الأمم المتحدة

CCPR/C/110/D/1960/2010

Distr.: General

20 May 2014

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1960/2010

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 110، 10-28 آذار/مارس 2014

المقدم من: كلود أوري (يمثله محام، هو جيروم وينهارد)

الشخص المُدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ : 1 نيسان/أبريل 2010 ( تاريخ الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي، الذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 28 تموز/يوليه 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 28 آذار/مارس 2014

موضوع البلاغ : إدانة عضو من جماعة "الرُّحَّل" لعدم وجود تأمين للسيارة وإذن بالتنقل

المسائل الإجرائية : المسألة نفسها منظورة أمام هيئة دولية أخرى؛ عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : الحق في حرية التنقل؛ التمييز والتمتع بحماية القانون على قدم المساواة

مواد العهد: المادة 12 الفقرة ( 1)، والمادة 26

مواد البروتوكول الاختياري : المادة 5 (الفقرتان 2(أ) و(ب))

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 110)

بشأن

البلاغ رقم 1960/2010 *

المقدم من: كلود أوري (يمثله محام، هو جيروم وينهارد)

الشخص المُدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ : 1 نيسان/أبريل 2010 ( تاريخ الرسالة الأولى )

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 آذار/مارس 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ 1960/2010 ، المقدم إليها باسم كلود أوري بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ المؤرخ 1 نيسان/أبريل 2010 هو كلود أوري، المولود في 1 كانون الأول/ ديسمبر 1980 في شاتو - غونتييه، بفرنسا. ويرى أنه وقع ضحية لانتهاك فرنسا حقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 12، والمادة 26 من العهد. ويمثله محام.

1-2 وفي 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2010، قرر المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة أنه ينبغي بحث مسألة مقبولية البلاغ في الوقت نفسه مع بحث أسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ هو أحد أفراد "الرُّحَّل" ( ) . ولما كان يعيش في مقطورة في مدينة لو مان (في مقاطعة سارت)، فهو يخضع لنظام القانون رقم 69-3 الصادر في 3 كانون الثاني/يناير 1969 ( ) والمرسوم بقرار رقم 70-708 الصادر في 31 تموز/يوليه 1970 المتعلق به الذي يفرض عليه استصدار تصريح مرور يجب أن تصدق عليه السلطات المختصة بانتظام ( ) ؛ وإلا تعرض لجزاءات جنائية ( ) . وفي عام 2004، وبما أن صاحب البلاغ كان بلا موارد منتظمة، فقد كان حائزا لبطاقة مرور خاضعة لتأشيرة فصلية تضعها قوات حفظ النظام، كانت قد صدرت له في 2 شباط/فبراير 1998، وجرى ختمها بالتأشيرة للمرة الأخيرة في 27 آب/أغسطس 2003.

2-2 وفي 29 شباط/فبراير 2004، بينما كان صاحب البلاغ يقود حافلته للذهاب إلى عمله، تعرض لمراقبة من جانب رجال الدرك عند بلدية ميزريه (سارت). ووُجه إليه اللوم لعدم حيازته تأميناً على مركبته وتأشيرة على بطاقة مروره. وفي 11 آذار/مارس 2006، وبينما خضع مرة أخرى لمراقبة الدرك في أوبينييه - راكان (سارت)، أُبلغ بملاحقته عن المخالفتين المرتكبتين في 29 شباط/فبراير 2004. واقتيد إلى مخفر الشرطة، حيث أدلى بأقواله على مدى 4 ساعات. ووجد أن حكما غيابيا صدر بحقه عن محكمة شرطة لا فلاش (سارت) بتاريخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، فُرضت عليه بموجبه غرامة قدرها 150 يورو لعدم حيازته رخصة سارية لتسيير مركبته، وكذلك غرامة قدرها 300 يورو مع وقف رخصة قيادته لمدة شهر لعدم حيازته للتأمين. وكان العنوان الظاهر على استدعاءاته للمحكمة يشير إلى رخصة مركبته فضلا عن بلدية الارتباط التي يتبعها. وهكذا، فبما أن عمدية أرناج (سارت) لم تكن محل إقامته الاعتيادية، فإنه لم يكن يتسلم البريد المرسل إليه، ولم يتسن إخطاره بالاستدعاء لجلسة المحكمة؛ وحُكم عليه بالتالي غيابيا.

2-3 وليس لصاحب البلاغ محل إقامة أو سكن ثابت في فرنسا، فهو يقيم بصفة دائمة في مركبته. ويعترف بأنه أغفل الحصول من السلطة الإدارية المختصة على تأشيرة شهادة المرور في المواعيد المقررة. وقد عارض الحكم الغيابي في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، واستدعاه وكيل نيابة الجمهورية في مدينة لو مان لحضور جلسة أمام محكمة شرطة لا فلاش يوم 24 آيار/مايو 2006. وطلب صاحب البلاغ الاستعانة بمحام، حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه، وحصل على طلبه بفضل المساعدة القضائية. وبعد أن طلب تأجيلا، عُقدت أخيرا جلسة لقضيته في 27 أيلول/سبتمبر 2006. وطلب محاميه، فيما استخدمه من وسائل الدفاع، إبطال الدعوى مشيراً إلى البروتوكول رقم 4 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، الذي تنص المادة 2 منه على أن "أي شخص يوجد بصفة منتظمة في إقليم دولة ما له الحق في التنقل بحرية وفي اختيار محل إقامته بحرية". وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2006، رفضت المحكمة الاستثناء المستمد من بطلان المحضر المتعلق بعدم الحصول على التأشيرة، وأعلنت أن صاحب البلاغ مدان بارتكاب هذه المخالفة، وحكمت عليه بغرامة قدرها 100 يورو (بدلا من 150 يورو في الحكم السابق).

