الأمم المتحدة

CCPR/C/119/D/2425/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

11 July 2017

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2425 / 2014 * ** *** ****

البلاغ المقدم من: ‬ سيوبهان هويلان (يمثلها المركز المعني بحقوق الإنجاب)‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب ة البلاغ

الدولة الطرف: آيرلندا‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

تاريخ تقديم البلاغ: 9 نيسان/أبريل 2014 (الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ عملاً بالمادة 97 من النظام الداخلي للجنة والذي أ ُ حيل إلى الدولة الطرف في 16 حزيران/يونيه 201 4 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد هذه الآراء: ‬ 17 آذار/مارس 2017

الموضوع: إمكانية الحصول على خدمات إنهاء الحمل

المسائل الإجرائية: لا شيء

المسائل الموضوعية: رفض تقديم معلومات؛ المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة؛ الحق في المساواة وفي عدم التمييز على أساس الجنس؛ والتدخّل التعسّفي في الحق في التمتع بالخصوصية

__________

* ا عتمدته ا اللجنة في دورتها 11 9 ( 29-6 آذار/مارس 2017 ).

** شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في بحث هذا البلاغ: السيدة تانيا ماريا عبدو روشول، و السيد عياض بن عاشور، والسيدة إلزي براندس كيهريس، والسيدة سارة كليفلاند، والسيد أحمد أمين فتح الله، والسيد أوليفييه دي فروفيل، والسيد كريستوف هاينس، والسيد يوجي إواساوا، والسيد با مريم كو ي تا، والسيدة مارسيا ف.ج. كران، والسيد دنكان لاكي موهوموزا، والسيدة فوتيني بازارتزيس، والسيد ماورو بوليتي، والسيد خوسي ه مانويل سانتوس باييس، والسيدة  آنيا زايب ير ت - فور، والسيد يوفال شاني، والسيدة مارغو واترفال .

*** تُرفَق بهذه الآراء آراء فرديــة أدلى بها أعضــاء اللجنة: السيد عياض بن عاشور، والسيدة سارة كليفلاند ( رأي موافِق ) ، والسيد أوليفييه دي فروفيل (رأي موافِق) ، والسيدة  آنيا زايب ير ت - فور (رأي مخالِف جزئياً).

** * * ت ُ ستنسخ حواشي أسفل الصفحة باللغة التي قُدمت بها فقط.

مواد العهد: 2 (1)، و3، و7، و17، و19، و26

مواد البروتوكول الاختياري: لا شيء

1-1 صاحب ة البلاغ هي سيوبهان ه ويلان، وه ي مواطن ة آيرلندي ة مولود ة في عام ١٩٧٠. وه ي ت ؤكد أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقها المنصوص عليها في المواد ٢ (1)، و3، و7، و17، و19، و26 من العهد. ويمثله ا محام. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى آيرلندا في ٨ آذار/مارس ١٩٩٠.

الوقائع كما عرض ت ها صاحب ة البلاغ

2-1 في ٤ كانون الثاني/يناير ٢٠١٠، خضع ت صاحب ة البلاغ ، التي كانت في الأسبوع العشرين من ثاني حمل لها ، لفحص ب الموجات فوق الصوتية في مستشفى ويكسفورد العام في آيرلندا . وكان طبيب الولادة يعتقد أن الجنين قد تأثر بمرض اندماج مقدم الدماغ ، وهو تشوُّه خلقي في المخ ي حدث في حالة واحدة من كل 250 حالة حمل. ولا يعيش حتى وقت الولادة سوى ٣ في المائة من الأجنة المصابين ب اندماج مقدم الدماغ . و أبلغ طبيب الولادة صاحبة البلاغ وزوجها بأن من المحتمل أن يموت الجنين في الرحم، وأنه إذا استمر حمله حتى وقت الولادة فمن المحتمل أن يموت أثناء المخاض أو بعد الولادة بوقت قصير جداً . وأثيرت أيضا ً شواغل بشأن تشك ّ ل القلب والكلى وأجهزة الجنين الأخرى. وذكر طبيب الولادة أنه "في ولاية قضائية أخرى ، كانت ستُتاح لهما خدمة إنهاء الحمل و لكن بطبيعة الحال ل يس في هذا البلد بسبب القانون ال آيرلندي " ( ) . ولم يُقدَّم إلى صاحب ة البلاغ مزيد من المعلومات ولم يجر إحالتها إلى أحد لمناقشة التشخيص والرعاية التي يمكن أن تتاح لها في آيرلندا أو إمكانية السفر إلى الخارج من أجل إنهاء الحمل. وبدلاً من ذلك، ذكر طبيب الولادة أن صاحب ة البلاغ " ستواصل الحفاظ على الحمل وستحضر مواعيد الفحص السابق للولادة ‘على النحو المعتاد‘ وستنتظر أن تجري الأمور مجراها الطبيعي " .

2-2 وفي ٧ كانون الثاني/يناير ٢٠١٠، خضع ت صاحب ة البلاغ لفحص إضافي بالأشعة و لبزل السائل الأمنيوني (المحيط بالجنين) في مستشفى الولادة الوطني في دبلن. وقد أكّد أطباء المستشفى تشخيص مرض الجنين بأنه اندماج مقدم الدماغ المنتهي بالموت ، و لم يقدم هؤلاء الأطباء إلى صاحبة البلاغ أي معلومات بشأن الخدمات الاستشارية، أو الخيارات المتاحة لها، أو بشأن احتمال تكرار حدوث هذه الحالة في حمل لاحق . وقدم لها الطبيب تقريراً عن فحص الأشعة "في حالة ما إذا كانوا يريدون السفر" . و عندما سألت عن المكان الذي يمكن أن تذهب إليه إذا أرادت "السفر"، قيل لها ببساطة إنه توجد تقارير جيدة عن مستشفى ليفربول للنساء . ولم تناقش صاحبة البلاغ مع ال طبيب إمكانية إنهاء الحمل في الخارج، بالنظر إلى أن طبيب الولادة في مستشفى ويكسفورد قد أبلغها ب أن هذا الإجراء غير قانوني في آيرلندا . وهي تشير إلى أنها " شعرت أن من غير القانوني حتى مناقشة هذه المسألة أو طرح أسئلة أكثر مما ينبغي خوفاً من صفع الباب في وجوهنا أو من عدم تلقي أي مساعدة على الإطلاق" . وفي ١٢ كانون الثاني/يناير ٢٠١٠، تلقّت صاحبة البلاغ نتائج بزل السائل الأمنيوني عبر الهاتف وقيل له ا إن الجنين يعاني أيضاً من متلازمة ال تثلّث الصبغي ١٣ ( متلازمة باتو )، وهي مرض كروموسومي مرتبط ب إعاقة عقلية شديدة و ب تشوُّه ات بدنية في كثير من أجزاء الجسم. وقيل لصاحب ة البلاغ إن هذ ه الوضعية " ت تنافى مع الحياة" .

2-3 وشعرت صاحبة البلاغ بأنه لا يمكنها أن تواصل الحمل ثم ترى طفلها يعاني ويموت، وأن الاستمرار في الحمل سيجلب لها معاناة ذهنية رهيبة. وهكذا، فإنها وزوجها قررا إنهاء الحمل. وقد اتصلا بعدة وكالات معنية بحالات الحمل المتأزمة، بما في ذلك وكالة ‘ العلاج‘ (Cura) ، ووكالة ’الخيارات الإيجابية‘ (Positive Options)، بغية التماس معلومات عن السفر إلى المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى و آيرلندا الشمالية ( ) . بيد أنه بالنظر إلى كون معظم الوكالات لم يكن في استطاعتها سوى مساعدة النساء اللاتي لم يتجاوز حملهن ١٣ أسبوعاً ، لم تتلق صاحب ة البلاغ أي معلومات عن السفر إلى المملكة المتحدة، و" شعرت بالضياع وبأنه عليها الاعتماد على نفسها بالكامل" . و حصلت صاحبة البلاغ ، عن طريق أحد الأصدقاء ، على معلومات الاتصال بمستشفى ليفربول للنساء وحصلت على موعد محدد هناك. وطلب منها المستشفى أن ترسل إليه السجلات الطبية ذات الصلة ب الفاكس، وهو ما شكّل عقبة إضافية لصاحب ة البلاغ كان عليها ا لتغلب عليها، بالنظر إلى عدم امتلاكها جهاز فاكس. وعندما عادت صاحبة البلاغ إلى المستشفى في ويكسفورد من أجل الحصول على الوثائق المطلوبة، أبدى عدة موظفين عدم اكتراث تجاهها، دون أي اعتبار للأنباء المدمرة التي كانت قد تلقّتها قبل ذلك ب بضعة أيام فقط . و تمكنت في نهاية المطاف من استشارة طبيب مؤقت كان متفهماً جداً . وتعيَّن على صاحب ة البلاغ أن تُطلِع أحد معارفها على السجلات الطبية والذي ساعدها على إرسالها ب الفاكس. و هي تخشى من نظرة هذا الشخص المعرفة لها بسبب ما قررته من إنهاء الحمل.

2-4 وكانت صاحبة البلاغ مستغرِقة في الترتيب لرحلتهما إل ى المملكة المتحدة إلى حد أنه لم يكن لديها وقت لمداواة حزنها. واضطرت هي وزوجها إلى ترك ابنهما البالغ من العمر 20 شهراً مع أقاربهما لبضعة أيام؛ وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتركانه فيها دونهما أثناء الليل. وكان عليهما أيضاً الترتيب للحصول على إجازة من العمل وترتيب شخص بديل في المزرعة بالنظر إلى أن زوج صاحبة البلاغ يعمل مزارعاً. ووافق مدير صاحبة البلاغ، الذي كانت تثق فيه، على إجازة مرضية ذكر فيها أن صاحبة البلاغ قد سقط ح ملها. وفي 17 كانون الثاني/ يناير 2010 قامت صاحبة البلاغ، وهي تشعر كأنها "شخص مجرم يغادر بلده"، بالسفر إلى ليفربول ليلحق بها زوجها بعد فترة وجيزة. وفي 18 كانون الثاني/يناير، خضعت لفحوص بالأشعة ولاختبارات في مستشفى ليفربول للنساء أكدت من جديد تشخيص حالة الجنين المؤدية إلى موته. وأُبلِغت صاحبة البلاغ بإجراءات إنهاء الحمل وحُقنت بحقنة كلوريد البوتاسيوم داخل قلب الجنين لوقف نبضه. وفي 21 كانون الثاني/يناير، قام استشاري في المواساة بإعطاء صاحبة البلاغ وزوجها معلومات عن خدمات المواساة في المملكة المتحدة ولكن لم يكن لديه أي معلومات عن وجود خدمات مماثلة في آيرلندا .

2-5 وقد تعيَّن على صاحبة البلاغ أن تترك رفات طفله ا في مستشفى ليفربول ف تقطعت نياط قلبها لاضطرارها إلى الافتراق عنه وتركه في بلد أجنبي. وأُحرقت جثة الطفل في ليفربول بعد ذلك بثلاثة أسابيع، وتلقّت صاحبة البلاغ وزوجها رماد جثته عن طريق ساعي بريد بعد ذلك ببضعة أيام. وبلغت التكاليف الواقعة على صاحبة البلاغ وزوجها مقابل إنهاء الحمل وحرق الجثة والسفر والإقامة في ليفربول 2  900 يورو.

2-6 ولم يُتح لصاحبة البلاغ الوقت لكي تعيش حزنها إلا بعد عودتها إلى منزلها. وكان أساها مشوباً بمشاعر الغضب بالنظر إلى أن تجربة اضطرارها قسرياً لترك بلدها في حالتها تلك كانت مهينة لها حقاً. وعادت إلى عملها بعد عودتها إلى آيرلندا بأسبوع لأنها كانت تخشى مواجهة أسئلة يطرحها زملاؤها وتخشى فقدان عملها. ولم يكن يحق لها قانوناً الحصول على أي إجازة أمومة. وخضعت صاحبة البلاغ لفحص أجراه طبيبها العام بعد إجراء إنهاء الحمل بستة أسابيع، وفقاً لاقتراح مستشفى ليفربول. ورغم أن الطبيب كان متعاطفاً ولا يصدر أحكاماً وناقش احتمالات حالات الحمل مستقبلاً، لم تتلق صاحبة البلاغ أي مشورة بخصوص مواجهة الأحزان. وشعرت بالعزلة البالغة أثناء الشهور التالية، وهي تعاني من حزن مضاعف بسبب هذه التجربة المفجِعة التي شهدتها والتأخيرات القسرية في عملية مواجهة الأحزان ( ) .

2-7 وتؤكد صاحبة البلاغ أن سبل الانتصاف المحلية ليست فعالة ولا ملائمة في حالتها. فالمادة 40-3-3 من الدستور، كما فسّرتها المحكمة العليا ل آيرلندا في قضية المدعي العام ضد س. وآخرين ( ) ، تقضي بأن الإجهاض جريمة ولا يُسمح به إلا عندما يَثْبُت على سبيل الاحتمال وجود خطر حقيقي وجوهري على حياة الحامل وليس على صحتها. ووقت وقوع الأحداث المعنية، كان قانون الجرائم المرتكَبة ضد الأشخاص لعام 1861 هو الأساس الذي يقوم عليه التنظيم الجنائي للإجهاض في آيرلندا وهو يعرِّف أي محاولة للحصول على الإجهاض أو للقيام به بأنها جناية يُعاقَب عليها بالسجن مدى الحياة ( ) . وتذكر صاحبة البلاغ أن المسائل المعروضة في الشكوى لا يجري ولم يجر النظر فيها من جانب أي هيئة دولية أخرى.

الشكوى

الادعاءات المقدَّمة بموجب المادة 7

3-1 أدّى تطبيق قانون الإجهاض في آيرلندا إلى إخضاع صاحبة البلاغ لمعاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة، وانتُهكت كرامتها وسلامتها البدنية والنفسية لأنها: (أ) حُرمت من الرعاية ومن المعلومات المتعلقة ب الصحة الإنجابية التي كانت ب حاجة إليها وأُجبرت على مواصلة حمل جنين يحتضر ؛ و( ب ) أُرغمت على إنهاء حملها في الخارج؛ ( ج ) ووُصمت وصماً شديداً بسبب إنهاء حملها .

3-2 ويرجع الكرب الذهني المكثف الذي عانت منه صاحبة البلاغ إلى توق ّ ع الرعاية التي كانت تطمع فيها صاحبة البلاغ بوصفها مريضة ، وإلى ضعفها الشديد عندما علم ت أنه جنينها سيموت، وإلى الحرمان الكامل من المعلومات من جانب مقدمي خدمات الرعاية الصحية ، وإلى احتمال ات الاضطرار إلى القيام في الخارج ب إنهاء الحمل الذي كانت تريده بشدة في ظل عدم وجود أي دعم من جانب نظام الرعاية الصحية ال آيرلندي . فتخلِّي نظام الرعاية الصحية عن توفير الرعاية لها، بما في ذلك عن طريق عدم تزويدها بأي خدمات مشورة أو بأي معلومات عن الخيارات المتاحة لها، قد جعلها ت شعر كما لو كانت لا تستحق بتاتاً هذه ال رعاية، كما أنها لم تعام َ ل ب احترام على أساس ال كرامة المتأصلة في شخصها . وفضلاً عن ذلك، لم تُتخذ ترتيبات خاصة لتقديم الرعاية ال حساسة و ال داعمة إليها لو كانت قد اختارت مواصلة حملها في مستشفى ويكسفورد و كان سيتعيَّن عليها أن تواصل حضور مواعيدها الطبية كما لو كان حملها عادياً .

3-3 و اضطرار صاحبة البلاغ إلى السفر إلى الخارج و إلى أن تكون منفصلة عن أسرتها قسرا ً بعيدا ً عن الوطن قد عرّضاها أيضاً لعقبات معينة تعرقل تعافيها، وهو ما أثّر على سلامتها البدنية والنفسية وكرامتها . كما أثّر ذلك على قدرتها على الحداد على فقدان حملها. وقالت إن كربها العاطفي قد طال أمده بسبب اضطرارها إلى ترك رفات طفلها في الخارج، ولذلك فإنها حُرمت من الطقوس التي عادة ما تصاحب الفقدان والحزن ( ) .

الادعاءات المقدَّمة بموجب المادة 17

3-4 يشكل الحظر المفروض على إنهاء الحمل خرقاً لحق صاحبة البلاغ في الخصوصية، نظراً إلى تأثيره السلبي على استقلاليتها الإنجابية وعلى حقها في السلامة والصحة النفسية وذلك بحرمانها من دعم أسرتها لها أثناء اللحظة التي تعاني فيها من الشدة والأزمة. وتشير آراء اللجنة في قضية ك. ن. ل. ه. ضد بيرو إلى أن الاستقلالية الإنجابية للمرأة تدخل ضمن الحق في الخصوصية وأنها قد تتعرض للخطر عند تدخّل الدولة في عملية اتخاذ المرأة لقرارها المتعلق بالإنجاب ( ) . وبحظر الإجهاض ومنع صاحبة البلاغ من ممارسة الخيار الوحيد الذي كان من شأنه احترام سلامتها البدنية والنفسية (بالسماح لها بإنهاء حملها في آيرلندا )، تكون الدولة قد تدخلت بشكل تعسفي في اتخاذ صاحبة البلاغ لقرارها بنفسها. وهذا الحظر على الإجهاض، الذي يمنح الأولوية لحياة الجنين على حق صاحبة البلاغ في الصحة النفسية والسلامة النفسية والاستقلالية الإنجابية، قد شكّل تدخلاً غير متناسب بوضوح في حق صاحبة البلاغ في الخصوصية.

3-5 وفضلاً عن ذلك، فإن المسافة المادية التي تفصل بينها وبين محيطها المألوف جيداً وأسرتها، فضلاً عن صدمتها العاطفية المتمثلة في الشعور بتخلّي بلدها عنها، هما أمران يشكلان تدخلاً في حياتها الخاصة، التي تُفهم على أنها إطار العلاقات وأوجه الدعم الذي كانت تتمتع به في آيرلندا . وبتحديد المصلحة الأخلاقية في حماية حياة الجنين على أنها أعلى مكانة من حق صاحبة البلاغ في التمتع بالاستقرار الذهني والسلامة النفسية والاستقلالية الإنجابية، تكون آيرلندا قد خرقت مبدأ التناسبية وانتهكت حق صاحبة البلاغ في الخصوصية. وحتى لو قبلت اللجنة بأن حماية حياة الشخص "غير المولود" يمكن أن تُستخدَم كمبرر للتدخّل في حق المرأة في الخصوصية في ظل أوضاع معينة، فإن هذا لا يمكن أن ينطبق على حالتنا هذه. فتقييد حق صاحبة البلاغ في الخصوصية وذلك بحرمانها من الحق في إنهاء حمل لن ينتج عنه أبداً ولادة طفل قابل للحياة هو أمر لا يمكن اعتباره تدبيراً معقولاً لحماية حياة مَن لم يولد بعد. وهكذا، كان التدخّل في حق صاحبة البلاغ في الخصوصية أمراً تعسفياً.

الادعاءات المقدَّمة بموجب المادة 19

3-6 يحدد قانون تنظيم المعلومات (خدمات إنهاء الحمل خارج الدولة) لعام 1995 ( " قانون معلومات الإجهاض " ) الظروف التي يجوز فيها أن تُتاح فيها في آيرلندا المعلومات والنصح والمشورة بشأن خدمات الإجهاض التي تكون قانونية في دولة أخرى. ‬ ويتعلق هذا القانون على وجه الخصوص بالمعلومات التي يُحتمل أن تحتاج إليها النساء اللائي ينوين السفر إلى الخارج لإجهاض حملهن، وينظم سلوك مقدمي هذه المعلومات، مثل الاستشاريين والعاملين في مجال الصحة. ‬ و يشير هذا القانون إلى أن تقديم المعلومات أو النصح أو المشورة بشأن خدمات الإجهاض في الخارج هو أمر غير قانوني إذا كان ذلك ، في جملة أمور، يدعو إلى إنهاء الحمل أو يروّج له . ويحظر هذا القانون توزيع المعلومات الخطية على الجمهور ما لم يطلبها المتلقي؛ وقد فُسر هذا الحكم على أنه يتطلّب ألّا تُقدًّم المعلومات أو النصح أو المشورة بشأن إنهاء الحمل إلا في جلسة تشاور تُعقد وجهاً لوجه وليس على الهاتف.

3-7 وبينما يحظر هذا القانون على مقدمي الرعاية الصحية الدعوة إلى إنهاء الحمل أو الترويج له ، فإنه لا يقدِّم أي تعريف لأنواع الخطاب التي تشكل "دعوة" إلى إنهاء الحمل أو "ترويجاً" له. ‬ ولهذا النقص أثر سلبي للغاية على خطاب مقدمي الرعاية الصحية. ف الأطباء المعالجون لصاحب ة البلاغ في آيرلندا قد حرموها من المعلومات التي كانت تحتاج إليها . ولم يقدّموا إليها أي نشرات أو أرقام هواتف كان يمكن أن تسمح لها بالحصول على مزيد من المعلومات عن تشخيص الجنين . ولم تقد َّ م إليها أي معلومات عن إنهاء الحمل أو خيارات السفر. وقد قدَّم إليها الطبيب الذي كان يعالج ها في دبلن تقريراً مصحوباً بعبارة "إذا كنتِ [أنتِ] تريدين السفر" ، ولكنه لم يدخل في تفاصيل ماذا ينطوي عليه السفر بشأن مسألة إنهاء الحمل. واعتقاداً من صاحبة البلاغ ب أن مقدمي الرعاية الصحية ممنوعون قانوناً من تزويدها بمزيد من المعلومات، فإنها شعرت بأنها متروكة لشأنها وخشيت من أن يُدان تصرفها أو من التبعات القانونية إذا طلبت الحصول على المعلومات ذات الصلة.

3-8 و القيود المفروضة على المعلومات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية والتي عانت منها صاحبة البلاغ لا يمكن أن توصف بأنها قيود ينص عليها القانون لأغراض الاختبار بموجب المادة ١٩ (3) . و كذلك فإن تدخّل الدولة في إمكانية حصول صاحبة البلاغ على المعلومات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية ليس قيداً مسموحاً بفرضه على حقها في الحصول على المعلومات بموجب المادة 19 بد و اعي حماية الآداب العامة كما أنه أمر تمييزي . ‬ ف القيود تتعلق مباشرة بالحاجة المتصو َّ رة إلى حماية الحق في الحياة للـ "جنين" المكفول في الدستور . غير أن الـ "جنين"، في حالة صاحب ة البلاغ، ليس لديه إمكانية الحياة. ولذلك فإن حرمانها من المعلومات لا صلة له بهدف حماية الـ "جنين" ( ) .

الادعاءات المقدَّمة بموجب المواد 2 (1)، و3، و26

3-9 عانت صاحبة البلاغ من عدة انتهاكات ل حق ها في المساواة و في عدم التمييز. ف بموجب قانون الإجهاض التقييدي للغاية في البلد، فإنها حُرمت على أساس نوع جنسها من إمكانية الحصول على الخدمات الطبية التي كانت تحتاج إليها من أجل الحفاظ على استقلاليتها الذاتية وكرامتها وسلامتها البدنية والنفسية. وعلى العكس من ذلك، فإن المرضى الذكور والمرضى في حالات أخرى في آيرلندا لا يُتوقَّع منهم أبداً أن يتجاهلوا احتياجاتهم الصحية والمعنوية وقدرتهم التمييزية الأخلاقية فيما يتصل بوظيفتهم الإنجابية، أو أن يتركوا أسرهم وبلدهم من أجل الحصول على الرعاية الصحية. والدول ملزَمة، بموجب الحق في ا لمساواة والحق في عدم التمييز، بأن تكفل أن تستوعب خدماتها الصحية الأساسية الاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة في مجال الإنجاب.

