الأمم المتحدة

CCPR/C/110/D/1899/2009

Distr.: General

5 June 2014

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1899/2009

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 110 (10 - 28 آذار/مارس 2014)

المقدم من: زينب تيرافي (ممثلة من جمعية عائلات المختفين في الجزائر(

الشخص المدعى أنه ضحية: علي لخضر شاوش (ابن صاحبة البلاغ) وصاحبة البلاغ نفسها

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ: 26 حزيران/يونيه 2009 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص طبقاً للمادة 97 من النظام الأساسي، المحال إلى الدولة الطرف في 29 أيلول/سبتمبر 2009 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 21 آذار/مارس 2014

موضوع البلاغ: الاختفاء القسري

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف الداخلية

المسائل الموضوعية: حظر التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية ؛ الحق في الحرية والأمن الشخصي؛ والاعتراف بالشخصية القانونية والحق في سبيل انتصاف فعال

مواد العهد: 2 (الفقرة 3)؛ و7؛ و9؛ و16

مادة البروتوكول الاختياري: 5 (الفقرة 2(ب))

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 110)

بشأن

البلاغ رقم 1899/2009 *

المقدم من: زينب تيرافي (ممثلة من جمعية عائلات المختفين في الجزائر(

الشخص المدعى أنه ضحية: علي لخضر شاوش (ابن صاحبة البلاغ) وصاحبة البلاغ نفسها

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ: 26 حزيران/يونيه 2009 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 21 آذار/مارس 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1899 / 2009، المقدم إليها من زينب تيرافي بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الحسبان جميع المعلومات الخطية التي أتاح تها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ هي السيدة زينب تيرافي ، زوجة السيد لخضر شاوش . وهي تؤكد أن ابنها، السيد علي لخضر شاوش ، الجزائري الجنسية، والمولود في 4 آذار/مارس 1970، وقع ضحية انتهاكات الدولة الطرف للفقرة 3 من المادة 2؛ والمواد 7 و9 و16 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتؤكد أنها وقعت هي نفسها ضحية انتهاكات الدولة الطرف للفقرة 3 من المادة 2، والمادة 7 من العهد ( ) . ويمثل صاحبة البلاغ محام.

1-2 وفي 10 أيار/مايو 2010، قررت اللجنة، عن طريق المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة ، عدم الفصل بين النظر في مقبولية البلاغ والنظر في أسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 في الساعة الواحدة من فجر يوم 1 نيسان/أبريل 1997، ألقي القبض على السيد علي لخضر شاوش ، وهو جراح عظام يبلغ من العمر 27 عاماً ، في محل عمله بمستشفى القبة الجامعي، أثناء تأدية نوبته في خدمة الطوارئ. ويزعم أن رجالاً من الأمن العسكري، يرتدون ملابس مدنية، من "المركز الإقليمي للبحث والتحقيق" في بن عكنون ، دخلوا المستشفى وبحوزتهم مذكرة توقيف بحق الضحية. وقد ألقي القبض عليه في حضور عدد من الشهود، منهم مديرة المستشفى ومدير مستشفيات وسط الجزائر، ورئيس الموظفين والعديد من الممرضات. وحاولت مديرة المستشفى اعتراض التوقيف، لكن رجال الأمن ردوا بأنهم سيطرحون بعض الأسئلة على السيد علي لخضر شاوش ، وأنه لن يحتجز لفترة طويلة، ثم اصطحبو ه في سيارة عادية بيضاء. وانقطعت أخباره عن أسرته منذ ذلك الحين.

2-2 ومنذ عام 1997 لم تفتأ صاحبة البلاغ تبحث عن ابنها وتتقدم بالشكاوى كي تقتفي أثره. وقد توجهت إلى مراكز الشرطة ودرك الجزائر العاصمة حيث قيل لها إن ابنها ليس محتجزاً. وفي تموز/يوليه 1997، قدمت صاحبة البلاغ أول دعوى إلى محكمة الحراش ، ورفضت الدعوى . وفي 5 آذار/مارس 2000، بأمر من المدعي العام ل محكمة حسين داي وبعد فتح محضر شفوي لدى درك بلدية براقي، وجه طلب ل فتح تحقيق بشأن دعوى ضد مجهول بسبب الاختفاء. وقد استمع المدعي العام لوالد المختفي في 15 آذار/مارس 2000، ثم تقدمت صاحبة البلاغ بشكوى إلى محكمة حسين داي تتهم فيها عناصر أمن الدولة الطرف. غير أن قاضي التحقيق رفض الدعوى في 24 كانون الأول/ديسمبر 2000 ، لأسباب إجرائية تتعلق ب عدم القدرة على التعرف على المسؤولين عن التوقيف. ولزم استدعاء الشهود واستجوابهم لكن صاحبة البلاغ تؤكد أن موظفي المستشفى رفضوا تقديم الشهادة خوفاً من التعرض لأعمال انتقامية .

2-3 وفي 12 شباط/فبراير 2001، طعنت صاحبة البلاغ في هذا القرار باسم أسرة لخضر شاوش على أساس أن المسؤولين عن التوقيف يمكن التعرف عليهم وأن مديرة المستشفى يمكن استدعاؤها للشهادة. وفي 13 شباط/فبراير 2001، وافقت غرفة الاتهام بمجلس قضاء ال جزائر على هذا الطلب وألغت الرفض الصادر في 24 كانون الأول/ديسمبر 2000. وأحيلت القضية إلى قاضي التحقيق الذي رفض الدعوى مجدداً في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، على الرغم من ال شهادة التي أدلت بها مديرة المستشفى في 19 كانون الثاني/يناير 2003. وطعنت صاحبة البلاغ في هذا القرار لدى محكمة الاستئناف بالجزائر. وفي 21 نيسان/ أبريل 2004، وافقت المحكمة على الطلب وأحالت القضية من جديد إلى قاضي التحقيق الذي أكد الرفض في 15 آب/أغسطس 2004.

