم للجميع والجزء الأول، الفقرة 34 من إعلان وبرنامج عمل فيينا، تعزز جميعاً التزام الدول الأطراف بالنسبة لتقديم المساعدة والتعاون الدوليين من أجل التنفيذ الكامل للحق في التعليم. وفيما يتعلق بالمفاوضة والتصديق على هذه الصكوك ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات لضمان ألا تؤثر هذه الصكوك تأثيراً سلبياً على الحق في التعليم. وبالمثل تلتزم الدول الأطراف بضمان أن تراعي أعمالها كأعضاء في المنظمات الدولية، بما فيها المؤسسات المالية الدولية، الحق في التعليم المراعاة الواجبة.

57- وقد أكد ت اللجنة في تعليقها العام رقم 3 أن على الدول الأطراف "التزاماً أساسياً أدنى بضمان الوفاء، على الأقل، بالمستويات الأساسية الدنيا" بالحقوق المبينة في العهد، بما فيها "أكثر أشكال التعليم أساسية". وفي سياق المادة 13 يشمل هذا الالتزام الأساسي التزاماً: بضمان حق الوصول إلى المؤسسات والبرامج التعليمية العامة على أساس غير تمييزي، وضمان توافق التعليم مع الأهداف الموضحة في المادة 13(1)، وتوفير التعليم الابتدائي للجميع وفقاً للمادة 13(2)(أ)، واعتماد وتنفيذ استراتيجية تنمية تشمل تقديم التعليم الثانوي والعالي والتربية ا لأساسية؛ وتكفل حرية اختيار التعليم دون تدخل من الدولة أو من الغير، شريطة التوافق مع "معايير تعليمية دنيا" (المادة 13(3) و(4)).

الانتهاكات

58- حين يطبق المحتوى المعياري للمادة 13 (الجزء الأول) على الالتزامات المحددة للدول الأطراف (الجزء الثاني) ، تنشأ عملية دينامية تسهل تحديد انتهاكات الحق في التعليم. ويمكن أن تحدث الانتهاكات للمادة 13 عن طريق العمل المباشر من جانب الدول الأ طراف (الارتكاب) أو عن طريق عدم اتخاذ الخطوات التي يفرضها العهد (الإغفال).

59- وعلى سبيل الإيضاح ، تشمل الانتهاكات للمادة 13: سنّ أو عدم إل غاء تشريع يميز ضد الأفراد أو المجموعات في مجال التعليم على أي أساس من الأسس المحظورة، و عدم اتخاذ تدابير لتصحيح التمييز التعليمي الفعلي، و استخدام مناهج دراسية لا تتسق مع الأهداف التعليمية المبينة في المادة 13(1)؛ و عدم إقامة نظام شفاف وفعال لمراقبة التوافق م ع المادة 13(1)، و عدم توفير تعليم ابتدائي إلزامي ومجاني للجميع كمسألة لها الأولوية، و عدم اتخاذ تدابير "متبصرة وملموسة وموجهة" نحو التنفيذ التدريجي للتعليم الثانوي والعالي والتربية الأساسية وفقاً للمادة 13(2)(ب) و(ج)، منع المؤسسات التعليمية الخاصة، و عدم ضمان قيام مؤسسات تعليمية خاصة تتفق مع "المعايير التعليمية الدنيا" وفقاً للمادة 13(3) و(4)، و إنكار الحرية الأكاديمية للعاملين والطلاب، إغلاق المؤسسات التعليمية في أوقات التوتر السياسي خلافاً للمادة 4.

3 - التزامات الفاعلين الآخرين غير الدول الأطراف

60- على ضوء ا لمادة 22 من العهد ، فإن لدور وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك الدور الذي تؤديه على المستوى القطري في إطار المساعدة الإنمائية التي تقدمها الأمم المتحدة، أهمية خاصة في تنفيذ المادة 13. وينبغي القيام بجهود منسقة من أجل إعمال الحق في التعليم لتحسين التلاحم والت فاعل بين كل العاملين المعنيين، ومن بينهم مختلف مكونات المجتمع المدني واليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف ومنظمة العمل الدولية والبنك الدولي، ومصارف التنمية الإقليمية وصندوق النقد الدولي وغيرها من الهيئات ذات الصلة في منظومة الأمم المتحدة أن تعزز تعاونها من أجل إعمال الحق في التعليم على المستوى الوطني، مع مراعاة ولاياتها المحددة، واستناداً إلى خبرة كل منها. وبوجه خاص ، ينبغي للمؤسسات المالية الدولية، ولا سيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أن تولي اهتماماً خاصاً لحماية الحق في التعليم في سي اساتها الإ ق راضية واتفاقات الائتمان وبرامج وتدابير التكييف الهيكلي المتخذة استجابة لأزمة الدين (29) . وستنظر اللجنة عند بحث تقارير الدول الأطراف في آثار المساعدة التي يقدمها كل الفاعلين الآخرين غير الدول الأطراف على قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها بمقتضى ال مادة 13. ومن شأن اعتماد وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وبرامجها وهيئاتها لنهج يستند إلى إعمال حقوق الإنسان أن ييسّر كثيراً الحق في التعليم.

الحواشي

(1) الإعلان العالمي حول التربية للجميع اعتمده 155 وفداً حكومياً؛ وإعلان وبرنامج عمل فيينا اعتمدهما 171 وفدا ً حكومياً؛ واتفاقية حقوق الطفل صادقت عليها أو انضمت إليها 191 دولة طرفاً؛ وخطة عمل عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان اعتُمدت بموجب قرار اتخذته الجمعية العامة بتوافق الآراء (القرار 49/184).

(2) يتفق هذا النهج مع الإطار التحليلي للجنة الذي اعتُ مد فيما يتصل بالحق في السكن والغذاء الملائمين، وكذلك مع عمل مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالحق في التعليم. ولقد حددت اللجنة في تعليقها العام 4 عدداً من العوامل التي تتعلق بالحق في السكن الملائم، بما في ذلك "توافر السكن" و"القدرة على تحمل كلفته" و"إمك انية الحصول عليه" و"ملاءمته من الناحية الثقافية". وحددت اللجنة في تعليقها العام رقم 12 عناصر الحق في الغذاء الكافي مثل "توافر الغذاء" و"إمكانية قبوله" و"إمكانية الحصول عليه". وحددت المقررة الخاصة المعنية بالحق في التعليم "صفات أساسية أربع ينبغي أن تتصف بها المدارس الابتدائية، أي وجود المدارس، وإمكانية الالتحاق بها، وإمكانية قبولها، وقابلية تكيّفها" ( E/CN.4/1999/49 ، الفقرة 50).

(3) انظر الفقرة 6.

(4) يعرّف الإعلان "حاجات التعلّم الأساسية" بأنها: "وسائل التعلّم الأساسية (مثل القراءة والكتابة، والتعبير الشف هي، والحساب، وحل المشكلات) والمضامين الأساسية للتعلّم (كالمعرفة والمهارات والقيم والاتجاهات) التي يحتاجها البشر من أجل البقاء ولتنمية كافة قدراتهم وللعيش والعمل بكرامة، وللمساهمة مساهمة فعّالة في عملية التنمية ولتحسين نوعية حياتهم، ولاتخاذ قرارات مستنيرة، ولمواصلة التعلّم" (المادة 1).

(5) مجموعة مواد الدعوة، التعليم الأساسي، 1999 (اليونيسيف)، الفرع 1، الصفحة 1 (النص بالإنكليزية).

(6) انظر الفقرة 6.

(7) انظر التصنيف النموذجي الدولي للتعليم لعام 1997، اليونيسكو، الفقرة 52.

(8) هذا الرأي ينعكس أيضاً في اتف اقية منظمة العمل الدولية بشأن تنمية الموارد البشرية لعام 1975 (الاتفاقية رقم 142) والاتفاقية بشأن السياسة الاجتماعية (الأهداف والمعايير الأساسية) لعام 1962 (الاتفاقية رقم 117).

(9) انظر الحاشية 8.

(10) انظر الفقرة 6.

(11) انظر الفقرة 15.

(12) انظر الفق رة 6.

الحواشي ( تابع )

(13) انظر الفقرة 9.

(14) في هذا ترديد للمادة 18(4) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما أنه مرتبط بحرية تعليم الدين أو المعتقد كما هي مبينة في المادة 18(1) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (انظر تعليق لجنة حقوق الإنس ان 22 على المادة 18 من العه ـ د الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الدورة الثامنة والأربعين، 1993). وتلاحظ لجنة حقوق الإنسان أن الطابع الأساسي للمادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ينعكس في حقيقة أن هذا الحكم لا يمكن الحد منه حتى في حالة الطوارئ ا لعامة كما هو مقرر في المادة 4(2) من ذلك العهد.

(15) وفقاً للمادة 2:

"عندما تكون الأوضاع التالية مسموحاً بها في إحدى الدول، فإنها لا تعتبر تمييزاً في إطار مدلول المادة 1 من هذه الاتفاقية:

(أ) إنشاء أو إبقاء نظم أو مؤسسات منفصلة لتعليم التلاميذ من الجنسين ، إذا كانت هذه النظم أو المؤسسات تتيح فرصاً متكافئة للالتحاق بالتعليم، وتوفر معلمين ذوي مؤهلات من نفس المستوى ومباني ومعدات مدرسية بنفس الدرجة من الجودة، وتتيح الفرصة لدراسة نفس المناهج أو مناهج متعادلة؛

(ب) القيام، لأسباب دينية، أو لغوية، بإنشاء أو إبقاء نظم أو مؤسسات تعليمية منفصلة تقدم تعليماً يتفق ورغبات آباء التلاميذ أو أولياء أمورهم الشرعيين، إذا كان الاشتراك في تلك النظم أو الالتحاق بتلك المؤسسات اختيارياً، وكان التعليم الذي تقدمه يتفق والمستويات التي تقررها أو تقرها السلطات المختصة، وخاصة للتعليم ب المرحلة المناظرة؛

(ج) إنشاء أو إبقاء مؤسسات تعليمية خاصة، إذا لم يكن الهدف منها ضمان استبعاد أية جماعة بل توفير مرافق تعليمية بالإضافة إلى تلك التي توفرها السلطات العامة، ومتى كانت تلك المؤسسات تدار بما يتفق وهذه الغاية، وكان التعليم الذي تقدمه يتفق والمس تويات التي تقررها أو تقرها السلطات المختصة، وخاصة للتعليم بالمرحلة المناظرة".

(16) انظر توصية اليونسكو بخصوص وضع العاملين بالتدريس في التعليم العالي (1997).

(17) عند صياغة هذه الفقرة راعت اللجنة الممارسات التي تطورت في الأماكن الأخرى في النظام الدولي لحق وق الإنسان مثل تفسير لجنة حقوق الطفل للمادة 28(2) من اتفاقية حقوق الطفل، وكذلك تفسير لجنة حقوق الإنسان للمادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

(18) تلاحظ اللجنة أنه بالرغم من خلو المادة 26(2) من الإعلان من الإشارة إلى الكرامة الإنسانية فإن واضع ي مشروع العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قد أدرجوا صراحة كرامة الشخصية الإنسانية كواحد من الأهداف الإلزامية التي ينبغي أن يوجه التعليم لها (المادة 13(1)).

الحواشي ( تابع )

(19) انظر تعليق اللجنة العام رقم 3، الفقرة 1.

(20) انظر ت عليق اللجنة العام رقم 3، الفقرة 2.

(21) انظر تعليق اللجنة العام رقم 3، الفقرة 9.

(22) انظر تعليق اللجنة العام رقم 3، الفقرة 9.

(23) هناك مصادر كثيرة لمساعدة الدول الأطراف في هذا الخصوص، مثل المبادئ التوجيهية لوضع المناهج والكتب الدراسية في التعليم الدول ي الصادرة عن اليونسكو (ED/ECS/HCI). ومن بين الأهداف المحددة في المادة 13(1) "توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية". وفي هذا السياق المحدد ينبغي للدول الأطراف أن تبحث المبادرات التي اتخذت في إطار عقد الأمم المتحدة لتعليم حقوق الإنسان، ومن الوثائق الم فيدة بوجه خاص خطة عمل العقد التي اعتمدتها الجمعية العامة في عام1996، والمبادئ التوجيهية لخطط العمل الوطنية لتعليم حقوق الإنسان التي وضع ت ها المفوض ية السامي ة لحقوق الإنسان لمساعدة الدول على الاستجابة لعقد الأمم المتحدة لتعليم حقوق الإنسان.

(24) بالنسبة لمعن ى "إلزامي"، و"مجاني" انظر الفقرتين 6 و7 من التعليق العام رقم 11 على المادة 14.

(25) وفي حالات خاصة قد يكون مثل نظام المنح هذا هدفاً مناسباً بوجه خاص للمساعدة والتعاون الدوليين اللذين تحدثت عنهما المادة 2(1).

(26) وفي إطار التربية الأساسية لاحظت اليونيسيف أن "الدولة وحدها هي التي تستطيع أن تجمع معاً كل مكونات النظام التعليمي بطريقة متماسكة لكنها مرنة"، اليونيسيف حالة الأطفال في العالم، 1999 قرار عن التعليم"، ص 77.

(27) وفقاً للمادة 7(2): "تتخذ كل دولة عضو، واضعة في اعتبارها أهمية التعليم في القضاء على عمل الأطفال، تدابير فعالة ومحددة زمنياً من أجل: -- (ج) ضمان حصول جميع الأطفال المنتشلين من أسوأ أشكال عمل الأطفال على التعليم الأساسي المجاني، حيثما كان ذلك ممكناً وملائماً" (اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 "أسوأ أشكال عمل الأطفال، 1999").

(28) انظر تعلي ق اللجنة العام رقم 3، الفقرتين 13 و14.

(29) انظر تعليق اللجنة العام رقم 2، الفقرة 9.

الدورة الثانية والعشرون (2000)

التعليق العام رقم 14: الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه (المادة 12)

1- الصحة حق أساسي من حقوق الإنسان لا غنى عنه من أجل التمت ع بحقوق الإنسان الأخرى. ويحق لكل إنسان أن يتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ويفضي إلى العيش بكرامة. ويمكن السعي إلى إعمال الحق في الصحة عن طريق نهج عديدة ومتكاملة مثل وضع سياسات صحية، أو تنفيذ برامج الصحة التي تضعها منظمة الصحة العالمية، أو اعتماد صكوك قانونية محددة. وعلاوة على ذلك، يشمل الحق في الصحة بعض المكونات التي يمكن تطبيقها قانونياً (1) .

2- وحق الإنسان في الصحة مسلم به في العديد من الصكوك الدولية. فالفقرة 1 من المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد أن: "لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي ل ضمان الصحة له ولأسرته، ويشمل المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية". وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أشمل مادة تتعلق بالحق في الصحة في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ووفقاً للمادة 12(1) من ا لعهد، تقر الدول الأطراف "بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه"، في حين تسرد المادة 12(2)، على سبيل التمثيل، عدداً من "التدابير التي يتعين على الدول الأطراف ... اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق". وبالإضافة إلى ذلك ، فالحق في الصحة معترف به، في المادة 5(ه‍)(4) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965، وفي المادتين 11-1(و) و12 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، وفي المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، وذلك ف ي جملة مصادر أخرى. كما يعترف بالحق في الصحة في عدد من صكوك حقوق الإنسان الإقليمية، مثل الميثاق الاجتماعي الأوروبي لعام 1961 بصيغته المنقحة (المادة 11)، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981 (المادة 16)، والبروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية ل حقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1988 (المادة 10). وبالمثل، أعلن عن الحق في الصحة من جانب لجنة حقوق الإنسان (2) ، وكذلك في إعلان وبرنامج عمل فيينا لعام 1993، وفي صكوك دولية أخرى (3) .

3- ويرتبط الحق في الصحة ارتباطاً وثيقاً بإ عمال حقوق الإنسان الأخرى ويعتمد على ذلك، مثلما يرد في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في المأكل، والمسكن، والعمل، والتعليم، والكرامة الإنسانية، والحياة، وعدم التمييز، والمساواة، وحظر التعذيب، والخصوصية، والوصول إلى المعلومات، وحرية تكوين الجمعي ات، والتجمع، والتنقل. فهذه الحقوق والحريات وغيرها تتصدى لمكونات لا تتجزأ من الحق في الصحة.

4- وعند صياغة المادة 12 من العهد، لم تعتمد اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة تعريف الصحة الوارد في ديباجة دستور منظمة الصحة العالمية، الذي ينظر إلى مفهوم الصحة على أنه "حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرد انعدام المرض أو العجز". غير أن الإشارة الواردة في المادة 12(1) من العهد إلى "أعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه" لا تقتصر على الحق في الرعاية الصحية. وعلى العكس من ذلك، فإن تاريخ صياغة المادة 12(2) وألفاظها الدقيقة يقران بأن الحق في الصحة يشمل طائفة عريضة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تهيئ الظروف التي تسمح للناس بأن يعيشوا حياة صحية، كما تشمل المقومات الأساسية للصحة مثل الغذاء والتغذية، والمسكن، والحصول على مياه الشرب المأمونة والإصحاح الوافي، والعمل في ظروف آمنة وصحية، وبيئة صحية.

5- وتدرك اللجنة أن التمتع الكامل بالحق في الصحة لا يزال هدفاً بعيد المنال لملايين الناس في جميع أنحاء العالم. وعلاوة على ذلك، وفي حالات عديدة، يزداد هذا الهدف ابتعاداً، خاصة لأولئ ك الذين يعيشون في حالة من الفقر. وتقر اللجنة بالعوائق الهيكلية الهائلة وغيرها من العوائق الناجمة عن عوامل دولية وعوامل أخرى لا قبل للدول بالسيطرة عليها وتحول دون الإعمال التام للمادة 12 في العديد من الدول الأطراف.

6- وبغية المساهمة في تنفيذ الدول الأطراف ل لعهد والوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتقديم التقارير، يركز هذا التعليق العام على المضمون المعياري للمادة 12 (الجزء الأول)، والتزامات الدول الأطراف (الجزء الثاني)، والانتهاكات (الجزء الثالث)، والتنفيذ على الصعيد الوطني (الجزء الرابع)، بينما يتناول الجزء الخامس التزامات الجهات الفاعلة بخلاف الدول الأطراف. وقد أعد هذا التعليق العام في ضوء الخبرة التي اكتسبتها اللجنة من دراستها لتقارير الدول الأطراف على مدى سنوات عديدة.

1- المضمون المعياري للمادة 12

7- تنص الفقرة 1 من المادة 12 على تعريف للحق في الصحة، بينما ترد ف ي الفقرة 2 من المادة 12 أمثلة توضيحية غير شاملة لالتزامات الدول الأطراف.

8- ولا ينبغي فهم الحق في الصحة على أنه الحق في التمتع بصحة جيدة فقط. فالحق في الصحة يشمل حريات وحقوقاً على حد سواء، أما الحريات فتتضمن حق الإنسان في التحكم في صحته وجسده، بما في ذلك ح ريته الجنسية والإنجابية، والحق في أن يكون في مأمن من التدخل، مثل الحق في أن يكون في مأمن من التعذيب، ومن معالجته طبياً أو إجراء تجارب طبية عليه بدون رضاه. وأما الحقوق فتشمل الحق في الاستفادة من نظام للحماية الصحية يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس للتمتع بأ على مستوى من الصحة يمكن بلوغه.

9- ويراعي مفهوم "أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه" الوارد في المادة 12(1) كلاً من الشروط الأساسية البيولوجية والاجتماعية الاقتصادية للفرد والموارد المتاحة للدولة. وثمة عدد من الجوانب التي لا يمكن التصدي لها في إطار العلاقة بين الدول والأفراد فحسب؛ وعلى وجه الخصوص، فالدولة لا تستطيع أن تكفل الصحة الجيدة، كما لا تستطيع الدول أن توفر الوقاية من كل سبب يمكن أن يؤدي إلى اعتلال صحة الإنسان. وهكذا فإن العوامل الوراثية، وقابلية الفرد للتعرض لاعتلال صحته، وانتهاجه لأساليب حياة غير صحية أ و خطرة، قد يكون لها دور هام فيما يتعلق بصحة الفرد. وبالتالي، يجب أن يُفهم الحق في الصحة على أنه الحق في التمتع بمجموعة متنوعة من المرافق والسلع، والخدمات، والظروف الضرورية لبلوغ أعلى مستوى ممكن من الصحة.

10- ومنذ اعتماد العهدين الدوليين في عام 1966، تغيرت حالة الصحة في العالم تغيراً جذرياً، وتعرض مفهوم الصحة لتغيرات جوهرية واتسع نطاقه فأدخل في الاعتبار مزيد من مقومات الصحة، مثل توزيع الموارد والفوارق بين الجنسين. كما أن التعريف الأوسع نطاقاً للصحة أصبح يراعي شواغل تتعلق بالحياة الاجتماعية مثل العنف والنزاع المسلح (4) . وعلاوة على ذلك، ازداد انتشار أمراض لم تكن معروفة سابقاً مثل فيروس نقص المناعة البشرية ومتلازمة نقص المناعة المكتسب، وغيرهما من الأمراض مثل السرطان، فضلاً عن النمو السريع في عدد سكان العالم، الأمر الذي أوجد عوائق جديدة أمام إعمال الحق في الصحة وه ي عوائق ينبغي مراعاتهـا عنـد تفسير المادة 12.

11- وتفسر اللجنة الحق في الصحة، وفقاً للتعريف الوارد في المادة 12(1)، على أنه حق شامل لا يقتصر على تقديم الرعاية الصحية المناسبة وفي حينها فحسب، بل يشمل أيضاً المقومات الأساسية للصحة مثل الحصول على مياه الشرب ا لمأمونة والإصحاح المناسب، والإمداد الكافي بالغذاء الآمن والتغذية والمسكن، وظروف صحية للعمل والبيئة، والحصول على التوعية والمعلومات فيما يتصل بالصحة، بما في ذلك ما يتصل منها بالصحة الجنسية والإنجابية. ويتمثل جانب هام آخر في مشاركة السكان في كامل عملية اتخاذ القرارات المرتبطة بالصحة على الصعد المجتمعية والوطنية والدولية.

12- ويشمل الحق في الصحة، بجميع أشكاله وعلى جميع المستويات، العناصر المترابطة والأساسية التالية التي يتوقف تطبيقها الدقيق على الظروف السائدة في دولة طرف محددة:

(أ) التوافر : يجب أن توفر الدولة الطرف القدر الكافي من المرافق العاملة المعنية بالصحة العامة والرعاية الصحية وكذلك من السلع والخدمات والبرامج. ويختلف الطابع المحدد للمرافق والسلع والخدمات وفقاً لعوامل عديدة، من بينها المستوى الإنمائي للدولة الطرف وإن كانت تتضمن المقومات الأساسية للصحة مث ل مياه الشرب المأمونة ومرافق الإصحاح الكافية، والمستشفيات، والعيادات، وغيرها من المباني المرتبطة بالصحة، والموظفين الطبيين والمهنيين المدربين الذين يحصلون على مرتبات تنافسية محلياً، والعقاقير الأساسية وفقاً لتعريفها في برنامج العمل المعني بالعقاقير الأساس ية الذي وضعته منظمة الصحة العالمية (5) .

(ب) إمكانية الوصول: ينبغي أن يتمتع الجميع، بدون تمييز، بإمكانية الاستفادة من المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة (6) ، داخل نطاق الولاية القضائية للدولة الطرف. وتتسم إمكانية الوصول بأربعة أبعاد متداخلة هي:

عدم التم ييز: يجب أن يتمتع الجميع بإمكانية الاستفادة من المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة، ولا سيما أكثر الفئات ضعفاً أو تهميشاً بين السكان بحكم القانون وبحكم الواقع، دون أي تمييز على أساس أي سبب عن الأسباب المحظورة (7) .

إمكانية الوصول المادي: ينبغي أن تكون ال مرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة في المتناول المادي والآمن لجميع فئات السكان، خاصة الفئات الضعيفة أو المهمشة، مثل الأقليات الإثنية والشعوب الأصلية، والنساء، والأطفال، والمراهقين، وكبار السن، والمعوقين والأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيد ز. كما أن إمكانية الوصول تعني ضمنياً أن تكون الخدمات الطبية والمقومات الأساسية للصحة، مثل مياه الشرب المأمونة ومرافق الإصحاح الكافية، في المتناول المادي والآمن للسكان بما في ذلك سكان المناطق الريفية. كذلك تشمل إمكانية الوصول تمكين المعوقين من الوصول إلى ال مباني.

الإمكانية الاقتصادية للحصول عليها (القدرة على تحمل نفقاتها): يجب أن يتمكن الجميع من تحمل نفقات المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة. وينبغي سداد قيمة خدمات الرعاية الصحية، والخدمات المرتبطة بالمقومات الأساسية للصحة، بناء على مبدأ الإنصاف، الذي يك فل القدرة للجميع، بما فيهم الفئات المحرومة اجتماعياً، على دفع تكلفة هذه الخدمات سواء أكانت مقدمة من القطاع الخاص أو من القطاع العام. ويقتضي الإنصاف عدم تحميل الأسر الفقيرة عبء مصروفات صحية لا يتناسب معها مقارنة بالأسر الأغنى منها.

إمكانية الوصول إلى المعلو مات: تشمل هذه الإمكانية الحق في التماس المعلومات والأفكار (8) المتعلقة بالمسائل الصحية والحصول عليها ونقلها. غير أنه لا ينبغي لإمكانية الوصول إلى المعلومات أن تؤثر على الحق في معاملة البيانات الصحية الشخصية بسرية.

(ج) المقبولية: إن جميع المرافق والسلع والخ دمات المرتبطة بالصحة ينبغي أن تراعي الأخلاق الطبية وأن تكون مناسبة ثقافياً، أي أن تحترم ثقافة الأفراد، والأقليات، والشعوب، والمجتمعات، وأن تراعي متطلبات الجنسين ودورة الحياة، فضلاً عن تصميمها بشكل يحترم السرية ويرفع مستوى الحالة الصحية للأشخاص المعنيين.

( د) الجودة : بالإضافة إلى ضرورة أن تكون المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة مقبولة ثقافياً، ينبغي أن تكون مناسبة علمياً وطبياً وذات نوعية جيدة. ويتطلب ذلك، في جملة أمور، موظفين طبيين ماهرين، وعقاقير ومعدات للمستشفيات معتمدة علمياً ولم تنته مدة صلاحيتها، ومياه شرب مأمونة، وإصحاحاً مناسباً.

13- وتقدم القائمة غير الشاملة للأمثلة الواردة في المادة 12(2) توجيهاً لتحديد الإجراءات التي يتعين على الدول اتخاذها. وتقدم أمثلة عامة محددة عن التدابير الناجمة عن التعريف الواسع النطاق للحق في الصحة الوارد في المادة 12(1 )، مبيِّنة بذلك مضمون ذلك الحق كما يتمثل في الفقرات التالية (9) .

المادة 12-2(أ) الحق في الصحة فيما يتعلق بالأم والطفل والصحة الإنجابية

14- يمكن أن يفهم "العمل على خفض معدل وفيات المواليد ومعدل وفيات الرضع وتأمين نمو الطفل نمواً صحياً" (المادة 12-2(أ)) (10) ، على أنه يتطلب تدابير من أجل تحسين صحة الطفل والأم، والخدمات الصحية الجنسية والإنجابية، بما في ذلك إمكانية الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة، والرعاية قبل الولادة وبعدها (11) ، وخدمات التوليد في حالات الطوارئ، والوصول إلى المعلومات، فضلاً عن الموارد اللازمة من أج ل العمل استنادا إلى تلك المعلومات (12) .

المادة 12-2(ب) الحق في التمتع ببيئة صحية في الطبيعة ومكان العمل

15- يشمل "تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية" (المادة 12-2(ب))، في جملة أمور، التدابير الوقائية فيما يتعلق بالحوادث والأمراض المهنية؛ وضرورة كفالة إمدادات كافية من مياه الشرب المأمونة والإصحاح الأساسي؛ ووقاية السكان والحد من تعرضهم للمواد الضارة مثل الأشعة والمواد الكيميائية الضارة أو غير ذلك من الظروف البيئية المؤذية التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على صحة الإنسان (13) . وعلاوة على ذلك، فإن الصحة الصناعية تعني تقليل أسباب المخاطر الصحية الملازمة لبيئة العمل إلى الحد الأدنى، بقدر الإمكان عملياً (14) . وتشمل المادة 12-2(ب) أيضاً توفير مسكن ملائم وظروف عمل آمنة وصحية، وإمدادات كافية من الأغذية والتغذية الملائمة، وتثني عن تعاطي الكحوليات، واستهلاك التبغ ، والمخدرات، وغيرها من المواد الضارة.

المادة 12-2(ج) الحق في الوقاية من الأمراض وعلاجها ومكافحتها

16- تتطلب "الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها" (المادة 12-2(ج)) وضع برامج وقائية وتثقيفية فيما يتعلق بالشواغل ال صحية المرتبطة بالسلوك مثل الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، ولا سيما فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والشواغل التي تؤثر سلبيا على الصحة الجنسية والإنجابية، وتعزيز المقومات الاجتماعية للصحة الجيدة مثل السلامة البيئية، والتعليم، والتنمية الاقتصادية، والمساواة بين الجنسين. ويشمل الحق في العلاج إنشاء نظام للرعاية الطبية العاجلة في حالات الحوادث، والأوبئة، والمخاطر الصحية المماثلة، وتقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ. وتشير مكافحة الأمراض إلى الجهود التي تبذلها الدول بص ورة فردية أو مشتركة من أجل جملة أمور، من بينها إتاحة التكنولوجيات ذات الصلة باستخدام وتحسين نظم مراقبة الأوبئة وجمع البيانات على أساس مفصَّل، وتنفيذ أو تعزيز برامج التحصين وغيرها من استراتيجيات مكافحة الأمراض المعدية.

المادة 12-2(د) - الحق في الاستفادة من المرافق الصحية والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة (15)

17- تشمل "تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض" (المادة 12-2(د)) الجسدي والعقلي على حد سواء، توفير إمكانية الوصول على قدم المساواة وفي الوقت المناسب إلى الخدمات ا لصحية الأساسية الوقائية والعلاجية والتأهيلية، والتثقيف الصحي؛ وبرامج الفحص المنتظم؛ والعلاج الملائم للأمراض السائدة، والإصابات، وحالات العوق، ويفضل أن يكون ذلك عل الصعيد المجتمعي؛ وتوفير العقاقير الأساسية؛ والعلاج والرعاية المناسبة للصحة العقلية. ويتمثل أح د الجوانب الهامة الأخرى في تحسين وتعزيز مشاركة السكان في تقديم الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية، مثل تنظيم قطاع الصحة، ونظام التأمين، وخاصة المشاركة في القرارات السياسية المرتبطة بالحق في الصحة والمتخذة على كل من الصعيدين المجتمعي والوطني.

المادة 12 - موا ضيع محددة ذات انطباق عام

عدم التمييز والمساواة في المعاملة

18- يحظر العهد، بموجب المادة 2-2 والمادة 3، أي تمييز في الحصول على الرعاية الصحية والمقومات الأساسية للصحة، وفي الوصول إلى وسائل وحقوق الحصول عليها، بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الد ين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو العجز البدني أو العقلي، أو الحالة الصحية (بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، أو الميول الجنسية، أو المركز المدني أو السياسي أو الاجتماعي أو مركز آخر يرمي إلى انتقاص أو إبطال الحق في الصحة أو ممارسته على قدم المساواة، أو قد يترتب عليه ذلك الأثر. وتؤكد اللجنة إمكانية اتخاذ العديد من التدابير، مثل معظم الاستراتيجيات والبرامج الرامية إلى القضاء على التمييز المرتبط بالصحة، بقدر ضئيل من الآثار المترتبة على الموارد ع ن طريق اعتماد أو تعديل أو إلغاء التشريعات، أو نشر المعلومات. وتذكر اللجنة بالفقرة 12 من التعليق العام رقم 3، التي تؤكد أنه حتى في الأوقات التي تشح فيها الموارد، يجب حماية أفراد المجتمع المعرضين للمخاطر باعتماد برامج هادفة منخفضة التكلفة.

19- وفيما يتعلق با لحق في الصحة، يجب التركيز على تكافؤ فرص الحصول على الرعاية الصحية والخدمات الصحية. وتلتزم الدول التزاماً خاصاً بتوفير ما يلزم من التأمين الصحي ومرافق الرعاية الصحية للأفراد الذين يفتقرون إلى الموارد الكافية، وبمنع أي تمييز يستند إلى الأسباب المحظورة دولياً في توفير الرعاية الصحية والخدمات الصحية، خاصة فيما يتعلق بالالتزامات الرئيسية في إطار الحق في الصحة (16) . فالتوزيع غير المتكافئ للموارد الصحية يمكن أن يؤدي إلى تمييز قد لا يكون سافراًً. وعلى سبيل المثال، لا ينبغي للاستثمارات أن تقدم دعماً غير متكافئ للخدما ت الصحية العلاجية الباهظة الثمن التي غالباً ما لا يستطيع الوصول إليها إلا شريحة صغيرة وثرية من السكان، بدلاً من دعم الرعاية الصحية الأولية والوقائية التي يستفيد منها الشريحة السكانية الأكبر بكثير.

المنظور الجنساني

20- توصي اللجنة بأن تدمج الدول منظوراً جنس انياً في سياساتها وخططها وبرامجها وبحوثها المرتبطة بالصحة بغية العمل على تحسين صحة الرجال والنساء على السواء. ويعترف النهج القائم على أساس الجنس بأن للعوامل البيولوجية والاجتماعية - الثقافية دوراً هاماً في التأثير على صحة الرجال والنساء. ومن الضروري تفصيل البيانات الصحية والاجتماعية - الاقتصادية حسب نوع الجنس لتحديد أوجه التفاوت في الصحة والعمل على معالجتها.

المرأة والحق في الصحة

21- يتطلب القضاء على التمييز ضد المرأة، وضع وتنفيذ استراتيجية وطنية شاملة لتعزيز حق المرأة في الصحة طوال فترة حياتها. وينبغي أن ت شمل هذه الاستراتيجية تدخلات ترمي إلى وقاية المرأة ومعالجتها من الأمراض التي تصيبها، فضلاً عن سياسات من أجل إتاحة إمكانية الحصول على طائفة كاملة من خدمات الرعاية الصحية الراقية التي تتحمل المرأة تكاليفها، بما فيها الخدمات الصحية الجنسية والإنجابية. وينبغي أ ن يكون ضمن الأهداف الرئيسية تقليل المخاطر الصحية التي تواجهها المرأة، ولا سيما تخفيض معدلات وفيات الأمومة وحماية المرأة من العنف المنزلي. ويتطلب إعمال حق المرأة في الصحة إزالة جميع الحواجز التي تعترض سبيلها للوصول إلى الخدمات والتعليم والمعلومات في مجال ال صحة، بما في ذلك في مجال الصحة الجنسية والإنجابية. ومن الضروري أيضاً اتخاذ إجراءات وقائية، وتشجيعية، وعلاجية من أجل حماية المرأة من آثار الممارسات والقواعد الثقافية المتوارثة الضارة التي تحرمها من حقوقها الإنجابية.

الأطفال والمراهقون

22- تبيّن المادة 12-2(أ ) الحاجة إلى اتخاذ تدابير من أجل تخفيض معدل وفيات الرضع وتعزيز نمو الرضع والأطفال نمواً صحياً. وتعترف صكوك حقوق الإنسان الدولية اللاحقة بحق الأطفال والمراهقين في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبالوصول إلى مرافق علاج الأمراض (17) . كما أن اتفاقية حقوق الط فل توجه الدول نحو العمل على ضمان حصول الطفل وأسرته على الخدمات الصحية الأساسية، بما فيها الرعاية المناسبة للأمهات قبل الولادة وبعدها. وتربط الاتفاقية بين هذه الأهداف وكفالة الحصول على معلومات ملائمة للأطفال بشأن السلوك الوقائي والمعزز للصحة، وتقديم الدعم إ لى الأسر والمجتمعات من أجل تنفيذ هذه الممارسات. ويتطلب تنفيذ مبدأ عدم التمييز أن تتمتع الفتيات، وكذلك الأولاد، بالمساواة في الوصول إلى التغذية المناسبة، والبيئة الآمنة، والخدمات الصحية البدنية والعقلية. وثمة حاجة لاعتماد تدابير فعالة ومناسبة من أجل إلغاء ا لممارسات المتوارثة الضارة التي تؤثر على صحة الأطفال، ولا سيما الفتيات، بما في ذلك الزواج المبكر، وتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى، وتفضيل الأطفال الذكور في التغذية والرعاية (18) ، كما ينبغي منح الأطفال المعوقين فرصة التمتع بحياة كاملة وكريمة، وبالاندماج في مج تمعاتهم.

23- وعلى الدول الأطراف أن توفر بيئة آمنة وداعمة للمراهقين تكفل لهم فرصة المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على صحتهم، وتعلمهم المهارات الحياتية، واكتساب المعلومات الملائمة، والحصول على المشورة، والتحدث عن الخيارات التي يتخذونها بشأن سلوكهم الصحي . ويتوقف إعمال حق المراهقين في الصحة على تطوير رعاية صحية ملائمة للشباب تحترم السرية والخصوصية، وتشمل الخدمات الصحية الجنسية والإنجابية الملائمة.

24- وفي جميع السياسات والبرامج الرامية إلى ضمان حق الأطفال والمراهقين في الصحة، يتعين إيلاء الاعتبار الأساسي ل مصالحهم المباشرة.

كبار السن

25- وفيما يتعلق بإعمال حق كبار السن في الصحة، تعيد اللجنة التأكيد، وفقاً للفقرتين 34 و35 من التعليق العام رقم 6 (1995)، على أهمية اتباع نهج متكامل، يجمع بين عناصر العلاج الصحي الوقائي، والعلاجي، والتأهيلي. وينبغي أن تقوم هذه الت دابير على أساس فحوصات طبية دورية للجنسين؛ وتدابير تأهيل جسدي ونفسي ترمي إلى المحافظة على القدرات الوظيفية لكبار السن واستقلاليتهم؛ والاهتمام بالأشخاص المصابين بأمراض مزمنة وميؤوس من علاجها ورعايتهم لتخفيف آلامهم ولتجنيبهم المهانة عند الوفاة.

المعوقون

26- ت ؤكد اللجنة من جديد الفقرة 34 من تعليقها العام رقم 5 التي تتناول مسألة المعوقين في سياق الحق في الصحة البدنية والعقلية. وعلاوة على ذلك، تؤكد اللجنة ضرورة العمل على جعل قطاع الصحة العام يمتثل لمبدأ عدم التمييز فيما يتعلق بالمعوقين، بل وأن يمتثل له أيضاً مقدم و الخدمات والمرافق الصحية من القطاع الخاص.

الشعوب الأصلية

27- على ضوء القانون الدولي الناشئ والممارسة الدولية الناشئة، والتدابير التي اتخذتها الدول مؤخراً فيما يتعلق بالشعوب الأصلية (19) ، ترى اللجنة أنه من المفيد تحديد العناصر التي تساعد في تعريف حق الشعوب الأصلية في الصحة بغية تمكين الدول التي يوجد فيها سكان أصليون من تنفيذ الأحكام الواردة في المادة 13 من العهد على نحو أفضل. وترى اللجنة أنه يحق للشعوب الأصلية التمتع بتدابير محددة من أجل تحسين إمكانية وصولها إلى الخدمات والرعاية الصحية. وينبغي أن تكون هذه ال خدمات الصحية مناسبة ثقافياً، وأن تأخذ في الاعتبار الرعاية الوقائية التقليدية، والممارسات العلاجية والأدوية. وعلى الدول أن توفر الموارد اللازمة للشعوب الأصلية من أجل تصميم وتقديم ومراقبة هذه الخدمات لكي تتمكن من التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية يمكن بلوغه. وينبغي أيضاً حماية النباتات والحيوانات والمعادن الطبية الأساسية اللازمة لتمتع الشعوب الأصلية بالصحة تمتعاً تاماً. وتشير اللجنة إلى أن صحة الفرد كثيراً ما ترتبط في مجتمعات السكان الأصليين بصحة المجتمع ككل وتتسم ببعد جماعي. وترى اللجنة، في هذا ال صدد، أن الأنشطة المرتبطة بالتنمية والتي تؤدي إلى تشريد الشعوب الأصلية ضد رغبتها من أقاليمها وبيئتها التقليدية، وتحرمها من مصادرها التغذوية، وتقطع علاقتها التكافلية بأراضيها، تؤثر تأثيراً ضاراً على صحتها.

القيود

28- تستخدم الدول أحياناً قضايا الصحة العامة ك مبررات لتقييد ممارسة حقوق أساسية أخرى. وتود اللجنة التأكيد على أن البند المتعلق بالقيود في العهد، والوارد في المادة 4، قد وُضع أساساً لحماية حقوق الأفراد وليس للسماح للدول بفرض قيود. وبالتالي، إذا قامت دولة طرف، على سبيل المثال، بتقييد حركة الأشخاص المصابي ن بأمراض معدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، أو بمنع الأطباء من معالجة الأشخاص الذين يُعتقد أنهم من معارضي الحكومة، أو لم توفر التطعيم اللازم ضد الأمراض المعدية الرئيسية في المجتمع، لدواع مثل الأمن القومي أو المحافظة على النظام العام، فإنه يتعين عل يها أن تبرر اتخاذها لهذه التدابير الخطيرة فيما يتعلق بكل عنصر من العناصر المحددة في المادة 4. وينبغي أن تتسق هذه القيود مع القانون، بما في ذلك مع معايير حقوق الإنسان الدولية، وأن تتفق وطبيعة الحقوق المحمية بموجب العهد، وأن تكون في صالح الأهداف الشرعية المت وخاة، وضرورية ضرورة تامة من أجل النهوض بالرفاه العام في مجتمع ديمقراطي.

29- وتمشياً مع المادة 5، يجب أن تكون هذه القيود تناسبية، أي يجب اعتماد أقل البدائل تقييداً عندما تتاح عدة أنواع من القيود. وحتى عندما يُسمح بهذه القيود أساساً لأسباب تتعلق بحماية الصحة العامة، ينبغي أن تكون مدتها محدودة، مع توفر إمكانية إعادة النظر فيها.

2- التزامات الدول الأطراف

التزامات قانونية عامة

30- لئن كان العهد ينص على الإعمال التدريجي لل حقوق ويسلم بالضغوط الناشئة عن محدودية الموارد المتاحة، فهو يفرض أيضا على الدول الأطراف التزا مات شتى لها أثر فوري. فعلى الدول الأطراف التزامات مباشرة فيما يتعلق بالحق في الصحة، مثل ضمان ممارسة الحق دون تمييز من أي نوع (المادة 2-2) والالتزام باتخاذ خطوات (المادة 2-1) نحو الإ عمال الكامل للمادة 12. ويجب أن تكون هذه الخطوات مدروسة وملموسة وهادفة إلى ا لإعمال الكامل للحق في الصحة (20) .

31- وينبغي ألا يفسر الإعمال التدريجي للحق في الصحة على مدى فترة زمنية على أنه يُفرغ التزامات الدول الأطراف من أي مضمون ذي أهمية، بل إن الإعمال التدريجي يعني أن على الدول الأطراف التزاماً محددا ومستمرا بالتحرك بأقصى قدر من ا لسرعة والفعالية نحو الإعمال الكامل للمادة 12 (21) .

32- ومثلما هي الحال بالنسبة لجميع الحقوق الأخرى في العهد، هناك افتراض قوي بأنه من غير المسموح به اتخاذ تدابير تراجعية فيما يتعلق بالحق في الصحة. وإذا اتخذت أي تدابير تراجعية عمداً، يقع على كاهل الدولة الطرف عبء إثبات أن هذه التدابير استحدثت بعد النظر بعناية قصوى في جميع البدائل، وأن هناك ما يبررها حقا بالرجوع إلى جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد في سياق الاستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة (22) للدولة الطرف.

33- وبفرض الحق في الصحة، مثله في ذلك مثل جميع ح قوق الإنسان، ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات على الدول الأطراف: الالتزامات، الاحترام والحماية والأداء . ويشتمل الالتزام بالأداء، بدوره، على التزامات بالتسهيل والتوفير والتعزيز (23) . ويتطلب الالتزام بالاحترام من الدول أن تمتنع عن التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في التمتع بالحق في الصحة. ويقتضي الالتزام بالحماية أن تتخذ الدول تدابير من شأنها أن تمنع أطرافا ثالثة من إعاقة ضمانات المادة 12. وأخيراً، يتطلب الالتزام بالأداء أن تعتمد الدول تدابير قانونية وإدارية وتدابير تتعلق بالميزانية وتدابير قضائية وتشجيعية م لائمة من أجل الإعمال الكامل للحق في الصحة.

التزامات قانونية محددة

34- إن الدول ملزمة بشكل خاص باحترام الحق في الصحة عن طريق جملة أمور منها عدم منع أو تقييد إتاحة فرص متكافئة لجميع الأشخاص بمن فيهم السجناء والمحتجزون أو الأقليات وطالبو اللجوء والمهاجرون غير الشرعيين، للحصول على الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية والمسكنة؛ والامتناع عن إنفاذ ممارسات تمييزية كسياسة عامة للدولة؛ والامتناع عن فرض ممارسات تمييزية فيما يتعلق بأوضاع صحة المرأة واحتياجاتها. وعلاوة على ذلك، يشتمل الالتزام بالاحترام على التزام الدولة ب الامتناع عن حظر أو عرقلة الرعاية الوقائية، والممارسات العلاجية والأدوية التقليدية، والامتناع عن تسويق الأدوية غير المأمونة، وعن تطبيق معالجات طبية قسرية، إلا إذا كان ذلك على أساس استثنائي لعلاج مرض عقلي أو للوقاية من أمراض معدية أو لمكافحتها. وينبغي أن تخض ع هذه الحالات الاستثنائية لشروط محددة وتقييدية، تراعي أفضل الممارسات والمعايير الدولية المطبقة، بما فيها مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للدول أن تمتنع عن تقييد الوصول إلى وسائل منع الحمل وغيره ا من وسائل الحفاظ على الصحة الجنسية والإنجابية، وعن ممارسة الرقابة على المعلومات المتعلقة بالصحة، بما فيها التربية والمعلومات الجنسية، أو احتجازها أو تعمد إساءة تفسيرها، وكذلك عن الحيلولة دون مشاركة الناس في المسائل المتصلة بالصحة. كما ينبغي للدول أن تمتنع عن التلويث غير القانوني للهواء والمياه والتربة، مثلما تفعل النفايات الصناعية الناتجة عن المرافق المملوكة للدولة، وعن استخدام أو تجريب أسلحة نووية أو بيولوجية أو كيميائية إذا كانت هذه التجارب سينتج عنها تسرب لمواد ضارة بصحة الإنسان، وعن تقييد الحصول على ال خدمات الصحية كتدبير عقابي مثلا، أثناء النـزاعات المسلحة بما في ذلك من انتهاك للقانون الإنساني الدولي.

35- وتشمل الالتزامات بالحماية جملة أمور منها واجبات الدول في اعتماد تشريع أو اتخاذ تدابير أخرى تكفل المساواة في فرص الحصول على الرعاية الصحية والخدمات الم تصلة بالصحة والتي توفرها أطراف ثالثة؛ وضمان ألا تشكل خصخصة قطاع الصحة تهديداً التوافر المرافق والسلع والخدمات الصحية وإمكانية الوصول إليها ومقبوليتها ونوعيتها؛ ومراقبة تسويق المعدات الطبية والأدوية من قبل أطراف ثالثة؛ وضمان استيفاء الممارسين الطبيين وغيرهم من المهنيين الصحيين لمعايير ملائمة من التعليم والمهارة وقواعد السلوك الأخلاقية. والدول ملزمة أيضا بضمان ألا تؤدي الممارسات الاجتماعية أو التقليدية الضارة إلى عرقلة الوصول إلى الرعاية أثناء الحمل أو بعد الولادة وإلى وسائل تنظيم الأسرة؛ ومنع أطراف ثالثة من إجبار المرأة على الخضوع لممارسات تقليدية، مثل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، واتخاذ تدابير لحماية كل فئات المجتمع الضعيفة أو المهمشة، لا سيما النساء والأطفال والمراهقون وكبار السن، من مظاهر العنف الجنساني. كما ينبغي للدول أن تضمن ألا تحد أطراف ثالثة من إمكانية حصول الناس على المعلومات والخدمات المتصلة بالصحة.

36- ويتطلب الالتزام بالأداء من الدول الأطراف جملة أمور من بينها الإقرار الوافي بالحق في الصحة في نظمها السياسية والقانونية الوطنية، ومن الأفضل أن يكون ذلك عن طريق التنفيذ التشريعي، وكذلك اعتماد سياس ة صحية وطنية مصحوبة بخطة تفصيلية لإعمال الحق في الصحة. ويجب على الدول كفالة تقديم الرعاية الصحية، بما فيها برامج للتحصين ضد الأمراض المعدية الخطيرة، وكفالة المساواة في التمتع بالمقومات الأساسية للصحة، مثل الأغذية السليمة من الناحية التغذوية والمياه الصالحة للشرب، والإصحاح الأساسي والسكن الملائم والظروف المعيشية المناسبة. وينبغي للهياكل الصحية الحكومية أن توفر خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، بما فيها خدمات الأمومة الآمنة، خصوصا في المناطق الريفية. ويتعين على الدول أن تؤمن التدريب الملائم للأطباء وغيرهم من ال موظفين الطبيين، وتوفير عدد كاف من المستشفيات والمستوصفات وغير ذلك من المرافق ذات الصلة بالصحة، وتشجيع ودعم إنشاء مؤسسات تقدم المشورة وخدمات الصحة العقلية، مع إيلاء الاعتبار اللازم للتوزيع العادل في كافة أنحاء البلد. وهناك التزامات أخرى تشتمل على توفير نظا م تأمين صحي عام أو خاص أو مختلط يستطيع الجميع تحمل نفقاته، وعلى تشجيع البحث الطبي والتربية الصحية، فضلا عن الحملات الإعلامية، خاصة فيما يتعلق بالإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والصحة الجنسية والإنجابية، والممارسات التقليدية، والعنف المنزلي، والإف راط في شرب الكحول وتدخين السجائر، وتعاطي المخدرات وغيرها من المواد الضارة. والدول مطالبة أيضا باعتماد تدابير لمكافحة المخاطر الصحية البيئية والمهنية، وأي تهديد آخر توضحه البيانات الخاصة بالأوبئة. وتحقيقا لهذا الغرض ينبغي لها أن تضع وتنفذ سياسات وطنية تهدف إلى تقليل تلوث الهواء والمياه والتربة، بما في ذلك تلويثها بالمعادن الثقيلة مثل رصاص البنزين، والقضاء على هذا التلوث. وعلاوة على ذلك، فإن الدول الأطراف مطالبة بصياغة وتنفيذ سياسة وطنية متماسكة واستعراضها على نحو دوري للتقليل إلى أدنى حد من مخاطـر الحوادث وا لأمراض المهنية، فضلا عن توفير سياسة وطنية متماسكة بشأن السلامة والخدمات الصحية المهنية (25) .

37- ويتطلب الالتزام بالأداء (التسهيل) من الدول، ضمن جملة أمور ، أن تتخذ تدابير إيجابية تمكن الأفراد والمجتمعات من التمتع بالحق في الصحة وتساعدهم على ذلك. كذلك، فإن ا لدول الأطراف ملزمة بأداء (توفير) حق محدد وارد في العهد عندما يعجز الأفراد أو الجماعات، لأسباب خارجة عن مقدرتهم، عن التمتع بهذا الحق بالوسائل المتاحة لهم. والالتزام بتحقيق (تعزيز) الحق في الصحة يتطلب من الدول اتخاذ اجراءات أن تهيئ أسباب الصحة لسكانها وتحافظ عليها وأن تعالجها. وتشمل هذه الالتزامات: ‘1‘ تعزيز الاعتراف بالعوامل التي تساعد على تحقيق نتائج صحية إيجابية، مثل البحث وتوفير المعلومات؛ ‘2‘ ضمان ملاءمة الخدمات الصحية من الناحية الثقافية، وتدريب موظفي الرعاية الصحية على نحو يسمح بالاعتراف بالاحتياجات ال محددة للجماعات الضعيفة والمهمشة والاستجابة لهذه الاحتياجات؛ ‘3‘ ضمان قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بنشر المعلومات الملائمة المتعلقة بأساليب الحياة والتغذية الصحية، وبالممارسات التقليدية الضارة ومدى توافر الخدمات؛ ‘4‘ مساعدة الناس في أن يختا روا، عن علم، ما يناسب صحتهم.

الالتزامات الدولية

38- استرعت اللجنة، في تعليقها العام رقم 3، الانتباه إلى التزام جميع الدول الأطراف باتخاذ خطوات، سواء بمفردها أو من خلال المساعدة والتعاون الدوليين، خصوصا في المجالين الاقتصادي والتقني، صوب الإعمال الكامل للحق وق المعترف بها في العهد، مثل الحق في الصحة. وبروح المادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة، والأحكام المحددة في العهد (المواد 12-2(1) و22 و23) وإعلان ألما - آتا المتعلق بالرعاية الصحية الأولية، ينبغي للدول الأطراف الاعتراف بالدور الأساسي للتعاون الدولي والامتثال ل تعهدها باتخاذ إجراءات مشتركة ومنفصلة لتحقيق الإعمال التام للحق في الصحة. وفي هذا الصدد، ينبغي للدول الأطراف أن ترجع إلى إعلان ألما - آتا الذي يعلن أن التفاوت الصارخ في الأوضاع الصحية للناس، خصوصا بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، فضلا عن بل وفي داخل ا لبلدان ذاتها، أمر لا يمكن قبوله من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهو، بالتالي، محل اهتمام مشترك لجميع البلدان (26) .

39- ويتعين على الدول الأطراف، لكي تمتثل لالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بالمادة 12، أن تحترم التمتع بالحق في الصحة في بلدان أخرى، و أن تمنع أطرافا ثالثة من انتهاك هذا الحق في بلدان أخرى، إذا كانت تستطيع التأثير على أطراف ثالثة من خلال وسائل قانونية أو سياسية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الساري. وحسب توافر الموارد، ينبغي للدول أن تسهل الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الص حية الأساسية في بلدان أخرى، أينما كان ذلك ممكنا وأن توفر المساعدة الضرورية عند الاقتضاء (27) . وينبغي للدول الأطراف أن تضمن إيلاء الحق في الصحة الاهتمام الواجب في الاتفاقات الدولية، وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي لها أن تنظر في وضع المزيد من الصكوك القانونية. وف يما يتصل بإبرام اتفاقات دولية أخرى، ينبغي للدول الأطراف اتخاذ الخطوات التي تكفل ألا تؤثر هذه الصكوك تأثيرا سلبيا على الحق في الصحة. وبالمثل، فإن الدول الأطراف ملزمة بضمان أن ما تتخذه من إجراءات كأعضاء في منظمات دولية تضع في الاعتبار المراعاة الواجبة للحق ف ي الصحة. وبناء على ذلك، ينبغي للدول الأطراف الأعضاء في مؤسسات مالية دولية، وعلى وجه الخصوص في صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمصارف الإنمائية الإقليمية، أن تولي مزيدا من الاهتمام لحماية الحق في الصحة وذلك بالتأثير على سياسات الإقراض، واتفاقات الائتما ن وفي التدابير الدولية لهذه المؤسسات.

40- وتتحمل الدول الأطراف مسؤولية مشتركة وفردية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقرارات ذات الصلة التي تتخذها الجمعية العامة للأمم المتحدة وجمعية الصحة العالمية، للتعاون في تقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمعونة الإنسانية في أوقات الطوارئ، بما في ذلك تقديم المساعدة إلى اللاجئين والمشردين داخليا. وينبغي لكل دولة أن تسهم في هذه المهمة بأقصى قدراتها. وينبغي إعطاء الأولوية لأكثر الفئات ضعفا أو تهميشا من السكان لدى تقديم المساعدة الطبية الدولية، وتوزيع الموارد وإدارتها، مثل الم ياه الآمنة الصالحة للشرب، والأغذية واللوازم الطبية، والمعونات المالية. وعلاوة على ذلك، نظراً لأن بعض الأمراض تنتقل بسهولة إلى ما وراء حدود الدول، فإن المجتمع الدولي مسؤول بشكل جماعي عن معالجة هذه المشكلة. والدول الأطراف المتقدمة اقتصاديا تتحمل مسؤولية خاصة ولديها مصلحة خاصة في مساعدة الدول النامية الأشد فقراً في هذا الصدد.

41- وينبغي للدول الأطراف أن تمتنع في جميع الأوقات عن فرض حظر أو تدابير شبيهة تقيّد إمداد دولة أخرى بالأدوية والمعدات الطبية الكافية. ولا ينبغي أبداً استخدام القيود على مثل هذه السلع كوسيل ة للضغط السياسي والاقتصادي. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بموقفها، الوارد في التعليق العام 8، بشأن العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

42- ولئن كانت الدول وحدها هي الأطراف في العهد، وبالتالي فهي المسؤولة في نهاية المطاف عن الامتثال له، فإن جميع أعضاء المجتمع - الأفراد، بمن فيهم الموظفون الصحيون، والمجتمعات المحلية، والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، فضلا عن قطاع الأعمال التجارية الخاصة - يتحملون مسؤوليات فيما يتعلق بإعمال الح ق في الصحة. ومن ثم ينبغي للدول الأطراف أن تهيئ مناخا ييسر الوفاء بهذه المسؤوليات.

الالتزامات الأساسية

43- في التعليق العام رقم 3، تؤكد اللجنة أن على الدول الأطراف التزاما أساسيا بالعمل، على أقل تقدير، على ضمان المستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق الم نصوص عليها في العهد، بما فيها الرعاية الصحية الأولية الأساسية. وإذا قرئ إعلان ألما - آتا مقترنا بصكوك أحدث عهدا، مثل برنامج عمل المؤتمر الدولي المعني بالسكان والتنمية (28) ، يتبين أن هذا الإعلان (29) يتضمن توجيها إجباريا بشأن الالتزامات الأساسية الناشئة عن ال مادة 12. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذه الالتزامات الأساسية تشتمل على الأقل على الالتزامات التالية:

(أ) تأمين حق الاستفادة من المرافق الصحية والحصول على السلع والخدمات الصحية على أساس غير تمييزي، خصوصا للفئات الضعيفة والمهمشة؛

(ب) كفالة الحصول على الحد الأدنى الأساسي من الأغذية الذي يضمن الكفاية والسلامة من حيث التغذية، بغية تأمين التحرر من الجوع لكل الناس؛

(ج) كفالة الحصول على المأوى الأساسي، والسكن وخدمات الإصحاح، وإمدادات كافية من المياه النظيفة الصالحة للشرب؛

(د) توفير العقاقير الأساسية، على نحو م ا تم تحديده من وقت إلى آخر في إطار برنامج عمل منظمة الصحة العالمية المتعلق بالعقاقير الأساسية؛

(ه‍) تأمين التوزيع العادل لجميع المرافق والسلع والخدمات الصحية؛

(و‍) اعتماد وتنفيذ استراتيجية وخطة عمل وطنيتين للصحة العامة، إذا ظهرت أدلة على وجود أوبئة، بحيث تتصديان للشواغل الصحية لجميع السكان، وينبغي تصميم الاستراتيجية وخطة العمل، واستعراضهما بشكل دوري، في سياق من المشاركة والشفافية، ويجب أن تشتملا على وسائل، مثل مؤشرات ومعالم الحق في الصحة، يمكن عن طريقها رصد التقدم رصدا دقيقا؛ وهذه العملية التي تصمم في سيا قها الاستراتيجية وخطة العمل، فضلا عن محتواهما، ينبغي أن تولي اهتماما خاصا لجميع الفئات الضعيفة أو المهمشة.

44- كما تؤكد اللجنة ما يلي كالتزامات ذات أولوية مماثلة:

(أ) كفالة الرعاية الصحية الإنجابية، والرعاية الصحية للأمومة (في أثناء الحمل وبعد الولادة) ول لطفولة؛

(ب) توفير التحصين ضد الأمراض المعدية الرئيسية التي تحدث في المجتمع؛

(ج) اتخاذ تدابير للوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة ومعالجتها ومكافحتها؛

(د) توفير التعليم وإتاحة الحصول على المعلومات المتعلقة بالمشاكل الصحية الرئيسية في المجتمع، بما في ذل ك طرق الوقاية والمكافحة؛

(ه‍) توفير التدريب الملائم للموظفين الصحيين، بما في ذلك التثقيف في مجال الصحة وحقوق الإنسان.

45- وقطعا للشك باليقين، ترغب اللجنة في التشديد على أن هناك التزاما خاصا على الدول الأطراف والجهات الفاعلة الأخرى التي يسمح لها وضعها بتقد يم المساعدة بأن تقدم من "المساعدة والتعاون الدوليين، لا سيما في المجال الاقتصادي والتَقَني (30) ، ما يمكن البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها الأساسية والتزاماتها الأخرى المشار إليها في الفقرتين 43 و44 أعلاه.

3- الانتهاكات

46- عندما يطبق المحتوى المعياري ل لمادة 12 (الجزء الأول) على التزامات الدول الأطراف (الجزء الثاني)، تبدأ تشغيل عملية دينامية تسهل تحديد انتهاكات الحق في الصحة. وتقدم الفقرات التالية أمثلة على انتهاكات المادة 12.

47- عند تحديد الفعل أو التقصير الذي يتساوى مع انتهاك للحق في الصحة، لا بد من ا لتمييز بين عدم قدرة الدول الأطراف على الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 12 وعدم رغبتها في الوفاء بتلك الالتزامات. ويتضح ذلك من المادة 12-1، التي تشير إلى أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، ويتضح أيضا من المادة 2-1 من العهد، التي تلزم كل دولة طرف باتخاذ الخطوات اللازمة في حدود أقصى ما تسمح به مواردها المتاحة. إن الدولة التي تتقاعس عن استخدام أقصى مواردها المتاحة لإعمال الحق في الصحة تنتهك بذلك التزاماتها بموجب المادة 12. وإذا حالت قلة الموارد دون أن تفي الدولة بكامل التزاماتها بموجب العهد، فإنه يقع على كاهلها عبء إثبات أنها بذلت مع ذلك كل الجهود الممكنة لاستخدام كل الموارد المتاحة تحت تصرفها من أجل الوفاء، على سبيل الأولوية، بالالتزامات الموضحة أعلاه. غير أنه ينبغي التشديد على أنه لا يمكن لأي دولة طرف، أيا كانت الظروف، أن تبرر عدم وفائها بالالتزامات الأساسية المنص وص عليها في الفقرة 43 أعلاه، وهي التزامات غير قابلة للانتقاص منها.

48- ويمكن أن تحدث انتهاكات للحق في الصحة من خلال إجراء مباشر تقوم به الدول أو جهات أخرى غير منظمة تنظيما كافيا من جانب الدولة. كما أن اعتماد أي تدابير تراجعية تخالف الالتزامات الأساسية بموج ب الحق في الصحة، والموضحة في الفقرة 43 أعلاه، يشكل انتهاكا للحق في الصحة. وتشمل الانتهاكات بالفعل الإلغاء أو التعليق الرسمي لتشريع ضروري لمواصلة التمتع بالحق في الصحة أو اعتماد تشريع أو سياسات تخالف بوضوح التزامات قانونية محلية أو دولية قائمة من قبل وتتصل بالحق في الصحة.

49- ويمكن أيضا أن تحدث انتهاكات للحق في الصحة من خلال تقصير الدول في اتخاذ التدابير اللازمة الناشئة عن الالتزامات القانونية أو عدم اتخاذها. وتشمل الانتهاكات بالفعل عدم اتخاذ الخطوات اللازمة صوب الإعمال الكامل لحق الجميع في التمتع بأعلى مستو ى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه، وعدم وجود سياسة وطنية بشأن السلامة والصحة المهنيتين فضلا عن الخدمات الصحية المهنية، وعدم إنفاذ القوانين ذات الصلة.

انتهاكات الالتزام بالاحترام

50- انتهاكات الالتزام بالاحترام هي إجراءات الدولة أو سياساتها أو قوانينها التي تخالف المعايير الواردة في المادة 12 من العهد والتي ينتج عنها في أغلب الظن ضرر بدني، وأمراض ووفيات كان من الممكن تجنبها. وتشمل الأمثلة الحرمان من الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية لأفراد أو فئات معينة نتيجة لتمييز بحكم القانون أو بحكم الواقع: الاحتجاز المتعمد أو سوء عرض المعلومات ذات الأهمية الحيوية لحماية الصحة أو العلاج؛ تعليق التشريع أو اعتماد قوانين أو سياسات تعوق التمتع بأي مكون من مكونات الحق في الصحة؛ وعدم أخذ الدولة في اعتبارها التزاماتها القانونية فيما يتعلق بالحق في الصحة عند الدخول ف ي اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف مع دول أخرى، ومنظمات دولية وكيانات أخرى، مثل الشركات المتعددة الجنسيات.

انتهاكات الالتزام بالحماية

51- تنشأ انتهاكات الالتزام بالحماية من عدم اتخاذ الدولة كل التدابير اللازمة لحماية الأشخاص الخاضعين لولايتها من انتهاك حقه م في الصحة من جانب أطراف ثالثة. وتتضمن هذه الفئة أمثلة من التقصير مثل عدم تنظيم أنشطة الأفراد أو المجموعات أو الشركات لمنعها من انتهاك حق الآخرين في الصحة؛ وعدم حماية المستهلكين والعاملين من ممارسات ضارة بالصحة، من جانب أصحاب العمل ومنتجي الأدوية أو الأغذي ة مثلا، وعدم العمل على منع إنتاج وتسويق واستهلاك التبغ، والمخدرات وغيرها من المواد الضارة؛ وعدم حماية النساء من العنف أو ملاحقة مرتكبي العنف؛ وعدم محاربة الممارسة المتواصلة للتقاليد الطبية أو الثقافية المتوارثة الضارة؛ وعدم سن أو إنفاذ قوانين لمنع تلوث الم ياه، والهواء والتربة من جراء الصناعات الاستخراجية والتحويلية.

انتهاكات الالتزام بالأداء

52- تحدث انتهاكات الالتزام بالأداء من جراء عدم اتخاذ الدول الأطراف التدابير اللازمة لكفالة إعمال الحق في الصحة. وتشمل الأمثلة على ذلك عدم اعتماد أو تنفيذ سياسة وطنية لل صحة مصممة لكفالة حق الجميع في الصحة؛ قلة المصروفات أو سوء توزيع الموارد على نحو ينتج عنه عدم تمتع أفراد أو فئات، لا سيما الفئات الضعيفة أو المهمشة بالحق في الصحة؛ وعدم رصد إعمال الحق في الصحة على المستوى الوطني، عن طريق تحديد مؤشرات ومعالم الحق في الصحة مث لا؛ وعدم اتخاذ تدابير للحد من عدم الإنصاف في توزيع المرافق والسلع والخدمات الصحية؛ وعدم اعتماد نهج يراعي منظور الجنسين إزاء الصحة؛ وعدم تخفيض معدلات وفيات الرضع والأمومة.

4- التنفيذ على المستوى الوطني

التشريع الإطاري

53- تختلف أنسب التدابير لتنفيذ الحق في الصحة اختلافا واسعاً من دولة إلى أخرى. ولكل دولة هامش استنسابي في تقدير أنسب التدابير لظروفها المحددة. غير أن العهد، يفرض بوضوح على كل دولة واجب اتخاذ أي تدابير لازمة لضمان تمكين الجميع من الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية لكي يتمتعوا، في أقرب وقت ممكن، بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه. وهذا يتطلب اعتماد استراتيجية وطنية لكفالة تمتع الجميع بالحق في الصحة، استنادا إلى مبادئ حقوق الإنسان التي تحدد أهداف هذه الاستراتيجية، وصياغة سياسات وما يقابلها من مؤشرات ومعالم خاصة بالحق في الصحة. ك ما ينبغي أيضا للاستراتيجية الوطنية للصحة أن تحدد الموارد المتاحة لبلوغ الأهداف المقررة، فضلا عن أجدى وسيلة اقتصادية لاستخدام هذه الموارد.

54- وينبغي لصياغة وتنفيذ الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية للصحة أن يحترما، ضمن جملة أمور، مبدأي عدم التمييز والمشاركة الشعبية. ويجب، بشكل خاص، أن يكون حق الأفراد والجماعات في المشاركة في عمليات صنع القرارات التي قد تؤثر على تنميتهم مكونا لا غنى عنه لأي سياسة أو برامج أو استراتيجية يتم وضعها للوفاء بالالتزامات الحكومية بموجب المادة 12. ويجب العمل على تعزيز الصحة بمشاركة فع الة من المجتمع في تقرير الأولويات واتخاذ القرارات والتخطيط والتنفيذ وتقييم الاستراتيجيات الرامية إلى تحسين الصحة. ولا يمكن كفالة تقديم الخدمات الصحية بصورة فعالة إلا إذا سمحت الدول بالمشاركة الشعبية.

55- وينبغي أيضا للاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتين في مجا ل الصحة أن تستندا إلى مبادئ المساءلة والشفافية واستقلال السلطة القضائية، ذلك أن الحكم السليم أساسي للإعمال الفعال لجميع حقوق الإنسان، بما في ذلك إعمال الحق في الصحة. ومن أجل تهيئة مناخ مؤات لإعمال هذا الحق، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات ملائمة لضمان وع ي قطاع الأعمال التجارية الخاص والمجتمع المدني ومراعاتهما لأهمية الحق في الصحة في تأدية أنشطتهما.

56- وينبغي للدول الأطراف أن تنظر في اعتماد قانون إطاري لوضع استراتيجيتها الوطنية المتعلقة بالحق في الصحة موضع التطبيق. وينبغي لهذا القانون الإطاري أن ينشئ آليا ت لرصد تنفيذ استراتيجيات وخطط عمل الصحة الوطنية. كما ينبغي أن يتضمن أحكاما بشأن الأهداف المراد تحقيقها والإطار الزمني لتحقيقها؛ والوسائل التي تمكن من بلوغ معالم الحق في الصحة؛ والتعاون المعتزم مع المجتمع المدني، الذي يشمل الخبراء في مجال الصحة، والقطاع الخ اص والمنظمات الدولية؛ والمسؤولية المؤسسية عن تنفيذ الاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتين للصحة؛ وإجراءات التماس العون المحتملة. وعند رصد التقدم صوب إعمال الحق في الصحة، ينبغي للدول الأطراف أن تحدد العوامل والصعوبات التي تؤثر على تنفيذها لالتزاماتها.

المعايير و المؤشرات المتعلقة بالحق في الصحة

57- ينبغي للاستراتيجيات الوطنية للصحة أن تحدد مؤشرات ومعايير مناسبة بشأن الحق في الصحة.وينبغي تصمم المؤشرات على نحو يجعلها ترصد التزامات الدول الأطراف، بموجب المادة 12، على المستويين الوطني والدولي. ويمكن للدول أن تسترشد، فيما يتعلق بالمؤشرات الملائمة للحق في الصحة، والتي ينبغي أن تتناول شتى جوانب الحق في الصحة، بالعمل الجاري في منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة في هذا الشأن. وتتطلب مؤشرات الحق في الصحة بيانا تفصيليا للأسباب المحظورة للتمييز.

58- وبعد تحديد المؤشرات الملائمة للحق في الصحة، تُدعى الدول الأطراف إلى وضع معايير وطنية ملائمة تتصل بكل مؤشر من المؤشرات. وأثناء عملية إعداد التقارير الدورية ستدخل اللجنة في عملية تدقيق مع الدولة الطرف. ويشمل التدقيق النظر على نحو مشترك بين الدولة الطرف واللجنة في المؤ شرات وفي المعالم الوطنية التي ستحدد الأهداف المراد تحقيقها أثناء الفترة التي سيتناولها التقرير المقبل. وفي الخمس سنوات التالية، تستعين الدولة الطرف بهذه المعايير الوطنية في رصد تنفيذها للمادة 12. وبعد ذلك، في عملية إعداد التقرير اللاحقة، تنظر الدولة الطرف واللجنة فيما إذا كانت هذه المعايير قد تحققت أم لا، وفي أسباب أي صعوبات تكون قد واجهتها.

وسائل الانتصاف والمساءلة

59- ينبغي أن تتوفر لضحايا انتهاك الحق في الصحة سواء أكانوا أفرادا أم جماعات، إمكانية الوصول إلى وسائل الانتصاف القضائية الفعالة أو أي وسائل انت صاف أخرى على كل من المستويين الوطني والدولي (30) . وينبغي أن يكون من حق جميع الضحايا الذين تعرضوا لمثل هذه الانتهاكات أن يحصلوا على تعويض مناسب، يمكن أن يأخذ شكل العودة إلى وضع سابق، أو التعويض، أو الترضية أو ضمانات بعدم التكرار. وينبغي أن يتصدى أمناء مظالم ولجان لحقوق الإنسان، أو جمعيات حماية المستهلكين أو جمعيات لحقوق المرضى أو مؤسسات مماثلة على المستوى الوطني لما يقع من انتهاكات للحق في الصحة.

60- ومن شأن إدماج الصكوك الدولية التي تعترف بالحق في الصحة في القانون المحلي أن يؤدي إلى توسيع نطاق وفعالية تدابير الانتصاف ومن ثم ينبغي تشجيعها في جميع الحالات (31) . فهذا الدمج يمكن المحاكم من الفصل في انتهاكات الحق في الصحة إلى حد كبير، أو على الأقل إلى زيادة الالتزامات الأساسية المترتبة عليه، بالاحتكام المباشر إلى العهد.

61- وينبغي للدولة الطرف أن تشجع القضاة وممارس ي المهن القانونية على إيلاء مزيد من الاهتمام لانتهاكات الحق في الصحة لدى ممارستهم لمهام وظائفهم.

62- وينبغي للدول الأطراف أن تحترم نشاط المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني في سبيل مساعدة الفئات الضعيفة أو المهمشة على إعمال حقها في الصح ة وأن تحمي هذا النشاط وتيسره وتعززه.

5- التزامات الجهات الفاعلة غير الدول الأطراف

63- إن لدور وكالات وبرامج الأمم المتحدة، وخاصة الوظيفة الرئيسية المسندة إلى منظمة الصحة العالمية في إعمال الحق في الصحة على المستويات الدولية والإقليمية والقطرية، أهمية خاصة، مثل دور اليونيسيف فيما يتصل بحق الطفل في الصحة. وينبغي للدول الأطراف، عند صياغتها وتنفيذها لاستراتيجيتها الوطنية الخاصة بالحق في الصحة، أن تستفيد من المساعدة والتعاون التقنيين اللذين تقدمهما منظمة الصحة العالمية. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للدول الأطراف، عن د إعدادها لتقاريرها، أن تستغل المعلومات الغزيرة والخدمات الاستشارية لمنظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بجمع البيانات، وتفصيلها وفي وضع مؤشرات ومعالم الحق في الصحة.

64- وعلاوة على ذلك، ينبغي مواصلة بذل جهود متضافرة في سبيل إعمال الحق في الصحة بغية تعزيز التفا عل بين جميع الجهات الفاعلة المعنية، بما فيها مختلف عناصر المجتمع المدني. وبموجب المادتين 22 و23 من العهد، ينبغي لكل من منظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واليونيسيف، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، والبنك الدولي، والمص ارف الإنمائية الإقليمية، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، والهيئات ذات الصلة الأخرى داخل منظومة الأمم المتحدة، أن يتعاون على نحو فعال مع الدول الأطراف، بالاعتماد على خبرته، في مجال تنفيذ الحق في الصحة على المستوى الوطني، مع إيلاء الاعتبار الوا جب للولاية الفردية لكل من هذه المنظمات. وبوجه خاص، ينبغي للمؤسسات المالية الدولية، لا سيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أن تولي اهتماما كبيرا لحماية الحق في الصحة في سياساتها الإقراضية، واتفاقاتها الائتمانية، وبرامجها المتعلقة بالتكيف الهيكلي. وعند ال نظر في تقارير الدول الأطراف وقدرتها على الوفاء بالالتزامات بموجب المادة 12، ستنظر اللجنة في أثر المساعدة المقدمة من جميع العناصر الفاعلة. ومن شأن قيام الوكالات المتخصصة والبرامج والهيئات التابعة للأمم المتحدة باعتماد نهج قائم على حقوق الإنسان أن ييسّر إلى حد بعيد إعمال الحق في الصحة. وستقوم اللجنة أيضا أثناء النظر في تقارير الدول الأطراف بدراسة دور الجمعيات المهنية الصحية وغيرها من المنظمات غير الحكومية فيما يتعلق بالتزامات الدول بموجب المادة 12.

65- ويتسم دور كل من منظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المت حدة السامية لشؤون اللاجئين، ولجنة الصليب الأحمر الدولية/ الهلال الأحمر واليونيسيف، فضلا عن المنظمات غير الحكومية والجمعيات الطبية الوطنية، بأهمية خاصة فيما يتعلق بالإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في أوقات الطوارئ، بما في ذلك تقديم المساعدة إلى اللاجئين والمشردين داخليا. وينبغي إعطاء الأولوية في تقديم المساعدة الطبية الدولية، وتوزيع الموارد وإدارتها، مثل المياه النظيفة الصالحة للشرب، والأغذية والإمدادات الطبية والمعونات المالية إلى أضعف المجموعات السكانية وأشدها تعرضا للتهميش.

اعتُمد في 11 أيار/م ايو 2000.

الحواشي

(1) على سبيل المثال، يجوز قانونياً إنفاذ مبدأ عدم التمييز فيما يتعلق بالمرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة في العديد من الولايات القضائية الوطنية.

(2) في قرارها 1989/11.

(3) إن المبادئ المتعلقة بحماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحس ين العناية بالصحة العقلية التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1991 (القرار 46/119) والتعليق العام للجنة رقم 5 بشأن المعوقين، ينطبقان على الأشخاص المصابين بمرض عقلي؛ ويرد في برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية المعقود في القاهرة في عام 1 994، وكذلك في إعلان وبرنامج عمل المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة المعقود في بيجين في عام 1995، تعريف للصحة الإنجابية ولصحة المرأة على التوالي.

(4) المادة 3 المشتركة بين اتفاقيـات جنيف بشأن حماية ضحايا الحرب (1949)؛ والبروتوكول الإضافي الأول (1977) ال متعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية، المادة 75(2) (أ)؛ والبروتوكول الإضافي الثاني (1977) المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية، المادة 4(أ).

الحواشي ( تابع )

(5) انظر القائمة النموذجية لمنظمة الصحة العالمية بشأن العقاقير الأساسية، المن قحة في كانون الأول/ديسمبر 1999، المعلومات الدوائية لمنظمة الصحة العالمية ، المجلد 13، رقم 4، 1999.

(6) تشمل أي إشارة في هذا التعليق العام إلى المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة المقومات الأساسية للصحة الموجزة في الفقرتين 11 و12(أ‍) من هذا التعليق الع ام، ما لم يرد نص صريح بخلاف ذلك.

(7) انظر الفقرتين 18 و19 من هذا التعليق العام.

(8) انظر المادة 19-2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويركز هذا التعليق العام بشكل خاص على إمكانية الوصول إلى المعلومات بسبب أهمية هذه المسألة الخاصة فيما يتع لق بالصحة.

(9) في الأدبيات والممارسات المتعلقة بالحق في الصحة، كثيراً ما ترد الإشارة إلى ثلاثة مستويات من الرعاية الصحية هي: الرعاية الصحية الأولية التي تتناول عادة الأمراض الشائعة والبسيطة نسبياً ويقدمها موظفون صحيون و/أو أطباء مدربون تدريباً عاماً يعمل ون داخل المجتمع المحلي وبتكلفة منخفضة نسبياً؛ والرعاية الصحية الثانوية التي تقدم في المراكز، وهي مستشفيات عادة، وتتناول بصورة عامة الأمراض الشائعة البسيطة أو الخطيرة نسبياً التي لا يمكن علاجها على صعيد المجتمع المحلي، وتستخدم موظفين صحيين وأطباء مدربين على تخصصات محددة، ومعدات خاصة، وتقدم الرعاية للمرضى الداخليين أحياناً بتكلفة مرتفعة مقارنة مع الرعاية الأولية؛ والرعاية الصحية من المرتبة الثالثة التي تقدم في عدد ضئيل نسبياً من المراكز، وتتناول عادة عددا صغيرا من الأمراض البسيطة أو الخطيرة التي تتطلب موظفين صحيين وأطباء مدربين على تخصصات محددة ومعدات خاصة، وغالباً ما تكون باهظة التكلفة نسبياً. ونظراً إلى أن أنواع الرعاية الصحية الأولية والثانوية ومن المرتبة الثالثة كثيراً ما تتداخل وغالباً ما تتفاعل، فإن هذا التصنيف لا يقدم دائماً المعايير الكافية للتفرقة بين ها على نحو يساعد على تحديد مستويات الرعاية الصحية التي يجب أن تقدمها الدول الأطراف، وبالتالي يكون الإسهام المقدم محدوداً فيما يتعلق بالفهم المعياري للمادة 12.

(10) وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، لم يعد معدل المواليد الموتى يستخدم بشكل عام، وحل محله معدلات و فيات الرضع والأطفال دون سن الخامسة.

(11) يشير مصطلح "السابق للولادة" ما يوجد أو يحدث قبل الولادة؛ ويشير مصطلح "ما حول الولادة" إلى الفترة الوجيزة قبل الولادة وبعدها (وفقاً للإحصاءات الطبية تبدأ هذه الفترة عند إتمام 28 أسبوعاً من بداية الحمل ويتراوح تعريف نهايتها ما بين الأسبوع الأول والرابع بعد الولادة)؛ أما مصطلح "الوليدي"، فيغطي الفترة المرتبطة بأول أربعة أسابيع بعد الولادة؛ ويشير مصطلح "ما بعد الولادة" إلى ما يحدث بعد الولادة. ويقتصر هذا التعليق العام على استخدام المصطلحين العامين "ما قبل الولادة" و"ما بعد الولادة".

(12) تعني الصحة الإنجابية أن يتمتع النساء والرجال بحرية اختيار الإنجاب كلما أرادوا، وتشمل الحق في معرفة الوسائل الآمنة والفعالة والمقبولة والميسورة مالياً لتنظيم الأسرة والوصول إلى هذه الوسائل وفقاً لاختيارهم، فضلاً عن الحق في الوصول إلى خدم ات الرعاية الصحية المناسبة التي ستمكِّن النساء، على سبيل المثال، من إتمام فترة الحمل والولادة بسلامة.

الحواشي ( تابع )

(13) وتحيط اللجنة علماً في هذا الصدد بالمبدأ 1 من إعلان ستكهولم لعام 1972 الذي ينص على ما يلي: "يتمتع الفرد بالحق الأساسي في الحرية، والمس اواة، وظروف معيشية مناسبة، وفي بيئة ذات نوعية تسمح بالعيش في كرامة ورفاه"، كما تحيط علماً بالتطورات الأخيرة في القانون الدولي، بما في ذلك قرار الجمعية العامة 45/94 بشأن ضرورة ضمان وجود بيئة صحية من أجل رفاه الأفراد؛ والمبدأ 1 من إعلان ريو؛ وصكوك حقوق الإنس ان الإقليمية مثل المادة 10 من بروتوكول سان سلفادور الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان.

(14) اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 155، المادة 4-2.

(15) انظر الفقرة 12(ب) والحاشية 8 أعلاه.

(16) للاطلاع على الالتزامات الرئيسية، انظر الفقرتين 43 و44 من هذ ا التعليق العام.

(17) المادة 24 (1) من اتفاقية حقوق الطفل.

(18) انظر قرار جمعية الصحة العالمية 47 - 10 لعام 1994 والمعنون "صحة الأم والطفل وتنظيم الأسرة: الممارسات التقليدية الضارة بصحة الأم والطفل".

(19) تشمل القواعد الدولية الناشئة الأخيرة المتصلة بال شعوب الأصلية اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة (1989)؛ والمادتين 29 (ج) و(د) و30 من اتفاقية حقوق الطفل (1989)؛ والمادة 8(ي) من الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي (1992)، التي توصي الدول باحترام معارف واب تكارات وممارسات مجتمعات السكان الأصليين وصونها والمحافظة عليها، وجدول أعمال القرن 21 التابع لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (1992)، خاصة الفصل 26؛ والفقرة 20 من الجزء الأول من إعلان وبرنامج عمل فيينا (1993)، التي تنص على ضرورة أن تتخذ الدول خط وات إيجابية منسقة من أجل كفالة احترام جميع حقوق الإنسان للشعوب الأصلية على أساس عدم التمييز. وانظر أيضاً ديباجة الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة المتعلقة بتغير المناخ (1992) والمادة 3 منها؛ والمادة 10 (2) (ه‍) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في الب لدان التي تعاني من الجفاف الشديد و/أو من التصحر، وبخاصة في أفريقيا (1994). وخلال السنوات الأخيرة، قام عدد متزايد من الدول بتعديل دساتيرها والأخذ بتشريعات تعترف بالحقوق الخاصة بالشعوب الأصلية.

(20) انظر التعليق العام رقم 13، الفقرة 43.

(21) انظر التعليق ا لعام رقم 3، الفقرة 9؛ والتعليق العام رقم 13، الفقرة 44.

(22) انظر التعليق العام رقم 3، الفقرة 9؛ والتعليق العام رقم 13، الفقرة 45.

(23) وفقا للتعليقين العامين رقمي 12 و13، يشتمل الالتزام بالتحقيق على التزام بالتسهيل والتزام بالتوفير. وفي هذا التعليق العا م، يشتمل الالتزام بالأداء أيضا على التزام بالتعزيز نظرا للأهمية البالغة لتعزيز الصحة في عمل منظمة الصحة العالمية وغيرها.

الحواشي ( تابع )

(24) قرار الجمعية العامة 46/119 (1991).

(25) عناصر مثل هذه السياسة هي التعرف والتحديد والترخيص والمكافحة فيما يتعلق با لمواد والمعدات والعوامل وعمليات العمل الخطيرة؛ توفير المعلومات الصحية للعاملين، وتوفير ملابس ومعدات وقائية مناسبة إذا دعت الحاجة إليها؛ وإنفاذ القوانين واللوائح من خلال التفتيش الكافي؛ وشرط الإبلاغ بالحوادث والأمراض المهنية، وإجراء تحقيقات في الحوادث والأم راض الخطيرة وإعداد إحصاءات سنوية؛ وحماية العمال وممثليهم من التدابير التأديبية التي تتخذ ضدهم بسبب إجراءات سليمة اتخذوها وفقا لهذه السياسة؛ وتوفير خدمات صحية مهنية لها وظائف وقائية أساساً. انظر اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن السلامة والصحة المهنيتين، 19 81 (رقم 155)، والاتفاقية بشأن خدمات الصحة المهنية، 1985 (رقم 161).

(26) المادة الثانية من إعلان ألما - آتا، تقرير المؤتمر الدولي المعني بالرعاية الصحية الأولية، 6-12 أيلول/سبتمبر 1978، في: منظمة الصحة العالمية، "سلسلة الصحة للجميع"، رقم 1 منظمة الصحة العا لمية، جنيف، 1978.

(27) انظر الفقرة 45 من هذا التعليق العام.

(28) تقرير المؤتمر الدولي المعني بالسكان والتنمية، القاهرة، 5-13 أيلول/سبتمبر 1994 (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.95.XIII.18)، الفصل الأول، القرار 1، المرفق، الفصلان السابع والثامن.

(29) العهد، المادة 2-1.

(30) بصرف النظر عما إذا كان يمكن للفئات بصفتها هذه أن تسعى للانتصاف بوصفها صاحبة حقوق مميزة، فإن الدول الأطراف ملزمة بالمادة 12 بكل من البعدين الجماعي والفردي. والحقوق الجماعية لها أهمية كبيرة في ميدان الصحة؛ والسياسة الحديثة للصحة العا مة تعتمد بشدة على الحماية والتشجيع وهما نهجان موجهان أساساً إلى الجماعات.

(31) انظر التعليق العام رقم 2، الفقرة 9.

الدورة التاسعة والعشرون (2002)

التعليق العام رقم 15: الحق في الماء (المادتان 11 و12 من العهد)

أولاً - مقدمة

1- إن الماء مورد طبيعي محدود، و سلعة عامة أساسية للحياة والصحة. وحق الإنسان في الماء هو حق لا يمكن الاستغناء عنه للعيش عيشة كريمة. وهو شرط مسبق لإعمال حقوق الإنسان الأخرى. وقد واجهت اللجنة باستمرار مشكلة الحرمان على نطاق واسع من الحق في الماء في البلدان النامية وكذلك في البلدان المتقدمة النمو. ولا يستطيع أكثر من بليون شخص الحصول على الإمدادات الأساسية للمياه، بينما لا تتوفر لعدة بلايين من الأشخاص مرافق صحية مناسبة، وذلك هو السبب الأول لتلوث المياه والإصابة بأمراض منقولة بالمياه (1) . ويؤدي استمرار تلوث المياه واستنفادها وتوزيعها بصورة غير ع ادلة إلى تفاقم الفقر السائد. ويتعين على الدول الأطراف اعتماد تدابير فعالة لإعمال الحق في الماء، دون تمييز، على النحو المشار إليه في هذا التعليق العام.

الأسس القانونية للحق في الماء

2- إن حق الإنسان في الماء يمنح كل فرد الحق في الحصول على كمية من الماء تكون كافية ومأمونة ومقبولة ويمكن الحصول عليها مادياً كما تكون ميسورة التكلفة لاستخدامها في الأغراض الشخصية والمنزلية. فتوفير كمية كافية من الماء المأمون هو أمر ضروري لمنع الوفاة بسبب فقدان جسم الإنسان للسوائل، والحد من مخاطر الإصابة بأمراض منقولة بالمياه كما أ نه ضروري للاستهلاك والطهي والمتطلبات الصحية الشخصية والمنزلية.

3- وتحدد الفقرة 1 من المادة 11 من العهد عدداً من الحقوق الناشئة عن إعمال الحق في مستوى معيشي كافٍ، والتي لا يمكن الاستغناء عنها لإعمال ذلك الحق، بما في ذلك "... ما يفي بحاجتهم من الغذاء، والكسا ء، والمأوى". ويشير استخدام عبارة "بما في ذلك" إلى أن قائمة الحقوق هذه لا يراد منها أن تكون حصرية. وبالطبع فإن الحق في الماء يقع ضمن فئة الضمانات الأساسية لتأمين مستوى معيشي كافٍ، نظراً إلى أنه واحد من أهم الشروط الأساسية للبقاء. وفضلاً عن ذلك، اعترفت اللجن ة سابقاً بأن الحصول على الماء حق من حقوق الإنسان يرد في الفقرة 1 من المادة 11 من العهد (انظر التعليق العام رقم 6 (1995)) (2) . كما أن الحق في الماء هو حق لا يمكن فصله عن الحق في أعلى مستوى من الصحة الجسمية يمكن بلوغه (الفقرة 1 من المادة 12) (3) والحق في مأوى مناسب وغذاء كافٍ (الفقرة 1 من المادة 11) (4) . كما ينبغي النظر إلى هذا الحق بالاقتران مع حقوق أخرى مجسّدة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وأهمها الحق في الحياة والكرامة الإنسانية.

4- وقد اعترفت مجموعة واسعة من الوثائق الدولية، بما فيها المعاهدات والإعلانات و غيرها من المعايير (5) ، بالحق في الماء. فمثلاً، تنص الفقرة 2 من المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن تكفل الدول الأطراف للمرأة الحق في "التمتع بظروف معيشية ملائمة، ولا سيما فيما يتعلق ب‍ [...] الإمداد بالماء". وتطالب الفقرة 2 م ن المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل الدول الأطراف بمكافحة الأمراض وسوء التغذية "عن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية".

5- وقد عالجت اللجنة باستمرار مسألة الحق في الماء خلال نظرها في تقارير الدول الأطراف، وفقاً لمبادئها التوجيهية العامة ال منقحة المتعلقة بشكل ومضمون التقارير التي يتعين على الدول الأطراف تقديمها بموجب المادتين 16 و17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتعليقاتها العامة.

6- إن الماء ضروري لتحقيق طائفة من الأغراض المختلفة، لإعمال العديد من الحقوق الم نصوص عليها في العهد، إلى جانب استخداماته للأغراض الشخصية والمنزلية. فالماء ضروري مثلاً لإنتاج الغذاء (الحق في غذاء كافٍ) وضمان الصحة البيئية (الحق في الصحة). والماء ضروري لتأمين سبل العيش (الحق في كسب الرزق من خلال العمل) والتمتع ببعض الممارسات الثقافية (ا لحق في المشاركة في الحياة الثقافية). ومع ذلك، ينبغي، عند توزيع الماء، إعطاء الأولوية للحق في الماء للاستخدامات الشخصية والمنزلية. كما ينبغي إيلاء الأولوية لموارد المياه اللازمة لمنع وقوع المجاعات والأمراض، وكذلك الماء اللازم للوفاء بالالتزامات الأساسية بشأ ن كل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد (6) .

الماء والحقوق المنصوص عليها في العهد

7- تشير اللجنة إلى أهمية ضمان الوصول إلى موارد المياه على نحو مستدام لأغراض الزراعة بغية إعمال الحق في الغذاء الكافي (انظر التعليق العام رقم 12(1999) (7) وينبغي إيلاء اعتبار ل ضمان وصول المزارعين المحرومين والمهمشين، بمن فيهم المزارعات، وصولاً منصفاً إلى موارد المياه ونظم إدارتها، بما في ذلك التكنولوجيا المستدامة لجمع مياه الأمطار وللري. ومراعاة للواجب المنصوص عليه في الفقرة (2) من المادة 1 من العهد، التي تنص على أنه لا يجوز حرم ان شعب "من وسيلة عيشه"، ينبغي للدول الأطراف أن تضمن أن يكون هناك سبيل للوصول إلى المياه بشكل كاف لأغراض الزراعة الكفافية ولضمان سبل رزق الشعوب الأصلية (8) .

8- وتشمل الصحة البيئية، كجانب من جوانب الحق في الصحة المنصوص عليها في الفقرة 2(ب) من المادة 12 من الع هد، اتخاذ خطوات على أساس غير تمييزي لدرء المخاطر الصحية الناجمة عن كون المياه غير مأمونة وسامة (9) . فمثلاً، يتعين على الدول الأطراف أن تكفل حماية الموارد المائية الطبيعية من التلوث بسبب المواد الضارة والجراثيم الممرضة. وبالمثل، يتعين على الدول أن تراقب وتكا فح الحالات التي تشكل فيها النظم الإيكولوجية المائية موئلاً لناقلات الأمراض أينما شكلت خطراً على بيئات معيشة الإنسان (10) .

9- وبغية مساعدة الدول الأطراف في تنفيذ العهد والامتثال بالكامل لالتزاماتها بتقديم التقارير، يركز التعليق العام هذا، في الجزء ثانياً، عل ى المضمون المعياري للحق في الماء المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 11 والمادة 12، وعلى التزامات الدول الأطراف (الجزء ثالثاً) وعلى الانتهاكات (الجزء رابعاً) وعلى التنفيذ على المستوى الوطني (الجزء خامساً)، بينما يتم في الجزء سادساً معالجة التزامات الجهات ال أخرى غير الدول الأعضاء.

ثانياً - المضمون المعياري للحق في الماء

10- يشمل الحق في الماء حريات وحقوقاً في آن معاً. وتتضمن الحريات الحق في مواصلة الاستفادة من الإمدادات الموجودة للمياه اللازمة لإعمال الحق في الماء، والحق في عدم التعرض للتدخل، مثل الحق في عدم التعرض لوقف تسعفي لإمدادات المياه أو تلوثها، وبالمقابل، تتضمن الحقوق الحق في نظام للإمدادات بالمياه وإدارتها يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس للتمتع بالحق في الماء.

11- وينبغي أن تكون عناصر الحق في الماء كافية لصون كرامة الإنسان وحياته وصحته، وفقاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 11والمادة 12. وينبغي عدم تفسير كفاية الماء تفسيراً ضيقاً يقتصر على الناحيتين الكمية والتكنولوجية، بل ينبغي معالجة الماء كسلعة اجتماعية وثقافية لا كسلعة اقتصادية بالدرجة الأولى. كما ينبغي أن تكون طريقة إعمال الحق في الماء مستدامة، تضمن إم كانية إعمال ذلك الحق للأجيال الحالية والمقبلة (11) .

12- ولئن كانت كفاية الماء اللازم لضمان التمتع بالحق في الماء تتفاوت وفقاً لظروف مختلفة، فإن العوامل الوارد ذكرها أدناه تنطبق على جميع الظروف:

(أ) التوافر . ينبغي أن يكون إمداد الماء لكل شخص كافياً ومستمرا ً للاستخدامات الشخصية والمنزلية (12) . وتتضمن هذه الاستخدامات بصورة عادية الشرب، والإصحاح الشخصي، وغسيل الملابس، وإعداد الغذاء، والصحة الشخصية وصحة الأسرة (13) . وينبغي أن تتمشى كمية الماء المتوفر لكل شخص مع المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية (14) . وقد يح تاج بعض الأفراد والمجموعات أيضاً إلى كميات إضافية من الماء بسبب الظروف الصحية والمناخية وظروف العمل؛

(ب) النوعية . ينبغي أن يكون الماء اللازم لكل من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية مأموناً، وبالتالي ينبغي أن يكون خالياً من الكائنات الدقيقة، والمواد الكيميا ئية والمخاطر الإشعاعية التي تشكل تهديداً لصحة الشخص (15) . وفضلاً عن ذلك، ينبغي أن يكون الماء ذا لون ورائحة وطعم مقبول لكل استخدام من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية.

(ج) إمكانية الوصول . ينبغي أن يكون الماء ومرافقه وخدماته متوفرةً للجميع دون تمييز، داخل نطا ق الولاية القضائية للدولة الطرف. ولإمكانية الوصول أربعة أبعاد متداخلة:

` 1 ` إمكانية الوصول المادي : ينبغي أن يكون الماء ومرافقه وخدماته المناسبة في المتناول المادي والمأمون لجميع فئات السكان. ويجب أن يكون بالإمكان الوصول إلى الماء الكافي والمأمون والمقبول ضم ن كل أسرة معيشية ومؤسسة تربوية ومحل عمل أو في منطقة مجاورة لها (16) . ويجب أن تكون جميع مرافق وخدمات الماء ذات نوعية كافية ومناسبة ثقافياً وأن تراعي حاجات الجنسين ودورة الحياة ومتطلبات الخصوصية. وينبغي ألا يتعرض أمن الفرد للخطر أثناء الوصول إلى مرافق وخدمات الماء؛

` 2 ` إمكانية الوصول اقتصادياً : يجب أن يكون بإمكان الجميع تحمل نفقات الماء ومرافقه وخدماته، وتحمل التكاليف المباشرة وغير المباشرة والرسوم المرتبطة بتأمين الماء. وينبغي ألا تعرض هذه التكاليف والرسوم إعمال الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد للخطر؛

` 3 ` عدم التمييز : يجب أن يتمتع الجميع بإمكانية الوصول إلى الماء ومرافقه وخدماته، بمن فيهم أكثر الفئات ضعفاً أو تهميشاً بين السكان بحكم القانون وبحكم الواقع، دون أي تمييز قائم على أي من الأسباب المحظورة؛

` 4 ` إمكانية الحصول على المعلومات : وتشمل الحق في التماس ا لمعلومات المتعلقة بقضايا الماء والحصول عليها ونقلها (17) .

مواضيع محددة ذات انطباق عام

عدم التمييز والمساواة

13- إن التزام الدول الأطراف بضمان التمتع بالحق في الماء دون تمييز (الفقرة 2 من المادة 2) وعلى قدم المساواة بين الرجل والمرأة (المادة 3) يتخلل جميع ال التزامات المنصوص عليها في العهد. وهكذا فإن العهد يحظر أي تمييز يقوم على العرق أو اللون أو الجنس أو السن أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو العجز البدني أو العقلي أو الحالة الصحية (بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز) أو الميول الجنسية أو المركز المدني أو السياسي أو الاجتماعي أو مركز آخر يرمي أو يؤدي إلى إبطال أو إعاقة التمتع على قدم المساواة بالحق في الماء أو ممارسة هذا الحق. وتذكر اللجنة بالفقرة 12 من التعليق العام رقم 3 ( 1990) الذي يشير إلى أنه حتى في الأوقات التي تشتد فيها القيود على الموارد، يجب حماية الأفراد الضعفاء في المجتمع باعتماد برامج هادفة منخفضة التكلفة نسبياً.

14- وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير للقضاء على التمييز القائم بحكم الأمر الواقع على أسس محظورة والذي يتم في إ طاره حرمان الأفراد والمجموعات من السبل أو الحقوق اللازمة لإعمال الحق في الماء. وينبغي للدول الأطراف أن تكفل أن يؤدي تخصيص الموارد المائية والاستثمارات في المياه إلى تيسير وصول جميع أفراد المجتمع إلى الماء. فتخصيص الموارد بصورة غير مناسبة يمكن أن يؤدي إلى ا لتمييز الذي قد لا يكون سافراً. فمثلاً، ينبغي ألا تفضل الجهات المستثمرة الاستثمار، بصورة غير متناسبة، في خدمات ومرافق الإمداد بالمياه الباهظة الثمن والتي لا يكون بإمكان إلا جزء صغير محظوظ من السكان الوصول إليها في الغالب، بدلاً من الاستثمار في خدمات ومرافق تفيد جزءاً أكبر بكثير من السكان.

15- ويقع على عاتق الدول الأطراف، فيما يتعلق بالحق في الماء، التزام خاص بتوفير ما هو ضروري من ماء ومرافق خاصة به للأشخاص الذين لا يملكون الوسائل الكافية، ومنع أي تمييز يقوم على أسس محظورة دولياً في توفير الماء والخدمات المت صلة به.

16- وفي حين أن الحق في الماء ينطبق على الجميع، يتعين على الدول الأطراف أن تولي اهتماماً خاصاً لفئات الأفراد والمجموعات التي تواجه بصورة تقليدية صعوبات في ممارسة هذا الحق، بمن فيها النساء والأطفال ومجموعات الأقليات والسكان الأصليون واللاجئون أو ملت مسو اللجوء والمشردون داخلياً والعمال المهاجرون والسجناء والمحتجزون. ويتعين على الدول الأطراف أن تتخذ على وجه الخصوص الخطوات لضمان ما يلي:

(أ) عدم استبعاد المرأة من عمليات صنع القرار المتعلقة بموارد الماء أو الحقوق المتعلقة به. وينبغي تخفيف العبء غير المتن اسب الذي تتحمله المرأة عند جمع الماء؛

(ب) عدم حرمان الأطفال من التمتع بما لهم من حقوق الإنسان بسبب عدم توفر الماء الكافي في المؤسسات التعليمية والأسر المعيشية أو من خلال تحملهم لعبء جلب الماء. وينبغي على وجه الاستعجال معالجة مسألة توفير الماء المناسب للمؤ سسات التعليمية التي تعاني حالياً من انعدام الماء الصالح للشرب؛

(ج) أن تتوفر للمناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة مرافق مياه تتم صيانتها بصورة صحيحة. وينبغي حماية الوصول إلى الموارد المائية التقليدية في المناطق الريفية من التعدي والتلوث غير المشروعين. وينبغي أن يكون بإمكان المناطق الحضرية المحرومة، بما فيها المستوطنات البشرية غير الرسمية، والمشردين، الوصول إلى مرافق مائية يتم صيانتها بصورة مناسبة. وينبغي ألا تحرم أي أسرة معيشية من الحق في الماء لأسباب تتعلق بوضع سكنها أو أرضها؛

(د) حماية وصول الشعوب ا لأصلية إلى الموارد المائية في أراضي أجدادها من التعدي والتلوث غير المشروعين. وينبغي أن تقدم الدول الموارد إلى الشعوب الأصلية لتصميم مرافق وصولها إلى الماء وتنفيذها، والتحكم فيها؛

(ه‍) أن يكون بإمكان مجتمعات البدو ومجتمعات الرحّل الحصول على الماء الكافي في المواقع التقليدية والمخصصة لهذا الغرض؛

(و) أن يكون بإمكان اللاجئين وملتمسي اللجوء والأشخاص المشردين داخلياً والعائدين الحصول على الماء الكافي، سواء أكانوا يقيمون في المخيمات أم في المناطق الحضرية والريفية. وينبغي منح اللاجئين وملتمسي اللجوء الحق في الماء بنفس الشروط التي تمنح للمواطنين؛

(ز) أن يتم توفير الماء الكافي والمأمون للسجناء والمحتجزين للوفاء بمتطلباتهم الفردية اليومية، مع مراعاة متطلبات القانون الإنساني الدولي ومعايير الأمم المتحدة الدنيا المعيارية لمعاملة السجناء (18) ؛

(ح) أن يتم تزويد المجموعا ت التي تواجه صعوبات فيما يتعلق بالوصول مادياً إلى الماء، مثل كبار السن، والأشخاص المعوقين، وضحايا الكوارث الطبيعية، والأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث، والأشخاص الذين يعيشون في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، أو الذين يعيشون في جزر صغيرة، بالماء ال مأمون والكافي.

ثالثاً - التزامات الدول الأطراف

الالتزامات القانونية العامة

17- بينما ينص العهد على الإعمال التدريجي للحقوق ويسلم بالقيود الناجمة عن محدودية الموارد المتاحة، فإنه يفرض على الدول الأطراف أيضاً التزامات مختلفة ذات أثر فوري. فتقع على عاتق الدول الأطراف التزامات فورية تتعلق بالحق في الماء، مثل ضمان ممارسة ذلك الحق دون تمييز أياً كان نوعه (الفقرة 2 من المادة 2) والالتزام باتخاذ خطوات (الفقرة 1 من المادة 2) من أجل الإعمال الكامل للفقرة 1 من المادة 11والمادة 12. ويجب أن تكون مثل هذه الخطوات متعمدة و ملموسة وتستهدف الإعمال الكامل للحق في الماء.

18- ويقع على عاتق الدول الأطراف، بموجب العهد، واجب ثابت ومستمر للانتقال بأسرع وأنجع نحو ممكن صوب الإعمال الكامل للحق في الماء. ويجب أن يكون إعمال هذا الحق ممكناً وعملياً لأن جميع الدول الأطراف تمارس السيطرة على طائفة واسعة من الموارد، بما فيها الماء والتكنولوجيا والموارد المالية والمساعدة الدولية، وكذلك جميع الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد.

19- وهنـاك تسليم قـوي بأنه من غير المسموح به اتخاذ تدابير تراجعية فيما يتعلق بإعمال الحق في الماء بموجب العهد (19) . وإذ ا ما اتخذت أية تدابير تراجعية قصداً، فيقع على عاتق الدولة الطرف عبء إثبات أنه تم الأخذ بمثل هذه التدابير بعد النظر بأكبر قدر من الحيطة في جميع البدائل وأن بالإمكان تبريرها على النحو الواجب من خلال الإشارة إلى مجموع الحقوق المنصوص عليها في العهد في سياق الا ستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة للدولة الطرف.

الالتزامات القانونية المحددة

20- ينطوي إعمال الحق في الماء، شأنه شأن أي حق من حقوق الإنسان، على ثلاثة أنواع من الالتزامات الملقاة على عاتق الدول الأطراف: التزامات بالاحترام، والتزامات بالحماية، والتزامات با لإنفاذ .

(أ) الالتزامات بالاحترام

21- يقضي الالتزام بالاحترام أن تمتنع الدول الأطراف عن التدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في التمتع بالحق في الماء. ويتضمن هذا الالتزام، فيما يتضمن، الامتناع عن المشاركة في أي ممارسة أو نشاط يحرم من الوصول على قدم المساواة إ لى الماء الكافي أو يحد من ذلك؛ والتدخل التعسفي في الترتيبات العرفية أو التقليدية لتخصيص المياه؛ والقيام بصورة غير مشروعة بإنقاص أو تلويث الماء، وذلك مثلاً من خلال النفايات من مرافق تملكها الدولة أو من خلال استخدام الأسلحة أو تجريبها؛ وتقييد الوصول إلى الخد مات والهياكل الأساسية المتصلة بالماء أو إتلافها كتدبير عقابي، وذلك، مثلاً، أثناء النـزاعات المسلحة انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.

22- وتشير اللجنة إلى أن الحق في الماء يشمل، في أوقات النـزاعات المسلحة وحالات الطوارئ والكوارث الطبيعية، الالتزامات التي تع هدت بها الدول الأطراف بموجب القانون الإنساني الدولي (20) . ويتضمن ذلك حماية الأشياء التي لا يمكن الاستغناء عنها لبقاء السكان المدنيين، بما في ذلك منشآت مياه الشرب والإمدادات وأعمال الري، وحماية البيئة الطبيعية من الأضرار المنتشرة والطويلة الأجل والشديدة الضر ر، وضمان حصول المدنيين والمعتقلين والسجناء على الماء الكافي (21) .

(ب) الالتزامات بالحماية

23- يتطلب الالتزام بالحماية من الدول الأطراف أن تمنع أطرافاً ثالثة من التدخل بأي شكل من الأشكال في التمتع بالحق في الماء. وتشمل الأطراف الثالثة الأفراد والمجموعات وال شركات وغيرها من الكيانات وكذلك الوكلاء الذين يتصرفون تحت سلطة هؤلاء. ويتضمن الالتزام أموراً منها اعتماد التشريعات اللازمة والفعالة وغيرها من التدابير للقيام، مثلاً، بمنع أطراف ثالثة من حرمان السكان من الوصول بصورة متساوية إلى الماء الصالح للشرب، ومن تلويث الموارد المائية واستخراج الماء منها بصورة غير عادلة، بما في ذلك الموارد الطبيعية والآبار وغيرها من نظم توزيع المياه.

24- ويجب على الدول، في حالة قيام أطراف ثالثة بتشغيل خدمات الإمداد بالمياه أو السيطرة عليها (مثل شبكات نقل المياه بواسطة الأنابيب، وصهاريج ا لمياه، والوصول إلى الأنهار والآبار) أن تمنع هذه الأطراف من أن تحول دون الوصول مادياً وعلى قدم المساواة وبصورة يمكن تحمل نفقاتها إلى كميات كافية من الماء المأمون والمقبول. ولمنع حدوث مثل هذه التجاوزات، ينبغي إنشاء شبكة تنظيمية فعالة تتمشى مع أحكام العهد ومع هذا التعليق العام، وتتضمن مراقبة مستقلة، ومشاركة حقيقية للجمهور، وفرض عقوبات في حال عدم الامتثال.

(ج) الالتزامات بالإنفاذ

25- يمكن تقسيم الالتزام بالإنفاذ إلى التزام بالتيسير والتزام بالتعزيز والتزام بالتوفير . ويتطلب الالتزام بالتيسير من الدولة أن تتخذ ت دابير إيجابية لمساعدة الأفراد والمجتمعات للتمتع بهذا الحق. ويُلزم الالتزام بالتعزيز الدولة الطرف باتخاذ خطوات لضمان وجود تثقيف مناسب يتعلق بالاستخدام الصحي للماء وحماية الموارد المائية وطرائق للتقليل إلى أقصى حد من تبذير المياه. كما أن الدول الأطراف ملزمة بإنفاذ الحق في الماء (توفيره) عندما يكون الأفراد أو المجموعات غير قادرين لأسباب خارجة عن إرادتهم، على إعمال هذا الحق بأنفسهم بواسطة الوسائل المتاحة أمامهم.

26- ويتطلب الالتزام بالإنفاذ من الدول الأطراف أن تعتمد التدابير اللازمة الموجهة نحو الإعمال الكامل ل لحق في الماء. ويتضمن الالتزام أموراً منها إيلاء اعتراف كاف بهذا الحق في النظم الوطنية السياسية والقانونية، ومن الأفضل أن يتم ذلك من خلال تنفيذ التشريعات؛ واعتماد استراتيجية وخطة عمل وطنيتين للماء لإعمال هذا الحق؛ وضمان أن يكون بإمكان كل شخص تحمل تكاليف الم اء؛ وتيسير الوصول بصورة أفضل وأكثر استدامة إلى الماء، لا سيما في المناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة.

27- ولضمان أن يكون بالإمكان تحمل تكاليف الماء، يجب أن تعتمد الدول الأطراف التدابير اللازمة التي قد تتضمن أموراً منها: (أ) استخدام طائفة من التقنيات والتكنولوجيات المناسبة المنخفضة التكلفة؛ (ب) تطبيق سياسات مناسبة للتسعير مثل توفير الماء مجاناً أو بتكاليف منخفضة؛ (ج) تقديم إعانات للدخل. وينبغي أن يستند أي مبلغ يدفع مقابل الحصول على خدمات المياه إلى مبدأ المساواة وأن يكفل قدرة الجميع، بما في ذلك المجموع ات المحرومة اجتماعياً، على تحمل تكاليف هذه الخدمات، سواء قدمتها جهات خاصة أم عامة . وتتطلب المساواة أن لا تعاني الأسر المعيشية الأفقر، بصورة غير متناسبة، من عبء تكاليف الماء بالمقارنة مع الأسر المعيشية الأغنى.

28- ويتعين على الدول الأطراف أن تعتمد استراتيج يات وبرامج شاملة ومتكاملة لتأمين توفير الماء الكافي والمأمون للأجيال الحاضرة والمقبلة (22) . وقد تتضمن مثل هذه الاستراتيجيات والبرامج ما يلي: (أ) الحد من استنزاف الموارد المائية من خلال الاستخراج الذي لا يقوم على الاستدامة، وتحويل المجاري المائية وبناء السدو د؛ (ب) الحد من تلوث المستجمعات المائية والنظم الإيكولوجية المائية بواسطة مواد مثل المواد الإشعاعية والمواد الكيميائية الضارة وفضلات الإنسان؛ (ج) مراقبة احتياطات المياه؛ (د) ضمان ألا تتداخل عمليات التطوير المقترحة مع الحصول على الماء الكافي؛ (ه‍) تقييم آثار الإجراءات التي قد تؤثر على توافر الماء والنظم الإيكولوجية الطبيعية لمستجمعات المياه، مثل تغيير المناخ، والتصحـر، وازدياد ملوحة التربـة، وإزالة الأشجار، وفقدان التنوع البيئي (23) ؛ (و) زيادة الاستخدام الناجع للمياه من جانب المستفيدين النهائيين؛ (ز) الحد من ت بديد المياه عند توزيعها؛ (ح) آليات الاستجابة لحالات الطوارئ؛ (ط) وإنشاء مؤسسات متخصصة واتخاذ ترتيبات مؤسسية مناسبة لتنفيذ الاستراتيجيات والبرامج.

29- وإن تأمين وصول كل فرد إلى المرافق الصحية المناسبة ليس أمراً أساسياً لصون كرامة الإنسان وحياته الخاصة فحسب بل وأنه يعد أيضاً إحدى الآليات الرئيسية لحماية نوعية إمدادات المياه الصالحة للشرب ومواردها (24) . ووفقاً للحق في الصحة وفي السكن الملائم (انظر التعليق العام رقم 4(1991) والتعليق العام رقم 14(2000))، يقع على عاتق الدول الأطراف التزام بتوسيع نطاق خدمات المرافق الصحية الآمنة، بصورة تدريجية، لا سيما في المناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة، مع مراعاة احتياجات المرأة والطفل.

الالتزامات الدولية

30- تطلب الفقرة 1 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 11 والمادة 23 من العهد من الدول الأطراف أن تقر بالدور الأساسي للتعاو ن والمساعدة الدوليين وباتخاذ إجراء مشترك ومنفصل لبلوغ الإعمال الكامل للحق في الماء.

31- ويتعين على الدول الأطراف، بغية الامتثال لالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بالحق في الماء، أن تحترم التمتع بهذا الحق في بلدان أخرى. ويتطلب التعاون الدولي من الدول الأطراف أ ن تمتنع عن اتخاذ إجراءات تتعارض بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع التمتع بالحق في الماء في بلدان أخرى. وينبغي ألا تؤدي أية أنشطة تتخذ ضمن الولاية القانونية للدولة الطرف إلى حرمان دولة أخرى من القدرة على إعمال الحق في الماء للأشخاص الخاضعين لولايتها (25) .

32- وي تعين على الدول الأطراف أن تمتنع في جميع الأوقات عن فرض أشكال الحظر أو اتخاذ تدابير مماثلة لمنع الإمداد بالمياه، وكذلك بالسلع أو الخدمات الضرورية لضمان الحق في الماء (26) . وينبغي ألا يستخدم الماء مطلقاً كوسيلة لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية. وفي هذا الص دد، تذكّر اللجنة بموقفها، الذي أشارت إليه في تعليقها العام رقم 8(1997)، بشأن العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

33- ويتعين على الدول الأطراف أن تتخذ تدابير لمنع مواطنيها وشركاتها من انتهاك الحق في الماء للأفراد والمجتمعات في بلدان أخرى. وحيثما يكون بإمكان الدول الأطراف اتخاذ خطوات للتأثير على أطراف أخرى لاحترام هذا الحق من خلال الوسائل القانونية أو السياسية، فإنه ينبغي اتخاذ مثل هذه الخطوات وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الواجب التطبيق.

34- ويتعين عل ى الدول أن تقوم، في حدود الموارد المتاحة، بتيسير إعمال الحق في الماء في بلدان أخرى، وذلك مثلاً من خلال توفير الموارد المائية، والمساعدة المالية والتقنية، وأن تقدم المساعدة اللازمة عند الطلب. وينبغي عند تقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة في حالات الطو ارئ، بما في ذلك المساعدة المقدمة إلى اللاجئين والأشخاص المشردين، إيلاء الأولوية إلى الحقوق المنصوص عليها في العهد، بما في ذلك الإمداد بمعدلات كافية من المياه. وينبغي تقديم المساعدة الدولية بصورة تتمشى مع أحكام العهد وغيره من المعايير الأخرى لحقوق الإنسان، وبشكل قابل للاستدامة ومناسب ثقافياً. وتقع على عاتق البلدان الأعضاء المتقدمة من الناحية الاقتصادية مسؤولية خاصة ومصلحة في مساعدة الدول النامية الأفقر في هذا الصدد.

35- ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل إيلاء الاهتمام اللازم للحق في الماء في الاتفاقات الدولية وأن تنظر، لتحقيق ذلك، في وضع مزيد من الصكوك القانونية. وفيما يتعلق بإبرام وتنفيذ اتفاقات أخرى دولية وإقليمية، يتعين على الدول الأطراف أن تتخذ الخطوات لضمان ألا تؤثر هذه الصكوك بصورة سلبية على الحق في الماء. وينبغي ألا تؤدي الاتفاقات المتعلقة بتحرير التجار ة إلى الانتقاص من قدرة البلد على ضمان الإعمال الكامل للحق في الحياة أو منعه من القيام بذلك.

36- ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل أن تراعي في الإجراءات التي تتخذها، بوصفها أعضاء في المنظمات الدولية، الحق في الماء المراعاة الواجبة. ووفقاً لذلك، يتعين على الد ول الأطراف الأعضاء في المؤسسات المالية الدولية، ولا سيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنوك الإنمائية الإقليمية، أن تتخذ خطوات لضمان مراعاة الحق في الماء في سياساتها الخاصة بتقديم القروض، وفي ما تبرمه من اتفاقات لتقديم الائتمانات وما تتخذه من تدابير دولية الأخرى.

الالتزامات الأساسية

37- أكدت اللجنة في التعليق العام رقم 3(1990) أنه يقع على عاتق الدول الأطراف التزام أساسي بضمان الوفاء، على أقل تقدير، بالمستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد. وترى اللجنة أنه يمكن أن يحدد، على ال أقل، عدد من الالتزامات الأساسية المتعلقة بالحق في الماء، وذات الأثر الفوري:

(أ) ضمان الحصول على الحد الأدنى الأساسي من المياه الكافية والمأمونة للاستخدامات الشخصية والمنزلية لمنع الإصابة بالأمراض؛

(ب) ضمان الحق في الوصول إلى المياه ومرافق المياه على أساس غير تمييزي، وخاصة للمجموعات المحرومة أو المهمشة؛

(ج) ضمان الوصول المادي إلى مرافق أو خدمات المياه التي توفر المياه بصورة كافية ومأمونة ومنتظمة؛ والتي لها عدد كافٍ من منافذ المياه لتجنب الانتظار لفترات تعجيزية؛ والتي تكون على بعد معقول من الأسر المعيشية؛

(د) ضمان عدم تهديد الأمن الشخصي في حالة وصول المرء شخصياً إلى مصدر المياه؛

(ه‍) ضمان التوزيع العادل لجميع مرافق وخدمات المياه المتاحة؛

(و) اعتماد وتنفيذ استراتيجية وخطة عمل وطنيتين للمياه تشمل جميع السكان؛ وينبغي أ، يقوم وضع الاستراتيجية وخطة العمل واست عراضها بصورة دورية على عملية المشاركة والشفافية؛ وينبغي أن تتضمن الاستراتيجية وخطة العمل طرائق مثل الحق في مؤشرات ومعالم المياه، التي يمكن بواسطتها رصد التقدم عن كثب؛ ويولى، في العملية التي يتم من خلالها وضع الاستراتيجية وخطة العمل، وكذلك في مضمونهما، اهتم ام خاص لجميع المجموعات المحرومة أو المهمشة؛

(ز) رصد مدى إعمال أو عدم إعمال الحق في المياه؛

(ح) اعتماد برامج للمياه ذات أهداف محددة وتكاليف منخفضة نسبياً لحماية المجموعات الضعيفة والمهمشة؛

(ط) اتخاذ تدابير لمنع ومعالجة ومراقبة الأمراض المتصلة بالمياه، ول ا سيما ضمان الوصول إلى المرافق الصحية المناسبة؛

38- ولتجنب أي شك، تود اللجنة أن تؤكد على أنه يعود إلى الدول الأطراف بصفة خاصة، وإلى الجهات الفاعلة الأخرى التي هي في وضع يمكنّها من تقديم المساعدة، أن تقدم المساعدة وتبدي التعاون على الصعيد الدولي، وبخاصة في المجال الاقتصادي والتقني، من أجل تمكين البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها الأساسية المشار إليها في الفقرة 37 أعلاه.

رابعاً - الانتهاكات

39- عندما يطبق المضمون المعياري للحق في الماء (انظر الجزء ثانياً) على التزامات الدول الأطراف (الجزء ثالثاً)، تبدأ عمل ية تيسر تحديد انتهاكات الحق في الماء. وتقدم الفقرات التالية إيضاحات انتهاكات الحق في الماء.

40- ولكي تبرهن الدول الأطراف على وفائها بالتزاماتها العامة والمحددة، يتعين عليها أن تثبت أنها اتخذت الخطوات اللازمة والممكنة لإعمال الحق في الماء. ووفقاً للقانون ال دولي، فإن عدم التصرف بحسن نية لاتخاذ مثل هذه الخطوات يعتبر بمثابة انتهاك لهذا الحق. وينبغي التأكيد على أنه لا يمكن للدولة الطرف أن تبرر عدم امتثالها للالتزامات الأساسية المنصوص عليها في الفقرة 37 أعلاه، وهي التزامات لا يمكن الخروج عنها.

41- ولتحديد الأفعال أو الإغفالات التي تعتبر بمثابة انتهاك للحق في الماء، من المهم التمييز بين عدم قدرة الدولة الطرف على الامتثال لالتزاماتها المتعلقة بالحق في الماء، وعدم استعدادها للقيام بذلك. ويتبين ذلك من الفقرة 1 من المادة 11 والمادة 12 من العهد اللتين تتحدثان عن الحق في مستوى معيشي كافٍ والحق في الصحة، وكذلك الفقرة 1 من المادة 2 من العهد التي تلزم كل دولة طرف بأن تتخذ الخطوات اللازمة وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة. فالدولة التي لا ترغب في استخدام أقصى مواردها المتاحة لإعمال الحق في الماء تنتهك التزاماتها بموجب العهد. وإذا أدت القيود المفروضة على الموارد إلى استحالة امتثال الدولة الطرف امتثالاً كاملاً لالتزاماتها بموجب العهد، فإنه يقع عليها عبء إثبات أنها بذلت كل جهد، رغم ذلك، لاستخدام جميع الموارد المتاحة أمامها لكي تفي، على سبيل الأولوية، بالالتزامات المشار إليها أعلا ه.

42- ويمكن أن تحدث انتهاكات للحق في الماء من خلال الأفعال ، والإجراءات المباشرة للدول الأطراف أو غيرها من الكيانات التي لا تتحكم بها الدول بالكامل. وتتضمن الانتهاكات، مثلاً، اعتماد تدابير تراجعية لا تتمشى مع الالتزامات الأساسية (المشار إليها في الفقرة 37) ، أو الإلغاء أو التعليق المؤقت الرسمي للتشريعات اللازمة لمواصلة التمتع بالحق في الماء، أو اعتماد تشريعات أو سياسات لا تتمشى بصورة واضحة مع الالتزامات القانونية المحلية أو الدولية الموجودة سابقاً والمتعلقة بالحق في الماء.

