الأمم المتحدة

CERD/C/PSE/1-2

ا لا تفاقي ـ ة الدولي ـ ة ل لقض ــ اء عل ـ ى جميع أشكال التمييز العنصري

Distr.: General

16 October 2018

Arabic

Original: Arabic and English

Arabic, English, French and Spanish only

‎لجنة القضاء على التمييز العنصري‏

التقريران الدوريان الأولي والثاني المقدمان من دولة فلسطين بموجب المادة 9 من الاتفاقية، الواجب تقديمهما في عام 2017 *

[ تا ريخ الاستلام: ٢١ آذار/مارس ٢٠١٨ ]

المحتويات

الفقـرات الصفحة

المقدمة 1-6 3

القسم الأول - معلومات عامة 7-26 4

ألف - الخلفية التاريخية للتمييز العنصري في فلسطين 7-22 4

باء - المؤشرات الديموغرافية الحالية للجماعات المحمية بالاتفاقية ضمن حدود دولة فلسطين 23-26 9

القسم الثاني - المعلومات المتعلقة بتطبيق المواد 1-7 من الاتفاقية 27-156 13

المادة (1) 27-31 13

المادة (2) 32-39 15

المادة (3) 40-48 17

المادة (4) 49-59 22

المادة (5) 60-138 29

ألف - الحق في الحياة والسلامة الجسدية والحرية الشخصية 60-74 29

باء - حقوق الإنسان بشكلٍ عام 75-143 35

المادة (6) 144-155 69

المادة (7) 156-162 76

المقدمة

1- انضمت دولة فلسطين إلى الاتفاقية الدولية ل لقضاء على جميع أ شكال التمييز العنصري في الأول من نيسان/أبريل 2014 دون إ بداء أي تحفظات على موادها ، ويأتي هذا التقرير في معرض استجابة الدولة لالتزاماتها الواردة في الاتفاقية، ولا سيما المادة (9/1) منها. حيث يرد في هذا التقرير التدابير والأطر والمرجعيات الوطنية، وعلى الخصوص الجوانب التشريعية والإدارية والقضائية المتعلقة بأحكام الاتفاقية. كما و يسل ِ ط هذا التقرير الضوء على سياسات الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري وانتهاكاته الخطيرة والجسيمة للقوانين والأعراف الدولية، القائمة على التمييز العنصري والاضطهاد، والتي تستهدف كافة الفلسطينيين بسبب هويتهم فحسب، الأمر الذي يخالف أحكام هذه الاتفاقية.

2- إن انضمام دولة فلسطين إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري جاء تعبيراً عن الاحترام لمبادئ وروح هذه الاتفاقية، كما أن إعداد هذا التقرير جاء وفاءً لمتطلبات وواجبات دولة فلسطين بتطبيق أحكام هذه الاتفاقية . وقد ركز هذا التقرير على عرض النصوص التشريعية السارية في دولة فلسطين ، والمتعلقة بمواد هذه الاتفاقية، وأشار أيضاً إلى الإجراءات والسياسات والتدابير الإدارية والقضائية المتوفرة، وبالنظر الى وقوع دولة فلسطين تحت احتلال أجنبي عسكري، يتطرق التقرير إلى مسألة التمييز العنصري والتي ترتكب من قِبل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال ، ضد الشعب الفلسطيني .

3- تم إعداد هذا التقرير في إطار لجنة حكومية مكونة من المؤسسات الحكومية المعنية، وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة، والجهات التي تمثل ا لمجموعات العرقية و الإثنية الموجودة في دولة فلسطين. وقد تم إرسال مسودة من التقرير إلى ممثلي مؤسسات المجتمع المدني من المنظمات الحقوقية والأهلية والجماعات العرقية و الإثنية الفلسطينية بهدف دارستها والتي تبعها مشاركتهم في المشاورات الوطنية لدولة فلسطين بخصوص هذا التقرير. وبسبب إعاقة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لمؤسسات المجتمع المدني في قطاع غزة من القدوم إلى الضفة الغربية، تم عقد جلستين للمشاورات الوطنية واحدة بتاريخ 9 تشرين ثاني / نوفمبر  2017 في مقر وزارة الخارجية والمغتربين مع مؤسسات المجتمع المدني في مدينة رام الله ، والثانية بتاريخ 12 تشرين ثاني / نوفمبر 2017 في مقر الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان مع مؤسسات المجتمع المدني في غزة عبر الفيديو المباشر، وذلك بحضور ممثلي وزارات دولة فلسطين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والأهلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث تمت مناقشة فحوى التقرير وإعطاء ملاحظات من المجتمع المدني ، ساعدت للتوصل إلى إعداد الصيغة النهائية للتقرير .

4- وقد وفرت حكومة دولة فلسطين خلال إعداد هذا التقرير - وغيره من تقارير الاتفاقيات الواجب تقديمها - بيئة دستورية وتشريعية وإجرائية سليمة تتناسب مع توصية اللجنة العامة رقم  (17) لعام 1993 بشأن إنشاء مؤسسات وطنية لتيسير تنفيذ الاتفاقية . فقد تم تشكيل اللجنة الوطنية ( الوزارية ) الدائمة لمتابعة انضمام دولة فلسطين للمعاهدات والمواثيق الدولية برئاسة وزارة الداخلية في عام 2014، ولجنة المواءمة التشريعية برئاسة وزارة العدل في عام 2017.

5- استندت دولة فلسطين ، في سياق اعداد هذا التقرير، إلى ال أحكام الواردة في الاتفاقية ، و خاصةً المواد 1-7 من الاتفاقية. كما تم الاستناد إلى المبادئ التوجيهية للوثيقة الخاصة بلجنة القضاء على التمييز العنصري التي أُعدت في أغسطس عام 2007، و كذلك إلى التوصيات العامة الصادرة عن اللجنة؛ كما تم الأخذ فيما جاء في إعلان ديربان وبرنامج عمل ه الصادر في سبتمبر من عام 2001.

6- إن تقديم هذا التقرير ، لا يعفي إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، من أن تقدم تقريرها بشأن مدى التزامها بأحكام اتفاقية القضاء على التمييز العنصري في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، على أساس التزامات ومسؤوليات إسرائيل، كسلطة قائمة بالاحتلال، وفق أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي للحقوق الإنسان، واستناداً إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة لعام 2004 .

القسم الأول مع لومات عامة

ألف - الخلفية التاريخية ل لتمييز العنصري في فلسطين

أول اً- التغيرات الديموغرافية العرقية في فلسطين إثر نكبة عام 1948

7- كانت فلسطين على مر العصور بمثابة حاضنة للتعدد الثقافي والديني والعرقي والاثني، حيث كان يسود فيها التعايش والتسامح والانفتاح الديني بين الجماعات المسيحية واليهودية والمسلمة والجماعات العرقية و الإثنية المختلفة، حتى نهاية الحقبة العثمانية وبداية الاحتلال البريطاني لها في عام 19 17، وانتداب عصبة الأمم لبريطانيا عليها في عام 1922.

8- تسبب الانتداب البريطاني في إحداث تغييرات جذرية وخطيرة في فلسطين على صعيد التعايش والتسامح والانفتاح الديني، بسبب تبنيها سياسات استعمارية وعنصرية تمثلت بإنكار الهوية الوطنية الفلسطينية وإنكار وجود الشعب الفلسطيني، وقد اعتمدت بريطانيا من خلال تقسيم سكان فلسطين على أساس ديني إلى جماعتين، أطلقت عليهما "المجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين"، (الشعب الفلسطيني من مسلمين ومسيحيين)، و"الشعب اليهودي" (المهاجرين الأوروبيين اليهود). وبرز ذلك التحول الجذري بتنفيذ ما يعرف "بوعد بلفور"، وهو التصريح الصادر عن وزير الخارجية البريطاني - آرثر جيمس بلفور، في الثاني من نوفمبر عام 1917 ، إلى اللورد روتشيلد بإقامة ما أطلق عليه "وطن قومي لليهود" في فلسطين في مخالفة صريحة لتعهداتها السابقة للعرب بمنحهم الاستقلال ( ) وانتهاك صريح لميثاق عصبة الأمم الذي منحها حق إدارة فلسطين ( ) . و بدلاً من تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير والعمل على تحقيق استقلال فلسطين كدولة متعددة الأعراق والأديان والطوائف ، سعت بريطانيا، بالتعاون مع الحركة الصهيونية، وبشتى الوسائل، إلى استجلاب المهاجرين اليهود من الدول الأوروبية وتمكينهم في شتى المجالات على حساب حقوق السكان الفلسطينيين الأصليين، وقد أدت مثل هذه السياسات الاستعمارية العنصرية إلى إحداث تغيرات ديموغرافية جذرية، أثرت على جميع الأعراق والأصول الإثنية والطوائف في فلسطين، بحيث تقلص الوجود الفلسطيني على حساب المهاجرين الأوروبيين اليهود .

9- إلا أن التغيير الديموغرافي الأكبر وقع خلال حرب 1948 ، والتي انتهت بسيطرة المليشيات العسكرية الصهيونية بقوة السلاح على ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية، مما أدى إلى تدمير أكثر من 531 تجمعاً سكنياً من مدن وبلدات وقرى فلسطين ( ) ، وتشريد أكثر من 957 ألف فلسطيني، أي ما يعادل 66% من الفلسطينيين في فلسطين التاريخية ( ) .

10- وبعد مرور أكثر من سبعين عاماً على النكبة، تشير الإحصائيات إلى أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين وصلت إلى ما يزيد عن نصف عدد الفلسطينيين بالعالم بقليل، وهذه النسبة تكاد تتساوى مع الوجود الفلسطيني في الأرض الفلسطينية . فبحسب سجلات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد اللاجئين في كل من الأردن وسوريا ولبنان والأراض الفلسطينية بلغ حوالي 5.6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل، يتوزعون بواقع 39.6% في الأردن، و 10.6% في سوريا، و 8.8% في لبنان، و 41% في دولة فلسطين يعيش حوالي ثلثهم في 59 مخيماً ( ) ، تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن و 10 في سوريا، و 12 مخيماً في لبنان و 19 مخيماً في الضفة الغربية، و 8 مخيمات في قطاع غزة ( ) .

11- لقد أصبحت مسألة اللجوء الفلسطيني من المسائل العرقية و الإثنية الكبرى التي أبدى المجتمع الدولي اهتمامه بها منذ السنوات الأولى التي رافقت نشأة الأمم المتحدة والمنظومة الدولية لحقوق الإنسان . فقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة بتاريخ 11 كانون أول / ديسمبر 1948 ، قرار رقم (194) الذي أكد على حق الفلسطينيين، الذين شُرِّدوا من ديارهم بقوة السلاح، بالعودة من خلال النص على " وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن الممتلكات لأولئك الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر " . و كذلك اسست الجمعية العامة في دورتها الرابعة في عام 1949 بموجب ال قرار رقم (302) وكالة مستقلة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

12- وتعتبر مسألة اللجوء الفلسطيني من المسائل الهامة في صدد تطبيق الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري . حيث أصدرت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري توصيتها العامة رقم (22) بشأن اللاجئين والمشردين، وتشير الفقرة (2) من التوصية إلى أن للاجئين والمشردين الحق في العودة بحرية إلى ديارهم الأصلية في ظل ظروف آمنة، وأن الدول الأطراف في الاتفاقية مُلزمة بكفالة أن تكون عودة هؤلاء اللاجئين والمشردين عودة طوعية، وعليهم احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين وعدم إبعادهم؛ وأن لكل من اللاجئين والمشردين، بعد عودتهم إلى ديارهم الأصلية، الحق في أن تُعاد لهم ممتلكاتهم التي حُرموا منها بسبب الصراع، وفي أن يتلقوا تعويضاً مناسباً عن أي من الممتلكات التي لا يمكن إعادتها إليهم . كذلك، وبحسب ما جاء في الفقرة (65) من إعلان ديربان ، فقد سلَمت الدول الأطراف في مؤتمر ديربان بحق اللاجئين في العودة طواعية إلى ديارهم وممتلكاتهم بكرامة وأمان، وحثت جميع الدول على تيسير هذه العودة . مع ذلك، فإن إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، ترفض عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين شُرِّدوا من ديارهم حتى اللحظة

13- ومن الجدير بالذكر أن لجنة القضاء على التمييز العنصري إلى قد أشارت إلى حق الفلسطينيين بالعودة في الملاحظات الختامية على التقارير الإسرائيلية للأعوام 1987، 1992، 1998، 2007. مما يؤكد إدراك أعضاء هذه اللجان السابقة لأهمية حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بما فيها القرار (194) والذي ينص على الحق بالعودة . بالرغم من ذلك، يُستغرب تماماً بأن لجنة القضاء على التمييز لم تأتي على ذكر اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم بالملاحظات الختامية لعام 2012، خلافاً لما درجت عليه اللجان السابقة وخلافاً للأسانيد الدولية المذكورة.

ثاني اً- الكفاح المستمر ضد الاحتلال و الاستعمار الإسرائيلي منذ عام 1967

14- أبدت الدول الأطراف في مؤتمر ديربان قلقاً خاصاً بظاهرة الاستعمار، وسلَمت في الفقرة (14) من الإعلان بأن الاستعمار قد أدى إلى ظهور العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب . وأكدت الدول الأطراف أنه من الواجب إدانة الاستعمار حيثما وأينما وجد والحث على منع تكراره.كما أبدت الدول أسفها لأن آثار الهياكل والسياسات الاستعمارية واستمرارها ، تعد من بين العوامل التي تسهم في تعزيز واستمرار مبدأ عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية في كثير من أنحاء العالم . كما واعترفت التوصية العامة للجنة رقم (21) لعام 1996 بأن "لجميع الشعوب الحق في حرية تقرير مركزها السياسي ومكانتها في المجتمع الدولي استناداً إلى مبدأ تساوي الحقوق وتأسياً بتحرير الشعوب من الاستعمار وبمنع إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي وسيطرته واستغلاله " .

15- استناداً إلى ما سبق ذكره من نصوص، فإن العلاقة العضوية ما بين الاستعمار الأجنبي و بين قيام العنصرية تتجلى بوضوح في الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري المستمر لفلسطين منذ خمسين عاماً، خلافاً لقرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي كقرار رقم (242) لعام 1967 ، والذي يقضي بانسحاب إسرائيل من الأرض التي احتلتها في يونيو من عام 1967.

16- إن العلاقة العضوية بين الحق في تقرير المصير وبين القضاء على التمييز العنصري والفصل العنصري تتجلى بوضوح في سياق كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال إسرائيل الاستعماري . وفي هذا السياق، فقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال قرار رقم 3236 وغيرها من قرارات المنظومة الأممية على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره دون تدخل خارجي، وعلى الحق في الاستقلال والسيادة الوطنيين . وفي 15 تشرين أول/نوفمبر من عام 1988 ، أطلق المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته التاسعة عشر، إعلان الاستقلال الفلسطيني، والذي أعلن فيه المجلس عن الحق التاريخي والطبيعي والقانوني للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، وحقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه، وقيام دولة فلسطين فوق الأرض الفلسطينية . وقد اعترفت الدول المشاركة في مؤتمر ديربان بحقوق الشعب الفلسطيني، حيث أعربت الفقرة (63) من الإعلان عن قلقها إزاء المحنة التي يعانيها الشعب الفلسطيني، واعترفت بحقه، غير القابل للتصرف، في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة .

17- وفيما يتعلق بالاحتلال الأجنبي والنزاع المسلح، فإن الفقرة (168) من خطة عمل ديربان تحث الدول الأطراف في الاتفاقية على اتخاذ التدابير المطلوبة لتلبية كافة التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني المتمثل في اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها، لا سيما فيما يتعلق بالقواعد التي تحظر التمييز. وفي ظل ذلك، فإن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، تواظب على انتهاك اتفاقيات جنيف، والاتفاقية الدولية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بشكل تراك مي وفي ذات الوقت، تواصل احتلالها غير الشرعي الذي يقوم على أطماع استعمارية تتمثل باستكمال التغيرات الديموغرافية التي بدأتها في عام 1948 عن طريق طرد السكان الفلسطينيين، ونقلهم خارج أراض ي هم ، والسيطرة على المزيد من الأراضي ، والتوسع في منظومته الاستيطانية الاستعمارية غير الشرعية.

18- كما أن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، تمارس كافة أشكال التمييز العنصري في الأرض الفلسطينية المحتلة وعلى رأسها القدس الشرقية، إذ يمارس ضد الفلسطينيين كافة أشكال التمييز والإقصاء على أساس عنصري لحقوقهم السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية . كما ويشكل الحصار المفروض على قطاع غزة محوراً أساسياً في ممارسات إسرائيل غير القانونية ، حيث تمارس من خلاله إقصائها العنصري وحصارها لمليونين شخص من أبناء الشعب الفلسطيني القاطنين في القطاع.

ثالث اً- انضمام دولة فلسطين إلى معاهدات حقوق الإنسان

19- في عام 2014، قامت دولة فلسطين، وبعد حصولها على صفة دولة مراقبة في الأمم المتحدة بموجب القرار رقم 19/67 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر من عام  2012 ، بالانضمام إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، كخطوة ضمن رؤية استراتيجية وطنية ، تهدف إلى تعزيز الشخصية القانونية الدولية لدولة فلسطين وسيادتها ، وحماية حقوق المواطن الفلسطيني في مجتمع ديمقراطي تعددي قائم على احترام حقوق الإنسان، وتفعيل الآليات الدولية ذات العلاقة ، خاصة آليات المساءلة والحماية، بما يساهم في توفير الحماية للشعب الفلسطيني و دعم حقوق أفراده .

20- أشارت المحكمة العليا الدستورية لدولة فلسطين في قضية رقم (4) لعام 2017 إلى مرتبة المعاهدات الدولية داخل النظام القانوني الفلسطيني عندما أقرت: " بسمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الداخلية، بحيث تكتسب قواعد هذه الاتفاقيات قوة أعلى من التشريعات الداخلية، بما يتوا ءم مع الهوية الوطنية والدينية والثقافية للشعب العربي الفلسطيني" ( ) .

21- جاء الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان على رأس الأولويات الوطنية، بما في ذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، لما للاتفاقية من أهمية في عملية بناء منظومة حقوق الإنسان الوطنية، حيث أن المساواة التامة دون تمييز على أساس العرق واللون والأصل الاثني والقومي والنسب هي دعامة مهمة من دعامات الحكم الديمقراطي، وفق ما أكدت الفقرة (21) من إعلان ديربان.

22- تقر دولة فلسطين من خلال انضمامها بأن التنفيذ الفاعل للالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك سن القوانين ووضع السياسات على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إنما هي مسائل في غاية الأهمية لغايات مكافحة العنصرية والتمييز العنصري . إن دولة فلسطين تؤمن بأن الديمقراطية والحكم الرشيد الذي يتسم بالشفافية والمسؤولية والمساءلة، ويقوم على المشاركة، ويستجيب لاحتياجات وتطلعات الناس، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وسيادة القانون، هي أمور أساسية من أجل تحقيق مناهضة واستئصال العنصرية والتمييز العنصري وذلك حسب ما ورد في الفقرات (80-81) من خطة عمل ديربان . لذلك ستعمل دولة فلسطين على استكمال متطلبات تنفيذ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ، والتي تعتمد في أساسها على إرساء سيادة القانون وبناء المؤسسات التي تتحلى بالديمقراطية والشفافية وتطوير وضع حقوق الإنسان بشكل ٍ عام. كما أن إعداد هذا التقرير، يشكل إعلاناً من دولة فلسطين عن التزامها بتنفيذ مواد الاتفاقية على الصعيد الوطني .

باء - المؤشرات الديموغرافية الحالية للجماعات المحمية بالاتفاقية ضمن حدود دولة فلسطين

23- لا توجد هنالك إحصائيات دقيقة وشاملة حول الجماعات المحمية بالاتفاقية على الصعيد الوطني ، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل :

(أ) حداثة انضمام دولة فلسطين إلى الاتفاقية و اتفاقيات حقوق الإنسان الأخرى ؛

(ب) قلة الدراسات الأنثروبولوجية المعاصرة المتعلقة بالجماعات الفلسطينية القائمة على العرق واللون والأصل الاثني والقومي والنسب والدين، الموجودة داخل أراضي دولة فلسطين ؛

(ج) غياب الاهتمام الرسمي والأهلي بقضايا حقوق الجماعات القائمة على العرق واللون والأصل الاثني والقومي والنسب بالمقارنة مع القضايا الأخرى، كالحق في الرأي والتعبير، والحق في المشاركة السياسية، وحقوق المرأة والطفل . وهذا وبالإضافة إلى عدم وجود مؤسسة مجتمع مدني تعنى بمتابعة شؤون الجماعات الفلسطينية القائمة على العرق واللون والأصل الاثني والقومي والنسب، وعدم وجود مؤسسة مجتمع مدني تعنى بمكافحة التعصب والتمييز والتشجيع على الفهم المتبادل ؛

(د) إن المؤشرات الإحصائية القائمة على اللون والعرق والنسب والأصل الاثني والقومي هي مؤشرات إحصائية حديثة بالنسبة إلى المؤسسات الفلسطينية المختصة بالإحصاء، خاصة مع التجانس العرقي والاثني للمجتمع الفلسطيني، إلا أن تلك المؤسسات تعمل حاليا ً على إدراج هذه المؤشرات بغرض متابعة تنفيذ الاتفاقية؛

(ه) وجود الاحتلال الأجنبي الإسرائيلي يفرض المعيقات أمام الوصول إلى الأفراد التابعين للجماعات الفلسطينية القائمة على العرق واللون والنسب والأصل الاثني والقومي، خاصة المعيقات التي تنتهك حق الفلسطينيين في حرية الحركة والتنقل داخل أرضهم، وبالأخص من وإلى القدس الشرقية المحتلة والتي تقيم فيها معظم الجماعات المحمية بهذه الاتفاقية .

24- كما وينبغي التشديد على أن أي ذكر للجماعات الفلسطينية المحمية بالاتفاقية لا يعني المساس بهويتها الفلسطينية أو اعتبارها "أقليات" بالنسبة إلى النظام القانوني الفلسطيني، بل تعتبر هذه الجماعات جزء من "الكل" الفلسطيني مع وجود خصائص إثنية ولغوية وثقافية خاصة بها .

25- لغايات الحصول على إحصائيات وبيانات حول الجماعات الفلسطينية الموجودة داخل دولة فلسطين ، والمدرجة ضمن تعريف المادة (1) من الاتفاقية، تم عقد العديد من اللقاءات مع أشخاصٍ يمثلون هذه الجماعات. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم جمع المعلومات المتوفرة من قبل المؤسسات الفلسطينية المختصة. وعليه، تم تحديد الجماعات العرقية و الإثنية والقومية وتلك الجماعات القائمة على النسب واللون في دولة فلسطين على النحو التالي:

(أ) السامريون : تتواجد الطائفة السامرية في مدينة نابلس (جبل جرزيم)، حيث يقدر عدد أفراد هذه الطائفة في نابلس بحوالي 370 نسمة مكو َ نة من خمس عائلات. وتعتبر الطائفة السامرية من أصغر الطوائف الموجودة في العالم، ومن أقدمها في فلسطين . حيث جاء السامريون إلى فلسطين قبل ثلاثة آلاف وستمائة وستة وأربعين سنة، وهم ينسبون أنفسهم إلى ثلاث أسباط من الاثنا عشر سبطاً التي ينتسب إليها بنو إسرائيل، وهي سبط لاوي من النبي يعقوب، وسبط منسي وأفرايم أبناء النبي يوسف ( ) . واللغة السامرية هي اللغة العبرية القديمة (من أقدم لغات العالم )، وتتكون من اثنين وعشرين حرفاً، وتقرأ من اليمين إلى اليسار ( ) . يؤمن السامريون بالنبي موسى ، والأسفار الخمسة الأولى في التوراة، والوصايا العشر . كذلك يؤمن السامريون بقدسية جبل جرزيم بحيث يعتبر قبلتهم ومأواهم ( ) . أما بالنسبة إلى عادات وتقاليد السامريين الخاصة، فهم يطبقون الشريعة السامرية في الزواج والطلاق والميراث والطعام. وللسامريين لباس مميز كذلك، فالكهنة يرتدون الجب َة والعمامة الحمراء، والجميع يرتدي الطرابيش الحمراء يوم السبت ( ) ؛

(ب) الأرمن : تتكون الطائفة الأرمنية في دولة فلسطين من الأرمن المحليين والذين يعود تواجد بعضهم في فلسطين إلى القرن الرابع الميلادي، كما يعود تواجد البعض الآخر إلى  1915 عقب الهجرات الأرمنية خلال الحرب العالمية الأولى. و شكّلت الطائفة الأرمنية قديماً الطائفة المسيحية الثالثة من حيث العدد، حيث كان يعيش في مدينة القدس في عام 1945 ما يقارب الخمسة ألاف أرمني. وفي ظل تعاقب الاحتلال الإسرائيلي ل أرض فلسطين في الفترة الممتدة بين الأعوام 1948 و1967 وما تخلل ذلك من انتهاكات مستمرة ، وأوضاع سياسية و اقتصادية و اجتماعي ة صعبة، بقي في دولة فلسطين ما يقدر بحوالي 500 أرمني فقط ، يعيشون في بيت لحم وفي القدس الشرقية، ويتواجد أغلبهم في دير مار يعقوب في البلدة القديمة للقدس . ويعتنق الأرمن الموجودون في دولة فلسطين الديانة المسيحية، ويحتفظون باللغة والثقافة والعادات والتقاليد الأرمنية؛

(ج) الإفريقيون : يتواجد الفلسطينيون من أصل افريقي في منطقة باب المجلس في البلدة القديمة في القدس المحتلة ( ) . ووفدت الجماعات الافريقية قديماً من شبه الجزيرة العربية إلى أرض فلسطين في الفترة الواقعة ما بين القرن الثالث عشر وبين القرن السابع عشر. وفي أثناء الانتداب البريطاني وفي أعقاب نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 ، قدمت إلى فلسطين مجموعة أخرى من الجالية الإفريقية من تشاد ونيجيريا والسودان. وتشتمل كذلك الجالية الإفريقية في القدس على طائفة الأحباش الأرثوذكس - ذوي الأصول الأثيوبية - المعترف بها رسمياً من قبل دولة فلسطين ( ) . و ق ُ در عدد أبناء الجالية الافريقية في القدس بحوالي (239) نسمة بحسب جهاز الاحصاء المركزي للعام 2007 ؛

(د) السريان: يعتبر السريان امتدادا ً للآراميين الذين انتشروا بشكل أساسي في دول بلاد الشام ( سوريا، لبنان، فلسطين والأردن ) وكذلك لعراق والهند، إضافة إلى عدد من الدول الأخرى، وبحسب المصادر المسيحية فإن السريان هم أول شعب وثني اعتنق المسيحية منذ السنوات الأولى لظهورها . لا تتوفر إحصائية دقيقة لأعداد السريان، لكن ثمة تقديرات تفيد بأن عددهم في الدول العربية ( سوريا ولبنان والعراق وفلسطين ) يناهز الـ 250 ألف نسمة . 60% منهم يتبعون المذهب الأرثوذكسي، و 40% من الكاثوليك . أما في فلسطين فيعتبر السريان ثالث طائفة من حيث العدد بعد الروم واللاتين حيث يمثلون 10% من مسيحيي الديار المقدسة، فهناك 300 عائلة في القدس و 500 عائلة في بيت لحم، ويربو عددهم جميعا عن 4000 نسمة ( ) . ويتحدث السريان اللغة السريانية والتي تدعى أيضاً باللغة لآرامية أيضا، فهي تنتمي إلى اللغات السامية، فقد كانت قديماً لغة الآراميين الذين استوطنوا منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد بلاد آرام الشام وأرام النهرين وهي لغة السيد المسيح ( ) ؛

(ه) الأقباط : هي أمة ترجع جذورها إلى قدماء المصريين، كما تعتبر المسيحية القبطية من أقدم نظم المسيحية في العالم التي لم يطرأ عليها أي تغيير نتيجة لانعزالهم بعيدا عن التيارات الحديثة ( ) . ترجع معظم الدراسات التاريخية التي تناولت الوجود القبطي في فلسطين، وتحديدا في مدينة القدس إلى توافدهم لزيارة الأماكن المقدسة واستقرار بعضهم بالقرب منها أو في محطات طريقهم إليها، وتشير هذه الدراسات إلى أن نشأة الوجود القبطي في مدينة القدس جاء لمكانتها الدينية وقدسيتها عندهم ( ) . يقدر عدد السكان ا لأ قباط في فلسطين بحوالي 1000 نسمة، يقطن معظمهم في القدس الشرقية حيث تعتبر عشرات الأسر الفلسطينية في القدس من أصول قبطية ( ) . واللغة القبطية هي الصورة الأخيرة من تطور اللغة المصرية القديمة " الفرعونية " ، وهي تكتب باستخدام الأحرف اليونانية، وهي حالياً تستخدم في الشعائر والطقوس الدينية ( ) ؛

(و) المغاربة : كانت فلسطين ومدينة القدس على وجه الخصوص مقصداً للمغاربة عبر التاريخ، سواء كانوا من الحجاج الدينيين أو من الرحالة وأهل العلم. وما زال عدد كبير من أحفاد الفلسطينيين المغاربة يقيمون في القدس الشرقية ومناطق فلسطينية أخرى في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ ومنهم عائلات : " العلمي " و " المصلوحي " و " الريفي " ، و " حبوش ". ومن أهم الأماكن المرتبطة بالجالية المغربية هو حي المغاربة الذي يشكل ما مقداره 5% من مساحة القدس القديمة ، والذي تم هدمه من قبل الاحتلال الإسرائيلي بعد احتلال عام 1967 ( ) . ولا توجد إحصائيات دقيقة عن تعداد الأشخاص ذوي النسب المغاربي في القدس ودولة فلسطين، إلا أن عددهم يقدر بحسب شهادة بعض أبناء الجالية بحوالي 20 ألف نسمة ( ) ؛

(ز) الغجر : أو (النور، الدوم، الروما ) وهي إحدى الجماعات الفلسطينية المحمية بالاتفاقية والتي تحدثت عنها بالتفصيل توصية اللجنة رقم (27) لعام 2000. وقد دخل الغجر فلسطين خلال القرن الخامس عشر، وتمركزوا في مناطق القدس، ورام الله، ونابلس، وغزة . ولا توجد إحصائيات حول أعداد الغجر في فلسطين، ولكن التقديرات ترجّح أن عددهم يقارب  1200 شخصا في منطقة القدس، وحوالي 5000 شخصا في قطاع غزة ( ) .

26- من الجماعات الديموغرافية الأخرى في فلسطين غير القائمة على العرق واللون والأصل الاثني والقومي والنسب:

(أ) التجمعات البدوية: تتواجد معظم التجمعات البدوية في المناطق المحيطة بالقدس الشرقية وغيرها من المناطق في الأرض الفلسطينية المحتلة، خاصة في مناطق غور الأردن وجنوب الخليل. وتعتبر تلك التجمعات المهمشة أكثر عرضة ً لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وخاصة الانتهاكات المتعلقة بهدم المباني وإعاقة الحق في التعليم والحق بالتنقل والحركة في التجمعات البدوية و التهجير القسري لأفرادها؛

(ب) النازح ون قسرياً وداخلياً: وصل تعداد النازحين قسرياً داخل الأرض الفلسطينية منذ المحتلة عام 1967 إ لى (263,500) نازح. تم تهجير ما يقارب من (106,000) نسمة أ ثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في عام 2014. وتم تهجير ما يقارب (134,000) نسمة نتيجة ل ممارسة سياسات الاحتلال العنصرية في الضفة الغربية منذ عام 1967 ( ) ، مع العلم أن معظم أ عضاء هذه الفئة هم من البدو ؛

(ج) اللاجئون : يصل عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث إلى  5.6 مليون لاجئ يحرمون من ممارسة حقهم بالعودة إلى ديارهم . أما في داخل دولة فلسطين فيصل عدد اللاجئين إلى (775,000) لاجئ في الضفة الغربية ، والى (1,260,000) لاجئ في قطاع غزة ( ) . وبذلك يعتبر 42% من مجمل سكان دولة فلسطين من اللاجئين ؛

(د) العمال والمتطوع ون الأجانب: ليس هنالك إحصائيات واضحة عن عدد العاملين الأجانب داخل دولة فلسطين ، و يعزى ذلك إلى أن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال ، تتحكم بصورة غير شرعية بحدود ومعابر دولة فلسطين، وبالتالي من الصعب تحديد وحصر عدد الأجانب القادمين إلى فلسطين من الخارج وغايات دخولهم إ ياها . ويقتصر  عمل الأجانب في المجال الأهلي والإنساني في المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية. يواجه العمال الأجانب سياسات تميزية من قبل سلطات الاحتلال، ومن الأمثلة على الانتهاكات الإسرائيلية ضد العمال الأجانب، استشهاد الناشطة الأمريكية راشيل كوري في رفح عام 2003.

