الأمم المتحدة

CAT/C/51/D/376/2009

Distr.: General

23 December 2013

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب

البلاغ رقم 376/2009

القرار الذي اتخذته اللجنة في دورتها الحادية والخمسين ( 28 تشرين الأول/ أكتوبر إلى 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 )

المقدم من: جميلة بن ديب ، تمثلها منظمة الكرامة لحقوق الإنسان

الشخص المدعي أنه الضحية: منير حموش (ابن صاحبة البلاغ)

الدولة الطرف: الجزائر

تا ر يخ تقديم الشكوى: 12 كانون الثاني/يناير 2009 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ اتخاذ هذا القرار: 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2013

الموضوع: التعرض للتعذيب في مركز للشرطة، أدى إلى وفاة الضحية

المسائل الإجرائية : النظر في الطلب في إطار إجراء من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية

المسائل الموضوعية : التعذيب والعقوبة أو المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة؛ واجب الدولة الطرف السهر على قيام السلطات المختصة فوراً بإجراء تحقيق نزيه؛ الحق في تقديم شكوى؛ الحق في الحصول على تعويض 

مواد الاتفاقية : المواد 1 و2 (الفقرة 1)، و11 و12 و13 و14 و16 من الاتفاقية

ال مرفق

قرار اتخذته لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (الدورة الحادية والخمسون)

بشأن

البلاغ رقم 376 /20 09

المقدم من: جميلة بن ديب ، تمثلها منظمة الكرامة لحقوق الإنسان

الشخص المدعي أنه الضحية: منير حموش (ابن صاحبة البلاغ)

الدولة الطرف: الجزائر

تا ر يخ تقديم الشكوى: 12 كانون الثاني/يناير 2009 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،

وقد اجتمعت في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2013،

وقد فرغت من نظرها في الشكوى رقم 376 /20 09 ، المقدمة إلى لجنة مناهضة التعذيب نيابة عن منير حموش ، بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها صحبا الشكوى ومحاميهما والدولة الطرف،

تعتمد القرار التالي:

قرار اتخذ بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب

1- صاحب ة الشكوى ه ي جميلة بن ديب . وتقدم هذا البلاغ نيابة عن ابنها منير حموش ، المولود في 15 كانون الأول/ديسمبر 1980 في عين تاغروت بولاية برج بوعرريج ، حيث كان يقيم وحيث توفي في عام 2006. وتدعي صاحبة الشكوى أن منير حموش وقع ضحية انتهاك المواد 2 (الفقرة1)، و11، و12، و13، و14، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و16 من الاتفاقية. ويمثل صاحبة الشكوى محامٍ.

الوقائع كما عرض ت ها صاحب ة الشكوى

2-1 في 20 كانون الأول/ديسمبر 2006، توجّه منير حموش كعادته لأداء صلاة العشاء في أحد مساجد قرية عين تاغروت حيث كان يقيم. وبينما كان عائد اً إلى بيته بعد انتهاء الصلاة، في حدود الساعة الثامنة مساء، ألقى عدة رجال مسلحون ير ت دون زي اً مدني اً قدموا على متن مركبة ل لقبض عليه بالقرب من المكان الذي أدى فيه الصلاة. واقتيد إلى ثكنة عسكرية تتبع مديرية الاستخبارات والأمن (وهي مصلحة استخبارات تابعة للجيش مكلفة بعمليات "مكافحة الإرهاب"). وعمد رجال مديرية الاستخبارات والأمن إلى تغطية رأس منير حموش ، فلم يكن بوسعه التعرف على وجه الدقة على المكان الذي اقتيد إليه. وأفرج عنه في اليوم التالي. وتجهل صاحبة الشكوى إن كان منير حموش قد تعرض لسوء المعاملة أثناء عملية احتجازه الأولى هذه. وكان الضحية أخبر أسرته فقط أن أفراد مديرية الاستخبارات أخذوا عليه، دون تقديم تفاصيل أخرى، عدم أداء الصلاة في مسجد أقرب من منزله، وأخذوا عليه كذلك ك ونه ملتحيا ً ولبسه لباسا ً إسلاميا ً .

2-2 وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 200 6 ، أُلقي القبض على منير حموش أمام المسجد نفسه، برفقة ستة أشخاص آخرين ( ) ، على يد أفراد مديرية الاستخبارات ذاتهم الذين كانوا على متن ال م ركبة نفسها. ووفقا ً لشهادات أدلى بها في وقت لاحق أشخاص ألقي القبض عليهم في نفس الوقت الذي ألقي فيه القبض على منير حموش ، فقد اقتيد ج ميعهم، بمن فيهم منير حموش ، إلى ثكنة مديرية الاستخبارات والأمن، المعروفة باسم المركز الإقليمي للبحث والتحري بقسنطينة ، حيث تعرضوا للتعذيب في الفترة ما بين 23 كانون الأول/ ديسمبر 2006 و3 كانون الثاني/يناير 2007.