2-4 وفي 2 تموز/يوليه 2006، حصلت صاحبة البلاغ على محضر باختفاء الضحية من درك بلدية براقي. ولم يكن المحضر مرضياً ل صاحبة البلاغ التي تقدمت بشكوى لدى وكيل ا لجمهورية ب محكمة حسين داي ، أخطرتها الشرطة القضائية لبلدية براقي في أعقابها في 8 شباط/فبراير 2007، بأن المحضر صدر بعد إجراء التحقيق الواجب.

2-5 وفيما يخص سبل الانتصاف الإدارية وسبل الانتصاف لدى الهيئات الدولية، تقدمت صاحبة البلاغ بشكوى في 30 حزيران/يونيه 1997 لدى المرصد الوطني لحقوق الإنسان، تطلب فيها تسليط الضوء على قضية ابنها. واستغرقت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها ، التي أعقبت المرصد الوطني لحقوق الإنسان، أكثر من ثلاث سنوات للإخطار باستلام هذه الشكوى، مبلغة الأسرة أخيراً بأنها ستجري تحقيقاً على النحو الواجب. وإلى يومنا هذا لم ترد الأسرة أية أخبار من اللجنة . وقد أرسلت صاحبة البلاغ خطابات عدة إلى السلطات الجزائرية بشأن اختفاء ابنها. وفي عام 1997 ثم في عام 2003 أرسلت خطابات إلى رئيس الجمهورية. وفي كانون الثاني/يناير 2003، أرسلت صاحبة البلاغ خطاباً إلى وزارة العدل ووزارة الداخلية ورئيس الوزراء، ولم تستلم أي رد عليها قط. واتصلت أسرة الضحية بمنظمات غير حكومية أجنبية مثل الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية. وعلاوة على ذلك عرضت صا ح بة البلاغ قضية ابنها على الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي التابع للأمم المتحدة، دون أن يتسنى حل القضية.

2-6 وعلاوة على ذلك، تؤكد صاحبة البلاغ أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ونصوص تطبيقه تجعل من المستحيل الآن اللجوء إلى العدالة الجزائرية للحصول على سبل انتصاف. ويحول الأمر رقم 06-01 دون اتخاذ أي إجراء قانوني ضد موظفي الدولة، لأن المادة 45 من هذا الأمر، تنص على أنه "لا يجوز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدّفاع والأمن للجمهوريّة، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفّذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمّة والحفاظ على مؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبية". وبموجب هذا الأمر "يجب على الجهة القضائية المختصّة التصريح بعدم قبول كلّ إبلاغ أو شكوى".

الشكوى

3-1 تعتبر صاحبة البلاغ أن اختفاء ابنها منذ أكثر من 12 عاماً ( ) هو اختفاء قسري ينتهك الفقرة 3 من المادة 2؛ والمواد 7؛ و9؛ و16 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتؤكد أنها وقعت هي نفسها ضحية لانتهاكات الدولة الطرف للفقرة 3 من المادة 2 والمادة 7 من العهد.

3-2 وبحسب السوابق القضائية للجنة، ووفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة ب أن تضمن لصاحبة البلاغ سبل انتصاف فعالة تشمل على وجه الخصوص إجراء تحقيق شامل ودقيق في اختفاء ابنها ومصيره، وإخلاء سبيله على الفور إذا كان لا يزال على قيد الحياة، وإخطار صاحبة البلاغ وأسرتها حسب الاقتضاء بنتائج التحقيقات وتعويضها بطريقة مناسبة على ما تعرض له ابنها من انتهاكات. وعلى الدولة الطرف أيضاً إجراء محاكمات جنائية للأشخاص المسؤولين عن هذه الانتهاكات، ومحاكمتهم ومعاقبتهم. كما يلزم على الدولة الطرف أن تتخذ التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل ( ) .

3-3 وتسلط صاحبة البلاغ الضوء على أنه بحسب السوابق القضائية للجنة ( ) . فإن تعرض الضحية للاختفاء القسري وحده يشكل ضرباً من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة بمفهوم المادة 7 من العهد. وعلاوة على ذلك فإن اختفاء ابنها منذ عدة سنوات يشكل محنة أليمة ومفجعة لها كأم. فهي تجهل مصيره ويساورها القلق لأن ابنها مصاب بالسكري وربما لم يحصل على العلاج المناسب. وفي ظل غياب الضحية ومرور الوقت يتبدد أملها أكثر وأكثر في عودته، وتعاني نفسياً معاناة كبيرة، ما يعد انتهاكاً للمادة 7 من العهد بالنسبة لها أيضاً.

3-4 وتذكر صاحبة البلاغ بالسوابق القضائية الراسخة للجنة ( ) ، ومفادها أن أي احتجاز غير معترف به لفرد يشكل إنكاراً تاماً للحق في الحرية والأمن الذي تكفله المادة 9 من العهد. وما دام جهاز الأمن العسكري في بن عكنون لم يعترف بتوقيف ا لضحية في 1 نيسان/أبريل 1997 ، ولم يُسجل احتجاز الضحية في سجلات السجون ولم يُجر بشأنه أي تحقيق فعال ، فإن ذلك يشكل انتهاكاً من الدولة الطرف للمادة 9.