2-4 وفي 28 كانون الأول/ديسمبر 2006، طعن صاحب البلاغ في هذا الحكم أمام محكمة استئناف أنجيه (مقاطعة مان - إي - لوار). وطلب مرة أخرى المساعدة القضائية التي منحت له. وفي أثناء الإجراءات، أشار محاميه إلى المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تحظر التمييز، باعتبار أن الالتزام المفروض عليه يشكل تمييزا ً . وبالفعل، يرى صاحب البلاغ أن الالتزام بوضع التأشيرة على بطاقة مروره يؤدي من جهة إلى استبعاد الأشخاص الذين يمارسون أنشطة أو يباشرون مهنا متجولة، من ناحية، ولا تنطبق، من الناحية الأخرى، إلا على الأشخاص الذين يقيمون بطريقة دائمة في مركبة، أو مقطورة، أو أي مأوى متحرك آخر، باستثناء الأشخاص الذين ليس لهم محل إقامة أو سكن مثل "المشردين الذين ليس لهم محل إقامة ثابت" أو البحارة. وأقدم رئيس محكمة الاستئناف على تقديم طعن سابق للمحاكمة أمام محكمة العدل بالاتحاد الأوروبي ( ) ، وانتهى إلى رفض الاستئناف في 19 نيسان/أبريل 2007، لأن وضع صاحب البلاغ "الذي اختاره بنفسه، يجعله معرضا للملاحقة القضائية إذا خالف التزامات معينة معقودة لتحقيق المصلحة العامة الوطنية، ولا يشوبها بالتالي أي تمييز"، وخفض قيمة الغرامة إلى 50 يورو. وطعن صاحب البلاغ في الحكم أمام محكمة النقض في 19 نيسان/أبريل 2007. ورُفض طلبه الحصول على المساعدة القضائية لعدم وجاهة افتقاده الإمكانات. ونظرا لعدم وجود من يدافع عنه، فقد رفضت محكمة الاستئناف دعواه في 4 آذار/مارس 2008.

2-5 وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2008، قدم صاحب البلاغ طلبا ً بشأن القضية نفسها أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي 1 أيلول/سبتمبر 2009، أعلنت المحكمة عدم مقبولية طلبه وفقا لأحكام الفقرة 1 من المادة 35 من الاتفاقية، حيث إن المدة التي انقضت بين القرار الداخلي النهائي (محكمة النقض) وتقديم طلبه تجاوزت ستة أشهر.

الشكوى

3-1 يؤكد صاحب البلاغ أولا أنه لا يعترض على المخالفة الأولى المتصلة بعدم التأمين على سيارته، وإنما يعترض على المخالفة الثانية التي وجه إليه اللوم فيها على عدم ختمه بطاقة مروره بالتأشيرة بينما لم يكن له محل إقامة أو سكن ثابت في فرنسا منذ أكثر من ستة أشهر، ووقع بذلك تحت طائلة المادة 3 من قانون 3 كانون الثاني/يناير 1960.

3-2 وفيما يتعلق بانتهاك الحق في حرية التنقل، يشير صاحب البلاغ إلى أن القانون الفرنسي يلزمه بحيازة رخصة تسيير المركبة وتقديمها عند طلبها إلى قوات حفظ النظام، وإلا تعرض لجزاءات جنائية. ويذكّر بأن هذا ال تصريح يندرج ضمن سياق تاريخي يرجع إلى القرن التاسع عشر، حيث إن تصاريح المرور الحالية استمرار مباشر ﻟ "بطاقات المهرجين" التي أرساها التعميم الصادر في 6 كانون الثاني/يناير 1863، ثم "بطاقات القياسات الجسمية للمتجولين" التي أرساها قانون 16 تموز/يوليه 1912. وأبقت التشريعات المتعاقبة على مبدأ بطاقات المرور. وبذلك يكون صاحب البلاغ خاضعا ً لرقابة دورية من الشرطة، وهذا يشكل، وفقا له، عقبة شديدة أمام حقه في التنقل بحرية داخل بلده، الذي تنص عليه المادة 12 من العهد. ويرفض صاحب البلاغ استنتاجات محكمة استئناف أنجيه (الفقرة 2-4)، مشيرا إلى أنه لم يختر أسلوب حياته بما أنه وريث لتقاليد أسرية ممتدة بالعيش في مأوى متحرك، من ناحية أجداد كل من والده ووالدته ( ) . وأضاف أنه تعلم في إطار أسلوب الحياة هذا، وأن إخوته وأخواته يعيشون بالطريقة نفسها، وأنه لم يعش أبدا ً في منزل ولا يعرف إلا حياة الترحال.

3-3 وفيما يتعلق بالمساواة أمام القانون، يؤكد صاحب البلاغ أن محل إقامة أي مواطن، في القانون الفرنسي، فيما يتصل بممارسة حقوقه المدنية، "هو المكان الذي توجد فيه إقامته الرئيسية" ( ) . بيد أن "الرُّحَّل"، كما ينظم شؤونهم القانون رقم 69-3 الصادر في 3 كانون الثاني/يناير 1969، ليس لهم محل إقامة ويسكنون عادة في مأوى متحرك على الأرض. وبدلا ً من أن يكون لهم محل إقامة، يرسي النظام القضائي الخاص المطبق عليهم مبدأ بلدية الارتباط التي ليست لهم حرية اختيارها أو تغييرها، وهذا يتنافى مع الحقوق المنصوص عليها في المادة 103 وما بعدها من القانون المدني المتعلقة بتغيير محل الإقامة. ويستخلص صاحب البلاغ من هذا أنه لا يتمتع بنفس الحقوق المدنية التي يتمتع بها المواطنون الذين لديهم سكن ثابت.

3-4 وفقا ً لصاحب البلاغ، تشكل هذه المعاملة غير المواتية التي يلقاها الأشخاص الخاضعون لهذه التأشيرات تمييزاً مشروعاً وداخلياً وخارجياً في الوقت نفسه. فهذا التمييز مشروع لأن القانون ينص عليه. وهو داخلي لأنه، في إطار تصاريح المرور التي ينص عليها القانون رقم 69-3، لا يخضع الأشخاص الذين يمارسون أنشطة أو مهنا متجولة لهذه التأشيرات. ومن بين الأشخاص الآخرين "الذين ليس لديهم محل إقامة ثابت"، فإن الأشخاص الذين يقيمون في القوارب (نظام البحارة)، أو في الشوارع، لا يخضعون للالتزام الإداري المتمثل في تصريح المرور. كما أن هذا التمييز خارجي، وفقا لصاحب البلاغ، حيث إن الغالبية العظمى من السكان الذين يقطنون في مساكن ثابتة، كما تعرفها المادة 2 من المرسوم بقانون 70-708 الصادر في 31 تموز/يوليه 1970، والتي لديها بالتالي محل إقامة، لم يعودوا يخضعون ﻟ "جوازات المرور" هذه منذ قرن من الزمان. ومن هذا يستخلص صاحب البلاغ إذن أن نظام التأشيرات، وبوجه أشمل نظام تصاريح المرور، لا يشكل عقبة أمام حرية الذهاب والعودة داخل الدولة إلا للأشخاص الخاضعين له، مما تترتب عليه تجاه هؤلاء الأشخاص حالات من التمييز الداخلي والخارجي مع انعدام المساواة في الحقوق أمام مفهوم محل الإقامة. وبالتالي، يطلب صاحب البلاغ تعويضا معنويا وماديا مناسبا عن إدانته، وكذلك شطب هذه الواقعة من صحيفة حالته الجنائية. ويطلب المساواة بينه وبين مجموع مواطنيه، ويطالب بالتالي بإمكانية احتفاظه بأسلوب حياته، وبالحق في أن يكون له محل إقامة كما ينص على ذلك القانون المدني، وبالحرية في تغييره واختياره، دون أن يكون مُلزما بحيازة تصريح مرور وتقديمه وإلا تعرض للإدانة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4- في 29 أيلول/سبتمبر 2010، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على المقبولية دافعةً بأنه كان ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول جزئيا لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ووفقا ً للدولة الطرف، يقدم صاحب البلاغ شكوى إلى اللجنة لعدم تمتعه بحرية اختيار محل سكنه وتغييره. بيد أن النزاع القضائي الذي رُفع أمام هيئات القضاء الوطنية لم يكن يتعلق إلا بعدم وجود التأشيرة على بطاقة المرور. ولم تُستنفد سبل الانتصاف المحلية إلا بشأن هذه المخالفة وحدها. ولهذا، ترى الدولة الطرف أن تطورات البلاغ المتعلقة باختيار بلدية الارتباط بعيدة كل البعد عن النزاع الذي بحثه القضاة المحليون، وأنه بذلك غير مقبول في إطار الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5-1 في 28 كانون الثاني/يناير 2011، قدمت الدولة الطرف ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وتقوم الدولة الطرف في المقام الأول بالاحتجاج مرة أخرى بأن ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة باختيار البلدية التي يقيم فيها لم تُثر أمام القضاة المحليين. كما أن الدولة الطرف ترى، فيما يتعلق ببلدية الارتباط، أن صاحب البلاغ يكتفي بذكر أحكام القانون المدني الفرنسي، دون أن يحدد أحكام العهد التي ربما تكون قد انتهكت. وبناء عليه، كان ينبغي اعتبار هذا الجزء من البلاغ غير مقبول.

فيما يتعلق بحرية اختيار بلدية الارتباط وتغييرها

5-2 فيما يتصل بالأسس الموضوعية، تدلي الدولة الطرف في المقام الأول برأيها بشأن مسألة حرية اختيار بلدية الارتباط. وتذكر الدولة الطرف بأن السكن الاعتيادي للأشخاص المقصودين بالقانون رقم 63-3 الصادر في 3 كانون الثاني/يناير 1969 هو، بحكم تعريفه، السكن المتحرك، "مركبةً [كان]، أو مقطورة، أو أي مأوى متحرك آخر"، وفقا للمادة 3 من هذا القانون. وحتى يتسنى للأشخاص الذين لديهم هذا النوع من الإقامة الاستفادة من التمتع بحقوقهم المدنية والسياسية وممارستها، والاضطلاع بواجباتهم، وضع المشرّع تصور مسألة بلدية الارتباط، الذي يسمح لهم بالاحتفاظ بالصلة مع السلطات الإدارية. ووفقا للدولة الطرف، يتعلق الأمر هنا بتحديد محل الإقامة من الناحية الإدارية البحتة، لا بالسكن بالمعنى الوارد في المادة 12 من العهد. فالسكن الدائم لهؤلاء الأشخاص هو مقطورتهم أو أي مأوى متحرك آخر، ومحل سكنهم هو ذلك المكان الذي يوجد به في وقت ما المأوى المتحرك المذكور. وبالتالي فإن الحق في حرية اختيار السكن الذي تحميه المادة 12 من العهد ينطبق فقط على السكن الدائم لصاحب البلاغ، وهو متحرك بطبعه.

5-3 وتضيف الدولة الطرف أنه، بعكس ما أكده صاحب البلاغ، فإن الشخص الذي يتنقل في فرنسا دون محل إقامة أو سكن ثابت يتمتع باختيار البلدية التي يرغب في الارتباط بها للأغراض الإدارية رهناً بدوافعه (وجود روابط أسرية على سبيل المثال). ولا يستطيع حاكم المقاطعة أن يستبعد هذا الاختيار إلا لأسباب خطيرة نابعة بصفة خاصة من حفظ النظام العام، وبموجب قرار مسبب صريح ( ) . وبناء عليه، ووفقا للدولة الطرف، فإن القيود المفروضة على حرية الحق في اختيار بلدية الارتباط خفيفة للغاية، كما أنها تتفق في جميع الأحوال مع الفقرة 3 من المادة 12 من العهد التي تنص على أنه يمكن إخضاع هذا الحق لقيود إذا كانت هذه القيود "ينص عليها القانون و[كانت] ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم أو [كانت] متماشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد".

5 -4 وفيما يتعلق بالمادة 26 من العهد التي احتج بها صاحب البلاغ، تدفع الدولة الطرف بأن المادة 7 من القانون المذكور الصادر في 3 كانون الثاني/يناير 1969 تنص على أن "على كل شخص يطلب إصدار تصريح مرور [...] أن يعلن عن البلدية التي يرغب في الارتباط بها". وبذلك ينطبق اختيار بلدية الارتباط هذا على كل شخص يتجاوز عمره 16 سنة، لا يملك سكنا ً ثابتا ً منذ أكثر من ستة أشهر، إذا كان يقيم بصفة دائمة في مركبة أو مقطورة أو أي مأوى متحرك آخر (المادة 3 من القانون). وبالإشارة إلى تعليق اللجنة العام رقم 18(1989) ( ) المتعلق بمناهضة التمييز، تضيف الدولة الطرف أيضا ً أن الارتباط ببلدية ما يتيح للشخص الذي يتنقل في فرنسا، والذي ليس له محل إقامة أو سكن ثابت، فعالية التمتع بحقوقه المدنية والسياسية، ولا سيما الحق في التصويت، وممارسة هذه الحقوق. وعلاوة على ذلك، تذكُر اللجنة أن التمتع بالحقوق والحريات في ظل المساواة لا يعني أن تكون المعاملة متطابقة في جميع الأحوال ( ) . وإعداد نظام قضائي محدد خاص بالأشخاص الذين يتنقلون دون أن يكون لهم محل إقامة أو سكن ثابت، يراعي بالفعل خصوصية وضعهم. وأيا كانت الظروف، لا يمكن الدفع، وفقا للدولة الطرف، بأن صاحب البلاغ ومجموع الأشخاص المعنيين والذين هم في وضعه، محرومون، كما يدعي، من حقهم في الحصول على محل الإقامة الذي يكفله القانون المدني الفرنسي. فلا توجد عقبة قضائية تحول دون شخص يعيش في محل إقامة متحرك وتغيير أسلوب حياته، واختيار محل إقامة بالمعنى الوارد في المادة 102 من القانون المدني. ومع ذلك، ففي إطار أسلوب الحياة المتسم بالتجول، فإن الحل لممارسة الحقوق هو مبدأ بلدية الارتباط الذي لا ينطوي على أي تمييز.

فيما يتعلق ببطاقة المرور

5-5 فيما يتعلق بمسألة المرور والالتزام بحيازة تأشيرة المرور، التي اعتبرها صاحب البلاغ عقبة شديدة تعترض حقه في حرية التنقل داخل البلد، تعترف الدولة الطرف بأن الأمر يتعلق هنا بقيد بالمعنى الوارد في الفقرة 3 من المادة 12 من العهد، لما يترتب عليه من موانع، ولكنه قيد منصوص عليه في القانون ومُبرر بأسباب تتعلق بحفظ النظام العام. ووفقا ً للدولة الطرف، فإن الالتزام المفروض على الأشخاص الذين ليس لهم محل إقامة ثابت والذين لا يملكون موارد منتظمة، والقاضي بختم بطاقات مرورهم بتأشيرات على فترات منتظمة، هو المقابل للحق المعترف به لهم بتعديل محل سكنهم يوما بعد يوم إذا ما رغبوا في ذلك، والذي يتيح للسلطات الإدارية الاحتفاظ بالصلة معهم وبإمكانية الاتصال بهم، وبالقيام عند الاقتضاء بأعمال المراقبة المحتملة في ظل ظروف تسمح بمراعاة أسلوب حياتهم المتسم بالتجول.

5 -6 وفيما يتعلق بتصريح المرور الذي جرى تناوله على ضوء المادة 26 من العهد، تدفع الدولة الطرف بأن الالتزام بوجود التأشيرة على هذه البطاقة ليس مقصورا ً على جماعة ما، وإنما هو مفروض على جميع "الأشخاص البالغين أكثر من ستة عشر عاما ً [...] الذين ليس لديهم محل إقامة أو سكن ثابت منذ أكثر من ستة أشهر [...] إذا كانوا يقيمون بصفة دائمة في مركبة أو مقطورة أو أي مأوى متحرك آخر" (المادة 3 من قانون 3 كانون الثاني/يناير 1969). وهكذا، يتعين على أي شخص يختار اعتماد أسلوب حياة التجول، مثل ذلك الأسلوب المذكور آنفا ً ، أن يحصل على تصريح مرور يجب أن تضع السلطة الإدارية تأشيرة عليه على فترات زمنية منتظمة. ومن هذا المنطلق، يجب أيضا على العاملين في الأسواق المتنقلة و"المقيمين في المقطورات" (الموظفين المكلفين بالعمل في المواقع الكبيرة) أن يحصلوا على تصريح مرور. وتضيف الدولة الطرف أن أسلوب حياة التجول، خلافاً لما أكده صاحب البلاغ، يتصل من الناحية القانونية باختيار الشخص المعني، والسلطات العامة تحترم هذا الاختيار.

5-7 وفي الختام، تعيد الدولة الطرف التأكيد على أن خصوصية النظام المطبق على صاحب البلاغ وغيره من الأشخاص الذين هم في نفس وضعه، جاءت نتيجة لتنقلهم بكثرة، مقارنةً مع الأشخاص الذين اعتمدوا أسلوب حياة مستقر. ومن ثم، فاختلاف المعاملة مُبرر تبريرا موضوعيا باختلاف الوضع. وأخيرا ً ، تضيف الدولة الطرف أن طلبات صاحب البلاغ المتعلقة ببطاقة المرور لا تعبر عن موقف موحد اتخذه جميع "الرُّحَّل"، حيث إن بعض أعضاء هذه الطائفة يمنحون قيمة كبيرة لهذه الوثائق في إثبات الهوية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف المتعلقة بالأسس الموضوعية

6-1 رد صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف المتعلقة بالأسس الموضوعية في 4 نيسان/أبريل 2011.

فيما يتعلق بالادعاء المتصل بالمادة 12

6-2 لا يعترض صاحب البلاغ على أن بلدية الارتباط لا تعوق مبدأ حرية اختيار السكن الذي تكفله المادة 12. ويؤكد أن ما يرغب في إعلائه هو مبدأ حرية التنقل. ويحتج صاحب البلاغ بأن المواطن الفرنسي الذي لديه سكن ثابت ليس ملزما بالحصول على وثيقة إدارية للتنقل في الإقليم الوطني. كما أن من بين "الأشخاص الذين ليس لديهم سكن ثابت"، إذا لم يكن الشخص بحاراً أو "بلا محل إقامة ثابت"، فإنه غير ملزم كذلك بالحصول على وثيقة إدارية معينة. ولا يزال لا يخضع لهذا سوى الأشخاص الذين يعتبرون "متجولين"، وذلك بموجب قانون 3 كانون الثاني/يناير 1969. ووفقا ً لصاحب البلاغ، فإن مجرد الحصول على التصريح الذي أصبح عند البعض رمزا ً للهوية، ما كان ليصبح أمرا خطيرا إن لم يكن مرتبطا ً بجزاءات جنائية تشمل غرامات وعقوبات بالحبس في حالة التنقل دون تصريح أو عدم الحصول على التصريح. كما أن التزام الشخص بالحصول، على فترات زمنية منتظمة، على تأشيرة على بطاقة مروره من قوات حفظ النظام وإلا تعرض لجزاءات جنائية، يشكل انتهاكا ً خطيرا ً لحرية التنقل.

6-3 وتسمح هذه التأشيرات أيضا بإجراء عملية تحقق منهجية عند كل عملية مرور من سجل يطلق عليه "سجل الأشخاص المطلوبين" الذي يتضمن أسماء الأشخاص المطلوبين لأسباب إدارية أو قضائية ( ) . ويضيف صاحب البلاغ أن وجود تصاريح المرور يسمح بوجود سجل خاص في الشرطة يطلق عليه "سجل الأشخاص الذين ليس لديهم محل إقامة أو سكن ثابت"، وهو يضم حاليا ً أكثر من 000 200 حالة مسجلة ( ) . وقد كشفت اللجنة الوطنية لتكنولوجيا المعلومات والحريات، وكذلك جهات فاعلة أخرى، عن وجود قواعد بيانات غير معلنة ورسائل مقترنة بسجل الأشخاص الذين ليس لديهم محل إقامة أو سكن ثابت. وأسفرت هذه المسألة أيضا عن نشر وثيقة سرية داخلية للدرك مؤرخة في عام 1992 بعنوان "الجريمة عند أقليات عرقية معينة غير مستقرة". ووفقا لصاحب البلاغ، يصف هذا المصطلح "الرُّحَّل" وصفاً واضحاً. ويرد في هذه الوثيقة أن "ما يقرب من ثلث الأشخاص البالغ عددهم 000 120 شخص المدرجة أسماؤهم في السجل الإداري للأشخاص الذين ليس لديهم محل إقامة أو سكن ثابت [...] معروفون بارتكاب مخالفات". كما يُذكر فيها أنه "ينبغي بصفة خاصة للعاملين أن يفرقوا جيدا ً بين الأفراد المندرجين ضمن فئة الأشخاص الذين ليس لديهم محل إقامة أو سكن ثابت والذين يمكن مطالبتهم بإبراز الوثائق الإدارية [...] دون إجراءات معينة، وبين المقيمين إقامة مستقرة الذين تُراقب بطاقات هويتهم في الإطار القانوني الذي تحدده المواد من 78-1 إلى 78-5 من قانون الإجراءات الجنائية". ووفقا لصاحب البلاغ، تثبت هذه التوجيهات تماما الطابع الخاص والتمييزي لمراقبة تصاريح المرور. وتشمل هذه المراقبة قيام الشرطة بتحريات عن الفئة الخاصة ﻟ "الرُّحَّل"، الموصوفين بأنهم "أقلية عرقية غير مستقرة" وخاضعة لمراقبة خاصة ومنهجية تصمهم، يمكِّن نظام تصاريح المرور من إجرائها.