43- وتتضمن الانتهاكات من خلال الإغف ال عدم اتخاذ الخطوات المناسبة للإعمال الكامل لحق كل شخص في الماء، وعدم وضع سياسة وطنية تتعلق بالمياه، وعدم تنفيذ القوانين ذات الصلة.

44- ولئن كان يتعذر القيام مسبقاً بوضع قائمة شاملة للانتهاكات، فإنه يمكن سرد عدد من الأمثلة النموذجية المتصلة بمستويات الالت زامات والمنبثقة عن عمل اللجنة:

(أ) تنجم انتهاكات الالتزام بالاحترام عن تدخل الدولة الطرف بالحق في الماء. ويتضمن ذلك أموراً منها: ` 1 ` القيام بصورة تعسفية أو بصورة لا يمكن تبريرها بإيقاف عمل خدمات أو مرافق المياه أو منع استخدامها؛ ` 2 ` رفع أسعار المياه بصورة تمييزية أو إلى درجة يتعذر معها تحملها؛ و ` 3 ` تلوث أو اضمحلال الموارد المائية بشكل يؤثر على صحة الإنسان؛

(ب) تنجم انتهاكات الالتزام بالحماية عن عدم قيام الدولة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية الأشخاص الخاضعين لولايتها من قيام أطراف ثالثة بالانتقاص من ح قهم في الماء (27) . ويتضمن ذلك أموراً منهـا: ` 1 ` عدم إصدار قوانين لمنع تلوث المياه واستخراجها بصورة غير عادلة أو عدم تطبيق مثل هذه القوانين؛ ` 2 ` عدم القيام بصورة فعالة بتنظيم ومراقبة موردي خدمات المياه؛ ` 4 ` عدم حماية نظم توزيع المياه (مثل شبكات نقل المياه با لأنابيب والآبار) من التدخل والتلف والتدمير؛

(ج) تحدث انتهاكات الالتزام بالإنفاذ نتيجة لعدم اتخاذ الدول الأطراف جميع الخطوات اللازمة لضمان إعمال الحق في الماء. وتتضمن الأمثلة على ذلك ما يلي: ` 1 ` عدم اعتماد أو تنفيذ سياسة وطنية للمياه مصممة لضمان حق كل فرد في الماء؛ ` 2 ` عدم إنفاق كميات كافية أو سوء تخصيص الموارد العامة، مما يؤدي إلى عدم تمتع الأفراد أو المجموعات، لا سيما المجموعات، المحرومة أو المهمشة، بالحق في الماء؛ ` 3 ` عدم رصد إعمال الحق في الماء على المستوى الوطني، وذلك، مثلاً، من خلال تحديد مؤشرات ومعال م الحق في الماء؛ ` 4 ` عدم اتخاذ التدابير للحد من التوزيع غير العادل لمرافق وخدمات المياه؛ ` 5 ` عدم اعتماد آليات للإغاثة في حالات الطوارئ؛ ` 6 ` عدم ضمان تمتع كل فرد بالحد الأدنى الضروري من هذا الحق؛ ` 7 ` عدم مراعاة التزاماتها القانونية الدولية فيما يتعلق بالحق في الماء عند الدخول في اتفاقات مع دول أخرى أو مع منظمات دولية.

خامساً - التنفيذ على المستوى الوطني

45- يتعين على الدول الأطراف، بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد، أن "تتخذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك اعتماد التدابير التشريعية على وجه الخصوص"، لتنف يذ التزاماتها بموجب العهد. ولكل دولة طرف هامش سلطة تقديرية عند تقييم التدابير التي تستجيب على نحو أنسب لظروفها المحددة. ومع ذلك، فإن العهد يفرض بوضوح واجباً على كل دولة طرف باتخاذ ما قد يلزم من خطوات لضمان تمتع كل فرد بالحق في الماء، بأقرب وقت ممكن. وينبغي ألا يتعارض أي تدبير وطني يستهدف إلى إعمال الحق في الماء مع التمتع بحقوق الإنسان الأخرى.

التشريعات والاستراتيجيات والسياسات

46- ينبغي إعادة النظر في ما هو موجود من تشريعات واستراتيجيات وسياسات لضمان تمشيها مع الالتزامات الناشئة عن الحق في الماء. وينبغي إلغ اؤها أو تعديلها أو تغييرها إذا كانت لا تتمشى مع متطلبات العهد.

47- وإن واجب اتخاذ الخطوات يفرض بوضوح على الدول الأطراف التزاماً باعتماد استراتيجية أو خطة عمل وطنيتين لإعمال الحق في الماء. وينبغي للاستراتيجية أن: (أ) تستند إلى قانون ومبادئ حقوق الإنسان ؛ (ب) تغطي جميع جوانب الحق في الماء وما يقابله من التزامات الدول الأطراف؛ (ج) تحدد أهدافاً واضحة؛ (د) تحدد الأهداف أو المقاصد الواجب بلوغها والأطر الزمنية لذلك؛ (ه‍) تضع سياسات مناسبة وما يقابلها من معالم ومؤشرات. كما ينبغي للاستراتيجية أن تنشئ مسؤولية مؤسسية ل لعملية؛ وأن تحدد الموارد المتاحة لبلوغ الأغراض والأهداف والمقاصد؛ وأن تخصص الموارد بصورة تتناسب مع المسؤولية المؤسسية؛ وأن تقيم آليات للمساءلة لضمان تنفيذ الاستراتيجية. ويتعين على الدول الأطراف، عند صياغة وتنفيذ استراتيجياتها الوطنية المتعلقة بالحق في الما ء، أن تستفيد من المساعدة والتعاون التقنيين التي تقدمها الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة (انظر الجزء سادساً أدناه).

48- وينبغي، عند صياغة وتنفيذ استراتيجيات وخطط العمل الوطنية للمياه، احترام مبدأي عدم التمييز ومشاركة السكان. ويجب أن يكون حق الأفراد والمجموعا ت في المشاركة في عمليات صنع القرار التي تؤثر على ممارستهم للحق في الماء، جزءاً لا يتجزأ من أية سياسة أو برنامج أو استراتيجية تتعلق بالمياه. وينبغي أن تتاح للأفراد والمجموعات إمكانية الوصول بالكامل وعلى قدم المساواة إلى المعلومات المتعلقة بالمياه وخدمات الم ياه والبيئة التي تملكها السلطات العامة أو أطراف ثالثة.

49- كما ينبغي أن تستند الاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتان المتعلقتان بالمياه إلى مبادئ المساءلة والشفافية واستقلال السلطة القضائية، لأن الحكم الرشيد أمر أساسي لتنفيذ جميع حقوق الإنسان تنفيذاً فعلياً، بم ا في ذلك إعمال الحق في الماء. وبغية إيجاد مناخ موات لإعمال هذا الحق، يتعين على الدول الأطراف أن تتخذ الخطوات المناسبة لضمان أن يكون قطاع الأعمال التجارية الخاص والمجتمع المدني على وعي بالحق في الماء عند اضطلاعهما بأنشطتهما، وأن يراعيا أهميته.

50- وقد ترى ا لدول الأطراف أن من المفيد اعتماد تشريع إطاري لوضع استراتيجيتها المتعلقة بإعمال الحق في الماء. وينبغي أن تتضمن هذه الاستراتيجية (أ) أهدافاً أو مقاصد يراد بلوغها وأطراً زمنية لتحقيق ذلك؛ (ب) الوسائل التي يمكن بواسطتها تحقيق هذه الأهداف والمقاصد؛ (ج) التعاون المراد إقامته مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية؛ (د) المسؤولية المؤسسية للعملية ؛ (ه‍) الآليات الوطنية لرصدها؛ (و) إجراءات الانتصاف والطعن.

51- وينبغي اتخاذ خطوات لضمان وجود تنسيق كاف بين الوزارات الوطنية والسلطات الإقليمية والمحلية للتوفيق بين السياسات المتصلة بالمياه. وعندما يتم تفويض مهمة تنفيذ الحق في الماء إلى سلطات إقليمية أو محلية، تظل الدولة الطرف مسؤولة عن الامتثال لالتزاماتها بموجب العهد، وبالتالي يتعين عليها أن تكفل توفير الموارد الكافية لهذه السلطات للمحافظة على خدمات ومرافق الميا ه اللازمة وتوسيع نطاقها. ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل أيضاً عدم قيام مثل هذه السلطات بحرمان السكان من هذه الخدمات على أساس تمييزي.

52- والدول الأطراف ملزمة بالقيام برصد فعال لإعمال الحق في الماء. ويتعين عليها عند رصد التقدم المحرز صوب إعمال الحق في الم اء، أن تحدد العوامل والصعوبات التي تؤثر على تنفيذ التزاماتها.

المؤشرات والمعايير

53- ينبغي تحديد مؤشرات الحق في الماء في الاستراتيجيات أو خطط العمل الوطنية المتعلقة بالمياه للمساعدة في عملية الرصد. وينبغي تصميم المؤشرات لرصد التزامات الدولة الطرف، على المس تويين الوطني والدولي بموجب الفقرة 1 من المادة 11 والمادة 12. وينبغي أن تعالِج المؤشرات العناصر المختلفة للماء الوافي (مثل كفايته وسلامته وقبوله وإمكانية دفع ثمنه وإمكانية الوصول إليه مادياً)، وأن تفصَّل هذه المؤشرات بحسب أسس التمييز المحظورة، وأن تشمل جميع الأشخاص الذين يعيشون ضمن الولاية الإقليمية للدولة الطرف أو يخضعون لسيطرتها. وبإمكان الدول الأطراف أن تستمد إرشادات بشأن المؤشرات المناسبة من العمل الجاري لمنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ومركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ( الموئل)، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

54- وبعد أن تحدِّد الدول الأطراف المؤشرات المناسبة للحق في الماء، فإنها مدعوة إلى أن ت حدِّد المعايير الوطنية المناسبة المتعلقة بكل مؤشر (28) . وخلال الإجراء الدوري لتقديم التقارير، ستبدأ اللجنة بعملية "مسح غير رسمي" مع الدولة الطرف. وتنطوي عملية المسح غير الرسمي على قيام الدولة الطرف واللجنة بالنظر بصورة مشتركة في المؤشرات والمعايير الوطنية ا لتي تقدِّم فيما بعد الأهداف الواجب بلوغها خلال فترة الإبلاغ المقبلة. وفي السنوات الخمس المقبلة، ستقوم الدولة الطرف باستخدام هذه المعايير الوطنية للمساعدة في رصد تنفيذها للحق في الماء. وبعد ذلك، ستنظر الدولة الطرف واللجنة في عملية إبلاغ لاحقة، فيما إذا كان قد تم تحقيق المعايير أم لا، وفي أسباب ما واجهته الدولة من صعوبات (انظر الفقرة 58 من التعليق العام رقم 14(2000)). وفضلاً عن ذلك، يتعين على الدول الأطراف، عند تحديد المعايير وإعداد تقاريرها، أن تستخدم المعلومات الموسّعة والخدمات الاستشارية للوكالات المتخصصة فيما يتعلق بجمع وتصنيف البيانات.

سبل الانتصاف والمساءلة

55- ينبغي أن تتوفر لأي شخص يُحرم من حقه في الماء أو لأية مجموعة تُحرم من حقها في الماء إمكانية الوصول إلى سبل انتصاف قضائية فعّالة أو غيرها من السبل المناسبة على المستويين الوطني والدولي (الفقرة 4 من التعليق العام رقـم 9(1998)، والمبدأ 10 من إعلان ريو دي جانيرو بشأن البيئة والتنمية) (29) . وتلاحظ اللجنة أن عدداً من الدول قد رسّخت الحق في الماء في دساتيرها وأن هذا الحق كان موضع نزاع أمام المحاكم الوطنية. وينبغي أن يُمنح جميع ضحايا انتهاكات الحق في الماء ا لحق في سُبل انتصاف مناسبة تتضمن الردّ أو التعويض أو الترضية أو منح ضمانات بعدم التكرار. وينبغي السماح لأمناء المظالم الوطنيين، ولجان حقوق الإنسان، والمؤسسات المشابهة، معالجة انتهاكات الحق في الماء.

56- وقبل أن تتخذ الدولة الطرف أو أي طرف ثالث آخر أي إجراء ات تتعارض مع حق الفرد في الماء، ينبغي أن تكفل السلطات المعنية أن يتم القيام بمثل هذه الإجراءات بصورة يسمح بها القانون، وبشكل يتمشى مع العهد، ويتضمن ما يلي: (أ) فرصة للتشاور بصورة حقيقية مع الأشخاص المتأثرين؛ (ب) الكشف في الوقت المناسب وبصورة كاملة عن المعل ومات المتعلقة بالتدابير المقترحة؛ (ج) إرسال إخطار في وقت معقول عن الإجراءات المقترحة؛ (د ) توفير إمكانية اللجوء بصورة قانونية إلى المحاكم وسبل الانتصاف القانونية للأشخاص المتأثرين؛ و (ه‍) (تقديم المساعدة القانونية للحصول على سبل انتصاف بموجب القانون (انظر أي ضاً التعليق العام رقم 4(1991) والتعليق العام رقم 7(1997)). وحيثما يستند اتخاذ مثل هذه الإجراءات إلى تخلف الشخص عن دفع تكاليف الماء، فإنه ينبغي مراعاة قدرته على دفع هذه التكاليف. وينبغي عدم حرمان الفرد، أياً كانت الظروف، من الحد الأدنى الضروري من الماء.

57- ومن شأن إدماج الصكوك الدولية التي تعترف بالحق في الماء في النظام القانوني المحلي أن يعزِّز إلى حد كبير نطاق وفعالية تدابير الانتصاف وينبغي التشجيع على هذا الدمج، لأنه في جميع الحالات يمكِّن المحاكم من الفصل في انتهاكات الحق في الماء، أو على الأقل في الالت زامات الأساسية المترتبة عليه، بالاحتكام المباشر إلى العهد.

58- وينبغي للدولة الطرف أن تشجِّع القضاة وممارسي المهن القانونية على إيلاء مزيد من الاهتمام لانتهاكات الحق في الماء عند ممارستهم لمهامهم.

59- وينبغي للدول الأطراف أن تحترم عمل المدافعين عن حقوق الإ نسان وغيرهم من أفراد المجتمع المدني في سبيل مساعدة الفئات الضعيفة أو المهمّشة على إعمال حقها في الماء، وأن تحمي هذا العمل وتيسِّره وتعزِّزه.

سادساً - التزامات الجهات الفاعلة الأخرى غير الدول

60- يتعين على وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية الم عنية بالماء، مثل منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وكذلك المنظمات الدولية المعنية بالتجارة مثل منظمة التجارة العالمية، أن تتعاون بصورة فعالة مع الدول الأطراف، وأن تستفيد الواحدة من خبرات الأخرى فيما يتعلق بإعمال الحق في الماء على المستوى الوطني. ويتعين على المؤسسات المالية الدولية، لا سيما صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، مراعاة الحق في الماء في سياساتها المتعلقة بالإقراض، واتفاقاتها الائتمانية وبرام جها الخاصة بالتكيُّف الهيكلي وغيرها من المشاريع الإنمائية (انظر التعليق العام رقم 2(1990))، لكي يتم تعزيز التمتع بالحق في الماء. وستدرس اللجنة، عند النظر في تقارير الدول الأطراف وقدرتها على الامتثال لالتزاماتها المتعلقة بإعمال الحق في الماء، آثار المساعدة التي تقدمها جميع الجهات الفاعلة الأخرى. ومن شأن قيام المنظمات الدولية بإدماج قانون ومبادئ حقوق الإنسان في البرامج والسياسات أن ييسر بصورة كبيرة من إنفاذ الحق في الماء. ويتسم دور الاتحاد الدولي لرابطات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب ال أحمر، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، وكذلك المنظمات غير الحكومية وغيرها من الرابطات بأهمية خاصة فيما يتعلق بالإعانة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في أوقات الطوارئ. وينبغي إيلاء الأولوية إلى أكثر مجموعات السك ان حرماناً أو تهميشاً عند تقديم المساعدة وتوزيع وإدارة الماء ومرافقه.

الحواشي

(1) جاءت في تقديرات منظمة الصحة العالمية في عام 2000، أن 1.1 بليون شخص لا يستطيعون الحصول على إمدادات محسّنة بالمياه (80 في المائة منهم من سكان الأرياف) قادرة على توفير ما لا يق ل عن 20 لتراً من المياه الصالحة للشرب للشخص الواحد في اليوم؛ ووفقاً لهذه التقديرات، فإن 2.4 بليون شخص يعيشون دون مرافق صحية. (انظر منشور منظمة الصحة العالمية WHO, The Global Water Supply and Sanitation Assessment, 2000, Geneva، الصفحة 1). وفضلاً عن ذلك، يع اني 2.3 بليون شخص سنوياً من الإصابة بأمراض منقولة بالمياه: انظر لجنة التنمية المستدامة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، التقييم الشامل لموارد المياه العذبة في العالم، نيويورك، 1997، الصفحة 45.

الحواشي ( تابع )

(2) انظر الفقرتين 5 و32 من التعليق العام للجنة رقم 6(1995) عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن.

(3) انظر التعليق العام رقم 14(2000) عن الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، الفقرات 11 و12 (أ) و(ب) و(د) و15 و34 و36 و40 و43 و51.

(4) انظر الفقرة 8(ب) من التعليق العام رقم 4(1991) . انظر أيضاً تقرير المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان المعني بالسكن الملائم بوصفه عنصراً من عناصر الحق في مستوى معيشي ملائم، السيد ميلون كوثري (E/CN.4/2002/59)، المقدم بموجب قرار اللجنة 2001/28 المؤرخ 20 نيسان/أبريل 2001. وفيما يتعلق بالحق في الغذاء الكافي، ا نظر تقرير المقرر الخاص للجنة عن الحق في الغذاء، السيد جان زيغلر (E/CN.4/2002/58)، المقدم عملاً بقرار لجنة حقوق الإنسان 2001/25 المؤرخ 20 نيسان/أبريل 2001.

(5) انظر الفقرة 2(ح) من المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛ والفقرة 2(ج) م ن المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل؛ والمواد 20 و26 و29 و46 من اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب لعام 1949؛ والمواد 85 و89 و127 من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، لعام 1949؛ والمادتين 54 و55 من البروتوكول الإضافي الأول الملحق بهذه ال اتفاقية لعام 1977؛ والمادتين 5 و14 من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977؛ وديباجة خطة عمل مار دل بلاتا لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمياه؛ وانظر الفقرة 18-47 من جدول أعمال القرن 21، تقرير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، ريو دي جانيرو، 3-14 ح زيران/يونيه 1992(A/CONF.151/26/Rev.1 (Vol. I and Vol. I/Corr.1, Vol. II, Vol. III and Vol. III/Corr.1)) (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.93.I.8)، المجلد الأول: قرارات اعتمدها المؤتمر، القرار 1، المرفق الثاني؛ المبدأ رقم 3؛ وبيان دبلن بشأن المياه والتن مية المستدامة، المؤتمر الدولي المعني بالمياه والبيئة(A/CONF.151/PC/112)؛ والمبدأ رقم 2، برنامج العمل، تقرير المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، القاهرة، 5-13 أيلول/سبتمبر 1994 (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.95.XIII.18)، الفصل الأول، القرار 1، المرفق؛ وا لفقرتين 5 و19 من التوصية 14 (2001) للجنة الوزراء المقدمة إلى الدول الأعضاء بشأن الميثاق الأوروبي المتعلق بالموارد المائية؛ والقرار 2002/6 للجنة الأمم المتحدة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان بشأن تعزيز إعمال الحق في الحصول على مياه الشرب. وانظر أيضاً التق رير بشأن العلاقة بين التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتشجيع إعمال الحق في الوصول إلى مياه الشرب والمرافق الصحية (E/CN.4/Sub.2/2002/10) المقدم من المقرر الخاص للجنة الفرعية، المعني بالحق في الوصول إلى مياه الشرب والمرافق الصحية، السيد الحجي غيسه.

(6) انظر أيضاً مؤتمر القمة العالمي المعني بالتنمية المستدامة، خطة التنفيذ لعام 2002، الفقرة 25 (ج).

(7) و ي تصل ذلك بكل من توافر الأغذية وإمكانية الحصول عليها المتعلقين بالحق في الغذاء الكافي (انظر التعليق العام رقم 12(1999) الفقرتان 12 و13).

الحوا شي ( تابع )

(8) انظر أيضاً بيان التفاهم المرفق باتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بقانون استخدام المجاري المائية في الأغراض غير الملاحية A/51/869)، المؤرخة 11 نيسان/أبريل 1997)، الذي أعلن فيه أنه يتعين، عند تحديد الاحتياجات الحيوية للإنسان في حالة نشوب نزاعات على استخدام المجاري المائية، "إيلاء اهتمام خاص لتوفير ما يكفي من مياه للمحافظة على حياة الإنسان، بما في ذلك مياه الشرب والمياه اللازمة لإنتاج الأغذية تجنباً لحدوث مجاعة ...".

(9) انظر أيضاً الفقرة 15 من التعليق العام رقم 14.

(10) وفقاً لتعريف منظمة الصحة العالمية، تتضمن الأمراض التي تحملها ناقلات المرض أمراضاً تنقل بواسطة الحشرات (الملاريا وداء الخيطيات وحمى الضنك وفيروس الالتهاب الدماغي الياباني والحمى الصفراء)، والأمراض التي يكون فيها الحلزون المائي بمثابة العائل الوسيط (داء البلهارسيا) والأمراض الحيوان ية المصدر التي تؤدي فيها الفطريات دور العائل الاحتياطي.

(11) للاطلاع على تعريف الاستدامة، انظر تقرير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، ريو دي جانيرو، 13-14 حزيران/يونيه 1992، الإعلان عن البيئة والتنمية، المبادئ 1 و8 و9 و10 و12 و15؛ وجدول أعمال القرن 21، لا سيما المبادئ 5-3 و7-27 و7-28 و7-35 و7-39 و7-41 و18-3 و18-8 و18-35 و18-40 و18-48 و18-50 و18-59 و18-68.

(12) تعني كلمة "مستمراً" أن يكون انتظام إمداد المياه كافياً للاستخدامات الشخصية والمنزلية.

(13) في هذا السياق، تعني عبارة "الشرب" الماء ال مستخدم للاستهلاك من خلال المشروبات والمواد الغذائية. وتعني عبارة "الصحة الشخصية" التخلص من نفايات الإنسان. فالماء ضروري للصحة الشخصية في حالة اعتماد وسائل تستند إلى الماء. وتعني عبارة "إعداد الغذاء" صحة الغذاء وإعداد المواد الغذائية، سواء دخل الماء في إعدا د الغذاء أم لامسه. وتعني عبارة "الصحة الشخصية وصحة الأسرة " النظافة الشخصية ونظافة بيئة الأسرة.

(14) انظرJ. Bartram and G. Howard, "Domestic water quantity, service level and health: what should be the goal for water and health sectors" WHO, 2002،. انظر أ يضاًP. H. Gleick (1996) "Basic water requirements for human activities: meeting basic needs" Water International, 21, pp. 83-92.

(15) تحيل اللجنة الدول الأعضاء إلى المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية، المتعلقة بنوعية مياه الشرب، (WHO, Guidelines for drinking-water quality, 2nd edition, vols. 1-3 (Geneva, 1993)) وقد أعدت من أجل "استخدامها كأساس لوضع المعايير الوطنية التي من شأنها، في حالة تنفيذها على نحو صحيح، أن تكفل سلامة إمدادات مياه الشرب من خلال القضاء على مكونات المياه المعروفة بأنها خطرة للصحة أ و تقليل تركيزها إلى أدنى حد".

(16) انظر أيضاً الفقرة 8(ب) من التعليق العام رقم 4(1991)، والفقرة 6(أ) من التعليق العام رقم 13(1991) والفقرتين 8(أ) و(ب) من التعليق العام رقم 14(2000). وتشمل الأسرة المعيشية المساكن الدائمة أو شبه الدائمة أو مواقع الوقوف المؤ قتة.

الحواشي ( تابع )

(17) انظر الفقرة 48 من هذا التعليق العام.

(18) انظر المواد 20 و26 و29 و46 من اتفاقية جنيف الثالثة المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949؛ والمواد 59 و89 و127 من اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949؛ والفقرة 2 من المادة 15 والمادة 20 من مجموعة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، في حقوق الإنسان: مجموعة الصكوك الدولية (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.88.XIV.1).

(19) انظر الفقرة 9 من التعليق العام رقم 3(1990).

(20) فيما يتعلق بالترابط بين قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني ، تشير اللجنة إلى استنتاجات محكمة العدل الدولية بشأن شرعية التهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها (طلب من الجمعية العامة )، تقارير محكمة العدل الدولية (1996)، الفقرة 25 من الصفحة 226 من النص الإنكليزي.

(21) انظر المادتين 54 و56 من البروتوكول الإضافي الأول ل اتفاقيات جنيف (1977)، والمادة 54 من البروتوكول الإضافي الثاني (1977)، والمادتين 20 و46 من اتفاقية جنيف الثالثة المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949 والمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949.

(22) انظر الحاشية 5 أعلاه، والفصول 5 و7 و18 من جدول أعم ال القرن 21؛ ومؤتمر القمة العالمي المعني بالتنمية المستدامة، خطة التنفيذ (2002) الفقرات 6 (أ) و(ل) و(م)، و7 و36 و38.

(23) انظر اتفاقية التنوع البيئي، واتفاقية مكافحة التصحر، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيير المناخ والبروتوكولات اللاحقة.

(24) تنص ال فقرة 2 من المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن تكفل الدول الأطراف للمرأة الحق في "التمتع بظروف معيشية ملائمة، ولا سيما فيما يتعلق [...] المرافق الصحية". وتطالب الفقرة 2 من المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل الدول الأطراف بأن "تك فل تزويد جميع قطاعات المجتمع [...] بالتعليم ودعمها في استخدام المعلومات الأساسية [...] وفوائد [...] النظافة والإصحاح البيئي".

(25) تلاحظ اللجنة أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون استخدام المجاري الدولية في الأغراض غير الملاحية ينص على ضرورة مراعاة الاحتياجات الاجتماعية والبشرية عند تحديد استخدام المجاري المائية بصورة عادلة، وأن تتخذ الدول الأطراف التدابير لمنع إيقاع ضرر كبير، وأن تولي، في حالة النزاع، اهتماماً خاصاً لمتطلبات الاحتياجات الإنسانية الحيوية: انظر المواد 5 و7 و10 من الاتفاقية.

(26) أشارت اللجنة ف ي التعليق العام رقم 8 (1997) إلى ما يترتب على الجزاءات من أثر يتمثل في اضطراب إمدادات المرافق الصحية والمياه الصالحة للشرب، وإلى أن من الضروري أن تنص نُظم الجزاءات على إصلاح الهياكل الأساسية لتوفير المياه النظيفة.

(27) انظر الفقرة 23 من تعريف "الأطراف الث الثة".

الحواشي ( تابع )

(28) انظر E. Riedel, "New bearings to the State reporting procedure: practical ways to operationalize economic, social and cultural rights - The example of the right to health", in S. von Schorlemer (ed.), Praxishandbuch UNO, 2002, pp. 345-358. وتشير اللجنة مثلاً إلى الالتزام الذي تم التعهد به في عام 2002 في مؤتمر القمة العالمي المعني بالتنمية المستدامة، والوارد في خطة التنفيذ والقاضي بتخفيض نسبة السكان غير القادرين على الحصول على الماء الصالح للشرب أو على دفع تكاليفه (على النحو المشا ر إليه في إعلان الألفية) ونسبـة الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى المرافق الصحية الأساسية إلى النصف بحلول عام 2015.

(29) يشير المبدأ 10 من إعلان ريو دي جانيرو بشأن البيئة والتنمية ( تقرير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، انظر الحاشية 5 أعلا ه)، فيما يتعلق بقضايا البيئة، إلى أنه "... تكفل الدول فرص الوصول، بفعالية، إلى الإجراءات القضائية والإدارية، بما في ذلك التعويض وسبل الانتصاف".

ثانياً - تعليقات عامة* اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان**

مقدمة ***

ت شرح مقدمة الوثيقة CCPR/C/21/Rev.1( تع ليقات عامة معتمدة من اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 40 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ التاريخ: 19 أيار/مايو 1989) الغرض من التعليقات العامة كما يلي:

"تود اللجنة أن تعبر من جديد عن رغبتها في مساعدة الدول الأطراف عل ى الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتقديم التقارير. وهذه التعليقات العامة توجه الانتباه إلى بعض جوانب هذه المسألة، إ لا أنها لا تحاول أن تفرض أي قيود أو أن تعطي أي أولوية فيما بين الجوانب المختلفة لتنفيذ العهد. وستتبع هذه التعليقات تعليقات أخرى، من وقت إلى آخر، في حدود ما يسمح به الوقت وما تسمح به تجارب المستقبل.

"وقد نظرت اللجنة حتى الآن في 77 تقرير اً أوليا، و 34 تقريراً من التقارير الدورية الثانية، ونظرت في بعض الحالات في المعلومات ال إ ضافية والتقارير التكميلية. ولهذا، ف إ ن هذه التجربة تشمل الآن عددا كبيرا من ال دول التي صدقت على العهد، وعددها حتى هذا الوقت 87 دولة. وتمثل هذه الدول مناطق شتى من العالم ذات نظم سياسية واجتماعية وقانونية مختلفة، وتقاريرها تصور معظم المشاكل التي قد تنشأ عند تنفيذ العهد، بالرغم من أنها لا تقدم أساسا كاملا ل إ جراء استعراض للحالة على نطاق العالم فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية.

ــــــــــ

* للاطلاع على طبيعة وهدف التعليقات العامة انظر الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة السادسة والثلاثون، الملحق رقم 40 (A/36/40)، المرفق السابع، مقدمة. وللاطلاع على خلفية المسألة وأسلوب العمل وطريقة صياغة التعليقات العامة وجدو ا ها العملية انظر المرجع نفسه، الدورة التاسعة والثلاثون، الملح ـ ق 40 (A/39/40 وCorr.1 و (Corr.2الفقرات من 541 إلى 557. وللاطلاع على نصوص التعليقات العامة التي اعتمدتها اللجنة فعلا، انظر المرجع نفسه، الدورة السادسة والثلاثون، الملح ق رقم 40 (A/36/40)، المرفق السابع؛ المرجع نفسه، الدورة السابعة والثلاثون، الملحق رقم 40 (A/37/40)، المرفق ا لسادس ؛ المرجع نفسه، الدورة الثامنة والثلاثون، الملحق رقم 40 (A/38/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، الدورة التاسعة والثلاثون، الملحق رقم 40 (A/39/40 وCorr.1 وCorr.2) . المرفق ال خامس ؛ المرج ـ ع نفسه، الدورة الأربعون، الملحق رقم 40 (A/40/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، الدورة الحادية والأربعون، الملحق رقم 40 (A/41/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، الدورة الثالثة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/43/40)، المرفق الس ادس؛ المرجع نفسه، الدورة الرابعة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/44/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، الدورة الخامسة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/45/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، الدورة السابعة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/47/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، ا لدورة التاسعة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/49/40)، المرفق ال خامس ؛ المرجع نفسه، الدورة ال خمسون ، الملحق رقم 40 (A/50/40)، المرفق الخامس؛ المرجع نفسه، الدورة الثالثة و الخمسون، الملحق رقم 40 (A/53/40)، المرفق ا لسابع . ونشرت أيضا في الوثائق CCPR/C/21/Rev.1 وRev.1/Add.1-9.

** للاطلاع على المراجع، انظر المرفق الثاني .

*** انظر تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة السادسة والثلاثون، الملحق رقم 40 (A/36/40)، المرفق السابع.

" وإن الغرض من هذه التعليقات العامة هو وضع هذه التجربة في متناول جميع البلدان الأطراف لتشجيع استمرارها في تنفيذ العهد، ولجذب انتباهها إلى جوانب القصور التي أظهرها عدد كبير من التقارير، ولاقتراح إ جراء تحسينات في كيفية إ عداد التقرير، ولتشجيع أنشطة هذه الدول والمنظمات الدولية في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وينب غي أن تكون هذه التعليقات ذات أهمية أيضا للدول الأخرى، ولا سيما تلك الدول التي تستعد لتصبح أطرافا في العهد، وذلك لتعزيز التعاون بين كافة الدول في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها على أساس عالمي".

الدورة الثالثة عشرة (1981)

التعليق العام رقم 1 : الالتزام بتقديم ال تقارير

[استعيض عن التعليق العام رقم 1 بالتعليق العام رقم 30]

تعهدت الدول الأطراف بأن تقدم تقارير بمقتضى المادة 40 من العهد خلال سنة واحدة من بدء نفاذ العهد وذلك بالنسبة للدول الأطراف المعنية، وفيما بعد ذلك، عندما تطلب اللجنة ذلك. وحتى هذا الوقت، فان الجزء الأول فقط من هذا الحكم، الذي يطلب تقديم تقارير أولية، قد طبق بصفة منتظمة. وتلاحظ اللجنة، كما يتضح من تقاريرها السنوية، أن عددا قليلا من الدول قدم تقاريره في الوقت المحدد. وقد قدمت معظم التقارير متأخرة عن موعدها، وكانت مدة التأخير تتراوح بين عدة أشهر وعدة سنوات، كما أن بعض الدول الأطراف لم توف بالتزامها حتى الآن بالرغم من المذكرات المتكررة والتدابير الأخرى التي اتخذتها اللجنة. وبالرغم من هذا، ف إ ن معظم الدول الأطراف قد شرعت، ولو بشيء من التأخير، في حوار بناء مع اللجنة، وهذا يعني أن ه لا بد ل لدول الأطراف، من أ ن تتمكن عادة من الوفاء بالتزامها بتقديم التقارير في الوقت المحدد المنصوص عليه في الفقرة (1) من المادة 40 ، وأنه سيكون في مصلحة هذه الدول أن تفعل ذلك في المستقبل. وعند التصديق على العهد ينبغي أن تهتم فورا بالتزامها بتقديم التقارير، لأن ال إ عداد المناسب لتقرير شامل لهذا العدد الكبير من الحقوق المدنية والسياسية يتطلب بالضرورة وقتاً طويلاً.

الدورة الثالثة عشرة (1981)

التعليق العام رقم 2 : المبادئ التوجيهية المتعلقة بتقديم التقارير

1 - لاحظت اللجنة أن بعض التقارير التي قدمت في بداية العملية كانت مختصرة وعامة إلى حد رأت معه اللجنة ضرورة وضع مبادئ توجيهية عامة بشأن شكل ومضمون التقارير. وكان الغرض من هذه المبادئ التوجيهية ضمان تقديم التقارير بشكل موحد، وتمكين اللجنة والدول الأطراف من الحصول على صورة كاملة للوضع في كل دولة فيما يتعلق بإعمال الحقوق المشار إليها في العهد. وبالرغم من المبادئ التوجيهية، ما زالت بعض التقارير على جانب من الإيجاز وال ت عمي م بحيث لا تفي بالالتزامات المتعلقة بتقديم التقارير والواردة في المادة 40 .

2- وتطلب المادة 2 من العهد من الدول الأطراف اتخاذ ما يلزم لتنفيذ العهد من التدابير التشريعية أو التدابير الأخرى وتوفير وسائل الانتصاف اللازمة لذلك . وتطلب المادة 40 من الدول الأطراف أن تقدم إلى اللجنة تقارير عن التدابير التي اتخذتها، وعن التقدم المحرز في التمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد، وعن العوامل والصعوبات، إ ن وجدت، التي تؤثر في تنفيذ العهد. وحتى التق ارير التي كانت من ناحية الشكل تنسجم بوجه عام مع المبادئ التوجيهية، كانت ناقصة من ناحية الجوهر، وكان من الصعب أن يفهم من بعض التقارير ما إ ذا كان العهد قد نفذ بوصفه جزءا من التشريعات الوطنية وكان كثير من التقارير ناقصا فيما يتعلق بالتشريعات ذات الصلة. وفي بع ض التقارير كان دور الهيئات أو الأجهزة الوطنية في مراقبة وإعمال هذه الحقوق غير واضح. وعلاوة عن ذلك، ف إ ن عددا قليلا جدا من التقارير سرد العوامل والمصاعب التي تؤثر على تنفيذ العهد.

3- وتعتبر اللجنة أن الالتزام بتقديم التقارير لا يشمل فقط القوانين ذات الصلة وا لأحكام الأخرى المتصلة بالالتزامات المنصوص عليها في العهد، بل يتعدى ذلك ليشمل الممارسات والقرارات الصادرة عن المحاكم والأجهزة الأخرى في الدولة الطرف، بال إ ضافة إلى الحقائق الأخرى ذات الصلة التي من شأنها أن تبين درجة التنفيذ الفعلي للحقوق التي يعترف بها العهد والتمتع بها، والتقدم المحرز والعوامل والمصاعب التي صودفت في تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في العهد.

4- و إ ن العرف الذي تسير عليه اللجنة، بمقتضى المادة 68 من نظامها الداخلي المؤقت، يقضي بأن تنظر في التقارير بحضور ممثلين للدول المقدمة للتقارير. وقد تعاونت جميع الدول التي نظرت اللجنة في تقاريرها مع اللجنة بهذه الطريقة، إ لا أن مستويات وخبرات وأعداد الممثلين كانت متفاوتة. وتود اللجنة أن تذكر أنه إذ ا كان لها أن تتمكن من أ داء وظائفها بمقتضى المادة 40 على أنجع وجه ممكن، وإذا كان للدولة المقدمة للتقرير أن تفيد من الحوار بأكبر قدر ممكن فإن من المستصوب أن يكون لممثلي الدول من المكانة والخبرة ( والأفضل من الكثرة ) ما يمكنهم من الرد على ا لأ سئلة الموجهة إليهم والتعليقات التي تبدى داخل اللجنة بالنسبة لكافة المسائل التي يشملها العهد.

الدورة الثالثة عشرة (1981)

التعليق الع ام رقم 3 : المادة 2 (ال تنفيذ على المستوى الوطني )

1- تلاحظ اللجنة أن المادة 2 من العهد بشكل عام تترك للدول الأطراف المعنية حرية اختيار وسيلة التنفيذ في أراضيها، داخل ال إ طار المحدد في تلك المادة. وتعترف اللجنة، على وجه الخصوص، بأن التنفيذ لا يعتمد فقط على ال قوانين الدستورية أو التشريعية التي لا تكون في حد ذاتها كافية في كثير من الأحيان. وتعتبر اللجنة أن من الضروري لفت انتباه الدول الأطراف إلى أن الالتزام بمقتضى العهد لا يقتصر على احترام حقوق الإنسان، بل إ ن الدول الأطراف قد تعهدت كذلك بأن تضمن التمتع بهذه الحق وق لجميع الأفراد الموجودين ضمن ولايتها. وان هذا الجانب يتطلب أنشطة محددة من قبل الدول الأطراف لتمكين الأفراد من التمتع بحقوقهم. ويتضح هذا في عدد من المواد ( على سبيل المثال المادة 3 التي يتناولها التعليق العام رقم 4 أدناه ) ، إ لا أنه من ناحية المبدأ ف إ ن هذا ا لتعهد يتصل بجميع الحقوق المنصوص عليها في العهد.

2- وفي هذا الصدد، ف إ ن من الأهمية بمكان كبير أن يعرف الأفراد ما هي حقوقهم بمقتضى العهد ( والبروتوكول الاختياري، حسبما يكون عليه الحال ) ، وكذلك أن تعلم جميع السلطات ال إ دارية والقضائية ما هي الالتزامات التي التزم ت بها الدولة الطرف بمقتضى العهد. ولتحقيق هذه الغاية، ينبغي نشر العهد بجميع اللغات الرسمية للدولة، واتخاذ خطوات حتى تتعرف السلطات المعنية على مضمون العهد كجزء من تدريبها. ومن المستصوب أيضا التعريف بتعاون الدولة الطرف مع اللجنة.

الدورة الثالثة عشرة (1981)

ال تعليق العام رقم 4 : المادة 3 (الحق المتساوي للرجال والنساء في التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية)

1- إن المادة 3 من العهد، التي تطلب من الدول الأطراف أن تضمن حقوقا متساوية للرجال والنساء في التمتع بكافة الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في العهد، لم تحظ باهتمام كاف في عدد كبير من التقارير المقدمة من الدول، وقد أثارت عددا من الاهتمامات نركز النظر على اثنين منها.

2- أولا ً ، إ ن المادة 3، شأنها في ذلك شأن المادتين 2 (1) و 26 ، من حيث إ نها تتناول منع التمييز لعدة أسباب، يعتبر الجنس أحدها، تتطلب ليس فقط تدابي ر للحماية، بل تتطلب أيضا تدابير إ يجابية يقصد منها ضمان التمتع ال إ يجابي بهذه الحقوق. ولا يمكن أن يتحقق ذلك فقط بواسطة سن القوانين. ولهذا كان ت هناك حاجة بصفة عامة لمزيد من المعلومات بالنسبة لدور المرأة في الواقع، بغية التحقق من التدابير، وكذلك ال إ جراءات التش ريعية البحتة للحماية، التي اتخذت، أو التي على وشك أن تتخذ، لتنفيذ الالتزامات المحددة وال إ يجابية بمقتضى المادة 3 ولتقصي التقدم المحرز أو العوامل أو المصاعب القائمة في هذا المجال.

3- ثانيا ً ، إ ن الالتزام ال إ يجابي الذي تعهدت به الدول الأطراف بمقتضى تلك المادة قد يكون ل ـ ه هو نفسه أثر أكيد على التدابير التشريعية أو ال إ دارية التي وضعت خصيصا لتنظيم أمور غير تلك التي يتناولها العهد. و إ ن كان يمكن أن تؤثر تأثيرا ضارا على الحقوق التي يعترف بها العهد. ونورد مثلا واحدا، ضمن جملة أمثلة، أ لا وهو مدى تأثير أو عدم تأثير قوا نين الهجرة، التي تميز بين المواطن والمواطنة تأثيرا ضارا على نطاق حق المرأة في الزواج من غير المواطنين، أو في تقلد المناصب العامة.

4- ولهذا تعتقد اللجنة انه قد يساعد الدول الأطراف إ يلاء اهتمام خاص لإ جراء استعراض، من قبل هيئات أو مؤسسات معينة خصيصا لذلك، للق وانين أو التدابير التي في جوهرها تفرق بين الرجال والنساء، بالقدر الذي تؤثر به هذه القوانين أو التدابير تأثيرا ضارا على الحقوق المنصوص عليها في العهد، وثانيا ً ، أ ن تقدم الدول الأطراف بيانات محددة في تقاريرها بشأن كافة التدابير التشريعية وغيرها التي وضعت لتنف يذ التزاماتها بمقتضى هذه المادة.

5- وتعتقد اللجنة انه مما قد يساعد الدول الأطراف في تنفيذ هذا الالتزام أن تستخدم الوسائل الحالية للتعاون الدولي بقدر أكبر، بغية تبادل الخبرات وتنظيم المساعدة في حل المشاكل العملية المتعلقة بضمان حقوق متساوية للرجال والنساء.

الدورة الثالثة عشرة (1981)

التعليق العام رقم 5 : المادة 4 (عدم التقيد)

[استعيض عن التعليق العام رقم 5 بالتعليق العام رقم 29]

1- لقد أ ثارت المادة 4 من العهد عدة مشاكل للجنة عند النظر في تق ا رير بعض الدول الأطراف. فعندما تنشأ حالة طارئة عامة تهدد حياة أمة ويع لن عنها بصفة رسمية، ف إ نه يحق للدولة الطرف أ ن تعطل عددا من الحقوق بالقدر الذي يتطلبه الوضع وليس أكثر. ولا يحق للدولة الطرف، مع ذلك، أن تعطل بعض الحقوق المحددة ولا يحق لها أن تتخذ تدابير تمييزية لأسباب مختلفة. وتلتزم الدولة الطرف كذلك بإعلام الدول الأطراف ال أخرى فورا، عن طريق الأمين العام، بحالات التعطيل التي أجرتها و إ عطاء الأسباب لذلك وذكر التواريخ التي ينتهي فيها التعطيل.

2- وبوجه عام، بينت الدول الأطراف الآليات المنصوص عليها في نظمها القانونية ل إ علان حالات الطوارئ، والأحكام التي تطبق من القوانين التي تتنا ول حالات التعطيل هذه. إ لا أنه في حالة عدد قليل من الدول التي يبدو واضحا أ نها عطلت الحقوق المنصوص عليها في العهد، فإن ما لم يكن واضحا ليس فقط ما إ ذا كانت قد أعلنت رسميا حالة الطوارئ، بل أيضا إ ذا كانت الحقوق التي يحظر العهد تعطيلها لم تعطل وما إ ذا كانت الدول الأطراف الأخرى قد أبلغت بالتعطيل وبالأسباب التي أدت إليه ، أم لا.

3- وتعتقد اللجنة أن التدابير المتخذة بمقتضى المادة 4 هي ذات طابع استثنائي ومؤقت و لا يمكن أن تستمر إلا خلال المدة التي يكون فيها بقاء الأمة ذاتها مهددا، وانه في أوقات الطوارئ، تصبح حماية حقو ق الإنسان أهم مما عداها، وخصوصا تلك الحقوق التي لا يمكن الانتقاص منها. وتعتقد اللجنة أيضا من المهم كذلك للدول الأطراف، في أوقات الطوارئ، أ ن تبلغ الدول الأطراف الأخرى بطبيعة وحدود ما تلجأ إليه من تعطيل، والأسباب المؤدية إلى ذلك، وكذلك أن توفي بالتزامها بتقد يم التقرير بمقتضى المادة 40 من العهد وذلك بال إ فصاح عن طبيعة ونطاق كل حق منتقص، و أ ن تشفع ذلك بالوثائق ذات الصلة.

الدورة السادسة عشرة (1982)

التعليق العام رقم 6 : المادة 6 (الحق في الحياة)

1- عالجت تقارير جميع الدول مسألة الحق في الحياة، المعلن في المادة 6 م ن العهد. وهو الحق الأعلى الذي لا يسمح بتقييده حتى في أوقات الطوارئ العامة التي تتهدد حياة الأمة ( المادة 4 ) . بيد أن اللجنة لاحظت ان المعلومات المقدمة فيما يتعلق بالمادة 6 غالبا ما تقتصر على جانب واحد أو آخر من هذا الحق. وهو حق لا ينبغي تفسيره بالمعنى الضيق.

2- وتلاحظ اللجنة أن الحرب وأعمال العنف الجماعي الأخرى لا تزال بلاء ينزل بالإنسانية ويتسبب في هلاك آلاف الأبرياء من البشر كل سنة. وان التهديد باستعمال القوة أو استخدامها من قبل أية دولة ضد دولة أخرى محظور بالفعل بموجب ميثاق الأمم المتحدة، إلا في حالة ممار سة الحق الأصيل في الدفاع عن النفس. وتعتبر اللجنة أن على الدول واجبا أسمى يتمثل في منع الحروب، وأعمال القتل وأعمال العنف الجماعي الأخرى التي تسبب خسائر في الأرواح بصورة تعسفية. و إ ن كل جهد تبذله الدول لتفادي خطر الحرب، وخاصة الحرب النووية الحرارية، ولتعزيز ا لسلم والأمن الدوليين يشكل أهم شرط وضمان لصيانة الحق في الحياة. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة على وجه الخصوص وجود صلة بين المادة 6 والمادة 20 التي تنص على أن القانون ينبغي أن يحظر أية دعاية للحرب ( الفقرة 1 ) أو أي تحريض على العنف ( الفقرة 2 ) كما هو موصوف في تلك المادة.

3- وتعد الحماية من حرمان أي إ نسان من حياته تعسف ـ ا، وهي حماي ـ ة تقتضيها صراحة الجملة الثالث ـ ة من المادة 6 ( 1 )، ذات أهمية بالغة. وترى اللجنة أن على الدول الأطراف أن تتخذ تدابي ر لا لمنع حرمان أي إ نسان من حياته عن طريق القيام بأعمال إ جرامية، والمعاقبة على ذلك الحرمان فحسب ، و إ نما أيضا لمنع أعمال القتل التعسفي التي ترتكبها قوات الأمن التابعة لتلك الدول ذاتها. ويعد حرمان أي إ نسان من حياته من قبل سلطات الدولة أمرا بالغ الخطورة. ولذلك ينبغي للقانون أن يضبط ويقيد بشكل صارم الظروف التي يمكن فيها للسلطات حرمان أي شخص من حياته.

4- وينبغي أيضا للدول الأطراف أ ن تتخذ تدابير محددة وفعالة لمنع اختفاء الأشخاص، وهي ظاهرة أصبحت، مع الأسف، أمرا كثير التكرار، وغالبا ما يؤدي إلى حرمان أشخاص من حياتهم حرمانا تعسفيا. وبال إ ضافة إلى ذلك، ينبغي للدول إ يجاد تسهيلات و إ جراءات فعال ة للتحقيق الدقيق في حالات الأشخاص المفقودين والمختفين في ظروف قد تنطوي على انتهاك للحق في الحياة.

5- و با لإ ضافة إلى ذلك، لاحظت اللجنة أن الحق في الحياة غالبا ما يفسر بالمعنى الضيق. ولا يمكن فهم عبارة "حق أصيل في الحياة" فهما صحيحا على نحو تقييدي، كما أن ال حماية من حرمان أي شخص من حياته تقتضي أن تتخذ الدول تدابير إ يجابية. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن من المستصوب أن تتخذ الدول الأطراف كل التدابير الممكنة لتخفيض وفيات الأطفال وزيادة المتوسط العمري، ولا سيما باتخاذ تدابير للقضاء على سوء الت غ ذية والأوبئة.

6- وم ع انه يستنتج من المادة 6 ( 2 ) إلى ( 6 ) إن الدول الأطراف ليست ملزمة ب إ لغاء عقوبة ال إ عدام إ لغاء تاما. ف إ نها ملزمة بالحد من استخدامها، ولا سيما ب إ لغاء الحكم بها إ لا في حالة ارتكاب "أشد الجرائم خطورة" ولذلك ينبغي لها أن تفكر في إ عادة النظر في قوانينها الجنائية في ضوء ما سبق، وهي ملزمة على أية حال بقصر تطبيق عقوبة ا لإ عدام على "أشد الجرائم خطورة". وتشير المادة أيضا، بصورة عامة إلى إ لغاء عقوبة ال إ عدام بعبارات توحي بقوة بأن ال إ لغاء مستصوب ( الفقرتان 2 ( 2 ) و ( 6 )) . وتستخلص اللجنة انه ينبغي اعتبار كل التدابير المتعلقة بال إ ل غاء تقدما نحو التمتع بالحق في الحياة في إ طار مفهوم المادة 40 ، و إ نه ينبغي، على ذلك الأساس، تقديم تقرير بشأنها إلى اللجنة. وتلاحظ اللجنة أن عددا من الدول قد ألغى بالفعل عقوبة ال إ عدام أو أوقف تطبيقها. ومع ذلك تبين تقارير الدول أن التقدم المحرز نحو إ لغاء عقوبة ال إ عدام أو الحد من تطبيقها غير كاف بالمرة.

7- وترى اللجنة انه ينبغي فهم عبارة "أشد الجرائم خطورة" بمعناها الضيق ، وهو أن عقوبة ال إ عدام ينبغي أن تكون تدبيرا استثنائيا جدا. ويستنتج أيضا من العبارات الصريحة للمادة 6 أنه لا يمكن فرض تلك العقوبة إ لا وفقا للقوا نين التي تكون سارية عند ارتكاب الجريمة وغير مخالفة لأحكام العهد. وينبغي احترام الضمانات ال إ جرائية الوارد وصفها في العهد بما في ذلك الحق في جلسات استماع عادلة من قبل محكمة مستقلة، وافتراض البراءة، والضمانات الأدنى للدفاع، والحق في إ عادة النظر في العقوبة من جانب محكمة أعلى. وتنطبق هذه الحقوق بال إ ضافة إلى الحق الخاص في التماس العفو أو تخفيف العقوبة.

الدورة السادسة عشرة (1982)

التعليق العام رقم 7 : المادة 7 (حظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة)

1- كثيرا ما طلب أعضاء اللجنة، لدى نظرهم في تقارير الدول الأطراف، المزيد من المعلومات بمقتضى المادة 7 التي تحظر في المقام الأول التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتشير اللجنة إلى أنه لا يمكن الخروج على هذا الحكم بمقتضى المادة 4 ( 2 ) حتى في حالات الطوارئ الاستثن ائية العامة كالتي تنص عليها المادة 4 ( 1 ) . فالهدف من ذلك الحكم هو حماية سلامة الفرد وكرامته. وتلاحظ اللجنة انه لا يكفي لتنفيذ هذه المادة حظر تلك المعاملة أو العقوبة أو اعتبارها جريمة. فأكثرية الدول لها أحكام جنائية تنطبق على حالات التعذيب والممارسات المماثلة . وحيث أن ذلك لا يمنع من حدوث مثل تلك الحالات فانه يستنتج من المادة 7، إ ذا ما فهمت بالاقتران مع المادة 2 من العهد، أن على الدول أن تضمن حماية فعالة عن طريق نوع من الأجهزة يتولى المراقبة. وينبغي أن تحقق السلطات المعنية، على نحو فعال، في الشكاوى المتعلقة بسو ء المعاملة. وينبغي تحميل كل من ثبتت إ دانته مسؤولية أعماله، كما يجب إ تاحة وسائل انتصاف فعالة للضحايا المزعومين ذاتهم، بما في ذلك حق الحصول على تعويض. ومن بين الضمانات التي قد تجعل السيطرة فعالة سن أحكام تحظر عزل السجين، والسماح لأشخاص مثل الأطباء والمحامين وأفراد العائلة بالاتصال بالمحتجزين، دون أن يخل ذلك بالتحقيق، وسن أحكام تقضي بوضع المحتجزين في أماكن معروفة علنا. وتسجيل أ سمائهم وأماكن حجزهم في سجل مركزي متاح للأشخاص المعنيين كالأقارب، وسن أحكام تجعل الاعترافات أو الأدلة الأخرى التي يحصل عليها بواسطة التع ذيب أو غيره من ضروب المعاملة التي تتنافى مع المادة 7، غير مقبولة في المحاكم، واتخاذ تدابير لتدريب الموظفين المكلفين ب إ نفاذ القانون ول إ صدار تعليمات لهم حتى لا يلتجئوا إلى تلك المعاملة.

2- وكما يتبين من أحكام هذه المادة، فان مدى الحماية المطلوبة يتجاوز بكثي ر مسألة التعذيب بمفهومها العادي. وقد لا يكون من الضروري التمييز بشكل قاطع بين مختلف أشكال التعذيب أو المعاقبة المحظورة. فهذا التمييز يعتمد على نوع كل معاملة بعينها وهدفها ودرجة قسوتها. ومن رأي اللجنة أن الحظر ينبغي أن يمتد إلى العقاب الجسدي، بما في ذلك ال إ فراط في العقاب كتدبير تربوي أو تأديبي. وحتى التدابير مثل الحبس الانفرادي قد تكون، حسب الظروف، ولا سيما عندما يوضع الشخص في عزلة تامة عن الآخرين تدابير مخالفة لهذه المادة. وبال إ ضافة إلى ذلك، فان من الواضح أن هذه المادة تحمي ليس فقط الأشخاص المعتقلين أو المس جونين وإنما أيضا التلاميذ والمرضى في المؤسسات التعليمية والطبية. وأخيرا، فان من واجب السلطات العامة أيضا أن تضمن الحماية بموجب القانون من تلك المعاملة حتى عندما تصدر عن أشخاص يعملون خارج نطاق أية سلطة رسمية أو بدونها. ويكمل حظر المعاملة التي تتعارض مع الما دة 7، بالنسبة لجميع الأشخاص الذين يتعرضون للحرمان من حريتهم، الشرط ال إ يجابي الوارد في المادة 10(1) من العهد الذي يقضي بمعاملتهم معاملة إ نسانية مقرونة باحترام الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني.

3- ويمتد الحظر، على وجه الخصوص، ليشمل إ جراء أية تجربة ط ب ية أو علمية على أي إ نسان بغير رضاه الحر ( المادة 7، الجملة الثانية ) . وتلاحظ اللجنة أن تقارير الدول الأطراف لم تقدم، بصورة عامة، سوى معلومات قليلة، أو لم تقدم أية معلومات، عن هذه النقطة. وهي ترى انه ينبغي، على الأقل في البلدان التي بلغ فيها العلم والطب درجة عالية من التقدم، بل وبالنسبة للشعوب والمناطق التي توجد خارج حدودها إذا تضررت بالتجارب التي تقوم بها، إ يلاء مزيد من الاهتمام للحاجة المحتملة إلى احترام هذا الحكم وللوسائل الممكنة لضمان ذلك. ومن الضروري توفير حماية خاصة فيما يتعلق بالتجارب من ذلك القبيل في حالة ال أشخاص غير القادرين على ال إ عراب عن رضاهم.

الدورة السادسة عشرة (1982)

التعليق العام رقم 8 : المادة 9 (حق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه)

1- إن المادة 9، التي تتناول مسألة حق كل شخص في الحرية وفي الأمان على شخصه ، غالبا ما فهمت فهما ضيقا إلى حد ما في التقا رير التي قدمتها الدول الأطراف، ولذلك قدمت تلك الدول معلومات غير كاملة. وتشير اللجنة إلى أن الفقرة 1 تنطبق على جميع أنواع الحرمان من الحرية، سواء في الحالات الجنائية أو في الحالات الأخرى كالأمراض العقلية، مثلا، والتشرد، وإدمان المخدرات، والأغراض التربوية، و مراقبة الهجرة، إلى غير ذلك. وصحيح أن بعض أحكام المادة 9 ( جزء من الفقرة 2 وكامل الفقرة 3 ) لا تنطبق إلا على الأشخاص الذين توجه إليهم تهمة ارتكاب إ حدى الجرائم. غير أن البقية، وخاصة الضمان الهام الوارد في الفقرة 4، أي حق الرجوع إلى القضاء ليقوم بتحري قانونية ا لاعتقال، تنطبق على جميع الأشخاص الذين يتعرضون للحرمان من حريتهم، بالقبض عليهم أو باعتقالهم. وبال إ ضافة إلى ذلك، يتعين على الدول الأطراف أن تضمن أيضا، وفقا للمادة 2 ( 3 ) توفير سبيل الانتصاف الفعال في الحالات الأخرى التي يدعي فيها شخص أ نه قد تعرض للحرمان من حري ته مما يتنافى مع هذا العهد.

2- و تقتضي الفقرة 3 من المادة 9 أ ن يراعى ، في حالة أي إ نسان موقوف أو معتقل بتهمة ارتكاب إ حدى الجرائم، إ حالته "فورا" إلى أ حد القضاة أو الموظفين المخولين قانونا مباشرة الوظائف القضائية. ويضع القانون، في معظم الدول الأطراف حدودا زمن ية أكثر دقة، وترى اللجنة أن التأخير لا ينبغي أن يتجاوز أياما معدودة. وقد قدم عدد كبير من البلدان معلومات غير كافية عن الممارسات الفعلية فيما يتعلق بهذه المسألة.

3- وهناك موضوع آخر وهو مدة الاحتجاز ال إ جمالية في انتظار المحاكمة. وهذا الموضوع أثار بالنسبة لف ئات معينة من القضايا الجنائية في بعض البلدان بعض القلق داخل اللجنة، وقد استفسر الأعضاء عما إذا كانت ممارسات تلك البلدان تتوافق مع حق الشخص في "محاكمته خلال مدة معقول ـ ة أو" في "ال إ فراج عنه" بمقتضى الفقرة 3. وينبغي أن يكون الاحتجاز قبل ال إ حالة إلى المحاكمة إ جراء استثنائيا وأن تكون مدته قصيرة إلى أقصى حد ممكن. واللجنة ترحب بأية معلومات تتعلق بالآليات الحالية والتدابير المتخذة لتخفيض مدة ذلك الاحتجاز.

4- وينبغي أيضا، إذا استخدم ما يسمى بالحبس الوقائي لأسباب تتعلق بالأمن العام، أن يخضع ذلك الحبس لذات هذه الأحكام ، أي يجب ألا يكون تعسفيا، وأن يقوم على أسس و إ جراءات ينص عليها القانون ( الفقرة 1 ) وينبغي ال إ علام بأسباب التوقيف ( الفقرة 2 ) وينبغي توفير المراقبة القضائية للاحتجاز ( الفقرة 4 ) فضلا عن الحق في التعويض في حالة التوقيف غير القانوني ( الفقرة 5 ). و إ ذا وجهت بال إ ضافة إلى ذلك في مثل تلك الحالات تهم بارتكاب إ حدى الجرائم، تمنح أيضا الحماية الكاملة التي تنص عليها المادة 9 ( 2 ) و ( 3 ) فضلا عن المادة 14 .

الدورة السادسة عشرة (1982)

التعليق العام رقم 9 : المادة 10 (المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم)

[استعيض عن التعليق العام رقم 9 بالتعليق العام رقم 21]

1- تنص الفقرة 1 من المادة 10 من العهد على أ ن يراعى ، بالنسبة إلى كل إ نسان يتعرض للحرمان من حريته، أن يعامل معاملة إ نسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني. بيد أن جميع التقارير التي قدمتها الدول الأطراف لا تتضمن عل ى ال إ طلاق معلومات عن الطريقة التي تنفذ بها هذه الفقرة من المادة. وترى اللجنة أ ن من المستصوب أن تتضمن تقارير الدول الأطراف معلومات محددة عن التدابير القانونية الرامية إلى حماية هذا الحق. وترى اللجنة أيضا انه ينبغي أن تذكر التقارير التدابير الملموسة التي تتخ ذها الهيئات الحكومية المختصة لمراقبة التنفيذ الإلزامي للقوانين الوطنية المتعلقة بمعاملة كل إ نسان يتعرض للحرمان من حريته معاملة إ نسانية واحترام كرامته الإنسانية على النحو المطلوب في الفقرة 1.

وتشير اللجنة في هذا الخصوص إلى أ ن الفقرة 1 من هذه المادة تنطبق ب صورة عامة على الأشخاص المحرومين من حريتهم، بينما تميز الفقرة 2 بين الأشخاص المتهمين والأشخاص المدانين، ولا تتناول الفقرة 3 إ لا المدانين فقط. وهذا الهيكل لا ينعكس غالبا، في التقارير التي تتصل أساسا بالمتهمين والمدانين. وصياغة الفقرة 1، والسياق الذي جاءت في ـ ه - وبالخصوص التقارب بينها وبين الفقرة 1 من المادة 9 التي تتناول بدوره ـ ا جميع أن ـ واع الحرمان - وهدفها، كل ذلك يدعم تطبيق المبدأ الوارد في ذلك الحكم، على نطاق واسع بال إ ضافة إلى ذلك، تذكر اللجنة بأن هذه المادة تكمل المادة 7 فيما يتعلق بمعاملة كل شخص يتعرض لل حرمان من حريته.

وان معاملة كل إ نسان يحرم من حريته معاملة إ نسانية. واحترام كرامته الإنسانية هما معيار أساسي عالمي التطبيق لا يمكن أن يعتمد اعتمادا كليا على الموارد المادية. ومع أن اللجنة تدرك أن إ جراءات الاعتقال وظروفه قد تختلف، من نواح أخرى، باختلاف الموا رد المتوفرة، ف إ نها ينبغي أن تطبق دائما، بدون تمييز، على النحو المطلوب في المادة 2(1).

وتقع المسؤولية النهائية عن احترام هذا المبدأ على عاتق الدولة فيما يتعلق بجميع المؤسسات التي يحتجز فيها أشخاص، رغم إ رادتهم، بصورة قانونية ليس فقط في السجون و إ نما أيضا، و على سبيل المثال، في المستشفيات، أو معسكرات الاعتقال أو المؤسسات ال إ صلاحية.

2- وتنص الفقرة الفرعية 2 ( أ ) من تلك المادة على أن يراعى، إ لا في الظروف الاستثنائية، فصل المتهمين عن المدانين ومعاملتهم معاملة مستقلة تتفق مع مركزهم كأشخاص غير مدانين. ولم تول بعض الت قارير الاهتمام الواجب لهذا الشرط المباشر من العهد. ونتيجة لذلك لم تقم بتوفير معلومات كافية عن الطريقة التي تختلف بها معاملة المتهمين عن معاملة المدانين. وينبغي أن تدرج في التقارير القادمة معلومات من ذلك القبيل.

وتدعو الفقرة الفرعية 2 ( ب ) من المادة، في جمل ة أمور، إلى فصل المتهمين الأحداث عن البالغين. وتبين المعلومات الواردة في التقارير أن عددا من الدول لا تأخذ في اعتبارها بشكل كاف أن ذلك هو شرط غير مقيد من شروط العهد. وترى اللجنة انه لا يمكن تبرير مخالفة الدول الأطراف لالتزاماتها بمقتضى الفقرة الفرعية 2 ( ب ) بأي اعتبار، أيا كان، كما يتضح ذلك من نص العهد.

3- وفي عدد من الحالات، لا تتضمن المعلومات الواردة في التقارير فيما يتعلق بالفقرة 3 من المادة أية إ شارة محددة سواء إلى التدابير التشريعية أو ال إ دارية، أو إلى الخطوات العملية المتخذة لتشجيع إ صلاح السجناء و إ عادة تأهيلهم الاجتماعي وذلك مثلا عن طريق التعليم والتدريب المهني والعمل المفيد. وان السماح بالزيارات، وبخاصة من جانب أفراد العائلة، هو بطبيعة الحال من بين التدابير المطلوبة أيضا لأسباب إ نسانية. كما أن هناك ثغرات مماثلة في تقارير بعض الدول تتعلق بالمعلومات المت صلة بالمجرمين الأحداث الذين يتعين فصلهم عن الكبار ومعاملتهم المعاملة المناسبة لسنهم ومركزهم القانوني.

4- وتلاحظ اللجنة كذلك أن مبدأ المعاملة الإنسانية ومبدأ احترام كرامة الإنسان الواردين في الفقرة 1 هما الأساس لالتزامات الدول الأكثر تحديدا وتخصيصا في مي ـ دا ن القضاء الجنائي والواردة في الفقرتين 2 و3 م ـ ن المادة 10 . ويشترط فصل المتهمين عن المدانين ل إ براز مركزهم كأشخاص غير مدانين تحميهم في نفس الوقت قرينة البراءة الواردة في الفقرة 2 من المادة 14 . والهدف من هذه الأحكام هو حماية الفئات المذكورة، وينبغي النظر إلى ا لشروط الواردة فيها من تلك الزاوية. وهكذا، وعلى سبيل المثال ينبغي فصل المجرمين الأحداث ومعاملتهم بطريقة تشجع إ صلاحهم و إ عادة تأهيلهم اجتماعيا.

الدورة التاسعة عشرة (1983)

التعليق العام رقم 10: المادة 19 (حرية الرأي)

1- تقتضي الفقرة 1 حماية حق المرء في "اعتناق آراء دون مضايقة". وهذا حق لا يسمح العهد بأي استثناء له أو قيد عليه. وترحب اللجنة بأية معلومات ترد من الدول الأطراف فيما يتعلق بالفقرة 1.

2- و تقتضي الفقرة 2 حماية الحق في حرية التعبير التي لا تتضمن فقط حرية "نقل ضروب المعلومات والأفكار" بل أيضا حرية "التما سها" و"تلقيها" "دون أي اعتبار للحدود" وبأية وسيلة، "سواء في شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي من الوسائل الأخرى" التي يختارها. ولم تقدم بعض الدول الأطراف معلومات تتعلق بجميع جوانب حرية التعبير. وعلى سبيل المثال، لم يوجه إ لا القليل من الانتباه حتى ال آن إلى أنه، نظرا لتطور وسائل ال إ علام الجماهيرية الحديثة، يلزم اتخاذ التدابير الفعالة لمنع هذه الرقابة على وسائط ال إ علام بشكل يتعارض مع حق كل فرد في حرية التعبير بطريقة لا ينص عليها في الفقرة 3.

3- و تقتصر تقارير كثيرة من تقارير الدول الأطراف على الإشارة إلى أن حرية التعبير مضمونة بمقتضى الدستور أو القانون. إ لا أنه في سبيل معرفة نظام حرية التعبير بالضبط، في القانون وفي الممارسة، يلزم أن تحصل اللجنة بالإضافة إلى ذلك على معلومات وثيقة الصلة عن الأحكام التي تعرف نطاق حرية التعبير أو التي تضع قيودا معينة، وسائر ا لشروط التي تؤثر فعليا على ممارسة هذا الحق. والتفاعل بين مبدأ حرية التعبير وهذه الحدود والقيود هو الذي يحدد النطاق الفعلي لحق الفرد.

4- وتؤكد الفقرة 3 صراحة أن ممارسة الحق في حرية التعبير تستتبع واجبات ومسؤوليات خاصة، وعلى هذا يجوز إ خضاع هذا الحق لبعض القيو د، قد تتصل إما بمصالح أشخاص آخرين أو بمصالح المجتمع ككل. إلا أنه عندما تفرض دولة طرف بعض القيود على ممارسة حرية التعبير، لا يجوز أن تعرض هذه القيود الحق نفسه للخطر. وتضع الفقرة 3 شروطا، ولا يجوز فرض القيود إ لا بمراعاة هذه الشروط: ويجب "نص القانون" على هذه القيود؛ ولا يجوز أن تفرض إ لا لأحد الأهداف المبينة في الفقرتين الفرعيتين ( أ ) و ( ب ) من الفقرة 3؛ ويجب تبريرها بأنها "ضرورية" للدولة الطرف لتأمين أحد تلك الأهداف.

الدورة التاسعة عشرة (1983)

التعليق العام رقم 11 : المادة 20

1- لم تتضمن بعض التقارير المقدمة من ا لدول الأطراف معلومات كافية فيما يتعلق بتنفيذ المادة 20 من العهد. ونظرا لطبيعة المادة 20 ، ف إ ن الدول الأطراف ملزمة باعتماد التدابير التشريعية الضرورية التي تحظر ال إ جراءات المشار إليها في هذه المادة. إلا أن التقارير أظهرت انه في بعض الدول لا يحظر القانون هذه ال إ جراءات ولا يزمع بذل الجهود المناسبة لحظرها ولا تبذل جهود من هذا القبيل. وعلاوة على ذلك، لم تتضمن تقارير كثيرة معلومات كافية فيما يتعلق بالتشريعات والممارسات الوطنية ذات الصلة.

2- و تنص المادة 20 من العهد على أن تحظر قانونا ً أية دعاية للحرب أو أية دعوة إ لى الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف. وفي رأي اللجنة، يتمشى هذا الحظر المطلوب تمشيا تاما مع الحق في حرية التعبير كما ورد في المادة 19 ، الذي تنطوي ممارسته على واجبات ومسؤوليات خاصة. ويمتد الحظر بمقتضى الفقرة 1 ليشمل جميع أشكال الدعاية التي تهدد بعمل عدواني أو بخرق للسلم يتعارض وميثاق الأمم المتحدة، أو التي تؤدي إلى ذلك، في حين أن الفقرة 2 موجهة ضد أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف، سواء كان لهذه الد عاية أو الدعوة أهداف داخلية أو خارجية للدولة المعنية. ولا تحظر أحكام الفقرة 1 من المادة 20 الدعوة إلى الحق السيادي في الدفاع عن النفس أو حق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال وفقا للميثاق. ولكي تصبح المادة 20 فعالة تماما ينبغي أن يكون هناك قانون يبين بوضوح أن الدعاية والدعوة بالصورة الواردة في المادة تتعارض والسياسة العامة، وينص على جزاء مناسب في حالة انتهاك ذلك. ومن ثم، تعتقد اللجنة أن الدول الأطراف التي لم تتخذ بعد التدابير الضرورية للوفاء بالالتزامات الواردة في المادة 20 ، ينبغي أن تفعل ذلك، وينبغي أن تمتن ع هي نفسها عن أية دعاية أو دعوة من هذا القبيل.

الدورة الحادية والعشرون (1984)

التعليق العام رقم 12: المادة 1 (حق تقرير المصير)

1- عم لاً بمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، تقر المادة 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بأن لجميع الشعوب حق تق رير مصيرها. ويتسّم حق تقرير المصير ب أهمية خاصة، لأن تحقيقه هو شرط أساسي للضمان والاحترام الفعليين لحقوق الإنسان الفردية، ولتعزيز هذه الحقوق وتقويتها. ولهذا السبب، جعلت الدول من حق تقرير المصير حكما من أحكام القانون الوضعي في كلا العهدين، وأوردت هذا الحكم ف ي المادة 1 بصورة مستقلة عن جميع الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهدين وقبل هذه الحقوق.

2- وتكرس المادة 1 حقا غير قابل للتصرف لجميع الشعوب وفقا لما جاء وصفه في الفقرتين 1 و2 منها. فبمقتضى هذا الحق، تكون الشعوب حرة "في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لت حقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي". وتفرض المادة على جميع الدول الأطراف التزامات مقابلة. وهذا الحق والالتزامات المترتبة عليه والمتعلقة بتنفيذه لا يمكن فصلها عن أحكام أخرى للعهد وقواعد القانون الدولي.

3- وعلى الرغم من أن التزامات جميع الدول الأطراف بتقديم التقارير تشمل المادة 1، فان القليل فقط من هذه التقارير يعطي شروحا مفصلة تتعلق بكل من فقرات المادة المذكورة. وقد لاحظت اللجنة أن الكثير من هذه التقارير تتجاهل تماما المادة 1 وتعطي معلومات غير كافية بشأنها أو تكتفي بال إ شارة إلى قوانين الانتخاب. وترى اللجنة أن من المرغوب فيه جدا أن تقدم الدول الأطراف تقارير تتضمن معلومات عن كل فقرة من فقرات المادة 1.

4- وفيما يتعلق بالفقرة 1 من المادة 1، ينبغي للدول أن تصف ال إ جراءات الدستورية والسياسية التي تمكن، عمليا، من ممارسة هذا الحق.

5- وتؤكد الفقرة 2 جانبا خاصا من المحتوى الاقتصادي لحق تقرير المصير، ألا وهو حق الشعوب، في إطار سعيها إلى بلوغ أهدافها الخاصة، في "التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إ خلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة". ويرتب هذا الحق واجبات مقابلة على جميع الدول وعلى المجتمع الدولي. وينبغي للدول أن تشير إلى أية عوامل أو صعوبات تحول دون التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية خلافا لأحكام هذه الفقرة، وإلى أي م دى يؤثر ذلك في التمتع بالحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد.

6- وفي رأي اللجنة أن الفقرة 3 تتميز بأهمية خاصة إذ إ نها تفرض التزامات محددة على الدول الأطراف، لا فيما يتصل بشعوبها وحسب، و إن ما أيضا تجاه جميع الشعوب التي لم تتمكن من ممارسة حقها في تقرير المصير ، أو التي حرمت من إ مكانية ممارسة هذا الحق. وتتأكد الطبيعة العامة لهذه الفقرة بالتاريخ الذي مرت به صياغتها. وهي تنص على أنه "على الدول الأطراف في هذا العهد، بما فيها الدول التي تقع على عاتقها مسؤولية إ دارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والأقاليم المشم ولة بالوصاية، أن تعمل على تحقيق حق تقرير المصير وأن تحترم هذا الحق، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة". فالالتزامات موجودة بصرف النظر عما إ ذا كان أحد الشعوب الذي يحق له تقرير المصير يخضع لدولة طرف في العهد أم لا. وينتج عن ذلك أنه ينبغي لجميع الدول الأطراف في العهد أن تتخذ إ جراءات إ يجابية لتسهيل تحقيق حق الشعوب في تقرير المصير واحترام هذا الحق. وينبغي أن تكون هذه ال إ جراءات ال إ يجابية متفقة مع التزامات الدول بموجب ميثاق الأمم المتحدة وبموجب القانون الدولي، وبصورة خاصة، يجب أن تمتنع الدول عن التدخل في الشؤون الدا خلية للدول الأخرى والتأثير بذلك تأثيرا سلبيا في ممارسة حق تقرير المصير. وينبغي أن تتضمن التقارير معلومات عن الوفاء بهذه الالتزامات وعن التدابير المتخذة لهذه الغاية.

7- وفيما يتصل بالمادة 1 من العهد، تشير اللجنة إلى الصكوك الدولية الأخرى التي تتعلق بحق جميع الشعوب في تقرير المصير، وخاصة إ علان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة، الذي اعتمدته الجمعية العامة بتاريخ 24 تشرين الأول/ أ كتوبر 1970 ( قرار الجمعية العامة 2625( د- 25)) .

8- وترى اللجنة أن التاريخ أثبت أن تحقيق حق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام هذا الحق يسهمان في إ قامة علاقات ودية وتعاون بين الدول، وفي تعزيز السلم والتفاهم الدوليين.

الدورة الحادية والعشرون (1984)

التعليق العام رقم 13: المادة 14 (إقامة العدل)

1- تلاحظ اللجنة أن المادة 14 من العهد هي ذات طبيعة معقدة، وان الجوانب المختلفة لأحكامها تحتاج إلى إبداء ملاحظات محددة. و تهدف جميع هذه الأحكام إلى تأمين إ قامة العدالة على وجه صحيح وتنص، لهذه الغاية، على سلسلة من الحقوق الفردية كالمساواة أمام القضاء، وحق كل فرد في أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من ق بل محكمة مختصة مستقلة وحيادية منشأة بحكم القانون. ولم تقدم كل التقارير تفاصيل عن ال إ جراءات التشريعية أو غيرها المعتمدة خصيصا لتنفيذ كل من أحكام المادة 14 .

2- وعلى العموم، تغفل تقارير الدول الأطراف ال إ قرار بأن المادة 14 تنطبق لا على ال إ جراءات للفصل في التهم الجنائية الموجهة إلى الأفراد وحسب، و إ نما أيضا على ال إ جراءات للفصل في حقوقهم والتزاماتهم في أية دعوى مدنية. وتتباين إلى حد كبير القوانين والممارسات التي تعالج هذه الأمور بتباين الدول. ونظرا لهذا التباين، تزداد الحاجة إلى أن تقدم الدول الأطراف جميع المعلوما ت ذات الصلة، وأن تشرح بمزيد من التفصيل كيف يتم تفسير مفهومي "التهمة الجنائية" و"الحقوق والالتزامات في أية دعوى مدنية" فيما يتصل بالنظم القانونية الخاصة بكل منها.

3- وترى اللجنة أن من المفيد أن تقدم الدول الأطراف، في تقاريرها المقبلة، معلومات أكثر تفصيلا ع ن الخطوات المتخذة للتأكد من أن المساواة أمام القضاء، بما فيها المساواة في الوصول إلى المحاكم، والنظر المنصف والعلني في القضية والاختصاص والحياد والاستقلال للمحاكم تنشأ بموجب القانون وتضمن عمليا. وعلى الخصوص، ينبغي للدول أن تحدد النصوص الدستورية والتشريعية ذات الصلة بالموضوع والتي تنص على إنشاء المحاكم وتؤمن استقلالها وحيادها واختصاصها، ولا سيما فيما يتعلق بالطريقة التي يتم بها تعيين القضاة، والمؤهلات المطلوبة لتعيينهم، ومدة ولايتهم، والشروط التي تنظم ترقيتهم ونقلهم وتوقف وظائفهم، والاستقلال الفعلي للسلطة ال قضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية.

4- وتنطبق أحكام المادة 14 على جميع المحاكم التي تندرج في نطاق هذه المادة عادية كانت أو متخصصة. وتلاحظ اللجنة أنه توجد، في بلدان عديدة، محاكم عسكرية أو خاصة تحاكم المدنيين. وقد يثير ذلك مشاكل خطيرة فيما يتعلق ب إ قامة العدالة على نحو منصف وحيادي ومستقل. وغالبا ما يكون السبب في إنشاء مثل هذه المحاكم هو التمكن من تطبيق إ جراءات استثنائية لا تتفق مع المعايير العادية للعدل. ومع أن العهد لا يحظر هذه الفئات من المحاكم، إلا أن الشروط التي ينص عليها تشير صراحة إلى أن محاكمة ال مدنيين من جانب مثل هذه المحاكم ينبغي أن تكون استثنائية جدا، وأن تجرى بشروط تسمح أساسا بتوافر جميع الضمانات المنصوص عليها في المادة 14 . ولاحظت اللجنة النقص الخطير في المعلومات بهذا الشأن في تقارير بعض الدول الأطراف التي تتضمن مؤسساتها القضائية مثل هذه المحا كم لمحاكمة المدنيين. وفي بعض البلدان، لا توفر مثل هذه المحاكم العسكرية والخاصة الضمانات الصارمة ل إ قامة العدالة على وجه صحيح وفقا لمتطلبات المادة 14 التي هي متطلبات أساسية لتوفير حماية فعلية لحقوق الإنسان. وإذا قررت الدول الأطراف في حالات الطوارئ الاستثنائي ة المشار إليها في المادة 4 عدم التقيد بال إ جراءات الاعتيادية المنصوص عليها في المادة 14 ، ينبغي أن تتأكد من أن حالات عدم التقيد هذه لا تتجاوز أضيق الحدود التي يتطلبها الوض ـ ع الفع ـ لي، وأن تتقيد بسائر الشروط الواردة في الفقرة 1 من المادة 14 .

5- وتنص الجملة الث انية من الفقرة 1 من المادة 14 على أن "من حق كل فرد ... أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني". وتتوسع الفقرة 3 من المادة في بيان مقتضيات "النظر المنصف" فيما يتعلق بالفصل في التهم الجنائية. غير أن متطلبات الفقرة 3 هي ضمانات دنيا لا يكفي دائما التقيد بها لتأمين ن ظر منصف في القضية وفقا لما تنص عليه الفقرة 1.

6- وتشكل علنية المحاكمات وسيلة وقائية هامة لمصلحة الفرد والمجتمع بأسره. وفي الوقت ذاته، تعترف الفقرة 1 من المادة 14 بأن للمحاكم سلطة منع الجمهور ، كليا أو جزئيا ، من حضور المحاكمة لأسباب واردة في الفقرة ذاتها، وت جدر ال إ شارة إلى أن اللجنة تعتبر أن المحاكمة، بخلاف مثل تلك الظروف الاستثنائية، يجب أن تكون مفتوحة للجمهور عامة، بمن فيه الأفراد التابعون للصحافة، ويجب ألا تكون، مثلا، محصورة فقط بفئة معينة من الأشخاص. وتجدر ال إ شارة إلى أنه حتى بالنسبة للقضايا التي يمنع فيه ا الجمهور من حضور المحاكمة ي ـ جب أن يكون الحكم علنيا، مع بعض الاستثناءات المحددة حصرا.

7- ولاحظت اللجنة وجود نقص في المعلومات المتعلقة بالفقرة 2 من المادة 14 ، بل إنها لاحظت في بعض الحالات أن قرينة البراءة، التي هي أساسية لحماية حقوق الإنسان، مصاغة بعبارات بالغة الغموض، أو أنها تنطوي على شروط تجعلها غير فعالة. فبسبب قرينة البراءة، يقع عبء إثبات التهمة على عاتق الادعاء ويجعل الشك لصالح المتهم. ولا يمكن افتراض الذنب إ لا بعد إثبات التهمة بما لا يدع للشك المعقول مجالا. فضلا عن أن قرينة البراءة تنطوي على حق المعا ملة وفقا لهذا المبدأ. لذلك، فان من واجب جميع السلطات العامة أن تمتنع عن الحكم بصورة مسبقة على نتيجة المحاكمة.

8- ومن بين الضمانات الدنيا في ال إ جراءات الجنائية المنصوص عليها في الفقرة 3، الضمانة الأولى التي تتعلق بحق كل متهم بجريمة في أن يتم إ علامه، في لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إ ليه ( الفقرة الفرعية ( أ )) . وتلاحظ اللجنة أن تقارير الدول لا تشرح في الغالب كيف يتم مراعاة هذا الحق وتأمينه، وتنطبق المادة 14(3)( أ ) على جميع حالات التهم الجنائية، بما فيها تلك الموجهة إلى أشخاص غير معتقلين. وتلاحظ اللجنة كذلك أن حق المتهم بجريمة في أن يتم إ علامه بالتهمة "سريعا" يتطلب أن تعطي المعلومات بالطريقة الموصوفة فور توجيه التهمة من جانب سلطة ذات صلاحية. وفي رأي اللجنة أن هذا الحق يجب أن ينشأ عندما تقرر إ حدى المحاكم أو إ حدى سلطات الادعاء العام، أثناء التحقيق، أن تتخذ إ جرا ءات ضد شخص مشتبه به بأنه ارتكب جريمة أو تسميه علنا بأنه مشتبه به. ويمكن ال إ يفاء بالمتطلبات المحددة في الفقرة الفرعية ( 3 )( أ ) عن طريق إ علان التهمة شفهيا أو خطيا، على أن تشير المعلومات إلى القانون وإلى الأفعال المدعى بها التي ترتكز عليها التهمة.

9- وتنص الفقر ة الفرعية 3 ( ب ) على أن يعطى المتهم من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه ل إ عداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه. إن "الوقت الكافي" يتوقف على ظروف كل قضية، لكن التسهيلات يجب أن تشمل الوصول إلى الوثائق وغيرها من ال إ ثباتات التي يطلبها المتهم ل إ عداد دفاعه، وكذلك فر صة تعيين محام والاتصال به. وعندما لا يريد المتهم أن يدافع عن نفسه شخصيا أو يطلب شخصا أو جمعية يختارهما هو، يجب أن يتمكن من اللجوء إلى محام. وبال إ ضافة إلى ذلك، تنص هذه الفقرة الفرعية على أن يتصل المحامي بالمتهم في شروط تضمن التقيد الكامل بسرية اتصالاتهما. و ينبغي أن يكون ب إ مكان المحامين أن يقدموا المشورة إلى موكليهم وأن يمثلوهم وفقا لمعاييرهم وأفكارهم المهنية الثابتة دون أية قيود أو تأثيرات أو ضغوط أو تدخلات لا مبرر لها من أي جهة.

10 - وتنص الفقرة الفرعية 3 ( ج ) على أن يحاكم المتهم دون تأخير لا مبرر له. وتتعلق هذه الضمانة لا بالتاريخ الذي ينبغي أن تبدأ فيه المحاكمة وحسب، و إ نما أيضا بالتاريخ الذي ينبغي أن تنتهي فيه هذه المحاكمة وأن يصدر فيه الحكم. فيجب أن تتم جميع المراحل "دون تأخير لا مبرر له". وبغية جعل هذا الحق فعليا، يجب أن تتوافر إ جراءات لضمان أن المحاكمة سو ف تسير "دون تأخير لا مبرر له"، في الدرجة الأولى والاستئناف على حد سواء.

11- و لم تعالج جميع التقارير كافة جوانب حق الدفاع، كما حددته الفقرة الفرعية 3 ( د ) . فاللجنة لم تتلق دائما معلومات كافية تتعلق بحماية حق المتهم في أن يكون حاضرا أثناء الفصل في أية تهمة مو جهة إليه ، أو بكيفية ضمان النظام القانوني لحقه سواء في الدفاع عن نفسه شخصيا أو بواسطة محام من اختياره، أو بماهية الترتيبات التي تتخذ إذا كان الشخص لا يملك الوسائل الكافية لدفع أجر المعونة القضائية. ويجب أن يكون للمتهم أو لمحاميه حق العمل بعناية ودون خوف على استخدام جميع وسائل الدفاع المتاحة، وحق الاعتراض على سير القضية إذا كانا يعتقدان بأنه غير منصف. وعندما تجرى المحاكمات غيابيا، بصورة استثنائية ولأسباب مبررة، يصبح التقيد الدقيق بحقوق الدفاع أكثر ضرورة.

12 - وتنص الفقرة الفرعية 3 (ه‍) على انه يحق للمتهم أن ين اقش شهود الاتهام بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي واستجوابهم بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام. وهذا الحكم وضع لكي يضمن للمتهم ذات السلطات القانونية لإلزام الشهود على الحضور ولإجراء الاستجواب أو الاستجواب المضاد لأي شهود كما هي الحال بالنسبة للسلطات المتاحة للادعاء العام.

13 - وتنص الفقرة الفرعية 3 ( و ) على أنه في حالة عدم تمكن المتهم من التكلم أو فهم اللغة المستخدمة في المحكمة فان له الحق في مساعدة مجانية من مترجم. وهذا الحق مستقل عن نتيجة المحاكمة وينطبق على الأجانب وكذلك على رعايا البلد. وإنه ذو أهمية أساسية في القضايا التي يكون فيها جهل اللغة التي تستخدمها المحكمة أو الصعوبة في فهمها عائقا رئيسيا في وجه حق الدفاع.

14 - وتنص الفقرة الفرعية 3 ( ز ) على ألا يكره المتهم على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب. ولدى النظر في هذا التدبير الوقائي، ينبغي عدم إ غفال أحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 . فبغية إ كراه المتهم على الاعتراف أو على الشهادة ضد نفسه، غالبا ما تستخدم طرق تنتهك هذه الأحكام. وينبغي أن ينص القانون على أن ال إ ثباتات الموفرة بواسطة مثل هذه الطرق أو بأي شكل آخر من أشكال ال إ كراه غير المقبولة البتة.

15 - وبغية الحفاظ على حقوق المتهم بموجب الفقرتين 1 و3 من المادة 14 ، ينبغي أن يكون للقضاة سلطة النظر في أي ادعاءات بانتهاكات حقوق المتهم أثناء أية مرحلة من مراحل المحاكمة.

16 - وتنص الفقرة 4 من المادة 14 على أن ال إ جراءات المطبقة على الأحداث تأخذ في الاعتبار أعمارهم وضرورة العمل على إ عادة تأهيلهم. ولم تقدم تقارير عديدة معلومات كافية تتعلق بمسائل ذات صلة كالسن الدنيا التي يمكن فيها اتهام حدث بجريمة، والسن القصوى التي لا يزال الشخص يعتبر فيها حدثا، ووجود محاكم و إ جراءات خاصة، والقوانين الناظمة لل إ جراءات ضد الأحداث، وكيف تراعي جميع هذه الترتيبات الخاصة للأحداث، "ضرورة العمل على إ عادة تأهيلهم". وينبغي أن يتمتع الأحداث، على الأقل، بذات الضمانات والحماية الممنوحة للراشدين بموجب المادة 14 .

17 - وتنص الفقرة 5 من المادة 14 على أن لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقا للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه. ويلفت الانتباه بنوع خاص إلى ترجمة كلمة "جريمة" (Crime) ال ـ واردة في اللغات الأخرى ("infraction", "delito", "prestuplenie")، مما يدل على أن ا لضمانة لا تنحصر فقط بالجرائم الأكثر جسامة. وفي هذا السياق، لم تقدم معلومات كافية بشأن إ جراءات الاستئناف، وخاصة الوصول إلى محاكم المراجعة وسلطات هذه المحاكم، وما هي الشروط الواجب توافرها للاستئناف ضد حكم صادر، والطريقة التي تراعي بها إ جراءات محاكم المراجعة متطلبات النظر المنصف والعلني الواردة في الفقرة 1 من المادة 14 .

18 - وتنص الفقرة 6 من المادة 14 على التعويض، وفقا للقانون، في بعض ال حالات التي يقع فيها خطأ قضائي والتي يرد وصفها في المادة المذكورة، ويتبين من تقارير دول عديدة أن هذا الحق غالبا ما لا يراعى أو لا يُدمج بشكل كاف في التشريع المحلي. وينبغي للدول، عند الاقتضاء، أن تكمل تشريعاتها في هذا المجال بغية جعلها متسقة مع أحكام العهد.

19 - ولدى النظر في تقارير الدول، غالبا ما تم ال إ عراب عن آراء متباينة فيما يتعلق بمدى الفقرة 7 من المادة 14 . وقد رأت بعض الدول الأطراف ضرورة إ بداء تحفظات فيما يتصل ب إ جراءات استئناف سير القضايا الجنائية. ويبدو للجنة أن معظم الدول الأطراف تفرق تفريقا واضحا بين استئناف سير المحاكمة المبرر بظروف استثنائية، و إ ع ـ ادة المحاكم ـ ة المحظورة عملا بمبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين (non bis in idem) الوارد في الفقرة 7. وفهم معنى مبدأ non bis in idem على هذا النحو قد يشجع الدول الأطراف على إ عادة النظر في تحفظاتها على الفقرة 7 من المادة 14 .

الدورة الثالثة والعشرون (1984)

التعليق العام رقم 14: المادة 6 (الحق في الحياة)

1- لاحظت اللجنة المع نية بحقوق الإنسان، في تعليقها العام رقم 6 [16] الذي اعتمدته في جلستها 378 المعقودة في 27 تموز/يوليه 1982 ، أن الحق في الحياة المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، هو الحق الأعلى الذي لا يجوز الخروج عليه ح تى في أوقات الطوارئ العامة. والحق في الحياة نفسه مكرس أيضا في المادة 3 من ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 . وهذا الحق هو الأساس الذي تقوم عليه جميع حقوق الإنسان.

2- وقد لاحظت اللجنة أيضا ، في تعليقها العام السابق، أن الواجب الأعلى للدول هو منع الحروب. فما زالت الحرب وأعمال العنف الأخرى تمثل بلاء للبشرية وتودي بحياة آلاف الأبرياء من البشر كل عام.

3- وفي الوقت الذي ما زالت فيه اللجنة تشعر ببالغ القلق إ زاء الخسائر في الأرواح البشرية الناجمة عن الأسلحة التقليدية المستخدمة في المنازعات المسلحة، ف إ نها قد لاحظت أ ن متحدثين من جميع المناطق الجغرافية قد أعربوا، خلال الدورات المتعاقبة للجمعية العامة عن قلقهم المتزايد إ زاء استحداث ونشر أسلحة التدمير الشامل المروعة على نحو متزايد، وهي أسلحة لا تهدد الح ياة الإنسانية فحسب بل تمتص أيضا موارد يمكن بدلا من ذلك استخدامها لأغراض اقتصادية واجتماعية حيوية، ولا سيما في البلدان النامية، مما يعزز حقوق الإنسان ويكفل تمتع الجميع بها.

4- إن اللجنة تش اطر هذا القلق. إذ إ نه من الواضح أن تصميم الأسلحة النووية واختبار ها و صناع تها وامتلاك ها ونشر ها من أخطر ما تواجهه البشرية اليوم من تهديدات للحق في الحياة. ويزيد من جسامة هذا التهديد الخطر المتمثل في إ مكانية الاستعمال الفعلي لهذه الأسلحة. لا في حالة نشوب حرب فحسب بل حتى نتيجة لخطأ أو قصور إ نساني أو آلي.

5- وعلاوة على ذلك، فان ذات وجود هذا التهديد وخطورته يشيعان مناخا من الريبة والخوف بين الدول، الأمر الذي يتنافى في حد ذاته مع تعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها وفقا لميثاق الأمم المتحدة وللعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان.

6- وينبغي حظر عمليات إ نتاج الأسلحة النووية واختبار ها وامتلاك ها ونشر ها واستخدام ها واعتبار هذه العمليات جرائم تقترف ضد الإنسانية.

7- وتبعا لذلك، فان اللجنة تناشد، باسم الإنسانية، جميع الدول، سواء أكانت أطرافا في العهد أم لم تكن، أن تتخذ خطوات عاجلة من جانب واحد وبالاتفاق مع غير ها من أجل تخليص العالم من هذا الخطر.

الدورة السابعة والعشرون (1986)

التعليق العام رقم 15: وضع الأجانب بموجب العهد

1- كثيرا ما لا تأخذ التقارير الواردة من الدول الأطراف في الاعتبار انه يجب على كل دولة أن تكفل الحقوق الواردة في العهد "لجميع الأفراد الموجودي ن في إ قليمها والداخلين في ولايتها" ( المادة 2 ( 1 )) . وبوجه عام، فان الحقوق المبينة في العهد تنطبق على الجميع بصرف النظر عن المعاملة بالمثل. وبصرف النظر عن جنسيتهم أو انعدام جنسيتهم.

2- وبذلك فان القاعدة العامة تقضي بكفالة كل حق من الحقوق المنصوص عليها في الع هد دون تمييز بين المواطنين والأجانب. فالأجانب يستفيدون من شرط عام يتمثل في عدم التمييز على صعيد الحقوق المكفولة في العهد، كما نصت عليه المادة 2 من العهد. وينطبق هذا الضمان على الأجانب والمواطنين على حد سواء. واستثناء، فان بعض الحقوق المعترف بها في العهد لا تنطبق إ لا على المواطنين وذلك بصريح النص ( المادة 25) في حين لا تنطبق المادة 13 إ لا على الأجانب. على أنه يتبين من تجربة اللجنة في دراسة هذه التقارير أن عددا من البلدان ينكر على الأجانب الحقوق الأخرى التي ينبغي أن يتمتعوا بها بموجب العهد أو أن هذه الحقوق تخض ع لقيود لا يمكن دائما تبريرها بموجب العهد.

3- وينص عدد قليل من الدساتير على المساواة بين الأجانب والمواطنين. على أن بعض الدساتير الأحدث عهدا تفرق بدقة بين الحقوق الأساسية المنطبقة على الجميع وتلك التي تمنح للمواطنين وحدهم وتتناول كلا منها بالتفصيل. إ لا أن الدساتير في كثير من الدول، لا تتناول في صياغتها سوى المواطنين فقط عندما يتعلق الأمر بمنح حقوق معينة. ويجوز أيضا للتشريعات والسوابق القانونية أن تلعب دورا هاما في كفالة حقوق الأجانب، وأبلغت اللجنة بأنه وان كانت الدساتير أو غيرها من التشريعات في بعض الدول ل ا تمنح الأجانب حقوقا أساسية فسوف يتم مع ذلك توسيع نطاقها لتشملهم كما يقضي العهد. على انه كان هناك تقاعس واضح، في بعض الحالات، في تنفيذ الحقوق الواردة في العهد دون تمييز فيما يتعلق بالأجانب.

4- وترى اللجنة انه ينبغي للدول الأطراف أن تولي اهتماما في تقاريرها لوضع الأجانب في ظل قوانينها وفي الممارسة الفعلية على السواء. ذلك أن العهد يوفر حماية كاملة للأجانب فيما يتعلق بالحقوق المكفولة فيه ، وينبغي ل لدول الأطراف مراعاة لشروطه في تشريعاتها وفي الممارسة حسب الاقتضاء وبذلك يتح سٍ ن وضع الأجانب تحس ي نا كبيرا. وينبغي أن تكفل الدول الأطراف أن تكون نصوص العهد والحقوق التي ينص عليها معروفة للأجانب الخاضعين لولايتها.

5- ولا يعترف العهد للأجانب بأي حق في دخول إ قليم إ حدى الدول الأطراف أو ال إ قامة فيه. وللدولة من حيث المبدأ أن تقرر من تقبل دخولهم إلى إ قليمها. على انه يجوز في ظرو ف معينة أن يتمتع الأجنبي بحماية العهد حتى فيما يتعلق بالدخول أو ال إ قامة. عندما تطرح، مثلا، اعتبارات عدم التمييز وحظر المعاملة اللا إ نسانية واحترام الحياة الأسرية.

6- ويجوز منح الموافقة على الدخول رهنا بمراعاة الشروط المتعلقة، على سبيل المثال، بالتنقل وال إ ق امة والعمل. ويجوز للدولة أيضا أن تفرض شروطا عامة على الأجنبي المار بأراضيها. على أن الأجانب يتمتعون بالحقوق المنصوص عليها في العهد بمجرد السماح لهم بدخول إ قليم دولة طرف فيه.

7- وللأجانب حق في الحياة متأصل، يحميه القانون، ولا يجوز حرمانهم تعسفا من الحياة. ويجب ألا يتعرضوا للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إ نسانية أو المهينة، كما لا يجوز استرقاقهم أو تسخيرهم. فللأجانب الحق الكامل فيما يتمتع به الإنسان من حرية وأمن. ف إ ذا حرموا من حريتهم على نحو قانوني، فيلزم معاملتهم بطريقة إ نسانية وباحترام للكرام ة المتأصلة في أشخاصهم. ولا يجوز سجن الأجنبي لعدم وفائه بالتزامه التعاقدي. وللأجانب الحق في حرية الحركة والاختيار الحر لمحل السكن، ويتمتع الأجانب بحرية مغادرة البلد، كما يتمتعون بالمساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية. ومن حقهم أن يحاكموا محاكمة عادلة وعلن ية من قبل محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة مشكلة حسب القانون وذلك عند البت في أية تهمة جنائية أو حقوق والتزامات في الدعاوى المرفوعة أمام القضاء. ولا يخضع الأجانب لتشريعات جنائية بأثر رجعي، ومن حقهم أن يعترف بما لهم من شخصية قانونية. ولا يجوز أن يخضعوا لتدخل تعس في أو غير قانوني في خصوصياتهم أو في الشؤون الخاصة بأسرهم أو منازلهم أو مراسلاتهم. ولهم الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، والحق في اعتناق الآراء والتعبير عنها. ويتمتع الأجانب بحق الاجتماع السلمي وحرية تكوين جمعيات. ويجوز لهم الزواج عندما يصلون إلى سن الزو اج القانوني. ويحق لأولادهم التمتع بتدابير الحماية التي يقتضيها وضعهم كقصر. وفي الحالات التي يشكل فيها الأجانب أقلية بالمعنى الذي قصدت إليه المادة 27 فلا يجوز حرمانهم من التمتع بالاشتراك مع سائر أفراد جماعتهم بثقافتهم الخاصة والمجاهرة بدينهم الخاص وممارسة ش عائره واستخدام لغتهم. ومن حق الأجانب التمتع بالحماية التي يكفلها القانون على قدم المساواة مع غيرهم. ولا يوجد تمييز بين الأجانب والمواطنين في تطبيق هذه الحقوق. ولا يجوز إ خضاع حقوق الأجانب هذه لأية قيود غير تلك التي يمكن فرضها قانونا وفقا للعهد.

8- ومتى كان للأجنبي وجود قانوني في الإقليم، لا يجوز تقييد حريته في الحركة داخل ال إ قليم وحقه في مغادرة ذلك ال إ قليم إ لا طبقا للمادة 12( 3 ) . ويلزم تبرير أي تفاوت في المعاملة في هذا الخصوص بين الأجانب والرعايا، أو بين مختلف فئات الأجانب، بموجب المادة 12(3). ونظرا إلى انه يجب أن تكون هذه القيود، في جملة أمور، متمشية مع سائر الحقوق المعترف بها في العهد، فلا يجوز ل إ حدى الدول الأطراف أن تمنع تعسفا عودة الأجنبي إلى بلده وذلك بإلقاء القبض عليه أو ترحيله إلى بلد ثالث ( المادة 12(4)).

9- ولم توفر تقارير كثيرة معلومات كافية عن المسا ئل المتصلة بالمادة 13 . وتنطبق تلك المادة على جميع ال إ جراءات الرامية إلى إلزام الأجنبي بالرحيل، سواء وصفت في القانون الوطني بأنها طرد أو غير ذلك من الأوصاف. ف إ ذا استتبعت هذه ال إ جراءات الاعتقال جاز أيضا تطبيق الضمانات التي ينص عليها العهد فيما يتعلق بالحرمان من الحرية ( المادتان 9 و 10) . ف إ ذا كان الغرض من الاعتقال هو التسليم لدولة أخرى جاز تطبيق نصوص قانونية أخرى وطنية ودولية. ويجب عموما أن يسمح لأي أجنبي مطرود بأن يرحل إلى أي بلد يوافق على قبوله فيه. ولا تحمي الحقوق المعينة بالتحديد في المادة 13 إ لا أ ولئك الأج انب الذين يوجدون في إ قليم إ حدى الدول الأطراف بصورة قانونية. ويعني هذا أن القانون الوطني المتعلق بشروط الدخول وال إ قامة ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار لدى تحديد نطاق هذه الحماية، وان الذين يدخلون بصورة غير قانونية والأجانب الذين أقاموا فترة أطول مما يسمح به القان ون أو تسمح به التراخيص الممنوحة لهم هم على الخصوص غير مشمولين بأحكامه. غير أنه إذا كانت شرعية دخول الأجنبي أو إ قامته موضع نزاع، فان أي قرار بهذا الشأن يؤدي إلى طرده أو ترحيله ينبغي أن يتخذ وفقا للمادة 13 . ويترك للسلطات المختصة في الدولة الطرف أن تعمل بحسن نية وفي نطاق ممارستها لصلاحياتها على تطبيق القانون المحلي وتفسيره مراعية مع ذلك الالتزامات التي ينص عليها العهد، ولا سيما مبدأ المساواة أمام القانون ( المادة 26).

10 - وتنظم المادة 13 بصورة مباشرة إ جراءات الطرد فقط وليس أسبابه الموضوعية. غير أنها بعدم سماحها إلا ب إ جراءات الطرد التي تنفذ طبقا "لقرار اتخذ وفقا للقانون"، يكون غرضها بوضوح هو منع حالات الطرد التعسفي. ومن ناحية أخرى تخول هذه المادة لكل أجنبي الحق في أن يتخذ قرار في قضيته الخاصة، ومن ثم لا تنسجم المادة 13 مع القوانين أو القرارات التي تنص على الطرد ا لجماعي أو الطرد بالجملة. وهذا الفهم، في رأي اللجنة، تؤكده أحكام أخرى تتعلق بحق الأجنبي في تقديم أسباب ضد الطرد، وفي أن يعاد النظر في القرار من قبل السلطة المختصة أو من تعينه، وفي أن يمثل أمامها أو أمامه. ويجب أن تعطى للأجنبي جميع التسهيلات اللازمة لمتابعة إ جراءات انتصافه من الطرد حتى يكون هذا الحق في جميع ظروف حالته فعالا. ولا يمكن الخروج عن المبادئ التي تقضي بها المادة 13 والمتصلة بالطعن في الطرد والحق في إ عادة النظر من قبل سلطة مختصة إلا متى اقتضت ذلك "أسباب اضطرارية تتعلق بالأمن القومي". ولا يجوز التمييز بين مختلف فئات الأجانب عند تطبيق المادة 13 .

الدورة الثانية والثلاثون (1988)

التعليق العام رقم 16: المادة 17 (الحق في حرمة الحياة الخاصة)

1- تنص المادة 17 على حق كل شخص في عدم التعرض، على نحو تعسفي أو غير مشروع لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مرا سلاته ولا لأي حملات لا قانونية تمس بشرفه أو سمعته. وترى اللجنة أنه يلزم ضمان هذا الحق في مواجهة جميع تلك التدخلات والاعتداءات سواء أكانت صادرة عن سلطات الدولة أم عن أشخاص طبيعيين أو قانونيين. والالتزامات التي تفرضها هذه المادة تقتضي أن تعتمد الدولة تدابير تشريعية وغيرها من التدابير اللازمة لإعمال الحظر المفروض على تلك التدخلات والاعتداءات فضلا عن حماية هذا الحق.

2- وتود اللجنة أن تشير في هذا الصدد إلى أن تقارير الدول الأطراف في العهد لا تولي الاهتمام اللازم للمعلومات المتعلقة بالأسلوب الذي تضمن به السلطات التشريعية أو ال إ دارية أو القضائية، والأجهزة المختصة المؤسسة في الدولة بوجه عام احترام هذا الحق. وعلى وجه الخصوص لا يولى اهتمام كاف لكون المادة 17 من العهد تتناول الحماية من التدخل التعسفي وغير المشروع معا. وذلك يعني أن تشريعات الدولة هي في المقام الأول عين ما يجب النص فيه على حماية الحق المبين في تلك المادة. والوضع الراهن هو أن التقارير إما لا تذكر شيئا عن تلك التشريعات أو لا تقدم معلومات كافية عن هذا الموضوع.

3- ويعني مصطلح "غير مشروع" أنه لا ي مكن حدوث أي تدخل إلا في الحالات التي ينص عليها القانون. ولا يج وز أن يحدث التدخل الذي تأذن به الدول إلا على أساس القانون، الذي يجب هو نفسه أن يكون متفقا مع أحكام العهد ومراميه وأهدافه.

4- كما أن عبارة "التدخل التعسفي" وثيقة الصلة أيضا بحماية الحق المنصوص عليه في الماد ة 17. وترى اللجنة أن عبارة "التعرض لتدخل تعسفي" يم كن أن تمتد لتشمل أيضا التدخل المنصوص عليه في القانون. والمقصود بإدراج مفهوم التعسف هو ضمان أن يكون التدخل نفسه الذي يسمح به القانون موافقا لأحكام العهد ومراميه وأهدافه وأن يكون في جميع الحالات، معقولا بالنسبة للظروف المعينة التي يحدث فيها.

5- وفيما يتعلق بمصطلح "الأسرة" ، فإن أهداف العهد تقتضي تفسيره، لأغراض المادة 17 ، تفسيرا واسع النطاق بحيث يشمل جميع من تتألف منهم الأسرة بمعناها المتفق عليه في مجتمع الدولة الطرف المعنية. وينبغي أن يفهم مصطلح "بيت" بالعربية، و"domicilio"، بال إ سبان ي ة، و"home" بال إ نكليزية، و "zhilische" بالروسية و"zhùzhái" بالصينية، و"domicile" بالفرنسية، كما هو مستخدم في المادة 17 من العهد، على أنه يعني المكان الذي يقيم فيه الشخص أو يزاول فيه نشاطه المعتاد. وفي هذا الصدد، تدعو اللجنة الدول إلى أن تبين في تقاريرها المعنى المحدد في مجتمعها لمصط لحي "الأسرة" و"المنزل".

6- وترى اللجنة أن التقارير ينبغي أن تشمل معلومات عن السلطات والأجهزة المنشأة في إطار النظام القانوني للدولة والتي لها صلاحية الإذن بالتدخل المسموح به في القانون. ولا بد أيضا من تلقي معلومات عن السلطات التي يحق لها ممارسة الرقابة على ذلك التدخل مع المراعاة التامة للقانون، ومعرفة الأسلوب الذي يمكن به للأشخاص المعنيين أن يشتكوا من حدوث انتهاك للحق المنصوص عليه في المادة 17 من العهد، ومعرفة الأجهزة التي يمكن أن يتم ذلك عن طريقها. وينبغي للدول أن توضح في تقاريرها مدى مطابقة الممارسة الفعل ية للقانون. كما ينبغي أن تتضمن تقارير الدول الأطراف معلومات عن الشكاوى المقدمة فيما يتعلق بالتدخل التعسفي أو اللاقانوني، وعدد أي القرارات قرارات تكون قد اتخذت في ذلك الصدد، فضلا عن إجراءات الانتصاف التي وفرت في تلك الحالات.

7- وحيث أن جميع الأشخاص يعيشون في المجتمع، فإن حماية الحياة الخاصة هي مسألة نسبية بالضرورة، بيد أنه ينبغي ألا يكون بمقدور السلطات العامة المختصة أن تطلب من المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة للفرد إلا ما يكون معرفته ضروريا حرصا على مصالح المجتمع على النحو المفهوم بموجب العهد. وعليه فإن ا للجنة توصي بأن تبين الدول في تقاريرها القوانين والأنظمة التي تحكم حالات التدخل المأذون بها في الحياة الخاصة.

8- وحتى فيما يتعلق بعمليات التدخل التي تتفق مع العهد، يجب أن يحدد التشريع ذو الصلة بالتفصيل الظروف المحددة التي يجوز السماح فيها بهذا التدخل. وأي قرار باللجوء إلى هذا التدخل المسموح به يجب أن تتخذه السلطة التي يسميها القانون وحدها دون سواها، وعلى أساس كل حالة على حدة. ويقتضي التقيد بالمادة 17 ضمان سلامة وسرية المراسلات قانونا وفي الواقع. وينبغي أن تسلم المراسلات إلى المرسل إليه دون مصادرتها أو فتحها أو قراءتها. وينبغي حظر الرقابة، بالوسائل ال إ لكترونية أو بغيرها على السواء، وحظر اعتراض طريق الاتصالات الهاتفية والبرقية وغيرها من أشكال الاتصالات، والتنصت على المحادثات وتسجيلها. وينبغي أن يقتصر تفتيش منزل الشخص على البحث عن الأدلة اللازمة، وينبغي ألا يسم ح بأن يصل إلى حد المضايقة. وفيما يتعلق بالتفتيش الشخصي والبدني، ينبغي أن تكون هناك تدابير فعالة تكفل إجراء هذا التفتيش بأسلوب يتفق مع كرامة الشخص الذي يجري تفتيشه. وفي حالة الأشخاص الذين يخضعون لتفتيش بدني يجريه مسؤولون حكوميون أو موظفون طبيون يقومون بذلك بناء على طلب الدولة، ينبغي ألا يجري الفحص إلا بواسطة أشخاص من نفس الجنس.

9- ويتوجب على الدول الأطراف ذاتها ألا تقوم بعمليات تدخل لا تتفق مع المادة 17 من العهد وأن توفر الإطار التشريعي الذي يحظر على الأشخاص الطبيعيين أو القانونيين القيام بهذه الأفعال.

10 - ويجب أن ينظم القانون عمليات جمع وحفظ المعلومات الشخصية باستخدام الحاس وب ومصارف البيانات وغيرها من الوسائل، سواء أكانت تجريها السلطات العامة أم الأفراد العاديون أو الهيئات الخاصة. ويتعين أن تتخذ الدول تدابير فعالة لكفالة عدم وقوع المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة للشخص في أيدي الأشخاص الذين لا يجيز لهم القانون الحصول عليها أو تجهيزها أو استخدامها، وعدم استخدامها على الإطلاق في أغراض تتنافى مع العهد. ولكي يتسنى حماية الحياة الخاصة للفرد على أكفأ وجه ينبغي أن يكون من حق كل فرد أن يتحقق بسهولة مما إذا كانت هناك بيانات شخصية مخزنة في أضابير البيانات الأوتوماتية، وإذا كان الوضع كذلك، من ماهية هذه البيانات، والغرض من الاحتفاظ بها. كما ينبغي أن يكون بمقدور كل فرد أن يتحقق من هوية السلطات العامة أو الأفراد العاديين أو الهيئات الخاصة التي تتحكم أو قد تتحكم في هذه الأض ابير. وإذا كانت الأضابير تتضمن بيانات شخصية غير صحيحة أو بيانات جمعت أو جهزت بطريقة تتعارض مع أحكام القانون، ينبغي أن يكون من حق كل فرد أن يطلب تصحيحها أو حذفها.

11- وتكفل المادة 17 حماية الشرف والسمعة الشخصيين، ومن واجب الدول أن توفر التشريعات الكافية لت حقيق هذا الغرض. كما يجب اتخاذ التدابير لتمكين أي إنسان من أن يحمي نفسه بصورة فعالة ضد أي اعتداءات غير قانونية تحدث بالفعل وتزويده بوسيلة انتصاف فعالة ضد المسؤولين عن ذلك. وينبغي أن تبين الدول الأطراف في تقاريرها إلى أي مدى يوفر القانون الحماية لشرف الأفراد أو سمعتهم وكيفية توفير هذه الحماية وفقا لنظامها القانوني

الدورة الخامسة والثلاثون (1989)

التعليق العام رقم 17: المادة 24 (حقوق الطفل)

1- تتضمن المادة 24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اعترافا بحق كل طفل ، دون أي تمييز ، في أن يحصل من أسرته والمجتمع والدولة، على الحماية التي يتطلبها وضعه بصفته قاصرا. ويستلزم تنفيذ هذا الحكم، بناء على ذلك، اعتماد تدابير خاصة ترمي إلى حماية الأطفال، بالإضافة إلى التدابير الواجب على الدول أن تتخذها بموجب المادة 2 لكي تكفل لجميع الأشخاص التمتع بالحقوق المنصوص عل يها في العهد. وكثيرا ما يبدو أن التقارير المقدمة من الدول تقلل من شأن هذا الالتزام وتقدم معلومات غير كافية عن الطريقة التي يكفل بها للأطفال التمتع بحقوقهم في الحصول على حماية خاصة.

2- وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أن الحقوق التي تنص عليها الماد ة 24 ليست ا لحقوق الوحيدة التي يعترف بها للأطفال في العهد، وإلى أن الأطفال يستفيدون، بوصفهم أفرادا، من جميع الحقوق المدنية المبينة في العهد. وتبين بعض أحكام العهد، وهي تعلن حقا من الحقوق، للدول صراحة تدابير ينبغي أن تعتمد لكي تكفل للقصر حماية أكبر من تلك التي يتمتع به ا البالغون. فمثلا، فيما يتعلق بالحق في الحياة، لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمار هم عن ثمانية عشر عاما. وبالمثل، إذا حرم المتهمون الأحداث من حريتهم طبقا للقانون، وجب فصلهم عن البالغين ويكون من حقهم أن يفصل في قضيتهم بأسرع ما يمك ن؛ ويخضع الأحداث الجانحون المدانون بدورهم لنظام سجن يتضمن فصلهم عن البالغين ويناسب سنهم ووضعهم القانوني، وذلك بهدف تسهيل إ صلاحهم وإعادة تأهيلهم اجتماعيا. وفي حالات أخرى، تكفل حماية الأطفال بإباحة تقييد حق من الحقوق المعترف بها في العهد، شريطة أن يكون التقي يد مبررا: مثل الحق في إعلان أي حكم في دعوى مدنية أو جنائية وهو حق يجوز إخضاعه لاستثناء عندما تتطلب مصلحة القصر ذلك.

3- غير أن التدابير الواجب اعتمادها لا ترد محددة في معظم الأحوال في العهد وينبغي لكل دولة تحديدها وفقا لمتطلبات حماية الأطفال الذين يوجدون ع لى أراضيها ويدخلون في نطاق ولايتها. وتلاحظ اللجنة في هذا الشأن أن هذه التدابير وإن كانت تستهدف في المقام الأول ضمان تمتع الأطفال الكامل بالحقوق الأخرى المعلنة في العهد، فإنها قد تكون تدابير اقتصادية واجتماعية وثقافية. وهكذا، على سبيل المثال، ينبغي اتخاذ كل التدابير الاقتصادية والاجتماعية الممكنة من أجل تخفيض معدل وفيات الأطفال والقضاء على سوء تغذية الأطفال ومن أجل تجنب تعرضهم لأعمال العنف أو لضروب المعاملة القاسية أو اللا إ نسانية، أو استغلالهم عن طريق السخرة أو الدعارة أو استخدامهم في الاتجار غير المشروع في العقاقير المخدرة أو بأي وسيلة أخرى. كما ينبغي في الميدان الثقافي اتخاذ كل تدبير ممكن لتسهيل نمو شخصيتهم نموا كاملا ولإعطائهم درجة من التعليم تمكنهم من التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد، ولا سيما حرية الرأي والتعبير. وعلاوة على ذلك، تود اللجنة أن تسترعي ا نتباه الدول الأطراف إلى الحاجة إلى أن تدرج في تقاريرها معلومات عن التدابير المعتمدة لضمان عدم قيام الأطفال بأي دور مباشر في المنازعات المسلحة.

4- ولكل طفل الحق في تدابير خاصة للحماية بسبب وضعه كقاصر. غير أن السن التي يصبح فيها الطفل راشدا غير مبينة في العه د. ولكل دولة من الدول الأطراف أن تحدد هذه السن في ضوء الأحوال الاجتماعية والثقافية ذات الصلة، وفي هذا الصدد، ينبغي أن توضح الدول في تقاريرها السن التي يبلغ فيها الرشد بالنسبة للمسائل المدنية ويتحمل فيها المسؤولية الجنائية. كما ينبغي أن تبين الدول السن التي يحق للطفل فيها قانونا العمل والسن التي يعامل فيها معاملة البالغين بموجب قانون العمل. وينبغي أن تبين الدول كذلك السن التي يعتبر فيها الطفل بالغا، لأغراض الفقرتين 2 و3 من المادة 10. غير أن اللجنة تلاحظ أنه لا ينبغي تحديد السن المتعلق بالأغراض المذكورة أعلاه بسن صغيرة بدرجة غير معقولة، وأنه لا يمكن للدولة، بأي حال من الأحوال، أن تتحلل من التزاماتها بموجب العهد فيما يتعلق بالأطفال تحت سن الثامنة عشرة بصرف النظر عن بلوغهم سن الرشد بموجب القانون المحلي.

5- ويقضي العهد بحماية الأطفال من التمييز على أي أساس مثل ا لعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب. وتلاحظ اللجنة في هذا الخصوص أنه إذا كان مبدأ عدم التمييز في التمتع بالحقوق الذي ينص عليه العهد مستمد أيضا بالنسبة للأطفال من المادة 2 وكانت مساواتهم أمام القانون مستم دة من المادة 26 ، فإن الفقرة المتعلقة بعدم التمييز من المادة 24 تتصل تحديدا بتدابير الحماية المشار إليها في تلك المادة. وينبغي أن تبين تقارير الدول الأعضاء الطريقة التي يضمن بها التشريع والممارسة أن تكون تدابير الحماية هادفة إلى إزالة التمييز بجميع أشكاله ف ي كل ميدان، بما في ذلك الميراث، ولا سيما بين الأطفال المواطنين والأطفال الأجانب أو بين الأطفال الشرعيين والأطفال المولودين خارج إطار رباط الزوجية.

6- وتقع مسؤولية ضمان الحماية الضرورية للأطفال على عاتق الأسرة والمجتمع والدولة. ورغم أن العهد لا يشير إلى كي فية توزيع هذه المسؤولية، فإن الأسرة بمعناها الواسع الذي يشمل جميع الأشخاص الذين يؤلفونها في مجتمع الدولة الطرف المعنية، ولا سيما الأبوين هي المسؤولة الرئيسية عن تهيئة الظروف المواتية لنمو شخصية الطفل ولتمتعه بالحقوق المشار إليها في العهد. ومع ذلك، و ما دام من الشائع أن يعمل الأب والأم بأجر خارج البيت، يجب أن تبين تقارير الدول الأطراف كيفية قيام المجتمع ومؤسساته والدولة بمسؤولياتها في مساعدة الأسرة على ضمان حماية الطفل. و علاوة على ذلك، و إذا كان الأبوان والأسرة يقصرون تقصيرا خطيرا في القيام بواجباتهم أو يسيئون معاملة الطفل أو يهملونه، ينبغي أن تتدخل الدولة للحد من السلطة الأبوية ويجوز فصل الطفل عن أسرته إذا اقتضت الظروف ذلك. وفي حالة فسخ الزواج، يتعين اتخاذ ترتيبات، مع مراعاة المصلحة العليا للأطفال، لتأمين الحماية اللازمة لهم، ومن أجل ضمان وجود علاقات شخصية مع الأبوين معا بقدر الإمكان. وترى اللجنة أن من المفيد أن تقدم الدول الأعضاء في تقاريرها معلومات بشأن تدابير الحماية الخاصة المعتمدة لحماية الأطفال المتخلى عنهم، أو المحرومين من بيئتهم الأسرية، والتي تستهدف إمكان نموهم في أقرب الظروف إلى ظروف بيئتهم الأسرية.

7 - وبمقتضى الفقرة الثانية من المادة 24 ، لكل طفل الحق في أن يسجل بعد ولادته على الفور وفي أن يكون له اسم. وترى اللجنة أنه ينبغي تفسير هذا الحكم بأنه مرتبط ارتباطا وثيقا بالحكم الذي ينص على الحق في تدابير خاصة للحماية ويهدف إلى تعزيز الاعتراف بشخصية الطفل الق انونية. والنص على حق الطفل في أن يكون له اسم يتسم بأهمية خاصة بالنسبة للأطفال المولودين خارج إطار رباط الزوجية. ويهدف التزام تسجيل الأطفال بعد مولدهم إلى تقليل الخطر المتمثل في أن يصبحوا هدفا للاختطاف أو للبيع أو للاتجار غير المشروع أو لضروب أخرى من المعام لة التي لا تتفق مع التمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد. ويجب أن تبين تقارير الدول الأطراف بتفصيل التدابير المعتمدة من أجل ضمان التسجيل الفوري للأطفال المولودين في أراضيها.

8- وبالمثل ، ينبغي إيلاء اهتمام خاص، في إطار الحماية الواجب إ يلاؤها للأطفال، بما ل كل طفل من حق معلن في الفقرة 3 من المادة 24 في اكتساب جنسية. وإذا كان الهدف من هذا الحكم يتمثل في تجنب أن يحصل الطفل على قدر أقل من الحماية من جانب المجتمع والدولة نتيجة لوضعه كطفل عديم الجنسية، فإنه لا يفرض بالضرورة على الدول أن تمنح جنسيتها للأطفال المولو دين في أراضيها. بيد أن الدول مطالبة باعتماد جميع التدابير الملائمة، داخليا وبالتعاون مع الدول الأخرى من أجل ضمان أن يكون لكل طفل جنسية وقت ولادته. وفي هذا السياق، لا يسمح بأي تمييز، في التشريع الداخلي، بالنسبة لاكتساب الجنسية، بين الأطفال الشرعيين والأطفال المولودين خارج إطار رباط الزوجية أو المولودين من آباء عديمي الجنسية أو على أساس مركز أحد الوالدين أو كليهما من حيث الجنسية. ويجب أن يشار دائما في تقارير الدول الأطراف إلى التدابير المعتمدة من أجل ضمان حق الأطفال في أن تكون لهم جنسية.