3-5 وتؤكد صاحبة البلاغ أيضاً أن الضحية حرم من قدرته على ممارسة حقوقه والحصول على أي سبل انتصاف. وبالتالي فهو حُرم من حماية القانون، كما يشكل رفض الدولة الاعتراف بشخصيته القانونية انتهاكاً للمادة 16 من العهد.

3-6 ولم تتوقف أسرة لخضر شاوش عن اتخاذ الإجراءات لدى السلطات الجزائرية لمعرفة مصير ابنها منذ اختفائه. ونظراً لعدم إجراء أية تحقيقات شاملة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، فإن الدولة الطرف انتهكت المواد 7 و9 و16 والفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ

4-1 في 3 أيار/مايو 2010 اعترضت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ.. فهي ترى أن البلاغ، الذي يحمّل أعواناً للدولة أو أشخاصاً آخرين يخضعون للسلطات العامة مسؤولية اختفاءات قسرية أثناء الفترة موضوع الدراسة، أي من 1993 إلى 1998، يجب أن يُدْرس في السياق العام للأوضاع الاجتماعية - السياسية وإعلانه غير مقبول. إن الصبغة الفردية لهذه الشكوى لا تنقل الصورة الحقيقية للسياق الداخلي الاجتماعي - السياسي والأمني التي قيل إن الوقائع المزعومة جرت فيه، ولا يعكس واقع ولا تنوع الحالات المشمولة بالمصطلح العام " اختفاءات قسرية " أثناء الفترة محل الدراسة.

4-2 وبخلاف النظريات التي تشيعها بعض المنظمات الدولية غير الحكومية والتي تعدها الدولة الطرف بعيدة عن الموضوعية، لا يمكن اعتبار مرارة محنة الإرهاب التي عاشتها الدولة الطرف حرباً أهلية تَقابَل فيها فريقان وإنما أزمة تطورت إلى انتشار الإرهاب بفعل نداءات إلى العصيان المدني. وقد أدى ذلك إلى ظهور جماعات مسلحة عدة ارتكبت جرائم إرهابية وخربت، ودمرت بنى تحتية عامة، وروعت المدنيين. فقد مرت الدولة الطرف في التسعينات بإحدى أشد المحن منذ استقلالها الحديث العهد. ففي ذلك السياق، اتُّخذت تدابير وقائية وفقاً للدستور الجزائري (المادتان 87 و91) وأخطرت الحكومة أمانة الأمم المتحدة بحالة الطوارئ التي أعلنتها، وذلك وفقاً للفقرة 3 من المادة 4 من العهد.

4-3 وخلال هذه الفترة، كانت جماعات مسلحة عدة ت شن يومياً هجمات إرهابية في البل د، ولم تكن تخضع لسلطة هرمية منظمة بقدر ما كانت تتحرك بدوافع أيديولوجية، الأمر الذي أدى إلى وضع تقلصت فيه كثيراً قدرات السلطات العامة على التحكم في الوضع الأمني. والتبست الطريقة التي نُفّذت بها عمليات عدة في أذهان المدنيين الذين كانوا يجدون صعوبة في التمييز بين عمليات الجماعات الإرهابية وعمليات قوات الأمن التي كان المدنيون ينسبون إليها كثيراً من حالات الاختفاء القسري . واستناداً إلى بيانات من مصادر مستقلة شتى، وبخاصة الصحافة ومنظمات حقوق الإنسان، يشير المفهوم العام للشخص المختفي في الجزائر أثناء الفترة موضوع الدراسة إلى ست حالات مختلفة لا تتحمل الدولة المسؤولية عن أي منها. وتتعلق الحالة الأولى بالأشخاص الذين أَبلَغ أقاربهم عن اختفائهم، في حين أنهم قرروا من تلقاء أنفسهم الاختفاء عن الأنظار للانضمام إلى الجماعات المسلحة وطلبوا من أسرهم أن تعلن أن دوائر الأمن اعتقلتهم قصد "التضليل" وتجنّب "مضايقات" الشرطة. وتتعلق الحالة الثانية بالأشخاص الذين أُبلغ عن اختفائهم بعد اعتقالهم على يد دوائر الأمن لكنهم انتهزوا فرصة الإفراج عنهم للتواري عن الأنظار. وتتعلق الحالة الثالثة بالأشخاص الذين اختطفتهم جماعات مسلحة لا تُعرف هويتها أو انتحلت صفة أفراد الشرطة أو الجيش بارتداء زيهم أو استخدام وثائق هويتهم، فاعتُبرت خطأً عناصر تابعة للقوات المسلحة أو لدوائر الأمن. وتتعلق الحالة الرابعة بأشخاص أُعلن عن فقدانهم وقرروا هجر أسرهم، وأحياناً حتى مغادرة البلد فراراً من المشاكل الشخصية أو الخلافات العائلية. ويتعلق الأمر في الحالة الخامسة بأشخاص أبلغت أسرهم عن فقدانهم وهم في واقع الأمر إرهابيون مطلوبون أو قُتلوا ودُفنوا في الأدغال في أعقاب الاقتتال بين الفصائل أو الصراعات العقائدية أو تهافت الجماعات المسلحة المتنافسة على الغنائم. وأخيراً، تشير الدولة الطرف إلى فئة سادسة تتعلق بأشخاص مفقودين لكنهم يعيشون إما في الجزائر أو خارجها بهويات مزوّرة حصلوا عليها عن طريق شبكة لتزوير الوثائق .