القسم الثاني المعلومات المتعلقة ب تطبيق المواد 1-7 من الاتفاقية

المادة (1)

أول اً- تعريف التمييز العنصري في القانون المحلي الساري في فلسطين

27- تم تعريف المساواة في التشريعات الفلسطينية بطريقة تحظر عدة نواحي وأقسام من التمييز على نحو يستوعب حظر التمييز العنصري القائم على العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني وذلك على النحو التالي:

(أ) تنص وثيقة إعلان الاستقلال الصادرة في 15 نوفمبر 1988 عن المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية - والتي تعتبر الوثيقة الأهم في التاريخ الوطني الفلسطيني والوثيقة التأسيسية لدولة فلسطين - على أن : "... دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا؛ فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني، يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب، ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية، واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، في ظل دستور يؤمن بسيادة القانون والقضاء المستقل، على أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الأديان عبر القرون ..." ؛

(ب) كما يكفل القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 - والذي يعتبر في مكانة تشريعية عليا بالنسبة للتشريعات المعمول بها في فلسطين - المساواة بين جميع الفلسطينيين و ي حظر التمييز بينهم لأي سبب من الأسباب. حيث تنص المادة (9) من القانون الأساسي الفلسطيني على أن "الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة" ؛

(ج) تشير مسودة دستور دولة فلسطين للعام 2015 في المادة (14) منه على أن " جميع الفلسطينيين سواء أمام القانون يتمتعون بذات الحقوق، ويتحملون الواجبات التي يحددها القانون، دون تمييز بسبب الأصل أو العرق أو الجنس أو الدين أو المكانة الاجتماعية أو الرأي أو الإعاقة " ؛

(د) كما تجرِم مسودة مشروع قانون العقوبات الفلسطيني لعام 2011 في المادة (546) منه أعمال التمييز ويعاقب عليها بالحبس وبالغرامة، ويعرف التمييز بأنه : "كل تفرقة بين الأشخاص الطبيعيين بسبب الأصل الوطني، أو الأصل الاجتماعي، أو اللون، أو الجنس، أو الوضعية العائلية، أو الحالة الصحية، أو الإعاقة، أو الرأي السياسي، أو الانتماء النقابي، أو بسبب الانتماء ، أو عدم الانتماء الحقيقي أو المفترض ، لعرق، أو لأمة، أو لسلالة، أو لدين معين" ؛

(ه) وقد أصبح تعريف التمييز العنصري كما ورد في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري مرجعاً قانونياً إضافياً لدى دولة فلسطين بعد أن حسمت المحكمة العليا الدستورية في قضية رقم (4) عام 2017 موضوع القيمة القانونية للمعاهدات الدولية داخل النظام القانوني الفلسطيني عندما أقرت بسمو هذه المعاهدات على التشريعات الداخلية.

ثاني اً- تعريف التدابير الخاصة المتخذة لحماية الفلسطينيين من أعمال التمييز العنصري

28- إن سياسة دولة فلسطين تهدف إلى تحقيق المساواة لمواطنيها أمام القانون والقضاء وتوفير الحماية القانونية بالتساوي، وتعمل كذلك على تحقيق المساواة الفعلية في مجال تمتعهم بحقوق الإنسان. ولغاية تحقيق المساواة الفعلية والملموسة تطبيقاً للمادة (1/4) والمادة (2/2) من الاتفاقية، فإن دولة فلسطين تهدف إلى اتخاذ تدابير خاصة لتأمين التقدم الكافي للجماعات والأفراد المحتاجين إلى حماية حقوقهم وحرياتهم الأساسية وتأمينها لهم بالكامل وبشكلٍ متساوٍ .

29- أما بالنسبة إلى التدابير التي تم اتخاذها سابقاً والمتخذة حالياً من قبل دولة فلسطين، فهي لا تستهدف دعم مجموعات معينة على أساس العرق أو اللون أو الأصل الاثني والقومي أو النسب، في حدود عدم مخالفة ما جاء في المادة (1/4) من الاتفاقية . فالفقرة (25) من التوصية العامة رقم (32) بخصوص "معنى ونطاق التدابير الخاصة الواردة في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" تشير إلى أن المادة (1/4) هي مادة واسعة التطبيق وتستهدف الأفراد المحتاجين إلى حماية "من دون الإشارة إلى انتمائهم إلى المجموعة الإثنية ".

30- كذلك تنص الفقرة (16) من التوصية العامة رقم (32) على وجوب "وضع التدابير وتنفيذها على أساس الحاجة المبنية على أسس إجراء تقييم واقعي للأفراد والمجتمعات المعنية ". ومصطلح "التقدم الكافي" الوارد في المادة (4/1) يشير ضمناً "إلى برامج موجهة نحو تحقيق أهداف معينة بقصد تخفيف ومعالجة أوجه التفاوت في التمتع بحقوق الإنسان، والحريات الأساسية التي تؤثر على فئات معينة من الجماعات والأفراد وحمايتهم من التمييز، وتشتمل أوجه التفاوت هذه، على سبيل المثال لا الحصر، على فوارق مستمرة وهيكلية وأوجه عدم مساواة فعلية ناجمة عن ظروف تاريخية لا تزال تحرم الضعفاء من الفئات والأفراد من المزايا الأساسية اللازمة لبناء شخصية الإنسان بالكامل ". ويجدر التأكيد بأن الحماية التي تقدم للأفراد والجماعات، لا تشتمل على الحماية من الانتهاكات المرتكبة من قبل الدولة الطرف في الاتفاقية بحق مواطنيها فحسب، فالفقرة (23) التوصية العامة رقم (32) تشير إلى أن مصطلح "الحماية" في المادة (1/4) يدل على "توفير الحماية من انتهاكات حقوق الإنسان الناشئة عن أي مصدر " بما في ذلك الانتهاكات الصادرة عن الاحتلال الأجنبي .

31- وبناءً على الاعتبارات السابقة، فإن التدابير الإيجابية التي تتخذها دولة فلسطين لحماية مواطنيها الأكثر تهميشاً، وبالأخص ضحايا انتهاكات الاحتلال و المواطنين المتواجدين والقاطنين في مناطق التماس لجدار الضم والتوسع والفصل العنصري ، والمناطق المحاذية للمستوطنات غير الشرعية والاستعمارية ، والمناطق ا لحدودية والقدس الشرقية وضحايا العدوان على قطاع غزة، هي تدابير مشروعة وضرورية ومتناسبة مع مبادئ الاتفاقية والتوصيات العامة المتعلقة بالموضوع . فالاحتلال الإسرائيلي أنشأ ظروفاً تاريخية وسياسات وممارسات وفوارق مستمرة وهيكلية غرضها حرمان الفلسطينيين من التمتع بحقوقهم وحرياتهم. ومن الأمثلة على هذه التدابير: مشروع دعم الصمود والتنمية في القدس الشرقية والمناطق المسماة " ج " الذي يدار من خلال اللجنة الوزارية الخاصة بإدارة برنامج تسهيل الوصول لخدمات البنية التحتية، وتشكيل اللجنة الوزارية العليا لإعادة إعمار غزة والتي عملت على صياغة الخطة الوطنية للإنعاش المبكر وإعادة إعمار غزة بعد عدوان عام 2014.

المادة (2)

أول اً- تعهد دولة فلسطين بعدم ممارسة أعمال التمييز العنصري وحظر تلك الأعمال والامتناع عن رعايتها

32- إن دولة فلسطين تناهض الع نصرية والتمييز العنصري بأشكاله كافة وترفض أن تمارس أي من مؤسساتها وموظفيها أي من أعمال التمييز العنصري، وترفض رعاية أي من الأفراد أو الجماعات أو المنظمات التي تمارس أعمال التمييز العنصري.

33- يتضمن الإطار التشريعي في دولة فلسطين عدة نصوص قانونية ملزمة تتضمن بدورها عدة تعهدات من قبل دولة فلسطين بعدم إتيان أي عمل أو ممارسة من ممارسات التمييز العنصري ضد الأشخاص أو الجماعات أو المؤسسات من قبل الأشخاص والجماعات والمؤسسات العامة ، وهي كالتالي:

(أ) يتضمن نص وثيقة إعلان الاستقلال تعهداً بعدم التمييز بنصه على أن "دولة فلسطين هي للفلسطينيين حيثما كانوا ... في ظل نظام ديمقراطي برلماني، يقوم على أساس ... رعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون " ؛

(ب) يحظر المرسوم الرئاسي رقم (3) لسنة 1998 بشأن تكريس الوحدة الوطنية ومنع التحريض "التشجيع على أعمال التمييز العنصري " بما يشمل التمييز العنصري الممارس من قبل الدولة ومؤسساتها؛

(ج) تنص المادة (32) من القانون الأساسي لعام 2003 على أن " كل اعتداء على أي من الحريات الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للإنسان وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون الأساسي أو القانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم ". يعتبر هذا النص تعهداً من الدولة بعدم ارتكاب أي اعتداء ضد الحقوق والحريات العامة بما يشمل التعهد بعدم ممارسة التمييز العنصري. كما يحظر مشروع قانون العقوبات الفلسطيني لعام 2011 التمييز بما في ذلك التمييز العنصري ويعاقب عليه بالحبس و/أو الغرامة. حيث تنص المادة (546) على أن من يمارس التمييز يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين، وبغرامة لا تتجاوز ألف دينار، أو بإحدى هذه العقوبات.

34- تعيق إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال ضمان دولة فلسطين عدم تعرض مواطنيها للتمييز العنصري الممارس من قبل الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة بما يشمل القدس الشرقية. ومن الجدير بالذكر غياب نصوص دستورية أو تشريعية وغياب أية تعهدات أو إعلانات من قبل السلطة القائمة بالاحتلال تنص على حظر ممارسة التمييز العنصري ضد الفلسطينيين. حيث عبرت لجنة القضاء على التمييز العنصري في ملاحظاتها الختامية لعام 2012 عن قلقها عندما أشارت إلى أن القانون الأساسي الإسرائيلي " لا يتضمن أي حكم عام يتعلق بالمساواة وبحظر التمييز العنصري؛ كما لا تتضمن التشريعات الإسرائيلية أي تعريف للتمييز العنصري وفق اً للمادة (1) من الاتفاقية . وتقوض هذه الثغرات على نحو خطير الحماية التي يتعين على الدولة الطرف منحها لجميع الأشخاص الخاضعين لولايتها ويعيق تحقيق المساواة في التمتع بحقوق الإنسان " ( ) .

ثاني اً- التدابير الرامية إلى استعراض السياسات الحكومية والتشريعات بغية القضاء على التمييز العنصري

35- بالتوافق مع ما ورد في توصية لجنة القضاء على التمييز العنصري رقم (17) لعام 1993 بخصوص إنشاء مؤسسات وطنية لتيسير تنفيذ الاتفاقية، وبالتوافق مع الفقرة (76) من برنامج عمل ديربان بخصوص إنشاء ما يلزم من أليات الرصد والتقييم الوطنية، فقد اتخذت دولة فلسطين عدة تدابير لمراقبة امتثال السياسات والإجراءات الحكومية لاتفاقيات حقوق الانسان، ومن هذه الإجراءات : قرار رئيس دولة فلسطين فور الانضمام الى المعاهدات الدولية بتاريخ 07 مايو / ايار 2014 ، بخصوص تشكيل اللجنة الوطنية ( الوزارية ) الدائمة لمتابعة انضمام دولة فلسطين للمعاهدات والمواثيق الدولية، بحيث ترأسها وزارة الخارجية وتضم عدداً من الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، إضافة الى الهيئة المستقلة لحقوق الانسان بصفة مراقب . وقد تم عقد الاجتماع الأول للجنة الوطنية بتاريخ 29 حزيران /يونيو 2014 وصدر خلاله قراراً بتشكيل لجنة خبراء لمتابعة انضمام دولة فلسطين للمعاهدات والاتفاقيات الدولية، بحيث تختص بتقييم وضع حقوق الانسان في دولة فلسطين ومدى توافقه مع الالتزامات الدولية ( ) .

36- كذلك ، بالتوافق مع ما ورد بالتوصية العامة رقم (17) بخصوص إنشاء آليات تعمل على رصد الامتثال التشريعي لاتفاقية القضاء على التمييز العنصري واتفاقيات حقوق الأنسان الأخرى، وتعديل أو إلغاء أو إبطال أية قوانين أو أنظمة مؤدية إلى ممارسة التمييز العنصري أو إدامة ممارسته، فقد أنشأت دولة فلسطين لجنة المواءمة التشريعية برئاسة وزارة العدل في مارس/أيار من عام 2017، وذلك ل غايات ا لبدء في عملية تعديل القوانين الفلسطينية والقوانين السارية في فلسطين ، وعملية الدفع نحو سن قوانين جديدة تتو اءم مع اتفاقيات حقوق الإنسان ، مؤكدا على ذلك قرار المحكمة العليا الدستورية في قضية رقم (4) لعام 2017 بشأن سمو هذه المعاهدات في النظام القانوني الفلسطيني.

ثالث اً- تشجيع المؤسسات التي تكافح كافة أشكال التمييز العنصري وتشجع على الفهم المتبادل

37- تم إنشاء هيئة شؤون المنظمات الأهلية بموجب المرسوم الرئاسي رقم (11) لعام 2012 ، والتي تهدف إلى تنسيق العمل بين كافة المنظمات الأهلية والفلسطينية والأجنبية وبين الجهات الرسمية في دولة فلسطين، على نحو يوفر بيئة مفتوحة وميسرة لتمكين المنظمات الأهلية غير الحكومية من العمل الحر والعلني - بالتوافق مع ما ورد من الفقرة (213) من إعلان ديربان - بما في ذلك تلك المؤسسات التي تكافح التمييز وتشجع على الفهم المتبادل.

38- ليس هنالك مؤسسات مجتمع مدني تتخصص تحديداً في موضوع التمييز العنصري أو موضوع متابعة حقوق الجماعات الفلسطينية المحمية بالاتفاقية، إلا أنه هنالك مؤسسات تعمل على تعميق وتحسين الحوار بين كافة فئات المجتمع، كالمركز الفلسطيني للدراسات وحوار الحضارات والذي يهدف إلى "تشجيع الحوار بين الفئات السياسية والاجتماعية والثقافية المختلفة كون الحوار أفضل وسيلة لحل النزاعات ولتعزيز مفاهيم عديدة كالمواطنة، وتقبل الآخر، واحترام عقائد الآخرين " ( ) .

رابع اً- تكليف مؤسسة وطنية لحقوق الأنسان بمكافحة التمييز العنصري

39- تم إنشاء الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بموجب المرسوم الرئاسي رقم (59) لعام  1995 ، و قد نصت المادة (3) منه على أن مهمة هذه الهيئة هي : "متابعة وضمان توافر متطلبات صيانة حقوق الإنسان في مختلف القوانين والتشريعات والأنظمة الفلسطينية وفي عمل مختلف الدوائر والأجهزة والمؤسسات في دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية ". و انطلاقاً من الاختصاص العام التي كلفت به الهيئة وعلى هيكليتها المكونة من البرامج، والدوائر والوحدات التي من شأنها تلبية وتحقيق هذه المهمات، فإن وحدة تقصي الحقائق والشكاوى تختص بمتابعة الشكاوى التي تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، بما يشتمل على قضايا التمييز في تطبيق القانون لاعتبارات الجنس أو الديانة أو العرق أو اللون أو الأفكار السياسية ( ) . وكما ذكر سابقاً فإن الهيئة هي عضو مراقب في اللجنة الوزارية الدائمة لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات، وإن أي شكوى مقدمة إليها سيكون لها أثر مباشر في عملية تقييم التنفيذ الأمين للاتفاقية.

المادة (3)

أول اً- سياسات الفصل العنصري التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني

40- اكتفت المادة (3) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بحظر ممارسة الفصل العنصري من دون إعطاء تعريف تفصيلي له. وعلى هذا الأساس يجب الاستناد إلى تعريف الفصل العنصري ليس كممارسة تتعهد الدول بحظرها فحسب، بل اعتبارها جريمة ضد الإنسانية، وذلك وفق ما ورد في الصكوك الدولية ذات العلاقة، كالاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها لعام 1973 ، ونظام روما الأساسي للمح كمة الجنائية الدولية لعام 1998، حيث تعتبر هذه النصوص مؤشراً دقيقاً لقياس إذا ما كانت تلك ترقى الممارسات لكي تعتبر تمييزاً عنصرياً . وهنا تنص المادة (2) من اتفاقية قمع جريمة الفصل العنصري على أن عبارة جريمة الفصل العنصري "تشمل سياسات وممارسات العزل والتمييز العنصري المشابهة لتلك التي تمارس في الجنوب الأفريقي، على الأفعال اللاإنسانية الآتية، المرتكبة لغرض إقامة وإدامة هيمنة فئة عنصرية ما من البشر على أية فئة عنصرية أخرى من البشر، واضطهادها إياها بصورة منهجية ". تنص المادة (7)(2) (ح) من نظام روما على أن جريمة الفصل العنصري تعني "أية أفعال لا إنسانية تماثل في طابعها الأفعال المشار إليها في الفقرة 1 وترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي، والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى، وترتكب بنيَة الإبقاء على ذلك النظام " .

41- وأما بالنسبة إلى الفصل العنصري في سياق الاحتلال الإسرائيلي، فلم يعد الحديث في هذا الموضوع نظرياً أو وصفياً أو سياساً، بل اكتسب من جديد صفة قانونية صرفة تتخذ من تعريف الفصل العنصري كجريمة ضد الإنسانية مقياساً لها. إذ أن العديد من المؤسسات الأممية والمرجعية في القانون الدولي قد وضحت بوجود قرائن قاطعة على أن جريمة الفصل العنصري ترتكب في هذا السياق، ومن الأمثلة على ذلك:

(أ) أشارت لجنة القضاء على التمييز العنصري في ملاحظاتها الختامية لعام 2012 بأن ها تشعر " بقلق بالغ إزاء نتائج السياسات والممارسات التي تمثل عملية تمييز فعلية، ومنها تطبيق الدولة الطرف لنظامين قضائيين منفصلين تمام اً في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإنشائها لمؤسسات منفصلة لكل من المجتمعات اليهودية في المستوطنات غير الشرعية من جهة، والسكان الفلسطينيين المقيمين في المدن والقرى الفلسطينية من جهة أخرى . وقد هال اللجنَة بشكل خاص الفصل المحكم بين مجموعتين من الناس تعيشان على أرض واحدة لكنهما لا تتمتعان بالمساواة في استخدام الطرقات والبنى التحتية ولا بالمساواة في الحصول على الخدمات الأساسية والوصول إلى الموارد المائية . ويتجسد هذا الفصل بتنفيذ مجموعة معقدة من القيود على حركة الناس تشمل الجدار الفاصل وحواجز الطرقات وإلزام الفئتين باستخدام طرق منفصلة ونظام تصاريح يؤثر فقط على السكان الفلسطينيين " ( ) .

(ب) أشار تقرير مقرر الأمم المتحدة الخاص بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة المقدم إلى الجمعية العامة في عام 2012 إلى الآتي : "استحدثت إسرائيل نظام اً للفصل والتمييز على أساس نظامين منفصلين للقانون في الأرض الفلسطينية : نظام ينطبق على المستوطنين ويعامِل المستوطنات الاستعمارية على أنها امتدادات بحكم الأمر الواقع لإسرائيل، ويمنح المستوطنين حقوق المواطنين مشفوعة بأوجه الحماية من جانب دولة شبه ديمقراطية . وعلى النقيض، فإن الفلسطينيين خاضعون لنظام من الإدارة العسكرية بما يحرمهم من الحماية القانونية ومن الحق في المشاركة في صياغة السياسات المتعلقة بالأرض التي يعيشون عليها . وهذان النظامان المنفصلان يعزّزان نظام اً للحكم تعتمد فيه الحقوق على الهوية الوطنية وعلى الجنسية . وثمة نظام مزدوج للطرق بين طريق للمستوطنين وطريق آخر للفلسطينيين مما يعزّز الفصل التمييزي بين المجتمعين " ( ) .

(ج) في عام 2014 كرر مقرر الأمم المتحدة الخاص بحالة حقوق الانسان في فلسطين طلبه بإحالة الحالة إلى محكمة العدل الدولية بأن الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد ينطوي على خاصيات قانون اً تتمثل في " الاستعمار " و " الفصل العنصري " و " التطهير العرقي " ( ) . كذلك أشار مقرر الأمم المتحدة إلى : " أن التدابير الإسرائيلية تقسم بالفعل سكان الأرض الفلسطينية المحتلة وفق اً لنوع العرق وتنشئ محميات منفصلة للفلسطينيين وتصادر أراضيهم " ( ) .

(د) أناطت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا لمجموعة من المختصين مهمة صياغة تقرير شامل بعنوان ( الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني والسؤال بخصوص الفصل العنصري ). وفيه تم التوصل بناء على منهج التحقيق العلمي الدقيق والأدلة القاطعة بأن إسرائيل مذنبة بجريمة الفصل العنصري ( ) .

42- وبالرغم من كل هذه الدراسات والجهود وكل التوصيات بإنهاء هذا المنظومة الاستعمارية القائمة على الفصل العنصري، فإن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ترتكب الأفعال والممارسات الوارد ذكرها في المادة (2) من اتفاقية قمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها وذلك على النحو التالي:

(أ) تنص المادة (2) (أ) على أن إحدى الممارسات والسياسيات المتعلقة بالفصل العنصري تتمثل ب ‍  "حرمان عضو أو أعضاء في فئة أو فئات عرقية من الحق في الحياة والحرية الشخصية ". وبهذا الصدد، فإن السلطة القائمة بالاحتلال تمارس القتل والاغتيالات خارج نطاق القانون ضد الفلسطينيي ن، بما فيهم المدنيين والصحفيين والناشطين الع ُ ز َ ل والسياسيين من أفراد الجماعات المسلحة خارج نطاق العمليات الحربية والذين تحرمهم من حقهم في الحياة بشكل تعسفي . كما تنتهج السلطة القائمة بالاحتلال نهج حرمان الفلسطينيين من الحرية على نطاق واسع، ففي عام 2006 وجد أن المحتجزين أمنياً من العرب الفلسطينيين وصل إلى 9498 سجين، بينما وصل عدد المحتجزين على خلفية أمنية من الإسرائيليين اليهود إلى 12 شخصاً فقط ( ) . هذا بالإضافة إلى ممارسة الاحتلال لاعتقالات "الاحتجاز الإداري" بشكل تعسفي وعشوائي وعلى نطاق واسع ومنهجي ، دون توجيه تهمة معينة بناء على حجج أمنية مسبقة غير مدعومة بأدلة قانونية. كما ويعرض المعتقلين والمتهمين على محاكمات تفتقر إلى ضمانات التقاضي الأساسية، كما سنشرح في الجزء المتعلق بالمادة (5) من هذا التقرير. وبشكل ٍ عام فإن النظام القضائي للسلطة القائمة بالاحتلال يعتبر أداة من أدوات الحفاظ على منظومة الاستيطان والاحتلال الاستعماري والتي تصل بعض إجراءاتها إلى أن تصنف كأعمال فصل عنصري.

(ب) تنص المادة (2) (ج) على أن أحد الممارسات والسياسيات المتعلقة بالفصل العنصري تتمثل في "اتخاذ أية تدابير، تشريعية وغير تشريعية، يقصد بها منع فئة أو فئات عنصرية من المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلد ". وفي هذا المجال فإن السلطة القائمة بالاحتلال تقوم بحرمان الفلسطينيين من مختلف الحقوق المذكورة والواردة في المادة (5) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، حيث سيتم ذكر تلك الانتهاكات بالتفصيل في ذلك الجزء من التقرير. وفي هذا المجال فقد خلص تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق لعام 2009 إلى وجود تفرقة واضحة في المعاملة بين الفلسطينيين و بين الإسرائيليين اليهود في عدة مجالات تشتمل على ضمانات التقاضي، واستخدام الأراضي، السكن، واتاحة المجال أمام المصادر الطبيعية، والأحوال المدنية، الإقامة، ولم الشمل، والحق في الحركة، والحق في الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، بالإضافة إلى الحق في التجمع ( ) .

(ج) تنص المادة (2) (د) على أن أحد الممارسات والسياسيات المتعلقة بالفصل العنصري تتمثل في " اتخاذ أية تدابير، بما فيها التدابير التشريعية، تهدف إلى تقسيم السكان وفق معايير عنصرية بخلق محتجزات ومعازل مفصولة لأعضاء فئة أو فئات عنصرية ". وفي هذا الشأن، فإن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عملت من خلال بناء المستوطنات غير الشرعية الاستعمارية ومصادرة الأراضي بالقوة منذ بداية الاحتلال وصولاً إلى بناء جدار الضم والتوسع والفصل منذ العام 2002 ، وفرض الحصار على غزة في عام 2007 ، بإضافة ً إلى عزل القدس الشرقية عن بقية أراضي دولة فلسطين. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة الفصل العنصري تتجلى بالصورة الصارخة والأكثر وضوحاً في القدس الشرقية، التي تمثل مركزاً اقتصادياً وثقافي اً للفلسطينيين. فبينما تفرض إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على الفلسطينيين المقدسيين الإدارة والقوانين والضرائب الإسرائيلية، تقوم في الوقت ذاته بممارسة الإقصاء والتهميش الاقتصادي والاجتماعي ضدهم، عن طريق حرمانهم من الحقوق الأساسية وحقوق الإقامة والأحوال المدنية، وعن طريق منع تمتع الأحياء التي يقيمون فيها بخدمات البنية التحتية الأساسية. وقد دعت لجنة القضاء على التمييز العنصري إسرائيل، في الملاحظات الختامية لعام 2012: " إلى إلغاء أي سياسة قائمة على " التوازن الديمغرافي " من المخطط العام لمدينة القدس وكذلك من سياستها المتعلقة بالتخطيط وتقسيم المناطق في بقية أنحاء الضفة الغربية ". مع ذلك، ما زالت السلطة القائمة بالاحتلال ماضية في ممارستها غير الشرعية .

(د) ‌تنص المادة (2) ( و ) على أن أحد الممارسات والسياسيات المتعلقة بالفصل العنصري تتمثل في "اضطهاد المنظمات والأشخاص، بحرمانهم من الحقوق والحريات الأساسية، لمعارضتهم للفصل العنصري ". وفي هذا الخصوص فإن السلطة القائمة بالاحتلال تستهدف بشكل منهجي وواسع النطاق القادة السياسيين الفلسطينيين، والناشطين المحليين والمدافعين عن حقوق الإنسان . كما تقوم السلطة القائمة بالاحتلال بقمع المظاهرات السلمية المناهضة للنشاطات الاستعمارية وأعمال الفصل العنصري الأخرى. كما وتقوم السلطة القائمة بالاحتلال بإغلاق المنظمات الخيرية والثقافية والتعليمية - بما فيها المؤسسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية - وحظر الأحزاب السياسية ، وفرض حظر السفر عن المدافعين عن حقوق الإنسان من الفلسطينيين ، ونفي المدافعين عن حقوق الإنسان غير الفلسطينيين ، بالإضافة إلى منع وإعاقة وتأخير دخول مجموعات العمل الخاصة في المنظمات الدولية والأمم المتحدة ، ومنهم المقررين الخاصين للأمم المتحدة في شؤون حقوق الإنسان ( ) . علاوة على ذلك تمنع السلطة القائمة بالاحتلال المدافعين في مجال حقوق الإنسان من الدخول إلى الأراضي الفلسطينية ( ) .

43- ولا يمكن الحديث عن هذه الأفعال خارج سياق الركن المعنوي للجريمة والذي يتمثل بنية إدامة هيمنة فئة عرقية على أية فئة عرقية أخرى، واضطهادها إياها بصورة منهجية . ومع الأخذ بعين الاعتبار أن الذي أعد بتكليف من الإسكوا لعام 2017 قد تحدث عن صورة عامة لنظام الفصل العنصري بما يشمل وضع الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية ووضع اللاجئين الفلسطينيين، إلا أن تقرير دولة فلسطين الحالي والمقدم إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري يركز فحسب على الممارسات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 حيث أوجدت إسرائيل تراكباً بين ممارسات الاحتلال الأجنبي المطول وممارسات الاستعمار والفصل العنصري بنية إحكام سيطرة مجموعة عرقية على أخرى. وقد أقر تقرير البعثة الدولية لتقصي الحقائق بشأن المستوطنات لعام 2013 بأن الاحتلال قد خلق "حيز قانوني متميز للمستوطنات والمستوطنين " ( ) . أما بالنسبة إلى تقرير مقرر الأمم المتحدة الخاص بوضع حقوق الإنسان في فلسطين لعام 2014، فقد أظهر بأن سياسة الإبقاء على التوازن الديمغرافي في القدس (70% يهود 30% فلسطينيين)، هي "سياسة تعترف بها بلدية إسرائيل" ( ) ، لذا فإن نية السيطرة على الفلسطينيين من قبل الاحتلال ومنظومة استيطانه الاستعمارية قائمة حيث أن لجنة القضاء على التمييز العنصري قد أشارت إلى أن هذا الفصل يؤثر "بشدة وبشكل غير متناسب على السكان الفلسطينيين " ( ) .

ثاني اً- تطبيق المادة (3) من الاتفاقية على الصعيد الوطني الفلسطيني

44- لا يوجد على الصعيد الوطني الفلسطيني أي وضع من أوضاع الفصل العنصري الكامل أو الجزئي سواء بمبادرة أو بمشاركة من الدولة، أو كناتج عرضي غير مقصود لتصرفات الأفراد ، ولا تتأثر الأنماط السكنية بأية فوارق قائمة على العرق والنسب واللون والأصل الاثني أو القومي.

45- وعلى المستوى التشريعي، فإن المادة (85) من القانون الأساسي المعدل تنص على وجوب "أن تنظم البلاد بقانون في وحدات إدارة محلية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، ويكون لكل وحدة منها مجلس منتخب انتخاباً مباشراً على الوجه المبين في القانون. ... ويراعى عند التقسيم المعايير السكانية والجغرافية والاقتصادية والسياسية للحفاظ على الوحدة الترابية للوطن ومصالح التجمعات فيه" .

46- إن وجود منظومة احتلال استعماري ينتهج الفصل العنصري كإحدى الأدوات لإدامة الاحتلال هو أهم المصاعب التي تعيق إحقاق الإنماء المتوازن في جميع أنحاء دولة فلسطين، وتحديداً في ظل فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، وفصل القدس عن باقي أنحاء الضفة الغربية ومنع السلطات العامة من ممارسة سيادتها على أغلب مساحة أرض دولة فلسطين.