2-3 وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 2006، قدِم أشخاص بزي مدني، برفقة رجال شرطة، إلى بيت منير حموش ليبلغوا أسرته بوفاته أثناء الحبس الاحتياطي. ولم يقدم هؤلاء الأشخاص، الذين يرجح أن يكونوا من أفراد مديرية الاستخبارات والأمن، لا هوياتهم ولا صفتهم؛ واكتفوا بالقول إنهم من رجال الأمن . وبعد بضعة ساعات من ذلك، سُلّمت جثة منير حموش إلى أسرته التي لاحظت وجود آثار التعذيب على كامل جسد الضحية، لا سيما جرحٍ في رأسه وكدمات على مستوى اليدين والرجلين. وردا ً على سؤال من أحد إخوة منير حم و ش عن ملابسات وفاة أخيه، رد أحد الأفراد الذي يبدو أنه المسؤول بالقول إن منير حموش "انتحر على الأرجح"، وأن "تشريحا ً للجثة قد أجري على أية حال"، وأن "بإمكانهم [الأسرة] دفنه". وبقي أفراد مديرية الاستخبارات والأمن بمقربة من منزل الأسرة إلى أن دُفن منير حموش يوم 30 كانون الأول/ديسمبر 2006. وكانوا على ما يبدو يراقبون ردة فعل الأسرة، وكذلك الداخلين والخارجين من الجيران والأقارب. وراقب سير عملية الدفن أيضا ً عدة رجال من الشرطة ومن مديرية الاستخبارات والأمن.

2-4 وقامت أسرة منير حموش ، لاقتناعها بأنه لم ينتحر وإنما مات تحت وطأة التعذيب الذي تعرض له أثناء احتجازه في مقر لمديرية الاستخبارات والأمن، بعدة مساعٍ لكشف ملابسات وفاة الضحية. فسعت في البداية إلى معرفة مصير الأشخاص الآخرين الذين ألقي القبض عليهم في اليوم نفسه الذي ألقي فيه القبض على منير حموش ، لمحاولة الحصول على شهاداتهم. ففي 23 كانون الثاني/يناير 2007، اقتيد هؤلاء الأشخاص إلى محكمة راس الواد وقُدّموا أمام مدعي الجمهورية. واتهموا جميعا ً ب ‍  "بتبرير الإرهاب" وأودعوا الحبس الاحتياطي في سجن برج بوعرريج . ومن خلال هذه الشهادات، علمت صاحبة الشكوى أن منير حموش ، على غرار الذين سُجنوا معه، تعرض لتعذيب وحشي على أيدي أفراد من مديرية الاستخبارات والأمن في المركز الإقليمي للبحث والتحري بقسنطينة ، حيث اقتيد جميع المحبوسين بعد إلقاء القبض عليهم. وهذه الشهادات التي تتحدث عن تعرض المحبوسين للتعذيب أكدها أحد محامي المتهمين الذي وثّق عند تقديم موكليه أمام قاضي التحقيق يوم 3 كانون الثاني/يناير 2007 أن هؤلاء بادية عليهم آثار واضحة للتعذيب في يوم جلسة محاكمتهم.

2-5 وبنية تقديم شكوى، توجّه يزيد حموش ، شقيق منير حموش ، إلى محكمة راس الواد ، المختصة إقليميا ً ، ليطلب من مدعي الجمهورية نسخة من التشريح الطبي الذي أجري، حسبما أخبر أفراد مديرية الاستخبارات والأمن، على جثة منير حموش . غير أن المدعي رفض الاستجابة لهذا الطلب، وأوعز إلى يزيد حموش التوجه إلى المدعي العام في قسنطينة . وبناء على هذه التوجيهات، استقبل المدعي العام في قسنطينة يزيد حموش وأكد له أن منير حموش قد يكون انتحر، وأكد له أن تشريحا ً للجثة قد أجري، وأن تقريرا ً قد وضع في ا لموضوع. وبعد ذلك أظهر له المدعي العام لقس ن طينة وثيقة لا تحمل توقيعا ً ولا تاريخا ً قائلا ً إنها تتضمن تقرير التشريح الطبي. غير أنه رفض تسليم نسخة من هذه الوثيقة إلى يزيد حموش . وعندما طلب هذا الأخير تمكينه من الاطلاع عليها عن كثب، لم يجبه المدعي العام إلى ذلك. وأعرب يزيد حموش عن نية أسرته رفع شكوى، لكن المدعي العام رفض قبول الالتماس، مضيفا ً أن تحقيقا ً قد فُتح في الأمر على أية حال، وأن نتائج هذا التحقيق ستُبلَّغ إلى الأسرة في الوقت المناسب.

2-6 و نظرا ً لعدم الاستجابة لأي من المساعي التي قامت بها الأسرة، وجّهت صاحب ة الشكوى ، يوم 7 شباط/فبراير 2007، التماسا ً خطيا ً إلى مدعي الجمهورية في راس الواد للحصول على نسخة من تقرير التشريح الطبي على جثة منير حموش . ووجهت صاحبة الشكوى رسالة خطية أيضا ً إلى المدعي العام في قسنطينة . ولم تتلق أي رد من هذين المدعيَين. وباءت جميع المساعي التي قامت بها أسرة الضحية بالفشل وتبيّن في نهاية المطاف أن سبل الانتصاف المحلية غير متاحة وغير فعالة، بسبب الموقف السلبي من جانب النيابة والسلطات. فوفقا ً لصاحبة الشكوى، رفضت سلطات الدولة، بما فيها السلطات القضائية رفضا ً واضحا ً إقرار مسؤولية مصالح الأمن، رغم أنها متهمة بشكل مباشر، عن وفاة منير حموش . وما الاحتجاج بذريعة التحقيق الجاري التي ساقتها الدولة الطرف لرفض تسجيل دعوى قضائية إلا لحرمان الأسرة على ما يبدو من حقها في معرفة الحقيقة، وفي إيداع دعوى قضائية، والحصول على الجبر. وفضلا ً عن ذلك، لم يبلِّغ أيّ من المدعيَين اللذين توجهت إليهما أسرة منير حموش بنتائج هذا التحقيق المزعوم للأسرة. وبذلك، يكون من المعقول الاعتقاد أنه لم يجر قط أي تحقيق جدي، على اعتبار أن السلطات تعلم أن منير حموش يرجح أنه مات نتيجة للتعذيب الذي تعرض له، وتعرض له أيضا ً الأشخاص الآخرون الذين قُبض عليهم معه في وقت واحد.