الدورة السابعة والثل اثون (1989)

التعليق العام رقم 18: عدم التمييز

1- يمثل عدم التمييز، مع المساواة أمام القانون والحماية المتساوية التي يكفلها القانون دون أي تمييز، مبدأ أساسيا وعاما يتعلق بحماية حقوق الإنسان. ومن ثم فإن الفقرة 1 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المد نية والسياسية تلزم كل دولة طرف باحترام الحقوق المعترف بها في العهد وبضمان هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجت ماعي، أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب. والمادة 26 لا تخول جميع الأفراد التمتع بالمساواة أمام القانون والتمتع بحماية القانون على قدم المساواة فحسب، وإنما تحظر أيضا أي نوع من أنواع التمييز بمقتضى القانون وتكفل لجميع الأفراد حماية واحدة وفعالة ضد الت مييز القائم على أي أساس مثل العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب.

2- والواقع أن مبدأ عدم التمييز هو مبدأ أساسي إلى حد أن المادة 3 تلزم كل دولة طرف بض مان تساوي الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق المبينة في العهد. وإن سمحت الفقرة 1 من المادة 4 للدول الأطراف بأن تتخذ تدابير لا تتقيد فيها ببعض التزاماتها بمقتضى العهد في أوقات الطوار ئ العامة، فإن المادة ذاتها تقضي، في جملة أمور، بأنه لا يجوز أن تشمل هذه التداب ير التمييز الذي يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الفقرة 2 من المادة 20 تلزم الدول الأطراف بأن تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التميي ز.

3- وبسبب الطابع الأساسي والعام لمبدأي عدم التمييز والمساواة أمام القانون والحماية المتساوية التي يكفلها القانون، فإنه يشار إليهما أحيانا صراحة في مواد تتعلق بفئات محددة من حقوق الإنسان. وتنص الفقرة 1 من المادة 14 على أن الناس جميعا سواء أمام القضاء، وتن ص الفقرة 3 من المادة نفسها على أنه يحق لأي شخص، لدى تحديد أية تهمة جنائية ضده، أن يتمتع، على قدم المساواة التامة بالضمانات الدنيا المسرودة في الفقرات الفرعية ( أ ) إلى ( ز ) من الفقرة 3. وبالمثل، فإن المادة 25 تنص على تساوي جميع المواطنين في المشاركة في الحياة العامة دون أي نوع من أنواع التمييز المشار إليها في المادة 2.

4- وللدول الأطراف أن تبت في نوع التدابير التي تراها مناسبة لتنفيذ الأحكام ذات الصلة. بيد أن اللجنة ترغب في أن تبلغ بطبيعة هذه التدابير ومطابقتها لمبادئ عدم التمييز والمساواة أمام القانون والحماي ة المتساوية التي يكفلها القانون.

5- وتود اللجنة أن تسترعي انتباه الدول الأطراف إلى أن العهد قد يتطلب منها صراحة أن تتخذ تدابير تكفل للأشخاص المعنيين المساواة في الحقوق. وعلى سبيل المثال، فإن الفقرة 4 من المادة 23 تنص على أن تتخذ الدول الأطراف خطوات ملائمة تكفل المساواة في حقوق ومسؤوليات الزوجين لدى الزواج وخلاله وعند انحلاله. ويجوز أن تتخذ هذه الخطوات صورة تدابير تشريعية أو إدارية أو غيرهما، إلا أن من الواجبات المؤكدة على الدول الأطراف أن تتيقن من مساواة الزوجين في الحقوق كما يتطلب العهد ذلك. وفيما يتعلق با لأطفال، فإن المادة 24 تنص على أن للأطفال جميعا، دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب، الحق في أن توفر لهم أسرهم ومجتمعهم ودولتهم تدابير الحماية هذه طبقا لما يتطلبه وضعهم كقصّر.

6- وتلاح ظ اللجنة أن العهد لا ي ُ ع َ ر ِّ ف تعبير "التمييز" ولا يشير إلى الأفعال التي تشكل تمييزا. بيد أن المادة 1 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، تنص على أن تعبير "التمييز العنصري" يعني أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس الع رق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحيا ة العامة. وبالمثل، تنص المادة 1 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن "التمييز ضد المرأة" يعني أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في ال ميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، وبصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.

7- وفي حين أن هاتين الاتفاقيتين تعالجان فقط حالات للتميي ز لأسباب محددة، فإن اللجنة ترى أن تعبير "التمييز" المستخدم في العهد ينبغي أن يفهم على أنه يتضمن أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس أي سبب كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتما عي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك مما يستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف لجميع الأشخاص، على قدم المساواة، بجميع الحقوق والحريات أو التمتع بها أو ممارستها.

8- غير أن التمتع بالحقوق والحريات على قدم المساواة لا يعني المعاملة المماثلة في كل حالة من الحال ات. وفي هذا الصدد، فإن أحكام العهد صريحة. وعلى سبيل المثال، تحظر الفقرة 5 من المادة 6 فرض حكم الإعدام على أشخاص ت قل أ عم ا رهم عن 18 عاما. وتحظر الفقرة ذاتها تنفيذ هذا الحكم على الحوامل. وبالمثل، فإن الفقرة 3 من المادة 10 تقضي بفصل المجرمين من الأحداث عن البا لغين. وعلاوة على ذلك، تكفل المادة 25 بعض الحقوق السياسية، مع التمييز على أساس المواطنة.

9- ويتضمن العديد من تقارير الدول الأطراف معلومات عن التدابير التشريعية والتدابير الإدارية وقرارات المحاكم المتعلقة بالحماية من التمييز في القانون، ولكنها تفتقر في كثير من الأحيان إلى معلومات تكشف عن التمييز الواقع عمليا. واعتادت دول أطراف عند تقديم تقاريرها عن المواد 2 ( 1 ) و3 و 26 من العهد أن تستشهد بنصوص في دساتيرها أو بقوانينها الخاصة بتكافؤ الفرص فيما يتعلق بالمساواة بين الأشخاص. ومع أن هذه المعلومات مفيدة بالطبع، فإن ا للجنة ترغب في معرفة ما إذا كانت هناك أي مشاكل تتعلق بتمييز يقع بالفعل تمارسه السلطات العامة أو المجتمع أو أفراد أو هيئات من القطاع الخاص ، وتود اللجنة أن تطلع على الأحكام القانونية والتدابير الإدارية الرامية إلى تقليل هذا التمييز أو القضاء عليه.

10 - وترغب ا للجنة أيضا في الإشارة إلى أن مبدأ المساواة يتطلب أحيانا من الدول الأطراف أن تتخذ إجراءات إيجابية للتقليل من الظروف التي تتسبب أو تساعد في إدامة التمييز الذي يحظره العهد أو للقضاء على تلك الظروف. وعلى سبيل المثال، فإذا حدث في دولة ما أن كانت الظروف العامة ل جزء معين من السكان تمنع أو تعوق تمتعهم بحقوق الإنسان فإنه ينبغي للدولة أن تتخذ إجراءات محددة لتصحيح هذه الظروف. ويجوز أن تنطوي هذه ال إ جراءات على منح الجزء المعني من السكان نوعا من المعاملة التفضيلية في مسائل محددة لفترة ما بالمقارنة ببقية السكان. ومع ذلك، فطالما دعت الحاجة إلى هذه ال إ جراءات لتصحيح التمييز في الواقع، فإن التفريق هنا مشروع بمقتضى العهد.

11- والفقرة 1 من المادة 2، وكذلك المادة 26 تعددان كلاهما أسباب التمييز على أنها العرق واللون والجنس واللغة والدين والرأي السياسي أو غير السياسي والأصل القومي أو الاجتماعي والثروة والنسب وغير ذلك. وتلاحظ اللجنة أن عددا من الدساتير والقوانين لا يعدد جميع الأسباب التي يحظر من أجلها التمييز كما وردت في الفقرة 1 من المادة 2. لذا فإن اللجنة تود أن تتلقى معلومات من الدول الأطراف عن مغزى إغفال هذه الأسباب.

12 - وإذا كان ت المادة 2 تقصر نطاق الحقوق التي يتعين حمايتها من التمييز على تلك الحقوق المنصوص عليها في العهد، فإن المادة 26 لا تعين هذه الحدود. وبعبارة أخرى، فإن المادة 26 تنص على أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولهم الحق في الحماية المتساوية التي يكفلها القانون د ون تمييز، وأنه يتعين أن تكفل القوانين لجميع الأشخاص حماية متساوية وفعالة من التمييز لأي من الأسباب المذكورة. وترى اللجنة أن المادة 26 ليست ترديدا وحسب للضمانة المنصوص عليها من قبل في المادة 2؛ وإنما هي تنص في صلبها على حق مستقل. فهي تحظر التمييز أمام القان ون أو، في الواقع، في أي ميدان تحكمه وتحميه سلطات عامة. ولذا فإن المادة 26 تتعلق بالالتزامات المفروضة على الدول الأطراف فيما يتعلق بتشريعاتها وبتطبيق هذه التشريعات. ومن ثم، فعندما تعتمد دولة طرف تشريعا معينا يجب أن يكون هذا التشريع متمشيا مع متطلبات المادة 26 بمعنى ألا يكون محتواه تمييزيا ً . وبعبارة أخرى، فإن تطبيق مبدأ عدم التمييز الوارد في المادة 26 لا يقتصر على الحقوق المنصوص عليها في العهد.

13 - وأخيرا ً، تلاحظ اللجنة أنه ما كل تفريق في المعاملة يشكل تمييزا إذا كانت معايير التفريق معقولة وموضوعية وإذا كان ا لهدف هو تحقيق غرض مشروع بموجب العهد.

الدورة التاسعة والثلاثون (1990)

التعليق العام رقم 19: الماد ة 23 (الأسرة)

1- تعترف المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بأن الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحما ية المجتمع والدولة. وحماية الأسرة وأعضائها مكفولة أيضا، على نحو مباشر أو غير مباشر، في أحكام أخرى من العهد. وهكذا، تنص المادة 17 على حظر التدخل التعسفي أو غير المشروع في شؤون الأسرة. فضلا عن ذلك، تتناول المادة 24 من العهد على وجه التحديد حماية حقوق الطفل ب صفته هذه أو بصفته عضوا في الأسرة. وكثيرا ما لا تعطي تقارير الدول الأطراف معلومات كافية بشأن طريقة وفاء الدولة والمجتمع بالتزامهما بتوفير الحماية للأسرة وللأفراد الذين يكونونها.

2- وتلاحظ اللجنة أن مفهوم الأسرة قد يختلف في بعض الجوانب من دولة إلى أخرى، بل و من منطقة إلى أخرى في نفس الدولة، ومن ثم يتعذر إعطاء تعريف موحد لهذا المفهوم. ومع ذلك ، تشدد اللجنة على أنه إذا ما اعتبرت مجموعة من الأشخاص، وفقا للتشريع والممارسة في دولة ما، بمثابة أسرة، فينبغي أن تتمتع بالحماية المنصوص عليها في المادة 23 . وبناء عليه، ينبغ ي أن تعرض الدول الأطراف في تقاريرها التفسير أو التعريف الذي أعطي لمفهوم الأسرة ولنطاقها في مجتمعها وفي نظامها القانوني. وإذا وجدت مفاهيم متعددة للأسرة في دولة ما، كالأسرة "النواة" والأسرة "الموسعة"، فينبغي الإشارة إلى ذلك مع تفسير لدرجة الحماية التي تسبغ ع لى هذه وتلك. ونظرا لوجود أنواع مختلفة من الأسر، كالرفيقين غير المتزوجين وأولادهما أو كالأب أو الأم المنفردين وأولادهما، فينبغي للدول الأطراف أن توضح أيضا ما إذا كان القانون والممارسة الوطنيان يعترفان بهذه الأنواع من الأسر وأعضائها ويحميانها وإلى أي مدى.

3- و يقتضي العهد من الدول الأطراف، لضمان الحماية المنصوص عليها في المادة 23 ، أن تعتمد تدابير تشريعية أو إدارية أو غيرها من التدابير. وينبغي للدول الأطراف أن توفر معلومات تفصيلية عن طبيعة هذه التدابير وعن الوسائل المستخدمة لتأمين تنفيذها الفعلي. وبما أن العهد، في الحقيقة، يعترف أيضا للأسرة، بحقها في أن يحميها المجتمع، فينبغي للدول الأطراف أن تشير في تقاريرها إلى كيفية منح الحماية الضرورية للأسرة من جانب الدولة وغيرها من المؤسسات الاجتماعية، وما إذا كانت الدولة تشجع أنشطة هذه المؤسسات بالوسائل المالية أو غيرها، وإلى أي مدى، وكيف تكفل تمشي الأنشطة المذكورة مع العهد.

4- و تعيد الفقرة 2 من المادة 23 من العهد التأكيد على أن للرجل والمرأة ، ابتداء من بلوغ سن الزواج ، حقا في التزوج وتأسيس أسرة. وتنص الفقرة 3 من المادة المذكورة على أن ذلك الزواج لا ينعقد إلا برضا الطرفين ا لمزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه. وينبغي أن تبين تقارير الدول الأطراف إن كانت ثمة قيود أو موانع لممارسة الحق في الزواج، تقوم على عوامل خاصة مثل درجة القرابة أو عدم الأهلية العقلية. ولا يحدد العهد صراحة سنا أدنى للزواج لا للرجل ولا للمرأة؛ ولكن ينبغي أ ن يكون هذا السن كافيا لتمكين كل من الزوجين المقبلين من أن يعرب بحرية عن رضاه الشخصي الكامل بالصورة والشروط المنصوص عليها في القانون. وفي هذا الصدد، تود اللجنة التذكير بأن هذه الأحكام القانونية ينبغي أن تكون متفقة مع الممارسة الكاملة للحقوق الأخرى المكفولة في العهد؛ ومن ثم، على سبيل المثال، فإن الحق في حرية الفكر والوجدان والدين يقتضي أن تنص التشريعات في كل دولة على إمكانية الزواج الديني والمدني على السواء. ولكن اللجنة ترى أنه ليس مما يتعارض مع العهد أن تشترط الدولة القيام بعد الزواج الذي يتم إشهاره طبقا للط قوس الدينية بإجراء هذا الزواج أو إثباته أو تسجيله حسب القانون المدني أيضا. والدول مدعوة أيضا إلى أن تدرج في تقاريرها معلومات عن هذا الموضوع.

5- و ينطوي الحق في تكوين أسرة، من حيث المبدأ، على إمكانية التناسل والعيش معا. وعندما تعتمد الدول سياسات لتنظيم الأسر ة فينبغي أن تكون هذه السياسات متوافقة مع أحكام العهد وألا تكون على وجه الخصوص تمييزية ولا قهرية. وبالمثل، فإن إمكانية الحياة معا تقتضي اعتماد تدابير مناسبة، سواء على الصعيد الداخلي أو، عندما يقتضي الحال، بالتعاون مع دول أخرى، لتأمين وحدة الأسر أو جمع شملها ، لا سيما عندما يعود انفصال أعضائها إلى أسباب ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية أو إلى أسباب مماثلة.

6- وتنص الفقرة 4 من المادة 23 من العهد على أن تتخذ الدول الأطراف تدابير مناسبة لتأمين تساوي الزوجين في الحقوق والمسؤوليات لدى الزواج وأثناء قيامه وعند فسخه.

7- وفيما يتعلق بالمساواة لدى الزواج، ترغب اللجنة في أن تشير بوجه خاص إلى أنه لا ينبغي أن يحدث أي تمييز يقوم على أساس الجنس فيما يتعلق باكتساب الجنسية، أو فقدها بسبب الزواج. وبالمثل، ينبغي كفالة حق كل من الزوجين في الاحتفاظ بالاسم الأصلي لأسرته أو أسرتها أو في الاشتراك على قدم المساواة في اختيار اسم جديد للأسرة.

8- وأثناء الزواج، ينبغي أن يتساوى الزوجان كلاهما في الحقوق والمسؤوليات داخل الأسرة. وتمتد هذه المساواة إلى جميع المسائل النابعة من هذا الرباط، مثل اختيار المسكن، وإدارة شؤون البيت، وتعليم الأولاد، وإدار ة الأموال. ويمتد سريان هذه المساواة إلى الترتيبات المتعلقة بالانفصال القانوني أو فسخ الزواج.

9- ومن ثم يتعين حظر أية معاملة تمييزية فيما يتعلق بأسباب أو إجراءات الانفصال أو الطلاق، أو حضانة الأطفال، أو الإعالة أو النفقة، أو حقوق الزيارة، أو فقدان أو استعاد ة السلطة الوالدية، مع مراعاة المصلحة العليا للأطفال في هذا الصدد. وينبغي للدول الأطراف أيضا، أن تدرج في تقاريرها بوجه خاص معلومات عن الترتيبات التي اتخذتها لتأمين الحماية الضرورية للأطفال لدى حل الزواج أو انفصال الزوجين.

الدورة الرابعة والأربعون (1992)

الت عليق العام رقم 20: الماد ة 7 (حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة)

1- يحل هذا التعليق العام محل التعليق العام رقم 7 ( الدورة السادسة عشرة، 1982) وهو يعكس ذلك التعليق ويفصّله.

2- إن الهدف من أحكام المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية هو صون كرامة الفرد وسلامته البدنية والعقلية معا. ومن واجب الدولة الطرف أن توفر لكل شخص، عن طريق ما قد يلزم من التدابير التشريعية والتدابير الأخرى، الحماية من الأفعال التي تحظرها المادة 7، سواء ألحقها به أشخاص يعملون ب صفتهم الرسمية، أو خارج نطاق صفتهم الرسمية، أو بصفتهم الشخصية. والحظر الوارد في المادة 7 تكمله المقتضيات الإيجابية الواردة في الفقرة 1 من المادة 10 من العهد التي تنص على أن "يعامل جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة المتأصلة في شخص الإنسان".

3- ونص المادة 7 لا يسمح بأي تقييد. وتؤكد اللجنة مرة أخرى أنه حتى في حالات الطوارئ العامة، مثل تلك المشار إليها في المادة 4 من العهد، لا يسمح بأي انتقاص من الحكم الوارد في المادة 7 ويجب أن تبقى أحكامها سارية المفعول. وتلاحظ اللجنة أيضا أنه لا يجو ز التذرع بأي مبررات أو ظروف مخففة كتبرير لانتهاك المادة 7 لأي أسباب كانت، بما في ذلك الأسباب المستندة إلى أمر صادر من مسؤول أعلى أو من سلطة عامة.

4- ولا يتضمن العهد أي تعريف للمفاهيم المشمولة بالمادة 7، كما أن اللجنة لا ترى ضرورة لوضع قائمة بالأفعال المحظو رة أو للتفريق بوضوح بين الأنواع المختلفة للعقوبة أو المعاملة؛ وإنما تتوقف أوجه التفريق على طبيعة المعاملة المطبقة وغرضها وشدتها.

5- ولا يقتصر الحظر الوارد في المادة 7 على الأفعال التي تسبب ألما بدنيا فحسب، بل إنه يشمل أيضا الأفعال التي تسبب للضحية معاناة ع قلية. وترى اللجنة ، فضلا عن هذا ، أن الحظر يجب أن يمتد ليشمل العقوبة البدنية، بما في ذلك العقاب الشديد الذي يؤمر به للمعاقبة على جريمة أو كتدبير تعليمي أو تأديبي. ومن الملائم في هذا الصدد التأكيد على أن المادة 7 تحمي بوجه خاص الأطفال، والتلاميذ، والمرضى في ا لمؤسسات التعليمية والطبية.

6- وتلاحظ اللجنة أن الحبس الانفرادي لمدد طويلة للشخص المحتجز أو المسجون قد يندرج ضمن الأفعال المحظورة بمقتضى المادة 7. وكما ذكرت اللجنة في التعليق العام رقم 6(16) ، فإن المادة 6 من العهد تشير بصفة عامة إلى إلغاء عقوبة الإعدام في ع بارات توحي بقوة أن الإلغاء أمر مرغوب فيه. وفضلا عن هذا، فإنه عندما تطبق دولة طرف عقوبة الإعدام على أخطر الجرائم، فيجب ألا تكون مقيدة تقييدا شديدا فحسب وفقا للمادة 6 بل يجب أيضا أن يكون تنفيذها بطريقة تسبب أقل درجة ممكنة من المعاناة البدنية والعقلية.

7- وتح ظر المادة 7 صراحة إجراء تجارب طبية أو علمية دون موافقة الشخص المعني موافقة حرة. وتلاحظ اللجنة أن تقارير الدول الأطراف لا تتضمن عادة إلا القليل من المعلومات عن هذه النقطة. وينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام لضرورة ووسائل ضمان التقيد بهذا الحكم. وتشير اللجنة أي ضا إلى ضرورة توفير حماية خاصة من هذه التجارب وذلك في حالة الأشخاص غير القادرين على الموافقة موافقة صحيحة، وبصفة خاصة أولئك الذين يجري إخضاعهم لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن. فهؤلاء الأشخاص يجب ألا يخضعوا ل تجارب طبية أو علمية من شأنها أن تضر بصحتهم.

8- وتلاحظ اللجنة أنه لا يكفي لضمان تنفيذ المادة 7 أن يتم حظر مثل هذه المعاملة أو العقوبة أو تجريمهما. بل ينبغي للدول الأطراف أن تبلغ اللجنة بما تتخذه من تدابير تشريعية وإدارية وقضائية وغيرها من التدابير لمنع أفعال التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهي نة في أي أراض تقع تحت ولايتها وللمعاقبة عليها.

9- وفي رأي اللجنة، أنه يجب على الدول الأطراف ألا تعرض الأفراد لخطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لدى رجوعهم إلى بلد آخر عن طريق التسليم أو الطرد أو الرد. وينبغي أن توضح الدول الأطراف في تقاريرها التدابير التي اعتمدتها لهذا الغرض.

10- وينبغي إبلاغ اللجنة بالكيفية التي تنشر بها الدول الأطراف، على عامة السكان، المعلومات ذات الصلة المتعلقة بمنع التعذيب والمعاملة المحظورة بالمادة 7. ويجب أن يتلقى الموظفون المسؤولون عن إنفاذ القواني ن، والعاملون الطبيون، وضباط الشرطة، وأي أشخاص آخرين لهم دور في حجز أو معاملة أي فرد يجري إخضاعه لأي شكل من أشكال القبض أو الاحتجاز أو السجن، تعليمات مناسبة وتدريبا مناسبا، وعلى الدول الأطراف أن تبلغ اللجنة بما قدمته من تعليمات وتدريب وبالطريقة التي يشكل به ا الحظر الوارد في المادة 7 جزءا لا يتجزأ من القواعد التنفيذية ومعايير قواعد السلوك التي يتعين على هؤلاء الأشخاص اتباعها.

11- وينبغي للدولة الطرف، بال إ ضافة إلى وصف الخطوات التي تتبعها لتوفير الحماية العامة، التي تحق لأي شخص، من الأعمال المحظورة بموجب المادة 7، أن تقدم معلومات مفصلة عن الضمانات التي تكفل الحماية الخاصة للأشخاص المعرضين للأذى بصفة خاصة. ومن الجدير بالملاحظة أن إحدى الوسائل الفعالة لمنع حالات التعذيب وسوء المعاملة هي إبقاء قواعد الاستجواب وتعليمات وطرق وممارسات وترتيبات حجز ومعاملة الأشخاص المع رضين لأي شكل من أشكال القبض أو الاحتجاز أو السجن قيد الاستعراض المنتظم. ولضمان الحماية الفعلية للمحتجزين، ينبغي اتخاذ ترتيبات لوضعهم في أماكن معترف بها رسميا كأماكن احتجاز، ولحفظ أسمائهم وأماكن احتجازهم، فضلا عن أسماء الأشخاص المسؤولين عن احتجازهم، في سجل يتاح وييسر الاطلاع عليه للمعنيين، بما في ذلك الأقرباء والأصدقاء. وعلى نفس النحو، ينبغي تسجيل وقت ومكان جميع الاستجوابات بال إ ضافة إلى أسماء جميع الحاضرين، وينبغي أن يتاح الاطلاع على هذه المعلومات لأغراض الإجراءات القضائية أو الإدارية. كما ينبغي اتخاذ ترتيبا ت ضد الاحتجاز الانفرادي. وفي هذا السياق، ينبغي للدول الأطراف أن تضمن خلو أمكنة الاحتجاز من أية معدات قابلة للاستخدام لأغراض التعذيب أو إساءة المعاملة. وإن توفير الحماية للمحتجز تقتضي أيضا إتاحة الوصول إليه بشكل عاجل ومنتظم للأطباء والمحامين، وكذلك، في ظل إ شراف مناسب عندما يقتضي التحقيق ذلك، لأفراد الأسرة.

12 - ومن المهم، من أجل عدم تشجيع ا رتكاب الانتهاكات المتعلقة بالمادة 7، أن يحظر القانون، في أي إجراءات قضائية، استخدام أو جواز قبول أي أقوال أو اعترافات يكون قد تم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو أي معاملة أ خرى محظورة.

13- وينبغي للدول الأطراف أن تبين ، عند تقديم تقاريرها ، الأحكام الواردة في قانونها الجنائي و التي تقضي بالمعاقبة على التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة، مع تحديد العقوبات التي تطبق على ارتكاب هذه الأفعال، سواء ارتكبها مسؤول ون عموميون أو أشخ ـ اص آخرون يعملون باسم الدولة، أو أفراد بصفتهم الشخصية. ومن ينتهكون المادة 7، سواء بتشجيع الأفعال المحظورة أو بالأمر بها أو بإجازتها أو بارتكابها، يجب اعتبارهم مسؤولين في هذا الشأن. وبناء عليه، يجب عدم معاقبة أولئك الذين يرفضون تنفيذ الأوام ر بهذا الشأن أو إخضاعهم لأي معاملة سيئة.

14 - وينبغي قراءة المادة 7 مقترنة بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وينبغي أن تبين الدول الأطراف في تقاريرها الكيفية التي يضمن بها نظامها القانوني على نحو فعال الإنهاء الفوري لجميع الأفعال التي تحظرها المادة 7 فضلا عن توفير إنصاف مناسب. ويجب التسليم في القانون الداخلي بالحق في تقديم شكاوى من سوء المعاملة المحظور بموجب المادة 7 من العهد. ويجب قيام السلطات المختصة بالتحقيق بصورة عاجلة ومحايدة في الشكاوى بغية جعل وسيلة ال إ نصاف فعالة. وينبغي أن تقدم تقارير الدول الأطراف معل ومات محددة عن وسائل الانتصاف المتاحة لضحايا سوء المعاملة، وال إ جراءات التي يتعين على الشاكين اتباعها، و إ حصاءات عن عدد الشكاوى والكيفية التي عولجت بها.

15- وقد لاحظت اللجنة أن بعض الدول قد منحت العفو فيما يتعلق بأفعال التعذيب . وبصورة عامة ، فإن حالات العفو غي ر متمشية مع واجب الدول بالتحقيق في هذه الأفعال، وبضمان عدم وقوع هذه الأفعال في نطاق ولايتها القضائية؛ وبضمان عدم حدوث هذه الأفعال في المستقبل. ولا يجوز للدول حرمان الأفراد من اللجوء إلى سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك الحصول على تعويض وعلى إعادة الاعتبار على أكمل وجه ممكن.

الدورة الرابعة والأربعون (1992)

التعليق العام رقم 21: المادة 10 (المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم)

1- يحل هذا التعليق العام محل التعليق العام رقم 9 ( الدورة السادسة عشرة، 1982) وهو يعكس ذلك التعليق ويفصّله .

2- وتنطبق الفقرة 1 م ن المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على كل شخص محروم من حريته، بموجب قوانين وسلطة الدولة، محتجز في سجن أو مستشفى - وبخاصة مستشفيات الأمراض النفسية - أو معسكر احتجاز أو مؤسسة إصلاحية أو في أي مكان آخر. وعلى الدول الأطراف أن تكفل التق يد بالمبدأ المنصوص عليه في تلك الفقرة في جميع المؤسسات والمنشآت الموجودة في إطار ولايتها والتي يحتجز فيها أشخاص.

3- وتفرض الفقرة 1 من المادة 10 على الدول الأطراف التزاما إيجابيا إزاء الأشخاص الذين يتأثرون على نحو خاص بسبب مركزهم كأشخاص محرومين من حريتهم، و تتمم بالنسبة لهم الحظر المفروض على التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والوارد في المادة 7 من العهد. ومن ثم لا يجوز تعريض الأشخاص المحرومين من حريتهم لمعاملة منافية للمادة 7، بما في ذلك التجارب الطبية والعلمية، بل ولا يجوز أيضا تعريضهم لأي مشقة أو قيد خلاف ما هو ناجم عن الحرمان من الحرية؛ ويجب ضمان احترام كرامة هؤلاء الأشخاص بالشروط نفسها كما هي بالنسبة للأشخاص الأحرار. ويتمتع الأشخاص المحرومون من حريتهم بجميع الحقوق المبينة في العهد، رهنا بالقيود التي لا مفر من تطبيقها في بيئة مغلقة.

4- وإن معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم كرامتهم قاعدة جوهرية وواجبة التطبيق عالميا. ونتيجة لذلك، لا يمكن أن يتوقف تطبيق هذه القاعدة، كحد أدنى، على الموارد المادية المتوافرة في الدولة الطرف. ويجب تطبيق هذه القاعدة دون تميي ز من أي نوع كالتمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره، أو المنشأ الوطني أو الاجتماعي، أو الممتلكات أو المولد، أو أي مركز آخر.

5- والدول الأطراف مدعوة إلى أن توضح في تقاريرها مدى تطبيقها لمعايير الأمم المتحدة ذات ا لصلة الواجبة التطبيق على معاملة السجناء: مجموعة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (1957) ومجموعة مبادئ حماية جميع الأشخاص الخاضعين لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، ومدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين (1978) ومبادئ قواعد السلوك الط بي المتصلة بدور العاملين في المجال الصحي، ولا سيما الأطباء، في حماية السجناء والمحتجزين من التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1982).

6- وتشير اللجنة إلى أنه ينبغي أن تتضمن التقارير معلومات مفصلة عن الأحكام التشريعية وال إ دارية ا لوطنية التي لها تأثير على الحق المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 10 . وترى اللجنة أيضا أن من الضروري أن تحدد التقارير التدابير الملموسة التي اتخذتها السلطات المختصة لرصد التطبيق الفعال للقواعد المتعلقة بمعاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم. وينبغي للدول الأط راف أن تضمن تقاريرها معلومات عن نظام ال إ شراف على المنشآت العقابية، والتدابير المحددة الرامية إلى منع التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وعن الكيفية التي يكفل بها الإشراف النزيه.

7- وعلاوة على ذلك، تشير اللجنة إلى أنه ينبغي للتقارير أن تبين ما إذا كانت شتى الأحكام الواجبة التطبيق تشكل جزءا لا يتجزأ من تعليم وتدريب الموظفين الذين لهم سلطة على الأشخاص المحرومين من حريتهم وما إذا كان هؤلاء الموظفون يتقيدون تقيدا صارما بهذه الأحكام لدى اضطلاعهم بواجباتهم. وسيكون من الملائم أيضا تحديد ما إذا كان بوسع الأشخاص المعتقلين أو المحتجزين الوصول إلى هذه المعلومات وما إذا كانت تتوفر لهم الوسائل القانونية الفعالة التي تمكنهم من ضمان احترام هذه القواعد، وتقديم شكوى في حالة تجاهل القواعد، والحصول على تعويض كاف في حالة حدوث انتهاك.

8- وتشير اللجنة إلى أن المبد أ الوارد في الفقرة 1 من المادة 10 يشكل الأساس لما يقع على عاتق الدول الأطراف من التزامات أكثر تحديدا فيما يخص العدالة الجنائية، وهي الالتزامات الواردة في الفقرتين 2 و3 من المادة 10.

9- وتنص الفقرة 2 ( أ ) من المادة 10 على فصل المتهمين، إلا في الظروف الاستثنائ ية، عن المحكوم عليهم. وهذا الفصل مطلوب من أجل التأكيد على مركزهم كأشخاص غير محكوم عليهم ويتمتعون في الوقت نفسه بالحق في اعتبارهم أبرياء وفقا للمنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 14 . وينبغي لتقارير الدول الأطراف أن تبين كيف يتم فصل الأشخاص المتهمين عن الأشخاص المحكوم عليهم وأن توضح كيف تختلف معاملة الأشخاص المتهمين عن معاملة الأشخاص المحكوم عليهم.

10- وبصدد الفقرة 3 من المادة 10 وهي الفقرة التي تتعلق بالأشخاص المحكوم عليهم، تعرب اللجنة عن رغبتها في الحصول على معلومات مفصلة بشأن تشغيل نظام السجون لدى الدولة الط رف ولا ينبغي لنظام السجون أن يكون لمجرد الجزاء، وإنما ينبغي أن يسعى أساسا إلى إصلاح السجين وإعادة تأهيله اجتماعيا. وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى تحديد ما إذا كان يوجد لديها نظام لتقديم المساعدة بعد الإفراج عن السجين وإلى تقديم معلومات بشأن مدى نجاح هذا ال نظام.

11- وفي عدد من الحالات، لا تتضمن المعلومات المقدمة من الدولة الطرف أية إشارة محددة لا إلى الأحكام التشريعية أو ال إ دارية ولا إلى التدابير العملية التي تضمن إعادة تثقيف الأشخاص المحكوم عليهم. وتطلب اللجنة معلومات محددة بشأن التدابير المتخذة لتوفير التد ريس والتعليم وإعادة التعليم والتوجيه المهني والتدريب، وكذلك بشأن برامج العمل المتوافرة للسجناء داخل المنشأة العقابية وخارجها أيضا.

12- و ل كي يتسنى تحديد ما إذا كان المبدأ الوارد في الفقرة 3 من المادة 10 موضع احترام تام، تطلب اللجنة أيضا معلومات عن التدابير المحددة المطبقة أثناء الاحتجاز، ومن ذلك مثلا، كيف يجري التعامل فرديا مع الأشخاص المحكوم عليهم وكيف يتم تصنيفهم، والنظام التأديبي، والحبس الانفرادي والاحتجاز في ظل احتياطات أمنية مشددة، والظروف التي يتم فيها ضمان الاتصالات مع العالم الخارجي ( الأسرة أو المحا مي أو الخدمات الاجتماعية والطبية أو المنظمات غير الحكومية ) .

13- وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن تقارير بعض الدول الأطراف لا تتضمن أية معلومات بشأن المعاملة التي يلقاها المتهمون الأحداث والأحداث المذنبون. وتنص الفقرة 2 ( ب ) من المادة 10 على فصل المتهمين الأحد اث عن البالغين. وتوضح المعلومات المقدمة في التقارير أن بعض الدول الأطراف لا تولي الاهتمام اللازم لواقع أن هذا النص هو حكم إلزامي من أحكام العهد. وينص الحكم أيضا على وجوب النظر في القضايا الخاصة بالأحداث بأسرع ما يمكن. وينبغي أن تحدد التقارير التدابير التي تتخذها الدول الأطراف لإ نفاذ هذا الحكم. وأخيرا تقضي الفقرة 3 من المادة 10 بأن يفصل المذنبون الأحداث عن البالغين ويعاملوا معاملة تتفق مع سنهم ومركزهم القانوني فيما يتعلق بظروف الاحتجاز، ويشمل ذلك على سبيل المثال تقصير فترات العمل والسماح بالاتصال بالأقارب، و ذلك بهدف التشجيع على إصلاحهم وإعادة تأهيلهم. ولا تتضمن المادة 10 إشارة تحدد سن الحدث. وفي حين أنه يتعين على كل دولة طرف أن تحدد هذا في ضوء الظروف الاجتماعية والثقافية والظروف الأخرى ذات الصلة، ترى اللجنة أن الفقرة 5 من المادة 6 تقترح أن يعامل جميع الأشخاص دون الثامنة عشرة من العمر بوصفهم من الأحداث في المسائل المتصلة بالقضاء الجنائي على الأقل. وينبغي للدول تقديم معلومات ذات صلة عن فئات أعمار الأشخاص الذين يعاملون باعتبارهم من الأحداث. وفي هذا الصدد، فإن الدول الأطراف مدعوة إلى أن تبين ما إذا كانت تطبق قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا ل إ دارة شؤون قضاء الأحداث، والمعروفة باسم قواعد بكين (1987).

الدورة الثامنة والأربعون (1993)

التعليق العام رقم 22 : المادة 18 (حرية الفكر والوجدان والدين)

1- إن الحق في حرية الفكر والوجدان والدين ( الذي يشمل حرية اعتناق العقائ د ) الوارد في المادة 18 -1 هو حق واسع النطاق عميق الامتداد؛ وهو يشمل حرية الفكر في جميع المسائل وحرية الاقتناع الشخصي واعتناق دين أو معتقد سواء جهر به المرء بمفرده أو مع جماعة. وتلفت اللجنة انتباه الدول الأطراف إلى أن حرية الفكر وحرية الوجدان تتمتعان بنفس ا لحماية التي تتمتع بها حرية الدين والمعتقد. كما يتجلى الطابع الأساسي لهذه الحريات في أن هذا الحكم لا يمكن الخروج عنه حتى في حالات الطوارئ العامة، على النحو المذكور في المادة 4-2 من العهد.

2- وتحمي المادة 18 العقائد التوحيدية وغير التوحيدية والإلحادية ، وكذلك الحق في عدم اعتناق أي دين أو عقيدة. وينبغي تفسير كلمتي "دين" و"عقيدة" تفسيرا واسعا. والمادة 18 ليست مقصورة في تطبيقها على الديانات التقليدية أو على الأديان والعقائد ذات الخصائص أو الشعائر الشبيهة بخصائص وشعائر الديانات التقليدية. ولذا تنظر اللجنة بقلق إلى أي ميل إلى التمييز ضد أي أديان أو عقائد لأي سبب من الأسباب، بما في ذلك كونها حديثة النشأة أو كونها تمثل أقليات دينية قد تتعرض للعداء من جانب طائفة دينية مهيمنة.

3- وتميز المادة 18 حرية الفكر والوجدان والدين أو العقيدة عن حرية المجاهرة بالدين أو بالعقيدة. وهي لا تسمح بأي قيود أيا كانت على حرية الفكر والوجدان أو على حرية اعتناق دين أو عقيدة يختارها الشخص. فهذه الحريات تتمتع بالحماية دون قيد أو شرط شأنها شأن حق كل إ نسان في اعتناق الآراء دون تدخل من غيره، حسبما هو منصوص عليه في المادة 19 -1. ووفقا للمادتين 18 -2 و 17 لا يمكن إجبار أي شخص على الكشف عن أفكاره أو عن انتمائه إلى دين أو عقيدة.

4- ويجوز للفرد ممارسة حريته في المجاهرة بدينه أو عقيدته "بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة". وتشمل حرية المجاهرة بدين أو عقيدة في العبادة وإقامة الشعائر والممارسة والتعل يم مجموعة واسعة من الأفعال. ويمتد مفهوم العبادة إلى الطقوس والشعائر التي يعبر بها تعبيرا مباشرا عن العقيدة، وكذلك إلى الممارسات المختلفة التي تعتبر جزء ً ا لا يتجزأ من هذه الطقوس والشعائر، بما في ذلك بناء أماكن العبادة، والصيغ والأشياء المستعملة في الشعائر، وعرض الرموز والاحتفال بالعطلات وأيام الراحة. ولا يقتصر ا تباع طقوس الدين أو العقيدة وممارستهما على الشعائر فحسب بل إنه قد يشمل أيضا عادات مثل اتباع قواعد غذائية، والاكتساء بملابس أو أغطية للرأس متميزة، والمشاركة في طقوس ترتبط بمراحل معينة من الحياة، واستخدا م لغة خاصة اعتادت على أن تتكلمها إحدى الجماعات. وبالإضافة إلى ذلك، تتضمن ممارسة الدين أو العقيدة، وتدريسهما، أعمالا هي جزء لا يتجزأ من إ دارة الجماعات الدينية لشؤونها الأساسية، مثل حرية اختيار قادتها الدينيين ورجال دينها ومدرسيها، وحرية إنشاء معاهد لاهوتية أو مدارس دينية، وحرية إعداد نصوص أو منشورات دينية وتوزيعها.

5- وتلاحظ اللجنة أن حرية كل إ نسان في أن "يكون له أو يعتنق" أي دين أو معتقد تنطوي بالضرورة على حرية اختيار دين أو معتقد، وهي تشمل الحق في التحول من دين أو معتقد إلى آخر أو في اعتناق آراء إلحادية، فضلا عن حق المرء في الاحتفاظ بدينه أو معتقده. وتمنع المادة 18 -2 الإكراه الذي من شأنه أن يخل بحق الفرد في أن يدين بدين أو معتقد أو أن يعتنق دينا أو معتقدا، بما في ذلك التهديد باستخدام القوة أو العقوبات الجزائية لإجبار المؤمنين أو غير المؤمنين على التقيد بمع تقداتهم الدينية وال إ خلاص لطوائفهم، أو على الارتداد عن دينهم أو معتقداتهم أو التحول عنها. كما أن السياسات أو الممارسات التي تحمل نفس القصد أو الأثر، كتلك التي تقيد حرية الحصول على التعليم أو الرعاية الطبية أو العمل أو الحقوق المكفولة بالمادة 25 وسائر أحكام العهد، تتنافى مع المادة 18 -2. ويتمتع بنفس الحماية معتنقو جميع المعتقدات التي تتسم بطابع غير ديني.

6- و ترى اللجنة أن المادة 18 -4 تسمح ب أن يتم في المدارس العامة تدريس مواضيع مثل التاريخ العام للديانات، وعلم الأخلاق إذا كان يتم بطريقة حيادية وموضوعية و إن حرية الآباء أو الأوصياء الشرعيين في ضمان حصول أطفالهم على تعليم ديني وأخلاقي وفقا لمعتقداتهم، والواردة في المادة 18 -4، تتعلق بضمان حرية تعليم دين أو عقيدة، وهو ضمان مذكور في المادة 18 -1. وتلاحظ اللجنة أن التعليم العام الذي يشمل تلقين تعاليم دين معين أو عقيدة م عينة هو أمر لا يتفق مع المادة 18 -4 ما لم يتم النص على إعفاءات أو بدائل غير تمييزية تلبي رغبات الآباء والأوصياء.

7- ووفقا للمادة 20 ، لا يجوز أن تكون المجاهرة بالديانة أو المعتقد بمثابة دعاية للحرب أو دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تح ريضا على التمييز أو العداوة أو العنف. وكما ذكرت اللجنة في تعليقها العام 11 [19] من واجب الدول الأطراف أن تسن قوانين لحظر هذه الأعمال.

8- ولا تسمح المادة 18 -3 بتقييد حرية المجاهرة بالدين أو العقيدة إلا إذا كان القانون ينص على قيود ضرورية لحماية السلامة العام ة، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. ولا يجوز تقييد تحرر الفرد من الإرغام على أن يدين بدين أو معتقد أو أن يعتنق دينا أو معتقدا، وحرية الآباء والأوصياء في كفالة التربية الدينية أو الأخلاقية لأبنائهم. وينبغ ي للدول الأطراف، لدى تفسير نطاق أحكام القيود الجائزة، أن تنطلق من ضرورة حماية الحقوق المكفولة بموجب العهد، بما في ذلك الحق في المساواة وعدم التمييز لأي سبب من الأسباب المحددة في المواد 2 و3 و26 . والقيود المفروضة يجب أن ينص عليها القانون كما يجب عدم تطبيقها على نحو يبطل الحقوق المكفولة في الماد ة 18 . وتلاحظ اللجنة أنه ينبغي تفسير الفقرة 3 من المادة 18 تفسيرا دقيقا: فلا يسمح بفرض قيود لأسباب غير محددة فيها، حتى لو كان يسمح بها كقيود على حقوق أخرى محمية في العهد، مثل الأمن القومي. ولا يجوز تطبيق القيود إلا للأغ راض التي وضعت من أجلها، كما يجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تستند إليه وأن تكون متناسبة معه. ولا يجوز فرض القيود لأغراض تمييزية أو تطبيقها بطريقة تمييزية. وتلاحظ اللجنة أن مفهوم الأخلاق مستمد من تقاليد اجتماعية وفلسفية ودينية عديدة؛ وعليه يجب أن تست ند القيود المفروضة على حرية المجاهرة بالدين أو المعتقد بغرض حماية الأخلاق إلى مبادئ غير مستمدة حصرا من تقليد واحد. ويظل الأشخاص الخاضعون بالفعل لبعض القيود المشروعة، مثل السجناء، يتمتعون بحقوقهم في المجاهرة بدينهم أو معتقدهم إلى أقصى حد يتمشى مع الطابع الم حدد للقيود. وينبغي أن تقدم تقارير الدول الأطراف معلومات عن كامل نطاق وآثار القيود المفروضة بموجب المادة 18 -3، سواء منها القيود المستندة إلى القانون أو التي يتم تطبيقها في ظروف محددة.

9- و إن الاعتراف بديانة ما باعتبارها دين الدولة أو الدين الرسمي أو التقليد ي، أو باعتبار أن أتباعها يشكلون أغلبية السكان، يجب ألا يؤدي إلى إعاقة التمتع بأي حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد، بما في ذلك المادتان 18 و27 ، كما يجب ألا يؤدي إلى أي تمييز ضد أتباع الديانات الأخرى أو الأشخاص غير المؤمنين بأي دين. وبشكل خاص فإن بعض التد ابير التي تميز ضد غير المؤمنين، مثل التدابير التي تقصر الأهلية للعمل في الحكومة على من يدينون بالديانة المهيمنة، أو التي تعطي امتيازات اقتصادية لهؤلاء أو التي تفرض قيودا خاصة على ممارسة ديانات أخرى، تتعـارض مع حظر التمييز القائم على أساس الدين أو العقيدة و مع ضمان التساوي في التمتع بالحماية المنصوص عليه في المادة 26 . والتدابير المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 20 من العهد تمثل ضمانات هامة تحمي من انتهاك حقوق الأقليات الدينية وسائر المجموعات الدينية في مجال ممارسة الحقوق التي تكفلها المادتان 18 و 27 ، ومن أعما ل العنف أو الاضطهاد الموجهة ضد تلك المجموعات. وتود اللجنة أن تبلّغ بالتدابير التي تتخذها الدول الأطراف المعنية لحماية ممارسة جميع الأديان أو العقائد من الانتهاك ولحماية أتباع هذه الأديان والعقائد من التمييز. وبالمثل، فإن حصول اللجنة على معلومات فيما يتعلق بحقوق الأقليات الدينية بموجب المادة 27 هو أمر ضروري لكي تقيم اللجنة مدى قيام الدول الأطراف بإعمال الحق في حرية الفكر والوجدان والدين والعقيدة. ويتعين على الدول الأطراف المعنية أيضا أن تضمن تقاريرها معلومات تتعلق بالممارسات التي تعتبر في قوانينها وأحكامها ا لقضائية أمورا يعاقب عليها القانون بوصفها تجديفية.

10- وإذا كانت مجموعة من المعتقدات تعامل كإيديولوجية رسمية في الدساتير واللوائح، أو في إ علانات الأحزاب الحاكمة، وما شابه ذلك، أو في الممارسة الفعلية، فإن هذا يجب ألا يؤدي إلى إعاقة الحريات المنصوص عليها في ا لمادة 18 أو أية حقوق أخرى معترف بها بموجب العهد، أو إلى أي تمييز ضد الأشخاص الذين لا يقبلون الإيديولوجية الرسمية أو يعارضونها.

11- وقد طالب الكثير من الأفراد بالحق في رفض أداء الخدمة العسكرية ( الاستنكاف الضميري ) على أساس أن هذا الحق ناشئ عن حرياتهم بموجب ا لمادة 18 . واستجابة لهذه المطالب، عمد عدد متزايد من الدول، في قوانينها الداخلية، إلى منح المواطنين الذين يعتنقون، اعتناقا أصيلا، معتقدات دينية أو غير دينية تحظر أداء الخدمة العسكرية، إعفاء من الخدمة العسكرية الإجبارية، والاستعاضة عنها بخدمة وطنية بديلة. وال عهد لا يشير صراحة إلى الحق في الاستنكاف الضميري، بيد أن اللجنة تعتقد أن هذا الحق يمكن أن يستمد من المادة 18 لأن ال إ لزام باستخدام القوة بهدف القتل يمكن أن يتعارض بشكل خطير مع حرية الوجدان والحق في المجاهرة بالدين أو العقيدة. وعندما يعترف القانون أو العرف به ذا الحق، لا يجوز التمييز ضد المستنكفين ضميريا على أساس طبيعة معتقداتهم الشخصية. وبالمثل، لا يجوز التمييز ضد المستنكفين ضميريا بسبب تخلفهم عن أداء الخدمة العسكرية. وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى تقديم التقارير عن الشروط التي يمكن بموجبها إعفاء الأشخاص من ال خدمة العسكرية استنادا إلى حقوقهم بموجب المادة 18 ، وعن طبيعة الخدمة الوطنية البديلة ومدتها.

الدورة الخمسون (1994)

التعليق العام رقم 23: المادة 27 (حقوق الأقليات)

1- تنص المادة 27 من العهد على أنه لا يجوز، في الدول التي توجد فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغو ية، أن يحرم الأشخاص من أبناء هذه الأقليات من حق التمتع بثقافتهم الخاصة، أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائره، أو استعمال لغتهم، بالاشتراك مع أبناء جماعتهم الآخرين. وتلاحظ اللجنة أن الحق الذي تقره هذه المادة وتعترف به حق يمنح للأفراد المنتمين إلى فئات الأقليات وهو حق متميز وزائد على جميع الحقوق الأخرى التي يحق لهم كأفراد مثل سائر الناس التمتع بها بموجب العهد.

2- وفي بعض الرسائل المقدمة إلى اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري، هناك خلط بين الحق المصون بموجب المادة 27 وحق الشعوب في تقرير المصير المعلن في المادة 1 من العهد. وعلاوة على ذلك، يوجد أحيانا في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد خلط بين الالتزامات المفروضة على الدول الأطراف بموجب المادة 27 وبين واجب تلك الدول بموجب المادة 2 -1 الذي يلزمها بكفالة التمتع بالحقوق المضمونة بموجب العهد دون تمييز وبين المساواة أمام القانون وتوفير الحماية القانونية المتساوية بموجب المادة 26 .

3-1 ويميز العهد بين الحق في تقرير المصير والحقوق المصونة بموجب المادة 27 . فالحق في تقرير المصير يشار إليه كحق تملكه الشعوب وتتم معالجته في جزء مستقل ( الجزء الأول ) من العهد . وهذا الحق لا يدخل في نطاق البروتوكول الاختياري. أما المادة 27 ، فتتصل بحقوق ممنوحة للأفراد بصفتهم هذه وتندرج، كغيرها من المواد المتعلقة بالحقوق الشخصية الأخرى الممنوحة للأفراد، في الجزء الثالث من العهد، وتدخل في نطاق البروتوكول الاختياري (1) .

3-2 ولا يمس ا لتمتع بالحقوق التي تتصل بها المادة 27 بسيادة أي دولة من الدول الأطراف ولا بسلامتها الإقليمية. وفي الوقت نفسه، فإن جانبا أو آخر من حقوق الأفراد المصونة بموجب المادة - على سبيل المثال التمتع بثقافة معينة - يمكن أن يتمثل في أسلوب للعيش يرتبط ارتباطا وثيقا بال أرض وباستخدام مواردها (2) . وهذا قد ينطبق بصورة خاصة على أفراد طوائف السكان الأصليين التي تشكل أقلية.

4- ويميز العهد أيضا الحقوق المصونة بموجب المادة 27 عـن الضمانـات المكف ـ ولة بموجب المادتين 2 ( 1 ) و 26 . فما تقضي به المادة 2 ( 1 ) ، وهو التمتع بالحقوق المكفولة بمو جب العهد دون تمييز، ينطبق على جميع الأفراد الموجودين داخل الإقليم أو الخاضعين لولاية الدولة سواء أكان هؤلاء الأشخاص منتمين أو غير منتمين إلى أقلية ما. وبالإضافة إلى ذلك، هناك حق مميز مكفول بموجب المادة 26 مؤداه المساواة أمام القانون وتوفير الحماية القانوني ة المتساوية وعدم التمييز فيما يتعلق بالحقوق الممنوحة والالتزامات المفروضة من جانب الدول. وهذا الحق يحكم ممارسة جميع الحقوق، سواء أكانت مصونة بموجب العهد أم لا ، التي تمنحها الدولة الطرف بموجب القانون للأفراد الموجودين داخل إقليمها أو الخاضعين لولايتها، بصر ف النظر عن كونهم منتميـن أم لا إلى الأقليات المحددة في المادة 27 (3) . وبعض الدول الأطراف التي تدعي أنها لا تميز على أساس الأصل الإثني أو اللغة أو الدين، تدع ي خطأ، على هذا الأساس وحده، أنه لا توجد لديها أقليات.

5-1 و تدل العبارات المستخدمة في المادة 27 على أن الأشخاص المقصود حمايتهم هم الذين ينتمون إلى فئة ما ويشتركون معا في ثقافة و/أو دين و/أو لغة ما. وتدل تلك العبارات أيضا على أن الأفراد المقصود حمايتهم لا يلزم أن يكونوا من مواطني الدولة الطرف. والالتزامات الناجمة عن المادة 2( 1 ) ذات صلة أيضا في هذا الصدد، حي ث انه يلزم بموجب تلك المادة أن تكفل الدولة الطرف أن تكون الحقوق المصونة بموجب العهد متاحة لجميع الأفراد الموجودين داخل إقليمها والخاضعين لولايتها، فيما عدا الحقوق المنصوص صراحة على أنها تنطبق على المواطنين، ومن ذلك على سبيل المثال الحقوق السياسية المكفولة بموجب المادة 25 . ومن ثم لا يجوز للدولة الطرف أن تقصر الحقوق المكفولة بموجب المادة 27 على مواطنيها وحدهم.

5-2 وتمنح المادة 27 حقوقا للأشخاص المنتمين إلى الأقليات التي "توجد" في دولة طرف. وبالنظر إلى طبيعة ونطاق الحقوق المتوخاة بموجب تلك المادة، فإن تحديد در جة الدوام التي تفيد بها ضمنا كلمة "توجد" غير ذي موضوع في هذا الصدد. فتلك الحقوق مؤداها ببساطة هو أن الأفراد المنتمين إلى تلك الأقليات لا ينبغي أن يُنكر عليهم الحق في التمتع، بالاشتراك مع أبناء جماعتهم، بثقافتهم، وإقامة شعائر دينهم، والتكلم بلغتهم. وكما أنه لا يلزم أن يكونوا من الرعايا أو المواطنين، فإنه لا يلزم أن يكونوا من المقيمين الدائمين. ومن ثم فإن العمال المهاجرين أو حتى الزوار في الدولة الطرف الذين يؤلفون تلك ال أ قليات من حقهم ألا يُحرموا من ممارسة تلك الحقوق. وهؤلاء الأشخاص، مثلهم مثل أي فرد آخر في إ قليم الدولة الطرف، لهم، أيضا لهذا الغرض، الحقوق العامة في حرية الاشتراك في الجمعيات وحرية التجمع وحرية التعبير. ووجود أقلية إثنية أو دينية أو لغوية في دولة معينة من الدول الأعضاء لا يتوقف على قرار من تلك الدولة الطرف بل يلزم أن يتقرر بموجب معايير موضوعية.

5-3 وحق الأفراد المنتمين إلى أقلية لغوية في استخدام لغتهم فيما بين أنفسهم، على الصعيدين العام والخاص، متميز عن الحقوق اللغوية الأخرى المصونة بموجب العهد. وعلى وجه الخصوص، ينبغي تمييزه عن الحق العام في حرية التعبير المصون بموجب المادة 19 . فهذا الحق الأخير متاح لجميع الأشخاص، بصرف النظر عن انتمائهم إلى أقليات من عدمه. وعلاوة على ذلك، فإن الحق المصون بموجب المادة 27 ينبغي أن يفرّق بينه وبين الحق المعين الذي تمنحه المادة 14 -3 ( و ) من العهد للأشخاص المتهمين وهو الحق في الترجمة الشفوية حينما لا يكون بمقدورهم فهم ا للغة المستعملة في المحاكم أو التكلم بها. والمادة 14 -3 ( و ) لا تمنح، في أية ظروف أخرى، الأشخاص المتهمين الحق في أن يستعملوا اللغة التي يختارونها أو يتكلموا بها في سياق إجراءات المحاكم (4) .

6-1 وعلى الرغم من أن المادة 27 معبّر عنها بصيغة النفي، فإن هذه المادة تعترف بوجود "حق" وتقضي بعدم جواز الحرمان منه. وبناء على ذلك، فإن على الدولة الطرف التزاماً بأن تكفل أن يكون وجود هذا الحق واستعماله مصونين من الإنكار أو الانتهاك. ومن ثم فإن التدابير الإيجابية لصونهما واجبة لا ضد أفعال الدولة الطرف نفسها فحسب، محميين سواء عن طريق سلطاتها التشريعية أو القضائية أو الإدارية، بل أيضا ضد أفعال الأشخاص الآخرين داخل الدولة الطرف.

6-2 وعلى الرغم من أن الحقوق المصونة بموجب المادة 27 هي حقوق فردية، فإنها تعتمد بدورها على قدرة جماعة الأقلية على الحفاظ على ثقافتها أو لغتها أو دينها. وب ناء على ذلك، فقد يتعين على الدول اتخاذ تدابير إيجابية لحماية هوية أقلية من الأقليات وصون حقوق أفرادها في التمتع بثقافتهم ولغتهم وفي تطويرهما، وفي ممارسة شعائر دينهم، وذلك بالاشتراك مع أبناء جماعتهم الآخرين. وفي هذا الصدد، ينبغي أن يلاحظ أن هذه التدابير الإ يجابية يجب أن تحترم أحكام المادتين 2-1 و 26 من العهد سواء فيما يتعلق بالمعاملة بين مختلف الأقليات أو المعاملة بين الأشخاص المنتمين إليها وباقي السكان. غير أنه طالما كانت هذه التدابير تستهدف تصحيح الظروف التي تحول دون التمتع بالحقوق المكفولة بموجب المادة 27 أو التي تنتقص منه، فإنها يجوز أن تشكل تفريقا مشروعا في إطار العهد، شريطة أن تكون مستندة إلى معايير معقولة وموضوعية.

7- وفيما يتعلق بممارسة الحقوق الثقافية التي تحميها المادة 27 ، تلاحظ اللجنة أن الثقافة تتبدى بأشكال كثيرة، من بينها أسلوب للعيش يرتبط باستخدا م موارد الأرض، لا سيما في حالة السكان الأصليين. ويمكن أن يشمل هذا الحق أنشطة تقليدية مثل صيد السمك أو الصيد والحق في العيش في المحميات الطبيعية التي يصونها القانون (9) . وقد يتطلب التمتع بهذه الحقوق تدابير للحماية قانونية إيجابية وت ـ دابير لضمان الاشتراك الفع ال لأفراد جماعات الأقليات في القرارات التي تؤثر فيهم.

8- وتلاحظ اللجنة أنه لا يجوز شرعا ممارسة أي حق من الحقوق التي تحميها المادة 27 من العهد على نحو أو إلى حد يتنافى وسائر أحكام العهد.

9- وتخلص اللجنة إلى أن المادة 27 تتعلق بحقوق تفرض حمايتها التزامات محد دة على الدول الأطراف. والهدف من حماية هذه الحقوق هو ضمان بقاء واستمرار تطور الهوية الثقافية والدينية والاجتماعية للأقليات المعنية، مما يثري نسيج المجتمع ككل. وعليه، تلاحظ اللجنة أنه يجب حماية هذه الحقوق بصفتها هذه، وينبغي عدم الخلط بينها والحقوق الشخصية ال أخرى الممنوحة للجميع بموجب العهد. ولذلك فإن على الدول الأطراف التزاما بضمان صون هذه الحقوق على نحو كامل، وينبغي لها أن تبين في تقاريرها التدابير التي اتخذتها تحقيقا لهذه الغاية.

الحواشي

(1) انظر الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة التاسعة والثلاثون، ا لملحق رقم 40 (A/39/40) ، المرفق السادس، التعليق العام رقم 12 (21) ( المادة 1 ) ، الصادر أيضا في الوثيقة CCPR/C/21/Rev.1. وانظر المرجع نفسه ؛الدورة الخامسة والأربعون، الملحق رقم 40(A/45/40) ، المجلد الثاني، المرفق التاسع، الفرع ألف، البلاغ رقم 167/1984 ( برنارد اوميناياك، قائد عصبة بحيرة لوبيكون، ضد كندا ) ، الآ راء المعتمدة في 26 آذار/مارس 1990.

( 2 ) انظر المرجع نفسه، الدورة الثالثة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/43/40)، المرفق السابع، الفرع زاي، البلاغ رقم 197/1985 ( كيتوك ضد السويد ) ، الآ راء المعتمدة في 27 تموز/يوليه 1988.

( 3 ) انظر المرجع نفسه، ال ـ دورة الثانية والأربعون، الملحق رقم 40 (A/42/40)، المرفق الثامن، الفرع دال، البلاغ رقم 182/1984 ( ف. ه‍ . زوان دي فريس ضد هولندا ) ، الآ راء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987؛ والمرجع نفسه، الفرع جيم، ال بلاغ رقم 180/1984 ( ل. غ. دانن غ ضد هولندا ) ، الآ راء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987.

( 4 ) انظر المرجع نفسه، الدورة الخامسة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/45/40)؛ المجلد الثاني، المرفق العاشر، الفرع ألف، البلاغ رقم 220/1987 ( ت. ك. ضد فرنسا ) ، ال قر ا ر ال مؤرخ في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1989؛ والمر جع نفسه، الفرع باء، البلاغ رقم 222/1987 ( م. ك. ضد فرنسا ) ، ال قر ا ر المؤرخ في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1989.

( 5 ) انظر الحاشيتين 1 و2 أعلاه، ال بلاغ رقم 167/1984 ( برنارد أوميناياك، رئيس عصبة بحيرة لوبيكون، ضد كندا ) ، الآراء المعتمدة في 26 آذار/مارس 1990، وال بلاغ ر قم 197/1985 ( كيتوك ضد السويد ) الآراء المعتمدة في 27 تموز/يوليه 1988.

الدورة الثانية والخمسون (1994)

التعليق العام رقم 24: المسائل المتعلقة بالتحفظات التي تُبدى لدى التصديق على العهد أو البروتوكولين الاختياريين الملحقين بـه أو الانضمام إليها أو فيما يتعلق ب الإعلانات التي تصدر في إطار المادة 41 من العهد

1- في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 ، كانت 46 دولة من الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وعددها 127 دولة قد أدرجت، فيما بينها 150 تحفظا يتفاوت مغزاها فيما يتعلق بقبولها للالتزامات المنصو ص عليها في العهد. ويستبعد بعض هذه التحفظات واجب توفير وضمان حقوق معينة محددة في العهد. وقد صيغ بعضها الآخر بعبارات أعم موجهة في أحيان كثيرة نحو ضمان استمرار سيادة أحكام معينة في القانون الداخلي. وثمة تحفظات أخرى أيضا تتصل باختصاص اللجنة. على أن عدد التحفظا ت ومضمونها ونطاقها قد تفضي إلى إضعاف تنفيذ العهد تنفيذاً فعالاً، وهي تنزع إلى الانتقاص من احترام التزامات الدول الأطراف. ومن المهم أن تعرف الدول الأطراف على وجه التحديد ما هي في الواقع الالتزامات التي تعهدت بها هي وسائر الدول الأطراف. ويجب على اللجنة، في أ داء الواجبات الملقاة على عاتقها إما بموجب المادة 40 من العهد أو بمقتضى البروتوكولين الاختياريين، أن تعرف ما إذا كانت دولة من الدول ملزمة بالتزام معين أو إلى أي حد. وهذا يتطلب تحديد ما إذا كان ال إ علان الذي يصدر من جانب واحد يشكل تحفظا أو إ علانا تفسيريا وتحد يد مدى قبوله وما يترتب عليه من آثار.

2- ولهذه الأسباب رأت اللجنة انه من المفيد أن تتناول في تعليق عام القضايا الناشئة في مجال القانون الدولي والسياسة العامة بشأن حقوق الإنسان. ويحدد التعليق العام مبادئ القانون الدولي التي تنطبق على إدراج التحفظات والتي يتم بالرجوع إليها تحديد مدى مقبولية هذه التحفظات وتفسير المقصود بها ويتناول التعليق العام دور الدول الأطراف فيما يتعلق بتحفظات الدول الأخرى. كما يتناول دور اللجنة نفسها فيما يتصل بالتحفظات. ويتضمن بعض التوصيات إلى الدول الأطراف الحالية من أجل إجراء مراجعة للت حفظات وإلى الدول التي لم تصبح بعد أ طرافا بشأن الاعتبارات القانونية واعتبارات السياسة العامة المتعلقة بحقوق الإنسان التي يجب ألا تغيب عن بالها إذا ما نظرت في التصديق أو الانضمام مع إبداء تحفظات معينة.

3- وليس من السهل دائماً تمييز التحفظ عن الإعلان فيما يتع لق بفهم الدولة لتفسير حكم من الأحكام أو عن بيان يحدد السياسة العامة. إذ إن الاعتبار يجب أن يولى إلى ما تقصده الدولة لا إلى الشكل الذي تتخذه الوثيقة. فإذا كان القصد من البيان، بصرف النظر عن تسميته أو عنوانه، هو استبعاد أو تعديل الأثر القانوني لمعاهدة ما في انطباقها على الدولة، فإنه يشكل تحفظا (1) . وعلى النقيض من ذلك، إذا كان ما يسمى تحفظا يقتصر على عرض تفسير الدولة لحكم معين ولكنه لا يستبعد أو يعدل ذلك الحكم في انطباقه على تلك الدولة، فإنه لا يشكل تحفظا في الواقع.

4- وإن إ مكانية إبداء التحفظات قد تشجع الدول ا لتي ترى أ نها تواجه صعوبات في ضمان جميع الحقوق الواردة في العهد على أن تقبل مع ذلك الالتزامات الواردة فيه بمجملها. وقد تؤدي التحفظات وظيفة مفيدة لتمكين الدول من تكييف عناصر معينة في قوانينها مع الحقوق الأصيلة لكل شخص حسبما هي محددة في العهد. إلا انه من المس تحسن، من حيث المبدأ، أن تقبل الدول مجموعة الالتزامات كاملة، لأن معايير حقوق الإنسان هي التعبير القانوني عن الحقوق الأساسية التي يحق لكل فرد التمتع بها بوصفه كائناً بشرياً.

5- و العهد لا يحظر إ بداء التحفظات كما انه لا يذكر أي نوع من التحفظات المسموح بها. وهذ ا ينطبق أيضاً على البروتوكول الاختياري الأول. أما البروتوكول الاختياري الثاني فينص في الفقرة 1 من المادة 2 على انه "لا يسمح بأي تحفظ على هذا البروتوكول إلا بالنسبة لتحفظ يكون قد أعلن عند التصديق عليه أو الانضمام إليه وينص على تطبيق عقوبة الإعدام في وقت الح رب طبقاً لإدانة في جريمة بالغة الخطورة تكون ذات طبيعة عسكرية وترتكب في وقت الحرب" وتنص الفقرتان 2 و3 من هذه المادة على بعض الالتزامات الإجرائية.

6- غير أن عدم وجود حظر على إبداء التحفظات لا يعني جواز قبول أي تحفظ. فمسألة التحفظات في إطار العهد والبروتوكول الاختياري الأول مسألة يحكمها القانون الدولي. وتوفر المادة 19( 3 ) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات إ رشادات ذات صلة بهذا الموضوع (2) . فهي تقضي بأن للدول أن تضع تحفظا إذا كانت المعاهدة لا تحظر التحفظات أو إذا كان التحفظ يندرج في فئة التحفظات المحددة المسموح به ا وذلك بشرط أ لا يكون هذا التحفظ متعارضا مع موضوع المعاهدة وهدفها. ومع أن العهد، بخلاف بعض المعاهدات الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان، لا يتضمن إ شارة محددة إلى معيار الموضوع والهدف، فإن هذا المعيار يحكم مسألة تفسير التحفظات ومدى مقبوليتها.

7- وفي صك يحدد فيه ع دد كبير جداً من الحقوق المدنية والسياسية، يكون في كل مادة من المواد العديدة، بل وفي التفاعل بين هذه المواد، ما يؤمن أهداف العهد. إذ إن موضوع العهد وهدفه يتمثلان في إرساء معايير ملزمة قانونا فيما يتعلق بحقوق الإنسان من خلال تعريف حقوق مدنية وسياسية معينة وإ دراجها في إطار من الالتزامات التي تكون ملزمة من الناحية القانونية بالنسبة لتلك الدول التي تصدق عليها، وتوفير آلية فعالة للإشراف على الامتث ـ ال للالتزام ـ ات المتعهد بها.

8- أما التحفظات التي تخل بالقواعد القطعية فلا تتفق مع موضوع العهد وهدفه. وعلى الرغم من أ ن المعاهدات التي تشكل مجرد تبادلات للالتزامات بين الدول تسمح لها بأن تتحفظ فيما بينها على تطبيق قواعد القانون الدولي العام، فإن الأمر يختلف عن ذلك في معاهدات حقوق الإنسان التي هي لصالح الأشخاص الذين يدخلون في نطاق ولايتها. وبالتالي فإن الأحكام الواردة في ال عهد والتي هي من قواعد القانون الدولي العرفي ( ولا سيما عندما يكون لها طابع القواعد القطعية ) لا يجوز أن تكون موضوعا للتحفظات. وبناء على ذلك، لا يجوز لدولة أن تحتفظ بحق في ممارسة الرق أو التعذيب أو إخضاع الأشخاص لمعاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أ و حرمانهم من الحياة تعسفاً أو اعتقالهم واحتجازهم بشكل تعسفي أو حرمانهم من حرية الفكر والوجدان والدين، أو افتراض أن الشخص مذنب ما لم يثبت براءته، أو إعدام النساء الحوامل أو الأطفال، أو السماح بالدعوة إلى الكراهية لاعتبارات قومية أو عنصرية أو دينية، أو إنكار حق الأشخاص الذين بلغوا سن الزواج في أ ن يتزوجوا، أو إنكار حق ال أ قليات في التمتع بثقافتها الخاصة بها أو ممارسة شعائر دينها أو استخدام لغتها. وفي حين أن إبداء التحفظات على أحكام معينة من المادة 14 قد يكون مقبولاً، فلا يجوز إبداء أي تحفظ عام على الحق في محاكم ة عادلة.

9- وبتطبيق معيار الموضوع والهدف تطبيقا أعم على العهد، تلاحظ اللجنة مثلاً أن التحفظ على المادة 1 الذي ينكر على الشعوب الحق في تقرير وضعها السياسي وفي السعي إلى تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إنما يتعارض مع موضوع وهدف العهد. وبالمثل فإن التحفظ على الالتزام باحترام وكفالة الحقوق، وعلى أساس غير تمييزي ( المادة 2 ( 1 )) يعتبر غير مقبول. كما انه لا يجوز لدولة أن تحتفظ بحق عدم اتخاذ التدابير اللازمة على المستوى الداخلي لإعمال الحقوق المنصوص عليها في العهد ( المادة 2 ( 2 )) .

10 - وبحثت اللجنة كذلك مسألة ما إذا كانت فئات من التحفظات تخل بمعيار "الموضوع والهدف". ويتعين النظر بصفة خاصة فيما إذا كانت التحفظات على أحكام العهد التي لا يجوز تقييدها تتمشى مع موضوع العهد وهدفه. وفي حين انه ليس هناك أي تدرج في أهمية الحقوق في إطار العهد، فإنه لا يجوز تعليق إع مال بعض الحقوق حتى في أوقات الطوارئ الوطنية. وهذا يبرز الأهمية العظيمة التي تتسم بها الحقوق التي لا يجوز تقييدها. ولكن الحقوق ذات الأهمية الأساسية، مثل تلك المحددة في المادتين 9 و 27 من العهد، لم تجعل جميعها في الواقع حقوقاً لا يجوز تقييدها. ومن الأسباب الت ي تجعل حقوقاً معينة غير قابلة للتقييد هو أن تعليق إعمالها يكون غير ذي صلة بالمراقبة المشروعة لحالة الطوارئ الوطنية ( ومن ذلك مثلاً عدم جواز السجن بسبب العجز عن الوفاء بدين المنصوص عليه في المادة 11 ) . وثمة سبب آخر هو أن التقييد قد يكون في الواقع مستحيلاً ( كم ا في حالة حرية الوجدان ) . وفي الوقت نفسه، لا يجوز تقييد بعض الأحكام وذلك لسبب محدد هو أنه بدونها لا تكون هناك سيادة للقانون. فالتحفظ على أحكام المادة 4 التي تنص تحديداً على التوازن الذي يجب إ قامته بين مصالح الدولة وحقوق الأفراد في أوقات الطوارئ يندرج في هذه الفئة. ويتسم بهذا الطابع أيضا بعض الحقوق غير القابلة للتقييد والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال التحفظ عليها لأنها من القواعد القطعية - ومن الأمثلة على ذلك حظر التعذيب والحرمان من الحياة تعسفياً (3) . وفي حين انه ليس هناك ترابط تلقائي بين التحفظات على أحكام ل ا يجوز تقييدها والتحفظات التي تتنافى مع موضوع العهد وهدفه، فإنه يقع على عاتق الدولة عبء ثقيل لتبرير مثل هذه التحفظات.

11- و العهد لا يتألف من الحقوق المحددة فيه فحسب بل إنه يشمل أيضا ضمانات داعمة هامة. وتوفر هذه الضمانات ال إ طار اللازم لتأمين الحقوق المنصوص عليها في العهد وبالتالي فإنها تتسم بأهمية أساسية بالنسبة لموضوع العهد وهدفه. وينطبق بعض هذه الضمانات على المستوى الوطني وبعضها الآخر على المستوى الدولي. ولذلك ف إ ن التحفظات التي يراد بها إزالة هذه الضمانات لا تكون مقبولة. وهكذا ف إ نه لا يمكن لأية دولة أن تضع تحفظا على الفقرة 3 من المادة 2 تذكر فيه أنها لا تعتزم توفير أي سبل انتصاف من انتهاكات حقوق الإنسان. فمثل هذه الضمانات تشكل جزءا لا يتجزأ من بنية العهد وتدعم فعاليته. كما أن العهد يتوخى، من أجل تعزيز بلوغ أهدافه المحددة، أن يسند إلى اللجنة دور الرصد. والتح فظات التي ترمي إلى تجنب هذا العنصر الأساسي في تصميم العهد، وهو عنصر موجه أيضاً نحو تأمين التمتع بالحقوق، إنما تتنافى أيضا مع موضوع العهد وهدفه. فلا يجوز لدولة أن تحتفظ بحق عدم تقديم تقرير تبحثه اللجنة. إذ إن دور اللجنة في إ طار العهد، سواء بمقتضى المادة 40 أو بمقتضى البروتوكولين الاختياريين، يستتبع بالضرورة تفسير نصوص العهد وإرساء أحكام يستند إليها . وبالتالي فإن أي تحفظ يرفض اختصاص اللجنة في تفسير مقتضيات أي أحكام في العهد يكون أيضاً منافياً لموضوع هذه المعاهدة وهدفها.

12 - إن المقصود بالعهد هو أن الحقوق الوا ردة فيه ينبغي أن تكون مكفولة لجميع الأشخاص الخاضعين لولاية دولة طرف. ولهذه الغاية، قد يكون من الضروري تلبية بعض المتطلبات القائمة. فقد يستلزم الأمر تعديل القوانين الوطنية على النحو المناسب لكي تراعي متطلبات العهد، وإنشاء آليات على المستوى المحلي من أجل إ تا حة إ مكانية إنفاذ الحقوق المنصوص عليها في العهد على هذا المستوى. وكثيراً ما تكشف التحفظات عن نزوع الدول إلى العزوف عن تغيير قانون معين. وفي بعض الأحيان يصل هذا الاتجاه إلى مستوى السياسة العامة. ومما يثير القلق بصفة خاصة التحفظات ذات الصيغة الواسعة التي تؤدي أساساً إلى إبطال مفعول جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد والتي تتطلب إ حداث أي تغيير في القانون الوطني من أجل ضمان الامتثال للالتزامات المحددة بموجب العهد. وبذلك لا تقبل أية حقوق أو التزامات دولية حقيقية. وعندما لا يكون هناك وجود لأحكام تضمن المطالبة بإعم ال الحقوق المنصوص عليها في العهد أمام المحاكم المحلية، وعندما لا تكون هناك كذلك إمكانية متاحة لتقديم الشكاوى الفردية إلى اللجنة في إ طار البروتوكول الاختياري الأول، تكون جميع العناصر الأساسية للضمانات المنصوص عليها في العهد قد أ زيلت.

13 - وتنشأ هنا مسألة ما إذا كانت التحفظات جائزة في إطار البروتوكول الاختياري الأول، و إ ذا كان الأمر كذلك، ما إ ذا كان أي تحفظ من هذا القبيل يتنافى مع موضوع وهدف العهد أو مع موضوع وهدف البروتوكول الاختياري الأول ذاته. ومن الواضح أن البروتوكول الاختياري الأول يمثل بحد ذاته معاهدة دول ية متميزة عن العهد ولكنها مرتبطة به ارتباطا وثيقا. ويتمثل موضوع هذا البروتوكول وهدفه في الاعتراف باختصاص اللجنة في أن تتلقى وتبحث البلاغات التي ترد من الأفراد الذين يزعمون أنهم ضحايا لانتهاك ارتكبته دولة من الدول الأطراف لأي حق من الحقوق المنصوص عليها في ا لعهد والدول تقبل الحقوق الأساسية للأفراد على أساس العهد وليس على أساس البروتوكول الاختياري الأول. وتتمثل وظيفة هذا البروتوكول في تمكين اللجنة من اختيار صحة الادعاءات المتعلقة بتلك الحقوق. وبالتالي ف إ ن أي تحفظ على التزام للدولة باحترام وضمان حق من الحقوق ال واردة في العهد يدرج في إ طار البروتوكول الاختياري الأول ولا يكون قد سبق إدراجه فيما يتعلق بنفس الحقوق في إ طار العهد لا يؤثر على واجب تلك الدولة بالامتثال لالتزامها الأساسي. إ ذ لا يمكن إبداء تحفظ على العهد من خلال إ دراجه في إ طار البروتوكول الاختياري، ولكنه ي مكن استخدام مثل هذا التحفظ لضمان عدم قيام اللجنة بفحص مدى امتثال الدولة لذلك الالتزام في إ طار البروتوكول الاختياري الأول. وبالنظر إلى أن موضوع وهدف البروتوكول الاختياري الأول يتمثلان في إتاحة قيام اللجنة بفحص الحقوق الملزمة بالنسبة للدولة بمقتضى العهد، ف إ ن أي تحفظ يراد به استبعاد اختصاص اللجنة في هذا الشأن يكون منافيا لموضوع وهدف البروتوكول الاختياري الأول حتى إذا لم يكن منافيا للعهد ذاته. إ ذ إن التحفظ الذي يدرج لأول مرة، في إ طار البروتوكول الاختياري الأول، على التزام أساسي يوحي بأن ما تقصده الدولة المعنية بذلك هو منع اللجنة من إبداء آرائها فيما يتعلق بمادة معينة من مواد العهد في حالة فردية معينة.

14 - وترى اللجنة أن التحفظات المتعلقة با لإ جراءات المطلوبة في إ طار البروتوكول الاختياري الأول لا تتفق مع موضوعه وهدفه. فاللجنة يجب أن تكون هي صاحبة الرأي في إ جراءاته ا الخاصة حسبما هو محدد في البروتوكول الاختياري وفي نظامها الداخلي. ومع ذلك فقد أ بديت تحفظات تهدف إلى حصر اختصاص اللجنة في الأفعال والأحداث التي تقع بعد سريان البروتوكول الاختياري الأول بالنسبة للدولة. وفي رأي اللجنة أن هذا لا يشكل تحفظاً بل إنه يمثل في الغ الب بيانا يتفق مع الاختصاص العادي للجنة من حيث النطاق الزمني. وفي الوقت نفسه، تصر اللجنة على اختصاصها حتى في مواجهة مثل هذه البيانات أو الملاحظات حينما تكون الأحداث أو ال أ فعال التي وقعت قبل تاريخ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري الأول قد ظلت تؤثر على حقوق أحد الضحايا بعد ذلك التاريخ. وقد أدرجت تحفظات تؤدي من الناحية الفعلية إلى إ ضافة مبرر آخر لعدم جواز قيام اللجنة، بمقتضى الفقرة 2 من المادة 5، بالنظر في بلاغ ما حينما يكون نفس الموضوع قد سبق أن بحث في إ طار إ جراء مماثل آخر. وإذا كان الالتزام الأساسي يتمثل هنا في ضمان استعراض حقوق الإنسان المقررة للأفراد من قبل طرف ثالث مستقل، فإن اللجنة ترى أنه حيثما يكون الحق القانوني والموضوع متطابقين بموجب العهد وأي صك دولي آخر، لا يكون في هذا التحفظ إخلال بموضوع البروتوكول الاختياري الأول والهدف منه.

15 - إن الهدف الأساسي للبر وتوكول الاختياري الثاني هو توسيع نطاق الالتزامات الأساسية المتعهد بها في إ طار العهد، من حيث صلتها بالحق في الحياة، من خلال حظر الإعدام وإلغاء عقوبة ال إ عدام (4) . ويتضمن هذا البروتوكول نصاً يتعلق بالتحفظات يحدد ما هو مسموح به. فالفقرة 1 من المادة 2 من البروتو كول تنص على قبول نوع واحد من التحفظات وهو أن تحتفظ الدولة بحق تطبيق عقوبة ال إ عدام في وقت الحرب طبقاً لإدانة في جريمة بالغة الخطورة تكون ذات طبيعة عسكرية وترتكب في وقت الحرب. وثمة التزامان إ جرائيان يقعان على عاتق الدول الأطراف الراغبة في إ بداء هذا التحفظ. ف الفقرة 1 من المادة 2 تلزم مثل هذه الدولة بإبلاغ الأمين العام، عند التصديق على البروتوكول أو الانضمام إليه ، بالأحكام ذات الصلة من تشريعاتها الوطنية التي تطبق في زمن الحرب. ومن الواضح أن الغرض من ذلك هو تحقيق هدفي التحديد والشفافية. وترى اللجنة أن التحفظ الذ ي لا يقترن بهذا ال إ بلاغ لا يكون له أثر قانوني. وتقتضي الفقرة 3 من المادة 2 أن تقوم الدولة الطرف التي تعلن مثل هذا التحفظ ب إ خطار الأمين العام ببداية أو نهاية أي حالة حرب تكون منطبقة على أراضيها. وترى اللجنة أنه لا يجوز للدولة السعي إلى الاستفادة من هذا التح فظ ( أي اعتبار ال إ عدام مشروعا في زمن الحرب ) ما لم تمتثل للالتزام ال إ جرائي المنصوص عليه في الفقرة 3 من المادة 2.

16 - وترى اللجنة أن من المهم تحديد الهيئة التي لها السلطة القانونية للبت فيما إ ذا كانت تحفظات محددة متفقة مع موضوع العهد وهدفه. وفيما يتعلق بالمعا هدات الدولية بصورة عامة، أوضحت محكمة العدل الدولية في قضية التحفظات على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية (1951) أن الدولة التي تعترض على تحفظ على أساس تعارضه مع موضوع وهدف المعاهدة، يمكنها من خلال هذا الاعتراض، أن تعتبر المعاهدة غير سارية بينها وبين الدو لة المتحفظة. وتتضمن الفقرة 4 من المادة 20 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 أحكام أكثر اتصالا بهذه الحالة فيما يتعلق بقبول التحفظات والاعتراض عليها. وهي تتيح للدولة إ مكانية الاعتراض على تحفظ تبديه دولة أخرى. وتتناول الماد ة 21 الآثار القانونية لاع تراضات الدول على التحفظات التي تبديها دول أخرى. فالتحفظ أساسا يستبعد إعمال الأحكام المتحفظ عليها بين الدولة المتحفظة والدول الأخرى. ويؤدي الاعتراض على ذلك إلى عدم إعمال التحفظ بين الدولة المتحفظة والدولة المعترضة إلا في الحدود التي لم يشملها الاعتراض.

17 - وكما هو مبين أعلاه، فإن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات هي التي تقدم تعريفا للتحفظات وكذلك لتطبيق معيار الموضوع والهدف في حالة عدم وجود أية أحكام محددة أخرى. ولكن اللجنة تعتقد أن أحكام هذه الاتفاقية بشأن دور اعتراضات الدول فيما يتعلق بالتحفظات ليست مناسبة ل معالجة مشكلة التحفظات على معاهدات حقوق الإنسان. فهذه المعاهدات، ومنها العهد على وجه التحديد، لا تشكل مجموعة من عمليات تبادل الالتزامات فيما بين الدول، بل هي تعنى بتمتع الأفراد بحقوقهم. فمبدأ المعاملة بالمثل فيما بين الدول ليس له مكان هنا، لربما باستثناء ال سياق المحدود للتحفظات على ال إ علانات بشأن اختصاص اللجنة بمقتضى المادة 41 . وبالنظر إلى أن إعمال القواعد التقليدية بشأن التحفظات ليس ملائماً بالنسبة للعهد، فان الدول كثيرا ما لا تجد أية أهمية قانونية أو حاجة للاعتراض على التحفظات. ولا يمكن أن يستدل من عدم وجو د احتجاج من قبل الدول أن التحفظ يتفق أو لا يتفق مع موضوع وهدف العهد. وقد كانت الاعتراضات المثارة عارضة، وقد أ بديت من قبل بعض الدول دون غيرها وعلى أسس لا تكون محددة دائماً وعندما يتم إبداء اعتراض، ف إ نه كثيرا ما لا يحدد أي أثر قانوني بل إنه يوضح أحيانا أن ال طرف المعترض لا يعتبر مع ذلك أن العهد غير سار بين الأطراف المعنية. وباختصار ف إ ن هذا النمط غير واضح إلى حد يجعل من غير المأمون أن يفترض أن الدولة التي لم تعترض على تحفظ معين ترى أن هذا التحفظ مقبول. وفي رأي اللجنة أنه بالنظر إلى المميزات الخاصة للعهد بوصفه م عاهدة من معاهدات حقوق الإنسان، ف إ ن مسألة ما يترتب على الاعتراضات من آثار فيما بين الدول تظل موضع تساؤل. إلا أن الاعتراض على تحفظ ما من جانب الدول يمكن أن يوفر بعض ال إ رشادات للجنة في تفسيرها لمدى اتفاق التحفظ مع موضوع العهد والهدف منه.

18 - ويقع على عاتق الل جنة بالضرورة أن تحدد ما إذا كان تحفظ معين يتفق مع موضوع وهدف العهد وهذا يرجع إلى أسباب منها أن هذه ليست، كما ذكر أعلاه، مهمة من المناسب أن تقوم بها الدول الأطراف فيما يتعلق بمعاهدات حقوق الإنسان، وهي من ناحية أخرى مهمة لا يمكن للجنة أن تتجنبها في أداء وظائ فها. ولكي تعرف اللجنة نطاق واجبها في بحث مدى امتثال دولة ما بموجب المادة 40 أو النظر في بلاغ يقدم في إ طار البروتوكول الاختياري الأول، ف إ ن عليها بالضرورة أن تعتمد رأيا ً بشأن مدى اتفاق أو عدم اتفاق التحفظ مع موضوع وهدف العهد ومع القانون الدولي العام. وبالنظر إلى الطابع الخاص الذي تتسم به معاهدات حقوق الإنسان، ف إ ن مدى توافق تحفظ ما مع موضوع وهدف العهد يجب أن يحدد بصورة موضوعية على أساس الرجوع إلى المبادئ القانونية، واللجنة مؤهلة بصفة خاصة لأداء هذه المهمة. وإن النتيجة التي تترتب عادة على عدم قبول التحفظ لا تتم ثل في عدم سريان العهد إ طلاقاً بالنسبة للطرف المتحفظ بل إن مثل هذا التحفظ يكون بصورة عامة قابلاً للفصل بمعنى أن العهد يكون نافذاً بالنسبة للطرف المتحفظ دون استفادته من التحفظ.

19 - ويجب أن تكون التحفظات محددة وشفافة بحيث تكون اللجنة وكذلك الخاضعون لولاية الد ولة المتحفظة والدول الأطراف الأخرى على علم بالالتزامات التي تم أو لم يتم عقدها فيما يتعلق بحقوق الإنسان. وبذلك لا يجوز أن تكون التحفظات عامة بل يجب أن تشير إلى حكم معين من أحكام العهد وأن تبين بعبارات محددة نطاق تحفظها. وعند النظر في مدى توافق التحفظات الم حتملة مع موضوع وهدف العهد، ينبغي للدول أن تأخذ في الاعتبار أيضاً الأثر ال إ جمالي لمجموعة من التحفظات وكذلك تأثير كل تحفظ منها على سلامة العهد التي تظل تمثل اعتبارا أساسياً. ولا ينبغي للدول أن تبدي عدداً مفرطاً من التحفظات بحيث ينصب قبولها في الواقع على عدد محدود من التزامات حقوق الإنسان وليس على العهد في حد ذاته. ولكي لا تفضي التحفظات إلى حالة مستديمة لا تطبق فيها المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ف إ نها ينبغي ألا تؤدي بصورة منتظمة إلى التقليل من الالتزامات المتعهد بها بحيث تقتصر على تلك القائمة حاليا في معايير القانون الداخلي الأقل تشددا. كما ينبغي ألا تسعى ال إ علانات التفسيرية أو التحفظات إلى تجريد الالتزامات المحددة بموجب العهد من دلالاتها المستقلة بالإشارة إلى مطابقتها للأحكام القائمة في القانون المحلي أو إلى عدم قبولها إلا بقدر ما تكون مطابقة لهذه الأحكام. و ينبغي للدول ألا تحاول، من خلال التحفظات أو ال إ علانات التفسيرية، أن تقرر أن معنى نص من نصوص العهد مطابق لذلك المعنى الذي فسرته به أية هيئة أخرى منشأة بموجب معاهدة دولية.

20 - وينبغي للدول أن تستحدث إ جراءات لضمان اتفاق كل تحفظ مع موضوع العهد والهدف منه. ومن ا لمرغوب فيه أن تقوم الدولة التي تبدي تحفظاً بالإشارة في عبارات محددة إلى التشريعات أو الممارسات المحلية التي تعتقد أنها غير متوافقة مع التزامات العهد المتحفظ عليها وبيان الفترة الزمنية التي تحتاج إليها لجعل قوانينها وممارساتها الخاصة متوافقة مع العهد أو الأ سباب التي تجعلها غير قادرة على جعل قوانينها وممارساتها متوافقة مع العهد. وينبغي للدول أيضاً أن تكفل إعادة النظر في ضرورة الإبقاء على التحفظات بصورة دورية واضعة في اعتبارها أي ملاحظات وتوصيات تقدمها اللجنة أثناء النظر في تقاريرها. وينبغي سحب التحفظات في أقر ب وقت ممكن. كما ينبغي أن تتضمن التقارير المقدمة إلى اللجنة معلومات عن ال إ جراءات المتخذة لمراجعة التحفظات أو إعادة النظر فيها أو سحبها.

الحواشي

(1) المادة 2 ( 1 )(د) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 .

(2) على الرغم من أن اتفاقية فيينا لقانون المعاه دات قد عُقدت في عام 1969 وبدأ سريانها في عام 1980 - أي بعد سريان العهد - فإن أحكامها تعبر عن القانون الدولي العام في هذا الشأن حسبما سبق أن أكدته محكمة العدل الدولية في قضية التحفظات على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1951 .

( 3 ) أبديت تحفظات على ال مادتين 6 و7 ولكن ليس بعبارات تعني الاحتفاظ بالحق في التعذيب أو بالحرمان من الحياة تعسفا.

( 4 ) إن اختصاص اللجنة فيما يتعلق بهذا الالتزام الموسع منصوص عليه في المادة 5 التي هي نفسها موضوع شكل من أشكال التحفظ على أساس أن المنح التلقائي لهذا الاختصاص يمكن أن ي تحفظ عليه من خلال بيان يفيد بعكس ذلك ويتم إصداره وقت التصديق على البروتوكول أو الانضمام إليه.

الدورة السابعة والخمسون (1996) ( 1)(2)

التعليق العام رقم 25: المادة 25 (المشاركة في إدارة الشؤون العامة وحق الاقتراع)

1- إن المادة 25 من العهد تُقر وتحمي حق كل مواط ن في أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، وحقه في أن يَنتخب أو يُنتخب، وحقه في أن تتاح له فرصة تقلد الوظائف العامة. ويطلب العهد إلى الدول، بغض النظر عن ماهية دستورها أو نوع الحكم القائم، أن تعتمد ما قد يلزم من التدابير التشريعية والتدابير الأخرى لضمان إمكانية فعلية تسمح للمواطنين بالتمتع بالحقوق التي يحميها. وتعتبر المادة 25 أساس الحكم الديمقراطي القائم على موافقة الشعب والذي يراعي المبادئ المكرسة في العهد.

2- وتعتبر الحقوق المنصوص عليها في المادة 25 من العهد متصلة بحق الشعوب في تقرير مصيرها وإن كانت متميزة عنه . فتتمتع الشعوب بموجب الحقوق المشمولة في المادة 1 (1) بحرية تقرير مركزها السياسي واختيار شكل دستورها أو نوع حكمها. وتتناول المادة 25 حق الأفراد في المشاركة بكل ما يعني إدارة الشؤون العامة من عمليات. وقد تفضي هذه الحقوق، بوصفها حقوقا فردية، إلى عدد من الشكاو ى تقع في إطار البروتوكول الاختياري الأول.

3- وتحمي المادة 25 حقوق "كل مواطن" بخلاف ما هو عليه الحال بالنسبة إلى حقوق وحريات أخرى يعترف بها العهد ( من الحقوق التي توفر لجميع الأفراد ضمن إقليم الدولة وحسب قضائها ) . فتنبغي الإشارة في تقارير الدول إلى الأحكام ال قانونية التي تعرف الجنسية في إطار الحقوق المحمية بموجب المادة 25. ولا يجوز التمييز بين المواطنين في هذه الحقوق على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غيره، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الملك، أو النسب أو غير ذلك من مركز. وقد يستثير التمييز بين هؤلاء الذين يستحقون الجنسية بموجب ميلادهم وهؤلاء الذين يحصلون عليها بطلب الجنسية، بعض التساؤلات فيما يتعلق بمطابقة ذلك لأحكام المادة 25. فيجب أن تبين الدول في تقاريرها ما إذا كان لديها أي فئات، من قبيل المقيمين بصفة دائمة، تتمت ع بهذه الحقوق بصورة محدودة كتمتعها مثلا بحق الاقتراع في الانتخابات المحلية أو بحق شغل مناصب عمومية معينة.

4- ويجب الاستناد ، لدى فرض أي شروط على ممارسة الحقوق المحمية بموجب المادة 25 ، إلى معايير موضوعية ومعقولة. فقد يكون من المعقول، على سبيل المثال، فرض حد أدنى للسن المطلوبة لانتخاب الفرد أو تعيينه لشغل وظائف معينة يكون أكبر من السن المطلوبة لممارسة حق الانتخاب الذي ينبغي أن يتاح لكل مواطن بالغ. ولا يجوز تعليق أو إبطال ممارسة المواطنين لتلك الحقوق إلا لأسباب موضوعية ومعقولة ينص عليها القانون. فقد يشكل العجز العقلي المثبت سببا، على سبيل المثال، لحرمان أحد الأشخاص من حقه في الانتخاب أو في شغل منصب.

5- ومفهوم إدارة الشؤون العامة المشار إليه في الفقرة ( أ ) هو مفهوم واسع يتعلق بممارسة السلطة السياسية، وعلى وجه الخصوص، السلطات التشريعية والتنفيذية والإدارية؛ وهو يشم ل شتى أوجه الإدارة العامة كما يخص تحديد وتنفيذ السياسة العامة التي ستتبع على الأصعدة الدولية والوطنية والإقليمية والمحلية. ويجب أن تحدد في الدستور والقوانين الأخرى كيفية توزيع السلطات، والوسائل التي ستتاح للمواطنين الأفراد كي يمارسوا حقهم المحمي في المادة 25 في المشاركة في الشؤون العامة.

6- ويشارك المواطنون مباشرة في إدارة الشؤون العامة عندما يمارسون السلطة بوصفهم أعضاء الهيئات التشريعية أو بشغل مناصب تنفيذية. وتؤيد الفقرة ( ب ) الحق في المشاركة المباشرة. ويشارك المواطنون في إدارة الشؤون العامة بصفة مباشرة، أ يضا، عندما يختارون دستورهم أو يعدلونه، أو يبتون في مسائل عامة عن طريق الاستفتاءات الشعبية أو غيرها من الإجراءات الانتخابية التي تجري طبقا للفقرة ( ب ) . ويجوز للمواطنين أن يشاركوا مباشرة بانضمامهم إلى المجالس الشعبية المخولة بسلطة اتخاذ القرارات في المسائل ال محلية أو في شؤون جماعة معينة، وبانتسابهم إلى هيئات تنشأ بالتشاور مع الحكومة لتمثيل المواطنين. ويجب، حيثما أقرت المساهمة المباشرة للمواطنين، ألا يميزوا بين المواطنين بناء على الأسس المذكورة في الفقرة 1 من المادة 2 وألا تفرض عليهم قيود غير معقولة.

7- ويفترض ضمنيا في المادة 25 أنه في حال مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون العامة عن طريق ممثلين يختارونهم بحرية، أن هؤلاء الممثلين يمارسون في الواقع سلطة حكومية وأنهم بالتالي يحاسبون نتيجة العملية الانتخابية على كيفية ممارستهم لتلك السلطة. ويفترض ضمنيا، أيضا، أن المم ثلين لا يمارسون إلا السلطات التي يخولون بها طبقا للأحكام الدستورية. أما المشاركة عن طريق الممثلين المنتخبين بحرية فهي تمارس من خلال عملية الاقتراع التي يجب أن تقرها قوانين تكون مطابقة لما ورد في الفقرة ( ب ) .

8- كما يشترك المواطنون في إدارة الشؤون العامة بمم ارسة النفوذ من خلال المناقشات العامة والحوار مع ممثليهم، أو من خلال قدرتهم على تنظيم أنفسهم. وتعزز هذه المشاركة بضمان حرية التعبير، والاجتماع، وتكوين الجمعيات.

9- وتنص الفقرة ( ب ) من المادة 25 على أحكام محددة تتناول حق المواطنين في المشاركة في إدارة الشؤون العامة كناخبين أو مرشحين للانتخاب. ولا بد استنادا إلى الفقرة ( ب ) من إجراء انتخابات دورية نزيهة لضمان شعور الممثلين بأنهم محاسبون أمام الناس عما يمارسونه من سلطات تشريعية أو تنفيذية تعهد إليهم. ويجب أن تجري تلك الانتخابات بصورة دورية على فترات لا تكون متباع دة أكثر مما ينبغي لتضمن أن سلطة الحكومة ما زالت قائمة على التعبير الحر عن إرادة الناخبين. ويجب أن تضمن الحقوق والحريات المنصوص عليها في الفقرة ( ب ) بموجب القانون.

10 - ويجب أن يقر حق الاقتراع في الانتخابات والاستفتاءات الشعبية بموجب القانون ويجوز أن يخضع هذا الحق فقط لتقييدات معقولة، مثل تعيين حد أدنى لسن ممارسة حق الانتخاب. ومن غير المعقول تقييد هذا الحق على أساس الإصابة بعجز جسمي، أو فرض شروط الإلمام بالقراءة والكتابة، أو مستوى التعليم، أو الملكية. ويجب ألا يشكل الانتساب إلى عضوية أحد الأحزاب شرطا للأهلية ف ي الانتخاب أو أساسا لعدم الأهلية.

11- ويجب على الدول أن تتخذ تدابير فعالة لكي تضمن لجميع المؤهلين للانتخاب إمكانية ممارستهم لحقهم ذاك. فينبغي، حيثما كان تسجيل الناخبين ضروريا، السهر على تيسير هذه العملية وعدم إعاقتها. كما ينبغي، حيثما طلب الوفاء بشروط إثبا ت الإقامة قبل التسجيل، أن تكون تلك الشروط معقولة وألا تفرض بأسلوب يحرم المشردين من حق الانتخاب. وينبغي أن يتم، عملا بقانون العقوبات الذي يجب أن يطبق بحذافيره، حظر أي تدخل تعسفي في عمليات التسجيل أو الاقتراع وكذلك أي تهديد أو تخويف للناخبين. وتعتبر حملات تث قيف وتسجيل الناخبين ضرورية لضمان ممارسة مجتمع متنور للحقوق المنصوص عليها في المادة 25 ممارسة فعالة.

12 - وتشكل حرية التعبير وحرية التجمع، وحرية تكوين الجمعيات شروطا أساسية أيضا ً لممارسة حق الانتخاب بصورة فعالة، لذا يجب حمايتها تماما. وينبغي أن تتخذ تدابير إ يجابية للتغلب على صعوبات معينة من قبيل الأمية، والعوائق اللغوية، والفقر، أو ما يعيق حرية التنقل مما يحول دون تمكن الأشخاص المؤهلين للانتخاب من ممارسة حقوقهم بصورة فعلية. ويجب أن توفر المعلومات والمواد اللازمة للاقتراع بلغات الأقليات. كما ينبغي أن تعتمد أسا ليب معينة، مثل استخدام الصور الفوتوغرافية والرموز لضمان أن الناخبين الأميين حصلوا على ما يلزم من المعلومات لتمكينهم من الاختيار. ويجب على الدول الأطراف أن تبين في تقاريرها طريقة معالجتها للصعوبات المشار إليها في هذه الفقرة.

13- و ينبغي أن تُضمّن تقارير الدو ل وصفا للأحكام التي تضبط حق الانتخاب ووصفا لكيفية إعمال هذه الأحكام خلال الفترة المشمولة في التقرير. وكذلك، ينبغي أن تُضمّن تقارير الدول وصفا للعوامل التي تعوق المواطنين في ممارسة حق الانتخاب، وللتدابير الإيجابية المتخذة للتغلب على تلك العوامل.

14 - و ينبغي ل لدول الأطراف أن تبين وتشرح في تقاريرها الأحكام التشريعية التي تحرم المواطنين من حقهم في الانتخاب. وينبغي أن تكون أسباب هذا الحرمان معقولة وموضوعية. فإن كانت الإدانة لارتكاب جريمة هي سبب الحرمان من هذا الحق، يجب أن تكون فترة الحرمان متناسبة مع خطورة الجريم ة وأهمية العقوبة. ويجب ألا يحرم من ممارسة حق الانتخاب الأشخاص الذين احتجزت حريتهم ولكن لم تتم إدانتهم بعد.

15 - وت ُكفل للمتمتعين بحق الانتخاب حرية اختيار المرشحين بإعمال حق ال ترشيح والاستفادة من فرص تقلد المناصب إعمالا فعالا. وينبغي أن تكون أي تقييدات تفرض على حق ترشيح النفس للانتخاب، مثل تعيين حد أدنى للسن، تقييدات مبررة قائمة على معايير موضوعية ومعقولة. ويجب ألا يستث نى أي شخص مؤهل، غير من تنطبق عليه هذه التقييدات، من ترشيح نفسه للانتخاب لأسباب غير مقبولة أو لأسباب تمييزية من قبيل مستوى التعليم، أو مكان الإ قامة، أو النسب، أو بسبب انتمائه السياسي. ويجب عدم إخضاع أي شخص لأي شكل كان من أشكال التمييز أو التحيز لمجرد قيامه بترشيح نفسه. وينبغي للدول الأطراف أن تبين وتوضح ما لديها من أحكام تشريعية تسمح بمنع أفراد جماعة أو فئة من الناس من ترشيح أنفسهم لتقلد المناصب.

16- و ينبغي أن تكون شروط تاريخ التعيين، أو الرسوم أو الكفالات معقولة وغير تمييزية. وينبغي، في حال وجود مبررات معقولة تدعو إلى اعتبار بعض المناصب الترشيحية على أنها تتعارض مع شغل مراكز معينة ( أي في القضاء، أو بالنسبة إلى مناصب عسكرية من الرتب العالية، أو في الإدارة العامة ) ، ألا تقيد التدابير المتخذة لتفادي تضارب المصالح الحقوق المحمية بموجب الفقرة ( ب ) تقييدا لا لزوم له. ويجب أن تحدد في القوانين استنادا إلى معايير موضوعية ومعقولة وحسب إجراءات منصفة الأسباب التي تجيز فصل شاغلي المناصب المنتخبين.

17 - و ينبغي ألا يقيد حق الأشخاص في ال ترشيح للانتخاب بشروط غير معقولة تطالب بأن يكون المرشح منتسبا إلى عضوية أحد الأحزاب أو عضوية أحزاب معينة. وإن طلب إلى المرشح تلبية شرط توافر عدد أدنى من المؤيدين لقبول ترشيحه، وجب أن يكون هذا الشرط ضمن المعقول وألا يستخدم كعائق لصد الم رشحين. ولا يجوز التذرع بالمذهب السياسي دون المساس بما ورد في الفقرة ( 1 ) من المادة 5 من العهد لحرمان أي شخص من ترشيح نفسه للانتخاب.

18 - و ينبغي أن تضمن تقارير الدول وصفا للأحكام القانونية التي تحدد شروط شغل المناصب العامة بالانتخابات وتبين جميع التقييدات الم وضوعة على شغل مناصب معينة والمؤهلات المطلوبة لشغلها. ويجب أن توضح التقارير شروط التعيين، أي الحد الأدنى المطلوب ل لسن ّ ، وأي مؤهلات أو تقييدات أخرى. ويجب أن تذكر التقارير ما إذا كانت هناك تقييدات تستثني انتخاب بعض الأشخاص من ذوي المراكز في الخدمة العامة ( بما في ذلك مناصب في الشرطة أو ال قوات المسلحة ) لشغل مناصب عامة معينة. وينبغي وصف الأسباب والإجراءات القانونية المعتمدة لفصل شاغلي المناصب المنتخبين.

19 - وي جب ، وفقا للفقرة ( ب ) ، أن تكون الانتخابات نزيهة وحرة وأن تجري دوريا في إطار قوانين تضمن ممارسة حقوق الانتخا ب ممارسة فعلية. ويجب أن يتمتع المؤهلون للانتخاب بحرية الإدلاء بصوتهم لمن يختارون من بين المرشحين للانتخاب ولصالح أو ضد أي اقتراح يطرح للاستفتاء الشعبي أو الاستفتاء العام، وأن يتمتعوا بحرية مناصرة الحكومة أو معارضتها دون إخضاعهم لنفوذ مفرط أو قسر من أي نوع كان مما قد يشوب أو يكبت حرية الناخب في التعبير عن مشيئته. ويجب أن يمكن الناخبون من تكوين رأيهم بصورة مستقلة دون التعرض للعنف أو التهديد باستخدام العنف، أو الإكراه، أو الإغراء، أو محاولات التدخل بالتلاعب مهما كان نوعها. وقد تكون بعض التقييدات المعقولة التي تستهدف الحد من تكاليف الحملات الانتخابية مبررة إن كانت ضرورية لضمان حرية الاختيار التامة للناخبين، أو للتأكد من أن العملية الديمقراطية لا يشوبها إفراط في الإنفاق لصالح أي من المرشح ي ن أو الأحزاب. ويجب أن تراعى النتائج التي تسفر عنها الانتخابات النزيهة وأن ي تم تنفيذها.

20 - وينبغي إنشاء سلطة انتخابية مستقلة للإشراف على عملية الانتخاب ولضمان إنصافها ونزاهتها وسيرها وفقا للقوانين المعمول بها بما يطابق أحكام العهد. وينبغي للدول أن تتخذ التدابير اللازمة لضمان سرية الاقتراع أثناء الانتخابات، بما في ذلك الاقتراع ال غيابي حيثما وجد. وذلك يعني وجوب حماية الناخبين من شتى أشكال القسر أو الإغراء التي تدفعهم إلى الكشف عن نواياهم الاقتراعية أو عمن استفاد من صوتهم، وحماية هؤلاء من أي تدخل غير قانوني أو تعسفي في عملية الاقتراع. ويعتبر كل ما يبطل هذه الحقوق منافيا لما ورد من أ حكام في المادة 25 من العهد. ويجب أن تضمن، أيضا، سلامة صناديق الاقتراع، وأن تفرز الأصوات في حضور المرشحين أو وكلائهم. وينبغي أن تدقق جهات مستقلة في عملية الاقتراع وفرز الأصوات وتتاح إمكانية المراجعة القضائية أو غيرها من الإجراءات المشابهة لضمان ثقة الناخبين بأمانة الاقتراع وفرز الأصوات. ويجب أن توفر المساعدة المتاحة للمعوقين فاقدي البصر أو الأميين عن طريق جهات مستقلة. كما يجب السعي لإطلاع الناخبين على هذه الضمانات على أكمل وجه.

21- و على الرغم من أن العهد لا يفرض اتباع أي نظام انتخابي خاص، يجب ال حرص على أن تر اعى في أي نظام يؤخذ به في دولة من الدول الأطراف الحقوق المحمية بموجب المادة 25 من العهد، وأن تضمن وتنفذ حرية للناخبين في التعبير عن مشيئتهم. وينبغي أن يطبق المبدأ الآخذ بالصوت الواحد للشخص الواحد، وأن يساوى بين أصوات جميع الناخبين. ويجب ألا يفضي تعيين الحد ود الانتخابية وأسلوب الاقتراع إلى تكوين فكرة مشوهة عن توزيع الناخبين أو إلى التمييز ضد أي فئة من الفئات، كما يجب ألا يؤدي ذلك إلى إبطال حق المواطنين في اختيار ممثليهم بحرية أو تقييد هذا الحق بصورة غير معقولة.

22 - و ينبغي أن تبين تقارير الدول ما هي التدابير المعتمدة لضمان انتخابات حقيقية وحرة ودورية، وكيف يضمن وينفذ نظامها الانتخابي أو نظمها الانتخابية التعبير عن إرادة الناخبين. وينبغي للتقارير أن تصف النظام الانتخابي وأن توضح كيف تمثل في الهيئات المنتخبة مختلف الآراء السياسية في المجتمع. وكذلك ينبغي للتقارير أن تصف القوانين والإجراءات التي تضمن لكل مواطن ممارسة حقه فعلا في الانتخاب بحرية، وتبين كيف يضمن القانون سرية وأمانة وصلاحية عملية الاقتراع. و ينبغي أن توضح التقارير كيف تم تطبيق هذه الضمانات عمليا خلال الفترة المشمولة في التقرير.

23 - وتتناول الفقرة الفرعي ة ( ج ) من المادة 25 حق المواطنين والفرص المتاحة لهم لتقلد مناصب في الخدمة العامة على قدم المساواة. ويجب لضمان فرصة الحصول على هذه الوظائف على قدم المساواة أن تكون المعايير والإجراءات المتبعة في التعيين، والترقية، والوقف المؤقت عن العمل، والطرد، موضوعية ومعق ولة. ويجوز اتخاذ تدابير تصحيحية في الحالات المناسبة لضمان إمكانية تقلد وظائف في الخدمة العامة لجميع المواطنين على قدم المساواة. وتضمن إتاحة إمكانية الالتحاق بالخدمة العامة على قدم المساواة واستنادا إلى معايير الجدارة العامة، وإتاحة الوظائف الثابتة، تحرر من يشغل منصبا في الخدمة العامة من أي تدخل أو ضغوط سياسية. ويعتبر ضمان عدم إخضاع أي شخص للتمييز على أساس أي سبب من الأسباب المبينة في الفقرة 1 من المادة 2، لدى ممارسته لحقوقه المكرسة في الفقرة الفرعية ( ج ) من المادة 25، أمرا يتسم بأهمية بالغة.

24 - وينبغي لتقار ير الدول أن تشمل وصفا لشروط تقلد مناصب في الخدمة العامة، وللتقييدات المفروضة على ذلك، والإجراءات المتبعة في التعيين، والترقية، والوقف المؤقت عن العمل، والطرد أو العزل من الوظيفة، فضلا عن وصف الآليات القضائية أو غيرها من آليات المراجعة التي تنطبق على هذه ال إجراءات. وكذلك، يجب أن تبين التقارير كيفية استيفاء شرط المساواة وما إذا كانت اتخذت تدابير تصحيحية وإلى أي مدى في حالة اتخاذها.

25- و من ال ضروري لضمان التمتع التام بالحقوق المحمية بموجب المادة 25، أن يتمكن المواطنون والمرشحون والممثلون المنتخبون من تبادل الم علومات والآراء بكل حرية حول مسائل تتعلق بالشؤون العامة والسياسية. وذلك يفترض وجود صحافة حرة قادرة على التعليق على القضايا العامة دون رقابة أو تقييد، وعلى إطلاع الرأي العام. ويتطلب ذلك التمتع تمتعا تاما بالحقوق المضمونة بموجب المواد 19 و21 و22 من العهد، ومر اعاة هذه الحقوق على أتم وجه، بما فيها حق الفرد في ممارسة نشاط سياسي بمفرده أو بانتسابه إلى حزب سياسي أو غيره من المنظمات، وحرية مناقشة الشؤون العامة، وحق تنظيم مظاهرات واجتماعات سلمية، وحق الانتقاد والمعارضة، وحق نشر المقالات السياسية، وحق تنظيم حملة انتخا بية والدعاية لمبادئ سياسية.

26 - ويعتبر الحق في حرية تكوين الجمعيات، بما في ذلك الحق في تشكيل منظمات تعنى بالشؤون السياسية والعامة والالتحاق بهذه المنظمات، إضافة أساسية للحقوق المحمية بموجب المادة 25. فالأحزاب السياسية والانضمام إلى عضوية الأحزاب تلعب دورا هاما في إدارة الشؤون العامة والعملية الانتخابية. فيجب على الدول أن تضمن في إدارتها الداخلية مراعاة الأحزاب السياسية لأحكام المادة 25 الواجبة التطبيق بغية تمكين مواطنيها من ممارسة حقوقهم المعترف بها في إطار هذه المادة.

27- ومراعاة لأحكام الفقرة 1 من الم ـ ادة 5 من العهد، لا يجوز تفسير أي حقوق معترف بها ومحمية بموجب المادة 25، على أنها تنطوي على الحق في القيام بعمل أو إقرار أي عمل يهدف إلى القضاء على الحقوق والحريات المحمية بموجب العهد أو تقييدها إلى حد أبعد مما هو منصوص عليه في هذا العهد.

الحواشي

( 1 ) اعتمدته اللجنة في جلستها 1510 ( الدورة السابعة والخمسون ) المعقودة في 12 تموز/يوليه 1996.

(2) يشير الرقم الوارد بين قوسين إلى الدورة التي اعت ُ مد فيها التعليق العام.

الدورة الحادية والستون (1997)*

التعليق العام رقم 26: استمرارية الالتزامات

1- لا يحتوي العهد الدولي ا لخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أي حكم بشأن إنهائه ولا ينص على أي نقض لـه أو انسحاب منـه. ولذلك يجب النظر في إمكانية الإنهاء أو النقض أو الانسحاب على ضوء القواعد المنطبقة من القانون الدولي العرفي، التي تتجلى في اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات. وعلى هذا ا لأساس، لا يخضع العهد للنقض أو للانسحاب منه ما لم يثبت أن الأطراف انتوت الإقرار بإمكانية النقض أو الانسحاب أو أن يرد ضمنا حق يخول القيام بذلك بحكم طبيعة المعاهدة.

2- وعدم إقرار الأطراف في العهد بإمكانية النقض وكون عدم الإشارة إلى النقض لم يكن مجرد إغفال صاد ر عن الأطراف هما أمران تظهرهما حقيقة أن المادة 41(2) من العهد لا تسمح لدولة طرف بسحب قبولها لاختصاص اللجنة بالنظر في رسائل تهم الدول عن طريق توجيه إشعار مناسب بهذا المعنى على حين أنه ليس هناك أي حكم يتعلق بنقض العهد في حد ذاته أو بالانسحاب منه. وفضلا عن ذل ك، فإن البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، الذي تم التفاوض عليه واعتماده بالتزامن مع العهد، يسمح للدول الأطراف بنقضه. ويضاف إلى ذلك، وعلى سبيل المقارنة، فإن الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي اعتمدت في السنة السابقة لاعتماد العهد، تسمح صراحة بالنقض ولذلك يمكن الخلوص إلى أن واضعي العهد تعمدوا استبعاد إمكانية النقض. والاستنتاج نفسه ينطبق على البروتوكول الاختياري الثاني، الذي أغفلت صياغته عمدا شرط النقض.

_______________

* وارد في الوثيقة A/53/40، المرفق السابع.

3- وفضلا عن ذلك، فمن ا لواضح أن العهد ليس من قبيل المعاهدات التي تنطوي ضمنا، بحكم طبيعتها، على الحق في النقض. وبجانب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي أعد واعتمد هو والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في وقت واحد، يتخذ العهد شكل معاهدة لإ ضفاء طابع قانوني على حقوق الإنسان العالمية المجسدة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهذه الصكوك الثلاثة غالبا ما يشار إليها بوصفها "الشرعية الدولية لحقوق الإنسان". إن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على هذا النحو لا يتصف بالطابع المؤقت الذي ت تسم به معاهدات ترى الإقرار بحق في النقض بالرغم من غياب نص محدد بهذا المعنى.

4- إن الحقوق المجسدة في العهد هي ملك للسكان الذين يعيشون في إقليم الدولة الطرف. واللجنة المعنية بحقوق الإنسان تبنت على الدوام، كما تشهد بذلك ممارساتها الدائبة، وجهة النظر القائلة ب أن السكان فور منحهم حماية للحقوق الواردة في العهد تؤول تلك الحماية إلى الإقليم وتظل ملكا لسكانه، برغم ما يطرأ من تغيير على حكومة الدولة الطرف، بما في ذلك تجزئتها إلى أكثر من دولة واحدة أو تحولها إلى دولة خلف أو أي إجراء لاحق تتخذه الدولة الطرف ويستهدف حرما نهم من الحقوق التي يضمنها العهد.

5- ولذلك تعتقد اللجنة اعتقادا جازما بأن القانون الدولي لا يسمح لدولة صدقت على العهد أو انضمت إليه أو خلفت دولة أخرى فيه أن تنقض هذا العهد أو تنسحب منه.

الدورة السابعة والستون (1999)*

التعليق العام رقم 27: المادة 12 (حرية ال تنقل)

1- تمثل حرية التنقل شرطا لا بد منه لتنمية الإنسان الحرة. وهي تتفاعل مع عدة حقوق أخرى واردة في العهد كما يتضح من تجربة اللجنة في فحص تقارير الدول الأطراف وبلاغات الأفراد في كثير من الأحيان. وقد أشارت اللجنة أيضا في تعليقها العام رقم 15 ("وضع الأجانب ب موجب العهد"، 1986) إلى الصلة الخاصة بين المادتين 12 و13 (1) .

2- والقيود المسموح بفرضها على الحقوق المحمية بموجب المادة 12 يجب ألاَّ تبطل مبدأ حرية التنقل، وهي قيود يحكمها شرط الضرورة المنصوص عليه في المادة 12، الفقرة 3، والحاجة إلى الاتساق مع الحقوق الأخرى المعترف بها في العهد.

3- وينبغي أن تقدم الدول الأطراف في تقاريرها إلى اللجنة معلومات عن القواعد القانونية والممارسات الإدارية والقضائية المحلية المتصلة بالحقوق المحمية بموجب المادة 12، آخذة في الحسبان المسائل المطروقة في هذا التعليق العام. ويجب أن تتضمن ال تقارير أيضاً معلومات عن وسائل الانتصاف المتاحة في حالة تقييد هذه الحقوق.

حرية التنقل وحرية اختيار مكان الإقامة (الفقرة 1)

4- يتمتع كل فرد موجود بصفة قانونية في إقليم دولة ما بالحق في حرية التنقل واختيار مكان إقامته داخل ذلك الإقليم. ومن حيث المبدأ، يوجد مو اطنو الدولة بصفة قانونية دائماً داخل إقليم تلك الدولة. أما مسألة وجود أجنبي ما "بصفة قانونية" داخل إقليم دولة ما فهي مسألة يحكمها القانون الداخلي للدولة، الذي يجوز لـه أن ______________

* وارد في الوثيقةCCPR/C/21/Rev.1/Add.9.

يفرض قيوداً على دخول الأجنبي إلى إقليم الدولة، شريطة أن تمتثل تلك القيود لالتزامات الدولة الدولية. وفي هذا الصدد، رأت اللجنة بالنسبة للأجنبي الذي دخل دولة ما بطريقة غير مشروعة، ولكن وضعه أصبح متفقاً مع القانون بعد ذلك، أن وجوده داخل إقليم تلك الدولة يجب أن يعتبر قانونياً (2) لأغراض ال مادة 12. وما أن يصبح الشخص موجوداً بصفة قانونية داخل دولة ما، فإن أي قيود على حقوقه المحمية بموجب الفقرتين 1 و2 من المادة 12، وكذلك أي معاملة مختلفة عن المعاملة التي يحظى بها المواطنون، لا بد من تبريرها بموجب القواعد المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 12 ( 3) . ولذا، من المهم أن تشير الدول الأطراف في تقاريرها إلى الحالات التي تعامل فيها الأجانب معاملة مختلفة عن معاملة مواطنيها في هذا الصدد، وإلى مبررات هذا الاختلاف في المعاملة.

5- وينطبق الحق في حرية التنقل على إقليم الدولة المعنية كله، بما في ذلك جميع أنحاء الدول الاتحادية. وطبقا للفقرة 1 من المادة 12 يحق للأشخاص التنقل من مكان إلى آخر والإقامة في مكان ما حسب اختيارهم. والتمتع بهذا الحق يجب ألا يخضع لأي غرض أو سبب معين للشخص الراغب في التنقل أو في الإقامة في مكان ما. وأي قيود على هذا الحق يجب أن تكون متسقة مع أحكام الفقرة 3.

6- ويجب على الدولة الطرف أن تضمن حماية الحقوق المكفولة في المادة 12 من أي تدخل سواء كان من جهات عامة أو من جهات خاصة. ولهذا الالتزام أهمية خاصة بالنسبة لحماية حقوق المرأة. وعلى سبيل المثال، فإن إخضاع حق المرأة في حرية التنقل واختيار مكان إ قامتها لقرار شخص آخر، حتى لو كانت تربطه بها علاقة قرابة، سواء بالقانون أو بالممارسة العرفية، أمر يتعارض مع أحكام الفقرة 1 من المادة 12.

7- ورهناً بأحكام الفقرة 3 من المادة 12، فإن الحق في الإقامة في مكان ما يختاره الشخص المعني داخل إقليم ما يشمل الحماية من جميع أشكال التشريد الداخلي القسري، ويحول دون منع الأشخاص من الدخول أو البقاء في جزء محدد من الإقليم. بيد أن الاحتجاز القانوني يمس بشكل أكثر تحديداً الحق في الحرية الشخصية وتشمله المادة 9 من العهد. وفي بعض الظروف قد تنطبق المادتان 12 و9 معاً (4) .

حرية مغادر ة الشخص لأي بلد، بما في ذلك بلده (الفقرة 2)

8- لا يجوز اشتراط أن تكون حرية الشخص في مغادرة أي إقليم في دولة ما خاضعة لأي غرض محدد أو متوقفة على المدة التي يختار الشخص أن يبقى خلالها خارج البلد. وبالتالي، فإن السفر إلى الخارج مكفول بالمادة بالإضافة إلى المغ ادرة بغرض الهجرة بصورة دائمة. كما أن حق الفرد في تحديد الدولة التي يقصدها يمثل جزءاً من الضمان القانوني. وبالنظر إلى أن نطاق المادة 12، الفقرة 2، ليس مقصوراً على الأشخاص الموجودين بصفة قانونية داخل إقليم الدولة، فإن الأجنبي الذي يطرد بموجب القانون من البلد يحق له أيضاً أن يختار الدولة التي يقصدها رهناً بموافقة تلك الدولة (5) .

9- وتُفْرَض التزامات على دولة الإقامة ودولة الجنسية لتمكين الفرد من التمتع بالحقوق التي تكفلها الفقرة 2 من المادة 12 (6) . ونظراً لأن السفر الدولي يتطلب عادة وثائق ملائمة، ويتطلب جواز سفر بالتحديد، فإن الحق في مغادرة بلد ما يجب أن يشمل الحق في الحصول على وثائق السفر اللازمة. وإصدار جوازات السفر هو عادة من واجب دولة جنسية الفرد. ورفض الدولة إصداره أو تمديد فترة صلاحيته لمواطن مقيم في الخارج قد يحرمه من الحق في مغادرة بلد الإقامة والسفر إلى مكان آخر (7) . وليس مبرراً للدولة أن تزعم أن مواطنها يستطيع أن يعود إلى بلدها بدون جواز سفر.