47- ولا تزال الأنماط السكنية في التجمعات السكانية الفلسطينية تتأثر بموجات التهجير القسري بسبب الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري المستمر، والذي يعاني بسببه اللاجئون الفلسطينيون الذين يعيشون في ثمان مخيمات في قطاع غزة وتسع عشرة مخيماً في الضفة الغربية منذ عام 1948. ورغم أن دولة فلسطين تعمل على التنسيق مع اللجان الشعبية للخدمات في المخيمات، وتوفر عدة خدماتٍ لهم، كالكهرباء والماء والضرائب، إلا أنها لا تزال تعاني من مشكلات معقدة وصعبة في مجال الازدحام السكاني، وقلة المياه، والتلوث البيئي الخطير، والبنية التحتية غير الكافية ( ) . هذا بالإضافة إلى استهداف المخيمات وأحيائها السكنية في العدوان المتكرر على الشعب الفلسطيني، ومع خطر مستوى الخدمات المقدمة للاجئين من قبل وكالة الغوث، بسبب شح الموارد الناجم عن تضاؤل الدعم الدولي .

48- أما بالنسبة إلى الجماعات الفلسطينية المحمية بالاتفاقية فلا تتأثر أنماط سكنهم بأية فوارق قائمة عل ى العرق والنسب واللون والأصل الاثني والقومي فالأحياء السكانية الفلسطينية في مجملها مختلطة ومتنوعة، فعلى سبيل المثال، هنالك عدد لا بأس به من أبناء المجتمع الفلسطيني من خارج الطائفة السامرية يسكنون كمستأجرين في بيوت داخل الحي السامري في المدينة، كما يمتلك آخرون بعض المنازل المقامة على جبل جرزيم . مع ذلك، فإن الوضع التاريخي لبلدة القدس القديمة يجعلها تتوزع على عدد من الأحياء القائمة على الدين والعرق ، كالحي الأرمني على سبيل المثال، حيث يلتم أبناء الجالية حول دير مار يعقوب "دير الأرمن ". وبالنسبة إلى الجالية الإفريقية فمعظم أبناؤها يسكنون بالقرب من المسجد الأقصى لما لهم من علاقة تاريخية مع الحرم الشريف.

المادة (4)

أول اً- التدابير الرامية إلى القضاء على خطاب التحريض على الكراهية العنصرية والعنف وعلى المنظمات التي تدعو للتمييز العنصري

49- يوازي النظام القانوني لدولة فلسطين ، بالتوافق مع التوصية العامة للجنة رقم (35) بين التزاماتها المفروضة بموجب المادة (4) من الاتفاقية وبين الحق في حرية التعبير، عن طريق كفالة هذا الحق في عدد من النصوص التشريعية:

(أ) تنص وثيقة إعلان الاستقلال على أن دولة فلسطين تعلن التزامها بمبادئ الأمم المتحدة وأهدافها وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان بما يشمل المادة (19) من الإعلان العالمي الخاصة بالحق في حرية الرأي والتعبير ؛

(ب) انضمت دولة فلسطين من دون تحفظات إلى مجموعة من الاتفاقيات التي تكفل هذا الحق، وبالأخص العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية لعام 1966 ؛

(ج) يكفل القانون الأساسي حرية التعبير عن الرأي، فالمادة (19) منه تنص على أنه " لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون " ؛

(د) تنص المادة (2) من قانون المطبوعات والنشر لعام 1995 على أن " الصحافة والطباعة حرتان وحرية الرأي مكفولة لكل فلسطيني، وله أن يعرب عن رأيه بحرية قولاً، كتابة، وتصويراً ورسماً في وسائل التعبير والإعلام ".

50- إن القوانين الجنائية السارية في دولة فلسطين تقيّد حرية التعبير عن الرأي عندما تشتمل على نشر الأفكار القائمة على التفوق أو الكراهية العنصرية أو الإثنية ، والتحريض على الكراهية الأشخاص والفئات ، أو التحريض بالعنف أو توجيه تهديدات بالعنف ضد أشخاص أو فئات . وذلك على النحو التالي:

(أ) تنص المادة (130) من قانون العقوبات الأردني رقم (16) لعام 1960، المطبق في الضفة الغربية، على أن يعاقب بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمسة عشر سنة كل من ينشر الدعاية التي ترمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية . كما وتنص المادة (150) على أن يعاقب بالحبس مدة ستة أشهر إلى ثلاث سنوات كل من يقد ِم على كتابة أو خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة؛

(ب) تنص المادة (59) والمادة (60) من قانون العقوبات رقم (74) لعام 1936 المطبق في قطاع غزة، على أن يعاقب بالحبس مدة ثلاث سنوات من يقدم على إ يقاظ الاستياء أو النفور بين أهالي فلسطين، أو على إثارة البغضاء والعداوة بين مختلف فئات الشعب في فلسطين؛

(ج) تنص المادة (47) من قانون المطبوعات والنشر رقم (9) لعام 1995 على أن تعاقب بالتعطيل المؤقت لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر كل الجريدة والمؤسسة الإعلامية التي تنشر المقالات التي من شأنها الإساءة إلى الوحدة الوطنية أو التحريض على ارتكاب الجرائم أو زرع الأحقاد وبذر الكراهية والشقاق والتنافر وإثارة الطائفية بين أفراد المجتمع . على أن تصادر جميع النسخ التي تم طبعها في ذلك اليوم ؛

(د) تنص المادة (108) من قرار بقانون رقم (1) لعام 2007، بخصوص الانتخابات العامة، على أن يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن 500 دولار أمريكي كل من دس َ في الدعاية الانتخابية أو الخطب أو النشرات أو الإعلانات أو الصور الانتخابية أي تحريض أو طعن بالمرشحين الآخرين على أساس الجنس أو الدين أو الطائفة أو المهنة أو الإعاقة، أو أي إثارة للنعرات التي تمس بوحدة الشعب الفلسطيني؛

(ه) توجب المادة (25) من قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005 ألا تتضمن الخطب أو النشرات أو الإعلانات أو الصور الانتخابية أي تحريض أو طعن بالمرشحين الآخرين على أساس الجنس أو الدين أو الطائفة أو المهنة أو الإعاقة، أو أي إثارة للنعرات التي تمس بوحدة الشعب الفلسطيني؛

(و) أما بالنسبة إلى قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2017 ( ) ، فهو يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التكنولوجية والاجتماعية المتعلقة بخطاب التمييز العنصري وخطاب الكراهية. وتنص المادة (24) على أن "كل من أنشأ موقعاً أو تطبيقاً أو حساباً إلكترونياً أو إحدى وسائل تكنولوجيا المعلومات، بقصد نشر وتوزيع معلومات تثير النزعات العنصرية وتهدف إلى التمييز العنصري بحق فئة معينة أو أقدم على تهديد شخص أو تحقيره أو التعدي عليه بسبب انتمائه العرقي أو المذهبي أو اللون أو الشكل أو سبب الإعاقة، يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن خمسة ألاف دينار أردني ولا تزيد عن عشر ألاف دينار أردني، أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً ؛

(ز) كذلك تنص المادة (25) من قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2017 على التالي: "كل من أنشأ موقعاً أو تطبيقاً أو حساباً إلكترونياً أو نشر معلومات على الشبكة الإلكترونية أو وسائل تكنولوجيا المعلومات، من شأنه التشويه والتبرير لأعمال الإبادة الجماعية، أو جرائم ضد الإنسانية نصت عليها المواثيق والقوانين الدولية أو المساعدة قصداً أو التحريض على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة، والأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن عشر سنوات " ؛

(ح) تنص المادة (14) من مسودة الدستور الفلسطيني لعام 2015 على أن القانون يعاقب على التحريض والدعاية المستندة إلى التمييز على أساس الأصل أو العرق أو الجنس أو الدين أو المكانة الاجتماعية أو الرأي أو الإعاقة .

51- يراعي النظام القانوني في دولة فلسطين مبدأ التقاطع بين العرق واللون والنسب والأصل العرقي والاثني من جهة وبين الدين من جهة أخرى بالتوافق مع التوصية العامة رقم (35). إذ أن علاقة بعض الجماعات الإثنية الفلسطينية كالأرمن والسريان بديانتها هي علاقة عضوية ومهمة، وأي خطاب كراهية موجهة إلى ديانتها هو موجه إلى الجماعة، وفي هذا المجال فإن النصوص التشريعية التالية تحظر هذا الخطاب على النحو التالي:

(أ) تنص المادة (278) من قانون العقوبات الساري في الضفة الغربية على أن ه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تزيد على عشرين ديناراً كل من نشر شيئاً مطبوعاً أو مخطوطاً أو صورة أو رسماً أو رمزاً من شأنه أن يؤدي إلى إهانة الشعور الديني لأشخاص آخرين أو إلى إهانة معتقدهم الديني، أو من تفوه في مكان عام وعلى مسمع من شخص آخر بكلمة أو بصوت من شأنه أن يؤدي إلى إهانة الشعور أو المعتقد الديني لذلك الشخص الآخر؛

(ب) تنص المادة (149) من قانون العقوبات الساري في غزة على أنه يعاقب بالحبس مدة سنة من نشر شيئاً، مطبوعاً أو مخطوطاً، أو صورة أو رسماً أو رمزاً من شأنه أن يؤدي إلى إهانة الشعور الديني لأشخاص آخرين أو إلى إهانة معتقدهم الديني، أو من تفوه في مكان وعلى مسمع من شخص آخر بكلمة أو بصوت من شأنه أن يؤدي إلى إهانة الشعور أو المعتقد الديني لأشخاص آخرين؛

(ج) تنص المادة (47) من قانون المطبوعات والنشر رقم (9) لعام 1995 على أنه تعاقب بالتعطيل المؤقت لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر الجريدة والمؤسسة الإعلامية التي تنشر المقالات والمواد التي تشتمل على تحقير الديانات والمذاهب، على أن تصادر جميع النسخ المطبوعة في ذلك اليوم ؛

(د) تنص المادة (21) من قانون الجرائم الالكترونية لعام 2017 على أنه "كل من أنشأ موقعاً، أو تطبيقاً، أو حساباً إلكترونياً، أو نشر معلومات على الشبكة الإلكترونية، أو إحدى وسائل تكنولوجيا المعلومات بقصد الإساءة أو سب إحدى المقدسات أو الشعائر المقررة للأديان، أو أحد المعتقدات الدينية، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة أو بغرامة لا تقل عن ألفي دينار أردني ولا تزيد على خمسة آلاف دينار أردني، أو بالعقوبتين كلتيهما "

52- وبشكل عام، فإن كلاً من السلطات العامة ومؤسسات المجتمع المدني لم ترصد أي خطاب عنصري قائم على الأسس المذكورة في المادة (1) من الاتفاقية داخل المجتمع الفلسطيني، وذلك لأن مثل هذه الانتقادات والمضايقات هي نادرة بطبيعتها، ولأن جميع الجماعات الفلسطينية المحمية بالاتفاقية مندمجة بالمجتمع الفلسطيني.

53- يضاف إلى ذلك ندرة الشكاوى المقدمة من ضحايا الخطاب العنصري بسبب الخوف أو عدم الوعي بالحقوق، أو عدم اعتبار مثل هذا الصنف من الممارسات كخطاب أو تمييز عنصري من قبل الضحية؛ حيث قد يلاقي بعض الأشخاص ذوي النسب الإفريقي بعض التعليقات والملاحظات بسبب لونهم ولكنهم لا يعتبرونها تمييزاً أو خطاباً عنصرياً ( ) .

54- تتضمن التشريعات السارية في دولة فلسطين آليات لإعلان المنظمات العنصرية التي تروِج للتمييز العنصري وتحرض عليه، كمنظمات غير شرعية ومحظورة، وهي كالتالي:

(أ) تقضي المادة (144) من قانون العقوبات الساري في الضفة الغربية على أنه يعاقب بالحبس المؤبد كل من أشترك في عصابات مسلحة أُسست بقصد إثارة الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي ؛

(ب) تنص المادة (151) من قانون العقوبات الساري في الضفة على أنه يعاقب بالحبس مدة ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد عن 50 ديناراً كل شخص ينتمي إلى جمعية أنشئت لإثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة . على أن تحل وتصادر أملاك كل جمعية أنشئت بهذا القصد؛

(ج) تعرف المادة (69) من قانون العقوبات الساري في غزة الجمعية غير المشروعة بأنها كل جماعة من الناس، مسجلة كانت أو غير مسجلة، تنشط أو تشجع بنظامها أو بما تقوم به من الدعاية أو بغير ذلك على ارتكاب أي فعل يرمي على ايقاظ الاستياء أو النفور بين اهالي فلسطين، أو على اثارة البغضاء والعداوة بين مختلف فئات الشعب في فلسطين . كما  وتنص المادة (70) على أن يعاقب بالحبس سنة واحدة كل من كان متجاوزاً السنة السادسة عشرة من عمره وانتسب لعضوية جمعية غير مشروعة وكل من اشغل وظيفة أو منصباً في مثل هذه الجمعية أو قام بمهمة معتمد أو مندوب لها، أو زاول مهنة التعليم في أية مؤسسة أو مدرسة تديرها جمعية غير مشروعة أو تدار أو يظهر بأنها تدار تحت سلطتها .

ثاني اً- الجماعات والمنظمات وممثلي السلطات العامة والأفراد الذين يروجون ويحرضون على التمييز العنصري والعنف في سياق الاحتلال الإسرائيلي

55- لا يمكن الحديث عن العنصرية في السياق الفلسطيني من دون الحديث عن الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني والاستعماري كمصدر للتحريض على التمييز العنصري والعنف، بل لا يمكن فصل الظواهر العنصرية داخل إسرائيل عن الظواهر العنصرية الناجمة عن احتلالها الاستيطاني. فقد تمت الإشارة إلى هذه الظاهرة في ملاحظات اللجنة الختامية لعام 2012: "تشعر اللجنة بالقلق إزاء الزيادة التي سُجلت مؤخر اً في أعمال ومظاهر وخطابات العنصرية وكره الأجانب، لا سيما ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، والفلسطينيين المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وطالبي اللجوء من أصول أفريقية ". بل لاحظت لجان القضاء على التمييز العنصري المتعاقبة وجود ثقافة الإفلات من العقاب على خطاب التحريض على العنصرية والعنف الموجهة من قبل المسؤولين الإسرائيليين. فقد أبدت اللجنة قلقها في الملاحظات الختامية لعام 2007 بأن "النائب العام قد تبنى سياسة ضيقة بخصوص الملاحقة القانونية للسياسيين والمسؤولين الحكوميين والشخصيات العامة] لممارستها[خطاب الكراهية ضد الأقلية العربية، وهو ادعاء لا يمكن تبريره بالإشارة إلى الحق في حرية التعبير"( ). كما وأشارت اللجنة في الملاحظات الختامية لعام 2012 إلى ذات الموضوع : " وبينما تلاحظ اللجنة وجود تشريعات جنائية بشأن التحريض على العنصرية والمنظمات العنصرية والمشاركة في هذه المنظمات ودعمها، فإنها تشعر بالقلق إزاء ما تتضمنه هذه التشريعات من تقييدات بينها محدودية تعريف العنصرية، وعدم إتاحة صلاحية الملاحقة القضائية للمحرضين على العنصرية إلا للمدعي العام، والصرامة المفرطة للتشريعات الإسرائيلية فيما يتعلق بإثبات عنصر التعمد في هذه الجرائم . وبينما تلاحظ اللجنة شواغل الدولة الطرف فيما يتعلق بحرية التعبير، فإنها تذكِّر بأن حظر نشر جميع الأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية إنما ينسجم مع الحق في حرية الرأي والتعبير "( ).

56- ولم تقم السلطة القائمة بالاحتلال بإجراء الإجراءات الإصلاحية اللازمة للحد من هذه الثقافة، بل على العكس من ذلك، يوجد تبني رسمي للأفكار والنظريات التي ت قوم على التفوق العرقي للإسرائيليين اليهود على غير اليهود، وذلك خلافاً للمادة (4) من الاتفاقية . فعلى سبيل المثال، في نهاية عام 2017، نشرت وزارة خارجية إسر ائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، كاريكاتوريا عنصرياً يظهر إسرائيل كبلد التطور والحضارة، ويظهر العرب كمثال للتخلف واللاإنسانية ( ) . وإن لهذا الفكر دور أساسي في خلق بيئة عدائية عنصرية عن طريق التحريض والتشجيع على العنصرية والعنف خلافاً لملاحظات الختامية للجان القضاء على التمييز العنصري ولتوصية اللجنة العامة رقم (35).

57- بناء عليه، يمارس ممثلو السلطات العامة والمتواجد و ن في أماكن صنع القرار في المؤسسة الحاكمة لسلطة الاحتلال التحريض على التمييز العنصري والعنف ضد الفلسطينيين دون أي محاسبة على أقوالهم وأفعالهم . ومن الأمثلة على ذلك : تصريح النائب الإسرائيلي في الكنيسيت بتسلئيل سموترتش ، والذي دعى فيه إلى الفصل بين الوالدات العربيات والوالدات اليهوديات في المستشفيات ( ) . وكذلك تصريح النائبة في الكنيسيت الإسرائيلي - ووزيرة العدل - أيليت شاكيد أثناء العدوان على غزة في عام 2014 بقولها أن "الشعب الفلسطيني بأكمله عدو " ويشمل ذلك "أمهات الفلسطينيين " ( ) . وكذلك وصف وزير المالية الإسرائيلي يائير لابيد مؤتمر ديربان "بمهرجان الكراهية " بسبب مشاركة الفلسطينيين فيه " ( ) ، ممثلا بذلك انكارا لمعاناة الشعب الفلسطيني، الناتجة عن السياسيات الإسرائيلية التمييزية العنصرية المتخذة بحقه.

وقد أسست إسرائيل، السلطة القائمة بال احتلال ، بيئة عدائية عنصرية خصبة، سمحت بصعود العديد من الظواهر العنصرية والجماعات المتطرفة التي تدعو وتحرض على قتل العرب والفلسطينيين، وتدعو إلى تهجيرهم من وطنهم واستهداف ممتلكاتهم ومقدساته، وفي ذات الوقت الذي يقدم فيه الاحتلال الدعم لهذه المنظمات فإنه يعيق دولة فلسطين من تقديم الحماية للفلسطينيين في معظم أنحاء الضفة الغربية وفي القدس الشرقية ومن ضمان حكم القانون ومحاسبة هذه المنظمات وحلها . وتوجد العديد من الظواهر المشتركة التي تربط بين تلك الجماعات والتنظيمات العنصرية وبين منظومة الاستيطان الاستعماري ، فالعديد من الذين نفذوا عمليات تخريبية وإرهابية ضد الفلسطينيين في الثمانين يات من القرن الماضي، أصبحوا ال ا ن في قمة القيادة الاستيطانية في الضفة الغربية، والذين يقومون بعمليات اقتحام للمسجد الأقصى ويحرضون على هدمه ( ) . ومن الجدير بالذكر بأن هذا الاحتلال لا ي صنف هذه المنظمات، كمنظمات إرهابية، رغم ما تقوم به من جرائم واعتداءات وقتل ضد الفلسطينيين، وإنما ي كتفي بوصفها ب "الأطر والمجموعات غير المعروفة" أو غير القانونية . إضافة الى ذلك يصل الحد الى امتلاك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال "ميزانية سرية" لتمويل الاستيطان الاستعماري ومنظومته، وذلك حسب ما ورد في تقرير مؤسسة مولاد ( ) .

58- ومن أبرز هذه المنظمات على سبيل المثال لا الحصر:

(أ) مجموعات شبيبة التلال : هم مجموعات متدينة شبابية متطرفة تنتشر في بؤر استيطانية عشوائية غبر قانونية على تلال الأرض الفلسطينية المحتلة وفي داخل المستوطنات الإسرائيلية الاستعمارية في الضفة الغربية بما فيها القدس، ويعملون على استهداف الفلسطينيين وممتلكاتهم، ويستمد هؤلاء أفكارهم المتطرفة من حاخامات متطرفين يقيمون في المستوطنات الاستعمارية؛

(ب) مجموعات " تدفيع الثمن ": هي مجموعات ضاربة تنتمي إلى شبيبة التلال، وتنفذ جرائم وأعمال تخريب بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية. كما تقوم بالاعتداءات على الأماكن المقدسة، ومن أبرز الجرائم التي ارتكبتها هذه المجموعات، جريمة حرق بيت عائلة الدوابشة في قرية دوما جنوب مدينة نابلس والتي أدت إلى حرق وموت زوجان وطفلهما الرضيع عن عمر يناهز (18) شهراً؛

(ج) منظمة "لهافا": وهي منظمة عنصرية متطرفة، تعمل بشتى الوسائل لمنع ما تسميه باختلاط بالأعراق والزواج المختلط بين اليهود وغير اليهود. ارتبط اسم هذه المنظمة بعشرات الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، وتنظم هذه المنظمة تدريبات شبه عسكرية لأفرادها في معسكرات تدريبية خاصة في المستوطنات الإسرائيلية، في شمال وجنوب الضفة الغربية ؛

(د) منظمة "قوة المهام اليهودية": وتعمل هذه المنظمة من أجل " الحفاظ على أرض إسرائيل الكاملة باعتبارها لليهود فقط حسب ما جاء في التوراة "، وترفض المنظمة أي تنازل إسرائيلي عن الأرض التي احتلت في العام 1967. كما تدعو إلى استخدام كافة الوسائل من أجل ضمان تهجير الفلسطينيين من أراضيهم ومنعهم من العودة إليها ؛

(ه) منظمات أخرى تشجع الاستيطان الاستعماري: هنالك جمعيات استيطانية تعمل على محاربة الوجود الفلسطيني عبر تهجيرهم من منازلهم وأراضيهم، ومن أبرز هذه التنظيمات: جمعية العاد، حركة أمنة، وحركة رجافيم .

59- لم تسلم القدس المحتلة من بيئة التحريض والعنف والمضايقات والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين وضد جميع الأديان والأعراق وال إ ثنيات بل أصبحت بفعل الاحتلال الاستعماري مركزاً لهذه البيئة العدائية بسبب مجموعات المستوطنين المسلحة التي ترهب السكان والمضايقة اليومية من جنود الاحتلال . شهدت هذه البيئة التي رعاها الاحتلال موجات من أعمال العنف أثرت على حق الفلسطينيين بالسلامة الجسدية بل على حقهم بالحياة ، فعلى سبيل المثال، بتاريخ الثاني من يوليو /تموز عام 2014 تم اختطاف الطفل محمد أبو خضير من مخيم شعفاط بالقدس الشرقية وحرق جثته من قبل مستوطنين إسرائيليين ( ) . وقد اثرت هذه البيئة كذلك على الأفراد التابعين للجماعات الفلسطينية العرقية و الإثنية في القدس، فالمستوطنون قد اعتادوا مضايقه رجال الدين الأرمن والبصق عليهم وتدنيس ممتلكاتهم بشكل متعمد ( ) ، فعلى سبيل المثال كتب متطرفين في إحدى السنوات السابقة على جدران الحي الأرمني جملة "الموت للعرب وللأرمن" ( ) .

المادة (5)

ألف - الحق في الحياة والسلامة الجسدية والحرية الشخصية

أول اً- ضمانات المواطنين أمام ا لسلطات القضائية والأجهزة التنفيذية التي تتولى إقامة العدل و إنفاذ القانون في دولة فلسطين

60- يضمن القانون في دولة فلسطين الحق في عدم التمييز والتحيز من قبل القضاة وأعضاء النيابة ، وغيرهم من الموظفين العاملين في المؤسسات القضائية ، وذلك كالتالي:

(أ) تنص المادة (18) من قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (3) لسنة 2006 بشأن مدونة السلوك القضائي أنه "على القاضي عند ممارسة عمله القضائي أن يساوي - في كلامه وسلوكه - بين الأشخاص كافة، سواء أكانوا أطرافاً في المنازعة أم غير ذلك (شهوداً أو محامين أو موظفي محكمة أو زملاء في المهنة) وألا يميز بينهم لأسباب تعود إلى الدين أو العرق أو اللون أو لأي سبب أخر. وعليه أن يطلب من الموظفين التابعين له التقيد بذلك" ؛

(ب) تنص المادة (22) من مدونة السلوك القضائي على أنه "على القاضي أن يقوم بأداء واجباته القضائية من غير مفاضلة ولا تحيز ولا تحامل ولا تعصب، بل ينبغي أن يؤديها بما يعزز الثقة باستقلال القضاء ونزاهته" ؛

(ج) تنص المادة (55) من تعليمات النائب العام القضائية رقم (1) لعام 2006 أنه "يتعين أن يكون عضو النيابة عادلاً في معاملة الخصوم لدى مباشرته التحقيق، بأن لا يفرق بينهم في المعاملة، مهما تفاوتت مراكزهم الاجتماعية أو مظاهرهم الشخصية، تفادياً لمظنة الميل أو المحاباة" ؛

(د) تنص المادة (8) في مدونة السلوك القضائي للقضاء وأعضاء النيابة العسكرية لعام 2012 أنه "على القاضي أو عضو النيابة العسكرية أن يشعر بالحرية المطلقة ليمارس سلطته عند تطبيقه القانون بإنصاف وعدالة وعدم التحيز بأي شكل من الأشكال لأي طرف من أطراف الدعوى" ؛

(ه) تنص مدونة سلوك العاملين في المؤسسات القضائية ( ) على وجوب أن يحافظ الموظفين "على التعامل مع كافة المتعاملين مع مرفق القضاء بمساواة مطلقة والحرص على عدم التمييز والمحاباة لأسباب غير موضوعية تتعلق بالجانب السياسي أو الجغرافي أو العائلي أو بسبب الجنس أو الدين أو العلاقات الخاصة " .

61- يتوافق النظام القضائي الفلسطيني مع التوصية العامة رقم (31) لعام 2005 بشأن منع التمييز العنصري في إدارة وسير عمل نظام العدالة الجنائية، حيث أن القوانين الإجرائية السارية في فلسطين كقانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (2) لعام 2001 وقانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لعام 2001، وقانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لعام 2001، توفر ضمانات التقاضي لجميع المواطنين ومن دون تمييز بناء على أي أساس من الأسس المذكورة في الاتفاقية.

62- تعطي النصوص التشريعية المتهم من دون تمييز الحق في افتراض البراءة كما وتحظر على السلطات القضائية وغيرها من السلطات العامة من التعبير عن آرائها علانيةً فيما يتعلق بذنب المتهم قبل أن تتوصل المحكمة إلى حكم في القضية ، خاصة في الحالات التي تشكل إثارة الشبهات حول أفراد ينتمون إلى جماعات عرقية واثنية معينة، وذلك كالتالي:

(أ) تنص المادة (14) من القانون الأساسي المعدل على أن "المتهم بريء حتى تثبت ‏إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه" ؛

(ب) تنص المادة (16) من قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (3) لسنة 2006 بشأن مدو َ نة السلوك القضائي أنه: "لا يجوز للقاضي أن يبدي رأيه مسبقاً في النزاع المعروض عليه، سواءً للخصوم أو غيرهم" ؛

(ج) تنص المادة (15) من قرار رئيس هيئة القضاء العسكري رقم (1) لسنة 2012م بشأن مدو َ نة السلوك القضائي للقضاة وأعضاء النيابة العسكرية أنه "في جميع الأحوال يحظر على القاضي التحدث في أي ش أ ن من القضايا المنظورة أمامه خارج جلسات المحاكم أو يعطي رأيا ً فيها مسبقا".

63- توفر النصوص التشريعية التالية لجميع المتهمين والخصوم دون تمييز إمكانية التمتع بالحق في الدفاع والحصول على محامي من دون تمييز:

(أ) تنص المادة (14) من القانون الأساسي المعدل على أن "كل متهم في جناية يجب أن يكون له محام ٍ يدافع عنه" ؛

(ب) تنص المادة (102) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لعام 2001 على أنه "يحق لكل من الخصوم الاستعانة بمحام ٍ أثناء التحقيق" ؛

(ج) تنص المادة (244) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لعام 2001 على أن "تسأل المحكمة المتهم إذا اختار محامياً للدفاع عنه، فإن لم يكن قد فعل بسبب ضعف حالته المادية انتدب له رئيس المحكمة محامياً، مارس المهنة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، أو مارس قبل حصوله على إجازة المحاماة العمل في النيابة العامة أو في القضاء مدة لا تقل عن سنتين".

64- ت ض من النصوص التشريعية التالية للمتهم الحق في الحصول على مساعدة من مترجم مؤهل:

(أ) تنص المادة (60) من قانون الإجراءات الجزائية لعام 2001 على أن: "يجري التحقيق باللغة العربية، ويسمع وكيل النيابة أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم يحلف يميناً بأن يؤدي مهمته بالصدق والأمانة" ؛

(ب) تنص المادة (246) من قانون الإجراءات الجزائية لعام 2001 على التالي: "إذا كان المتهم أو الشهود أو أحدهم لا يحسنون التكلم باللغة العربية، عين رئيس المحكمة مترجماً مرخصاً، وعليه أن يحلف اليمين بأن يترجم الأقوال بصدق وأمانة".

ثاني اً- الحق في الحماية من أي عنف أو أذى صادر عن مؤسسات الدولة المكلفة بإنفاذ القانون في دولة فلسطين

65- إن حماية الجماعات العرقية و الإثنية من ممارسة العنف من قبل موظفي الدولة و الأفراد تندرج من قبل الحماية العامة التي يوفرها القانون للمواطنين وذلك وفق الإطار التشريعي التالي:

(أ) تنص المادة (13) من القانون الأساسي المعدل أنه "لا يجوز إخضاع أحد لأي إكراه أو تعذيب، ويعامل المتهمون وسائر المحرومين من حرياتهم معاملة لائقة " ؛

(ب) تنص المادة (29) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لعام 2001 على أنه "لا يجوز القبض على أحد أو حبسه إلا بأمر من الجهة المختصة بذلك قانوناً، كما تجب معاملته بما يحفظ كرامته، ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً " ؛

(ج) تنص المادة (208) من قانون العقوبات الأردني رقم (16) لعام 1960 الساري في الضفة الغربية أنه "من سام شخصاً أي نوع من أنواع العنف والشدة التي لا يجيزها القانون بقصد الحصول على إقرار بجريمة أو على معلومات بشأنها، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات " ؛

(د) تنص المادة (108) من قانون العقوبات رقم (74) لعام 1936 الساري في غزة على أن "كل موظف في الخدمة العامة عرض شخصاً آخر لاستعمال القوة أو العنف معه أو أمر باستعمال القوة والعنف معه لكي ينتزع منه أو من أي فرد من أفراد عائلته اعترافاً بجرم أو معلومات تتعلق بجرم، يعتبر أنه ارتكب جنحة ".

66- توفر القرارات والإجراءات الإدارية ومدونات السلوك والخطط الاستراتيجية التالية، دون تمييز، الحق في الحماية من أي عنف قد يصدر عن المؤسسات المكلفة بإنفاذ القانون :

(أ) تشير الخطة الاستراتيجية لقطاع الأمن في دولة فلسطين للأعوام 2014-2016 إلى الهدف الاستراتيجي المتعلق بترويج مبادئ ومفاهيم حقوق الإنسان داخل أجهزة الأمن الفلسطينية والأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون، وذلك عن طريق صياغة مدونات قواعد السلوك لهذه الأجهزة و إنشاء أنظمة الرقابة وإدارة عملها ؛

(ب) تنص المادة (11) من مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل للعاملين بالمخابرات العامة على أن "يحظر تماماً التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة" ؛

(ج) تنص المادة (8) من قرار بقانون رقم (11) لسنة 2007 بشأن الأمن الوقائي أنه "على الإدارة العامة للأمن الوقائي الالتزام باحترام الحقوق والحريات والضمانات المنصوص عليها في القوانين الفلسطينية المواثيق والمعاهدات الدولية " ؛

(د) تنص المادة (13) من مدونة السلوك الوظيفي للعاملين بالمخابرات العامة على الآتي : "يجب أن يكون استخدام القوة في حالات الضرورة الماسة وفي الحدود التي يتطلبها أداء الواجب في حماية الوطن والمواطنين والحفاظ على الأموال والممتلكات العامة والخاصة ".