2-7 وفي 16 كانون الثاني/يناير 2007، رفعت صاحبة الشكوى بلاغا ً إلى المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عن وفاة منير حموش في الحبس الاحتياطي. وفي 18 كانون الثاني/يناير 2007، قدمت بلاغا ً أيضا ً إلى المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا ً ( ) . وتشير صاحبة الشكوى أيضا ً إلى الملاحظات الختامية للجنة مناهضة التعذيب بشأن التقرير الدوري الثالث للدولة الطرف، حيث أعربت اللجنة عن قلقها إزاء المعلومات التي مؤداها أن أسرة منير حموش لم تتمكن من الاطلاع على تقرير التشريح الطبي المتعلق به ( ) . وبفضل الحوار الذي أجرته اللجنة مع الدولة الطرف في سياق النظر في تقريرها الدوري في أيار/مايو 2008، أبلغت أسرة منير حموش في آخر المطاف باسم الطبيب الذي يكون قد أجرى التشريح الطبي. وأثناء هذه المناسبة أيضا ً ، أكد ممثل حكومة الدولة الطرف أيضا ً أن بإمكان الأسرة طلب الحصول على نسخة من تقرير التشريح الطبي، وكذلك محاضر التحقيقات الأولية. وبناء على هذه المعلومات، توجّه يزيد حموش مجددا ً إلى مصالح مدعي محكمة راس الواد خلال صيف عام 2008، وكذلك إلى المدعي العام لمجلس قضاء قسنطينة ليجدد طلبات الأسرة. على أنه، بالرغم من التصريحات الرسمية للدولة الطرف، لم تتمكن الأسرة قط من الحصول على نسخة من تقرير التشريح الطبي. وترى صاحبة الشكوى أنه من المعقول التأكيد أن هذا التقرير يكون، على ما يبدو، قد أكد أن الوفاة نجمت عن التعذيب الذي تعرضت له الضحية.

2-8 وتؤكد صاحبة الشكوى فضلا ً عن ذلك أن الشهود الرئيسيين للوقائع، وهم الأشخاص الآخرون الذين ألقي القبض عليهم في الظروف نفسها التي ألقي فيها القبض على الضحية، لم يستمع المحققون قط إلى شهاداتهم بشأن الوقائع وظروف اعتقالهم. وبالمثل، لم يُستمع قط إلى ذوي الحقوق بصفتهم الطرف المدني في القضية، كما جرت العادة في التحقيقات الجنائية. وبذلك لم تتح للأسرة مطلقا ً الإمكانية القانونية لإيداع شكوى، بدعوى، حسب أقوال السلطات القضائية وأكدها ممثل الدولة الطرف أمام اللجنة في أيار/ مايو 2008، أن تحقيقا ً كان جاريا ً بالفعل. ووفقا ً لصاحبة الشكوى، فإن هذه الذريعة لم يحتج بها على ما يبدو إلا لحرمان الأسرة من حقها في معرفة الحقيقة، وفي إيداع دعوى قضائية لدى النيابة، والحصول على الجبر. ونتيجة لذلك، ورغم كل المساعي التي قامت بها الأسرة، لم يتعرض أيٌّ من مرتكبي الجرائم التي اقترفت في حق منير حموش ، رغم سهولة التعرف عليهم، لأية مضايقات على الإطلاق. وتذكر صاحبة الشكوى مجددا ً أن أسرتها حاولت استخدام السبل القانونية القائمة، لكن تبيّن أن جميع هذه المساعي غير فعالة وغير مجدية ( ) ، وتبقى أسرة منير حموش اليوم محرومة من ال ا لتجاء إلى العدالة. وبناء عليه، تطلب صاحبة الشكوى عدم إلزامها البتة بالمضي قدما ً في التماس المساعي والإجراءات على الصعيد المحلي لكي يكون هذا البلاغ مقبولا ً من قبل اللجنة.

الشكوى

3 -1 تدّعي صاحب ة الشكوى أن ابنها منير حموش وقع ضحية انتهاكات من قبل الدولة الطرف للمواد 2 (الفقرة 1)، و11، و12، و13، و14، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 وعلى سبيل التحوط مع المادة 16 من الاتفاقية.

3-2 وترى صاحبة الشكوى أن منير حموش تعرض قطعا ً للتعذيب. فأصحابه في السجن الذين ألقي القبض عليهم في نفس الظروف واعتقلوا في نفس المكان، أي المركز الإقليمي للبحث والتحري، مروا بنفس الظروف، تحدثوا جميعا ً عن التعذيب الذي تعرضوا له على أيدي أفراد مديرية الاستخبارات والأمن التابعين لهذا المركز. وتذكر صاحبة الشكوى أن عدة آلاف من الأشخاص احتجزوا في هذا المركز، واختفوا. والعديد منهم مات تحت التعذيب أو أعدموا بإجراءات موجزة خلال أعوام التسعينات. وكانت جثة منير حموش ، التي سُلّمت إلى أسرته التي أخطرت بدفنها بأسرع ما يمكن، تظهر، وفقا ً لشهادات جميع الأقارب، آثار التعذيب في شكل كدمات على مستوى اليدين والرجلين وجرح في الرأس. وقد أدت سوء المعاملة هذه بصورة مباشرة إلى وفاته، مما يثبت بما لا يدع مجالا ً للشك قسوة سوء المعاملة هذه وحدتها. وتضيف صاحبة الشكوى أن أعمال التعذيب هذه تعرض لها منير حموش على أيدي سجانيه بنية جعله يتجرع آلاما ً شديدة، إذ يستحيل إخضاع شخص لمثل هذا العنف بصورة غير مقصودة. وكان الهدف من أعمال التعذيب هذه هو الحصول على معلومات أو اعترافات من منير حموش ، أو لمعاقبته، أو تخويفه، أو لممارسة ضغوط عليه بسبب انتمائه إلى توجه إسلامي مفترض. وبالفعل، فقد أُخذ عليه أثناء احتجازه في المرة الأولى كونه ملتحيا ً ويلبس لباسا ً إسلاميا ً . وعلاوة على ذلك، ما من شك أن الأعمال التي مورست على منير حموش كانت على أيدي أفراد من مديرية الاستخبارات والأمن، وهم عناصر تابعين للدولة يتصرفون بصفتهم الرسمية. وتخلص صاحبة الشكوى إلى أن أعمال سوء المعاملة التي تعرض لها الضحية هي بمثابة أعمال تعذيب، وفقا ً لما حددته المادة الأولى من الاتفاقية.

3-3 وتحتج صاحبة الشكوى أيضا ً بالفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية، التي كان على الدولة الطرف بمقتضاها اتخاذ جميع " الإجراءات التشريعية أو الإدارية أو القضائية الفعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي". وتضيف أن القانون الجزائري لا يتضمن أي حكم يمنع استخدام الاعترافات أو الإفادات التي تنتزع تحت التعذيب كأدلة، وهو ما لا يساعد على ردع أفراد الشرطة القضائية، ومن باب أفراد مصالح مديرية الاستخبارات والأمن - الذين لا يتبعون السلطة القضائية ، عن اللجوء إلى أساليب غير مشروعة للحصول على إفادات تستخدم لاحقا ً في المحاكمات الجنائية ضد المحتجزين أو ضد أطراف ثالثة. ومن جهة أخرى، تمتلك الدولة الطرف عدة مراكز احتجاز سرية ( ) ، وهو ما يترك الباب مفتوحا ً لجميع التجاوزات ( ) ويتنافى مع التدابير التي حددتها اللجنة، والمطلوب من الدول الأطراف الالتزام بها للحيلولة دون ممارسة أعمال التعذيب وسوء المعاملة ضد الأشخاص المحرومين من الحرية، مثل ضرورة إمساك سجل رسمي عن المحتجزين ( ) . وبمقتضى الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية، يتعين على الدولة الطرف أيضا ً ضمان حق المحتجزين في الاستفادة فورا ً من مساعدة قضائية وطبية مستقلة، وكذلك الاتصال بأسرهم وتمكينهم من تقديم طعون قضائية واللجوء إلى غيرها من سبل الانتصاف التي تتيح لهم النظر في شكاواهم بسرعة، والدفاع عن حقوقهم والطعن في مشروعية احتجازهم ومعاملتهم ( ) . وتلاحظ صاحبة الشكوى أن التشريع الجزائري يتوخى مدة للحبس الاحتياطي تصل إلى 12 يوما ً ، دون إمكانية الاتصال بالخارج، ولا حتى مع الأسرة أو محام أو طبيب مستقل. وهذه المدة الطويلة من الاحتجاز المقطوع بالعالم الخارجي يجعل من يخضع له أكثر عرضة للتعذيب وسوء المعاملة. وفي ظل هذه الظروف، يجد المحتجزون أنفسهم، فضلا ً عن ذلك، غير قادرين، من الناحية المادية، على المطالبة بحقوقهم عن طريق القضاء.

3-4 وتحتج صاحبة الشكوى أيضا ً بالمادة 11 من الاتفاقية، ملاحظةً أن المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية للدولة الطرف ( ) تنص على أن مدة الاحتجاز الاحتياطي قد تصل إلى 12 يوما ً ، وهي المدة التي غالبا ً ما تمدد في الواقع ( ) . ولا يكفل التشريع الجزائري الحق في تلقي مساعدة من محام أثناء الحبس الاحتياطي. وفضلا ً عن ذلك، ليس هناك أي نص قانوني يقضي بحظر استخدام إفادة انتزعت تحت التعذيب كإثبات.

3-5 وتدفع صاحبة الشكوى أيضا ً بأن المادة 12 من الاتفاقية، التي تقضي بضرورة إجراء تحقيق نزيه فورا ً متى وُجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملا ً من أعمال التعذيب قد ارتكب، قد انتُهكت من قبل الدولة الطرف إزاء منير حموش ( ) . فلم تسفر أيّ من المساعي التي قامت بها أسرة الضحية، بغية إطلاع قضاة النيابة، عن فتح تحقيق، وهو ما كان يفترض أن يجري على الفور ( ) . وبالرغم من أن أمرا ً بإجراء تشريح طبي على إثر وفاة منير حموش قد يكون صدر، فإن أسرة الضحية لم تتلق أي تقرير بذلك، وهو ما يجعل تأكيدات الدولة الطرف مشكوكا ً فيها. وبالمثل، قد تكون السلطات أجرت تحقيقا ً ، لكن لم يكشف قط عن نتائجه للأسرة، رغم مرور 24 شهرا ً على الوقائع ( ) . ولنسلم فرضا ً أن تحقيقا ً قد جرى، فإن صاحبة الشكوى تتساءل عن نزاهة هذا التحقيق، على اعتبار أن الذين يكونون قد أجروا هذا التحقيق هم الفاعلين الحقيقيين أو، في أحسن الأحوال، متواطئين في الوقائع محل النظر. والحال أن صاحبة الشكوى تشك في أن تحقيقا ً ما قد جرى، لأنه لا أحد من الشهود على الوقائع استُدعي للاستماع إلى شهادته في إطار أي إجراء من أي نوع كان متعلق بهذه الوقائع. وتخلص صاحبة الشكوى إلى أن الدولة الطرف، إذ لم تجر أي تحقيق فعلي وفوري ونزيه في ادعاءات التعذيب الذي تعرض له الضحية منير حموش ، تصرفت مستخفة بالتزاماتها التي يتعين عليها الوفاء بها بموجب المادة 12 من الاتفاقية.

3-6 وفيما يتعلق بالمادة 13 من الاتفاقية، تدفع صاحبة الشكوى بأن الدولة الطرف ملزمة بأن تكفل لأسرة منير حموش الحق في رفع شكوى أمام السلطات الوطنية المختصة، وأن تحرص على أن تبادر هذه السلطات فورا ً إلى بحث القضية بنزاهة. وفي القضية قيد البحث، فقد حرمت السلطات أسرة الضحية من أي أمل في إحقاق العدالة. فالمدعي العام براس الواد لم يتخذ أي إجراء إزاء الشكوى التي قدمها أخ الضحية؛ والمدعي العام بقسنطينة ، الذي عرضت عليه القضية أيضا ً ، لم يبد أي حرص هو الآخر. ومن جهة أخرى، رفضت الجهات التي توجه إليها أقارب منير حموش تسليمهم نسخة من تقرير التشريح الطبي الذي قيل إنه أجري، ومن الواضح أن هذا التقرير وثيقة رئيسية من أجل إجلاء الوقائع وإثباتها. وفضلا ً عن ذلك، لم تتمكن أسرة الضحية من الاطلاع على نتائج التحقيق - حتى وإن كان ناقصا ً ومتحيّزا ً - الذي أكدت الدولة أنها أجرته. وتبعا ً لذلك، فبتقاعس الدولة الطرف عن إبلاغ الأسرة بنتائج التحقيق، تكون قد عرقلت إتاحة أي إمكانية لأسرة الضحية لإقامة دعوى جنائية، يفترض أن بوسع الأسرة إقامتها بموجب قانون الإجراءات الجزائية الجزائري. وبتصرفها ذلك، تكون الدولة الطرف قد أخلت بالمادة 13 من الاتفاقية ( ) .

3-7 وتحتج صاحبة الشكوى أيضا ً بالمادة 14 من الاتفاقية، من حيث إ ن الدولة الطرف بحرمانها أسرة منير حموش من إقامة دعوى جنائية تكون قد حرمتها من الإمكانية القانونية للحصول على تعويض نتيجة لارتكاب جرائم خطيرة مثل التعذيب. وعلاوة على ذلك، فإن موقف النيابة العامة السلبي قوّض كل الفرص للحصول على الجبر من خلال دعوى مدنية للمطالبة بتعويضات، ترفع منفصلة عن الدعوة العمومية، بحكم أن قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ينص على أن "ترجئ المحكمة المدنية الحكم في تلك الدعوى المرفوعة أمامها لحين الفصل نهائيا ً في الدعوى العمومية" ( ) . وفي حال رفض المدعي الإبلاغ، تظل إمكانية اللجوء إلى الدعوى المدنية بالتالي معلقة. وتؤكد صاحبة الشكوى أيضا ً أن واجب الجبر الذي يقع على عاتق الدولة الطرف يشمل التعويض على الأضرار التي تعرضت لها، دون الاقتصار على ذلك إذ يتعين أيضا ً اتخاذ تدابير تهدف إلى عدم تكرار هذه الأفعال، لا سيما من خلال اتخاذ العقوبات المناسب إزاء المسؤولين عنها بالنظر إلى خطورة الوقائع، وهو ما يقتضي في المقام الأول المسارعة إلى إجراء تحقيق وملاحقة الجناة ( ) . وفيما يتعلق بمنير حموش ، تبقى الجريمة التي ارتكبت في حقه بلا عقاب، حيث إن جلاديه لم يحاكموا ولم يلاحقوا، ولم يخضعوا للتحقيق، بل لم يتعرضوا لأية مضايقة؛ وفي ذلك انتهاك لحقوق أقارب منير حموش في الجبر بموجب المادة 14 من الاتفاقية.

3-8 وتكرر صاحبة البلاغ أن أعمال العنف التي مورست على منير حموش هي تعذيب بناء على التعريف الوارد في المادة الأولى من الاتفاقية. لكن، وعلى سبيل التحوط ، إذا لم تأخذ اللجنة بهذا التوصيف، فمن المؤكد أن سوء المعاملة التي تعرضت لها الضحية تشكل في كل الأحوال معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة، وأنه بمقتضى ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة أيضا ً بمنع وقمع ارتكابها أو التحريض عليها أو السكوت عنها من جانب موظفين حكوميين، تماشيا ً مع المادة 16 من الاتفاقية.

عدم تعاون الدولة الطرف

4- في 2 7 كانون الثاني/يناير 2011، و27 شباط/فبراير 2012، و21 أيار/ مايو 2012، دُعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية الشكوى و أسس ها الموضوعية. وت لاحظ اللجنة أنها لم تتلق أية معلومات بهذا الخصوص. وتأسف اللجنة لرفض الدولة الطرف تقديم معلومات عن مقبولية المظالم التي ساقتها صاحبة الشكوى أو عن أسسها الموضوعية أو عن كلاهما معا ً . وتذكر بأن الدولة الطرف المعنية ملزمة، بمقتضى الاتفاقية، بأن تقدم إلى اللجنة خطيا ً توضيحات أو تصريحات توضح المسألة وتبين، عند الاقتضاء، التدابير التي تكون قد اتخذتها لمعالجة الوضع. وفي حال عدم ورود رد من الدولة الطرف، يتعين التسليم بوجاهة الادعاءات التي ساقتها صاحبة الشكوى، وهي ادعاءات مدعومة بما يكفي من الأدلة .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5 -1 ل قد تأكدت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب الفقرة 5(أ) من المادة 22 في الاتفاقية، من أن المسألة موضوع هذه الشكوى لم ُتبحث وليست قيد البحث حاليا ً من قبل هيئة دولية أخرى ل لتحقيق أو التسوية. وتلاحظ اللجنة أن المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا ً والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب قد أحيطا علما ً بقضية منير حموش في عام 2007. على أن اللجنة تلاحظ أن الإجراءات أو الآليات غير المنبثقة عن معاهدات التي أقامتها لجنة حقوق الإنسان أو مجلس حقوق الإنسان، والتي تتمثل ولايتها في النظر في حالة حقوق الإنسان في هذا البلاد أو الإقليم أو ذلك أو في مظاهر انتهاك واسع النطاق لحقوق الإنسان في العالم، ليست إجراءً من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمفهوم المقصود من الفقرة 5(أ) من المادة 22 في الاتفاقية ( ) . وتبعا ً لذلك، ترى اللجنة أن بحث قضية منير حموش من قبل المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا ً والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب لا يجعل البلاغ غير مقبول استنادا ً إلى هذا الحكم.

5 -2 و فيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف، تذكّر اللجنة بقلق أنه، رغم توجيه ثلاث رسائل تذكيرية ، لم تقدم الدولة الطرف أية ملاحظة بشأن مقبولية الشكوى أو بشأن أسسها الموضوعية. وتخلص اللجنة إلى أنه لا يوجد مانع لديها للنظر في البلاغ وفقا ً للفقرة 5(ب) من المادة 22 في الاتفاقية.

5-3 وحيث إ ن اللجنة لا ترى أن ثمة سببا ً آخر يجعلها تعتبر البلاغ غير مقبول، فإنها تنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية لأسباب الشكوى التي قدمتها صاحبة البلاغ بمقتضى المواد 1 و2 (الفقرة 1) و11 و12 و13 و14 و16 من الاتفاقية.

النظر في الأسس الموضوعية

6 -1 نظرت اللجنة، وفقا ً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، في هذه الشكوى مراعية في ذلك جميع المعلومات التي أتاح ت ها لها الأطراف المعنية. وإذ لم تقدم الدولة الطرف أية ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية للشكوى، فإنه يتعين التسليم بوجاهة الادعاءات التي ساقتها صاحبة الشكوى.

6 -2 وتلاحظ اللجنة أن منير حموش ، وفقا ً لما أفادت به صاحبة الشكوى، ألقي عليه القبض في 23 كانون الثاني/ديسمبر 2006، بعد ثلاثة أيام من إلقاء القبض عليه في المرة الأولى، من قبل عناصر من مديرية الاستخبارات والأمن، ثم اقتيد إلى المركز الإقليمي للبحث والتحري بقسنطينة ، وهو عبارة عن ثكنة عسكرية حيث يكون قد عُذِّب، بحسب شهادات أصحاب له في السجن. وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 2006، حضر أفراد تابعون للدولة الطرف إلى منزل منير حموش لإبلاغ أسرته بأنه توفي في الحبس الاحتياطي. وبعد بضعة ساعات، سُلّمت جثة منير حموش إلى أسرته التي لاحظت وجود جرح في رأس الضحية وكدمات في يديه ورجليه. ووفقا ً لصاحبة الشكوى، فإن هذه الجروح توحي بأن إصابات جسدية مقصودة، ترقى إلى آلام ومعاناة شديدة، تكون قد ألحقت بمنير حموش أثناء احتجازه، تعرض لها عمدا ً على أيدي موظفين تابعين للدولة الطرف بقصد حمله على الإدلاء باعترافات أو معاقبته أو تخويفه بسبب انتمائه إلى توجه إسلامي مفترض. وإذ لم تدحض الدولة الطرف أيّ من هذه الادعاءات، تخلص اللجنة إلى أن ادعاءات صاحبة الشكوى ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار وأن الوقائع، كما عرضتها صاحبة الشكوى، هي بمثابة أعمال تعذيب بالمعنى المقصود من المادة الأولى من الاتفاقية.

6 -3 وبعد تقرير انتهاك المادة الأولى من الاتفاقية، لن تبحث اللجنة بصورة منفصلة التظلمات الناجمة عن انتهاك المادة 16 من الاتفاقية، والتي ساقتها صاحبة الشكوى تحوطا ً .

6 -4 وتحتج صاحبة الشكوى أيضا ً بالفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية، التي كان على الدولة الطرف بمقتضاها أن تتخذ جميع " الإجراءات التشريعية أو الإدارية أو القضائية الفعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي". وتضيف أنه لا يوجد في القانون الجزائري أي نص يحظر استخدام الاعترافات أو التصريحات التي تنتزع تحت التعذيب كأدلة؛ وأن التشريع الجزائري يتوخى مدة للحبس الاحتياطي تصل إلى 12 يوما ً ، دون تمكن المحتجز من الاتصال بأفراد أسرته أو بمحام أو بطبيب مستقل؛ وأن هذا المهلة الطويلة من الاحتجاز في انقطاع تام عن العالم الخارجي يزيد من خطر التعرض للتعذيب والمعاملة السيئة. وتذكّر اللجنة بملاحظاتها الختامية، التي اعتمدتها في أيار/ مايو 2008 تبعا ً للنظر في التقرير الدوري الثالث للدولة الطرف، حيث أعربت عن دواعي القلق إزاء المدة القانونية للحبس الاحتياطي، التي يمكن في الواقع أن تمدد عدة مرات؛ وإزاء عدم ضمان القانون الحق في الاستعانة بمحام أثناء فترة الحبس الاحتياطي؛ وكذلك إزاء حقيقة أن حق الشخص المحبوس احتياطيا ً في أن يعرض على طبيب وفي أن يتصل بأسرته غير محترم دائما ً في الممارسة العملية ( ) . وهذه الملاحظات تردد ما جاء في التعليق العام رقم 2(2008) للجنة حيث أكدت مضمون الواجب الواقع على عاتق الدول الأطراف بمقتضى الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية، أي اتخاذ تدابير فعالة لمنع التعذيب، لا سيما إعمال بعض الضمانات الأساسية التي تسري على جميع الأشخاص المحرومين من الحرية ( ) . وفي الحالة قيد النظر، فقد احتجز منير حموش مقطوعا ً عن العالم الخارجي، دون اتصال بأسرته ولا مع من يدافع عنه ولا مع طبيب. ثم إن الانعدام الصارخ لأي رقابة على المركز الإقليمي للبحث والتحري جعله أكثر عرضة لأعمال التعذيب، وحرمه فضلا ً عن ذلك من أية إمكانية لممارسة حقه في الطعن. ونتيجة لذلك، تخلص اللجنة إلى وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية.

6 -5 وفيما يتعلق بالمادة 11، تذكّر اللجنة بتوصيتها التي قدمتها إلى الدولة الطرف في سياق ملاحظاتها الختامية، حيث أهابت بها، في جملة أمور، أن تحرص على استحداث سجل وطني عن الأشخاص المحتجزين، وأن تكفل حق المحتجزين في أن يُعرضوا على طبيب وفي الاتصال بأسرهم ( ) . وفي ضوء هذه التوصية ونظرا ً لعدم تقديم الدولة الطرف أية معلومات بهذا الخصوص، لا يسع اللجنة إلا أن تقرر، في الحالة قيد النظر، أن الدولة الطرف أخلت بالتزاماتها بموجب المادة 11 من الاتفاقية.

6 -6 أما فيما يتعلق بالمادتين 12 و13 من الاتفاقية، فقد أحاطت اللجنة علما ً بادعاءات صاحبة الشكوى التي تشكك، رغم تصريحات الدولة الطرف التي قدمت لها، في أن تكون الدولة قد أجرت تحقيقا ً من أي نوع كان، على أساس أن أيّاً من الذين شهدوا الوقائع لم يستدع للاستماع إلى أقواله في إطار أي إجراء من أي نوع كان. ودفعت صاحبة الشكوى أيضا ً بأن الدولة الطرف، بعدم إبلاغها الأسرة بنتائج التحقيق الذي قيل إنه أجري، تكون قد أعاقت تمتع الأسرة بأي إمكانية لرفع دعوى مدنية. وتذكّر اللجنة بأن أفرادً من مديرية الاستخبارات والأمن ألقوا القبض على منير حموش في 23 كانون الأول/ديسمبر 2006؛ وأن أسرته لم تعلم شيئا ً عنه إلى غاية 29 كانون الأول/ديسمبر 2006، وهو التاريخ الذي قَدِم فيه أفراد، قدَّموا أنفسهم على أنهم من "الأمن"، إلى منزل الأسرة لإبلاغها بوفاته، مدعين أن منير حموش "انتحر على الأرجح"؛ وأن جثمان منير حموش قد سُلّم في نفس اليوم إلى أسرته، التي لاحظت أن عدة جروح كانت بادية على جسد الضحية، لا سيما جرح على مستوى الرأس وكدمات على مستوى اليدين والرجلين؛ وأن السلطات رفضت أن تسلم الأسرة نسخة من تقرير التشريح الطبي، الذي يكون قد أجري حسبما أفادت به مصالح الأمن والسلطات القضائية. وقد لجأت الأسرة إلى مدعي الجمهورية في راس الواد ، ثم إلى المدعي العام في قسنطينة الذي أكد فرضية انتحار الضحية، لكنه رفض تزويد الأسرة بنسخة من تقرير التشريح الطبي الذي قيل إن السلطات أجرته. وتسجِّل اللجنة أنه رغم وجود علامات تعذيب واضحة على جثمان الضحية والشهادات التي أفادت أن منير حموش ، على غرار أصحابه في السجن، تعرض لتعذيب وحشي على أيدي عناصر مديرية الاستخبارات والأمن في المركز الإقليمي للبحث والتحري بقسنطينة ، لم تجر الدولة الطرف، وقد مرت سبع سنوات على الوقائع، أي تحقيق لإجلاء الملابسات التي أدت إلى وفاة منير حموش في الاحتجاز. ولم تقدم الدولة الطرف أية معلومات كفيلة بأن تدحض هذه الوقائع. وتعتبر اللجنة أن مرور كل هذا الوقت قبل فتح تحقيق في ادعاءات ممارسة التعذيب تعسف صارخ ويتنافى بشكل جليّ مع الالتزامات الواقعة على عاتق الدولة الطرف بموجب المادة 12 من الاتفاقية، التي تقتضي إجراء تحقيق فوري ونزيه متى وجدت أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد أن فعلا ً من أفعال التعذيب قد ارتكب ( ) . وتذكّر اللجنة أيضا ً أن اللجنة أعربت، أثناء الحوار الذي جرى مع الدولة الطرف في عام 2008، عن قلقها إزاء قضية منير حموش وذكَّرت بالالتزام الواقع على عاتق الدولة الطرف ومؤداه أنه ينبغي للدولة الطرف أن تشرع بشكل تلقائي ومنهجي في إجراء تحقيقات فورية ونزيهة في جميع الحالات التي توجد فيها أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد أن فعلاً من أفعال التعذيب قد ارتُكب، بما في ذلك في حالة وفاة الشخص المحتجز. وحيث إ ن الدولة الطرف لم تف بالتزامها هذا، تكون قد أخلت أيضا ً بالمسؤولية التي يتعين عليها تحملها بموجب المادة 13 من الاتفاقية بأن تكفل لصاحبة الشكوى ولأسرتها الحق في تقديم شكوى، وهو ما يفترض أن تستجيب السلطات لهذه الشكوى على النحو المناسب بأن تفتح تحقيقا ً فوريا ً ونزيها ً .

6-7 وبخصوص الادعاءات التي ساقتها صاحبة الشكوى بموجب المادة 14 من الاتفاقية، تدفع صاحبة الشكوى بأن الدولة الطرف، بحرمانها أسرة منير حموش من تقديم دعوى جنائية، تكون قد حرمتها من إمكانية الحصول على تعويض من خلال دعوى مدنية، حيث إ ن القانون الجزائري ينص على أن ترجئ المحكمة المدنية الحكم في الدعوى المرفوعة أمامها لحين الفصل نهائيا ً في الدعوى العمومية. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 3 (2012) ( ) ، وتذكّر بأن المادة 14 من الاتفاقية تعترف ليس فقط بالحق في التعويض بصورة عادلة ومناسبة، بل تلزم الدول الأطراف أيضاً بالسهر على أن تحصل ضحية التعذيب على الجبر. وترى اللجنة أن الجبر يجب أن يشمل مجمل الأضرار التي لحقت بالضحية، ويغطي فيما يغطي من تدابير، رد الاعتبار، والتعويض، وكذلك التدابير التي تكفل ضمان عدم تكرار الانتهاكات ( ) . ونظراً لعدم إجراء أي تحقيق بصورة فورية ونزيهة رغم وجود ملابسات توحي بقوة أن منير حموش توفي أثناء احتجازه نتيجة لتعرضه للتعذيب، تستنتج اللجنة أن الدولة الطرف لم تف أيضاً بالتزاماتها بموجب أحكام المادة 14 من الاتفاقية.

7- وإذ تتصرف اللجنة بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، فإنها ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاكات للمواد 1 و2 (الفقرة 1) و11و12 و13 و14 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

8- وعملاً بالفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، تدعو اللجنة الدولة الطرف بإلحاح إلى أن تبلغها، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالتدابير التي اتخذتها بناء على ما قررته اللجنة أعلاه، بما في ذلك فتح تحقيق نزيه في الأحداث محل النظر، بغية مقاضاة الأشخاص الذين قد يكونون مسؤولين عن المعاملة التي تعرض لها الضحية، وتسليم نسخة من تقرير التشريح الطبي لجثة الضحية ومحاضر التحقيق الأولي إلى صاحبة الشكوى التي تطلبها، كما وعد بذلك ممثل الدول ة الطرف للجنة في أيار/مايو 2008؛ وتمكين صاحبة الشكوى من الحصول على جبر كامل وفعلي.

[اعتُمد ب الفرنسية (الصيغة الأصلية) ، و بالإسبانية والإنكليزية والروسية . وس ي صدر لاحقاً ب الصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]