4-5 وتجادل الدولة الطرف أيضاً بأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد كلها. وتشدد على أهمية التمييز بين المساعي البسيطة المبذولة لدى السلطات السياسية أو الإدارية وسُبُل الانتصاف غير القضائية أمام الهيئات الاستشارية أو هيئات الوساطة، والطعون القضائية أمام مختلف الهيئات القضائية المختصة. وتلاحظ الدولة الطرف أن إفادات صاحبة البلاغ تبين أن أصحاب الشكاوى وجَّهوا رسائل إلى السلطات السياسية أو الإدارية، وقدموا التماسات إلى هيئات استشارية أو هيئات وساطة وأرسلوا عرائض إلى ممثلين للنيابة العامة ( النواب العامون أو وكلاء الجمهورية ) دون اللجوء إلى الطعن القضائي بمعناه الدقيق ومتابعته حتى النهاية باستخدام جميع سبل الانتصاف المتاحة في الاستئناف والنقض . ومن بين هذه السلطات جميعها، لا يحق قانوناً سوى لممثلي النيابة العامة فتح تحقيق أولي وعرض المسألة على قاضي التحقيق . وفي النظام القضائي الجزائري، وكيل الجمهورية هو المختص بتلقي الشكاوى وهو الذي يحرك الدعوى العمومية عند الاقتضاء. غير أن قانون الإجراءات الجزائية يُجيز للضحية أو أصحاب الحق تقديم شكوى والادعاء بالحق المدني مباشرة أمام قاضي التحقيق لحماية حقوقهم . وفي هذه الحالة، تكون الضحية، وليس المدّعي العام، هي التي تحرك الدعوى العمومية بعرض الحالة على قاضي التحقيق. وسبيل الانتصاف هذا المشار إليه في المادتين 72 و 73 من قانون الإجراءات الجنائية لم يُستخدم رغم أنه كان كفيلاً بأن يتيح للضحايا إمكانية تحريك الدعوى العمومية وإلزام قاضي التحقيق بإجراء التحقيق، حتى لو كانت النيابة العامة قررت خلاف ذلك.

4-6 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك ما ذهبت إليه صاحبة البلاغ من أن اعتماد ميثاق السلم والمصالحة الوطنية عن طريق الاستفتاء وسن النصوص الخاصة بتطبيقه، وبخاصة المادة 45 من الأمر رقم 06-01 ، جعل من غير الممكن ً اعتبار أنه توجد في الجزائر سبل انتصاف محلية فعالة ومجدية ومتاحة لأسر ضحايا الاختفاء. وعلى هذا الأساس، ظنّت صاحبة البلاغ أنها في حِلٍّ من واجب اللجوء إلى الهيئات القضائية المختصة مستندة إلى حكمها المسبق ً على موقف هذه الهيئات وتقديرها في تطبيق هذا الأمر. لكن الدولة ترى أنه لا يجوز لصاحب ة البلاغ التذرع بهذا الأمر ونصوص تطبيقه للتنصل من مسؤوليتها عن عدم مباشرة الإجراءات القضائية المتاحة. وتذكِّر الدولة الطرف بالسوابق القضائية للجنة التي ذهبت فيها إلى أن اعتقاد شخص ما عدم جدوى سبيل للانتصاف أو افتراض ذلك من تلقاء نفسه لا يُعفيه من استنفاد سبل الانتصاف المحلية جميعها ( ) .

4-7 وتتناول الدولة الطرف بعد ذلك طبيعة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والأسس التي يستند إليها ومضمونه ونصوص تطبيقه . وتشير إلى أنه ينبغي للجنة، بموجب مبدأ عدم قابلية السلم للتصرف، الذي أصبح حقاً دولياً في السلم، أن تساند هذا السلم وتعززه وتشجع على المصالحة الوطنية حتى تتمكن الدول التي تعاني من أزمات داخلية من تعزيز قدراتها. وفي سياق هذا المسعى لإحقاق المصالحة الوطنية، اعتمدت الدولة الطرف هذا الميثاق الذي ينص الأمر التطبيقي الخاص به على تدابير قانونية تستوجب انقضاء الدعوى العمومية واستبدال العقوبات أو تخفي ف ها بالنسبة لكل شخص أُدين بأعمال إرهابية أو استفاد من الأحكام المتعلقة بالفتنة المدنية، فيما عدا الأشخاص الذين ارتكبوا أو شاركوا في ارتكاب مجازر الجماعية أو أفعال اغتصاب أو تفجيرات في الأماكن العامة . وينصّ هذا الأمر أيضاً على إجراء لاستصدار شهادة قضائي ة ثبت الوفاة وتمنح ذوي الحقوق من أقارب ضحايا " المأساة الوطنية " الحق في التعويض. إضافة إلى ذلك، اتُخذت تدابير اجتماعية واقتصادية تشمل مساعدات إعادة الإدماج المهني ل كل من تنطبق عليه صفة ضحية " المأساة الوطنية " أو تعويضه . وأخيراً، ينصّ الأمر على تدابير سياسية مثل منع ممارسة النشاط السياسي على كل شخص ساهم في " المأساة الوطنية " باستغلال الدين في فترة سابقة، وعلى عدم جواز إقامة أي دعوى ، فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدفاع والأمن للجمهورية، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمة والحفاظ على مؤسسات الجمهورية.