67- تؤكد مدونات سلوك العاملين في الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون على مبدأ عدم التمييز في التعامل بين المواطنين، حيث تنص المادة (10) من مدونة السلوك الوظيفي للعاملين بالمخابرات العامة أنه "على العاملين في المخابرات " احترام حقوق ومصالح الآخرين دون استثناء، والتعامل معهم باحترام ولباقة وكياسة وحيادية وتجرد وموضوعية، وذلك دون تمييز على أساس اللون والعرق أو النوع الاجتماعي أو المعتقدات الدينية والسياسية أو الوضع الاجتماعي أو السن أو الإعاقة أو أي شكل آخر من أشكال التمييز ".

68- إن حماية الجماعات العرقية و الإثنية من الاستجواب والتفتيش بناء على مظهرهم المادي أو بطريقة التصوير العنصري تندرج ضمن ضمانات بعدم الاستجواب والتفتيش التعسفي، وذلك وفق الإطار القانوني والإجرائي التالي:

(أ) تنص المادة (29) من قانون الإجراءات الجزائية لعام 2001 على أنه "لا  يجوز القبض على أحد أو حبسه إلا بأمر من الجهة المختصة بذلك قانوناً " ؛

(ب) تنص المادة (126) من قانون الإجراءات الجزائية لعام 2001 أنه "ل لنيابة العامة ورؤساء محاكم البداية والاستئناف تفقد مراكز الإصلاح والتأهيل ( السجون ) وأماكن التوقيف الموجودة في دوائرهم للتأكد من عدم وجود نزيل أو موقوف بصفة غير قانونية، ولهم أن يطلعوا على سجلات المركز وعلى أوامر التوقيف والحبس وأن يأخذوا صوراً منها وأن يتصلوا بأي موقوف أو نزيل ويسمعوا منه أي شكوى يبديها لهم، وعلى مديري ومأموري المراكز أن يقدموا لهم كل مساعدة للحصول على المعلومات التي يطلبونها " ؛

(ج) تنص المادة (346) من قانون العقوبات الأردني رقم (12) لعام 1960 أنه "كل من قبض على شخص وحرمه حريته بوجه غير مشروع، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على خمسين ديناراً ".

ثالث اً- معاملة الفلسطينيين من قبل أجهزة سلطات الاحتلال المكلفة بإنفاذ القانون خاصة من قبل القضاء العسكري الإسرائيلي

69- منذ عام 1967، أقدمت سلطات الاحتلال على اعتقال وسجن أكثر من 850 ألف( ) فلسطيني بينهم 10 ألف امرأة( ) و25 ألف طفلا( ). وتصل نسبة إدانة الفلسطينيين أمام المحاكم إلى 99%( )مما يظهر توجه واضح نحو جعل النظام القضائي العسكري أداه لتنفيذ سياسات الاحتلال الاستعمارية.

70- أشارت لجنة القضاء على التمييز العنصري في الملاحظات الختامية لعام 2012 إلى موضوع الاعتقال الإداري : "تعرب اللجنة عن قلقها الشديد إزاء استمرار الدولة الطرف في تطبيق الاعتقال الإداري للفلسطينيين أطفالا ً وكبار اً بناء على أدلة لا يفصح عنها لأسباب أمنية ". وبالرغم من تلك التوصية فإن السلطة القائمة بالاحتلال لا زالت تمييز بين الإسرائيليين والفلسطينيين في تطبيقها لقواعد الاحتجاز، فبينما ينص قانون سلطات الطوارئ لعام 1979 على أن يتم احتجاز أي إسرائيلي فقط بقرار من رئيس الوزراء، لمدة ستة شهور على أن يتم عرض الشخص المحتجز على قاضي خلال 48 ساعة، فإن الأمر العسكري رقم (1651) لعام  2010 يعطي القائد العسكري ل لسلطات التابعة للاحتلال صلاحية احتجاز الفلسطينيين إدارياً لمدة ستة أشهر مع إمكانية تجديد الاحتجاز لعدد غير محدود من المرات، مع مثوله أمام القاضي خلال ثمان ية أيام و إمكانية أن يصدر القاضي قراراته بناءً على دلائل لا يتم عرضها على المتهم، ومنذ عام 1967 أصدرت سلطات الاحتلال ما يزيد عن 50 ألف قرار بالاعتقال الإداري بحق الفلسطينيي ن . وقد شملت سياسة الاعتقال الإداري الأطفال القصر، حيث أشارت لجنة القضاء على التمييز العنصري أنها : " تشعر [ اللجنة ] بالقلق بصفة خاصة إزاء التقارير التي تفيد بارتفاع عدد حالات التوقيف والاحتجاز التي تطال الأطفال وبتقويض الضمانات القضائية الخاصة بهم، خصوص اً فيما يتعلق باختصاص المحاكم العسكرية في محاكمة الأطفال الفلسطينيين، وهو أمر يتعارض مع القانون الدولي " ( ) ولم تقم السلطة القائمة بالاحتلال بالتغيير من هذه السياسة، ففي ديسمبر من عام 2017 ، تم اعتقال ما يقارب 350 طفلاً ( ) .

71- أشارت لجنة القضاء على التمييز العنصري في الملاحظات الختامية لعام 1998 إلى الانتهاكات التي ترتكب بحق المعتقلين داخل السجون ومراكز الاحتجاز : "أبدت اللجنة قلقها العميق أن الأشخاص ذي الأصل الاثني العربي يخضعون بشكل مفرط لتحقيقات غير إنسانية ومهينة بحسب قواعد لجنة لانداو ، وأن المحكمة العليا قد فشلت في إعلان عدم قانونية الأمر ". وبالرغم من تحفظ اللجنة، فإن سلطات الاحتلال تنتهج ممارسات التعذيب والمعاملة القاسية ضد المحتجزين الفلسطينيين، بما يشمل الضرب المتكرر، والصفع، وتكبيل اليدين والساقين، والحرمان من النوم، وإجبار المعتقلين على البقاء في أوضاع مؤلمة لمدد طويلة، والتهديد، وغير ذلك من ضروب المعاملة القاسية والحاطة للكرامة ( ) .

72- تستخدم الأجهزة العسكرية لسلطات الاحتلال القوة والعنف المفرط ضد المدنيين الفلسطينيين الذين لا يشكلون أي تهديد، ففي عام 2016 قتلت قوات الاحتلال أكثر من  (94) وجرحت ما يزيد عن (3023) فلسطينياً ( ) .

73- وقد أكدت لجنة القضاء على التمييز العنصري في الملاحظات الختامية لتقرير إسرائيل لعام 2012 إلى تمييز السلطة القائمة بالاحتلال بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الحق في المساواة أمام القانون والقضاء وضمانات التقاضي، حيث أشارت أنها : " تشعر [ اللجنة ] بقلق بالغ لوجود مجموعتين من القوانين إحداهما للفلسطينيين والأخرى للمستوطنين اليهود الذين يسكنون الأراضي نفسها، أي الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، والذين لا يخضعون لنفس النظام القضائي ( في الشؤون الجنائية والمدنية على السواء ) ( ) . وبالرغم من توصية اللجنة فإن الوضع لم يتغير . فالفلسطينيون يحاكمون في محاكم عسكرية من قبل قضاة عسكريين في محاكمات غير متوائمة مع القانون الدولي والمعايير الدولية، ولا تقدم أي ضمانات تقاضي عادل للفلسطينيين. ومن ظواهر هذا التمييز، فترات اعتقال أطول، عوائق في حق تمثيل الفلسطينيين من قبل محامي وفي الحق في الدفاع ( ) ، استخدام اللغة العبرية بشكل تمييزي في محاكمات الفلسطينيين ( ) ، التمييز في تعريف الجنايات المرتبكة من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين ( ) ، التمييز في مدد وصرامة العقوبات لذات الجرائم، التمييز في فرصة الإفراج عن المدان قبل نهاية فترة العقوبة.

74- ولم تسلم الجماعات العرقية و الإثنية الفلسطينية من انتهاكات الاحتلال لحقوقهم بالحياة والسلامة الجسدية والحرية الشخصية، وذلك على النحو التالي:

(أ) الحق في الحياة: يعتبر أسامة جدة، ابن الجالية الإفريقية في القدس، أحد أول شهداء الانتفاضة الثانية في عام 2000 ، حيث توفي برصاص جنود الاحتلال أثناء الاحتجاجات في المسجد الأقصى. كذلك استشهد الشاب الأرمني هاروت كولزيان في مدينة رام الله عام 1991 خلال الانتفاضة الأولى ( ) ؛

(ب) الحق في ا لحرية: تعرض 80% من الفلسطينيين الأفارقة للاعتقال في سجون الاحتلال، وقضوا فيها أحكاما مختلفة بسبب انتماءاتهم ونشاطاتهم السّياسية ( ) ؛

(ج) الحق في محاكمة عادلة: ومن الأمثلة على ذلك قضية الطلاب الأرمن الذين تعرضوا لمضايقات في القدس من قبل أحد المستوطنين قبل أن يتم استدراجهم إلى عراك واعتقالهم من قبل السلطات الإسرائيلية وسجنهم في سجن المسكوبية ومحاكمتهم في محاكمة خالية من الضمانات القضائية والحكم عليهم بالترحيل وإرسالهم إلى سجن الرملة وتعذيبهم ( ) .

باء - حقوق الإنسان بشكل ٍ عا م

أول اً- الحقوق السياسية المتعلقة بالمشاركة في الحياة العامة

75- إن النظام السياسي الفلسطيني هو نظام تعددي يشجع جميع الفئات الفلسطينية على المشاركة السياسية في جميع قطاعات الحياة العامة من دون تمييز ، وذلك على النحو التالي:

(أ) تشير وثيقة إعلان الاستقلال إلى إنشاء نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس رعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل ؛

(ب) تنص المادة (4) من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية : الفلسطينيون جميعاً أعضاء طبيعيون في منظمة التحرير الفلسطينية، يؤدون واجبهم في تحرير وطنهم قدر طاقاتهم وكفاءاتهم، والشعب الفلسطيني هو القاعدة الكبرى لهذه المنظمة؛

(ج) تنص المادة (26) من القانون الأساسي المعدل أن " للفلسطينيين حق المشاركة في الحياة السياسية أفراداً وجماعات ".

76- الحق في الانتخاب: تقوم دولة فلسطين بإعمال الحق في المشاركة في الانتخابات من دون تمييز عن طريق عدة نصوص تشريعية وإجراءات إدارية:

(أ) تنص المادة (26) من القانون الأساسي المعدل على حق الفلسطينيين في "التصويت والترشيح في الانتخابات لاختيار ممثلين منهم يتم انتخابهم بالاقتراع العام وفقاً للقانون " ؛

(ب) تنص المادة (34) من القانون الأساسي على أن "ينتخب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية انتخاباً عاماً ومباشراً من الشعب الفلسطيني وفقاً لأحكام قانون الانتخابات الفلسطيني " ؛

(ج) تنص المادة (28) من قرار بقانون رقم (1) لعام 2007 بشأن الانتخابات العامة على إمكانية كل فلسطيني في الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف وقطاع غزة ممن توفرت فيه الشروط المنصوص عليها في هذا القانون لممارسة الحق في الانتخاب ، وذلك بغض النظر عن الدين والرأي والانتماء السياسي والمكانة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية؛

(د) تمنح المادة (27) من قرار بقانون رقم (1) لعام 2007 الأجانب ( ما عدا حملة الجنسية الإسرائيلية ) المتزوجين من فلسطينيين، سواء كانوا أزواج فلسطينيات أو زوجات فلسطينيين، الحق في ممارسة حق الانتخاب في الانتخابات العامة حتى وإن لم يكن هؤلاء حائزين على الهوية الفلسطينية وقت التسجيل في سجل الناخبين أو الاقتراع؛

(ه) تشترط المادة (7) من قانون انتخاب المجالس المحلية رقم (10) لعام 2005 لكل من يمارس حق الانتخاب، أن يكون فلسطينياً ، بلغ الثامنة عشرة من عمره يوم الاقتراع . وأن يكون مقيماً في الدائرة الانتخابية، لمدة لا تقل عن ستة أشهر من تاريخ إجراء الانتخابات، وألا يكون فاقداً لأهليته القانونية؛

77- لتعزيز مشاركة جميع فئات المجتمع الفلسطيني في الانتخابات، قامت اللجنة المركزية للانتخابات بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني بتنفيذ عدد من المشاريع التوعوية بالحق في الانتخاب، ومن الأمثلة على ذلك : مشاريع التوعية الانتخابية في المدارس ؛ مشاريع التوعية الانتخابية في الجامعات ومشروع "طريقنا إلى الدولة الديمقراطية" والتي تمت التوعية فيه عن طريق البث الإذاعي والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لضمان وصول بهدف نشر الوعي في مجال الثقافة السياسية والمشاركة الديموقراطية وضمان وصول المعلومات القانونية الخاصة بالعملية الانتخابية بشكل أوسع لكافة الشرائح في المجتمع الفلسطيني.

78 - الحق في الترشح: تقوم دولة فلسطين من دون تمييز بإعمال الحق في الترشح للانتخابات، وذلك من خلال عدة نصوص تشريعية وإجراءات إدارية:

(أ) يشترط نظام انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني لعام 1965 في مرشح عضوية المجلس الوطني "أن يكون فلسطينياً يجيد القراءة والكتابة، ناخباً مقيداً في جدول الانتخابات النهائي، قد أتم الخامسة والعشرين من عمره عند قيامه بالانتخاب، غير محكوم عليه بجناية أو جنحة أخلاقية، ليس موظفاً في المنظمة، أن يكون عضواً عاملاً في التنظيم الشعبي، وألا يرشح نفسه في أكثر من دائرة انتخابية واحدة " ؛

(ب) تشترط المادة (36) من القرار بقانون بخصوص الانتخابات العامة في المرشح لمنصب الرئيس : "أن يكون فلسطينياً مولوداً لأبوين فلسطينيين، أن يكون قد أتم الأربعين عاما من العمر على الأقل في اليوم المحدد لإجراء الاقتراع، أن يكون مقيماً إقامة دائمة في الأراضي الفلسطينية، أن يكون مسجلاً في السجل النهائي للناخبين وتوفرت فيه الشروط الواجب توفرها لممارسة حق الانتخاب، أن يلتزم بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبوثيقة إعلان الاستقلال وبأحكام القانون الأساسي " ؛

(ج) تشترط المادة (45) من القرار بقانون بشأن الانتخابات العامة في مرشح عضوية المجلس التشريعي ما يلي : " أن يكون فلسطينياً . أن يكون قد أتم الثامنة والعشرين عاماً من العمر أو أكثر في اليوم المحدد لإجراء الاقتراع . أن يكون اسمه مدرجاً في سجل الناخبين النهائي . ألا يكون محكوما في جنايةً أو في جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة . أن يكون مقيماً إقامة دائمة في الأراضي الفلسطينية . أن يلتزم بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبوثيقة إعلان الاستقلال وبأحكام القانون الأساسي " ؛

(د) تنص المادة (18) من قانون رقم (10) لعام 2005 بشأن انتخابات المجالس المحلية على الآتي : " يشترط في المرشح ضمن القائمة ما يلي : بلوغ سن الخامسة والعشرين في يوم الاقتراع، أن يكون اسمه مدرجا في سجل الناخبين النهائي العائد للدائرة التي يترشح عنها وأن تتوفر فيه شروط الناخب، ألا يكون محكوماً عليه في جنحة مخلة بالشرف أو بجناية، أن لا يكون موظفاً ( أو مستخدماً ) في وزارة الحكم المحلي أو في أي من أجهزة الأمن العام أو في الهيئة المحلية، أو محامياً له، ألا إذا قدم استقالته وأرفق ما يفيد قبولها بطلب الترشيح، أن يكون مقيماً ضمن الهيئة المحلية المرشح لمجلسها لمدة لا تقل عن سنة من تاريخ إجراء الانتخابات، وأن لا يكون مرشحاً في دائرة أو قائمة أخرى ".

79- بناء على ذلك، تتمتع الجماعات العرقية و الإثنية الفلسطينية بالحق في الترشح والتمثيل على الصعيد الوطني والمحلي، فعلى سبيل المثال، يوجد في بلدية بيت لحم مقعد ثابت للسريان، وكذلك يتمتع السامريون بالحق بالترشح والتمثيل في المجلس التشريعي الفلسطيني، كالنائب المرحوم سلوم عمران اسحق الكاهن والذي تم انتخابه عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني الأول في العام 1996 والذي كان عضواً في لجنة القدس ولجنة الموازنة العامة في المجلس ( ) .

80- تعيق إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، حق الفلسطينيين المقدسيين - بما يشمل الجماعات العرقية و الإثنية الفلسطينية - بالانتخاب والترشح و التمثيل السياسي بالمشاركة مع باقي الجمهور الفلسطيني وذلك عن طريق الممارسات التالية:

(أ) أقدمت سلطات الاحتلال في عام 2004 على إغلاق مراكز تسجيل الناخبين الفلسطينيين المقدسيين في القدس الشرقية، واعتقلت الموظفين العاملين في تلك المراكز وذلك في خطوة ضد حقهم في المشاركة بالانتخابات التشريعية والرئاسية ( ) ؛

(ب) كانت نسبة مشاركة الفلسطينيين المقدسيين في الانتخابات التشريعية الفلسطينية متدنية ، وذلك بسبب المضايقات من قبل بعض التنظيمات العنصرية الإسرائيلية التي تهدد أي مقدسي يشارك في الانتخابات بترحيله قسراً ، علاوة على قيام قوات السلطة القائمة بالاحتلال بإعاقة حركة المواطنين الفلسطينيين ومنعهم من الوصول الى مراكز الاقتراع ( ) ؛

(ج) مضى ما يقارب 50 عاماً من دون أن يحظى الفلسطينيين المقدسيين بالحق في المشاركة في انتخابات بلدية خاصة بهم وتمثل مصالحهم، مع العلم بأن بلدية الاحتلال لا ترعى مصالح السكان ولا تقدم الخدمات الملائمة لهم ( ) .

81- كما تعيق إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، حق الفلسطينيين في ممارسة العمل السياسي النيابي في المجلس التشريعي باعتقالها نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني بشكل أعاق ويعيق المشاركة في الحق في الانتخاب والترشح والتمثيل والمشاركة في الحياة السياسية . حيث تم اعتقال ثلث نواب المجلس التشريعي بعد انتخابات 2006 التشريعية . وقد وصل عدد النواب المعتقلين حالياً إلى اثن ي عشر نائباً ( ) .

82 - الحق في تشكيل الأحزاب والمشاركة فيها: تقوم دولة فلسطين من دون تمييز بضمان الحق في تأسيس الأحزاب والانتساب إليها عن طريق عدة نصوص تشريعية وإجراءات إدارية:

(أ) تشير المادة (19) من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية على أن تعمل اللجنة التنفيذية على "تنسيق العمل بين المنظمة وبين جميع المنظمات والاتحادات والمؤسسات العربية والدولية التي تتفق معها في الأهداف أو تعينها على تحقيق أغراض المنظمة ". وقد جرت العادة على اعتراف بالفصائل السياسية التي تعترف بالمنظمة وأهدافها وتعينها على تحقيق هذه الأهداف، وتتمتع تلك الفصائل في عضويتها للمجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية للمنظمة ؛

(ب) تعطي المادة (26) من القانون الأساسي المعدل للفلسطينيين حق " تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها وفقاً للقانون " ؛

(ج) تنص المادة (3) من قانون الأحزاب السياسية الأردني لعام 1955 الساري في الضفة الغربية على حق المواطنين في "تأليف الأحزاب السياسية على أن تكون غاياتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور " ؛

(د) تشير وثيقة إعلان المبادئ والمعايير الصادرة في المؤتمر الوطني بشأن حماية الحق في التجمع والتنظيم في فلسطين لعام 2009 إلى أن الانضمام للأحزاب طوعي على أساس حرية الاختيار، ودون تمييز على أساس الدين أو الجنس أو غيرها من أشكال التمييز.

83 - الحق في تقلد المناصب العامة : تقوم دولة فلسطين من دون تمييز بضمان حق المواطنين بالتنافس لتقلد المناصب في الوظيفة العامة وفق شروط وإجراءات قائمة على أسس المساواة والكفاءة ومن دون أي تمييز وذلك وفق الأحكام التالية:

(أ) تشترط المادة (24) من قانون الخدمة المدينة رقم (4) لعام 1998 في من يعين في أي وظيفة أن يكون فلسطينياً أو عربياً، وأن يكون قد أكمل السنة الثامنة عشرة من عمره، وأن يكون خالياً من الأمراض التي تمنعه من القيام بأعمال الوظيفة التي سيعين فيها، وأن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية غير محكوم عليه من محكمة فلسطينية مختصة بجناية أو بجنحة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يرد إليه اعتباره؛

(ب) تشترط المادة (43) من قانون الخدمة المدنية لترقية أي موظف عدد معين من سنوات الأقدمية ونسبة من تقديرات الكفاءة المحددة بالقانون.

84 - الحق في المشاركة في الاجتماعات العامة وفي تكوين الجمعيات: تضمن دولة فلسطين دون تمييز حق المواطنين بالمشاركة في الاجتماعات العامة من خلال الأطر التشريعية والإدارية التالية:

(أ) تنص المادة (26) من القانون الأساسي المعدل على حق الفلسطينيين في "عقد الاجتماعات الخاصة دون حضور أفراد الشرطة، وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات في حدود القانون " ؛

(ب) تنص المادة (2) من قانون رقم (12) 1998 بشأن الاجتماعات العامة على أن "للمواطنين الحق في عقد الاجتماعات العامة والندوات والمسيرات بحرية، ولا يجوز المس بها أو وضع القيود عليها إلا وفقاً للضوابط المنصوص عليها في هذا القانون " ؛

(ج) توجب المادة (5) من قانون الاجتماعات العامة "الجهات ذات الاختصاص وبناء على طلب الجهة المنظمة للاجتماع اتخاذ ما يلزم من إجراءات الحماية على ألا يترتب على تلك الإجراءات أي مس بحرية المجتمعين وسير عملية الاجتماع ".

85- كذلك تضمن دولة فلسطين دون تمييز حق المواطنين بالمشاركة في تشكيل الجمعيات والانتساب إليها من خلال الأطر التشريعية والإدارية التالية :

(أ) تنص المادة (26) من القانون الأساسي المعدل على حق الفلسطينيين في "تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط والأندية والمؤسسات الشعبية وفقاً للقانون " ؛

(ب) تنص المادة (1) من قانون تشكيل الجمعيات رقم (1) لعام 2000 أنه "للفلسطينيين الحق في ممارسة النشاط الاجتماعي والثقافي والمهني والعلمي بحرية بما في ذلك الحق في تشكيل وتسيير الجمعيات والهيئات الأهلية وفقاً لأحكام هذا القانون " ؛

(ج) تعرف المادة (2) من قانون رقم (1) لعام 2000 الجمعية أنها "هي شخصية معنوية مستقلة تنشأ بموجب اتفاق بين عدد لا يقل عن سبعة أشخاص لتحقيق أهداف مشروعة تهم الصالح العام دون استهداف جني الربح المالي بهدف اقتسامه بين الأعضاء أو لتحقيق منفعة شخصية " ؛

(د) تنص المادة (2) من قرار مجلس الوزراء رقم (9) لعام 2003 بخصوص اللائحة التنفيذية لقانون رقم (1) لعام 2000 على الضمانات الآتية : "لكل فلسطيني الحق في المشاركة في تأسيس وإدارة الجمعيات والانتساب إليها والانسحاب منها بحرية، وذلك من أجل تحقيق هدف أو أهداف لا يبتغى منها اقتسام الربح . لا يجوز أن تكون أهداف الجمعيات المشروعة أو أنظمتها أو شخصية مؤسسيها أو انتماءاتهم أو عددهم، أيا كانت مجالات عملها، سببا لفرض أية قيود أو عراقيل على تأسيسها " ؛

(ه) تشير المادة (11) من قرار مجلس الوزراء رقم (9) لعام 2003 إلى أن طلب تسجيل الجمعيات " يقدم إلى الدائرة التسجيل في وزارة الداخلية من قبل ثلاثة من المؤسسين على الأقل. على أن تكون أغلبية المؤسسين فلسطينيين".

86- يتمتع الأفراد والجماعات الإثنية والدينية الفلسطينية في دولة فلسطين بالحق في تكوين الجمعيات والانتساب إ ليها، وذلك على النحو التالي :

(أ) أسس الإفريقيون الفلسطينيون في القدس جمعية الجالية الإفريقية، والتي تعتبر مركزاً مجتمعياً هامّاً تنطلق منه فعاليات سياسية وثقافية في البلدة القديمة؛

(ب) أسس السريان عدد من الجمعيات مثل: جمعية مار مرقس في القدس، النادي السرياني وجمعية مار افرام للسريان الأرثوذكس والتي تعنى بشؤون المجتمع السرياني في بيت لحم ؛

(ج) أسس الأرمن عدة جمعيات مثل : نادي الأرمن المحليين، جمعية شباب الأرمن، جمعية مار يعقوب للأرمن الأرثوذكس، نادي أراكس الكاثوليكي والجمعية الخيرية الأرمينية والتي تعمل على خدمة أبناء الجماعة في القدس ؛

(د) أسس السامريون عدة جمعيات مثل : جمعية الأسطورة السامرية ونادي الشباب السامري ومركز الدراسات السامرية ؛

(ه) أسس الفلسطينيون ذوي النسب المغاربي الجمعية النسوية المغاربية في القدس.

87- تعيق السلطة القائمة بالاحتلال الفلسطينيين من ممارسة حقهم بتكوين الجمعيات والانتساب إليها وخاصة في القدس الشرقية، عن طريق ممارسات تشتمل على الاقتحام والمداهمة، واغلاق المقر مدة 12 ساعة أو 24 ساعة أو أكثر، ومنع قيام الفعاليات والنشاطات الشعبية، والتفتيش ومصادرة محتويات المؤسسات ووثائقها، واعتقال العاملين في المؤسسات، ومنع إعادة المواد التي تمت مصادرتها الى المؤسسات، والإغلاق النهائي للمؤسسات وحظرها من ممارسة أنشطتها . وقد أغلق الاحتلال في الفترة الواقعة بين الأعوام 2000 إلى 2009 أكثر من  35 مؤسسة في القدس الشرقية ( ) . ومن أبرز المؤسسات التي تم إغلاقها: بيت الشرق (والذي يتم تجديد إغلاقه كل ست شهور)، وجمعية الدراسات العربية، ونادي الأسير الفلسطيني، جمعية الرعاية للمرأة العربية وجمعية سلون الخيرية وغيرها ( ) .

88 - تقود السلطة القائمة بالاحتلال حملة ضد المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال الحقوق الإنسان، ففي تموز /يوليو 2016، أقر الكنيست الإسرائيلي ما يسمى ب "قانون شفافية التمويل " ، والذي يجبر المنظمات التي تتلقى أكثر من نصف تمويلها من جهات أجنبية أن تقوم بتزويد الحكومة الإسرائيلية بمعلومات عن مصادر التمويل، هذا القانون غايته الأساسية تتمثل بتقويض تمويل أي منظمة غير حكومية سواء كانت أجنبية أم فلسطينية التي تعمل على كشف الغطاء عن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الإنسان الفلسطيني، في ذات الوقت لن ينطبق هذا القانون على منظمات الغير حكومية الممولة من قبل جهات خاصة ومبهمة والداعمة لليمين الإسرائيلي والتي تشجع الاستيطان الاستعماري الغير شرعي للأرض الفلسطينية ( ) .

89- وقد أشار مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بأن هذا القانون "سيؤثر بطريقة غير متناسبة على المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان وسيساهم في نزع شرعيتها" ( ) . إضافة الى ذلك أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا رسميا يصف هذا القانون بأنه يقوض مبادئ الديمقراطية، كما أن الاتحاد الأوروبي انتقد متطلبات الإبلاغ التي يتطلبها هذا القانون بوصفها "تتعدى أي حاجة قانونية للشفافية ويبدو أنه يهدف الى تقييد منظمات الغير حكومية في إسرائيل" ( ) .

90- تواظب السلطة القائمة بالاحتلال على قمع الحق بالتجمع السلمي، بل الحق بالتجمع اعتراضاً على الانتهاكات التي ترتكبها سلطة الاحتلال ، فقد ورد في تقرير مقرر الأمم المتحدة الخاص بوضع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة أنه " وكثير اً ما تُقمع بالعنف المظاهرات المتواتر تنظيمها في القرى المتأثرة تنديداً بالجدار والنظام المقترن به " ( ) .

ثاني اً- الحقوق المدنية والسياسية الأخرى

91 - الحق في الحركة: تكفل دولة فلسطين دون تمييز الحق بالحركة من خلال الأطر التشريعية والإدارية التالية :

(أ) تنص المادة (20) من القانون الأساسي على أن " حرية الإقامة والتنقل مكفولة في حدود القانون " ؛

(ب) تشير المادة (11) من القانون الأساسي المعدل إلى عدم جواز منع أي شخص من التنقل إلا بأمر قضائي وفقاً لأحكام القانون؛

(ج) تنص المادة (87) من مسودة مشروع دستور فلسطين لعام 2015 على الآتي : "لكل مواطن حرية اختيار مكان إقامته، والتنقل داخل دولة فلسطين . وله الحق في الحصول على جواز سفر ومغادرة فلسطين والعودة إليها بحرية، ولا يجوز منع أي إنسان من مغادرة فلسطين إلا بموجب أمر قضائي صادر وفقا للقانون . كما يحظر إبعاد الفلسطيني عن وطنه " ؛

(د) تتوسع المادة (88) من مسودة مشروع دستور فلسطين لعام 2015 بالنص على الآتي : "لكل إنسان يقيم بصورة قانونية على أرض دولة فلسطين حرية الحركة والتنقل، ولا يجوز إبعاده إلا وفق أحكام القانون . ويُحظر تسليم اللاجئ الذي يتمتع قانونا بحق اللجوء، وينظم القانون تسليم المتهمين العاديين الأجانب وفقاً لاتفاقيات ثنائية أو معاهدات دولية ".

