الأمم المتحدة

CAT/C/49/D/346/2008

Distr.: General

30 January 2013

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب

البلاغ رقم 346/2008

قرار اعتمدته لجنة مناهضة التعذيب في دورتها التاسعة والأربعين (29 تشرين الأول/أكتوبر - 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2012)

المقدَّم من: س. أ. س. (يمثِّله المحامي فرانك ميشيل)

الشخص المدّعى أنه ضحية: س. أ. س.

الدولة الطرف: موناكو

تاريخ تقديم الشكوى: 8 تموز/يوليه 2008 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد القرار: 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2012

الموضوع: ترحيل صاحب الشكوى من موناكو إلى البرازيل

المسائل الإجرائية: بحث القضية في إطار إجراء آخر من إجراءات التسوية الدولية؛ استنفاد سُبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: خطر التعرُّض للتعذيب عقب التسليم

مواد الاتفاقية: المادة 3، والفقرتان الفرعيتان (أ) و(ب) من الف قرة 5 من المادة 22

المرفق

قرار لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (الدورة التاسعة والأربعون)

بشأن

البلاغ رقم 346/2008

المقدَّم من: س. أ. س. (يمثِّله المحامي فرانك ميشيل)

الشخص المدّعى أنه ضحية: س. أ. س.

الدولة الطرف: موناكو

تاريخ تقديم الشكوى: 8 تموز/يوليه 2008 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن لجنة مناهضة التعذيب ، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ،

وقد اجتمعت في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2012،

وقد فرغت من النظر في الشكوى رقم 346/2008، المقدَّمة من س. أ. س. بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها صاحب الشكوى والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

قرار بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب

1-1 صاحب الشكوى هو س. أ. س.، وُلِدَ في 7 كانون الثاني/يناير 1944 في تراداتي (إيطاليا)، ويحمل الجنسية المزدوجة البرازيلية والإيطالية . ويزعم صاحب الشكوى أن تسليمه إلى البرازيل سيشكِّل انتهاكاً للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب. ويمثِّل صاحب الشكوى المحامي فرانك ميشيل ( ) .

1-2 وفي 11 تموز/يوليه 2008، قرَّر المقرِّر الخاص المعني بالشكاوى الجديدة وتدابير الحماية المؤقتة أن لا يطلب من الدولة الطرف اتخاذ أية تدابير مؤقتة بغرض وقف تنفيذ قرار التسليم إلى البرازيل.

الوقائع كما قدَّمها صاحب الشكوى

2-1 كان صاحب الشكوى يقيم في البرازيل حيث كان يعمل في القطاع المصرفي. وفي 31 آذار/مارس 2005، أصدر قاضٍ منفرد لدى محكمة العدل بولاية ريو دي جانيرو قراراً بسجنه لمدة 13 عاماً لارتكابه جريمة اختلاس أموال المصرف المركزي البرازيلي والتلاعب بإدارة أصوله. وعقب قرار بالإفراج المشروط، غادر صاحب الشكوى البرازيل متجهاً إلى إيطاليا التي اتخذها مقراً لإقامته. وفي وقت تالٍ، ألغى رئيس المحكمة العليا في البرازيل قرار الإفراج المشروط عندما كان صاحب الشكوى يقيم في إيطاليا.

2-2 وفي 15 أيلول/سبتمبر 2007، قامت سلطات موناكو بتوقيف صاحب الشكوى ووضعته رهن الاعتقال المؤقت بناءً على طلب من السلطات البرازيلية وتنفيذاً لمذكرة توقيف بتاريخ 19 تموز/يوليه 2000 صادرة عن قاضٍ في ريو دي جانيرو ( ) . وبناءً على مذكرة التوقيف هذه وعلى الحكم الصادر عن محكمة العدل في ريو دي جانيرو بتاريخ 31 آذار/ مارس 2005، أذنت غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف في موناكو، بموجب قرارها المؤرخ 15 نيسان/أبريل 2008، بتسليم صاحب الشكوى. وردَّت في القرار نفسه طلباً ثانياً توجّهت به السلطات البرازيلية من أجل تسليم صاحب الشكوى بناءً على مذكرة توقيف بتاريخ 21 أيلول/سبتمبر 2007 فيما يتعلَّق بوقائع أخرى لا تخضع للعقاب بموجب قوانين موناكو.