4-8 وأشارت الدولة الطرف إلى أنه بالإضافة إلى إنشاء صناديق لتعويض جميع ضحايا " المأساة الوطنية " ، وافق الشعب الجزائري صاحب السيادة على الشروع في عملية المصالحة الوطنية باعتبارها السبيل الوحيد لتضميد الجراح التي خلّفتها المأساة . وتشدد الدولة الطرف على أن إعلان هذا الميثاق يندرج في إطار الرغبة في تجنب المواجهات القضائية، والتج ي ّ ي ش الإعلامي، وتصفية الحسابات السياسية . لذا ترى الدولة الطرف أن الوقائع التي ت دعيها صاحب ة البلاغ تغطيها الآلية الداخلية الشاملة للتسوية التي تنص عليها أحكام الميثاق.

4-9 وتطلب الدولة الطرف من اللجنة أن تلاحظ أوجه الشبه بين الوقائع والحالات التي ت سوقها صاحب ة البلاغ وأن تراعي السياق الاجتماعي والسياسي والأمني الذي حدثت فيه، وأن تخلص إلى أن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، وأن تقرّ بأن سلطات الدولة الطرف أقامت آلية داخلية لمعالجة الحالات المشار إليها في البلاغات المعروضة على اللجنة وتسويتها تسوية شاملة وفقاً لآلية للسلم والمصالحة الوطنية تتفق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والعهود والاتفاقيات اللاحقة، وأن تعلن عدم مقبولية البلاغ وأن تطالب صاحبة البلاغ بالتماس سُبُل الانتصاف بصورة أفضل.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 3 كانون الأول/ديسمبر 2012، قدمت صاحبة البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف. ولفتت صاحبة البلاغ نظر اللجنة مبدئياً إلى الطابع العام لرد دولة الجزائر إذ إنها مجرد نسخة من الدفوع المقدمة لمجموع البلاغات الفردية المعلقة لدى اللجنة منذ دخول الميثاق ونصوص تطبيقه حيز النفاذ. وتدعي صاحبة البلاغ أن الجزائر تجاهلت التزامات اللجنة التي تفرض على الدول تقديم رد محدد وأدلة وجيهة على ادعاءات أصحاب ال بلاغ ات .

5-2 وتسلط صاحبة البلاغ الضوء على أنه بحسب السوابق القضائية للجنة حقوق الإنسان ( ) ، فإن سبل الانتصاف الفعالة والمجدية والمتاحة، بموجب الفقرة 3 من المادة 2، هي وحدها التي يجب استنفادها. وبالنظر إلى دفع الدولة الطرف الرامي إلى الطعن في استنفاد سبل الانتصاف الداخلية، تذكر صاحبة البلاغ بأن أسرة لخضر شاوش التمست العديد من سبل الانتصاف ، احتراماً للإجراءات الجزائرية، غير أن أي اً منها لم يجد نفع اً. فلم تسفر أي دعوى من الدعاوى القضائية وغير القضائية المقدمة منذ عام 1998 إلى عام 2006، عن إجراء أي تحقيق جدي أو ملاح قة جنائية، رغم الطابع الخطير لادعاءات الاختفاء القسري . وفي حين يتعين على الدولة أن تث بت احترامها ل التزاماتها بإجراء التحقيق، فإن السلطات الجزائرية لم تقدم أي رد محدد على حالة علي لخضر شاوش ؛ واكتفت بتقديم رد عام. ولم تقدم الدولة أي عنصر ملموس يثبت إجراء تحريات جدية لإيجاد ابنها وتحديد المسؤولين عن اختفائه.

5-3 وعلاوة على ذلك ترد صاحبة البلاغ على دفع الدولة الطرف بأن شرط استنفاد سبل الانتصاف الداخلية يقتضي تحريك دعوى عمومية عن طريق تقديم شكوى والادعاء بالحق المدني لدى قاضي التحقيق. وتذكر صاحبة البلاغ بأنها قدمت عدة شكاوى إلى محكمة الحراش ومحكمة حسين داي حفظت جميعها دون اتخاذ إجراء بشأنها. وإضافة إلى ذلك تشير صاحبة البلاغ إلى القرارات السابقة التي اتخذتها اللجنة بشأن حالات اختفاء قسري و أعلن ت فيها أن الادعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة مثل تلك التي يُدعى ارتكابها في القضية محل النظر لا يمكن أن يحل محل الإجراءات القضائية التي ينبغي أن يتخذها وكيل الجمهورية نفسه ( ) . فعلى وكيل الجمهورية أن يجري تحقيقاً شاملاً بنفسه .

5-4 وبخصوص احتجاج الدولة الطرف بأن مجرد الاعتقاد أو الافتراض الشخصي ب عدم جدوى سبيل انتصاف ما لا يُعفي من استنفاد سبل الانتصاف المحلية جميعها، تشير صاحبة البلاغ إلى المادة 45 من الأمر رقم 06-01 ، التي تلغي أي إمكانية لاتخاذ إجراءات قضائية ضد موظفي الدو لة. وبحسب السوابق القضائية للجن ( ) ، يبدو أن الأمر رقم 06-01 ، دون إدخال ال تعديلات ال موصى بها ، يعزز الإفلات من العقاب ومن ثم لا يمكن اعتباره، بصيغته الحالية، متوافقاً مع أحكام العهد. وبالتالي فقد استنفد الضحايا جميع سبيل الانتصاف الداخلية المتاحة.