92- إن الحق في حركة الفلسطينيين هو من أكثر الحقوق التي تعيقها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، من خلال الإجراءات والسياسات التمييزية والعنصرية التالية:

(أ) أقامت إسرائيل نظاماً للتحكم بالحركة في الأرض الفلسطينية المحتلة وذلك عن طريق منظومة إجرائية من تصاريح الدخول والخروج وشبكة معقدة من حواجز التفتيش العسكرية التي تؤدي تفتيت الأرض الفلسطينية وانتهاك سلامتها. بالنسبة إلى منظومة التصاريح، فهي قائمة على إصدار بطاقات هوية للفلسطينيين والفلسطينيين المقدسيين ل تميزهم عن غيرهم على نحو يشبه قوانين العبور بين المناطق المختلفة في جنوب إفريقيا في عهد الفصل العنصري ( ) . تجبر هذه المنظومة الفلسطينيين على استصدار التصريح لممارسة أي نوع من أنواع النشاطات الحياتية اليومية، كالعمل والتدريب والدراسة ونقل مكان السكن وزيارة الأقرباء والحصول على العلاج. ويفرض على الفلسطينيين استصدار التصاريح إسرائيلية لدخول مناطق معينة في الأرض الفلسطينية المحتلة مثل القدس الشرقية، والمناطق العازلة بين الجدار والخط الأخضر، وتصاريح الانتقال بين الضفة الغربية وقطاع غزة. أما بالنسبة إلى شبكة حواجز التفتيش فهي من أقسى القيود التي تفرضها السلطة القائمة بالاحتلال، فعلى سبيل المثال يتطلب مرور الفلسطينيين عبر حاجز قلنديا إجراءات طويلة ومهينة تصل إلى 90 دقيقة في ساعات الذروة ( ) . وفي الفترة ما بين نوفمبر 2014 وبين نوفمبر 2016، تمكن مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان من إحصاء ما يقارب 85 حاجز تفتيش ثابت في الضفة الغربي ة ( ) . هذا بالإضافة إلى المئات من نقاط التفتيش المؤقتة وغير المتوقعة . كذلك يصل عدد حواجز التفتيش في مدينة الخليل إلى 19 حاجزاً، بينما يصل عدد حواجز التفتيش في القدس الشرقية إلى 19 حاجزاً . كذلك تمنع السلطة القائمة بالاحتلال الفلسطينيين من التواجد في 94% من منطقة وادي الأردن، كما لا يتم الدخول والخروج إلى وادي الأردن إلا من خلال حواجز التفتيش، في ذات الوقت الذي يتحرك فيه المستوطنين بحرية مطلقة ( ) ؛

(ب) يعتبر جدار الفصل والضم والتوسع العنصري أحد أبرز أركان نظام التحكم بالحق بالحركة الذي تفرضه السلطة القائمة بالاحتلال . حيث أوصت لجنة القضاء على التمييز العنصري في الملاحظات الختامية لعام 2007 "بوقف بناء الجدار في [ الأرض ] الفلسطينية المحتلة بما يشمل [ ما هو ] داخل وحول القدس الشرقية، [ بالإضافة إلى ] تفكيك ما تم بناؤه والتعويض عن الضرر الحاصل" ( ) . ولم تتجاهل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال هذه التوصية فحسب، بل تجاهلت فتوى محكمة العدل الدولية بالخصوص باستكمالها بناء الجدار الضم والفصل العنصري بغية خلق مزيد من السيطرة غير القانونية على حق الفلسطينيين في الحركة وبغية تشتيت الأرض الفلسطينية وتدمير النسيج الاجتماعي الفلسطيني . وقد أعلنت محكمة العدل الدولية في فتواها بخصوص الآثار القانونية للجدار، بأنه غير قانوني ومخالف للقانون الدولي ( ) ، ذلك أن 80% من الجدار يمتد داخل حدود الضفة الغربية بشكل يؤدي إلى المزيد من تفتيت الأرض الفلسطينية. كذلك أدى الجدار إلى عزل أكثر من 12 قرية فلسطينية و10 ألاف فلسطيني في مناطق التماس الموجودة بين حدود 1967 والجدار، بحيث لا يمكن للفلسطينيين المعزولين الخروج من والدخول إلى بيوتهم إلا باستصدار تصاريح ( ) . وقد أشار المقرر الخاص إلى الفلسطينيين القاطنين في مناطق التماس : " أما السكان الفلسطينيون الذين يعزلهم الجدار عن باقي الضفة الغربية ويخضعون لنظام التصاريح وقيود أخرى فلا يرون المسألة على أنها مسألة وضع فحسب، وإنما مسألة حياة باتت لا تطاق، ما حدا عدد اً متزايد اً من الفلسطينيين إلى الرحيل " كما وأشار إلى الدوافع العنصرية لا الأمنية وراء تشييد الجدار : " وإذا كانت حماية المواطنين الإسرائيليين بالفعل السبب الوحيد لبناء الجدار وإقرار النظام المقترن به، فإن ذلك يحمل على التساؤل عما يدفع إسرائيل إلى مواصلة دعم توسع المستوطنات غير القانونية الاستعمارية في الضفة الغربية الذي يستدعي نقل عدد من المواطنين الإسرائيليين إلى المنطقة ذاتها التي تقول إن الخطر نابع منها " ( ) ؛

(ج) ومن أهم نتائج هذا النظام، التمييز بين الفلسطينيين وبين المستوطنين الذين يقطنون في المستوطنات غير القانونية والاستعمارية، في الحق في الحركة على الطرق داخل الضفة الغربية. حيث يسمح للمستوطنين بالتحرُك والقيادة بحرية ومن دون أية حواجز بين المستوطنات داخل الضفة الغربية، وبين المستوطنات والقدس الشرقية وبين المستوطنات في الضفة والقدس وبين المدن الإسرائيلية داخل الخط الأخضر. بل يتنقل هؤلاء المستوطنون من خلال جدار الضم والتوسع والفصل ومناطق العزل والخط الأخضر من دون أي تقييدات، في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من تقييدات قاسية وصارمة في حركتهم بين هذه المناطق. وبغية تسهيل الانتقال داخل الضفة، تخصص السلطة القائمة بالاحتلال طرق يستخدمها المستوطنون على نحو حصري، بينما تمنع الفلسطينيين من دخول هذه الطرق. ويتوجب على الفلسطينيين توقع الطرق التي يحظر عليهم دخولها وفي حال دخل الفلسطينيون تلك الطرق فإنهم يتعرضون للاعتقال ولمصادرة سياراتهم أو التهديد باستخدام العنف والقتل.

93- كما وقد انعكس أثر هذه السياسات على الجماعات الفلسطينية العرقية و الإثنية ، فعلى سبيل المثال، أضحت الطائفة السامرية رهينة حاجز عسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي يخنق حركتهم ويضيق حرية دخولهم وخروجهم إلى مدينة نابلس، متنفسهم الوحيد نحو العالم الخارجي، ويحول دون ممارسة أنشطتهم اليومية المعتادة، علما بأن الحاجز يغلق ويفتح في ساعات محددة وبأوامر عسكرية مشددة . ففي الصباح يندفع طلبة المدارس والجامعات للالتحاق بمقاعدهم الدراسية وكذلك التجار الذين يضطرون لإغلاق محلاتهم التجارية في المساء مبكراً للعودة إلى منازلهم قبل إغلاق الجنود لبوابة الحاجز. من جهة أخرى يحظر على غير أبناء الطائفة السامرية عبور الحاجز دون المرور بإجراءات أمنية معقدة، وقد حال ذلك دون وصول الزوار لجبل جرزيم وتحديداً المجموعات السياحية التي كانت تأتي لزيارة المتحف السامري( ). أما بالنسبة إلى البلدة القديمة للقدس، فقد نصّب الاحتلال في صيف 2014 حاجز اً جديداً عند مدخل حيّ باب المجلس ومنذ ذلك الوقت يعاني أبناء الجالية الافريقية من القيود الصّعبة المفروضة على حريّة التنقّل والحركة، الأمر الذي مس روتين حياتهم ومصدر رزقهم، وقد أدت القيود المفروضة على الحركة إلى وقف أنشطة جمعية الجالية الافريقية منذ كانون الأول عام 2015( ).

94 - الحق في المغادرة والعودة: كذلك تميز إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في الحق في الخروج والدخول بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بحيث يحكم خروج ودخول الفلسطينيين منظومة معقدة من القوانين والإجراءات الإسرائيلية، في ذات الوقت الذي يغادر فيه المستوطنون ويعودون إلى بيوتهم في المستوطنات الاستعمارية في الأرض الفلسطينية بحرية وسلاسة، حيث تمارس هذه الإجراءات على النحو التالي:

(أ) أشارت لجنة القضاء على التمييز العنصري في أكثر من مناسبة إلى انتهاك الحق بالعودة والدخول وخاصة عودة اللاجئين الفلسطينيين : ففي الملاحظات الختامية لعام  1987: "أعرب أعضاء اللجنة عن رغبتهم في معرفة السبب في عدم سماح إسرائيل للعرب الفلسطينيين الذين طردوا من أراضيهم بالعودة ومعاملتهم نفس المعاملة التي يلقاها اليهود " ( ) . وفي ملاحظاتها الختامية لعام 1998 أشارت بأن "الفلسطيني ون محرمون من حقهم بالعودة وأنه على الدولة الطرف إصلاح هذا الوضع" ( ) . والملاحظات الختامية لعام 2007 نصت على أن "اللجنة قلقة من حرمان الفلسطينيين من حقهم بالعودة وإعادة تملك أراضيهم " ( ) . وخلافاً لكل هذه التوصيات والقرارات الأممية - وعلى رأسها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 - تنتهك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال حق الفلسطينيين المهجرين - بسبب عدوان إسرائيل في الأعوام 1967 و1948 - في العودة، بينما يسمح قانون العودة الإسرائيلي لأي يهودي بالدخول والسكن والتجنس كما أشرنا سابقا وقد تم توسيع هذا الحق ليشتمل على أي شخص له جد يهودي وأي غير يهودي متزوج من يهودي؛

(ب) تتحكم السلطة القائمة بالاحتلال من خلال سيطرتها على "السجل السكاني" في ملفات الإقامة واستصدار التصاريح ، بحيث لا يمكن استصدار أي جواز سفر فلسطيني من دون ربطه برقم هوية "السجل السكاني" ( ) ؛

(ج) إن السلطة القائمة بالاحتلال تسيطر بصورة غير شرعية على الدخول والخروج إلى الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث لا يستطيع الفلسطينيون السفر إلا من خلال معبر الكرامة والذي يضطرون فيه إلى تقديم جوازات السفر الخاصة بهم إلى السلطات الإسرائيلية التي تحدد ساعات عمله بحيث لا تتجاوز الاحدى عشر ساعة أيام الأسبوع، أما يوم السبت فيغلق الساعة العاشرة صباحا بسبب العطلة الرسمية لدولة الاحتلال، وبحسب إحصاءات دائرة المعابر والحدود الفلسطينية، فإن عدد الفلسطينيين الذين تفاجؤوا بحرمانهم من السفر من خلال معبر الكرامة من قبل السلطات الإسرائيلية في عام 2013 وصل إلى 824 مسافر في عام 2013 و 4269 مسافر في عام 2014 و 2007 مسافرين في عام  2015. هذا بالنسبة إلى المسافرين، أما بالنسبة إلى الأشخاص الممنوعين من السفر بقرار مسبق من السلطة القائمة بالاحتلال، فقد وصل عددهم بحسب إحصائيات هيئة الشؤون المدنية في إلى 83.895 مسافر في عام 2015 ( ) ؛

(د) أما في قطاع غزة، فإن السلطة القائمة بالاحتلال تتخذ إجراءات قاسية ضد الفلسطينيين منذ أكثر من احدى عشر عاماً، حيث تفرض السلطة القائمة بالاحتلال حصاراً خانقاً بحيث أصبحت مغادرة القطاع أمراً شبه مستحيل. فقبل عام 2000 كان هنالك أكثر من نصف مليون مغادرة بالشهر للفلسطينيين المسافرين من غزة وقد انخفض هذا العدد إلى 7000 مغادرة فقط في عام 2017 ( ) . أي فلسطيني يريد مغادرة القطاع، عليه استصدار تصريح لمغادرة القطاع إلى الضفة الغربية وتصريح آخر لمغادرة الضفة الغربية من خلال معبر الكرامة . ولكن السلطة القائمة بالاحتلال تنتهج رفض إعطاء التصاريح الفلسطينيين الغزيين إلا في حالات استثنائية . حتى في حالات السفر من أجل أغراض العلاج والدراسة، فإن السلطة القائمة بالاحتلال تتباطأ في انجاز معاملة إعطاء التصاريح متجاهلة آثار التأخير السلبية الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية على مقدمي الطلب؛

(ه) أما في القدس الشرقية، فمن السهل أن يفقد المقدسي حقه في العودة والدخول إلى القدس إذا تم إلغاء إقامته . وبحسب تعليمات السلطة القائمة بالاحتلال ( ) ، فإن الفلسطينيين المقدسيين يفقدون حقهم بالإقامة إذا عاشوا في بلد أجنبي لمدة 7 سنوات، أو حصلوا على الإقامة في بلد أجنبي، أو حصلوا جنسية بلد آخر، وفي أي حال من الأحوال فإن المقدسيين يفقدون حقوقهم إذا لم يتمكنوا من إثبات أن القدس الشرقية هي "مركز الحياة" بالنسبة لهم حتى لو كانوا قاطنين في الضواحي الخارجة عن صلاحية بلدية القدس المدارة من قبل الاحتلال، بحيث يعتبر أي مكان خارج حدود تلك الصلاحية كبلد أجنبي. وقد طالت هذه السياسات الجماعات العرقية و الإثنية الفلسطينية في القدس، فعلى سبيل المثال، يجد الشباب الأرمني فرص قليلة في التعليم أو العمل في البلدة القديمة في القدس، فيذهبون الى الخارج للحصول على التعليم الجامعي وعند رجوعهم للقدس يفاجؤون بأنهم قد فقدوا حقهم في الإقامة وقد سحبت هوياتهم ( ) .

95 - الحق في الجنسية والإقامة: أوردت وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني معالم الهوية الفلسطينية عندما نصت على أن "دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا؛ فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني، يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، في ظل دستور يؤمن سيادة القانون والقضاء المستقل وعلى أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الأديان عبر القرون " .

96 - تنص المادة (9) من القانون الأساسي المعدل على تبني قانون ينظم أحكام الجنسية الفلسطينية وريثما يتم استصدار مثل هذا القانون، يعتمد الإطار القانوني المنظم لهذه المسألة على م جموعة من القوانين البريطانية والأردنية السارية حتى الآن في فلسطين إلى جانب القوانين الفلسطينية . وفي هذا السياق، يُعرَّف ال فلسطيني و ن دون أي تمييز على أي من الأسس المذكورة في الاتفاقية، وذلك على النحو التالي:

(أ) تنص المادة (5) من الميثاق الوطني الفلسطيني على أن "الفلسطينيون هم المواطنون العرب الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى عام 1947 ، سواء من أخرجوا منها أو بقوا فيها، وكل من ولد لأب عربي فلسطيني بعد هذا التاريخ داخل فلسطين أو خارجها هو فلسطيني " ؛

(ب) تنص المادة (27) من قرار بقانون رقم (1) لعام 2007 بشأن الانتخابات العامة على أن : "يعتبر الشخص فلسطينياً : أ‌ ) إذا كان مولوداً في فلسطين وفق حدودها في عهد الانتداب البريطاني أو كان من حقه اكتساب الجنسية الفلسطينية بموجب القوانين التي كانت سائدة في العهد المذكور . ب‌ ) إذا كان مولوداً في قطاع غزة أو الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف . ج‌ ) إذا كان أحد أسلافه تنطبق عليه أحكام الفقرة ( أ ) أعلاه بغض النظر عن مكان ولادته . د‌ ) إذا كان زوجاً لفلسطينية أو زوجة لفلسطيني حسبما هو مُعرف أعلاه " ؛

(ج) بالإضافة إلى التشريعات السارية، تنص المادة (28) من مسودة دستور فلسطين لعام 2015 على الآتي : "الفلسطينيون هم المواطنون الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى عام 1947، سواء من أخرج منها أو بقي فيها، وكل من ولد لأب فلسطيني أو أم فلسطينية بعد هذا التاريخ داخل فلسطين أو خارجها هو فلسطيني . ويستثنى من هذا التعريف الأقليات التي قدمت إلى فلسطين لغايات استعمارية. الجنسية الفلسطينية حق لكل من يولد لأم أو أب يحمل الجنسية الفلسطينية " ؛

(د) تنص المادة (30) من مسودة دستور فلسطين على أن "الشعب الفلسطيني وحدة واحدة، للفلسطيني الذي هُجِّر من دياره قسرا داخل فلسطين أو اجبر على النزوح عنها قبل وبعد نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 ومنع من العودة إليها، حق العودة إلى دياره وممتلكاته التي هجر منها، وهو جزء من حق تقرير المصير الطبيعي للشعب الفلسطيني، الدائم والذي لا يسقط بالتقادم. عودة اللاجئ الفلسطيني إلى الدولة الفلسطينية وحمل جنسيتها وفقا للقانون، لا ينتقص من حقه في العودة إلى الديار الأصلية وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 194، وتلتزم الدولة الفلسطينية بمتابعة السعي لتنفيذ هذا الحق المشروع للاجئين الفلسطينيين في العودة لديارهم واستعادة ممتلكاتهم، والتعويض عما أصابهم من خسائر وأضرار ومعاناة ".

97- إن القوانين النافذة في دولة فلسطين التي تنظم أوضاع الأجانب وغير المواطنين تعرف هذه الفئات من دون أي تمييز وبناء على الأسس المذكورة في الاتفاقية، فالمادة (2) من قانون المهاجرة لعام 1941 الأجنبي على أنه "كل شخص غير فلسطيني الجنسية ". كذلك تعرف المهاجر بأنه "كل أجنبي لا يقيم في فلسطين إقامة دائمة، ولكنه دخلها بوجه مشروع بقصد الإقامة فيها بصورة دائمة ". كذلك تعرف المقيم الدائم بأنه " ا لشخص الذي يقيم بصورة دائمة في فلسطين، سواء أكان فلسطينياً أم أجنبياً " كذلك تعرف العامل المؤقت بأنه "كل أجنبي دخل فلسطين بوجه مشروع بقصد القيام بعمل مؤقت في أحد الأشغال أو المشاريع المعينة، ولم يكن مقيماً دائماً أو مسافراً " كذلك تعرف المسافر بأنه "كل أجنبي، خلاف المقيم الدائم، دخل فلسطين بصورة مشروعة لأية غاية، عدا الإقامة الدائمة في فلسطين أو السعي لإيجاد عمل أو قبول استخدام فيها ".

98- كما أن القوانين النافذة في دولة فلسطين تنظم ال حق في ال تجنس من دون أي تمييز وذلك على النحو التالي:

(أ) المادة (12) من قانون الجنسية الأردنية رقم (6) لعام 1955 تشترط أن يمضي على إقامة طالب التجنس أربع سنوات وأن يكون حسن السيرة والسلوك وأن يجيد اللغة العربية ؛

(ب) تنص المادة (45) من قانون الأحوال المدنية رقم (2) لعام 1999 على أنه إذا اكتسب الشخص الجنسية الفلسطينية وجب عليه تقديم طلب إلى الدائرة أو الممثلية الفلسطينية الواقعة في الجهة التي يقيم بها مبيناً فيه جميع التفاصيل المتعلقة به وذلك خلال 90 يوماً من تاريخ اكتسابه الجنسية .

99- توفر ا لقوانين السارية في فلسطين ضمانات عدم التمييز بما يخالف الاتفاقية ضمن أحكامها المنظمة لإ سقاط أو سحب الجنسية، وذلك على النحو التالي:

(أ) تشير المادة (18) من قانون الجنسية الأردنية إلى أن حالات سحب الجنسية تقتصر على أحد هذه الأسباب: انخراط شخص في خدمة عسكرية لدى دولة أجنبية دون الحصول على ترخيص أو إذن من مجلس الوزراء، انخراط شخص في خدمة مدنية لدى دولة أخرى ورفضه ترك تلك الخدمة، أو الانخراط في خدمة دولة معادية" ؛

(ب) تنص المادة (28) من مسودة دستور دولة فلسطين على أن "إسقاط الجنسية محظور، ولا يجوز حرمان الفلسطيني من جنسيته، ولا يجوز سحبها إلا بحكم قضائي، وينظم القانون حالات اكتساب الجنسية والتنازل عنها وسحبها وحقوق والتزامات المواطن في حال تعددها، أو انعدامها ".

100 - تجدر الإشارة إلى أن ممارسة الحقوق المترتبة على الجنسية الفلسطينية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإنهاء الاحتلال، والذي يفرض سيطرة غير شرعية وتعسفية على ملفات الشؤون المدنية للفلسطينيين ويحدد على أساسها معايير التجنيس ومنح الاقامات ( ) . حيث تنتهك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال ، حق الفلسطينيين بالجنسية عن طريق عدة إجراءات وممارسات أهمها :

(أ) تميز إسرائيل بين الإسرائيليين والفلسطينيين المقدسيين في مدينة القدس في قضايا الجنسية والإقامة والمعاملات المدنية بشكل عام، فبينما يحصل الإسرائيليون على حق كامل بالإقامة الدائمة والجنسية في مدينة القدس الشرقية و التي تم ضمها بالقوة بشكل ينتهك انتهاكا صارخا للقانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية بعد احتلال عام 1967 ، حيث يتم التعامل مع الإسرائيليي الفلسطينيين على أنهم " أجانب " في مدينتهم ويجبرون على حمل بطاقات إقامة دائمة صادرة عن وزارة الداخلية الإسرائيلية . ويلتزم " المقيم الدائم " في القدس مرة تلو الأخرى ولمدى الحياة بإثبات " مركز الحياة " ؛ أي حقيقة سكنه في القدس وذلك قبل تلقيه للخدمات المقدمة من قبل المؤسسات الحكومية، كاستصدار بطاقات الهوية، التي تعد التجسيد العملي للإقامة الدائمة، ووثائق السفر، وتسجيل الزواج والأولاد ووفاة الزوج / ة وغيرها . كما  ويعطي قانون الدخول إلى إسرائيل وزير الداخلية صلاحية استصدار قرارات بإلغاء الإقامة . وفي الفترة الواقعة بين عام 1967 وعام 2013 تم سحب الحق بالإقامة من أكثر من 14000 فلسطينياً مقدسيا ً ( ) ، وذلك في سياسة تمييزية واضحة تهدف إلى تفريغ مدينة القدس من سكانها الفلسطينيين الأصليين، وترحيلهم قسرياً عن مدينتهم؛

(ب) تفرض السلطة القائمة بالاحتلال سيطرة شاملة على ملفات الإقامة بحيث يؤدي إلى حرمان العديد من الفلسطينيين وأزواجهم وعائلاتهم من الإقامة في دولة فلسطين، في ذات الوقت التي تسهل فيه لانتقال أزواج الإسرائيليين الأجانب إلى إسرائيل والإقامة فيها. وقد أشار مقرر الأمم المتحدة الخاص بوضع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية إلى أن "الفلسطينيون من الأرض الفلسطينية المحتلة لا يستطيعون العيش مع أزواجهم الأجانب" ( ) ؛

(ج) خلصت لجنة القضاء على التمييز في الملاحظات الختامية لعام 1992: إلى وجود التمييز في موضوع الجنسية : "أعرب بعض الأعضاء عن قلقهم إزاء السياسة الإسرائيلية التي تقضي من ناحية بمنح الجنسية تلقائياً إلى المهاجرين اليهود الذين يصلون إلى إسرائيل، ولكنها تحول، من ناحية أخرى، دون عودة العرب الذين نزحوا بسبب الحرب إلى ديارهم السابقة " ( ) . وخلافا لذلك، فإن السلطة القائمة بالاحتلال ما زالت تميّز بين الفلسطينيين والإسرائيليين في قوانين الهجرة والجنسية الإسرائيلية، فهي تمنع الفلسطينيين الذين هُجروا وشردوا من بيوتهم في عام 1948 من العودة إليها ( ) ، في انتهاك واضح لقرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة - وخاصة قرار 194 - بينما تسمح هذه القوانين، وعلى رأسها قانون العودة لعام 1950 لأي شخص بالحصول على الجنسية الإسرائيلية والهجرة فوراً بناء على اعتناقه الديانة اليهودية.

101 - الحق في الزواج واختيار الزوج: يستمد النظام القانوني الفلسطيني المنظم لمسائل والأحوال الشخصية أحكامه من مبادئ الشرائع الدينية، مثل قانون الأحوال الشخصية رقم  (61) لعام 1976 الساري في الضفة الغربية وقانون حقوق العائلة لعام 1954 الساري في غزة المستمدة أحكامهم من مبادئ الشريعة الإسلامية، والقوانين الدينية الخاصة بكل طائفة المستمدة أحكامهم من مبادئ الديانة المسيحية، مثل قانون الأحوال الشخصية للسريان الأرثوذكس لعام 2000 على سبيل المثال. ولا تحتوي أي من هذه القوانين الشرعية والكنسية على أي مانع من موانع الزواج المستندة إلى أسس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل الاثني أو القومي، وإنما تستند هذه الموانع في معظمها على العمر والقرابة والزواج السابق.

102 - توجد عدة إشكاليات في مجال ضمان الحق في الزواج في فلسطين من دون تمييز وهي كالآتي:

(أ) إن قانون الأحوال الشخصية لعام 1976 الساري في الضفة الغربية، قد وضع بموجب المادة (20) الكفاءة في المال كشرط للزوم عد الزواج وليس لصحته، وذلك تحقيقا لاستقرار الحياة الزوجية واستمرارها، ولكن قانون حقوق العائلة الساري في قطاع غزة فهو يشترط في المادة (25) منه الكفاءة في الحرفة وهي "أن تكون التجارة أو العمل الذي يمارسه الزوج متقارباً في الشرف مع تجارة أولياء الزوجة وأعمالهم المعاشية ". وإن مثل هذا الاشتراط المبني على أسس فضفاضة قد يؤدي إلى التمييز من ناحية الوضع الاقتصادي والاجتماعي وقد يؤدي إلى التمييز العنصري. وحتى خارج إطار تطبيق القانون سواء في الضفة الغربية أو في غزة ، فإن بعض أوساط المجتمع الفلسطيني تشترط الكفاءة في النسب، بل تمنع بعض العائلات الفتاة من الزواج من شخص تراه العائلة غير كفؤ في النسب، وهذه العادات لاتزال متبعة بسبب الموروث الثقافي القبلي؛

(ب) تحظر بعض أحكام القوانين الشرعية والكنسية الزواج المختلط بين الأشخاص التابعين لأديان مختلفة، ووفق مبدأ التقاطع بين العرق والأصل الاثني والقومي والديانة والطائفة، فإن ذلك قد يؤدي إلى حرمان الأشخاص الآتين من أعراق وأصول اثنية متعددة من حقهم بالزواج واختيار الزوج ؛

(ج) تعاني الجماعات العرقية و الإثنية الفلسطينية من معضلة قلة العدد فيما يتعلق بالزواج، فعلى سبيل المثال يبلغ عدد الذكور إلى الإناث داخل الطائفة السامرية ذكرين لكل أنثى، الأمر الذي خلق أزمة حقيقية لدى الطائفة بسبب هذا النقص الكبير في عدد الإناث في ظل صعوبة الزواج من خارج الطائفة ( ) . وقد أدى ذلك إلى حرمان نسبة لا بأس بها من الزواج وبروز بعض المشاكل الاجتماعية . أما الأرمن فكثير منهم من يتزوج من الأردن ومن أرمينيا ( ) .

103- يحق للأجنبي المتزوج من فلسطينية والأجنبية المتزوجة من فلسطيني ا كتساب الجنسية الفلسطينية حيث أن المادة (27) من قرار بقانون رقم (1) لعام 2007 بشأن الانتخابات العامة على" أن الشخص يعتبر فلسطينياً إذا كان زوجاً لفلسطينية أو زوجة لفلسطيني" .

104- تنتهك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال ، حق الفلسطينيين في الزواج وتكوين العائلة من خلال السياسات والقوانين التي تتعلق بالجنسية والإقامة وهي كالتالي:

(أ) تميز إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ما بين الإسرائيليين وبين الفلسطينيين في موضوع لم شمل العائلات. حيث يتمتع الأزواج اليهود والمتزوجين من اليهود بحق لمِ الشمل والإقامة من دون أي تقييدات، وتعمل كذلك على تسهيل نقل العائلات الإسرائيلية إلى المستوطنات غير القانونية والاستعمارية في الضفة الغربية، في حين تطبق إجراءات صارمة على معاملات لمِ شمل العائلات الفلسطينية الموجودة داخل الأرض المحتلة وفي دول الأخرى . كذلك تتأثر شروط لمِ الشمل والإجراءات الصارمة بالمناخ السياسي السائد، ففي عام 2000 تم وقف طلبات لم الشمل بشكل تام كإجراء عقابي إضافي على الفلسطينيين ( ) ؛

(ب) وبالحديث عما يسمى ب‍ "لمِ الشمل" الذي يتضمن العودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن السلطة القائمة بالاحتلال انتهكت حق الفلسطينيين الذين نزحوا في عام  1967 في لم الشمل مع عائلاتهم (بالإضافة إلى حقهم بالعودة إلى البلاد ). بين عام  1967-1972 ، في حينه سمحت السلطة القائمة بالاحتلال نظرياً بعودة أقرباء الدرجة الأولى فقط مع استثناء الذكور من عمر 16-60 ، ومن أصل 140000 طلب "لم شمل" تم قبول الثلث فقط، وفي عام 1973 أصبحت إجراءات قبول لم الشمل أكثر صرامة حتى عام  1983 حيث تمت إعادة مراجعة سياسية قبول طلبات لم الشمل لكي تصبح أكثر تشدداً، مما أدى إلى خفض عدد القبول لطلبات لم الشمل لتصل إلى بضع مئات في السنة فقط. وهكذا اضطرت بعض العائلات إلى تقديم طلبات لاستصدار تصاريح "زيارات مؤقتة " والتي تتطلب إجراءات بيروقراطية معقدة أيضاً ( ) ؛

(ج) فيما يتعلق بالحق في "لم شمل" العائلات بين الفلسطينيين والفلسطينيين المقدسيين والفلسطينيين حاملي الجنسية الإسرائيلية، فقد أصدرت وزارة الداخلية الإسرائيلية في شهر مايو من عام 2002 قرار رقم (1813) والذي أدى إلى تجميد النظر في طلبات "لم الشمل" بين الأزواج والأقارب الفلسطينيين المقدسيين والفلسطينيين حاملي الجنسية الإسرائيلية من جهة، وبين أزواجهم الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية وغزة من جهة أخرى ( ) . مما أجبر العديد من الفلسطينيين المقدسيين وحاملي الجنسية الإسرائيلية على الخروج من بيوتهم في القدس و داخل الخط الأخضر للعيش في الأرض المحتلة (ما عدا القدس) مع أزواجهم، أو أن يخاطر فلسطينيو الأرض المحتلة (ما عدا القدس) بالعيش بصفة يعتبرها الاحتلال الإسرائيلي "غير قانونية" في القدس الشرقية وداخل الخط الأخضر . ومن الجدير بالذكر بأن السلطة القائمة بالاحتلال قد تسحب الإقامة من الفلسطينيين المقدسيين المتزوجين من فلسطينيي الأرض المحتلة (ما عدا القدس ) عند انتقالهم للعيش في الأرض المحتلة الأخرى خارج القدس الشرقية، تحت ذريعة الاثبات المستمر بأن القدس هي، كما ذكر سابقا، "مركز الحياة" بالنسبة إلى المقدسي ( ) . في عام 2003 توسع الكنيست بهذا القرار عندما حوله إلى "قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل المؤقت" والذي أعطى وضعاً دائماً لتجميد طلبات " لم الشمل " بشكل يستهدف الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية وغزة. في عام 2004 تم تقدير عدد العائلات التي تأثرت بهذه السياسات ب 2400 0 عائلة ( ) . وفي عام 2007 أصدر البرلمان الإسرائيلي " الكنيست " تعديلاً كي يشتمل الحظر على مواطني الدول التي تعتبرها إسرائيل كدول معادية من العراق وإيران وسوريا ولبنان . وفي عام 2008 أصدرت السلطة القائمة بالاحتلال قراراً بمنع لم الشمل الفلسطينيين من غزة مهما كانت الظروف ( ) . وقد أوصت لجنة القضاء على التمييز العنصري في الملاحظات الختامية لعام 2007: "اللجنة توصي بإلغاء قانون الجنسية والدخول المؤقت إلى إسرائيل، وإعادة النظر بسياستها لتسهيل لم شمل العائلات على أسس غير تميزية، على الدولة الطرف ضمان أن التقييدات المفروضة على لم شمل العائلات ضرورية ومحدودة في نطاقها وأنها ليست مطبقة على أساس القومية أو الإقامة والانتماء إلى مجتمع معين " ( ) . أما الملاحظات الختامية للجنة للعام 2012، فقد نصت على أن لدى قانون الجنسية والدخول "تأثير اً كبير اً على الروابط الأسرية وعلى الحق في الزواج واختيار الزوج "، وأشارت اللجنة كذلك إلى أنها "تشعر بالقلق ازاء القرار الذي أصدرته مؤخر اً محكمة العدل العليا بالتصديق على دستورية ذلك القانون " ( ) ؛

(د) مع أن إسرائيل لا تتبع سياسات صريحة ضد الزواج المختلط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أن السياسات والإجراءات التمييزية المذكورة سابقاً والمتعلقة بالجنسية والإقامة ولم الشمل تؤكد على ذلك، حيث يقسّم قانون محاكم العائلة الإسرائيلي لعام 1995 المحاكم العائلية إلى المحاكم الحاخامية التي تحكم في أمور الأحوال الشخصية لليهود والمحاكم الإسلامية والمسيحية والدرزية للفلسطينيين حاملي الجنسية الإسرائيلية . وبالرغم من أنه بإمكان الأطراف في علاقة الزواج المختلطة تسجيل الزواج في وزارة الداخلية الإسرائيلية، إلا أن محاكم العائلة الحاخامية لا تعترف بالزواج الذي يكون أحد أطرافه غير يهودياً ( ) . يضاف إلى ذلك أن فلسطيني ي الأرض المحتلة (ما عدا القدس) المتزوجين من الإسرائيليين اليهود لا يتمتعون بحقوق الإقامة والجنسية التي تترتب عادةً على الزواج.