10- وكثيراً ما تظهر ممارسات الدول أن للقواعد القانونية والتدابير الإدارية تأثيراً عكسياً على حق المغادرة، وخاصة مغادرة الشخص لبلده. ولذا، من المهم للغاية أن تبلغ الد ول الأطراف عن جميع القيود القانونية والعملية التي تطبقها على حق المغادرة بالنسبة لمواطنيها وبالنسبة للأجانب، حتى يتسنى للجنة تقييم اتساق تلك القواعد والممارسات مع أحكام الفقرة 3 من المادة 12. وينبغي للدول الأطراف أيضاً أن تضمِّن تقاريرها معلومات عن التدابي ر التي تفرض جزاءات على وسائط النقل الدولية التي تنقل إلى إقليمها أشخاصاً لا يحملون الوثائق المطلوبة في الحالات التي تمس فيها هذه التدابير حق مغادرة بلد آخر.

القيود (الفقرة 3)

11- تنـص الفقرة 3 من المادة 12 على ظروف استثنائية يمكن فيها تقييد الحقوق المكفولة بموجب الفقرتين 1 و2. فالفقرة 3 تجيز للدولة تقييد هذه الحقوق فقط لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم. ويستوجب السماح بهذه القيود أن ينص عليها القانون، وأن تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية هذه ال أغراض، وأن تكون متسقة مع جميع الحقوق الأخرى المعترف بها في العهد (انظر الفقرة 18 أدناه).

12- ولا بد للقانون نفسه من أن يحدد الظروف التي يجوز فيها الحد من الحقوق. ولذا ينبغي أن تحدد تقارير الدول القواعد القانونية التي توضع القيود على أساسها. فالقيود التي لا ينص عليها القانون، أو التي لا تتسق مع متطلبات الفقرة 3 من المادة 12، ستمثل انتهاكا للحقوق المكفولة بموجب الفقرتين 1 و2.

13- وينبغي للدول، لدى اعتمادها القوانين التي تنص على القيود المسموح بها في الفقرة 3 من المادة 12، أن تسترشد دائماً بالمبدأ القائل بعدم إعاقة جوهر الحق من جراء القيود (انظر الفقرة 1 من المادة 5)؛ ويجب أن تُقْلَب العلاقة بين الحق والقيد، بين القاعدة والاستثناء. وينبغي للقوانين التي تجيز تطبيق القيود أن تستخدم معايير دقيقة، ولا يجوز لها أن تمنح المسؤولين عن تنفيذها حرية غير مقيدة للتصرف حسب تقديراتهم.

14- وتشير الفقرة 3 من المادة 12 بوضوح إلى أنه لا يكفي أن تخدم القيود الأغراض المسموح بها؛ فيجب أيضاً أن تكون ضرورية لحمايتها. ويجب أن تتمشى التدابير التقييدية مع مبدأ التناسب؛ ويجب أن تكون ملائمة لتحقيق وظيفتها الحمائية؛ ويجب أن تكون أقل الوسائل تدخلاً مقارنة بغيرها من الوسائل التي يمكن أن تحقق النتيجة المنشودة؛ ويجب أن تكون متناسبة مع المصلحة التي ستحميها.

15- ولا بد من احترام مبدأ التناسب، لا في القانون الذي يحدد إطار القيود وحده، بل أيضاً في تطبيقه من جانب السلطات الإدارية والقضائية. وينبغي لل دول أن تكفل سرعة إنجاز أي إجراءات متصلة بممارسة تلك الحقوق أو تقييدها، وأن تكفل توفير الأسباب التي تبرر تطبيق التدابير التقييدية.

16- وكثيراً ما أخفقت دول في إثبات أن تطبيق قوانينها المقيدة للحقوق المكفولة في الفقرتين 1 و2 من المادة 12 يتسق مع جميع المتطلب ات المذكورة في الفقرة 3 من المادة 12. فتطبيق القيود، في أي حالة فردية، يجب أن يستند إلى أسس قانونية واضحة، ويجب أن يلبي شرط الضرورة ومتطلبات التناسب. وعلى سبيل المثال، فإن هذه الشروط لن تلبى إذا مُنع فرد ما من مغادرة بلد ما لمجرد أنه يحمل "أسرار الدولة"، أ و إذا مُنع فرد ما من السفر داخلياً بدون إذن صريح. ومن الجهة الأخرى، فإن الشروط يمكن أن تلبيها قيود على دخول مناطق عسكرية لأسبـاب متعلقـة بالأمن القومي، أو قيود على حرية الإقامة في مناطق يسكنها سكان أصليون أو مجتمعات أقليات (8) .

17- وإن الحواجز القانونية وال بيروقراطية المتعددة الجوانب والتي تؤثر بدون داعٍ على التمتع الكامل بحقوق الأفراد في التنقل بحرية ومغادرة بلد ما، بما في ذلك مغادرة بلدهم، واختيار مكان إقامتهم، هي مصدر قلق رئيسي. وقد انتقدت اللجنة، فيما يتعلق بحق التنقل داخل بلد ما، الأحكام التي تتطلب من ا لأفراد تقديم طلب للسماح لهم بتغيير إقامتهم أو التماس موافقة السلطات المحلية في المكان المقصود، بالإضافة إلى التأخيرات في البت في هذه الطلبات المكتوبة. وممارسات الدول مفعمة بكمية من العقبات التي تزيد من صعوبة مغادرة البلد، خاصة بالنسبة لمواطنيها. وتشمل هذه القواعد والممارسات جملة أمور، منها مثلاً: عدم إمكانية وصول مقدمي الطلبات إلى السلطات المختصة وانعدام المعلومات المتعلقة بالمتطلبات؛ واشتراط تقديم طلب من أجل استمارات خاصة يمكن عن طريقها الحصول على وثائق تقديم الطلبات المناسبة لإصدار جواز سفر؛ والحاجة إلى بيانات داعمة لمقدم الطلب من مستخدميه أو من أفراد أسرته؛ وإعطاء وصف دقيق لطريق السفر؛ وإصدار جوازات السفر فقط بعد دفع رسوم باهظة تتجاوز إلى حد كبير تكاليف الخدمة المقدمة من الإدارة؛ والتأخيرات غير المعقولة في إصدار وثائق السفر؛ والقيود على أفراد الأسرة المس افرين جماعة؛ واشتراط تقديم مبلغ مالي كعربون للعودة إلى الوطن أو إبراز تذكرة عودة؛ واشتراط إبراز دعوة من الدولة المقصودة أو من أشخاص يعيشون هناك؛ وإزعاج مقدمي الطلبات، مثلاً بالتخويف بالعنف البدني أو التهديد بالاعتقال أو فقدان الوظيفة أو طرد الأطفال من المد ارس أو من الجامعات؛ ورفض إصدار جواز سفر بزعم أن مقدم الطلب سيلحق الضرر بسمعة البلد الطيبة. وفي ضوء هذه الممارسات، ينبغي للدول الأطراف أن تستوثق من أن جميع القيود التي تفرضها تمتثل امتثالاً تاماً لأحكام الفقرة 3 من المادة 12.

18- ويجب أن يكون تطبيق القيود ا لمسموح بها بموجب الفقرة 3 من المادة 12 متسقاً مع الحقوق الأخرى المكفولة في العهد ومع المبادئ الأساسية للمساواة وعدم التمييز. وبالتالي فإن تقييد الحقوق المنصوص عليها في الفقرتين 1 و2 من المادة 12 عن طريق أي تمييز أياً كان نوعه، سواء كان على أساس العرق أو ال لون أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو الميلاد أو على أساس الوضع الاجتماعي، إنما يشكل انتهاكاً واضحاً للعهد. وقد لاحظت اللجنة خلال فحصها لتقارير الدول عدة حالات تطبق فيها تدابير تمنع المرأة من التنق ل بحرية أو من مغادرة البلد إلا بموافقة شخص ذكر أو برفقته، وهي حالات تمثل انتهاكاً للمادة 12 أيضاً.

حق الشخص في الدخول إلى بلده (الفقرة 4)

19- إن حق الشخص في الدخول إلى بلده ينطوي على اعتراف بعلاقة الشخص الخاصة بذلك البلد. وهذا الحق له عدة أوجه. فهو يعني ضم ناً حق الشخص في البقاء في بلده. ولا يقتصر على حقه في العودة بعد مغادرة بلده، إذ يحق له أيضا المجيء إلى البلد لأول مرة إذا وُلِدَ خارجه (مثلاً، إذا كان ذلك البلد وطن الشخص بالجنسية). والحق في العودة يكتسب أهمية قصوى للاجئين الراغبين في العودة إلى الوطن باخت يارهم. وهو يعني ضمناً أيضاً حظر عمليات ترحيل السكان القسرية أو طردهم الجماعي إلى بلدان أخرى.

20- ولا تميز صيغة الفقرة 4 من المادة 12 بين المواطنين والأجانب ("لا يجوز حرمان أحد ..."). وبالتالي فإن الأشخاص الذين يحق لهم ممارسة هذا الحق يمكن تحديد هوياتهم فقط بتفسير عبارة "بلدِه" (9) . ونطاق عبارة "بلده" أوسع من مفهوم "بلد جنسيته". وهو ليس مقصوراً على الجنسية بالمعنى الشكلي - أي الجنسية المكتسبة بالميلاد أو بالتجنُّس. إنه يشمل، على الأقل، الشخص الذي لا يمكن اعتباره مجرد أجنبي، وذلك بحكم روابطه الخاصة ببلد معين أ و استحقاقاته فيه. وينطبق هذا مثلاً على حالة مواطني بلد ما جُرِّدوا فيه من جنسيتهم بإجراءٍ يمثل انتهاكاً للقانون الدولي، وعلى حالة أشخاص أُدمج بلد جنسيتهم في كيان قومي آخر، أو جرى تحويله إلى كيان كهذا، وحرموا من جنسية هذا الكيان الجديد. ويضاف إلى ذلك أن صيا غة الفقرة 4 من المادة 12 تسمح بتفسير أوسع قد يشمل فئات أخرى من الأشخاص المقيمين فترات طويلة الأجل، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الأشخاص عديمو الجنسية المحرومون تعسفاً من الحق في اكتساب جنسية بلد إقامتهم على هذا النحو. وبالنظر إلى أن عوامل أخرى قد تؤدي في ظروف معينة إلى إقامة صلات وثيقة ودائمة بين الشخص والبلد، ينبغي للدول الأطراف أن تُضَمِّن تقاريرها معلومات عن حقوق المقيمين الدائمين في العودة إلى بلد إقامتهم.

21- ولا يجوز بأي حال حرمان شخص ما تعسفاً من الحق في الدخول إلى بلده. والغرض من الإشارة إلى مفهوم التعسف في هذا السياق هو التشديد على أنه ينطبق على أي إجراء للدولة، سواء كان تشريعياً أو إدارياً أو قضائياً؛ فالإشارة إليه تضمن بالضرورة أن يكون أي تدخل، حتى ولو بحكم القانون، متفقاً مع أحكام العهد وغاياته وأهدافه، وأن يكون في جميع الأحوال معقولاً في الظرو ف المعيَّنة. وترى اللجنة أنه قلَّما تكون هناك ظروف - إذا وجدت أصلاً - يمكن أن تعتبر معقولة لحرمان شخص ما من الدخول إلى بلده. ويجب على الدولة الطرف ألا تُقْدِم - بتجريد شخص ما من جنسيته أو بطرده إلى بلد آخر - على منعه تعسفاً من العودة إلى بلده.

الحواشي

(1) الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.3، 15 آب/أغسطس 1997، الصفحة 20 (الفقرة 8).

(2) البلاغ رقم 456/1991، سيليبلي ضد السويد ، الفقرة 9-2.

(3) التعليق العام رقم 15، الفقرة 8 في الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.3، 15 آب/أغسطس 1997، الصفحة 20.

(4) انظر مثلاً البلاغ رقم 138/1983، ميا ندا ضد زائير، الفقرة 10؛ والبلاغ رقم 157/1983؛ مباكا - نسوسو ضد زائير، الفقرة 10؛ والبلاغ رقم 241/1987 والبلاغ رقم 242/1987، بيرهاشويروا تشيسيكيدي ضد زائير، الفقرة 13.

(5) انظر التعليق العام رقم 15، الفقرة 9 في الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.3، 15 آب/أغسطس 1997، ا لصفحة 21.

(6) انظر البلاغ رقم 106/1981، مونتيرو ضد أوروغواي، الفقرة 9-4؛ البلاغ رقم 57/1979، فيدل مارتينيس ضد أوروغواي، الفقرة 7؛ البلاغ رقم 77/1980، لتنشتاين ضد أوروغواي ، الفقرة 6-1.

(7) انظر البلاغ رقم 57/1979، فيدال مارتينس ضد أوروغواي، الفقرة 9.

(8) انظر التعليق العام رقم 23، الفقرة 7، في الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.3، 15 آب/أغسطس 1997، الصفحة 39.

(9) انظر البلاغ رقم 538/1993، سيتوارت ضد كندا .

الدورة الثامنة والستون (2000)

التعليق العام رقم 28: المادة 3 (المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء) ( 1)

1- قررت اللجنة تحديث تعليقها العام بشأن المادة 3 من العهد وتبديل التعليق العام رقم 4 (الدورة الثالثة عشرة، 1981) على ضوء الخبرة التي اكتسبتها في أنشطتها على مدى ال‍ 20 سنة الماضية. ويسعى هذا التنقيح إلى مراعاة الأثر الهام لهذه المادة على تمتع المرأة بحقوق الإنسان التي يحميها العهد.

2- وتنص المادة 3 على حق جميع الناس بالتمتع بجميع الحقوق المنصوص عليها في العهد، على أساس من المساواة. ويضعف الأثر الكامل لهذا الحكم إذا حُرم أي شخص من التمتع بأي حق على نحو كامل وعلى أساس من المساواة. وبناء عليه، ينبغي للدول أن تسعى إلى كفالة تساوي الرجال والنساء في التمتع بجميع الحقوق المنصوص عليها في العهد.

3- ويقتضي الالتزام بضمان تمتع جميع الأفراد بالحقوق المعترف بها في العهد، على النحو المبيّن في المادتين 2 و3 من العهد، أن تتخذ الدول الأطراف جميع الخطوات اللازمة لتمكين كل شخص من التم تع بهذه الحقوق. وتشمل هذه الخطوات إزالة العقبات أمام المساواة في التمتع بهذه الحقوق، وتثقيف السكان وموظفي الدولة في مجال حقوق الإنسان، وتعديل القوانين المحلية بحيث يتيسر تنفيذ التعهدات المنصوص عليها في العهد. وينبغي ألا تكتفي الدولة الطرف المعنية باعتماد ت دابير للحماية فحسب، بل أن تتخذ تدابير إيجابية في جميع المجالات لتحقيق هدف تمكين المرأة من التمتع بحقوقها على نحو فعال وعلى أساس من المساواة. وينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات فيما يتعلق بالدور الفعلي للمرأة في المجتمع حتى يتسنى للجنة معرفة ما هي التدابي ر التي اتخذت أو التي كان ينبغي اتخاذها، بالإضافة إلى الأحكام التشريعية، لتنفيذ هذه الالتزامات، والتقدم المحرز والمصاعب التي نشأت والخطوات المتخذة للتغلب عليها.

4- وتقع على الدول الأطراف مسؤولية كفالة التساوي في التمتع بحقوق الإنسان ودون أي تمييز. وتخول الم ادتان 2 و3 للدول الأطراف اتخاذ جميع الخطوات اللازمة، بما في ذلك حظر التمييز بسبب الجنس، لوضع حد للتصرفات التمييزية، في القطاعين العام والخاص على السواء، التي تعوق التساوي في التمتع بحقوق الإنسان.

5- وإن عدم تمتع النساء في جميع أنحاء العالم بحقوقهن على أساس من المساواة هو أمر مترسخ في التقاليد والتاريخ والثقافة، بما في ذلك في المواقف الدينية. وتتجلى المرتبة الدنيا التي تحتلها المرأة في بعض البلدان في تزايد حالات اختيار جنس المولود قبل الولادة وإجهاض الأجنة من الإناث. وينبغي للدول الأطراف أن تضمن عدم استخدام المواقف التقليدية أو التاريخية أو الدينية أو الثقافية لتبرير انتهاكات حق المرأة في المساواة أمام القانون والتمتع على أساس من المساواة بجميع الحقوق المنصوص عليها في العهد. وينبغي للدول الأطراف أن تقدم المعلومات المناسبة بشأن تلك الجوانب من الممارسات التقليد ية والتاريخ والثقافية والمواقف الدينية التي تهدد، أو التي يمكن أن تهدد، الامتثال للمادة 3، وأن تبين ما هي التدابير التي اتخذتها أو التي تنوي اتخاذها للتغلب على هذه العوامل.

6- وينبغي للدول الأطراف، بغية الوفاء بالتزامها المنصوص عليه في المادة 3، أن تضع في الاعتبار العوامل التي تعوق تمتع المرأة والرجل على قدم المساواة بكل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد. ومن أجل تمكين اللجنة من الحصول على صورة كاملة لوضع المرأة في كل دولة طرف فيما يتعلق بتنفيذ الحقوق الواردة في العهد. يحدد التعليق العام هذا بعض العوامل ا لتي تؤثر على تمتع المرأة على أساس من المساواة بالحقوق المنصوص عليها في العهد، ويحدد نوع المعلومات المطلوبة فيما يتعلق بهذه الحقوق.

7- وينبغي حماية التساوي في تمتع المرأة بحقوق الإنسان في حالات الطوارئ (المادة 4). وينبغي للدول الأطراف التي تتخذ تدابير لا تت قيد بالالتزامات المترتبة عليها بموجب العهد في أوقات الطوارئ العامة، كما هو منصوص عليها في المادة 4، أن تقدم معلومات إلى اللجنة عن أثر هذه التدابير على وضع المرأة وأن تثبت أنها ليست تمييزية.

8- وتكون المرأة ضعيفة بوجه خاص في أوقات النزاعات الداخلية أو الدول ية المسلحة. وينبغي للدول الأطراف أن تبلغ اللجنة بجميع التدابير التي تتخذ في ظل هذه الأوضاع لحماية النساء من الاغتصاب والاختطاف وغيرهما من أشكال العنف القائم على الجنس.

9- ووفقاً للمادة 3، تتعهد الدول لدى انضمامها إلى العهد بكفالة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في العهد، ووفقاً للمادة 5، ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي عمل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق المنصوص عليها في المادة 3 ، أو إلى فرض قيود عليها غير واردة في العهد. وفضلاً عن ذلك، لا يجوز أن يكون هناك أي قيد على تمتع المرأة على أساس من المساواة بجميع الحقوق الأساسية المعترف بها أو القائمة تطبيقاً لقوانين أو اتفاقيات أو أنظمة أو أعراف، أو أي استثناء من تمتعها بها، بذريعة كون العهد لا يعترف بهذه الحقوق أو كون اعترافه بها أضيق مدى.

10- وينبغي للدول الأطراف، لدى تقديم تقاريرها عن الحق في الحياة الذي تحميه المادة 6، أن تقدم بيانات عن معدلات المواليد وحالات الحمل ووفيات النساء ذات الصلة بالولادة. وينبغي تقديم بيانات تفصيلية بحسب ال جنس عن معدلات المواليد لدى الأطفال على أساس كل جنس على حدة. وينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات عن أي تدابير تتخذها الدولة لمساعدة النساء لمنع حالات الحمل غير المرغوبة، ولضمان ألا يضطررن إلى إجراء عمليات إجهاض في الخفاء تهدد حياتهن. وينبغي للدول الأطراف أ يضاً أن تقدم تقارير عن التدابير التي تتخذها لحماية النساء من ممارسات تنتهك حقهن في الحياة، مثل قتل المواليد الإناث وحرق الأرامل والقتل بسبب "الدوطة". وتود اللجنة أيضاً الحصول على معلومات بشأن آثار الفقر والحرمان التي تعاني منها النساء بصفة خاصة والتي يمكن أن تهدد حياتهن.

11- ولتقييم الامتثال للمادة 7 من العهد، وكذلك المادة 24 التي تنص على توفير حماية خاصة للأطفال، تود اللجنة الحصول على معلومات عن القوانين والممارسات الوطنية المتعلقة بالعنف المنزلي وغيره من أنواع العنف ضد المرأة، بما في ذلك الاغتصاب. وتريد ا للجنة أيضاً معرفة ما إذا كانت الدولة الطرف توفر سبل الإجهاض الآمن للنساء اللاتي تحملن نتيجة الاغتصاب. وينبغي للدول الأطراف أن تزود اللجنة أيضاً بمعلومات عن التدابير التي تتخذها لمنع الإجهاض الجبري أو التعقيم الجبري. وينبغي للدول الأطراف التي يجري فيها تشوي ه الأعضاء الجنسية أن تقدم معلومات عن نطاق هذه الممارسة والتدابير التي تتخذها للقضاء عليها. وينبغي أن تشمل المعلومات التي تقدمها الدول الأطراف بشأن جميع هذه المسائل التدابير التي تتخذ لحماية النساء اللاتي تُنتهك حقوقهن بموجب المادة 7، بما في ذلك سبل الانتصا ف القانونية.

12- وينبغي للدول الأطراف، مراعاة لالتزاماتها بموجب المادة 8، أن تحيط اللجنة علماً بالتدابير التي تتخذها للقضاء على الاتجار بالنساء والأطفال، داخل البلد أو عبر الحدود، والدعارة الجبرية. وينبغي لها أيضاً أن تقدم معلومات عن التدابير المتخذة لحماي ة النساء والأطفال، بما في ذلك النساء والأطفال الأجانب، من العبودية، المقنعة بقناع الخدمة المنزلية أو غيرها من أنواع الخدمة الشخصية، ضمن أمور أخرى. وينبغي للدول الأطراف التي يتم توظيف وجلب النساء والأطفال منها، والدول الأطراف التي يجلبون إليها، أن تقدم معلو مات عن التدابير الوطنية أو الدولية التي اتخذتها لمنع انتهاك حقوق النساء والأطفال.

13- وينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات عن أي قواعد محددة تتعلق بما ينبغي أن ترتديه المرأة في الأماكن العامة. وتشدد اللجنة على أن هذه القواعد يمكن أن تنطوي على انتهاك لعدد م ن حقوق الإنسان المكفولة في العهد، مثل: المادة 26 بشأن عدم التمييز؛ والمادة 7، إذا فُرض عقاب جسدي تنفيذاً لهذه القواعد؛ والمادة 9، إذا عُوقب على عدم الامتثال للقواعد بتوقيف الشخص؛ والمادة 12، إذا كانت حرية التنقل خاضعة لهذه القيود؛ والمادة 17، التي تكفل لجم يع الأشخاص الحق في الخصوصية دونما تدخل على نحو تعسفي أو غير قانوني؛ والمادتان 18 و19، إذا جرى إخضاع النساء لشروط تتعلق بالملبس ولا تتمشى مع دينهن أو حقهن في التعبير عن الذات؛ وأخيراً، المادة 17، إذا كانت الشروط المتعلقة بالملبس تتعارض مع الثقافة التي يمكن أن تدعي المرأة انتماءها إليها.

14- وفيما يتعلق بالمادة 9، ينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات عن أي قوانين أو ممارسات يمكن أن تحرم المرأة من حريتها على نحو تعسفي أو على أساس من عدم المساواة، مثل حبسها في البيت. (انظر التعليق العام رقم 8، الفقرة 1).

15- وفي ما يتعلق بالمادتين 7 و10، ينبغي للدول الأطراف أن تقدم جميع المعلومات التي تضمن أن حقوق الأشخاص الذين يحرمون من حريتهم يجري حمايتها للرجال والنساء على قدم المساواة. وبوجه خاص، ينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات تبين ما إذا كان يتم الفصل بين الرجال والنساء في السجون، وما إذا كانت حراسة النساء تقوم بها حارسات فقط. وينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات أيضاً بشأن الامتثال لقاعدة فصل المتهمات من صغار الإناث عن الراشدات وبشأن أي تفرقة في المعاملة بين الذكور والإناث المجردين من حريتهم، كالقدرة على الاستفادة من برا مج إعادة التأهيل والتعليم والزيارات الزوجية والأسرية. وينبغي أن تعامل الحوامل المحرومات من حريتهن معاملة إنسانية وأن تحترم كرامتهن المتأصلة في جميع الأوقات، وبوجه خاص خلال الولادة وخلال رعايتهن لأطفالهن المولودين حديثاً؛ وينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلوما ت عن التسهيلات الموفرة لضمان ذلك وعن الرعاية الطبية والصحية لهؤلاء الأمهات وأطفالهن.

16- وفيما يتصل بالمادة 12، ينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات عن أي أحكام قانونية أو ممارسات تقيد حق المرأة في حرية التنقل، مثل ممارسة السلطات الزوجية على الزوجة أو السلط ات الأبوية على البنات الراشدات؛ والمتطلبات القانونية أو بحكم الواقع التي تمنع النساء من السفر، مثل شرط موافقة طرف ثالث على إصدار جواز السفر أو أي نوع آخر من وثائق السفر لامرأة راشدة. وينبغي للدول الأطراف أيضاً أن تقدم معلومات عن التدابير التي تتخذها لإلغاء هذه القوانين والممارسات ولحماية المرأة منها، بما في ذلك الإشارة إلى سبل الانتصاف المحلية المتاحة (انظر التعليق العام رقم 27، الفقرتان 6 و18).

17- وينبغي للدول الأطراف أن تضمن منح النساء الأجنبيات، الحق في تقديم أسباب ضد إبعادهن، ولإعادة النظر في حالتهن، ع لى أساس من المساواة، على نحو ما هو منصوص عليه في المادة 13. وفي هذا الصدد، ينبغي أن يكون من حقهن تقديم أسباب تستند إلى انتهاكات محددة للعهد، على أساس الجنس، مثل الانتهاكات المشار إليها في الفقرتين 10 و11 أعلاه.

18- وينبغي أن تقدم للدول الأطراف معلومات تتيح للجنة التأكد مما إذا كانت المرأة تتمتع بحق اللجوء إلى القضاء والحق في محاكمة عادلة، المنصوص عليهما في المادة 14، على قدم المساواة مع الرجل. وبوجه خاص، ينبغي للدول الأطراف أن تبلغ اللجنة عما إذا كانت هناك أحكام قانونية تمنع المرأة من الوصول إلى المحاكم بصف ة مباشرة ومستقلة (انظر البلاغ رقم 202/1986، آتو ديل آفيلانال ضد بيرو ، آراء مؤرخة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1988)؛ وما إذا كان يمكن للمرأة أن تقدم أدلة بصفتها شاهدة على قدم المساواة مع الرجل؛ وما إذا كانت تتخذ تدابير لتأمين حصول المرأة على المساعدة القانونية ، على أساس من المساواة، وبوجه خاص في الشؤون العائلية. وينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات تبين ما إذا كانت تحرم فئات معينة من النساء الحق في أن تعتبرن بريئات بموجب الفقرة 2 من المادة 14، وبشأن التدابير التي اتُخذت لإنهاء هذا الوضع.

19- وإن حق كل إنسان، في كل مكان، بأن يُعترف لـه بالشخصية القانونية، بموجب المادة 16 هو حق وثيق الصلة بالمرأة بوجه خاص، إذ كثيرا ما يجتزأ حقها هذا بسبب الجنس أو الوضع في إطار الزواج. إن هذا الحق يقتضي عدم تقييد قدرة المرأة على حيازة الملكية أو على إبرام عقد أو على ممارسة حقوق مدن ية أخرى بسبب وضعها في إطار الزواج أو أي سبب تمييزي آخر. ويقتضي أيضا ألا تعامل المرأة كشيء يمكن أن يُمنح إلى أسرة زوجها المتوفي مع ممتلكاته. وينبغي أن تقدم الدول معلومات بشأن القوانين والممارسات التي تمنع المرأة من أن تُعامل أو من التصرف بوصفها شخصية قانوني ة كاملة وبشأن التدابير التي تُتخذ لإزالة القوانين أو الممارسات التي تسمح بمثل هذه المعاملة.

20- وينبغي أن تقدم الدول الأطراف معلومات تتيح للجنة تقييم الآثار التي تترتب على أي قوانين أو ممارسات قد تعوق حق المرأة في التمتع بحرمة حياتها الخاصة وغيرها من الحقو ق التي تحميها المادة 17 على قدم المساواة مع الرجل. ويظهر أحد الأمثلة عن هذه الإعاقة عندما تؤخذ حياة المرأة الجنسية في الاعتبار لدى البت في مدى تمتعها بالحقوق والحماية القانونية، بما في ذلك حمايتها من الاغتصاب. ويتعلق أحد الميادين الأخرى التي يمكن أن تتقاعس فيها الدول عن مراعاة حقوق المرأة في حرمة حياتها الخاصة بوظيفتها الإنجابية، على سبيل المثال، عندما يكون هناك شرط للحصول على إذن من الزوج لاتخاذ قرار بشأن التعقيم؛ وعندما تُفرض شروط عامة لتعقيم المرأة، مثل أن يكون لها عدد معين من الأطفال أو أن تكون من سن مع ينة؛ أو عندما تفرض الدولة واجبا قانونيا على الأطباء وغيرهم من العاملين الصحيين بالإبلاغ عن حالات النساء اللاتي تُجرى لهن عمليات إجهاض. وفي هذه الحالات، قد تتعرض أيضا حقوق أخرى في العهد للخطر، مثل الحقوق الواردة في المادتين 6 و7. ويمكن أن يتدخل في حرمة الحي اة الخاصة للمرأة أيضا جهات معينة، مثل أصحاب العمل الذين يطلبون اختبارا للحمل قبل تعيين أي امرأة. وينبغي للدول الأطراف أن تُبلغ عن أي قوانين أو إجراءات عامة أو خاصة تعوق تمتع المرأة بالحقوق الواردة في المادة 17 على أساس من المساواة، وعن التدابير التي تُتخذ لإزالة هذا التدخل ولحماية المرأة منه.

21- وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير لضمان حرية الفكر والوجدان والدين، وحرية الشخص في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، بما في ذلك حريته في تغيير دينه أو معتقده وحريته في إظهار دينه أو معتقده، وحماية هذه الحقوق بموجب ا لقانون ومن حيث الممارسة لكل من الرجال والنساء، على قدم المساواة وبدون أي تمييز. ولا ينبغي إخضاع هذه الحريات، التي تحميها المادة 18 لقيود أخرى بخلاف القيود المسموح بها في العهد، ولا ينبغي تقييدها بقواعد تقتضي الحصول على إذن من أطراف ثالثة، أو بتدخل من جانب الأب أو الزوج أو الأخ أو غيرهم، ضمن أمور أخرى. ولا يجوز الاعتماد على المادة 18 لتبرير أي تمييز ضد المرأة فيما يتعلق بحرية الفكر والوجدان والدين؛ ومن ثم ينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات عن مركز المرأة فيما يتعلق بحرية الفكر والوجدان والدين، وأن تبين ما ه ي الخطوات التي اتخذتها أو التي تنوي اتخاذها لمنع أي انتهاك لهذه الحريات والقضاء عليه فيما يتصل بالمرأة ولحماية حقها في ألا يمارس ضدها أي تمييز.

22- وفيما يتعلق بالمادة 19، ينبغي للدول الأطراف أن تحيط اللجنة علماً بأي قوانين أو عوامل أخرى يمكن أن تمنع المرأ ة من ممارسة حقوقها التي تحميها هذه المادة على أساس من المساواة. وبما أن نشر المواد الفاحشة والإباحية التي تصور النساء والفتيات كمواضيع للعنف أو المعاملة المهينة أو اللاإنسانية من شأنه أن يشجع هذه الأنواع من المعاملة تجاه النساء والفتيات، ينبغي للدول الأطرا ف أن تقدم معلومات عن التدابير القانونية التي تتخذها لتقييد نشر هذه المواد.

23- ويتعين على الدول أن تعامل الرجل والمرأة على قدم المساواة فيما يتعلق بالزواج وفقا للمادة 23، التي تناولها التعليق العام رقم 19 (1990) على نحو مستفيض. ومن حق الرجل والمرأة التعاقد على الزواج برضاهما رضاءً كاملاً لا إكراه فيه، ويقع على عاتق الدول التزام بحماية التمتع بهذا الحق على أساس من المساواة. وهناك عوامل عديدة قد تمنع المرأة من اتخاذ قرار بالزواج دون إكراه. ويتعلق أحد هذه العوامل بالسن الأدنى للزواج. وينبغي للدول أن تحدد هذا ا لسن وفقا لمعايير متكافئة بين الرجل والمرأة. وينبغي أن تضمن هذه المعايير للمرأة القدرة على اتخاذ قرار مستنير وبدون إكراه. وهناك عامل آخر في بعض الدول، يتعلق إما بالقانون الوضعي أو بالقانون العرفي، يتمثل في تكليف وصي، يكون عادة من الذكور، بالموافقة على الزوا ج بدلا من المرأة نفسها، مما يمنع المرأة من الاختيار بكامل حريتها.

24- وأحد العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على حق المرأة في ألا تتزوج إلا إذا أعلنت عن رضاها الكامل وبدون إكراه، هو وجود مواقف اجتماعية تميل إلى تهميش المرأة ضحية الاغتصاب وتمارس ضغوطاً عليها كي توافق على الزواج. ويمكن أيضا تعويق رضاء المرأة بالزواج رضاءً كاملاً لا إكراه فيه القوانين التي تجيز إلغاء مسؤولية المُغْتَصِبْ الجنائية أو تخفيفها إذا تزوج ضحيته. وينبغي للدول الأطراف أن تبين ما إذا كان الزواج بالضحية يُلغي أو يُخفف المسؤولية الجنائية، وفي الحالة التي تكون فيها الضحية قاصرا، ما إذا كان الاغتصاب يخفض من سن الأهلية للزواج للضحية، لا سيما في المجتمعات التي يعاني فيها ضحايا الاغتصاب من تهميشهن من قبل المجتمع. وهناك جانب آخر يمكن أن يؤثر على الحق في الزواج، يظهر عندما تفرض الدول قيوداً على ز واج المرأة من جديد، بينما لا تفرضها على الرجل. ويمكن أن يتأثر أيضا حق كل شخص في اختيار زوجه بالقيود التي تفرضها القوانين والممارسات التي تمنع زواج المرأة التي تعتنق دينا معينا برجل لا دين له أو من دين مختلف. وينبغي للدول أن تقدم معلومات عن هذه القوانين وال ممارسات وعن التدابير التي تتخذها لإلغاء هذه القوانين والقضاء على هذه الممارسات التي تعوق حق المرأة في ألا تتزوج إلا برضاها الكامل ودون إكراه. ويجدر بالذكر أيضا أن المساواة في المعاملة فيما يتعلق بالحق في الزواج تعني أن تعدد الزوجات لا يتفق مع هذا المبدأ. إ ن تعدد الزوجات ينتهك كرامة المرأة، ويمثل تمييزا غير مقبول ضد المرأة. وبناء عليه، ينبغي إلغاء هذه الممارسة بصفة نهائية أينما كان وجودها مستمرا.

25- ويتعين على الدول للوفاء بالتزاماتها بموجب الفقرة 4 من المادة 23 كفالة تساوي حقوق الزوجين وواجباتهما، فيما يتع لق بحضانة الأطفال ورعايتهم وتعليمهم الديني والأخلاقي وإمكانية نقل جنسية أي من الأبوين إلى الأولاد وحيازة الممتلكات أو إدارتها، سواء كانت ملكية مشتركة أو ملكية خاصة لأي من الزوجين. وينبغي للدول الأطراف أن تراجع تشريعاتها لضمان تمتع المرأة المتزوجة بحقوق متس اوية فيما يتعلق باحتيازها الممتلكات وإدارتها، بحسب الاقتضاء. وينبغي للدول الأطراف أيضا أن تضمن عدم حدوث تمييز على أساس الجنس فيما يتعلق باكتساب الجنسية أو فقدها بسبب الزواج، وحقوق الإقامة، وحق أي من الزوجين في الاحتفاظ باستخدام الاسم الأصلي لأسرته (أو لأسر تها) أو الاشتراك على أساس من المساواة في اختيار اسم جديد للأسرة. وتنطوي المساواة خلال الزواج على أن يشترك الزوج والزوجة في المسؤولية والسلطة على قدم المساواة في إطار الأسرة .

26- وينبغي أيضا للدول الأطراف أن تضمن المساواة فيما يتعلق بحل الزواج، مما يستبعد إمكانية طلاق الزوجة. وينبغي أن تكون أسباب الطلاق وفسخ الزواج هي نفسها للرجل والمرأة، وكذلك فيما يتصل بجميع القرارات ذات الصلة بتقاسم الممتلكات والنفقة والوصاية على الأولاد. وينبغي أن يستند تقرير ضرورة الإبقاء على اتصال بين الأولاد والشخص غير الوصي عليهم من الأبوين إلى اعتبارات متساوية. وينبغي أن تتمتع المرأة أيضا بحقوق مساوية للرجل فيما يتعلق بالميراث إذا انحل الزواج هو نتيجة لوفاة أحد الزوجين.

27- ومن المهم، لدى الاعتراف بالأسرة في سياق المادة 23، قبول مفهوم الأشكال المختلفة للأسرة، بما في ذلك المتعاشران غير المتزوجين وأولادهما أو الأب المنفرد أو الأم المنفردة وأولادهما، وضمان معاملة متساوية للمرأة في هذه السياقات (انظر التعليق العام رقم 19، الفقرة 2). وإن الأسر المكونة من أحد الأبوين تضم غالبا امرأة منفردة ترعى طفلاً أو أكثر، وينبغي للدول الأطراف أن تصف ت دابير المساعدة المتخذة لتمكينها من الوفاء بوظيفتها كأم مسؤولة على أساس من المساواة مع الرجل الذي يكون في وضع ومماثل.

28- ينبغي أن ينفذ التزام الدول بحماية الأولاد (المادة 24) على أساس المساواة بين الصبية والفتيات. وينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات عن ال تدابير المتخذة لضمان أن تُعامل الفتيات على قدم المساواة مع الصبية في مجالات التعليم والغذاء والرعاية الصحية، وأن تقدم للجنة بيانات تفصيلية في هذا الصدد. وينبغي للدول الأطراف أن تقضي على جميع الممارسات الثقافية أو الدينية التي تهدد حرية الأولاد من الإناث ور فاههن، وذلك من خلال التدابير التشريعية وغيرها من التدابير المناسبة.

29- وإن إعمال الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة لا يتم على نحو كامل في كل مكان على أساس من المساواة. وينبغي للدول الأطراف أن تضمن أن يكفل القانون للمرأة الحقوق المنصوص عليها في الماد ة 25 على قدم المساواة مع الرجل وأن تتخذ تدابير فعالة وإيجابية كيما تعزز وتضمن مشاركة المرأة في إدارة الشؤون العامة وفي تقلد الوظائف العامة، بما في ذلك أنواع "العمل الإيجابي" المناسبة. هذا، وينبغي ألا تكون التدابير الفعالة التي تتخذها الدول الأطراف لضمان أن يكون بمقدور جميع الأشخاص المؤهلين للتصويت أن يمارسوا هذا الحق، تدابير تمييزية على أساس الجنس. وتطلب اللجنة من الدول الأطراف أن تقدم معلومات إحصائية عن النسبة المئوية من النساء اللاتي تم انتخابهن ليتقلدن وظائف عامة، بما في ذلك البرلمان، والمناصب الرفيعة ال مستوى في الخدمة المدنية وفي القضاء.

30- وكثيراً ما يكون التمييز ضد المرأة متداخلاً مع التمييز لأسباب أخرى مثل العرق واللون واللغة والدين والآراء السياسية أو غير السياسية والأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب وغير ذلك من الأسباب. وينبغي للدول أن تن ظر في حالات التمييز التي تحدث لأسباب أخرى والتي تؤثر على المرأة بوجه خاص، وأن تقدم معلومات عن التدابير المتخذة لمواجهة هذه الآثار.

31- ويقتضي الحق في المساواة أمام القانون وعدم الخضوع لأي تمييز، وهو الحق الذي تحميه المادة 26، أن تتخذ الدول إجراءات ضد التمي يز من خلال الوكالات العامة والخاصة في جميع الميادين. والتمييز ضد المرأة في مجالات مثل قوانين التأمين الاجتماعي (البلاغات رقم 1972/84، بروكس ضد هولندا ، والآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987؛ ورقم 182/84، زوان دي فريس ضد هولندا ، والآراء المعتمدة في 9 نيسان/ أبريل 1987؛ ورقـم 218/1986، فوس ضد هولندا ، والآراء المعتمدة 29 آذار/مارس 1989) وكذلك في مجال الجنسية أو حقوق غير المواطنين في أي بلد من البلدان (البلاغ رقم 350/1978، اوميرودي - زيفرا وآخرون ضد موريشيوس ، والآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1981، حيث ينتهك هذا التمييز المادة 26. فارتكاب ما تسمى "بجرائم الشرف" التي تبقى بلا عقاب، يمثل انتهاكاً جسيماً للعهد وبوجه خاص للمواد 6 و14 و26. إن القوانين التي تفرض عقوبات أشد على المرأة من التي تفرض على الرجل بسبب الزنا أو غيره من الجرائم تنتهك أيضاً حق المساواة في المعام لة. ولاحظت اللجنة أيضاً لدى استعراضها لتقارير الدول الأطراف أن نسبة كبيرة من النساء تعمل في مجالات لا تحميها قوانين العمل وأن الأعراف والتقاليد السائدة يُميِّزان ضد المرأة، لا سيما فيما يتعلق بفرص الحصول على عمل أفضل أجراً وتساوي الأجر على العمل المتساوي ف ي القيمة. وينبغي للدول الأطراف أن تستعرض تشريعاتها وممارساتها وأن تبادر بتنفيذ جميع التدابير الضرورية للقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع الميادين، من مثل حظر التمييز من جانب الجهات الخاصة في مجالات مثل العمل والتعليم والأنشطة السياسية وتوفير السكن والسلع والخدمات. وينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات بشأن جميع هذه التدابير وبشأن سبل الانتصاف المتاحة لضحايا هذا التمييز.

32- إن الحقوق التي يتمتع بها الأشخاص الذين ينتمون إلى أقليات بموجب المادة 27 من العهد فيما يتعلق بلغتهم وثقافاتهم ودينهم لا تسمح لأي دولة أو مجموعة أو شخص بانتهاك حق المرأة بالتمتع بجميع الحقوق الواردة في العهد على قدم المساواة مع الرجل، بما في ذلك حقها في التمتع بحماية القانون على أساس من المساواة. وينبغي للدول الأطراف أن تقدم معلومات عن أي تشريعات أو ممارسات إدارية ذات صلة بالانتماء إلى أق لية يمكن أن تمثل انتهاكاً لتمتع المرأة بالحقوق الواردة في العهد على أساس من المساواة (البلاغ رقم 24/1977، لافليس ضد كندا ، والآراء المعتمدة في تموز/يوليه 1981) وبشأن التدابير المتخذة أو المزمع اتخاذها لتأمين تمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في العهد. وبالمثل، ينبغي للدول أن تقدم معلومات عن التدابير المتخذة للوفاء بمسؤولياتها فيما يتعلق بالممارسات الثقافية أو الدينية في إطار جماعات الأقليات التي تؤثر على حقوق المرأة. وينبغي للدول الأطراف أن تولي اهتماماً في تقار يرها إلى إسهام المرأة في الحياة الثقافية للجماعة التي تنتمي إليها.

الحاشية

(1) اعتمدته اللجنة في جلستها 1834 (الدورة الثامنة والستون) المعقودة في 29 آذار/مارس 2000.

الدورة الثانية والسبعون (2001)

التعليق العام رقم 29: المادة 4 (عدم التقيد بأحكام العهد أثن اء حالات الطوارئ)*

1- تتسم المادة 4 من العهد بأهمية قصوى بالنسبة لنظام حماية حقوق الإنسان بمقتضى العهد. ذلك أنها، من ناحية، تجيز للدولة الطرف عدم التقيد بصورة انفرادية ومؤقتة بجزء من التزاماتها بموجب العهد. ومن الناحية الأخرى، فإن المادة 4 تُخضع كلاً من تد بير عدم التقيد هذا ذاته وتبعاته المادية لنظام محدد من الضمانات. وإن استعادة الوضع الطبيعي الذي يمكن في ظله مرة أخرى ضمان الاحترام الكامل للعهد يجب أن يكون هو الهدف الرئيسي للدولة الطرف التي لا تتقيد بالعهد على هذا النحو. وفي هذا التعليق العام، تسعى اللجنة باستبدالها لتعليقها العام رقم 5 المعتمد في الدورة الثالثة عشرة (1981) إلى مساعدة الدول الأطراف على الالتزام بشروط المادة 4.

2- ويجب أن تكون تدابير عدم التقيد بأحكام العهد ذات طابع استثنائي ومؤقت. وقبل أن تقرر الدولة اللجوء إلى المادة 4، يجب أن يتوفر شرطان جوهريان هما: أن يكون الوضع بمثابة حالة طوارئ عامة تهدد حياة الأمة وأن تكون الدولة الطرف قد أعلنت رسمياً حالة الطوارئ. والشرط الأخير أساسي للحفاظ على مبدأي المشروعية وسيادة القانون في الأوقات التي تمس الحاجة إليهما. ويتعين على الدول، عند إعلانها حالة طوارئ تترتب عليها آثار يمكن أن تستتبع عدم التقيد بأي حكم من أحكام العهد، أن تتصرف في حدود أحكام قانونها الدستوري وغيرها من الأحكام المنظمة لإعلان ـــــــــــ

* اعتُمد في الجلسة 1950 المعقودة في 24 تموز/يوليه 2001.

الطوارئ ولممارسة السلطات الاستثنائية؛ وتتمثل مه مة اللجنة في رصد ما إذا كانت القوانين المعنية تمكن من الامتثال للمادة 4 وتكفله. ولكي يتسنى للجنة تأدية مهمتها، ينبغي للدول الأطراف في العهد أن تُضمِّن تقاريرها المقدمة بموجب المادة 40 معلومات كافية ودقيقة عن قوانينها وممارساتها الخاصة باستخدام السلطات الاس تثنائية.

3- ولا يمكن وصف كل اضطراب أو كارثة بأنه حالة طوارئ عامة تهدد حياة الأمة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 4. غير أن قواعد القانون الإنساني الدولي تصبح واجبة التطبيق أثناء الصراع المسلح، سواء أكان دولياً أو غير دولي، وتساعد، إلى جانب أحكام الما دة 4 والفقرة 1 من المادة 5 من العهد، على منع إساءة استخدام الدولة للسلطات الاستثنائية. كما يشترط العهد، حتى في حالة الصراع المسلح، عدم جواز اتخاذ تدابير لا تتقيد بالعهد إلا إذا كانت هذه الحالة تشكل تهديداً على حياة الأمة وبقدر ما تشكل هذا التهديد. وإذا ما نظرت الدول الأطراف في مسألة اللجوء إلى المادة 4 في حالات غير حالة الصراع المسلح، يتعين عليها أن تدرس بعناية مسألة مبررات مثل هذا التدبير وسبب كونه أمراً ضرورياً ومشروعاً في هذه الظروف. وقد أعربت اللجنة في عدد من المناسبات عن قلقها إزاء الدول الأطراف التي ي بدو أنها لم تتقيد بالحقوق التي يحميها العهد، أو التي يبدو أن قانونها المحلي يجيز عدم التقيد هذا في حالات لا تشملها المادة 4 (1) .

4- وأحد الشروط الأساسية لاتخاذ أي تدبير من تدابير عدم التقيد بالعهد، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 4، هو أن تتخذ مثل هذ ه التدابير في أضيق الحدود التي تتطلبها مقتضيات الوضع. ويتعلق هذا الشرط بفترة حالة الطوارئ المعنية والمنطقة الجغرافية المشمولة بها ونطاقها الموضوعي وبأية تدابير عدم تقيّد يُلجأ إليها بسبب حالة الطوارئ. ويختلف عدم التقيد ببعض التزامات العهد في حالات الطوارئ اختلافاً واضحاً عن القيود أو الحدود التي تسمح بها أحكام عديدة من العهد حتى في الأوقات العادية (2) . وعلى الرغم من ذلك، فإن الالتزام بأن تكون حالات عدم التقيد بالأحكام في أضيق الحدود التي تتطلبها مقتضيات الوضع، إنما يعكس مبدأ التناسب الذي يعد مألوفاً في حالة السلطات التي يجري بموجبها عدم التقيد بالأحكام وفرض القيود. وإضافة إلى ذلك، فإن مجرد كون جواز عدم التقيد بحكم محدد ما أمراً مبرراً في حد ذاته بحكم مقتضيات الوضع لا يبطل اشتراط إثبات أن التدابير المحددة المتخذة بموجب جواز عدم التقيد قد استوجبتها أيضاً مقتضيا ت الوضع. وهذا سيكفل عملياً أنه ليس هناك أي حكم من أحكام العهد، مهما كانت صحة عدم التقيد به، لا يسري كلياً على تصرف الدولة الطرف. وأعربت اللجنة عند النظر في تقارير الدول الأطراف عن قلقها لعدم إيلاء اهتمام كافٍ لمبدأ التناسب (3) .

5- ولا يمكن فصل القضايا المتع لقة بتوقيت ومدى عدم التقيد بالحقوق عن الحكم الوارد في الفقرة 1 من المادة 4 في العهد والذي ينص على أن أي تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة على الدولة الطرف بمقتضى العهد يجب اتخاذها في أضيق الحدود التي تتطلبها مقتضيات الوضع. ويُلزم هذا الشرط الدول الأطراف بأن تقدم تبريراً دقيقاً ليس فقط لقرارها بإعلان حالة الطوارئ ولكن أيضاً لأية تدابير محددة ترتكز على هذا الإعلان. وإذا ما ادعت الدول أنها لجأت إلى الحق في عدم التقيد بالعهد بسبب حدوث كارثة طبيعية مثلاً أو مظاهرات حاشدة تخللتها أعمال عنف أو حادث صناعي كبير، فإنها يجب أن تكون قادرة عندئذ على أن يبرّر ليس فقط أن هذه الحالة تشكل تهديداً لحياة الأمة ولكن أيضاً أن جميع تدابيرها التي لا تتقيد بالعهد قد اتخذتها في أضيق الحدود التي تتطلبها مقتضيات الوضع. وتعتقد اللجنة أن احتمال تقييد بعض حقوق العهد مثل حرية التنقل (ا لمادة 12) أو حرية الاجتماع (المادة 21) يكفي بوجه عام في مثل هذه الحالات وأن مقتضيات الوضع لا تبرر أي حالة من حالات عدم التقيد بالأحكام المعنية.

6- وإن إدراج بعض أحكام العهد في الفقرة 2 من المادة 4، على أنها أحكام لا يسري عليها عدم التقيد، لا يعني أن المواد الأخرى الواردة في العهد يمكن أن يسري عليها عدم التقيد متى شاءت الدول، حتى في حالة وجود تهديد لحياة الأمة. وإن الالتزام القانوني بأن يكون اتخاذ تدابير عدم التقيد كافة في أضيق الحدود التي تتطلبها مقتضيات الوضع إنما يوجب على كل من الدول الأطراف واللجنة إجراء تحليل دقيق وفقاً لكل مادة من مواد العهد واستناداً إلى تقييم موضوعي للوضع الراهن.

7- وتنص الفقرة 2 من المادة 4 بوضوح على أنه لا يجوز عدم التقيد بالمواد التالية: المادة 6 (الحق في الحياة) والمادة 7 (تحريم التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهي نة، أو الإخضاع للتجارب الطبية أو العلمية دون الموافقة) والفقرتان 1 و2 من المادة 8 (حظر الرق والاتجار بالرقيق والعبودية)، والمادة 11 (حظر سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي)، والمادة 15 (مبدأ المساواة في مجال القانون الجنائي، أي اشتراط أن يقتص ر الاستناد في تقرير كل من المسؤولية عن ارتكاب الجريمة والعقاب عليها على أحكام واضحة ودقيقة في القانون الذي كان موجوداً وساري المفعول وقت حدوث الفعل أو الامتناع عنه، باستثناء الحالات التي يصدر فيها قانون ينص على عقوبة أخف)، والمادة 16 (لكل إنسان الحق بأن يع ترف لـه بالشخصية القانونية)، والمادة 18 (حرية الفكر والوجدان والدين). فهذه الحقوق المنصوص عليها في تلك الأحكام هي حقوق لا يجوز عدم التقيد بها بفضل كونها مدرجة في الفقرة 2 من المادة 4. وينطبق الأمر ذاته، فيما يتعلق بالدول الأطراف في البروتوكول الاختياري ال ثاني للعهد، على التعهد بإلغاء عقوبة الإعدام، وفقاً لما نصت عليه الفقرة 6 من البروتوكول. ومن الجانب المفاهيمي، فإن وصف أي حكم من أحكام العهد بأنه حكم لا يجوز تقييده لا يعني عدم إمكانية تبرير فرض أية قيود أو حدود بشأنه على الإطلاق. وتبين الإشارة الواردة في ا لفقرة 2 من المادة 4 إلى المادة 18، وهي حكم يتضمن نصاً محدداً بشأن القيود الواردة في فقرتها 3، أن جواز فرض القيود لا علاقة له بمسألة عدم التقيد. وحتى في الأوقات التي تحدث فيها أشد حالات الطوارئ العامة خطورة، يجب على الدول التي تتدخل في حرية الفرد في المجاهر ة بدينه أو معتقده أن تبرر أفعالها بالرجوع إلى الاشتراطات المحددة في الفقرة 3 من المادة 18. وقد أعربت اللجنة في مناسبات عديدة عن قلقلها إزاء الحقوق التي لا يجوز تقييدها وفقاً للفقرة 2 من المادة 4، ذلك إما لأنه لم يتم التقيد بها أو لوجود خطر عدم التقيد بها ب سبب أوجه القصور في النظام القانوني للدولة الطرف (4) .

8- وحسب الفقرة 1 من المادة 4، فإن أحد الشروط لتوفر إمكانية تبرير أية حالة من حالات عدم التقيد بالعهد هو ألا تنطوي التدابير المتخذة على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي. ورغم أن المادة 26 أو غيرها من أحكام العهد المتصلة بعدم التمييز (المواد 2 و3 والفقرة 1 من المادة 14، والفقرة 4 من المادة 23، والفقرة 1 من المادة 24، والمادة 25) لم ترد ضمن الأحكام التي لا يجوز تقييدها والمدرجة في الفقرة 2 من المادة 4، فث مة عناصر أو أبعاد للحق في عدم التعرض للتمييز لا يمكن تقييدها أياً كانت الظروف. ويتعين، بصورة خاصة، الامتثال لنص الفقرة 1 من المادة 4 عند حدوث أي تمييز بين الأشخاص وقت اللجوء إلى تدابير لا تتقيد بالعهد.

9- وعلاوة على ذلك، تشترط الفقرة 1 من المادة 4 عدم تعار ض أي من التدابير التي لا تتقيد بأحكام العهد مع الالتزامات الأخرى الواقعة على الدولة الطرف بمقتضى القانون الدولي، لا سيما قواعد القانون الإنساني الدولي. ولا يمكن اعتبار المادة 4 من العهد بمثابة تبرير لعدم التقيد بالعهد في حال انطواء عدم التقيد المذكور على خ رق للالتزامات الدولية الأخرى الواقعة على الدولة، سواء أكانت هذه الالتزامات قد فرضت بموجب معاهدة أو القانون الدولي العام. ويتجلى ذلك أيضاً في الفقرة 2 من المادة 5 من العهد التي تنص على عدم جواز فرض أي قيود أو تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف به ا في صكوك أخرى بذريعة أن العهد لا يعترف بهذه الحقوق أو لكون اعترافه بها أضيق مدى.

10- وعلى الرغم من أن مراجعة تصرف الدولة الطرف بموجب معاهدات أخرى ليس من مهام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، تملك اللجنة لدى اضطلاعها بمهامها المناطة بها بموجب العهد صلاحية أن تضع في الحسبان التزامات دولية أخرى واقعة على الدولة الطرف عندما تنظر اللجنة في مسألة ما إذا كان العهد يجيز للدولة الطرف عدم التقيد بأحكام محددة منه. وعليه ينبغي للدول الأطراف، عندما تلجأ إلى الفقرة 1 من المادة 4 أو عندما تقدم تقارير بموجب المادة 40 عن الإط ار القانوني المتصل بحالات الطوارئ، أن تقدم معلومات بشأن التزاماتها الدولية الأخرى ذات الصلة بحماية الحقوق المعنية، ولا سيما الالتزامات الواجبة التطبيق في أوقات الطوارئ (5‍) . وفي هذا الصدد، ينبغي للدول الأطراف أن تأخذ في الاعتبار على النحو الواجب التطورات ال حادثة في إطار القانون الدولي فيما يتعلق بمعايير حقوق الإنسان الواجبة التطبيق في حالات الطوارئ (6) .

11- وتتعلق قائمة الأحكام التي يجوز تقييدها والمدرجة في المادة 4 بمسألة ما إذا كان لبعض التزامات حقوق الإنسان طابع القواعد الآمرة في القانون الدولي ولكنها ليست مماثلة لها. ويتعين النظر إلى الإعلان عن بعض أحكام العهد الواردة في الفقرة 2 من المادة 4 على أنه جزئياً بمثابة إقرار بالطابع الآمر لبعض الحقوق الأساسية المكفولة في شكل تعاهدي في العهد (مثال ذلك، المادتان 6 و7). غير أن من الواضح أن بعض أحكام العهد الأخرى قد أُدرجت في قائمة الأحكام التي لا يجوز تقييدها لأن عدم التقيد بهذه الحقوق في حالة الطوارئ لا يمكن أن يكون ضرورياً على الإطلاق (مثال ذلك، المادتان 11 و18). وإضافة إلى ذلك، فإن نطاق فئة القواعد الآمرة يذهب إلى أبعد من قائمة الأحكام التي لا يجوز تقييدها والوار دة في الفقرة 2 من المادة 4. إذ لا يجوز للدول الأطراف أن تلجأ تحت أي ظرف إلى المادة 4 من العهد لتبرير تصرف ينتهك القانون الإنساني أو القواعد الآمرة للقانون الدولي، مثل اختطاف الرهائن أو فرض عقوبات جماعية أو الحرمان التعسفي من الحرية أو الخروج عن المبادئ الأ ساسية للمحاكمة العادلة، بما في ذلك افتراض البراءة.

12- وعند تقييم النطاق المشروع لعدم التقيد بالعهد، يمكن العثور على معيار واحد في تعريف بعض انتهاكات حقوق الإنسان على أنها جرائم ضد الإنسانية. وإذا كان الفعل المرتكب تحت سلطة الدولة يشكل أساساً للمسؤولية الج نائية الفردية عن جريمة ضد الإنسانية ارتكبها أشخاص تورطوا في هذا الفعل، فلا يمكن عندئذ استخدام المادة 4 من العهد كتبرير لأن تعفي حالة الطوارئ الدولة المعنية من مسؤوليتها المتصلة بالتصرف ذاته. وعليه، فإن ما حدث مؤخراً من تدوين للجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ف ي نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لأغراض تتعلق بالولاية، له أهميته في تفسير المادة 4 من العهد (7) .

13- ويوجد في أحكام العهد غير المدرجة في الفقرة 2 من المادة 4 عناصر تعتقد اللجنة أنه لا يمكن إخضاعها لعدم التقيد المشروع بموجب المادة 4. وتُعرض أدن اه بعض الأمثلة التوضيحية بهذا الشأن:

(أ) يُعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية مع احترام الكرامة الأصيلة للشخص الإنساني. وعلى الرغم من أن هذا الحق، الذي تنص عليه المادة 10 من العهد، هو حق لم يُذكر على حدة في قائمة الحقوق التي لا يجوز تقييدها والم ذكورة في الفقرة 2 من المادة 4، فإن اللجنة تعتقد أن العهد يعبر هنا عن قاعدة من قواعد القانون الدولي العام التي لا تخضع لعدم التقيد. والإشارة إلى الكرامة الأصيلة للشخص الإنساني في ديباجة العهد والصلة الوثيقة بين المادتين 7 و10 تؤيدان ذلك.

(ب) ولا تخضع الأحك ام التي تحظر أخذ الرهائن أو أعمال الاختطاف أو الاحتجاز في أماكن لا يُعلن عنها لعدم التقيد. والطبيعة المطلقة لهذا الحظر، حتى في أوقات الطوارئ، تبررها وضعية هذه القواعد باعتبارها من قواعد القانون الدولي العام.

(ج) ومن رأي اللجنة أن الحماية الدولية لحقوق الأ شخاص المنتمين إلى الأقليات تشمل عناصر يجب احترامها في جميع الظروف. وينعكس ذلك في تحريم الإبادة الجماعية في القانون الدولي، وفي إدراج شرط عدم التمييز في المادة 4 ذاتها (الفقرة 1)، وكذلك في طابع المادة 18 الذي لا يجوز عدم التقيد به.

(د) ووفقاً لما أكده نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن الإبعاد أو الترحيل القسري للسكان من المنطقة التي يتواجدون فيها شرعاً، والذي يتخذ شكل التشريد القسري بالطرد أو باتباع أساليب قسرية أخرى، دون الاستناد في ذلك إلى أُسس يجيزها القانون الدولي، هو أمر يشكل جريمة ضد الإ نسانية (8) . ولا يمكن أبداً القبول بالحق المشروع بعدم التقيد بالمادة 12 من العهد، أثناء حالة الطوارئ، كمبرر لهذه التدابير.

(ه‍) كما أن إعلان حالة الطوارئ عملاً بالفقرة 1 من المادة 4 لا يجوز الاحتجاج به لتبرير قيام الدولة الطرف، بما يتنافى مع المادة 20، بالد عاية للحرب أو بالدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف.

14- وإن الفقرة 3 من المادة 2 من العهد تقتضي من الدولة الطرف في العهد أن توفر سبل الانتصاف من أي انتهاك لأحكام العهد. ولا يرد هذا الشرط في ق ائمة الأحكام غير الجائز تقييدها التي تنص عليها الفقرة 2 من المادة 4، ولكنه يشكل التزاماً تعاهدياً يرد في صلب العهد برمته. بل وحتى إذا جاز للدولة الطرف أن تقوم، أثناء حالة طوارئ ما، بإدخال تعديلات على الأداء العملي لإجراءاتها المنظمة لسُبل الانتصاف القضائية أو سبل الانتصاف الأخرى، وأن تتخذ هذه التدابير في أضيق الحدود التي تتطلبها مقتضيات الوضع، فإنه يتعين عليها أن تمتثل بمقتضى الفقرة 3 من المادة 2 من العهد للالتزام الأساسي بتوفير سبيل انتصاف فعال.

15- ومن الخصائص المتأصلة في حماية الحقوق المعترف صراحة في الف قرة 2 من المادة 4 بأنها حقوق لا يجوز تقييدها، أنه يجب كفالتها بضمانات إجرائية كثيراً ما تشمل ضمانات قضائية. وقد لا تخضع أبداً أحكام العهد المتصلة بالضمانات الإجرائية لتدابير من شأنها أن تقوض حماية الحقوق غير الجائز تقييدها. وقد لا يُلجأ إلى المادة 4 بطريقة يمكن أن تؤدي إلى عدم التقيد بالحقوق التي لا يجوز تقييدها. وبالتالي، فإن المادة 6 من العهد، على سبيل المثال، هي برمتها مادة من غير الجائز تقييدها، وإن أية محاكمة تفضي إلى فرض عقوبة الإعدام أثناء فترة الطوارئ يجب أن تتفق مع أحكام العهد، بما في ذلك جميع متطل بات المادتين 14 و15.

16- وتقوم الضمانات المتصلة بعدم التقيد، كما هي مجسدة في المادة 4 في العهد، على أساس مبدأي المشروعية وسيادة القانون المتأصلين في العهد بأكمله. وبما أن بعض عناصر الحق في محاكمة عادلة هي عناصر يكفلها صراحة القانون الإنساني الدولي أثناء ال نزاع المسلح، لا ترى اللجنة مبرراً لعدم التقيد بهذه الضمانات في حالات الطوارئ الأخرى. وترى اللجنة أن مبدأي المشروعية وسيادة القانون يستتبعان احترام المتطلبات الأساسية للمحاكمة العادلة أثناء حالة الطوارئ. ولا يجوز إلا لمحكمة قانونية أن تُحاكم وتُدين أي فرد ل ارتكابه جريمة جنائية. ويجب احترام افتراض البراءة. ولحماية الحقوق غير الجائز تقييدها، فإن الحق في عرض الدعوى أمام المحكمة لتبت دون إبطاء في مشروعية الاحتجاز يجب عدم الانتقاص منه بقرار الدولة الطرف عدم التقيد بالعهد (9) .

17- أما في الفقرة 3 من المادة 4، فعندم ا تلجأ الدول الأطراف إلى استخدام سلطة عدم التقيد بموجب المادة 4 فإنها تلزم نفسها بنظام للإخطار الدولي. فالدولة الطرف التي تستخدم الحق في عدم التقيد يجب أن تُعلم الدول الأطراف الأخرى فوراً، عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة، بالأحكام التي لا تتقيد بها وبال أسباب التي دفعتها إلى اتخاذ هذه التدابير. وهذا الإخطار أساسي لا لتأدية مهام اللجنة فحسب، ولا سيما في تقييم ما إذا كانت الدولة الطرف قد اتخذت التدابير في أضيق الحدود التي تتطلبها مقتضيات الوضع، ولكن لتمكّن أيضاً الدول الأطراف الأخرى من رصد الامتثال لأحكام ا لعهد. ونظراً للطابع الموجز لإخطارات كثيرة وردت في الماضي، تؤكد اللجنة على أنه ينبغي أن يتضمن الإخطار المقدم من الدول الأطراف معلومات كاملة بشأن التدابير المتخذة وتفسيراً واضحاًً للأسباب التي دفعتها إلى ذلك، مشفوعة بوثائق كاملة تتعلق بقوانينها. ويكون مطلوبا ً من الدولة الطرف تقديم إخطارات إضافية إذا اتخذت فيما بعد تدابير أخرى بموجب المادة 4، كأن تُمدد مثلاً فترة حالة الطوارئ. وينطبق بالمثل اشتراط الإخطار الفوري فيما يتصل بإنهاء حالة عدم التقيد. غير أن هذه الالتزامات لم تُحترم دائماً: فلم تخطر الدول الأطراف غي رها من الدول الأطراف، عن طريق الأمين العام، بإعلانها حالة من حالات الطوارئ وبالتدابير الناجمة عنها والمتمثلة في عدم التقيد بحكم أو أكثر من أحكام العهد؛ وقد أهملت في بعض الأحيان الدول الأطراف مسألة تقديم إخطار بتغييرات إقليمية أو بتغييرات أخرى أثناء ممارسته ا لسلطات الطوارئ (10) . وقد نما في بعض الأحيان إلى علم اللجنة بطريقة عرضية وأثناء نظرها في تقرير الدولة الطرف وجود حالة طوارئ ومسألة ما إذا كانت الدولة الطرف لم تتقيد بأحكام العهد. وتؤكد اللجنة على الالتزام بالإخطار الدولي الفوري كلما اتخذت الدولة الطرف تداب ير بمقتضاها لا تتقيد بالتزاماتها بموجب العهد. وإن واجب اللجنة بشأن رصد قوانين وممارسات الدولة الطرف لتقرير مدى امتثالها للمادة 4 لا يتوقف على ما إذا كانت الدولة الطرف قدمت إخطاراً أم لا.

الحواشي

(1) انظر التعليقات/الملاحظات الختاميـة التاليـة: جمهورية تنز انيا المتحدة (1992)، CCPR/C/79/Add.12؛ الفقرة 7؛ والجمهورية الدومينيكية (1993)، CCPR/C/79/Add.18؛ الفقرة 4؛ والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية (1995)، CCPR/C/79/Add.55، الفقـرة 23؛ وبيرو (1996)، CCPR/C/79/Add.67؛ الفقرة 11؛ وبوليفيا (1997) ، CCPR/C/79/Add.74، الفقرة 14؛ وكولومبيا (1997) CCPR/C/79/Add.76، الفقرة 25؛ ولبنـان (1997) CCPR/C/79/Add.78، الفقرة 10؛ وأوروغـواي (1998) CCPR/C/79/Add.90، الفقـرة 8؛ وإسرائيــل (1998)، CCPR/C/79/Add.93، الفقرة 11.

(2) انظر على سبيل المثال المادتين 12 و1 9 من العهد.

(3) انظر على سبيل المثال الملاحظات الختامية المتعلقة بإسرائيل (1998)، CCPR/C/79/Add.93، الفقرة 11.

(4) انظر التعليقات/الملاحظات الختامية التالية: الجمهورية الدومينيكية (1993)، CCPR/C/79/Add.18، الفقرة 4؛ الأردن (1994)، CCPR/C/79/Add.35، الفقر ة 6؛ نيبال (1994)، CCPR/.C/79/Add.42، الفقرة 9؛ الاتحاد الروسي (1995)، CCPR/C/79/Add.54، الفقرة 27؛ زامبيا (1996)، CCPR/C/79/Add.62، الفقرة 11؛ غابون (1996)، CCPR/C/79/Add.71، الفقرة 10؛ كولومبيا (1997)، CCPR/C/79/Add.76، الفقرة 25؛ إسرائيل (1998)، CCPR/C/79/Add.93، الفقرة 11؛ العراق، (1997) CCPR/C/79/Add.84، الفقرة 9؛ أوروغواي (1998)، CCPR/C/79/Add.90، الفقرة 8؛ أرمينيا (1998)، CCPR/C/79/Add.100، الفقرة 7؛ منغوليا (2000)، CCPR/C/79/Add.120، الفقرة 14؛ قيرغيزستان (2000) CCPR/CO/69/KGZ، الفقرة 12.

(5) يُشار هنا إلى اتفاقية حقوق الطفل التي صدقت عليها الدول الأطراف في العهد جميعها تقريباً ولا تتضمن نصاً بشأن عدم التقيد. وهذه الاتفاقية واجبة التطبيق في حالات الطوارئ، كما هو مبين بوضوح في المادة 38 من الاتفاقية.

الحواشي ( تابع )

(6) يُشار هنا إلى تقارير الأمين العام المقدمة إلى لجنة حقوق الإنسان، عملاً بقراراتهـا 1998/29 و1999/65 و2000/69، المتعلقة بالمعايير الإنسانية الدنيا (التي سُميت فيما بعد: المعايير الإنسانية الأساسية)، E/CN.4/1999/92وE/CN.4/2000/94 وE/CN.4/2001/91، وإلى جهود بُذلت في السابق لتحديد الحقو ق الأساسية الواجبة التطبيق في جميع الظروف، ومثال ذلك معايير باريس الدنيا لقواعد حقوق الإنسان في حالات الطوارئ (رابطة القانون الدول، 1984)، ومبادئ سيراكيوزا المتعلقة بالأحكام الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي تجيز فرض حدود أو قيو د، والتقرير النهائي المقدم مـن السيد لياندرو ديسبوي، المقرر الخاص للجنة الفرعية بشأن مسألة حماية حقوق الإنسان وحالات الطوارئ E/CN.4/Sub.2/1997/19) و(Add.1 والمبادئ التوجيهية المتعلقة بالتشرد الداخلي (E/CN.4/1998/53/Add.2)، وإعلان توركو (آبو) للمعايير الإنس انية الدنيا (1990)(E/CN.4/1995/116). ويشار أيضاً إلى قرار المؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر (1995) بتكليف لجنة الصليب الأحمر الدولية، كميدان للعمل المتواصل، بمهمة إعداد تقرير عن القواعد العرفية للقانون الإنساني الدولي الواجبة الت طبيق أثناء المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية.

(7) انظر المادة 6 (الإبادة الجماعية) والمادة 7 (الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية) من النظام الأساسي الذي صدقت عليه 35 دولة حتى 1 تموز/يوليه 2001، ورغم أن أشكالا كثيرة محددة من التصرف المدرجة في المادة 7 من ا لنظام الأساسي ترتبط ارتباطا مباشراً بانتهاكات لحقوق الإنسان المدرجة، كأحكام لا يجوز تقييدها، في الفقرة 2 من المادة 4 من العهد، فإن فئة الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية كما عُرِّفت في هذا الحكم تشمل كذلك انتهاكات لبعض أحكام العهد التي لم تُذكر في الحكم المذكور من العهد. ومثال ذلك بعض الانتهاكات الخطيرة للمادة 27 التي يمكن أن تشكل في الوقت ذاته جريمة إبادة جماعية بموجب المادة 6 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ كما أن المادة 7 من هذا النظام بدورها تشمل ممارسات تتصل كذلك بالمواد 9 و12 و26 و27 بالإضاف ة إلى اتصالها بالمواد 6 و7 و8 من العهد.

(8) انظر المادة 7 (1) (د) والمادة 7 (2) (د) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

(9) انظر الملاحظات الختامية للجنة المتعلقة بإسرائيل (1998) (CCPR/C/79/Add.93)، الفقرة 21: "ترى اللجنة أن التطبيق الحالي لل حبس الإداري يتنافى مع المادتين 7 و16 من العهد، وهما مادتان لا يبيح العهد عدم التقيد بالالتزامات المترتبة عليهما في أوقات الطوارئ العامة... غير أن اللجنة تشدد على أنه لا يجوز لأي دولة طرف أن تحيد عن القاعدة التي تستلزم وجود المراجعة القضائية الفعالة لحالات الحبس". وانظر كذلك توصية اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات بشأن إعداد مشروع بروتوكول اختياري ثالث للعهد: "تشعر اللجنة بالارتياح إذ إن الدول الأطراف تفهم عادة أن الحق في المثول أمام المحكمة وفي إنفاذ الحقوق الدستورية ينبغي عدم تقييده أثناء حالات ا لطوارئ. ومن رأي اللجنة أيضاً أن سبل الانتصاف المنصوص عليها في الفقرتين 3 و4 من المادة 9، التي ينبغي قراءتها مقترنة بالمادة 2، تدخل في صميم العهد ككل". الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة التاسعة والأربعون، الملحق رقم 40(A/49/40)، المجلد الأول، المرفق ا لحادي عشر، الفقرة 2.

(10) انظر التعليقات/الملاحظات الختامية المتعلقة ببيرو (1992) CCPR/C/97/Add.8، الفقرة 10؛ آيرلندا (1993) CCPR/C/79/Add.21، الفقرة 11؛ مصر (1993) CCPR/C/79/Add.23، الفقرة 7؛ الكاميرون (1994) CCPR/C/79/Add.33، الفقرة 7؛ الاتحاد الروسي (1 995) CCPR/C/79/Add.54، الفقرة 27؛ زامبيا (1996) CCPR/C/79/Add.62، الفقرة 11؛ لبنان (1997) CCPR/C/79/Add.78، الفقرة 10؛ الهند (1997) CCPR/C/79/Add.81، الفقرة 19؛ المكسيك (1999) CCPR/C/79/Add.109، الفقرة 12.

الدورة الخامسة والسبعون (2002)

التعليق العام رقم 3 0: التزامات الدول الأطراف بتقديم التقارير بموجب المادة 40 من العهد*

1- تعهدت الدول الأطراف بأن تقدم تقارير بمقتضى المادة 40 من العهد خلال سنة واحدة من بدء نفاذ العهد بالنسبة للدول الأطراف المعنية، وبأن تقدم بعد ذلك تقارير كلما طلبت اللجنة ذلك.

2- وتلاحظ ال لجنة، كما يتضح من تقاريرها السنوية، أن عدداً قليلاً من الدول قدمت تقاريرها في الوقت المحدد. وقد قُدِّمت معظم التقارير متأخرة عن موعدها، وتراوحت مدة التأخير بين بضعة أشهر وعدة سنوات. وهناك بعض الدول الأطراف التي لم تف بعد بالتزامها بتقديم التقارير رغم الرسا ئل التذكيرية المتكررة التي أرسلتها إليها اللجنة.

3- وقد أعلنت دول أخرى أنها ستمثل أمام اللجنة ولكنها لم تفعل ذلك في الموعد المحدد.

4- ومن أجل معالجة هذه الحالات، اعتمدت اللجنة قواعد جديدة:

(أ) إذا قدمت دولة طرف ما تقريرا ولكنها لم ترسل وفداً إلى اللجنة، يمكن للجنة أن تخطر الدولة الطرف بالموعد الذي تعتزم فيه أن تنظر في التقرير، أو يمكن لها أن تمضي قدماً في النظر في التقرير في الجلسة التي يكون قد سبق تحديد موعدها؛

(ب) عندما لا تكون الدولة الطرف قد قدمت تقريراً، يجوز للجنة، إذا ما استنسبت ذلك، أن تخطر الدول ة الطرف بالموعد الذي تعتزم فيه بحث التدابير المتخذة من قبل الدولة الطرف لإعمال الحقوق المكفولة بمقتضى العهد:

` 1 ` إذا كانت الدولة الطرف ممثلة بوفد، تشرع اللجنة، بحضور الوفد، في بحث التدابير المذكورة في الموعد المحدد؛

` 2 ` إذا لم تكن الدولة الطرف ممثلة، يجوز للجنة، إذا ما استنسبت ذلك، أن تقرر المضي قدماً في النظر في التدابير المتخذة من قبل الدولة الطرف لإعمال الضمانات المنصوص عليها في العهد في الموعد المحدد أصلاً أو أن تخطر الدولة الطرف بموعد جديد.

ولأغراض تطبيق هذه الإجراءات، تجتمع اللجنة في جلسات علنية إذا ك ان الوفد حاضراً، وفي جلسات سرية إذا لم يكن الوفد حاضرا، وتتبع الطرائق المبينة في المبادئ التوجيهية لتقديم التقارير وفي النظام الداخلي للجنة.

5- وبعد اعتماد اللجنة للملاحظات الختامية، يستخدم إجراء متابعة من أجل إجراء أو مواصلة أو استعادة الحوار مع الدولة ال طرف. ولهذه الغاية، وبغية تمكين اللجنة من اتخاذ المزيد من الإجراءات، تعين اللجنة مقرراًً خاصاً يقدم إليها تقاريره.

6- وعلى ضوء تقرير المقرر الخاص، تقيِّم اللجنة الموقف المعتمد من قبل الدولة الطرف وتحدد، عند الضرورة، موعداً جديداً للدولة الطرف لكي تقدم تقرير ها التالي.

ـــــــــ

* اعتُمد في الجلسة 2025 المعقودة في 16 تموز/يوليه 2002.

الدورة الثمانون (2004)

التعليق العام رقم 31: طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد*

1- يحل هذا التعليق العام محل التعليق العام رقم 3، وهو يعكس المبادئ الواردة في ذلك التعليق ويفصِّلها. وقد تم تناول الأحكام العامة المتعلقة بعدم التمييز والواردة في الفقرة 1 من المادة 2 وذلك في التعليق العام رقم 18 والتعليق العام رقم 28، وينبغي قراءة هذا التعليق العام مقترناً بتلك الأحكام.

2- وفي حين أن المادة 2 قد صيغت على أساس التزامات الدول الأطراف تجاه الأفراد باعتبارهم أصحاب حقوق بموجب العهد، فإن لكل دولة من الدول الأطراف مصلحة قانونية في أداء كل دولة طرف أخرى لالتزاماتها. وهذا ناشئ عن كون ‘القواعد المتعلقة بالحقوق الأساسية للإنسان‘ تمثل التزامات تجاه الكافة وعن أن هناك ، كما هو مبين في الفقرة الرابعة من ديباجة العهد، التزاماً بتعزيز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وعلاوة على ذلك، فإن البعد التعاقدي لأي معاهدة ينطوي على التزام كل دولة من الدول الأطراف في المعاهدة، تجاه كل دولة طرف أخرى، بالامت ثال لما قطعته على نفسها من تعهدات بموجب المعاهدة. وفي هذا الصدد، تذكِّر اللجنة الدول الأطراف باستصواب إصدار الإعلان المتوخى في المادة 41. كما أنها تذكِّر تلك الدول الأطراف التي أصدرت الإعلان بالفعل بما تنطوي عليه استفادتها من الإجراء المنصوص عليه في تلك ال مادة من قيمة محتملة. إلا أن مجرد وجود آلية رسمية مشتركة بين الدول في ما يتعلق بتقديم الشكاوى إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بصدد الدول الأطراف التي أصدرت الإعلان المطلوب بموجب المادة 41 لا يعني أن هذا الإجراء يمثل الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها للدو ل الأطراف أن تؤكد اهتمامها بأداء الدول الأطراف الأخرى. بل على العكس من ذلك، فإن الإجراء المنصوص عليه في المادة 41 ينبغي أن يُعتبَر إجراء مكملاً، لا مقلصاً، لاهتمام الدول الأطراف بأداء كل منها لالتزاماتها. وتبعاً لذلك، فإن اللجنة تنصح الدول الأطراف باعتماد الرأي الذي يعتبر أن انتهاكات الحقوق المشمولة بالعهد من قِبل أية دولة من الدول الأطراف يستحق اهتمامها. ولا ينبغي اعتبار توجيه النظر إلى الخروقات المحتملة للالتزامات المنصوص عليها بموجب العهد من قِبل الدول الأطراف الأخرى ودعوتها إلى الامتثال لالتزاماتها بموج ب العهد تصرفاً غير ودي، بل إنه ينبغي أن يُعتبر تعبيراً عن مصلحة جماعية مشروعة.

3- وتُعرِّف المادة 2 نطاق الالتزامات القانونية المعقودة من قبل الدول الأطراف في العهد. ويُفرض التزام عام على الدول الأطراف بأن تحترم الحقوق المشمولة بالعهد وأن تكفل هذه الحقوق ل جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها (انظر الفقرتين 9 و10 أدناه). وعملاً بالمبدأ المبين في المادة 26 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، يجب على الدول الأطراف أن تنفذ، بحسن نية، الالتزامات المنصوص عليها بموجب العهد.

4- والالتزامات المنصوص ع ليها في العهد بصورة عامة، وفي المادة 2 بصورة خاصة، ملزِمة لكل دولة من الدول الأطراف. ذلك أن جميع فروع الحكومة (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وغيرها من السلطات العامة أو الحكومية، على أي مستوى من المستويات – الوطنية أو الإقليمية أو المحلية – هي ذات وضع ي ستتبع مسؤولية الدولة الطرف. والفرع التنفيذي الذي يقوم عادة بتمثيل الدولة الطرف على المستوى الدولي، بما في ذلك أمام ــــــــــــ

* اعتُمد في الجلسة 2187 المعقودة في 29 آذار/مارس 2004.

اللجنة، قد لا يشير إلى قيام فرع آخر من فروع الحكومة بفعل يتناقض مع أحك ام العهد، وذلك كوسيلة يراد بها إعفاء الدولة الطرف من المسؤولية عن ذلك الفعل وما ترتب عليه من تعارض مع أحكام العهد. وهذا الفهم ينشأ مباشرة عن المبدأ الوارد في المادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات والذي لا يجوز بموجبه للدولة الطرف ‘أن تحتج بأحكام قانو نها الداخلي لتبرير عدم تنفيذ معاهدة ما‘. وبالرغم من أن الفقرة 2 من المادة 2 تسمح للدول الأطراف بأن تُعمِل الحقوق المشمولة بالعهد وفقاً للعمليات الدستورية المحلية، فإن هذا المبدأ نفسه ينطبق بحيث يمنع الدول الأطراف من الاحتجاج بأحكام القانون الدستوري أو غير ذلك من جوانب القانون المحلي لتبرير عدم أداء أو تنفيذ التزاماتها بموجب المعاهدة. وفي هذا الصدد، تذكّ ِر اللجنة الدول الأطراف ذات الهيكل الاتحادي بأحكام المادة 50 التي تقتضي أن تنطبق أحكام العهد، دون أي قيد أو استثناء، على جميع الوحدات التي تتشكل منها الدول ا لاتحادية.

5- وللالتزام المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 2 باحترام وضمان الحقوق المعترف بها في العهد مفعول فوري بالنسبة لجميع الأطراف. فالفقرة 2 من المادة 2 ترسي الإطار الشامل الذي يجب أن يتم ضمنه تعزيز وحماية الحقوق المحدَّدة في العهد. وقد سبق للجنة أن أ وضحت، كنتيجة لذلك، في تعليقها العام رقم 24، بأن التحفظات على المادة 2 تُعتبر متناقضة مع العهد عندما يُنظر إليها على ضوء أغراض العهد ومقاصده.

6- ويتسم الالتزام القانوني بموجب الفقرة 1 من المادة 2 بطابع سلبي وإيجابي على السواء. إذ يجب على الدول الأطراف أن تم تنع عن انتهاك الحقوق المعترف بها في العهد، وأي تقييد لأي من تلك الحقوق يجب أن يكون جائزاً بموجب الأحكام ذات الصلة المنصوص عليها في العهد. وعند فرض مثل هذه القيود، يجب على الدول أن تثبت ضرورتها وألا تتخذ من التدابير إلا ما كان متناسباً مع السعي إلى تحقيق أه داف مشروعة وذلك من أجل ضمان الحماية المستمرة والفعالة للحقوق المشمولة بالعهد. ولا يجوز بأي حال من الأحوال فرض القيود أو الاحتجاج بها بطريقة تمسّ جوهر أي حق من الحقوق المشمولة بالعهد.

7- وتقتضي المادة 2 أن تعتمد الدول الأطراف تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وتثقيفية وغير ذلك من التدابير المناسبة من أجل الوفاء بالتزاماتها القانونية. وتعتقد اللجنة أن من المهم رفع مستوى الوعي بالعهد لا في صفوف الموظفين العموميين ووكلاء الدولة فحسب وإنما أيضاً في صفوف السكان ككل.

8- وتُعتبر الالتزامات المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 2 ملزِمة للدول الأطراف ومن ثم فإنه ليس لها، بصفتها هذه، أثر أفقي مباشر كمسألة من مسائل القانون الدولي. ولا يمكن النظر إلى العهد باعتباره بديلاً عن القانون الجنائي أو المدني المحلي. إلا أن الالتزامات الإيجابية الملقاة على عاتق الدول الأطراف بأن تضمن الحقوق المشمولة بالعهد لا يمكن أن تؤدى بالكامل إلا إذا وفرت الدولة الحماية للأفراد لا مما يرتكبه وكلاؤها من انتهاكات للحقوق المشمولة بالعهد فحسب، وإنما أيضاً من الأفعال التي يقوم بها أفراد عاديون أو كيانات خاصة والتي يمكن أن تعوق التمتع بالحقوق المشمولة ب العهد بقدر ما تكون هذه قابلة للتطبيق بين الخواص من الأفراد أو الكيانات. وقد تكون هناك ظروف يمكن فيها للتخلف عن ضمان الحقوق المشمولة بالعهد، حسب ما تقتضيه المادة 2، أن يؤدي إلى انتهاك تلك الحقوق من قِبل الدول الأطراف نتيجة لسماحها بارتكاب مثل هذه الأفعال من قِبل الخواص من الأفراد أو الكيانات أو تخلفها عن اتخاذ التدابير المناسبة أو عن ممارسة اليقظة الواجبة لمنع حدوث هذه الأفعال ومعاقبة مرتكبيها والتحقيق فيها أو جبر الضرر الناجم عنها. وتُذكَّر اللجنة الدول بالترابط بين الالتزامات الإيجابية التي تفرضها المادة 2 والحاجة إلى توفير سبل انتصاف فعالة في حالة حدوث خرق، حسـب ما تنص عليه الفقرة 3 من المادة 2. والعهد نفسه يتصور، في بعض مواده، بعض المجالات التي تُفرَض فيها التزامات إيجابية على الدول الأطراف من أجل معالجة أفعال الخواص من الأفراد أو الكيانات. ومن الأمثلة عل ى ذلك أن الضمانات التي تنص عليها المادة 17 في ما يتصل بحرمة الحياة الخاصة يجب أن تكون محمية بموجب القانون. كما أن المادة 7 تعني ضمناً أنه يتعين على الدول الأطراف أن تتخذ تدابير إيجابية من أجل ضمان ألا يقوم الخواص من الأفراد أو الكيانات بممارسة التعذيب أو غ يره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على غيرهم ممن يخضعون لسلطتهم. وفي المجالات التي تؤثر في الجوانب الأساسية للحياة العادية مثل العمل أو السكن، يجب حماية الأفراد من التمييز وذلك ضمن معنى المادة 26.

9- والمستفيدون من الحقوق الم عترف بها في العهد هم الأفراد. وعلى الرغم من أن العهد لا يشير، باستثناء ما ورد في المادة 1، إلى حقوق الأشخاص الاعتباريين أو ما يماثلهم من الكيانات أو الجمعيات التضامنية، فإن العديد من الحقوق المعترف بها في العهد، مثل الحق في حرية المجاهرة بالدين أو المعتقد (المادة 18)، وحرية تكوين الجمعيات (المادة 22) أو حقوق أفراد الأقليات (المادة 27)، هي حقوق يمكن للمرء أن يتمتع بها بالاشتراك مع غيره. أما كون اختصاص اللجنة في تلقي البلاغات والنظر فيها يقتصر على تلك البلاغات التي يقدمها الأفراد أو التي تُقدَّم بالنيابة عنهم (المادة 1 من البروتوكول الاختياري (الأول)) فلا يمنع هؤلاء الأفراد من الادعاء بأن الأفعال أو الإغفالات التي تمس الأشخاص الاعتباريين وما يماثلهم من الكيانات تشكل انتهاكاً لحقوقهم هم.

10- ويجب على الدول الأطراف، بموجب الفقرة 1 من المادة 2، أن تحترم وتكفل الح قوق المشمولة بالعهد لجميع الأشخاص الذين قد يوجَدون في إقليمها وكذلك لجميع الأشخاص الخاضعين لولايتها. وهذا يعني أنه يجب على الدولة الطرف أن تحترم وتكفل الحقوق المنصوص عليها في العهد لأي شخص يخضع لسلطتها أو سيطرتها الفعلية حتى ولو لم يكن موجوداً داخل إقليمها . وكما هو مبين في التعليق العام رقم 15 الذي اعتُمد في الدورة السابعة والعشرين (1986)، فإن التمتع بالحقوق المشمولة بالعهد لا يقتصر على مواطني الدول الأطراف بل يجب أن يكون متاحاً أيضاً لجميع الأفراد، بصرف النظر عن جنسيتهم أو عن كونهم عديمي الجنسية، مثل ملتمس ي اللجوء واللاجئين والعمال المهاجرين وغيرهم من الأشخاص الذين قد يجدون أنفسهم في إقليم الدولة الطرف أو خاضعين لولايتها. وينطبق هذا المبدأ أيضاً على أولئك الأشخاص الذين يوجَدون تحت السلطة أو السيطرة الفعلية لقوات دولة طرف تتصرف خارج إقليم تلك الدولة، بصرف ال نظر عن الظروف التي تم فيها الحصول على هذه السلطة أو السيطرة الفعلية، ومن الأمثلة على ذلك القوات التي تشكل فرقة عسكرية وطنية تابعة لدولة طرف ومكلَّفة بالمشاركة في عمليات حفظ السلم أو إحلال السلم على المستوى الدولي.

11- وكما يدل عليه ضمناً التعليق العام رقم 29، فإن العهد ينطبق أيضاً في حالات النـزاعات المسلحة التي تنطبق عليها قواعد القانون الإنساني الدولي. وفي حين أنه قد تكون هناك، في ما يتعلق ببعض الحقوق المشمولة بالعهد، قواعد أكثر تحديداً في القانون الإنساني الدولي تُعتبَر وثيقة الصلة بصفة خاصة لأغراض تفسير الحقوق المشمولة بالعهد، فإن مجالي القانون كليهما هما مجالان يكمل الواحد منهما الآخر ولا يستبعده.

12- وعلاوة على ذلك، فإن الالتزام الذي تفرضه المادة 2 والذي يقتضي أن تحترم الدول الأطراف وتكفل الحقوق المشمولة بالعهد لجميع الأشخاص الموجودين في إقليمها وجميع الأشخاص الخاضعين لسيطرتها يستتبع التزاماً بعدم تسليم أي شخص أو إبعاده أو طرده بأية طريقة أخرى من إقليمها وذلك حيثما تكون هناك أسس وافية تبرر الاعتقاد بأن ثمة خطراً حقيقياً في أن يتعرض هذا الشخص لأذى لا يمكن جبره، مثل ذلك المتصوَّر في المادتين 6 و7 من العهد ، سواء في البلد الذي سيُبعَد إليه أو في أي بلد آخر قد يُبعد إليه هذا الشخص في وقت لاحق. وينبغي تنبيه السلطات القضائية والإدارية المختصة إلى ضرورة ضمان الامتثال للالتزامات التي يفرضها العهد فيما يتصل بهذه المسائل.

13- وتقتضي الفقرة 2 من المادة 2 أن تتخذ الد ول الأطراف الخطوات الضرورية لإعمال الحقوق المشمولة بالعهد في إطار النظام المحلي. وهذا يستتبع وجوب أن تقوم الدول لدى تصديقها على العهد، ما لم تكن الحقوق المشمولة بالعهد محمية بالفعل بموجب قوانينها أو ممارساتها المحلية، بإدخال ما يلزم من التغييرات على قوانين ها وممارساتها المحلية من أجل ضمان توافقها مع أحكام العهد. وحيثما تكون هناك اختلافات بين القانون المحلي وأحكام العهد، تقتضي المادة 2 أن يتم تغيير القانون المحلي أو الممارسة المحلية من أجل الوفاء بالمعايير التي تفرضها الضمانات الأساسية التي ينص عليها العهد. وتسمح المادة 2 للدولة الطرف بأن تعمل على تحقيق ذلك وفقاً لهيكلها الدستوري المحلي، وبالتالي فإنها لا تقتضي انطباق العهد مباشرة في المحاكم من خلال إدماج أحكامه في القانون الوطني. إلا أن اللجنة ترى أن الضمانات التي يشملها العهد قد تحصل على حماية معززة في تلك الدول التي يشكل فيها العهد تلقائياً، أو من خلال إدماجه المحدد، جزءاً من النظام القانوني المحلي. وتدعو اللجنة تلك الدول الأطراف التي لا يشكل فيها العهد جزءاً من النظام القانوني المحلي إلى النظر في إدماج العهد من أجل جعله جزءاً من القانون المحلي بغية تيسير ا لإعمال الكامل للحقوق المشمولة بالعهد حسبما تقتضيه المادة 2.

14- ثم إن الاشتراط المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 2 بأن يتم اتخاذ خطوات لإعمال الحقوق المشمولة بالعهد هو اشتراط غير مقيَّد وذو مفعول فوري. فعدم الامتثال لهذا الالتزام لا يمكن أن يبرَّر بالاستن اد إلى اعتبارات سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية ضمن الدولة.

15- وتقتضي الفقرة 3 من المادة 2 أن تكفل الدول الأطراف، بالإضافة إلى الحماية الفعالة للحقوق المشمولة بالعهد، أن تتوفر للأفراد أيضاً سبل انتصاف ميسَّرة وفعالة من أجل إعمال تلك الحقوق. وينبغ ي تكييف سبل الانتصاف هذه على النحو المناسب بحيث تراعى حالات الضعف الذي تتسم به بعض فئات الأشخاص، وبخاصة الأطفال. وتعلق اللجنة أهمية على قيام الدول الأطراف بإنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الدعاوى المتصلة بانتهاكات الحقوق في إطار القانون المحلي. و تلاحظ اللجنة أن التمتع بالحقوق المعترف بها بموجب العهد يمكن أن يُكفَل على نحو فعال من قِبل السلطة القضائية بطرق عديدة مختلفة، بما في ذلك التطبيق المباشر للعهد، أو تطبيق الأحكام الدستورية أو غير ذلك من الأحكام القانونية المماثلة، أو الأثر التفسيري للعهد في تطبيق القانون الوطني. وثمة حاجة خاصة لوجود آليات إدارية من أجل إعمال الالتزام العام المتمثل في التحقيق في المزاعم المتعلقة بالانتهاكات تحقيقاً سريعاً وشاملاً وفعالاً من خلال هيئات مستقلة ونزيهة. ويمكن للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان التي تتمتع بصلاحيات مناس بة أن تسهم في تحقيق هذه الغاية. أما تخلف الدولة الطرف عن التحقيق في المزاعم المتعلقة بالانتهاكات فيمكن أن يؤدي، في حد ذاته، إلى خرق مستقل للعهد. ويشكل وقف الانتهاك المستمر عنصراً أساسياً من عناصر الحق في الاستفادة من سبيل انتصاف فعال.

16- وتقتضي الفقرة 3 م ن المادة 2 أن تقوم الدول الأطراف بتوفير سبل الجبر للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المشمولة بالعهد. ودون توفير هذا الجبر لهؤلاء الأفراد، لا تكون قد تمت تأدية الالتزام بتوفير سبيل انتصاف فعال، وهو أمر أساسي بالنسبة لفعالية الفقرة 3 من المادة 2. وبالإضافة إلى اش تراط الجبر الصريح المنصوص عليه في الفقرة 5 من المادة 9، والفقرة 6 من المادة 14، تعتبر اللجنة أن العهد يتطلب عموماً دفع تعويض مناسب. وتلاحظ اللجنة أن الجبر يمكن أن يشمل، حيثما كان ذلك مناسباً، الردّ، وإعادة الاعتبار، وأشكال الترضية، مثل الاعتذارات العلنية، والاحتفالات التذكارية العلنية، وضمانات عدم التكرار، وإدخال تغييرات على القوانين والممارسات ذات الصلة، فضلاً عن إحالة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان إلى القضاء.

17- وعلى العموم، فإن غايات العهد سوف تُقوَّض بدون وجود الالتزام الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من المادة 2 والمتمثل في اتخاذ تدابير لمنع تكرر انتهاك العهد. وتبعاً لذلك، فإن من الممارسات المتكررة للجنة في الحالات التي تُعرَض عليها بموجب البروتوكول الاختياري أن تُضمِّن آراءها الحاجة إلى اتخاذ تدابير تتجاوز تلك المتصلة تحديداً بإتاحة سبل الانتصاف للضحايا، وذلك من أجل تجنب تكرر نوع الانتهاك الذي حدث. وهذه التدابير قد تتطلب إدخال تغييرات على قوانين الدولة الطرف أو ممارساتها.

18- وحيثما تكشف التحقيقات المشار إليها في الفقرة 15 عن حدوث انتهاكات لبعض الحقوق المشمولة بالعهد، يجب على الدول الأطراف أن تكفل إحالة أولئك ا لمسؤولين عن تلك الانتهاكات إلى القضاء. وكما في حالات التخلف عن إجراء التحقيقات، فإن عدم إحالة مرتكبي الانتهاكات إلى القضاء يمكن أن يؤدي، في حد ذاته، إلى خرق مستقل للعهد. وهذه الالتزامات تنشأ بصفة خاصة في ما يتعلق بتلك الانتهاكات المعترف بأنها تشكل أفعالاً جنائية إما بموجب القانون المحلي أو القانون الدولي، مثل التعذيب وما يماثله من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (المادة 7)، والإعدام بإجراءات موجزة أو تعسفاً (المادة 6)، وحالات الاختفاء القسري (المادتان 7 و9، والمادة 6 في أحيان كثيرة). والواقع أن مشكلة إفلات مرتكبي هذه الانتهاكات من العقاب، وهي مسألة تثير قلقاً مستمراً لدى اللجنة، قد تشكل عنصراً هاماً يسهم في تكرر حدوث هذه الانتهاكات. وعندما ترُتكَب هذه الانتهاكات كجزء من اعتداء واسع النطاق أو منهجي على السكان المدنيين، فإنها تشكل جرائم ضد الإن سانية (انظر نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة 7).

وتبعاً لذلك، وحيثما يرتكب الموظفون العموميون أو وكلاء الدولة انتهاكات للحقوق المشمولة بالعهد والمشار إليها في هذه الفقرة، لا يجوز للدول الأطراف أن تعفي مرتكبي هذه الانتهاكات من المسؤولية ا لشخصية مثلما حدث في بعض حالات العفو (انظر التعليق العام رقم 20(44)) والحصانات القانونية المسبقة. وعلاوة على ذلك، ليس هناك أي وضع رسمي يبرر اعتبار الأشخاص الذين قد يكونون متهمين بارتكاب مثل هذه الانتهاكات متمتعين بالحصانة من المسؤولية القانونية. كما ينبغي إ زالة المعوقات الأخرى أمام تحديد المسؤولية القانونية، ومن هذه المعوقات الاحتجاج بإطاعة أوامر الرؤساء أو قِصَر مُدد التقادم في الحالات التي ينطبق فيها مبدأ التقادم. كما ينبغي للدول الأطراف أن تساعد بعضها البعض لكي يحال إلى القضاء أولئك الأشخاص الذين يُشتبَه بارتكابهم أفعالاً تشكل انتهاكاً للعهد وتستوجب العقوبة بمقتضى القانون المحلي أو الدولي.

19- وترى اللجنة كذلك بأن الحق في الاستفادة من سبيل انتصاف فعال قد يقتضي في بعض الظروف أن تتخذ الدول الأطراف وتنفذ تدابير مؤقتة لكي تتجنب استمرار الانتهاكات وتسعى لأن تجب ر، في أقرب فرصة ممكنة، أي ضرر يمكن أن يكون قد نجم عن هذه الانتهاكات.

20- وحتى في الحالات التي تكون فيها النظم القانونية للدول الأطراف مزودة رسمياً بسبل انتصاف فعالة، فإن انتهاكات للعهد تحدث رغم ذلك. ومن المفترض أن يعزى هذا إلى عدم تطبيق سبل الانتصاف تطبيقا ً فعالاً في الممارسة العملية. وتبعاً لذلك، يُطلَب إلى الدول الأطراف أن تقدم في تقاريرها الدورية معلومات عن العقبات التي تعترض استخدام سبل الانتصاف القائمة استخداماً فعالاً.

ثالثاً - توصيات عامة معتمدة من لجنة القضاء على التمييز العنصري

وفقا ً للفقرة 2 من ا لمادة 9 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، يجوز للجنة تقديم اقتراحات وتوصيات عامة استنادا إلى دراستها للتقارير والمعلومات الواردة من الدول الأطراف. وينبغي إبلاغ هذه الاقتراحات والتوصيات العامة إلى الجمعية العامة مشفوعة بأية ملاحظات قد تبديها الدول الأطراف. وقد اعتمدت اللجنة حتى الآن ما مجموعه 29 توصية عامة .

الدورة الخامسة (1972) *

التوصية العامة الأولى فيما يتعلق بالتزامات الدول الأطراف (المادة 4 من الاتفاقية)

وجدت اللجنة، ع ندما نظرت خلال دورتها الخامسة في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 9 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، أن قوانين عدة دول أطراف لا تتضمن الأحكام المنصوص عليها في المادة 4 ( أ ) و ( ب ) من الاتفاقية، وهي أحكام إلزامية التنفيذ بموجب الاتفاقية بالنسبة إلى جميع الدول الأطراف ( مع إيلاء ا لاعتبار الواجب للمبادئ التي يتضمنها ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبينة بصراحة في المادة 5 من الاتفاقية ) .

و بناء على ذلك، توصي اللجنة الدول الأطراف التي يوجد في قوانينها نقص في هذا الصدد، ب أن ت نظر في مسألة استكمال قوانينها ب أ حكام تتفق مع متطلبات المادة 4 ( أ ) و ( ب ) من الاتفاقية وفقا ل إ جراءاتها التشريعية الوطنية.

الدورة الخامسة (1972) *

التوصية العامة الثانية فيما يتعلق بالتزامات الدول الأطراف

نظرت اللجنة في عدة تقارير واردة من الدول الأطراف أُعرب فيها عن الاعتقاد، أو لُمّح فيها ضمنا ً إلى الاعتقاد، بأ ن المعلومات المذكورة في رسالة اللجنة المؤرخة في 28 كانون الثاني/يناير 1970 (CERD/C/R.12) لا لزوم لأن توفرها الدول الأطراف التي لا يوجد في أقاليمها تمييز عنصري.

ولكن، نظرا ً لأن جميع الدول الأطراف تتعهد، وفقاً للفقرة 1 من المادة 9 من الاتفاقية الدولية للقضا ء على جميع أشكال التمييز العنصري، بتقديم تقارير عن التدابير التي اتخذتها والتي تجعل أحكام الاتفاقية نافذة، ونظرا لأن جميع فئات المعلومات التي ترد قائمة بها في رسالة اللجنة المؤرخة في 28 كانون الثاني/ يناير 1970 تشير إلى الالتزامات التي تعهدت بها الدول الأط راف بموجب الاتفاقية، فإن هذه الرسالة موجهة إلى جميع الدول الأطراف بلا تمييز، سواء وجد في إقليم كل منها تمييز عنصري أو لم يوجد. وترحب اللجنة بأن تُدرَج في التقارير الواردة من جميع الدول الأطراف، التي لم تفعل ذلك، المعلومات اللازمة وفقاً لجميع العناوين المبي نة في رسالة اللجنة المذكورة آنفا ً .

________________

* واردة في الوثيقة A/87/18 .

الدورة السادسة (1972) *

التوصية العامة الثالثة فيما يتعلق بتقديم التقارير من جانب الدول الأطراف

نظرت اللجنة في بعض التقارير الواردة من الدول الأطراف ، و التي تتضمن معلومات عن ال تدابير المتخذة لتنفيذ قرارات أجهزة الأمم المتحدة بشأن العلاقات مع النظم العنصرية في الجنوب الأفريقي.

وتلاحظ اللجنة أن الدول الأطراف "قد عقدت عزمها"، في إطار الفقرة العاشرة من ديباجة الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، على القيام بجملة أمور، من بينها "بناء مجتمع دولي متحرر من جميع أشكال العزل والتمييز العنصريين".

وتلاحظ اللجنة أيضا ً أنه، بموجب المادة 3 من الاتفاقية، "تشجب الدول الأطراف بصفة خاصة العزل العنصري والفصل العنصري".

وفضلا ً عن ذلك، تلاحظ اللجنة أن الجمعية العامة، في القرار 27 84 ( د -26) ، الفرع ثالثا ً ، بعد أن أحاطت علما ً مع التقدير بتقرير اللجنة السنوي الثاني وبعد أن أيّدت بعض الآراء والتوصيات المقدمة من اللجنة، قد طلبت إلى جميع المتاجرين مع جنوب أفريقيا الامتناع عن أي عمل من شأنه تشجيع جنوب أفريقيا والنظام غير الشرعي الحاكم في ر وديسيا الجنوبية على مواصلة انتهاك مبادئ وأهداف الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري بكافة أشكاله.

وتر ى اللجنة أن التدابير المتخذة على المستوى الوطني ل إ نفاذ أحكام الاتفاقية تترابط مع التدابير المتخذة على المستوى الدولي للتشجيع على احترام مبادئ الات فاقية في كل مكان .

وترحب اللجنة بأن تدرج في التقارير المقدمة بموجب الفقرة 1 من المادة 9 من الاتفاقية من جانب أي دولة طرف تختار أن تفعل ذلك، معلومات تتعلق بحالة علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية وغير ذلك من العلاقات بالنظم العنصرية في الجنوب الأفريقي.

الدورة الثامنة (1973) * *

التوصية العامة الرابعة فيما يتعلق بتقديم التقارير من قبل الدول الأطراف (المادة 1 من الاتفاقية)

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

بعد أن نظرت في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 9 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في دورتيها السابعة والثامنة،

________________

* واردة في الوثيقة A/87/18.

** واردة في الوثيقة A/90/18.

وإذ تضع في اعتبارها وجوب أن تكون التقارير التي ترسلها الدول الأطراف إلى اللجنة موفرة للمعلومات قدر الإمكان،

تدعو الدول الأطراف إلى بذل جهود لتضمين تقاريرها المقدمة بموجب المادة 9 معلومات ذات صلة ب التكوين الديمغرافي لسكانها على النحو المشار إليه في أحكام المادة 1 من الاتفاقية.

الدورة الخامسة عشرة (1977) *

التوصية العامة الخامسة فيما يتعلق بتقديم التقارير من قبل الدول الأطراف (المادة 7 م ن الاتفاقية)

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

إذ تضع في اعتبارها أحكام المادتين 7 و9 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،

واقتناعا منها بأن مكافحة النعرات المؤدية إلى التمييز العنصري، وتعزيز التفاهم والتسامح والصداقة بين الجماعا ت العرقية وال إ ثنية، ونشر مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة وإعلانات حقوق الإنسان وغيرها من الصكوك ذات الصلة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا الصدد، هي كلها وسائل مهمة وفعالة للقضاء على التمييز العنصري،

وإذ ترى أن الالتزامات المنصوص عليها ف ي المادة 7 من الاتفاقية، وهي ملزمة لجميع الدول الأطراف، يجب أن تفي بها هذه الدول، بما فيها الدول التي تعلن أن التمييز العنصري لا يمارَس في الأقاليم الخاضعة لولايتها، وأنه، بالتالي، يجب على جميع الدول الأطراف أن تدرج في التقارير التي تقدمها عملا ً بالفقرة 1 من المادة 9 من تلك الاتفاقية، معلومات عن تنفيذها لأحكام هذه المادة،

وإذ تلاحظ مع الأسف قلة عدد الدول الأطراف التي أدرجت في التقارير التي قدمتها وفقا ً للمادة 9 من الاتفاقية معلومات عن التدابير التي اتخذتها والتي تجعل أحكام المادة 7 من الاتفاقية نافذة، وأن هذه المعلومات كثيرا ما كانت عامة وسطحية،

وإذ تشير إلى أنه يجوز للجنة، عملا ً بالفقرة 1 من المادة 9، أن تطلب معلومات إ ضافية من الدول الأطراف،

1- ترجو من كل دولة طرف لم تقم بذلك بعد أن تُدرج في التقرير المقبل الذي ستقدمه عملاً بالمادة 9 من الاتفاقية، أو في تقرير خاص تقدمه قبل الموعد ال مقرر لتقديم تقريرها الدوري المقبل ، معلومات مناسبة عن التدابير التي اتخذتها والتي تجعل أحكام المادة 7 من الاتفاقية نافذة؛

2- توجه أنظار الدول الأطراف إلى أنه يجب، وفقا للمادة 7 من الاتفاقية، أن تتضمن المعلومات التي تشير إليها ا لفقرة السابقة معلومات عن "التدابير الفورية والفعالة" التي اتخذتها "في ميادين التعليم والتربية والثقافة وال إ علام" بقصد:

__________________

* واردة في الوثيقة A/32/18.

( أ ) "مكافحة النعرات المؤدية إلى التمييز العنصري"؛

( ب ) "تعزيز التفاهم والتسامح والصداقة بين الأمم والجماعات العرقية أو ال إ ثنية"؛

( ج ) "نشر مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري". وكذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

الدورة الخامسة وا لعشرون (1982) *

التوصية العامة السادسة فيما يتعلق بالتقارير التي فات موعد تقديمها

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

إذ تسلم بأن عددا ً كبيرا ً من الدول قد صدّق على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري أو انضم إليها،

وإذ تضع في اعتبارها، مع ذلك، أن التصديق وحده لا يمكّن جهاز الرقابة المنشأ بموجب الاتفاقية من أداء مهمته بفعالية،

وإذ تشير إلى أن المادة 9 من الاتفاقية تلزم الدول الأطراف بتقديم تقارير أولية ودورية عن التدابير التي تجعل أحكام الاتفاقية نافذة،

وإذ تعلن أن ما لا يقل عن 89 تقري را ً مطلوبة من 62 دولة قد فات موعد تقديمها، و أ ن 42 تقريرا ً من هذه التقارير مطلوبة من 15 دولة قد فات موعد تقديمها، وأن كل دولة من تلك الدول متأخرة في تقديم تقريرين أو أكثر، وأن أربعة من التقارير الأولية التي كان من الواجب تقديمها في الفترة من 1973 إلى 1978 ل م يتم تلقيها بعد،

وإذ تلاحظ مع الأسف أن الرسائل التذكيرية الموجهة بواسطة الأمين العام إلى الدول الأطراف ، وكذلك المعلومات ذات الصلة المدرجة في التقارير السنوية المقدمة إلى الجمعية العامة لم تحدث الأثر المنشود، في جميع الحالات،

تدعو الجمعية العامة إلى ما ي لي:

( أ ) أن تحيط علما ً بالحالة؛

( ب ) أن تستخدم سلطتها لضمان أن تتمكن اللجنة من الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية بصورة أكثر فعالية.

_________________

* واردة في الوثيقة A/37/18.

الدورة الثانية والثلاثون (1985) *

التوصية العامة السابعة المتعلقة بتنفيذ أحكا م المادة 4

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

وقد نظرت في التقارير الدورية للدول الأطراف على مدار فترة 16 عاما ً ، و نظرت في أكثر من 100 حالة في التقارير الدورية السادسة والسابعة والثامنة للدول الأطراف،

وإذ تشير إلى توصيتها العامة الأولى الصادرة في 24 شباط /فبراير 1972 ، ومقررها 3 ( د - 7 ) المؤرخ في 4 أيار/مايو 1973 ، وتؤكدهما من جديد ،

وإذ تلاحظ مع الارتياح أن الدول الأطراف قد قدمت، في عدد من التقارير، معلومات بشأن الحالات المحددة التي تتناول تنفيذ المادة 4 من الاتفاقية فيما يتعلق بأعمال التمييز العنصري،

وإذ تل احظ، مع ذلك ، أنه لم تُسَن في عدد من الدول الأطراف التشريعات اللازمة لتنفيذ المادة 4 من الاتفاقية، ولم تفِ بعد دول أطراف كثيرة بجميع متطلبات المادة 4 ( أ ) و ( ب ) من الاتفاقية،

وإذ تشير كذلك إلى أن الدول الأطراف، وفقا للفقرة الأولى من المادة 4، "تتعهد باتخاذ تد ابير فورية إ يجابية رامية إلى القضاء على كل تحريض على هذا التمييز وكل عمل من أعماله"، مع المراعاة الحقة للمبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللحقوق المقررة صراحة في المادة 5 من هذه الاتفاقية،

وإذ تضع في اعتبارها الجوانب الوقائية للمادة 4 الهاد فة إلى ردع العنصرية والتمييز العنصري فضلا ً عن الأنشطة الرامية إلى تعزيزهما أو التحريض عليهما،

1- توصي بأن تقوم الدول الأطراف التي لا تلبي تشريعاتها أحكام المادة 4 ( أ ) و ( ب ) من الاتفاقية باتخاذ الخطوات اللازمة بغية تلبية المتطلبات ال إ لزامية لتلك المادة؛

2- ترجو من الدول الأطراف، التي لم تقدم إلى اللجنة في تقاريرها الدورية معلومات أكثر اكتمالا عن أسلوب ونطاق التنفيذ الفعال لأحكام المادة 4( أ ) و ( ب ) ، أن تفعل ذلك و أ ن تضمّن تقاريرها المقتطفات ذات الصلة من النصوص؛

3- ترجو كذلك من الدول الأطراف، التي لم تفعل ذلك بع د، أن تبذل الجهود لتقديم قدر أكبر من المعلومات، في تقاريرها الدورية، بشأن القرارات التي اتخذتها المحاكم الوطنية المختصة ومؤسسات الدولة الأخرى فيما يتعلق بأعمال التمييز العنصري ولا سيما الجرائم التي تتناولها المادة 4 ( أ ) و ( ب ) .

______________

* واردة في الوثي قة A/40/18.

الدورة الثامنة والثلاثون (1990) *

التوصية العامة الثامنة المتعلقة بتفسير وتطبيق أحكام الفقرتين 1 و4 من المادة 1 من الاتفاقية

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

وقد نظرت في ال تقارير المقدمة من دول أطراف والتي تتضمن معلومات عن الطرق التي تُحدّد بها هوية الأفراد من حيث انتمائهم إلى فئة أو فئات عرقية أو إثنية معينة،

ترى أن يكون هذا التحديد للهوية، إذا لم يوجد ما يبرر خلاف ذلك، قائما ً على أساس التحديد الذاتي لهذه الهوية من قبل الفرد المعني.

الدورة الثامنة والثلاثون (1990)*

التوصية العامة التاسعة ا لمتعلقة بتطبيق أحكام الفقرة 1 من المادة 8 من الاتفاقية

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

إذ ترى أن احترام استقلال الخبراء أمر ضروري لتأمين المراعاة التامة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية،

وإذ تشير إلى الفقرة 1 من المادة 8 من الاتفاقية الدولية للقضاء عل ى جميع أشكال التمييز العنصري،

وإذ يثير جزعها نزوع ممثلي دول ومنظمات وجماعات إلى ممارسة الضغط على الخبراء، ولا سيما أولئك الذين يعملون بصفة مقررين قطريين،

توصي بقوة بأن يحترم هؤلاء دون أي تحفظ مركز أعضائها بصفتهم خبراء مستقلين ذوي نزاهة مُسلّم بها ويعملون بصفتهم الشخصية.

الدورة التاسعة والثلاثون (1991) **

التوصية العامة العاشرة المتعلقة ب المساعدة التقنية

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

إذ تحيط علما بتوصية الاجتماع الثالث للشخصيات التي تتولى رئاسة الهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان، على نحو ما أ قرته الجمعية العامة في دورتها الخامسة والأربعين، بشأن وجوب تنظيم سلسلة من الحلقات الدراسية أو حلقات العمل على الصعيد الوطني، لغرض تدريب المشتركين في إعداد تقارير الدول الأطراف،

_________________

* واردة في الوثيقة A/45/18.

** واردة في الوثيقة A/46/18.

و إذ يساورها القلق إزاء استمرار تخلف بعض الدول الأطراف في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عن الوفاء بالتزاماتها بتقديم التقارير بموجب الاتفاقية،

وإذ تعتقد أن الدورات التدريبية وحلقات العمل التي تنظم على الصعيد الوطني يمكن أن تقدم مسا عدة لا حد لها إلى الموظفين المسؤولين عن إعداد تقارير الدول الأطراف،

1- ترجو من الأمين العام أن ينظم، بالتشاور مع الدول الأطراف المعنية، ما يناسب من دورات تدريب وحلقات عمل وطنية، موجهة إلى موظفيها القائمين بإعداد التقارير، في أقرب وقت ممكن؛

2- توصي بالاست فادة من خدمات موظفي مركز حقوق الإنسان فضلا عن خبراء لجنة القضاء على التمييز العنصري، حسبما هو مناسب، في إدارة دورات التدريب وحلقات العمل هذه.

الدورة الثانية والأربعون (1993) *

التوصية العامة الحادية عشرة المتعلقة ب غير المواطنين

1- إن الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري تعرّف التمييز العنصري. وتستثني الفقرة 2 من المادة 1 من هذا التعريف الأفعال التي تصدر عن إحدى الدول الأطراف والتي تفرّق بين المواطنين وغير المواطنين. والفقرة 3 من المادة 1 تقيد الفقرة 2 من المادة 1 بإ علانها أنه لا يجوز للدول الأطراف، فيما يتعلق بغير المواطنين، أن تميز ضد أي جنسية معينة.

2- و قد لاحظت اللجنة أن الفقرة 2 من المادة 1 قد فُسرت في بعض الأحيان على أنها تجعل الدول الأطراف في حل من أي التزام بال إ بلاغ عن المسائل المتصلة بالتشريعات المتعلقة بالأج انب. ولذلك، تؤكد اللجنة أن الدول الأطراف ملزمة بال إ بلاغ بشكل كامل عن التشريعات المتعلقة بالأجانب وتنفيذها.

3- وتؤكد اللجنة كذلك أن الفقرة 2 من المادة 1 يجب ألا تفسّر على نحو ينتقص بأي شكل من الحقوق والحريات المعترف بها والمنصوص عليها في الصكوك الأخرى، وبخا صة ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الدورة الثانية والأربعون (1993) *

التوصية العامة الثانية عشرة بشأن الدول الخَلَف

إن لجنة القضاء على التمييز العنصر ي ،

إذ تؤكد أهمية المشاركة العامة من جانب الدول في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،

وإذ تضع في اعتبارها ظهور دول خَلَف نتيجة لانحلال بعض الدول،

1- تشجع الدول الخَلَف على أن تؤكد - إذا لم تكن قد فعلت ذلك بعد - ل لأمين العام، بوصفه و ديعا للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، أنها تظل مقيدة بالالتزامات المترتبة على هذه الاتفاقية، إذا كانت الدول السلف أطرافا فيها؛

2- تدعو الدول الخلف إلى الانضمام - إذا لم تفعل ذلك بعد - إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال الت مييز العنصري، إذا لم تكن الدول السَلَف أطرافا فيها؛

3- تدعو الدول الخلف إلى النظر في أهمية إصدار إعلان بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، تعترف فيه باختصاص لجنة القضاء على التمييز العنصري في استلام ودرا سة الرسائل المقدمة من الأفراد.

الدورة الثانية والأربعون (1993) *

التوصية العامة الثالثة عشرة بشأن تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين في مجال حماية حقوق الإنسان

1- تتعهد الدول الأطراف، وفقا للفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، بعدم إتيان أيٍّ من السلطات العامة والمؤسسات العامة، الوطنية والمحلية، لأي ممارسة من ممارسات التمييز العنصري؛ وتتعهد الدول الأطراف، كذلك، بضمان الحقوق المدرجة في المادة 5 من الاتفاقية بالنسبة إلى أي شخص دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأ صل القومي أو الإثني.

2- وتتوقف تأدية هذه الالتزامات ، إلى حد كبير ، على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين الوطنية الذين يمارسون صلاحيات الشرطة، وبخاصة صلاحيات الاحتجاز أو الاعتقال، وعلى ما إذا كانوا ملمين إلماما سليما بالالتزامات المترتبة على دولتهم بموجب ال اتفاقية. وينبغي أن يتلقى الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين تدريبا مكثفا لضمان قيامهم، لدى أداء واجباتهم، باحترام كرامة الإنسان وحمايتها وصيانة ودعم حقوق الإنسان لجميع الأشخاص دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني.

3- وتدعو اللجنة الدول ال أطراف إلى القيام، لدى تنفيذها المادة 7 من الاتفاقية، باستعراض وتحسين تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين بحيث تنفّذ معايير الاتفاقية وكذلك مدونة قواعد السلوك للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين (1979) تنفيذا كاملا. كما ينبغي لها أن تدرج ما يتصل بذلك من م علومات في تقاريرها الدورية.

الدورة الثانية والأربعون (1993) *

التوصية العامة الرابعة عشرة بشأن الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية

1- يشكل عدم التمييز، إلى جانب المساواة أمام القانون والمساواة في الحماية القانونية دون أي تمييز، مبدأ أساسيا في حماية حقوق الإنس ان. وتود اللجنة أن توجه نظر الدول الأطراف إلى بعض ملامح تعريف التمييز العنصري الوارد في الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. ففي رأي اللجنة أن عبارة "يقوم على أساس" لا تحمل أي معنى مختلف عن عبارة "بسبب" الواردة ف ي الفقرة 7 من الديباجة. فكل تمايز يكون متناقضاً مع الاتفاقية، إذا كان غرضه أو أثره هو المساس بحقوق وحريات معينة. وهذا ما يؤكده الالتزام المترتب على الدول الأطراف بموجب الفقرة 1 ( ج ) من المادة 2، بإلغاء أي قانون أو ممارسة يؤديان إلى خلق التمييز العنصري أو إ دا مته.

2- وتلاحظ اللجنة أن التفريق في المعاملة لا يشكل تمييزا، إذا كانت معايير هذا التفريق، التي تقيّم على أساس مقارنتها بأهداف ومقاصد الاتفاقية، شرعية أو تقع ضمن نطاق الفقرة 4 من المادة 1 من الاتفاقية. وعند نظر اللجنة في المعايير التي يمكن أن تكون قد استعمل ت، ستعترف بأنه يمكن لأفعال معينة أن تكون لها أغراض متباينة. وعند سعي اللجنة إلى البت فيما إذا كان لفعل ما أثر يتناقض مع الاتفاقية، ستبحث كي ترى ما إذا كان لهذا الفعل أثر مختلف لا مبرر له على جماعة متميزة بالعرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني.

3- كما تشير الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية إلى الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وترد الحقوق والحريات ذات الصلة في المادة 5.

الدورة الثانية والأربعون (1993) *

التوصية العامة الخامسة عشرة بشأن المادة 4 من الاتفاقية

1- لدى اعتماد الاتفاق ية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، كان ينظر إلى المادة 4 على أنها مادة رئيسية بالنسبة إلى النضال ضد التمييز العنصري. وفي ذاك الوقت، كان هناك خوف واسع الانتشار من إحياء الايديولوجيات المستبدة. وكان حظر نشر أفكار التفوق العنصري، والنشاط المنظم الذي من المحتمل أن يحرّض الناس على ارتكاب العنف العنصري، يعتبر أمراً حساساً. ومنذ ذاك الوقت، ما برحت اللجنة تتلقى أدلة على العنف المنظم القائم على أساس الأصل الإثني وعلى الاستغلال السياسي للفروق الإثنية. ونتيجة لهذا، أضحى الآن تنفيذ المادة 4 ذا أهمية متزا يدة.

2- وتشير اللجنة إلى توصيتها العامة السابعة التي أوضحت فيها أن أحكام المادة 4 ملزمة بطبيعتها. ولتأدية هذه الالتزامات، يجب على الدول الأطراف ليس فقط سن تشريعات مناسبة وإنما أيضا ضمان تنفيذها بشكل فعال. ونظرا لأن تهديدات العنف العنصري وأفعاله تؤدي بسهولة إلى أفعال أخرى كهذه وتخلق جوا من العداء، ليس هناك ما يفي بالتزامات الرد الفعال سوى التدخل الفوري.