2-3 وقد أذنت محكمة الاستئناف بتسليم صاحب الشكوى بحجة أن مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بناءً على حكم من القضاء البرازيلي مؤرخ 31 آذار/مارس 2005 تستوفي جميع الشروط القانونية؛ وأن القرار الذي أُدين بموجبه صاحب الشكوى في البرازيل لا يتعارض مع النظام العام في موناكو لمجرد أنه صدر عن قاضٍ منفرد، ذلك أن تعدُّد القضاة لا يمكن اعتباره شرطاً ضرورياً لاستيفاء معيار المحاكمة المنصفة؛ وأن القرار الصادر عن قاضٍ منفرد لم يحد عن المبادئ الأساسية للمحاكمة المنصفة، بما أن القاضي الذي أصدر القرار لم يتدخل في إجراءات التحقيق وأن مبدأ الوجاهية في الإجراءات المنصوص عليه في المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان قد احتُرم فيما يبدو؛ ولأن إصدار مذكرة توقيف دولية عقب فرار شخص مدان في الدرجة الأولى لا يحرم الشخص المدان من إمكانية الاستئناف، وبالتالي فإن قرار الدولة الطرف توقيف َ صاحب الشكوى وتسليمه لا يشكِّل انتهاكاً للقانون الدولي.

2-4 وفي 19 حزيران/يونيه 2008، ردّت محكمة النقض في إمارة موناكو الطعن الذي تقدَّم به صاحب الشكوى لنقض القرار المذكور. وفي 2 تموز/يوليه 2008، أذن أمير موناكو بتسليم صاحب الشكوى. ووقت تقديم البلاغ إلى اللجنة، كانت السلطات على وشك إتمام عملية ترحيل صاحب الشكوى إلى البرازيل.

2-5 وفي وقت تالٍ، ردّت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الدعوى التي رفعها إليها السيد س. أ. س. في 24 حزيران/يونيه 2008.

الشكوى

3-1 يزعم صاحب الشكوى أن إبعاده إلى البرازيل يعني دخوله السجن ليقضي العقوبة التي صدرت بحقه. ويدّعي أنه سيتعرض لمعاملة لا إنسانية ومهينة بالنظر إلى الأوضاع السائدة في السجون البرازيلية وإلى الطبيعة الخاصة لقضيته.

3-2 وقد قضت محكمة برازيلية بسجن صاحب الشكوى لمدة 13 عاماً لارتكابه جريمة مالية، وهي عقوبة يعتبرها صاحب الشكوى غير متناسبة مع طبيعة الأفعال ، على افتراض أنه أذنب ، وهو ما ينفيه صاحب الشكوى. ويقدِّم مقتطفات مأخوذة من تقارير صادرة عن جمعيات ومنظمات، كمنظمة رصد حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية، وتقارير سمعية بصرية تنقل صورة عن الأوضاع السيئة التي تسود في سجون البرازيل، ومن بينها الاكتظاظ (وقت تقديم الشكوى، كان عدد نزلاء السجون في البرازيل يفوق طاقة الاستيعاب أربع مرات) ( ) ، و تردِّي أوضاع النظافة الصحية، وتفشّي ظاهرة العنف الجسدي والنفسي، بما في ذلك لجوء أفراد الشرطة إلى التعذيب ل انتزاع اعترافات السجناء أو لتخويفهم أو ابتزازهم ( ) .

3-3 ويشير صاحب الشكوى إلى مقال نشر على موقع "سجناء الصمت"، وهو موقع إلكتروني يختص بتناول حالة المواطنين الإيطاليين المعرضين لانتهاكات حقوق الإنسان والمحتجزين في الخارج. وجاء في هذا المقال أنه عقب طلب توجه به مواطن إيطالي محتجز في البرازيل إلى وزارة الشؤون الخارجية من أجل التدخل لصالحه، وق ّ عت إيطاليا اتفاقية ثنائية مع البرازيل تتيح للمواطنين الإيطاليين المحكوم عليهم في البرازيل إمكانية قضاء العقوبة المحكوم بها في أحد سجون بلدهم الأصل، أي إيطاليا. ويدفع صاحب الشكوى بأن هذه الاتفاقية الثنائية قد تنطبق عليه في حال إدانته بموجب حكم نهائي يصدر عن القضاء البرازيلي، شرط أن تستوفي الإجراءات المقامة أمام القضاء البرازيلي الضمانات القضائية الضرورية المعمول بها في إ يطاليا.

3-4 ورغم أن غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف في موناكو قد اطلعت على الأوضاع السائدة داخل السجون البرازيلية، وتحديداً بالاستناد إلى التماس م ُ وق َّ ع من عدد من السجناء البرازيليين الذين ينددون بالأوضاع السائدة داخل السجون البرازيلية، وإلى رسالة موجهة إلى أمير موناكو من محام سابق محتجز في البرازيل، لم تر محكمة الاستئناف أن من واجبها أن تشترط في قرارها التزام السلطات البرازيلية بتوفير الضمانات اللازمة بخصوص احترام المادة 3 من الاتفاقية في حال تسليم صاحب الشكوى. ويشير صاحب الشكوى إلى أنه في عمر متقدم وأنه يعاني من فرط ضغط الدم الذي يجعله عرضة لعدد من المخاطر الصحية.

3-5 ومند عشر سنوات، ما فتئت الصحافة والسلطات البرازيلية تقدم صاحب الشكوى على أنه عدو المجتمع . وبناء ً عليه، يخشى صاحب الشكوى أن يتعرض لأعمال انتقامية نظراً للصورة السلبية التي ن ُ قلت عنه من خلال الحملة الإعلامية التي استهدفته. وي ُ رفق صاحب الشكوى كتاباً من تأليفه يوضح موقفه من القضية. ويزعم أن السياق الذي نشأت فيه هذه القضية هو سياق سياسي بالأساس لأن إجراءات الملاحقة التي استهدفت صاحب الشكوى ومسؤولين آخرين في المصرف المركزي البرازيلي انطلقت عندما كانت أصابع الاتهام موجهة إلى مسؤولين كبار في الدولة البرازيلية ولأن صاحب الشكوى نفسه كان قد وجه اتهامات في هذا الصدد. وي ُ ذك َ ر أن صاحب الشكوى ندد، في كتابه، بفساد مسؤولين معينين في السلطة القضائية، ومن بينهم على وجه التحديد القاضي الذي أصدر بحقه مذكرة توقيف في عام 2007، والذي تعرض في وقت تالٍ للملاحقة القضائية لضلوعه في جرائم فساد.

3-6 ويعتبر صاحب الشكوى أن حقوقه الأساسية لم ت ُ حت َ رم في إطار الإجراءات القضائية في البرازيل، لأن قرار الإفراج المشروط عنه ألغي دون أن تتاح له إمكانية إعداد دفاعه . ويقول إنه تعرض لمضايقة شديدة إلى درجة أن ابنته قررت الانتحار. زد على ذلك أن البرازيل كانت تستعد، وقت تقديم الشكوى إلى اللجنة، لإجراء انتخابات وطنية وأن الصحافة والسلطات البرازيلية كانت تعتبر أن صاحب الشكوى يمتلك معلومات تدل على تورط السلطات القائمة آن ذاك على أعلى المستويات.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 9 أيلول/سبتمبر 2008، اعترضت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ بموجب الفقرتين الفرعيتين (أ) و(ب) من الفقرة 5 من المادة 22 من الاتفاقية.

4-2 وتلاحظ الدولة الطرف أن المعلومات المقدمة من صاحب الشكوى نفسه تبين أن المسألة ذاتها قد أحيلت إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتشير إلى أن صاحب الشكوى قد احتج بالمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تحظر التعذيب وغيره من ضروب العقوبة والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة. وي ُ ستنت َ ج في مثل هذه الظروف أن المسألة نفسها قد أحيلت إلى هيئة دولية أخرى من أجل النظر فيها. زد على ذلك أن رئيس الدائرة الخامسة التابعة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي تلقى طلباً ل اتخاذ تدابير مؤقتة تهدف إلى وقف تنفيذ قرار تسليم صاحب الشكوى، قرّر في 24 حزيران/يونيه 2008 ألا يأمر الدولة الطرف باتخاذ التدبير المؤقت المطلوب.