فيما يتعلق بالادعاء المتصل بالمادة 26

6-4 يؤكد صاحب البلاغ مرة أخرى أن أسلوب حياة "الرُّحَّل" يجب تحليله من منظور علم الاجتماع الذي يضع في اعتباره المخزون الثقافي المنقول من جيل إلى آخر، متجاوزاً التحليل القانوني ﻟ "الاختيار" الفردي. وعلى الرغم من أن السكن في المباني هو المقياس الشائع في هذه الأيام، فإنه لا ينبغي فرضه على الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن عرفوه من قبل. ويشير صاحب البلاغ إلى أنه لم يعرف أبدا سوى أسلوب حياة التجول، وأن أجداده الأوائل كانوا أصلا يعيشون بهذا الأسلوب في الحياة ويمارسون مهنا متجولة. ويضيف أن تصاريح المرور، إلى جانب ما تفرضه من قيود على حرية التنقل، تشكل معاملة تمييزية ﻟ "الرُّحَّل" مقارنةً ببقية السكان. وعلى الرغم من أن المبرر هو تحرك هذه الفئة، يبدو أن الفئات السكانية المتحركة الأخرى، كالبحارة، أو المندوبين، أو الأشخاص الذين ليس لديهم محل إقامة ثابت، لا يخضعون لنفس هذا النوع من المراقبة. ثم إن تعريف "الرُّحَّل" في حد ذاته ليس مرتبطا ً بالتحرك، وإنما بالسكن في مأوى متحرك منذ أكثر من ستة أشهر ( ) . غير أن عدم وجود السكن الثابت الذي ذكرته الدولة الطرف كمبرر للمعاملة المخصصة ﻟ "الرُّحَّل" يشاركهم فيه أيضا البحارة والمتجولون والعاملون في الأسواق الذين كانوا من قبل يُعتبرون على نفس قدم المساواة في إطار المرسوم رقم 58-923 الصادر في 7 تشرين الأول/أكتوبر 1958 ( ) ، الذي كان يتيح لهذه الفئات الثلاث إمكانية أن يختاروا محل الإقامة بحرية عن طريق تعديل القانون المدني تحقيقا ً لهذا الغرض. وعلى الرغم من أن الحكم المتعلق بمحل إقامة البحارة قد استُبقي، فإن الحكم المتعلق بالمتجولين والعاملين في الأسواق (مصطلحان استعيض عنهما في التشريع الحديث بفئة "الرُّحَّل") قد ألغي بموجب قانون 3 كانون الثاني/يناير 1969 الذي أدخل مفهوم بلدية الارتباط لهاتين الفئتين. ويضيف صاحب البلاغ أن مشروع القانون المتعلق بالقانون المذكور أعلاه يكشف عن أن الهدف من الأخذ، بموجب المادة 8 من القانون، بحصة تبلغ نسبتها 3 في المائة كحد أقصى من السكان الذين يمكن ربطهم بالبلدية، هو ضمان عدم تغير الوضع الانتخابي للبلديات تقريبا بسبب أي تدفق لناخبين لا توجد بينهم وبين البلدية روابط حقيقية. ووفقا ً لصاحب البلاغ، فمجرد البحث عن خفض حجم التمثيل الانتخابي الفعلي لهذه الفئة يثبت بوضوح انعدام المساواة أمام القانون الذي يقع "الرُّحَّل" ضحية له.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في شكوى مقدمة في بلاغ ما، يتعين عليها وفقا ً للمادة 93 لنظامها الداخلي أن تتحقق مما إذا كان البلاغ مقبولا أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 ووفقا للفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، خلصت اللجنة إلى أن صاحب البلاغ كان قد قدم شكوى مماثلة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي أعلنت عدم قبولها في 1 أيلول/سبتمبر 2009 (الطلب رقم 5257/9) بموجب الفقرة 1 من المادة 35 من الاتفاقية، حيث إن المدة المنقضية بين القرار الداخلي النهائي (محكمة النقض) وتقديم هذا الطلب تجاوزت ستة أشهر. وتشير اللجنة كذلك إلى أن الدولة الطرف قامت عند انضمامها إلى البروتوكول الاختياري، بإبداء تحفظ بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، موضحة أن اللجنة "لن تكون مختصة بالنظر في البلاغات المقدمة من الأشخاص إذا كانت المسألة نفسها خاضعة للبحث أو سبق بحثها في هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية". غير أن الدولة ترى أن المحكمة الأوروبية لم "تنظر" في القضية بالمعنى المقصود من الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، حيث إن قرارها لم يتعلق إلا بمسألة إجرائية ( ) . وبالتالي، فإن الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بصيغتها المعدلة من خلال تحفظ الدولة الطرف، لا تشكل عقبة أمام نظر اللجنة في البلاغ.