105 - الحق في الإرث : تنظم أحكام الشريعة الإسلامية الحق في الميراث ومسائل استحقاق الإرث ونسب توزيعه، ولا تحتوي على أي مانع من موانع الإرث القائمة على العرق أو النسب أو الأصل الاثني أو القومي .

106 - الحق في الملكية: تضمن دولة فلسطين الحق في الملكية من دون تمييز وفق الأطر القانونية التالية:

(أ) تنص المادة (21) من القانون الأساسي المعدل على أن "الملكية الخاصة مصونة، ولا تنزع الملكية ولا يتم الاستيلاء على العقارات أو المنقولات إلا للمنفعة العامة وفقاً للقانون في مقابل تعويض عادل أو بموجب حكم قضائي " ؛

(ب) تشير المادة (8) من قانون استملاك الأراضي للغايات العامة لعام 1943 الساري في قطاع غزة إلى إمكانية رفض مالكي الأرض قرار الاستملاك وإمكانية إحالة القضية إلى المحكمة المختصة للحكم فيها ؛

(ج) تشير المادة (4) من قانون رقم (2) لسنة 1953 بشأن الاستملاك والساري في الضفة الغربية إلى أن الاستملاك لا يتم إلا بقرار من مجلس الوزراء وتحقيقاً للمصلحة العامة ؛

(د) نظمت مجلة الأحكام العدلية العثمانية لعام 1876 والتي تمثل القانون المدني المطبق في فلسطين، أسباب اكتساب الملكية كالميراث وعقود البيع والهبة، والتي تخلو من أية أسس تمييزية مخالفة للاتفاقية؛

(ه) تنص مادة (47) من قانون التنفيذ رقم (23) لعام 2005 على أنه لا يجوز الحجز على الدار المملوكة للمدين والتي يسكنها مع أسرته، ولا على الأرض التي يملكها وذلك بالقدر الضروري واللازم لمعيشته هو وأسرته ما لم تكن الدار أو الارض سبباً للمديونية؛

(و) تشير المادة (33) من قانون تشكيل المحاكم رقم (5) لعام 2001 إلى أن محكمة العدل العليا تختص بمتابعة قرارات المؤسسات العامة التي تمس بالأشخاص وأموالهم وممتلكاتهم .

107- تميز إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في الحق في الملكية عن طريق الاستيطان الاستعماري والسيطرة غير الشرعية على الأراضي الفلسطينية، حيث أبدت لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في ملاحظاتها الختامية لعام 2012 قلقها "إزاء النزعة السلبية نحو اعتماد معاملة تفضيلية لصالح توسيع المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية، من خلال استخدام " أراضي الدولة " وتخصيصها للمستوطنات، وتوفير البنية التحتية مثل الطرقات وشبكات المياه لهذه المستوطنات، ومن خلال منح أعداد كبيرة من رخص التخطيط لهذه المستوطنات وإنشاء لجان تخطيط خاصة تضم مستوطنين وتشارك في العمليات التشاورية لصنع القرار ". وبالرغم من توصية اللجنة فإن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لا زالت تميز بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الحق بالتملك والملكية الخاصة والعامة عن طريق سياسة مصادرة الأراضي والاستيلاء عليها، والتي تعتبر أحد أسس وممارسات وسياسات الاحتلال غير القانونية وغير الشرعية بهدف استعمار الأرض الفلسطينية. حيث ينص القانون الأساسي للأرض الإسرائيلية على أن ممتلكات الدولة وسلطة التنمية والصندوق الوطني اليهودي، تخصص لمنفعة الشعب اليهودي. وعلى هذا الأساس تقوم السلطة القائمة بالاحتلال بمصادرة الأرض الفلسطينية بما يشتمل على أراضي الملكية الخاصة وإعلانها كأراضي للدولة أي أراضي مخصصة لمنفعة اليهود، تشمل هذه الإجراءات ما يزيد على 55% من الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة في المناطق المسماة "ج". وهنا تخصص السلطة القائمة بالاحتلال أكثر من 70% من هذه الأراضي لبناء المستوطنات الاستعمارية وغير القانونية والبنية التحتية المتعلقة بها، بينما تحظر على الفلسطينيين تملكها واستخدامها لأغراض التنمية ( ) . من الأمثلة الصارخة على ذلك: سيطرة السلطة القائمة بالاحتلال على 80% من منطقة غور الأردن الذي يحوي النسبة الأكبر من الأرض الخصبة والموارد المائية. كما تسيطر 37 مستوطنة يهودية يقطن فيها ما يقارب 9500 مستوطن فقط ، على 15% من أراضي الغور سيطرة تامة، بينما تخصص 40% من أراضي غور الأردن مناطق عسكرية مغلقة، وتخصص 20% من الأراضي المتبقية كمحميات طبيعية مغلقة ، تتخدم السلطة القائمة بالاحتلال هذه التصنيفات لمنع الاستخدام الفلسطيني لهذه الأراضي وإبقائها ومفتوحة للتوسع الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي ( ) . وقد بيَنت الدراسات عام 2006 أن أكثر من 40% من الأراضي التي بنيت عليها المستوطنات هي أراضي خاصة مملوكة للفلسطينيين ( ) . وقد أشار تقرير الأمم المتحدة لتقصي الحقائق لعام 2013 أن أكثر من 30 مستوطنة بنيت على أراضي فلسطينية مملوكة ملكاً خاصاً ( ) .

108- قوضت هذه السياسات الإسرائيلية كذلك حق الجماعات العرقية و الإثنية الفلسطينية بالتملك، وخاصة تلك الموجودة بالقدس، ومن الأمثلة على ذلك:

(أ) منذ عام 1967 ، صادرت الحكومة الإسرائيلية ما يقارب 80 دونما من أراضي الرعية السريانية وذلك لتشييد شارع ، وكانت للكنيسة السريانية في القدس أملاك وأوقاف عديدة، منها عشرة أديرة لم يتبق منها سوى دير مار مرقس داخل البلدة القديمة وهو محاط الآن من ثلاث جهات بالاستيطان الاستعماري الإسرائيلي ( ) ؛

(ب) حاولت السلطات الاسرائيلية إجبار الكنيسة الأرمنية على بيع الأراضي التابعة لها للتوسع في عمليات الاستيطان الاستعماري، وعمدت إلى مصادرة بعض العقارات من بينها عمارة فندق فاست التي هدمت ثم بيعت أرضها إلى شركة اسرائيلية أنشأت في مكانها فندقا جديداً . وأقامت البطريركية دعوى قضائية لدى محكمة الاستئناف الاسرائيلية العليا . لكن المحكمة لم تبت هذه القضية حتى الآن ( ) .

109 - الحرية الدينية: تدرك دولة فلسطين أهمية مبدأ التقاطع ما بين العرق و الإثنية من جهة والدين من جهة أخرى وأن التمييز الديني قد يفتح الباب أمام التمييز العنصري خاصة عند وجود جماعات فلسطينية محمية بالاتفاقية تلتقي فيها السمة الدينية مع السمة الإثنية كالسريان والأرمن والسامريين .

110- إن دولة فلسطين تضمن لمواطنيها، دون تمييز، الحق في حرية الفكر والوجدان والتدين وممارسة الشعائر والطقوس الدينية؛ وذلك من خلال النصوص التشريعية والإدارية التالية:

(أ) تنص المادة (4) من القانون الأساسي المعدل بأن "الإسلام هو الدين الرسمي في فلسطين ولسائر الديانات السماوية احترامها وقدسيتها"؛

(ب) تنص المادة (18) من القانون الأساسي المعدل على الآتي : "حرية العقيدة والعبادة وممارسة الشعائر الدينية مكفولة شريطة عدم الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة " ؛

(ج) تنص المادة (147) من قانون العقوبات لعام 1936 الساري في غزة على أن "كل من أزعج قصداً جمعاً من الناس اجتمعوا ضمن حدود القانون لإقامة الشعائر الدينية، أو تعدى على أي شخص يقوم ضمن حدود القانون بالشعائر الدينية في ذلك الاجتماع أو على أي شخص آخر موجود في ذلك الاجتماع، دون أن يكون له مبرر أو عذر مشروع ( وتقع تبعة إثبات ذلك عليه ) يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة شهرين أو بغرامة قدرها عشرون جنيها " ؛

(د) تنص المادة (276) من قانون العقوبات لعام 1960 الأردني الساري في الضفة الغربية على أن " كل من أزعج قصداً جمعاً من الناس اجتمعوا ضمن حدود القانون لإقامة الشعائر الدينية أو تعرض لها بالهزء عند إقامتها أو أحدث تشويشاً أثناء ذلك أو تعدى على أي شخص يقوم ضمن حدود القانون بالشعائر الدينية في ذلك الاجتماع أو على أي شخص آخر موجود في ذلك الاجتماع دون أن يكون له مبرر أو عذر مشروع يعاقب بالحبس ثلاثة أشهر أو بغرامة حتى عشرين ديناراً ".

111- في عام 2008، أصدر رئيس دولة فلسطين قرار رقم 227 يفعل الاعتراف الرسمي بالكنائس المعتمدة لدى دولة فلسطين، بما يشمل الكنائس الخاصة بعدة مجموعات عرقية وإثنية ، وهي على النحو التالي: بطريركية الأرمن الأرثوذكس ، النيابة البطريركية ل لأرمن الكاثوليك، بطريركية السريان الأرثوذكس ، النيابة البطريركية ل لسريان الكاثوليك ، بطريركية الأقباط الأرثوذكس، وبطريركية الأحباش الأرثوذكس ( ) .

112- تهدف دولة فلسطين إلى اتخاذ التدابير الإيجابية اللازمة بالنهوض بالطوائف والكنائس الدينية مما له أثر على أبناء رعيتها الذين ينتمون إلى أصول عرقية واثنية محددة والتي تعتبر دياناتهم جزء لا يتجزأ من هويتهم . حيث نص القرار بقانون رقم (9) لسنة 2014 على إعفاء الطوائف المسيحية المعترف بها من الضرائب والرسوم على اختلاف أنواعها. كذلك وفي عام 2015 تم توقيع الاتفاق الشامل بين الكرسي الرسولي ودولة فلسطين بهدف الحفاظ على حرية العبادة والحقوق الكنسية ( ) .

113- تعيق إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، جميع أصحاب الديانات والطوائف والجماعات العرقية و الإثنية الفلسطينية في دولة فلسطين عن ممارسة حقوقهم الدينية وتمييز بينهم وبين والإسرائيليين في الحرية الدينية، وذلك عن طريق السياسيات والإجراءات التالية:

(أ) إن دولة فلسطين بشكل عام و عاصمتها القدس بشكل خاص، تعتبر من أهم الأماكن الدينية بالنسبة إلى المسلمين والمسيحيين في جميع أنحاء العالم، إلا أن السلطة القائمة بالاحتلال ت قيد حق المسلمين و المسيحيين من زيارتها بشكل يخالف حرية العقيدة. كما تمنع السلطة القائمة بالاحتلال المسلمين والمسيحيين بشكل دوري من ممارسة شعائرهم الدينية في قبة الصخرة والمسجد الأقصى وفي كنيسة القيامة في القدس الشرقية، وفي الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، وكنيسة المهد في بيت لحم، وتقوم بذلك من خلال فرض نظام حواجز وإغلاق صارم ونظام تصاريح عقابي يضمن حرمان الغالبية العظمى من ممارسة حقهم في العبادة . كما لا يتسنى لهم ممارسة كافة الشعائر المتعلقة بديانتهم في الأعياد الدينية . كما تفرض السلطة القائمة بالاحتلال إجراءات مشددة على حركة الفلسطينيين خلال الأعياد اليهودية، ففي عيد الغفران اليهودي، على سبيل المثال، تفرض السلطات الإسرائيلية حظراً تاماً يعزل القدس الشرقية تماماً عن باقي أنحاء الضفة الغربية ( ) . وفي المقابل، تقوم السلطة القائمة بالاحتلال بتسهيل وحماية ممارسة الإسرائيليين بما فيهم المستوطنين لشعائرهم الدينية في تلك المناسبات . وفي عام 2010، قدمت الوحدة القانونية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان 28 شكوى تتعلق بحرمان الفلسطينيين المسيحيين القاطنين في قطاع غزة من السفر إلى الضفة الغربية في وقت الأعياد، ولم يتمكن الشاكون من السفر إلى الضفة الغربية ( ) ؛

(ب) تقوم السلطة القائمة بالاحتلال بتهديد الأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين عن طريق سياساتها التوسعية التدميرية وغير القانونية في مدينة القدس الشرقية. وقد أبدت لجنة القضاء على التمييز العنصري في ملاحظاتها الختامية لعام 2007 قلقها إزاء عمليات التنقيب التي تجري أسفل المسجد الأقصى وحوله والذي قد يسببه ذلك للمسجد من ضرر يمكن إصلاحه ( ) . وخلافا لتلك التوصيات ، وكجزء من مخططها الاستعماري، ادعت السلطة القائمة بالاحتلال بوجود 136 موقعا مقدساً يهودياً بغرض "الحفظ والحماية"، في ذات الوقت الذي تهدد فيه بقاء وقدسية المواقع الإسلامية والمسيحية في القدس . بالإضافة إلى ذلك، فقد شملت هذه الإجراءات الجماعات الفلسطينية العرقية و الإثنية ، فعلى سبيل المثال، تقوم دائرة الآثار الإسرائيلية بأعمال بالقرب من الأماكن المقدسة السامرية الأمر الذي يثير حفيظة أبناء الطائفة السامرية باعتبارها تلحق الضرر بمقدساتهم ( ) ؛

(ج) تنتهك إسرائيل حق الشعب الفلسطيني في ممارسة شعائر العبادة من خلال الإجراءات التي تهدف إلى منع الآذان في المساجد في القدس الشرقية بما يشمل المسجد الأقصى ومنها الإجراءات التي تتعلق بالعمل على سن تشريع يحقق هذا الهدف من خلال البرلمان الإسرائيلي "الكنيست"، وقد تم إقرار القراءة الأولى لهذا التشريع في عام 2017 ( ) .

114 - الحق في حرية الرأي : تضمن دولة فلسطين الحق في حرية الرأي والتعبير دون تمييز، وذلك وفق الأطر التشريعية والإدارية التالية:

(أ) تنص المادة (19) من القانون الأساسي المعدل على أن "لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون " ؛

(ب) تنص المادة (2) من قانون رقم (9) لسنة 1995 بشأن المطبوعات والنشر على أن " الصحافة والطباعة حرتان وحرية الرأي مكفولة لكل فلسطيني، وله أن يعرب عن رأيه بحرية قولاً، كتابة، وتصويراً ورسماً في وسائل التعبير والإعلام ." ؛

(ج) تنص المادة (3) من قانون المطبوعات والنشر على أن "تمارس الصحافة مهمتها بحرية في تقديم الأخبار والمعلومات والتعليقات وتسهم في نشر الفكر والثقافة والعلوم في حدود القانون وفي إطار الحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرية الحياة الخاصة للآخرين وحرمتها " ؛

(د) تنص المادة (4) من قانون المطبوعات والنشر على "حق المواطنين والأحزاب السياسية والمؤسسات الثقافية والاجتماعية والنقابات في التعبير عن الرأي والفكر والإنجازات في مجالات نشاطاتها المختلفة من خلال المطبوعات " ؛

(ه) تنص المادة (12) من قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2004 على أن "لكل طفل الحق في حرية الرأي والتعبير بما يتفق مع النظام العام والآداب العامة ".

115- تنتهك السلطة القائمة بالاحتلال حق الفلسطينيين في حرية الرأي والتعبير من خلال الممارسات والسياسات التالية:

(أ) تعتدي السلطة القائمة بالاحتلال على المؤسسات الصحفية الفلسطينية والأجنبية علاوة على الاعتداءات ضد الصحفيين وقتلهم وجرحهم كما حدث في العدوان المتكرر على قطاع غزة عندما قامت إسرائيل بقصف 19 مؤسسة إعلامية، فدمر بعضها بشكل كلي، ودمر البعض الآخر يشكل جزئي. وتوقف ما يزيد عن 15 إذاعة محلية عن البث نتيجة تشويش الاحتلال على بثها، أو اختراق الاحتلال البث الإذاعي لها لبث تهديدات مباشرة من الجيش الإسرائيلي للمواطنين؛ كما تم التشويش على عدد كبير من المواقع الإعلامية الإلكترونية الفلسطينية من قبل الجيش الإسرائيلي ، كما أدت هذه الاعتداءات إلى مصرع 17 صحفي اً من بينهم سيمون كاميلي الإيطالي الجنسية، وآخر سائق مؤسسة إعلامية؛ إضافة إلى اثنين من الناشطين الإعلاميين؛ فضل اً عن إصابة 20 صحفي اً ، بعضهم إصابته خطيرة ( ) ؛

(ب) تعتدي السلطة القائمة بالاحتلال على المؤسسات الصحفية الفلسطينية والأجنبية وذلك عن طريق الاقتحامات والإغلاقات كما حدث مؤخراً عندما قامت باقتحام وإغلاق ثماني مقار ومكاتب شركات إعلام وإنتاج في مدينة بيت لحم بتاريخ الثامن عشر من أكتوبر من عام 2017 ( ) ؛

(ج) تقوم السلطة القائمة بالاحتلال باعتقال للصحفيين والفنانين بسبب تعبيرهم عن أراءهم، كما حدث عندما اعتقلت فنان الك اريكاتير الفلسطيني محمد سباعنة ؛

(د) تقوم السلطة القائمة بالاحتلال ، باعتقال الفلسطينيين بسبب آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فمنذ أكتوبر من عام 2015 حتى أغسطس من عام 2016 قامت السلطة القائمة بالاحتلال باعتقال 200 فلسطينيا من بينهم نساء وأطفال بسبب ما نشروه على وسائل الاتصال الاجتماعي ( ) ؛

(ه) وكما ذكر سابقاً، تقمع السلطة القائمة بالاحتلال الحق في التجمع السلمي تعبيراً عن رفض سياساتها وانتهاكاتها ضد الشعب الفلسطيني.

ثالث اً- الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية

116- تكفل دولة فلسطين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشعب الفلسطيني بالتوافق مع العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وذلك من دون أي تمييز قائم على العرق واللون والأصل الإثني والقومي والنسب.

117 - الحق في العمل: تضمن دولة فلسطين الحق في العمل من دون التمييز وعلى أساس التكافؤ في الفرص والكفاءة، وفق النصوص التالية:

(أ) تنص المادة (25) من القانون الأساسي المعدل على أن " العمل حق لكل مواطن وهو واجب وشرف وتسعى السلطة الوطنية إلى توفيره لكل قادر عليه " ؛

(ب) تنص المادة (2) من قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لعام 2000 على أن "العمل حق لكل مواطن قادر عليه، تعمل السلطة الوطنية على توفيره على أساس تكافؤ الفرص ودون أي نوع من أنواع التمييز " ؛

(ج) تنص المادة (16) من قانون العمل الفلسطيني على أن " يحظر التمييز في ظروف وشروط العمل بين العاملين في فلسطين " ؛

(د) تشترط المادة (24) من قانون الخدمة المدنية رقم (4) لعام 1998 فيمن يعين في أي وظيفة أن يكون "فلسطينياً أو عربياً، أن يكمل السنة الثامنة عشرة من عمره، أن يكون خالياً من الأمراض التي تمنعه من القيام بأعمال وظيفته، تمتعاً بحقوقه المدنية غير محكوم عليه من محكمة فلسطينية مختصة بجناية أو بجنحة مخلة بالشرف أو الأمانة ".

118- تعمل دولة فلسطين على اتخاذ التدابير المناسبة لضمان التشغيل دون تمييز، وذلك على النحو التالي :

(أ) تشير خطة التنمية الوطنية للأعوام 2014-2016 على أن الحكومة الفلسطينية تبذل الجهود في مجال التنمية الاقتصادية والتشغيل بغية "ضمان الحق في العمل اللائق والحق في حياة كريمة لجميع المواطنين " ( ) ؛

(ب) كما تشير أجندة السياسة الوطنية 2017-2022 أنه في ظل حالة استمرار الاستعمار على فلسطين، ينبغي موازنة السياسة الاقتصادية بين توفير فرص العمل بشكل فوري، كضرورة ملحة، وبين إرساء قواعد اقتصاد وطني ومستقل ( ) .

119- وليس هنالك في دولة فلسطين ما يحدد أو يمنع قيام الأفراد التابعين إلى الجماعات العرقية أو الإثنية الفلسطينية من أي عمل أو مهنة، فهم ينخرطون في مختلف المهن، فمنهم الموظف والتاجر والحرفي والمدرس، شأنهم في ذلك شأن إخوانهم من أبناء الشعب الفلسطيني . مع ذلك فإن بعض الخصوصيات الثقافية والمواقع الجغرافية لبعض الجماعات تجعلهم يميلون إلى ممارسة مهن معينة يعملون بها، فعلى السبيل المثال، يعمل السريان في السياحة وبيع التحف الشرقية، ويتميز الأرمن بالمجال الحرفي والصناعي ( ) .

120- تضمن دولة فلسطين الحق في الإجازة الدينية لجميع الفلسطينيين بما يشمل الجماعات العرقية و الإثنية الفلسطينية، فبالإضافة إلى إجازات قانون العمل وقانون الخدمة المدنية، يعطي قرار مجلس الوزراء رقم (217) لعام 2004 للأرمن والسريان الحق في الإجازات المسيحية الشرقية والغربية، كما يعطي قرار مجلس الوزراء رقم (6) لعام 2016 للسامريين الحق في الإجازات الدينية السامرية.

121- كذلك تضمن دولة فلسطين من دون تمييز الحق في إنشاء النقابات والانتساب والحق في الانتظام في العمل النقابي على النحو التالي:

(أ) تشير المادة (26) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 على حق الفلسطينيين في تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط .

(ب) تنص المادة (5) من قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لعام 2000 على أن "للعمال وأصحاب العمل الحق في تكوين منظمات نقابية على أساس مهني بهدف رعاية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم ".

122- تتخذ دولة فلسطين التدابير الإيجابية التالية لمراعاة الحق في تكوين النقابات:

(أ) تنص المادة (1) قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (22) لعام 2005 على "تشكيل لجنة خاصة لحل مطالب العاملين في النقابات المهنية، تضم في عضويتها ممثلين عن كلّ من : المجلس التشريعي، وزارة المالية، والنقابات المهنية والأمانة العامة لمجلس الوزراء، إضافة لإمكانية استدعاء مندوبي الوزارات الأخرى ذات العلاقة ".

(ب) تنص المادة (1) من قرار مجلس الوزراء رقم (152) لعام 2005 على "صرف مبلغ (20,000$) عشرين ألف دولار أمريكي سنوياً لتغطية تكاليف أجرة المقرات الثلاثة للاتحاد العام لنقابات العمال في مدينة القدس ".

123- أما بالنسبة إلى حق العمل للأجانب وهو منظم بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (45) لسنة 2004 بشأن شروط منح تراخيص عمل للعمال غير الفلسطينيين . حيث تنص المادة (2) منه على أنه " يراعى عند منح ترخيص العمل للعامل غير الفلسطيني الشروط التالية : عدم مزاحمته للأيدي العاملة الوطنية، الاحتياج الفعلي لعمله، أن تتناسب مؤهلاته وخبراته مع المهنة المطلوب الترخيص له بالعمل فيها ". كذلك تشير المادة ذاتها على أن لوزارة العمل الحق في اشتراط المعاملة بالمثل من الدولة التي يحمل العامل المرخص له بالعمل جنسيتها .

124 - أما بالنسبة إلى أثر الاحتلال على الحق بالعمل فلا يمكن معالجته من دون معالجة الوضع الاقتصادي العام حيث يقول مقرر الأمم المتحدة الخاص بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة بأنه "قد اتضحت جيداً المفارقات التي تنطوي عليها محاولة بناء اقتصاد مستقل في ظل احتلال طويل الأمد، دون إعمال مبدأ تقرير المصير بصورة حقيقية في المستقبل المنظور، والاقتصاد الفلسطيني وهو على هذه الحالة من الاختناق والتشوه لا يتيح اساساً راسخاً للتنمية الاجتماعية المستدامة والمنصفة في الأرض الفلسطينية المحتلة " ( ) . ولم يتغير الوضع منذ ذلك التقرير، حيث أن السلطة القائمة بالاحتلال تمنع الفلسطينيين من ا لحق في اختيار الوظيفة ومكان العمل وحقهم بالوصول الميسر إلى أماكن العمل، وذلك عن طريق سلسة الإجراءات التي تتخذها لإعاقة الحق بالحركة. والتي تطرق التقرير إلى ذكرها أعلاه، وتتضمن جدار الضم والفصل العنصري ومنظومة الحواجز ومنظومة التصاريح والحصار الخانق على قطاع غزة وفصل القدس الشرقية وهي المركز الاقتصادي الأساسي لدولة فلسطين عن باقي أنحاء الضفة الغربية عن محيطها العربي الفلسطيني . بحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن أكثر من 95% من العمال الفلسطينيين بالضفة الغربية (ما عدا القدس ) وأكثر من 77% من العمال الفلسطينيين بالقدس الشرقية، يواجهون صعوبات جمَة لغايات الوصول إلى أماكن عملهم ( ) . وفي عام 2011 تم تقدير أن أكثر من 51% من المواطنين الفلسطينيين، المعيلين لعائلاتهم القاطنة في القدس الشرقية المحتلة، قد أجبروا على تغيير أماكن عملهم ، بسبب سياسات الاحتلال الإسرائيلي وخاصة بعد بناء جدار الضم والفصل والتوسع العنصري ( ) ، والذي أدى بدوره إلى منع المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى مزارعهم ( ) . كما تحظر السلطة القائمة بالاحتلال صائدي السمك الفلسطينيين في قطاع غزة من الصيد في 85% من المناطق البحرية المسموح لهم الصيد بها، ذلك بعد أن حظرت الصيد في المناطق التي يزيد بعدها عن الشاطئ على ستة أميال بحرية ( ) .

125 - الحق في السكن: تضمن دولة فلسطين الحق في السكن الملائم من دون تمييز من خلال الأطر التشريعية والإدارية التالية:

(أ) تنص المادة (23) من القانون الأساسي المعدل "المسكن الملائم حق لكل مواطن، وتسعى السلطة الوطنية لتأمين المسكن لمن لا مأوى له ".

(ب) تنص المادة (6) من قانون المالكين والمستأجرين رقم (62) لعام 1953 على أن ه "لا يجوز لأية محكمة أو مأمور إجراء أن يصدر حكماً أو أمراً بإخراج مستأجر من أي عقار بقطع النظر عن انتهاء أجل عقد إيجاره " .

(ج) تنص المادة (1) من قرار وزير الإسكان رقم (2) لسنة 1997 على أن " يحق لكل شخص أن يمتلك طابقاً أو شقة أو محلاً تجارياً أو أكثر في البناء المنشأ على عقاره أو عقار غيره كجزء مفرز ومستقل ويجوز التصرف به على هذا الوجه ".

126- تتبنى دولة فلسطين الاستراتيجيات التالية من أجل دعم الحق في السكن وصمود السكان في الأرض الفلسطينية:

(أ) نصت خطة التنمية الوطنية للأعوام 2014-2016 إلى أن أحد الأهداف الاستراتيجية لقطاع البنية التحتية هي توفير إسكان ملائم ويمكن تحمل تكاليفه، ويتيح الاستفادة من الخدمات العامة، ويلبي حاجات كل المواطنين . وذلك عن طريق تعزيز بيئة عمرانية وبنية تحتية شاملة تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية وتوسيع البناء الاسكاني والعمراني في المناطق المهددة بالمصادرة، وخصوصاً في القدس الشرقية والمناطق المصنفة "ج"، كذلك بتوفير الدعم المالي والقانوني اللازم لمساندة المقدسيين وصمودهم في وجه سياسات الهدم التي تنتهجها سلطات الاحتلال في القدس الشرقية، والعمل على توفير التسهيلات المالية للمشاريع السكنية للمقدسيين ( ) .

(ب) في معرض الأولوية الوطنية العاشرة، تؤكد أجندة السياسات الوطنية للعام 2017-2022 على أهمية دعم صمود التجمعات السكانية عن طريق ربطها بشبكات المياه النظيفة وشبكات الصرف الصحي، وربطها بمصادر الطاقة التي يمكن الاعتماد عليها وتوفير الإسكان ميسور التكلفة.

127- تساهم مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية في ضمان الحق في السكن للفلسطينيين، ف في عام 1991، تم إنشاء المجلس الفلسطيني للإسكان بهدف تقديم القروض وال تخفيف من ضائقة السكن التي تعاني منها الأس ر ذات الدخل المحدود، حيث استفاد من المجلس أكثر من 7 آ لاف أسرة فلسطينية، أي أكثر من 40 ألف فردا ً بشكل مباشر. كما أشرفت مؤسسة التعاون وهي مؤسسة غير ربحية فلسطينية على ترميم ما يقارب 334 منزلاً في البلدات القديمة في دولة فلسطين، خاصة القدس، إضافة إلى ذلك، قامت بتنفيذ مشروع حوش الجالية الافريقية ( رباط علاء الدين البصير) كما أطلق مركز حفظ التراث الثقافي بالتعاون مع بلدية بيت لحم بمشروع إعادة تأهيل وترميم مبنى حوش السريان ( ) .

128 - تعاني الجماعات العرقية و الإثنية أسوة بباقي أبناء الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين من عدة صعوبات بما يتعلق بالحق بالسكن، فعلى سبيل المثال، يواجه الأرمن صعوبة مالية في إيجاد سكن مناسب، إلا أن الدير الأرمني في بيت لحم يعمل على تأمين سكن لبعض من أبناء الجماعة بالتعاون مع مؤسسة الأرمن الدولية، كذلك تعاني الطائفة السامرية من نقص في مساحة الأراضي المملوكة لهم في مدينة نابلس، الأمر الذي ينذر بأزمة سكنية مستقبلية حادة ستواجههم ، ولتفادي الأزمات على هذا الصعيد مستقبلاً ، يحاول بعضهم شراء أراضي مجاورة لحيهم ( ) .

129- تتخذ إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، سياسات منهجية وواسعة النطاق، تنعكس بممارسات تنتهك بها حق الفلسطينيين في السكن ، والتي تتمثل في عدوانها العسكري المتكرر على الأرض الفلسطينية، الهدم العقابي الانتقامي لبيوت الفلسطينيين، هدم المنازل الإداري، الترحيل القسري غير المباشر، وذلك على النحو التالي:

130- العدوان الإسرائيلي على مساكن الفلسطينيين: ألحقت إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في عدوانها في عام 2009 دماراً كاملاً في أكثر من 3354 مسكناً، بينما ألحقت دماراً جزئياً في أكثر من 11،112 مسكناً ( ) . وبعد عامين من عدوانها لعام 2014 على غزة والذي دمرت فيه أكثر من 18 ألف منزل بشكل كامل أو جزئي، وصل عدد النازحين الفلسطينيين ق س رياً إلى 65000 نازح ( ) . كما يمنع الحصار الإسرائيلي دخول مواد البناء اللازمة لإعادة إعمار المساكن التي دمرها.