3- وتطلب المادة 4 ( أ ) من الدول الأطراف أن تفرض عقوبات على أربع فئات لسوء السلوك: ‘ 1 ‘ نشر الأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية؛ و ‘ 2 ‘ التحريـ ض على الكراهيــة العنصريــة؛ و ‘ 3 ‘ أفعال العن ـ ف المرتكبة ضد أي عرق أو أية جماعة من الأشخاص من لون أو أصل إثني آخر؛ و ‘ 4 ‘ التحريض على ارتكاب أفعال كهذه.

4- وفي رأي اللجنة أن حظر نشر جميع الأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية إنما ينسجم مع الح ق في حرية الرأي والتعبير. وهذا الحق منصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومشار إليه في المادة 5(د)‘ 8 ‘ من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. وعلاقته بالمادة 4 مشار إليها في المادة ذاتها. وممارسة المواطن لهذا الحق ت تضمن واجبات ومسؤوليات خاصة، محددة في الفقرة 2 من المادة 29 من الإعلان العالمي المذكور، يحظى بينها الالتزام بعدم نشر الأفكار العنصرية بأهمية خاصة. وتود اللجنة، علاوة على ذلك، أن توجه نظر الدول الأطراف إلى المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والس ياسية، التي توجب أن تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.

5- كما تعاقب المادة 4 ( أ ) تمويل الأنشطة العنصرية، التي تشمل في رأي اللجنة جميع الأنشطة المذكورة في الفقرة 3 أعلاه، أي جميع ال أنشطة المنبثقة من الاختلافات الإثنية والعنصرية. وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى التحقيق فيما إذا كانت قوانينها الوطنية وكذا تنفيذها يستوفيان هذا المتطلب.

6- وقد أكدت بعض الدول أن من غير الملائم في نظامها القانوني الإعلان عن عدم شرعية منظمة ما، قبل قيام أعضا ء تلك المنظمة بالترويج للتمييز العنصري أو بالتحريض عليه. وفي رأي اللجنة أن المادة 4 ( ب ) تضع عبئا أكبر على كاهل هذه الدول مؤداه أن تحرص على مجابهة هذه المنظمات في أبكر وقت ممكن. فلا بد من إعلان عدم شرعية هذه المنظمات وكذلك النشاطات المنظمة والنشاطات الدعائية الأخرى وحظرها. وينبغي المعاقبة على المشاركة في هذه المنظمات.

7- وتحدد المادة 4 ( ج ) من الاتفاقية التزامات السلطات العامة. فالسلطات العامة في جميع المستويات الإدارية، بما فيها البلديات، ملتزمة بهذه الفقرة. وترى اللجنة أن على الدول الأطراف أن تكفل مراعاة هذه السلطات لهذه الالتزامات وأن تقدم تقارير عن ذلك.

الدورة الثانية والأربعون (1993) *

التوصية العامة السادسة عشرة بشأن تطبيق أحكام المادة 9 من الاتفاقية

1- بموجب المادة 9 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، تتعهد الدول الأطراف بأن تقدم، عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة، تقارير لكي تنظر فيها اللجنة، بشأن التدابير التي اتخذتها لإعمال أحكام الاتفاقية.

2- وفيما يتعلق بالتزام الدول الأطراف المشار إليه، لاحظت اللجنة، في بعض المناسبات، أن التقارير قد تضمنت إشارات إلى حالات قائمة في دول أخرى.

3 - ولهذا السبب، تود اللجنة أن تذكّر الدول الأطراف بأحكام المادة 9 من الاتفاقية بشأن محتويات تقاريرها، مع مراعاة المادة 11، التي تعد الوسيلة ال إ جرائية الوحيدة المتاحة للدول لتوجيه انتباه اللجنة إلى الحالات التي ترى فيها أن بعض الدول الأخرى لا تقوم بإعمال أحك ام الاتفاقية.

الدورة الثانية والأربعون (1993) *

التوصية العامة السابعة عشرة بشأن إنشاء مؤسسات وطنية لتيسير تنفيذ الاتفاقية

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

إذ تضع في اعتبارها ممارسة الدول الأطراف بشأن تنفيذ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمي يز العنصري،

واقتناعا منها بضرورة مواصلة التشجيع على إنشاء مؤسسات وطنية لتيسير تنفيذ الاتفاقية،

وإذ تؤكد الحاجة إلى زيادة تعزيز تنفيذ الاتفاقية،

1- توصي الدول الأطراف بأن تنشئ لجانا وطنية أو هيئات أخرى ملائمة، آخذة في اعتبارها، مع مراعاة ما يقتضيه اختلا ف الحال، المبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية والمرفقة بقرار لجنة حقوق الإنسان 1992/54 المؤرخ 3 آذار/مارس 1992، لكي تحقق، في جملة أمور، المقاصد التالية:

( أ ) تعزيز احترام التمتع بحقوق الإنسان دون أي تمييز، على النحو المبيّن صراحة في المادة 5 من الاتفاقي ة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري؛

( ب ) استعراض السياسات الحكومية الرامية إلى الحماية من التمييز العنصري؛

( ج ) رصد الامتثال التشريعي لأحكام الاتفاقية؛

( د ) تثقيف الجمهور بشأن التزامات الدول الأطراف بموجب الاتفاقية؛

(ه‍ ) مساعدة الحكومات على إ عداد التقارير المقدمة إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري؛

2- توصي أيضا بأنه، حيثما تُنشأ هذه اللجان، ينبغي إشراكها في إعداد التقارير وربما إشراكها أيضا في الوفود الحكومية بغية تعزيز الحوار بين اللجنة والدولة الطرف المعنية.

الدورة الرابعة والأربعون (1994) **

التوصية العامة الثامنة عشرة بشأن إنشاء محكمة دولية لملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

إذ يثير جزعها العدد المتزايد من المذابح والفظائع المرتكبة بدوافع عنصرية وإثنية في مناطق مختلفة من العالم،

واقتناعا منها بأن إفلا ت الجناة من العقاب هو عامل رئيسي يسهم في وقوع وتكرار هذه الجرائم،

واقتناعا منها بالحاجة إلى القيام، بأسرع ما يمكن، بإنشاء محكمة دولية ذات اختصاص عام لملاحقة مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والانتهاكات الخطيرة لاتفاقيات جنيف لع ام 1949 والبروتوكولات ال إ ضافية الملحقة بها لعام 1977 ،

وإذ تضع في اعتبارها العمل الذي سبق أن أنجزته بشأن هذه المسألة لجنة القانون الدولي، والتشجيع الذي أعطته في هذا الصدد الجمعية العامة في قرارها 48 / 31 المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1993 ،

وإذ ت ضع في اعتبا رها أيضاً قرار مجلس الأمن 872(1993) المؤرخ في 25 أيار/مايو 1993 القاضي بإنشاء محكمة دولية لمقاضاة الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت في إقليم يوغوسلافيا السابقة،

1- ترى وجوب القيام على وجه الاستعجال بإنشاء محكمة دو لية ذات اختصاص عام لملاحقة مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل العمد وال إ فناء والاستعباد والترحيل القسري والسجن والتعذيب والاغتصاب والاضطهاد لأسباب سياسية وعنصرية ودينية وغير ذلك من الأفعال اللاإنسانية الموجهة ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، والانتهاكات الخطيرة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وللبروتوكولات ال إ ضافية الملحقة بها لعام 1977 ؛

2- تحث الأمين العام على توجيه نظر الأجهزة والهيئات المختصة في الأمم المتحدة، بما فيها مجلس الأمن، إلى هذه التوصية؛

3- ترجو من مفوض ال أمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان أن يكفل قيام مركز حقوق الإنسان، بصورة منتظمة، بتجميع كل المعلومات المتصلة بالجرائم المشار إليها في الفقرة 1 لكي تكون في متناول المحكمة الدولية بمجرد إنشائها.

الدورة السابعة والأربعون (1995) *

التوصية العامة التاسعة عشرة بشأن المادة 3 من الاتفاقية

1- تلفت لجنة القضاء على التمييز العنصري انتباه الدول الأطراف إلى صيغة المادة 3 التي تتعهد الدول الأطراف بموجبها بمنع وحظر واستئصال جميع ممارسات العزل العنصري والفصل العنصري في الأقاليم الخاضعة لولايتها. وقد تكون الإشارة إلى الفصل الع نصري وُجهت حصراً إلى جنوب أفريقيا، إلا أن هذه المادة بصيغتها المعتمدة تحظر جميع أشكال العزل العنصري في جميع البلدان.

2- وتعتقد اللجنة أن الالتزام باستئصال جميع الممارسات التي هي من هذا النوع يشمل الالتزام باستئصال نتائج هذه الممارسات التي اضطلعت أو تسامحت بها حكومات سابقة في الدولة أو فرضتها قوى من خارج الدولة.

3- وتلاحظ اللجنة أنه بال رغم من أن السياسات الحكومية قد تكون هي التي أوجدت أوضاع العزل العنصري الكامل أو الجزئي في بعض البلدان، فإن وضعا يمارَس فيه العزل الجزئي يمكن أن ينشأ أيضاً كناتج عرضي غير مقصود لتصرفات الأفراد، ففي العديد من المدن، تتأثر الأنماط السكنية بالفروق في الدخل التي تصحبها أحياناً فوارق في العرق واللون والنسب والأصل القومي أو الإثني، بحيث يمكن أن يوصم السكان بوصمة ما ويعاني الأفراد شكلاً من أشكال التمييز تمتزج فيه الأسباب العنصرية بأسبا ب أخرى.

4- وتؤكد اللجنة لذلك أنه يمكن أيضاً أن ينشأ وضع من أوضاع العزل العنصري دون أي مبادرة أو مشاركة مباشرة من جانب السلطات العامة. وهي تدعو الدول الأطراف إلى رصد جميع الاتجاهات التي يمكن أن تؤدي إلى نشوء العزل العنصري، والعمل على استئصال أية نتائج سلبية قد تنجم عنه، ووصف أي إجراء كهذا في تقاريرها الدورية.

الدورة الثامنة والأربعون (1996) *

التوصية العامة العشرون بشأن المادة 5 من الاتفاقية

1- تنص المادة 5 من الاتفاقية على التزام الدول الأطراف بضمان التمتع، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والا جتماعية والثقافية من دون تمييز عنصري. وينبغي ملاحظة أن الحقوق والحريات المذكورة في المادة 5 لا تشكل قائمة جامعة مانعة. ويتصدر هذه الحقوق والحريات تلك الحقوق والحريات الناشئة عن ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على النحو المذكور في ديباجة الاتفاقية. وقد جرى تناول معظم هذه الحقوق بالتفصيل في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان. وعليه تكون جميع الدول الأطراف ملزمة بالإقرار بحقوق الإنسان وبحماية التمتع بها وإن اختلف أسلوب الدول الأطراف في ترجمة هذه الالتزامات إلى نظم قانونية لها. والمادة 5 من الاتفاقية، فضلا عن أنها تقتضي ضمان أن تخلو ممارسة حقوق الإنسان من التمييز العنصري، لا تنشئ من تلقاء ذاتها حقوقا مدنية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، ولكنها تفترض وجود هذه الحقوق والاعتراف بها. وتلزم الاتفاقية الدول بحظر التمييز العنصري، ف ي التمتع بحقوق الإنسان هذه والقضاء على هذا التمييز.

2- متى فرضت دولة ما قيدا على حق من الحقوق المدرجة في المادة 5 من الاتفاقية التي تنطبق في ظاهر الأمر عل ـ ى كل شخص داخل ولايتها، وجب عليها أن تكفل ألا يكون القيد يوفي الغرض ولا في النتيجة، منافيا للمادة 1 من الاتفاقية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المعايير الدولية لحقوق الإنسان. واللجنة ملزمة، للتيقن في أن هذه هي الحال، بإجراء مزيد من البحث والتحقيق من أجل أن تتأكد من أن أي قيد من هذا القبيل لا يستتبع تمييزا عنصريا.

3- ويتعين أن يتمتع كل الأشخاص الذين يعيشون في كنف دولة ما بكثير من الحقوق والحريات المذكورة في المادة 5، مثل الحق في المساواة في المعاملة أمام المحاكم، أما غير ذلك من الحقوق، مثل الحق في الاشتراك في الانتخابات وفي التصويت وفي الترشيح، فهي من حقوق المواطنين.

4- وتوصي الدول الأطراف بتقديم تقارير عن الإع مال اللاتمييزي لكل من الحقوق والحريات المشار إليها في المادة 5 من الاتفاقية، حقا محقا وحرية فحرية.

5- وتتولى الدولة الطرف حماية الحقوق والحريات المشار إليها في المادة 5 من الاتفاقية وأي حقوق مماثلة. ويمكن تحقيق هذه الحماية بأساليب شتى، سواء باستخدام المؤسس ات العامة أو من خلال أنشطة المؤسسات الخاصة. والدولة الطرف المعنية ملزمة، على كل حال، بكفالة التنفيذ الفعلي للاتفاقية وبتقديم تقرير عن ذلك بموجب المادة 9 من الاتفاقية. وبقدر ما يكون للمؤسسات الخاصة تأثير على ممارسة الحقوق أو على توافر الفرص، يتعين على الدول ــة الطــرف أن تكفل ألا يكون هدف نتيجة ذلك التأثير ولا أثره إيجاد التمييز العنصري أو إدامة أمده.

الدورة الثامنة والأربعون (1996) *

التوصية العامة الحادية والعشرون بشأن الحق في تقرير المصير

1 - تلاحظ اللجنة أن الجماعات أو الأقليات العرقية أو الدينية كثيرا ما تتخذ من الحق في تقرير المصير أساسا للادعاء بالحق في الانفصال. وفي هذا الصدد تود اللجنة أن تعرب عن وجهات النظر التالية.

2 - إن حق الشعوب في تقرير المصير هو أحد مبادئ القانون الدولي الأساسية. فقد ورد ذكره في المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة وفي المادة 1 من الع هد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك في الصكوك الدولية الأخرى لحقوق الإنسان. وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق الشعوب في تقرير المصير وينص علاوة على ذلك على حق الأقليات العرقية أو الدينية أو اللغوية في التمتع بثقافتها أو ف ي المجاهرة بدينها وممارسة شعائره أو في استخدام لغتها.

3 - تؤكد اللجنة على أن من واجب الدول، وفقا لإعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول طبقا لميثاق الأمم المتحدة، وهو الإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرا رها 2625 ( د-25 ) المؤرخ 24 تشرين الأول/ أ كتوبر 1970، أن تقرر حق الشعوب في تقرير مصيرها. لكن تنفيذ مبدأ تقرير المصير يقتضي من كل دولة أن تعزز، من خلال الإجراءات المشتركة والإجراءات المنفصلة، الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وفقا لم يثاق الأمم المتحدة. وفي هذا الصدد، تسترعي اللجنة انتباه الحكومات إلى الإعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية أو لغوية، الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 47/135، المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1992.

4 - وفيما يتعلق بح ق الشعوب في تقرير مصيرها، ينبغي تمييز جانبين. فحق الشعوب في تقرير مصيرها له جانب داخلي أي حق جميع الشعوب في السعي بحرية لتحقيق نماها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي من دون تدخل خارجي. وفي ذلك الصدد، توجد صلة بحق كل مواطن في الإسهام في إدارة الشؤون العامة على جميع المستويات، على النحو المشار إليه في المادة 5 ( ج ) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. ويتعين على الحكومات، بالتالي، أن تمثل السكان كافة دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني. ويعني الجانب الخارجي لحق تقرير المص ير أن لجميع الشعوب الحق في حرية تقرير مركزها السياسي ومكانتها في المجتمع الدولي استنادا إلى مبدأ تساوي الحقوق وتأسيا بتحرير الشعوب من الاستعمار وبمنع إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي وسيطرته واستغلاله.

5 - ومن أجل تحقيق الاحترام التام لحقوق جميع الشعوب في دولة ما، يتعين أن تدعى الحكومات مرة أخرى إلى التقيد بالصكوك الدولية لحقوق الإنسان ولا سيما الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وإلى تنفيذها تنفيذا تاما. ويجب أن يكون الحرص على حماية حقوق الأفراد من دون تمييز لأسباب عرقية أو إثنية أو قبلية أو دينية أو غيرها هو الموجه لسياسات الحكومات. فالمادة 2 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والوثائق الدولية الأخرى ذات الصلة تقضي بأنه ينبغي للحكومات أن تراعي حقوق الأشخاص المنتمين لجماعات إثنية ولا سيما حقهم في العيش الكريم وفي الم حافظة على ثقافتهم وفي المساواة في جني ثمار النمو القومي وفي القيام بدورهم في حكومة البلد الذي هم من مواطنيه. وينبغي للحكومات أيضا أن تنظر، في حدود أطرها الدستورية، في القيام، حسب الاقتضاء، بمنح الأشخاص المنتمين إلى الجماعات العرقية أو اللغوية والذين هم من عداد مواطنيها، الحق في الاضطلاع بالأنشطة التي تتصل على وجه الخصوص بالحفاظ على هوية أولئك الأشخاص أو تلك الجماعات.

6 - وتؤكد اللجنة على ألا يفسّر أي من إجراءات اللجنة، بمقتضى الإعلان المتعلق بالعلاقات الودية، على أنه تصريح أو تشجيع بشأن إتيان أي عمل من شأنه أن يقطع، كليا أو جز ئ يا، أوصال السلامة الإقليمية أو الوحدة السياسية للدول ذات السيادة والمستقلة والتي تتصرف بمقتضى مبدأ تساوي حقوق الشعوب وحقها في تقرير مصيرها والتي لديها حكومة تمثل كل السكان الذين ينتمون لإقليمها من دون تمييز بسبب العرق أو المعتقد أو اللو ن. وترى اللجنة أن القانون الدولي لم يعترف بحق عام للشعوب في أن تعلن منفردة الانفصال عن دولة ما. وفي هذا الصدد، تأخذ اللجنة بالآراء الواردة في "خطة السلام" ( الفقرات 17 وما بعدها ) وهي أن تفتت الدول قد يضر بحماية حقوق الإنسان فضلا عن ضرره بالحفاظ على السلم وا لأمن. بيد أن هذا لا يستبعد إمكانية وضع ترتيبات يتم التوصل إليها باتفاقات حرة بين جميع الأطراف المعنية.

الدورة التاسعة والأربعون (1996) *

التوصية العامة الثانية والعشرون بشأن المادة 5 من الاتفاقية المتعلقة باللاجئين والمشردين

إن لجنة القضاء على التمييز العنص ري ،

إذ تدرك أن الصراعات الأجنبية العسكرية وغير العسكرية و/أو العرقية قد أدت إلى حدوث تدفقات هائلة من اللاجئين وإلى تشريد أشخاص بسبب معايير عرقية في أجزاء كثيرة من العالم،

وإذ تضع في اعتبارها أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري يُعلنان أن الناس كافة يولدون أحرارا ومتساويين في الكرامة والحقوق وأن لكل إنسان كافة الحقوق والحريات الواردة فيهما دونما تمييز أيا كان، ولا سيما التمييز بسبب العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو ال إ ثني،

وإذ تشير إلى اتفاقية عام 1951 وبروتوكول عام 1967 المتعلقين بمركز اللاجئين باعتبارهما المصدر الرئيسي للنظام الدولي لحماية اللاجئين عموما،

1- تسترعي انتباه الدول الأطراف إلى المادة 5 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وكذلك إلى التوصية العامة العشرين لل جنة ( د - 48 ) بشأن المادة 5، وتكرر التأكيد على أن الاتفاقية تُلزم الدول الأطراف بحظر التمييز العنصري في التمتع بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالقضاء على هذا التمييز؛

2 - تؤكد في هذا الصدد على ما يلي:

( أ ) لكل من هؤل اء اللاجئين والمشردين الحق في العودة بحرية إلى دياره الأصلية في ظل ظروف من الأمان؛

( ب ) الدول الأطراف مُلزمة بكفالة أن تكون عودة هؤلاء اللاجئين والمشردين عودة طوعية وباحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين وعدم إبعادهم؛

( ج ) لكل من هؤلاء اللاجئين والمشردي ن، بعد عودته إلى دياره الأصلية، الحق في أن تُعاد له ممتلكاته التي حُرم منها في سياق الصراع وفي أن يُعوض عن أي من الممتلكات التي لا يمكن إعادتها إليه تعويضا مناسبا. وتعتبر أي من الالتزامات أو البيانات المتعلقة بهذه الممتلكات والمنتزعة منه بالتهديد لاغيا وبا طلا؛

( د ) لكل من هؤلاء اللاجئين والمشردين، بعد عودته إلى دياره الأصلية، الحق في المشاركة التامة والمتساوية في الشؤون العامة على شتى المستويات، وله الحق في الحصول، على قدم المساواة، على الخدمات العامة وفي تلقي مساعدة لإنعاش حاله.

الدورة الحادية والخمسون (19 97) *

التوصية العامة الثالثة والعشرون بشأن حقوق الشعوب الأصلية

1 - ظلت حالة الشعوب الأصلية مسألة تحظى دوما بعناية واهتمام بالغين في ممارسة لجنة القضاء على التمييز العنصري، ولا سيما في سياق النظر في تقارير الدول الأطراف بموجب المادة 9 من الاتفاقية الدولية للق ضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. وفي هذا الصدد، دأبت اللجنة على تأكيد أن التمييز ضد الشعوب الأصلية يندرج في نطاق الاتفاقية وأنه يتعين اتخاذ جميع التدابير الملائمة لمكافحة هذا التمييز والقضاء عليه.

2 - وإذ تلاحظ اللجنة أن الجمعية العامة قد أعلنت العقد الد ولي للسكان الأصليين في العالم ابتداء من 10 كانون الأول/ديسمبر 1994، فإنها تعيد تأكيد أن أحكام الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري تسري على الشعوب الأصلية.

3- وتدرك اللجنة أن الشعوب الأصلية، في مناطق عديدة من العالم، عانت وما زالت تعاني من التمييز ومن الحرمان من حقوقها الإنسانية وحرياتها الأساسية ولا سيما أنها فقدت أرضها ومواردها بفعل الاستعمار وأنشطة الشركات التجارية ومؤسسات الدولة. وبالتالي فإن حفظ ثقافتها وهويتها التاريخية تعرض وما زال يتعرض للخطر.

4 - و تدعو اللجنة الدول الأطراف بصفة خا صة إلى:

( أ ) أن تقر وتحترم الثقافة والتاريخ واللغة وطريقة العيش المتميزة الأصلية باعتبارها إغناء للهوية الثقافية للدولة، وأن تشجع على حفظها؛

( ب ) أن تكفل حرية أفراد الشعوب الأصلية وتمتعهم بالمساواة في الكرامة والحقوق وبمنأى عن كل تمييز، ولا سيما التمييز ال قائم على المنشأ أو الهوية الأصلية؛

( ج ) أن توفر للشعوب الأصلية الشروط التي تتيح تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة تتماشى مع خصائصها الثقافية؛

( د ) أن تكفل مساواة أفراد الشعوب الأصلية في الحقوق فيما يتعلق بالمشاركة الفعلية في الحياة العامة، وعدم اتخاذ أي قرارات تتصل مباشرة بحقوقهم ومصالحهم دون موافقة منهم عن بيّنة؛

(ه‍) أن تكفل إمكانية تمتع المجتمعات المحلية الأصلية بحقوقها في ممارسة وإحياء تقاليدها وعاداتها الثقافية، وحفظ لغاتها وممارستها.

5 - وتدعو اللجنة الدول الأطراف، بصفة خاصة، إلى أن تقر وتحمي حقو ق الشعوب الأصلية في امتلاك وتنمية ومراقبة واستخدام أراضيها وأقاليمها ومواردها المشاعة، وفي حالة ما إذا حرمت، دون موافقة منها عن طيب خاطر وعن بيّنة، من الأراضي والأقاليم التي كانت تملكها تقليديا أو تسكنها أو تستخدمها بأي طريقة أخرى، أن تتخذ خطوات لإعادة تلك الأراضي والأقاليم. ولا تجوز الاستعاضة عن الحق في الاسترداد بالحق في التعويض العادل والمنصف والفوري إلا إذا تعذر ذلك لأسباب واقعية. وينبغي أن يكون ذلك التعويض في شكل أراض وأقاليم كلما كان ذلك ممكنا.

6 - و تدعو اللجنة كذلك الدول الأطراف التي توجد في أقاليمها شعوب أصلية أن تدرج في تقاريرها الدورية معلومات كاملة عن حالة تلك الشعوب، مراعية جميع الأحكام ذات الصلة من الاتفاقية.

الدورة الخامسة والخمسون (1999) *

التوصية العامة الرابعة والعشرون بشأن المادة 1 من الاتفاقية

1- تشدد اللجنة على أن الاتفاقية الدولية للقضاء ع لى جميع أشكال التمييز العنصري، وفقا للتعريف الوارد في الفقرة 1 من المادة 1 منها، تتصل بجميع الأشخاص الذين ينتمون إلى أعراق مختلفة أو مجموعات وطنية أو إثنية مختلفة أو إلى سكان أصليين. ومن الأساسي، إذا أريد أن تكفل اللجنة النظر بشكل مناسب في التقارير الدولية للدول الأطراف، أن توفر الدول الأطراف للجنة أقصى قدر ممكن من المعلومات عن وجود مثل تلك المجموعات داخل أراضيها.

2- ويبدو من التقارير الدورية المقدمة إلى اللجنة بموجب المادة 9 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، ومن المعلومات الأخرى ا لتي تلقتها اللجنة، أن عددا من الدول الأطراف يعترف بوجود بعض المجموعات القومية أو الإثنية أو السكان الأصليين على أراضيها، بينما تتجاهل مجموعات أخرى. وينبغي تطبيق معايير بشكل موحد على جميع المجموعات، وخاصة عدد الأشخاص المعنيين، وكونهم من عرق أو لون أو سلالة أو أصل وطني أو إثني يختلف عن الأغلبية أو عن مجموعات أخرى داخل المجموعة السكانية.

3- ولا تقوم بعض الدول الأطراف بجمع بيانات عن الأصل الإثني أو القومي لمواطنيها أو لأشخاص آخرين يقيمون على أراضيها، ولكنها تقرر حسب تقديرها الذاتي ما هي المجموعات التي تشكل مجمو عات إثنية أو سكانا أصليين يجب الاعتراف بهم ومعاملتهم على ذلك الأساس. وترى اللجنة أن هناك معيارا دوليا يتعلق بالحقوق المحددة للأشخاص المنتمين لتلك المجموعات، إلى جانب معايير معترف بها عموما تتعلق بتساوي الجميع في الحقوق وبعدم التمييز، بما في ذلك الحقوق المد رجة في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. وفي نفس الوقت، توجه اللجنة نظر الدول الأطراف إلى أن تطبيق معايير مختلفة من أجل تحديد المجموعات الإثنية أو السكان الأصليين بما يؤدي إلى الاعتراف بالبعض ورفض الاعتراف بالبعض الآخر، يمكن أن يسفر عن معاملة مختلفة لشتى المجموعات ضمن المجموعة السكانية لبلد ما.

4- وتشير اللجنة إلى التوصية العامة الرابعة التي اعتمدتها في دورتها الثامنة في عام 1973 وإلى الفقرة 8 من المبادئ التوجيهية العامة المتعلقة بشكل ومضمون التقارير التي تقدمها الدول الأطراف بموجب ال فقرة 1 من المادة 9 من الاتفاقية (CERD/70/Rev.3)، والتي دعت فيها الدول الأطراف إلى السعي إلى أن تدرج في تقاريرها الدورية معلومات مناسبة عن التكوين الديمغرافي لسكانها، في ضوء أحكام المادة 1 من الاتفاقية، أي معلومات عن العرق واللون والسلالة والأصل الوطني أو ا لإثني، حسب الاقتضاء.

الدورة السادسة والخمسون (2000)

التوصية العامة الخامسة والعشرون ب شأن أبعاد التمييز العنصري المتعلقة بنوع الجنس

1- تحيط اللجنة علما بأن التمييز العنصري لا يؤثر دائما على المرأة والرجل بالتساوي أو بنفس الطريقة. فهناك ظروف لا يؤثر فيها الت مييز العنصري إلا على المرأة أو با لدرجة الأولى على المرأة، أو أنه يؤثر على المرأة بطريقة أو درجة تختلف عن تأثيره على الرجل. وغالبا ما يعدم إدراك مثل هذا التمييز العنصري بعدم وجود تسليم أو اعتراف صريحين بالتجارب المختلفة التي يعيشها الرجال والنساء، في مجالات الحياة الع ا مة منها والخاصة.

2- و قد توجه بعض أشكال التمييز العنصري ضد المرأة تحديداً لكونها امرأة، مثل العنف الجنسي الذي يمارس على النساء اللواتي ينتمين إلى مجموع ات عرقية أو إثنية معينة، حين اعتقالهن أو خلال النزاعات المسلحة؛ أو التعقيم القسري ل لنساء من ا ل سكان الأ ص ليي ن ؛ أو معاملة العاملات التعسفية في القطاع غير الرسمي أو في المنازل في الخارج من جانب المستخدمين . وقد يكون للتمييز العنصري نتائج لا تؤثر إلا في المرأة، أو تؤثر فيها بالدرجة الأولى، مثل الحمل بعد الاغتصاب بدافع عنصري؛ فقد تنبذ المرأة ضحية مثل هذا الاغتصاب في بعض المجتمعات. وقد تعاق المرأة أكثر ، نتيجة لعدم توفر إمكاني ات اللجوء إلى سب ل الانتصاف وآليات الشكوى بشأن التمييز العنصري بسبب الحواجز المتعلقة بجنسها، مثل التحيز المبني على الجنس داخل النظام القانوني والتمييز المناهض للمرأة في مجالات الحياة الخ اصة.

3- وإذ تقر اللجنة بأن بعض أشكال التمييز العنصري تؤثر تأثيراً خاصاً وفريداً على المرأة، فسوف تسعى في عملها إلى مراعاة العوامل أو المواضيع المتعلقة بالفروق بين الجنسين والتي قد تكون لها علاقة بالتمييز العنصري. وتعتقد اللجنة بأن ممارساتها بهذا الشأن ستست فيد من وضع نهج أكثر انتظاما واتساقاً، لتقييم ورصد التمييز العنصري المناهض للمرأة ، وللأضرار والعراقيل والصعوبات التي تواجهها المرأة في ممارسة حقوقها المدنية، والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتمتع بها تماماً، وذلك بسبب العرق أو اللون، أو النس ب أو المنشأ القومي أو الإثني.

4- وبناء على ذلك، فإن اللجنة، عند نظرها في أشكال التمييز العنصري، تعتزم تكثيف جهودها في إدماج المنظور الجنساني، والتحليل الجنساني، وتشجيع استعمال لغة شاملة من الناحية الجنسانية في أساليب عملها أثناء الدورات، بما فيها استعراض ا لتقارير التي تقدمها الدول الأطراف، والملاحظات الختامية، وآليات الإنذار المبكر، وإجراءات التصرف العاجل، والتوصيات العامة.

5- وكجزء من المنهجية العامة لأخذ الأبعاد الجنسانية في الاعتبار تماماً، ستدرج اللجنة في أساليب عملها أثناء الدورات تحليلا للعلاقة بين ال تمييز الجنساني والعنصري، بالتركيز على ما يلي:

(أ) شكل التمييز العنصري ومظاهره؛

(ب) الظروف التي يحدث فيها التمييز العنصري؛

(ج) نتائج التمييز العنصري؛

(د) مدى توفير سبل الانتصاف وآليات الشكوى بشأن التمييز العنصري، وتيسير اللجوء إليها.

6- وإذ تلاحظ اللجنة أن التقارير التي قدمتها الدول الأطراف قلما تشتمل على معلومات كافية أو خاصة بتنفيذ الاتفاقية فيما يتعلق بالمرأة، فإنها ترجو من الدول الأطراف أن تصف قدر الإمكان، كيفا وكما، العوامل المؤثرة في ضمان المساواة في التمتع بالحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية، والصع وبات التي تواجهها في هذا المجال بدون التعرض إلى التمييز العنصري. وستساعد البيانات المصنفة حسب العرق أو الأصل الإثني، والمفصلة حسب الجنس داخل تلك المجموعات العرقية أو الإثنية، الدول الأطراف واللجنة على تشخيص أشكال التمييز العنصري ضد المرأة، ومقارنتها، واتخا ذ التدابير لتصحيحها، لأنها من دون ذلك قد لا تلفت الانتباه ولا تعالج.

الجلسة 1391

20 آذار/مارس 2000

الدورة السادسة والخمسون (2000)

التوصية العامة الس ادسة والعشرون ب شأن المادة 6 من الاتفاقية

1- إن لجنة القضاء على التمييز العنصري مؤمنة بأن مدى الضرر الذي تس ببه أعمال التمييز العنصري والشتائم العنصرية في إدراك الضحية لقيمتها الشخصية ولسمعتها، غالبا ما لا يقدر حق تقديره.

2- وتعلم اللجنة الدول الأطراف، بأن الحق في التماس تعويض مناسب أو ترضية عادلة عن أي ضرر حصل كنتيجة لهذا التمييز، الوارد في المادة 6 من الاتفاقي ة، لا يكون بالضرورة، في رأيها، مكفولاً فقط بعقاب مرتكب أفعال التمييز؛ ففي نفس الوقت، ينبغي للمحاكم وللسلطات المختصة الأخرى، أن تفكر في منح تعويضات مالية على الضرر، ماديا كان أو معنويا، الذي يلحق بالضحية، كلما كان ذلك ملائما.

الجلسة 1399

24 آذار/مارس 2000

الدورة السابعة والخمسون (2000)

التوصية العامة ال سابعة والعشرون ب شأن التمييز ضد الغجر

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

إذ تضع في اعتبارها البيانات المقدمة من الدول الأطراف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وتقاريرها الدورية المقدمة، بمو جب المادة 9 من الاتفاقية، وكذلك الملاحظات الختامية التي اعتمدتها اللجنة بشأن النظر في التقارير الدورية للدول الأطراف،

وقد نظمت مناقشة موضوعية بشأن مسألة التمييز ضد الغجر وتسلقت مساهمات أعضاء اللجنة، فضلاً عن مساهمات خبراء من هيئات الأمم المتحدة ومن هيئات أخرى منشأة بمعاهدات، ومن منظمات إقليمية،

وقد تلقت أيضاً مساهمات من المنظمات غير الحكومية المهتمة، الشفوية منها خلال الاجتماع غير الرسمي المنظم عقده معها، ومن خلال معلومات خطية،

وإذ تأخذ في اعتبارها أحكام الاتفاقية،

توصي الدول الأطراف في الاتفاقية، آخذة أوضاعها الخاصة في الاعتبار، باعتماد التدابير التالية كليا أو جزئيا، حسب الاقتضاء، لصالح أفراد مجتمعات الغجر.

1- التدابير ذات الطابع العام

1- مراجعة أو سنّ أو تعديل التشريعات، حسب الاقتضاء، بهدف القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ضد الغجر، وضد غيرهم من الأشخاص أو المجموعات، بموجب الاتفاقية.

2- اعتماد وتنفيذ استراتيجيات وبرامج وطنية وإبداء إرادة سياسية صادقة العزيمة وقيادة معنوية، بقصد تحسين وضع الغجر وحمايتهم من التمييز من قبل هيئات الدولة، ومن أي شخص أو منظمة.

3- احترام رغبات الغجر فيما يتعلق بالتسمية ا لتي يريدون أن يسموا بها وبالمجموعة التي يريدون أن ينتموا إليها.

4- التأكد من أن التشريع المتعلق بالجنسية وبالتجنيس لا يميز ضد أفراد مجموعات الغجر.

5- اتخاذ جميع التدابير الضرورية لتفادي أي شكل من أشكال التمييز ضد المهاجرين أو ملتمسي اللجوء من أصل غجري.

6- مراعاة وضع النساء الغجريات، وهن غالبا ما تكن ضحية تمييز مضاعف، وذلك في جميع البرامج والمشاريع المخططة والمنفذة وفي جميع الإجراءات المعتمدة.

7- اتخاذ التدابير الملائمة لضمان توفر سبل انتصاف فعالة لأفراد المجموعات الغجرية وكفالة الإنصاف على نحو كامل وفوري ف ي حالات انتهاك حقوقهم وحرياتهم الأساسية.

8- إنشاء وتشجيع طرق مناسبة للاتصال والتحاور بين مجموعات الغجر والسلطات المركزية والمحلية.

9- السعي، بتشجيع الحوار الحقيقي، أو المشاورات أو غير ذلك من السبل الملائمة إلى تحسين العلاقات بين المجموعات الغجرية وغير الغج رية، وخصوصا على المستويات المحلية، بهدف تعزيز التسامح وتجاوز التعصبات والأنماط السلبية المقبولة من الجانبين، وتكثيف الجهود الرامية إلى التكيف والتأقلم لتفادي التمييز وكفالة تمتع جميع الأشخاص تمتعاً كاملا بحقوقهم الإنسانية وبحرياتهم.

10- الاعتراف بالضرر الذ ي لحق بمجموعات الغجر خلال الحرب العالمية الثانية بإبعادهم وإبادتهم والتفكير في سبل تعويضهم.

11- اتخاذ التدابير اللازمة، بالتعاون مع المجتمع المدني، وإنشاء مشاريع لتطوير الثقافة السياسة وتعليم السكان ككل في روح يسودها عدم التمييز العنصري، واحترام الآخرين وا لتسامح، وخاصة فيما يتعلق بالغجر.

2- تدابير الحماية من العنف العنصري

12- ضمان حماية أمن الغجر وسلامتهم، من دون أي تمييز، باعتماد تدابير تحول دون ممارسة أعمال العنف ضدهم بدوافع عنصرية، وضمان الإجراءات العاجلة من طرف الشرطة، والمدعين العامين، والقضاء للتحقيق في مثل تلك الأفعال والمعاقبة عليها، والتأكد من أن مرتكبي تلك الأعمال، مسؤولين عامين كانوا أم أشخاصاً آخرين، لا يمكنهم الإفلات بأي شكل من العقاب.

13- اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الشرطة من استعمال القوة غير المشروعة ضد الغجر، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالاعتقا ل والحبس.

14- تشجيع الترتيبات الملائمة للاتصال والحوار بين الشرطة والمجموعات والجمعيات الغجرية، بقصد تجنب النزاعات القائمة على التعصب العنصري، ومكافحة أعمال العنف بدافع عنصري ضد أفراد تلك المجموعات، وضد أشخاص آخرين أيضا.

15- تشجيع توظيف أفراد من مجموعات الغجر في الشرطة وفي هيئات أخرى من هيئات تنفيذ القانون.

16- تعزيز عمل الدول الأطراف، ودول أو سلطات أخرى مسؤولة، في مناطق ما بعد النزاعات بقصد منع العنف ضد أبناء مجموعات الغجر أو ترحيلهم القسري.

3- التدابير في ميدان التعليم

17- دعم إدخال جميع الأطفال من أصل غجري في النظام المدرسي والعمل على تخفيض معدل الانقطاع عن المدرسة، لا سيما ضمن الفتيات الغجريات، ولهذا الغرض، ينبغي التعاون بصورة فعالة مع ا لآباء الغجر، ومع الجمعيات والمجموعات الغجرية المحلية.

18- منع، وتفادي فصل التلاميذ الغجر عن باقي التلاميذ قدر الإمكان ، وفي نفس الوقت الحفاظ على إمكانية تلقين لغة مزدوجة أو تلقين اللغة الأ م ؛ ولبلوغ هذا الهدف ينبغي السعي إلى رفع مستوى التعليم في جميع المدارس، كما ينبغي رفع مستوى تحصيل الأقليات في المدارس، واستخدام موظفين مدرسيين من بين أفراد المجموعات الغجرية، وتعزيز التعل يم القائم على تعدد اللغات.

19 - التفكير في اعتماد تدابير متعلقة بميدان التعليم في صالح الأطفال الغجر، ب ال تعاون مع آبائهم .

20- العمل بعزم على القضاء على أي تمييز أو مضايقة عنصرية ضد التلاميذ الغجر.

21- اتخاذ التدابير الضرورية لضمان التعليم الأساسي للأطفال ال غجر المنتمين إلى مجموعات الرحل، بما في ذلك قبولهم بصفة مؤقتة في المدارس المحلية، أو من خلال دروس مؤقتة في مخيماتهم، أو باستعمال التكنولوجيات الجديدة للتعليم عن بعد.

22- التأكد من أن برامجهم ومشاريعهم وحملاتهم التعليمية تأخذ في الاعتبار وضع النساء والفتيات الغجريات السي ئ .

23- اتخاذ تدابير عاجلة ومستدامة بشأن تدريب مدرسين ومربين ومساعدين من ضمن التلاميذ الغجر.

24- العمل على الوصول إلى اتصال أحسن وحوار أفضل بين موظفي التعليم والأطفال الغجر، وبين مجموعات الغجر وا لآباء ، ب زيادة استخدام مساعدين من بين الغجر.

25- ضمان اعتماد أشكال ومخططات تعليمية ملائمة لأفراد مجموعات الغجر الذين تجاوزوا سن التمدرس، لمحو الأمية بين صفوف البالغين .

26- إدراج فصول تتعلق بتاريخ الغجر وثقافتهم في الكتب المدرسية، في جميع المستويات الناسبة، وتشجيع ودعم نشر كتب ومطبوعات أخرى، وبث برامج تلف زيونية و إذاعية تعنى بتاريخهم وثقافتهم، حسب الاقتضاء ، بما في ذلك ب لغاتهم.

4- تدابير لتحسين ظروف المعيشة

27- سن ال قوانين، أو جعلها أكثر فعالية، ل منع التمييز العنصري في ال عمل ، و منع جميع الممارسات التمييزية في سوق ال عمل التي تمس أفراد المجموعات الغجرية، وحمايت هم من تلك الممارسات.

28- اتخاذ تدابير خاصة لتعزيز ت وظيف الغجر في الإدارة والمؤسسات ا لعامة، وداخل الشركات الخاصة أيضا ً .

29- اعتماد وتنفيذ تدابير خاصة في صالح الغجر متعلقة بالتوظيف في القطاع ا لعام ، كالتعاقد العام وأنشطة أخرى تتعهد بها الحكومة أو تمولها أو تد ريب الغجر على مهارات ومهن مختلفة، كل م ا كان ذلك ممكنا، على المستويين المركزي والمحلي.

30- وضع وتنفيذ سياسات ومشاريع تهدف إلى تفادي التمييز ضد المجموعات الغجرية في السكن؛ وإشراك المجموعات والجمعيات الغجرية كشركاء مع أشخاص آخرين في مشاريع بناء السكن، وتحسينه وصيانته.

31- العمل بحزم ضد أي ممارسات تمييز تمس الغجر، من طرف السلطات المحلية والملاك الخاصين أساساً، فيما يتعلق بالإقامة أو الحصول على سكن؛ والعمل بحزم ضد التدابير المحلية التي ترفض إقامة الغجر، وضد إخلائهم غير القانوني، والإحجام عن إسكانهم في مخيمات بعيد ة عن المناطق المأهولة، ومنعزلة وتنعدم فيها الرعاية الصحية ومرافق أخرى.

32- اتخاذ التدابير الضرورية، حسب الاقتضاء، لمنح مجموعات الغجر الرحل أو المسافرين أماكن لقوافلهم في المخيمات، على نحو ملائم، بجميع المرافق الضرورية.

33- ضمان المساواة في إمكانية الحصول ع لى خدمات الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية للغجر، والقضاء على أي ممارسات تمييز ضدهم في هذا المجال.

34- وضع برامج ومشاريع وتنفيذها في ميدان الرعاية الصحية المتعلقة بالغجر، وخصوصا بالنساء والأطفال، مع مراعاة وضعهم الأقل حظاً بسبب الفقر المدقع، ومستواهم التعلي مي الضعيف، وأيضا الاختلافات الثقافية؛ وإشراك الجمعيات والمجموعات الغجرية وممثليهم، النساء منهم على الخصوص، في تصميم وتنفيذ البرامج والمشاريع الصحية المتعلقة بالمجموعات الغجرية.

35- منع وإزالة أي ممارسات تمييز عنصري متعلقة بوصول أفراد مجموعات الغجر إلى جميع الأماكن والخدمات المتاحة للجمهور عموماً، بما فيها المطاعم، والفنادق، والمسارح وقاعات الموسيقى، والمراقص وغيرها، والمعاقبة عليها معاقبة ملائمة.

5- التدابير في ميدان الإعلام

36- العمل بطريقة مناسبة على القضاء على أي أفكار قائمة على التفوق العرقي أو الإثني، وعلى الكراهية العرقية، والتحريض على التمييز وعلى العنف ضد الغجر بواسطة الإعلام، وفقا لأحكام الاتفاقية.

37- تشجيع الوعي لدى مهنيي جميع وسائل الإعلام بالمسؤولية الخاصة بعدم نشر الأفكار المسبقة وبتفادي نقل حوادث شارك فيها أفراد من مجموعات غجرية بطريقة تدين ا لمجموعات ككل.

38- تنظيم حملات تثقيفية وإعلامية لتعريف الجمهور بحياة الغجر، ومجتمعهم وثقافتهم، وعلى أهمية بناء مجتمع شامل وفي نفس الوقت احترام حقوق الإنسان وهوية الغجر.

39- تشجيع وتيسير وصول الغجر إلى وسائل الإعلام بما فيها الصحف، وبرامج التلفزيون والإذاعة، وتأسيس إعلام خاص بهم وتدريب صحفيين غجر.

40- تشجيع طرق الرقابة الذاتية من قبل وسائط الإعلام، من خلال مدونة لقواعد سلوك مؤسسات الإعلام، بقصد تجنب استعمال لغة تميل إلى العنصرية أو التمييز أو التحيز.

6- التدابير المتعلقة بالمشاركة في الحياة العامة

41- اتخاذ ا لخطوات اللازمة، بما فيها التدابير الخاصة، لضمان تكافؤ الفرص في مشاركة الأقليات أو المجموعات الغجرية في جميع الهيئات الحكومية المركزية والمحلية منها.

42- إنشاء طرق وهياكل للتشاور مع الأحزاب السياسية الغجرية، والجمعيات والممثلين الغجر، على المستويين المرك زي والمحلي معا، عند النظر في المشاكل واعتماد القرارات في المسائل التي تهم المجموعات الغجرية.

43- إشراك مجموعات الغجر وجمعياتهم وممثليهم في المراحل الأولى من وضع وتنفيذ السياسات والبرامج التي تهمهم، وضمان الشفافية الكافية لمثل هذه السياسات والبرامج.

44- إشا عة الوعي بين أفراد المجموعات الغجرية بالحاجة إلى مشاركتهم بفعالية أكثر في الحياة العامة والحياة الاجتماعية، وفي تعزيز مصالحهم الشخصية، كتربية أطفالهم مثلا، ومشاركتهم في التدريب المهني.

45- تنظيم برامج تدريبية للمسؤولين الحكوميين والممثلين من الغجر، وللمرشح ين لمثل هذه المسؤوليات في المستقبل، بقصد تحسين مهاراتهم في مجال السياسة، ورسم السياسات، والإدارة العامة.

وتوصي اللجنة أيضاً:

46- الدول الأطراف بأن تدرج في تقاريرها الدورية، في شكل ملائم، بيانات عن مجموعات الغجر الخاضعة لولايتها، بما في ذلك بيانات إحصائية عن مشاركة الغجر في الحياة السياسية، وعن وضعهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومن منظور جنساني أيضا، ومعلومات بشأن تنفيذ هذه التوصية العامة.

47- المنظمات الحكومية الدولية بأن تتصدى، حسب الاقتضاء، في مشاريعها للتعاون والمساعدة المقدمة إلى الدول الأطراف، لوضع المجموعات الغجرية ودعم تقدمها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

48- المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالنظر في إنشاء مركز تنسيق للمسائل المتعلقة بالغجر، داخل مكتب المفوضة السامية.

وتوصي اللجنة كذلك:

49- المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره ال أجانب وما يتصل بذلك من تعصب، بإيلاء الاعتبار الواجب للتوصيات المذكورة أعلاه، آخذاً في الحسبان وضع مجموعات الغجر من بين هؤلاء الأكثر حرماناً والأكثر عرضة للتمييز في العالم المعاصر.

الجلسة 1424

16 آب/أغسطس 2000

الدورة الستون (2002)

التوصية العامة الثامنة و العشرون بشأن عملية متابعة المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري،

إذ ترحب باعتماد إعلان وبرنامج عمل ديربان الصادرين عن المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب وبأحكام قرار الجمعية العامة 56/266 التي تؤيد عملية متابعة هذين الصكين أو ترمي إلى كفالة متابعتهما،

وإذ ترحب بكون هذين الصكين المعتمدين في ديربان يعيدان التأكيد بقوة على كل القيم والمعايير الأساسية للاتفاقية الدولية للقضاء عل ى جميع أشكال التمييز العنصري،

وإذ تُذكِّر بأن إعلان وبرنامج عمل ديربان يشيران إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بوصفها الصك الرئيسي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب ،

وإذ تنَوِّه بوجه خاص بما و رد في إعلان ديربان من أن انضمام جميع الدول إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ووضعها موضع التنفيذ التام يكتسيان أهمية قصوى في تعزيز المساواة وعدم التمييز في العالم،

وإذ تعرب عن ارتياحها للاعتراف بدور اللجنة وإسهامها في الكفاح ضد التمييز العنصري،

وإذ تعي المسؤوليات الخاصة بها في عملية متابعة المؤتمر العالمي والحاجة إلى تعزيز قدرتها على الاضطلاع بهذه المسؤوليات،

وإذ تؤكد الدور الحيوي للمنظمات غبر الحكومية في الكفاح ضد التمييز العنصري وترحب بإسهامها أثناء المؤتمر العالمي،

وإذ تحيط علماً باعتراف المؤتمر العالمي بالدور الهام الذي تؤديه المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في مكافحة العنصرية والتمييز العنصري، وبالحاجة إلى تعزيز هذه المؤسسات وتزويدها بقدر أكبر من الموارد،

1- توصي الدول بما يلي:

أولاً - التدابير الرامية إلى تعزيز عملية تنفيذ الاتفاقية

(أ) أن تنضم، إن لم تكن قد انضمت بعد، إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بهدف تحقيق مصادقة جميع دول العالم عليها بحلول عام 2005؛

(ب) أن تنظر، إن لم تكن قد نظرت بعد، في إصدار الإعلان الاختياري المتوخى بموجب المادة 14 من الاتفاقية؛

(ج) أن تمتثل لالتزاماتها المتعلقة بالإبلاغ بموجب الاتفاقية عن طريق تقديم تقارير في الوقت المناسب وفقاً للمبادئ التوجيهية ذات الصلة؛

(د) أن تنظر في سحب التحفّظات التي أبدتها بشأن الاتفاقية؛

(ه‍) أن تبذل المزيد من الجهود من أجل إبلاغ الجمهور بو جود آلية تقديم الشكاوى بموجب المادة 14 من الاتفاقية؛

(و) أن تراعي الأجزاء ذات الصلة من إعلان وبرنامج عمل ديربان عند تنفيذ الاتفاقية في النظام القانوني المحلي، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالمواد من 2 إلى 7 من الاتفاقية؛

(ز) أن تضَمِّن تقاريرَها الدورية معلوم ات عن خطط العمل أو غيرها من التدابير التي اتخذتها لتنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان على الصعيد الوطني؛

(ح) أن تقوم بنشر إعلان وبرنامج عمل ديربان على نحو مناسب وبتزويد اللجنة بمعلومات عن الجهود المبذولة في هذا الخصوص ضمن الفرع المتعلق بالمادة 7 من الاتفاقية في تقاريرها الدورية؛

ثانياً - التدابير الرامية إلى تعزيز سير عمل اللجنة

(ط) أن تنظر في وضع آليات وطنية ملائمة للرصد والتقييم ضماناً لاتخاذ جميع الخطوات المناسبة من أجل متابعة الملاحظات الختامية للجنة وتوصياتها العامة؛

(ي) أن تضَمِّن تقاريرَها الدورية ال مقدمة إلى اللجنة معلومات مناسبة عن عملية متابعة هذه الملاحظات الختامية والتوصيات؛

(ك) أن تصادق على التعديل المُدخل على الفقرة 6 من المادة من الاتفاقية، الذي اعتُمد في 15 كانون الثاني/يناير 1992 في الاجتماع الرابع عشر للدول الأطراف في الاتفاقية، وأيدته ا لجمعية العامة في قرارها 47/111 المؤرخ 15 كانون الأول/ديسمبر 1992؛

(ل) أن تواصل التعاون مع اللجنة بهدف تعزيز التنفيذ الفعال للاتفاقية.

2- كما توصي بما يلي:

(أ) أن تقوم المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بمساعدة دولها على الامتثال لالتزاماتها المتعلقة بالإبلا غ وأن ترصد عن كثب عملية متابعة الملاحظات الختامية للجنة وتوصياتها؛

(ب) أن تواصل المنظمات غبر الحكومية تزويد اللجنة في الوقت المناسب بالمعلومات ذات الصلة من أجل تعزيز تعاون اللجنة معها؛

(ج) أن تواصل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان جهودها لإذكاء الوعي بعمل اللجنة؛

(د) أن تقوم هيئات الأمم المتحدة المختصة بتزويد اللجنة بالموارد الوافية لتمكينها من النهوض بالولاية المسندة إليها على أكمل وجه؛

3- تعرب عن رغبتها في ما يلي:

(أ) أن تتعاون تعاوناً كاملاً مع جميع المؤسسات ذات الصلة في منظومة الأمم المت حدة، وخاصة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في عملية متابعة إعلان وبرنامج عمل ديربان؛

(ب) أن تتعاون مع الخبراء البارزين المستقلين الخمسة الذين سيعيِّنهم الأمين العام من أجل تيسير عملية تنفيذ توصيات وبرنامج عمل ديربان؛

(ج) أن تنسق أنشطتها مع ا لهيئات الأخرى التي تتولى رصد الامتثال لمعاهدات حقوق الإنسان، بهدف تحقيق متابعة أكثر فعالية لإعلان وبرنامج عمل ديربان؛

(د) أن تراعي جميع جوانب إعلان وبرنامج عمل ديربان المتعلقة بتنفيذ ولايتها.

الجلسة 1517

19 آذار/مارس 2002

الدورة الحادية والستون (2002)

التوصية العامة التاسعة والعشرون بشأن الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري ،

إذ تشير إلى أحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق ولهم حق التمتع بالحقوق والحريا ت المذكورة في الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي أو المولد أو أي وضع آخر،

وإذ تشير أيضاً إلى أحكام إعلان وبرنامج عمل فيينا الصادرين عن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، واللذين ينصان على أن من واجب الدول، بغض النظر عن النظم السياسية والاقتصادية والثقافية، أن تعزز وتحمي جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية،

وإذ تعيد تأكيد توصيتها العامة الثامنة والعشرين التي أعربت فيها عن كل دعمها لإعلان وبرنامج عمل ديربان للمؤتمر العالمي لمكافحة ا لعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب،

وإذ تعيد أيضاً تأكيد ما ورد في إعلان وبرنامج عمل ديربان من إدانة للتمييز الممارس ضد ذوي الأصول الآسيوية والأفريقية، وضد السكان الأصليين وذوي الأصول الأخرى،

وإذ تستند في عملها إلى أحكام الاتفاقي ة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي تتوخى القضاء على التمييز بسبب العرق أو اللون أو النسَب أو الأصل القومي أو الإثني،

وإذ تؤكد رأي اللجنة الثابت بأن كلمة "النسَب" الوارد في الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية لا تشير فقط إلى "العرق" بل إن ل ها معنى وانطباقاً يكمِّلان أسباب التمييز الأخرى المحظورة،

وإذ تعيد التأكيد بقوة أن التمييز على أساس "النسَب" يشمل التمييز الممارس ضد أفراد المجتمعات بناء على أشكال الشرائح الاجتماعية، كنظام الطبقية الطائفية وما شابهه من نظم الأوضاع الموروثة التي تمنع أو ت عوِّق أفراد هذه المجتمعات عن التمتع بحقوق الإنسان على قدم المساواة مع غيرهم من أفراد المجتمع،

وإذ تلاحظ أن هذا التمييز أصبح واضحاً للجنة لدى دراستها تقارير عدد من الدول الأطراف في الاتفاقية،

وقد نظمت مناقشة لموضوع التمييز على أساس النسب تحديداً، وتلقت مس اهمات من أعضاء اللجنة، ومن بعض الحكومات وأعضاء هيئات الأمم المتحدة الأخرى، لا سيما خبراء اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان،

وإذ تلقت مساهمات من عدد كبير ممن يساورهم القلق في هذا الشأن من منظمات غير حكومية وأفراد، شفوياً وفي شكل معلومات مكتوبة، مما وفَّر لها مزيداً من الأدلة على حجم التمييز القائم على النسب واستمراره في مناطق مختلفة من العالم،

وإذ تخلص إلى ضرورة بذل جهود جديدة وتكثيف الجهود الحالية، على صعيد القوانين والممارسات المحلية، للقضاء على آفة التمييز على أساس النسب وتمكين المجتمعات المتأثر ة به من إعمال حقوقها،

وإذ تشيد بالدول التي اتخذت تدابير للقضاء على التمييز على أساس النسب ولمعالجة النتائج المترتبة عليه على ما تبذله من جهود،

وإذ تشجع بشدة الدول المتأثرة التي لم تعترف بهذه الظاهرة ولم تعالجها حتى الآن أن تتخذ خطوات للقيام بذلك،

وإذ تذ كِّر بالروح الإيجابية التي سادت الحوارات التي أجرتها اللجنة والحكومات بشأن مسألة التمييز على أساس النسب، وإذ تعتزم إجراء مزيد من هذه الحوارات البنّاءة،

وإذ تعلق أهمية قصوى على عملها الجاري لمكافحة جميع أشكال التمييز على أساس النسب،

وإذ تدين بشدة التمييز على أساس النسب، كالتمييز على أساس نظام الطبقية الطائفية وما شابهه من نظم الأوضاع الموروثة، بوصفها انتهاكاً للاتفاقية،

توصي الدول الأطراف بأن تعتمد، بما يناسب الظروف الخاصة بكل منها، بعض التدابير التالية أو جميعها:

1 - تدابير ذات طابع عام

(أ) العمل على تحد يد المجتمعات الخاضعة لولايتها والقائمة على النسَب، التي تعاني من التمييز، لا سيما التمييز على أساس نظام الطبقية الطائفية وما شابهه من نظم الأوضاع الموروثة، والتي يمكن الاعتراف بوجودها بالاستناد إلى عوامل مختلفة تشمل بعض أو جميع ما يلي: عدم قدرة هذه المجتمع ات على تغيير أوضاعها الموروثة، أو قدرتها المحدودة على القيام بذلك؛ القيود التي يفرضها المجتمع على الزواج من خارج المجتمع المحلي؛ العزل على الصعيدين الخاص والعام، بما في ذلك في الإسكان والتعليم وإتاحة إمكانية الوصول إلى الأماكن العامة وأماكن العبادة والحصول على المصادر العامة للأغذية والمياه؛ الحد من حرية رفض مزاولة المهن المتوارثة أو الأعمال المهينة أو المحفوفة بالمخاطر؛ إخضاع المَدينين للاستعباد؛ نعتهم لخطابات بصفات مجرِّدة من الإنسانية تشير إلى النجاسة أو الدَنَس؛ عدم احترام المجتمع عموماً للكرامة الإنسان ية لهذه المجتمعات وعدم معاملته إياها على قدم المساواة مع سائر فئاته؛

(ب) النظر في تضمين الدستور الوطني أحكاماً صريحة تقضي بحظر التمييز على أساس النسب؛

(ج) إعادة النظر في التشريعات أو تعديلها أو سَنّ تشريعات لتجريم جميع أشكال التمييز على أساس النسب وفقاً لأحكام الاتفاقية؛

(د) تنفيذ التشريعات وغيرها من التدابير المعمول بها بالفعل تنفيذاً حازماً؛

(ه‍) صياغة وتطبيق استراتيجية وطنية شاملة بمشاركة أفراد المجتمعات المتأثرة، بما في ذلك وضع تدابير خاصة وفقاً لأحكام المادتين 1 و2 من الاتفاقية، بغية القضاء على الت مييز ضد أفراد الجماعات القائمة على النسب؛

(و) اعتماد تدابير خاصة في صالح الجماعات والمجتمعات القائمة على النسب بغية ضمان تمتعها بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لا سيما فيما يتعلق بإمكانية شَغل الوظائف العامة والاستفادة من فرص التوظف والتعليم؛

(ز) وضع آلي ات قانونية، من خلال تعزيز المؤسسات القائمة أو إنشاء مؤسسات متخصصة، لتعزيز احترام تمتع أفراد المجتمعات القائمة على النسب بحقوق الإنسان على قدم المساواة مع سائر أفراد المجتمع؛

(ح) توعية عامة الجمهور بما لبرامج العمل الإيجابي من أهمية في معالجة حالة ضحايا ال تمييز على أساس النسب؛

(ط) تشجيع الحوار بين أفراد المجتمعات القائمة على النسب وأفراد الفئات الاجتماعية الأخرى؛

(ي) إجراء دراسات استقصائية دورية عن واقع التمييز القائم على النسب، وتضمين تقاريرها المقدمة إلى اللجنة معلومات مفصلة عن التوزيع الجغرافي والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المحلية القائمة على النسب، بما في ذلك من منظور كل من الجنسين؛

2- التمييز متعدد الأشكال الممارس ضد المرأة في المجتمعات القائمة على النسب

(ك) الحرص، في كل ما يخطَّط من برامج ومشاريع وما يعتمد من تدابير، على مراعاة حالة المر أة في المجتمعات المحلية، بوصفها ضحية للتمييز متعدد الأشكال والاستغلال الجنسي والإرغام على البغاء؛

(ل) اتخاذ كل ما يلزم من تدابير للقضاء على الأشكال المتعددة للتمييز، بما فيها التمييز ضد المرأة على أساس النسب، لا سيما في مجالات الأمن الشخصي والتوظيف والتعل يم؛

(م) تقديم بيانات مفصلة عن حالة المرأة المتأثرة بالتمييز على أساس النسب؛

3 - العزل

(ن) رصد الاتجاهات التي تؤدي إلى عزل المجتمعات المحلية القائمة على النسب وتقديم تقارير عن ذلك، والعمل على إزالة النتائج السلبية الناجمة عن هذا العزل؛

(س) التعهد بمنع وحظ ر والقضاء على ممارسات العزل الموجهة ضد أفراد المجتمعات المحلية القائمة على النسب، بما في ذلك الممارسات في مجالات الإسكان والتعليم والتوظيف؛

(ع) ضمان حق الجميع في الوصول، على قدم المساواة وبلا تمييز، إلى أي من الأماكن أو الاستفادة من أي من الخدمات المخصصة لاستخدام عامة الجمهور؛

(ف) العمل على تعزيز المجتمعات المحلية المختلطة التي يندمج فيها أفراد المجتمعات المتأثرة مع عناصر المجتمع الأخرى وضمان إيصال الخدمات إلى الجميع في هذه المستوطنات على قدم المساواة؛

4 - نشر الخطب التي تحرِّض على الكراهية، بما في ذلك

بو اسطة وسائل الإعلام والإنترنت

(ص) التصدي لنشر أفكار التفوق والتدني حسب الطبقات الطائفية أو لأية أفكار تحاول تبرير العنف أو الكراهية أو التمييز ضد المجتمعات القائمة على النسب؛

(ق) اتخاذ تدابير صارمة ضد أي تحريض على ممارسة التمييز أو العنف ضد المجتمعات المح لية، بما في ذلك بواسطة الإنترنت؛

(ر) توعية ذوي المهن الإعلامية بطبيعة وآثار التمييز القائم على النسب وبمدى شيوعه؛

5 - إقامة العدل

(ش) اتخاذ التدابير اللازمة لضمان تكافؤ الفرص أمام جميع أفراد المجتمعات المحلية القائمة على النسب في إمكانية الاحتكام إلى القض اء، بما في ذلك من خلال توفير المساعدة القانونية وتيسير المطالبات الجماعية وتشجيع المنظمات غير الحكومية على الدفاع عن حقوق المجتمعات المحلية؛

(ت) الحرص على مراعاة حظر التمييز القائم على النسب تمام المراعاة عند اتخاذ القرارات القضائية والإجراءات الرسمية كلّ ما كان ذلك مناسباً؛

(ث) الحرص على محاكمة الأشخاص الذين يرتكبون جرائم ضد أفراد المجتمعات المحلية القائمة على النسب وتقديم التعويض المناسب لضحايا هذه الجرائم؛

(خ) التشجيع على توظيف أفراد المجتمعات المحلية القائمة على النسب في أجهزة الشرطة وغيرها من أجهزة إ نفاذ القوانين؛

(ذ) تنظيم برامج تدريبية للموظفين العموميين وموظفي أجهزة إنفاذ القوانين منعاً لمظاهر الظلم القائمة على التحامل ضد المجتمعات المحلية القائمة على النسب؛

(ض) تشجيع وتيسير الحوار البنّاء بين الشرطة وغيرها من أجهزة إنفاذ القوانين وأفراد المجتمعا ت المحلية؛

6- الحقوق المدنية والسياسية

(أ أ) الحرص على قيام السلطات، على جميع المستويات في البلد المعني، بإشراك أفراد المجتمعات المحلية القائمة على النسب في القرارات التي تمسُّهم؛

(ب ب) اتخاذ تدابير خاصة ومحددة تكفل لأفراد المجتمعات المحلية القائمة على ا لنسب الحق في المشاركة في الانتخابات، بالتصويت فيها والترشُّح لها بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة مع بقية الناخبين والمرشحين، وفي أن يكون لهم التمثيل الواجب في الحكومة وفي الهيئات التشريعية؛

(ج ج) إشاعة الوعي بين أفراد المجتمعات المحلية بأهمية مشاركتهم ا لنشطة في الحياة العامة والحياة السياسية، وإزالة العقبات التي تعترض هذه المشاركة؛

(د د) تنظيم برامج تدريبية لتحسين مهارات الموظفين العموميين والممثلين السياسيين الذين ينتمون إلى المجتمعات المحلية القائمة على النسب في مجالي وضع السياسات وإدارة الشؤون العامة ؛

(ه‍ ه‍) العمل على تحديد المجالات التي قد تحدث فيها حالات عنف قائم على النسب منعاً لتكرار حدوثها؛

(و و) اتخاذ تدابير حازمة لضمان حق أفراد المجتمعات المحلية القائمة على النسب الذين يرغبون في الزواج من خارج مجتمعاتهم في أن يفعلوا ذلك؛

7- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

(ز ز) وضع واعتماد وتنفيذ خطط وبرامج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على أساس من المساواة وعدم التمييز؛

(ح ح) اتخاذ تدابير جوهرية وفعّالة لاستئصال شأفة الفقر المتفشي في المجتمعات المحلية القائمة على النسب ومكافحة استبعاد هذه المجتمعات أو تهميش ها اجتماعياً؛

(ط ط) العمل مع المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية، على ضمان وضع الحالة الاقتصادية والاجتماعية لأفراد المجتمعات المحلية القائمة على النسب في الاعتبار عند تنفيذ مشاريع التنمية أو المساعدة التي تدعمها هذه المؤسسات؛

(ي ي ) اتخاذ تدابير خاصة لتشجيع توظيف أفراد المجتمعات المحلية المتأثرة في القطاعين العام والخاص؛

(ك ك) وضع أو تحسين التشريعات والأعراف التي تحظر تحديداً جميع الممارسات التمييزية القائمة على النسب في التوظيف وفي سوق اليد العاملة؛

(ل ل) اتخاذ تدابير بحق الهيئات العامة والشركات الخاصة والرابطات الأخرى التي تجري تحرِّيات في أنساب مقدمي طلبات العمل؛

(م م) اتخاذ تدابير ضد الممارسات التمييزية للسلطات المحلية أو المالكين الخاصين فيما يتعلق بإسكان أفراد المجتمعات المحلية المتأثرة وإتاحة الفرص لهم للحصول على سكن ملائم؛

(ن ن) ضمان أن تتاح لأفراد المجتمعات القائمة على النسب فرص الاستفادة من خدمات الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، على قدم المساواة مع سواهم؛

(س س) إشراك المجتمعات المتأثرة في تصميم وتنفيذ البرامج والمشاريع الصحية؛

(ع ع) اتخاذ تدابير لمعالجة شدة تعرُّض أطف ال المجتمعات المحلية القائمة على النسب للتشغيل الاستغلالي؛

(ف ف) اتخاذ تدابير حازمة للقضاء على ظاهرة استعباد المَدين وأوضاع العمل المهينة المتصلة بالتمييز القائم على النسب؛

8 - الحق في التعليم

(ص ص) الحرص على جعل نظم التعليم العام والخاص تضم أطفالاً من ال مجتمعات كافة دون أن تستبعد أي أطفال بناء على النسب؛

(ق ق) تخفيض معدلات الانقطاع عن الدراسة (التسرّب) بين الأطفال في جميع المجتمعات المحلية، لا سيما أطفال المجتمعات المحلية المتأثرة، مع إيلاء اهتمام خاص لحالة الفتيات؛

(ر ر) مكافحة ما تمارسه الهيئات العامة أو الخاصة من تمييز وما قـد يتعرض له طلاب المجتمعات المحلية القائمة على النسب من مضايقة؛

(ش ش) التعاون مع المجتمع المدني على اتخاذ التدابير اللازمة لتثقيف جميع السكان بروح من عدم التمييز والاحترام إزاء المجتمعات المحلية التي تتعرض للتمييز على أساس النسب؛

(ت ت) إعادة النظر في جميع العبارات الواردة في الكتب المدرسية التي تنطوي على صور نمطية أو حاطّة بالكرامة أو إشارات أو أسماء أو آراء تتعلق بالمجتمعات القائمة على النسب، والاستعاضة عنها بصور وإشارات وأسماء وآراء تحمل رسالة الكرامة المتأصلة في جميع بني البشر ومساواتهم في حقوق الإنسان.

ر ابع اً - توصيات عامة اعتمدتها لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة

وفقا ً للفقرة 1 من المادة 21 من اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة، يجوز للجنة أن تقدم اقتراحات وتوصيات عامة استنادا إلى بحث التقارير والمعلومات الواردة من الدول الأطراف. وينبغي إ دراج هذه الاقتراحات والتوصيات العامة في تقرير اللجنة مع التعليقات الواردة من الدول الأطراف، إن وجدت هذه التعليقات. وقد اعتمدت اللجنة حتى الآن ما مجموعه 20 توصية عامة .

الدورة الخامسة (1986)*

التوصية العامة رقم 1 : تقديم الدول الأطراف للتقاري ر

ينبغي أن تغطي التقارير الأولية المقدمة بموجب المادة 18 من الاتفاقية الحالة القائمة حتى تاريخ تقديمها. وينبغي بعد ذلك تقديم التقارير مرة كل أربع سنوات على الأقل بعد حلول موعد التقرير الأول، على أن تشمل العوائق التي صودفت في التنفيذ الكامل للاتفاقية والتد ابير المتخذة لتذليل هذه العقبات .

الدورة السادسة (1987)**

التوصية العامة رقم 2: تقديم الدول الأطراف للتقارير

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تضع في اعتبارها أن اللجنة واجهت في عملها صعوبات ترجع إلى أن بعض التقارير الأولية المقدمة من الد ول الأطراف بموجب المادة 18 من الاتفاقية لم تعكس على نحو واف المعلومات المتاحة في الدولة الطرف المعنية وفقا للمبادئ التوجيهية،

توصي بما يلي :

( أ ) أن تتبع الدول الأطراف، لدى إعدادها التقارير بمقتضى المادة 18 من الاتفاقية، المبادئ التوجيهية العامة المعتمدة ف ي آب/أغسطس 1983 (CEDAW/C/7) من حيث شكل التقارير ومحتواها ومو ا ع ي د تقديم ها؛

( ب ) أن تتبع الدول الأطراف التوصية العامة المعتمدة في عام 1986 بالصيغة التالية:

"ينبغي أن تغطي التقارير الأولية المقدمة بموجب المادة 81 من الاتفاقية الحالة القائمة حتى تاريخ تقديمه ا. وينبغي بعد ذلك تقديم التقارير مرة على الأقل كل أربع سنوات بعد حلول موعد التقرير الأول، على أن تشمل العقبات التي صودفت في التنفيذ الكامل للاتفاقية والتدابير المتخذة لتذليل هذه العقبات".

ـــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/41/45.

* * واردة في الوثيقةA/42/38.

( ج ) أن ترسل المعلومات ال إ ضافية المكملة لتقرير الدولة الطرف إلى الأمانة العامة قبل ثلاثة أشهر على الأقل من انعقاد الدورة التي يكون مقررا أن ينظر في التقرير أثناءها.

الدورة السادسة (1987)*

التوصية العامة رقم 3: حملات التثقيف والإعلام العام

إن اللجنة المع نية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تضع في اعتبارها أن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة قد نظرت في 34 تقريرا مقدما من الدول الأطراف منذ عام 1983 ،

وإذ ت ضع في اعتبا ر ها كذلك أنه على الرغم من ورود هذه التقارير من دول ذات مستويات إ نمائية متفاوتة ، فإنها تعرض ملامح متباينة الدرجات تشير إلى وجود تصورات نمطية تجاه المرأة، ناجمة عن عوامل اجتماعية وثقافية، تكرس التمييز بين الجنسين وتحول دون تنفيذ أحكام المادة 5 من الاتفاقية،

تحث جميع الدول الأطراف على اعتماد برامج تعليمية وإعلامية اعتمادا فعالا يساعد في القضاء على ألوان التحامل والممارسات الحالية التي تعرقل إعمال مبدأ المساواة الاجتماعية للمرأة على نحو تام.

الدورة السادسة (1987)*

التوصية العامة رقم 4: التحفظات

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

وقد نظرت في تقارير الدول الأطراف أثناء انعق اد دوراتها،

وإذ تعرب عن قلقها إزاء العدد الكبير من التحفظات التي تتنا فى ، فيما يبدو، مع هدف الاتفاقية وغايتها،

ترحب بقرار الدول الأطراف بأن تنظر في التحفظات في اجتماعها القادم المزمع عقده في نيويورك عام 1988 ، وتقترح لهذه الغاية أن تعيد جميع الدول الأطراف المعنية النظر في هذه التحفظات بهدف سحبها.

الدورة السابعة (1988)**

التوصية العامة رقم 5: ال تدابير ال خاصة ال مؤقتة

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تحيط علما بأن التقارير والملاحظات الأولية والردود المقدمة من الدول الأطراف تكشف أنه رغم إحر از تقدم هام فيما يتعلق بإلغاء القوانين التمييزية أو تعديلها، ف ما زالت هناك حاجة لاتخاذ إجراءات لتنفيذ الاتفاقية تنفيذا تاما، من خلال اتخاذ تدابير تهدف إلى تعزيز المساواة الفعلية بين الرجال والنساء،

ـــــــــــ

* واردة في الوثيقةA/42/38.

** واردة في الوث يقةA/43/38.

وإذ تشير إلى المادة 4 ‑1 من الاتفاقية،

توصي بأن تعمل الدول الأطراف على زيادة الاستفادة من التدابير الخاصة المؤقتة، مثل العمل ال إ يجابي أو المعاملة التفضيلية أو نظم الحصص، من أجل زيادة إدماج المرأة في مجالات التعليم والاقتصاد والسياسة والعمل.

ا لدورة السابعة (1988)*

التوصية العامة رقم 6: الأجهزة الوطنية الفعالة والدعاية

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

وقد نظرت في تقارير الدول الأطراف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وإذ تلاحظ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 42/60 المؤرخ في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1987 ،

توصي الدول الأطراف بما يلي:

1- إقامة و/أو تعزيز الأجهزة والمؤسسات وال إ جراءات الوطنية الفعالة، على مستوى حكومي رفيع، مع تخويلها ما يكفي من موارد والتزام وسلطة، من أجل:

( أ ) إسداء المشورة بشأن آثار جميع السياسا ت الحكومية على المرأة؛

( ب ) رصد حالة المرأة بشكل شامل؛

( ج ) المساعدة في رسم سياسات جديدة للقضاء على التمييز وتنفيذ الاستراتيجيات والتدابير الرامية إلى القضاء على التمييز تنفيذاً فعالاً ؛

2- اتخاذ الخطوات الملائمة لضمان نشر الاتفاقية والتقارير المقدمة من ال دول الأطراف بموجب المادة 18 وتقارير اللجنة بلغات الدول المعنية؛

3- التماس مساعدة الأمين العام وإدارة شؤون الإعلام في توفير ترجمات للاتفاقية ولتقارير اللجنة؛

4- إدراج ال إ جراءات المتخذة فيما يتعلق بهذه التوصيات في تقاريرها الأولية وتقاريرها الدورية.

الدورة السابعة (1988)*

التوصية العامة رقم 7: الموارد

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تلاحظ قرارات الجمعية العامة 40 / 39 و 41 / 108 ، وعلى وجه الخصوص الفقرة 14 من القرار 42 / 60 التي دعت اللجنة والدول الأطراف إلى النظر في مسألة عقد الدورات المقبلة ل لجنة في فيينا،

ــــــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/43/38.

وإذ تضع في اعتبارها قرار الجمعية العامة 42 / 105 ، وعلى وجه الخصوص الفقرة 11 منه، التي تطلب من الأمين العام تعزيز التنسيق بين مركز الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومركز التنمية الاجتماعية والشؤون الإنسان ية التابع للأمانة العامة، فيما يتعلق بتنفيذ معاهدات حقوق الإنسان وتقديم الخدمات إلى الهيئات التعاهدية،

توصي الدول الأطراف بما يلي:

1- أن تواصل تأييد المقترحات الداعية إلى تعزيز التنسيق بين مركز حقوق الإنسان في جنيف ومركز التنمية الاجتماعية والشؤون الإنسا نية في فيينا، فيما يتعلق بتقديم الخدمات إلى اللجنة؛

2- أن تؤيد المقترحات الداعية إلى اجتماع اللجنة في نيويورك وفيينا؛

3- أن تتخذ جميع الخطوات اللازمة والملائمة لضمان إ تاحة موارد وخدمات كافية للجنة ولمساعدتها في أداء مهامها بموجب الاتفاقية، وعلى وجه الخصو ص ضمان توفر موظفين متفرغين لمساعدة اللجنة في التحضير لدوراتها، وفي أثناء انعقادها؛

4- أن تضمن تقديم التقارير والمواد التكميلية إلى الأمانة في وقت ملائم يسمح بترجمتها إلى اللغات الرسمية للأمم المتحدة بحيث يمكن توزيعها والنظر فيها من جانب اللجنة.

الدورة الس ابعة (1988) *

التوصية العامة رقم 8 : تنفيذ المادة 8 من الاتفاقية

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

وقد نظرت في تقارير الدول الأطراف المقدمة وفقا للمادة 18 من الاتفاقية،

توصي الدول الأطراف باتخاذ مزيد من التدابير المباشرة، وفقا للمادة 4 من ال اتفاقية، لكفالة التنفيذ التام للمادة 8 من الاتفاقية ولكفالة فرص قيام المرأة، على قدم المساواة مع الرجل ودون أي تمييز، بتمثيل حكومتها على المستوى الدولي والاشتراك في أعمال المنظمات الدولية.

الدورة الثامنة (1989) **

التوصية العامة رقم 9: البيانات الإحصائية ال متعلقة بوضع المرأة

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تضع في اعتبارها أن المعلومات ال إ حصائية ضرورية للغاية من أجل فهم الحالة الفعلية للمرأة في كل دولة من الدول الأطراف في الاتفاقية،

ـــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/43/38.

* * واردة في ا لوثيقة A/44/38.

و إ ذ لاحظت أن العديد من الدول الأطراف التي تقدم تقاريرها كي تنظر فيها اللجنة لا توفر إ حصاءات،

توصي الدول الأطراف بأن تبذل قصارى جهدها لضمان قيام دوائرها ال إ حصائية الوطنية المسؤولة عن تخطيط تعدادات السكان الوطنية، وغيرها من الاستقصاءات الاج تماعية والاقتصادية، بصياغة استبياناتها بحيث يمكن تجزئة البيانات حسب الجنس، سواء من حيث الأعداد المطلقة أو النسب المئوية، كي يتمكن مستعملو البيانات المهتمون من الحصول بسهولة على المعلومات المتعلقة بحالة المرأة في القطاع المعين الذي يهمهم.

الدورة الثامنة (19 89) *

التوصية العامة رقم 10: الذكرى العاشرة لاعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تضع في اعتبارها أن 18 كانون الأول/ديسمبر 1989 يوافق الذكرى السنوية العاشرة لاعتماد اتفاقية القضاء على جم يع أشكال التمييز ضد المرأة،

و إ ذ تضع في اعتبارها أيضا أنه ثبت خلال هذه السنوات العشر أن الاتفاقية تمثل أحد أكثر الصكوك فعالية بين تلك التي اعتمدتها الأمم المتحدة لتعزيز المساواة بين الجنسين في مجتمعات الدول الأعضاء،

وإذ تشير إلى توصيتها العامة رقم 6، ( الد ورة السابعة، 1988) بشأن الأجهزة الفعالة والدعاية،

توصي بأن تنظر الدول الأطراف، بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتماد الاتفاقية في ما يلي:

1- الاضطلاع ببرامج، بما في ذلك تنظيم مؤتمرات وحلقات دراسية، للدعاية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة باللغا ت الرئيسية، وتوفير معلومات عن الاتفاقية في بلدانها؛

2- دعوة منظماتها النسائية الوطنية إلى التعاون في حملات الترويج للاتفاقية وتنفيذها وتشجيع المنظمات غير الحكومية على الصعيد الوطني وال إ قليمي والدولي على الترويج للاتفاقية وتنفيذها؛

3- تشجيع اتخاذ إ جراءات لضمان التنفيذ الكامل لمبادئ الاتفاقية، وخصوصا المادة 8، التي تتعلق بمشاركة المرأة على جميع مستويات نشاط الأمم ا لمت حدة ومنظومة الأمم المتحدة؛

4- الطلب إلى الأمين العام أن يحيي الذكرى العاشرة لاعتماد الاتفاقية عن طريق القيام بالتعاون مع الوكالات المتخصصة، ب نشر وتوزيع المواد المطبوعة، وغيرها من المواد المتعلقة بالاتفاقية وتنفيذها، بجميع لغات الأمم المتحدة الرسمية، وإعداد أفلام وثائقية تلفزيونية عن الاتفاقية، و إ تاحة الموارد اللازمة لشعبة النهوض بالمرأة في مركز التنمية الاجتماعية والشؤون الإنسانية التابع لمكتب الأمم المتحدة في فيينا، لكي تعد تحليل ا للمعلومات ـــــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/44/38.

المقدمة من الدول الأطراف، بغية تحديث ونشر تقرير اللجنة (A/CONF.116/13)، الذي كان قد نشر لأول مرة من أجل المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة لل مرأة: المساواة والتنمية والسلم، الذي عقد في نيروبي في عام 1985 .

الدورة الثامنة (1989) *

التوصية العامة رقم 11: الخدمات الاستشارية التقنية الخاصة با لا لتزامات ب تقديم التقارير

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تضع في اعتبارها أنه في 3 آذار/م ارس 1989 ، كانت 96 دولة قد صدقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وإذ ت ضع في اعتبارها أنه ورد حتى هذا التاريخ 60 تقريرا أوليا و 19 تقريرا دوريا ثانيا،

وإذ تلاحظ أن 36 تقريرا أوليا و 36 تقريرا دوريا ثانيا حان موعد تقديمها بحلول 3 آذار/مارس 1989 ، ولكنها لم ترد بعد،

وإذ ترحب بالطلب الموجه إلى الأمين العام، في الفقرة 9 من قرار الجمعية العامة 43 / 115 ، بأن ينظم، في حدود الموارد المتاحة ومع مراعاة أولويات برنامج الخدمات الاستشارية، مزيدا من الدورات التدريبية للبلدان التي تعاني أشد الصعوبات في الو فاء بالتزاماتها الخاصة بتقديم التقارير بموجب الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان،

توصي الدول الأطراف بأن تشجع وتساند المشاريع الخاصة بالخدمات الاستشارية التقنية، بما في ذلك الحلقات الدراسية التدريبية، وأن تتعاون في هذا المجال، من أجل مساعدة الدول الأطرا ف، بناء على طلبها، على الوفاء بالتزاماتها الخاصة بتقديم التقارير بموجب المادة 18 من الاتفاقية.

الدورة الثامنة (1989) *

التوصية العامة رقم 12: العنف ضد المرأة

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تضع في اعتبارها أن المواد 2 و5 و11 و 12 و 16 من الاتفاقية تلزم الدول الأطراف بالعمل على حماية المرأة من أي فعل من أفعال العنف يقع داخل الأسرة أو في مكان العمل أو في أي مجال آخر من مجالات الحياة الاجتماعية،

وإذ ت ضع في اعتبارها قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1988 / 27 ،

توصي الدول الأطراف بأن تورد في تقا ريرها الدورية إلى اللجنة معلومات عما يلي:

ــــــــــــ

* واردة في الوثيقةA/44/38.

1- التشريع النافذ بشأن حماية المرأة من كافة أشكال العنف التي تمارس عليها في الحياة اليومية ( بما في ذلك العنف الجنسي، و ال إ يذاء داخل الأسرة، و التحرش الجنسي في مكان العمل، ال خ ) ؛

2- التدابير الأخرى المتخذة لاستئصال هذا العنف؛

3- توفر خدمات مساندة للنساء اللاتي يقعن ضحايا الاعتداء أو ال إ يذاء؛

4- بيانات إ حصائية عن كافة أنواع العنف التي تمارس ضد المرأة وعن النساء ضحايا العنف.

الدورة الثامنة (1989) *

التوصية العامة رقم 13: تساوي ال أجور عن الأعمال المتساوية القيمة

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تشير إلى الاتفاقية رقم 100 الصادرة من منظمة العمل الدولية بشأن تكافؤ أجور ا لعاملين والعاملات عن العمل ذي القيمة المتكافئة، التي صدقت عليها الغالبية العظمى من الدول الأط راف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وإذ تشير أيضا إلى أنها قد نظرت منذ عام 1983 في 51 تقريرا أوليا وخمسة تقارير دورية ثانية واردة من الدول الأطراف،

وإذ ترى أنه رغم ما يرد في تقارير الدول الأطراف من إ شارة إلى أنه حتى بعد قبول مبدأ تساو ي أجور الأعمال المتساوية القيمة في تشريعات كثير من البلدان، لا يزال يتعين بذل الكثير لضمان تطبيق ذلك المبدأ عمليا، بغية التغلب على الفصل بين الجنسين في سوق العمل،

توصي الدول الأطراف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بما يلي:

1- توخيا لتن فيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تنفيذا كاملا، ينبغي تشجيع الدول التي لم تصدق بعد على الاتفاقية رقم 100 الصادرة ع ن منظمة العمل الدولية، على القيام بذلك؛

2- ينبغي لها النظر في دراسة ووضع واعتماد نظم لتقييم الوظائف تستند إلى معايير عدم ا لتحيز لأحد الجنسين، وتيسر المقارنة بين قيمة الوظائف المختلفة في طبيعتها والتي تسود المرأة فيها في الوقت الحاضر، وقيمة الوظائف التي يسود فيها الرجال في الوقت الحاضر، و إ دراج النتائج المتحصلة من ذلك في التقارير التي تقدمها إلى اللجنة المعنية بالقضاء على التمي يز ضد المرأة؛

3- ينبغي لها أن تدعم، قدر المستطاع ، إنشاء أجهزة للتنفيذ، وأن تشجع الجهود التي تبذلها أطراف الاتفاقات الجماعية حيث تنطبق هذه الاتفاقات، لضمان تطبيق مبدأ تساوي أجور الأعمال المتساوية القيمة.

ــــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/44/38.

الدورة الت اسعة (1990) *

التوصية العامة رقم 14: ختان الإناث

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ يقلقها استمرار ممارسة ختان الإناث والممارسات التقليدية الأخرى التي تضر بصحة المرأة،

وإذ تلاحظ بارتياح أن الحكومات في البلدان التي توجد فيها هذه الممارسات، فضلاً عن التنظيمات النسائية الوطنية، والمنظمات غير الحكومية، والوكالات المتخصصة مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة ل لطفولة، وكذلك لجنة حقوق الإنسان ولجنتها الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات، لا تزال مهتمة بالمسألة بعد أن أدركت بصورة خاصة أن لممارسات تقليدية مثل ختان الإناث عواقب صحية وعواقب أخرى وخيمة على النساء والأطفال،

وإذ تحيط علما مع الاهتمام بالدراسة التي أجراها المقرر الخاص عن الممارسات التقليدية التي تؤثر على صحة النساء والأطفال وبالدراسة التي أجراها الفريق العامل الخاص عن الممارسات التقليدية،

وإذ تسلم بأن النساء أنفسهن بدأن يتخذن إ جراءات هامة من أجل تحديد ومحاربة الممارسات الضارة بصحة ورفاه النساء والأطفال،

واقتناعا منها بأن ال إ جراءات الهامة التي تقوم النساء وسائر المجموعات المهتمة بالأمر باتخاذها بحاجة إلى دعم وتشجيع من الحكومات،

وإذ تلاحظ بقلق بالغ أن هناك ضغوطا حضارية وتقليدية واقتصادية مستمرة تساعد على إدا م ة ممارسات ضارة من قبيل ختان الإناث،

توصي الدول الأطراف بما يلي:

( أ ) أن تتخذ تدابير ملائمة وفعالة بغية القضاء على ممارسة ختان الإناث، ويمكن أن تتضمن هذه التدابير:

قيام الج امعات أو الجمعيات الطبية أو جمعيات التمريض، أو التنظيمات النسائية الوطنية أو الهيئات الأخرى بجمع ونشر بيانات أساسية عن هذه الممارسات التقليدية؛

تقديم الدعم على الصعيدين الوطني والمحلي إلى التنظيمات النسائية التي تعمل على القضاء على ختان الإناث وغيره من ال ممارسات الضارة بالنساء؛

ــــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/45/38. والتصويب.

تشجيع السياسيين والمهنيين والزعماء الدينيين وزعماء المجتمعات المحلية على جميع المستويات، بما في ذلك العاملون في وسائط الإعلام والفنون، على التعاون في التأثير على الاتجاهات الرامية إلى القضاء على ختان الإناث؛

الأخذ ببرامج تعليمية وتدريبية ملائمة وعقد ندوات تستند إلى نتائج البحوث عن المشاكل التي تنشأ عن ختان الإناث؛

( ب ) أن تضمّن سياساتها الصحية الوطنية استراتيجيات ملائمة تهدف إلى القضاء على ختان الإناث في الرعاية الصحية العامة. ويم كن أن تشمل هذه الاستراتيجيات إيكال مسؤولية خاصة إلى الموظفين الصحيين، بمن فيهم القابلة التقليدية، بشرح الآثار الضارة التي تنجم عن ختان الإناث؛

( ج ) أن تطلب المساعدة والمعلومات والمشورة من المؤسسات المناسبة في منظومة الأمم المتحدة لدعم ومساندة الجهود الجاري بذلها للقضاء على الممارسات التقليدية الضارة؛

( د ) أن تضمّن تقاريرها إلى اللجنة معلومات بموجب المادتين 10 و 12 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عن التدابير المتخذة للقضاء على ختان الإناث.

الدورة التاسعة (1990) *

التوصية العامة رقم 15: تجنب التمييز ضد المرأة في الاستراتيجيات الوطنية للوقاية من مرض متلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) ومكافحته

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

وقد نظرت في المعلومات التي و ُ ج ِّ ه انتباهها إليها عن الآثار المحتملة المترتبة على التفشي العالمي لمرض م تلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) والاستراتيجيات الموضوعة لمكافحته بالنسبة إلى ممارسة المرأة لحقوقها،

وقد اطلعت على التقارير والمواد التي أعدتها منظمة الصحة العالمية وغيرها من مؤسسات وأجهزة وهيئات الأمم المتحدة فيما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية، وبص ورة خاصة مذكرة الأمين العام إلى لجنة مركز المرأة عن الآثار المترتبة على متلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) بالنسبة إلى النهوض بالمرأة والوثيقة الختامية للمشاورة الدولية بشأن متلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) وحقوق الإنسان، التي عقدت في جنيف في الفترة من 26 إلى 28 تموز/يوليه 1989 ،

وإذ تلاحظ قرار جمعية الصحة العالمية ج. ص. ع 41 - 42 المؤرخ في 31 أيار/مايو 1988 ، بشأن تجنب التمييز فيما يتعلق بالأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والأشخاص الذين يعانون من متلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) ، وقرار لجن ة حقوق الإنسان 1989 /11، المؤرخ في 2 آذار/مارس 1989 ، بشأن عدم ـــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/45/38.

التمييز في ميدان الصحة، وبصورة خاصة إعلان باريس عن النساء والأطفال ومتلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) ، المؤرخ في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 ،

وإذ تلا حظ أن منظمة الصحة العالمية قد أعلنت أن شعار اليوم العالمي لمتلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) في 1 كانون الأول/ ديسمبر 1990 سيكون "المرأة ومتلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) "،

توصي بما يلي:

( أ ) أن تكثف الدول الأطراف جهودها في نشر المعلومات من أجل زياد ة الوعي العام بخطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية ومتلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) ، ولا سيما في صفوف النساء والأطفال، وبما لهما من آثار عليهم؛

( ب ) أن تولي البرامج الموضوعة لمكافحة متلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) اهتماما خاصا لحقوق وحاجات الن ساء والأطفال، وللعوامل المتصلة بالدور ال إ نجابي للمرأة وبمركزها الأدنى مرتبة في بعض المجتمعات مما يجعلها عرضة بشكل خاص للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية؛

( ج ) أن تكفل الدول الأطراف المشاركة الفعلية للنساء في الرعاية الصحية الأولية وأن تتخذ تدابير لتعزيز دو رهن كموفرات لهذه الرعاية وكعاملات صحيات ومثقفات في مجال الوقاية من ال إ صابة بفيروس نقص المناعة البشرية؛

( د ) أن تضمّن جميع الدول الأطراف تقاريرها المقدمة بموجب المادة 12 من الاتفاقية معلومات عن آثار متلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) على حالة المرأة وعن ا ل إ جراءات المتخذة لتلبية حاجات النساء المصابات ولمنع التمييز بصورة خاصة ضد المرأة عند التصدي لمتلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) .

الدورة العاشرة (1991) *

التوصية العامة رقم 16: العاملات بلا أجر في المشاريع الأسرية في الريف والحضر

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تضع في اعتبارها المادتين 2 ( ج ) و11 ( ج ) ، ( د ) و (ه‍) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتوصية العامة رقم 9 ( الدورة الثامنة، 1989) بشأن البيانات ال إ حصائية فيما يتعلق بحالة المرأة،

وإذ تضع في اعتبارها أن في الدول الأ طراف نسبة عالية من النساء اللواتي يعملن بلا أجر، ودون ضمان اجتماعي، ودون استحقاقات اجتماعية ، في المشاريع التي عادة ما يمتلكها أحد الذكور من أفراد الأسرة،

وإذ تلاحظ أن التقارير المقدمة إلى اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة لا تشير عموما إلى المش كلة الخاصة بالعاملات بلا أجر في المشاريع الأسرية،

ــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/46/38.

وإذ تؤكد أن العمل بلا أجر يشكل نوعا من استغلال المرأة يتنافى مع الاتفاقية،

توصي الدول الأطراف بما يلي:

( أ ) إدراج معلومات في تقاريرها المقدمة إلى اللجنة بشأن الوضع القانوني والاجتماعي للنساء العاملات بلا أجر في المشاريع الأسرية؛

( ب ) جمـع بيانات إ حصائية عن النساء اللاتي يعملن بلا أجر، ودون ضمان اجتماعي، ودون استحقاقات اجتماعية ، في المشاريع التي يمتلكها أ حد أفراد الأسرة، و إ دراج هذه البيانات في تقرير الدولة الم قدم إلى اللجنة؛

( ج ) اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان دفع الأجر والتأمين الاجتماعي والاستحقاقات الاجتماعية للنساء اللاتي يعملن دون الحصول على هذه الاستحقاقات في المشاريع التي يمتلكها أحد أفراد الأسرة.

الدورة العاشرة (1991) *

التوصية العامة رقم 17: قي اس وتقدير الأنشطة ال منزلية التي تقوم بها النساء دون أجر والاعتراف بهذه الأنشطة في حساب الناتج القومي الإجمالي

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تضع في اعتبارها المادة 11 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وإذ تشير إلى الفقرة 120 من استراتي جيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة،

وإذ تؤكد أن قياس وتقدير الأنشطة المنزلية التي تقوم بها النساء دون أجر والتي تسهم في التنمية في كل بلد، سوف ي ساعد ا في الكشف عن الدور الاقتصادي الفعلي للمرأة،

واعتقادا منها بأن القياس والتقدير الكمي يوفران أساسا لص ياغة سياسات أخرى تتصل بالنهوض بالمرأة،

وإذ تلاحظ مناقشات اللجنة ال إ حصائية، في دورتها الحادية والعشرين ، بشأن التنقيح الحالي لنظام الحسابات القومية وبشأن تطوير ال إ حصاءات عن المرأة،

توصي الدول الأطراف بما يلي:

( أ ) تشجيع ودعم البحوث والدراسات التجريبية لقياس وتق ييم الأنشطة المنزلية التي تقوم بها المرأة دون أجر ؛ وذلك على سبيل المثال ب إ جراء دراسات استقصائية عن استغلال الوقت كجزء من برامجها الوطنية بشأن ال إ حصاءات المنزلية، وعن طريق جمع ال إ حصاءات المفصلة حسب نوع الجنس بشأن الوقت المستنفد في الأنشطة في المنزل وفي سوق العمل على السواء؛

ــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/46/38.

( ب ) اتخاذ خطوات، عملا بأحكام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واستراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة، لتقدير حجم الأنشطة المنزلية التي تقوم بها المرأة دون أجر و إ دراجها في حسابا ت الناتج القومي ال إ جمالي؛

( ج ) العمل على تضمين تقارير البلدان المقدمة بموجب المادة 18 من الاتفاقية، معلومات عن البحوث والدراسات التجريبية المضطلع بها لقياس وتقييم الأنشطة المنزلية التي تؤدّى دون أجر ، وكذلك بشأن التقدم المحرز في إ دماج الأنشطة المنزلية المضط لع بها دون أجر في الحسابات ال ق و م ية.

الدورة العاشرة (1991) *

التوصية العامة رقم 18: النساء المعوقات

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تضع في اعتبارها على وجه الخصوص المادة 3 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وقد نظرت في ما يزيد على 60 تقريرا دوريا مقدمة من الدول الأطراف، وقد أدركت أن هذه التقارير تقدم معلومات قليلة جدا عن النساء المعوقات،

وإذ يساورها القلق إزاء حالة النساء المعوقات اللا ت ي ي عانين من تمييز مضاعف يتصل بظروفهن المعيشية الخاصة،

وإذ تشير إلى الفقرة 296 من است راتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة، والتي تعتبر فيها النساء المعوقات فئة متضررة تحت عنوان "مجالات الاهتمام الخاص"،

وإذ تؤكد دعمها لبرنامج العمل العالمي بشأن المعوقين (1982) ،

توصي الدول الأطراف بأن تقدم في تقاريرها الدورية، معلومات عن النساء المعوقات وعن التدابير المتخذة لمعالجة حالتهن الخاصة، بما في ذلك التدابير الخاصة لضمان المساواة في حصولهن على التعليم والوظائف، والخدمات الصحية، والضمان الاجتماعي، والتأكد من إ مكانية مشاركتهن في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية.

الدورة الحادية عشرة (1992) **

التوصية العامة رقم 19: العنف ضد المرأة

معلومات أساسية

1- العنف القائم على أساس نوع الجنس هو شكل من أشكال التمييز يكبح قدرة المرأة على التمتع بحقوقها وحرياتها على أساس المساواة مع الرجل.

ــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/46/38.

* * واردة في الوثيقة A/47/38.

2- وكانت اللجنة قد أوصت الدول في عام 1989 بأن تدرج في تقاريرها معلومات عن العنف وعن التدابير المتخذة لمعالجته ( التوصية العامة 12 ، الدورة الثامنة ) .

3- و قد تقرر في ال دور ة العاشرة للجنة المعقودة في عام 1991 تخصيص جزء من الدورة الحادية عشرة لإجراء مناقشة ودراس ة بشأن المادة 6 من الاتفاقية وسائر المواد المتصلة بالعنف ضد المرأة ومضايقتها جنسيا واستغلالها. ووقع الاختيار على هذا الموضوع استعداداً لمؤتمر عام 1993 العالمي المعني بحقوق الإنسان الذي عقدته الجمعية العامة عملا بقرارها 45 / 155 المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1 990 .

4- واستنتجت اللجنة أن تقارير الدول الأطراف لا تعكس على نحو كاف الصلة الوثيقة بين التمييز ضد المرأة والعنف القائم على أساس نوع الجنس، وانتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ويقتضي التنفيذ الكامل للاتفاقية أن تتخذ الدول تدابير عملية للقضاء على جميع أ شكال العنف ضد المرأة.

5- واقترحت اللجنة على الدول الأطراف أن تراعي، لدى مراجعة قوانينها وسياساتها، وعند تقديم تقاريرها بمقتضى الاتفاقية، التعليقات التالية للجنة بخصوص العنف القائم على أساس نوع الجنس.

تعليقات عامة

6- تعرف المادة 1 من الاتفاقية التمييز ضد ا لمرأة. ويشمل هذا التعريف العنف القائم على أساس نوع الجنس- أي العنف الموجه ضد المرأة بسبب كونها امرأة أو العنف الذي يمس المرأة على نحو جائر. ويشمل الأعمال التي تلحق ضررا أو ألما جسديا أو عقليا أو جنسيا بها، والتهديد بهذه الأعمال، والإكراه وسائر أشكال الحرما ن من الحرية. والعنف القائم على أساس نوع الجنس قد يخرق أحكاما محددة من الاتفاقية بصرف النظر عما اذا كانت تلك الأحكام قد ذكرت العنف صراحة أم لم تذكره.

7- والعنف القائم على أساس نوع الجنس و الذي ينال من تمتع المرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية بموجب القانون الدولي العام أو بمقتضى اتفاقيات محددة لحقوق الإنسان، أو يبطل تمتعها بتلك الحقوق والحريات، يعتبر تمييزا في إطار معنى المادة 1 من الاتفاقية. وتشتمل هذه الحقوق والحريات على ما يلي:

( أ ) الحق في الحياة؛

( ب ) الحق في ألا تخضع المرأة للتعذيب أو المعاملة أو العق وبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛

( ج ) الحق في الحماية المتساوية بموجب القواعد الإنسانية في أوقات النزاعات المسلحة الدولية أو الداخلية؛

( د ) الحق في حرية شخصها وأمنها؛

(ه‍) الحق في الحماية المتساوية أمام القانون؛

( و ) الحق في المساواة في نطاق الأسرة؛

( ز ) الحق في التمتع بأعلى المستويات الممكنة من الصحة الجسدية والنفسية؛

( ح ) الحق في العمل في ظروف عادلة ومواتية.

8- وتنطبق الاتفاقية على العنف الذي تمارسه السلطات العامة. وهذا النوع من العنف قد يشكل أيضا ً إخلالاً ب ا ل تزامات تلك الدولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبموجب الاتفاقيات الأخرى، بالإضافة إلى كونه يشكل إخلالاً بأحكام هذه الاتفاقية.

9- على أنه يجدر التأكيد على أن التمييز في الاتفاقية لا يقتصر على أعمال من جانب الحكومات أو باسمها ( انظر المواد 2 (ه‍) و2 ( و ) و5 ) . مثال ذلك أن المادة 2 (ه‍) من الاتفا قية تطالب الدول الأطراف باتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة. ويقضي القانون الدولي العام وعهود معينة لحقوق الإنسان ب إ مكانية مساءلة الدول أيضا عن الأعمال الخاصة إذا لم تتصرف بالجدية الواجبة لمنع انتهاكا ت الحقوق أو للتحقيق في جرائم العنف و معاقبة مرتكبيها وتعويض ضحاياها .

التعليقات على أحكام محددة في الاتفاقية

المادتان 2 و3

10 - تفرض المادتان 2 و3 التزاما شاملا بالقضاء على التمييز بجميع أشكاله، بال إ ضافة إلى الالتزامات المحددة الواردة في المواد 5 إلى 16 .

ال مو اد 2 (ه‍ ) و5 و 10( ج )

11- إن المواقف التقليدية التي تعتبر المرأة تابعة للرجل أو ذات دور نمطي يكرس الممارسات الشائعة التي تنطوي على العنف أو الإكراه، مثل العنف وإساءة التصرف في الأسرة، والزواج بالإكراه، والوفيات بسبب المهر الذي تدفعه الزوجة، والهجمات بإلقاء ال حوامض، وختان الإناث. وأوجه التعصب والممارسات هذه قد تبرر العنف القائم على نوع الجنس على أساس أنه شكل من حماية المرأة أو التحكم فيها. والأثر الذي يتركه هذا العنف في سلامة المرأة جسديا ونفسيا يحرمها من المساواة في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ومن ممارستها والعلم بها. وفي حين أن هذا التعليق يتناول أساسا العنف الفعلي أو التهديد باستعماله، فإن النتائج التي تنطوي عليها هذه الأشكال من العنف القائم على أساس نوع الجنس تساعد على إبقاء المرأة في أدوار تابعة، وتساعد على انخفاض مستوى اشتراكها السياسي، وعلى ان خفاض مستوى تعليمها ومهاراتها وفرص عملها.

12 - كما تساهم هذه المواقف في نشر الإباحية وتصوير المرأة واستغلالها تجاريا باعتبارها أدوات جنسية وليست بشرا سويا. وهذا بدوره يسهم في العنف القائم على أساس نوع الجنس.

المادة 6

13 - تطلب المادة 6 من الدول الأطراف أن تتخ ذ تدابير لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلال دعارة المرأة.

14 - ويزيد الفقر والبطالة من فرص الاتجار بالمرأة. وبال إ ضافة إلى الأشكال المعهودة للاتجار، هناك أشكال جديدة للاستغلال الجنسي مثل السياحة الجنسية، وتوظيف العاملين في المنازل من البلدان النامية للعمل في العالم المتقدم النمو، والزيجات المنظمة بين نساء العالم النامي والمواطنين الأجانب. وهذه الممارسات لا تتمشى مع تساوي المرأة في التمتع بالحقوق، ومع احترام حقوقها وكرامتها. فهي تعرض المرأة بصفة خاصة لخطر العنف وإساءة المعاملة.

15 - كما أن الفقر والبطا لة يرغمان كثيرا من النساء ومنهن الفتيات الصغيرات على البغاء. والبغايا بالذات سريعات التعرض للعنف لأن مركزهن الذي قد يكون غير مشروع يضعهن في مكانة هامشية. وهن بحاجة إلى المساواة في حماية القوانين لهن من الاغتصاب وأشكال العنف الأخرى.

16 - وكثيرا ما تؤدي الحرو ب والمنازعات المسلحة واحتلال الأراضي إلى تزايد البغاء والاتجار بالنساء والاعتداء الجنسي عليهن، مما يستدعي اتخاذ تدابير وقائية وجزائية معينة.

المادة 11

17 - يمكن أن تحدث إساءة بالغة تمسّ المساواة في العمالة عندما تتعرض المرأة ل لعنف لكونها امرأة ، مثل المضايقة الجنسية في مكان العمل.

18 - وتشمل المضايقة الجنسية أي سلوك مقيت ومتعمد أساسه الجنس، مثل الملامسات البدنية والعروض المادية، والملاحظات ذات الطابع الجنسي، وعرض المواد الإباحية والمطالب الجنسية سواء بالقول أو بالفعل. ويمكن أن يكون هذا السلوك مهينا ويتسبب في م شكلة للصحة والسلامة؛ وهو تمييزي عندما تعتقد المرأة لأسباب معقولة أن اعتراضها يسيء إلى وضعها في العمل بما في ذلك توظيفها أو ترقيتها، أو عندما يخلق بيئة عمل معادية.

المادة 12

19 - تطلب المادة 12 من الدول الأطراف أن تتخذ التدابير التي تضمن الحصول بالتساوي على الرعاية الصحية. وممارسة العنف ضد المرأة تعرض صحتها وحياتها للخطر.

20 - وتوجد في بعض الدول ممارسات تقليدية تدوم بفعل الثقافة والتقاليد وهي ضارة بصحة النساء والأطفال. ومن جملة هذه الممارسات القيود الغذائية التي تفرض على الحوامل، وتفضيل الذكور من الأطفال، وختا ن الإناث أو بتر أجزاء من أعضائهن التناسلية.

المادة 14

21 - تتعرض المرأة الريفية لخطر العنف القائم على أساس نوع الجنس نتيجة لاستمرار المواقف التقليدية فيما يتعلق بدور المرأة كتابع. وهذه المواقف تترسخ في كثير من المجتمعات الريفية. وتتعرض فتيات المجتمعات الريف ية لخطر عنف خاص ولاستغلال جنسي عندما يغادرن المجتمع الريفي بحثا عن العمالة في المدن.

المادة 16 ( والمادة 5)

22- إن للتعقيم أو ال إ جهاض القسريين أثرا سيئا على الصحة الجسدية والنفسية للمرأة، وفيهما انتهاك لحقوقها في أن تقرر عدد أطفالها والفترة بين إ نجاب طفل وآ خر.

23 - والعنف الأسري هو من أشد أشكال العنف ضد المرأة. وهو يسود في جميع المجتمعات. وفي إطار العلاقات الأسرية تتعرض النساء من جميع الأعمار للعنف بجميع أنواعه، بما في ذلك الضرب، والاغتصاب، وغيره من أشكال الاعتداء الجنسي، والعنف النفسي وغيره من أشكال العنف ال تي ترسخها المواقف التقليدية. وعدم الاستقلال الاقتصادي يرغم ال كثير من النساء على الاستمرار في علاقات عنف. وتحلل الرجال من مسؤولياتهم الأسرية يمكن أن يعتبر شكلا من أشكال العنف والإكراه. وهذه الأشكال من العنف تعرض صحة المرأة للخطر وتضعف قدرتها على المشاركة في حياة الأسرة والحياة العامة على أساس من المساواة.

توصيات محددة

24 - وفي ضوء هذه التعليقات، توصي اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بما يلي:

( أ ) ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير مناسبة وفعالة للتغلب على جميع أشكال العنف القائم على أساس نوع الجنس ، سواء كان عملا عاما أو خاصا؛

( ب ) ينبغي أن تضمن الدول الأطراف أن تتيح القوانين التي تناهض العنف وإساءة المعاملة في الأسرة، والاغتصاب، والاعتداء الجنسي وغيره من أشكال العنف القائم على أساس نوع الجنس، حماية كافية لجميع النساء، واحترام سلامتهن وكرامتهن. وينب غي توفير خدمات الوقاية والدعم المناسبة للضحايا. كما أن تدريب العاملين في القضاء وفي إنفاذ القوانين وغيرهم من الموظفين الحكوميين على ال إ حساس بتمايز الجنسين أمر أساسي لفعالية تنفيذ الاتفاقية؛

( ج ) ينبغي أن تشجع الدول الأطراف جمع ال إ حصائيات والبحوث عن مدى حدو ث العنف وأسبابه وآثاره، وعن فعالية ال إ جراءات المتخذة لمنع العنف والتصدي له؛

( د ) ينبغي اتخاذ تدابير فعالة تكفل احترام وسائط ال إ علام الجماهيري للمرأة وتشجيع احترامها؛

(ه‍ ) ينبغي أن تحدد الدول الأطراف في تقاريرها طبيعة ونطاق المواقف والأعراف والممارسات التي تديم العنف ضد المرأة، وتبين نوع العنف الذي تسببه. وينبغي أن تبلغ عن التدابير المتخذة للتغلب على العنف وأثر هذه التدابير؛

( و ) ينبغي اتخاذ تدابير فعالة للتغلب على هذه المواقف والممارسات. وينبغي أن تستحدث الدول برامج للتثقيف والإعلام الجماهيري للمساعدة في ا لقضاء على أوجه التحامل التي تعرقل مساواة المرأة ( التوصية رقم 3 لعام 1987) ؛

( ز ) من الضروري اتخاذ تدابير وقائية وعقابية محددة للتغلب على الاتجار بالمرأة والاستغلال الجنسي؛

( ح ) ينبغي أن تصف تقارير الدول الأطراف نطاق جميع هذه المشاكل وتدابير الوقاية وإعادة ا لتأهيل - بما في ذلك الأحكام الجزائية - المتخذة لحماية المرأة التي تعمل في البغاء أو تتعرض للاتجار والأشكال الأخرى من الاستغلال الجنسي. كما ينبغي وصف فعالية هذه ال إ جراءات؛

( ط ) ينبغي كفالة إتاحة إجراءات التظلم وسبل الانتصاف الفعالة بما في ذلك التعويض؛

( ي ) ينبغي للدول الأطراف أن تضمّن تقاريرها معلومات عن المضايقة الجنسية، وعن التدابير المتخذة لحماية المرأة من المضايقة الجنسية وغير ذلك من أشكال العنف أو ال إ كراه في مكان العمل؛

( ك ) ينبغي للدول الأطراف أن تنشئ أو تدعم الخدمات التي تقدم لضحايا العنف الأسري والا غتصاب والاعتداء الجنسي وغير ذلك من أشكال العنف القائم على أساس نوع الجنس، بما فيها خدمات المأوى، و تدريب موظفي الصحة تدريباً خاصاً ، وإعادة التأهيل، وتقديم المشورة؛

( ل ) ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ التدابير اللازمة لإنهاء هذه الممارسات وأن تضع في الاعتبار تو صيات اللجنة بشأن ختان الإناث ( التوصية رقم 14) وذلك لدى الإبلاغ عن المسائل المتعلقة بالصحة؛

( م ) ينبغي للدول الأطراف أن تكفل اتخاذ تدابير لمنع ممارسة الإكراه فيما يتعلق بالخصوبة وال إ نجاب، وأن تكفل عدم اضطرار المرأة إلى اللجوء إلى ال إ جراءات الطبية غير المأمو نة كال إ جهاض غير المشروع بسبب الافتقار إلى الخدمات المناسبة فيما يتعلق بالتحكم في الخصوبة؛

( ن ) ينبغي أن تبيّن الدول الأطراف في تقاريرها مدى تواتر حدوث هذه المشاكل وأن تشير إلى التدابير التي اتخذت وأثرها؛

( س ) ينبغي للدول الأطراف أن تكفل وضع الخدمات المقدمة لضحايا العنف في متناول المرأة الريفية وأن توفر عند الاقتضاء خدمات خاصة للمجتمعات المنعزلة؛

( ع ) ينبغي أن تشتمل تدابير ال حماية من العنف على توفير فرص التدريب والعمالة ورصد ظروف العمالة بالنسبة للعاملات في المنازل؛

( ف ) ينبغي أن تبلغ الدول الأطراف عن الأخط ار التي تتعرض لها المرأة الريفية، ومدى وطبيعة العنف والإساءة اللذين يتعرضن لهما، وحاجتهن للدعم وغيره من الخدمات وقدرتهن على الحصول عليها، وعن فعالية التدابير الرامية إلى التغلب على العنف؛

( ص ) وتشمل التدابير ال لازمة لل قضاء على العنف الأسري ما يلي:

فرض عق وبات جنائية عند الاقتضاء و إتاحة سبل انتصاف مدنية في حالة حدوث العنف المنزلي؛

سن تشريعات لإبطال الاحتجاج بالدفاع عن الشرف فيما يتعلق بالاعتداء على إحدى الإناث من أفراد الأسرة أو قتلها؛

تقديم الخدمات التي تكفل سلامة وأمن ضحايا العنف الأسري، بما فيها المأوى وبرامج الإرشاد وإعادة التأهيل؛

وضع برامج لإعادة التأهيل خاصة بمرتكبي جرائم العنف المنزلي؛

دعم الخدمات المقدمة للأسر التي تتعرض ل حوادث السفاح أو الاعتداء الجنسي؛

( ق ) وينبغي للدول الأطراف أن تبلغ عن مدى حدوث العنف المنزلي والاعتداء الجنسي، وعن التدابير الوقائية والعقابية والعلاجية المتخذة؛

( ر ) و ينبغي أن تتخذ الدول جميع التدابير القانونية وغيرها من التدابير ال لازمة لتوفير حماية فعالة للنساء من العنف القائم على أساس نوع الجنس، و تشمل هذه التدابير ، في جملة أمور، ما يلي:

التدابير القانونية الفعالة، بما فيه ا فرض العقوبات الجنائية وإتاحة سبل الانتصاف المدنية، والأحكام التعويضية لحماية المرأة من جميع أنواع العنف، بما في ذلك، في جملة أمور أخرى، العنف وإساءة المعام ل ة داخل الأسرة، والاعتداء الجنسي والمضايقة الجنسية في مكان العمل؛

التدابير الوقائية، بما في ذلك بر امج ال إ علام الجماهيري والتثقيف الرامية إلى تغيير المواقف بشأن دور الرجال والمرأة ومركز كل منهما؛

تدابير الحماية، بما في ذلك توفير خدمات المأوى وال إ رشاد وإعادة التأهيل والدعم للنساء اللا تي يقعن ضحية للعنف أو يتعرضن لخطر العنف؛

( ش ) و ينبغي أن تبلغ الدول الأ طراف عن جميع أشكال العنف القائم على أساس نوع الجنس، وأن تضمّن تقاريرها جميع البيانات المتاحة عن مدى تواتر حدوث كل شكل من أشكال العنف، وعن آثار هذا العنف على النساء اللائي يقعن ضحية له؛

( ت ) ينبغي أن تحتوي تقارير الدول الأطراف على معلومات عن التدابير القانو نية وتدابير الوقاية والحماية التي اتخذت للقضاء على العنف ضد المرأة، وعن مدى فعالية هذه التدابير.

الدورة الحادية عشرة (1992) *

التوصية العامة رقم 20: التحفظات على الاتفاقية

1- أشارت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة إلى القرار الصادر عن الاجتماع ا لرابع للدول الأطراف بشأن التحفظات على الاتفاقية في إ طار المادة 28- 2، التي رحبت بها التوصية العامة رقم 4 للجنة.

2- وفيما يتعلق بالأعمال التحضيرية للمؤتمر العالمي ل حقوق الإنسان لعام 1993 أوصت اللجنة الدول بما يلي:

( أ ) إثارة مسألة شرعية التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والأثر القانوني لتلك التحفظات في سياق التحفظات المتعلقة بالمعاهدات الأخرى الخاصة بحقوق الإنسان؛

( ب ) إ عادة النظر في تلك التحفظات بغرض تعزيز تنفيذ جميع معاهدات حقوق الإنسان؛

( ج ) النظر في استحداث إجراء بشأن التحفظات ع لى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة يماثل ما هو متبع بالنسبة للمعاهدات الأخرى الخاصة بحقوق الإنسان.

___________

* واردة في الوثيقة A/47/38.

الدورة الثالثة عشرة (1994)*

التوصية العامة رقم 21: المساواة في الزواج والعلاقات الأسرية

1 - تؤكد اتفا قية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( قرار الجمعية العامة 34 / 180 ، المرفق ) المساواة بين المرأة والرجل في حقوق الإنسان في المجتمع والأسرة. وتحتل الاتفاقية مركزا هاما بين المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

2- وثمة اتفاقيات وإعلانات أخرى تعطي أيض ا أهمية بالغة للأسرة ولمركز المرأة فيها. ومنها: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( قرار الجمعية العامة 217 ألف ( د-3 )) ؛ والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( القرار 2200 ألف ( د- 21) ، المرفق ) ، والاتفاقية المتعلقة بجنسية المرأة المتزوجة ( القرار 1040 ( د-11 ) ، المرفق ) واتفاقية الرضا بالزواج، والحد الأدنى لسن الزواج، وتسجيل عقود الزواج ( القرار 1763 ألف ( د- 17) ، المرفق ) ، والتوصية اللاحقة لها في هذا الشأن ( القرار 2018 ( د- 20)) ؛ واستراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة.

3 - وتُذكّر اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بحقوق المرأة غير القابلة للتصرف كما وردت من قبل في الاتفاقيات والإعلانات المذكورة أعلاه، ولكنها تذهب إلى أبعد من ذلك فتعترف بأهمية الثقافة والتقاليد في تشكيل تفكير الرجل والمرأة وسلوكهما ودورهما الهام في تقييد ممارسة المرأة للحقوق الأساسي ة.

خلفية

4- أعلنت الجمعية العامة في قرارها 44/ 82 سنة 1994 سنة دولية للأسرة. وتنتهز اللجنة هذه الفرصة لتؤكد أهمية التقيد بالحقوق الأساسية للمرأة داخل الأسرة، باعتبار ذلك أحد ال إ جراءات التي تدعم وتشجع الاحتفالات التي ستنظم على الصعيد الوطني.

5- وإذ قررت اللج نة لذلك أن تحتفل بالسنة الدولية للأسرة، فإنها تود أن تحلل ثلاث مواد من الاتفاقية لها أهمية خاصة من حيث مركز المرأة في الأسرة:

المادة 9

1 - تمنح الدول الأطراف المرأة حقا ً مساويا ً لحق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها. وتضمن بوجه خاص ألا يتر تب على الزواج من أجنبي أو تغيير جنسية الزوج أثناء الزواج أن تتغير تلقائيا ً جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية أو أن تفرض عليها جنسية الزوج.

2 - تمنح الدول الأطراف المرأة حقا ً مساويا ً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما.

ـــــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/49/38.

التعليق

6 - الجنسية لا غنى عنها للمشاركة الكاملة في المجتمع. وعموما ً ، تعطي الدولة الجنسية للمولودين في البلد. ويمكن اكتساب الجنسية أيضا ً بال إ قامة أو منحها لأسباب إ نسانية مثل انعدام الجنسية. وعندما لا تتمتع المرأة بمركز الرعية أو المواطنة، فإنها تحر م من حق التصويت أو التقدم لشغل وظيفة عامة، وقد تحرم من المنافع العامة ومن اختيار محل إقامتها. وينبغي أن تكون المرأة الراشدة قادرة على تغيير جنسيتها، وينبغي عدم التعسف في إلغائها بسبب الزواج أو فسخ الزواج أو تغيير الزوج أو الأب لجنسيته.

المادة 15

1 - تساوي الدول الأطراف بين المرأة والرجل أمام القانون.

2 - تمنح الدول الأطراف المرأة، في الشؤون المدنية، أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل، ونفس فرص ممارسة تلك الأهلية. وهي بوجه خاص تعطي للمرأة حقوقا ً مساوية لحقوق الرجل في إبرام العقود و إ دارة الممتلكات، وتعاملها با لمساواة في جميع مراحل ال إ جراءات المتبعة في المحاكم والمجالس القضائية.

3 - توافق الدول الأطراف على اعتبار جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة التي لها أثر قانوني يستهدف تقييد الأهلية القانونية للمرأة باطلة ولاغية.

4 - تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق من حيث القانون المتعلق بتنقل الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم و إ قامتهم.

التعليق

7- عندما تكون المرأة غير قادرة على إ برام عقد على ال إ طلاق أو لا تستطيع الحصول على ائتمان مالي، أو لا تستطيع ذلك إلا بموافقة أو ضمان من زوجها أو من ذكر من أقربائها، تكون مح رومة من الاستقلال القانوني. وأي قيد من هذا النوع يمنعها من الانفراد بحيازة الملكية ويمنعها من ال إ دارة القانونية لأعمالها التجارية الخاصة، ومن إ برام أي شكل آخر من أشكال العقود. وهذه القيود تحد بشكل خطير من قدرة المرأة على إعالة نفسها ومن هم في كنفها.

8- و في بعض البلدان، يقيد القانون حق المرأة في إ قامة الدعاوى أو يقيده عدم استطاعتها الحصول على المشورة القانونية أو التماس ال إ نصاف من المحكمة. وفي دول أخرى، يكون لمركزها كشاهدة أو لشهادتها احترام أو وزن أقل من احترام أو وزن شهادة الرجل. وهذه القوانين أو الأعراف ت حد فعلا ً من حق المرأة في السعي إلى الحصول على نصيبها العادل من الأموال أو في الاحتفاظ بها، وتقلل مكانتها كعضو مستقل ومسؤول وموضع تقدير في مجتمعها. وعندما تسمح البلدان لقوانينها بأن تقيد الأهلية القانونية للمرأة أو تسمح للأفراد أو المؤسسات بذلك، فإنها تحرم المرأة من حقوقها في المساواة مع الرجل، وتقيد قدرتها على إعالة نفسها ومن هم في كنفها.

9- ومفهوم الموطن في البلدان التي تأخذ بالقانون العام يعني البلد الذي يعتزم المرء أن يقيم فيه وأن يخضع لسلطته القضائية. ويكتسب الطفل في الأصل موطنه من والديه، ولكن الموطن ي عني في سن الرشد البلد الذي يقيم فيه الشخص عادة ويعتزم ال إ قامة فيه دائما. وكما هو الحال في الجنسية، تبين دراسة تقارير الدول الأطراف أنه ليس مسموحا دائما ً للمرأة قانونا ً بأن تختار موطنها. وينبغي أن تكون المرأة الراشدة قادرة على تغيير موطنها بإرادتها، مثل جنس يتها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية. وأي تقييد لحق المرأة في اختيار موطنها على قدم المساواة مع الرجل قد يحد من وصولها إلى المحاكم في البلد الذي تقيم فيه أو يمنعها من دخول أو مغادرة البلد بحرية وبحكم حقها الشخصي.