7-3 وأحاطت اللجنة علما ً أيضا ً بما قدمته الدولة الطرف من حجج تفيد بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بمسألة اختيار محل الإقامة وتغييره في إطار نظام بلدية الارتباط الذي أرساه قانون 3 كانون الثاني/يناير 1969 (المادة 7 وما بعدها). وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يعترض على هذه الحجة، بل إنه أوضح أيضا أنه يرغب في الاقتصار على المطالبة بالحق في حرية التنقل، من بين الضمانات المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 12. وبناء عليه، تعلن اللجنة الجزء المتعلق من البلاغ بالحق في اختيار محل الإقامة وتغييره غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-4 وترى اللجنة أن جميع معايير المقبولية الأخرى قد استوفيت، وتعلن البلاغ مقبولا ً فيما يتعلق بالحجج التي أثارها صاحب البلاغ بشأن الفقرة 1 من المادة 12 (حرية التنقل) والمادة 26 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 وفقا ً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي وردت إليها من الطرفين.

8-2 تحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب البلاغ الذي يفيد بأن الدولة الطرف حين حكمت عليه جنائيا ً بغرامة قدرها 150 يورو (خفضتها محكمة استئناف أنجيه إلى غرامة قدرها 50 يورو) لعدم وجود تأشيرة سارية على تصريح مروره، تكون قد تصرفت في انتهاك لالتزاميها بأن تكفل له (1) الحق في حرية التنقل في الإقليم بموجب الفقرة 1 من المادة 12 من العهد؛ و(2) حقه في المساواة أمام القانون وفي التمتع بحماية القانون على قدم المساواة دون تمييز، اللذين تكفلهما المادة 26 من العهد. وتحيط اللجنة علما بالحجة المقدمة من الدولة الطرف، التي تفيد بأن القيود التي يفرضها على المادة 12 القانون رقم 69-3 الصادر في 3 كانون الثاني/يناير 1969 تتفق مع الفقرة 3 من هذا الحكم، حيث إنها مبررة بدعاوى حفظ النظام العام. وبصفة خاصة، فإن ضرورة وجود تأشيرة على تصريح مرور أعضاء فئات السكان المتجولة تستجيب للحرص على إقامة رابطة إدارية مع هؤلاء الأفراد والقيام بأعمال مراقبة بين الحين والآخر.

8 -3 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 27(1999) بشأن حرية التنقل، الذي يفيد بأن القيود التي يمكن فرضها على الحقوق المنصوص عليها في المادة 12 من العهد يجب ألا تُخلي مبدأ حرية التنقل من مضمونه، ويجب أن تستجيب لاحتياجات الحماية المنصوص عليها في الفقرة 3 من هذه المادة، ويجب كذلك أن تكون متوافقة مع الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد ( ) . والمادة 5 من القانون رقم 69-3 الصادر في 3 كانون الثاني/يناير 1969، التي طُبقت على صاحب البلاغ وقت الوقائع المذكورة، كانت تفرض على الأشخاص الذين ليس لديهم محل إقامة أو سكن ثابت منذ أكثر من ستة أشهر، والذين يعيشون في مأوى متحرك ولا يملكون موارد منتظمة، أن يكونوا حائزين لبطاقة مرور يجب وضع تأشيرة عليها كل ثلاثة أشهر حتى يتمكنوا من التنقل في فرنسا. كما أن المادة 20 من المرسوم بقرار رقم 70-708 الصادر في 31 تموز/يوليه 1970 تنص على أنه في حالة عدم وجود هذه التأشيرة في خلال المهلة المحددة، يتعرض الشخص المعني لدفع غرامة تعادل المخالفة من الدرجة الخامسة ( ) . ويشكل هذا الحكم دون أدنى شك تقييدا ً لممارسة حق الأشخاص المعنيين في حرية التنقل (الفقرة 1 من المادة 12). ويتعين على اللجنة إذن أن تبت فيما إذا كان هذا التقييد مأذونا ً به في إطار الفقرة 3 من المادة 12 من العهد.

8-4 لا يوجد اعتراض على أن الالتزام بالحصول على تصريح مرور والالتزام بالحصول على تأشيرات على فترات منتظمة من السلطات المختصة أمران ينص عليهما القانون. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف أكدت أن هذه التدابير تستهدف حفظ النظام العام. ويتعين إذن على اللجنة أن تقيّم ما إذا كان هذا القيد ضروريا ً ومتناسبا ً مع الهدف المنشود ( ) . وتعترف اللجنة بضرورة قيام الدولة الطرف، لأغراض الأمن وحفظ النظام العام، بالتحقق من أن الأشخاص الذين يغيرون سكنهم بانتظام يمكن التعرف عليهم والاتصال بهم على الدوام.

8-5 غير أن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف لم تثبت أن ضرورة وجود التأشيرة على بطاقة المرور على فترات متقاربة، وكذلك إقران هذا الالتزام بمخالفات جنائية (المادة 20 من المرسوم بقرار رقم 70-708 الصادر في 31 تموز/يوليه 1970)، يشكلان تدبيرين ضروريين ومتناسبين مع النتيجة المرجوة. وتستخلص اللجنة من ذلك أن هذا التقييد لحرية حق صاحب البلاغ في التنقل لم يكن متفقا مع الشروط المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 12، وأنه شكّل بالتالي انتهاكا للفقرة 1 من المادة 12 في حق صاحب البلاغ.

8-6 وبالنظر إلى استنتاج اللجنة المتعلق بالفقرة 1 من المادة 12، فإنها لن تنظر بشكل منفصل في الادعاءات المتصلة بانتهاك المادة 26 من العهد.

9- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية، تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك من الدولة الطرف للفقرة 1 من المادة 12 من العهد.

10- ووفقا للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يتعين على الدولة الطرف أن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالا ً ، يشمل بصفة خاصة تنقية صحيفة حالته الجنائية، ومنحه تعويضا ً مناسبا ً عن الضرر الذي وقع عليه، وكذلك تنقيح الإطار التشريعي ذي الصلة وتطبيقه العملي، مع وضع التزاماتها بموجب العهد في الاعتبار. كما أن الدولة الطرف ملزمة باتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت بمقتضى المادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالا ً وقابلا ً للإنفاذ في حالة التثبت من حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوما ً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع أراء اللجنة هذه موضع التنفيذ. والدولة الطرف مدعوة كذلك إلى أن تنشر هذه الآراء.

[اعتُمِدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]

تذييل

رأي فردي (مؤيد) للسيد فابيان عمر سالفيولي

1- أتفق مع الآراء المعتمدة في قضية أوري ضد فرنسا (البلاغ رقم 1960/2010) التي خلصت فيها اللجنة إلى أن صاحب البلاغ كان ضحية انتهاك الدولة الطرف للمادة 12 من العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية.

2- غير أني أعرب عن أسفي لأن اللجنة لم تر ضرورة للنظر في الادعاءات الخطيرة التي استخلصها صاحب البلاغ ( ) بشأن المادة 26 من العهد ( ) . فقد سكتت اللجنة عن مسألتين أساسيتين فيما يتعلق بحقوق الإنسان، هما: المساواة أمام القانون ومبدأ عدم التمييز اللذان يقعان في صلب البلاغ المقدم إليها.

3- وفي هذا الشأن، فإن العناصر المقدمة أثبتت بالقدر الكافي التمييز الواقع على فئة معينة من الأشخاص ("الرُّحَّل") يحمل عدد كبير من أفرادها، ومن بينهم صاحب البلاغ، الجنسية الفرنسية. فمفهوم "بلدية الارتباط" كاف على المستويين الإداري والقانوني لبلوغ الأهداف التي تنشدها الدولة الطرف (ضرورة الاحتفاظ بالصلة مع السلطات الإدارية). ولم تثبت الدولة الطرف أو تبرر ما يجعل الالتزام الإضافي المفروض على "الرُّحَّل" بالحصول على تأشيرات على فترات منتظمة على بطاقات مرورهم أمرا ضروريا.

4- وتفسر الدولة الطرف في ملاحظاتها هذا الالتزام بضرورة الاحتفاظ بصلة بين الدولة والرُّحَّل وإجراء عمليات "المراقبة" ( ) .

5- وفيما يتعلق بأول دافعين احتجت بهما الدولة الطرف، ينبغي الإشارة إلى أن الالتزام المنصوص عليه في المادة 7 من القانون رقم 69-3، الذي يفرض على الأشخاص المعنيين أن يفصحوا عن البلدية التي يرغبون في الارتباط بها، التزام كاف تماما للاحتفاظ بالارتباط المعني ( ) .

6- وفيما يتعلق بضرورة إجراء عمليات "المراقبة"، فهذه العمليات مذكورة بعبارات عامة للغاية، ولا تقدم الدولة الطرف تفسيرات معقولة للأسباب التي يجب بموجبها أن يخضع الأشخاص المراقَبون لعمليات مراقبة بعينها.

7- وقد حددت اللجنة في اجتهاداتها السابقة البرامترات المنطبقة على مبدأي المساواة وعدم التمييز: فاستقر لديها بذلك أن انتهاك المادة 26 يمكن أن ينتج عن آثار تمييزية مترتبة على قاعدة أو تدبير يبدو محايدا ً أو خاليا ً من أي نية تمييز إذا كانت الآثار الضارة لقاعدة ما أو لقرار ما لا تؤثر إلا تأثيرا ً حصريا ً أو غير متناسب على أشخاص معينين بسبب عرقهم، أو لونهم، أو نوع جنسهم، أو لغتهم، أو دينهم، أو رأيهم السياسي، أو أي رأي آخر، أو أصلهم الوطني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر. والقواعد أو القرارات التي لها مثل هذا الأثر لا تشكل، مع ذلك، تمييزا ً إذا كانت تستند إلى دوافع موضوعية ومعقولة ( ) .

8- وبإمكان الدول، في حالات معينة، أن تتخذ تدابير متفاوتة، على أن يكون لها هدف مشروع، وأن ينص عليها القانون، وبصفة خاصة، أن تكون معقولة ومتناسبة مع الهدف المنشود. وفي هذه القضية، كان ينبغي للجنة أيضا أن تخلص إلى أن صاحب البلاغ وقع ضحية لانتهاك المادة 26 من العهد، وأنه كان ينبغي للدولة الطرف أن تضع هذا في اعتبارها من أجل اتخاذ تدابير جبر الضرر المنشودة، بأشكال منها بصفة خاصة إلغاء الالتزام بالتأشيرة ضمانا لعدم تكرار هذه الوقائع.

[اعتُمِدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]

__________

( ﻫ ) التعليق العام رقم 18(1989)؛ انظر أيضا ً البلاغات رقم 1474/2006، برنس ضد جنوب أفريقيا ، الآراء المعتمدة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2007، الفقرة 7-5؛ ورقم 998/2001، ألتهامر وآخرون ضد النمسا ، الآراء المعتمدة في 8 آب/أغسطس 2003، الفقرة 10-2.