5-5 وتذكر صاحبة البلاغ أيضاً بأنه بحسب السوابق القضائية للجنة، لا يجوز للدولة الطرف أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد الأشخاص الذين يقدمون بلاغات لدى اللجنة ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 تشير اللجنة بدايةً إلى أن قرار المقرر الخاص بشأن النظر في المقبولية والأسس الموضوعية معاً ( انظر الفقرة 1- 2 ) لا يستبعد نظر اللجنة فيهما بشكل منفصل. ذلك أن ضم المقبولية إلى الأسس الموضوعية لا يعني أنه يجب النظر فيهما في وقت واحد. وبناء عليه، يتعين على اللجنة المعنية ب حقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، قبل النظر في أية شكوى مقدمة إليها في بلاغ، أن تبت في مقبولية هذا البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 ويتعين على اللجنة أن تتأكد، بموجب الفقرة 2( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد الدراسة أمام هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية . وتلاحظ اللجنة أن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي أُبلغ بحادث اختفاء علي لخضر شاوش (الفقرة 2-5 أعلاه). إلا أنها تذكّر بأن الإجراءات أو الآليات الخارجة عن نطاق المعاهدات، التي وضعتها لجنة حقوق الإنسان أو وضعها مجلس حقوق الإنسان، والتي تتمثّل ولاياتها في دراسة حالة حقوق الإنسان في بلد أو إقليم ما وتقديم تقارير علنية عن ذلك أو عن الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان في العالم ، لا تندرج عموماً ضمن الإجراءات الدولية للتحقيق أو التسوية بالمفهوم الوارد في الفقرة 2( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وبالتالي ، ترى اللجنة أن نظر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في قضية علي ل خضر شاوش لا يجعل البلاغ غير مقبول بمقتضى هذه المادة.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ترى أن صاحبة البلاغ وأسرتها لم يستنفدا سبل الانتصاف المحلية إذ إنهما لم يتوخيا إمكانية عرض قضيتهما على قاضي التحقيق والادعاء بالحق المدني بناءً على المادتين 72 و 73 من قانون الإجراءات الجنائية. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن إفادات الدولة الطرف تبين أن صاحبة البلاغ وجَّهت رسائل إلى سلطات سياسية أو إدارية دون اللجوء إلى إجراءات الطعن القضائي بمعناه الدقيق والاستمرار فيها حتى النهاية باستخدام جميع سبل الانتصاف المتاحة في الاستئناف والنقض. وتلاحظ اللجنة مع ذلك الحجة التي ساقتها صاحبة البلاغ ومؤداها أن أسرة لخضر شاوش قدمت العديد من الشكاوى إلى الهيئات القضائية بين عام ي 1998 و2006، وبعد إصدار الأمر رقم 06-01 المنفذ ل ميثاق السل م والمصالحة الوطنية، في 27 شباط/فبراير 2006، اصطدمت صاحبة البلاغ باستحالة اللجوء إلى هيئات قضائية قانوناً.

6-4 وتذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة ليس فقط بإجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان المبلّغ عنها إلى سلطاتها، لا سيما عندما يتعلق الأمر باختفاء قسري وانتهاك الحق في الحياة، ولكنها ملزمة أيضاً بملاحقة كل من يشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . والحال أن أسرة علي لخضر شاوش أخطرت الشرطة والسلطات السياسية مراراً باختفائه، لكن الدولة الطرف لم تجر أي تحقيق شامل ودقيق. وعلاوة على ذلك، لم تقدم الدولة الطرف معلومات تسمح باستنتاج وجود سبيل انتصاف فعال ومتاح قائمً بالفعل في الوقت الذي يستمر فيه العمل بالأمر رقم 06- 01 المؤرخ 27 شباط / فبراير 2006 رغم توصيات اللجنة التي طلبت فيها جعل أحكام هذا الأمر منسجمة مع أحكام العهد ( ) . وتذكر اللجنة بأن أي بلاغ كي يكون مقبولاً، يقتضي أن يستنفد صاحب البلاغ سبل الانتصاف الفعالة فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم، أي سبل الانتصاف الفعالة فيما يتعلق ب الاختفاء القسري في هذه الحالة . وعلاوة على ذلك ترى اللجنة أن الادعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة مثل تلك المزعومة في هذه الحالة لا يمكن أن يحل محل الإجراءات القضائية التي كان يتعين أن يتخذها وكيل الجمهورية نفسه ( ) . ونظراً للطابع غير الواضح لنص المادتين 45 و 46 من الأمر، ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف معلومات مقنعة بشأن تفسير نص المادتين وتطبيقهما عملياً، فإن المخاوف التي أعربت عنها صاحبة البلاغ بشأن عدم فعالية تقديم شكوى هي مخاوف معقولة. وفي ضوء كل هذه الاعتبارات، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمثل عائقاً أمام مقبولية البلاغ.

6-5 وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ علّلت ادعاءاتها بما فيه الكفاية من حيث إن هذه الادعاءات تثير مسائل تتعلق بالمواد 7 ، و 9 ، و 16 ، والفقرة 3 من المادة 2 من العهد، ومن ثم تنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية ب حقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، بموجب الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وقد اكتفت الدولة الطرف في ه ذه القضية، بالتأكيد على أن البلاغات التي تدعي مسؤولية موظفين عموميين أو خاضعين في عملهم للسلطات العامة عن حالات الاختفاء القسري التي حدثت في الفترة الممتدة من عام 1993 إلى عام 1998 ، يجب أن تُعالج في إطار شامل يراعي السياق الداخلي الاجتماعي والسياسي والأمني للبلد في فترة كان على الحكومة أن تكافح فيها الإرهاب . وتلاحظ اللجنة أن على الدولة الطرف، بمقتضى العهد، الاهتمام ب مصير كل فرد و معاملته بالاحترام الذي يليق بكرامته الإنسانية الأصيلة. وتذكر الدولة بسوابقها القضائية ( ) ، التي ذهبت فيها إلى أنه لا يجوز للدولة الطرف أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدّموا بلاغات إلى اللجنة أو يعتزمون تقديمها . ويبدو أن الأمر رقم 06-01 ، ما لم تُدخل عليه التعديلات التي أوصت بها اللجنة، يعزّز الإفلات من العقاب، وبذلك لا يمكن، بصيغته الحالية، أن يعتبر متوافقاً مع أحكام العهد ( ) .