131- الهدم العقابي الانتقامي لمساكن الفلسطينيين: تتخذ إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، من العقاب الجماعي أسلوبا انتقاميا يتمثل في هدم منازل عائلات المتهمين بالمشاركة في نشاطات مناهضة للاحتلال، في ذات الوقت الذي لا تستخدم فيه السلطة القائمة بالاحتلال هذا الإجراء من قبل، ضد المستوطنين الذين يعتدون على الفلسطينيين ويهددون حياتهم بشكل يومي ( ) . فبين عام 1967 وعام 2004 هدمت إسرائيل أكثر من 2464 مسكناً فلسطينياً في تطبيقها لمثل هذه السياسة العقابية الانتقامية ( ) .

132- الهدم الإداري لمساكن الفلسطينيين: تشكل هذه السياسة أحد أهم أدوات الهندسة الديمغرافية والترحيل القسري غير المباشر للفلسطينيين. حيث أنها تحتكر لنفسها وبدون أي أساس قانوني، صلاحية اصدار تراخيص لبناء المنازل الفلسطينية، وفي ذات الوقت تمتنع بشكل تعسفي عن اصدارها، لتستند عليها فيما بعد كذريعة لهدمها، وهنا يشير مقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق بالسكن الملائم إلى أن إسرائيل تستخدم عدة أدوات تهدف إلى تقييد قدرة الفلسطينيين على بناء المساكن بطريقة قانونية، فعدد التراخيص التي تصدرها سلطات الاحتلال لا تتناسب مع حاجة الفلسطينيين إلى المساكن، مما يضطر العديد من الفلسطينيين إلى البناء من دون رخصة تحت طائلة الهدم ( ) . ففي الفترة الواقعة بين عام 2009 وعام 2013 اصدرت السلطة القائمة بالاحتلال ما يقارب 34 رخصة من بين 2000 طلب ترخيص من قبل أشخاص فلسطينيين، وفي عام 2014 استصدرت رخصة بناء واحدة فقط، وفي عام  2015 لم تصدر ولا حتى رخصة واحدة ( ) . وفي المقابل، وكدليل على سياساتها التمييزية العنصرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أقرت السلطة القائمة بالاحتلال ببناء ما يقارب 1500 وحدة استيطانية غير شرعية ( ) مما أدى توسع البناء الاستيطاني الاستعماري على نحو غير محدود ، وفي عام 2016، هدمت سلطات الاحتلال أكثر من 168 وحدة سكنية في الضفة الغربية بما يشمل القدس الشرقية، مما أدى إلى تشريد أكثر من 740 فلسطينياً من بينهم 384 طفلاً ( ) . وفي نهاية العام وصل عدد الوحدات السكنية المهدومة إلى 1100 وحدة وهو ضعف ما تم هدمه من قبل الاحتلال في عام 2015 ( ) . وقد توصلت لجنة القضاء على التمييز العنصري في ملاحظاتها الختامية لعام 2012 إلى أن سياسات الاحتلال المتعلقة بالبناء والتخطيط تنتهك العديد من الحقوق المدرجة في الاتفاقية بما يشتمل على الحق في السكن ( ) .

133- تقليص وتفتيت الأرض الفلسطينية على حساب التوسع الاستعماري الإسرائيلي: خالفت إسرائيل واجباتها كسلطة قائمة بالاحتلال بموجب القانون الدولي الإنساني، واحتكرت لنفسها وبدون أي أساس قانوني سلطة تقسيم وتخطيط الأرض الفلسطينية المحتلة، بهدف ضم الأرض الفلسطينية بالقوة كأمر واقع لا يمكن تغييره، حيث أن مخططاتها التنظيمية الكبرى، قد وضعت حدوداً ضيقة للتجمعات والقرى والبلدات الفلسطينية قائمة على ما هو مبني من الأصل، بحيث لا يمكن الخروج عنه مستقبلاً ( ) . وفي المقابل لم تضع مثل هذه القيود التعسفية على التجمعات الاستيطانية الاستعمارية التي تتمتع بمساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية غير المبنية ودون حدودٍ ثابتة ، حيث أنها قد وظفت 1% من المناطق المسماة "ج"، أي 18000 دونم، من أجل البناء الفلسطيني، في حين وظفت ربع مناطق "ج" أي 400000 ألف دونم من أجل بناء المستوطنات ، بحيث تحصر الفلسطينيين في مناطق ضيقة ذي كثافة سكانية عالية على حساب إعطاء المستوطنين مساحات شاسعة من الأرض الفلسطينية المستولى عليها بالقوة ( ) . فضلا عن بنائها لجدار الضم والفصل والتوسع العنصري ساهم في تعزيز التوسع الاستعماري، فعلى سبيل المثال، انتهك هذا الجدار حق الأرمن في السكن في بيت لحم، حيث كان يوجد مخطط لإقامة حي سكني للأرمن، الا ان تشييد الجدار أعاق بنا ء هذا الحي.

134 - الحق في خدمات الصحة العامة والرعاية الطبية الضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية : تضمن دولة فلسطين، من دون تمييز، حق المواطنين في الحصول على خدمات الصحة العامة والطبابة والرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي ، وفق الأطر التشريعية والإدارية التالية:

(أ) تنص المادة (22) من القانون الأساسي المعدل على أن "ينظم القانون خدمات التأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز والشيخوخة " ؛

(ب) تنص المادة (25) من القانون الأساسي المعدل على أن "تنظم علاقات العمل بما يكفل العدالة للجميع ويوفر للعمال الرعاية والأمن والرعاية الصحية والاجتماعية " ؛

(ج) تنص المادة (2) قانون الصحة العامة رقم (20) لسنة 2004 على أن من مهام وزارة الصحة "تقديم الخدمات الصحية الحكومية الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية، وإنشاء المؤسسات الصحية اللازمة لذلك " و " توفير التأمين الصحي للسكان ضمن الإمكانات المتوفرة " ؛

(د) تنص المادة (46) من قانون الصحة العامة أنه " على الوزارة توزيع المؤسسات الصحية الحكومية والخدمات المقدمة بما يتفق مع المتطلبات الصحية للمواطنين وأماكن تواجدهم " ؛

(ه) تنص المادة (15) من قانون رقم (1) لسنة 1997 بشأن الهيئات المحلية الفلسطينية على "إنشاء مراكز للإسعاف ومصحات ومستشفيات وغير ذلك من المؤسسات الصحية ومراقبتها بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة " ؛

(و) تنص المادة (25) من قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لعام 2004 على أن " تتخذ وزارة الصحة جميع التدابير المناسبة من أجل تطوير قدراتها في مجال الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية والإرشاد الصحي المتعلقة بصحة الطفل وتغذيته وحمايته " ؛

(ز) يغطي قرار بقانون رقم (19) لعام 2016 بشأن الضمان الاجتماعي التأمينات الاجتماعية الأساسية من دون تمييز، وهي : الشيخوخة ، العجز ، الوفاة الطبيعيين ، إصابات العمل ، الأمومة ، المرض ، التأمين الصحي ، البطالة ، التعويضات العائلية ، و تقاعد الشيخوخة التكميلي الاختياري؛

(ح) تنص المادة (1) من قرار مجلس الوزراء رقم (6) لعام 2006 على "وضع خطة استراتيجية تنموية لتطوير قطاع الصحة مبنية على مشاركة مجتمعية تتضمن القطاع الحكومي وصانعي القرار، وإعادة التركيز على الرعاية الصحية الأولية كمفهوم شامل وأساسي ينتج من هذا الجهد وثيقة وطنية، تمثل خطة تلبي حاجات الشعب الصحية القابلة للتنفيذ ضمن الواقع الاقتصادي والمالي الفلسطيني " ؛

(ط) تشير الخطة الاستراتيجية الوطنية الصحية للعام 2014-2015 إلى أن أحد أهدافها الاستراتيجية هو ضمان توفير خدمات صحية شاملة ومتكاملة لجميع فئات الشعب، مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجاً للرعاية الصحية لا سيما الأطفال، النساء، المراهقين، كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ( ) ؛

(ي) تنص الخطة الاستراتيجية الوطنية للتنمية للأعوام 2014-2016 على أن أحد الأهداف الاستراتيجية العامة تتمثل بالاستمرار في تقديم الخدمات الاجتماعية المستدامة، وذات النوعية القائمة على الحقوق والمراعية للنوع الاجتماعي، والتي تسهم في الحد من الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الفئات والمناطق، وفي حماية الأطفال والنساء والشباب وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، وتمكينهم في مجتمع يصون تراثه ويحميه، تسوده ثقافة وطنية تتميز بالتعددية والإبداع وتحافظ على تماسكه وتكافله ( ) .

135- يتعرض حق الفلسطينيين بالحصول على الرعاية الصحية والاجتماعية إلى الانتهاك المنهجي من قبل السلطة القائمة بالاحتلال. فهي تفرض التقييدات على الحق في حركة أولئك اللذين يحتاجون إلى العناية الطبية، فغالباً ما يتم تأخير نقل المرضى ذوي الحالات الخطيرة بسبب الحواجز العسكرية . كما ويتطلب نقل المرضى الفلسطينيين للعلاج في الخارج الحصول على تصاريح، من سلطة الاحتلال التي لا تمتلك قانونا حق اصدار التصاريح، وذلك عن طريق إجراءات معقدة قد تنتهي برفض تعسفي لإعطاء التصريح . حيث بينت الدراسات وتقارير الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات، أن السلطة القائمة بالاحتلال رفضت اعطاء 15-30% من تصاريح العلاج ( ) .

136- وفي انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني والذي يحظر السلطة المحتلة فرض قوانينها على الشعب الواقع تحت الاحتلال،، قامت إسرائيل، وفضلا عن ضمها للقدس بالقوة، فإنها أخضعت الفلسطينيين المقدسيين لقوانينها بما يشمل تلك التي تعنى بجوانب الرعاية الصحية والاجتماعية، ولم يحميهم ذلك من التمييز ضدهم في هذه الحقوق، فقد اعتبر مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية أن : " الفلسطينيون المقيمون في القدس الشرقية أن وضعهم ما كان ليكون بتلك الهشاشة، رغم عدم شرعية ضم القدس، لو أنهم كانوا يعاملون بمساواة ويحصلون على خدمات جيدة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والسكن " ( ) . و ما زال المقدسيون يعانون من كافة أنواع التمييز و التهميش الاقتصادي والاجتماعي في مدينتهم. وقد يصل الحد إلى قيام السلطة القائمة بالاحتلال بسحب الإقامة من المقدسيين الفلسطينيين في القدس الشرقية . وهنا هم لا يفقدون حقهم في الإقامة فحسب، بل يفقدون حقهم في تلقي الخدمات الصحية والاجتماعية من مؤسسة التأمين الإسرائيلية ( ) .

137 - الحق في التعليم : تضمن دولة فلسطين الحق في التعليم لجميع المواطنين من دون تمييز من خلال الأطر التشريعية التالية:

(أ) تنص المادة (24) من القانون الأساسي المعدل على أن "التعليم حق لكل مواطن، وإلزامي حتى نهاية المرحلة الأساسية على الأقل ومجاني في المدارس والمعاهد والمؤسسات العامة " ؛

(ب) تنص المادة (37) من قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لعام 2004 على أن " لكل طفل الحق في التعليم المجاني في مدارس الدولة حتى إتمام مرحلة التعليم الثانوي " وتنص كذلك على أن "التعليم إلزامي حتى إتمام مرحلة التعليم الأساسية العليا كحد أدنى " ؛

(ج) تنص المادة (38) من قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لعام 2004 على أن "تتخذ الدولة جميع التدابير المناسبة والفعالة بهدف إلغاء مختلف أشكال التمييز في التمتع بحق التعليم والعمل على تحقيق تساوي الفرص الفعلية بين جميع الأطفال " ؛

(د) تنص المادة (2) من قانون رقم (11) لعام 1998 بشأن التعليم العالي على أن "التعليم العالي حق لكل مواطن تتوافر فيه الشروط العلمية والموضوعية المحددة في هذا القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه " ؛

(ه) تعرف المادة (1) من قانون التربية والتعليم لعام 2017 التعليم الجامع بأنه " التعليم الذي لا يستثني أحداً من الطلبة، بغض النظر عن الصعوبة، أو الإعاقة، أو الجنس، أو اللون، شرط مراعاة الفروق الفردية، وتلبية الاحتياجات، وفقاً لما يتطلب من إجراء تغييرات جذرية لنظام التعليم، وبما يتماشى مع المبادئ الدولية المتفق عليها " ؛

(و) تنص المادة (4) من قانون التربية والتعليم لعام 2017 على أن من مهام وزارة التربية والتعليم هو "توفير فرص للتعليم للطلبة على اختلاف فروقهم الفردية، وميولهم ومستويات أدائهم، بمن فيهم ذوي الإعاقة والأحداث، والأطفال المعنفين والطلبة المتسربين نتيجة لظروفهم الاجتماعية " ؛

(ز) تنص الخطة الوطنية للتنمية للأعوام 2014-2016 على أن أحد أهدافها هو تحقيق نظام تعليمي تربوي، وتعليم عالي ومهني وتقني يضمن تعليماً ذات جودة عالية للجميع دون تمييز، يكون مرتبطاً بحاجات السوق والمجتمع، ومواكب للتطور العلمي والمعرفي العالمي.

138- توجد في دولة فلسطين عدة مدارس ومؤسسات تعليمية خاصة لمتابعة تعليم المجموعات العرقية و الإثنية واللغوية المحمية بهذه الاتفاقية ، بحيث يكون لهم الخيار بين الدراسة في هذه المدارس بشكل كلي أو جزئي أو الالتحاق بالمدارس الحكومية أو الخاصة وهي كالتالي:

(أ) الطائفة السامرية: توجد للطائفة السامرية مدرسة تابعة لوزارة التربية والتعليم يُدرس فيها إلى جانب أبناء الطائفة السامرية غيرهم من أبناء مدينة نابلس القاطنين بجوار الحي السامري. وتعتمد المدرسة المنهاج المدرسي الفلسطيني المقرر لباقي المدارس الفلسطينية، وفي ساعات المساء تستخدم المدرسة لتدريس أبناء الطائفة اللغة العبرية واللاهوت من قبل أحد أعضاء الطائفة؛

(ب) الأرمن : توجد في مدينة القدس مدرسة خاصة للطائفة الأرمينية تدعى " تركمانشاتس "، وقد تم تأسيسها عام 1924 وتستوعب 120 طالباً، هدفها احتضان أبناء الطائفة الأرمينية إلى حين ينهون تعليمهم الثانوي. وتوجد أيضا مدرسة أرمينية أخرى لتخريج الرهبان وتدريس التعاليم المسيحية.

(ج) الطائفة السريانية: تأسست مدرسة مار افرام السريانية في أيلول من عام 2003، حيث بدأت بتدريس 15 طالباً فقط من قبل أستاذين، أما الآن فهي تحتوي على 285 طالباً ابتداء ً من صف الروضة وحتى الصف العاشر. وتسعى المدرسة إلى استكمال الصفوف حتى المرحلة الثانوية وذلك بإضافة صف كل عام، ومع نهاية عام 2018 سيتم تخريج أول فوج من هذه المدرسة. وتعتبر هذه المدرسة الوحيدة التي تدرس اللغة الآرامية لتلاميذها.

139- تعيق إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال ، حق الفلسطينيين في التعليم ، باتباعها سياسات وممارسات عنصرية، تستهدف المنظومة التعليمية الفلسطينية، وذلك على النحو التالي:

(أ) تقييد الحق في الوصول إلى المؤسسات التعليمية: يعاني كلٍ من الطلبة والأساتذة الفلسطينيين من الوصول إلى المدارس بسبب الحواجز العسكرية الدائمة والمتنقلة، التي يتعرضون فيها إلى التفتيش والمضايقة والمنع من المرور في طريقهم للذهاب إلى والعودة من المدارس ( ) . كما وتؤثر هذه التقييدات على حق الفلسطينيين في اختيار مكان الإقامة والدراسة داخل دولة فلسطين حيث يعاني الطلبة الفلسطينيين المقدسيين في وصولهم إلى الجامعات الموجودة في الضفة الغربية من الأرض الفلسطينية، أما الطلبة الفلسطينيين الغزيين فيمنع عليهم منعا باتا الوصول، بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة. كما وتؤثر تقييدات الحق في السفر على قدرة الفلسطينيين على إكمال الدراسات العليا في الخارج، حيث يتجنب الفلسطينيين المقدسيين من السفر خارج البلاد خوفاً من فقدان حقوقهم وسحب هوياتهم بسبب القوانين الإسرائيلية العنصرية. كما العديد من الطل بة الفلسطينيين يحرمون من الدراسة في الخار ج بسبب قرارات" منع السفر" الإسرائيلية، وبسبب الحصار؛

(ب) يتعرض الطلبة في المدارس والجامعات لاعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين في طريقهم وأثناء تواجدهم فيها، خاصة في المدارس التي تكون محاطة بالمستوطنات الاستعمارية ويتخللها حواجز التفتيش ( ) ؛

(ج) بالرغم من عدم امتلاكها الحق والصلاحية القانونية للتخطيط واستصدار التراخيص في الأرض الفلسطينية، تتبع السلطة القائمة بالاحتلال سياسات تمييزية في التخطيط وإعطاء رخص البناء خاصة في الأرض الفلسطينية المسماة " مناطق ج"، حيث يُمنع بناء المدارس ومرافقها ويتم هدم كل ما يُبنى من دون " ترخيص "؛

(د) تعاني المدارس التابعة للجماعات الفلسطينية العرقية و الإثنية من سياسات الاحتلال، فعلى سبيل المثال، حرم الاحتلال الأرمن المشرقي ي ن في لبنان وسوريا والعراق من المجيء إلى القدس للدراسة في كلية اللاهوت في الدير الأرمني، مما جعل المدرسة مهددة على الدوام بالإغلاق نتيجة لقلة عدد الطلاب ؛

(ه) تميز إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بين الفلسطينيين المقدسيين والإسرائيليين بالحق بالتعليم . فقد أشار التقرير الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية بأن المقدسيين يجبرون على دفع وبدون أساس قانوني (حيث أن سلطة الاحتلال لا تملك حق فرض قوانينها على الشعب المحتَل)، ضرائب عالية مقابل خدمات عامة متدنية، وإنفاق المنخفض بما يشمل قطاع التعليم والذي يتسم بنقص قاعات التدريس، وارتفاع في إجمالي معدل التسرب والذي يساوي ١٣ في المائة في حالة المدارس الفلسطينية في القدس الشرقية وإهمال عام للنظام المدرسي العربي مقارنة بنظيره الإسرائيلي على بُعد أمتار منه في القدس الغربية ( ) .

140 - الحق في المشاركة في الأنشطة الثقافية على قدم المساواة: تضمن دولة فلسطين الحقوق الثقافية للمواطنين دون تمييز، وفق الأطر التشريعية والإدارية التالية:

(أ) تنص المادة (24) من القانون الأساسي المعدل على أن يضمن القانون "حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والثقافي والفني " ؛

(ب) تنص المادة (26) من القانون الأساسي على حق الفلسطينيين في " تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط والأندية والمؤسسات الشعبية وفقاً للقانون " ؛

(ج) تنص المادة (1) من قرار مجلس الوزراء رقم (227) لعام 2004 على أن "تعمل وزارة الثقافة على تهيئة البيئة المناسبة لتطوير الثقافة الفلسطينية وإتاحة الفرص لنشرها وتعزيزها ورعايتها وتفعيل دورها التنموي لحقيق التقدم الاجتماعي والديمقراطي، وتأكيد ترابط النسيج الثقافي في الوطن والشتات، وتوطيد الهوية الثقافية الفلسطينية، والتفاعل الثقافي المشترك محلياً مع البلدان والهيئات العربية والدولية، من خلال إنشاء بنية تحتية وتوفير خدمات ثقافية " ؛

(د) تنص المادة (2) من قرار مجلس الوزراء رقم (227) لعام 2004 على أن أحد أهداف وزارة الثقافة هو "تحسين الواقع الثقافي للفئات الاجتماعية الأكثر حاجة للثقافة " وذلك عن طريق " تشجيع ودعم إقامة مراكز ثقافية ومكتبات عامة في المناطق النائية والمهمشة، تشجيع إقامة فرق فنية وفولكلورية ودعم أعمال فنية في هذه المناطق، تشجيع وتطوير ثقافة الطفل والمرأة والشباب " ؛

(ه) ينص قرار مجلس الوزراء رقم (367) لسنة 2005 على إنشاء صندوق التنمية الثقافية لتطوير العمل الثقافي مع إعطاء الأولوية للأطفال والمناطق المهمشة ؛

(و) تنص المادة (35) من قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لعام 2004 على أن "للطفل الحق في المشاركة الواسعة في تحديد وتنفيذ البرامج الترفيهية والثقافية والفنية والعلمية والتي تتفق مع النظام العام والآداب العامة وذلك تأكيداً لحقه في امتلاك المعرفة ووسائل الابتكار والإبداع " ؛

(ز) تشير الخطة الاستراتيجية للأعوام 2014-2016 لقطاع الثقافة والتراث إلى أن أحد أهدافها الاستراتيجية هي تحسين مشاركة الجمهور في الأنشطة الثقافية وخاصة مشاركة المبدعين والمبدعات والمرأة والطفل وفي المناطق الريفية والمناطق المهمشة وكذلك في مدينة القدس ( ) .

141- تتخذ دولة فلسطين تدابير تشجيع وتيسير فرص وصول الأشخاص من دون تمييز إلى الصحف والبرامج المتلفزة والإذاعية وصولاً الى ترخيص إنشاء وسائل إعلام خاصة بالجماعات والفئات المختلفة وذلك من خلال الأطر التشريعية التالية:

(أ) تنص المادة (27) من القانون الأساسي المعدل على أن "تأسيس الصحف وسائر وسائل الإعلام حق للجميع يكفله هذا القانون الأساسي وتخضع مصادر تمويلها لرقابة القانون " ؛

(ب) تنص المادة (4) من قانون المطبوعات والنشر رقم (9) لسنة 1995 بشأن المطبوعات والنشر على "حق المواطنين والأحزاب السياسية والمؤسسات الثقافية والاجتماعية والنقابات في التعبير عن الرأي والفكر والإنجازات في مجالات نشاطاتها المختلفة من خلال المطبوعات " ؛

(ج) تنص المادة (5) من قانون المطبوعات والنشر أنه " لأي شخص بما في ذلك الأحزاب السياسية الحق في تملك المطبوعات الصحفية وإصدارها ".

142- يثري الفلسطينيون التابع و ن لإحدى الجماعات العرقية و الإثنية ثقافتهم الفلسطينية عن طريق ممارستهم لحقهم بالمشاركة في الأنشطة الثقافية على النحو التالي:

(أ) السريان : لدى السريان مجموعة كشفية تدعى بكشافة السريان الأرثوذكس، وللسريان العديد من النشاطات الثقافية والوطنية التي تعسى لإحياء التراث السرياني مثل مجلة الحكمة التي تنشر المقالات الدينية والدراسات والأبحاث عن السريان . وكذلك يضم دير مار مرقس مكتبة قديمة قيمة تحوي مئات الوثائق التاريخية التي تعد مصدراً مهما لتاريخ فلسطين، وقد تداول على هذا الدير عبر التاريخ سبعة أساقفة سريان ؛

(ب) الأرمن : للأرمن حركات كشفية مثل مجموعة كشافة الاتحاد الخيري الأرمني المقدسي . ونوادي رياضية مثل نادي الهومنتمن ، وأخرى ثقافية تهتم بإبراز الثقافة واللغة الأرمينيتين مثل نادي أراكس الكاثوليكي . ولديهم عدة وتشتمل البنية التحتية الثقافية للأرمن على مكتبة دير مار يعقوب والتي تضم أكبر مجموعة من الوثائق الأرمينية القديمة في العالم، ومتحف دير مار يعقوب وكذلك مطبعة الأرمن التي تأسست في القرن التاسع عشر ؛

(ج) الفلسطينيون ذو النسب الافريقي: تعتبر جمعية الجالية الإفريقية مركزاً مجتمعياً هامّاً تنطلق منه فعاليات سياسية وثقافية في البلدة القديمة . كما يستضيف مقر جمعية الجالية الإفريقية في البلدة القديمة، فعاليات سياسية وثقافية، وتقام فيه معارض فنية، ومبادرات اجتماعية . وتقوم جمعية الجالية الإفريقية بتنظيم دوري كرة القدم المحلي للبنين، ودوري كرة السّلة للبنات، وتشارك فيهما عدة فرق تمثل مختلف الأحياء الفلسطينية . وتشتمل المشاركة الثقافية للفلسطينيين الأفارقة كذلك نشاطات خاصة بهويتهم الإفريقية، فعلى سبيل المثال يفخر الأفارقة بإشعال الشموع في البلدة القديمة في القدس حزناً على وفاة القائد الجنوبي إفريقي نيلسون مانديلا الذي عرف بنضاله ضدّ نظام الفصل العنصري ( الأبارتهايد ) في جنوب إفريقيا، ويعتبرون فعلاً كهذا إبرازاً لهويتهم المركبة وحفاظاً على صلتهم بإفريقيا ؛

(د) السامريون : يمارس السامري ون حقوقهم الثقافية من خلال عدة مؤسسات كجمعية الأسطورة السامرية وهي مؤسسة ثقافية اجتماعية فنية أسسها مجموعة من الشباب السامري ، وتتلخص أهداف الجمعية بالحفاظ على تراث وثقافة وتاريخ الطائفة السامرية، ونشر الثقافة والتاريخ السامري في العالم من خلال عقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات . كما تسعى الجمعية إلى إزالة المعتقدات الخاطئة عن الطائفة . كذلك لديهم نادي الشباب السامري وهو نادي ثقافي اجتماعي رياضي، يضم في عضويته عددا من أبناء الطائفة السامرية ذكورا وإناثاً . وهذا النادي مسجل في وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية، ويضم فريقا لكرة السلة . ويمتلك النادي ملعباً لممارسة الأنشطة الرياضية المتنوعة . كذلك تعنى مؤسسة الدراسات السامرية ب بالعمل على تدوين التاريخ السامري حسب الطرق العلمية الحديثة، وحفظ وتصوير المخطوطات القديمة، وتزويد الباحثين والدارسين بمعلومات عن الطائفة السامرية، وتعليم اللغة العبرية القديمة لأبناء الطائفة ، وقد تأسس المتحف السامري عام 1997 م على قمة جبل جرزيم وسط الحي السامري . ويشرف على ساحة المذبح الذي تقام فيه شعائر عيد الفسح عند الطائفة . ويحتوي المتحف على مخطوطات تسلسل التاريخ السامري تنطوي على حقائق تاريخية تتعلق بالسامريين لم تكن معروفة سابقاً، كما يحتوي على وثائق ومستندات وكتب عبرية وتاريخية وعلمية قديمة، وعلى أحجار وعملات معدنية وأسرجة وأواني فخارية وزجاجية أثرية قديمة . وهناك مجموعة سامرية تقوم بعرض الموسيقى السامرية الدينية الفلكلورية -وهي أنغام ترتل بدون أدوات موسيقية مساعدة، وهذا التقليد متوارث من جيل إلى جيل عبر 135 سلالة - في جميع أنحاء العالم .

143- تعيق إسرائيل، ال سلطة القائمة بالاحتلال، الفلسطينيين من حقهم في ممارسة أنشطتهم الثقافية وبالأخص في القدس الشرقية، وذلك عن طريق إغلاق المؤسسات والجمعيات الثقافية كما حدث عندما أغلقت بيت الشرق والمسرح الوطني الفلسطيني ونادي الأسير الفلسطيني ، كذلك تنتهج طمس وقمع وإلغاء الفعاليات والنشاطات الثقافية المعبرة عن الهوية الفلسطينية في القدس كجزء من مخطط تهويد المدينة ، وعلى سبيل المثال لا الحصر : الإغارة على و إلغاء فعالية اجتماعية في يوم الأسير الفلسطيني في مسرح الحكواتي، إلغاء حفل افتتاحية مؤسسة صامد للتعليم المجتمعي في حي عقبة الخالدي في المدينة القديمة، إلغاء الاحتفال المركزي للدائرة التعليمية في مؤسسة الوقف، منع المخيمات المدرسية الصيفية من زيارة المسجد الأقصى، الإغارة على وإغلاق مخيم صيفي منظم من قبل مؤسسة وادي الجوز في مدرسة لوكالة الأنوروا للفتيات ( ) ومن أهم الفعاليات التي تم التهجم عليها ومقاطع ت ها في القدس الشرقية فعالية "القدس: عاصمة الثقافة العربية لعام 2009" ، حيث قامت قوات الاحتلال بمقاطعة اجتماع منظمي الفعالية في فندق الأمباسدور في القدس الشرقية وقامت بمصادرة المعدات وأجهزة الحاسوب. وبناء على معلومات مسبقة، اقتحمت القوات الإسرائيلية عدداً من المدارس والمنظمات المجتمعية وأعاقت سير فعاليات ونشاطات ثقافية ورياضية ، حيث تم اعتقال عدد من منظمي الفعاليات، ومصادرة الأعلام والمعدات لتجهيز الاحتفالات، وكذلك تم قمع عدد من الاحتجاجات السلمية على هذه الإجراءات ( ) .

المادة (6)

أول اً- سبل الانتصاف من أعمال التمييز العنصري على الصعيد الوطني الفلسطيني

144- بالتوافق مع الفقرة (6) من التوصية العامة رقم (31) بشأن منع التمييز العنصري في مجال إدارة عمل وسير العدالة الجنائية أنه "يقع على عاتق الدول الأطراف التزام بضمان حق كل فرد يوجد ضمن ولايتها في أن يتاح لـه سبيل انتصاف فعال ضد مرتكبي أفعال التمييز العنصري، ". فإن النظام القضائي الفلسطيني يوفر سبل الانتصاف عن الأعمال التي تنتهك حقوق الإنسان بما فيها تلك المرتكبة في سياق التمييز العنصري أو ضد فرد ينتمي إلى جماعة عرقية أو اثنية، وذلك كالتالي:

(أ) تختص المحاكم الجزائية بالنظر في الأعمال المرتكبة بناء على تمييز عنصري إذا شكلت جريمة يعاقب عليها القانون . وفي هذا الخصوص، تنص المادة (1) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 على أن " تختص النيابة العامة دون غيرها بإقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها ولا تقام من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون " .

(ب) تختص المحاكم الجزائية بالنظر في دعوى الحق المدني الناشئة عن عمل مرتكب بناء على تمييز عنصري ويشكل جريمة يعاقب عليها القانون . وفي هذا الخصوص تنص المادة (3) من قانون الإجراءات الجزائية أنه "على النيابة العامة تحريك الدعوى الجزائية إذا أقام المتضرر نفسه مدعياً بالحق المدني وفقاً للقواعد المعينة في القانون ". وكما تنص المادة (170) على أن "تنظر المحاكم الجزائية في دعوى الحق المدني، لتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة مهما بلغت قيمته وتنظر في هذه الدعوى تبعاً للدعوى الجزائية ".

(ج) تختص المحاكم المدنية بالنظر في دعاوي الحق المدني الناشئة عن مخالفة أو اهمال أو تقصير مرتكبها بناءً على تمييز عنصري، إذا شكلت مثل هذه الأعمال مخالفات مدنية يستوجب عليها القانون تعويضاً . وفي هذا الخصوص تنص المادة (58) من قانون المخالفات المدنية رقم (66) لعام 1944 أنه "لكافة المحاكم النظامية في فلسطين، كل منها ضمن دائرة اختصاصها، حق الحكم بالنصفة في المخالفات المدنية ".

145- يوفر القضاء الإداري والمؤسسات العامة الفلسطينية سبل الانتصاف من التمييز العنصري في القرارات الإدارية الصادرة عن الصادرة عن أشخاص القانون العام بما في ذلك النقابات المهنية ، وذلك على من خلال الأطر التالية:

(أ) تنص المادة (33) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لعام 2001 على اختصاص محكمة العدل العليا بالنظر في "الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بإلغاء اللوائح أو الأنظمة أو القرارات الإدارية النهائية الماسة بالأشخاص أو الأموال الصادرة عن أشخاص القانون العام بما في ذلك النقابات المهنية ". كما تنص على اختصاص المحكمة في "المسائل التي ليست قضايا أو محاكمات بل مجرد عرائض أو استدعاءات خارجة عن صلاحية أي محكمة تستوجب الضرورة الفصل فيها تحقيقاً للعدالة " كذلك تنص المادة (34) من ذات القانون على اختصاص محكمة العدل العليا بالنظر في الطعون والقرارات التي يشوبها " التعسف أو الانحراف في استعمال السلطة " ؛

(ب) تشير المادة (8) من قرار مجلس الوزراء رقم (8) لسنة 2016 إلى أن تشكل في الدوائر والحكومية والمحافظات دوائر وحدات متخصصة لتلقي الشكاوى المقدمة من المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني ضد الدوائر الحكومية.

146- يوفر القضاء الدستوري الفلسطيني سبل الانتصاف ضد التمييز العنصري الواردة في التشريعات واللوائح والأنظمة والقرارات غير الدستورية ، وذلك بإحدى الطرق التالية:

(أ) تعطي المادة (27/1) من قانون المحكمة الدستورية رقم (3) لعام 2006 الأفراد المتضررين من نص قانوني غير دستوري أحقية رفع الدعوى أمام المحكمة، مباشرة من دون وساطة جهة قضائية أخرى؛

(ب) تنص المادة (27/2) من قانون المحكمة الدستورية أنه " إ ذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو مرسوم أو لائحة أو نظام أو قرار لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية " ؛

(ج) تنص المادة (27/3) من قانون المحكمة الدستورية " إ ذا دفع الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو مرسوم أو لائحة أو نظام أو قرار ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز تسعين يوماً لرفع دعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد، اعتبر الدفع كأن لم يكن ".

147- يوفر القضاء الفلسطيني سبل الانتصاف عن انتهاكات حقوق الانسان المرتكبة من قبل الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون في فلسطين، وذلك وفق الأطر التالية:

(أ) تعطي المادة (40) من قانون الإجراءات الجزائية الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية لعام 1979 لكل شخص يجد نفسه متضرراً من جراء جناية أو جنحة إن يقدم شكوى يتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي إلى المدعي العام . كما تعطي المادة (349) من ذات القانون لكل موقوف أو مسجون الحق في أن يقدم في أي وقت لمسؤول مركز الاصلاح شكوى كتابية ويطلب منه تبليغها للنيابة العامة، وعلى المسؤول قبولها وتبليغها في الحال؛

(ب) تنص المادة (90) من قانون الأمن الفلسطيني رقم (8) لعام 2005 على أن : "كل ضابط يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو في القرارات الصادرة من الوزير المختص، أو يخرج على مقتضيات الواجب في أعمال وظيفته، أو يسلك سلوكاً، أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يعاقب تأديبياً، وذلك مع عدم الإخلال بإقامة الدعوى المدنية أو الجنائية عند الاقتضاء " ؛

(ج) تنص المادة (33) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لعام 2001 على أن محكمة العدل العليا تختص في "الطلبات التي هي من نوع المعارضة في الحبس التي يطلب فيها إصدار أوامر الإفراج عن الأشخاص الموقوفين بوجه غير مشروع ".

148- توفر دولة فلسطين سبل الانتصاف للموظفين العمومين والعمال عن القرارات الصادرة عن مؤسسات القطاع العام والخاص والأهلي، وذلك وفق الأطر التالية:

(أ) تنص المادة (33) من قانون تشكيل المحاكم النظامية على أن محكمة العدل العليا تختص في "المنازعات المتعلقة بالوظائف العمومية من حيث التعيين أو الترقية أو العلاوات أو المرتبات أو النقل أو الإحالة إلى المعاش أو التأديب أو الاستيداع أو الفصل، وسائر ما يتعلق بالأعمال الوظيفية " ؛

(ب) تنص المادة (107) من قانون العمل رقم (7) لعام 2000 على أن "يشكل الوزير هيئة تسمى هيئة تفتيش العمل من عدد ملائم من المفتشين والمؤهلين أكاديمياً ومهنياً لمتابعة تطبيق أحكام هذا القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه " كما وتنص المادة (110) من القانون على أن تختص هيئة التفتيش في "متابعة تطبيق تشريعات العمل خاصة ما يتعلق بشروط وظروف العمل بكافة الوسائل المشروعة بما في ذلك استقبال الشكاوى والبلاغات ".

149- توفر دولة فلسطين بمنظماتها ونقاباتها المتخصصة سبل الانتصاف التالية عن أي من أعمال خطاب الكراهية والتحريض على العنصرية:

(أ) تختص دائرة الشكاوى في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بمتابعة قضايا الخطاب الكراهية والتحريض على العنصرية والذي قد يبدر عن خطباء المساجد، حيث يستطيع أي مواطن تقديم الشكوى والتي يتم تسجيلها من قبل دائرة التوثيق والأرشفة ويتم تحويلها إلى الجهة المختصة في الوزارة لكي تتحقق من مدى مصداقية الشكوى، قبل أن تتم محاولة حل القضية بشكل ودي وتنبيه خطيب المسجد المشتكى عليه، وفي حال فشل الحكم والفصل في القضية يتم تطبيق العقوبات التأديبية الموجودة في قانون الخدمة المدنية على الموظف المشتكى عليه، وفي أثناء كل تلك الإجراءات، قد يتم نقل الإمام المشتكى عليه إلى دائرة جغرافية أخرى أو منعه عن العمل حتى تحل القضية؛

(ب) تعطي المادة (31) من قانون نقابة الصحفيين رقم (17) لعام 1952 للمواطنين الحق في إقامة الدعوى التأديبية على الصحفيين عند إخلالهم بواجبات المهنة بما يشتمل على قضايا الخطاب الكراهية والتحريض على العنصرية.

150- بالإضافة إلى كل ما ورد، فإن دولة فلسطين تعتزم إضافة سبيل جديد للانتصاف وذلك بتقديم الإعلان الاختياري المنصوص عليه في المادة (14) من الاتفاقية بشأن صلاحية لجنة القضاء على التمييز العنصري باستلام الشكاوى المقدمة من الأفراد أو من جماعات الأفراد الداخلين في ولاية دولة فلسطين والذين يدعوّن أنهم ضحايا أي انتهاك من جانبها لأي حق من الحقوق المقررة في هذه الاتفاقية .

ثاني اً- الضمانات القضائية المقدمة للضحايا أثناء الدعوى

151- تعمل دولة فلسطين ، وبالتوافق مع الفقرة (7) من ال توصية ال عامة رقم 31، على توفير الضمانات القضائية والمساعدة اللازمة بالتعاون مع المنظمات والنقابات والمؤسسات المتخصصة من خلال الأطر التشريعية والإدارية والخطط الاستراتيجية التالية :

(أ) يتضمن مشروع قانون صندوق المساعدة القانونية الفلسطيني لسنة 2014 أحكاماً تضمن حق طلب المساعدة القانونية للأشخاص المعوزين من دون تمييز في كافة مراحل المحاكمة ووفقاً للشروط نفسها؛

(ب) تنص الخطط الاستراتيجية الوطنية للعدالة وسيادة القانون للأعوام 2011-2013 والأعوام 2014-2016 على ضرورة مأسسة نظام المساعدة القانونية على نحو يراعي حاجات الفئات المهمشة والضعيفة ( ) ؛

(ج) تنص أجندة التنمية الوطنية للأعوام 2017-2022 على ضرورة تعزيز وصول المواطنين العادل إلى خدمات العدالة وتعزيز التكاملية في تقديمها، لا سيما للنساء والأحداث ؛

(د) تنص الخطة الاستراتيجية للمساعدة القانونية في نقابة المحامين الفلسطينيين للأعوام 2015-2017 على أن أحد أهدفها الاستراتيجية هو "زيادة فرص أشخاص المهمشين بالوصول الى خدمات العون القانوني ".

152- لا ت عمل دولة فلسطين على توفير طرق انتصاف لضحايا التمييز العنصري فحسب، بل توفر لهم مركز إجرائي في قضاياهم بالتوافق مع الفقرة (17) ( أ ) من التوصية العامة رقم  (31) ، حيث تنص المادة (194) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لعام 2001 على أن " لكل من تضرر من الجريمة أن يتقدم بطلب إلى وكيل النيابة العامة أو إلى المحكمة التي تنظر الدعوى يتخذ فيه صراحة صفة الادعاء بالحق المدني للتعويض عن الضرر الذي لحق به من الجريمة " كذلك تنص المادة (196) من ذات القانون على أنه " يجوز الادعاء بالحق المدني أمام محكمة الدرجة الأولى في جميع مراحل الدعوى الجزائية وحتى إقفال باب المرافعة ".

153 - تضمن دولة فلسطين حق ضحايا التمييز العنصري بالحصول على خدمات الترجمة بالتوافق مع الفقرة (17) ( ب ) من التوصية العامة رقم (31) ، حيث تنص المادة (294) من قانون الإجراءات الجزائية أنه "إذا كان المتهم أو الشهود أو أحدهم لا يحسنون التكلم باللغة العربية، عيَن رئيس المحكمة مترجماً مرخصاً، وعليه أن يحلف اليمين بأن يترجم الأقوال بصدق وأمانة ".

154- تضمن دولة فلسطين تقديم الحماية ضحية التمييز العنصري وأسرته من الترهيب والانتقام بالتوافق مع الفقرة (17) (د) من التوصية العامة حيث تنص المادة (237) من قانون الإجراءات الجزائية على أن "تجرى المحكمة بصورة علنية، ما لم تقرر المحكمة إجراءها سرية لاعتبارات المحافظة على النظام العام أو الأخلاق، ويجوز في جميع الأحوال منع الأحداث أو فئة معينة من الأشخاص من حضور المحاكمة ".

ثالث اً- حرمان إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، الفلسطينيين من حقهم بالحصول على سبل الحماية والانتصاف

155 - بالرغم من أن الفقرة (87) من خطة عمل ديربان تحث الدول الأطراف على اعتماد تشريعات تنفذ التزامات بمقاضاة ومعاقبة الأشخاص الذين ارتكبوا أو أمروا بارتكاب خروقات جسيمة لاتفاقيات جنيف المبرمة في وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لقوانين الحرب وأعرافها، وخاصة ما يتصل منها بمبدأ عدم التمييز . كما وتنص الفقرة (6) من التوصية العامة للجنة القضاء على التمييز العنصري رقم (31) لعام 2005 على أنه " يقع على عاتق الدول الأطراف التزام بضمان حق كل فرد يوجد ضمن ولايتها في أن يتاح لـه سبيل انتصاف فعال ضد مرتكبي أفعال التمييز العنصري "، إلا أن القضاء الإسرائيلي هو قضاء منحاز ويشكل أحد أدوات تعزيز وتبرير الاستعمار الإسرائيلي. هذا الخلل يؤدي بحد ذاته إلى إعاقة حق الفلسطينيين في أن يتاح لهم سبل انتصاف فعالة والحصول على التعويض عن انتهاكات حقوق الإنسان بشكل عام وعن التمييز العنصري والإجراءات الإقصائية بشكل خاص، ويتمثل هذا التمييز في عدة محاور، أهمها:

(أ) إ خفاق وتواطؤ السلطات المكلفة بإنفاذ القانون في ملاحقة جرائم المستوطنين الإسرائيليين القائمة على العنصرية ، فقد أعربت لجنة القضاء على التمييز العنصري في ملاحظاتها الختامية لعام 2012 عن : " قلقها إزاء تزايد أعمال العنف العنصري والتخريب التي يرتكبها المستوطنون اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تستهدف غير اليهود، بما في ذلك المسلمون والمسيحيون وأماكنهم المقدسة، وإزاء المعلومات التي تفيد بأن ٩٠ في المائة من التحقيقات التي تجريها الشرطة الإسرائيلية في أعمال العنف التي ارتكبها المستوطنون في الفترة بين عامي 2005 و 2010 أغلقت دون إجراء أي محاكمة . وتثيرُ جزعَ اللجنة بشكل خاص تقاريرٌ عن إفلات جماعات إرهابية من العقاب منها جماعة برايس تاغ التي تتمتع، حسب بعض التقارير، بدعم سياسي وقانوني من قطاعات معينة في المؤسسة السياسية الإسرائيلية " ( ) . وخلافا للتوصية، فقد استمرت الأجهزة الأمنية المنحازة في خلق بيئة خواء قانونية ترتكب فيها جرائم العنف القائمة على العنصرية من قبل المستوطنين الإسرائيليين من دون أي محاسبة ( ) . ففي الفترة الواقعة بين عام 2005 وعام 2014، تم فتح 1045 ملف تحقيقي عن جرائم ارتكبت ضد الفلسطينيين من قبل المستوطنين. حيث تم توجيه اتهام في 72 قضية فقط، وتم الحكم بالإدانة الكاملة في 6 قضايا، وتم الحكم بالإدانة الجزئية في 13 قضية فقط، وقد تم الحكم بثبوت التهمة من دون إدانة في 14 قضية وانتهت 13 قضية بإسقاط الاتهام، وتم الحكم بالتبرئة في 5 قضايا فقط. حيث أن نسبة القضايا التي انتهت بالقبض على المتهم وتوجيه الاتهام والمحاكمة والحكم بالإدانة لا تتعدى 1.9% من كل القضايا المرفوعة ( ) ؛

(ب) إخفاق وتواطؤ وعدم رغبة الجهاز القضائي العسكري الإسرائيلي في ملاحقة الانتهاكات المرتكبة من قبل العسكريين الإسرائيليين، فقد أعربت لجنة القضاء على التمييز العنصري في الملاحظات الختامية للعام 2012 عن : " قلقها إزاء العقبات النقدية والمادية التي يواجها الفلسطينيون الساعون إلى الحصول على تعويضات أمام المحاكم الإسرائيلية على ما تكبدوه من خسائر، خاصة نتيجة عملية الرصاص المصبوب التي نفذها جيش الدفاع الإسرائيلي في قطاع غزة " ( ) . فدور القضاء العسكري الإسرائيلي ضيق للغاية، فهو يحقق في حالات الانتهاكات التي يتسبب بها الجنود نتيجة لخرق الأوامر أو التعليمات، ولكنه لا يحقق في الأوامر والتعليمات ذاتها في حال شكلت انتهاكا بحد ذاتها، كما لا تحقق في شأن العسكريين أصحاب الرتب العليا الذين يصدرون مثل تلك الأوامر والتعليمات. ولا يؤدي ذلك إلى حرمان الضحايا من الانتصاف عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات حقوق الإنسان القائمة على العنصرية فحسب، بل يخلق بيئة تتكرر فيها مثل تلك الانتهاكات من قبل العسكريين وخاصة اثناء سير العمليات العسكرية . وقد أجرت أحد المنظمات الحكومية الإسرائيلية دراسة على 739 قضية مرفوعة من خلالها على الحكومة الإسرائيلية منذ عام 2000، وأثبتت الدراسة أنه لم يتم فتح ملف تحقيقي في 182 قضية، وتم فتح ملف تحقيقي وإغلاقه من دون اتخاذ أي إجراءات لاحقة في 343 قضية، وتم توجيه الاتهام في 25 قضية فحسب، وتم اتخاذ إجراء تأديبي في 13 قضية فقط ( ) . وفي بعض الحالات، وحتى بعد إدانة الجنود المتهمين فإن الحكم قد يكون مخفف ومدة العقوبة لا تتناسب مع الجريمة العنصرية التي تم ارتكابها ( ) ؛

(ج) إخفاق وتواطؤ المحكمة العليا الإسرائيلية في مواجهة انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات حقوق الإنسان بما فيها تلك القائمة على عنصرية وذلك بما يتعلق بمنظومة الاستيطان الاستعمارية، بما فيها مصادرة الأراضي، والاعتداء على الملكية العامة والخاصة، وبناء المستوطنات الاستعمارية، ونقل السكان المدنيين إلى الأرض المحتلة . ولم تقصر المحكمة العليا الإسرائيلية في غض الطرف عن الانتهاكات المتعلقة بمنظومة الاستيطان، بل ساهمت في خلق بيئة قانونية محمية تتوسع فيها المستوطنات من دون أي رقيب . فقد قضت المحكمة العليا الإسرائيلية من مسألة عدم قانونية المستوطنات واعتبرتها من المسائل غير القابلة للتقاضي أمام المحكمة ( ) . وحتى لو أصدرت المحكمة العليا قرارات لصالح الفلسطينيين في بعض القضايا، فإن هنالك نقص مستمر في آليات تنفيذ هذه الأحكام على الأرض ( ) . وحتى في حالة بناء البؤر الاستيطانية خارج مناطق المستوطنات (غير الشرعية والاستعمارية) فإن الأجهزة القضائية في مؤسسات السلطة القائمة بالاحتلال تتعمد إهمال متابعة هذه القضايا في المحاكم والأجهزة الشرطية في مؤسسات السلطة القائمة بالاحتلال تتعمد إهمال تطبيق قرارات المحاكم بإلغاء هذه البؤر ( ) . وقد خلص مقرر الأمم المتحدة الخاص بوضع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى هذه النتيجة : "وفي حين تمارس المحكمة العليا الإسرائيلية رسمي اً الرقابة القضائية على الإدارة الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، تفيد معلومات مقدمة من منظمات غير حكومية بأن السوابق القضائية تجسد نزعة تكون فيها القرارات السياسية الحكومية الرئيسية، مثل تلك المتعلقة بالجدار والمستوطنات، محصَّنة ضد التدخل القضائي، وبأن قرارات المحكمة العليا لم تدعم بصورة كافية حقوق الإنسان والحماية المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني " ( ) .

المادة (7)

أول اً- التعليم الهادف لتعزيز التسامح ومناهضة العنصرية في دولة فلسطين

156- تؤكد الفقرة (95) من إعلان ديربان أن التعليم في جميع المستويات والأعمار هو عامل رئيسي في تغيير المواقف والسلوكيات التي تنم عن العنصرية والتمييز العنصري، كما وتؤكد أن هذا التعليم عامل حاسم في تعزيز ونشر وحماية القيم الديمقراطية للعدالة والإنصاف، والتي تعد أساسية لمنع ومكافحة انتشار العنصرية . وبهذا الصدد، تتخذ دولة فلسطين التدابير الملائمة في مجال التعليم لتعزيز التفاهم والتسامح ومكافحة الصور النمطية التي قد تؤدي إلى تمييز عنصري وذلك وفق الأطر التشريعية والإدارية :

(أ) تنص المادة (4) من قانون التعليم العالي رقم (11) لعام 1998 على أن التعليم العالي في فلسطين يهدف إلى "تنمية القيم العلمية والروحية وتنشئة أفراد منتمين لوطنهم وعروبتهم وتعزيز روح التعاون والعمل الجماعي لدى الطلبة " . وإلى " ا لإسهام في تقدم العلم وصون الحريات ونزاهة البحث العلمي وبناء الدولة على أسس تضمن سيادة القانون واحترام الحقوق والحريات العامة " ؛

(ب) تنص المادة (3) من قانون التربية والتعليم لعام 2017 على أن أحد أهداف القانون هو: "تنمية القيم والسلوكيات واحترام حقوق الإنسان، وحرياته، والمبادئ المنصوص عليها في المواثيق الدولية، والتشريعات الوطنية الناظمة لحقوق الإنسان" ؛

(ج) تتضمن رؤية ورسالة وزارة التربية والتعليم العالي هدف: "تهيئة إنسان فلسطيني يعتز بدينه وقوميته ووطنه وثقافته العربية والإسلامية، ويسهم في نهضة مجتمعه، ويسعى للمعرفة والإبداع، ويتفاعل بإيجابية مع متطلبات التطور العلمي والتكنولوجي وقادر على المنافسة في المجالات العلمية والعملية ومنفتح على الثقافات والأسواق الإقليمية والعالمية وقادر على بناء مجتمع يقوم على المساواة بين الجنسين والتمسك بالقيم الإنسانية والتسامح الديني" ( ) .

157- تعمل دولة فلسطين على تطوير المناهج التعليمية بما يتناسب مع الأهداف المتعلقة بتعزيز التفاهم والتسامح ومكافحة الصور والأفكار النمطية التي قد تؤدي إلى تمييز عنصري، وذلك من خلال الإجراءات التالية :

(أ) تشير المادة (45) من قانون التربية والتعليم لعام 2017 إلى ضرورة قيام وزارة التربية والتعليم بتطوير المناهج التربوية التي ترتكز على الأسس والقواعد الواردة في التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية الناظمة لحقوق الإنسان، وأسس الفلسفة المجتمعية والقيم الوطنية المرتبطة بمنظومة القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية والتي توصل قيم المواطنة والديمقراطية، وكذلك مواكبة التطورات والمستجدات في جميع المجالات العلمية والتقنية والاقتصادية والحضارية ؛

(ب) صادقت دولة فلسطين على خطة المنهاج الأكاديمي عام 1998، بحيث اشتملت أهداف ال خطة على: تعزيز القيم ا لأ خلاقية والدينية والروحية للمجتمع ، بالإضافة للتأكيد على مبادئ العدل والمساواة والكرامة والمسؤولية الوطنية واحترام الحياة الإنسانية، لعمل على ايجاد وتعزيز صيغ التفاهم والتعاون والسلم على المستوى العربي والاقليمي والدولي وذلك عبر تعزيز مفاهيم التحرر الوطني والعدالة والديمقراطية وحقوق الانسان إضافة الى تشجيع احترام ثقافة الاخرين ومعتقداتهم الدينية ( ) ؛

(ج) تنص الخطة الوطنية الاستراتيجية لقطاع الثقافة 2014-2016 على أن أحد أهداف الخطة هو الاستثمار في المناهج التعليمية والنشاطات اللامنهجية، والهادفة إلى إرساء قيم التعددية والديمقراطية والانتماء والمواطنة والمساواة بين الجنسين، وذلك عن طريق دمج البعد الثقافي في المناهج وأساليب تدريسها بشكل يراعي التعددية والتنوع الثقافي ( ) .

158- ومن الأمثلة على الإضافات على المناهج التي تتوافق مع مبادئ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وروح اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري:

(أ) يتضمن منهاج "تاريخ العالم المعاصر " للصف العاشر درس متخصص يفسر ظاهرة الديكتاتوريات والأيدولوجيات الحديثة القائمة على العنصرية كالفاشية والنازية ( ) ؛

(ب) يتضمن منهاج "القضايا المعاصرة" للصف الثاني عشر وحدة متخصصة عن حقوق الإنسان تتحدث عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحقوق الإنسان في الإسلام، وأهمية حقوق الإنسان ( ) ؛

(ج) يتضمن منهاج "تاريخ العرب والعالم في القرن العشرين " للصف الثاني عشر وحدة متخصصة عن التمييز العنصري تشتمل على شرح بعض أوجه التمييز العنصري كالاضطهاد القائم على العنصرية والتطهير العرقي مع إعطاء توضيح لموضوع الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. كذلك تشتمل الوحدة على توضيح لبعض إجراءات مكافحة التمييز العنصري على الصعيد الدولي، والأسباب التي تحول دون تطبيقها على الأرض ( ) ؛

(د) يتضمن منهاج التربية المدنية للصف التاسع، وحدة متخصصة عن التعددية السياسية والاجتماعية والفكرية والدينية في المجتمع الفلسطيني، وتشير هذه الوحدة أن من أشكال التعددية في المجتمع الفلسطيني تخصيص مقاعد للجماعات الفلسطينية الدينية في التمثيل السياسي، تأسيس الأحزاب، والترخيص لوسائل الإعلام المتعددة والمتنوعة ( ) ؛

(ه) يهدف منهاج التربية الوطنية للصفوف الأول إلى العاشر إلى تعريف الطلاب بالموضوعات المتعلقة بخصوصية الهوية الوطنية الفلسطينية وخصائص المجتمع الفلسطيني وتركيبته وتعدديته الدينية والعرقية، وكذلك لترسيخ قيم الديمقراطية والتسامح والمساواة وقبول الأخر وبناء المجتمع المدني الفلسطيني .

159- تشتمل إنجازات وزارة التربية والتعليم في مجال مكافحة التحيزات التي قد تفضي إلى التمييز العنصري على عدة برامج ومشاريع تسهم في الدمج والعيش المشترك، ومنها :

(أ) برنامج المواطنة والذي يتضمن أنشطة وفعاليات تركز على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان كما ويتدرب الطلاب في هذا البرنامج على العمل في مجموعات لمواجهة أهم التحديات الاجتماعية والثقافية التي تواجههم ؛

(ب) برنامج حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والذي تم تطبيقه في أكثر من (50) مدرسة، وتم تدريب الطلاب في هذا البرنامج على مفاهيم حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية ذات العلاقة، ويتم كذلك عقد جلسات استماع عامة في المجتمعات المحلية، وعقد ملتقيات طلابية حول انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين.

ثاني اً- الأنشطة الثقافية الهادفة إلى ثقافة متسامحة مناهضة للعنصرية في دولة فلسطين

160- تتخذ دولة فلسطين التدابير الملائمة في مجال الثقافة لتعزيز التفاهم والتسامح ومكافحة الصور النمطية التي قد تؤدي إلى تمييز عنصري، وذلك وفق الأطر التشريعية والإدارية التالية :

(أ) تشير المادة (1) من قرار مجلس الوزراء رقم (227) لسنة 2004 إلى أن وزارة الثقافة تعمل على توفير البيئة المناسبة لتطوير الثقافة الفلسطينية ولنشرها وتعزيزها ورعايتها ولتفعيل دورها التنموي لتحقيق التقدم الاجتماعي والديمقراطي، وتأكيد ترابط النسيج الثقافي في الوطن والشتات، وتوطيد الهوية الثقافية الفلسطينية، والتفاعل الثقافي المشترك محلياً مع البلدان والهيئات العربية والدولية، من خلال إنشاء بنية تحتية وتوفير خدمات ثقافية . كذلك تنص المادة  (2) من قرار مجلس الوزراء على أن تعطي الوزارة أولوية خاصة للفئات الاجتماعية الأكثر حاجة بحيث تعمل على تشجيع ودعم إقامة مراكز ثقافية ومكتبات عامة في المناطق النائية والمهمشة ؛

(ب) تنص خطة التنمية الاستراتيجية الوطنية 2014-2016 على هدف إنشاء فضاءات ثقافية متوفرة أكثر لكافة الفلسطينيين، وتتميز بالتعددية والانفتاح والابداع، وتنبذ كافة اشكال التمييز وتصون الموروث الثقافي وتجدده ( ) ؛

(ج) تشير خطة قطاع الثقافة في فلسطين 2014-2016 إلى أن أهدافها الاستراتيجية تشتمل على إيجاد بيئة أكثر تمكيناً للثقافة الفلسطينية تساهم في نشر ثقافة وطنية تعددية، وتعزز الوحدة والتواصل ( للشعب في الوطن والشتات، والتبادل مع الشعوب العربية والأجنبية، ودعم الإبداع وتحفيزه مادياً ومعنوياً، وتحسين درجة مشاركة الجمهور، ورفع مستوى الذائقة الثقافية العامة، والاهتمام بمدينة القدس والمناطق المهمشة . وذلك عن طريق تنشيط وتوسيع نطاق الفعاليات الفنية في المناطق الجغرافية بهدف تعميق وتعزيز الوعي الثقافي المتعدد والمنفتح والمبني على المساواة ( ) ؛

(د) تنص أجندة التنمية الوطنية للأعوام 2017-2022 في أولويتها الوطنية العاشرة على أهمية التدخل السياسي لحماية الهوية الثقافية الفلسطينية عن طريق دعم الإبداع والإنتاج الثقافي وحماية التراث الثقافي الفلسطيني وتطويره ؛

(ه) لدى وزارة الثقافة عدة برامج في هذا المجال، كبرنامج "الثقافة للجميع" والذي يهدف إلى توفير بيئة أكثر تمكينا لنشر ثقافة وطنية عربية إنسانية ديمقراطية مبدعة متجددة وتنمي المواطنة القائمة على التعددية واحترام قيم المساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وتوفير البيئة المحفزة للإبداع الثقافي والاهتمام بمدينة القدس والمناطق المهمشة والمعرضة لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين، وتعزيز التواصل الثقافي بين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم والشعوب العربية والإنسانية على المستوى الرسمي.

ثالث اً- الإعلام المناهض للعنصرية والمعزز للتسامح في دولة فلسطين

161- تتخذ دولة فلسطين التدابير الملائمة في مجال الإعلام لتعزيز التفاهم والتسامح ومكافحة الصور النمطية التي قد تؤدي إلى تمييز عنصري، وذلك وفق الأطر التشريعية والإدارية :

(أ) تحظر المادة (7) من قانون المطبوعات والنشر رقم (9) لعام 1995 على الجرائد والصحف القيام بنشر " ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان واحترام الحقيقة، وأن تعتبر حرية الفكر والرأي والتعبير والاطلاع حقاً للمواطنين كما هي حق لها " ؛

(ب) تنص المادة (2) من قرار مجلس الوزراء رقم (213) لسنة 2004 على أن أحد أهداف وزارة الإعلام هو "مناصرة الإعلام الفلسطيني لقيم الحرية والتقدم والعدالة والإخاء والسلام بين الشعوب ومبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الأفراد والأقوام والأقليات " ؛

(ج) تنص مدونة قواعد سلوك مؤسسات الإعلام الفلسطينية على : "اتباع الحرية والديمقراطية نهجاً، والحفاظ على الهوية الثقافية والوطنية للشعب الفلسطيني دون أن يقود ذلك إلى الانعزال، واعتماد قيم التسامح وقبول الرأي والرأي الآخر، وإعطاء الاهتمام الكافي لقضايا الرأي العام من خلال المعلومات الموثقة والعناية بالفئات والمناطق المهمشة ".

162 - اتخذت المؤسسات الإعلامية الفلسطينية تدابير تسعى لتعزيز التفاهم والتسامح وكذلك لضمان المشاركة الثقافية والاجتماعية للجماعات الفلسطينية العرقية و الإثنية ، وذلك على النحو التالي:

(أ) قامت الهيئة العامة الفلسطينية للإذاعة والتلفزيون بعمل مقابلات وتقارير إخبارية ووثائقية مع الجماعات الفلسطينية العرقية و الإثنية في فلسطين، كالأرمن وا لإفريقيين والسمرة ، وتعتبر المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال هذا التقارير مرجعاً مهما ساعد في كتابة هذا التقرير ؛

(ب) قام مركز المعلومات الوطني الفلسطيني التابع ل وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا" بتوثيق وإعداد قاعدة بيانات خاصة بالطوائف والمذاهب والجاليات في فلسطين، بحيث تشتمل تلك المعلومات عن تاريخ الشعوب والديانات في فلسطين حتى القرن العشرين، وكذلك عن معلومات عن الجماعات الفلسطينية الدينية والعرقية و الإثنية الموجودة حالياً في فلسطين كالأرمن والأقباط والبهائيون والتركمان والأفارقة والأشخاص ذوي النسب المغاربي والجماعة الأحمدية والدروز والغجر والسامرين والسريان والبشناق والشركس والموارنة والأكراد، وتعتبر هذه المعلومات المنشورة على موقع الوكالة مرجعاً أساسياً ساعد في كتابة هذا التقرير ( ) .