10 - ينبغي السماح للنساء المهاجرات اللائي يعشن و يعملن مؤقتا ً في بلد آخر بالتمتع بنفس حقوق الرجال في حق جلب أزواجهن أو شركائهن أو أطفالهن للانضمام إليهن.

المادة 16

1 - تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، وتضمن بصفة خ اصة:

( أ ) نفس الحق في التزوج؛

( ب ) نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل؛

( ج ) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه؛

( د ) نفس الحقوق والمسؤوليات كوالدة، بصرف النظر عن حالتها الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالها، وفي كل الأحوال، تكون مصالح الأطفال هي الراجحة؛

(ه‍ ) نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وبشعور من المسؤولية عدد أطفالها والفترة بين إنجاب طفل وآخر، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق؛

( و ) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأنظمة حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني؛ وفي جميع الأحوال تكون مصلحة الأطفال هي الراجحة؛

( ز ) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة، والمهنة، والوظيفة؛

( ح ) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات وال إ شراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض ذي قيمة.

2 - ليس لخط و بة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، بما فيها التشريع، ل تحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرا ً إلزاميا ً .

التعليق

الحياة العامة والخاصة

11- شهد التاريخ اختلافا ً في النظر إلى النشاط الإنساني العام والخاص، وجرى تنظيمه تبعا ً لذلك. وفي جميع المجتمعات، كانت أنشطة المرأة التي تؤدي دورها التقليدي في الحياة الخاصة أو المنزلية، تعتبر في منزلة أدنى منذ زمن طويل.

12 - وحيث أن هذه الأنشطة لا تقدر بثمن بالنسبة لبقاء المجتمع، فلا يمكن تبرير الأخذ بقوانين أو أعراف مختلفة أو تمييزية إزاءها. وتكشف تقارير الدول الأطراف أنه مازالت هناك بلدان لا وجود للمساواة فيها قانونا ً . فهي تمنع المرأة من تكافؤ فرص الحصول على الموارد، ومن التمتع بتساوي المركز في الأسرة والمجتمع. وحتى عند وجود المساواة قانونا ً ، تسند جميع المجتمعات إلى المرأة أدوارا مختلفة تعتبر أدنى مكانة. وبهذه الطريقة، هناك انتهاك لمبدأي العدل والمساواة الواردين بالذات في المادة 16 وأيضا ً في المواد 2 و5 و 24 من الاتفاقية.

مختلف أشكال الأسرة

13 - يمكن أن يختلف شكل الأسرة ومفهومها بين دولة وأخرى، بل بين منطقة وأخرى داخل الدولة. وأيا كان شكلها، وأيا ً كان النظام القانوني، أو الدين أو العرف أو التقاليد داخل البلد، يجب أ ن تتفق معاملة المرأة داخل الأسرة سواء من القانون أو في الحياة الخاصة مع مبدأي المساواة والعدل بين جميع الناس، كما اشترطت ذلك المادة 2 من الاتفاقية.

تعدد الزوجات

14 - كما أن تقارير الدول الأطراف تُظهر أن تعدد الزوجات يُمارس في عدد من البلدان. وتعدد الزوجات ي خالف حق المرأة في المساواة بالرجل، وقد تكون له نتائج عاطفية ومالية خطيرة عليها وعلى من تعولهم إلى حد يستوجب عدم تشجيع هذه الزيجات وحظرها. وتلاحظ اللجنة بقلق أن بعض الدول الأطراف التي تضمن دساتيرها تساوي الحقوق، تسمح بتعدد الزوجات وفقا لقانون الأحوال الشخصي ة أو للقانون العرفي. وهذا ينتهك الحقوق الدستورية للمرأة ويخالف أحكام المادة 5 ( أ ) من الاتفاقية.

المادة 16 ، الفقرتان (1) (أ ) و ( ب )

15 - رغم أن معظم البلدان تفيد بأن دساتيرها وقوانينها الوطنية تتقيد بالاتفاقية، فإن عرفها وتقاليدها وعدم تنفيذها لهذه القوانين يخال ف هذه الاتفاقية فعلا ً .

16 - و إن حق المرأة في اختيار زوجها وفي التزوج بحرية هو حق أساسي لحياتها ولكرامتها ومساواتها ك إ نسان. وتبين دراسة تقارير الدول الأطراف وجود بلدان تسمح بتزويج المرأة أو إعادة تزويجها قسرا ً بناء على العرف أو المعتقدات الدينية أو الأصول ال عرقية لجماعات معينة من الناس. وهناك بلدان أخرى تسمح بتدبير زواج المرأة لقاء المال أو نيل الحظوة، وفي بلدان أخرى، يرغم الفقر المرأة على الزواج من أجنبي سعيا ً للأمان المالي. ويجب صون حق المرأة في الموافقة على مبدأ الزواج وموعده والشخص الذي تتزوجه، وإنفاذ ذلك قانونا ً ، رهنا بقيود معقولة على هذا الحق تستند مثلا ً إلى حداثة سن المرأة أو قرابة الدم التي تربطها بالشريك.

المادة 16، الفقرة ( 1 )( ج )

17 - تبين دراسة تقارير الدول الأطراف أن كثيرا ً من البلدان تُحدّد في نظمها القانونية حقوق ومسؤوليات الزوجين، اعتمادا ً على تطب يق مبادئ القانون العام أو القانون الديني أو العرفي، بدلا ً من التقيد بالمبادئ الواردة في الاتفاقية. ولهذه التفاوتات في القوانين والممارسات المتعلقة بالزواج عواقب بعيدة المدى على المرأة، وتقيد دائما ً حقوقها في تساوي المركز والمسؤولية داخل الزواج. وهذه القيود كثيرا ً ما تؤدي إلى إعطاء الزوج مركز رب الأسرة وصاحب الكلمة الأولى في اتخاذ القرارات، وبالتالي فهي تخالف أحكام الاتفاقية.

18 - كما أن المعاشرة بحكم الواقع لا تلقى عموما ً أية حماية قانونية على ال إ طلاق. وينبغي ال إ قرار بمساواة المرأة التي تعيش في ظل هذه العلاق ة في المركز مع الرجل سواء في الحياة الأسرية أو من حيث تقاسم الدخل والممتلكات. وينبغي أن يتساوى هؤلاء النساء مع الرجال في حقوق ومسؤوليات رعاية وتربية الأطفال المعالين أو أفراد الأسرة.

المادة 16، الفقرتان ( 1 )( د ) و ( و )

19 - تعترف معظم الدول وفقا ً لنص المادة 5 ( ب ) ، بمبدأ تقاسم الوالدين المسؤولية تجاه أطفالهما من حيث الرعاية والحماية والإعالة. وقد أدرج مبدأ "إيلاء مصالح الطفل الفضلى الاعتبار الأول" في اتفاقية حقوق الطفل ( قرار الجمعية العامة 44/ 52 ، المرفق ) ، ويبدو أنه أصبح مقبولا ً على الصعيد العالمي. بيد أن بعض البل دان لا تلتزم، في الممارسة العملية، بمبدأ منح الوالدين مركزا ً متساويا ً لا سيما إذا كانا غير متزوجين. ومن ثم فإن الأطفال الذين يولدون خارج نطاق الحياة الزوجية لا يتمتعون دوما ً بنفس الوضع الذي يتمتع به الأطفال المولودون في كنف الزوجية، كما أن الكثير من الآباء لا يشاركون في تحمل مسؤولية رعاية أطفالهم وحمايتهم وإعالتهم إذا كانت الأمهات مطلقات أو يعشن منفصلات.

20 - والحقوق والمسؤوليات المشتركة المنصوص عليها في الاتفاقية يجب إنفاذها بحكم القانون، وحسب الاقتضاء، من خلال المفاهيم القانونية المتصلة بالولاية والقوامة و الوصاية والتبني. وينبغي للدول الأطراف أن تكفل بموجب قوانينها، المساواة بين الوالدين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية وعما إذا كانا يعيشان مع أطفالهما أم لا في الحقوق والمسؤوليات تجاه أطفالهما.

المادة 16، الفقرة ( 1 )(ه‍ )

21 - إن مسؤوليات المرأة المتعلقة بالحمل و تربية الأطفال تؤثر على حقها في الحصول على التعليم والعمل وغير ذلك من الأنشطة المتصلة بنموها الشخص ي . كما أن تلك المسؤوليات تلقي على عاتق المرأة أعباء عمل مجحفة. و ل عدد الأطفال والفترة بين إنجاب طفل وآخر أثر مماثل على حياة المرأة كما أنهما يؤثران على صحتها ال بدنية والعقلية، وكذلك على صحة أطفالها. ولهذه الأسباب يحق للمرأة أن تقرر عدد أطفالها والفترة بين إنجاب طفل وآخر.

22- وتكشف بعض التقارير عن ممارسات قسرية تترك في المرأة آثارا ً خطيرة، مثل الحمل أو ال إ جهاض أو التعقيم ال إ جباري. ولئن كان يُفضل اتخاذ قرار إنجاب ا لأطفال من عدمه بالتشاور مع الزوج أو الشريك، فيجب مع ذلك ألا يقيد الزوج أو الوالد أو الشريك أو الحكومة الحق في اتخاذ هذا القرار. وكيما تتخذ المرأة قرارا مستنيرا بشأن وسائل منع الحمل المأمونة والموثوق فيها، يجب أن تتوفر لها معلومات عن وسائل منع الحمل وعن است خدامها، وأن يكفل لها الحصول على الثقافة الجنسية وخدمات تنظيم الأسرة، حسبما تنص على ذلك المادة 10( ح ) من الاتفاقية.

23 - وثمة اتفاق عام على أنه حيثما توافرت دون قيود الوسائل الملائمة لتنظيم النسل الطوعي، تحسنت صحة ونماء ورفاه جميع أفراد الأسرة. وفضلا ً عن ذلك، فإن تلك الخدمات تؤدي إلى تحسن نوعية حياة السكان وصحتهم بوجه عام، كما أن التنظيم الطوعي لنمو السكان يساعد على صون البيئة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

المادة 16، الفقرة ( 1 )( ز )

24 - إن الأسرة المستقرة هي الأسرة التي تنبني على مبادئ الإنصاف والعدل وتحقيق الذات لكل فرد من أفرادها. ومن ثم، يجب أن يكون لكل شريك الحق في اختيار المهنة أو الوظيفة التي تناسب قدراته ومؤهلاته وتطلعاته على أفضل وجه، حسبما تنص على ذلك المادة 11 ( أ ) و ( ج ) من الاتفاقية. وفضلا ً عن ذلك، ينبغي أن يكون لكل من الشريكين الحق في اختيار اسمه الذي يحافظ به على فرديته وهويته في المجتمع المحلي، ويميزه عن غيره من أفراد المجتمع. وعندما تضطر المرأة بموجب القانون أو العرف إلى تغيير اسمها عند الزواج أو عند فسخه، فإنها تحرم من هذه الحقوق.

المادة 16، الفقرة (1)(ح)

25 - تتداخل الحقوق المنصوص ع ليها في هذه المادة وتتكامل مع الحقوق المنصوص عليها في المادة 15(2) التي تلزم الدول بمنح المرأة حقوقا مساوية للدخول في التعاقدات وإبرام العقود وإدارة الممتلكات.

26 - وتضمن المادة 15(1) للمرأة المساواة مع الرجل أمام القانون. وحق المرأة في حيازة الممتلكات وإدا رتها والتمتع بها والتصرف فيها هو المحور الذي يدور حوله حق المرأة في التمتع بالاستقلال المالي، وفي كثير من البلدان سيكون لهذا الحق أهمية حاسمة فيما يتعلق بقدرة المرأة على كسب عيشها وعلى توفير سكن ملائم وتغذية كافية لنفسها ولأسرتها.

27 - وفي البلدان التي يجري فيها تنفيذ برنامج للإصلاح الزراعي أو إعادة توزيع للأرض فيما بين الفئات ذات الأصول العرقية المختلفة، ينبغي أن يراعى بدقة حق المرأة، بغض النظر عن حالتها الزوجية، في أن تمتلك حصة من مثل هذه الأرض المُ ُعاد توزيعها مساوية لحصة الرجل.

28 - وتوجد في معظم البلدان نسبة كبيرة من النساء العازبات أو المطلقات وكثير منهن يتحملن وحدهن مسؤولية إعالة أسرة. ولذا فإن أي تمييز في تقسيم الممتلكات يقوم على أساس أن الرجل وحده مسؤول عن إعالة المرأة والأطفال في أسرته، وأنه يستطيع ويعتزم أن يؤدي هذه المسؤولية بشرف، إنما هو تمييز غير واقعي بشكل واضح. وبالتالي فإن أي قانون أو عرف يعطي الرجل حقا ً في حصة من الممتلكات أكبر من حصة المرأة عند إنهاء الزواج أو علاقة المعاشرة بحكم الواقع أو عند وفاة قريب، إنما هو قانون تمييزي وسوف يكون ل ـ ه تأثير خطير على استطاعة المرأة عمليا طلاق زوجها، وإعالة نفسها أو أسرتها، والعيش في كرامة كشخص مستقل.

29 - وينبغي ضمان جميع هذه الحقوق بصرف النظر عن الحالة الزوجية للمرأة.

الممتلكات الزوجية

30 - ثمة بلدان لا تعترف بحق المرأة في أن تمتلك حصة من الممتلكات مساوية لحصة الزوج أثناء الزواج أو علاقة المعاشرة بحكم الواقع وعند انتهاء ذلك الزواج أو تلك العلاقة. ويسلّم كثير من البلدان بذلك الحق ولكن قدرة المرأة عمليا ً على ممارسته قد تكون مقيدة بسوابق قانونية أو بالعرف.

31 - وحتى عندما تكون هذه الحقوق القانونية ثابتة للمرأة، وتقوم المحاكم بإنفاذها، فإن الرجل هو الذي قد يدير ال ممتلكات التي تملكها المرأة أثناء الزواج أو عند الطلاق. وفي كثير من الدول، بما فيها تلك الدول التي يوجد فيها نظام الملكية المشتركة، ليس ثمة حكم قانوني يشترط استشارة المرأة عند بيع الممتلكات التي كان يملكها الطرفان أثناء الزواج أو علاقة المعاشرة بحكم الواقع، أو عند التصرف في تلك الممتلكات بشكل آخر. وهذا يقيد قدرة المرأة على مراقبة التصرف في الممتلكات أو الدخل المتحصل منها.

32 - وفي بعض البلدان، يكون التركيز موجها بدرجة أكبر ، عند تقسيم ممتلكات الزوجية، إلى المساهمات المالية في الملكية المكتسبة أثناء الزواج، بين ما ينتقص من قدر الإسهامات الأخرى مثل تربية الأطفال ورعاية الأقرباء المسنين وأداء الواجبات المنزلية. وهذه الإسهامات ذات الطابع غير المالي التي تقدمها الزوجة، كثيرا ما تمكّن الزوج من كسب الدخل ومن زيادة الأصول المالية. فيجب إعطاء الإسهامات المالية وغير المال ية نفس الوزن.

33- وفي كثير من البلدان لا يعامل القانون الممتلكات التي تراكمت أثناء المعاشرة بحكم الواقع نفس معاملة الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج. ففي جميع الحالات تكون الحصة التي تحصل عليها المرأة عند انقطاع تلك العلاقة أقل بكثير من حصة شريكها. ولذا ينبغ ي إبطال ونبذ قوانين وأعراف الملكية التي تميز على هذا النحو ضد المرأة المتزوجة أو غير المتزوجة، التي لديها أو ليس لديها أطفال.

الإرث

34 - ينبغي لتقارير الدول الأطراف أن تتضمن تعليقات على الأحكام القانونية أو العرفية المتعلقة بقوانين الإرث من حيث تأثيرها على مركز المرأة كما هو منصوص على ذلك في الاتفاقية وفي قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 884 دال ( د - 34) ، الذي يوصي فيه المجلس الدول بضمان أن يكون للرجل والمرأة اللذين تجمعهما نفس الدرجة من القرابة بشخص متوفي الحق في الحصول على حصص متساوية في التركة، والحق في م رتبة متساوية في ترتيب الورثة. وهذه الأحكام لم تنفذ عموما ً .

35 - وهناك العديد من البلدان التي تؤدي قوانينها وممارساتها المتعلقة بالإرث والممتلكات إلى تمييز خطير ضد المرأة. ونتيجة لهذه المعاملة غير المتكافئة يمكن أن تحصل الزوجة على حصة من ممتلكات الزوج أو الأ ب عند الوفاة، أصغر مما يحصل عليه الرجال الأرامل والأبناء الذكور. وفي بعض الأحوال، تمنح المرأة حقوق محدودة ومقيدة فلا تحصل إلا على إيراد من أملاك المتوفي. وفي كثير من الأحيان، لا تراعى في حقوق النساء الأرامل في الإرث مبادئ المساواة في حيازة الممتلكات المكتس بة أثناء الزواج. وهذه الأحكام تخالف الاتفاقية ولا بد من إ لغائها.

المادة 16(2)

36 - يحث إعلان وبرنامج عمل فيينا اللذين اعتمدهما المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، المعقود في فيينا في الفترة من 14 إلى 25 حزيران/يونيه 1993 ، الدول على إلغاء القوانين والأنظمة القائم ة ونبذ الأعراف والممارسات التي تميز ضد الطفلة وتسبب لها أذى. والمادة 16( 2 ) والأحكام الواردة في اتفاقية حقوق الطفل تمنع الدول الأطراف من السماح بالزواج للأشخاص الذين لم يبلغوا سن الرشد ومن المصادقة على صحة هذا الزواج. وفي سياق اتفاقية حقوق الطفل "يعني الطفل كل إ نسان لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ما لم يكن سن الرشد محددا بأقل من ذلك في القانون المنطبق عليه". وبصرف النظر عن هذا التعريف، ومع أخذ اللجنة أحكام إعلان فيينا في الاعتبار، فهي ترى وجوب أن يكون الحد الأدنى لسن الزواج هو 18 سنة لكل من الرجل والمرأة. ذلك أن زواج الرجل والمرأة يرتب عليهما مسؤوليات هامة. وبالتالي ينبغي ألا يُسمح بالزواج قبل بلوغهما سن النضج الكامل والأهلية الكاملة للتصرف. وتفيد منظمة الصحة العالمية بأنه عندما يتزوج القصّر، ولا سيما الفتيات وينجبن أطفالا ً ، فإن صحته ن يمكن أن تتضرر ويمكن أن يت عطل تعليمهن. ونتيجة لذلك، يصبح استقلالهن الاقتصادي مقيدا ً .

37 - وهذا لا يؤثر على المرأة شخصيا فحسب بل يحد أيضا ً من تنمية مهاراتها واستقلالها ويقلل من فرص حصولها على العمل، ومن ثم يؤثر تأثيرا ً ضارا ً على أسرتها ومجتمعها المحلي.

38 - وتحدد بعض البلدان سنا ً لزوا ج الرجل تختلف عن سن زواج المرأة. وبما أن مثل تلك الأحكام تنطوي على افتراض خاطئ مؤداه أن معدل النمو الفكري لدى المرأة يختلف عنه لدى الرجل، أو أن طور النمو البدني والفكري عن ـ د الزواج لا أهمية ل ـ ه، فلا بد من إ لغائها. وفي بلدان أخرى يسمح بقيام أفراد الأسرة بإج راء خطوبة الفتيات أو بالمواعدة بالزواج نيابة عن الفتاة. ومثل تلك التدابير لا تخالف الاتفاقية فحسب بل وتتعارض أيضا مع حق المرأة في أن تختار شريكها بحرية.

39 - وينبغي أيضا للدول الأطراف أن تشترط تسجيل جميع الزيجات سواء كانت بعقود مدنية أو بعقود عرفية أو وفقا ً للشرائع الدينية. فبذلك يمكن للدولة أن تكفل الامتثال للاتفاقية وأن تقيم المساواة بين الشريكين وتضع حدا ً أدنى لسن الزواج، وتمنع الجمع بين زوجتين وتعدد الزوجات وتكفل حماية حقوق الطفل.

التوصيات

العنف ضد المرأة

40 - بالنظر إلى مكانة المرأة في الحياة الأسرية، تو د اللجنة التأكيد على أن لأحكام التوصية العامة 19 ( الدورة الحادية عشرة ) المتعلقة بالعنف ضد المرأة أهمية كبرى في تمكين المرأة من التمتع بالحقوق والحريات على قدم المساواة مع الرجل. وتحث اللجنة الدول الأطراف على الاستجابة لتلك التوصية العامة حتى تضمن عدم تعرض النساء في الحياة العامة والحياة الأسرية للعنف القائم على نوع الجنس الذي يعوق إلى حد خطير قدرتهن على ممارسة حقوقهن وحرياتهن كأفراد.

التحفظات

41 - لاحظت اللجنة بانزعاج ك ث ر ة الدول الأطراف التي أبدت تحفظات على المادة 16 كلها أو جزء منها، ولا سيما عند قيامها أيض ا ً بإبداء تحفظات على المادة 2، مدعية أن الامتثال يمكن أن يتعارض مع رؤية عامة للأسرة تنبني ضمن جملة أمور على المعتقدات الثقافية أو الدينية أو على الوضع الاقتصادي أو السياسي للبلد.

42 - وكثير من هذه البلدان يؤمن بالنظام الأبوي للأسرة الذي يحابي الأب أو الزوج أو الابن . وفي بعض البلدان حيث شجعت الآراء الأصولية أو غيرها من الآراء المتطرفة أو الضائقة الاقتصادية على العودة إلى القيم والتقاليد القديمة، تدهورت مكانة المرأة في الأسرة تدهورا ً حادا ً . وفي بلدان أخرى يعترف فيها بأن المجتمع الحديث يعتمد في تقدمه الاقتصادي وفي تحقيق الصالح العام للجماعة على مشاركة جميع البالغين على حد سواء، بغض النظر عن نوع الجنس، جرى نبذ هذه المحرمات والأفكار الرجعية أو المتطرفة بصورة تدريجية.

43 - وتمشيا ً بوجه خاص مع المواد 2 و3 و 24 بالذات، تطلب اللجنة من جميع الدول الأطراف أن تسعى إلى الوص ول تدريجيا ً إلى مرحلة يقوم فيها كل بلد، من خلال النبذ الصارم للأفكار القائلة بعدم مساواة المرأة بالرجل في المنزل، بسحب تحفظاته وبخاصة على المواد 9 و 15 و 16 من الاتفاقية.

44- وينبغي للدول الأطراف أن تنبذ بحزم أية أفكار تدعو إلى عدم مساواة المرأة بالرجل، وتقر ها القوانين أو الشرائع الدينية أو القوانين الخاصة أو الأعراف وأن تسعى إلى الوصول إلى مرحلة تسحب فيها التحفظات وبخاصة على المادة 16 .

45 - ولاحظت اللجنة، على أساس دراستها للتقارير الدورية الأولية واللاحقة، أنه في بعض الدول الأطراف في الاتفاقية التي صدقت عليها أو انضمت إليها دون تحفظ، هناك قوانين معينة ولا سيما القوانين التي تتناول الأسرة، لا تتمشى في الواقع مع أحكام الاتفاقية.

46 - ولا تزال قوانين تلك الدول تتضمن كثيرا ً من التدابير التي تميز ضد المرأة على أساس العرف والعادة والتحيز الاجتماعي - الثقافي. وهذه الد ول، بسبب موقفها المحدد فيما يتعلق بهذه المواد، تجعل من الصعب على اللجنة أن تقيم وأن تفهم مركز المرأة.

47 - وتطلب اللجنة، وبخاصة على أساس المادتين 1 و2 من الاتفاقية، أن تبذل تلك الدول الأطراف الجهود اللازمة لدراسة الحالة القائمة فعلا فيما يتعلق بهذه القضايا وأن تستحدث التدابير اللازمة في تشريعاتها الوطنية التي لا تزال تتضمن أحكاما تمييزية ضد المرأة.

التقارير

48 - بالاستعانة بالتعليقات الواردة في هذه التوصية العامة، ينبغي للدول الأطراف أن تضمّن تقاريرها ما يلي:

( أ ) ذكر المرحلة التي تم بلوغها في سعي البلد إلى إ زالة جميع التحفظات المبداة على الاتفاقية ولا سيما التحفظات على المادة 16 ؛

( ب ) تبيان ما إذا كانت قوانينها تُراعى فيها المبادئ الواردة في المواد 9 و 15 و 16 وما إذا كانت مراعاة القانون أو الامتثال للاتفاقية يصطدمان بمعوقات سببها الشريعة الدينية أو القوانين ال خاصة أو العرف.

التشريعات

49 - ينبغي للدول الأطراف، حيثما اقتضى الأمر الامتثال للاتفاقية وبخاصة الامتثال للمواد 9 و 15 و 16 ، أن تسن تشريعات في هذا الصدد وتنفذها.

تشجيع الامتثال للاتفاقية

50 - بالاستعانة بالتعليقات الواردة في هذه التوصية العامة، وحسبما تقضي به ا لمواد 2 و3 و 24 ، ينبغي للدول الأطراف أن تستحدث تدابير لتشجيع الامتثال الكامل لمبادئ الاتفاقية، لا سيما عندما يتعارض القانون الديني أو الخاص أو العرف مع تلك المبادئ.

الدورة الرابعة عشرة (1995) *

التوصية العامة رقم 22: تعديل المادة 20 من الاتفاقية

إن اللجنة ال معنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ،

إذ تلاحظ أن الدول الأط ر اف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ستجتمع، بناء على طلب الجمعية العامة، في عام 1995 للنظر في تعديل المادة 20 من الاتفاقية،

وإذ تشير إلى مقررها الذي سبق أن اتخذته في دورتها الع اشرة، القاضي بكفالة الفعالية في أعمالها والحيلولة دون حدوث تأخير غير مستصوب، في النظر في تقارير الدول الأطراف،

ـــــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/50/38.

وإذ تذكّر بأن الاتفاقية تشكل أحد الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي صدق عليها أكبر عدد من الدول الأطرا ف،

وإذ ترى أن مواد الاتفاقية تتناول ما للمرأة من حقوق الإنسان الأساسية في جميع جوانب حياتها اليومية وفي جميع مجالات المجتمع والدولة،

وإذ تشعر بالقلق إزاء عبء العمل الواقع على اللجنة من جراء تزايد عدد التصديقات، بالإضافة إلى تراكم التقارير التي لم ينظر في ها بعد، كما هو مبيّن في المرفق الأول،

وإذ تشعر بالقلق أيضا إزاء انقضاء فترة طويلة من الوقت بين تقديم تقارير الدول الأطراف والنظر فيها، مما يؤدي إلى ضرورة تقديم الدول معلومات إضافية لأجل ا ستكمال تقاريرها،

وإذ تضع في اعتبارها أن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة هي الوحيدة ضمن هيئات الإشراف على معاهدات حقوق الإنسان التي تحد اتفاقيتها من فترة اجتماعها، وأن هذه الفترة هي أقصر فترة لاجتماع أي من هيئات الإشراف على معاهدات حقوق الإنسان، كما هو مبيّن في المرفق الثاني،

وإذ تلاحظ أن القيد المفروض على م دة الدورات، بالشكل الوارد في الاتفاقية، قد تحول إلى عقبة كأداء تواجه أداء اللجنة لمهامها على نحو فعال في إطار الاتفاقية؛

1- توصي بأن تنظر الدول الأطراف، بعين التشجيع، في تعديل المادة 20 من الاتفاقية فيما يتعلق بمدة ا جتماع اللجنة، حتى تمكنها من الاجتماع سن ويا وللمدة اللازمة لأدائها الفعال لمهامها بموجب إطار الاتفاقية، دون النص على أي تقييد بعينه، باستثناء ما تقرره الجمعية العامة؛

2 - توصي أيضا ً بأن تأذن الجمعية العامة للجنة، إلى حين إكمال عملية التعديل، بأن تجتمع على نحو استثنائي في عام 1996 في دورتين، تمتد كل منهما ثلاثة أسابيع ويسبقها اجتماع الأفرقة العاملة فيما قبل الدورة؛

3 - توصي كذلك بأن يتلقى اجتماع الدول الأطراف تقريرا شفويا من رئيسة اللجنة بشأن الصعوبات التي تصادفها اللجنة في أداء مهامها؛

4 - توصي بأن يقدم الأمين العام إلى الدول الأطراف، في اجتماعها ، جميع المعلومات ذات الصلة بعبء عمل اللجنة والمعلومات المشابهة فيما يتصل بسائر هيئات الإشراف على معاهدات حقوق الإنسان.

الدورة السادسة عشرة (1997) *

التوصية العامة رقم 23: الحياة السياسية والعامة

تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، الحق في:

ــــــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/52/38.

( أ ) التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، وأهلية انتخابها لعضوية جميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها ب الاقتراع العام؛

( ب ) المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وتنفيذ هذه السياسة وفي شغل الوظائف العامة وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية؛

( ج ) المشاركة في المنظمات والجمعيات غير الحكومية التي تعنى بالحياة العامة والسياسية للبلد.

معلومات أساسية

1- تولي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أهمية خاصة لمشاركة المرأة في الحياة العامة لبلدها. ومما تنص عليه ديباجة الاتفاقية ما يلي:

" وإذ تشير إلى أن التمييز ضد المرأة يشكل انتهاكا لمبدأي المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، وعقبـة أمام مشاركة المرأة، على قدم المساواة مع الرجل، في حياة بلدها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويعوق نمو رخاء المجتمع والأسرة، ويزيد من صعوبة التنمية الكاملة لإمكانات المرأة في خدمة بلدها والبشرية".

2- وتكرر الاتفاقية كذلك في ديباجتها، التأكيد على أه مية مشاركة المرأة في عملية صنع القرار، وذلك على النحو التالي:

" واقتناعا منها بأن التنمية التامة والكاملة لبلد ما، ورفاهية العالم، وقضية السلم، تتطلب جميعا أقصى مشاركة ممكنة من جانب المرأة على قدم المساواة مع الرجل في جميع الميادين".

3- و علاوة على ذلك، فف ي المادة 1 من الاتفاقية، يفسّر مصطلح "التمييز ضد المرأة" بأنه يعني:

"أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من الاعتراف للمرأة، على أساس تساوي الرجل والمرأة، بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والا قتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو إ بطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها وممارستها لها، بغض النظر عن حالتها الزوجية".

4- وتولي اتفاقيات و إ علانات وتحليلات دولية أخرى أهمية كبيرة لمشاركة المرأة في الحياة العامة، وتضع إطار ا ً للمعايير الدولية للمساواة، ومن بينها ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان (1) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (2) ، واتفاقية الحقوق السياسية للمرأة (3) ، وإعلان فيينا (4) والفقرة 13 من إعلان ومنهاج عمل بيجي ن (5) ، والتوصيتان العامتان 5 و8 في إطار الاتفاق ية (6) والتعليق العام 25 الذي اعتمدته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان (7) ، والتوصية التي اعتمدها مجلس الاتحاد الأوروبي بشأن المشاركة المتوازنة للمرأة والرجل في عملية صنع القرار (8) ووثيقة اللجنة الأوروبية "كيف نخلق توازنا ً بين الجنسين في مجال صنع القرار السياسي " (9) .

5- وتلزم المادة 7 الدول الأطراف باتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد وكفالة تمتعها بالمساواة مع الرجل في الحياة السياسية والعامة. ويشمل الالتزام المحدد في المادة 7 جميع مجالات الحياة العامة والسيا سية وليس مقتصرا ً على المجالات المحددة في الفقرات الفرعية ( أ ) و ( ب ) و ( ج ) . والحياة السياسية والعامة لبلد ما مفهوم واسع النطاق. فهو يشير إلى ممارسة السلطة السياسية، وخاصة ممارسة السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية والإدارية. ويشمل المصطلح جميع جوانب الإدارة العامة وصياغة السياسات وتنفيذها على الأصعدة الدولي والوطني وال إ قليمي والمحلي. ويشمل المفهوم أيضا العديد من جوانب المجتمع المدني، بما في ذلك الهيئات العامة والمجالس وأنشطة المنظمات من قبيل الأحزاب السياسية والنقابات والرابطات المهنية أو الصناعية، والمنظمات النسائية، والمنظمات المجتمعية وغيرها من المنظمات المعنية بالحياة العامة والسياسية.

6- ولكي تكون هذه المساواة فعالة، تتوخى الاتفاقية وجوب أن يتم تحقيقها في إ طار نظام سياسي يتمتع فيه كل مواطن بالحق في التصويت وفي أن ينتخب في انتخابات دورية نزيهة تجرى على أس اس التصويت العام وبالاقتراع السري، بطريقة تضمن التعبير الحر عن إرادة جمهور الناخبين، وفق ما تنص عليه ذلك الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، مثل المادة 21 من ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

7- وقد دفع تشد يد الاتفاقية على أهمية المساواة في الفرص وفي المشاركة في الحياة العامة وصنع القرار باللجنة إلى أن تستعرض المادة 7 وأن تقترح على الدول الأطراف أن تأخذ في الاعتبار، لدى استعراضها لقوانينها وسياستها ولدى تقديم التقارير بموجب الاتفاقية، التعليقات والتوصيات الم بينة أدناه.

تعليقات

8- ظل المجالان العام والخاص ل لنشاط البشري يعتبران دوما ً متميزين، وقد جرى تنظيمهما وفقا ً لذلك. وقد أسند للمرأة دائما ً المجال الخاص أو المنزلي، المرتبط بال إ نجاب وتربية الأطفال، وتعامل هذه الأنشطة في جميع المجتمعات على أنها أقل درجة. وعلى عكس ذلك، تشمل الحياة العامة التي تحظى بالاحترام والتقدير، طائفة واسعة من الأنشطة خارج المجال الخاص والمنزلي. وقد كان الرجل يسيطر على مدى التاريخ على الحياة العامة ويمارس سلطة كانت تمكنه من حصر المرأة وإخضاعها داخل المجال الخاص.

9- ورغم الدور الأساسي الذي ت ؤديه المرأة في كفالة معيشة الأسرة والمجتمع، ومشاركتها في عملية التنمية، فقد استبعدت من الحياة السياسية وعملية صنع القرار، اللتين تحددان مع ذلك نمط حياتها اليومية ومستقبل المجتمعات. وقد كتم هذا الاستبعاد صوت المرأة، وخاصة وقت الأزمات، وطمس مساهمتها وتجاربها .

10 - وفي جميع البلدان، فإن أهم العوامل التي تكبح قدرة المرأة على المشاركة في الحياة العامة، كانت تتمثل في الإطار الثقافي للقيم والمعتقدات الدينية، وانعدام الخدمات، وتخلف الرجل عن تقاسم المهام المتصلة بتنظيم الأسر المعيشية وبرعاية الأطفال وتربيتهم. وأدت ال تقاليد الثقافية والمعتقدات الدينية، في جميع البلدان دورا ً في حصر المرأة في مجالات النشاط الخاصة واستبعادها من المشاركة الفعالة في الحياة العامة.

11- ومن شأن إعفاء المرأة من بعض أعباء العمل المنزلي أن يمكنها من المشاركة على نحو أكبر في حياة مجتمعها. وتبعية المرأة الاقتصادية للرجل غالبا ما تمنعها من اتخاذ القرارات السياسية الهامة ومن المشاركة على نحو فعال في الحياة العامة. وعبء المرأة المزدوج، المتمثل في العمل وتبعيتها الاقتصادية، إلى جانب طول ساعات العمل أو عدم مرونتها في المجال العام والسياسي، كل ذلك يمنعها من أداء دور أكثر فعالية.

12 - وتحصر القوالب النمطية ، بما فيها تلك التي تبثها وسائط الإعلام، دور المرأة في الحياة السياسية في قضايا مثل البيئة والأطفال والصحة، وتستبعدها من المسؤولية عن الشؤون المالية والتحكم بالميزانية وحل المنازعات. ويمكن أن يخلق انخفاض د رجة مشاركة المرأة في المهن التي يختار من بينها السياسيون عقبة أخرى. وفي البلدان التي تمسك فيها الزعيمات بزمام السلطة بالفعل فإن ذلك يكون بفضل نفوذ الآباء، أو الأزواج أو الأقارب من الذكور وليس بفضل نجاحها في الانتخابات بما لها من حق خاص.

النظم السياسية

13 - جرى تأكيد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في دساتير وقوانين معظم البلدان وفي جميع الصكوك الدولية. ومع ذلك، فإن المرأة لم تحقق في السنوات الخمسين الماضية المساواة بل تعززت اللامساواة بانخفاض مستويات مشاركتها في الحياة العامة والسياسية. والسياسات التي يضعها الرجل وحده والقرارات التي يتخذها بمفرده لا تعكس إلا جزءا من التجربة والإمكانات البشرية. ويتطلب التنظيم العادل والفعال للمجتمع إدماج جميع أفراده ومشاركتهم.

14 - ولا يمنح أي نظام سياسي المرأة حق المشاركة الكاملة المتساوية والاستفادة منها على السواء. ومع أن ال أنظمة الديمقراطية حسنت الفرص المتاحة للمرأة للمشاركة في الحياة السياسية، فإن العديد من الحواجز الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ما زالت تواجهها تقيد مشاركتها على نحو خطير. وحتى الديمقراطيات المستقرة تاريخيا قد أخفقت في إدماج آراء ومصالح نصف السكان الذ ي تشكله المرأة إدماجا ً كاملا ً وعلى قدم المساواة. والمجتمعات التي تستبعد المرأة من الحياة العامة ومن عملية صنع القرار لا يمكن وصفها بأنها ديمقراطية. ولن يكون لمفهوم الديمقراطية معنى حقيقي وفعال وتأثير دائم إلا إذا كانت عملية صنع القرار السياسي مشتركة بين ال مرأة والرجل وتأخذ في الاعتبار مصالح كل منهما على قدم المساواة. وتبين دراسة تقارير الدول الأطراف أنه في البلدان التي تشارك فيها المرأة بصورة كاملة وعلى قدم المساواة في الحياة العامة وفي عملية صنع القرار، يتحسن مدى إعمال حقوقها ومدى الامتثال للاتفاقية.

ال تدا بير ال خاصة ال مؤقتة

15 - بالرغم من ضرورة إزالة العقبات القائمة بحكم القانون ، فإن ذلك لا يكفي. فعدم تحقيق مشاركة المرأة بالكامل وعلى قدم المساواة يمكن أن يكون غير مقصود ونتيجة لممارسات وإجراءات بالية تعزز مركز الرجل بصورة غير مقصودة. فبموجب المادة 4 تشجع الات فاقية على اتخاذ تدابير خاصة مؤقتة، بغية إعمال أحكام المادتين 7 و8 على النحو الكامل. وفي الحالات التي وضعت فيها البلدان استراتيجيات مؤقتة فعالة في محاولة لتحقيق المساواة في المشاركة، تم تنفيذ طائفة واسعة من التدابير، منها تعيين مرشحات ومساعدتهن ماليا وتدريب هن، وتعديل الإجراءات الانتخابية، وتنظيم حملات تستهدف تحقيق المساواة في المشاركة، وتحديد أهداف وحصص عددية، وتدابير تهدف إلى تعيين نساء في مناصب عامة مثل الجهاز القضائي أو الفئات الفنية الأخرى التي تضطلع بدور أساسي في الحياة اليومية لكل المجتمعات. وإزالة الع قبات رسميا ً واتخاذ تدابير خاصة مؤقتة لتشجيع مشاركة كل من الرجل والمرأة على قدم المساواة في الحياة العامة لمجتمعاتهما شروط مسبقة أساسية لتحقيق مساواة حقيقية في الحياة السياسية. بيد أنه من أجل التغلب على هيمنة الذكور على المجالات العامة هيمنة دامت قرونا فإن المرأة أيضا بحاجة إلى تشجيع ودعم جميع قطاعات المجتمع لتحقيق المشاركة التامة والفعلية، وهو تشجيع ينبغي أن تقوده الدول الأطراف في الاتفاقية، وكذلك الأحزاب السياسية والمسؤولون الحكوميون. ومن واجب الدول الأطراف كفالة أن تكون التدابير الخاصة المؤقتة مصممة بوضوح لدعم مبدأ المساواة فتمتثل بالتالي للمبادئ الدستورية التي تضمن المساواة لجميع المواطنين.

موجز

16 - تتمثل المسألة الحرجة، التي تم التأكيد عليها في منهاج عمل بيجين (5) ، في الثغرة القائمة بين القانون والواقع، أي حق المرأة في المشاركة في الحياة السياسية والعامة بوجه عام، بالمقارنة بواقع هذه المشاركة. وتظهر البحوث أنه إذا بلغت نسبة مشاركة المرأة 30 إلى 35 في المائة ( وهو ما يسمى عموما "الكتلة الحرجة" ) ، يتحقق تأثير فعلي في أسلوب الحياة السياسية، وفي محتوى القرارات، ويتم تنشيط الحياة السياسية.

17 - ومن أجل تحقيق تمثيل واسع النطاق للمرأة في الحياة العامة، يجب أن تتوفر لها المساواة الكاملة مع الرجل في ممارسة السلطة السياسية والاقتصادية؛ ويجب أن تشارك مشاركة تامة وعلى قدم المساواة في صنع القرارات على جميع المستويات، وعلى الصعيد الوطني والدولي على السواء، حتى يتسنى لها أن تشارك في تحقيق أهداف المساواة والتنمية وإحلال السلام. ووجود منظور يتعلق بنوع الجنس بالغ الأهمية من أجل تحقيق هذه الأهداف وكفالة إقامة ديمقراطية حقة. ولهذه الأسباب من الأساسي، إشراك المرأة في الحياة العامة للاستفادة من مساهمتها، ولكفالة حماية مصالحها، للوفا ء بضمان أن التمتع بحقوق الإنسان حق لجميع الناس بصرف النظر عن نوع الجنس. إن مشاركة المرأة مشاركة تامة أمر أساسي، لا لتمكينها فحسب، بل أيضا للنهوض بالمجتمع ككل.

الحق في التصويت وفي الترش ّ ح للانتخاب ( المادة 7، الفقرة ( أ ))

18 - تلزم الاتفاقية الدول الأطراف باتخ اذ الخطوات الملائمة في دساتيرها أو تشريعاتها لكفالة تمتع المرأة، على أساس المساواة مع الرجل، بحق التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، وفي أن ترشح للانتخاب. ويجب أن يكون التمتع بهذه الحقوق قانونيا وفعليا على السواء.

19 - وتظهر دراسة تقارير الدول ا لأطراف أنه بالرغم من أن جميع هذه الدول تقريبا ً قد اعتمدت أحكاما ً دستورية، أو غير ذلك من الأحكام القانونية، تمنح كلا من المرأة والرجل المساواة في الحق في التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، فإن المرأة لا تزال تواجه صعوبات في ممارسة هذا الحق في ك ثير من الدول.

20 - وتشمل العوامل التي تحول دون إعمال هذه الحقوق ما يلي:

( أ ) كثيرا ً ما يكون وصول المرأة إلى المعلومات المتعلقة بالمرشحين، وبالبرامج السياسية للأحزاب، وبإجراءات التصويت أقل منه بالنسبة للرجل وهي معلومات لا تزودها بها الحكومات والأحزاب السياسي ة. وتشمل العوامل الهامة الأخرى التي تحول دون ممارسة المرأة لحقها في التصويت ممارسة كاملة وعلى قدم المساواة، عدم إلمامها بالقراءة والكتابة، وعدم معرفتها وفهمها للنظم السياسية أو ما يترتب على المبادرات السياسية والسياسات من أثر على حياتها. إن عدم فهم الحقوق والمسؤوليات والفرص المتاحة للتغيير التي يمنحها حق الانتخاب يعني أيضا أن المرأة ليست دائما ً مسجلة للإدلاء بصوتها؛

( ب ) ومن شأن العبء المزدوج الذي ترزح تحته المرأة والمتمثل في العمل والضغوط المالية، أن يحد مما يتاح للمرأة من وقت أو فرص لكي تتابع الحملات الان تخابية وتكون لها حرية تامة في الإدلاء بصوتها؛

( ج ) إن التقاليد والقوالب النمطية الاجتماعية والثقافية في بلدان كثيرة تثني المرأة عن ممارسة حقها في التصويت. وكثير من الرجال يؤثرون على أصوات النساء أو يتحكمون فيها من خلال الإقناع أو الضغط المباشر، بما في ذلك التصويت بالنيابة عنهن. وينبغي منع أي من هذه الممارسات؛

( د ) ومن بين العوامل الأخرى التي تمنع في بعض البلدان مشاركة المرأة في الحياة العامة أو السياسية لمجتمعها القيود المفروضة على حريتها في الحركة وحقها في المشاركة، والمواقف السلبية السائدة تجاه المشاركة ا لسياسية للمرأة، أو لانعدام ثقة جمهور الناخبين في المرشحات وعدم تأييده لهن. وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر بعض النساء المشاركة في العمل السياسي أمرا مكروها وتتجنب المشاركة في الحملات السياسية.

21 - وتفسر هذه العوامل، إلى حد ما على الأقل، المفارقة المتمثلة في أن ال مرأة التي تمثل نصف مجموع الناخبين لا تمارس سلطتها السياسية ولا تشكل تكتلات من شأنها أن تعزز مصالحها أو تغير الحكومة أو تلغي السياسات التمييزية.

22- ولطريقة التصويت وتوزيع المقاعد في البرلمان، واختيار الدوائر آثار هامة على نسبة النساء المنتخبات للبرلمان. وي جب أن تحتضن الأحزاب السياسية مبادئ تساوي الفرص والديمقراطية وأن تسعى إلى تحقيق التوازن في عدد المرشحين من الذكور والإناث.

23 - و إن تمتع المرأة بالحق في التصويت ينبغي ألا يخضع لقيود أو شروط لا تنطبق على الرجل أو تكون لها آثار غير متناسبة على المرأة. من ذلك م ثلا ً أن قصر حق التصويت على الأشخاص الذين بلغوا مستوى تعليميا ً معينا ً ، أو المستوفين للحد الأدنى من شرط الملكية، أو ليسوا أميين ليس أمرا غير معقول فحسب، بل قد ينتهك ضمان حقوق الإنسان للجميع. ومن المرجح أيضا أن تترتب عليه آثار غير متناسبة بالنسبة للمرأة وأن ي تعارض بالتالي مع أحكام الاتفاقية.

الحق في المشاركة في صياغة سياسة الحكومة ( المادة 7 الفقرة ( ب ))

24 - ما زالت مشاركة المرأة في الحكومة على مستوى صياغة السياسات منخفضة بصورة عامة. ورغم التقدم الهام الذي تم إحرازه، وتحقيق المساواة في بعض البلدان، فقد انخفضت مش اركة المرأة في الواقع في بلدان كثيرة.

25 - وتطلب أيضا ً المادة 7 ( ب ) من الدول الأطراف أن تكفل للمرأة الحق في المشاركة التامة والتمثيل في صياغة السياسة العامة في جميع القطاعات وعلى جميع المستويات. ومن شأن ذلك أن ييسر إدماج القضايا المتعلقة بالفوارق بين الجنس ين في الأنشطة الرئيسية وأن يساهم في تحديد منظور يراعي نوع الجنس في رسم السياسة العامة.

26 - وتتحمل الدول الأطراف، إذا كان ذلك في حدود إمكاناتها، مسؤولية تعيين المرأة في المناصب العليا لصنع القرار وكذلك، بطبيعة الحال، مسؤولية التشاور مع الجماعات التي تمثل عل ى نطاق واسع آراء المرأة ومصالحها، والأخذ بنصائحها.

27 - وعلى الدول الأطراف التزام آخر يتمثل في ضمان تحديد وتخطي الحواجز التي تعوق المشاركة الكاملة للمرأة في صياغة السياسة الحكومية. وتشمل هذه الحواجز الاكتفاء بالتعيين الرمزي للمرأة، كما تشمل المواقف التقليدي ة المألوفة التي تثني المرأة عن المشاركة. وعندما لا تكون المرأة ممثلة على نطاق واسع في المستويات العليا في الحكومة، أو عندما لا تستشار بصورة كافية أو لا تستشار إطلاقا ً ، لا تكون سياسة الحكومة شاملة وفعالة.

28 - وفي حين تتمتع الدول الأطراف عموما بسلطة تعيين ال مرأة في المناصب الرئيسية الوزارية والإدارية، تتحمل الأحزاب السياسية أيضا ً مسؤولية ضمان إدراج المرأة في القوائم الحزبية، وترشيحها للانتخاب في المناطق التي يرجح أن تفوز فيها بالانتخابات. وينبغي أن تسعى الدول الأطراف أيضا ً إلى ضمان تعيين المرأة في الهيئات الا ستشارية الحكومية على قدم المساواة مع الرجل وأن تأخذ هذه الهيئات في الاعتبار، حسب الاقتضاء، آراء الجماعات الممثلة للمرأة. وتقع على الحكومات مسؤولية أساسية وهي تشجيع هذه المبادرات على قيادة وتوجيه الرأي العام وعلى تغيير المواقف التي تتسم بالتمييز ضد المرأة أ و لا تحبذ مشاركة المرأة في الحياة السياسية والعامة.

29 - وتشمل التدابير التي اتخذها عدد من الدول الأطراف لضمان المشاركة المتساوية من جانب المرأة في الوظائف الوزارية أو الإدارية الرفيعة المستوى كعضوات في الهيئات الاستشارية الحكومية، ما يلي: إقرار قاعدة مفاده ا ضرورة تفضيل المرشحة عند تساوي مؤهلات الأشخاص المحتمل تعيينهم واعتماد قاعدة مفادها ضرورة ألا يشكل أي من الجنسين أقل من 40 في المائة من أعضاء أي هيئة عامة؛ وتخصيص حصة للمرأة في مجلس الوزراء ولتعيينها في الوظائف العامة؛ والتشاور مع المنظمات النسائية بما يكف ل ترشيح النساء المؤهلات لعضوية الهيئات والوظائف العامة، وإنشاء والاحتفاظ بسجلات لهؤلاء النساء، من أجل تسهيل ترشيح المرأة توطئة لتعيينها في الهيئات والوظائف العامة. وينبغي أن تشجع الدول الأطراف هذه المنظمات على ترشيح النساء المؤهلات والمناسبات لعضوية الهيئا ت الاستشارية عند تعيين أعضاء في تلك الهيئات بناء على ترشيح منظمات خاصة.

حق شغل ال وظائف ال عامة و ت أد ية جميع المهام العامة، ( المادة 7 الفقرة ( ب ))

30 - تثبت دراسة تقارير الدول الأطراف أن المرأة مستبعدة من أعلى المناصب في الوزارات، والخدمة المدنية، والإدارة العا مة، والقضاء، وأنظمة العدالة، ومن النادر أن تعين المرأة في هذه المناصب أو ذات النفوذ، وفي حين أن عددهن في بعض الدول آخذ في الازدياد في الرتب الدنيا، وفي الوظائف المرتبطة عادة بالمنزل أو الأسرة، فهن لا يشكلن إلا أقلية ضئيلة في مناصب صنع القرار المعنية بالسيا سة الاقتصادية أو التنمية أو الشؤون السياسية، أو الدفاع، أو بعثات إحلال السلام، أو تسوية المنازعات، أو تفسير المسائل الدستورية والبت فيها.

31 - وتبين دراسة تقارير الدول أيضا أن القانون يستثنى المرأة في حالات محددة من ممارسة السلطات الملكية، ومن العمل قاضيات في المحاكم الدينية أو التقليدية الموكل إليها الاختصاص بالنيابة عن الدولة، أو من الاشتراك في الجيش مشاركة تامة. وهذه الأحكام تشكل تمييزا ضد المرأة، وتحرم المجتمع من المزايا التي تتيحها مشاركتها ومهاراتها في هذه المجالات في حياة مجتمعها، وتتعارض مع مبادئ الا تفاقية.

حق المشاركة في المنظمات غير الحكومية والمنظمات العامة والسياسية ( المادة 7، الفقرة ( ج ))

32 - تبين دراسة تقارير الدول الأطراف أنه في الحالات القليلة التي تقدم فيها معلومات متعلقة بالأحزاب السياسية، يتضح أن تمثيل المرأة أقل مما يجب، أو أن المرأة تتركز في أدوار أقل تأثيرا من دور الرجل. ولما كانت الأحزاب السياسية تمثل أداة هامة في مجالات صنع القرار، لذا ينبغي أن تشجع الحكومات الأحزاب السياسية على أن تدرس إلى أي مدى تشارك المرأة بالكامل وعلى قدم المساواة في أنشطة تلك الأحزاب، وأن تتولى، إذا لم يكن الأمر كذ لك، تحديد الأسباب. وينبغي تشجيع الأحزاب السياسية على اعتماد تدابير فعالة تشمل توفير المعلومات والموارد المالية وغيرها، للتغلب على العقبات التي تعترض مشاركة المرأة وتمثيلها بصورة كاملة وضمان الفرص المتكافئة للمرأة في الحياة العملية، لتعمل كمسؤولة في الحزب، ولترشيحها للانتخاب.

33- وتشمل التدابير التي اعتمدتها بعض الأحزاب السياسية تخصيص حد أدنى معين أو نسبة مئوية معينة من الوظائف للمرأة في هيئاتها التنفيذية، بما يضمن التوازن بين عدد المرشحين من الذكور والإناث، الذين يتم تسميتهم للانتخابات، وبما يكفل عدم القيام بتخصيص دوائر انتخابية للمرأة تكون أقل مواتاة لها أو أقل المناصب فائدة لها في القائمة الحزبية وذلك بصفة دائمة. ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل السماح بمثل هذه التدابير الخاصة المؤقتة، بصورة محددة في إطار تشريع لمناهضة التمييز، أو ضمانات دستورية أخرى للمسا واة.

34 - ومن واجب المنظمات الأخرى كالنقابات والأحزاب السياسية أن تعبر عن التزامها بمبدأ المساواة بين الجنسين في دساتيرها وفي تطبيق تلك القواعد، وفي تشكيل عضويتها بتمثيل متوازن بين الجنسين في مجالسها التنفيذية حتى يمكن لهذه الهيئات أن تستفيد من المشاركة الك املة والمتساوية لجميع قطاعات المجتمع ومن مساهمات الجنسين. وتوفر هذه المنظمات أيضا ساحة قيمة لتدريب المرأة على اكتساب المهارات السياسية والمشاركة والقيادة، شأنها في ذلك شأن المنظمات غير الحكومية.

المادة 8 ( الصعيد الدول ي)

تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير ال مناسبة لتكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل ودون أي تمييز، فرصة تمثيل حكوماتها على الصعيد الدولي والاشتراك في أعمال المنظمات الدولية.

التعليقات

35 - بموجب المادة 8، تلتزم الحكومات بضمان وجود المرأة على جميع المستويات وفي كل مجالات الشؤون الدولية. وهذا يت طلب إشراكها في المسائل الاقتصادية والعسكرية، في كل من الدبلوماسية المتعددة والثنائية الأطراف، وكذلك في الوفود الرسمية إلى المؤتمرات الدولية والإقليمية.

36 - ويتضح من دراسة تقارير الدول الأطراف أن المرأة ممثلة تمثيلا ناقصا بشكل صارخ في السلكين الدبلوماسي وال خارجي لمعظم الحكومات، ولا سيما في أعلى الرتب. وقد درجت العادة على تعيين المرأة في سفارات أقل أهمية بالنسبة للعلاقات الخارجية للبلد، وفي بعض الحالات تتعرض المرأة للتمييز عند تعيينها بسبب القيود المتصلة بوضعها العائلي. وفي حالات أخرى لا تتاح الاستحقاقات الزو جية والعائلية الممنوحة للدبلوماسيين الذكور للمرأة التي تشغل مناصب مماثلة. ويتم في كثير من الأحيان حرمان المرأة من فرص الاشتغال بالعمل الدولي بسبب افتراضات متعلقة بمسؤولياتها المنزلية، بما في ذلك الافتراض بأن رعاية المعالين داخل الأ سرة سيمنعها من قبول التعي ين.

37 - و ليس بين دبلوماسيي كثير من البعثات الدائمة لدى الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية أي امرأة، ويوجد عدد قليل جدا من النساء في رتب عالية. وتسود الحالة نفسها في اجتماعات مؤتمرات الخبراء التي تحدد الأهداف والخطط والأولويات الدولية والعالمية. وقد أ صبحت مؤسسات منظومة الأمم المتحدة ومختلف الهياكل الاقتصادية والسياسية والعسكرية على الصعيد الإقليمي جهات دولية عامة هامة في مجال التوظيف، غير أن النساء بقين فيها أيضا ً أقلية مركزة في مناصب من رتب دنيا.

38 - و قليلة هي الفرص المتساوية المتاحة للمرأة والرجل لتم ثيل الحكومات على الصعيد الدولي وللمشاركة في عمل المنظمات الدولية، وكثيرا ما يكون ذلك نتيجة عدم وجود معايير وعمليات موضوعية للتعيين والترقية في المناصب ذات الصلة وفي الوفود الرسمية.

39 - وتزيد عولمة العالم المعاصر من أهمية إشراك المرأة في المنظمات الدولية وم ساهمتها في أعمالها، على قدم المساواة مع الرجل. والحكومات ملزمة بإدماج منظور يراعي نوع الجنس وحقوق الإنسان الخاصة بالمرأة في جدول أعمال جميع الهيئات الدولية. ويتخذ كثير من القرارات الحاسمة بشأن القضايا العالمية، مثل صنع السلام وحل المنازعات، والنفقات العسكر ية ونزع السلاح النووي، والتنمية والبيئة، والمعونة الخارجية وإعادة الهيكلة الاقتصادية، بمشاركة محدودة من المرأة. ويقع هذا في تناقض صارخ مع مشاركتها في هذه المجالات على الصعيد غير الحكومي.

40 - وسيؤدي إشراك عدد متزايد من النساء في المفاوضات الدولية، وأنشطة حف ظ السلام، وعلى جميع مستويات الدبلوماسية الوقائية، والوساطة، والمساعدة الإنسانية، والمصالحة الاجتماعية، ومفاوضات السلام، ونظام العدالة الجنائية الدولي، إلى إحداث تغيير. وعند التصدي للمنازعات المسلحة أو غيرها من المنازعات، لا بد من وجود منظور وتحليل يراعيان نوع الجنس بغية فهم آثارهما المختلفة على المرأة والرجل (10) .

التوصيات

المادتان 7 و8

41 - ينبغي أن تكفل الدول الأطراف امتثال دساتيرها وتشريعاتها لمبادئ الاتفاقية، ولا سيما المادتان 7 و8 منها.

42 - و الدول الأطراف ملزمة باتخاذ جميع التدابير الملائمة، بما فيها سن تشريعات مناسبة تمتثل لأحكام دساتيرها لكفالة عدم قيام منظمات ، مثل الأحزاب السياسية والنقابات التي قد لا تخضع مباشرة لالتزامات بموجب الاتفاقية ، بالتمييز ضد المرأة ولكفالة احترامها للمبادئ الواردة في المادتين 7 و8.

43 - و ينبغي للدول الأطراف أن تحدد وتنفذ تدابي ر خاصة مؤقتة تكفل التمثيل المتساوي للمرأة في جميع الميادين المشمولة بالمادتين 7 و8.

44- و ينبغي للدول الأطراف أن توضح سبب، ونتيجة، إبداء أي تحفظات على المادتين 7 أو 8 وأن تشير إلى المجالات التي تعكس فيها تلك التحفظات أية مواقف تقليدية أو عرفية أو نمطية تجاه دور المرأة في المجتمع، إضافة إلى الخطوات التي تتخذها الدول الأطراف لتغيير تلك المواقف. وينبغي للدول الأطراف أن تبقي ضرورة التمسك بتلك التحفظات قيد الاستعراض الوثيق وأن تدرج في تقاريرها جدولا زمنيا لسحب تلك التحفظات.

المادة 7

45 - طبقا ً للفقرة ( أ ) من المادة 7، تشمل التدابير التي ينبغي أن تُ حد َّ د وت ُ ن َ ف َّ ذ وت ُ رصد لأغراض تحقيق ال فعالية تلك التدابير الرامية إلى:

( أ ) تحقيق توازن بين النساء والرجال ا ل ذين يشغلون مناصب عامة عن طريق الانتخاب؛

( ب ) كفالة فهم المرأة لحقها في التصويت، وأهمية هذا الحق وكيفية ممارسته؛

( ج ) كفالة تذليل العقبات التي تقف في طريق المساواة، بما فيها العقبات الناشئة عن الأمية واللغة والفقر والعقبات التي تعيق حرية تحرك المرأة؛

( د ) مساعدة المرأة المحرومة من هذه الامتيازات في أن تمارس حقها في التصويت وأن تُنتخب.

46 - وطبقا للفقرة ( ب ) من المادة 7، تشمل التدابير المشار إليها التدابير الرامية إلى كفالة:

( أ ) تساوي تمثيل المرأة في صياغة سياسة الحكومة؛

( ب ) تمتع المرأة بممارسة الحق المتساوي في شغل الوظائف العامة؛

( ج ) اتباع ممارسات توظيف موجهة نحو المرأة تكون مفتوحة وخاضعة للطعن.

47 - وطبقا للفقرة ( ج ) م ن المادة 7، تشمل التدابير المشار إليها التدابير الرامية إلى:

( أ ) كفالة سن تشريعات فعالة تحظر التمييز ضد المرأة؛

( ب ) تشجيع المنظمات غير الحكومية والرابطات العامة والسياسية على اعتماد استراتيجيات تشجع تمثيل ومشاركة المرأة في عملها.

48 - وعند تقديم تقرير بمو جب المادة 7، ينبغي ل لدول الأطراف القيام بالتالي:

( أ ) بيان الأحكام القانونية الخاصة بإعمال الحقوق الواردة في المادة 7؛

( ب ) تقديم تفاصيل عن أي قيود على تلك الحقوق، سواء كانت ناشئة عن أحكام قانونية أو عن ممارسات تقليدية أو دينية أو ثقافية؛

( ج ) بيان التدابي ر المتخذة والرامية إلى تذليل العقبات التي تقف في سبيل ممارسة تلك الحقوق؛

( د ) إدراج بيانات إ حصائية مصنفة حسب الجنس وتظهر النسبة المئوية للنساء اللا ت ي يتمتعن بهذه الحقوق بالمقارنة بالرجال؛

(ه‍) وصف أنواع صياغة السياسات، بما في ذلك ما يرتبط منها ببرامج التن مية التي تشارك المرأة فيها ومستوى تلك المشاركة ومداها؛

( و ) بيان مدى مشاركة النساء في المنظمات غير الحكومية في بلدهن. بما فيها ال منظمات النسائية وذلك في إطار الفقرة ( ج ) من المادة 7.

( ز ) تحليل مدى كفالة الدولة الطرف استشارة تلك المنظمات وأثر مشورتها على جم يع مستويات صياغة وتنفيذ سياسة الحكومة؛

( ح ) تقديم معلومات عن التمثيل الناقص للنساء ك أ عضا ء وك مسؤولات في الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات أرباب العمل والجمعيات المهنية، وتحليل العوامل التي تسهم في ذلك النقص .

المادة 8

49 - تشمل التدابير التي ينبغي أن تُ حد ّ َ د وتنف َّ ذ وت ُ رصد لأغراض تحقيق الفعالية التدابير الرامية إلى كفالة تحسين التوازن بين الجنسين في عضوية جميع هيئات الأمم المتحدة، بما في ذلك اللجان الرئيسية للجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وهيئات الخبراء، ومن ضمنها الهيئات المنشأة بمعاهدات، وفي ا لتعيينات في الأفرقة العاملة المستقلة أو تعيينهن بصفة مقررة قطرية أو مقررة خاصة.

50 - وعند تقديم تقرير بموجب المادة 8، ينبغي ل لدول الأطراف:

( أ ) أن تقدم إ حصائيات، مصنفة حسب الجنس، تظهر النسبة المئوية للنساء العاملات في السلك الخارجي أو المشتغلات بصورة منتظمة في التمثيل الدولي أو العاملات بالنيابة عن الدولة، بما في ذلك عضويتهن في الوفود الحكومية إلى المؤتمرات الدولية وترشيحهن لمهام حفـظ السلام أو تسوية النزاعات ومعلومات عن أقدميتهن في القطاع ذي الصلة؛

( ب ) أن تبين الجهود الرامية إلى وضع معايير وعمليات موضوعية لتعيين وترقية المرأة في المناصب والوفود الرسمية ذات الصلة؛

( ج ) أن تبين الخطوات المتخذة لتنشر على نطاق واسع المعلومات المتعلقة بالالتزامات الدولية للحكومة والتي تمس المرأة، ونشر الوثائق الرسمية التي تصدرها المحافل المتعددة الأطراف، ولا سيما إلى الهيئات الح كومية وغير الحكومية المسؤولة عن النهوض بالمرأة؛

( د ) أن تقدم معلومات عن التمييز ضد المرأة بسبب أنشطتها السياسية، سواء كانت بصفتها الفردية أو بصفتها عضوا في منظمة نسائية أو غيرها.

الحواشي

( 1 ) قرار الجمعية العامة 217 ألف ( د-3 ) .

( 2 ) قرار الجمعية العامة 2200 ألف ( د- 21) ، المرفق.

( 3 ) قرار الجمعية العامة 640 ( د-7 ) .

( 4 ) تقرير المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، فيينا، 14 - 25 حزيران/يونيه 1993A/CONF.157/24) ( الجزء الأول )) ، الفصل الثالث.

( 5 ) تقرير المؤت م ر العالمي الرابع المعني بالم ر أة، بيجين، 4- 15 أيلول/سبتمبر 1995A/CONF.77/20) و(Add.1 الفصل الأول، القرار 1، المرفق الأول.

( 6 ) انظر الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة الثالثة والأربعون، الملحق رقم 38 (A/43/38)، الفصل الخامس.

( 7 )CCPR/C/21/Rev.1/Add.7، 27 آب/أغسطس 1996 .

الحواشي ( تابع )

( 8 )96/694/EC، بروكسل، 2 كانو ن الأول/ديسمبر 1996 .

( 9 ) اللجنة الأوروبية، الوثيقة V/1206/96-EN( آذار/مارس 1996) .

(10) انظر الفقرة 141 من منهاج العمل الذي اعتمده المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة، المعقود في بيجين في الفترة من 4 إلى 15 أيلول/سبتمبر 1995A/CONF.177/20))، الفصل الأول ، القرار 1، المرفق الثان ي) . وانظر أيضا الفقرة 134 التي جاء فيها: "ووصول المرأة إلى هياكل السلطة ومشاركتها الكاملة فيها على قدم المساواة، ومشاركتها الكاملة في جميع الجهود التي تبذل من أجل منع المنازعات وتسويتها، كلها أمور أساسية لصون وتعزيز السلام والأمن".

الدورة العشرون (1999) *

التوصية العامة رقم 24: ا لمادة 12 من ا لا تفاقية (المرأة والصحة)

1- بعد أن أكدت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، أن إمكانية الحصول على الرعاية الصحية، بما فيها الصحة الإنجابية، هي حق أساسي بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشك ال التمييز ضد المرأة، قررت في دورتها العشرين، عملا بالمادة 21 ، أن تعد توصية عامة بشأن المادة 12 من الاتفاقية.

معلومات أساسية

2 - يشكل امتثال الدول الأطراف لأحكام المادة 12 من الاتفاقية أمرا ذا أهمية رئيسية بالنسبة لصحة المرأة ورفاهها. وتقضي تلك المادة بأن ت قوم الدول بالقضاء على التمييز ضد المرأة في مجال الحصول على خدمات الرعاية الصحية طوال دورة الحياة، وبخاصة في مجال تنظيم الأسرة وفي فترات الحمل والولادة وما بعد الولادة. ويتبين من النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف عملا بالمادة 18 من الاتفاقية أن صحة المرأة مسألة معترف بكونها شاغلا جوهريا في مجال تعزيز صحة المرأة ورفاهها. وإفادة للدول الأطراف وللمهتمين والمنشغلين بصفة خاصة بالمسائل المحيطة بصحة المرأة، تهدف هذه التوصية العامة إلى توضيح فهم اللجنة للمادة 12، وإلى تناول التدابير الرامية إلى القضاء على ا لتمييز، من أجل إعمال حق المرأة في بلوغ أعلى مستوى ممكن من مستويات الصحة.

3 - وهذه الأهداف تناولتها أيضا مؤتمرات الأمم المتحدة العالمية المعقودة مؤخرا ً . وقد وضعت اللجنة في اعتبارها ، لدى إعداده هذه التوصية العامة، برامج العمل ذات الصلة المعتمدة في مؤتمرات الأ مم المتحدة العالمية، وبخاصة برامج العمل الصادرة عن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1993، والمؤتمر الدولي للسكان والتنمية لسنة 1994، والمؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة لسنة 1995. كما أحاطت اللجنة علما ً بأعمال منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان وغيرهما من هيئات الأمم المتحدة. وقد تعاون مع اللجنة في إعداد هذه التوصية العامة عدد كبير من المنظمات غير الحكومية ذات الخبرة الخاصة في مجال صحة المرأة.

ـــــــــــــــ

* واردة في الوثيقة A/54/38/Rev.1، الفصل الأول.

4- وتلاحظ اللجنة تشديد بعض صكوك الأمم المتحدة الأخرى على الحق في الصحة وعلى توفير الظروف التي تتيح التمتع بالصحة الجيدة. ومن هذه الصكوك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

5 - وتشير اللجنة أيضا ً إلى توصياتها العامة السابقة بشأن ختان الإناث، وفيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) ، والنساء المعوقات، والعنف ضد المرأة، والمساواة في العلاقات الأسرية، التي تشير كلها إلى مسائل تعتبر جزءا لا يتجزأ من الامتثال التام للمادة 12 من الاتفاقية.

6 - وبينما يمكن أن تؤدي الاختلافات البيولوجية بين المرأة والرجل إلى اختلافات في الحالة الصحية، توجد عوامل اجتماعية تحدد الحالة الصحية للمرأة والرجل ويمكن أن تتباين فيما ب ين النساء أنفسهن. ولهذا السبب، ينبغي إيلاء اهتمام خاص إلى الاحتياجات والحقوق الصحية للمرأة التي تنتمي إلى فئات ضعيفة ومحرومة، مثل المهاجرات واللاجئات والمشردات داخليا ً ، والطفلات، والمسنات، والممارسات للدعارة، والنساء المنتميات إلى الشعوب الأصلية، والمعوقات جسديا أو عقليا.

7- وتلاحظ اللجنة أن الإعمال التام لحق المرأة في الصحة لا يمكن أن يتحقق إلا حين تفي الدول الأطراف بالتزامها باحترام وحماية وتعزيز حق المرأة الأساسي في الصحة التغذوية طوال فترات حياتها عن طريق الإمداد بالأغذية المأمونة المغذية الملائمة للظرو ف المحلية. وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ الخطوات اللازمة لتيسير إمكانية الوصول ماديا واقتصاديا إلى الموارد الإنتاجية، لا سيما للريفيات، والعمل بطرق أخرى على تلبية الاحتياجات التغذوية الخاصة لجميع النساء اللائي تشملهن ولاياتها.

المادة 12

8- فيما يلي نص المادة 12 :

"1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان الرعاية الصحية من أجل أن تضمن لها، على أساس تساوي الرجل والمرأة، الحصول على خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك الخدمات المتصلة بتنظيم الأسرة.

"2 - بالرغم من أحكام الفقرة 1 من هذه المادة، تكفل الدول الأطراف للمرأة الخدمات المناسبة فيما يتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة، وتوفر لها الخدمات المجانية عند الاقتضاء، وكذلك التغذية الكافية أثناء الحمل والرضاعة".

وتُشّجع الدول الأطراف على الاهتمام ب مسألة صحة المرأة طوال فترة عمرها. ومن ثـم، فإن كلمة "المرأة" تشمل لأغراض هذه التوصية العامة الفتيات والمراهقات. وستبين هذه التوصي ـ ة العامة تحليل اللجنة للعناصر الرئيسية للمادة 12.

العناصر الرئيسية

المادة 12 ( 1 )

9 - تعتبر الدول الأطراف بحكم وضعها أفضل من يستط يع تقديم التقارير عن أهم المسائل الصحية التي تؤثر على المرأة في بلدانها. ومن ثم فلكي تتمكن اللجنة من تقييم ما إذا كانت التدابير الرامية إلى القضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان الرعاية الصحية تدابير مناسبة، يجب أن تقدم الدول الأطراف بشأن تشريعاتها وخططها وسياساتها الصحية المتعلقة بالمرأة تقارير تتضمن بيانات موثوقة ومبوبة حسب الجنس بشأن معدلات الإصابة بالأمراض ومدى شدتها والأحوال التي تعرض صحة المرأة وتغذيتها للخطر، وبشأن مدى توافر التدابير الوقائية والعلاجية وفعاليتها من حيث التكلفة. ويجب أن تبرهن التقارير المقدمة إلى اللجنة على أن التشريعات والخطط والسياسات الصحية مستندة إلى بحوث علمية وأخلاقية وإلى تقييم للحالة الصحية والاحتياجات الصحية للمرأة في البلد المعني وتراعي أي تباينات إثنية أو إقليمية أو مجتمعية أو أي ممارسات مبنية على الدين أو التقاليد أو الثقاف ة.

10- وتُشّجع الدول الأطراف على تضمين تقاريرها معلومات عن الأمراض والأحوال الصحية والظروف الخطرة على الصحة التي تؤثر على النساء أو بعض فئاتهن تأثيرا مختلفا عن تأثيرها على الرجال، فضلا عن معلومات عن التدخلات التي يمكن القيام بها في هذا الصدد.

11 - وتعتبر ال تدابير الرامية إلى القضاء على التمييز ضد المرأة غير مناسبة إذا كان نظام الرعاية الصحية مفتقرا إلى الخدمات اللازمة للوقاية من الأمراض التي لا تصيب إلا المرأة وللكشف عن تلك الأمراض ومعالجتها. وإنه لمن قبيل التمييز أن ترفض الدولة الطرف أن تكفل قانونا ً للمرأة أداء خدمات معينة في مجال الصحة الإنجابية. وعلى سبيل المثال، إذا رفض مقدمو الخدمات الصحية أداء تلك الخدمات بدافع الاستنكاف الضميري، تعين اتخاذ التدابير الكفيلة بإحالة المرأة إلى جهات بديلة توفر تلك الخدمات.

12 - وينبغي للدول الأطراف أن تقدم تقارير عن كيفية م عالجة سياسات الرعاية الصحية وتدابيرها للحقوق الصحية للمرأة من منظور احتياجات المرأة وشواغلها، وكيفية معالجتها للسمات والعوامل المميزة التي تختلف في حالة المرأة عن حالة الرجل، وذلك من قبيل:

( أ ) العوامل البيولوجية المختلفة في حالة المرأة عن حالة الرجل، مثل الدورة الشهرية، والوظيفة الإنجابية للمرأة، وانقطاع الحيض. ومن الأمثلة الأخرى على ذلك تعرض المرأة بدرجة أكبر لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي؛

( ب ) العوامل الاجتماعية - الاقتصادية التي تختلف في حالة النساء بوجه عام وبعض فئاتهن بوجه خاص. ومن ذل ك مثلا أن علاقات القوة غير المتكافئة بين المرأة والرجل في المنزل وفي مكان العمل يمكن أن تؤثر على تغذية المرأة وصحتها تأثيرا سلبيا. ويمكن للمرأة أيضا أن تتعرض إلى أشكال العنف المختلفة التي يمكن أن تؤثر في صحتها. وكثيرا ما تكون الطفلات والمراهقات معرضات للإي ذاء الجنسي من الرجال وأفراد الأسرة الأكبر سنا، مما يجعلهن معرضات لمخاطر الأذى البدني والنفسي وللحمل غير المرغوب فيه والمبكر. كما أن بعض الممارسات الثقافية والتقليدية التي من قبيل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، تحمل في طياتها قدرا كبيرا من خطر الوفاة والإع اقة؛

( ج ) العوامل النفسانية - الاجتماعية التي تختلف في حالة المرأة عن حالة الرجل، وتشمل الإصابة بالاكتئاب عموما والاكتئاب فيما بعد الولادة بوجه خاص، وغير ذلك من الأحوال النفسية، التي من قبيل الأحوال التي يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات الأكل التي من نوع فقدان ال شهية أو الإصابة بالشَره المرضي؛

( د ) وفي حين أن قلة الاحترام لسرية خصوصيات المرضى تؤثر على الرجل بقدر ما تؤثر على المرأة، فإنها يمكن أن تثني المرأة عن التماس المشورة والعلاج وأن تؤثر بالتالي تأثيرا سلبيا على صحتها ورفاهها. ولهذا السبب، تصبح المرأة أقل استع دادا لالتماس الرعاية الطبية المتعلقة بأمراض الجهاز التناسلي، أو منع الحمل، أو حالات الإجهاض غير المكتمل، وفي الحالات التي تتعرض فيها لعنف جنسي أو بدني.

13 - والواجب الملقى على عاتق الدول الأطراف بأن تضمن للمرأة، على أساس المساواة مع الرجل، الحصول على خدمات الرعاية الصحية والتثقيف، يعني ضمنا ً الالتزام باحترام حقوق المرأة في الرعاية الصحية وحماية تلك الحقوق والوفاء بها. والدول الأطراف مسؤولة عن كفالة تقيد التشريعات والإجراءات التنفيذية والسياسات بهذه الالتزامات الثلاث ـ ة. وعليها أيضا ً أن تقيم نظاما يكفل الإجراء ات القضائية الفعالة. وعدم القيام بذلك يشكل انتهاكا ً للمادة 12.

14 - والالتزام باحترام الحقوق يقتضي من الدول الأطراف أن تمتنع عن إعاقة ما تفعله المرأة سعيا إلى بلوغ أهدافها الصحية. وينبغي للدول الأطراف أن تقدم تقارير عن كيفية وفاء الجهات التي توفر الرعاية ال صحية في القطاعين العام والخاص بواجباتها فيما يتعلق بحماية حقوق المرأة في الحصول على الرعاية الصحية. وعلى سبيل المثال، ينبغي ألا تقيد الدول الأطراف إمكانية وصول المرأة إلى الخدمات الصحية أو إلى العيادات التي توفر هذه الخدمات بحجة أن المرأة ليس لديها إذن بذل ك من الزوج أو القرين أو الوالدين أو السلطات الصحية، أو لأنها غير متزوجة * ، أو لأنها امرأة. والعقبات الأخرى التي تحول دون حصول المرأة على الرعاية الصحية المناسبة تشمل القوانين التي تجرم الإجراءات الطبية التي لا تحتاج إليها إلا المرأة، والتي تعاقب من تُجرى له ن تلك الإجراءات.

15 - والالتزام بحماية الحقوق المتصلة بصحة المرأة يقتضي من الدول الأطراف ومن وكلائها ومسؤوليها اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انتهاك تلك الحقوق من جانب الأشخاص العاديين والمنظمات، وفرض الجزاءات على مرتكبيها. ولما كان العنف القائم على أساس الجن س يمثل قضية صحية ذات أهمية حاسمة بالنسبة للمرأة، ينبغي للدول الأطراف أن تكفل:

( أ ) سن القوانين وإنفاذها بفعالية ورسم السياسات، بما في ذلك بروتوكولات الرعاية الصحية والإجراءات المتبعة في المستشفيات، للتصدي للعنف ضد المرأة والاعتداء الجنسي على الطفلات وتوفير الخدمات الصحية المناسبة؛

( ب ) التدريب الذي يراعي الفوارق بين الجنسين لتمكين العاملين في مجال الرعاية الصحية من اكتشاف ومعالجة الآثار المترتبة على العنف القائم على أساس الجنس؛

( ج ) إجراءات تتسم بالإنصاف وتوفر الحماية للنظر في الشكاوى وفرض الجزاءات المناسبة على المهنيين العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يعتدون جنسيا على النساء المريضات؛

( د ) سن القوانين التي تحظر تشويه الأعضاء الجنسية للإناث وزواج الطفلات، وإنفاذ تلك القوانين على نحو فعال.

16 - و ينبغي للدول الأطراف أن تكفل توفير ما يكفي من الحماية والخدما ت الصحية للمرأة، بما في ذلك العلاج من الصدمات وتقديم المشورة بشأنها، للمرأة التي تواجه ظروفا جد صعبة، مثل المرأة الواقعة في ورطة صراع مسلح، واللاجئات.

_______________

* انظر الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة التاسعة والأربعون، الملحق رقم 38 ((A/49/38، الفصل الأول، الفرع ألف، التوصية العامة رقم 21، الفقرة 29.

17 - وواجب الوفاء بالحقوق يفرض على الدول الأطراف التزاما باتخاذ التدابير التشريعية والقضائية والإدارية والميز ا نية والاقتصادية، وغيرها من التدابير المناسبة، إلى أقصى حد تسمح به مواردها المتاحة، لكفا لة تمتع المرأة بحقوقها في الرعاية الصحية. والدراسات التي تؤكد ارتفاع معدلات الوفيات والاعتلال بين الأمهات في جميع أ نحاء العالم، وضخامة أعداد الأزواج الذين يريدون الحد من حجم أسرهم ولكن لا سبيل لهم إلى أي شكل من أشكال وسائل منع الحمل، أو لا يستخدمون تلك الو سائل، توفر للدول الأطراف مؤشرا هاما على الانتهاكات المحتملة لواجباتها التي تقتضي منها كفالة حصول المرأة على الرعاية الصحية. كما تطلب اللجنة إلى الدول الأطراف أن تقدم تقارير عما فعلته للتصدي لجسامة مشكلة اعتلال صحة المرأة، ولا سيما حين يكون ناجما عن أمراض ي مكن الوقاية منها، مثل السل وفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. ويساور اللجنة القلق من تعاظم الأدلة على تقليص الدول لالتزاماتها، بنقلها لمهام الدولة الصحية إلى هيئات خاصة. ولا يمكن أن تتخلى الدول الأطراف عن مسؤولياتها في هذه المجالات بتفويض هذه الصلاحيات إلى هيئات القطاع الخاص أو بنقلها إلى تلك الهيئات. ولذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تقدم تقارير عما فعلته لتنظيم العمليات الحكومية وجميع الهياكل التي تمارس من خلالها السلطة العامة لتعزيز وحماية صحة المرأة. وينبغي لها أن تدرج في تلك التقارير معلومات عن التدابير ال إيجابية المتخذة للحد من انتهاك أطراف ثالثة لحقوق المرأة، ولحماية صحتها، وعن التدابير التي اتخذتها تلك الدول لضمان توفير هذه الخدمات.

18 - ولقضايا فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب وغير ذلك من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي أهمية كبرى ب النسبة لحقوق المرأة والمراهقة في الصحة الجنسية. ففي كثير من البلدان، تفتقر المراهقة والمرأة إلى إمكانية التوصل بشكل كاف إلى المعلومات والخدمات اللازمة لضمان الصحة الجنسية. ونتيجة لعلاقات عدم تكافؤ القوى القائم على أساس الجنس، غالبا ما تعجز المرأة والمراهقة عن رفض ممارسة الجنس أو التمسك بالممارسات الجنسية المأمونة والمسؤولة. كما أن الممارسات التقليدية الضارة، من قبيل تشويه الأعضاء الجنسية للإناث وتعدد الزوجات، فضلا عن الاغتصاب في إطار الزواج، قد تعرض الفتيات والنساء لمخاطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/ متلازمة نقص المناعة المكتسب وغير ذلك من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي. كما أن النساء الممارسات للدعارة يتعرضن بشدة لهذه الأمراض. وينبغي للدول الأطراف أن تكفل، دون تحيز أو تمييز، الحق في الحصول على المعلومات والتربية والخدمات المتصلة بالصحة الجنسية لجميع النساء والفتيات، بمن فيهن من جرى الاتجار بهن، حتى ولو كن غير مقيمات في البلد بطريقة قانونية. وعلى وجه التحديد، ينبغي للدول الأطراف أن تكفل للمراهقات والمراهقين الحق في التربية الصحية الجنسية والإنجابية، على أيدي أفراد حاصلين على تدريب ملائم، وذلك في إطار برامج مرسومة خصيصا تحترم الحق في الخصوصية والسرية.

19 - وينبغي للدول الأطراف أن تحدد في تقاريرها المعيار الذي تقيّم على أساسه مدى حصول المرأة على الرعاية الصحية على أساس التساوي مع الرجل، وذلك إثباتا ً للامتثال للمادة 12. وينبغي أن تضع الدول الأطراف في اعتبا رها، لدى تطبيق هذه المعايير ، أحكام المادة 1 من الاتفاقية. ومن ثم ينبغي أن تشمل التقارير تعليقات على تأثير السياسات والإجراءات والقوانين والبروتوكولات الصحية على المرأة، مقارنا بتأثيرها على الرجل.

20 - وللمرأة الحق في أن تحصل من موظفين مدربين تدريبا سليما عل ى معلومات كاملة عن الخيارات المتاحة لها لدى الموافقة على تلقي العلاج أو إجراء البحوث، بما في ذلك الفوائد والآثار الضارة المحتملة التي يمكن أن تنجم عن الإجراءات المقترحة، والبدائل المتاحة.

21 - وينبغي أن تقدم الدول الأطراف تقارير عن التدابير المتخذة لإزالة ا لحواجز التي تجابه المرأة في مجال الحصول على خدمات الرعاية الصحية وعن التدابير التي اتخذتها لكفالة حصول المرأة في حدود القدرة على تلك الخدمات في الوقت المناسب. وهذه الحواجز تشمل المتطلبات أو الشروط التي تنتقص من إمكانية حصول المرأة على تلك الخدمات، مثل ارتف اع رسوم خدمات الرعاية الصحية، واشتراط الموافقة الأولية من الزوج أو الوالد أو سلطات المستشفيات، وب ُ عد المسافة عن المرافق الصحية، وعدم توفر وسائل نقل عام مريحة وميسورة.

22 - وينبغي للدول الأطراف أيضا أن تقدم تقارير عن التدابير المتخذة لكفالة الحصول على خدمات جيدة للرعاية الصحية، وذلك، مثلا، بجعلها مقبولة للمرأة. والخدمات المقبولة هي الخدمات التي تقدم على نحو يكفل موافقة المرأة وعن علم تام؛ وهي التي تحترم كرامتها، وتضمن سرية خصوصياتها، وتتسم بالحساسية لاحتياجاتها والتفهم لمنظورها. وينبغي للدول الأطراف ألا تسمح بأشكال القسر التي تنتهك حقوق المرأة في إعطاء الموافقة المستنيرة والتمتع بالكرامة، مثل التعقيم بدون الرضا والفحص الإلزامي لاكتشاف الأمراض التي تنتقل بالاتصال الجنسي والفحص الإلزامي للحمل كشرط للتوظيف.

23 - وينبغي للدول الأطراف أن تذكر في تقاريرها التدابير ال تي اتخذتها لكفالة الحصول في الوقت المناسب على م ج موعة الخدمات المتصلة بتنظيم الأسرة بوجه خاص، والمتصلة بالصحة الجنسية والإنجابية بوجه عام. وينبغي إيلاء اهتمام خاص إلى التثقيف الصحي للمراهقين، بما فيه تقديم المعلومات وإسداء المشورة عن جميع طرق تنظيم الأسرة *.

24 - وتثير ظروف خدمات الرعاية الصحية للمسنات قلق اللجنة، لا لمجرد أن المرأة تُعمر أكثر من الرجل ومن الأرجح أن تعاني أكثر مما يعانيه من الأمراض المزمنة المعوقة وأمراض الشيخوخة مثل ترقق العظام والعته، بل لأن المرأة تتحمل في كثير من الأحيان عبء رعاية زوجها ال مسن في المنزل. ولذلك، ينبغي أن تتخذ الدول الأطراف التدابير الملائمة لتكفل للمسنات الحصول على الخدمات الصحية لمعالجة العاهات وحالات العجز المرتبطة بالشيخوخة.

25 - وفي كثير من الأحيان، تعاني المعوقات مهما كان سنهن، من صعوبة الوصول، فعليا، إلى الخدمات الصحية. وتعاني من ذلك بصفة خاصة النساء المصابات بعجز عقلي، بينما لا يوجد سوى تفهم محدود بصفة عامة للمجموعة الكبيرة من مخاطر الصحة العقلية التي تتعرض لها المرأة على نحو غير متناسب نتيجة للتمييز ضدها، والعنف، والفقر، والصراع المسلح، والتشرد. والأشكال الأخرى للحرمان الاجتماعي. وينبغي أن تتخذ الدول الأطراف التدابير الملائمة لتكفل مراعاة الخدمات الصحية لاحتياجات المعوقات واحترامها لحقوقهن الإنسانية ولكرامتهن.

المادة 12(2)

26 - ينبغي أن تتضمن التقارير أيضا التدابير التي اتخذتها الدول الأطراف لكفالة توافر الخدمات المناسبة للمرأة فيما يتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة. وينبغي أن تشمل التقارير كذلك معلومات عن المعدلات التي خفضت بها هذه التدابير معدلات الوفاة والاعتلال بين الأمهات في بلدانها بوجه عام، وفي المناطق والمجتمعات المحلية المعرضة للخطر بوجه خاص.

27 - وينبغي أ ن تبين الدول الأطراف في تقاريرها كيف توفر الخدمات المجانية عند الاقتضاء لكفالة السلامة للمرأة في فترات الحمل والولادة وما بعد الولادة. ويتعرض كثير من النساء لخطر الوفاة أو الإعاقة من جراء الأسباب المتصلة ـــــــــــــــ

* ينبغي أيضا للتثقيف الصحي للمراهق ين أن يتناول، فيما يتناول، المساواة بين الجنسين، والعنف، و الوقاية من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي، وحقوق الصحة الإنجابية والجنسية.

بالحمل ، وذلك لأنهن يفتق ـ رن إلى ما يل ـ زم من المال للحصول على الخدمات الضرورية أو للوصول إليها، وتشمل هذه خدمات ما قبل الول ادة والولادة وما بعد الولادة. وتلاحظ اللجنة أن من واجب الدول الأطراف أن تكفل حق المرأة في الأمومة المأمونة وخدمات الولادة الطارئة وأن تخصص لهذه الخدمات أقصى قدر من الموارد المتاحة.

المواد الأخرى ذات الصلة في الاتفاقية

28 - تُحث الدول الأطراف على أن تدرك، ف يما تقدمه من تقارير عن التدابير المتخذة للامتثال للمادة 12، ارتباط تلك المادة بمواد أخرى في الاتفاقية لها تأثير على صحة المرأة. وتشمل هذه المواد الأخرى المادة 5 (ب)، التي تقتضي من الدول الأطراف كفالة أن تتضمن التربية الأسرية تفهما سليما للأمومة بوصفها وظيف ة اجتماعية؛ والمادة 10 التي تقتضي من الدول الأطراف كفالة تكافؤ فرص الحصول على التعليم، وبذلك تمكن المرأة من الحصول على الرعاية الصحية بسهولة أكبر، وخفض معدلات ترك الدراسة بين الطالبات، الذي ينجم في معظم الأحيان عن الحمل قبل الأوان؛ والفقرة ( ح ) من المادة 10 التي تنص على أن تتيح الدول الأطراف للمرأة والفتاة إمكانية الوصول إلى معلومات تثقيفية محددة لمساعدتهما على ضمان رفاه الأسرة، بما فيها معلومات ومشورة بشأن تنظيم الأسرة؛ والمادة 11، التي تتعلق 'جزئيا' بحماية صحة المرأة وسلامتها في ظروف العمل، بما في ذلك حماي ة وظيفة الإنجاب، والحماية الخاصة من أنواع العمل الضارة خلال فترة الحمل، وتوفير إجازة الأمومة المدفوعة الأجر؛ والفقرة 2 ( ب ) من المادة 14 التي تقتضي من الدول الأطراف أن تكفل للمرأة في المناطق الريفية نيل تسهيلات العناية الصحية الملائمة، بما في ذلك المعلومات والنصائح والخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة، و ( ح ) التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ جميع التدابير المناسبة التي تكفل للمرأة التمتع بظروف معيشية ملائمة، ولا سيما فيما يتعلق بالإسكان والإصحاح والإمداد بالكهرباء والماء، والنقل، والاتصالات، وكلها أمور بالغة الأهمية للوقاية من الأمراض ونشر الرعاية الصحية الجيدة؛ والفقرة 1 (ه‍) من المادة 16 التي تقتضي من الدول الأطراف أن تكفل للمرأة حقوقا متساوية مع حقوق الرجل تجعلها تقرر بحرية وبشعور بالمسؤولية عدد أطفالها والفترة بين إنجاب طفل وآخر، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق. كما أن الفقرة 2 من المادة 16 تُحرم خطبة الأطفال وزواجهم، وهذا التحريم عامل هام في منع الضرر البدني والنفسي الذي ينجم عن الإنجاب المبكر.

توصيات للحكومات لتتخذ إجراءات

29 - و ينبغي أن تنفذ الدول الأطراف استراتيجي ة وطنية شاملة لتعزيز صحة المرأة طيلة حياتها. ويتضمن ذلك تدخلات ترمي إلى الوقاية من الأمراض وعلاجها، ومنع الظروف التي تؤثر في المرأة والتصدي لها، فضلا عن التصدي للعنف الموجّه ضد المرأة، كما ترمي هذه التدخلات إلى كفالة حق المرأة العام في الحصول على جميع أشكا ل الرعاية الصحية الجيدة والممكن تحمل تكاليفها، بما في ذلك الخدمات الصحية الجنسية والإنجابية.

30- وينبغي أن تخصص الدول الأطراف ميزانية وموارد إدارية و بشرية كافية، للتأكد من أن الرعاية الصحية التي تتلقاها المرأة تحظى بنصيب من الميزانية الصحية العامة مماثل لن صيب الرعاية الصحية التي يتلقاها الرجل، على أن توضع في الاعتبار الاحتياجات الصحية المختلفة لكل منهما.

31- كما ينبغي، بصفة خاصة، للدول الأطراف:

( أ ) أن تضع منظورا جنسانيا ً في صميم سياساتها وبرامجها التي تؤثر في صحة المرأة، وأن تشرك المرأة في التخطيط لهذه الس ياسات والبرامج وتنفيذها ورصدها، وفي توفير الخدمات الصحية للمرأة؛

( ب ) أن تكفل إزالة جميع الحواجز التي تعوق حصول المرأة على الخدمات الصحية، والتعليم، والمعلومات، في جميع المجالات بما في ذلك مجال الصحة الجنسية والإنجابية، وبصفة خاصة تخصيص موارد للبرامج الموج هة إلى المراهقات لمنع وعلاج الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي، بما فيها فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة البشرية؛

( ج ) أن تعطى الأولوية لمنع الحمل غير المرغوب فيه، عن طريق تنظيم الأسرة والتثقيف الجنسي وخفض معدلات وفيات الأمهات بفضل خدمات الأموم ة المأمونة والمساعدة قبل الولادة. وينبغي القيام، كلما أمكن، بتعديل التشريعات التي تجرم الإجهاض، بغية سحب التدابير العقابية المفروضة على النساء اللائي يجري إ جهاضهن؛

( د ) أن تراقب أنشطة المنظمات العامة وغير الحكومية والخاصة التي تقدم خدمات صحية للمرأة، للتأك د من تكافؤ فرص الوصول ونوعية الرعاية الصحية؛

(ه‍ ) أن تقتضي أن تكون جميع الخدمات الصحية مطابقة للحقوق الإنسانية للمرأة، بما فيها حقوقها في الاستقلال الذاتي، والخصوصية، والسرية، والموافقة الواعية، والاختيار؛

( و ) أن تتأكد من أن مناهج تدريب العاملين الصحيي ن تتضمن دورات دراسية شاملة، وإلزامية، تراعي الفوارق بين الجنسين تتناول صحة المرأة وحقوقها الإنسانية، لا سيما العنف على أساس الجنس.

الدورة الثلاثون (2004)

التوصية العامة رقم 25: الفقرة 1 من المادة 4 من الاتفاقية (التدابير الخاصة المؤقتة)

أولا - مقدمة

1- قر رت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ، في دورتها العشرين (1999)، عملا بالمادة 21 من الاتفاقية، أن تضع توصية عامة بشأن الفقرة 1 من المادة 4 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وتقرر أن تعتمد هذه التوصية، في جملة أمور، على التوصيات العامة السابقة، بما فيها التوصيات العامة رقم 5 (الدورة السابعة، 1988) بشأن التدابير الخاصة المؤقتة، ورقم 8 (الدورة السابعة، 1988) بشأن تنفيذ المادة 8 من الاتفاقية، ورقم 23 (الدورة السادسة عشرة، 1997) بشأن المرأة في الحياة العامة، فضلا عن تقارير الدول الأطر اف ، وكذلك على التعليقات الختامية للجنة بشأن تلك التقارير.

2- وبهذه التوصية العامة، تهدف اللجنة إلى توضيح طبيعة ومغزى الفقرة 1 من المادة 4 من أجل تيسيـر وضمان استفادة الدول الأطراف منها استفادة تامة في تنفيذ الاتفاقية. واللجنة تشجع الدول الأطراف على ترجمة ه ذه التوصية العامة إلى اللغات الوطنية والمحلية وأن تنشرها على نطاق واسع على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية للحكومات، بما في ذلك الهياكل الإدارية، فضلا عن المجتمع المدني، بما في ذلك، وسائط الإعلام، والدوائر الأكاديمية، ورابطات ومؤسسات حقوق الإنسان وا لمرأة.

ثانيا ً - معلومات أساسية: هدف الاتفاقية والغرض منها

3- الاتفاقية هي صك دينامي. ومنذ اعتماد الاتفاقية في عام 1979 قامت اللجنة وغيرها من الجهات الفاعلة على الصعيدين الوطني والدولي بالمساهمة من خلال التفكير التقدمي في توضيح وتفهم المضمون الموضوعي لموا د الاتفاقية والطابع المحدد للتمييز ضد المرأة والأدوات اللازمة لمكافحة هذا التمييز.

4- إن نطاق ومغزى الفقرة 1 من المادة 4 يجب أن يحددا في سياق الهدف والغرض الشاملين للاتفاقية اللذين هما القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بغية تحقيق مساواة المرأة القانو نية والفعلية بالرجل في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية المتعلقة بها. وعلى الدول الأطراف في الاتفاقية التزام قانوني باحترام وحماية وتعزيز وإعمال حق المرأة هذا في عدم التمييز ضدها وضمان نماء المرأة والنهوض بها لكي يتسنى تحسين وضعها بحيث تتمتع بالمساوا ة القانونية والفعلية بالرجل.

5- وتتجاوز الاتفاقية مفهوم التمييز المستخدم في كثير من المعايير والقواعد القانونية الوطنية والدولية. فبينما تحظر فيه هذه المعايير والقواعد التمييز على أساس الجنس وتحمي كل اً من الرجل والمرأة من المعاملة التي تنطوي على أوجه تمييز تعسفية و جائرة، و/أو لا مبرر لها، تركز الاتفاقية على التمييز ضد المرأة، مؤكدة أن المرأة قد عانت وما زالت تعاني من مختلف أشكال التمييز لكونها امرأة.

6- و إن قراءة تجمع بين ا لمواد من 1 إلى 5 و24، وهي التي تشكل الإطار الأساسي العام لجميع المواد الموضوعية للاتف اقية، تبين أن ثمة التزامات ثلاثة أساسية بالنسبة لجهود الدول الأطراف الرامية إلى القضاء على التمييز ضد المرأة. وينبغي تنفيذ هذه الالتزامات بأسلوب متكامل وأن يتسع نطاقها إلى ما يتجاوز ال التزام ال قانوني الرسمي الخالص بالمساواة في المعاملة بين المرأة والرجل.

7 - أولا، التزام الدول الأطراف هو ضمان ألا يكون هناك تمييز مباشر أو غير مباشر ( 1 ) ضد المرأة في قوانينها وأن تحمي المرأة من التمييز الذي تمارسه السلطات العامة أو السلطة القضائية أو المنظمات أو الشركات أو الأشخاص العاديون في ميداني الأنشطة العامة والأنشطة الخاص ة من جانب المحاكم الخاصة وكذلك عن طريق الجزاءات وغيرها من وسائل الانتصاف. و ثانيا، التزام الدول الأطراف بتحسين وضـع المرأة الفعلي من خلال سياسات عامة وبرامج محددة وفعالة. وثالثا، التزام الدول الأطراف بمعالجة العلاقات الجنسانية السائدة ( 2 ) ومعالجة استمرار الق والب النمطية القائمة على نوع الجنس والتي تؤثر على المرأة ل ا من خلال التصرفات الفردية فحسب بل أيضا في القانون أ و الهياكل والمؤسسات القانونية والمجتمعية.

8- و ترى اللجنة أن اتباع نهج رسمي قانوني أو برنامجي خالص ليس كافيا لتحقيق المساواة الفعلية للمرأة بالرجل، التي تفسرها اللجنة بوصفها مساواة موضوعية. وإضافة إلى ذلك، تتطلب الاتفاقية أن تعطى المرأة بداية مساوية وأن يجري تمكينها بتوفير بيئة م واتية لتحقيق المساواة في النتائج، ولا يكفي ضمان أن تعامل المرأة معاملة مطابقة لمعاملة الرجل، بل يجب أن تؤخذ في الاعتبار الف روق البيولوجية فضلا عن تلك المكو َّ نة اجتماعيا وثقافيا فيما بين المرأة والرجل، و في ظل بعض الظروف، سيلزم معاملة المرأة والرجل بشكل غير متطابق لمعالجة هذه الفروق. والسعي لتحقيق الهدف المتمثل في المساواة الموضوعية يدعو أيضا إلى وضع استراتيجية فعالة تهدف إلى ال تغلب على ضعف تمثيـل النسـاء وإعادة توزيع الموارد والسلطة بين الرجل والمرأة.

9- و إن المساواة في النتائج هو المرادف المنطقي للمساواة الفعلية أو المساواة الموضوعية. وهذه النتائج قد تكون ذات طابع كمي أو كيفي، أي أن تتمتع المرأة بحقوقها في مختلف الميادين بأعداد مساوية تقريبا لأعداد الرجال ، وأن تتمتع بمستويات الدخل نفسها، والمساواة في اتخاذ القـرار بنفس القدر من النفوذ السياسي، وأن تتمتع المرأة بحق عدم التعرض للعنف.

10- ولن يتحسن وضـع المرأة ما دامت الأسباب الأساسية للتمييز ضدها ولعدم المساواة الذي تعاني منه لم ت عالج بشكل فعّال. و إن حياة كل من المرأة والرجل يجب أن ينظر إليها بطريقة تشمل جميع الظروف المحيطة ذات الصلة، كما يجب اعتماد تدابير تهدف إلى التحوُّل الحقيقي في الفرص والأعراف والنظم بحيث لا تصبح قائمة على النماذج الذكورية للسلطة والأنماط الحياتية و التي حددت تاريخيا.

11- إن الاحتياجات والخبرات الدائمة للمرأة التي تحددها طبيعتها البيولوجية ينبغي أن تميز عن احتياجاتها الأخرى التي قد تكون نتيجة للتمييز ضد المرأة في الماضي أو في الحاضر من جانب عناصر فاعلة فردية، أو أيديولوجية نوع الجنس السائدة، أو بمظاهر هذا التمي يز في الهياكل والأعراف الاجتماعية والثقافية. و بينما يجري حالياً اتخاذ خطوات للقضاء على التمييز ضد المرأة، قد تتغير احتياجات المرأة أو تختفي أو تصبح احتياجات لكل من المرأة والرجل. ولذا، فإن الرصد المتواصل للقوانين والبرامج والممارسات الموجهة نحو تحقيق المسا واة الفعلية أو الموضوعية للمرأة هو أمر لازم لتفادي استمرار المعاملة غير المتطابقة التي قد لا يكون لها أي مبرر بعد ذلك.

12- وثمة فئات من النساء، اللاتي قد يعانين، إضافة إلى معاناتهن من التمييز الموجـَّـه ضدهـن بسبب كونهن نساء، من التمييز المتعدد الأشكـال ال قائم على أسباب إضافية من قبيل العنصر أو الهوية العرقية أو الدينية، أو الإعاقة، أو السن، أو الطبقة، أو الطائفة الاجتماعية أو غير ذلك من العوامل. وهذا التمييز قد يؤثر على هذه الفئات من النساء بصفة أساسية أو يؤثر عليهن بدرجة مختلفة أو بأشكال مختلفة عن تأثيره على الرجل. وقد تحتاج الدول الأطراف إلى اتخاذ تدابير خاصة مؤقتـة ومحددة للقضاء على هذا التمييز المتعدد الأشكال ضـد المـرأة، وآثـاره السلبية المضاعفة عليها.

13- وإضافة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، هنـاك صكوك أخرى من الصكوك الدولية لحق وق الإنسان ووثائق السياسات العامة المعتمدة في منظومة الأمم المتحدة تتضمـن أحكاما بشأن التدابير الخاصة المؤقتة لدعم تحقيق المساواة. ويرد وصف هذه التدابير باستعمال مصطلحات مختلفة كما يختلف أ يضاً معنى هذه التدابير وتفسيرها وتأمل اللجنة في أن تساهم هذه التوصية العامة بشأن الفقرة 1 من المادة 4 في توضيح المصطلحات ( 3 ) .

14- والاتفاقيـة تستهدف الأبعاد التمييزية للظروف المجتمعية والشفافية في الماضي والحاضر والتي تعيق تمتع المرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بها . وهي تهدف إلى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بما في ذلك القضاء على أسباب ونتائج عدم المساواة الفعلية الموضوعية التي تعاني منه. وعلى ذلك فإن تطبيق التدابير الخاصة المؤقتة وفقا للاتفاقية هو أحد الوسائل لبلوغ المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة وليس كاستثناء من قاعدتـي عدم التمييز والمسـاواة.

ث الثا ً - مغزى ونطاق التدابير الخاصة المؤقتة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

المادة 4، الفقرة 1

لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل في تحقيق ا لمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزا كما تحدده هذه الاتفاقية، ولكن ه يجب ألا يستتبع بأي حال، كنتيج ـ ة ل ـ ه، الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة؛ كما يجب وقف العمل بهذه التدابير عندما تكون أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة قد تحققت.

المادة 4، الفقرة 2

لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة تستهدف حماية الأمومة، بما في ذلك التدابير الواردة في هذه الاتفاقية، إجراء تمييزيا.

ألف - العلاقة بين الفقرتين 1 و 2 من المادة 4

15- ثمـة فرق واضح بين الغرض من " التدابير الخاصة " في إطار الفقرة 1 من المادة 4 وتلك المتعلقة ب الفقرة 2. فالغرض من الفقرة 1 من المادة 4 هو التعجيل بتحسين وضـ ع المرأة لتحقيق مساواتها الفعلية أو الموضوعية بالرجل ولإحداث التغييرات الهيكلية والاجتماعية والثقافية الضرورية لتصحيح الأشكال والآثار الماضية والراهنة للتمييز ضد المرأة وكذلك لتوفير تعويض لها. وهذه التدابير هي ذات طابع مؤقت.

16- وتنـص الفقرة 2 من المادة 4 على معاملـة المرأة والرجل بشكل غير متطابـق بسبب الفروق البيولوجية بينهمـا. وهذه التدابير هي ذات طابع دائم، على الأقل حتى يحين الوقت الذي تبـرر فيه المعرفة العلمية والتكنولوجية المشار إليها في الفقرة 3 من المادة 11 إجراء عملية مراجعة لها.

باء - المصطلحات

17 - تستخدم الأعمال التحضيرية للاتفاقية مصطلحات مختلفة لوصف " التدابير الخاصة المؤقتة " الواردة في الفقرة 1 من المادة 4. وقد استخدمت اللجنة نفسها في توصياتها العامة السابقة مصطلحات مختلفة. وتساوي الدول الأطراف في كثير من الأحيان بين " التدابير الخاصة " ب معناها ال تصحيحي والتعويضي والتعزيزي ومصطلحات " العمل الإيجابي" و " الإجراءات الإيجابية " و " التدابير الإيجابية " و " التمييز العكسي " و " التمييز الإيجابي " . وتظهر هذه المصطلحات من المناقشات ومختلف الممارسات التي توجد في ظروف وطنية مختلفة ( 4 ) . وفي هذه التوصية العامة، ووفقا لمما رسة اللجنة في النظر في تقارير الدول الأطراف، لا تستخدم اللجنة إلا مصطلح " التدابير الخاصة المؤقتة " حسبما تدعو إليه الفقرة 1 من المادة 4.

جيم - العناصر الرئيسية للفقرة 1 من المادة 4

18- ينبغي أن تهدف التدابير المتخذة من جانب الدول الأطراف بموجب الفقرة 1 من ا لمادة 4 إلى التعجيل بتحقيق مشاركة المرأة على قدم المساواة في الميد ا ن السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو أي ميدان آخر. وتنظر اللجنة إلى تطبيق هذه التدابير لا على أنه استثناء من قاعدة عدم التمييز بل على أنه تأكيد لكون التدابير الخاصة المؤقتة جزء ا من استراتيجية ضرورية من جانب الدول الأطراف موجهة إلى تحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة بالرجل في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بها. وبالرغم من أن تطبيق التدابير الخاصة المؤقتة غالبا ما يعالج آثار التمييز ضد المرأة في الماضي، فإن التزام الدول الأطراف بموجب الاتفاقية بتحسين وضـع المرأة والوصول به إلى المساواة الفعلية أو الموضوعية بالرجل هو التزام قائم بصرف النظر عما إذا كان هناك أي دليل على حدوث تمييز في الماضي. وترى اللجنة أن الدول الأطراف التي تعتمد وتنفذ هذه التدابير بموجب الاتفا قية لا تميّز ضد الرجل.

19- وينبغي للدول الأطراف أن تميز بوضوح بين التدابير الخاصة المؤقتة المتخذة بموجب الفقرة 1 من المادة 4 والرامية إلى التعجيل في تحقيق هدف محدد للمرأة هو المساواة الفعلية أو الموضوعية، أو غيرها من السياسات الاجتماعية العامة المعتمدة لتح سين حالة المرأة والطفلة. وليس كل التدابير التي يحتمل أن تكون، أو ستكون، مؤاتية للمرأة تُعتبر تدابير خاصة مؤقتة. و توفير الظروف العامة اللازمة لضمان الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة والطفلة والتي تهدف لأن تكفل لهما حياة تقوم على صون الكرامة وعدم التمييز لا يمكن أن يُعدَّ من التدابير الخاصة المؤقتة.

20- وتنص الفقرة 1 من المادة 4 صراحة على الطابع " المؤقت " لهذه التدابير الخاصة. وعلى ذلك ينبغي ألا تعتبر هذه التدابير ضرورية إلى الأبد، حتى وإن كان معنى " مؤقت " قد يؤدي، في الواقع، إلى تطبيق هذه التدابير لفترة طويلة من الزمن. وينبغي أن ت حدد مدة سريان تدبير خاص مؤقت بنتيجته الوظيفية استجابة لمشكلة محددة وليس بفترة من الزمن سبق تعيينها. ويجب إنهاء التدابير الخاصة المؤقتة عندما تتحقق النتائج المرجوة منها وتـدوم تلك النتائج لفتـرة من الزمـن .

21- ومصطلح " خاصة " وإن كان يتمشى مع مقولات حقوق الإنسان، يحتاج أيضا إلى أن يفسر بعناية. فأحيانا يؤدي استعماله إلى إظهار المرأة والفئات التي تتعرض للتمييز بمظهر الضعيف القابل للتأثر بسهولة والذي يحتاج إلى تدابير إضافية أو " خاصة " لكي يُشارك ويتنافس في المجت مع. ومع ذلك، فالمعنى الحقيقي لمصطلح " خاصة " في صياغة الفقرة 1 من المادة 4 هو أن التدابير تهدف إلى خدمة غرض محدد.

22- ويشمل مصطلح " تداب ير" مجموعة كبيرة من مختلف الأدوات والسياسات والممارسات التشريعية والتنفيذية والإدارية وغير ذلك من الأدوات والسياسات والممار سات التنظيمية من قبيل برامج توسيع نطاق توفير الخدمات أو برامج الدعم، وتخصيص و/أو إعادة تخصيص الموارد؛ والمعاملة التفضيلية، والتوظيف والتعيين والترقية للفئات المستهدفة؛ ووضع أهداف رقمية مقرونة بجدول زمني؛ ونظم الأنصبة. وسيتوقف اختيار " تدبير " معين على الظروف التي يجري فيها تطبيق الفقرة 1 من المادة 4 وعلى الهدف المحدد الذي يهدف إلى تحقيقه.

23- إن اعتماد وتنفيذ التدابير الخاصة المؤقتة قد يؤدي إلى مناقشة لمؤهلات وأحقية الفئة أو الأفراد المستهدفين بها، وإلى حجة تساق ضد منح النساء اللاتي يزعم أنهن ذوات مؤهلات أقل الأفضلية على الرجال في مجالات من قبيل السياسة، والتعليم والعمالة. ولما كانت التدابير الخاصة المؤقتة تهدف إلى التعجيل بتحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية، فإن المسائل المتعلقة بالمؤهلات والأحقية، ولا سيما في مجال العمالة في القطاعين العام والخاص، تحتاج إلى استعراضها بعناية من حيث انطوائها على أي تحيز قائـم على أساس نوع الجنس حيث إ نها محددة معياريا وثقافيا. وبالنسبة للتعيين أو الاختيار أو الانتخاب لشغل المناصب العامة والسياسية، ثـمـة عوامل أخرى غير ا لمؤهلات والأحقية، بما فيها تطبيق مبادئ العدالة الديمقراطية والاختيار الانتخابي، قد يكون لها أيضا دور تؤديه.

24- ويلـزم تطبيق الفقرة 1 من المادة 4، مقروءة بالاقتران مع المواد 1، 2، 3، 5 و24، فيما يتعلق بالمواد 6 إلى 16، التي تنص على أن تقوم الدول الأطراف ”باتخاذ جميع التدابير الملائمة“. وبالتالي، ترى اللجنة أن الدو ل الأطراف ملزمة باعتماد وتنفيذ تدابير خاصة مؤقتة فيما يتعلق بأي من هذه المواد، إذا أمكن بيان أن هذه التدابير ضرورية وملائمة للتعجيل بتحقيق الهدف الشامل أو المحدد المتمثل في تحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة.

رابعا ً التوصيات الموجهة إلـى الدول ال أطراف

25- ينبغي أن تتضمن تقارير الدول الأطراف معلومات عن اعتماد، أو عدم اعتماد، تدابير خاصة مؤقتة وفقا للفقرة 1 من المادة 4، من الاتفاقية، ويفضل أن تلتزم الدول الأطراف بمصطلح " التدابير الخاصة المؤقتة " ، لتفادي الخلط.

26- وينبغي للدول الأطراف أن تميز بوضوح ب ين التدابير الخاصة المؤقتة التي تهدف إلى التعجيل بتحقيق هدف محدد، يتمثل في المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة، وغير ذلك من السياسات الاجتماعية العامة المعتمدة والمنفذة لتحسين حالة المرأة والطفلة. وينبغي للدول الأطراف أن تراعي أنه ما كل التدابير التي يحتم ل أن تكون مؤاتية للمرأة، أو ستكون كذلك يمكن أن تعتبر تدابير خاصة مؤقتة.

27- وينبغي للدول الأطراف أن تحلل ظروف حالة المرأة في جميع مجالات الحياة، فضلا عن المجال المحدد المستهدف، عند تطبيقها للتدابير الخاصة المؤقتة للتعجيل في تحقيق المساواة الفعلية أو الموضو عية للمرأة. وينبغي لها أن تقيِّم أثر التدابير الخاصة المؤقتة المحتمـل فيما يتعلق بهدف معين في إطار ظروفها الوطنية، وأن تعتمد تلك التدابير الخاصة المؤقتة التي ترى أنها الأكثر ملاءمة للتعجيل بتحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة.

28- وينبغي للدول الأطر اف أن توضح أسباب تفضيل أحد أنواع التدابير على الآخر. وينبغي أن يشمل تبرير تطبيق هذه التدابير وصفا للحالة الحياتية الفعلية للمرأة، بما في ذلك الظروف والتأثيرات التي تحدد شكل حياتها وفرصها - أو فيما يخص فئة محددة من النساء اللاتي يعانين من التمييز المتعدد ال أشكـال - والتي تنوي الدولة الطرف تحسين وضعهـا بشكل معجل بتطبيق هذه التدابير الخاصة المؤقتة. وفي الوقت نفسه ، ينبغي توضيح العلاقة بين هذه التدابير والتدابير والجهود العامة الرامية إلى تحسين وضع المرأة.

29- وينبغي للدول الأطراف أن تقدم تفسيرات ملائمة فيما يتع لق بأي حالات لا تعتمد فيها تدابير خاصة مؤقتة. ولا يجوز تبرير هذه الحالات بمجرد تأكيد انعدام الحيلة، أو بتفسير التقاعس بالإشارة إلى قوى سوقية أو سياسية معينة، من قبيل تلك المتأصلة في القطاع الخاص، والمنظمات الخاصة أو الأحزاب السياسية. واللجنة تُذكِّر الدول الأطراف ب أن المادة 2 من الاتفاقية، التي يلزم أن تُقرأ بالاقتران مع جميع المواد الأخرى، تفرض المساءلة على الدولة الطرف فيما يتعلق بتصرفات هذه الجهات الفاعلة.

30- ويجوز للدول الأطراف أن تقدم تقارير عن التدابير الخاصة المؤقتة في إطار عدة مواد. ف الدول الأطراف مدعوة بموجب المادة 2 إلى تقديم تقارير عن الأساس القانوني أو غيره من الأسس التي تستند إليها هذه التدابير، وتبريرها لاختيار نهج معين. والدول الأطراف مدعوة كذلك إلى إعطاء تفاصيل عن أي تشريعات تتعلق بالتدابير الخاصة المؤقتة، وبصفة خاصة ما إذا كانت هذه التشريعا ت تنص على الطابع الإلزامي أو الطوعي للتدابير الخاصة المؤقتة.

31- وينبغي للدول الأطراف أن تدرج، في دساتيرها أو في تشريعاتها الوطنية، أحكاما تسمح باعتماد تدابير خاصة مؤقتة. واللجنة تذكر الدول الأطراف بأن تشريعات، من قبيل قوانين مناهضة التمييز الشاملة أو قوان ين المساواة في الفرص أو الأوامر التنفيذية المتعلقة بمساواة المرأة، يمكن أن توفر إرشادا بشأن نوع التدابير الخاصة المؤقتة التي ينبغي تطبيقها لتحقيق هدف أو أهداف منصوص عليها في مجالات معينة. وهذا الإرشاد يمكن أيضا أن يتضمنه تشريع محدد بشأن العمالة أو التعليم. وينبغي للتشريعات ذات الصلة المتعلقة بعدم التمييز، والتدابير الخاصة المؤقتة، أن تشمل الجهات الفاعلة الحكومية، فضلا عن المنظمات والمؤسسات الخاصة.

32- وتوجه اللجنة نظر الدول الأطراف إلى الحقيقة المتمثلة في أن التدابير الخاصة المؤقتة يمكن أن تبنى أيضا على مرا سيم، و/أو أوامر توجيهية خاصة بالسياسات العامة و/أو مبادئ توجيهية إدارية تضعها وتعتمدها السلطات التنفيذية الوطنية أو الإقليمية أو المحلية التابعة للحكومة، لتغطية قطاعي العمالة العامة والتعليم. ويجوز أن تشمل هذه التدابير الخاصة المؤقتة الخدمة المدنية، وميدان الأنشطة السياسية وقطاعي التعليم الخاص والعمالة. وتوجه اللجنة كذلك نظر الدول الأطراف، إلى الحقيقة المتمثلة في أن هذه التدابير يجوز أن يجري التفاوض بشأنها أيضا بين الشركاء الاجتماعيين لقطاع العمالة العام أو الخاص أو أن تطبق بشكل طوعي من جانب المؤسسات التجار ية، أو المنظمات أو المؤسسات العامة أو الخاصة والأحزاب السياسية.

33- وتؤكد اللجنة مجددا أن خطط العمل المتعلقة بالتدابير الخاصة المؤقتة تحتاج إلى أن تصمم وتطبق وتق يَّ م في إطار الظروف الوطنية المحددة والمقارنة بالمعلومات الأساسية للطبيعة المحددة للمشكلة التي قصد بهذه التدابير التغلب عليها. وتوصي اللجنة بأن توفر الدول الأطراف في تقاريرها تفاصيل لأية خطط عمل قد تكون موجهة نحو خلق فرص وصول للمرأة، والتغلب على نقص تمثيلها في بعض الميادين، أو إلى إعادة توزيع الموارد والسلطة في مجالات معينة، و/أو إلى بدء تغيير مؤسسي للقضاء على التمييز السابق أو الحالي، والتعجيل بتحقيق المساواة الفعلية. وينبغي للتقارير أيضا أن توضح ما إذا كانت خطط العمل هذه تشمل آثارا جانبية سيئة محتملة غير مقصودة لهذه التدابير، فضلا عن الإجراءات الممكنة لحماية المرأة منها. وينبغـي أن تورد الدول الأطر اف في تقاريرها نتائج التدابير الخاصة المؤقتة وتقيـِّـم أسباب احتمال أي فشـل لهذه التدابير.

34- والدول الأطراف مدعوة بموجب المادة 3 إلى تقديم تقارير عن المؤسسة (أو المؤسسات) المسؤولة عن تصميم وتنفيذ ورصد وتقييم وإنفاذ هذه التدابير الخاصة المؤقتة. ويجور أن ت كون هذه المسؤولية مخولة لمؤسسات وطنية قائمة أو معتزمة، من قبيل وزارات شؤون المرأة، أو إدارات شؤون المرأة التابعة لوزارات أو لمكاتب رئاسية، أو أمناء مظالم، أو محاكم أو غير ذلك من الكيانات ذات الطابع العام أو الخاص، والتي تتمثل ولايتها المطلوبة في تصميم برام ج محددة، ورصد تنفيذها، وتقييم أثرها ونتائجها. وتوصي اللجنة بأن تضمن الدول الأطراف أن يكون للمرأة بصفة عامة، والفئات النسائية المتضررة بصفة خاصة، دور في تصميم وتنفيذ وتقييم هذه البرامج. ويوصى بصفة خاصة، بالتعاون والتشاور مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحك ومية الممثلة لمختلف فئات المرأة.

35- وتوجه اللجنة النظر إلى توصيتها العامة رقم 9، بشأن البيانات الإحصائية المتعلقة بحالة المرأة، وتكرر تأكيدها، وتوصي بأن توفر الدول الأطراف بيانات إحصائية مصنفة وفقاً ل نوع الجنس، لكي يتسنى قياس مدى إحراز تقدم نحو تحقيق المس اواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة، ومدى فعالية التدابير الخاصة المؤقتة.

36- وينبغي للدول الأطراف أن تقدم تقاريرها عن نوع التدابير الخاصة المؤقتة المتخذة في ميادين محددة بموجب المادة (المواد) ذات الصلة من الاتفاقية. وينبغي أن يشمل الإبلاغ بموجب المادة (الموا د) ذات الصلة، إشارة إلى الأهداف والإنجازات المستهدفة المحددة، والجداول الزمنية، والأسباب المتعلقة باختيار تدابير معينة، والخطوات المتخذة لتمكين النساء من الوصول إلى هذه التدابير، والمؤسسة المسؤولة عن رصد التنفيذ والتقدم. ومطلوب من الدول الأطراف أيضا، أن تذ كر عدد النساء المتأثرات بتدبير ما، والعدد الذي سيكتسب فرصة للوصول والمشاركة في ميدان معين بسبب تدبير خاص مؤقت ما، أو كمية الموارد والسلطة التي تهدف إلى إعادة توزيعها إلى عدد معين من النساء، وفي أي إطار زمني.

37- وتؤكد اللجنة مجددا أن توصياتها العامة رقم 5 و 8 و2 3 ، التي أوصت فيها بتطبيق التدابير الخاصة المؤقتة في ميادين التعليم، والاقتصاد، والسياسة، والعمالة، وفي مجال عمل الممثلات لحكوماتهن على الصعيد الدولي، والمشاركات في أعمال المنظمات الدولية، وفي مجال الحياة السياسية والحياة العامة. وينبغي للدول الأطراف أن تكثف في حدود ظروفها الوطنية هذه الجهود، ولا سيما فيما يتعلق بجميع أوجه التعليم على جميع الصعد فضلا عن جميع أوجه وصعد التدريب والعمالة والتمثيل في الحياة العامة والحياة السياسية. وتشير اللجنة إلى أنه في جميع الحالات، ولا سيما في مجال الصحة، ينبغي للدول ا لأطراف أن تميز بعناية في كل ميدان بين التدابير ذات الطابع الجاري والدائم، وتلك التي لها طابع مؤقت.

38- وتذكِّر اللجنة الدول الأطراف بأنه ينبغي اعتماد التدابير الخاصة المؤقتة للتعجيل بتعديل الممارسات الثقافية والمواقف النمطية المقولبة وأنواع السلوك التي تمي ز ضد المرأة أو تعمل لغير صالحها والقضاء على كل ذلك. وينبغي للتدابير الخاصة المؤقتة أيضا أن تنفذ في مجالات الائتمان والقروض، والرياضة، والثقافة، والترفيه، والوعي القانوني. و حيثما كان ذلك ضروريا، ينبغي لهذه التدابير أن توجه نحو النساء الخاضعات للتمييز المتعد د الأشكال، بما في ذلك المرأة الريفية.

39 - وبالرغم من أن تطبيق التدابير الخاصة المؤقتة قد لا يكون ممكنا في إطار جميع مواد الاتفاقية، توصي اللجنة بأن ينظر في اعتمادها وقتما ينطوي الأمر على مسائل تعجيل توفير فرص الوصول للمشاركة على قدم المساواة من ناحية وتعجي ل إعادة توزيع السلطة والموارد من الناحية الأخرى، وكذلك حيثما أمكن إظهار أن هذه التدابير ستكون ضرورية وأكثر ما تكون ملاءمة تحت الظروف السائدة.

الحواشي

( 1 ) قد يحدث التمييز غير المباشر ضد المرأة عندما تبنى القوانين والسياسات العامة والبرامج على معايير محايدة بالنسبة لنوع الجنس في ظاهرها في حين أنها يكون لها أثر سـيـئ على المرأة عند تطبيقها فعليا. والقوانين والسياسات العامة والبرامج المحايدة بالنسبة لنوع الجنس قد تـديـم عن غير قصد نتائج التمييز الـذي حدث ف ي الماضي. وقد تكون مصاغة، بسبب عدم الانتباه، على نموذج الأساليب الحياتية للذكر وبالتالي لا تأخذ في الاعتبار نواحي خبرات حياتية للمرأة والتي قد تختلف عن تلك الخاصة بالرجل. وقد توجد هذه الفروق بسبب التوقعات والمواقف وأنواع السلوك النمطية المقولبة الموجهة نحو المرأة والمبنية على الفروق البيولوجية بين المرأة والرج ل. وقد توجد أيضا بسبب ما هو قائم بصفة عامة من إخضاع الرجل للمرأة.

( 2 ) " ويعرَّف نوع الجنس بأنه المعاني الاجتماعية المضفاة على الفروق البيولوجية المتصلة بنوع الجنس. وهو مقولة عقائدي ة وثقافي ة أساسي ة ولكن ها ت تردد أيضا في عالم الممارسات المادية، و ت ؤثر بالتال ي على نتائج هذه الممارسات. كما أنه ا ت ؤثر في توزيع الموارد والثروة والعمل وصنع القرار والنفوذ السياسي والتمتع بالحقوق والمزايا سواء في إطار الأسرة أو في الحياة العامة. ورغم الاختلافات عبر الثقافات وعلى مر الزمن فإن العلاقات الجنسانية تنطوي في أرجاء العالم ع لى عدم الاتساق في النفوذ بين الرجل والمرأة كصفة سائدة. وهكذا يكون نوع الجنس مثل العوامل الأخرى المؤدية إلى تكوين طبقات شأنه في ذلك شأن العنصر والطبقة والأصل العرقي والتوجه ال جنسي وا لسن. و ه و يساعدنا على فهم التركيب الاجتماعي للكيانات الجنسانية وهيكل القوة غ ير المتكافئ الذي يكمن وراء العلاقة بين الجنسين " . الدراسة الاستقصائية العالمية لعام 1999، عن دور المرأة في التنمية، الأمم المتحدة، نيويورك، 1999، ص. 9.

الحواشي ( تابع )

( 3 ) انظر على سبيل المثال الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي تضع تدابير خاصة مؤقتة. وتبيــن ممارسات الهيئات المعنية برصد المعاهدات بما فيها اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن هذه الهيئات تنظـر في تطبيـق التدابير الخاصة المؤقتـة بوص فها تدابير إلزاميـة لتحقيق أغـراض المعاهدات المعنيـة. والاتفاقيات المعتمدة تحت رعاية منظمة العمل الدولية، ومختلف الوثائق الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة تنص صراحة أو ضمنا على هذه التدابير. وقد نظرت اللجنة الفرعية المعنية بتعزيز وحماي ة حقوق الإنسان في هذه المسألة وعيّنت مقررا خاصا لإعداد تقارير لتنظر فيها وتتخذ إجراء بشأنها. واستعرضت لجنـة وضـع المـرأة استخدام التدابير الخاصة المؤقتـة في عام 1992. وتتضمن الوثائق التي تمخضت عنها مؤتمرات الأمم المتحدة العالمية المعنية بالمرأة بما فيها من هاج العمل لعام 1995 الصادر عن المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة واستعراض المتابعة لعام 2000، إشارات إلـى العمل الإيجابي بوصفه أداة لتحقيق المساواة الفعلية. ويوفر استعمال الأمين العام للأمم المتحدة للتدابير الخاصة المؤقتة مثالا عمليا في مجال عمالة المرأ ة، بما في ذلك من خلال إصدار التعليمات الإدارية بشأن التوظيف والترقية والتنسيب للمرأة في الأمانة العامة. وتهدف هذه التدابير إلى تحقيق هدف ا ل‍ 50/50 بالنسبة لتوزيع الجنسين في جميع الرتب وخاصة في المستويات العليا.

( 4 ) مصطلح " العمل الإيجابي" مستخدم في الولايا ت المتحدة الأمريكية وفي عدد من وثائق الأمم المتحدة، بينما يستخدم مصطلح " الإجراءات الإيجابية " حاليا على نطاق واسع في أوروبا وكذلك في الكثير من وثائق الأمم المتحدة. ومع ذلك فمصطلح " الإجراءات الإيجابية " يستخدم بمعنى مختلف آخر في قانون حقوق الإنسان الدولي لوصف " إجراء الدولة الإيجابي " (التزام دولة ما ببدء إجراء مقارنا بالتزام الدولة بعدم اتخاذ إجراء)، وذلك فمصطلح " الإجراءات الإيجابية " غامض من حيث أن معناه ليس مقصورا على التدابير الخاصة المؤقتة على النحو المفهوم من الفقرة 1 من المادة 4 من الاتفاقية. أما مصطلحي " ا لتمييز العكسي " أو " التمييز الإيجاب ي" فينتقدهما الكثير من المعلقين بوصفهما غير ملائمين.

خامس اً - تعليق عام اعتمدته لجنة مناهضة التعذيب

1 - قررت لجنة مناهضة التعذيب ، في دورتها السادسة عشرة المعقودة في 10 أيار/ مايو 1996، إنشاء فريق عامل لدراسة المسائل المتع لقة بالمادتين 3 و22 من الاتفاقية. ولاحظت اللجنة أن معظم البلاغات الفردية التي وردت في السنوات الأخيرة، بموجب المادة 22 من الاتفاقية ، تتصل تعلق ت بقضايا أشخاص تلقوا أوامر بالترحيل أو الإعادة القسرية أو التسليم، وادعوا أنهم كانوا سيتعرضون لخطر التعذيب لو تم ت رحيلهم أو إعادتهم أو تسليمهم. ور أت اللجنة أنه يجب تقديم بعض التوجيهات للدول الأطراف ولأصحاب البلاغات لتمكينهم من تطبيق أحكام المادة 3، في سياق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 22 من الاتفاقية، بصورة صحيحة. وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، اعتمدت اللجنة ال تعليق العام بشأن تطبيق المادة 3 في سياق المادة 22 من الاتفاقية (A/53/44، الفقرة 258).

الدورة السادسة عشرة (1996)*

التعليق العام رقم 1: تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22 (الإعادة القسرية والبلاغات)

بالنظر إلى شروط الفقرة 4 من المادة 22 من اتفا قية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي تنص على أن تنظر لجنة مناهضة التعذيب "في البلاغات الواردة بموجب المادة 22 في ضوء جميع المعلومات التي يوفرها لها مقدم البلاغ أو من ينوب عنه وتوفرها الدولة الطرف المعن ية"،

وبالنظر إلى الحاجة الناشئة نتيجة لتطبيق الفقرة 3 من المادة 111 من النظام الداخلي للجنة (CAT/C/3/Rev.2)، وبالنظر إلى الحاجة إلى مبادئ توجيهية لتنفيذ المادة 3 بموجب الإجراء المتو خي في المادة 22 من الاتفاقية،

اعتمدت لجنة مناهضة التعذيب، في دورتها التا سعة عشرة، في الجلسة 317 المعقودة في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، التعليق العام التالي بغرض توجيه الدول الأطراف ومقدمي البلاغات:

1- إن تطبيق المادة 3 يقتصر على الحالات التي يوجد فيها سبب وجيه للاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيتعرض لخطر التعذيب على النحو المحدد ف ي المادة 1 من الاتفاقية.

2- و ترى اللجنة أن عبارة "دولة أخرى" الواردة في المادة 3 تشير إلى الدولة التي يطرد إليها الشخص المعني، أو يعاد أو يسلم إليها ، وكذلك أي دولة يطرد إليها مقدم البلاغ فيما بعد، أو يعاد، أو يسلم إليها .

3- و عملا بالمادة 1، فإن الإشارة ف ي الفقرة 2 من المادة 3، إلى "نمط ثابت من الانتهاكات الخطيرة أو الصارخة أو الواسعة النطاق لحقوق الإنسان" هي فقط إشارة إ لى الانتهاكات التي يرتكبها موظف رسمي أو أي شخص آخر يعمل بصفة رسمية أو يحرض عليها أو تحدث بموافقته أو رضاه.

______________

* وارد في الوثي قة A/53/44، المرفق التاسع.

المقبولية

4- ترى اللجنة أن من مسؤولية مقدم البلاغ أن يقدم أدلة كافية كي يُقبل بلاغه بموجب المادة 22 من الاتفاقية، وذلك بالوفاء بكل شرط من شروط المادة 107 من النظام الداخلي للجنة.

الأسس الموضوعية

5- و فيما يتعلق بتطبيق المادة 3 من الاتفاقية على وقائع قضية ما، يقع العبء على مقدم البلاغ في عرض قضية قابلة للمناقشة. ويعني هذا أنه يجب أن يكون هناك أساس وقائعي لموقف مقدم البلاغ يكفي لأن يستدعي ردا من الدولة الطرف.

6- و إذا وضع في الاعتبار أن على الدولة الطرف واللجنة ا لتزاما بتقدير ما إذا كانت هناك أسباب جوهرية للاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيتعرض لخطر التعذيب إذا طرد أو أعيد أو سُلِّم ، يجب أن يقدر خطر التعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. غير أنه لا يتحتم أن يكون هذا الخطر موافقا لاختبار مدى احتمال وقوعه.

7- وعلى مقدم البلاغ أن يث بت أنه سيتعرض لخطر التعذيب وأن أسباب اعتقاده جوهرية حسبما يصفها، وأن هذا الخطر شخصي ومحدق. ويجوز لأي من الطرفين أن يقدم جميع المعلومات ذات الصلة التي لها أثر في هذه المسألة.

8- والمعلومات التالية لها أهمية، رغم أنها قد لا تكون شاملة:

( أ ) هل يوجد، بشأن ا لدولة المعنية، دليل على وجود نمط ثابت من الانتهاكات الخطيرة أو الصارخة أو الواسعة النطاق لحقوق الإنسان ( انظر المادة 3، الفقرة 2 ) ؟

( ب ) هل عُذب مقدم البلاغ تعذيبا أو أسيئت معاملته من قبل موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفة رسمية أو بتحريض من هذا الموظف أو بم وافقته أو رضاه، في الماضي؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل حدث هذا التعذيب في الماضي القريب؟

( ج ) هل توجد أدلة طبية أو أدلة مستقلة أخرى تؤيد الزعم بأن مقدم البلاغ قد تعرض للتعذيب أو لسوء المعاملة في الماضي؟ وهل كانت لهذا التعذيب آثار لاحقة؟

( د ) هل تغيرت الحالة ال مشار إليها في الفقرة ( أ ) ؟ وهل تغيرت الحالة الداخلية فيما يتعلق بحقوق الإنسان؟

(ه‍ ) هل اشترك مقدم البلاغ في نشاط سياسي أو في سواه من الأنشطة داخل أو خارج الدولة المعنية مما يبدو أنه يعرضه بصورة خاصة إلى خطر التعذيب إذا طرد أو أعيد أو س ُ ل ّ م إلى الدولة المعن ية؟

( و ) هل يوجد دليل على مصداقية مقدم البلاغ ؟

( ز ) هل توجد مفارقات وقائعية فيما يدعيه مقدم البلاغ ؟ وإذا وجدت، هل لها صلة بالموضوع؟

9- وإذا وضع في الاعتبار أن لجنة مناهضة التعذيب ليست هيئة استئناف أو هيئة شبه قضائية أو هيئة إدارية، بل هي هيئة رصد أوجدتها الدول الأطراف نفسها بسلطات إعلانية فقط، فإن ذلك يعني ما يلي:

( أ ) سيعطى وزن كبير، لدى ممارسة اللجنة لاختصاصها عملا بالمادة 3 من الاتفاقية، للحيثيات الوقائعية التي توفرها أجهزة الدولة الطرف المعنية؛

( ب ) لا تتقيد اللجنة بهذه الحيثيات غير أن لها ، بدلا من ذلك ، حقا تنص عليه الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، في التقدير الحر للوقائع بناء على مجم ل ملابسات كل قضية.

سادساً - تعليق عام اعتمدته لجنة حقوق الطفل

الدورة السادسة والعشرون (2001)

التعليق العام رقم 1: أهداف التعليم

فحوى المادة 29(1)

1- تكتسي الفقرة 1 من المادة 29 من اتفاقية حقوق الطفل أهمية بالغة. والأهداف التي حددتها هذه الفقرة للتعليم والتي وافقت عليها جميع الدول الأطراف هي أهداف تشجع وتدعم وتحمي القيم الأساسية للاتفاقية، أي كرامة الإنسان المتأصلة في كل طفل وحقوقه المتساوية وغير القابلة للتصرف. وجميع هذ ه الأهداف، المبينة في خمس فقرات فرعية من المادة 29(1)، مرتبطة جميعها ارتباطاً مباشراً بالاعتراف بكرامة الطفل وحقوقه كإنسان، وهي تأخذ في الاعتبار احتياجاته التنموية الخاصة والتطور التدريجي لمختلف قدراته. وهذه الأهداف هي: التنمية الشاملة لكافة إمكانات الطفل (29(1))(أ)، بما في ذلك تنمية احترام حقوق الإنسان (29(1))(ب) وتعزيز الإحساس بالهوية والانتماء (29(1)(ج) والتنشئة الاجتماعية للطفل وتفاعله مع الآخرين (29(1)(د)) ومع البيئة (29(1)(ه‍)).

2- وإن المادة 29(1) لا تضيف إلى الحق في التعليم المعترف به في المادة 28 ب عدا نوعيا يعكس حقوق الطفل والكرامة المتأصلة فيه فحسب بل إنها تشدد أيضاً على ضرورة أن يكون التعليم مركزاً على الطفل ومناسباً له وتمكينياً؛ وتبرز الحاجة إلى أن تكون عمليات التعليم قائمة على ذات المبادئ التي تنص عليها (1) . والتعليم الذي يحق لكل طفل هو التعليم المصمم لتزويد الطفل بالمهارات الحياتية وتعزيز قدرته على التمتع بكافة حقوق الإنسان ونشر ثقافة مشبعة بقيم حقوق الإنسان المناسبة. ويتمثل الهدف المنشود في تمكين الطفل بتعزيز مهاراته وقدرته على التعلم وغيرها من القدرات، وكرامته كإنسان واحترامه لذاته وثقته بنفسه . ويتجاوز "التعليم" في هذا السياق التمدرس النظامي ليشمل المجموعة الواسعة من الخبرات الحياتية وعمليات التعلُّم التي تمكن الأطفال فردياً وجماعياً من تنمية شخصيتهم ومواهبهم وقدراتهم والعيش حياة خصبة ومرضية داخل المجتمع.

3- وحق الطفل في التعليم ليس مسألة تتصل فقط بحصوله على هذا التعليم (المادة 28) بل وكذلك بمحتواه. ويشكل التعليم الذي يكون مضمونه نابعا من قيم المادة 29(1) أداة ضرورية للجهود التي يبذلها كل طفل ليجد طوال حياته رداً متوازناً ومناسباً لحقوق الإنسان على التحديات التي ترافق فترة تغير أساسي ناجم عن الع ولمة والتكنولوجيات الجديدة والظواهر ذات الصلة. وتشمل هذه التحديات التوترات بين جملة أمور منها ما هو عالمي وما هو محلي، وما هو فردي وما هو جماعي، وما هو تقليدي وما هو عصري، وبين الاعتبارات الطويلة الأجل والاعتبارات القصيرة الأجل؛ والتنافس وتكافؤ الفرص، وانت شار المعرفة والقدرة على استيعابها، وما هو روحي وما هو مادي (2) . ومع ذلك يبدو أن جميع العناصر المجسدة في المادة 29(1) غائبة إلى حد كبير، في معظم الأحيان، من البرامج والسياسات الوطنية والدولية بشأن التعليم التي تكتسي حقاً أهمية، أو موجودة فيها صوريا فقط كفكرة عرضية.

4- وتؤكد المادة 29(1) أن الدول الأطراف توافق على أن يكون التعليم موجهاً إلى مجموعة واسعة من القيم. ويتجاوز هذا الاتفاق الحواجز الدينية والقومية والثقافية القائمة في الكثير من أنحاء العالم. وقد يبدو بعض القيم المختلفة المعرب عنها في المادة 29(1) لأو ل وهلة متناقضاً في بعض الحالات. وهكذا قد لا تكون الجهود الرامية إلى تشجيع التفاهم والتسامح والصداقة بين كافة الشعوب، التي تشير إليها الفقرة (1)(د)، دائماً متماشية تلقائياً مع السياسات المصممة، وفقاً للفقرة (1)(ج)، لتنمية احترام الهوية الثقافية للطفل ولغته وقيمه والقيم الوطنية للبلد الذي يعيش فيه والبلد الذي قد ينتمي إليه والحضارات المختلفة عن حضارته. غير أن جانباً من أهمية هذا الحكم يكمن في الواقع في اعترافه بضرورة اتباع نهج متوازن إزاء التعليم ينجح في التوفيق بين مختلف القيم عن طريق الحوار واحترام الفرق. و فضلا عن ذلك فإن الأطفال قادرون على القيام بدور فريد من نوعه في التقريب بين الكثير من الفروق التي فصلت مجموعات من السكان عن أخرى في الماضي.

وظائف المادة 29(1)

5- إن المادة 29(1) تمثل أكثر من جرد أو قائمة بمختلف الأهداف التي ينبغي أن يحاول التعليم تحقيقها. و هي في السياق العام للاتفاقية تبرز جملة أمور منها الأبعاد التالية.

6- أولاً، تؤكد الطابع المترابط الضروري لأحكام الاتفاقية. وتستند إلى مجموعة متنوعة من الأحكام الأخرى وتعززها وتدمجها وتكملها ولا يمكن أن تُفهم فهماً صحيحا بمعزل عنها. وبالإضافة إلى المبادئ ال عامة للاتفاقية - عدم التمييز (المادة 2) ومصالح الطفل الفضلى (المادة 3) والحق في الحياة والبقاء والنمو (المادة 6) وحق الطفل في أن يعرب عن آرائه وتؤخذ في الاعتبار (المادة 12) - يمكن الإشارة إلى أحكام كثيرة أخرى منها، على سبيل المثال لا الحصر، حقوق ومسؤوليات الوالدين (المادتان 5 و18) وحرية التعبير (المادة 13) وحرية الفكر (المادة 14) والحق في المعلومات (المادة 17) وحقوق الأطفال المعوقين (المادة 23) والحق في التعليم من أجل الصحة (المادة 24) والحق في التعليم (المادة 28) والحقوق اللغوية والثقافية للأطفال المنتمين إلى أقليات (المادة 30).

7- وإن حقوق الطفل ليست قيما منفصلة أو منعزلة لا سياق لها، بل إنها توجد ضمن الإطار الأخلاقي الأوسع الموصوف جزئياً في المادة 29(1) وفي ديباجة الاتفاقية. وتردّ هذه المادة تحديداً على الكثير من الانتقادات الموجهة إلى الاتفاقية. وهي مثلا تشدد على أهمية احترام الوالدين وضرورة النظر إلى الحقوق ضمن الإطار الأخلاقي أو الأدبي أو الروحي أو الثقافي أو الاجتماعي الأوسع، وكون معظم حقوق الطفل مجسدة في قيم المجتمعات المحلية وغير مفروضة من الخارج على الإطلاق.

8- ثانياً، تولي المادة أهمية للعملية التي ينبغي أن يتم بواسطتها تعزيز الحق في التعليم. وهكذا، يجب ألا تُحبط القيم المنقولة في عملية التعليم الجهود الرامية إلى تعزيز التمتع بالحقوق الأخرى، بل تدعمها. ولا يشمل ذلك مضمون المناهج الدراسية فقط بل وكذلك العمليات التعليمية والطرق التربوية والبيئة التي ي تم فيها التعليم سواء أكان ذلك في البيت أم المدرسة أم مكان آخر. والأطفال لا يفقدون حقوقهم الإنسانية بمجرد عبور أبواب المدارس. وهكذا يجب مثلاً أن يوفر التعليم بطريقة تحترم الكرامة المتأصلة في الطفل وتمكنه من التعبير عن آرائه بحرية وفقاً لما تنص عليه المادة 1 2(1) ويشارك في الحياة المدرسية. ويجب أن يوفر التعليم بطريقة لا تخرج عن حدود الانضباط المنصوص عليها في المادة 28(2) وتشجع عدم اللجوء إلى العنف في المدرسة. وقد أوضحت اللجنة مراراً في ملاحظاتها الختامية أن استخدام العقاب البدني لا يحترم الكرامة المتأصلة في ال طفل ولا الحدود الدقيقة للانضباط في المدرسة. وواضح أن الامتثال للقيم المعترف بها في المادة 29(1) يتطلب مدارس مناسبة للأطفال بكل معنى الكلمة ومتماشية من جميع النواحي مع كرامة الطفل. وينبغي تشجيع مشاركة الطفل في الحياة المدرسية، وإنشاء التجمعات المدرسية ومجال س الطلاب، والتثقيف عن طريق الأقران والتوجيه المتبادل بين الأنداد ومشاركة الأطفال في الإجراءات التأديبية المدرسية بوصف ذلك جزءاً من عملية تعلم وتجربة إعمال الحقوق.

9- ثالثاً، بينما تركز المادة 28 على التزامات الدول الأطراف فيما يخص إنشاء النظم التعليمية وض مان الوصول إليها، تشدد المادة 29(1) على الحق الفردي والذاتي في تعليم ذي نوعية معينة. وطبقاً للاتفاقية التي تشدد على أهمية العمل من أجل المصلحة الفضلى للطفل تؤكد هذه المادة رسالة التعليم المركز على الطفل: أي أن الهدف الرئيسي للتعليم هو تنمية شخصية كل طفل و مواهبه وقدراته، اعترافاً بما لكل طفل من خصائص ومصالح وقدرات واحتياجات تعليمية فريدة (3) . وعليه يجب أن يكون المنهاج الدراسي مناسباً تماماً لظروف الطفل الاجتماعية والثقافية والبيئية والاقتصادية ولاحتياجاته الحاضرة والمقبلة، ويأخذ في الاعتبار التام التطور التد رجي لقدراته، كما ينبغي أن تكون أساليب التعليم مناسبة لاحتياجات مختلف الأطفال. ويجب أيضاً أن يهدف التعليم إلى ضمان تعلم كل طفل المهارات الحياتية الأساسية وعدم مغادرة أي طفل المدرسة من غير أن يكون مؤهلا لمواجهة التحديات التي يمكن أن يصادفها في الحياة. ولا تش مل المهارات الأساسية القراءة والكتابة والحساب فقط، بل كذلك المهارات الحياتية مثل القدرة على اتخاذ قرارات متوازنة، وتسوية النزاعات بطريقة غير عنيفة، وبناء أسلوب حياة صحي، وعلاقات اجتماعية جيدة، والمسؤولية، والتفكير الناقد، والمواهب الإبداعية وغير ذلك من الق درات التي تزود الطفل بالأدوات اللازمة لتحقيق ما يختاره في الحياة.

10- والتمييز القائم على أي أساس من الأسس المبينة في المادة 2من الاتفاقية، سواء أكان علنيا أم مستترا، يشكل إهانة لكرامة الطفل كإنسان ويمكن أن يقوض بل أن يدمِّر قدرة الطفل على الاستفادة من الف رص التعليمية. ولئن كان حرمان الطفل من الاستفادة من فرص التعليم مسألة تتصل في المقام الأول بالمادة 28 من الاتفاقية فإن هناك طرقاً كثيرة يمكن أن يخلف بها عدم الامتثال للمبادئ الواردة في المادة 29(1) آثاراً مماثلة. وكمثال خطير على ذلك يمكن أن تؤدي بعض الممارس ات، مثل اتباع منهاج دراسي لا يتماشى مع مبادئ المساواة بين الجنسين والترتيبات التي تحد من الفوائد التي يمكن أن تجنيها الفتيات من الفرص التعليمية الممنوحة، والظروف غير الآمنة أو غير المناسبة التي تثني الفتيات عن المشاركة، إلى تعزيز التمييز بين الجنسين. والتم ييز ضد الأطفال المعوقين منتشر أيضاً في الكثير من النظم التعليمية الرسمية وفي عدد كبير جداً من الأوساط التعليمية غير النظامية بما في ذلك في البيت (4) . ويتعرض الأطفال المصابون بفيروس نقص المناعة البشري/ متلازمة نقص المناعة المكتسب أيضاً لتمييز كبير في الوسطين معاً (5) . وتتناقض جميع هذه الممارسات التمييزية تناقضاً مباشراً مع شروط المادة 29(1)(أ) المتمثلة في أن يكون التعليم موجهاً إلى تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها.

11- وتود اللجنة أيضاً أن تبرز الروابط بين المادة 29(1) والك فاح ضد العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب. وتنتشر العنصرية وما يتصل بها من ظواهر حيثما يوجد الجهل والمخاوف غير المبررة من الفروق العرقية والإثنية والدينية والثقافية واللغوية أو أشكال أخرى من الفروق، أو استغلال الأفكار المسبقة أو ت عليم أو نشر القيم المشوهة. وتتمثل إحدى الوسائل الموثوقة والدائمة لاستئصال جميع هذه النقائص في توفير تعليم يعزز التفاهم وتقدير القيم المنصوص عليها في المادة 29(أ)، بما في ذلك احترام الفروق، ويتصدى لجميع مظاهر التمييز والإجحاف. لهذا ينبغي أن يحظى التعليم بأع لى الأولويات في جميع الحملات الرامية إلى مكافحة آفات العنصرية وما يتصل بها من ظواهر. ويجب أيضاً التشديد على أهمية التعليم المتعلق بالعنصرية كما مورست في التاريخ، وخاصة كما تتجلى أو تجلت في بعض المجتمعات. وليس السلوك العنصري سلوك ينفرد به "الآخرون". لهذا من الأهمية بمكان التركيز على مجتمع الطفل الخاص عند تعليم حقوق الإنسان والطفل ومبدأ عدم التمييز. ويمكن أن يساهم هذا التعليم مساهمة فعّالة في منع واستئصال العنصرية والتمييز الإثني وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب.

12- رابعاً، تشدد المادة 29(1) على اتباع نهج شامل إزاء التعليم يضمن إتاحة فرص تعليمية تعكس توازناً مناسباً بين تعزيز جوانب التعليم البدنية والعقلية والروحية والعاطفية للتعليم والأبعاد الفكرية والاجتماعية والعملية والأبعاد المتصلة بالطفولة والحياة كلها. والهدف العام من التعليم هو تعزيز قدرة الطفل على المشاركة مشاركة تامة وبمسؤولية في مجتمع حر وفرصة قيامه بذلك. وينبغي التشديد على أن هذا النوع من التعليم الذي يركز بالدرجة الأولى على تراكم المعارف، مشجعاً المنافسة ومؤدياً إلى فرض عبء عمل مفرط على الطفل، يمكن أن يعوق بصورة خطيرة نموه المتسق إلى أقصى إمكانا ت قدراته ومواهبه. وينبغي أن يكون التعليم مناسباً للطفل وملهماً ومشجعاً له. وينبغي أن توفر المدارس جواً إنسانياً وتسمح للطفل بالنمو بحسب التطور التدريجي لقدراته.

13- خامساً، تركز المادة على ضرورة تصميم التعليم وتوفيره على نحو يروج ويعزز، بطريقة متكاملة وشام لة، مجموعة القيم الأخلاقية المجسدة في الاتفاقية، بما في ذلك التعليم من أجل السلام والتسامح واحترام البيئة الطبيعية. وقد يتطلب ذلك نهجاً متعدد الاختصاصات. إن ترويج وتعزيز قيم المادة 29(1) أمر ضروري ليس فقط بسبب المشاكل الموجودة في أماكن أخرى ويجب أيضاً التر كيز على المشاكل داخل مجتمع الطفل الخاص. وينبغي، في هذا الصدد، أن يتم التعليم داخل الأسرة، على أن تقوم المدارس والمجتمعات أيضاً بدور هام. ولنشر احترام البيئة الطبيعية مثلاً يجب أن يربط التعليم قضايا البيئة والتنمية المستدامة بالقضايا الاجتماعية - الاقتصادية والاجتماعية - الثقافية والديمغرافية. وبالمثل، ينبغي أن يتعلم الأطفال احترام البيئة الطبيعية في البيت وفي المدرسة وفي المجتمع كما ينبغي أن يشمل هذا التعليم المشاكل الوطنية والدولية على حد سواء وأن يشارك الأطفال مشاركة نشطة في المشاريع البيئية المحلية أو ال إقليمية أو العالمية.

14- سادساً، تعكس المادة الدور الحيوي للفرص التعليمية المناسبة في تعزيز جميع حقوق الإنسان الأخرى وتفهم عدم قابليتها للتجزئة. ويمكن أن تعاق أو تقوض قدرة الطفل على المشاركة مشاركة تامة وبمسؤولية في مجتمع حر ليس فقط بحرمانه صراحة من التعل يم بل وكذلك بعدم تيسير تفهم القيم المعترف بها في هذه المادة.

تعليم حقوق الإنسان

15- يمكن أيضاً اعتبار المادة 29(1) حجر أساس مختلف برامج تعليم حقوق الإنسان التي دعا إلى وضعها المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقد في فيينا في عام 1993 وروجت لها الوكالات الد ولية. غير أن حقوق الطفل لم تحظَ دائماً بالمكانة البارزة التي تحتاج إليها في سياق هذه الأنشطة. وينبغي أن يوفّر تعليم حقوق الإنسان معلومات عن مضمون معاهدات حقوق الإنسان. غير أن من اللازم أيضاً أن يتعلم الأطفال حقوق الإنسان بمشاهدة معاييرها تطبق على أرض الواق ع سواء في البيت أو المدرسة أو داخـل المجتمع. وينبغي أن يكون تعليم حقـوق الإنسان عملية شاملة تستمر مدى الحياة وتبدأ بتجلي قيم هذه الحقـوق في الحياة اليومية للطفل وتجاربه (6) .

16- وتعتبر القيم المجسدة في المادة 29(1) مفيدة للأطفال الذين يعيشون في المناطق التي يسودها السلم لكنها أهم بكثير بالنسبة للأطفال الذين يعيشون في حالات النزاع أو الطوارئ. وكما لوحظ في إطار عمل داكار، من الأهمية بمكان، في سياق نظم التعليم المتضررة بنزاعات أو كوارث طبيعية أو عدم الاستقرار، أن تنفذ البرامج التعليمية بطريقة تعزز التفاهم والسل م والتسامح وتساعد على منع العنف والنزاع (7) . ويشكل التعليم المتعلق بالقانون الإنساني الدولي أيضاً بعداً هاماً، ولكنه مهمل في معظم الأحيان، من أبعاد الجهود الرامية إلى إعمال المادة 29(1).

التنفيذ والرصد والاستعراض

17- إن الأهداف والقيم الواردة في هذه المادة مذكورة بعبارات عامة جداً ويمكن أن تكون آثارها متنوعة للغاية. ويبدو أن ذلك دفع الكثير من الدول إلى افتراض أن من غير اللازم، بل ومن غير المناسب، ضمان انعكاس المبادئ ذات الصلة في التشريع أو في التوجيهات الإدارية. وليس هناك ما يبرر هذا الافتراض. وإذا لم يكن هن اك أي إقرار رسمي محدد في القانون الوطني أو السياسة الوطنية للمبادئ ذات الصلة فمن المستبعد أن تستخدم في الحاضر أو المستقبل في إلهام السياسات التعليمية حقاً. لهذا تدعو اللجنة جميع الدول الأطراف إلى اتخاذ التدابير اللازمة لإدماج هذه المبادئ رسمياً في سياساتها التعليمية وتشريعها على جميع المستويات.

18- ويتطلب الإعمال الفعلي للمادة 29(1) إعادة صياغة المناهج الدراسية بصورة جذرية لتضمينها مختلف جوانب التعليم وإعادة النظر بانتظام في الكتب المدرسية وغيرها من المواد والتكنولوجيات التعليمية فضلاً عن السياسات المدرسية . وواضح أن النهج التي تكتفي بمحاولة إضافة أهداف هذه المادة وقيمها إلى النظام القائم من غير تشجيع أي تغييرات أعمق نهج غير مناسبة. ولا يمكن إدماج القيم ذات الصلة إدماجاً فعّالاً في منهاج دراسي أوسع نطاقاً، ومن ثم جعلها متماشية معه ما لم يقتنع الأشخاص الذين ي توقع منهم أن ينقلوا ويشجعوا ويعلموا ويمثلوا هذه القيم قدر الإمكان، أنفسهم بأهميتها. لهذا تعتبر برامج التدريب قبل مباشرة الخدمة، وأثناء الخدمة، التي تروج للمبادئ الواردة في المادة 29(1)، أساسية بالنسبة للمدرسين ومديري التعليم وغيرهم من المعنيين بتعليم الطفل . ومن الأهمية بمكان أيضاً أن تعكس طرق التعليم المتبعة في المدارس روح اتفاقية حقوق الطفل وفلسفتها التعليمية وأهداف التعليم المبينة في المادة 29(1).

19- وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تعكس البيئة المدرسية نفسها الحرية وروح التفاهم والسلم والتسامح والمساواة بين ال جنسين والصداقة بين جميع الشعوب والمجموعات الإثنية والقومية والدينية والأشخاص المنتمين إلى السكان الأصليين، طبقاً لما تدعو إليه المادة 29(1)(ب) و(د). وليست المدرسة التي تسمح بالاضطهاد أو غيره من ممارسات العنف أو النبذ مدرسة تستوفي شروط المادة 29(1). وكثيراً ما تستخدم عبارة "تعليم حقوق الإنسان" بطريقة تغالي في تبسيط معانيها الضمنية. إن ما يحتاج إليه في ميدان التعليم النظامي لحقوق الإنسان هو نشر قيم وسياسات تؤدي إلى تعزيز حقوق الإنسان ليس فقط في المدارس والجامعات بل وكذلك في المجتمع بصورة أعم.

20- وعموماً، لن يكون لمختلف المبادرات المطلوب من الدول الأطراف اتخاذها عملاً بالتزاماتها بموجب الاتفاقية أسس كافية إذا لم ينشر على نطاق واسع نص الاتفاقية نفسها طبقاً لأحكام المادة 42. وسييسر ذلك أيضاً دور الأطفال كمروجين لحقوق الطفل ومدافعين عنها في حياتهم اليومية. ولتسهي ل نشر النص على نطاق واسع ينبغي للدول الأطراف أن تقدم تقريراً عن التدابير التي اتخذتها لتحقيق هذا الهدف كما ينبغي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان أن تضع قاعدة بيانات شاملة للاتفاقية باللغات التي صدرت بها.

21- ولوسائل الإعلام، بالمعنى العام لهذه العبارة، دور رئيسي تقوم به سواء في ترويج القيم والأهداف المنصوص عليها في المادة 29(1) أو في ضمان عدم إحباط جهودها للجهود التي يبذلها الآخرون لتحقيق هذه الأهداف. والحكومات ملزمة بموجب المادة 17(أ) من الاتفاقية باتخاذ كافة الخطوات المناسبة ل‍ "تشجيع وسائط الإعلام على نشر المعلومات والمواد ذات المنفعة الاجتماعية والثقافية للطفل" (8) .

22- وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى إيلاء المزيد من الاهتمام للتعليم بوصفه عملية دينامية ولاستحداث الوسائل المناسبة لقياس التغييرات التي تحدث مع مرور الوقت فيما يخص المادة 29(1). ولكل طفل الحق ف ي الحصول على تعليم جيد، الأمر الذي يتطلب بدوره تركيزاً على نوعية البيئة التعليمية وعمليتي التعليم والتعلم وموادهما ونتائج التعليم. وتشير اللجنة إلى أهمية الدراسات الاستقصائية التي يمكن أن توفّر فرصة لتقييم التقدم المحرز استناداً إلى النظر في آراء جميع الجه ات الفاعلة التي تشارك في هذه العملية، بما في ذلك الأطفال الموجودون حالياً في المدرسة والذين غادروها والمعلمون وقادة الشباب والآباء ومديرو التعليم والمشرفون عليه. وفي هذا الصدد، تشدد اللجنة على دور الرصد على الصعيد الوطني الرامي إلى إتاحة الفرصة للأطفال وال آباء والمعلمين للمشاركة في القرارات المتصلة بالتعليم.

23- وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى وضع خطة عمل وطنية شاملة لتشجيع ورصد تحقيق الأهداف الواردة في المادة 29(1). وفي حالة رسم هذه الخطة في السياق الأوسع لخطة عمل وطنية بشأن الطفل أو خطة عمل وطنية بشأن حقوق الإنسان أو استراتيجية وطنية لتعليم حقوق الإنسان، يجب على الحكومة أن تضمن معالجة هذه الخطة مع ذلك لجميع القضايا التي تتناولها المادة 29(1) وذلك من منظور حقوق الطفل. وتحث اللجنة هيئات الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية المعنية بالسياسة التعليمية وتعليم حقوق الإنسان على السعي إلى تحسين التنسيق من أجل زيادة فعالية تنفيذ المادة 29(1).

24- وينبغي أن يصبح تصميم وتنفيذ البرامج لترويج القيم الواردة في هذه المادة جزءاً من استجابة الحكومات النموذجية لمعظم الحالات التي وقعت فيها انتهاكات متعاقبة لحقوق الإنسان. و بذلك يعقل مثلاً، حيثما تقع أحداث هامة مرتبطة بالعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب يشارك فيها أشخاص دون 18 عاماً، أن يفترض أن الحكومة لم تقم بكل ما هو مطلوب منها لترويج القيم المنصوص عليها في الاتفاقية عموماً وفي المادة 29(1) خصوصاً . وينبغي بالتالي اعتماد تدابير إضافية مناسبة بموجب المادة 29(1) تشمل البحث المتعلق بالتقنيات التعليمية التي قد يكون لها أثر إيجابي على إعمال الحقوق المعترف بها في الاتفاقية واستخدام هذه التقنيات.

25- ينبغي للدول الأطراف أيضاً أن تنظر في تحديد إجراء استعرا ضي للرد على الشكاوى من عدم تماشي السياسات القائمة أو الممارسات المرعية مع المادة 29(1). ولا ينبغي أن تستتبع هذه الإجراءات الاستعراضية بالضرورة إنشاء هيئات قانونية أو إدارية أو تعليمية جديدة. ويمكن أيضاً أن يعهد بها إلى مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية أو الهيئ ات الإدارية القائمة. وتطلب اللجنة من كل دولة طرف القيام عند الإبلاغ عن هذه المادة بتحديد الإمكانيات الحقيقية الموجودة على الصعيد الوطني أو المحلي لإجراء استعراض للنهج الموجودة التي يدعى أنها غير متماشية مع الاتفاقية. وينبغي تقديم معلومات عن الطريقة التي يم كن أن تتم بها هذه الاستعراضات وعن عدد الإجراءات الاستعراضية التي تم الاضطلاع بها أثناء الفترة المشمولة بالتقرير.

26- ولتركيز عملية بحث تقارير الدول الأطراف المتعلقة بالمادة 29(1) تركيزاً أفضل، وعملاً بما تنص عليه المادة 44 من أن تبين التقارير العوامل والصع وبات، تطلب اللجنة من كل دولة طرف أن تقدم بياناً مفصلاً في تقاريرها الدورية لما تعتبره أهم أولوية في نطاق اختصاصها تستدعي جهوداً أكثر تضافراً لتعزيز القيم التي تعكسها هذه المادة، وتبين برنامج الأنشطة التي تقترح الاضطلاع بها خلال السنوات الخمس التالية لمعالج ة المشاكل المحددة.

27- وتطلب اللجنة إلى هيئات الأمم المتحدة ووكالاتها وغيرها من الهيئات المختصة التي أشير إليها في المادة 45 من الاتفاقية أن تساهم مساهمة أكثر فعالية وانتظاماً في أعمال اللجنة المتصلة بالمادة 29(1).

28- وسيتطلب تنفيذ خطط العمل الوطنية الشا ملة لتعزيز الامتثال للمادة 29(1) موارد بشرية ومالية ينبغي إتاحتها إلى أقصى حد ممكن وفقاً للمادة 4. لهذا، ترى اللجنة أن القيود المتصلة بالموارد قيود لا يمكن أن تبرر عدم قيام دولة طرف باتخاذ أي من التدابير المطلوبة أو ما يكفي منها. وفي هذا السياق، وفي ضوء ال تزامات الدول الطرف المتصلة بتعزيز وتشجيع التعاون الدولي بصورة عامة (المادتان 4 و45 من الاتفاقية) وفيما يخص التعليم (المادة 28(3))، تحث اللجنة الدول الأطراف على إتاحة التعاون الإنمائي لضمان تصميم برامجها بطريقة تأخذ في الاعتبار التام المبادئ الواردة في الما دة 29(1).

الحواشي

(1) تحيط اللجنة علماً، في هذا الصدد، بالتعليق العام رقم 13(1999) للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشأن الحق في التعليم، الذي يتناول جملة أمور منها أهداف التعليم بموجب المادة 13(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية وال اجتماعية والثقافية. وتلفت اللجنة الانتباه أيضاً إلى المبادئ التوجيهية العامة المتعلقة بشكل ومضمون التقارير الدورية التي يتعين على الدول الأطراف أن تقدمها بموجب الفقرة 1(ب) من المادة 44 من الاتفاقية (CRC/C/58) الفقرات 112-116.

(2) اليونسكو "Learning: The T reasure Within" تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتربية للقرن الحادي والعشرين (1996) الصفحات 16-18.

(3) اليونسكو The Salamanca Statement and Framework for Action on Special Needs Education, 1994, p. viii.

(4) انظر التعليق العام رقم 5(1994) للجنة الحقوق الا قتصادية والاجتماعية والثقافية بشأن المعوقين.

(5) انظر التوصيات التي اعتمدتها لجنة حقوق الطفل بعد يوم المناقشة العامة الذي نظمته في عام 1998 بشأن الأطفال الذين يعيشون في عالم يعاني من فيروس نقص المناعة البشري/متلازمة نقص المناعة المكتسب (A/55/41، الفقرة 15 36).

(6) انظر قرار الجمعية العامة 49/184 المؤرخ 23 كانون الأول/ديسمبر 1994 الذي أعلنت فيه عن عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان.

(7)Education for All: Meeting our Collective Commitments، اعتمد في المنتدى العالمي للتعليم، داكار 26-28 نيسان/أب ريل 2000.

(8) تشير اللجنة إلى التوصيات المتعلقة بهذا الموضوع التي تمخض عنها يوم المناقشة العامة الذي نظمته في 1996 بشأن الأطفال ووسائط الإعلام (انظر الوثيقة A/53/41، الفقرة 1396).

الدورة الحادية والثلاثون (2002)

التعليق العام رقم 2: دور المؤسسات الوطنية ا لمستقلة لحقوق الإنسان في حماية وتعزيز حقوق الطفل

1- تلزم المادة 4 من اتفاقية حقوق الطفل الدول الأطراف بأن "تتخذ كل التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير الملائمة لإعمال الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية". والمؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسا ن هي آلية هامة لتعزيز وضمان تنفيذ الاتفاقية، وأن لجنة حقوق الطفل تعتبر أن إنشاء مثل هذه الهيئات يقع في إطار الالتزام الذي تتعهد به الدول الأطراف عند التصديق على الاتفاقية لضمان تنفيذها والنهوض بالإعمال العالمي لحقوق الطفل. وفي هذا الصدد، رحبت اللجنة بإنشاء المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان وأمين مظالم الأطفال/مفوضي الأطفال والهيئات المستقلة المشابهة المعنية بتعزيز ومراقبة تنفيذ الاتفاقية في عدد من الدول الأطراف.

2- وتصدر اللجنة هذا التعليق العام لتشجيع الدول الأطراف على إنشاء مؤسسة مستقلة لتعزيز ورصد تنفيذ الاتفاقية ودعمها في هذا الصدد من خلال وضع العناصر الأساسية لمثل هذه المؤسسات والأنشطة التي يتعين على هذه المؤسسات الاضطلاع بها. وتدعو اللجنة الدول الأطراف التي أنشأت مثل هذه المؤسسات في السابق إلى استعراض وضعها وفعاليتها فيما يتعلق بتعزيز وحماية حقوق الطفل، على النحو المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل وغيرها من الصكوك الدولية ذات الصلة.

3- وقد أعاد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقد في عام 1993، في إعلان وبرنامج عمل فيينا، التأكيد على "... الدور الهام والبناء الذي تؤديه المؤسسات الوطنية من أجل تعز يز وحماية حقوق الإنسان" وشجع "... إنشاء وتقوية المؤسسات الوطنية". ودعت الجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان بصورة متكررة إلى إنشاء مؤسسات وطنية لحقوق الإنسان، وأكدت على الدور الهام الذي تؤديه المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان في تعزيز وحماية حقوق الإنسا ن وإذكاء وعي الجمهور بهذه الحقوق. وطلبت اللجنة، في مبادئها التوجيهية العامة لتقديم التقارير الدورية، من الدول الأطراف أن تقدم معلومات عن "أي هيئة مستقلة أنشئت للتعزيز وحماية حقوق الطفل ..." (1) ، ومن ثم فإن اللجنة تتصدى بصورة منتظمة لهذه المسألة أثناء الحوار الذي تجريه مع الدول الأطراف.

4- وينبغي إنشاء المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان بصورة تتمشى مع المبادئ ذات الصلة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان ("مبادئ باريس") التي اعتمدتها الجمعية العامة في عام 1993 (2) . وهذه المبادئ الدنيا التي أ حالتها لجنة حقوق الإنسان في عام 1992 (3) تقدم التوجيه فيما يتعلق بإنشاء واختصاص ومسؤوليات وتكوين واستقلال، وتعددية، وأساليب عمل هذه الهيئات الوطنية وأنشطتها شبه القضائية.

5- وفيما يحتاج الكبار والصغار على السواء لمؤسسات مستقلة لحقوق الإنسان لحماية حقوقهم، ه ناك مبررات إضافية لضمان إيلاء اهتمام خاص بحقوق الإنسان للطفل. وهي تتضمن حقائق عن أن حالة نمو الطفل تجعله عرضة بوجه الخصوص لانتهاكات حقوق الإنسان؛ فنادراً ما يتم مراعاة آراء الطفل؛ وليس لمعظم الأطفال أي صوت ولا يمكنهم أداء دور لـه مغزى في العملية السياسية ا لتي تحدد استجابة الحكومات لحقوق الإنسان؛ ويواجه الأطفال مشاكل هامة في استخدام النظام القضائي لحماية حقوقهم أو التماس سبل الانتصاف عند انتهاك حقوقهم؛ وبوجه عام، يكون وصول الأطفال إلى منظمات ربما تكون قادرة على حماية حقوقهم، محدوداً.

6- وقد ازداد عدد الدول ا لأطراف التي أنشئت فيها مؤسسات متخصصة مستقلة لحقوق الطفل، والتي عينت أمناء المظالم أو مفوضين للدفاع عن حقوق الطفل . وفي الدول الأطراف التي تعاني من موارد محدودة، ينبغي إيلاء الاعتبار إلى ضمان استخدام الموارد المتاحة بأقصى درجة من الفعالية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان لكل شخص، بما في ذلك الأطفال ويرجح في هذا السياق، أن يكون إنشاء قاعدة واسعة لمؤسسات وطنية مستقلة لحقوق الإنسان تركز بصفة خاصة على الأطفال، هو أفضل النُهج. وينبغي أن يتضمن هيكل القاعدة الواسعة للمؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان إما مفوضاً تعرّف هويته يكون مسؤولاً بصورة خاصة عن حقوق الطفل أو شعبة أو فرعاً محددين مسؤولين عن حقوق الطفل.

7- وترى اللجنة أن كل دولة تحتاج إلى مؤسسة مستقلة لحقوق الإنسان تكون مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الطفل. والشاغل الرئيسي للجنة هو أن تكون المؤسسة أياً كان شكلها، قادر ة بصورة مستقلة وفعالة، على رصد وتعزيز وحماية حقوق الطفل. ومن الضروري أن يتم "إدماج" تعزيز وحماية حقوق الطفل وأن تعمل جميع مؤسسات حقوق الإنسان الموجودة في بلد ما، بصورة وثيقة مع بعضها البعض لهذا الغرض.

الولاية والسلطات

8- ينبغي، إن أمكن، ترسيخ المؤسسات الوط نية المستقلة لحقوق الإنسان، دستوريا، كما ينبغي على الأقل أن يتم إسناد الولاية إليها تشريعيا. وترى اللجنة أنه ينبغي أن يكون نطاق ولاية هذه المؤسسات واسعاً بقدر الإمكان لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، بحيث يدمج اتفاقية حقوق الطفل، وبروتوكوليها الاختياريين وغيرها من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة - وبذلك يتم على نحو فعال تغطية حقوق الإنسان للطفل، لا سيما الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما ينبغي أن يتضمن التشريع أحكاماً تحدد الوظائف والسلطات والواجبات الخاصة المتعلقة بالطفل والم رتبطة باتفاقية حقوق الطفل وبروتوكوليها الاختياريين. وإذا كانت المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان قد أنشئت قبل أن يتم وضع الاتفاقية، أو إذا كانت هذه المؤسسات لا تجسد الاتفاقية بوضوح، فينبغي اتخاذ ما يلزم من ترتيبات ، بما في ذلك إصدار أو تعديل التشريعات ، لضمان اتساق ولاية المؤسسة مع مبادئ وأحكام الاتفاقية.

9- وينبغي أن تسند إلى المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان السلطات اللازمة لتمكينها من الاضطلاع بولايتها بفعالية، بما في ذلك سلطة الاستماع إلى أي شخص والحصول على أية معلومات ووثائق ضرورية لتقييم الح الات التي تقع ضمن اختصاصها. وينبغي أن تتضمن هذه السلطات تعزيز وحماية حقوق جميع الأطفال الخاضعين لولاية الدولة الطرف، لا فيما يتعلق بالدولة الطرف فحسب، بل بجميع الكيانات العامة والخاصة ذات الصلة.

عملية الإنشاء

10- ينبغي أن تكون عملية إنشاء المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان عملية قائمة على المشاورة وأن تكون شاملة ومرنة وتتم بمبادرة من أعلى مستويات الحكومة وبدعم منها، وأن تتألف من جميع العناصر المعنية في الدولة ، والمشرع والمجتمع المدني. وبغية ضمان استقلال المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان وسير عم لها الفعال، ينبغي أن يتم إمدادها بما يكفي من الهياكل الأساسية والتمويل (بما في ذلك وعلى وجه التحديد لحقوق الطفل ضمن مؤسسات واسعة النطاق) والموظفين والمباني وينبغي أن تكون متحررة من أشكال السيطرة المالية التي قد تؤثر على استقلالها.

الموارد

11- وبينما تعترف اللجنة بأن هذه المسألة هي مسألة حساسة للغاية وأن الدول الأطراف تعمل في حدود موارد اقتصادية متفاوتة في مستوياتها ، فإنها تعتقد أن من واجب الدول أن تخصص موارد مالية معقولة لتشغيل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في ضوء المادة 4 من الاتفاقية. وربما تصبح ولاية و سلطات المؤسسات الوطنية غير ذات مغزى، أو قد تكون ممارسة سلطاتها محدودة، إذا لم تملك السبل للعمل بصورة فعالة لممارسة سلطاتها.

التمثيل التعددي

12- ينبغي أن تضمن المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان اشتمال تكوينها على التمثيل التعددي لمختلف عناصر المجتمع ال مدني الذي يشترك في تعزيز وحماية حقوق الإنسان. ويتعين عليها أن تسعى إلى إشراك جهات من ضمنها الجهات التالية: المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان وبمناهضة التمييز وحقوق الطفل، بما في ذلك المنظمات التي يترأسها الأطفال والشباب؛ ونقابات العمال؛ والمنظمات الاجتماعية والمهنية (للأطباء والمحامين والصحفيين والعلميين الخ؛ والجامعات والخبراء بمن فيهم الخبراء في مجال حقوق الطفل. وينبغي للإدارات الحكومية أن تشترك بصفة استشارية فقط. وينبغي أن يكون للمؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان إجراءات تعيين مناسبة وقائمة على الشفافية، وتتضمن عملية اختيار مفتوحة تقوم على المنافسة.

توفير سبل الانتصاف في حالة انتهاك حقوق الطفل

13- ينبغي أن يكون للمؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان سلطة النظر في الشكاوى والالتماسات بما في ذلك تلك المقدمة بالنيابة عن الأطفال أو من قبل الأطف ال مباشرة، وأن تجري تحقيقات بشأنها. ولكي تتمكن هذه المؤسسات من إجراء مثل هذه التحقيقات بفعالية، ينبغي أن تتمتع بصلاحية استدعاء ومساءلة الشهود، والوصول إلى القرائن الوثائقية ذات الصلة، وإلى أماكن الاحتجاز. كما أن من واجبها السعي إلى ضمان توفير سبل الانتصاف الفعالة للأطفال - تقديم المشورة بصورة مستقلة، وإجراءات الدفاع وتقديم الشكاوى - فيما يتعلق بأي انتهاك لحقوقهم. وينبغي أن تقوم المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان ، عند الاقتضاء، بالوساطة والمصالحة بخصوص هذه الشكاوى.

14- وينبغي أن تكون للمؤسسات الوطنية ا لمستقلة لحقوق الإنسان سلطة دعم الأطفال الذين يرفعون دعاوى أمام المحاكم، بما في ذلك سلطة (أ) رفع دعاوى تتعلق بقضايا الأطفال باسم المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان و(ب) التدخل في دعاوى المحاكم لإعلام المحكمة عن قضايا حقوق الإنسان المتعلقة بالدعوى.

إم كانية الوصول والمشاركة

15- ينبغي أن يكون الوصول الجغرافي والمادي إلى المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان ممكناً بالنسبة لجميع الأطفال. ووفقاً لروح المادة 2 من الاتفاقية، ينبغي أن تصل هذه المؤسسات بصورة تفعيلية إلى جميع مجموعات الأطفال لا سيما أكثرهم حر ماناً وضعفاً وذلك على سبيل المثال لا الحصر الأطفال المودعين في مؤسسات الرعاية أو الاحتجاز وأطفال الأقليات أو أطفال السكان الأصليين والأطفال المعوقين والأطفال الذين يعيشون في ظل الفقر وأطفال اللاجئين والمهاجرين وأطفال الشوارع والأطفال الذين لهم احتياجات خاص ة في مجالات مثل الثقافة واللغة والصحة والتعليم. وينبغي أن يتضمن تشريع المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان حق المؤسسة في أن تصل، بصورة سرية، إلى الأطفال في جميع أشكال مؤسسات الرعاية البديلة وجميع المؤسسات التي تضم أطفالا.

16- وتؤدي المؤسسات الوطنية المس تقلة لحقوق الإنسان دوراً رئيسياً في تعزيز احترام الحكومات والمجتمع بأسره لآراء الطفل في جميع الأمور التي تخصه، على النحو المنصوص عليه في المادة 12 من الاتفاقية. وينبغي تطبيق هذا المبدأ العام على إنشاء وتنظيم وأنشطة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. ويجب على المؤسسات أن تضمن الاتصال المباشر بالأطفال وإشراكهم ومشاورتهم على النحو المناسب. فيمكن مثلاً إنشاء مجالس للأطفال تعمل كهيئات استشارية للمؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان لتسهيل مشاركة الأطفال في أمور تخصهم.

17- وينبغي أن تضع المؤسسات الوطنية المستقلة لح قوق الإنسان برامج استشارية مفصلة بصورة خاصة واستراتيجيات ابتكارية للاتصال لضمان الامتثال الكامل للمادة 12 من الاتفاقية. وينبغي وضع طائفة من الوسائل المناسبة التي تيسر للطفل الاتصال بالمؤسسة.

18- وينبغي أن يكون للمؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان الحق في الإبلاغ مباشرة، وبصورة مستقلة ومنفصلة عن حالة حقوق الطفل إلى الهيئات العامة والبرلمانية. وفي هذا الصدد، يجب أن تكفل الدول الأطراف تنظيم مناقشة سنوية في البرلمان لإتاحة الفرصة أمام البرلمانيين لمناقشة عمل المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان فيما يتعل ق بحقوق الطفل وامتثال الدولة الطرف لأحكام الاتفاقية.

الأنشطة الموصى بها

19- فيما يلي قائمة إرشادية لا حصرية بأنواع الأنشطة التي يتعين على المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان الاضطلاع بها فيما يتعلق بتنفيذ حقوق الطفل في ضوء المبادئ العامة للاتفاقية، فيت عين على هذه المؤسسات أن:

(أ) تجري تحقيقات ضمن نطاق ولايتها في أية حالة لانتهاك حقوق الطفل يتم بشأنها تقديم شكوى أو تقوم بها بمبادرة منها؛

(ب) تجري تحقيقات بشأن المسائل المتعلقة بحقوق الطفل؛

(ج) تقوم بإعداد ونشر آراء وتوصيات وتقارير، إما نزولاً على طلب ا لسلطات الوطنية أو بمبادرة منها، عن أي مسائل تتعلق بتعزيز وحماية حقوق الطفل؛

(د) تبقي ملاءمة وفعالية القوانين والممارسات المتعلقة بحماية حقوق الطفل قيد الاستعراض؛

(ه‍) تنهض بتنسيق التشريعات والأنظمة والممارسات الوطنية مع اتفاقية حقوق الطفل، وبروتوكوليها ا لاختياريين وغيرها من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة بحقوق الطفل وتعمل على تعزيز تنفيذها بصورة فعالة، بما في ذلك من خلال تقديم المشورة إلى الهيئات العامة والخاصة فيما يتعلق بتفسير وتطبيق الاتفاقية؛

(و) تؤمن مراعاة صانعي السياسات الاقتصادية الوطنية لحقوق الطفل عند وضع وتقييم الخطط الوطنية الاقتصادية والإنمائية؛

(ز) تستعرض وتقدم تقارير عن إعمال الحكومة لحقوق الطفل ورصدها، بغية ضمان أن يتم التصنيف المناسب للإحصاءات وغيرها من المعلومات التي يتم تجميعها على أساس منتظم، بغية تحديد ما يجب القيام به لإنجاز حقوق الطفل؛

(ح) تشجع التصديق على أي صك ذي صلة من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان أو الانضمام إليه؛

(ط) تكفل، وفقاً لأحكام المادة 3 من الاتفاقية التي تطالب الدول الأطراف بإيلاء الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، النظر بحذر في أثر القوانين والسياسات على الطفل، ابتداءً من وضعها وحتى تنفيذها وما يتجاوز ذلك؛

(ي) تكفل للطفل، في ضوء المادة 12، الإعراب عن آرائه فيما يتعلق بالمسائل ذات الصلة بحقوق الإنسان والاستماع إليها وتحديد المسائل المتعلقة بحقوقه؛

(ك) تدعو إلى تيسير المش اركة الفعالة للمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الطفل بما فيها المنظمات المؤلفة من الأطفال أنفسهم، في صياغة التشريعات المحلية والصكوك الدولية المتعلقة بالمسائل التي تعني الطفل؛

(ل) تشجع الجمهور على فهم وإدراك أهمية حقوق الطفل، ولهذا الغرض، تعمل بصورة وثي قة مع وسائل الإعلام وتجري البحوث والأنشطة التثقيفية أو ترعاها في هذا المجال؛

(م) تقوم بتوعية الحكومات والوكالات العامة والجمهور العام بأحكام الاتفاقية وترصد السبل التي تتبعها الدولة للوفاء بالتزاماتها في هذا الصدد، وذلك وفقاً لأحكام المادة 42 من الاتفاقية التي تلزم الدول الأطراف "بأن تنشر مبادئ الاتفاقية وأحكامها على نطاق واسع بالوسائل الملائمة والفعالة، بين الكبار والأطفال على السواء"؛

(ن) تقدم المساعدة في صياغة برامج لتعليم حقوق الطفل، وإجراء بحوث في مجال حقوق الطفل وإدماجها في مناهج المدارس والجامعات و الأوساط المهنية؛

(س) تضطلع بالتثقيف في مجال حقوق الإنسان مع التركيز بصورة خاصة على الطفل (بالإضافة إلى تشجيع الجمهور العام على فهم أهمية حقوق الطفل)؛

(ع) تتخذ إجراءات قانونية للدفاع عن حقوق الطفل في الدولة أو تقديم المساعدة القانونية إلى الطفل؛

(ف) تشرع في عمليات الوساطة أو المصالحة، قبل رفع الدعاوى أمام المحاكم، عند الاقتضاء؛

(ص) توفر للمحاكم خبراتها في مجال حقوق الطفل، في حالات مناسبة كصديقة للمحكمة أو كطرف متدخِّل؛

(ق) تُجري، وفقاً لأحكام المادة 3 من الاتفاقية، التي تلزم الدول الأطراف بضمان "أن تتقي د المؤسسات والإدارات والمرافق المسؤولة عن رعاية أو حماية الأطفال بالمعايير التي وضعتها السلطات المختصة، ولا سيما في مجالي السلامة والصحة وفي عدد موظفيها وصلاحيتهم للعمل، وكذلك من ناحية كفاءة الإشراف" والقيام بزيارات إلى منازل الأحداث (وجميع الأماكن التي يح تجز فيها الأطفال لأغراض الإصلاح أو التأديب) ومؤسسات الرعاية، للإبلاغ عن حالتها وتقديم توصيات لتحسينها؛

(ر) تضطلع بالأنشطة الأخرى التي تظهر بشكل عرضي نتيجة القيام بالأنشطة أعلاه.

تقديم التقارير إلى لجنة حقوق الطفل والتعاون بين المؤسسات الوطنية المستقلة لحق وق الإنسان ووكالات الأمم المتحدة وآليات حقوق الإنسان

20- يتعين على المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان أن تسهم بصورة مستقلة في عملية الإبلاغ بموجب الاتفاقية وغيرها من الصكوك الدولية ذات الصلة وأن تراقب سلامة تقارير الحكومة المقدمة إلى الهيئات التعاهدية الدولية فيما يتعلق بحقوق الطفل، بما في ذلك من خلال إجراء حوار مع لجنة حقوق الطفل أثناء اجتماع الفريق العامل السابق على دورتها ومع غيرها من الهيئات التعاهدية المعنية.

21- وترجو اللجنة من الدول الأطراف أن تدرج في تقاريرها المقدمة إلى اللجنة معلومات مفصلة عن الأسس التشريعية والولاية والأنشطة الرئيسية ذات الصلة للمؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان. ومن المستصوب أن تتشاور الدول الأطراف مع المؤسسات المستقلة لحقوق الإنسان أثناء إعداد التقارير المقدمة إلى اللجنة. ومع ذلك، يجب أن تحترم الدول الأطراف استقلال هذه الهيئات ودورها المستقل في توفير المعلومات اللجنة. ومن غير الملائم تخويل المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان مهمة صياغة التقارير أو ضمها إلى وفد الحكومة عندما تقوم اللجنة بفحص التقارير.

22- ويتعين على المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان أن تتعاون أي ضاً مع الإجراءات الخاصة للجنة حقوق الإنسان، بما في ذلك الآليات القطرية والمواضيعية، ولا سيما المقرر الخاص المعني ببيع الأطفال واستغلالهم في البغاء والمواد الإباحية والممثل الخاص للأمين العام المعني بالأطفال والنزاع المسلح.

23- ولدى الأمم المتحدة برنامجاً ط ويل الأمد تقدم بموجبه المساعدة لإنشاء وتعزيز المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. وهذا البرنامج، ومقره مكتب مفوضية حقوق الإنسان، يقدم الدعم التقني وييسر التعاون الإقليمي والعالمي والتبادلات فيما بين المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. ويتعين على الدول الأطراف أن تس تفيد من هذه المساعدة عند الضرورة. كما تقدم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) الدراية والتعاون التقني في هذا المجال.

24- ويجوز للجنة أن تحيل أيضاً، بموجب أحكام المادة 45 من الاتفاقية، وحسبما تراه مناسباً، إلى أي وكالة من الوكالات المتخصصة في منظومة ال أمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة والهيئات المختصة الأخرى، أية تقارير من الدول الأطراف تتضمن طلباً للمشورة أو للمساعدة التقنيتين أو تشير إلى حاجتها لمثل هذه المشورة أو المساعدة لإنشاء المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان.

المؤسسات الوطنية المستقل ة لحقوق الإنسان والدول الأطراف

25- تصادق الدول على اتفاقية حقوق الطفل وتلتزم بتنفيذها بالكامل. ويتمثل دور المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان في القيام بصورة مستقلة برصد امتثال الدولة للاتفاقية وما تحرزه من تقدم في تنفيذها وتقوم بكل ما في وسعها لضمان ا لاحترام الكامل لحقوق الطفل. وفي حين أن ذلك قد يتطلب من المؤسسة أن تضع مشاريع لتعزيز وحماية حقوق الطفل، فينبغي ألا يؤدي هذا إلى أن تسند الحكومة التزاماتها المتعلقة بالرصد إلى المؤسسة الوطنية. فمن الضروري أن تظل هذه المؤسسات حرة تماماً في وضع جدول أعمالها وت حديد أنشطتها.

المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية

26- تؤدي المنظمات غير الحكومية دوراً حيوياً في تعزيز حقوق الإنسان وحقوق الطفل. ودور المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان وقاعدتها التشريعية وسلطاتها المحددة، هو دور تكميلي. ومن الضروري أن تعمل المؤسسات بصورة وثيقة مع المنظمات غير الحكومية وأن تحترم الحكومات استقلال كل من المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية.

التعاون الإقليمي والدولي

27- بإمكان العمليات والآليات الإقليمية والمؤسسية أن تعزز وتدعم المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان من خلال تقاسم الخبرات والمهارات لأن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تواجه مشاكل مشتركة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في بلدانها.

28- وفي هذا الصدد، يتعين على المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن تتشاور وتتعاون مع الهيئات ذات الصل ة الوطنية والإقليمية والدولية والمؤسسات المعنية بقضايا حقوق الطفل.

29- إن قضايا حقوق الإنسان والطفل لا تتوقف عند الحدود الوطنية وأصبح من الضروري بصورة متزايدة استنباط حلول مناسبة إقليمية ودولية لطائفة من قضايا حقوق الطفل (على سبيل المثال لا الحصر الاتجار ب المرأة والطفل، واستخدام الأطفال في المواد الإباحية، وتجنيد الأطفال، وعمل الأطفال، والإساءة إلى الأطفال، وأطفال اللاجئين والمهاجرين، الخ.). ويتم تشجيع الآليات الدولية والإقليمية وتبادل الخبرات، لأنها توفر للمؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان فرصة للاستفا دة من خبرات بعضها البعض، والتعزيز الجماعي لمواقف بعضها البعض ومن ثم إيجاد حلول لمشاكل حقوق الإنسان التي تؤثر على كل من البلدان والمناطق.

الحواشي

(1) المبادئ التوجيهية العامة المتعلقة بشكل ومضمون التقارير الدورية التي يتعين على الدول الأطراف تقديمها بموجب الفقرة 1(ب) من المادة 44 من الاتفاقية (CRC/C/58، الفقرة 18).

(2) المبادئ المتعلقة بوضع المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان ("مبادئ باريس")، قرار الجمعية العامة 48/134 المؤرخ 20 كانون الأول/ديسمبر 1993، المرفق.

(3) قرار لجنة حقوق الإنسان 1992/54 ا لمؤرخ 3 آذار/مارس 1992، المرفق.

الدورة الثانية والثلاثون (2003)

التعليق العام رقم 3: فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز وحقوق الطفل

أولاً- مقدمة (1)

1- لقد غير وباء فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز العالم الذي يعيش فيه الأطفال تغييراً شديداً. فقد أصيب ملايين ا لأطفال به وتوفوا على أثره وهناك أعداد أكبر متأثرة به بشدة لأنه ينتشر عن طريق أسرهم ومجتمعاتهم. فالوباء يؤثر على الحياة اليومية للأطفال الأصغر سناً، ويضاعف من إيذاء وتهميش الأطفال، خاصة الذين يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة. ولا تقتصر مشكلة الفيروس/الإيدز على بضعة بلدان، بل تشمل العالم أجمع. فالتحكم في أثرها على الأطفال تحكماً فعلياً يتطلب بذل جهود متضافرة ومحددة الأهداف من جانب جميع البلدان على كافة مراحل التنمية.

ولقد اعتُبر في البداية أن تأثر الأطفال بالوباء ليس سوى تأثر هامشي. بيد أن المجتمع الدولي قد اكتش ف للأسف أنهم في صميم المشكلة. فقد أشار البرنامج المشترك المتعلق بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز إلى أن أحدث الاتجاهات تثير الخوف لأن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة وأحيانا أصغر هم الذين يشكلون في معظم أنحاء العالم غالبية المصابين بالإصابات الج ديدة. وتتزايد أيضاً إصابة النساء به، بمن فيهن الفتيات. وفي معظم أنحاء العالم، لا تكون المصابات به على علم بذلك وقد ينقلن العدوى إلى أطفالهن دون دراية منهن. ولذلك سجلت دول كثيرة زيادة في معدلات وفيات الرضع والأطفال في الآونة الأخيرة. والمراهقون معرضون أيضاً للإصابة بالفيروس/الإيدز لأن تجربتهم الجنسية الأولى قد تتم في بيئة لا يستطيعون الحصول فيها على معلومات وإرشادات ملائمة. ويزداد احتمال الإصابة به عند المراهقين الذين يتعاطون المخدرات.

ومـع ذلك، قد يتعرض جميع الأطفال للإصابة بالفيروس/الإيدز بسبب ظروف حياتهم الخاصة، لا سيما (أ) الأطفال المصابون هم أنفسهم بالفيروس؛ (ب) الأطفال المتأثرون بالوباء بسبب فقدان من يرعاهم من الآباء أو المدرسين و/أو بسبب شدة تأثر أسرهم أو مجتمعاتهم بعواقب الوباء؛ و(ج) الأطفال الأكثر عرضة للإصابة أو التأثر.

ثانياً- أهداف هذا التعليق ا لعام

2- فيما يلي أهداف هذا التعليق العام:

(أ) زيادة تعيين جميع حقوق الإنسان للأطفال وتعزيز فهمها في سياق فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز؛

(ب) تعزيز إعمال حقوق الإنسان للأطفال في سياق فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز، كما تكفلها اتفاقية حقوق الطفل (المشار إليها فيما بعد باسم "الاتفاقية")؛

(ج) تحديد التدابير والممارسات السليمة لرفع مستوى تنفيذ الدول للحقوق ذات الصلة بالوقاية من الفيروس/الإيدز ودعم ورعاية وحماية الأطفال المصابين أو المتأثرين بهذه الجائحة؛

(د) الإسهام في وضع وتعزيز خطط عمل موجهة للأطفال، وا ستراتيجيات وقوانين وسياسات وبرامج لمكافحة انتشار الفيروس/الإيدز والتقليل من أثره على المستويين الوطني والدولي.

ثالثاً- منظور الاتفاقية بشأن الفيروس/الإيدز: النهج

الشامل القائم على حقوق الطفل

3- إن قضية الأطفال والفيروس/الإيدز قضية ينظر إليها أساساً على أ نها مشكلة طبية أو مشكلة صحية وإن كانت مجموعة القضايا التي تشملها أكبر من ذلك بكثير في الواقع. وحق الطفل في الصحة (المادة 24 من الاتفاقية) حق رئيسي مع ذلك في هذا الصدد. ولكن تأثير الفيروس/الإيدز على حياة جميع الأطفال شديد لدرجة أنه يؤثر على جميع حقوقهم المد نية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولذلك ينبغي أن تكون الحقوق المجسدة في المبادئ العامة للاتفاقية - الحق في عدم التمييز (المادة 2)، وحق الطفل في إيلاء الاعتبار الأول لمصلحته (المادة 3)؛ حق الطفل في الحياة والبقاء والنمو (المادة 6) وحق الطفل ف ي أن تحترم آراؤه (المادة 12) - المواضيع الواجب الاسترشاد بها عند النظر في الفيروس/الإيدز على جميع مستويات الوقاية والعلاج والرعاية والدعم.

4- ولا يمكن تنفيذ تدابير كافية للتصدي للفيروس/الإيدز إلا باحترام حقوق الأطفال والمراهقين احتراماً كاملاً. والحقوق الأ كثر صلة في هذا الصدد، علاوة على تلك الوارد ذكرها في الفقرة 5 أعلاه، هي التالية: حق الطفل في الحصول على المعلومات والمواد التي تستهدف تعزيز رفاهيته الاجتماعية والروحية والمعنوية وصحته الجسدية والعقلية (المادة 17)؛ حق الطفل في الرعاية الصحية الوقائية والتثقي ف الجنسي والتعليم والخدمات فيما يتعلق بتنظيم الأسرة (المادة 24)؛ حق الطفل في مستوى معيشي ملائم (المادة 27)؛ حق الطفل في الخصوصيات (المادة 16)؛ حق الطفل في عدم فصله عن والديه (المادة 9)؛ حق الطفل في الحماية من العنف (المادة 19)؛ حق الطفل في الحماية والمساعد ة الخاصتين اللتين توفرهما الدولة (المادة 20)؛ حقوق الأطفال المعوقين (المادة 23)؛ حق الطفل في الصحة (المادة 24)؛ حق الطفل في الانتفاع بالضمان الاجتماعي والتأمين الاجتماعي (المادة 26)؛ حق الطفل في التعليم والراحة (المادتان 82 و31)؛ حق الطفل في الحماية من الا ستغلال الاقتصادي والجنسي ومن الاعتداء ومن الاستخدام غير المشروع للمواد المخدرة (المواد 32، 33، 34 و36)؛ حق الطفل في الحماية من الاختطاف والبيع والاتجار به ومن التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (المادتان 35 و37)؛ وحق الطفل في التأهيل البدني والنفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي (المادة 39). ونتيجة للوباء، يواجه الأطفال تحديات جدية للتمتع بالحقوق المشار إليها أعلاه. وتتيح الاتفاقية، وخاصة المبادئ العامة الأربعة المقترنة بنهج شامل، إطاراً متيناً لبذل الجهود من أجل تقليل الأثر السلبي الذي يخلفه الوباء على حياة الأطفال. ويمثل النهج الشامل القائم على الحقوق واللازم لتنفيذ الاتفاقية الأداة المثلى للتصدي للمجموعة الأوسع نطاقاً من القضايا التي تتعلق بالجهود الواجب بذلها في مجالات الوقاية والعلاج والرعاية.

(أ) حق الطفل في عدم التعرض للتمييز (المادة 2)

5- التمييز مسؤول عن زيادة تعرض الأطفال لفيروس نقص المناعة البشري ومتلازمة نقص المناعة المكتسب وعن تأثيره الشديد على حياة الأطفال المتأثرين بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز أو المصابين به هم أنفسهم. فكثيراً ما تكون الفتيات والفتيان الذين يُصاب آباؤهم بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز ضحايا التشهير والتمييز، إذ غالباً ما يفترض أنهم أيضاً مصابون به. ونتيجة للتمييز، لا تكون السبل متاحة للأطفال للحصول على المعلومات وتحصيل العلم (انظر التعليق العام رقم 1 للجنة بشأن أهداف التعليم)، والاستف ادة من الخدمات الصحية أو الرعاية الاجتماعية أو الحياة المجتمعية. وأسوأ نتيجة يفضي إليها التمييز ضد الأطفال المصابين بالفيروس/الإيدز هي التخلي عنهم من جانب أسرهم ومجتمعهم المحلي و/أو المجتمع بوجه عام. كما أنه يؤدي إلى زيادة انتشار الوباء بجعل الأطفال، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى مجموعات معينة مثل الأطفال الذين يعيشون في المناطق النائية أو الريفية التي تقل فيها سبل الحصول على الخدمات، أكثر عرضة للإصابة. ومن ثم، يتضاعف الأذى الذي يصيب هؤلاء الأطفال.

6- والتمييز القائم على نوع الجنس يثير القلق بوجه خاص لأنه ي قترن بالنشاط الجنسي الذي تمارسه الفتيات، وهو نشاط محرم أو يتخذ بصدده موقف سلبي أو موقف تصدر فيه أحكام عليهن مما يحد في حالات كثيرة من إمكانية حصولهن على تدابير وقائية وعلى خدمات أخرى. والتمييز القائم على الميل الجنسي مثير للقلق هو الآخر. فعلى الدول الأطراف ، لدى تصميم الاستراتيجيات ذات الصلة بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز، وتمشياً مع التزاماتها بموجب الاتفاقية، أن تولي عناية دقيقة للقواعد المقررة في مجتمعاتها بشأن نوع الجنس وذلك للقضاء على التمييز القائم على نوع الجنس لأن هذه القواعد تؤثر على تعرض الفتيات والفتيان للفيروس/الإيدز. وينبغي لها الاعتراف بوجه خاص بأن الفتيات يتأثرن عموماً بشدة أكبر من الفتيان بفعل التمييز الذي يمارس في حالة الإصابة بالفيروس/الإيدز.

7- وتنتهك جميع الممارسات التمييزية المشار إليها أعلاه حقوق الأطفال بموجب الاتفاقية. فالمادة 2 من ا لاتفاقية تلزم الدول الأطراف بكفالة جميع الحقوق الموضحة في الاتفاقية دون أي نوع من أنواع التمييز "بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الاثني أو الاجتماعي أو ثروتهم أو عجزهم أو مولدهم أو أي وضع آخر". ويشمل تفسير اللجنة لعبارة "أي وضع آخر" المنصوص عليها في الاتفاقية، وضع الطفل المصاب بالفيروس/الإيدز أو وضع أبويه المصابين به. وينبغي أن تتصدى القوانين والسياسات والاستراتيجيات والممارسات لجميع أشكال التمييز التي ت سهم في زيادة الأثر الذي يخلفه الوباء. وينبغي أن تعزز الاستراتيجيات أيضاً برامج التثقيف والتدريب التي تستهدف صراحة تغيير مواقف التمييز والتشهير المرتبطة بالفيروس/الإيدز.

(ب) مصالح الطفل الفضلى (المادة 3)

8- إن سياسات وبرامج الوقاية والرعاية والعلاج من الف يروس/الإيدز موجهة نحو البالغين عموماً ولم تولَ إلا القليل من الاهتمام لمبدأ مصالح الطفل الفضلى الذي هو الاعتبار الأول. إذ تنص الفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية على أنه " في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أ و الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى". فالالتزامات المرتبطة بهذا الحق أساسية لإرشاد الدول إلى الإجراءات الواجب اتخاذها لمكافحة الفيروس/الإيدز. ولذلك يجب أن يحتل الطفل المكانة الرئيسية في موا جهة الجائحة، وينبغي تكييف الاستراتيجيات مع حقوق الطفل واحتياجاته.

(ج) حق الطفل في الحياة والبقاء والنمو (المادة 6)

9- إن من حق الأطفال ألا يحُرموا من حياتهم تعسفاً وأن يستفيدوا من السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتيح لهم الوصول إلى سن الرشد والنمو ب أوسع معاني الكلمة. فالتزام الدولة بإعمال حق الطفل في الحياة والبقاء والنمو يلقي الضوء أيضاً على ضرورة إيلاء عناية دقيقة لنشاط الأطفال الجنسي وتصرفاتهم وأنماط حياتهم حتى إذا كانت لا تتمشى مع ما يعتبره المجتمع مقبولاً بموجب القواعد الثقافية السائدة لفئة عمري ة بعينها. وفي هذا الصدد، كثيراً ما تكون الفتاة خاضعة لممارسات تقليدية ضارة، مثل الزواج المبكر و/أو الزواج القسري الذي ينتهك حقوقها ويعرضها بدرجة أكبر للإصابة بالفيروس/الإيدز، بما في ذلك أن هذه الممارسات تحول في حالات كثيرة دون حصولهن على التعليم والمعلومات . فبرامج الوقاية التي تعترف بحياة المراهقين كما هي في حقيقة الأمر وتتناول مسألة النشاط الجنسي بتأمين سبل متساوية للحصول على المعلومات الملائمة واكتساب المهارات الحياتية والاطلاع على التدابير الوقائية، هي البرامج الوحيدة الفعالة في مجال الوقاية.

(د) حقوق ا لطفل في التعبير عن آرائه وفي أخذها في الاعتبار الواجب (المادة 12)

10- الأطفال أصحاب حقوق ولهم حق المشاركة، وفقاً لقدراتهم المتطورة، في التوعية بالتعبير عن رأيهم في أثر الفيروس/الإيدز على حياتهم وفي وضع سياسات وبرامج لمكافحته. فتبين أن العمليات التي لها أكب ر فائدة للأطفال هي تلك التي يشتركون فيها بنشاط في تقييم الاحتياجات واستنباط الحلول وتصميم الاستراتيجيات وتنفيذها بدلاً من اعتبارهم أشخاصاً تتخذ القرارات بشأنهم. وفي هذا الصدد، ينبغي تشجيع اشتراك الأطفال بنشاط بوصفهم مربين أقراناً داخل المدارس وخارجها على ا لسواء. وعلى الدول والوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية تهيئة بيئة داعمة للأطفال تتيح لهم إمكانية تنفيذ المبادرات التي يتخذونها والاشتراك الكامل على مستوي المجتمع المحلي والمستوى الوطني في وضع مفهوم السياسة العامة والبرامج المتعلقة بمكافحة الفيروس/الإيد ز، وتصميمها وتنفيذها وتنسيقها ورصدها واستعراضها. والأرجح أن يتطلب الأمر مجموعة من النهج لتأمين اشتراك الأطفال من جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك الآليات التي تشجع الأطفال، تمشياً مع قدراتهم المتطورة، على التعبير عن آرائهم والاستماع لها وإيلائها الاعتبار ال واجب وفقا لسنهم ونضجهم (الفقرة 1 من المادة 12). وحيثما اقتضت الظروف ذلك، يكون اشتراك الأطفال الذين يعيشون بالفيروس/ الإيدز في حملات التوعية، بمشاطرة تجاربهم مع أقرانهم وغيرهم من الأطفال، بالغ الأهمية للوقاية الفعالة والحد من التشهير والتمييز. وعلى الدول ال أطراف أن تؤمن اشتراك الأطفال في جهود التوعية هذه بمحض إرادتهم بعد استشارتهم، وحصولهم على الدعم الاجتماعي والحماية القانونية للعيش بشكل طبيعي أثناء مرحلة اشتراكهم وبعدها.

(ه‍) العقبات

11- لقد أثبتت التجارب أن هناك عقبات كثيرة تحول دون تأمين الوقاية الفعالة وتوفير خدمات الرعاية ودعم المبادرات التي تتخذها المجتمعات المحلية بشأن الفيروس/الإيدز. وهذه العقبات هي أساساً عقبات ثقافية وهيكلية ومالية. وإنكار وجود المشكلة، والممارسات والمواقف الثقافية، بما في ذلك التحريم والتشهير والفقر ومواقف التفضل على الأطفال، ليس ت سوى بضع عقبات تمنع اتخاذ الالتزامات السياسية والفردية اللازمة لوضع برامج فعالة. وفيما يتعلق بالموارد المالية والتقنية والبشرية، تدرك اللجنة أنه قد لا تتسنى إتاحتها على الفور. ومع ذلك، وفيما يتعلق بهذه العقبة، تود اللجنة أن تذكر الدول الأطراف بالتزاماتها المنصوص عليها في المادة 4. وتفيد أيضاً بأن نقص الموارد يجب ألا يستخدم كذريعة من جانب الدول الأطراف لتبرير عدم اتخاذها أي من التدابير التقنية أو المالية اللازمة أو ما يكفي منها. وأخيراً، تود اللجنة أن تشدد في هذا الصدد على الدور الأساسي الذي يؤديه التعاون ا لدولي.

رابعاً - الوقاية والرعاية والعلاج والدعم

12- تود اللجنة أن تؤكد على أن الوقاية والرعاية والعلاج والدعم عناصر معززة بعضها بعض وأنها تتيح استمرارية الاستجابة بفعالية للفيروس/الإيدز.

(أ) توفير المعلومات بشأن الوقاية من الفيروس/الإيدز والتوعية به

13- تمشياً مع التزامات الدول الأطراف بشأن حق الطفل في الصحة والحصول على المعلومات (المواد 24، 13 و17)، يجب أن يكون من حق الطفل الحصول على معلومات كافية ذات صلة بالوقاية والرعاية من الفيروس/الإيدز، من خلال القنوات الرسمية (مثلاً خلال الفرص المتاحة في مجال التعل يم ووسائل الإعلام التي تستهدف الأطفال) والقنوات غير الرسمية (مثلاً تلك التي تستهدف أطفال الشوارع وأطفال المؤسسات أو الأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة). ويتم تذكير الدول الأطراف بأن الأطفال يحتاجون إلى معلومات ذات صلة وملائمة ومناسبة تعترف باختلاف مستويات ف همهم ويجري وضعها وفقا لسنهم وقدرتهم وتمكنهم من التعامل بإيجابية ومسؤولية مع نشاطهم الجنسي لحماية أنفسهم من الإصابة بالفيروس/الإيدز. وتود اللجنة أن تشدد على أن الوقاية الفعالة من الفيروس/الإيدز تتطلب من الدول الامتناع عن فرض الرقابة على المعلومات ذات الصلة بالصحة، بما في ذلك التثقيف الجنسي والمعلومات المتعلقة بالجنس، أو حفظها أو إساءة عرضها عمداً، وأنه ينبغي للدول الأطراف، تمشياً مع التزاماتها بكفالة حق الطفل في الحياة والبقاء والنمـو (المادة 6)، التأكد من قدرة الأطفال على اكتساب المعارف والمهارات لحماية أنف سهم والآخرين عند بدء تعبيرهم عن نشاطهم الجنسي.

14- وثبت أن الحوار مع المجتمعات المحلية والأسر والمستشارين الأقران، وتوفير التثقيف داخل المدارس بشأن "المهارات الحياتية"، بما في ذلك مهارات الاتصال بشأن النشاط الجنسي والحياة الصحية، يمثلان نهجاً مفيدة لنقل ر سائل الوقاية من الفيروس/الإيدز إلى الفتيات والفتيان، علماً بأنه قد يلزم وضع نهج مختلفة لنقل هذه الرسائل إلى المجموعات المختلفة من الأطفال. فعلى الدول الأطراف أن تبذل جهوداً للتصدي للفوارق القائمة بين الجنسين لأنها قد تؤثر على السبل المتاحة للأطفال للحصول ع لى الرسائل المتعلقة بالوقاية، والتأكد من وصول رسائل الوقاية الملائمة إلى الأطفال حتى إذا كانوا يواجهون قيوداً بسبب اللغة أو الدين أو الإعاقة أو غير ذلك من عوامل التمييز. ولا بد من إيلاء عناية خاصة لزيادة توعية السكان الذين يصعب الوصول إليهم. وفي هذا الصدد، فإن دور وسائل الإعلام الجماهيرية و/أو وسائل الإعلام التقليدية الشفهية في تأمين حصول الأطفال على المعلومات والمواد، كما تعترف به المادة 17 من الاتفاقية، أمر حيوي لتوفير المعلومات الملائمة والحد من التشهير والتمييز. وينبغي للدول الأطراف أن تدعم رصد وتقييم ح ملات التوعية بالفيروس/ الإيدز بانتظام للتحقق من فعاليتها في توفير المعلومات والحد من الجهل والتشهير والتمييز، فضلا عن التصدي للخوف وإساءة فهم الفيروس/الإيدز وانتقاله بين الأطفال، بمن فيهم المراهقون.

(ب) دور التعليم

15- يؤدي التعليم دوراً حيوياً في تزويد الأطفال بمعلومات ملائمة وذات صلة بالفيروس/الإيدز يمكن أن تسهم في زيادة وعيهم وفهمهم لهذه الجائحة وفي منع اتخاذ مواقف سلبية تجاه ضحاياها (انظر أيضاً التعليق العام رقم 1 للجنة بشأن أهداف التعليم). هذا فضلاً عن أن التعليم يمكن وينبغي لـه أن يتيح للأطفال إمكان يات الاحتماء من خطر الإصابة بالفيروس/الإيدز. وفي هذا الصدد، تود اللجنة أن تذكر الدول الأطراف بالتزامها بإتاحة التعليم الابتدائي لجميع الأطفال، سواء كانوا مصابين أو أيتاماً أو متأثرين خلاف ذلك بالفيروس/الإيدز. ففي كثير من المجتمعات المحلية التي انتشر فيها ا لفيروس/الإيدز على نطاق واسع، يواجه أطفال الأسر المتضررة، وخاصة الفتيات، صعوبات جمة في المكوث في المدارس؛ ويحد عدد المدرسين وغيرهم من موظفي المدارس ممن أصابهم الإيدز من قدرة الأطفال على تحصيل العلم ويهدد بالقضاء عليه. فعلى الدول الأطراف أن توفر اعتمادات كاف ية تؤمن بقاء الأطفال المتأثرين بالفيروس/الإيدز في المدارس وتكفل الاستعاضة عن المدرسين المصابين بالمرض بمدرسين مؤهلين حتى لا يتأثر الالتحاق المنتظم للأطفال بالمدارس، وحتى يكون الحق في التعليم (المادة 28) محمياً حماية كاملة لصالح جميع الأطفال الذين يعيشون دا خل هذه المجتمعات.

16- وعلى الدول الأطراف أن تبذل قصارى جهدها لتكون المدارس أماكن سليمة للأطفال توفر لهم الأمن ولا تسهم في تعريضهم للإصابة بالفيروس. ووفقاً للمادة 34 من الاتفاقية، فإن على الدول الأطراف التزاماً باتخاذ جميع التدابير الملائمة التي تمنع، في جم لة أمور، حمل أو إكراه الطفل على الانخراط في أي نشاط جنسي غير مشروع.

(ج) المرافق الصحية الملائمة للأطفال والمراهقين

17- يساور اللجنة قلق إزاء عدم كفاية المرافق الصحية حتى الآن بشكل عام لتلبية احتياجات الأطفال دون سن 18 سنة، وخاصة احتياجات المراهقين. وقد أ فادت اللجنة في كثير من المناسبات بأن المرافق السليمة والداعمة للأطفال، التي تتيح مجموعة واسعة من الخدمات والمعلومات، وتكون موجهة لتلبية احتياجات الأطفال، وتمنحهم فرصة الاشتراك في القرارات التي تمس صحتهم، ويمكن الوصول إليها وتحمل كلفتها، وتحتفظ بسرية المعلو مات ولا تصدر أحكاماً عليهم، ولا تتطلب موافقة الآباء ولا تكون تمييزية، هي التي يرجح أن يلجأ إليها الأطفال. وفي سياق الفيروس/الإيدز ومع مراعاة قدرات الطفل المتطورة، يتم تشجيع الدول الأطراف على ضمان قيام المرافق الصحية بتعيين موظفين يحترمون حقوق الأطفال في ال خصوصيات احتراماً كاملاً (المادة 16) ويتيحون لهم إمكانية الحصول على المعلومات المتعلقة بالفيروس دون تمييز، ويسدون لهم المشورة طوعاً ويجرون لهم الاختبار لمعرفة ما إذا كانوا مصابين بالفيروس ويتيحون لهم معلومات لإطلاعهم على وضعهم بصدد الفيروس، ويقدمون لهم خدما ت مؤتمن عليها بشأن الصحة الجنسية والصحة الإنجابية، ويوفرون لهم وسائل وخدمات منع الحمل مجاناً أو بكلفة قليلة فضلاً عن توفير الرعاية والعلاج من الفيروس عند الاقتضاء، بما في ذلك للوقاية والعلاج من المشاكل الصحية ذات الصلة بالفيروس/الإيدز، ومنها السل والعدوى ا لانتهازية.

18- وحتى عندما تكون مرافق العلاج من الفيروس في بعض البلدان ملائمة للأطفال والمراهقين، فإن سبل الوصول إليها ليست متاحة بما فيه الكفاية للأطفال المعوقين وأطفال السكان الأصليين وأطفال الأقليات والأطفال الذين يعيشون في المناطق الريفية، والأطفال الذ ين يعيشون في فقر مدقع أو الأطفال المهمشين في المجتمع. وفي البلدان الأخرى التي تتقيد فيها بالفعل القدرة الشاملة للنظام الصحي، لا يحصل الأطفال المصابون بالفيروس عادة على الرعاية الصحية الأساسية. وعلى الدول الأطراف أن تكفل توفير الخدمات إلى أقصى حد ممكن لجميع الأطفال الذين يعيشون داخل حدودها، دون تمييز، وأن تراعي الفوارق بين الجنسين، وفوارق السن والوضع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي، الذي يعيش فيه الأطفال مراعاة كافية.

(د) إسداء المشورة وإجراء الاختبار الخاص بالفيروس

19- إن إمكانية حصول الأطفال على خد مات المشورة وإجراء الاختبار الخاص بالفيروس، بشكل طوعي ومؤمن على سريته، بإيلاء العناية الواجبة لقدرات الطفل المتطورة، أمر أساسي لمراعاة حقوقهم وصحتهم. فهذه الخدمات في غاية الأهمية لأنها تحد من خطر إصابة الأطفال بالفيروس أو من خطر نقله، وتسمح لهم بالحصول على الرعاية والعلاج والدعم اللازم بالتحديد لمقاومة الفيروس، وتخطيط مستقبلهم بصورة أفضل. وينبغي للدول الأطراف، تمشياً مع التزامها المنصوص عليه في المادة 24 من الاتفاقية بعدم حرمان أي طفل من حقه في الحصول على الخدمات الصحية اللازمة، أن تكفل توفير خدمات المشورة وإجراء الاختبار الخاص بالفيروس طوعاً وبشكل مؤمن على سريته لجميع الأطفال.

20- وتود اللجنة أن تؤكد أنه لما كان واجب الدول الأطراف يتمثل أولاً وقبل كل شئ في كفالة حماية حقوق الطفل، فعليها أن تمتنع عن إجبار الأطفال على إجراء الاختبار الخاص بالفيروس/الإيدز في ج ميع الظروف وأن تحميهم من التزام الخضوع لـه. وفي حين أن قدرات الطفل المتطورة هي التي تحدد ما إذا كانت الموافقة على إجراء الاختبار مطلوبة مباشرة منه أو من أبويه أو الوصي عليه، فإن على الدول الأطراف في جميع الحالات وتمشياً مع حق الطفل في الحصول على معلومات بم وجب المادتين 13 و17 من الاتفاقية، أن تكفل إطلاع الأطفال بما فيه الكفاية على مخاطر وفوائد إجراء الاختبار الخاص بالفيروس لاتخاذ قرار مستنير بشأنه وذلك قبل إجرائه سواء على يد القائمين بتوفير الرعاية الصحية للأطفال الذين يحصلون على الخدمات الصحية لأية حالة طبي ة أخرى أو بوسائل أخرى.

21- وعلى الدول الأطراف أن تحمي سرية نتائج الاختبار الخاص بالفيروس، تمشياً مع التزامها بحماية حق الطفل في الخصوصيات (المادة 16) بما في ذلك في إطار مؤسسات الرعاية الصحية والاجتماعية، ولا يجوز الكشف عن المعلومات المتعلقة بوضع الأطفال ال مصابين بالفيروس لأطراف أخرى، بمن فيها الآباء، دون موافقتهم.

(ه‍) انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل

22- ترجع غالبية حالات إصابة الرضع والأطفال الصغار إلى انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل. فإصابة الرضع والأطفال الصغار بالفيروس يمكن أن تحدث أثناء الحمل، والطل ق والولادة، وبا لرضاعة الطبيعية . ومطلوب من الدول الأطراف تنفيذ الاستراتيجيات التي توصي بها الوكالات التابعة للأمم المتحدة لمنع إصابة الرضع والأطفال الصغار بالفيروس. وتشمل هذه الاستراتيجيات: (أ) توفير الوقاية الأولية للأشخاص الذين ينتظرون طفلاً من إصابتهم با لفيروس؛ (ب) وقاية المصابات بالفيروس من الحمل المفاجئ ؛ (ج) منع انتقال الفيروس من المصابات به إلى أطفالهن الرضع؛ (د) توفير الرعاية والعلاج والدعم للمصابات بالفيروس ولأطفالهن الرضع وأسرهن.

23- ولمنع انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل، ينبغي للدول الأطراف أن تت خذ خطوات تشمل توفير العقاقير الأساسية، مثل عقاقير مقاومة الفيروس التراجعي، والرعاية الملائمة قبل الولادة وأثناءها وبعدها، وإتاحة خدمات المشورة وإجراء الاختبار الخاص بالفيروس طوعاً للحوامل وشركائهن. وتعترف اللجنة بأنه ثبت أن العقاقير المقاومة للفيروس التراج عي التي تعطى للمرأة أثناء الحمل و/أو الطلق وفي بعض نظم العلاج، لطفلها الرضيع، قد قللت إلى حد كبير من خطر انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل. ومع ذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تقدم الدعم علاوة على ذلك للأمهات والأطفال، بما في ذلك المشورة بشأن خيارات الرضاعة. و يتم تذكير الدول الأطراف بأن المشورة التي تسدى للأمهات الحاملات للفيروس ينبغي أن تشمل معلومات عن مخاطر وفوائد خيارات الرضاعة المختلفة وإرشادات لاختيار أنسبها لحالتهن. ويلزم أيضاً دعم أعمال المتابعة لتتمكن النساء من تنفيذ خيارهن بآمن طريقة ممكنة.

24- وغالبية الرضع يولدون لنساء غير مصابات بالفيروس حتى في حالة انتشاره بنسبة عالية بين السكان. وبالنسبة للرضع الذين يولدون لنساء لا يحملن الفيروس ولنساء لسن على علم بما إذا كن مصابات به أم لا، تود اللجنة أن تشدد، تمشياً مع المادتين 6 و24 من الاتفاقية، على أن الرضاعة الطبيعية لا تزال تشكل أفضل الخيارات لتغذية الرضع. أما بالنسبة للرضع الذين يولدون لأمهات يحملن الفيروس، فتفيد الأدلة المتاحة بأن الرضاعة الطبيعية يمكن أن تضاعف من خطر انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل بنسبة تتراوح بين 10 و20 في المائة، ولكن عدم الرضاعة يمكن أن يعرض الأطفال لخطر مضاعف من سوء التغذية أو للإصابة بأمراض أخرى غير الفيروس. وقد أوصت الوكالات التابعة للأمم المتحدة بأنه في الحالات التي تكون فيها التغذية التي تحل محل الرضاعة ميسورة الكلفة وممكنة التنفيذ ومقبولة ومستدامة وآمنة، يجب أن تتجنب الأمهات المص ابات بالفيروس إرضاع أطفالهن؛ وإلا أوصي باللجوء إلى الرضاعة الطبيعية حصراً خلال الأشهر الأولى من عمر الطفل على أن يتم التخلي عنها في أقرب وقت ممكن عملياً.

(و) العلاج والرعاية

25- تمتد التزامات الدول الأطراف بموجب الاتفاقية لتشمل تأمين سبل مطردة ومتساوية لت وفير العلاج والرعاية الشاملين، بما في ذلك العقاقير اللازمة ذات الصلة بفيروس نقص المناعة البشري، والسلع والخدمات على أساس عدم التمييز. ومن المعترف به الآن على نطاق واسع أن العلاج والرعاية الشاملين يتضمنان عقاقير مقاومة الفيروس التراجعي وعقاقير أخرى، وعمليات التشخيص والتكنولوجيات ذات الصلة لرعاية المصابين بالفيروس/الإيدز، والإصابات الانتهازية ذات الصلة والحالات الأخرى، كما يتضمنان التغذية السليمة، والدعم الاجتماعي والروحي والنفسي فضلاً عن رعاية الأسرة والمجتمع المحلي والرعاية المنزلية. وفي هذا الصدد، ينبغي لل دول الأطراف أن تتفاوض مع صناعة الأدوية لتوفير الأدوية اللازمة محلياً بأدنى التكاليف الممكنة. ومطلوب من الدول الأطراف أيضاً تأكيد ودعم وتيسير اشتراك المجتمعات المحلية في توفير العلاج الشامل والرعاية والدعم من الفيروس/الإيدز مع امتثالها في الوقت ذاته لالتزام اتها بموجب الاتفاقية. والدول الأطراف مدعوة إلى إيلاء عناية خاصة للتصدي للعوامل التي تعوق توفير سبل متساوية داخل مجتمعاتها لحصول جميع الأطفال على العلاج والرعاية والدعم.

(ز) إشراك الأطفال في البحوث

26- تمشياً مع المادة 24 من الاتفاقية، يتعين على الدول الأ طراف أن تتأكد من أن برامج البحوث التي تجري بشأن الفيروس/الإيدز تشمل دراسات محددة تسهم في توفير الوقاية والرعاية والعلاج بفعالية للأطفال وتقلل تأثرهم به. ومع ذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تكفل عدم استخدام الأطفال كأشخاص تجرى عليهم البحوث إلى أن تكون وسائل الع لاج قد اختبرت بالفعل اختباراً كاملاً على البالغين. وقد نشأت حقوق وشواغل أخلاقية بصدد البحوث الطبية البيولوجية التي تجرى بشأن الفيروس/الإيدز، والعمليات الخاصة به، وبشأن البحوث الاجتماعية والثقافية والسلوكية. وقد تم إخضاع الأطفال لبحوث لم يكن لها لزوم أو لبح وث لم تصمم تصميماً ملائماً لم يكن لهم فيها كلمة تذكر لرفض أو موافقة الاشتراك فيها. وتمشياً مع قدرات الطفل المتطورة، ينبغي التماس موافقة الطفل ويمكن التماس موافقة الآباء أو الأوصياء عند الاقتضاء، ولكن يجب أن تكون الموافقة قائمة في جميع الحالات على أساس الكش ف الكامل عن مخاطر وفوائد إجراء البحوث على الأطفال. ويتم تذكير الدول أيضاً بأن تكفل عدم انتهاك حقوق الطفل سهواً في الخصوصيات، تمشياً مع التزاماتها بموجب المادة 16 من الاتفاقية، من خلال عملية البحوث، وينبغي عدم استخدام المعلومات الشخصية المتعلقة بالأطفال، ال تي يتم الحصول عليها عن طريق البحوث، في أي ظرف من الظروف، لأغراض أخرى غير تلك التي أعطيت الموافقة بشأنها. وعلى الدول الأطراف أن تبذل قصارى جهدها لتأمين اشتراك الأطفال، ووفقاً لقدراتهم المتطورة، واشتراك آبائهم و/أو الأوصياء عليهم، في اتخاذ القرارات المتعلقة بأولويات البحوث وتهيئة بيئة داعمة للأطفال الذين يشتركون في هذه البحوث.

خامساً- القابلية للتأثر، والأطفال المحتاجون إلى حماية خاصة

27- إن قابلية تأثر الأطفال بالفيروس/الإيدز نتيجة لعوامل سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو غيرها من العوامل هي التي قد تحول دون حصولهم على الدعم الكافي لمواجهة آثار الفيروس/الإيدز على أسرهم ومجتمعاتهم، وهي التي تعرضهم لخطر الإصابة به، وتخضعهم لإجراء بحوث غير ملائمة، أو تحرمهم من الحصول على العلاج والرعاية والدعم إذا أصيبوا بالفيروس ومتى أصيبوا به. وتشتد قابلية التأثر با لفيروس/الإيدز إلى أقصى حد عند الأطفال الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين والمشردين داخلياً والمعتقلين والأطفال الذين يعيشون في المؤسسات، فضلاً عن الأطفال الذين يعيشون في فقر مدقع، وأولئك الذين يعيشون في حالات النزاع المسلح، والجنود من الأطفال، والأطفال المستغ لين اقتصاديا وجنسياً، والمعوقين والمهاجرين وأطفال الأقليات وأطفال السكان المحليين وأطفال الشوارع. ومع ذلك، قد يتعرض جميع الأطفال للإصابة بالفيروس/الإيدز بحكم ظروف معيشتهم الخاصة. وتود اللجنة أن تفيد بأنه ينبغي، حتى في الأوقات التي تقل فيها الموارد بشدة، حم اية حقوق أفراد المجتمع المعرضين للإصابة بالفيروس/الإيدز وبأنه يمكن تنفيذ تدابير كثيرة تكون لها آثار دنيا على الموارد. وتمكين الأطفال وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية من اختيار القرارات أو الممارسات أو السياسات بشكل مستنير لأنها تمسهم بحكم صلتها بالفيروس/الإيدز ه و الشرط الأول الواجب استيفاؤه للحد من قابلية الإصابة بالفيروس/الإيدز.

(أ) الأطفال المتأثرون بفيروس الإيدز أو الأطفال الذين تيتموا بفعله

28- ينبغي الاهتمام بوجه خاص بالأطفال الذين تيتموا بفعل الإيدز وبأطفال الأسر المتأثرة به، بما فيها الأسر التي يعولها ا لأطفال، لأن هذه الأسر تؤثر على قابلية الإصابة بالفيروس. وبالنسبة لأطفال الأسر المتأثرة بالفيروس/ الإيدز، يمكن أن يزداد التشهير بهم وعزلهم اجتماعياً بفعل إهمال حقوقهم أو انتهاكها، خاصة التمييز الذي يؤدي إلى تناقص أو فقدان سبل تحصيلهم العلم وحصولهم على الخدم ات الصحية والاجتماعية. وتود اللجنة أن تشدد على ضرورة توفير الحماية القانونية والاقتصادية والاجتماعية للأطفال المتأثرين لضمان سبل تحصيلهم العلم، وحصولهم على الميراث، والمأوى والخدمات الصحية والاجتماعية، وبث شعور الاطمئنان فيهم عند الكشف عن وضعهم بصدد الفير وس وعن وضع أفراد أسرهم عندما يكون ذلك ملائماً في رأيهم. وفي هذا الصدد، يتم تذكير الدول الأطراف بأن هذه التدابير في غاية الأهمية لإعمال حقوق الطفل وتزويد الأطفال بالمهارات والدعم اللازم للحد من تعرضهم للفيروس وتقليل خطر الإصابة به.

29- وتود اللجنة أن تشدد ع لى الآثار البالغة الأهمية المترتبة على إثبات هوية الأطفال المتأثرين بالفيروس/الإيدز لأن هذه الهوية تؤمن الاعتراف بهم كأشخاص أمام القانون، وتصون حماية الحقوق، وخاصة الحق في الميراث، والتعليم والخدمات الصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية، فضلاً عن تقليل تعرض الأطفال للاعتداء والاستغلال، خاصة إذا كانوا منفصلين عن أسرهم بسبب المرض أو الوفاة. وفي هذا الصدد، يكون تسجيل الأطفال عند الولادة في غاية الأهمية لكفالة حقوقهم وضرورياً أيضاً لتقليل أثر الفيروس/الإيدز على حياة الأطفال المتأثرين به. ولذلك، يتم تذكير الدول ال أطراف بالتزامها بموجب المادة 7 من الاتفاقية بتأمين إقامة نظم لتسجيل كل طفل عند الولادة أو بعدها مباشرة.

30- وعادة ما تبدأ الصدمة التي يحدثها الفيروس/الإيدز في حياة الأيتام بمرض ووفاة أحد الأبوين وكثيراً ما تتضاعف بآثار التشهير والتمييز. وفي هذا الصدد، يتم تذكير الدول الأطراف بوجه خاص بتأمين دعم حقوق الأيتام في الميراث والملكية قانوناً وعملاً، مع الاهتمام بوجه خاص بالتمييز الكامن وراء نوع الجنس الذي قد يحول دون الوفاء بهذه الحقوق. وينبغي للدول الأطراف أيضاً، تمشياً مع التزاماتها بموجب المادة 27 من الاتفاقية، دعم وتعزيز قدرة أسر ومجتمعات الأطفال الذين تيتموا بفعل الإيدز على توفير مستوى معيشي كاف لنموهم البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاقتصادي والاجتماعي، بما في ذلك حصولهم على الرعاية النفسية الاجتماعية عند الاقتضاء.

31- وأفضل حماية ورعاية يمكن توفيرهما للأيت ام هي بذل الجهود لتمكين الأبناء من البقاء مع بعضهم وفي رعاية الأقارب أو أفراد الأسرة. وربما كانت الأسرة الموسعة التي تدعمها الجماعة المحيطة بها أقل البيئات صدمة للأيتام، ومن ثم أفضل ما تكون لرعايتهم عندما تنتفي البدائل الأخرى العملية. وينبغي توفير المساعدة ليبقى الأطفال، إلى أقصى حد ممكن، في إطار الهياكل الأسرية القائمة. وقد لا يكون هذا الخيار متاحاً بسبب أثر الفيروس/الإيدز على الأسرة الموسعة. وفي هذه الحالة، ينبغي للدول الأطراف، قدر المستطاع، توفير رعاية بديلة لهم من نوع الرعاية الأسرية (مثلا الحضانة). ويت م تشجيع الدول الأطراف على توفير الدعم والموارد المالية وخلافه، عند اللزوم، للأسر التي يعولها الأطفال. ويجب أن تتأكد الدول الأطراف من أن استراتيجياتها تعترف بأن المجتمعات المحلية في مقدمة القطاعات التي تواجه الفيروس/الإيدز وأن هذه الاستراتيجيات قد وضعت لمسا عدتها في تحديد أفضل طريقة يمكن بها توفير الدعم للأيتام الذين يعيشون فيها.

32- ومع أن الرعاية في المؤسسات قد تكون لها آثار ضارة على نمو الطفل، يجوز للدول الأطراف أن تحدد الدور المؤقت الذي تؤديه لرعاية الأطفال الذين تيتموا بفعل الفيروس/الإيدز متى استحالت رع ايتهم رعاية أسرية في كنف مجتمعاتهم. وفي رأي اللجنة أنه لا ينبغي اللجوء إلى أي شكل من أشكال رعاية الأطفال في المؤسسات إلا في المطاف الأخير، وأن التدابير يجب أن تكون قائمة تماماً لحماية حقوق الطفل وصونه من كافة أشكال الاعتداء والاستغلال. ولصون حق الأطفال في الحصول على حماية ومساعدة خاصتين وقت وجودهم في هذه البيئات، وتمشياً مع المواد 3 و20 و25 من الاتفاقية، يلزم اتخاذ تدابير صارمة تكفل استيفاء هذه المؤسسات للمعايير المحددة للرعاية وامتثالها لضمانات الحماية القانونية. ويتم تذكير الدول الأطراف بضرورة فرض حدود عل ى المدة الزمنية التي يقضيها الأطفال في هذه المؤسسات، وضرورة وضع برامج لدعم الأطفال الذين يبقون فيها، سواء كانوا مصابين أو متأثرين بالفيروس/الإيدز، لإعادة إدماجهم بنجاح في مجتمعاتهم.

(ب) ضحايا الاستغلال الجنسي والاقتصادي

33- قد تتعرض الفتيات والفتيان الذين لا تتوافر لديهم وسائل البقاء والنمو، وخاصة الأطفال الذين تيتموا بفعل الإيدز، للاستغلال الجنسي والاقتصادي بطرق شتى منها تبادل الخدمات الجنسية أو مزاولة أعمال خطيرة للحصول على المال لأغراض البقاء أو إعالة آبائهم المرضى أو من هم على فراش الموت وإخوتهم الأصغر سناً أو لدفع رسوم الدراسة. فالضرر الذي يصيب الأطفال المصابين أو المتأثرين مباشرة بالفيروس/الإيدز قد يكون مضاعفاً بفعل التمييز الذي يعانون منه على أساس تهميشهم الاجتماعي والاقتصادي ووضعهم أو وضع آبائهم المصابين بالفيروس. وتمشياً مع حق الطفل بموجب المواد 32 و34 و35 و36 من الاتفاقية، وللحد من تعرض الأطفال للإصابة بالفيروس/الإيدز، فإن على الدول الأطراف التزاماً بحماية الأطفال من جميع أشكال الاستغلال الاقتصادي والجنسي، بما في ذلك تأمين عدم وقوعهم فريسة لشبكات الدعارة وحمايتهم من أداء أي عمل قد يضر، أو يتعارض مع تعليمهم، أو صحتهم، أو نموهم البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي. وعلى الدول الأطراف أن تتخذ إجراءات جريئة لحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي والاقتصادي، ومن الاتجار بهم وبيعهم، تمشياً مع الحقوق المنصوص عليها في المادة 39، وأن تهيئ الفرص لمن تعرض منهم لهذه المعاملة للاستفادة من خدمات الدعم والرعاية التي تـوفرها كيانـات الدولة والكيانات غير الحكومية المعنية بهذه القضايا.

(ج) ضحايا العنف والاعتداء

34- قد يتعرض الأطفال لسائر أشكال العنف والاعتداء التي قد تزيد من احتمال إصابتهم بالفيروس وقد يخضع ون للعنف أيضاً نتيجة إصابتهم أو تأثرهم بالفيروس/الإيدز. ويمكن أن يحدث العنف، بما في ذلك الاغتصاب وغيره من أشكال الاعتداء الجنسي، في محيط الأسرة أو الحضانة أو قد يمارسه من هم مسؤولون بالتحديد عن الأطفال، بمن فيهم المدرسون وموظفو المؤسسات العاملة مع الأطفال، مثل السجون والمؤسسات المعنية برعاية الصحة العقلية وغيرها من أشكال الإعاقة. وتمشياً مع حقوق الطفل المبينة في المادة 19 من الاتفاقية، فإن على الدول الأطراف الالتزام بحماية الأطفال من جميع أشكال العنف والاعتداء، سواء في المنزل أو المدرسة أو غيرهما من المؤسسا ت أو داخل المجتمع المحلي. وينبغي تكييف البرامج تحديداً مع البيئة التي يعيش فيها الأطفال، ومع قدرتهم على كشف الاعتداءات والإبلاغ عنها ومع قدرتهم الفردية واستقلالهم الذاتي. وفي نظر اللجنة أن العلاقة بين الفيروس/الإيدز والعنف أو الاعتداء الذي يعاني منه الأطفا ل في سياق الحرب والنزاع المسلح علاقة يجب أن تولى لها عناية محددة. وتتسم التدابير الواجب اتخاذها لمنع العنف والاعتداء في هذه الحالات بأهمية جوهرية، وعلى الدول الأطراف أن تؤمن إدراج القضايا المتعلقة بالفيروس/الإيدز وحقوق الطفل عند معالجة ودعم الأطفال - فتيات وفتيان على السواء - ممن تلجأ إليهم القوات العسكرية أو الموظفون الآخرون المرتدون بزات نظامية لتقديم خدمات منزلية أو خدمات جنسية، أو ممن تم تشريدهم داخليا أو ممن يعيشون في مخيمات اللاجئين. وتمشياً مع التزامات الدول الأطراف، بما في ذلك بموجب المادتين 38 و39 من الاتفاقية، ينبغي تنظيم حملات إعلامية بتوفير خدمات المشورة للأطفال وآليات للوقاية والكشف المبكر عن العنف والاعتداء في المناطق المتأثرة بالنزاع والكوارث، ويجب أن تشكل هذه الحملات جزءاً من الاستجابات الوطنية والمجتمعية للفيروس/الإيدز.

إساءة استعمال مواد ال إدمان

35- إن تعاطي مواد الإدمان، بما في ذلك الكحول والمخدرات، قد يقلل من قدرة الأطفال على التحكم في سلوكهم الجنسي وقد يزيد تعرضهم للإصابة بالفيروس نتيجة لذلك. وممارسات الحقن باستعمال أدوات غير معقمة تضاعف خطر انتقال الفيروس. ولا بد في رأي اللجنة من زيادة ف هم تصرفات الأطفال الذين يتعاطون هذه المواد، بما في ذلك أثر إهمال وانتهاك حقوق الطفل على هذه التصرفات. وفي معظم البلدان، لم يستفد الأطفال من برامج الوقاية العملية من الفيروس ذات الصلة بتعاطي مواد الإدمان لأنها استهدفت أساساً البالغين حتى في حالة وجودها. وتو د اللجنة أن تشدد على أن السياسات والبرامج التي تستهدف الحد من تعاطي هذه المواد وانتقال الفيروس يجب أن تعترف بالحساسيات الخاصة بالأطفال، بمن فيهم المراهقون، وبأنماط حياتهم، في إطار الوقاية من الفيروس/الإيدز. وتمشياً مع حق الطفل المنصوص عليه في المادتين 33 و 24 من الاتفاقية، فإن على الدول الأطراف التزاماً بضمان تنفيذ البرامج التي تستهدف الحد من العوامل التي تعرض الأطفال لتعاطي مواد الإدمان، والتي توفر العلاج والدعم للأطفال الذين يتعاطون هذه المواد.

سادساً- التوصيات

36- تعيد اللجنة هنا تأكيد التوصيات التي تم ا تخاذها يوم المناقشة العامة التي تناولت الأطفال الذين يعيشون في عالم مصاب بالفيروس/الإيدز (CRC/C/80) وتدعو الدول الأطراف إلى القيام بما يلي:

1- اعتماد وتنفيذ سياسات وطنيـة ومحليـة ذات صلـة بالفيروس/الإيدز، بما في ذلك خطط عمل واستراتيجيات وبرامج فعالة تحتل فيها حقوق الطفل بؤرة الاهتمام وتكون قائمة على حقوق الطفل المنصوص عليها في الاتفاقية وتتضمنها، بما في ذلك مراعاة التوصيات الواردة في الفقرات السابقة من هذا التعليق العام وتلك التي تم اعتمادها في الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الأطفال ( 2002)؛

2- تخصيص موارد مالية وتقنية وبشرية إلى أقصى حد ممكن لدعم الإجراءات الوطنية والمجتمعية (المادة 4)، وعند الاقتضاء، في إطار التعاون الدولي (انظر الفقرة 41 أدناه)؛

3- استعراض القوانين القائمة أو سن تشريعات جديدة لتنفيذ المادة 2 من الاتفاقية تنفيذاً كا ملاً، وبوجه خاص حظر التمييز القائم على وضع الإصابة الحقيقي أو المتصور بالفيروس/الإيدز لضمان تكافؤ فرص حصول جميع الأطفال على كافة الخدمات ذات الصلة، بإيلاء عناية خاصة لحق الطفل في الخصوصيات والسرية والتوصيات الأخرى التي قدمتها اللجنة في الفقرات السابقة ذات الصلة بالتشريعات؛

4- إدراج خطط العمل والاستراتيجيات والسياسـات والبرامـج ذات الصلة بالفيروس/الإيدز في عمل الآليات الوطنية المسؤولة عن رصد وتنسيق حقوق الأطفال والنظر في وضع إجراء للاستعراض يستجيب بالتحديد للشكاوى من إهمال أو انتهاك حقوق الطفل فيما يتعلق با لفيروس/الإيدز، سواء أدى ذلك إلى إنشاء هيئة تشريعية أو إدارية جديدة أو إلى تكليف مؤسسة وطنية قائمة بها؛

5- إعادة تقييم مجموعة البيانات ذات الصلة بالفيروس/الإيدز للتأكد من أنها تغطي الأطفال تغطية كافية كما تم تحديدها في الاتفاقية، ومن أنها مصنفة بحسب السن ونوع الجنس والأمثل في الفئة العمرية خمس سنوات، وأن تشمل قدر الإمكان الأطفال الذين ينتمون إلى المجموعات الضعيفة والذين يحتاجون إلى حماية خاصة؛

6- تضمين تقاريرها الواجب تقديمها بموجب المادة 44 من الاتفاقية معلومات عن السياسات والبرامج الوطنية المتعلقة بالفي روس/الإيدز، وقدر الإمكان عن الميزانية والموارد المخصصة على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية، والنسب المخصصة في إطار هذه الفئات للوقاية والرعاية والبحوث وتقليل أثر الفيروس. وينبغي الاهتمام بالتحديد بمدى اعتراف هذه البرامج والسياسات صراحة بالأطفال (في ض وء قدراتهم المتطورة) وبحقوقهم، وبمدى تناول القوانين والسياسات والممارسات لحقوق الأطفال بصدد الفيروس، مع الاهتمام بالتحديد بالتمييز الممارس ضد الأطفال على أساس حالة إصابتهم بالفيروس/الإيدز ولأنهم أيتام أو أطفال آباء يعيشون بالفيروس/الإيدز. وتطلب اللجنة من ا لدول الأطراف الإشارة بالتفصيل في تقاريرها إلى أهم الأولويات التي تشملها في نظرها ولايتها القضائية بخصوص الأطفال والفيروس/الإيدز، والإشارة إلى برامج الأنشطة التي تنوي تنفيذها خلال الأعوام الخمسة القادمة لتذليل المشاكل المعينة. إذ من شأن ذلك أن يسمح بتقييم ا لأنشطة تدريجياً مع الوقت.

7- ومن أجل تعزيز التعاون الدولي، تدعو اللجنة منظمة الأمم المتحدة للطفولة ومنظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وبرنامج الأمم المتحدة المشترك المتعلق بمتلازمة نقص المناعة المكتسب/الإيدز وغيرها من الهيئات والمنظمات وال وكالات الدولية المختصة إلى الإسهام بانتظام، على الصعيد الوطني، في الجهود التي تكفل حقوق الأطفال في سياق الفيروس/الإيدز، وإلى مواصلة العمل أيضاً مع اللجنة لتحسين حقوق الطفل في سياق الفيروس/الإيدز. وبالإضافة إلى ذلك، تحث اللجنة الدول التي تقدم التعاون الإنما ئي على التأكد من أن استراتيجيات مكافحة الفيروس/الإيدز مصممة على نحو تراعي معه حقوق الطفل على الوجه الكامل.

8- وعلى المنظمات غير الحكومية، والمجموعات القائمة في المجتمعات المحلية والأطراف الأخرى الفاعلة في المجتمع المدني مثل مجموعات الشباب والمنظمات القائ مة على الإيمان، والمنظمات النسائية، والقادة التقليديين، بمن فيهم القادة الدينيون والثقافيون، عليهم جميعا دور حيوي ينبغي لهم القيام به لمواجهة وباء الفيروس/الإيدز. والدول الأطراف مدعوة إلى تهيئة بيئة تتيح إمكانيات مشاركة المجموعات من المجتمع المدني، وتيسر أ يضاً تعاون وتنسيق مختلف الأطراف الفاعلة، وحصول هذه المجموعات على الدعم اللازم الذي يسمح لها بتنفيذ أعمالها بفعالية دون عوائق. (وفي هذا الصدد، يتم تشجيع الدول الأطراف بشكل خاص على دعم إشراك الأشخاص الذين يعيشون بالفيروس/الإيدز إشراكاً كاملاً، مع الاهتمام بو جه خاص بالأطفال عند توفير خدمات الوقاية والرعاية والعلاج والدعم لمقاومة الفيروس/الإيدز).

الحاشية

(1) عقدت لجنة حقوق الطفل في دورتها السابعة عشرة (1998) يوم المناقشة العامة بشأن موضوع فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز وحقوق الطفل أوصت فيه باتخاذ عدد من الإج راءات، بما في فيها تيسير التزام الدول الأطراف بقضايا الفيروس/الإيدز فيما يتعلق بحقوق الطفل. ونوقشت أيضاً حقوق الطفل فيما يتعلق بالفيروس/الإيدز في الاجتماع الثامن للذين يرأسون الهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الطفل الذي عقد في عام 1997 وتناولتها لجنة الحق وق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولجنة القضاء على التمييز ضد المرأة. وبالمثل، تناقش لجنة حقوق الطفل سنوياً على مدى عقد من الزمن المسألة المتعلقة بالفيروس/الإيدز. وشدد البرنامج المشترك المتعلق بمتلازمة نقص المناعة المكتسب/الإيدز ومنظمة الأمم المتحدة للطف ولة، على حقوق الطفل فيما يتعلق بالفيروس/الإيدز من جميع جوانب عملهما، وركزت الحملة العالمية التي نظمت بشأن الإيدز في عام 1997 على "الأطفال الذين يعيشون في عالم مصاب بالإيدز"، وفي عام 1998 على "قوة التغيير: الحملة العالمية مع الشباب لمكافحة الإيدز". وقام الب رنامج المشترك والمتعلق بمتلازمة نقص المناعة المكتسب/الإيدز ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أيضاً بوضع " المبادئ التوجيهية الدولية بشأن الفيروس/الإيدز وحقوق الإنسان (1998)" و المبادئ التوجيهية المنقحة لها 6 (2002) لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق الفيروس /الإيدز. وعلى الصعيد السياسي الدولي، تم الاعتراف بالحقوق ذات الصلة بالفيروس/الإيدز في إعلان الالتزام بمقاومة الفيروس/الإيدز الذي اعتمدته الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة وفي الإعلان عن عالم ملائم للأطفال الذي اعتمدته الدورة الاستثنائية للجمع ية العامة للأمم المتحدة بشأن الأطفال، وفي وثائق دولية وإقليمية أخرى.