3-10 وبالإضافة إلى ذلك، فإن حق صاحب ة البلاغ في المساواة و حقها في عدم التمييز المنصوص عليه م ا في المادتين ٢(1) و٣ ، مقرو ءتين بالاقتران مع المواد ٧ و١٧ و١٩ ، من العهد قد انتهكت لأنه، بسبب جنسها، لم يجر إبلاغها بالكامل من جانب مقدمي خدمات الرعاية الصحية الآيرلندي ين ب الخيارات المتاحة لها، بما في ذلك الاستفادة من خدمات الإجهاض القانوني في الخارج. وعلى العكس من ذلك، فإن المرضى الذكور والمرضى في حالات أخرى لا ي ُ حرمون من المعلومات الصحية الحرجة ولا يتخلّى عنهم نظام الرعاية الصحية في هذا الصدد. وتلق ّت صاحب ة البلاغ معاملة تمييزية من مقدمي الرعاية الصحية ال آيرلندي ين ، الذين عاملوها كما لو كان حملها يسير سيراً طبيعياً دون أن يقدّموا إليها الدعم والرعاية التي كانت تتطلبها ظروفها الخاصة . ولم تستند هذه المعاملة إلى أساس موضوعي أو معقول.

3-11 وجرى أيضاً تعريض صاحب ة البلاغ للتمييز القائم على نوع الجنس من حيث أنها عوملت بالاستناد إلى قوالب نمطية على أنها أداة إنجاب تأتي احتياجاتها في المرتبة التالية لاحتياجات جنينها الذي لم يولد بعد وغير القابل للحياة . وتشكّل القوانين المقيدة للإجهاض شكلا ً من أشكال التمييز ضد المرأة. ف نظرا ً إلى أن صحة صاحب ة البلاغ ليست معرضة للخطر بفعل الحمل، فقد كان يُتوقَّع منها أن ت ضحي بصحتها النفسية وبسلامتها من أجل جنينها المحتضر ، و لم تعالَج وفقاً لاحتياجاتها الطبية الخاصة. و الحق في المساواة و في عدم التمييز يتطلب من الدول الأطراف أن تتخذ تدابير إيجابية للقضاء على القوالب النمطية الجنسانية في مجال رعاية الصحة الإنجابية.

سبل الانتصاف المطلوبة

3-12 تطلب صاحبة البلاغ أن تقوم الدولة الطرف بما يلي: (أ) أن تقدِّم إليها التعويض المناسب؛ (ب) أن تعيد النظر في الأحكام ذات الصلة من الدستور، حسب الحاجة، ل كي يتماشى مع المواد ٢ و٣ و٧ و١٧ و١٩ و٢٦ من العهد؛ (ج) أن تعدِّل قانون حماية الحياة أثناء الحمل لعام ٢٠١٣ ل كي يتوافق مع المواد ٢، و ٣، و ٧، و ١٩ ، و٢٦ من العهد؛ (د) أن تتخذ التدابير الضرورية لضمان أن تكون الإجراءات القانونية ل إنهاء الحمل في آيرلندا متسمة بال فعالية وحسن التوقيت وإمكانية الاستفادة منها ؛ (ه) أن تعدِّل قانون معلومات الإجهاض من أجل مواءمتها مع المادة ١٩ من العهد، وأن تضمن تنفيذه على النحو المناسب.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية ‬

4-1 في الملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف في 19 كانون الثاني/يناير 2015 وفي 14 تشرين الأول/أكتوبر 2015، لا تطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ. وهي تشرح بالتفصيل قوانين البلد وأنظمته بشأن إنهاء الحمل. وقد فسّرت المحكمة العليا المادة 40-3-3 من الدستور على أنها تسمح بإنهاء حياة الجنين الذي لم يولّد بعد في الحالات التي يوجد فيها خطر حقيقي وجوهري على حياة الأم وليس على صحتها ( ) . وتعكس هذه المادة الاختيارات الأخلاقية العميقة للشعب، كما عبَّر عنها في استفتاءات شعبية عديدة. ومع ذلك، فقد سلّم الشعب ال آيرلندي بأن المواطنين لهم الحق في السفر إلى بلدان أخرى من أجل إنهاء الحمل، ويكفل القانون ال آيرلندي الحق في الحصول على معلومات عن خدمات الإجهاض المقدَّمة في الخارج. وهكذا، يعكس الإطار الدستوري والتشريعي نهْجاً دقيقاً وتناسبياً بخصوص آراء الناخبين ال آيرلنديين بشأن هذه المسألة المسيَّسة والمثيرة للانق سام بدرجة كبيرة والمتعلقة بالمدى الذي ينبغي في حدوده حماية حق الجنين في الحياة والموازنة بينه وبين حقوق المرأة. وينبغي احترام اختيارات الشعب المرتكزة على آراء مروَّى فيها تقوم على اقتناع عميق.

4-2 ويسمح الفقه القانوني للجنة بفرض قيود واستثناءات بخصوص الحق في الخصوصية (في الحالات التي تكون فيها هذه القيود متناسبة) وبخصوص الحق في عدم التمييز (في الحالات التي تكون فيها هذه القيود معقولة وقائمة على أسباب موضوعية). وتحث الدولة الطرف اللجنة على اتّباع النهْج الذي سلكته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، كما تجلّى في قضية أ. وب. وج. ضد آيرلندا ( ) . فهذه المحكمة، وقد لاحظت أن القانون ال آيرلندي يسمح بالسفر إلى الخارج لأغراض الإجهاض وينص على إمكانية الحصول بشكل مناسب على المعلومات والرعاية الصحية، قد رأت أن حظر الإجهاض لأسباب تتعلق بالصحة و/أو بالسلامة هو أمر لا يتجاوز هامش التقدير الممنوح للدول الأعضاء. وأقامت المحكمة توازناً عادلاً بين حقوق الخصوصية لمقدِّمي الدعوى والحقوق المتذرَّع بها بالنيابة عن الجنين، وهي حقوق ترتكز على الآراء الأخلاقية العميقة للشعب ال آيرلندي بشأن طبيعة الحياة. وخلصت المحكمة إلى حدوث انتهاك لحق المدِّعية ج. في الخصوصية والحياة الأُسرية بموجب المادة 8 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان) من حيث عدم وجود إجراءات في المتناول وفعالة تمكنها من تحديد ما إذا كانت مؤهلة أم لا لإنهاء حملها بصورة قانونية. وتشير التحليلات والمناقشات الأكاديمية إلى أن كثيراً من قرارات اللجنة تكشف عن اختيارات متسقة مع مبدأ هامش التقدير ( ) .

4-3 وعقب صدور الحكم المذكور أعلاه، اعتُمد في آيرلندا قانون حماية الحق في الحياة أثناء الحمل لعام 2013. وبموجب هذا القانون، يُسمَح بالإجهاض في الحالات التي يوجد فيها خطر على حياة المرأة ناجم عن مرض بدني وكذلك في حالات الطوارئ. ويتناول هذا القانون أيضاً الحالات التي يوجد فيها خطر حقيقي وجوهري قوامه فقدان حياة الأم عن طريق الانتحار. ويؤكد القانون المذكور من جديد حق الفرد في السفر إلى دولة أخرى والحق في تلقّي وإتاحة المعلومات المتعلقة بالخدمات المتاحة بصورة قانونية في بلد آخر. وبموجب هذا القانون، يشكل هدم حياة إنسان لم يولَد بعد جريمة يعاق َب عليها بدفع غرامة أو بالسجن لفترة لا تتجاوز 14 عاماً.

4-4 و التطور التدريجي للقانون ال آيرلندي بشأن الإجهاض، الذي جاء نتيجةً ل لعملية الديمقراطية المتمثلة في التشاور والمناقشة وإجراءات الإشراك المباشر ة ، قد حاولت في جميع الأوقات السعي إلى إيجاد توازن دقيق بين الحق الدستوري في الحياة للجنين وإيلاء نفس القدر من الاعتبار للحق المماثل ل لأم. وعلاوة على ذلك، فإن أي تدابير اتخذتها الدولة الطرف لم ت كن غير متناسب ة مع الهدف المشروع المنشود المتمثل في حماية الحياة . وبينما تدفع صاحبة البلاغ ب أن حقوق ما قبل الولادة والحياة قبل الولادة مستبعَدتان من الحماية بموجب العهد، فإن المادة ٦ (5) تحظر فرض عقوبة الإعدام على الحوامل. وهكذا ، لا يمكن الاستنتاج بأن العهد لا يوفر أي حماية ل حق الجنين في الحياة.

الادعاءات المقدَّمة بموجب المادة 7

4-5 في قضية ك. ن. ل. ه. ضد بيرو ، يُدَّعى أن الدولة الطرف قد حرمت صاحبة البلاغ من إمكانية الحصول على إجهاض علاجي من النوع المتاح بصورة مشروعة وذلك عندما كانت حاملاً بجنين عديم الدماغ. وفي ظل عدم ورود ملاحظات من الدولة الطرف، رأت اللجنة أن هذا يشكّل تدخلاً تعسفياً في حق صاحبة البلاغ في الخصوصية. بيد أن الدولة الطرف، في القضية الحالية، لم تحرم صاحبة البلاغ من إمكانية الاستفادة من إجراءات الإجهاض المشروع. ولم يكن هذا الإجراء متاحاً لصاحبة البلاغ، وقد أبلغها موظفو الدولة المختصون بذلك بصورة واضحة ومناسبة. وتبعاً لذلك، وعلى عكس ما حدث في قضية ك. ن. ل. ه. ضد بيرو ، لم يتخذ موظفو الدولة إجراءات وُصفت أو كان يمكن وصفها بأنها ترتكز على تحيزات شخصية من جانب الموظفين العاملين في النظام الصحي ( ) وهكذا، لم يحدث في القضية الحالية أن جرى التدخل تعسفياً في حقوق صاحبة البلاغ بما ينتج عنه نشوء معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة.

4-6 ووفقاً للدولة الطرف، فإن " أي استنتاج ات في هذه الحالة ستشكّل، في ظل عدم اتخاذ إجراءات تعسفية من جانب موظفي الدولة ، ولكن على أساس تطور ال مبادئ ال دستورية و ال قانونية، اختلافاً نوعياً مهماً ( وليس اختلافاً في الدرجة) بالم قارنةً بالاجتهادات السابقة للجنة. ‬ " وسيتعارض هذا الاستنتاج مع الفقرة 2 من تعليق اللجنة العام رقم 20(1992) بشأن حظر التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي جاء فيه ا أن من واجب الدولة الطرف أن توفر لكل شخص، عن طريق ما قد يلزم من التدابير التشريعية والتدابير الأخرى، الحماية من الأفعال التي تحظرها المادة 7، سواء ألحقها به أشخاص يعملون بصفتهم الرسمية، أو خارج نطاق صفتهم الرسمية، أو بصفتهم الشخصية. ‬ وفي هذه القضية الحالية ، لم تحدث أي أفعال " ألحقها " أي شخص أو موظف من موظفي الدولة؛ ولذلك لم تحدث أي معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة .

4-7 وتدفع الدولة الطرف بأنه لم يصدر عنها أي معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة، وذلك للأسباب التالية: ‬

(أ) توجد اختلافات وقائعية مهمة وذات شأن بين الحالات التي تستند إليها صاحبة البلاغ وحالتها الخاصة بها ؛

(ب) في ظل ظروف لم تكن فيها حياة صاحبة البلاغ معرضة للخطر، تتسم إجراء ات الحصول على إجهاض قانوني في آيرلندا بالوضوح . ‬ فالمريضة هي التي اتخذت القرار بالتشاور مع طبيبها . ‬ وقد كان بإمكانها، في حال عدم موافقتها على رأي طبيبها، أن تلتمس رأي طبيب آخر كما كان لها، في خاتمة المطاف ، أن تقدِّم طلباً طارئاً إلى المحكمة العالية . ‬ ولا توجد أدلة وقائعية تشير إلى أن موظفي الدولة مسؤولون عن أي تدخل تعسفي في عملية صنع القرار هذ ه ، أو أنهم مسؤولون عن أي فعل من أفعال " إلحاق الضرر " ؛

(ج) الأُسس التي تبرر الإجهاض المشروع معروفة جيداً في آيرلندا وهي تُطبَّق بموجب المادة 40-3-3 من الدستور، و هذه الأسس قد أوضحتها المحكمة العليا في قضية النائب العام ضد س. وآخرين ، والمبادئ التوجيهية للمجلس الطبي ، والمبادئ التوجيهية للوكالة المعنية بحالات الحمل المتأزمة؛ ‬

( د ) بينما تذكر صاحبة البلاغ أنها كانت تدرك أن الإجهاض محظور، فإنها لم تكن لديها أي فكرة عن أن إنهاء الحمل لأسباب طبية مشمول أيضاً ب هذا الحظر؛ وكان ذلك هو فهمها الشخصي للقانون ؛ ‬

(هـ) كان موظفو المستشفى واضحين من حيث أن إنهاء الحمل غير ممكن في آيرلندا ؛ ولذلك ، لا يمكن الحديث عن إجراءات تعسفية بشأن اتخاذ القرار أو عن أفعال قوامها إلحاق الضرر قد تسببت أو أسهمت في نشوء معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة؛ ‬

( و ) موقف الدولة الطرف واتجاهها فيما يتصل بقانونها يعكس ان سعيها إلى تحقيق توازن معقول ودقيق و صعب بين حقوق متنافسة، هي حقوق الجنين وحقوق المرأة؛ ‬

(ز) سعت الدولة الطرف إلى إقامة هذا التوازن وفقاً للمادة 25 من العهد. ‬

الادعاءات المقدَّمة بموجب المادة 17

4-8 لم تنتهك الدولة الطرف حقوق صاحب ة البلاغ في الخصوصية أو في السلامة بموجب المادة ١٧ من العهد. وإذا كان قد حدث أي تدخّل في خصوصيتها. فلم يكن ذلك تعسفياً ولا غير قانوني. بل كان بالأحرى متناسب اً مع الأهداف المشروعة للعهد، ويأخذ في الحسبان ضرورة إقامة توازن دقيق بين حق الجنين في الحياة و إيلاء الاعتبار الواجب لحق صاحبة البلاغ في الحياة . كانت المشورة المقدمة من المستشفى إلى صاحب ة البلاغ قد قُدمت بشكل صحيح و بصفة قانونية. وقُدمت المشورة من المستشفى إلى صاحبة البلاغ بشكل سليم وقانوني . ويجوز للدولة الطرف في هذا الصدد أن ت سن قوانين، وفقاً للمادة 25 من العهد وبهدي من روح هذه المادة التي تسمح بالموازنة بين حقوق متنافسة .

4-9 و في قضية أ. وب. وج. السالفة الذكر ، رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن "ال حظر المطعون فيه الموجود في آيرلندا يقيم توازناً عادلاً بين حق المدِّعية الأولى و المدِّعية الثانية في ضمان احترام حياتهم ا الخاصة وا لحقوق المتذرَّع بها بالنيابة عن الجنين" . وكان التوازن الذي ينبغي تحقيقه موضع نظر الناخبين ال آيرلنديين في مناسبات عديدة.

4-10 أما في قضية ك . ن . ل . ه . ‬ ضد بيرو و قضية ل . م . ر . ضد الأرجنتين ، اللتين استنتجت فيهما اللجنة حدوث انتهاكات للمادة 17، فإن التشريع القائم يجيز إنهاء الحمل لأغراض العلاج. ‬ وقد أُبلغ ت في البداية صاحبتا البلاغ ين في هاتين القضيتين بأن لهما الحق في إنهاء الحمل بشكل مشروع ، و لكن الدولتين المعنيتين لم تقوما عندئذٍ بحماية هذا الحق . ‬ أما في القضية الحالية ، ف لم ينشأ نزاع من هذا القبيل لأن المستشفى أعطى رأي اً واضح اً مفاده أن إنهاء الحمل لن يكون متاحا ً في آيرلندا . ولذلك، فإن التدخل التعسفي الذي حدث في القضيتين المذكورتين أولاً لم يحدث في القضية الحالية .

الادعاءات المقدَّمة بموجب المادة 19

4-11 لم ت دعم صاحبة البلاغ ادعاء ها القائل بأن حقها في تلقي المعلومات بموجب المادة ١٩ قد انت ُ هك. ف المعلومات غير التوجيهي ة بشأن إنهاء الخدمات في البلدان الأخرى متاحة بموجب القانون ال آيرلندي ، وفقا ً لأحكام قانون معلومات الإجهاض. وتذكر صاحبة البلاغ أ ن الملاحظة التي أبداها الاستشاري في مستشفى ويكسفورد ( التي ذكر فيها أنه سيُتاح ل ه ا في بلد آخر إنهاء الحمل ، في حين أن هذا الأمر غير ممكن في آيرلندا ) كانت هي طريقة غير رسمية لإبلاغها هي و زوجها بأنه يمكنهم ا السفر من أجل إنهاء الحمل. ك ذلك حدث ، في المستشفى في دبلن، أن صاحب ة البلاغ قد أُبلِغت ب اسم أحد المستشفيات في المملكة المتحدة. وتذكر صاحبة البلاغ أيضا ً أنها شعرت بأنه لا يمكنها إثارة مسألة إنهاء الحمل لأنها غير قانونية . وهي كذلك تذكر أنها هاتفت العديد من الوكالات المعنية بحالات الحمل ال متأزمة ولكن لم يكن أي منها قادرا ً على تقديم ال مساعدة لأن عمر حملها كان أكثر من 13 أسبوعاً. وهي تذكر أيضا ً أنها حصلت على اسم عيادة خاصة في لندن ولكنها لم تشعر بالارتياح لمهاتفتها . و الطبيعة الكاملة ل لمناقشات التي دارت بين صاحب ة البلاغ ودوائر الخدمات هذه وسياق هذه المناقشات غير واضح ين على الإطلاق، ولذلك فإن اللجنة ليست في وضع يمك ّ نها من تقييم المسائل الوقائعية . وكان الإطار التشريعي القائم يمنح صاحبة البلاغ الحق في الحصول على معلومات معينة. ولا تحدد صاحبة البلاغ على وجه الدقة المدى الذي لم يجر في حدوده عدم احترام هذا الإطار. ويبدو أن عدم التحقّق من المعلومات التي كان يحق لها بوضوح الحصول عليها بصورة قانونية إنما يرجع إلى سوء فهم من جانب صاحبة البلاغ للأثر المترتب على القانون ال آيرلندي . ولا يمكن القول بأنه توجد رقابة في ظل إتاحة المعلومات التنظيمية ذات الصلة لصاحبة البلاغ، بصورة علنية، والتي يمكن لها على أساسها أن تتحقّق من جميع المعلومات ذات الصلة التي تحتاج إليها. وفضلاً عن ذلك، فإن برنامج حالات الحمل المتأزمة التابع للهيئة التنفيذية للخدمات الصحية يتيح للجمهور مصدراً ثرياً للمعلومات المجانية على شبكة الإنترنت بشأن حالات الحمل المتأزمة والإجهاض. ف على سبيل المثال، ترد على الموقع الشبكي ل وكالة "ا لخيارات الإيجابية " شروح تبيّن أنه يمكن في ظل بعض الشروط المحددة إعطاء المرأة معلومات عن كيفية الاتصال بخدمات الإجهاض خارج آيرلندا ( ) . و كانت هذه المعلومات متاحة لصاحب ة البلاغ في الوقت المعني.

4-12 أما الإفادة الخطية المشفوعة بيمين التي قدمها ممثل الرابطة ال آيرلندي ة لتنظيم الأسرة فت شير إلى آراء معينة لا تدعمها الأدلة التجريبية. و هذه تشمل أقوالاً مفادها أن كثيراً من المهنيين العاملين في مجال الرعاية الصحية يفترضون أنهم مستبعَدون من المناقشات المتعلقة ب الإجهاض أو يخافون من أن يكونوا مستبعَدين ؛ وأنهم يتجنبون استخدام كلمة " إجهاض " ويفضلون بدلاً منها استخدام تعبيرات تلطيفية تكون غير مناسبة وغير مراعية بتاتاً في سياق التواصل بين الطبيب والمريضة بشأن حالات الحمل المتأزمة . وبالمثل، ف في الإفادة الخطية المقدَّمة من الممارس الطبي العام ، تُقدَّم أقوال إضافية تعبر عن الرأي الشخصي دون الإشارة إلى أدلة تجريبية ( بخصوص ما ي ُ د َّ عى أنه عدم تيقّن الأطباء ال آيرلنديين بشأن مقدار المعلومات والدعم الذي يمكن أن يقدّموه إلى المريضة التي تريد الإجهاض) .

الادعاءات المقدَّمة بموجب المواد 2 (1)، و3، و26

4-13 لم تُخضِع الدولة الطرف صاحب ة البلاغ للتمييز. و تدفع الدولة الطرف بأنه لو كان قد حدث أي تمييز، فينبغي اعتباره تفرقةً معقول ة وموضوعي ة تر مي إلى تحقيق غرض مشروع بموجب العهد. ولا يمكن الحديث عن " تمييز مجحف " ضد المرأة الحامل بالنظر إلى أن وضعها البدني يختلف بطبيعته عن الوضع البدني للرجل . ‬ وهذه التفرقة أمر واقع ولا يمكن إلا قبولها باعتبارها أمراً بديهياً .

4-14 و الإطار القانوني المطعون فيه ، أي المادة 40-3-3 من الدستور والأحكام ذات الصلة من قانون الجرائم ضد الأشخاص ، لا ي نطوي على ال تمييز ضد المرأة على أساس نوع الجنس. فالإطار محايد من حيث نوع الجنس . فإذا أتاح رجلٌ الإجهاض، أو قام بعملية الإجهاض في ظروف غير متوخاة في الدستور، فإنه قد يكون مذنباً بارتكاب جر يمة. ‬ ‬ وحتى إذا ميز الإطار القانوني فعلاً على أساس نوع الجنس، فإن هذا التمييز إنما يرمي إلى تحقيق هدف مشروع هو حماية الجنين، ويكون متناسباً مع هذا الهدف . والإجراءات المعنية هنا متناسبة لأنها تحقق توازناً عادلاً بين حقوق الفرد وحرياته من ناحية والمصلحة العامة من الناحية الأخرى . وفي هذا المجال أيضاً، ووفقاً للحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تتمتع الدولة الطرف بهامش للتقدير . ولذلك ، فالتفرقة معقول ة وموضوعي ة و ت ضمن تحقيق هدف مشروع .

4-15 وتعترض الدولة الطرف على القول ب أن قوانينها وضعت صاحبة البلاغ ضمن قوالب نمطية باعتبارها أداة للإنجاب وميزت ضدها على أساس نوع الجنس. فالممايزة المتأصلة بين الرجل والمرأة الحامل تتطلب بالأحرى تحقيق توازن دقيق بين حقوق الجنين ، الذي يُمكن أن يولد حياً ، وحقوق المرأة الحامل . ‬

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 تعمد صاحبة البلاغ ، في تعليقاتها المؤرخة ٢٢ أيار/مايو ٢٠١٥، إلى الطعن في تصوير الدولة الطرف ل آراء الشعب ال آيرلندي بشأن الإجهاض. ف استطلاعات الرأي قد ظلت تشير طوال سنوات عديدة إلى أن أغلبية كبيرة من الشعب ال آيرلندي تؤيد ال إباحة ا لقانونية ل لإجهاض في حالات الحمل المنطوية على عدم قابلية الجنين للحياة و على تشوُّه ات الجنين المميتة . ‬ وتوجد بالمثل أغلبية مرتفعة تدعم ال إباحة ا لقانونية ل لإجهاض عندما يكون الحمل ناتجاً عن اعتداء جنسي أو عندما يشكل خطراً على صحة المرأة الحامل . ‬ كما أن نتائج الاستفتاء ات الدستوري ة في البلد لا تؤكد ال وصف الذي قدمته الدولة الطرف لـ "الاختيار الأخلاقي" العميق للشعب ال آيرلندي ، لأن الناخبين ال آيرلنديين لم يصوت وا قط بشأن مقترح يرمي إلى زيادة عدد الحالات التي تكون فيها إمكانية اللجوء إلى الإجهاض قانونية. وفي الواقع، لم تُتح الفرصة قط ل لشعب ال آيرلندي للإعراب عن الرأي القائل بأنه ينبغي إتاحة الإجهاض للنساء في غير الظروف التي يوجد فيها خطر على حياة المرأة. وفي حقيقة الأمر ، رفض الناخبون مقترَحين كان من شأنهما جعل الإجهاض غير قانوني في الحالات التي يوجد فيها خطر إقدام المرأة على الانتحار. وفضلاً عن ذلك، فقد حدث في ثلاثة استفتاءات دستورية بشأن الإجهاض أن النسبة المئوية للناخبين المؤهلين للتصويت المؤيدين ل لقيود كانت أقل من ٣٥ في المائة .

5-2 و لا صلة لقانون حماية الحياة أثناء الحمل لعام ٢٠١٣ بشكوى صاحب ة البلاغ نظراً إلى أن هذا القانون ينظّم فحسب الإجراءات الواجب اتباعها عند ما تواجه المرأة خطر اً حقيقي اً وكبير اً على حياتها ف تسعى إلى الإجهاض.

الادعاءات المقدَّمة بموجب المادة 7

5-3 بالنظر إلى أن حظر المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة هو حق مطلق، ف لا يجوز عدم التقيد به و لا يجوز للدولة الطرف أن تسعى إلى تبرير تصرفها عن طريق الموازنة بين حقوق الفرد المنصوص عليها في المادة ٧ مع "حقوق الآخرين" . كما أن مفهوم هامش التقدير الذي رفضت ه اللجنة صراحة هو غير ذي موضوع في سياق تقييم أوجه ا لحماية التي تتيحها المادة ٧ ( ) . ومما لا صلة له بالموضوع أيضاً تحديد ما إذا كان تصرف الدولة الطرف قد تسبب في إساءة المعاملة بفعل اتخاذ إجراء تعسفي. فالمسألة الحاسمة في سياق المادة 7 هي ما إذا كان الضرر المتكب َّ د قد بلغ حد إساءة المعاملة وما إذا كان السلوك الذي ترتب عليه الضرر يُعزى إلى الدولة .

5-4 ونظراً إلى كون الإجهاض الذي سعت إليه صاحبة البلاغ غير قانوني بموجب القانون المحلي ، حسبما ترى الدولة الطرف، ترى هذه الأخيرة أنه لا يمكن اعتبار أن رفض هذا الإجراء الطبي يرقى إلى حد إساءة ال معاملة. ‬ بيد أنه لكون الحماية المنصوص عليها في المادة ٧ هي حماية مطلقة ، ف لا يجوز أبدا ً الاحتجاج بالقانون المحلي لتبرير عدم الوفاء بالالتزامات المتعهد بها بموجب العهد. وعندما رُفض إجراء الإجهاض لصاحبة البلاغ ، فإن معاناتها قد تفاقمت ، ولم تخف ، لما عَلِمته من أن الإجهاض يشكل جريمة في آيرلندا .

5-5 وقد يشكّل عدم القيام بالفعل إساءة معاملة إذ أن الموظفين العموميين الذين زودوا صاحبة البلاغ ب الرعاية الصحية لم يقوموا بإجراء الإجهاض الذي كانت تلتمسه. ولأن صاحبة البلاغ قد حُرمت من الإجهاض على أيدي موظفي الدولة ، الذين تصرفوا وفقاً لقوانين الدولة وسياساتها، فإنها عانت من آلام شديدة ومن معاناة تصل إلى حد العتبة التي تتطلبها المادة 7. وعلى الرغم من أن بعض المهنيين العاملين في مجال الرعاية الصحية قد تعاملوا بطيبة معها ، فإنها على وجه الإجمال قد شعرت بأنها مهجورة ومنبوذة من جانب نظام الرعاية الصحية ال آيرلندي .

الادعاءات المقدَّمة بموجب المادة 17

5-6 بحرمان صاحبة البلاغ من إمكانية الحصول على إجه اض ، تكون الدولة الطرف قد تدخلت بشكل تعسفي في حقها في الخصوصية بطريقة غير مسموح به ا بموجب العهد، وذلك للأسباب التالية:

(أ) بتجريم الدولة الطرف للإجهاض وبحظره، تكون قد ميّزت ضد صاحبة البلاغ لكونها امرأة، وبالتالي تكون قد خالفت حظر التمييز على أساس الجنس المنصوص عليه في المادتين 2 و3 من العهد؛ ‬

(ب) التدخل في حق صاحب ة البلاغ في الخصوصية لم يكن ضروريا ً لتحقيق هدف مشروع ولم يكن متناسباً مع هذا الهدف. إذ لم تقدم الدولة الطرف حججاً تتعلق تحديداً بظروف صاحبة البلاغ وتبرهن على ضرورة وتناسب ية سلوك الدولة الطرف تجاهها؛ ‬

(ج) لم ت ُ ثبت الدولة الطرف أن التدخل في حق صاحبة البلاغ في الخصوصية كان ضرورياً لتحقيق الهدف المشروع الذي احتجت به. ‬ وعلى النحو المشار إليه أعلاه، فإن ما تصفه الدولة الطرف بأنه " الاختيارات ال أخلاقية العميقة " للشعب ال آيرلندي لا يمثل آراء أغلبية هذا الشعب .

(د) لم تُبرهن الدولة الطرف على أن تدخّلها في حق صاحب ة البلاغ في الخصوصية كان مناسباً أو فعالاً في تحقيق هدفه ا . ف النظام القانوني الجنائي الذي يحظر على المرأة في جميع الظروف الحصول على الإجهاض داخل الولاية القضائية، إلا في حال وجود خطر حقيقي وكبير على حياته ا، و الذي يهدد ها بمدد سجن كبير ة باسم حماية الاختيارات الأخلاقية المدَّعاة بشأن "الحق في الحياة للجنين"، ولكن يتضمن في الوقت نفسه حكما ً صريحا ً ينص على الحق في السفر خارج الدولة من أجل الحصول على الإجهاض ليس وسيلة لتحقيق غايتها . بل هو بالأحرى يشكل تناقضاً في أحكامه ويشكّك في الطبيعة الحقيقي ة ل ادعاءات الدولة الطرف؛

(ه) لم تُبرهن الدولة الطرف على أن التدخّل كان متناسباً . ف الصدمة والوصمة اللتان عان ت منه م ا صاحب ة البلاغ نتيجةً ل لهجوم على سلامتها البدنية والنفسية وكرامتها واستقلاليتها الذاتي ة قد تسبّبا في آلام ومعاناة ذهنية. وفي هذا السياق، فإن قوانين الدولة الطرف لا يمكن أن ت وصف بأنه ا متناسبة أو بأنها تحقق "توازن اً دقيقاً بين الحقوق المتعارضة ل لجنين و والدته" . وبدلا ً من ذلك، أولت الدولة الطرف أولوية ل اهتمامها ب حماية " الجنين الذي لم يولَد " ولم توفِّر أي حماية ل حق صاحب ة البلاغ في الخصوصية . و كان يمكن أن تواجه صاحب ة البلاغ عقوبة جنائية مشددة لو كانت قد حصلت على إجهاض في آيرلندا .

5-7 ومبدأ هامش التقدير الذي تذرعت به الدولة الطرف ينطبق حصراً على السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ولم تقبل به أي آلية من آليات حقوق الإنسان الدولية أو الإقليمية الأخرى. ‬ وفضلاً عن ذلك، لم تنظر المحكمة إطلاقاً في تطبيق مبدأ هامش التقدير على مجموعة وقائع مماثلة لتلك التي واجهتها صاحبة البلاغ .

الادعاءات المقدَّمة بموجب المادة 1 9

5-8 تر فض صاحب ة البلاغ ادعاء الدولة الطرف القائل ب أنها احترمت حقها في الحصول على المعلومات بموجب المادة ١٩ وذلك ب إصدار قوانين بشأن الإجهاض في حالات الحمل ال متأزمة، وإنشاء المواقع الشبكية والوكالات، و بإيراد إشارات غير مباشرة و مبهمة إلى خدمات الإجهاض في الخارج أثناء استشاراتها الطبية. فالمهنيون الطبيون الشاغلون لوظائف عمومية الذين عالجوا صاحب ة البلاغ لم يقدِّموا إليها معلومات طبية واضحة تستند إلى أدلة بشأن كيفية الحصول على إجهاض قانوني في ولاية قضائية أخرى. و الدولة الطرف مسؤولة عن تقديم هذه المعلومات ولا يجوز لها أن تنقل هذا العبء إلى صاحبة البلاغ أو أن تُقصِر وفاءها بالتزاماتها في هذا الصدد على مجرد إنشاء مواقع شبكية تتضمن معلومات متاحة للجمهور.

5-9 ويمثّل قانون معلومات الإجهاض نظاماً لل رقابة ال صارمة من جانب الدولة ينظّم الطريقة التي يجب بها تقديم المعلومات. ‬ وبموجب هذا القانون، لا يجوز أن يحيل الأطباء المرضى إلى مقد ِّ مي خدمات إجهاض في الخارج. و عدم الامتثال لهذا القانون هو جريمة يُعاقَب عليها بالغرامة . و قد حال هذا الإطار القانوني العقابي دون قيام الأطباء معالجي صاحب ة البلاغ ب تقديم المعلومات التي كانت تلتمسها ، وجعلها تشعر كما لو كانت شخصاً مجرماً .

5-10 وترفض صاحب ة البلاغ ادعاء الدولة الطرف القائل بأن ها (صاحبة البلاغ) لم تدعم ادعاءاتها بشأن الحق في الحصول على معلومات. وذكرت صاحب ة البلاغ في إفادة خطية مشفوعة بيمين أن العاملين الطبيين في المستشفيات في آيرلندا لم يزوّدوها بالمعلومات الطبية التي كانت تحتاج إليها . وأضافت أن الشهادة التي قدمتها قد أكدها العديد من المهنيين الطبيين الآخرين الذي ن أشار وا إلى الأثر المثب ِّ ط الخطير لقانون معلومات الإجهاض على المهنيين العاملين في مجال الرعاية الصحية في آيرلندا .

5-11 و لم تبرر الدولة الطرف القيود المفروضة على حق صاحب ة البلاغ في الحصول على المعلومات. ف هذه القيود غي ر منصوص عليها في القانون ولا تمتثل لأحكام المادة 19 (3) من العهد، نظراً إلى أنه لم يجر صياغتها بدقة كافية تجعل من الممكن للفرد أن ينظّم سلوكه تبعاً لذلك ( ) . وليس لهذه القيود من غرض غير الإضرار ب تمتع صاحبة البلاغ بحقها في الحصول على معلومات عن خدمات الإجهاض في الخارج. وكانت هذه القيود أيضا غير متناسب ة في ضوء تأثيرها الضار على كرامة صاحب ة البلاغ وسلامتها .

الادعاءات المقدَّمة بموجب المواد 2 و3 و26

5-12 تُخطئ الدولة الطرف في تأكيدها أن المادة 40-3-3 من الدستور لا تميز بين الجنسين. بيد أن هذا الحكم لا " ي وازن" الحق في الحياة للرجال أو حقهم في التمتع بالحقوق الأخرى. وفضلاً عن ذلك، فإن الجزء الأول من المادة 58 من قانون الجرائم ضد الأشخاص لا ينطبق إلا على النساء . ول لإطار القانوني تأثير متميز وغير متناسب تماما ً على النساء مثل صاحب ة البلاغ.

5-13 و لا يجوز للدول الأطراف أن تحتج بالفروق البيولوجية للمرأة التي تميّزها عن الرجل من حيث قدرتها الإنجابية كأساس لتقييد حقوقه ا . و حظر الإجهاض في حالات العاهات المميتة ل لأجنة وفي حالات الحمل الفاشل لا يتناسب مع هدف حماية الجنين. كما أن صاحبة البلاغ، التي وجدت نفسها تمر ب هذه الظروف، قد عوملت على أنها أدنى منزلة من الأجنة وأُخضعِت لقوالب نمطية قائمة على نوع الجنس ( جنسانية ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء ات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرّر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري. ‬

6-2 وتشير اللجنة، وهي تذكِّر بالمادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، إلى أن المسألة نفسها لا يجري ولم يجر بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية .

6-3 وتحيط اللجنة علماً بادّعاء صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة المتاحة لها. ‬ وفي ظل غياب أي اعتراض من الدولة الطرف في هذا الصدد، ترى اللجنة أن متطلبات المادة 5(2)( ب ) من البروتوكول الاختياري قد است ُ وفيت . ‬ وتلاحظ الل جنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية البلاغ بالاستناد إلى أي أسباب أخرى . ‬ ولما كانت جميع معايير المقبولية قد است ُ وفِيت، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ، ولذلك تنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرف ان، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 (1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 ويفيد هذا البلاغ ب أن مهنيين طبيين عامين قد أبلغوا صاحبة البلاغ أثناء الأسبوع العشرين من حملها ب أن جنينها لديه مشكلة مميتة ، وأنه في جميع الاحتمالات سيموت في رحمها أو بعد ولادته بفترة وجيزة. ‬ و بسبب الحظر القانوني على الإجهاض في آيرلندا ، تعيَّن على صاحبة البلاغ إما أن تحافظ على الحمل حتى نهايته ، وهي تعلم أن من المرجح موت الجنين داخل ها، أو أن تُنهي الحمل طوعا ً في الخارج. وتنص المادة 40-3-3 من دستور آيرلندا في هذا الصدد على أن " الدولة تعترف بالحق في الحياة للجنين الذي لم يولَد ، مع إيلاء الاعتبار الواجب لحق الأم المتساوي في الحياة، وتضمن في قوانينها، بالقدر الممكن عملياً، احترام قوانينها ل هذا الحق والدفاع عنه والحفاظ عليه ". ‬ وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن المادة 40-3-3 من الدستور، كما فسرتها المحكمة العليا ال آيرلندي ة ، تنص على أنه يجوز إنهاء الحمل في آيرلندا إذا ثبت على سبيل الاحتمال وجود خطر حقيقي وكبير على حياة المرأة الحا مل (لا على صحتها). ‬ وتدفع الدولة الطرف بأن إطارها الدستوري والتشريعي ( ) ، الذي ي حتوي على استثناء وحيد من الحظر القانوني على الإجهاض ( وجود خطر على الحياة )، هو والترتيبات المتعلقة بتوفير المعلومات بشأن الحصول على الإجهاض خارج البلد في ظروف أخرى، ي عكس ان النهج الدقيق والمتناسب بخصوص ال آراء القائمة على اقتناع عميق لدى الناخبين ال آيرلنديين بشأن ال مسألة ال أخلاقية العميقة المتعلقة بالمدى الذي ينبغي في حدوده حماية مصالح الجنين وموازنتها مع حقوق المرأة.‬‬

7-3 و تدّ عي صاحبة البلاغ أن الحظر القانوني ل لإجهاض قد سبب لها المعاناة من معاملة قاسية و لا إنسانية و مهينة، من حيث أنها ح ُ رمت مما كانت تحتاج إليه في آيرلندا من رعاية صحية و من دعم لمواجهة أحزانها ؛ وأنها شعرت بوقوع ضغط كبير عليها لكي تستمر حتى النهاية في الحمل بجنين محتضر ؛ وأنها اضطرت إلى إنهاء حملها في الخارج دون دعم عاطفي من أسرتها؛ و أنها تعرض ت لوصْم شديد وفقدان ل لكرامة. وتطعن الدولة الطرف في ادعاءات صاحبة البلاغ بأن ساقت ، في جملة أمور، حججاً مفادها أن الحظر المفروض على الإجهاض يرمي إلى تحقيق التوازن بين الحقوق المتنافسة للجنين والمرأة؛ وأنه لا توجد أية إجراءات تعسفية في اتخاذ القرار أو أفعال "إلحاق الضرر " من جانب أي شخص أو أي موظف من موظفي الدولة تسبب ت أو أسهم ت في حدوث معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. وتؤكد الدولة الطرف أيضا ً أن قوانينها تكفل الوصول إلى المعلومات المتعلقة ب خدمات الإجهاض التي تُقدَّم في الخارج وهو ما ي شكل جزءا ً من التوازن الذي تحققه هذه القوانين بين الحقوق المتنافسة.

7-4 وتذكّر اللجنة بأن مشروعية تصرّف ما أو إجراء معين بموجب القانون المحلي لا ت عني أن هذا التصرف أو الإجراء لا يمكن أن ينتهك المادة 7 من العهد ( ) . وتلاحظ اللجنة في هذه القضية أن ادعاءات صاحبة البلاغ تتعلّق ب المعاملة التي تلقّتها في المرافق الصحية التابعة للدولة، والتي كان ت نتيجة مباشرة للتشريعات ال سارية في آيرلندا . ف وجود تشريعات من هذا القبيل يُنشئ مسؤولية الدولة الطرف عن ال معاملة التي تلقّتها صاحبة البلاغ، وهي تشريعات لا يمكن التذرع بها لتبرير عدم الالتزام بمتطلّبات المادة ٧ من العهد.

7-5 وترى اللجنة أن من الثابت جيداً أن صاحبة البلاغ في موقف ضعيف للغاية بعد أن علمت أن حملها المرغوب فيه بشدة هو حمل ليس له مقومات الحياة . وحسبما هو موثَّق في التقارير النفسية المقدمة إلى اللجنة، فإن الحالة البدنية والذهنية قد تفاقم ت بفعل الظروف التالية الناشئة عن الإطار التشريعي السائد في آيرلندا وبفعل ال معاملة التي تلقّتها صاحبة البلاغ من جانب بعض مقدمي خدمات الرعاية الصحية في آيرلندا : عدم تمكّنها من الاستمرار في تلقي الرعاية الطبية و خدمات تغطية التأمين الصحي من أجل علاجها من جانب نظام الرعاية الصحية ال آيرلندي ؛ وشعورها بالهجر من جانب نظام الرعاية الصحية ال آيرلندي واضطرارها إلى أن ت جمع بمفردها المعلومات عن الخيارات الطبية المتاحة لها ؛ وإجبارها على أن تختار إما مواصلة حملها المحكوم عليه بالفشل أو السفر إلى بلد آخر بينما تحمل في رحمها جنيناً في حالة احتضار ، وذلك على نفق تها الشخصية ودون دعم من أسرتها؛ ومعاناتها من العار والوصم المرتبطين بتجريم إجهاض جنين ينتهي حمله بالموت ؛ واضطرارها إلى ترك رفات جنينها في بلد أجنبي؛ و عدم تلقي ها في آيرلندا المشورة اللازمة والمناسبة لمواجهة أحزان الرحيل . وكان من الممكن التخفيف من قدر كبير من المعاناة التي تكبّدتها صاحبة البلاغ لو كان قد سُمح لها ب إنهاء حملها في ال بيئة ال مألوفة لها في بلدها وتحت رعاية مهنيين صحيين تعرفهم ولها ثقة فيهم، ولو كانت قد تلقّت الاستحقاقات الصحية التي كانت تحتاج إليها و التي كانت متاحة في آيرلندا و كانت ست تمتع بها لو استمرت في الاحتفاظ بحملها غير القابل للحياة ل كي تلد طفلة ميتة في آيرلندا .

7-6 وترى اللجنة أن معاناة صاحبة البلاغ قد ازدادت تفاقماً بفعل العقبات التي واجهتها في الحصول على المعلومات التي كانت تحتاج إليها بشأن خياراتها الطبية المناسبة التي يتيحها مقدمو الخدمات الطبية الذين تعرفهم وتثق فيهم. ‬ وتلاحظ اللجنة أن قانون معلومات الإجهاض يقيّد بشكل قانوني الظروف التي يجوز فيها ل أي فرد أن يقدِّم معلومات عن خدمات الإجهاض المتاحة بصورة مشروعة في آيرلندا أو في الخارج، ويجر ِّ م الدعوة إلى إنهاء الحمل أو التشجيع على ذلك . وتلاحظ اللجنة كذلك أن أقوال صاحب ة البلاغ التي لم يجر تفنيدها ومفادها أن المهنيين العاملين في مجال الصحة في آيرلندا لم يقدموا إليها معلومات واضحة ومفصلة بشأن كيفية إنهاء حملها في ولاية قضائية أخرى أو بشأن تحديد مقدمي خدمات الرعاية الصحية الآخرين التي يمكن أن تحصل منهم على هذه المعلومات، بما أدى إلى انقطاع تقديم الرعاية والمشورة الطبي تين التي كانت تحتاج إليهما و إلى زيادة تفاقم محنتها .

7-7 وترى اللجنة أن الوقائع المبينة في ا لفقرتين ٧ - ٥ و ٧ - ٦ أعلاه تثبت، مجتمعةً، وجود مستوى مرتفع من الكرب الذهني الذي حدث ل صاحبة البلاغ نتيجةً لمزيج من الأفعال التي قامت بها أو لم تقم بها الدولة الطرف والتي تشكل انتهاكاً ل لحظر المفروض على المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الوارد في المادة ٧ من العهد. و تلاحظ اللجنة في هذا الصدد ، على النحو المذكور في الفقرة 3 من تعليقها العام رقم 20، أن نص المادة 7 لا يجوز إخضاعه ل أي تقييد ، و أنه لا يجوز التذرّع ب أي مبررات أو ظروف مخففة من أجل تسويغ انتهاك المادة 7 لأي سبب من الأسباب. ‬ وتبعاً ل ذلك، لا يمكن للجنة أن تقبل ك مبررات أو ك ظروف مخففة توضيحات الدولة الطرف بشأن الموازنة بين الاعتبارات الأخلاقية والسياسية التي يرتكز عليها الإطار القانوني القائم في آيرلندا .

7-8 وتد ّ عي كذلك صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف برفضها منحها الخيار الوحيد الذي كان يمكن أن يحترم سلامتها البدنية والنفسية واستقلاليتها الإنجابية في إطار ظروف هذه القضية ( وهو خيار يسمح لها بإنهاء حملها في آيرلندا )، قد تدخلت بشكل تعسفي في حقها في الخصوصية بموجب المادة 17 من العهد. ‬ وتذك ّ ر اللجنة باجتهاداتها القانونية التي تفيد بأن نطاق المادة ١٧ يشمل قرار المرأة أن تطلب إنهاء الحمل ( ) . وفي هذه القضية، تدخلت الدولة الطرف في قرار صاحبة البلاغ عدم مواصلة حملها غير القابل للحياة ، عملا بالمادة 40-3-3 من الدستور وقانون الجرائم ضد الأشخاص. وفي ظل هذه الظروف، فإن المسألة المعروضة على اللجنة ليس هي ما إذا كان هذا التدخل له أساس قانوني في القانون المحلي، بل هي بالأحرى ما إذا كان تطبيق القانون المحلي قد اتسم بالطابع التعسفي بموجب العهد ، بالنظر إلى أنه حتى التدخل المنصوص عليه في القانون ينبغي أن يكون متفقا ً مع أحكام العهد ومراميه وأهدافه وأن يكون على أية حال معقولا ً في الظروف المعينة ( ) . وتدفع الدولة الطرف في هذا الصدد بأن التدخّل لم يكن تعسفياً ، نظراً إلى أن ه كان متناسباً مع الأهداف المشروعة ل لعهد، ويأخذ في الحسبان تحقيق التوازن المدروس بدقّة بين حماية الجنين وحقوق المرأة . ‬

7-9 وترى اللجنة أنه لا يمكن تبرير التوازن الذي اختارت الدولة الطرف تحقيقه بين حماية الجنين وحقوق المرأة في هذه الحالة. ‬ وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى آرائها في قضية ميليت ضد آيرلندا ، التي تتناول مسألة مماثلة تتعلق ب رفض السماح بإنهاء الحمل في حالة يعاني فيها الجنين من عاهة مميتة ( ) . وتلاحظ اللجنة أنه، على غرار قضية ميليت ضد آيرلندا ، كان منع صاحبة البلاغ من إنهاء حملها في آيرلندا السبب في معاناتها من الكرب الذهني كما أنه شك َّ ل تدخلاً عميقاً في قراراها بشأن كيف تتعامل على أفضل نحو مع حملها، على الرغم من عدم قابلية الجنين للحياة . وعلى هذا الأساس، ترى اللجنة أن تدخل الدولة الطرف في قرار صاحبة البلاغ غير معقول وأنه بذلك يشكل تدخلا ً تعسفيا ً في حق صاحبة البلاغ في الخصوصية، بما يشكل انتهاكاً ل لمادة ١٧ من العهد.

7-10 وتد ّ عي صاحبة البلاغ أن ه ب تجريم الإجهاض على أساس تشوُّه ات الجنين المميتة عن طريق تشريعات تقيد حقوق المرأة، تكون الدولة الطرف قد انتهكت حقوقها [صاحبة البلاغ] في المساواة وعدم التمييز المنصوص عليها في المواد ٢(1) ، و٣، و ٢٦. وتؤكد الدولة الطرف أن قوانينها المتعلقة ب إنهاء الحمل محايدة فيما بين الجنسين وغير تمييزية .

7-11 وتلاحظ اللجنة أنه بموجب قوانين ا لدولة الطرف، تستمر النساء الحوامل اللائي لديهن جنين يحمل تشوُّه ات مميتة ، واللائي يقررن مع ذلك الاحتفاظ بحملهن إلى حين ولادته، في الحصول على الحماية الكاملة من نظام الرعاية الصحية العامة. ‬ إذ يواصل التأمين الصحي تلبية احتياجاتهن الطبية، وتستمر استفادتهم من الرعاية والمشورة التي يقدمها إليهن المهنيون الطبيون العامون طوال فترة حملهن. ‬ وإذا سقط الجنين أو وُلد ميتاً، فإنهن يتلقين عندئذٍ كل عناية طبية ويستفدن من جلسات المواساة. ‬ وعلى العكس من ذلك، ي تعيَّن على النساء اللائي يخترن إنهاء الحمل غير القابل للحياة الاعتماد كلياً على مواردهن المالية الخ اصة خارج نظام الرعاية الصحية العامة تماماً . ‬ و هن ي ُ حرمن من التغطية بالتأمين الصحي لتلبية هذه الأغراض؛ ويكون عليهن السفر إلى الخارج على نفقتهن الخاصة لضمان إجراء إجهاض، ويتحملن الأعباء المالية والنفسية والبدنية التي يفرضها هذا السفر، ويُحرمن من الرعاية الطبية ومن جلسات المواساة لما بع د إنهاء الحمل و التي يحتجن إليها . ‬ وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاءات صاحبة البلاغ، التي لم يُطعَن فيها، ومفادها أنها اضطُرّت إلى السفر إلى الخارج على نفقتها الخاصة من أجل إنهاء حملها غير القابل للحياة . ‬‬‬

7-12 و تذكّر اللجنة ب الفقرة 13 من تعليق ها العام رقم 1 8( 1989 ) بشأن عدم التمييز والتي جاء فيها ما يلي: ‬ " لا يشكّل كل تفريق في المعاملة تمييزاً إذا كانت معايير ذاك التفريق معقولة وموضوعية، وإذا كان الغرض منها تحقيق هدف مشروع بموجب العهد ". ‬ وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحبة البلاغ أنها قد حُرمت على أساس جنسها من الحصول على الخدمات الطبية التي كانت تحتاج إليها بغية الحفاظ على استقلالي تها وكرامتها وسلامتها البدنية والنفسية؛ وعلى العكس من ذلك، فإن المرضى الذكور والمرضى في حالات أخرى في آيرلندا لا يتوق َّ ع منهم أبداً أن يتجاهلوا احتياجاتهم الصحية والسفر إلى الخارج فيما يتصل بوظيفتهم الإنجابية؛ وأن تجريم الدولة الطرف ل لإجهاض جعلها تُعام َل بالاستناد إلى قوالب نمطية على أساس نوع الجنس ووفقاً لها يكون ا لدور الرئيسي للمرأة هو الإنجاب والأمومة . وترى اللجنة أن المعاملة المختلفة التي عوملت بها صاحبة البلاغ بال مقارنة بنساء أخريات قررن الاستمرار في حملهن غير القابل للحياة إلى أجله قد أدّت إلى التمييز قانوناً بين النساء اللاتي لديهن وضع متماثل وهي معاملة لم تأخذ في الحسبان على نحو وافٍ الاحتياجات الطبية لصاحبة البلاغ وظروفها الاجتماعية - الاقتصادية، ولم تستوف ال شروط المتعلقة بال معقولية والموضوعية ومشروعية الهدف . ‬ وتبعاً ل ذلك، تخلص اللجنة إلى أن عدم إتاحة الدولة الطرف لصاحبة البلا غ إمكانية الحصول على ما كانت تحتاج إليه من خدمات يشكل تمييزاً وكذلك انتهاكاً ل حقوقها بموجب المادة 26 من العهد. ‬

7-13 وفي ضوء ال استنتاجات الواردة أعلاه ، لن تنظر اللجنة بشكل منفصل في ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المواد 2(1) و3 و19 من العهد .

8- وترى ا للجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 5 (4) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك ل حقوق صاحبة البلاغ المنصوص عليها في المواد 7، و17، و2 6 من العهد. ‬

9- ووفقاً للمادة 2(3)(أ) من العهد، ترى اللجنة أنه يقع على الدولة الطرف التزام ب توفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. وهذا يتطلّب منها تقديم جبر كامل إلى ا لأفراد الذين تتعرض حقوقهم المكفولة بموجب العهد للانتهاك. وتبعاً لذلك ، يقع على الدولة الطرف التزام يتمثل ، في جملة أمور، في تقديم تعويض وافٍ لصاحبة البلاغ وتزويدها ب أي علاج نفسي تحتاج إليه . ‬ كما أن الدولة الطرف مُلزَمة باتخاذ خطوات لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المس تقبل. ‬ وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي أن تعدِّل ا لدولة الطرف قانونها المتعلق بالإنهاء الطوعي للحمل، بما في ذلك تعديل دستورها إذا كان ذلك ضرورياً، لضمان الامتثال للعهد، بما يكفل إتاحة إجراءات فعالة لإنهاء الحمل في آيرلندا تكون حسنة التوقيت ويسهل الاستفادة منها ، وأن تت خذ ما يلزم من تدابير لضمان أن يكون في وسع مقدمي الرعاية الصحية تقديم معلومات كاملة عن خدمات الإجهاض المأمون دون الخوف من التعرّض ل عقوبات جنائية ( ) ، على النحو المبين في آراء اللجنة هذه .‬‬‬

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أ م لا، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها القضائية بالحقوق المعترف بها في العهد و ب إتاحة سبل انتصاف فعالة في حال تحديد وقوع انتهاك، فإن اللجنة تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لوضع آرائها موضع التنفيذ. ‬ وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن ت نشر هذه الآراء . ‬

المرفق الأول

[الأصل: بالفرنسية]

رأي منفصل للسيد عياض بن عاشور، عضو اللجنة

1- أضم صوتي إلى استنتاجات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي جاء فيها أن وقائع هذه القضية (البلاغ رقم 2425/2014) تكشف عن وقوع انتهاك للمواد 7، و17، و26 من العهد. بيد أن اللجنة قد قررت، في الفقرة 7-13 من استنتاجاتها، عدم النظر بشكل منفصل في ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادتين 2(1) و3 من العهد .

2- وأرى أنه كان يتعيَّن على اللجنة أن تستجيب، من حيث الموضوع، للحجة التي ساقتها صاحبة البلاغ ومفادها أن التشريع المتعلق بالإجهاض في آيرلندا ، بحكم طابعه التقييدي، هو شكل من أشكال التمييز ضد المرأة. إذ تؤكّد في الواقع صاحبة البلاغ على أنه، على سبيل المقارنة، لا يُتوقَّع بحال من الأحوال من المرضى من الذكور في آيرلندا أن يجعلوا مقتضيات حالتهم الصحية واختيارهم الحر يأتيان في المرتبة الثانية بعد وظيفتهم الإنجابية أو أن يتركوا أسرتهم وبلدهم من أجل تلقّي الرعاية الطبية في الخارج. فالحق في المساواة أمام القانون هو والحق في عدم التمييز يقتضيان من الدول الحرص على أن تُؤخذ في الحسبان في الخدمات الصحية المقدَّمة الاختلافات البيولوجية الجوهرية بين الرجل والمرأة في مسائل الإنجاب (انظر الفقرة 3-9). فمن وجهة نظر صاحبة البلاغ، فإن القانون ال آيرلندي الذي يجعل من الإجهاض جريمة جنا ئية إنما يخالف أحكام المادتين 2 (1) و3 من العهد.

3- وفي الفقرة 7-12 من ملاحظات اللجنة، تبدأ هذه الأخيرة بإثارة هذه المشكلة، بنفس التعابير التي استخدمتها صاحبة البلاغ، وذلك بما ذكرته من أن المرضى الذكور في آيرلندا لا يتوق َّ ع منهم أبداً أن يعطوا الأولوية لوظيفت هم الإنجابية على حساب احتياجاتهم الصحية وأن يسافروا إلى الخارج فيما يتصل بهذه الاحتياجات ؛ وأن تجريم ا لإجهاض في آيرلندا قد جعل صاحبة البلاغ تُعامَل بالاستناد إلى قوالب نمطية على أساس نوع الجنس ووفقاً لها يكون ا لدور الرئيسي للمرأة هو الإنجاب والأمومة .

4- ولكن اللجنة، تخلياً منها عن هذا المنطق وتجاهلاً منها لهذا المنظور، ترد على الحجة التي ساقتها صاحبة البلاغ بالتذرع بأساس آخر من نوع مختلف وليس من ذات طابع الأساس الذي طرحته صاحبة البلاغ. ففي حقيقة الأمر فإن التمييز الذي ذكرته اللجنة لم يعد تمييزاً قائم على نوع الجنس، بين الرجل والمرأة، بل هو تمييز ذو طابع اقتصادي بين النساء أنفسهن. وترى اللجنة أن المعاملة المختلفة التي عومِلت بها صاحبة البلاغ قد أدّت إلى التمييز قانوناً بين النساء اللاتي لديهن وضع مماثل . وهي ترى أيضاً أن الوضع القائم على الصعيد القانوني في الدولة الطرف، الذي يجيز للنساء أن يحصلن على خدمات إنهاء الحمل في الخارج على نفقتهن الشخصية، يُلقي بأعباء غير عادية على النساء اللاتي يعشْن وضعاً اجتماعياً-اقتصادياً هشاً بالقياس إلى النساء اللاتي يتمتعن بموارد مالية أكبر.

5- وبينما أوافق على وجهة النظر هذه المرتكزة على المادة 26، فإنني أرى مع ذلك أن صاحبة البلاغ كانت على حق في اعتقادها بأن التشريع ال آيرلندي ، من حيث آثاره، ي نتهك أيضا ً المادتين 2 (1) و3 من العهد. ف هذا النوع من التشريعات ، الذي يحرم المرأة من حريتها في مسألة تتعلق ب وظيفتها الإنجابية، يتعارض مع الحق في عدم التعرض للتمييز على أساس نوع الجنس لأنه يحرم المرأة من إرادتها الحرة في هذا المجال . ولا ت ُ فرض قيود مماثلة على الرجال. وهذا النوع من التشريعات يجعل المرأة، بصفتها هذه، تتحمل عبئا ً وجودياً غير متناسب وغير طبيعي وغير عادل .

6- وحظر الإجهاض في آيرلندا ، بأثره الملزم و العقابي - بصورة غير مباشرة - والوصْمي ، يستهدف المرأة بصفتها هذه ويضعها في حالة ضعف وتمييز محددة بالقياس مع وضع الرجل. وعملا ً بهذا التشريع، كانت صاحبة البلاغ في الواقع ضحية للقوالب النمطية القائمة على نوع الجنس والتي ينبغي وفقاً لها أن يستمر حمل المرأة أياً كانت الظروف، إلا في حالات الخطر المميت على الأم، وذلك لأن دور المرأة يقتصر حصرا ً على دور الأم المنجِبة . و اختزال شخص صاحبة البلاغ إلى مجرد أداة للإنجاب إنما يشكل تمييزا ً ويقوض حريتها في تقرير مصيرها وحقها في المساواة بين الجنسين وفي الاستقلالية الشخصية.

7- وبناء على الاعتبارات السالفة الذكر، فإنني أرى بالتالي أن عدم قيام الدولة، تطبيقاً لتشريعها الداخلي، بالسماح لصاحبة البلاغ بإنهاء حملها وفقاً لتقييمها الحر لحالتها برمّتها، إنما يشكّل تمييزاً على أساس نوع الجنس وهو أحد أشكال التمييز القائمة على الجنس و المنصوص عليه ا في المادتين 2(1) و3 من العهد .

8- وهكذا، يخل قانون الدولة الطرف بحقو ق صاحبة البلاغ بموجب المادتين 2 (1) و3، مقروءتين بالاقتران مع المادة 26، من العهد.

المرفق الثاني

رأي فردي لعضو اللجنة السيدة سارة كليفلاند (رأي مواف ِ ق)

أتفق مع قرار اللجنة، وذلك للأسباب التي عرضتها اللجنة في آرائها، وكذلك للأسباب التي ذكرتُها أنا في رأيي المنفصل في قضية ميليت ضد آيرلندا ، البلاغ رقم 2324/2013، الآراء المعتمدة في 31 آذار/مارس 2016.

المرفق الثالث

رأي فردي لعضو اللجنة السيد أوليفييه دي فروفيل (رأي موافِق)

بينما أتفق مع استنتاجات اللجنة في هذا البلاغ ، فإنني أود الإشارة من جديد إلى الموقف الذي اتخذتُه أنا، بالاشتراك مع زميليّ السيد فابيان سالفيولي والسيد فيكتور رودريغيس ريسيا، في الآراء المعتمدة في 31 آذار/مارس 2016 في قضية ميليت ضد آيرلندا ، البلاغ رقم 2324/2013 .

المرفق الرابع

رأي فردي لعضو اللجنة السيدة آنيا زايبيرت - فور (رأي مخالِف جزئياً)

1- لا تتعلق آراء اللجنة بحظر الإجهاض بصورة عامة ولكنها تتصل بالوقائع المحددة لهذه القضية. ولذلك لا تسري هذه التوصيات إلا على الحالة التي يكون فيها الجنين غير قابل للحياة ( ) حسبما قدمته صاحبة البلاغ من حجج لم يُنازَع فيها .

2- والحرمان من الرعاية الطبية بعد الولادة، فضلا ً عن عدم تزويد صاحب ة البلاغ ب الرعاية المتعلقة بمواجهة أحزانها والتي تتاح للنساء اللاتي يحملن جنيناً غير قابل للحياة حتى نهاية الحمل ، هما أمران أسهما في حدوث جملة أمور منها معاناة صاحبة البلاغ، الأمر الذي حدا باللجنة إلى الخلوص إلى وقوع انتهاك للمادة ٧ في حالة صاحبة البلاغ (انظر الفقر ات ٧ - ٥ إلى 7- ٧ من الآراء) . وبينما أتفق مع هذا التكييف القانوني ، فإنني لا أستطيع إدراك السبب في أنه كان من الضروري والمناسب أن تخلص اللجنة للأسباب ذاتها أيضا ً إلى حدوث انتهاك ل لمادة ٢٦ بعد أن سبق لها بالفعل أن خلصت إلى أن المادتين ٧ و١٧ قد انت ُ هك َتا . ولا يقتصر الأمر على أن المطالبات التي استند إليها أغلبية أعضاء اللجنة في الخلوص إلى النتائج التي توصلت إليها بموجب المادة ٢٦ داخلة بالفعل ضمن القضية الأوسع نطاقا ً التي بُت فيها بموجب المادتين  ٧ و١٧، مثل عدم وجود غرض قانوني مفيد يمكن تحقيقه ببحث هذه المطالبات في إطار المادة ٢٦ (انظر الفقرة 7-12 من الآراء) ( ) ، ولكنها أيضاً لا تكفي لتأكيد حدوث انتهاك ل لمادة ٢٦.

3- و أرى أن اللجنة قد اقتصرت في تكييفها القانوني على الاختلاف في المعاملة " بال مقارنة بنساء أخريات قررن الاستمرار في حملهن غير القابل للحياة إلى أجله " (انظر الفقرة ٧ - ١٢ من هذه ال آراء) ولم تخلص إلى وجود تمييز قائم على الجنس ونوع الجنس. ومع ذلك، لا يمكنني أن أوافق على الاستنتاج الذي خلصت إليه الأغلبية في إطار المادة ٢٦، وذلك للأسباب التالية.

4- فوفقاً للاجتهاد القانوني القائم للجنة، فإن مصطلح " التمييز " كما هو مستخدم في العهد ينبغي أن يُفهم على أنه يعني أي تفرقةٍ أو استبعادٍ أو تقييدٍ أو تفضيلٍ لأي سبب من الأسباب مثل العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو ال رأي السياسي أو أي رأيٍ آخر أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو المولد أو أي وضع آخر، ويكون غرضه أو أثره هو إلغاء أو إضعاف الاعتراف بجميع الحقوق والحريات والتمتع بها وممارستها من جانب جميع الناس على قدم المساواة ( ) . والاختلاف في المعاملة يتطلب أوضاعاً قابلة للمقارنة لكي يمكن الكلام عن وقوع تمييز ( ) .

5- وفيما يتعلق بالإجهاض، فإن الاحتياجات الطبية ل صاحب ة البلاغ والخدمات التي التمستها تختلف عن التوليد. وهكذا فإن النساء، فيما يتعلق بإنهاء الحمل، لسن في وضع طبي قابل للمقارنة مع النساء اللاتي يواصلن حملهن إلى أجله . ولهذا السبب، لا توجد أسباب للخلوص إلى استنتاج مفاده أن الحرمان من خدمات الإجهاض يشكل تمييزاً .

6- ويختلف الأمر فيما يتعلق بالرعاية اللاحقة للولادة. وإنني أدرك أن حالة ما بعد الحمل ل لنساء اللاتي كن يحملن جنيناً غير قابل للحياة وفقدنه تجعل من الممكن المقارنة بينهن بصرف النظر عما إذا كنّ قد واصلن حملهن إلى نهايته . وهن يعان ي ن من فقدان جنين مريض مرضاً مميتاً. ومن القسوة أن تُترَك بلا دعم لأغراض المواساة ا لنساء اللائي خضعن لعمليات إجهاض بسبب عدم قابلية أجنتهن للحياة ، في حين أن هذا الدعم متاح للنساء التي واصلن حملهن إلى نهايته . ولكن في سياق المادة ٢٦ ، تظل المسألة هي ما إذا كان هذا الاختلاف في المعاملة يستند إلى أي من الأسباب المحددة في هذه المادة وهي العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل القومي أو الاجتماعي ، أو الملكية ، أو المولد ، أو أي وضع آخر. وهذا أمر مشكوك فيه في هذه القضية لأن الإطار التنظيمي ل لدولة الطرف لا يستند في منشئه إلى حالة المرأة التي تجتاز عملية إجهاض ، بل يستند إلى الآراء الأخلاقية التي يؤمن بها السكان ال آيرلندي ون والمتعلقة ب طبيعة الحياة. و يمكن للمرء أن ي ختلف مع إمكانية مواصلة حماية جنين مريض مرضاً مميتاً . ولكن هذا لا يُلقي بظلال الشك على عزم الدولة الطرف على حماية حياة أي جنين حتى موته . وفي نهاية المطاف، فإننا لن نقبل أبدا ً تنفيذ عقوبة الإعدام في امرأة حامل، بصرف النظر عما إذا كان الحمل له مقومات الحياة أم لا ( ) . وعلى الرغم من أن النتائج التي توصلت إليها اللجنة في إطار المادة ١٧ لا تتفق مع نتائج قيام الدولة الطرف بالموازنة بين الحق في الحياة للجنين وحقوق المرأة لكون الجنين مريضاً مرضاً مميتاً في هذه الق ضية، فإن ذلك لا يبرر ال استنتاج ب أن الاختلاف في المعاملة بين النساء اللاتي تجرى لهن عملي ة إجهاض والنساء اللاتي يواصلن حملهن إلى أجله ي ستند إلى خصيصة شخصية ل لمرأة المعنية. وهكذا، لم تشرح اللجنة ال سبب في جعل الاختلاف في المعاملة يقوم على أساس غير مسموح به .

7- وحتى لو افترضنا أن الحرمان من الدعم المقدَّم لأغراض المواساة قد استند إلى أساس غير مسموح به ، فإن صاحب ة البلاغ لم تؤكّد أنه ا استنفد ت سبل الانتصاف المحلية في هذا الصدد كما لا يوجد بشكل موضوعي احتمال للنجاح في حالة ا لطعن في رفض تقديم الدعم للمواساة هو والرعاية الطبية في مرحلة ما بعد الإجهاض في إطار الدعاوى المحلية ( ) . ولذلك ف عملا ً بالمادة ٥(2) (ب) من البروتوكول الاختياري ، لا يجوز للجنة أن تخلص إلى وقوع انتهاك للمادة ٢٦ في هذا الصدد.

8- وأخيرا ً ، و للأسباب الواردة في رأيي المنفصل المعروض في قضية ميليت ضد آيرلندا ، فإنني لا أتفق مع الأعضاء الذين كان وا يفضل ون أن تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك على أساس الجنس ونوع الجنس. وأكتفي بالإحالة إلى رأيي السابق ( ) . وأكرر أيضا ً أنه ينبغي أن تحافظ ا للجنة على المعنى المستقل ذاتياً للمادة 26 بأن تأخذ في الحسبان على النحو الواجب مفهوم التمييز وأسباب التمييز المحظورة فيها بدلاً من أن تفترض وقوع انتهاك لهذا الحكم كلما اكتُشف حدوث انتهاك لأحد الحقوق الأخرى المحمية بموجب العهد. فال قراءة ال فضفاضة لا لزوم لها بموجب العهد ( ) إذ أن من شأنه ا أن تُ فر ِ غ المادة ٢٦ من قيمتها المميزة لها .