4-3 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن على صاحب الشكوى أن يتأكد من استنفا د جميع سبل الانتصاف المتاحة محلياً قبل أن يرفع شكواه إلى اللجنة. وتشير إلى أن صاحب الشكوى كان بإمكانه أن يلجأ إلى المحكمة العليا ويطلب إلغاء قرار التسليم النهائي استناداً إلى المادة 90 من الدستور ( ) ، ولكنه لم يفعل. زد على ذلك أن لائحة 16 نيسان/أبريل 1963 المتعلقة بتنظيم المحكمة العليا وتسيير أعمالها تنص، في مادتيها 34 و44، على تدابير عاجلة فيما يتعلق بتأجيل التنفيذ وبالقضايا الاستعجالية. وتتيح المادة 40 لصاحب الشكوى إمكانية طلب تأجيل التنفيذ ريثما تبت المحكمة العليا في أساس القضية. وبما أن صاحب الشكوى لم يقدم أي طلب من هذا القبيل ، تعتبر الدولة الطرف أنه لم يستنف د سبل الانتصاف المتاحة محلياً.

4-4 وتعتبر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، الذي كان معرضاً للتسليم، كان عليه أن يمارس سبيل الانتصاف هذا بوصفه سبيلاً مجدياً . وعلى الرغم من أن إجراء التسليم يصنف حسب مبادئ القانون الدولي العام في فئة الإجراءات السيادية، فإن المحكمة العليا رأت أن إجراء التسليم يمكن أن يخضع لمراجعتها إذا تبين أن الإجراء "لا يستجيب لضرورات الممارسة العادية للتسليم" ( ) ، وهو ما يزعمه صاحب الشكوى الذي يدفع في مختلف الطلبات والالتماسات التي قدمها إلى السلطات القضائية بأن الإجراءات المتخذة بحقه غير مطابقة للقانون. وحتى على افتراض أن النصوص القانونية لا تتناول صراحة ً إمكانية وقف التنفيذ، فإن قرار التسليم لا يمكن تنفيذه في الواقع إلا بعد أن يعد ّ مدير الدوائر القضائية تقريراً شاملاً يقدمه إلى الأمير ويبين فيه مختلف العناصر المتعلقة بالقضية بموجب الإجراء المنصوص عليه في قانون 28 كانون الأول/ديسمبر 1999 المتعلق بالتسليم، وتحديداً المادة 17 من القانون المذكور، ولا سيما إذا تعلق الأمر بقرارات تدخل في نطاق قضايا لا تزال جارية. وعلى أي حال، تلاحظ الدولة الطرف أن الأمير لم يأذن بتسليم صاحب الشكوى إلا في 2 تموز/ يوليه 2008، أي بعد أن ردت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ثم اللجنة، الطلبات المتعلقة بمنح صاحب الشكوى تدابير حماية مؤقتة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5- 1 في 5 كانون الثاني/يناير 2009، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية. ففيما يتعلق أولاً بحالة حقوق الإنسان في البرازيل، تقر الدولة الطرف بصحة التعليقات الانتقادية الصادرة عن وسائط الإعلام بخصوص اكتظاظ السجون في البرازيل، مثلما أشارت إليه اللجنة نفسها في ملاحظاتها الختامية بشأن الحالة في البرازيل بتاريخ 16 أيار/مايو 2001. غير أن الدولة الطرف تلاحظ أن اللجنة قد أقرت بعدد من الجوانب الإيجابية، ومن ذلك الإصلاحات التشريعية التي أجريت في نيسان/أبريل 1997 لتجريم أعمال التعذيب والمعاقبة عليها. وقد تجسد اهتمام السلطات البرازيلية بتحسين الوضع العام داخل السجون من خلال التصديق في 12 كانون الثاني/يناير 2007 على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 2002. وبالتالي، كان على صاحب الشكوى أن يمارس سبيل الانتصاف الذي يتيحه قانون نيسان/أبريل 1997 ، بدلاً من أن يحكم مسبقاً على مدى استعداد البرازيل لوضع توصيات اللجنة موضع التنفيذ.

5-2 زد على ذلك أن وزارة العدل في البرازيل بينت، في طلبها الرسمي المتعلق بتسليم صاحب الشكوى والمؤرخ 20 أيلول/سبتمبر 2007، أن الدستور البرازيلي لا يجيز عقوبة الإعدام وعقوبة السجن المؤبد وعقوبة الأشغال الشاقة و عقوبة النفي وأي شكل آخر من أشكال العقوبة القاسية، بحيث تصبح غير شرعية وغير قابلة للتنفيذ في الأراضي الوطنية أي عقوبات تنال من كرامة الذات البشرية باعتبارها مخالفة للدستور. وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن اللجنة لم تتلق حتى الآن أي شكوى ضد البرازيل رغم أن هذا البلد قد قبل باختصاص اللجنة فيما يتعلق بالنظر في شكاوى الأفراد.

5-3 وتقول الدولة الطرف كذلك إن الانتهاكات، إن ثبت حدوثها، لا تشكل بحد ذاتها، حسب اجتهادات اللجنة، سبباً كافياً للوصول إلى نتيجة مفادها أن شخصاً ما معرض لخطر التعذيب، لأن هذا الخطر يجب أن يكون شخصياً. وبناء عليه، يتعين على صاحب الشكوى أن يقيم الدليل على هذا الخطر ويثبت أن الادعاء بوجود هذا الخطر لا يقوم على أساس مجرد افتراضات أو شكوك. وتلاحظ أن صاحب الشكوى لم يقدم هذا الدليل في إطار الشكوى التي رفعها للجنة، كما أنه لم يقدم أية عناصر تؤكد ادعاءاته أمام محاكم الدولة الطرف في إطار الإجراءات القضائية المحلية . فالمستندات التي قدمها صاحب الشكوى إلى الهيئات القضائية المحلية تقتصر على رسالتين من سجينين برازيليين تتضمنان ادعاءات عامة بشأن الظروف السائدة داخل السجون في البرازيل، إضافة إلى التماس يحمل توقيع عدد من السجناء. وبما أن هذه المستندات لا تفيد بأن الادعاءات الواردة فيها تتعلق بمركز من المراكز التي أودع فيها صاحب الشكوى، تقول الدولة الطرف إن من حقها أن تشكك في مدى حجية هذه المستندات.

5-4 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يُثر مسألة تعرضه للتعذيب أمام غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف في حين أنه قدَّم التماساً إلى هذه الهيئة القضائية من أجل إبطال إجراء التسليم. فقد اكتفى صاحب الشكوى بالإشارة إلى الوثائق الآنفة الذكر (انظر الفقرة 5-3 أعلاه) ولكنه لم يبيّن كيف يمكن الاعتماد على تلك الوثائق كأساس لطلب إبطال قرار التسليم في حين أن خطر التعرض للمعاملة السيئة أو التعذيب يشكّل سبباً قانونياً لرفض التسليم بموجب المادة 6 من القانون رقم 1-222 المؤرخ 28 كانون الأول/ديسمبر 1999 المتعلق بالتسليم. وبناءً عليه، لم يقدم صاحب الشكوى الدفوع أو الحجج الكافية ك ي تنظر الهيئات القضائية في هذه المسألة. وتشير الدولة الطرف إلى قضية سابقة تتعلق بتسليم شخص إلى الاتحاد الروسي، وتؤكد أن محكمة الاستئناف كانت قد طلبت إلى السلطات الروسية عدداً من الضمانات، وضمَّنت طلبها اشتراطات محددة كالحق في تلقي زيارة أفراد الأسرة وزيارة موظفي القنصلية بم جرد أن يُثبت الشخص المعني تعر ُّ ض ه لسوء المعاملة في الاتحاد الروسي ( ) . وتشير إلى أن محامي صاحب الشكوى كان يُدرك اجتهاد محكمة الاستئناف في هذا الشأن، بما أنه هو من نَاب عن الشخص المعني بقضية التسليم إلى الاتحاد الروسي التي سبِقَت القضية المعروضة الآن على اللجنة. وتتساءل الدولة الطرف عن الأسباب التي جعلت نفس المحامي لا يُثير هذا الدفع في إطار قضية صاحب الشكوى. وهي تُوحي من خلال هذا التساؤل بأن غياب مثل هذه الدفوع يدلُّ على أن محامي صاحب الشكوى غير قادر على أن يُثبت أن صاحب الشكوى سيتعرض للتعذيب أو لسوء المعاملة في حال عودته إلى البرازيل.

5-5 وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن المذكرات التي قدمها محامي صاحب الشكوى إلى محكمة الاستئناف في الإمارة قد أغرقت في العموميات وتناولت بوجه خاص بعض الانتهاكات الممكنة لحق الدفاع دون أن تُقدم حججاً قاطعة أو أدلة حقيقية تكشف عن حالات سوء معاملة تشكِّل نمطاً من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. فالمحامي يلاحظ بوجه الخصوص أن صاحب الشكوى أُدين بدون وجه حق وأن العقوبة المحك و م بها عليه صدرت عن قاضٍ منفرد في سياق سياسي محض وجاءت غير متناسبة مع طبيعة الأفعال.

5-6 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف في موناكو طلبت، في 26 شباط/فبراير 2008، الحصول على جميع المواد التي من شأنها أن تمكنها من النظر في الطعون التي قدمها صاحب الشكوى لاستئناف حكم الإدانة الصادر في البرازيل، وطلبت إلى الدولة البرازيلية أن تكفَل دراسة الاستئناف في إطار إجراءات وجاهية في حال تسليم صاحب الشكوى بموجب مذكرة التوقيف. وردَّت السلطات البرازيلية على هذا الطلب في مذكرة شفوية بتاريخ 20 شباط/فبراير 2008، وأكدت أن جميع الطعون التي تُرفَع إلى السلطة القضائية في البرازيل ينظر فيها حسب مبدأ وجاهية الإجراءات، وأن الدولة البرازيلية تلتزم بدراسة الطعون المقدَّمة من صاحب الشكوى، بما في ذلك طعنه في قرار إدانته.

5-7 وتعتبر الدولة الطرف أن رفض اللجنة، ومن قبلها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، منح تدابير حماية مؤقتة في هذه القضية، يُدلِّل أيضاً على ضُعف الحجج التي قدمها صاحب الشكوى فيما يتعلق بخطر تعرضه للتعذيب أو لسوء المعاملة. وتذكِّر باجتهاد اللجنة الذي مفاده أن على صاحب الشكوى أن يقيم الدليل على أنه يواجه خطر التعرض للتعذيب وأن ثمة أسباباً قوية تدعو إلى الاعتقاد بأن الخطر شخصي وماثل ( ) . وفيما يتعلق بادعاء صاحب الشكوى الذي مفاده أنه مُعرَّض شخصياً للخطر لأسباب سياسية، ما يوحي بأنه ما زال يمثّل، بعد مضي أكثر من 10 سنوات على الوقائع، عدو المجتمع رقم 1، وأنه مُعرَّض للخطر لأنه يمسك معلومات قد تنال من بعض الجهات، تعتبر الدولة الطرف أن الأمر لا يعدو أن يكون مُجرَّد فرضيات أو شكوك أو تقديرات شخصية، لأن صاحب الشكوى لم يقدم أي دليل قاطع يؤيد هذا الطرح.

5-8 علاوة على ذلك، فعلى الرغم من أن تصوي ر صاحب الشكوى وهو مصفد اليدين خلال نقله من السجن إلى مقر المحكمة في البرازيل، يشكِّل بحد ذاته فعلاً مهيناً، فإن هذا الفعل لا يصل إلى درجة من الخطورة يمكن معها تصنيفه في فئة المعاملة السيئة. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يُثر أي معاملة مُهينة أخرى في شكواه، وتشير إلى أنه لم يبين، بالنظر إلى ادعاءاته المتعلقة بعمره المتقدّم وحالته الصحية الهشة، أنه لم يكن قادراً على تلقي العلاج الطبي المناسب في المركز الذي أُودع فيه في البرازيل. فهو لم يقدم أية مواد تُثبت أن السلطات البرازيلية لم تكن قادرة على أن توفر له الحماية المناسبة. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يشتكِ ، منذ أن سُلِّم إلى البرازيل في منتصف تموز/يوليه 2008، من أية أعمال تعذيب أو إساءة معاملة خطيرة ارتُكِبَت بحقه.

5-9 وبناءً عليه، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى لم يبين من خلال ما قدمه من دفوع ومستندات أنه واجَه خطراً متوقَعاً وحقيقياً بأن يتعرض للتعذيب أو سوء المعاملة في البرازيل نتيجة إجراء التسليم الذي نفذته الدولة الطرف بالاستناد إلى أُسس قانونية صحيحة ومع احترام المبادئ الأساسية للقانون الدولي.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

6-1 لا يُعلِّق صاحب الشكوى، في مذكرته المؤرخة 30 حزيران/يونيه 2009، على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ، ويكتفي بتحديد موقفه بخصوص أُسسه الموضوعية.

6-2 ويعترض صاحب الشكوى على دفع الدولة الطرف الذي مفاده أنه لن يواجه أي خطر بالمفهوم الوارد في المادة 3 من الاتفاقية في حال ترحيله إلى البرازيل، مؤكِداً أنه قدَّم ما يكفي من المعلومات المفصَّلة بشأن هذا الخطر في رسالته الأولى وكذلك في الطعون التي رفعها إلى المحاكم الوطنية. ويذكِّر صاحب الشكوى بأن قضيته هي قضية سياسية بالأساس ولا أحد يمكنه أن يُفنِّد ذلك، مؤكداً أنها تشكِّل قضية دولة في البرازيل كونها تتعلق بفضيحة مالية بعض أطرافها من القيادات التي كانت ماسكة للسلطة آنذاك.

6-3 ويعترض صاحب الشكوى أيضاً على الدفع المقدَّم من الدولة الطرف والذي مفاده أن محاميه لم يُثر أمام المحاكم الوطنية خطر تعرضّه للتعذيب في حين أنه قد فعل ذلك في قضية سابقة تتعلق بتسليم شخص إلى الاتحاد الروسي. ويؤكد أن محاميه قد أثار هذا الخطر أمام محكمة الاستئناف، كما أثاره في إطار التماس قدمه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في شكوى ما، يجب على لجنة مناهضة التعذيب أن تُقرِّر ما إذا كانت الشكوى مقبولة أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتلاحظ أن صاحب الشكوى رفع إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان دعوى بتاريخ 25 حزيران/يونيه 2008، سُجِّلت تحت رقم 30114/08، وأن هذه الدعوى تتعلق، من حيث الأساس الموضوعي، بنفس الوقائع (تسليم شخص إلى البرازيل بما يتعارض مع مبدأ عدم الإعادة القسرية). وتشير اللجنة إلى أن المحكمة الأوروبية ردَّت الدعوى دون أن تنظر في أسسها الموضوعية. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أنه لا يمكن اعتبار القضية المعروضة أمامها قد "جرى" بحثها في إطار هيئة أخرى من هيئات التحقيق أو التسوية الدولية بالمفهوم الوارد في الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية. وبالتالي، ليس هناك مانع أن تشرع اللجنة في بحث الشكوى.

7-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد اعترضت على مقبولية الشكوى مُدَّعية ً أن صاحب الشكوى لم يستنفد جميع سُبُل الانتصاف المتاحة محلياً، ولم يقدم التماساً من أجل إبطال قرار التسليم النهائي إلى المحكمة العليا بالاستناد إلى المادة 90 من الدستور. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يُفنِّد دفع الدولة الطرف هذا ولم يعترض عليه. وتشير في هذا الصدد إلى أن الدولة الطرف كانت قد شرحت الإجراء المعمول به خلال استعراض التقريرين الدوريين الرابع والخامس المقدمين من موناكو إلى اللجنة بموجب المادة 19 من الاتفاقية، وبيَّنت أن قرارات الإعادة القسرية والطرد ذات الطابع الإداري التي يتخذها وزير الدولة المختص يمكن الطعن فيها أمام المحكمة العليا. وبما أن صاحب الشكوى لم يبيّن خلاف ذلك، تخلص اللجنة إلى أن سبيل الانتصاف المذكور ينطبق، مع إجراء ما يلزم من تعديل، على قرارات التسليم، ويشكِّل سبيل انتصاف فعالاً لأنه يسمح بوقف التنفيذ، مثلما بينت ذلك الدولة الطرف في ملاحظاتها على مقبولية البلاغ في الفقرة 4-4 من هذا القرار ( ) .

7-3 وتخلص اللجنة إلى أن صاحب الشكوى لم يستنفد سُبُل الانتصاف المتاحة محلياً، وتُعلن هذه الشكوى غير مقبولة بموجب الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية.

7-4 وعليه، تُقرّر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛

(ب) أن يُبلَّغ كل من الدولة الطرف وصاحب الشكوى بهذا القرار.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجز ء من التقرير السنوي المقدَّم إلى الجمعية العامة.]