الدورة الثالثة والثلاثون (2003)

التعليق العام رقم 4: صحة المراهقين ونموهم في سياق حقوق الطفل

مقدِّمـة

تُعرِّف اتفاقية حقوق الطفلِ الطفلَ بأنَّه: " كل ُّ إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما ل م يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه " (المادة 1). وبالتالي، فالمراهقون حتى سنِّ الثامنة عشرة حائزون لجميع الحقوق المكرَّسة في الاتفاقية؛ ولهم الحق في تدابير للحماية الخاصة، ويُمكنهم، حسب قدراتهم المتطوِّرة، ممارسة حقوقهم بصورةٍ تدريجيةٍ (الما دة 5).

إنَّ المراهقة فترة تتَّسم بالتغيرات البدنية والمعرفية والاجتماعية السريعة، ومنها اكتمال النمو الجنسي والإنجابي، وبناء القُدرة، تدريجيّاً على سلوك مسلك الكبار والقيام بأدوارهم، وفي ذلك مسؤوليات جديدة تتطلَّب معارف ومهارات جديدة. فهي فترة دينامية يجر ي فيها الانتقال إلى سن البلوغ وتتميَّز بتوفُّر الفرص، ولئن كان المراهقون، بصورة عامة، من ضمن فئة سكانية موفورة الصحة، فهي أيضاً فترة تطرح تحديات جديدة للصحة والنمو بسبب ضعفهم النسبي والضغط الصادر من المجتمع، بما في ذلك الأقران، المعرِّضين بذلك صحتهم للخطر. ومن هذه التحدِّيات تطوير الهوية الفردية والتعامل مع النشاط الجنسي للفرد. كما أن المراهقة فترة تطبعها، على العموم، تغيُّرات إيجابية، تُحرِّكها قدرة المراهقين الكبيرة على التعلُّم بسرعة وعلى المرور بتجارب جديدة ومتنوعة، وعلى تكوُّن التفكير النقدي لديهم ومما رسته والتعوُّد على الحرية، والإبداع، والانخراط في المجتمع.

وتُلاحِظ لجنة حقوق الطفل مع القلق أنَّ الدول الأطراف لم تقم لدى تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية، بإيلاء عناية كافية للخصائص المميزة للمراهقين بوصفهم أصحاب حقوق ولتعزيز صحتهم ونموِّهم، مما دفع الل جنة إلى اعتماد هذا التعليق العام قصد إذكاء الوعي وتقديم النصح والدعم إلى الدول الأطراف في الجهود التي تبذلها كي تكفل احترام وحماية وإعمال حقوق المراهقين، بما في ذلك من خلال صياغة استراتيجيات وسياسات عامة مُحدَّدة.

وتعتبر اللجنة أن لمفهومي "الصحة والنمو" م عنى أوسع بكثير من المعنى الضيق المُحدَّد لهما، في الأحكام المنصوص عليها في المادتين 6 و24 من الاتفاقية، اللتين تتعلَّقانِ، بال حق في الحياة وال بقاء و ال نمو ، وبال حق في ال صح ة على التوالي. ومن غايات هذا التعليق العام تحديد حقوق الإنسان الرئيسية التي يجدر بالدول الأطراف أن تعمل على تعزيزها وحمايتها من أجل ضمان تمتُّع المراهقين بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه ، وتحقيق النمو المتناسق، وتلقِّي الإعداد الكافي لدخول سنِّ الرشد، والاضطلاع بدور بنَّاء في مجتمعهم المحلِّي وفي المجتمع بصورة عامة. وينبغي قراءة هذا التعليق العام مقترناً بالاتفاقية وبالبروتوكولين الاختياريين الملحقين بالاتفاقية، والمتعلقين ببيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الخليعة، وبإشراك الأطفال في النزاعات المُسلَّحة؛ فضلاً عن القواعد والمعايير الدولية الأخرى ذات الصلة بحقوق الإنسان (1) .

أولاً - المباد ئ الأساسية وغيرها من التزامات الدول الأطراف

1- إن حقوق الطفل كما ذكرت اللجنة مرارًا وكما أُقِرَّ خلال المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان (1993)، غير قابلة للتجزئة كما أنها مترابطة. ففي المادتين 6 و24 من الاتفاقية، تعتبر الأحكام والمبادئ الأخرى للاتفاقية أمراً ح اسماً لكفالة تمتُّع المراهقين تمتُّعًا تاماً بحقهم في الصحة والنمو.

الحق في عدم التعرض للتمييز

2- يقع على الدول الأطراف الالتزام بأن تكفل لكل إنسان ٍ لم يتجاوز الثامنة عشرة التمتع بجميع الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية دون تمييز (المادة 2) ، بما في ذلك فيما يخص "ال عنصر أو ال لون أو ال جنس أو ال لغ ة أو ال دين أو ال رأي السياسي أو غيره أو ال أصل القومي أو الإثني أو الاجتماعي، أو ال ثرو ة ، أو ال عجز، أو ال مولد، أو أي وضع آخر " . وتشمل هذه الأسباب أيضا التوجُّه الجنسي والحالة الصحية للمراهق (بما في ذلك متلازمة نقص المناعة البشرية/الإيدز والصحة العقلية). وتعترف اللجنة بأنَّ جميع المراهقين الذين يعانون من التمييز أكثر تعرضاً للاعتداء، وغيره من ضروب العنف والاستغلال. كذلك تتعرَّض صحتهم ونموهم لقدرٍ أكبر من المخاطر. وبالتالي فإن لهم الحق في الحصول على عناية وحماية خاصة من كافة قطاعات المجتمع.

الإرشاد المناسب في ممارسة الحقوق

3- تعترف الاتفاقية بمسؤوليات وحقوق وواجبات الأبوين (أو غيرهم من الأشخاص المسؤولين قانونًا عن الطفل) ، " في أن يوف ِّ روا ، بطريقة تتفق مع قدرات الطفل المتطورة، التوجيه والإرشاد الملائمين عند ممارسة الطفل الحقوق ا لمعترف بها في هذه الاتفاقية " (المادة 5) . وتعتقد اللجنة أنَّه ينبغي للأبوين أو لغيرهم من الأشخاص المسؤولين قانونًا عن الطفل أن يحرصوا على ممارسة مسؤولياتهم وحقوقهم في تقديم التوجيه والإرشاد لأطفالهم المراهقين لدى ممارسة المراهقين لحقوقهم. وفي هذا الصدد، من واجب الأبوين وغيرهم من الأوصياء القانونيين أن يأخذوا في الاعتبار آراء المراهقين وِفقًا لسنِّهم ونضجهم، وأن يكفلوا بيئةً مأمونةً وداعمةً لنماء قُدرات المراهق. وينبغي أن يعترف بالمراهقين في محيطهم الأسري بوصفهم أصحاب حقوق فعلية، لديهم القدرة على أن يصبحوا، ت دريجياً مواطنين كاملين ومسؤولين عندما يقدم لهم الإرشاد والتوجيه الصحيحين.

احترام آراء الطفل

4- للحق في التعبير عن الآراء بحر ِّ ية وفي إيلائها الاعتبار الواجب (المـادة 12) أيضاً أهمية حاسمة في إعمال حق المراهقين في الصحة والنمو. وينبغي للدول الأطراف أن تكفل منح المراهقين فرصة حقيقية للتعبير عن آرائهم بحرية في جميع المسائل التي تمس هم، وبخاصة في محيط الأسرة وفي المدرسة وفي مجتمعاتهم المحلية. ومن أجل تمكين المراهقين من ممارسة هذا الحق بشكلٍ آمنٍ وصحيحٍ، ينبغي للسلطات العامة والآباء، وغيرهم من الكبار العاملين مع الأطفال أو لصالحهم، تهيئة بيئة، تقوم على الثقة وتبادل المعلومات والقدرة على الاستماع والإرشاد السليم، تُفضي بالأطفال إلى الإسهام على قدم المساواة في المجتمع، بما في ذلك في عمليات صنع القرارات.

التدابير والعمليات القانونية والقضائية

5- يجب على الدول الأطراف أن " تت َّ خذ كل التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير الملائمة لإعمال الحقوق المعترف بها في [ هذه ] الاتفاقية (المـادة 4)". وفيما يخص حقوق المراهقين في الصحة والنمو، ينبغي للدول الأطراف أن تتحقق من وجود أحكام قانونية بموجب القوانين المحلية، بما في ذ لك فيما يخص تحديد السنِّ الدنيا للرضا الجنسي والزواج والعلاج الطبي دون موافقة الوالدين. وينبغي أن تكون هذه الأعمار الدنيا غير تمييزية بين الفتيان والفتيات (المادة 2 من الاتفاقية)، كما ينبغي أن تعكس عن كثب الاعتراف بوضع كلِّ إنسان لم يتجاوز عمره الثامنة عشر بوصفه صاحب حق، وفقاً لقدراته المتطوِّرة وسنه ونضجه (المواد 5 و12 إلى 17). وكذلك، ينبغي أن تتاح للمراهقين إمكانية الوصول الميسَّر إلى الأجهزة التي تتلقى الشكاوى الفردية وكذلك إلى آليات الانتصاف القضائية أو غير القضائية الملائمة. وينبغي أن تكون هذه الآليات سهلة المنال للشباب في كلِّ دولة طرف، كما ينبغي لهذه الآليات أن تكفل الإجراءات القانونية الواجبة والعادلة، مع إيلاء عناية خاصة للحق في الخصوصية (المادة 16).

الحقوق والحريات المدنية

6- تُعرِّف الاتفاقية في موادها 13 إلى 17 الحقوق والحريات المدنية للأطفال وا لمراهقين، وهي حقوق وحريات أساسية لكفالة حق المراهقين في الصحة والنمو. وتنصُّ المادة 17 على أنَّ للمراهقين الحق في "ال حصول على المعلومات والمواد من شتى المصادر الوطنية والدولية، وبخاصة تلك التي تستهدف تعزيز رفاهيته م الاجتماعية والروحية والمعنوية وصحته م الجس دية والعقلية ". وتُقِرُّ اللجنة بأنَّ حق المراهقين في الحصول على المعلومات الملائمة أمرٌ حاسمٌ بالنسبة للدول الأطراف من أجل تعزيز التدابير الوقائية الفعالة مقارنة بالتكلفة، بما في ذلك من خلال القوانين والسياسات العامة والبرامج. وينسحب هذا الحق على العديد من الحالات ذات الصلة بالصحة، بما فيها الحالات التي تتناولها المـادتان 24 و33، مثل تنظيم الأسرة والوقاية من الحوادث والحماية من الممارسات التقليدية الضارة، بما فيها الزواج المبكِّر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث وتناول الخمر وتدخين التبغ وتعاطي المواد المخدّ ِرة.

7- ومن أجل النهوض بصحة المراهقين وتعزيز نموِّهم، تشجع الاتفاقية الدول الأطراف أيضاً على احترام حقِّ الطفل في الخصوصية والسرية بشكل دقيقٍ، بما في ذلك النصيحة والمشورة السريتين بشأن كافة المسائل الصحية (المادة 16). ومن واجب مقدِّمي الرعاية الصحية أن يكف لوا سرية المعلومات الطبية للمراهقين، في ضوء مبادئ عدم التمييز ومصالح الطفل الفُضلى والحقوق في الحياة والبقاء والنمو والحق في التعبير عن آرائه بحرِّية في جميع المسائل (المواد 2 و3 و6 و12 من الاتفاقية). ولا يُمكن الكشف عن مثل هذه المعلومات إلاَّ بموافقة المر اهق أو في الحالات التي يُمكن فيها الإخلال بالسرية بالنسبة للكبار. وللمراهقين الذين يعتبرون على قدرٍ كافٍ من النضج لتلقي المشورة دون حضور أحد الوالدين أو شخص آخر الحق في الخصوصية ويُمكن لهم طلب خدمات سرية، بما فيها العلاج.

الحماية من جميع أشكال الإساءة وال إهمال والعنف والاستغلال (2)

8- ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ جميع التدابير الفعالة لكفالة حماية جميع المراهقين من كافة أشكال العنف والإساءة والإهمال والاستغـلال (المواد 19 و32 إلى 36 و38). وينبغي لها أن تُولِي عنايةً متزايدةً لأشكال معينة من الإساءة والإهمال والعنف والاستغلال التي تعاني منها هذه الفئة العمرية. وبوجهٍ خاص، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير خاصة لكفالة السلامة البدنية والجنسية والعقلية للمراهقين المعوقين، الذين يتعرضون بوجه خاص للإساءة والإهمال. وينبغي للدول الأطراف أيضاً كفالة عدم تجريم المراه قين الذين يعانون من الفقر والتهميش الاجتماعي. وفي هذا الصدد، ينبغي تخصيص الموارد المالية والبشرية اللازمة لتعزيز البحوث كي يجري الاستنارة بها لدى وضع واعتماد القوانين والسياسات العامة والبرامج المحلية والوطنية. وينبغي استعراض السياسات العامة والاستراتيجيات بانتظام وتنقيحها تبعاً لذلك. ويجب على الدول الأطراف لدى اتخاذ هذه التدابير، أن تضع في اعتبارها القدرات المتطوِّرة للمراهقين من أجل إشراكهم على الوجه الصحيح، في صوغ تدابير فعالة، بما فيها برامج، لحمايتهم. وفي هذا السياق، تُشَدِّد اللجنة على الآثار الإيجابي ة للتوعية عن طريق الأقران والتأثير الإيجابي لمن يمثلون قُدوة يُحتذى بهم، لا سيما في عالم الفنون والترفيه والرياضة.

جمع البيانات

9- حتى تتمكن الدول الأطراف من رصد صحة ونمو المراهقين يعتبر الجمع المنهجي للبيانات أمراً ضرورياً. وينبغي على الدول الأطراف أن تُن شئ آليات لجمع البيانات تسمح بالتصنيف حسب الجنس والعمر والأصل والوضع الاجتماعي الاقتصادي حتى يتسنَّى متابعة حالة مختلف الفئات. وينبغي جمع البيانات أيضًا لدراسة حالة فئات معينة مثل الأقليات الإثنية و/أو الأقليات من الشعوب الأصلية والمراهقين المهاجرين أو اللا جئين والمراهقين المعوقين والمراهقين العاملين، وغيرهم. وحيثما كان ذلك ملائمًا، ينبغي أن يُشارك المراهقون أيضاً في التحليل قصد ضمان فهم المعلومات والاستفادة منها بطريقةٍ تُراعي أوضاع المراهقين.

ثانياً - تهيئة بيئة آمنة وداعمة

10- إن البيئة التي يعيش فيها الم راهقون هي التي تحدد بقدر كبير، صحتهم ونموّهم. وتهيئة بيئة آمنة وداعمة تتمثّل في معالجة مواقف وأعمال البيئة المباشرة للمراهق والأسرة والأقران والمدارس والخدمات وكذلك البيئة الموسّعة التي تشكلها جهات عدة من بينها قادة المجتمع والزعماء الدينيون ووسائط الإعلام والسياسات العامة والتشريعات. كما أن تعزيز الأحكام والمبادئ الواردة في اتفاقية حقوق الطفل وإنفاذها، وخاصة المواد 2 إلى 6، و12 إلى 17، و24 و28 و29 و31، يعتبر أمراًَ أساسياً لكفالة حق المراهق في الصحة والنمو. وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ التدابير الكفيلة بإذ كاء الوعي وحفز و/أو تنظيم العمل من خلال صياغة السياسات العامة أو التشريعات وتنفيذ برامج مخصصة للمراهقين.

11- وتشدد اللجنة على أهمية البيئة الأسرية، بما فيها، عند الانطباق، أعضاء الأسرة الموسعة والمجتمع المحلي أو غيرهم من الأشخاص المسؤولين قانوناً عن الطفل أو المراهق (المادتين 5 و18). وفي حين أن أغلب المراهقين يشبّون في بيئات أسرية سويّة، فلا تمثِّل هذه البيئات بالنسبة للبعض محيطاً آمناً وداعماً.

12- وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى القيام، على نحو يتوافق مع قدرات المراهقين المتطوِّرة، بوضع وتنفيذ تشريعات وسيا سات عامة وبرامج للنهوض بصحة المراهقين وتعزيز نموهم من شأنها (أ) أن تُقدِّم للأبوين (أو الأوصياء القانونيين) المساعدة الملائمة من خلال تطوير المؤسسات والمرافق والخدمات المناسبة لرفاه المراهقين بمـا في ذلك، عنـد الحاجة، تقديم المساعدة والدعم الماديين من حيث التغذية والكساء والسكن ( المادة 27 (3)) ؛ و(ب) أن تُوفِّر المعلومات الكافية والدعم الوالدي لتيسير إقامة علاقةِ تقوم على الثقة والائتمان، يُمكن أن تُناقش فيها بصراحةٍ مواضيع تتعلَّق مثلاً بالنشاط الجنسي والسلوك الجنسي وأساليب الحياة المحفوفة بالمخاطر وإيجاد حل ول مقبولة تُراعي حقوق المراهق ( المادة 27 (3))؛ و(ج) أن تُقدِّم الدعم والإرشاد للأمهات المراهقات والآباء المراهقين بغية كفالة رفاه هؤلاء المراهقين أنفسهم ورفاه أطفالهم (المادة 24(و) و المادة 27 (2-3))؛ و(د) أن تُولِي، مع مراعاة قيم ومعايير الأقليات الإثنية وغي رها، عنايةً خاصةً وتُقدِّم الإرشاد والدعم الخاصين للمراهقين والآباء (أو الأوصياء القانونيين)، الذين قد تختلف تقاليدهم ومعاييرهم عن تلك السائدة في المجتمع الذين يعيشـون فيـه؛ و(ه‍) أن تَكفل توافُق أوجه التدخل التي تحدث في إطار الأسرة لحماية المراهق وفصله عن د الضرورة عن الأسرة، مثلاً في حالة الإساءة أو الإهمال، مع القوانين والإجراءات السارية. وينبغي أن تخضع هذه القوانين والإجراءات للاستعراض قصد ضمان مطابقتها لمبادئ الاتفاقية.

13- وللمدرسة دور هام في حياة العديد من المراهقين، باعتبارها مكان التعلم والنمو والتن شئة الاجتماعية. وتنصُّ المادة 29(1) على أن يكون ال تعليم م ُ وج َّهاً نحو: " تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها ". وفضلاً عن ذلك، ينصُّ التعليق العام رقم 1 بشأن أهداف التعليم على "عدم مغادرة أي طفل المدرسة من غير أن يكون مُؤهَّ لاً لمواجهة التحديات التي يمكن أن يصادفها في الحياة. وينبغي أن تشمل المهارات الأساسية القدرة على اتخاذ قرارات متوازنة وعلى تسوية النزاعات بطريقة غير عنيفة، واتِّباع أسلوب حياة صحي، وإقامة علاقات اجتماعية طيبة". ونظراً لأهمية التعليم الملائم لصحة ونمو المرا هقين، حاضراً ومُستقبلاً، وكذلك لأطفالهم، فإن اللجنة، وفقاً للمادتين 28 و29 من الاتفاقية، تحثُّ الدول الأطراف على (أ) كفالة أن يكون التعليم الابتدائي الجيد النوعية إلزامياً ومتاحاً وميسوراً للجميع بالمجان ، وأن يكون التعليم الثانوي والعالي متاحاً وميسوراً لج ميع المراهقين؛ و(ب) توفير مرافق مدرسية وترفيهية فعالة، لا تنطوي على مخاطر صحية للطلاب، بما فيها المياه والمرافق الصحية والعبور الآمن إلى المدرسة؛ و(ج) اتخاذ الخطوات الضرورية لمنع وحظر جميع أشكال العنف والإساءة، بما فيها الاعتداء الجنسي، والعقوبة البدنية وغ يرها من ضروب المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المُهِينة أو الماسة بالكرامة في المدرسة من جانب العاملين في المدرسة، وكذلك في صفوف الطلبة؛ و(د) اتخاذ ودعم التدابير والمواقف والأنشطة التي من شأنها أن تُعزِّز السلوك الصحي من خلال إدراج مواضيع ذات صلة في المن اهج المدرسية.

14- وخلال فترة المراهقة، يترك عدد متزايد من المراهقين المدرسة ويباشرون العمل في إعانة أسرهم أو مقابل أجر في القطاع النظامي أو غير النظامي. وقد تكون المشاركة في أنشطة العمل طِبقًا للمعايير الدولية - شريطة ألا تُعرِّض للخطر تمتُّع المراهقين بجم يع حقوقهم الأخرى، بما فيها الصحة والتعليم - مُفيدةً لنموِّ المراهق. وتَحثُّ اللجنة الدول الأطراف على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإلغاء جميع أشكال العمل دون السن القانونية، ابتداء من أسوأ أشكاله، والقيام باستعراض مستمر للأنظمة الوطنية القائمة بشأن السنِّ ا لدنيا للتحقق من توافقها مع المعايير الدولية، وتنظيم بيئة وشروط عمل المراهقين الذين يعملون (طِبقًا للمادة 32 من الاتفاقية، وكذلك اتفاقيتي منظمة العمل الدولية 138 و182)، وذلك قصد كفالة حمايتهم حمايةً كاملةً وتمكينهم من الوصول إلى آليات قانونية للانتصاف.

15- وتُشدِّد اللجنة أيضًا على أنَّه ينبغي، طِبقًا للمادة 23(3) من الاتفاقية، وضع الحقوق الخاصة للمراهقين المعوقين في الاعتبار وتقديم المساعدة لهم لضمان توفر سبل وصول الطفل/المراهق المعوق إلى تعليم جيد النوعية وتلقيه لهذا النوع من التعليم. وينبغي أن تعترف الدول بمبدأ تكافؤ الفرص في مراحل التعليم الابتدائي والثانوي والعالي بالنسبة للأطفال/المراهقين في إطار الاندماج بين المعوقين وغير المعوقين.

16- واللجنة يُساورها القلق لأن الزواج والحمل في سن مبكرة يعتبران عاملاً من العوامل الهامة في المشاكل الصحية المتعلقة بالصح ة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك متلازمة نقص المناعة البشرية/الإيدز. وما زالت كل من السن الدنيا القانونية والسن الفعلية للزواج، لا سيما بالنسبة للبنات، منخفضة جدًّا في العديد من الدول الأعضاء. وينطوي ذلك أيضاً على شواغل لا علاقة لها بالصحة؛ فالأطفال المتزو جون، خاصة الفتيات، غالباً ما يُرغمون على الخروج من نظام التعليم ويُستبعدون من الأنشطة الاجتماعية. وبالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الأطفال المتزوجون في بعض الدول الأطراف بالغين من الناحية القانونية، حتى وإن تمَّ الزواج قبل الثامنة عشرة من العمر، مما يحرمهم من جمي ع تدابير الحماية الخاصة التي تحق لهم بموجب الاتفاقية. وتوصي اللجنة بشدَّة الدول الأطراف باستعراض التشريعات والممارسات، وإصلاحها عند الضرورة، بغية رفع السن الدنيا للزواج بموافقة أو بدون موافقة الوالدين، إلى الثامنة عشرة، بالنسبة للفتيات والفتيان على السواء. (للاطلاع على توصية مماثلة، انظر التعليق العـام رقم 21(1994) للجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة).

17- وتعتبر الإصابات غير المقصودة أو الناتجة عن العنف، في معظم البلدان سبباً رئيسياً يفضي إلى الوفاة أو الإعاقة الدائمة في صفوف المراهقين. وفي هذا ال خصوص، يُساور اللجنة القلق إزاء الإصابات والوفيات الناجمة عن حوادث الطريق التي تصيب المراهقين بصورة غير متناسبة. وينبغي للدول الأطراف تطوير وإنفاذ التشريعات والبرامج الكفيلة بتحسين السلامة على الطرق، بما في ذلك تعليم المراهقين وقيادة السيارات وامتحانهم وإقر ار وتعزيز التشريعات المعروفة بفعاليتها الشديدة، مثل وجوب حيازة رخصة قيادة سارية المفعول، ووضع أحزمة الأمان، وارتداء خوذة الوقاية من الصدمات، وتخصيص ممرات للمشاة.

18- واللجنة أيضًا يُساورها القلق الشديد إزاء النسبة المرتفعة للانتحار بين هذه الفئة العمرية. ف الاضطرابات العقلية والأمراض النفسية الاجتماعية شائعةٌ نسبيًّا في صفوف المراهقين. ويتزايد في العديد من البلدان تفشي أعراض مثل الاكتئاب والاضطرابات في تناول الطعام، وسلوكيات التدمير الذاتي التي تؤدي أحيانًا إلى الإصابات الذاتية والانتحار. وقد تكون لتلك الأعر اض علاقة بأمورٍ، من بينها العنف وسوء المعاملة، والاعتداء والإهمال، بما في ذلك الاعتداء الجنسي، والطموحات الكبيرة غير الواقعية، و/أو ممارسة التهديد أو العقاب الشديد داخل وخارج المدرسة. وينبغي للدول الأطراف أن تُوفِّر لهؤلاء المراهقين كافة الخدمات الضرورية.

19- و ينتج العنف عن تفاعلاتٍ معقدة لعوامل فردية وأسرية وأخرى خاصة بالمجتمع المحلي وبالمجتمع عمومًا. والمراهقون الضعفاء، مثل أولئك الذين لا مأوى لهم أو الذين يعيشون في مؤسسات أو الذين ينتمون إلى عصابات أو الذين جُنِّدوا كجنود أطفال يتعرضون بوجهٍ خاصٍ، للعنف المؤسَّسي والعنف بين الأشخاص في آنٍ معاً . وبمقتضى المادة 19 من الاتفاقية، يجب على الدول الأطراف اتخاذ جميع التدابير الملائمة (3) بغية منعِ اللجوء والقضاءِ على ما يلي: (أ) العنف المؤسسي ضد المراهقين، بما في ذلك التشريعات والتدابير الإدارية المتعلقة بالمؤسسا ت العامة والخاصة للمراهقين (المدارس ومؤسسات المراهقين المعوقين وإصلاحيات الأحداث، وغيرها)؛ وتدريب ورصد الموظفين المنوط بهم المسؤولية عن الأطفال المودعين في المؤسسات أو ممن يتعاملون مع الأطفال من خلال عملهم، بمن فيهم الشرطة؛ و(ب) العنف بين الأشخاص ضد وفيما بين المراهقين، بما في ذلك تقديم دعم لتحسين المهارات الوالدية وتوفير الفرص الكافية للتنمية الاجتماعية والتعليمية للطفل في مرحلة الطفولة المبكِّرة؛ وتطوير معايير وقيم ثقافية غير عنيفة (على النحو المتوخى في المادة 29 من الاتفاقية)؛ والمراقبة الصارمة للأسلحة ا لنارية؛ وفرض قيود على الحصول على الخمور والمخدرات.

20- وفي ضوء المواد 3 و6 و12 و19 و24-3، ينبغي للدول الأطراف اتخاذ كافة التدابير الفعالة للقضاء على جميع أشكال الأفعال والأنشطة التي تُهدِّد حق المراهقين في الحياة، بما في ذلك جرائم القتل دفاعاً عن الشرف. وت حثُّ اللجنة الدول الأطراف بشدّة على تطوير وتنفيذ حملات لإذكاء الوعي وبرامج التعليم والتشريعات الرامية إلى تغيير المواقف السائدة، ومعالجة أدوار الجنسين والقوالب النمطية التي تسهم في الممارسات التقليدية الضارة. وفضلاً عن ذلك، ينبغي للدول الأطراف العمل على تي سير إقامة مراكز للمعلومات والمشورة المتعددة الاختصاصات فيما يتعلق بالجوانب المؤذية لبعض الممارسات التقليدية الضارة، بما فيها الزواج المبكر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.

21- ويُساور اللجنة القلق إزاء تأثير تسويق المنتجات وأساليب الحياة غير الصحية على الس لوكيات الصحية للمراهقين وتمشياً مع المادة 17 من الاتفاقية، تحثُّ اللجنة الدول الأطراف على حماية المراهقين من المعلومات الضارة لصحتهم ونموِّهم، مع التشديد على حقِّ المراهقين في الوصول إلى المعلومات والمواد من شتَّى المصادر الوطنية والدولية. وبالتالي تحثُّ ا للجنة الدول الأطراف على تنظيم أو حظر المعلومات الخاصة بمواد مثل الخمور والتبغ، لا سيما عندما تستهدف الأطفال والمراهقين، وكذلك تسويق هذه المواد (4) .

ثالثاً - الإعلام وتطوير المهارات وتقديم المشورة وتوفير الخدمات الصحية

22- للمراهقين الحق في الوصول إلى قدر كا فٍ من المعلومات الضرورية لصحتهم ونموهم وقدرتهم على المشاركة في المجتمع بصورة مجدية. ومن واجب الدول الأطراف أن تكفل تزويد جميع المراهقين، الإناث منهم والذكور، داخل المدرسة وخارجها على السواء، بالمعلومات الدقيقة والملائمة بشأن كيفية حماية صحتهم ونموهم وكيفية ممارسة السلوكيات الصحية، وعدم حرمانهم من هذه المعلومات. وينبغي أن يشمل ذلك المعلومات بشأن تدخين التبغ وتناول الخمور، وغير ذلك من تعاطي المخدرات وإساءة استعمال المواد، والسلوكيات الاجتماعية والجنسية المأمونة والمُحترمة والعادات الغذائية والنشاط البدني.

23- وكي يستطيع المراهقون أن يسلكوا الطريق الصحيح بناءً على تلك المعلومات، ينبغي أن يطوروا المهارات التي تمكنهم من تعزيز النمو الصحي والوقاية من مشاكل صحية بعينها. وثمة حاجة للمهارات التي تمكِّن المراهقين من التعامل بشكلٍ فعَّالٍ مع متطلبات والحياة اليومية تحد ياتها. وتشمل المهارات الحياتية مهارات الرعاية الذاتية، مثل كيفية تخطيط وإعداد وجبة غذائية متوازنة أو تأمين النظافة الصحيحة الشخصية الملائمة؛ ومهارات التعامل مع أوضاع اجتماعية معينة، مثل التواصل بين الأشخاص واتخاذ القرارات وتحمل الإجهاد والنزاعات. وينبغي لل دول الأطراف حفز ودعم الفرص الكفيلة ببناء هذه المهارات بعدة طرق منها التعليم وبرامج التدريب على المستوى النظامي وغير النظامي ومنظمات الشباب ووسائط الإعلام.

24- وفي ضوء المواد 3 و17 و24 من الاتفاقية، ينبغي للدول الأطراف أن توفر للمراهقين فرص الوصول إلى المعل ومات الجنسية والإنجابية، بما فيها المتعلقة بتنظيم الأسرة ووسائل منع الحمل ومخاطر الحمل المُبكِّر، والوقاية من متلازمة نقص المناعة البشرية/الإيدز والوقاية من العدوى بالأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي وعلاجها. وعلاوة على ذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تكف ل إمكانية الوصول إلى المعلومات الملائمة بغض النظر عن الحالة الزواجية، والموافقة المسبقة من الوالدين أو الأوصياء. ومن الضروري إيجاد السبل والوسائل الصحيحة لتوفير معلومات مناسبة تراعي الخصائص المتميزة والحقوق الخاصة للمراهقات والمراهقين. ولتحقيق هذه الغاية، تُشجِّع اللجنة الدول الأطراف على أن تكفل مشاركة المراهقين مشاركةً نشطةً في تصميم ونشر المعلومات بواسطة مجموعة متنوِّعة من القنوات تتجاوز نطاق المدرسة، التي تشمل المنظمات التي تقدم خدماتها للشباب والأوساط والجماعات الدينية ووسائط الإعلام.

25- وبموجب المادة 24 من الاتفاقية، تَحثُّ اللجنة الدول الأطراف على توفير العلاج والتأهيل الملائمين للمراهقين المصابين باضطرابات عقلية، وتوعية المجتمع بالعلامات والأعراض المبكرة لهذه الحالات وبخطورتها وحماية المراهقين من العوامل المسببة للإجهاد النفسي الاجتماعي. وتَحثُّ اللج نة الدول الأطراف كذلك على مكافحة التمييز والوصم المحيطين بالاضطرابات العقلية، وفقاً لواجباتها بمقتضى المادة 2. ولكلِّ مراهقٍ مصابٍ باضطرابٍ عقلي الحق في العلاج والرعاية، قَدرَ المستطاع، داخل المجتمع المحلي الذي يعيش فيه. وحيثما كان الإيداع في مستشفى أو مؤس سة للطب النفسي ضرورياً بسبب اضطرابٍ عقليٍّ، ينبغي أن يكون هذا القرار متوافقاً مع مبدأ المصالح الفُضلى للطفل. وفي حالة الإيداع بالمستشفى أو المؤسسة، ينبغي أن تُتَاح للمريض أقصى قدر ممكن من الفرص التي تتيح لـه التمتع بكافة حقوقه حسبما تعترف بها الاتفاقية، بم ا فيها الحق في التعليم والحق في الوصول إلى الأنشطة الترفيهية (5) . وعند الاقتضاء، ينبغي أن يُفصل المراهقون عن الكبار. ويجب على الدول الأطراف أن تكفل للمراهقين إمكانية الوصول إلى ممثل شخصي غير أحد أعضاء الأسرة، حيثما كان ذلك ضرورياً ومناسباً، لتمثيل مصالحهم (6 ) . ووِفقاً للمادة 25 من الاتفاقية، ينبغي للدول الأطراف أن تكفل الاستعراض الدوري لإيداع المراهقين في المستشفيات أو مؤسسات الطب النفسي.

26- والمراهقون، سواء أكانوا من الفتيان أو الفتيات، معرضون لخطر العدوى والإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، بما فيها متلازمة نقص المناعة البشرية/الإيدز (7) . وينبغي للدول الأطراف أن تكفل توفير وإتاحة إمكانية الوصول إلى السلع والخدمات والمعلومات المخصَّصة للوقاية والعلاج من الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، بما فيها متلازمة نقص المناعة البشرية/الإيدز. ولضمان ذلك، تَحثُّ اللجنة الدول الأطراف على (أ) تطوير برامج وقائية فعالة، بما فيها تدابير لتغيير الآراء الثقافية بشأن حاجة المراهقين لوسائل منع الحمل والوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، ومعالجة المحظورات الثقافية وغيرها من المحظورات المحيطة بالن شاط الجنسي للمراهقين؛ و(ب) اعتماد تشريعات لمكافحة الممارسات التي إمَّا تزيد خطر إصابة المراهقين أو تُسهِم في تهميش المراهقين المصابين فعلاً بالأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي أو بمتلازمة نقص المناعة البشرية/الإيدز؛ و(ج) اتخاذ تدابير لإزالة الحواجز ال تي تحول دون وصول المراهقين إلى المعلومات والتدابير الوقائية مثل الرفال وحصولهم على الرعاية.

27- وينبغي أن تتمكَّن المراهقات من الحصول على المعلومات المتعلقة بالآثار السلبية للزواج المبكر والحمل في سنٍّ مبكِّرة، كما ينبغي أن تتاح للحوامل منهن إمكانية الحصول على الخدمات الصحية التي تُراعي خصائصهن المميزة وحقوقهن. وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير لخفض معدل مرض ووفاة الأمهات المراهقات، لا سيما في الحالات التي تعزى إلى الحمل في سنٍّ مبكِّرة وممارسات الإجهاض غير المأمونة ولدعم الأمهات المراهقات والآباء المراهق ين في النهوض بمسؤولياتهم الوالدية. وقد تتعرض الأمهات الصغيرات، خاصة في الأوساط التي يعوزها الدعم للاكتئاب والقلق، مما يؤثر سلباً على قدرتهن على رعاية أطفالهن. وتحثُّ اللجنة الدول الأطراف على القيام بما يلي: (أ) تطوير وتنفيذ برامج تكفل الوصول إلى الخدمات ال صحية الجنسية والإنجابية، بما فيها تنظيم الأسرة، ووسائل منع الحمل، وخدمات الإجهاض المأمون حيثُما يكون الإجهاض غير مخالفٍ للقانون، وتوفير الرعاية الشاملة الملائمة والإرشاد في حالات الولادة؛ و(ب) تعزيز المواقف الإيجابية والداعمة تجاه تحمل المسؤولية الوالدية ف ي سن المراهقة، للأمهات والآباء؛ و(ج) وضع سياسات عامة إيجابية لكفالة التثقيف المستمرِّ للأمهات المراهقات.

28- وينبغي أن يمنح المراهقون فرصة للتعبير عن آرائهم بحرية قبل أن يبدي الآباء موافقتهم عليها، وينبغي أن يولى الاعتبار الواجب لهذه الآراء، وفقاً للمادة 1 2 من الاتفاقية. ولكنه إذا كان المراهق كان المراهق على قدرٍ كافٍ من النضج، فيجب الحصول على موافقته العليمة بالأمر، بينما يجري إخطار الأبوين، إذا كان ذلك " لمص لحة الطفل الفضلى " (المـادة 3).

29- وفيما يتعلق بالخصوصية والسرية، وما يتصل بهما من موافقةٍ عن علم عل ى العلاج، ينبغي للدول الأطراف القيام بما يلي: (أ) أن تصدر قوانين أو أنظمة لضمان توفير خدمات سرية الطابع وموافقة المراهقين عن علم على العلاج، إمَّا من خلال تحديد سنٍّ معينة، أو من خلال الإشارة إلى القدرات المتطوِّرة للطفل؛ و(ب) أن تكفل لموظفي الصحة التدريب على حقوق المراهقين في الخصوصية والسرية، وفي إعلامهم بالعلاج المزمع توفيره لهم وفي إعطاء موافقتهم عن علم على العلاج.

رابعاً - الضعف والمخاطر

30- ينبغي عند كفالة حقوق المراهقين في الصحة والنمو، أن توضع في الاعتبار السلوكيات الفردية والعوامل البيئية التي تؤدي إلى زيادة الضعف والمخاطر. فالعوامل البيئية، مثل النزاعات المُسلَّحة أو الاستبعاد الاجتماعي، تزيد من تعرض المراهقين إساءة المعاملة وغيرها من أشكال العنف والاستغلال، مما يحدُّ بشدة من قدرات المراهقين على ممارسة السلوكيات الفردية الصحية. والسلوكيات الفردية م ثل الممارسات الجنسية غير المأمونة تزيد من مخاطر تعرض المراهقين للمرض.

31- ووفقاً للمادة 23 من الاتفاقية، للمراهقين المصابين بإعاقة عقلية و/أو جسدية حقٌّ مُتساوٍ في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة الجسدية والعقلية. ومن واجب الدول الأطراف أن توفِّر لل مراهقين المعوقين الوسائل الضرورية لتمكينهم من الحصول على حقوقهم (8) . وينبغي للدول الأطراف (أ) أن تكفل إتاحة وتيسر الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية لجميع المراهقين المعوقين وأن تكفل تعزيز هذه المرافق والخدمات لاعتمادهم على الذات ولمشاركتهم النشطة في المجتمع المحلي؛ و(ب) أن تكفل إتاحة التجهيزات الضرورية والدعم الشخصي اللازم لتمكينهم من التحرك من مكان إلى آخر والمشاركة والتواصل؛ و(ج) أن تولي العناية، على وجه التحديد، للاحتياجات الخاصة المتعلقة بالنشاط الجنسي للمراهقين المعوقين؛ و(د) أن تزيل الحواجز الت ي تحدُّ من إمكانيات حصول المراهقين المعوقين على حقوقهم.

32- وعلى الدول الأطراف أن توفِّر حماية خاصة للمراهقين الذين لا مأوى لهم، بمن فيهم أولئك الذين يعملون في القطاع غير النظامي. فالمراهقون الفاقدون للمأوى يتعرضون بوجه خاص للعنف والاعتداء والاستغلال الجنس ي من الآخرين ولسلوك التدمير الذاتي، وتعاطي استعمال المواد المخدرة والاضطرابات العقلية. وفي هذا الشأن، فإنَّ الدول الأطراف مَدعوَّة إلى (أ) تطوير سياسات عامة وسنِّ وإنفاذ تشريعات تكفل حماية هؤلاء المراهقين من العنف مثلاً من جانب موظفي إنفاذ القانون؛ و(ب) تط وير استراتيجيات لتوفير التعليم الملائم والوصول إلى الرعاية الصحية، وإتاحة الفرص لتطوير مهارات كسب الرزق.

33- إنَّ المراهقين الذين يجري استغلالهم جنسياً، بما في ذلك في أغراض البغاء وإنتاج المواد الإباحية، مُعرَّضون لمخاطر صحية هائلة، بما فيها الإصابة بالأمر اض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، ومتلازمة نقص المناعة البشرية/الإيدز، والحمل غير المرغوب فيه، والإجهاض غير المأمون والعنف والمعاناة النفسية ولهم الحق في المُعافاة البدنية والنفسية وفي الاندماج الاجتماعي في بيئة تُعزِّز الصحة واحترام الذات والكرامة (الما دة 39). ومن واجب الدول الأطراف أن تعمل على سَنِّ وإنفاذ قوانين لحظر كافة أشكال الاستغلال الجنسي وما يرتبط به من اتجار؛ وأن تتعاون مع غيرها من الدول الأطراف للقضاء على الاتجار بين البلدان؛ وأن توفِّر الخدمات الصحية وخدمات تقديم المشورة الملائمة للمراهقين ال ذين وقع استغلالهم جنسياً، مع كفالة معاملتهم كضحايا وليس كمجرمين.

34- وعلاوة على ذلك، فإن المراهقين الذين يعانون من الفقر والنزاعات المسلَّحة وكل أشكال الظلم وتفكُّك الأسرة وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والهجرة بكافة أشكالها، قد يكونون من ال فئات الضعيفة بوجه خاص. وهذه الحالات قد تلحق ضرراً بليغاً بصحتهم وتعوق نموِّهم. وتستطيع الدول الأطراف، من خلال وضع ثقلها في الاستثمار في السياسات والتدابير الوقائية، أن تخفِّض مستويات الضعف وعوامل الخطر تخفيضاً شديداً. والدول الأطراف مدعوَّةٌ كذلك إلى توفير نهج فعالة مقارنة بالتكلفة للمجتمع حتى تكفل للمراهقين إمكانية النمو المتواءم في مجتمع حُرٍّ.

خامساً - طبيعة التزامات الدول

35- فيما يخص أي التزامات تتعلَّق بصحة المراهقين ونموِّهم، يجب على الدول الأطراف دومًا أن تُراعِي تمام المراعاة المبادئ العامة للاتفاق ية، ألا وهي عدم التمييز والمصالح الفُضلى للطفل والحق في الحياة والبقاء والنموِّ واحترام آراء الطفل. وترى اللجنة أنَّه يجب على الدول الأطراف أن تتَّخذ كافة التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير اللازمة لإعمال ورصد حقوق المراهقين في الصحة والنموِّ كما أقرَّتها الاتفاقية. وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب على الدول الأطراف على وجه الخصوص أن تفي بالالتزامات التالية التي تقتضيها الاتفاقية:

(أ) أن تهيئ بيئة آمنة وداعمة للمراهقين، بما في ذلك داخل أسرهم، وفي المدارس، وفي المؤسسات التي يعيشون فيها بكافة أنواعها و داخل أماكن عملهم، و/أو في المجتمع بصورة عامة؛

(ب) أن تكفل للمراهقين سبل الوصول إلى المعلومات المناسبة اللازمة لصحتهم ونموهم والتي تكفل لهم فرصة المشاركة في القرارات التي تمسُّ صحتهم (لا سيما من خلال الموافقة الواعية وحق السرية)، ولبناء المهارات الحياتية، ولاكتساب المعلومات الكافية والملائمة لسنهم، وللتحدث عن الخيارات التي يتخذوها بشأن سلوكهم الصحي؛

(ج) أن تكفل إتاحة المرافق والسلع والخدمات الصحية الجيدة والحساسة للمراهق وأن تجعلها في متناول الجميع، بما في ذلك خدمات تقديم المشورة والخدمات الصحية المتعلقة ب الصحة العقلية والجنسية والإنجابية؛

(د) أن تكفل للمراهقات والمراهقين فرصة المشاركة النشطة في التخطيط والبرمجة لصحتهم الخاصة ونموهم الخاص؛

(ه‍) أن تكفل الحماية للمراهقين من كافة أشكال العمل التي قد تُعرِّض للخطر تمتعهم بحقوقهم، خاصة من خلال إلغاء كافة أشكا ل العمل دون السن القانونية وتنظيم بيئةٍ وشروط العمل طبقاً للمعايير الدولية؛

(ز) أن تكفل الحماية للمراهقين من كافة أشكال الإصابات المقصودة وغير المقصودة، بما فيها العنف وحوادث الطريق؛

(ح) أن تكفل الحماية للمراهقين من جميع الممارسات التقليدية الضارة، مثل ا لزواج المبكر وجرائم القتل دفاعاً عن الشرف، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث؛

(ط) أن تكفل مراعاة المراهقين الذين ينتمون إلى الفئات الضعيفة بوجه خاص تمامَ المراعاة عند الوفاء بكافة الالتزامات الآنفة الذكر؛

(ي) أن تنفذ تدابير للوقاية من الاضطرابات العقلية و لتعزيز الصحة العقلية للمراهقين.

36- وتسترعي اللجنة انتباه الدول الأطراف إلى التعليق العام رقم 14 للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي ينص على ما يلي: "على الدول الأطراف أن توفِّر بيئة آمنة وداعمة للمراهقين تكفل لهم فرصة المشاركة في ا لقرارات التي تؤثِّر على صحتهم، وتعلمهم المهارات الحياتية، واكتساب المعلومات الملائمة، والحصول على المشورة، والتحدث عن الخيارات التي يتخذونها بشأن سلوكهم الصحي. ويتوقف إعمال حق المراهقين في الصحة على تطوير رعاية صحية ملائمة للشباب تحترم السرية والخصوصية، وت شمل الخدمات الصحية الجنسية والإنجابية الملائمة".

37- ووفقاً للمادتين 24 و39 وغيرهما من الأحكام ذات الصلة من الاتفاقية، ينبغي على الدول الأطراف أن تكفل الخدمات الصحية الملائمة للاحتياجات الخاصة ولحقوق الإنسان لجميع المراهقين وذلك بإعارة الاهتمام للخصائص الت الية:

(أ) التوافر. ينبغي أن تشمل الرعاية الصحية الأساسية الخدمات الملائمة لاحتياجات المراهقين، مع العناية الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية والصحة العقلية؛

(ب) تيسر الوصول. ينبغي أن تكون المرافق والسلع والخدمات الصحية معروفة وسهلة المنال للمراهقين دون تمي يز. وينطوي ذلك تيسير سبل الوصول من الناحية الاقتصادية والجسدية والاجتماعية. كما ينبغي كفالة السرية، عند الاقتضاء؛

(ج) القبول. مع مراعاة أحكام ومبادئ الاتفاقية مراعاةً تامةً، ينبغي على كافة المرافق والسلع والخدمات الصحية أن تحترم القيم الثقافية، وأن تراعي الفوارق بين الجنسين، وأن تحترم آداب مهنة الطب، وأن تكون مقبولة للمراهقين وللمجتمعات المحلية التي يعيشون فيها في آن معاً؛

(د) الجودة. ينبغي أن تكون الخدمات والسلع الصحية مناسبة من الناحيتين العلمية والطبية، مما يقتضي وجود موظفين مهرة لرعاية المراهقين، ومرا فق ملائمة، وطرائق مقبولة علمياً.

38- ينبغي للدول الأطراف أن تتبع، حيثما أمكن ذلك، نهجاً متعدد القطاعات لتعزيز وحماية صحة المراهقين ونموِّهم من خلال تيسير إقامة روابط وشركات فعالة ومُستدَامة بين جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة. أما على الصعيد الوطني، فيقتضي ه ذا النهج التعاون والتنسيق بصورة وثيقة ومنهجية داخل الحكومة، من أجل ضمان المشاركة الضرورية لجميع الكيانات الحكومية ذات الصلة. وينبغي كذلك أن تلقى مرافق الصحة العامة وغيرها من الخدمات التي يستخدمها المراهقون التشجيع والدعم في سعيها للتعاون مع جهات من بينها ا لممارسين التقليديين و/أو الخاصين، والرابطات المهنية والصيدليات والمنظمات التي تقدِّم خدماتها للفئات الضعيفة من المراهقين.

39- ولن يكون النهج المتعدد القطاعات لتعزيز وحماية صحة المراهقين ونموِّهم فعَّالاً دون وجود تعاونٍ دوليٍ. وبالتالي، ينبغي للدول الأطرا ف، عند الاقتضاء، أن تلتمس هذا النوع من التعاون من وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وبرامجها وهيئاتها والمنظمات غير الحكومية الدولية ووكالات المعونة الثنائية والجمعيات المهنية الدولية وغيرها من الجهات الفاعلة من غير الدول.

الحواشي

(1) تشمل المعاهدات الدولية ل حقوق الإنسان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، و اتفاقية مناهضة التعذيب ، و الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ، و الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم ، و اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة .

(2) انظر أيضاً التقارير عن أيام المناقشة العامة التي أجرتها اللجنة بشأن "العنـف ضد الأطفـال" في عامي 2000 و2001 والتوصيات المعتمدة في هذا الشأن (انظر CRC/C/100، الفصل الخامس، وCRC/C/111، الف صل الخامس).

(3) المرجع نفسه.

(4) وفقاً لما هو مقترح في الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ الصادرة عن منظمة الصحة العالمية (2003).

(5) للحصول على مزيد من الإرشادات، بخصوص هذه المسألة، انظر مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقل ية، (قرار الجمعية العامة 46/119، المؤرخ 17 كانون الأول/ديسمبر 1991 المرفق).

(6) المرجع نفسه، وبخاصة المبادئ 2 و3 و7.

(7) للحصول على مزيد من الإرشادات بشأن هذه المسألة انظر التعليق العام رقم 3 (2003) بشأن فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز وحقوق الأطفال.

( 8) القواعد المُوَحَّدة للأمم المتحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفُرص للمعوقين.

الدورة الرابعة والثلاثون (2003)

التعليق العام رقم 5: التدابير العامـة لتنفيذ اتفاقيـة حقوق الطفل (المواد 4، و42، و44 - الفقرة 6)

تصدير

1- أعدت لجنة حقوق الطفل هذا التعليق العام لبيان ا لتزامات الدول الأطراف فيما يتعلق بما أسمته اللجنة "تدابير التنفيذ العامة". والعناصر المختلفة التي يتألف منها هذا المفهوم معقدة، وتشدد اللجنة على أنها ستصدر على الأرجح، في الوقت المناسب، تعليقات عامة أكثر تفصيلاً تتناول عناصر بمفردها لشرح هذه الالتزامات بمز يد من الوضوح. وقد تناولت بالفعل، في تعليقها العام رقم 2(2002) المعنون "دور مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية المستقلة في حماية وتعزيز حقوق الطفل" هذا المفهوم بمزيد من التفصيل.

المادة 4

"تتخذ الدول الأطراف كل التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير الملا ئمة لإعمال الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية. وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تتخذ الدول الأطراف هذه التدابير إلى أقصى حدود مواردها المتاحة، وحيثما يلزم، في إطار التعاون الدولي".

أولا ً- مقدمة

2- عند التصديق على اتفاقية حقوق الطفل، تتخذ الدولة التزامات بموجب القانون الدولي لتنفذها. والتنفيذ هو العملية التي تتخذ الدول الأطراف بموجبها إجراءات لإعمال جميع الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية لصالح الأطفال الخاضعين لولايتها القضائية (1) . وتقضي المادة 4 بأن تتخذ الدول الأطراف "كل التدابير الت شريعية والإدارية وغيرها من التدابير" لإعمال الحقوق الواردة فيها. وإذا كانت الدولة هي التي تتحمل التزامات بموجب الاتفاقية، فإن مهمة تنفيذها - أي جعل حقوق الإنسان للأطفال حقيقة واقعة - تتطلب مشاركة جميع قطاعات المجتمع، وبطبيعة الحال، الأطفال أنفسهم. ومن الأه مية بمكان تأمين التوافق الكامل بين جميع التشريعات المحلية والاتفاقية وإمكانية تطبيق مبادئ وأحكام الاتفاقية تطبيقاً مباشراً وإعمالها بشكل ملائم. وبالإضافة إلى ذلك، عينت لجنة حقوق الطفل مجموعة واسعة من التدابير اللازم اتخاذها لتنفيذ الاتفاقية بفعالية، بما في ذلك إنشاء هياكل خاصة وتنفيذ أنشطة للرصد والتدريب وغيرها من الأنشطة في إطار الدوائر الحكومية والبرلمان والهيئة القضائية على جميع المستويات (2) .

3- وعند دراسة التقارير الدورية التي تقدمها الدول الأطراف بموجب الاتفاقية، تولي اللجنة اهتماماً خاصاً لما أسمته " بتدابير التنفيذ العامة". وتقدم في ملاحظاتها الختامية التي تصدر بعد النظر في هذه التقارير توصيات محددة بشأن التدابير العامة. وتتوقع من الدولة الطرف أن تصف الإجراءات التي اتخذتها للاستجابة لهذه التوصيات في تقريرها الدوري التالي. وترتب المبادئ التوجيهية التي تضعها اللجنة بشأن تقديم التقارير مواد الاتفاقية في مجموعات (3) تتعلق الأولى منها "بتدابير التنفيذ العامة" وتجمع المادة 4 مع المادة 42 (الالتزام بنشر مضمون الاتفاقية على نطاق واسع بين الأطفال والكبار؛ انظر الفقرة 66 أدناه) والمادة 44، الفقرة 6 (الالتزام بإتا حة التقارير على نطاق واسع داخل الدولة؛ انظر الفقرة 71 أدناه).

4- وبالإضافة إلى هذه الأحكام، هناك التزامات أخرى عامة بشأن التنفيذ منصوص عليها في المادة 2: "تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز ...".

5- وبموجب الفقرة 2 من المادة 3 أيضاً، "تتعهد الدول الأطراف بأن تضمن للطفل الحماية والرعاية اللازمتين لرفاهه، مراعية حقوق وواجبات والديه أو أوصيائه القانونيين أو غيرهم من الأفراد المسؤولين قانوناً عنه، وتتخذ، تحقيقا لهذا الغرض، جميع التدابير التشريعية والإدارية الملائمة".

6- وترد في القانون الدولي لحقوق الإنسان مواد مماثلة للمادة 4 من الاتفاقية لتحديد التزامات التنفيذ العامة، مثل المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجت ماعية والثقافية. وقد أصدرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تعليقات عامة بشأن هذه الأحكام، وهي تعليقات ينبغي اعتبارها مكملة لهذا التعليق العام وترد الإشارة إليها أدناه (4) .

7- وتعكس المادة 4 التزام الدول الأطراف بتن فيذ الاتفاقية تنفيذاً شاملاً وتميز مع ذلك، في الجملة الثانية منها، بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: "وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تتخذ الدول الأطراف هذه التدابير إلى أقصى حدود مواردها المتاحة، وحيثما يلزم، في إطار التعاون الدولي". ولا تنقسم حقوق الإنسان بوجه عام أو الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية، لا بشكل بسيط ولا بشكل رسمي، إلى هاتين الفئتين. فالمبادئ التوجيهية التي وضعتها اللجنة بشأن تقديم التقارير تجمع المواد 7 و8 و13-17 و37(أ) تحت عنوان "ا لحقوق والحريات المدنية"، ولكنها تشير في السياق إلى أن هذه الحقوق ليست الحقوق المدنية والسياسية الوحيدة المنصوص عليها في الاتفاقية. ومن الواضح، بالفعل، أن مواد أخرى كثيرة، بما في ذلك المواد 2 و3 و6 و12 من الاتفاقية، تتضمن عناصر تشكل حقوقاً مدنية/سياسية، وتع كس من ثم ترابط جميع حقوق الإنسان وعدم قابليتها للانقسام. فالتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يرتبط ارتباطاً لا ينفصم بالتمتع بالحقوق المدنية والسياسية. وكما ترد الإشارة إلى ذلك في الفقرة 25 أدناه، ترى اللجنة أنه ينبغي اعتبار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية حقوقاً يمكن المقاضاة بشأنها.

8- وتعكس الجملة الثانية من المادة 4 تسليماً واقعياً وهو أن قلة الموارد - المالية وغيرها من الموارد - يمكن أن تعوق بأعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إعمالاً كاملاً في بعض الدول؛ ومن هنا نشأ مفهوم "الإعمال التدريجي" لهذه الحقوق: لا بد للدول أن تثبت أنها قامت بإعمال الحقوق "إلى أقصى حدود مواردها المتاحة" وأنها التمست، عند الاقتضاء، التعاون الدولي. ذلك أن الدول تأخذ على عاتقها، عند تصديقها على الاتفاقية، التزامات لا بتنفيذ الاتفاقية داخل حدود ولايتها القضائية فحسب، بل أيضاً بالإسهام، عن طريق التعاون الدولي، في تنفيذها على الصعيد العالمي (انظر الفقرة 60 أدناه).

9- وهذه الجملة مماثلة للنص المستخدم في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتتفق لجنة حقوق الطفل تماماً مع لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للتأكيد على أنه "حتى عندما يثبت أن الموارد المتاحة غير كافية، تظل الدولة الطرف ملتزمة بالسعي لضمان التمتع، على أوسع نطاق ممكن، بالحقوق ذات الصلة في ظل الظروف السائدة ..." (5) . فالمطلوب من الدول، أ ياً كانت ظروفها الاقتصادية، اتخاذ جميع التدابير الممكنة لإعمال حقوق الطفل، مع إيلاء اهتمام خاص لأكثر المجموعات تضرراً.

10- والهدف من تدابير التنفيذ العامة التي حددتها اللجنة والتي تصفها في هذا التعليق العام هو تعزيز تمتع جميع الأطفال تمتعاً كاملاً بجميع ال حقوق المنصوص عليها في الاتفاقية، وذلك بسن التشريع، وإنشاء هيئات - حكومية ومستقلة - للتنسيق والرصد، وجمع بيانات شاملة، وعن طريق التوعية والتدريب وإعداد وتنفيذ سياسات وخدمات وبرامج ملائمة. وإحدى النتائج المرضية التي ترتبت على اعتماد الاتفاقية والتصديق عليها تصديقاً شبه عالمي هي إنشاء مجموعة واسعة من الهيئات والهياكل والأنشطة الجديدة التي تركز على الطفل وتراعي الطفل على الصعيد الوطني - أنشئت وحدات معنية بحقوق الطفل في قلب الحكومة، وتم تعيين وزراء للاهتمام بشؤون الطفل، وأنشئت لجان مشتركة بين الوزارات معنية بالط فل، ولجان برلمانية، وأجريت تحليلات لمعرفة أثر ذلك على الطفل، وخصصت ميزانيات للأطفال وأعدت تقارير عن "وضع حقوق الطفل"، وأنشئت ائتلافات للمنظمات غير الحكومية بشأن حقوق الطفل، وتم تعيين أمناء مظالم للأطفال ومفوضين لحقوق الطفل، وما إلى ذلك.

11- وقد يبدو عدد من هذه التطورات تجميلياً أساساً، إلا أن ظهورها يدل على الأقل على أن النظرة إلى مكانة الطفل في المجتمع قد تغيرت، وعلى أن هناك استعداداً لإيلاء أولوية سياسية أعلى للطفل، وعلى تزايد الوعي بأثر الإدارة على الطفل وحقوقه الإنسانية.

12- وتشدد اللجنة على أنه ينبغي ل لدول أن تعتبر، في إطار الاتفاقية، أن دورها يتمثل في الوفاء بالتزامات قانونية واضحة تجاه كل طفل أياً كان. ويجب ألا يعتبر إعمال حقوق الطفل عملية خيرية ومنّة تقدم للأطفال.

13- ولا بد من وضع منظور لحقوق الطفل في سائر الدوائر الحكومية وفي البرلمان والهيئة القض ائية لتنفيذ الاتفاقية بأكملها تنفيذاً فعالاً، وبخاصة في ضوء المواد التالية الواردة في الاتفاقية والتي عينتها اللجنة كمبادئ عامة:

المادة 2: التزام الدول الأطراف بأن تحترم الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع الت مييز . يقضي هذا الالتزام بعدم التمييز بأن تجتهد الدول في تعيين آحاد الأطفال ومجموعات الأطفال الذين قد يتطلب الاعتراف بحقوقهم وإعمالها اتخاذ تدابير خاصة. فعلى سبيل المثال، تلقي اللجنة الضوء، بوجه خاص، على ضرورة جمع بيانات يمكن تجزئتها لتحديد التمييز الفعلي أ و التمييز المحتمل. وقد يتطلب التصدي للتمييز إدخال تعديلات في مجالات التشريع والإدارة وتخصيص الموارد، وكذلك اتخاذ تدابير تثقيفية لتغيير المواقف وينبغي التشديد على أن تطبيق مبدأ عدم التمييز لتساوي فرص الحصول على الحقوق لا يعني المعاملة المتماثلة. فقد أكد تعل يق عام أصدرته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على أهمية اتخاذ تدابير خاصة لتقليل الأوضاع المسببة للتمييز أو القضاء عليها (6) .

المادة 3(1): مصالح الطفل الفضلى بوصفها الاعتبار الأول في جميع الإجراءات التي تتخذ بشأن الأطفال . تشير هذه المادة إلى الإجراءات التي يت م اتخاذها من جانب "مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو من جانب المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية". ويقضي هذا المبدأ باتخاذ تدابير فعالة في سائر الدوائر الحكومية والبرلمان والهيئة القضائية. ويطلب إلى كل هيئة أو مؤسسة تشريعية وإداري ة وقضائية تطبيق مبدأ المصالح الفضلى وذلك بأن تنظر بصورة منهجية في الطريقة التي تتأثر أو ستتأثر بها حقوق ومصالح الطفل بما تتخذه من قرارات وإجراءات - مثلاً بقانون أو سياسة مقترحة أو قائمة أو بإجراء إداري أو حكم محكمة - بما في ذلك القرارات والإجراءات التي لا تخص الأطفال مباشرة، والتي تؤثر عليهم مع ذلك بشكل غير مباشر.

المادة 6: حق الطفل الأصيل في الحياة والتزام الدول الأطراف بأن تكفل إلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه. تتوقع اللجنة من الدول أن تفسر تعبير "النمو" بأوسع معانيه باعتباره مفهوماً شاملاً يغطي نمو الط فل البدني، والعقلي، والروحي، والمعنوي، والنفسي، والاجتماعي. ويجب أن يكون الهدف من تدابير التنفيذ هو نمو جميع الأطفال على النحو الأمثل.

المادة 12: حق الطفل في التعبير عن آرائه بحرية في "جميع المسائل التي تمس الطفل" مع إيلاء هذه الآراء الاعتبار الواجب. إن ه ذا المبدأ الذي يبرز دور الطفل كمشترك فعلي في تعزيز وحماية ورصد حقوقه يسري أيضاً على جميع التدابير التي تعتمدها الدول لتنفيذ الاتفاقية.

وإتاحة المجال لإشراك الأطفال في عمليات صنع القرارات الحكومية هي أحد التحديات الإيجابية التي ترى اللجنة أن الدول أخذت تست جيب لها أكثر فأكثر. وبما أن دولاً قليلة خفضت حتى الآن سن التصويت إلى دون 18 سنة، فهناك أسباب أكثر تدعو إلى احترام آراء الأطفال غير المصرح لهم بالتصويت في الدوائر الحكومية والبرلمان. وإذا أريد أن يكون التشاور ذا معنى، فلا بد من إتاحة سبل الاطلاع على الوثائق والاشتراك في العمليات. ولكن "الاستماع" إلى الأطفال يمثل فيما يبدو أمراً مقبولاً نسبياً؛ بيد أن إيلاء الاعتبار الواجب لآرائهم يتطلب إجراء تغيير حقيقي. والاستماع إلى الأطفال يجب ألا يعتبر غاية في حد ذاته، بل وسيلة تتفاعل الدولة بموجبها مع الأطفال وتتخذ إجرا ءاتها نيابة عنهم بطريقة تراعي باستمرار إعمال حقوق الطفل.

ويمكن أن تكون الأحداث التي يتم تنظيمها مرة واحدة أو بانتظام، مثل برلمانات الأطفال، أحداثاً حافزة تثير الوعي العام. ولكن المادة 12 تقضي باتخاذ ترتيبات متسقة ومستمرة. وينبغي كذلك ألا يكون إشراك الأطف ال والتشاور معهم عملاً رمزياً بل يجب أن يكون الهدف منهما هو تأكيد آراء تمثيلية. فصيغة التشديد على "المسائل التي تمسهم" الواردة في الفقرة 1 من المادة 12 تعني ضمناً تأكيد آراء مجموعات معينة من الأطفال بشأن قضايا بعينها - مثلاً آراء الأطفال الذين لديهم خبرة ب نظام قضاء الأحداث بشأن اقتراحات لإصلاح القانون في هذا الميدان، أو آراء الأطفال المتبنين والأطفال المودعين لدى الأسر المتبنية لهم بشأن قانون وسياسة التبني. ومن المهم أن تؤسس الحكومات علاقة مباشرة مع الأطفال، لا مجرد علاقة بواسطة المنظمات غير الحكومية أو مؤس سات حقوق الإنسان. ففي أولى أعوام الاتفاقية، قامت المنظمات غير الحكومية بدور ريادي في انتهاج نهج قائمة على المشاركة مع الأطفال، ولكن من مصلحة الحكومات والأطفال على السواء أن يكون الاتصال بينهما مباشراً وملائماً.

ثانياً - استعراض التحفظات

13- تبدأ اللجنة في مبادئها التوجيهية المتعلقة بتقديم التقارير عن تدابير التنفيذ العامة بدعوة الدولة الطرف إلى الإشارة إلى ما إذا كانت تعتبر ضرورياً التمسك بالتحفظات التي أبدتها، إذا كانت قد أبدت أية تحفظات، أو ما إذا كانت لديها نية بسحبها (7) . وللدول الأطراف في الاتفاقية الح ق في إبداء تحفظات وقت التصديق عليها أو الانضمام إليها (المادة 51). ولا يمكن تحقيق هدف اللجنة المتمثل في تأمين الاحترام الكامل والتام لحقوق الإنسان للأطفال إلا إذا سحبت الدول تحفظاتها. وتوصي اللجنة باستمرار، لدى النظر في التقارير، باستعراض التحفظات وسحبها. وفي الحالات التي تقرر فيها دولة ما، بعد الاستعراض، الإبقاء على تحفظ ما، تطلب اللجنة إليها تضمين تقريرها الدوري القادم شرحاً وافياً بذلك. وتسترعى اللجنة انتباه الدول الأطراف إلى أن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان يشجع على استعراض التحفظات وسحبها (8) .

14- وتعرِ ف المادة 2 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات "التحفظ" بأنه "إعلان من جانب واحد"، أيا كانت صيغته أو تسميته، تصدره دولة ما حين توقع معاهدة أو تصدقها أو تقبلها أو تقرها أو تنضم إليها، مستهدفة به استبعاد أو تغيير الأثر القانوني لبعض أحكام المعاهدة في تطبيقها ع لى تلك الدولة". وتنص اتفاقية فيينا على أن من حق الدول وقت التصديق على معاهدة ما أو الانضمام إليها إبداء تحفظ، ما لم يكن هذا التحفظ "منافياً لموضوع المعاهدة وهدفها" (المادة 19).

15- وهذا ما تعكسه الفقرة 2 من المادة 51 من اتفاقية حقوق الطفل، إذ إنها تنص على أنه: "لا يجوز إبداء أي تحفظ يكون منافياً لهدف هذه الاتفاقية وغرضها". وتشعر اللجنة بقلق عميق إزاء ما أبداه عدد من الدول من تحفظات تنتهك صراحة الفقرة 2 من المادة 51 بالإفادة مثلاً بأن الدستور أو التشريع الساري في الدولة يحد من احترام الاتفاقية، بما في ذلك ال قانون الديني في بعض الحالات. وتنص المادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات على أنه "لا يجوز لأي طرف أن يستظهر بأحكام قانونه الداخلي لتبرير عدم تنفيذه معاهدة ما".

16- وتلاحظ اللجنة أن دولاً أطرافاً قد قدمت، في بعض الحالات، اعتراضات رسمية على تحفظات واسعة النطاق كهذه أبدتها دول أخرى أطراف. وتثني على أي إجراء يسهم في تأمين احترام الاتفاقية على أكمل وجه في جميع الدول الأطراف.

ثالثاً - التصديق على صكوك دولية أخرى رئيسية متعلقة بحقوق الإنسان

17- تقوم اللجنة باستمرار، كجزء من نظرها في تدابير التنفيذ العامة وفي ضوء مبدأي عدم قابلية انقسام حقوق الإنسان وترابطها، بحث الدول الأطراف على التصديق على البروتوكولين الاختياريين الملحقين باتفاقية حقوق الطفل (بشأن إشراك الأطفال في النـزاعات المسلحة وبشأن بيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية عن الأطف ال) وعلى الصكوك الدولية الستة الأخرى الرئيسية المتعلقة بحقوق الإنسان، إذا لم تكن قد فعلت ذلك. وكثيراً ما تشجع اللجنة الدول الأطراف، في الحوار الذي تجريه معها، على النظر في التصديق على صكوك دولية أخرى ذات صلة. ومرفق بهذا التعليق العام قائمة غير شاملة بهذه ا لصكوك ستقوم اللجنة باستيفائها بأحدث المعلومات من حين لآخر.

رابعاً - التدابير التشريعية

18- تعتقد اللجنة أنه يلزم استعراض جميع التشريعات المحلية والتوجيهات الإدارية ذات الصلة استعراضاً شاملاً لتأمين الامتثال الكامل للاتفاقية. وتفيد خبرتها في دراسة لا التقار ير الأولية فحسب، بل والآن التقارير الثانية والثالثة المقدمة بموجب الاتفاقية، بأن عملية الاستعراض على الصعيد الوطني قد بدأت في معظم الحالات، ولكن يجب إجراؤها بمزيد من الدقة. فالاستعراض يتطلب تناول الاتفاقية لا على أساس كل مادة على حدة فحسب، بل في كليتها أيض اً، للاعتراف بترابط حقوق الإنسان وعدم قابليتها للانقسام. ولا بد من إجرائه بشكل متواصل لا بشكل استثنائي، باستعراض التشريع المقترح سنه والتشريع القائم على السواء. ومع التسليم بأهمية إدراج عملية الاستعراض هذه لتشكل جزءاً لا يتجزأ من آلية جميع الإدارات الحكومي ة ذات الصلة، من المفيد أيضاً إجراء استعراض مستقل، كأن يجرى مثلاً من جانب اللجان والجلسات البرلمانية، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية، والدوائر الأكاديمية، ومن جانب الأطفال والشباب المتضررين وغيرهم.

19- وينبغي للدول الأطراف أن تكفل ب جميع الوسائل الملائمة أن يكون لأحكام الاتفاقية أثر قانوني في أنظمتها القانونية المحلية. وهذا أمر لا يزال يمثل تحدياً في كثير من الدول الأطراف. ومن الأهمية بمكان توضيح نطاق انطباق الاتفاقية في الدول التي يسري فيها مبدأ "التنفيذ الذاتي" وفي الدول الأخرى التي يزعم فيها أن للاتفاقية "وضعاً دستورياً" أو أنه تم إدراجها في القانون المحلي.

20- وترحب اللجنة بإدراج الاتفاقية في القانون المحلي، وهو النهج التقليدي المتبع لتنفيذ الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان في بعض الدول، لا جميعها. وما ينبغي أن يعنيه الإدراج هو إمكانية التذرع بالاتفاقية مباشرة أمام المحاكم وتطبيقها من جانب السلطات الوطنية وسيادتها في حالة تنازعها مع التشريع المحلي أو مع الممارسات الشائعة. وإدراج الاتفاقية في القانون المحلي لا يغني عن تأمين امتثال جميع القوانين المحلية ذات الصلة للاتفاقية، بما في ذلك أي قانون محلي أو قانون عرفي. وفي حالة تنازع الاتفاقية مع التشريع، تكون الغلبة دائماً للاتفاقية، في ضوء المادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات. وعلى الدولة، وقت تفويضها سلطات سن التشريع لحكومات اتحادية إقليمية أو محلية، أن تطلب إلى هذه الحكومات ال فرعية أيضاً سن التشريع في إطار الاتفاقية وضمان تنفيذها بفعالية (انظر أيضاً الفقرة 40 وما يليها).

21- وقد أفادت بعض الدول اللجنة بأن إدراجها في دستورها ضمانات بشأن حقوق "كل فرد" أمر كافٍ لتأمين احترام هذه الحقوق فيما يتعلق بالطفل. والمحك هو معرفة ما إذا كان ت الحقوق الواجبة التطبيق لصالح الأطفال معمولاً بها بالفعل ويمكن التذرع بها مباشرة أمام المحاكم. وترحب اللجنة بإدراج مواد بشأن حقوق الطفل في الدساتير الوطنية لأن ذلك يعكس المبادئ الرئيسية الواردة في الاتفاقية، ويساعد في تأكيد الرسالة الأساسية التي تنادي بها الاتفاقية، ألا وهي أن حقوق الإنسان حقوق يتمتع بها الأطفال إلى جانب البالغين. ولكـن إدراج هذه المواد لا يؤمن أوتوماتيكياً احترام حقوق الطفل. فمن أجل تعزيز التنفيذ الكامل لهذه الحقوق، بما في ذلك عند الاقتضاء ممارسة الأطفال أنفسهم لهذه الحقوق، وجب اتخاذ تداب ير تشريعية إضافية وغيرها من التدابير.

22- وتشدد اللجنة بوجه خاص على أهمية أن يعكس القانون المحلي المبادئ العامة المحددة في الاتفاقية (المواد 2، 3، 6 و12، انظر الفقرة 12 أعلاه). وترحب اللجنة بالنظم الأساسية الموحدة لحقوق الطفل التي تم وضعها، والتي يمكن أن ت برز مبادئ الاتفاقية وتؤكدها. ولكنها تشدد على أن ما يتسم بأهمية جوهرية علاوة على ذلك هو أن جميع القوانين "القطاعية" ذات الصلة (بشأن التعليم والصحة والقضاء وما إلى ذلك) يجب أن تعكس باستمرار مبادئ الاتفاقية ومعاييرها.

23- وتشجع اللجنة جميع الدول الأطراف، في ضوء المادة 41، على أن تسن وتنفذ داخل إطار ولايتها القضائية أحكاماً قانونية تكون أسرع إفضاءً إلى إعمال حقوق الطفل عن تلك الواردة في الاتفاقية. وتؤكد اللجنة أن الصكوك الدولية الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان تسري على جميع الأشخاص دون سن 18 سنة.

خامساً - إمكاني ة التقاضي في مجال الحقوق

24- تكتسب الحقوق معناها بتوافر سبل تظلم فعالة للتصدي للانتهاكات. ويرد هذا الشرط ضمناً في الاتفاقية ويشار إليه باستمرار في المعاهدات الدولية الأخرى الست الرئيسية المتعلقة بحقوق الإنسان. وإن الأطفال، بحكم وضعهم الخاص واعتمادهم على غي رهم، يواجهون صعوبات حقيقية للمضي قدماً في سبل التظلم من انتهاك حقوقهم. ولذلك يتعين على الدول الاهتمام بوجه خاص بإتاحة إجراءات فعالة وسليمة للأطفال وممثليهم. وهذه الإجراءات يجب أن تشمل توفير المعلومات والمشورة والدعاية الملائمة لهم، بما في ذلك دعم الدعاية ا لذاتية، وتوفير إجراءات لتقديم شكاوى مستقلة والوصول إلى المحاكم وتزويد الأطفال بالمساعدة القانونية وغيرها من أشكال المساعدة. وحيثما ثبت أن الحقوق قد انتهكت، وجب توفير جبر ملائم، بما في ذلك التعويض والقيام، عند الاقتضاء، باتخاذ تدابير لتعزيز العلاج البدني وا لنفساني، وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج، كما تقضي بذلك المادة 39.

25- وقد وردت الإشارة في الفقرة 6 أعلاه إلى أن اللجنة تشدد على وجوب اعتبار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك الحقوق المدنية والسياسية حقوقاً يمكن التقاضي بشأنها. ومن المهم أن يحدد القانون المحلي الاستحقاقات بقدر كاف من التفصيل لكي تكون سبل التظلم من عدم الامتثال سبلاً فعالة.

سادساً - التدابير الإدارية والتدابير الأخرى

26- ليس بوسع اللجنة أن تصف بالتفصيل التدابير التي ستجدها كل دولة طرف ملائمة لتأمين التنفيذ الفعال للاتفاقية. ولكنها انتقت، هنا من واقع الخبرة التي استمدتها على مدى العقد الأول من دراستها لتقارير الدول الأطراف وحوارها المستمر مع الحكومات والأمم المتحدة والوكالات ذات الصلة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وغيرها من الهيئات المختصة، بعض النصائح الرئيسية لتقديمه ا إلى الدول.

27- وتعتقد اللجنة أن تنفيذ الاتفاقية بفعالية يتطلب تنسيقاً واضحاً بين جميع القطاعات للاعتراف بحقوق الطفل وإعمالها في سائر الدوائر الحكومية، بين المستويات المختلفة في الحكومة وبين الحكومة والمجتمع المدني، بما في ذلك الأطفال والشباب أنفسهم بوجه خاص. ومن الثابت أن كثيراً من الإدارات الحكومية المختلفة وغيرها من الهيئات الحكومية أو شبه الحكومية تؤثر على حياة الأطفال وعلى تمتعهم بحقوقهم. وقليلة هي الإدارات الحكومية، إن وجدت، التي لا تؤثر على حياة الأطفال بشكل مباشر أو غير مباشر. ويلزم رصد التنفيذ بدق ة ويجب أن يشكل هذا الرصد جزءاً لا يتجزأ من عملية الحكومة على جميع المستويات، وإن وجب أيضاً إجراء رصد مستقل من جانب المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية ومن جانب هيئات أخرى.

ألف - وضع استراتيجية وطنية شاملة نابعة من الاتفاقية

28- إذا أريد ل لحكومة ككل وعلى جميع المستويات أن تعزز وتحترم حقوق الطفل، فلا بد أن يستند عملها إلى استراتيجية وطنية موحدة وشاملة وقائمة على الحقوق ونابعة من الاتفاقية.

29- وتوصي اللجنة بوضع استراتيجية وطنية شاملة أو خطة عمل وطنية للطفل بالاستناد إلى إطار الاتفاقية. وتتوق ع اللجنة من الدول الأطراف مراعاة التوصيات التي تقدمها في ملاحظاتها الختامية على تقاريرها الدورية عند وضع و/أو استعراض استراتيجياتها الوطنية. وإذا أريد لهذه الاستراتيجية أن تكون فعالة، فيجب أن تكون لها صلة بحالة جميع الأطفال وبجميع الحقوق المنصوص عليها في ا لاتفاقية. ويجب أن يتم وضعها بإجراء عملية تشاور تشمل الأطفال والشباب والذين يعيشون ويعملون معهم. وكما أشير أعلاه (الفقرة 12) فإن إجراء تشاور جاد مع الأطفال يتطلب توفير مواد وعمليات خاصة ملائمة لهم؛ إذ إن الأمر لا يتعلق فقط بمنح الأطفال سبل الوصول إلى العملي ات التي يقوم بها البالغون.

30- ولا بد من الاهتمام بوجه خاص بتعيين مجموعات الأطفال المهمشين والمتضررين وإيلائهم الأولوية. ويقضي مبدأ عدم التمييز الوارد في الاتفاقية بضرورة الاعتراف لجميع الأطفال الخاضعين لولاية الدول القضائية بجميع الحقوق المكفولة بالاتفاقي ة. وكما وردت الإشارة إلى ذلك في الفقرة 12 أعلاه، فإن مبدأ عدم التمييز لا يحول دون اتخاذ تدابير خاصة لتقليل التمييز.

31- ولتكون للاستراتيجية حجتها، يجب الموافقة عليها على أعلى مستويات الحكومة. ولا بد أيضاً من ربطها بالتخطيط الإنمائي الوطني وإدراجها في الميز نة الوطنية؛ وإلا، ستظل مهمشة خارج عمليات صنع القرارات الرئيسية.

32- ويجب ألا تكون الاستراتيجية مجرد قائمة بنوايا حسنة، بل يجب أن تشمل وصفاً لعملية مستدامة لإعمال حقوق الطفل في سائر أنحاء الدولة؛ ويجب أن تتعدى بيانات السياسة والمبادئ لتحديد أهداف حقيقية وقا بلة للتنفيذ فيما يتعلق بالمجموعة الكاملة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية لصالح جميع الأطفال. ويمكن إعداد الاستراتيجية الوطنية الشاملة في خطط عمل وطنية تتناول قطاعات بعينها - مثلا قطاعي التعليم والصحة - تحدد فيها أهداف معينة، و تدابير تنفيذ مستهدفة، وتخصص لها موارد مالية وبشرية. وستحدد الاستراتيجية أولويات بطبيعة الحال، ولكن لا ينبغي لها أن تهمل أو تضعف بأي حال الالتزامات المفصلة التي قبلتها الدول الأطراف بموجب الاتفاقية. وينبغي توفير موارد بشرية ومالية كافية للاستراتيجية.

33- وإ عداد الاستراتيجية الوطنية ليس مهمة يتم تنفيذها دفعة واحدة. إذ ينبغي، بعد صياغتها، نشرها على نطاق واسع على جميع الدوائر الحكومية والجمهور، بمن فيه الأطفال (بترجمتها إلى نصوص صالحة للأطفال ووضعها في لغات وأشكال ملائمة). ويجب أن تشمل ترتيبات لرصدها واستعراضها باستمرار وتحديثها بانتظام وتقديم تقارير دورية بشأنها إلى البرلمان والجمهور.

34- وكانت "خطط العمل الوطنية" التي شُجعت الدول على وضعها بعد انعقاد مؤتمر القمة العالمي الأول من أجل الطفل في عام 1990 تتعلق بالالتزامات الخاصة التي حددتها الدول التي حضرت مؤتمر ا لقمة (9) . وفي عام 1993، دعا إعلان وبرنامج عمل فيينا، اللذان اعتمدهما المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، الدول إلى إدراج اتفاقية حقوق الطفل في خطط عملها الوطنية المتعلقة بحقوق الإنسان (10) .

35- والوثيقة الختامية للدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة الت ي عقدت من أجل الطفل في عام 2002 تلزم هي الأخرى الدول "بأن تضع أو تعزز على وجه السرعة، إن أمكن بنهاية عام 2003، خطط عمل وطنية، وإقليمية حسب الاقتضاء، تتضمن طائفة من الأهداف والغايات المعينة المحددة زمنياً والممكن قياسها وتستند إلى خطة العمل هذه ..." (11) . وت رحب اللجنة بالتعهدات التي اتخذتها الدول لبلوغ الأهداف والغايات المحددة في الدورة الاستثنائية من أجل الطفل والتي تم تعيينها في الوثيقة الختامية المعنونة عالم صالح للأطفال. ولكن اللجنة تشدد على أن اتخاذ تعهدات خاصة في اجتماعات عالمية لا يقلل بحال من الأحوال الالتزامات القانونية الملقاة على عاتق الدول الأطراف بموجب الاتفاقية. وبالمثل، فإن إعداد خطط عمل محددة للاستجابة للدورة الاستثنائية لا يقلل الحاجة إلى وضع استراتيجية تنفيذ شاملة للاتفاقية. وينبغي للدول أن تدرج استجابتها للدورة الاستثنائية المعقودة عام 2002 وللمؤتمرات العالمية الأخرى ذات الصلة في استراتيجيتها الشاملة لتنفيذ الاتفاقية ككل.

36- وتشجع الوثيقة الختامية الدول الأطراف أيضا على "أن تنظر في تضمين تقاريرها المقدمة إلى لجنة حقوق الطفل معلومات عن التدابير المتخذة والنتائج المحققة في تنفيذ خطة العمل هذه" (12) . وتوافق اللجنة على هذا الاقتراح؛ وهي ملتزمة برصد التقدم المحرز للوفاء بالتعهدات المتخذة في الدورة الاستثنائية وستقدم إرشادات أخرى في مبادئها التوجيهية المنقحة والمتعلقة بتقديم تقارير دورية بموجب الاتفاقية.

باء - تنسيق إعمال حقوق الطفل

37- لدى دراسة تق ارير الدول الأطراف توصلت اللجنة بصورة شبه دائمة إلى أنه من الضروري تشجيع المزيد من التنسيق الحكومي لضمان التنفيذ الفعال: التنسيق بين إدارات الحكومة المركزية، وبين مختلف المقاطعات والمناطق، والغرض من التنسيق هو ضمان احترام جميع مبادئ الاتفاقية ومعاييرها بال نسبة للأطفال الخاضعين لولاية الدولة؛ وألا يقتصر الاعتراف بالالتزامات الملازمة للتصديق على الاتفاقية أو الانضمام إليها على الإدارات الكبيرة التي لها تأثير كبير على الأطفال - التعليم أو الصحة أو الرفاه وما إلى ذلك - ولكن أن تعترف بها الحكومة كلها، بما فيها ع لى سبيل المثال الإدارات المعنية بالتمويل، والتخطيط، والعمل والدفاع، وعلى جميع المستويات.

38- وترى اللجنة أنه من غير المستصوب لها، بوصفها هيئة تعاهدية، أن تفرض ترتيبات تفصيلية ملائمة على نظم حكومية مختلفة جداً في الدول الأطراف. وهناك العديد من الطرق الرسمية وغير الرسمية لتحقيق التنسيق الفعال، بما في ذلك اللجان المشتركة بين الوزارات واللجان المشتركة بين الإدارات المعنية بالطفل. وتقترح اللجنة أن تقوم الدول الأطراف، إذا لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل، باستعراض الآلية الحكومية من منظور تنفيذ الاتفاقية ولا سيما المواد الأربع التي تم تحديدها بوصفها توفر مبادئ عامة (انظر الفقرة 12).

39- وقد أنشأت دول أطراف كثيرة على نحو مفيد إدارة أو وحدة محددة على مقربة من قلب الحكومة، وفي بعض الحالات في مكتب الرئيس أو مكتب رئيس الوزراء أو ديوان مجلس الوزراء، بهدف تنسيق السياسات المتعلق ة بالطفل. وكما ذُكر أعلاه، فإن جميع الإجراءات التي تتخذها كل الإدارات الحكومية تقريباً تؤثر على حياة الأطفال. ومن غير العملي تجميع المسؤولية عن كل الخدمات التي تتعلق بالأطفال في إدارة واحدة، وعلى أية حال، فإن القيام بذلك يمكن أن ينطوي على خطر يتمثل في مزيد من تهميش الأطفال في الحكومة. ولكن يمكن لوحدة خاصة، إذا ما أُعطيت درجة عالية من السلطة - أن تقدم على سبيل المثال تقارير إلى رئيس الوزراء أو الرئيس أو لجنة وزارية معنية بالطفل - وأن تسهم في كل من الهدف الإجمالي المتمثل في جعل الأطفال أكثر ظهوراً داخل الحكوم ة وضمن التنسيق لكفالة احترام حقوق الطفل فيها، وعلى جميع مستوياتها. ويمكن أن تُسند إلى هذه الوحدة مسؤولية وضع استراتيجية شاملة تتعلق بالأطفال ورصد تنفيذها، فضلاً عن تنسيق عملية تقديم التقارير بموجب الاتفاقية.

جيم - اللامركزية والفيدرالية والتفويض

40- رأت ال لجنة أنه من الضروري التأكيد لكثير من الدول أن لا مركزية السلطة، من خلال التنازل عن السلطة والتفويض من جانب الحكومة، لا يقلل بأي حال من الأحوال من المسؤولية المباشرة لحكومة الدولة الطرف من الوفاء بالتزاماتها تجاه كل الأطفال الخاضعين لولايتها، بصرف النظر عن هيكل الدولة.

41- وتكرر اللجنة أن الدول التي صدقت على الاتفاقية أو انضمت إليها تظل في جميع الأحوال مسؤولة عن كفالة التنفيذ الكامل للاتفاقية في جميع أنحاء الأقاليم الخاضعة لولايتها. ويتعين على الدول الأطراف في أي عملية من عمليات التنازل عن السلطة أن تتأكد م ن أن الإدارات التي نقلت إليها السلطة تمتلك بالفعل الموارد المالية والبشرية وغيرها من الموارد اللازمة لتفي بمسؤولياتها بفعالية فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاقية. كما يتعين على حكومات الدول الأطراف أن تحتفظ بسلطة طلب الامتثال التام للاتفاقية من الإدارات أو السلطات المحلية التي تم تفويضها، ويجب عليها أن تنشئ آليات رصد دائمة لضمان احترام وتطبيق الاتفاقية لجميع الأطفال الخاضعين لولايتها دون تمييز. وعلاوة على ذلك يجب أن تكون هناك ضمانات لكفالة أن اللامركزية أو التنازل عن السلطة لا يؤديان إلى التمييز في تمتع الأطفال بال حقوق في شتى المناطق.

دال - الخصخصة

42- يمكن لعملية خصخصة الخدمات أن تؤثر تأثيراً خطيراً على الاعتراف بحقوق الطفل وإعمالها. وقد كرست اللجنة يوم مناقشتها العامة لعام 2002 لموضوع "القطاع الخاص كمقدم للخدمات ودوره في إعمال حقوق الطفل"، الذي يعرف القطاع الخاص ع لى أنه يشمل المشاريع التجارية، والمنظمات غير الحكومية وغيرها من الجمعيات الخاصة، التي تهدف أو لا تهدف إلى الربح على حد سواء. وفي أعقاب يوم المناقشة العامة هذا، اعتمدت اللجنة توصيات مفصلة استرعت اهتمام الدول الأطراف إليها (13) .

43- وشددت اللجنة على أن الدول الأطراف في الاتفاقية ملزمة قانوناً باحترام حقوق الطفل وكفالتها على النحو المنصوص عليه في الاتفاقية، بما في ذلك الالتزام بضمان أن يتصرف موردو الخدمات غير الحكوميين وفقاً لأحكامها، ومن ثم إيجاد التزامات غير مباشرة على مثل هذه الجهات الفاعلة.

44- وتشدد اللجنة على أن تمكين القطاع الخاص من توفير الخدمات، وإدارة مؤسسات وما إلى ذلك لا يقلل بأي صورة من الصور من التزام الدولة بأن تكفل لجميع الأطفال الخاضعين لولايتها الاعتراف والإعمال الكاملين لجميع الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية (المادتان 2(1) و3(2)). وتنص المادة 3(1) على أن يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها هيئات عامة أو خاصة. وتقتضي المادة 3(3) قيام الهيئات المختصة (هيئات ذات اختصاص قانوني مناسب) بوضع معايير قانونية ملائمة، وخاصة في مجال الصحة، وفيما يتع لق بعدد الموظفين وصلاحيتهم للعمل - وهذا يتطلب تفتيشاً صارماً لضمان الامتثال للاتفاقية. وتقترح اللجنة استحداث آلية أو عملية رصد دائمة تهدف إلى التأكد من احترام جميع مقدمي الخدمات الحكوميين وغير الحكوميين للاتفاقية.

هاء - رصد التنفيذ - الحاجة إلى تقييم التأث ير على الأطفال وتقديره

45- لضمان أن مصالح الطفل الفضلى تشكل الاعتبار الأول في جميع الإجراءات المتعلقة بالأطفال (المادة 3(1))، وأن جميع أحكام الاتفاقية تحظى بالاحترام في وضع التشريعات السياسية وتنفيذها على جميع مستويات الحكومة، فإن الأمر يتطلب عملية متواصلة تتمثل في تقييم التأثير على الأطفال (تتنبأ بتأثير أي قوانين أو سياسات أو مخصصات في الميزانية مقترحة تمس الأطفال وتمتعهم بحقوقهم) وتقييم التأثير على الأطفال (تقييم التأثير الفعلي للتنفيذ). ولا بد من استحداث هذه العملية داخل الحكومة وعلى جميع المستويات في أق رب وقت ممكن عند وضع السياسات.

46- ويجب على الحكومة أن تجري رصداً وتقييماً ذاتيين. ولكن اللجنة ترى أيضاً أنه من الأساسي القيام برصد مستقل للتقدم المحرز في التنفيذ من جانب، على سبيل المثال، اللجان البرلمانية، والمنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الأكاديمية، وال جمعيات المهنية، وجماعات الشباب والمؤسسات المستقلة المعنية بحقوق الإنسان (انظر الفقرة 65 أدناه).

47- وتثني اللجنة على بعض الدول التي اعتمدت تشريعاً يقضي بإعداد بيانات رسمية لتحليل الأثر وتقديمها إلى البرلمان و/أو الجمهور. وينبغي لكل دولة أن تنظر في كيفية ضم ان الامتثال للمادة 3(1) والقيام بذلك بطريقة تشجع بصورة أكبر على إدماج الأطفال بشكل واضح في وضع السياسات وعلى الحساسية حيال حقوقهم.

واو - جمع وتحليل البيانات ووضع المؤشرات

48- يشكل جمع البيانات الكافية والموثوقة بشأن الأطفال، والمفصلة على نحو يمكن من تحديد التمييز و/أو التفاوتات في إعمال الحقوق، جزءاً أساسياً من التنفيذ. وتعيد اللجنة إلى أذهان الدول الأطراف أن جمع البيانات يجب أن يمتد ليشمل فترة الطفولة بأكملها، حتى سن الثامنة عشرة. كذلك يجب أن يتم تنسيقه في جميع أنحاء الولاية، مع تأمين مؤشرات قابلة للتطبيق على المستوى الوطني. وينبغي للدول أن تتعاون مع معاهد البحوث المناسبة وأن تهدف إلى رسم صورة كاملة للتقدم المحرز صوب التنفيذ، وذلك بإجراء دراسات نوعية وكمية على السواء. وتتطلب المبادئ التوجيهية المتصلة بتقديم التقارير أن تتضمن التقارير الدورية معلومات إحصائية مفصلة ومبوبة وغيرها من المعلومات التي تغطي كل مجالات الاتفاقية. غير أنه من الضروري عدم الاكتفاء بإنشاء نظم فعالة لجمع البيانات بل ينبغي العمل على تقييم البيانات التي يتم جمعها واستخدامها في تقييم التقدم المحرز في التنفيذ، وتحديد المشاكل وإحاطة واضعي السيا سات المتعلقة بالأطفال علماً بها. ويتطلب التقييم وضع مؤشرات تتصل بجميع الحقوق المكفولة في الاتفاقية.

49- وتثني اللجنة على الدول الأطراف التي تصدر مطبوعاً سنوياً يتضمن التقارير الشاملة عن حالة حقوق الطفل في كافة مناطق ولايتها. ومن شأن إصدار ونشر هذه التقارير ومناقشتها على نطاق واسع، بما في ذلك داخل البرلمان، أن يوفر نقطة تركيز لالتزام جماهيري عريض القاعدة. ومن الضروري، إصدار ترجمات، بما فيها ترجمات مناسبة للأطفال، بغية إشراك الأطفال والأقليات في هذه العملية.

50- وتشدد اللجنة على أنه في كثير من الحالات، يكون ا لأطفال وحدهم في وضع يسمح بتوضيح ما إذا كان يجري الاعتراف بحقوقهم وتنفيذها بالكامل وفي الغالب يشكل التحاور مع الأطفال واستخدامهم كباحثين (مع الضمانات الملائمة) وسيلة هامة لمعرفة، على سبيل المثال، إلى أي مدى تُحترم حقوقهم المدنية، بما فيها الحق البالغ الأهمي ة المنصوص عليه في المادة 12، والمتمثل في الاستماع إلى آراء الطفل وإيلاء هذه الآراء الاعتبار الواجب، داخل الأسرة، وفي المدارس وما إلى ذلك.

زاي - مراعاة احتياجات الأطفال في الميزانيات

51- أولت اللجنة، في مبادئها التوجيهية المتصلة بتقديم التقارير وعند نظرها ف ي تقارير الدول الأطراف، اهتماماً كبيراً بتحديد وتحليل الموارد المخصصة للأطفال في الميزانيات الوطنية وغيرها من الميزانيات (14) . ولا يمكن لأي دولة أن تذكر ما إذا كانت تفي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية "بأقصى ما تسمح به ... الموارد المتاحة"، كما هي مطالبة أن تفعل بموجب المادة 24 ما لم يكن في مقدورها تحديد النسبة المخصصة في ميزانيتها الوطنية وفي غيرها من الميزانيات، للقطاع الاجتماعي، وتلك المخصصة للأطفال في إطاره، المباشر منها وغير المباشر على السواء. وزعمت بعض الدول أنه من غير الممكن تحليل الميزانيات الوطنية بهذه الطريقة. غير أن دولاً أخرى فعلت ذلك ونشرت "الميزانيات السنوية المخصصة للأطفال". وتحتاج اللجنة إلى معرفة الخطوات التي يتم اتخاذها على جميع مستويات الحكومة لضمان أن يتم التخطيط وصنع القرارات في المجالين الاقتصادي والاجتماعي واتخاذ القرارات المت علقة بالميزانية بمراعاة مصالح الطفل الفضلى بوصفها الاعتبار الأول، وأن يحظى الأطفال، بمن فيهم بصورة خاصة الفئات المهمشة والمحرومة من الأطفال، بالحماية من الآثار السلبية للسياسات الاقتصادية أو حالات الانكماش المالي.

52- وبعد أن شددت اللجنة على أن السياسات ال اقتصادية غير محايدة على الإطلاق في أثرها على حقوق الأطفال، أعربت عن قلقها الشديد إزاء الآثار السلبية على الأطفال التي كثيراً ما تترتب على برامج التكيف الهيكلي وعملية الانتقال إلى اقتصاد السوق. وتتطلب مهام تنفيذ المادة 4 وغيرها من أحكام الاتفاقية رصداً حازم اً للآثار المترتبة على هذه التغييرات وتكييفاً للسياسات لحماية حقوق الطفل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

حاء - التدريب وبناء القدرات

53- تشدد اللجنة على التزام الدول بتوفير التدريب وبناء القدرات لجميع المشاركين في عملية التنفيذ - أي موظفو الحكومة، والبرل مانيون وأعضاء السلطة القضائية - ولجميع الذين يعملون مع الأطفال ومن أجلهم. وهم، على سبيل المثال، قادة المجتمع وكبار رجال الدين، والمعلمون، والإحصائيون الاجتماعيون وغيرهم من المهنيين، بمن فيهم هؤلاء الذين يعملون مع الأطفال في مؤسسات وأماكن الاحتجاز، والشرطة والقوات المسلحة، بما فيها قوات حفظ السلام، وهؤلاء الذين يعملون في وسائط الإعلام وكثيرون غيرهم، ولا بد أن يكون التدريب منتظماً ومستمراً - التدريب الأولي - وإعادة التدريب. ويتمثل الغرض من التدريب في التأكيد على وضع الطفل بوصفه متمتعاً بحقوق الإنسان، وزيادة ا لمعرفة بالاتفاقية وفهمها بدرجة أكبر وتشجيع الاحترام النشيط لجميع أحكامها. وتتوقع اللجنة أن تتجلى الاتفاقية في المناهج التدريبية المهنية، وفي مدونات السلوك والمناهج التعليمية على جميع المستويات. كما تشجع بطبيعة الحال فهم ومعرفة حقوق الإنسان بين الأطفال أنفس هم، من خلال المناهج المدرسية وبطرق أخرى (انظر أيضاً الفقرة 69 أدناه وتعليق اللجنة العام رقم 1(2001) بشأن أهداف التعليم).

54- وتتطرق المبادئ التوجيهية التي وضعتها اللجنة للتقارير الدورية إلى الكثير من أشكال التدريب، بما فيها التدريب المتخصص، اللازمة إذا ما أريد أن يتمتع الأطفال بحقوقهم. وتسلط الاتفاقية الضوء على أهمية الأسرة في ديباجة الاتفاقية وفي العديد من موادها. ومن المهم بشكل خاص أن يُدرج تعزيز حقوق الطفل في عملية الإعداد للأبوية والأمومة وفي ثقافة الوالدين.

55- وينبغي إجراء تقييم دوري لفعالية التدريب، واستعراض، ليس فحسب الدراية بالاتفاقية وأحكامها، وإنما أيضاً مدى إسهامها في تطوير المواقف والممارسات التي تعزز بنشاط تمتع الأطفال بحقوقهم.

طاء - التعاون مع المجتمع الدولي

56- يعتبر التنفيذ التزاماً يقع على عاتق جميع الدول الأطراف، ولكنه يحتاج إلى إشراك جم يع قطاعات المجتمع، بما فيها الأطفال ذاتهم. وتسلم اللجنة بأن المسؤوليات عن احترام حقوق الطفل وكفالتها تتجاوز في الممارسة الدولة والخدمات والمؤسسات المملوكة للدولة لتشمل الأطفال والآباء والأسر المعيشية، وبالغين آخرين، وخدمات ومنظمات غير حكومية. وتتفق اللجنة، على سبيل المثال، مع ما جاء في التعليق العام رقم 14(2000) للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشأن الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، الفقرة 42 التي تنص على ما يلي: "ولئن كانت الدول وحدها هي الأطراف في العهد، وبالتالي فهي ال مسؤولة في نهايـة المطاف عـن الامتثال لـه، فإن جميع أعضاء المجتمع - الأفراد، بمن فيهم الموظفون الصحيون، والمجتمعات المحلية، والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن قطاع الأعمال التجارية الخاصة - يتحملون مسؤوليات ف يما يتعلق بإعمال الحق في الصحة. ومن ثم ينبغي للدول الأطراف أن تهيئ مناخاً ييسر الوفاء بهذه المسؤوليات".

57- وتقتضي المادة 12 من الاتفاقية، كما تم التأكيد عليه آنفاً (انظر الفقرة 12 أعلاه)، إيلاء آراء الطفل الاعتبار الواجب في جميع المسائل التي تمسه، بما في ذلك وببساطة تنفيذ الاتفاقية "الخاصة بهم".

58- ويتعين على الدولة أن تعمل على نحو وثيق مع المنظمات غير الحكومية بالمعنى الواسع، مع احترام استقلالها الذاتي؛ وهي تشمل، على سبيل المثال، المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، والمنظمات التي يترأسها الأطفال والشباب، ومجموعات الشباب، والمنظمات القائمة على العقيدة، والمؤسسات الأكاديمية، والجمعيات المهنية. وقد اضطلعت المنظمات غير الحكومية بدور هام في صياغة الاتفاقية ومشاركتها في عملية التنفيذ أمر حيوي.

59- وترحب اللجنة بتكوين التحالفات والائتلافات بين المنظمات غير الحكومية الملتزمة بتعزيز حقوق الإنسان للطفل وحمايتها ورصدها وتحث الحكومات على تقديم الدعم غير التوجيهي لها وإقامة علاقات إيجابية رسمية وكذلك غير رسمية معها. وفي حالات كثيرة، أعطت مشاركة المنظمات غير الحكومية في عملية تقديم التقارير بموجب الاتفاقية، وال تي تندرج تحت تعريف "الهيئات المختصة" بموجب المادة 45(أ)، زخماً حقيقياً لعملية التنفيذ فضلاً عن عملية تقديم التقارير. ولمجموعة المنظمات غير الحكومية المعنية باتفاقية حقوق الطفل أثر جد إيجابي وداعم وقوي، على عملية تقديم التقارير وعلى جوانب أخرى من عمل اللجنة . وتؤكد اللجنة في مبادئها التوجيهية أن عملية إعداد تقرير "ما ينبغي أن تشجع وتيسر المشاركة الشعبية والمراقبة العامة للسياسات الحكومية" (15) . ويمكن لوسائط الإعلام أن تكون شريكاً ذا قيمة في عملية التنفيذ (انظر أيضاً الفقرة 70).

ياء - التعاون الدولي

60- تشدد ال مادة 4 على أن تنفيذ الاتفاقية هو ممارسة تعاونية لدول العالم. وتبرز هذه المادة ومواد أخرى في الاتفاقية الحاجة إلى التعاون الدولي (16) . ويحدد ميثاق الأمم المتحدة (المادتان 55 و56) المقاصد الإجمالية للتعاون الاقتصادي والاجتماعي الدولي، وتعهد الأعضاء بموجب المي ثاق "بأن يقوموا مشتركين أو منفردين بما يجب عليهم من عمل بالتعاون مع المنظمة" لتحقيق هذه المقاصد. وفي إعلان الألفية الصادر عن الأمم المتحدة، وفي اجتماعات عالمية أخرى، بما فيها دورة الجمعية العامة الاستثنائية المعنية بالطفل، تعهدت الدول، بشكل خاص، بالتعاون ا لدولي للقضاء على الفقر.

61- وتنصح اللجنة الدول الأطراف بأن تعتبر الاتفاقية إطاراً للمساعدة الإنمائية الدولية المتصلة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالأطفال، وبأن تقوم برامج الدول المانحة على أساس يستند إلى الحقوق. وتحث اللجنة الدول على تحقيق الأهداف المتفق عل يها دولياً، بما فيها هدف الأمم المتحدة المتمثل في تخصيص 0.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمساعدة الإنمائية الدولية. وأعيد التأكيد على هذا الهدف إلى جانب أهداف أخرى في توافق آراء مونتيري، المنبثق عن المؤتمر الدولي بشأن تمويل التنمية لعام 2002 (17) . و تشجع اللجنة الدول الأطراف التي تتلقى معونة ومساعدة دوليتين على تخصيص جزء كبير من هذه المعونة للأطفال تحديداً. وتتوقع اللجنة أن تتمكن الدول الأطراف من أن تحدد على أساس سنوي مبلغ ونسبة الدعم المالي المخصص لإعمال حقوق الطفل.

62- وتؤيد اللجنة أهداف مبادرة 20/2 0، لتأمين حصول الجميع على الخدمات الاجتماعية الأساسية ذات النوعية الجيدة على أساس مستدام، بوصف ذلك مسؤولية مشتركة بين الدول النامية والدول المانحة. وتلاحظ اللجنة أن الاجتماعات الدولية المعقودة لاستعراض التقدم خلصت إلى أن دولاً عديدة ستواجه صعوبة في الوفاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية ما لم يتم تخصيص موارد إضافية وزيادة الفعالية في تخصيص الموارد. وتحيط اللجنة علماً بالجهود المبذولة من أجل الحد من الفقر في البلدان المثقلة بالديون من خلال أوراق استراتيجية الحد من الفقر، وتشجع هذه الجهود. ويجب أن تتض من ورقات استراتيجية الحد من الفقر تركيزاً قوياً على حقوق الأطفال، بوصفها الاستراتيجية القطرية المركزية لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وتحث اللجنة الحكومات، والجهات المانحة والمجتمع المدني على ضمان أن يحظى الطفل بأولوية بارزة لدى وضع ورقات استراتيجية الح د من الفقر ونُهُج التنمية الشاملة للقطاعات. وينبغي أن تعكس كل من ورقات استراتيجية الحد من الفقر ونُهُج التنمية الشاملة للقطاعات مبادئ حقوق الطفل، بالإضافة إلى نهج شامل يركز على الطفل بوصفه صاحب حقوق وإدماج المقاصد والأهداف الإنمائية ذات الصلة بالأطفال.

63- وتشجع اللجنة الدول على توفير واستخدام المساعدة التقنية، حسب الاقتضاء، في عملية تنفيذ الاتفاقية. ويمكن لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وغيرهما من الوكالات التابعة للأمم المتحدة، والوكالات ذات الصلة بالأمم المتحدة أن تقدم المسا عدة التقنية في جوانب كثيرة من التنفيذ. وتشجع اللجنة الدول الأطراف على تحديد جوانب المساعدة التقنية التي تهمها في التقارير المقدمة بموجب الاتفاقية.

64- وينبغي لجميع وكالات الأمم المتحدة والوكالات ذات الصلة بالأمم المتحدة أن تسترشد بالاتفاقية في تشجيعها للتع اون الدولي والمساعدة التقنية، وينبغي لها أن تدمج حقوق الطفل في كل أنشطتها. وينبغي لها أن تسعى في إطار نفوذها إلى ضمان أن يوجه التعاون الدولي صوب مساعدة الدول في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية. وبالمثل، ينبغي لمجموعة البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي وم نظمة التجارة العالمية أن تولي الأنشطة المتصلة بالتعاون الدولي والتنمية الاقتصادية الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى وأن تشجع التنفيذ الكامل للاتفاقية.

كاف - المؤسسات المستقلة لحقوق الإنسان

65- تلاحظ اللجنة، في تعليقها العام رقم 2(2002) المعنون "دور المؤسس ات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان في حماية وتعزيز حقوق الطفل" أنها "تعتبر أن إنشاء مثل هذه الهيئات يقع في إطار الالتزام الذي تتعهد به الدول الأطراف عند التصديق على الاتفاقية لضمان تنفيذها والنهوض بالإعمال العالمي لحقوق الطفل". وتعتبر مؤسسات حقوق الإنسان ال مستقلة مكملة للهياكل الحكومية الفعالة المعنية بالطفل؛ وأهم عناصرها هو الاستقلال: "يتمثل دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في القيام بصورة مستقلة برصد امتثال الدولة للاتفاقية وما تحرزه من تقدم في تنفيذها وتقوم بكل ما في وسعها لضمان الاحترام الكامل لحقوق ال طفل. وفي حين أن ذلك قد يتطلب من المؤسسة أن تضع مشاريع لتعزيز وحماية حقوق الطفل، فينبغي ألا يؤدي هذا إلى أن تسند الحكومة التزاماتها المتعلقة بالرصد إلى المؤسسة الوطنية. فمن الضروري أن تظل هذه المؤسسات حرة تماماً في وضع جدول أعمالها وتحديد أنشطتها" (18) . ويوف ر التعليق العام رقم 2 إرشادات مفصلة بشأن إنشاء مؤسسات حقوق الإنسان المستقلة المعنية بالطفل وأساليب عملها.

المادة 42: تعريف الكبار والأطفال في الاتفاقية

"تتعهد الدول الأطراف بأن تنشر مبادئ الاتفاقية وأحكامها على نطاق واسع بالوسائل الملائمة والفعالة، بين الكبار والأطفال على السواء".

66- يحتاج الأفراد إلى معرفة ما هي حقوقهم. وتقليدياًً، لم يكن ينظر إلى الأطفال في معظم المجتمعات، إن لم يكن جميعها، على أنهم أصحاب حقوق. ومن ثم تكتسب المادة 42 أهمية خاصة. وإذا كان البالغون المحيطون بالأطفال، أي والديهم وأفراد ا لأسرة الآخرون، والمدرسون، والقائمون على رعايتهم، لا يفهمون آثار الاتفاقية، وفي المقام الأول الوضع المتساوي للأطفال بوصفهم أصحاب حقوق، فلا يُرجح على الإطلاق أنه سيتم إعمال الحقوق الواردة في الاتفاقية بالنسبة للكثير من الأطفال.

67- وتقترح اللجنة أن تضع الدول استراتيجية شاملة لنشر المعارف المتعلقة بالاتفاقية في المجتمع بأسره، وينبغي لهذا أن تتضمن معلومات عن الهيئات - الحكومية والمستقلة - المشاركة في التنفيذ والرصد وعن كيفية الاتصال بها. ومن الأساسي أن تتم إتاحة نص الاتفاقية على نطاق واسع وبجميع اللغات (تثني ال لجنة على ما قامت به مفوضية حقوق الإنسان من جمع ترجمات الاتفاقية الرسمية وغير الرسمية). وهناك حاجة إلى وضع استراتيجية لنشر الاتفاقية بين الأميين. وأعدت اليونيسيف ومنظمات غير حكومية في دول عديدة طبعات من الاتفاقية ملائمة للطفل من أجل الأطفال من شتى الأعمار - وهي عملية ترحب بها اللجنة وتشجعها؛ وينتظر أيضاً من هذه الطبعات أن تطلع الأطفال على مصادر المساعدة والمشورة.

68- ومن الضروري أن يكتسب الأطفال المعرفة فيما يتصل بحقوقهم وتشدد اللجنة بشكل خاص على إدماج التعلم بشأن الاتفاقية وحقوق الإنسان ضمن المناهج المدرسية في جميع المراحل. وينبغي أن يُقرأ تعليق اللجنة العام رقم 1(2001) المعنون "أهداف التعليم" (المادة 29، الفقرة 1) بالاقتران مع هذا. وتقضي الفقرة 1 من المادة 29 أن يكون تعليم الطفل موجهاً نحو "... تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ...". ويؤكد التعليق العام على ما يلي: "ينبغي أن يوفّر تعليم حقوق الإنسان معلومات عن مضمون معاهدات حقوق الإنسان. غير أن من اللازم أيضاً أن يتعلم الأطفال حقوق الإنسان بمشاهدة معاييرها تطبق على أرض الواقع سواء في البيت أو المدرسة أو داخل المجتمع. وينبغي أن يكون تعليم حقوق الإنس ان عملية شاملة تستمر مدى الحياة وتبدأ بتجلي قيم هذه الحقوق في الحياة اليومية للطفل وتجاربه" (19) .

69- وبالمثل، يلزم إدماج التعلم بشأن الاتفاقية في التدريب الأولي والتدريب أثناء الخدمة لجميع من يعملون مع الأطفال ومن أجلهم (انظر الفقرة 53 أعلاه). وتذكِّر اللج نة الدول الأطراف بالتوصيات التي قدمتها بعد اجتماعها بشأن تدابير التنفيذ العامة، والذي عقد للاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة لاعتماد الاتفاقية، وذكرت فيه بأن "النشر وزيادة التوعية في مجال حقوق الطفل تكون أكثر فعالية عندما ينظر إليها كعملية من التغير الاجتماع ي والتفاعل والحوار وليس عملية إلقاء محاضرات. وينبغي أن تشمل عملية زيادة التوعية جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك الأطفال والشباب. ويحق للأطفال، بما في ذلك المراهقين، أن يشاركوا في زيادة التوعية بشأن حقوقهم إلى أقصى حدود قدراتهم المتزايدة" (20) .

"وتوصي اللجن ة بأن تكون جميع الجهود الرامية إلى زيادة التدريب بشأن حقوق الطفل عملية، ومنتظمة، ومدمجة في إطار تدريب فني منتظم بغية زيادة آثارها واستمراريتها إلى أقصى حد ممكن. وينبغي للتدريب في مجال حقوق الإنسان أن يستخدم طرقاً تقوم على المشاركة، وأن يجهز الفنيين بالمهار ات والمواقف التي تمكِّنهم من التفاعل مع الأطفال والشباب بصورة تحترم حقوقهم وكرامتهم واحترامهم لنفسهم" (21) .

ويمكن لوسائط الإعلام أن تضطلع بدور حاسم في نشر الاتفاقية وفي الإلمام بها وفهمها وتشجع اللجنة مشاركتها الطوعية في هذه العملية، والتي يمكن للحكومات وا لمنظمات غير الحكومية أن تحفزها (22) .

المادة 44(6): إتاحة التقارير المقدمة بموجب الاتفاقية على نطاق واسع

"... تتيح الدول الأطراف تقاريرها على نطاق واسع للجمهور وفي بلدانها".

70- إذا ما أريد للتقارير المقدمة في إطار الاتفاقية أن تؤدي دورها الهام المطلوب في عملية التنفيذ على الصعيد الوطني، وجب تعريف الكبار والأطفال بهذه التقارير في كافة أنحاء الدولة الطرف. وتوفر عملية تقديم التقارير شكلاً فريداً من أشكال المساءلة الدولية بشأن كيفية معاملة الدول للأطفال وحقوقهم. ولكن لا يرجح أن يكون لهذه العملية تأثير كبير على حياة الأطفال، ما لم تنشر هذه التقارير وتتم مناقشتها بشكل بنّاء على الصعيد الوطني.

71- وتطلب الاتفاقية صراحة أن تتيح الدول تقاريرها للجمهور على نطاق واسع؛ وينبغي القيام بهذا عندما تقدم هذه التقارير إلى اللجنة. وينبغي أن يتاح الوصول إلى التقارير بصورة حقيقي ة، مثلاً، من خلال ترجمتها إلى جميع اللغات، وبأشكال ملائمة للأطفال وللمعوقين وما إلى ذلك. ويمكن أن تساعد شبكة الإنترنت إلى حد كبير في النشر، وتحث اللجنة بقوة الحكومات والبرلمانات بعرض هذه التقارير على مواقعها الشبكية.

72- وتحث اللجنة الدول على إتاحة جميع ال وثائق الأخرى المتعلقة بالنظر في تقاريرها بموجب الاتفاقية على نطاق واسع لتشجيع النقاش البنّاء وتنوير عملية التنفيذ على جميع المستويات. وينبغي بصورة خاصة نشر الملاحظات الختامية للجنة على الجمهور بما في ذلك الأطفال وينبغي أن تشكل موضوعاً لنقاش تفصيلي في البرل مان. ويمكن لمؤسسات حقوق الإنسان المستقلة والمنظمات غير الحكومية أن تقوم بدور حاسم في المساعدة على إجراء نقاش واسع النطاق. ومن شأن المحاضر الموجزة المتعلقة بنظر اللجنة في تقارير ممثلي الحكومات، أن تساعد في فهم العملية ومتطلبات اللجنة، وينبغي أيضاً أن تُتاح وأن تُناقش.

الحواشي

(1) تذكر اللجنة الدول الأطراف بأنه يقصد بالطفل، لأغراض الاتفاقية، "كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه" (المادة 1).

(2) في عام 1999، عقدت لجنة حقوق الطفل حلقة عمل لمدة يومين للاحت فال بذكرى مرور عشر سنوات على اعتماد اتفاقية حقوق الطفل من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة. وركزت حلقة العمل على تدابير التنفيذ العامة واعتمدت اللجنة بعد ذلك استنتاجات وتوصيات مفصلة (انظر CRC/C/90، الفقرة 291).

(3) المبادئ العامة التوجيهية المتعلقة بشك ل ومضمون التقارير الأولية التي يتعين على الدول الأطراف تقديمها وفقاً للفقرة 1(أ) من المادة 44 من الاتفاقية، CRC/C/5، 15 تشرين الأول/أكتوبر 1991؛ المبادئ العامة التوجيهية المتعلقة بشكل ومضمون التقارير الدورية التي يتعين على الدول الأطراف تقديمها وفقاً للفقر ة 1(ب) من المادة 44 من اتفاقية حقوق الطفل، CRC/C/58، 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1996.

(4) اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 3 (الدورة الثالثة عشرة، 1981)، المادة 2: تنفيذ العهد على المستوى الوطني؛ لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ا لتعليق العام رقم 3 (الدورة الخامسة، 1990)، طبيعة التزامات الدول الأطراف (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد)؛ التعليق العام رقم 9 أيضاً (الدورة التاسعة عشرة، 1998)، التطبيق المحلي للعهد؛ زيادة تفصيل عناصر معينة واردة في التعليق العام رقم 3: تنشر المفوضية السامي ة لحقوق الإنسان بانتظام تجميعاً للتعليقات العامة والتوصيات العامة المعتمدة من هيئات معاهدات حقوق الإنسان (HRI/GEN/1/Rev.6).

(5) التعليق العام رقم 3، HRI/GEN/1/Rev.6 ، الفقرة 11، ص. 16 من النص الإنكليزي.

(6) اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 18 (1989)، HRI/GEN/1/Rev.6، ص. 147 وما يليها.

(7) المبادئ العامة التوجيهية المتعلقة بشكل ومضمون التقارير الدورية التي يتعين على الدول الأطراف تقديمها وفقاً للفقرة 1(ب) من المادة 44 من اتفاقية حقوق الطفل، CRC/C/58، 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، الفقرة 11.

(8) المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، فيينا، 14-25 حزيران/يونيه 1993، "إعلان وبرنامج عمل فيينا"، A/CONF.157/23.

(9) مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل، "الإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونمائه وخطة العمل لتنفيذ الإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته و نمائه في التسعينات" CF/WSC/1990/WS-001، الأمم المتحدة، نيويورك، 30 أيلول/سبتمبر1990.

(10) المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، فيينا، 14-25 حزيران/يونيه 1993، "إعلان وبرنامج عمل فيينا"، A/CONF.157/23.

الحواشي ( تابع )

(11) عالم صالح للأطفال ، الوثيقة الختامية للدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الأطفال، 2002، الفقرة 59.

(12) المرجع ذاته، الفقرة 61(أ).

(13) لجنة حقوق الطفل، تقرير عن دورتها الحادية والثلاثين، أيلول/سبتمبر - تشرين الأول/أكتوبر 2002، يوم المناقشة العامة بشأن "القطاع الخاص كمقدم للخدمات ودوره في إعمال حقوق الطفل"، الفقرات 630-653.

(14) مبادئ توجيهية عامة تتعلق بشكل ومضمون التقارير الدورية التي يتعين على الدول الأطراف تقديمها وفقاً للفقرة 1(ب) من المادة 44 من اتفاقية حقوق الطفل، CRC/C/58، 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، الفقرة 20.

( 15) المرجع السابق، الفقرة 3.

(16) تتصل مواد الاتفاقية التالية اتصالاً صريحاً بالتعاون الدولي: المواد 7(2)؛ و11(2)؛ و17(ب)؛ و21(ه‍)؛ و22(2)؛ و23(4)؛ و24(4)؛ و27(4)؛ و28(3)؛ و34؛ و35.

(17) تقريـر المؤتمـر الدولـي لتمويل التنميـة، مونتيري، المكسيك، 18-22 آ ذار/مارس 2002 (A/CONF.198/11).

(18)HRI/GEN/1/Rev.6، الفقرة 25، الصفحتان 289-290.

(19) المرجع نفسه، الفقرة 15، الصفحة 280.

(20) انظر CRC/C/90، الفقرة 291(ك).

(21) المرجع نفسه، الفقرة 291(ل).

(22) نظمت اللجنة يوماً للمناقشة العامة بشأن موضوع "الأطفال و وسائط الإعلام" في 1996، اعتمدت فيه توصيات مفصلة (انظر CRC/C/57، الفقرة 242 وما بعدها).

المرفق الأول

التصديق على صكوك حقوق الإنسان الأساسية الدولية الأخرى

كما لوحظ في الفقرة 17 من هذا التعليق العام، فإن لجنة حقوق الطفل، كجزء من نظرها في تدابير التنفيذ الع امة، وفي ضوء مبادئ عدم قابلية حقوق الإنسان للتجزئة وترابطها، تحث الدول الأطراف دوماً، التي لم تفعل ذلك بعد، على التصديق على البروتوكولين الاختياريين الملحقين باتفاقية حقوق الطفل (بشأن إشراك الأطفال في الصراعات المسلحة وبشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي إنتاج المواد الإباحية) وعلى صكوك حقوق الإنسان الستة الدولية الرئيسية الأخرى. وكثيراً ما تشجع اللجنة الدول الأطراف خلال حوارها معها على النظر في التصديق على الصكوك الدولية الأخرى ذات الصلة. ومرفق طي هذا قائمة غير حصرية لهذه الصكوك. وستقوم اللجنة بتحديث هذه القائمة من آن لآخر.

- البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛

- البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام؛

- البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جمي ع أشكال التمييز ضد المرأة؛

- البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛

- الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم؛

- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 29 بشأن العمل الجبري، 1930؛

- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 105 بشأن إلغاء العمل الجبري، 1957؛

- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام، 1973؛

- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، 1999؛

- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 183 بشأن حماية الأمومة، 2000؛

- الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، بصيغتها المعدلة بموجب البروتوكول الخاص بوضع اللاجئين لعام 1967؛

- اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير (1949)؛

- الاتفاقية الخاصة بالرق (1926)؛

- البروتوكول المعدل للاتفاقية الخاصة بالرق (1953)؛

- الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق (1956)؛

- بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتِّجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكاف حة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، لعام 2000؛

- اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب؛

- البروتوكول الإضافي الملحق باتفاقيات جنيف المعقودة في 12 آب/أغسطس 1949، والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية (البروتوكول الأول)؛

- البروتوكول ال إضافي الملحق باتفاقيات جنيف المعقودة في 12 آب/أغسطس 1949، والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية (البروتوكول الثاني)؛

- اتفاقية حظر استعمال وتكديس وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام؛

- النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛

- اتفاقية لاهاي بشأن حماية الأطفال والتعاون في مجال التبني على الصعيد الدولي؛

- اتفاقية لاهاي بشأن الجوانب المدنية لاختطاف الأطفال على الصعيد الدولي؛

- اتفاقية لاهاي بشأن الولاية القانونية والقانون المنطبق والاعتراف والتنفيذ والتعاون في مجال المسؤولية الأبو ية والتدابير لحماية الأطفال لعام 1996.

- - - - -