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاءات صاحبة البلاغ بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ وتذكر بسوابقها القضائية ( ) و مفادها أن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن صاحب البلاغ لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن المعلومات اللازمة تكون في أغلب الأحيان في حوزة الدولة الطرف وحدها . وتشير الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري إلى أنه يجب على الدولة الطرف أن تحقق بحسن نية في جميع الادعاءات الواردة بشأن انتهاكات أحكام العهد التي ترتكبها الدولة الطرف نفسها أو يرتكبها ممثلوها وأن تحيل المعلومات التي تكون في حوزتها إلى اللجنة ( ) . ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الخصوص، فلا بد من إيلاء ادعاءات صاحبة البلاغ الاهتمام الواجب ما دامت معللة بما فيه الكفاية.

7-4 وتقرّ اللجنة بدرجة المعاناة التي ينطوي عليها التعرض للاحتجاز لمدة غير محدّدة دون اتصال بالعالم الخارجي. وتذكّر في هذا الصدد بتعليقها العام رقم 20(1992) بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ( ) ، حيث توصي الدول الأطراف بسن أحكام تمنع الاحتجاز السري. وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن الشرطة ألقت القبض على علي لخضر شاوش في 1 نيسان/أبريل 1997 و انقطع كل اتصال بينه وبين أسرته منذ ذلك الحين. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف توضيحات كافية بهذا الخصوص، تعتبر اللجنة أن هذا الاختفاء يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد في حق علي لخضر شاوش ( ) .

7-5 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما عانته صاحبة البلاغ، أم عل ي لخضر شاوش ، من كرب وضيق جراء اختفا ئه. وترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاكٍ للمادة 7 في حق الأم ( ) .

7-6 وفيما يتعلق بادّعاء انتهاك المادة 9 ، تحيط اللجنة علماً بمزاعم صاحبة البلاغ التي تؤكد أن توقيف الضحية في 1 نيسان/أبريل 1997 على يد أفراد من الأمن العسكري من بن عكنون لم يُعترف به قط، وأن توقيفه لم يدون في سجلات الاحتجاز، وأن الدولة لم تجر تحقيقاً فعال اً ومجدي اً. وفي غياب أي توضيحات مقنعة من الدولة الطرف، تخلص اللجنة وقوع انتهاك للمادة 9 في حق علي لخضر شاوش ( ) .

7-7 أما عن مزاعم انتهاك المادة 16 ، فإن اللجنة تذكّر بسوابقها القضائية الثابتة ومؤداها أن حرمان شخص ما عمداً من حماية القانون لفترة مطوّلة يمكن أن يشكل رفضاً للاعتراف بشخصيته القانونية إذا كان هذا الشخص في قبضة سلطات الدولة عند ظهوره للمرة الأخيرة، وإذا كانت جهود أقاربه الرامية إلى الوصول إلى سبل انتصاف قد تكون فعالة، بما في ذلك المحاكم ( الفقرة 3 من المادة 2 من العهد ) ، تعترضها المعوقات بانتظام ( ) . وفي القضية قيد البحث، تلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف لم تقدّم إلى صاحبة البلاغ أي معلومات عن مصير علي لخضر شاوش أو مكانه، على الرغم من الطلبات التي قدمتها صاحبة البلاغ إلى مختلف سلطات الدولة الطرف . وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء علي لخضر شاوش قسراً منذ 1 نيسان/أبريل 1997حرمه من حماية القانون وحرمه من حقه في أن يُعترف له بشخصيته القانونية، وفي ذلك انتهاك للمادة 16 من العهد.

7-8 وتتذرّع صاحبة البلاغ بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي تلزم الدول الأطراف بأن تكفل سبيل انتصاف فعالاً لجميع الأشخاص الذين ربما انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد . وتُعلّق اللجنة أهمية على قيام الدول الأطراف بإنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى المتصلة بانتهاكات الحقوق . وتذكّر بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد ( ) الذي يشير على وجه الخصوص إلى أن تقاعس دولة طرف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك واضح للعهد . وقد باءت جميع المساعي التي بذلت بالفشل، وتقاعست الدولة الطرف عن إجراء تحقيق شامل وفعال في قضية الاختفاء. وعلاوة على ذلك، فإن استحالة اللجوء إلى هيئة قضائية بنص القانون، بعد صدور الأمر رقم 06-01 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لا تزال تحرم علي لخضر شاوش وصاحبة البلاغ من أي إمكانية للوصول إلى سبيل انتصاف فعال، ذلك أن هذا الأمر يمنع، تحت طائلة السجن، من اللجوء إلى العدالة لكشف ملابسات أكثر الجرائم خطورة مثل حالات الاختفاء القسري ( ) . وبناء على ما تقدم تخلص اللجنة إلى أن الوقائ ع المعروضة عليها تكشف وقوع انتهاك للفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المواد 7 و9 و16 من العهد في حق علي لخضر شاوش ، والفقرة 3 من المادة 2 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 من العهد في حق صاحبة البلاغ.

8- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف انتهاك الدولة الطرف للمواد 7 و 9 و 16 ، والفقرة 3 من المادة 2 من العهد مقروءة بالاقتران مع المواد 7 ، و 9 ، و 16 من العهد في حق علي لخضر شاوش ، كما تكشف وقوع انتهاك للمادة 7 والفقرة 3 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع المادة 7 من العهد في حق صاحبة البلاغ .

9- ووفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تتيح لصاحبة البلاغ سبيل انتصاف فعّالاً يشمل على وجه الخصوص ما يلي : ( أ ) إجراء تحقيق شامل ودقيق في اختفاء علي لخضر شاوش ؛ ( ب ) تزويد صاحبة البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج تحقيقها؛ ( ج ) الإفراج عنه فوراً إذا كان لا يزال محتجزاً سرا ً ؛ ( د ) إعادة جثة علي لخضر شاوش إلى أسرته في حالة وفاته ؛ ( ﻫ ) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ ( و )  تقديم تعويض مناسب إلى صاحبة البلاغ عن الانتهاكات التي تعرضت لها وكذلك إلى علي لخضر شاوش إن كان لا يزال على قيد الحياة. وبصرف النظر عن الأمر رقم 06-01 ، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم إعاقة ممارسة الحق في سبيل انتصاف فعال بالنسبة لضحايا الجرائم من قبيل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري . والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهّدت ، عملاً بالمادة 2 من العهد ، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مائة وثمانين يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ آراء اللجنة. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء على نطاق واسع باللغات الرسمية.

[اعتُمدت هذه الآراء بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية ( علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي ) . وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة .]

تذييل

رأي ف ـ ردي (متوافق) أبداه السيد فابيان عمر سالفيولي والسيد فكتور مانويل رودريغيس ريسيا

1- نتفق مع رأي اللجنة والاستنتاجات التي توصلت إليها في قضية لخضر شاوش ضد الجزائر (البلاغ رقم 1899/2009). وكما أوضحنا من قبل مراراً في قضايا مشابهة ( أ ) ، نعتبر في هذه القضية أيضاً أن اللجنة كان عليها أن تستن ت ج أن الدولة انتهكت التزامها العام بموجب الفقرة 2 من المادة 2 من العهد باعتماد الأمر رقم 06-01 ، الذي تتنافى بعض أحكامه بوضوح، و ب خاصة المادة 46، مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وكان على اللجنة أيضاً أن تستن ت ج وقوع انتهاك للفقرة 2 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع سائر أحكام العهد الموضوعية. أما فيما يتعلق بالجبر ، فنرى أن اللجنة كان عليها أن تستنتج أن على الدولة الطرف أن تجعل الأمر رقم 06-01 متوافقاً مع أحكام العهد.

2- إضافة إلى ذلك، كان على اللجنة، في هذه القضية، أن تستن ت ج وقوع انتهاك للمادة 6 من العهد، نظراً لأن الدولة لم تف بالتزامها بضمان الحق في الحياة. ولو خلصت اللجنة إلى هذا الاستنتاج، لكان في ذلك منسجماً مع اجتهاداتها في قضايا سابقة، يتعلق بعضها بالدولة الطرف ذاتها، وتنطوي على وقائع مماثلة للوقائع المذكورة في قضية لخضر شاوش ( ب ) . وعلاوة على ذلك ، في الجلسة ذاتها التي اعتمدت فيها هذه الاستنتاجات، و في قضية اختفاء قسري مشابهة ، توصلت اللجنة إلى استنتاج مختلف رغم تطابق الوقائع المثبتة ( ج ) .

3- و قد دفعنا مراراً بأنه عندما نواجه وقائع مثبتة في ملف ما، فإن على اللجنة أن تطبق العه ـ د دون التقيد بالدفوع القانونية المقدمة من الط ـ رفين. وقد تصرفت اللجن ـ ة ع لى هذا

الأساس محقةً في حالات عديدة ( د ) ، غير أنها في مناسبات أخرى، كما في قضية لخضر شاوش قيد البحث ، قررت فرض قيود على اختصاصاتها دون أن تقدم أسباباً مقبولة لذلك.

4- ولأسباب ذكرت سابقاً في قضايا مشابهة نحيل إليها كي لا نكررها ( ) ، نرى أن اللجنة في هذه القضية كان عليها أن تستنج أيضاً أن الدولة، باعتماد ها الأمر رقم 06-01 ، ه قد انتهكت الفقرة 2 من المادة 2، فيما يتعلق بمختلف الحقوق الأساسية المذكورة في العهد. وبالتالي كان على اللجنة أن تطلب من الدولة الطرف، في الفقرة المتعلقة بالجبر ، أن تجعل أحكام الأمر رقم 06-01 متوافقة مع أحكام العهد.

5- ونرى أن على اللجنة أن تبدي اتساقاً في قراراتها المتعلقة بوقائع مثبتة بالتساوي، في سياق التطبيق الفعال للعهد وتدابير الجبر الموصى بها لتلافي تكرار الوقائع. فالتحلي ب الوضوح القضائي المنشود هو ما يتيح للجنة المعنية بحقوق الإنسان أداء دورها على أفضل وجه والتصرف على نحو يلزم الدول الأطراف باحترام وضمان الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[اعتُمدت هذه الآراء بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية ( علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي ) . وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة .]