الأمم المتحدة

CAT/C/63/D/673/2015

Distr.:

Arabic

Original:

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

31 July 2018

Arabic

Original: French

‎لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 673/2015 * **

بلاغ مقدم من: د. ر. (يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى: ١٥ نيسان/أبريل ٢٠١٥ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد هذا القرار: ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠١٨

الموضوع: الترحيل إلى جمهورية إيران الإسلامية

المسائل الإجرائية : لا توجد

المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب لدى العودة إلى البلد الأصلي

مواد الاتفاقية: ٣

١-١ صاحب الشكوى هو د. ر.، مواطن إيراني ولد في ٢٩ آب/أغسطس ١٩٨٠. وقد طلب اللجوء في سويسرا لكن طلبه رُفِض. وقد صدر بحقه قرار بالترحيل نحو جمهورية إيران الإسلامية وهو يدَّعي أن إعادته قسراً إلى بلده الأصلي تشكل انتهاكاً من جانب سويسرا للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويمثل صاحبَ البلاغ محام هو الأستاذ مارسيل زيرنغاست .

١-٢ وفي 20 نيسان/أبريل 2015، طلبت لجنة مناهضة التعذيب، إلى الدولة الطرف، عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، ألا تطرد صاحب الشكوى إلى إيران ما دامت شكواه قيد نظر اللجنة.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

٢-١ صاحب الشكوى مواطن إيراني من أصل كردي، وهو من مؤيدي الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويدَّعي أنه تطوع، في تاريخ غير محدد، للمشاركة في عملية تحرير عشرة طلاب أكراد من السجن. لكن السلطات اكتشفت العملية وألقت القبض على صاحب الشكوى في كانون الأول/ديسمبر 2005، فسُجن وعُذب، في سجون مختلفة، على يد أجهزة الأمن الإيرانية ( ) . ثم أُطلق سراحه بعد أن دفعت عائلته كفالة وقدمت ضمانات في شهري شباط/فبراير وآذار/مارس 2006. وفي آذار/مارس 2006، غادر إيران إلى تركيا.

٢-٢ وفي 7 أيلول/سبتمبر 2008، وصل صاحب الشكوى إلى سويسرا، وقدم طلب لجوء في اليوم نفسه. وفي 22 آذار/مارس 2012، رفض المكتب الاتحادي السابق للهجرة في سويسرا (الذي بات يسمى أمانة الدولة للهجرة) طلب اللجوء بعد أن استمع إليه مرتين ( ) ، معلل اً رفضه بعدم مصداقية الأسباب المزعومة وأصدر قراره بترحيل صاحب الشكوى من سويسرا. وخلص المكتب الاتحادي للهجرة إلى وجود العديد من التناقضات في رواية صاحب الشكوى، لم يتمكن صاحب الشكوى من توضيحها. وفي 19 نيسان/أبريل 2012، طعن صاحب الشكوى في هذا القرار أمام المحكمة الإدارية الاتحادية ( ) .

٢-٣ وفي 28 كانون الثاني/يناير 2014، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية استئناف صاحب الشكوى، معتبرة أنه لا يحمل صفات معارضي النظام الذين يمكن أن تعتبرهم السلطات الإيرانية أشخاص اً خطرين.

٢-٤ وفي 15 نيسان/أبريل و 1 أيار/مايو 2014، تقدم صاحب الشكوى بطلبين إلى المكتب الاتحادي للهجرة لمراجعة ملفه استناد اً إلى حالته النفسية بسبب الاكتراب التالي للصدمة الذي عانى منه عقب تعرضه للاضطهاد في إيران. وفي 16 تموز/يوليه 2014، رفض المكتب الاتحادي للهجرة طلبي صاحب الشكوى على أساس أنه لم يتحدث عن المشاكل النفسية إلا بعد صدور حكم المحكمة الإدارية الاتحادية في 28 كانون الثاني/يناير 2014. وفي 3 أيلول/سبتمبر 2014، أكدت المحكمة الإدارية الاتحادية هذا القرار.

٢-٥ وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 2014، قدم صاحب الشكوى طلب مراجعة جديد اً، مستشهد اً بحكم صادر عن محكمة إيرانية حكمت عليه غيابي اً بالسجن أربع سنوات ومشير اً إلى أن اسمه يرد في قائمة سوداء يعتقد أنها وُزعت على البنوك والمطارات لاعتقاله حال وصوله إلى إيران ( ) . وفي 14 كانون الثاني/يناير 2015، قررت المحكمة الإدارية الاتحادية عدم النظر في الأمر، معتبرةً أن الوقائع التي يدعي صاحب الشكوى أنه أدين فيها هي جرائم عادية.

٢-٦ وعقب قرار المحكمة الإدارية الاتحادية المؤرخ 28 كانون الثاني/يناير 2014، أعطي صاحب الشكوى مهلة تنتهي في 4 آذار/مارس 2014 لمغادرة البلد. لكن تنفيذ قرار الترحيل عُلق بسبب طلبات المراجعة المذكورة أعلاه. وفي 21 كانون الثاني/يناير 2015، فرضت عليه الإدارة الاتحادية للعدالة والشرطة في كانتون لوسيرن غرامة قدرها 200 1 فرنك سويسري بسبب إقامته غير القانونية في سويسرا. ونظر اً لعدم قدرته على دفع هذا المبلغ، أودع صاحب الشك وى السجن لمدة ثلاثة وثلاثين يوم ا ً .

٢-٧ ويؤكد صاحب الشكوى أنه تابع أنشطته السياسية عقب فراره من إيران. ويقول إن له مدونه على شبكة الإنترنت ينتقد فيها الحكومة الإيرانية. وكتب العديد من المقالات السياسية التي نُشرت على نطاق واسع في شبكة الإنترنت، وجميعها تنتقد النظام الإيراني بشدة. بالإضافة إلى ذلك، يقدم صاحب الشكوى برنامج اً عبر إذاعة لورا في زيوريخ بعنوان "صوت المقاومة" ( ) .

٢-٨ ويعاني صاحب الشكوى من الاكتراب التالي للصدمة، الذي تفاقم بشكل واضح بعد القرار السلبي النهائي بشأن طلب اللجوء الصادر في 28 كانون الثاني/يناير 2014. ونتيجة لذلك، لم تعد حالته الصحية تسمح له بالانخراط في العمل السياسي ( ) . ولا يزال العديد من المقالات التي انتقد فيها الحكومة الإيرانية والتعليقات عليها متاحة على الإنترنت ( ) ، مثلها مثل العديد من حلقات برنامجه الإذاعي "صوت المقاومة" ( ) .

الشكوى

٣-١ يدفع صاحب الشكوى بأنه ضحية لانتهاك أحكام المادة 3 من الاتفاقية من جانب السلطات السويسرية، التي أمرت بإعادته إلى بلد سيتعرض فيه حتماً للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويشدد على أن ورود اسمه في قائمة سوداء يعني ضمن اً أنه سيُحتجز بمجرد دخوله الأراضي الإيرانية. والمخاطر التي تهدد حياته وسلامته الجسدية كبيرة بالنظر إلى التزامه وأنشطته السياسية في سويسرا.

٣-٢ ويزعم صاحب الشكوى أن السلطات السويسرية، ولا سيما المحكمة الإدارية الاتحادية، لم تنظر في جميع الأدلة المقدمة أثناء إجراءات اللجوء، والتي أظهرت أن حياته وسلامته الشخصية ستتعرضان للخطر إذا ما أُعيد إلى إيران. ويدَّعي أنه أثبت تعرضه للاضطهاد على يد السلطات الإيرانية، لا سيما بسبب نشاطه السياسي، منذ عام 2000، في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني، أحد الأحزاب المحظورة في إيران.

٣-٣ وبالتالي، يرى صاحب الشكوى أن المحكمة الإدارية الاتحادية قررت، بإجراءات موجزة، أن العديد من الوثائق المقدمة لا تتيح الخلوص إلى أنه يملك صفات المعارضين السياسيين المعروفين المعرضين لشبهات أو لمخاطر اضطهاد على يد السلطات الإيرانية. ويزعم أيض اً أن المحكمة الإدارية الاتحادية اكتفت بالإشارة بشكل عام إلى عدم وجود ما يدعوه إلى الخوف من الانتقام بسبب نشاطه السياسي ضد الحكومة الإيرانية ( ) .

٣-٤ ويرى صاحب الشكوى أن من الجلي أنه يجتذب الآن انتباه السلطات الإيرانية بسبب أنشطته السياسية، حتى لو لم يكن الأمر كذلك من قبل. وفي هذا الصدد، يشير إلى خمس قضايا خلصت فيها اللجنة إلى أن سويسرا ستنتهك المادة 3 من الاتفاقية إذا ما أقدمت على ترحيل أصحاب الشكاوى إلى إيران ( ) . ويؤكد صاحب الشكوى أن الدولة الطرف شككت أيض اً في مصداقية ما قاله الأشخاص المعنيون، في هذه القضايا الخمس، وأشارت إلى وجود تناقضات وحالات عدم اتساق، ورأت عدم وجود أي أساس لادعاء التعرض للتهديد في حالة الترحيل. ويؤكد صاحب الشكوى أيض اً أن الدولة الطرف رأت، في القضايا الخمس، وفي قضيته، أن النشاط السياسي للأشخاص المعنيين في منفاهم لم يكن نشاط اً بارز اً بما يكفي وأن الشروع فيه كان فقط بهدف الحصول على تصريح إقامة. ولذلك، يرى صاحب الشكوى ضرورة النظر إلى خطر تعرضه شخصي اً للتعذيب إذا ما أعيد إلى إيران باعتباره خطر اً حقيقي اً.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

٤-١ في ٢٠ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظات على الأسس الموضوعية للبلاغ. فهي تذكّر فيها بالوقائع وبما قام به صاحب الشكوى في سويسرا للحصول على اللجوء. وتشير إلى أن السلطات المختصة باللجوء أولت الاعتبار الواجب لحجج صاحب الشكوى. وتعلن أن هذا البلاغ لا يتضمن أي أدلة جديدة تنقض قرارات السلطات المختصة.

٤-٢ وتذكِّر الدولة الطرف بأنه عملاً بالمادة 3 من الاتفاقية، تلتزم الدول الأطراف بعدم طرد أو ترحيل أو تسليم أي شخص إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن هذا الشخص سيكون عرضة للتعذيب. ويجب أن تراعي السلطات المختصة، لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة الطرف المعنية. وفيما يخص تعليق اللجنة العام رقم 1(1997) بشأن تنفيذ المادة 3 في سياق المادة ٢٢ من اتفاقية، تضيف الدولة الطرف أن على صاحب البلاغ أن يثبت أنه يواجه خطر اً "شخصي اً ومحدق اً وجديا ً " بالتعرض للتعذيب لدى العودة إلى بلده الأصلي. ويجب تقييم مدى وجود هذا الخطر على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. ويجب أن تكون هناك أسباب أخرى لوصف خطر التعرض للتعذيب بأنه "جدي" ( ) . ويجب أن تؤخذ العناصر التالية في الاعتبار لتقييم مدى وجود هذا الخطر: الأدلة على وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد الأصلي؛ ادعاءات التعذيب أو سوء المعاملة في الماضي القريب والأدلة المستقلة على ذلك؛ الأنشطة السياسية لصاحب الشكوى داخل أو خارج البلد الأصلي؛ الأدلة على مصداقية صاحب الشكوى؛ التناقضات الوقائعية في ما يدعيه صاحب الشكوى ( ) .

٤-٣ وفيما يتعلق بوجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان، تؤكد الدولة الطرف أن ذلك لا يشكل في حد ذاته أساساً كافياً للاعتقاد بأن شخصاً معيناً سيكون عُرضة للتعذيب لدى عودته إلى بلده الأصلي؛ ويجب على اللجنة أن تحدد ما إذا كان صاحب الشكوى سيواجه "شخصياً" خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه ( ) . ولا بد من وجود أسباب أخرى تجيز وصف خطر التعرض للتعذيب، بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة ٣ من الاتفاقي ة بأنه خطر "متوقع وحقيقي وشخصي" ( ) . ويجب تقييم خطر التعذيب وفق أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك ( ) .

٤-٤ وترى الدولة الطرف أن حالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية تبعث على القلق من عدة جوانب، لكن العنف في البلد ليس حالة عامة. وتؤكد من جديد أن الحالة في البلد لا تشكل في حد ذاتها أساس اً لاستنتاج مفاده أن صاحب الشكوى سيتعرض لخطر التعذيب إذا ما أعيد إلى بلده. ويشير صاحب الشكوى إلى خطر عام جد اً يواجه جميع الأشخاص الناشطين سياسي اً في الخارج ضد النظام الحاكم في إيران، لكنه لم يثبت أنه يواجه خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً يتمثل في إمكانية تعرضه للتعذيب.

٤-٥ وفيما يتعلق بادعاءات التعذيب أو إساءة المعاملة التي تعرض لها في ماض قريب ومدى وجود أدلة مستقلة على ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن على الدول الأطراف في الاتفاقية التزام اً بمراعاة هذه الادعاءات لتقييم خطر تعرض صاحب الشكوى لخطر التعذيب إذا ما أعيد إلى بلده الأصلي ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى يدعي أنه تعرض للتعذيب أثناء احتجازه في سجون مختلفة في الفترة من 7 إلى 10 كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٥ وفي منتصف شباط/فبراير 2006، غير أنه، وبغض النظر عن اعتبار المكتب الاتحادي للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية ادعاءات التوقيف والاحتجاز غير معقولة، لم يقدم صاحب الشكوى أدلة تتعلق بسوء المعاملة التي يدعي أنه عانى منها. وبالإضافة إلى ذلك، رغم أن الشهادة الطبية المؤرخة ١٤ آذار/مارس ٢٠١٥ تبين أن صاحب الشكوى يعاني من الاكتراب التالي للصدمة، فإنها لا تحدد الأسباب. ولذلك، لم تطعن المحكمة الإدارية الاتحادية، في حكمها الصادر في ٣ أيلول/سبتمبر ٢٠١٤، في معاناته من الاكتراب التالي للصدمة، لكنها أشارت إلى أن الأسباب تختلف عن تلك التي ادعاها. ولذلك، فهي تتفق مع الاستنتاج الذي خلص إليه المكتب الاتحادي للهجرة ومفاده أن الاكتراب لم يظهر إلا بعد انتهاء إجراءات اللجوء.

٤-٦ وفيما يتعلق بالأنشطة السياسية لصاحب الشكوى في بلده الأصلي، تلاحظ الدولة الطرف تأكيده أنه كان ناشط اً سياسي اً في إيران منذ عام ٢٠٠٠؛ وأنه كان من المتعاطفين مع الحزب الكردستاني الديمقراطي وتطوع للمشاركة في تحرير عشرة طلاب أكراد؛ وأنه اعتُقل واحتُجز وعُذب في كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٥ بسبب مشاركته في التحضير لهذه العملية. وقد نظرت سلطات اللجوء السويسرية على النحو الواجب في هذه الادعاءات وخلصت إلى أنها غير موثوقة.

٤-٧ وفيما يتعلق بالأنشطة السياسية لصاحب الشكوى في سويسرا، تؤكد الدولة الطرف أنه على الرغم من أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية تراقب الأنشطة السياسية المعارِضة للنظام في الخارج، فإن اهتمامها يتركز على أشخاص يملكون صفات معينة ويشغلون مناصب أو يضطلعون بأنشطة ذات طبيعة تمثل تهديداً خطيراً وملموساً للنظام القائم. ولذلك، رأت المحكمة الإدارية الاتحادية أن ما يحدد المخاطر القائمة ليس صفة العضو أو الأنشطة السياسية الاعتيادية، مثل المشاركة في مظاهرات، أو الوقوف في كشك معلومات أو توزيع مواد دعائية، وإنما المناصب التي يشغلها المعارضون في منظماتهم أو تأثير الأنشطة التي يؤدونها ( ) . وأشارت المحكمة الإدارية الاتحادية في قرارها المتعلق بهذه القضية، والمؤرخ 28 كانون الثاني/يناير 2014، إلى أن السلطات الإيرانية لا يخفى عليها أن العديد من ملتمسي اللجوء الإيرانيين لا يشرعون في نشاط سياسي في المنفى إلا بعد رفض ما قدموه من طلبات لجوء، الأمر الذي يثير شكوكاً قوية في طبيعة نشاطهم هذا. وهذه السلطات قادرة على التمييز بين الأنشطة السياسية الصادرة عن قناعة شخصية جدية والأنشطة التي يُقصد بها في المقام الأول حصول أصحابها على تصريح إقامة.

٤-٨ وتلاحظ الدولة الطرف أيض اً أن صاحب الشكوى أعلن، خلال جلسة الاستماع الثانية في المكتب الاتحادي للهجرة، أنه أصبح من مؤيدي الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين، وشارك في عدد من التظاهرات في زيوريخ وب ي رن بين آذار/مارس وحزيران/ يونيه ٢٠٠٩، وألقى قصيدة في برنامج إذاعي، وأنه كان يدير مدونة على الإنترنت ويقدم برنامج اً في إذاعة محلية. وبحثت المحكمة الإدارية الاتحادية في هذه الأنشطة بحث اً وافي اً وخلصت إلى أن تقديم البرنامج الإذاعي اقتصر أساس اً على قراءة الأخبار والتعليقات، وأنه لا يمثل بالتالي أي دليل على أن لصاحب الشكوى أي صفة سياسية. ورأت المحكمة الإدارية الاتحادية أن وظيفة المسؤول عن تحضير البرنامج الإذاعي لا تعكس هي أيض اً أي صفة سياسية. وبالإضافة إلى ذلك، ادعت الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يحدد أمام المحكمة الإدارية الاتحادية ولا أمام اللجنة كيف أدت تلك المهام إلى كشفه من الناحية السياسية. وفيما يتعلق بمقالات نشرت باسمه، تلاحظ الدولة الطرف، وكذلك المحكمة الإدارية الاتحادية، أن الأمر يتعلق بمساهمات ذات طابع انتقادي حتم اً لكن صياغتها عامة. كما لم تسهم المشاركة في أنشطة الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين، مثل التظاهرات، في خلق صورة شخص قد يلفت انتباه السلطات الإيرانية.

٤-٩ والدولة الطرف ليست مقتنعة بوجود صلة سببية بين الحالة الصحية لصاحب الشكوى وإنهاء أنشطته السياسية، إذ يتبين من ملف القضية أن صاحب الشكوى توقف عن العمل في الإذاعة منذ نيسان/أبريل ٢٠١٢، وأن تاريخ آخر مقال نُشر له يرجع إلى ١٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣. وبالنظر إلى أن صاحب الشكوى لم يكن يتولى منصب اً هام اً داخل التنظيمات السياسية المعارضة للنظام الإيراني، تميز الدولة الطرف بين حالته وحالات أصحاب الشكاوى الأخرى المعروضة على اللجنة. وتؤكد الدولة الطرف، في هذا الصدد، أن السيد عزيزي كان عضو اً نشط اً في الفرع السويسري للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ورئيس اللجنة التنفيذية الإقليمية في العديد من الكانتونات ( ) ؛ وتقول إن السيد تاهموريسي كان عضو اً نشط اً في الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين في سويسرا منذ عام ٢٠٠٦، ويعد أحد قادة هذه المنظمة التي تجاهر بمعارضتها للنظام الإيراني، وهو مكلف باستقطاب أعضاء جدد ( ) . وتضيف أن صاحبي الشكوى إكس وزاي كانا من الأعضاء الناشطين في حزب كوملة (لجنة ثوريي كردستان إيران)، مثلهم مثل عدة أفراد من أسرتهما، وسبق أن احتُجزا وعُذبا في إيران ( ) . وعلاوة على ذلك، لم يد ّ ع صاحب الشكوى أن أي اً من أفراد أسرته المقيمين في إيران تعرض للمضايقة أو التهديد.

٤-١٠ وفيما يتعلق بمصداقية صاحب الشكوى ومدى الاتساق في روايته للوقائع، تشير الدولة الطرف إلى أن السلطات السويسرية المعنية باللجوء خلصت إلى أن رواية صاحب الشكوى غير معقولة. أول اً، ادعى المكتب الاتحادي للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية أن صاحب الشكوى قدم روايتين متناقضتين تمام اً فيما يتعلق بالأحداث المحيطة باعتقاله. فبحسب الرواية الأولى، قال إنه ذهب إلى سردشت لاصطحاب زميله محمدي إلى الشخص الذي يمثل جهة الاتصال في برزاغار ، لكن محمدي بقي في سردشت ، في نهاية المطاف. وفي الرواية الثانية، قال إنه اصطحب زميله محمدي إلى منزل أسرته في طهران. كما قدم روايتين مختلفتين تمام اً عن الأحداث المتصلة بلقاء مزعوم في حديقة أحمد أباد مصطفى (طهران). وفي جلسة الاستماع الأولى، أعلن أنه اصطحب برزاغار إلى الحديقة المذكورة. وقال إنه أعطاه، حال وصوله إلى الحديقة، النظم الأساسية للأحزاب السياسية المعنية التي يُدَّعى أن برزاغار ألقاها أرض اً عندما كان يهم بالدخول من بوابة الحديقة. لكن صاحب الشكوى قال خلال جلسة الاستماع الثانية إن برزاغار سأله، أثناء مناقشة في مكان عمله بشأن اللقاء الوشيك مع محمدي، إن كان أحضر نصوص النظم الأساسية. وكان جوابه أن هذه النصوص موجودة في السيارة. وقال إن برزاغار أخذها لدى وصوله أمام الحديقة، وإنه أسقط بعض الأوراق ثم التقطها قبل أن يواصل طريقه نحو مدخل الحديقة ويطرق الباب.

٤-١١ وعلاوة على ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن الاختلافات تتعلق أيض اً بادعاء توقيف صاحب الشكوى. فاستناد اً إلى الرواية الأولى، اعتُقل صاحب الشكوى في منزله واعتُقل برزاغار في الوقت نفسه أمام المنزل المذكور على يد أفراد من الشرطة بملابس مدنية. وخلال جلسة الاستماع الثانية، ذكر صاحب الشكوى أنه تمكن من الفرار من حديقة أحمد أباد مصطفى بسيارة، معتقد اً أن برزاغار قد اعتُقل. وأخير اً، ترى الدولة الطرف أن تصرف صاحب الشكوى عقب الأحداث التي وقعت أمام حديقة أحمد أباد مصطفى غير مفهوم. فهو يزعم أ نه ذهب إلى منزله بعدما اتصل بزوجته التي تمكنت من إبلاغه بأن عدة أشخاص دخلوا منزل الأسرة. وفي هذا الصدد أيض اً، تتفق الدولة الطرف مع ما خلصت إليه السلطات المحلية من أن صاحب الشكوى لم يتمكن من تقديم تفسير معقول لأسباب عودته إلى منزله دون اتخاذ أي تدابير احترازية، رغم أنه كان معرض اً لخطر الاعتقال بشكل واضح.

٤ -١٢ وفيما يتعلق بحكم المحكمة الثورية في طهران الصادر ضد صاحب الشكوى، تشكك الدولة الطرف في صحته، وفي صحة الاستدعاء الذي سبقه، وكذلك في رسائل المحامين المؤرخة 17 و18 آذار/مارس ٢ ٠١٥ ( ) . وترى اللجنة أن من المسلم به أن هذا النوع من الوثائق يمكن شراؤه دون أي صعوبة في إيران. كما أن رسائل المحامين هي مجرد رسائل مجاملة. ومما يؤكد هذا الانطباع أن المحامي نفسه اقترح على صاحب الشكوى، فيما يبدو، استراتيجية دفاع للطعن في قرار المحكمة، وهو أمر لا يظهر في الرسالتين المؤرختين 17 و18 آذار/مارس ٢٠١٥. بيد أن الحكم المذكور يتعلق بجرائم عادية (حمل وحيازة أسلحة وذخائر بصورة غير قانونية)، وهو أمر لاحظته المحكمة الإدارية الاتحادية في قرارها الصادر في ١٤ كانون الثاني/يناير ٢٠١٥. ولذلك، لا يتيح هذا الحكم استنتاج وجود خطر اضطهاد بسبب الأنشطة السياسية المحتملة لصاحب الشكوى. كما أن هذا الربط يصبح غير معقول بقدر أكبر لأن الاستدعاء الأول الموجه مباشرة إلى صاحب الشكوى يرجع تاريخه إلى ١٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٦، أي بعد حوالي عشرة أشهر من اعتقاله المزعوم، وبعد ثمانية أشهر من إطلاق سراحه المزعوم و/أو بعد ستة أشهر من مغادرته البلد. وما يثير المزيد من الدهشة أن صاحب الشكوى قبل التعاون مع السلطات الأمنية لضمان إطلاق سراحه. وكان من المفترض أن يلفت عدم احترام هذا الالتزام انتباه السلطات المذكورة على الفور. وفي ضوء هذه العناصر، من غير المفهوم أيض اً أن ينص الاستدعاء الأول على مهلة ثلاثة أشهر قبل عقد جلسة الاستماع في المحكمة الثورية في طهران.

٤-١٣ وأخير اً، تلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة الإدارية الاتحادية أعربت أيض اً عن شكوك تتعلق باستدعاءين متتاليين وُجها إلى حَماة صاحب الشكوى، يتضمنان تهديد اً بمصادرة ما تملكه من أصول ما لم يحضر صاحب الشكوى إلى المحكمة الثورية في طهران. غير أن صاحب الشكوى ذكر أنه أفرج عنه بعد أن قدمت والدته واثنتان من أخواته ووالد زوجته ضمانات مالية.

٤-١٤ وبالنظر إلى ما سبق، تؤكد الدولة الطرف أن سلوك صاحب الشكوى في إيران وفي سويسرا لم يكن من النوع الذي يعرضه لخطر تعذيب فعلي وملموس على يد السلطات الإيرانية. ولم يكن ادعاء صاحب الشكوى تعرضه للاضطهاد في إيران معقول اً، إضافة إلى أنه لا يحمل صفات المعارضين بما يجعل النظام يعتبره شخص اً خطر اً بسبب أنشطته في سويسرا. والواقع أن لا شيء في الملف يدعو إلى الاعتقاد أن الأنشطة المذكورة اجتذبت اهتمام السلطات الإيرانية، أو أنها كانت على علم بها أو أنها اتخذت أي تدابير ضده بسبب هذه الأنشطة. وأخير اً، تلاحظ الدولة الطرف أن جميع الحجج المتعلقة بخطر التعرض للاضطهاد في إيران، بما في ذلك أنشطة صاحب الشكوى في سويسرا، قُيمت بالتفصيل من جانب السلطات السويسرية وأن بلاغ صاحب الشكوى لا يتضمن أية عناصر أو أدلة جديدة.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ في ٢ كانون الثاني/يناير ٢٠١٦، قدّم صاحب الشكوى تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف. ويرى في هذه الملاحظات أن الدولة الطرف اكتفت بتكرار وتلخيص الحجج التي قدمها المكتب الاتحادي للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية لرفض طلب لجوء صاحب الشكوى دون أن تتناول التوضيحات الواردة في بلاغه إلى اللجنة. ويؤكد صاحب الشكوى أن الدولة الطرف اكتفت بتحديد وإبراز التناقضات المزعومة في الشروح المفصلة، متجاهلة عن قصد أن درجة التفصيل في الشروح هي التي تثبت مصداقيتها. وقد لا تبدو الظروف الحياتية المحددة التي أدت إلى فراره من بلده منطقية أو معقولة، لا سيما عندما يُنظر إليها من منظور بلد آمن. ومن المؤكد أن رواية بسيطة ومنطقية ودقيقة قد تبدو أكثر يسر اً على الفهم من سيرة ذاتية مفصلة قد لا تكون جميع نقاطها مفهومة للوهلة الأولى، لكن احتمال أن تكون هذه الرواية مختلقة هو احتمال أكبر.

٥-٢ ويرى صاحب الشكوى أنه تمكن من تقديم أدلة ووثائق تبين وجود حكم صادر عن المحكمة الثورية في طهران، واستدعاءه علن اً للمثول أمام هذه المحكمة، ونشر حكم قضائي صادر في حقه. ولا تأخذ الدولة الطرف هذه الوثائق في الاعتبار وتكتفي بالتأكيد بشكل موجز أن من المسلم به أن تزوير هذه الوثائق سهل في إيران. ويؤكد صاحب الشكوى أنه لو كانت الوثائق مزورة، لكان قدمها في وقت مبكر من الإجراءات، في حين أن حصوله عليها كان مستحيل اً في البداية. وقال إنه لم يتمكن من الحصول على هذه الوثائق إلا بمساعدة شريكته الإيرانية المقيمة في سويسرا وعلاقاتها في إيران ( ) .

٥ -٣ ويقول صاحب الشكوى، في تفسيره لادعاء الدولة الطرف أن الحكم الصادر عن محكمة طهران الثورية لا يسمح باستنتاج وجود خطر اضطهاد بسبب الأنشطة السياسية المحتملة، إن الدولة الطرف تقصد على ما يبدو أن هذه النتيجة غير ممكنة إلا إذا كان الحكم قد أشار بشكل مباشر إلى إدانته كناشط سياسي كردي. ويرى صاحب الشكوى أن هذه النظرة للأمور هي نظرة غير واقعية على الإطلاق لأن من الواضح أن إيران نفسها، تود أن تحافظ، في الظاهر على الأقل، على سمعة دولة القانون. ويذكِّر بأنه أُجبر على الاعتراف بجريمة لها علاقة بسلاح كشرط لإطلاق سراحه من الحبس الاحتياطي، وهو أمر يعتبره معقول اً تمام اً.

٥-٤ وفيما يتعلق بأنشطته السياسية في سويسرا، يدعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لم تراع الأدلة المقدمة، التي توثق بوضوح مشاركته القوية والمتواصلة في أنشطة سياسية في سويسرا، وأن هذه الأنشطة بمفردها تعني زيادة احتمال تعرضه للخطر الشخصي. ويرى بالتالي عدم وجود أي أهمية على الإطلاق لعدم تقديم نفسه على أنه مسؤول كبير في حزب سياسي معارض وأن التزامه الموثق يتجاوز بكثير ما يمكن تسميته "النشاط الوهمي" لإيجاد سبب للفرار من البلد. وفي هذا الصدد، أشار إلى أنه منذ ٢٠٠٩، وباستخدام اسمه الحقيقي في برامج إذاعية، قرأ عدة قصائد ثورية ومقالات كتبها بنفسه ينتقد فيها النظام الإيراني على الجرائم المرتكبة، وشارك في مظاهرات، منها مظاهرتان أمام السفارة الإيرانية في برن حيث سجل موظفو السفارة أشرطة فيديو والتقطوا صور اً. وبالإضافة إلى ذلك، تم بث حوالي ٤٢ ساعة من برامج إذاعية شارك فيها، عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وما زالت الملفات الصوتية الخاصة بها متاحة على الموقع الشبكي لإذاعة لورا. وأوضح بعد ذلك انه تولى مسؤوليات أخرى، بينها مسؤولية العضو التنفيذي المؤسس لإذاعة ندايي موغافيمات ، وعضو هيئة تحرير المجلة الشهرية "كانون"، ومطور برامج ومدير نقاشات في إطار الصراع مع النظام. وهو يدير أيض اً مدونة تتضمن أخبار اً وتقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، فضل اً عن مقالاته وقصائده وصوره المتعلقة بمختلف المناسبات والتجمعات التي تُعقد في سويسرا ضد النظام الإيراني. ويؤكد أيض اً أن السلطات القضائية الإيرانية أوقفت هذه المدونة.

٥-٥ وأخير اً، يحتج صاحب الشكوى بالتعذيب البدني والنفسي الذي تعرض له أثناء اعتقاله واحتجازه، ويقول إن آثار هذا التعذيب تفاقمت لكونه كردي اً وسني اً ولتشخيص إصابته باضطرابات لاحقة للصدمة عام 2014 لها صلة بهذا التعذيب. ويؤكد صاحب الشكوى أنه، إذا أعيد إلى إيران، فإنه سيجبر على الاعتراف بتهمة التجسس والتعاون مع وكالات الاستخبارات الغربية وسيتعرض للمزيد من التعذيب من جانب النظام الإيراني.

المسائل والإجراءات المعروضة أمام اللجنة

النظر في المقبولية

٦-١ قبل النظر في أي شكوى مقدَّمة في بلاغ ما، يجب على لجنة مناهضة التعذيب أن تبت في ما إذا كانت الشكوى مقبولة أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفق م ا تقتضيه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحَث ولا يجري بحثها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٦-٢ وتذكّر اللجنة بأنه لا يمكنها، وفقاً للفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، أن تنظر في أي بلاغ يرد من فرد ما إلا إذا تأكدت من أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، في هذه الحالة، لم تطعن في مسألة استنفاد صاحب الشكوى لجميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، ولا في مقبولية الشكوى.

٦-٣ وترى اللجنة أن الشكوى تطرح قضايا ينبغي النظر فيها بموجب المادة ٣ من الاتفاقية، واستناد اً إلى الأسس الموضوعية للدعوى. وبما أن اللجنة لا ترى أي عوائق أمام مقبولية البلاغ، فإنها تعلن مقبوليته.

النظر في الأسس الموضوعية

٧-١ نظرت اللجنة في الشكوى وهي تأخذ في الحسبان على النحو الواجب جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

٧-٢ وفيما يتعلق بادعاء صاحب الشكوى بموجب المادة 3 من الاتفاقية، يتعين على اللجنة أن تقيّم ما إذا كانت ثمة أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون معرضاً شخصياً لخطر التعذيب في حالة ترحيله جمهورية إيران الإسلامية. ويجب على اللجنة، لدى تقدير هذا الخطر، مراعاة جميع الاعتبارات ذات الصلة، وفقاً للمادة 3(2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. ومع ذلك، تذكِّر اللجنة بأن الهدف المتوخى هو تحديد ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً بالتعرض للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه. ويُستنتج من ذلك أن وجود نمط من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً يُستنتج منه أن شخصاً بعينه سيتعرض لخطر للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ فلا بد من تقديم أسباب إضافية توضح أنه معرض شخصياً للخطر. وعلى العكس من ذلك، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة والمنهجية لحقوق الإنسان أن شخصاً بعينه ليس معرضاً للتعذيب في الظروف التي تخصه على وجه التحديد. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى سيُحرم من الخيار القانوني المتمثل في اللجوء إلى اللجنة للحصول على أي شكل من أشكال الحماية في حالة انتهاك حقوقه المكفولة بموجب الاتفاقية، لأن إيران ليست طرف اً فيها ( ) .

٧-٣ وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 4 (2017) بشأن تطبيق المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22 من الاتفاقية، ومفاده أن خطر التعذيب يجب أن يُقيّم على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. وتذكِّر اللجنة أنه على الرغم من أنه لا يُشترط أن تكون "احتمالات المخاطر عالية"، فإن عبء الإثبات يقع بصفة عامة على عاتق صاحب الشكوى، الذي يجب أن يقدم حالة يمكن الدفاع عنها وتثبِت أنه يوا جه "خطر اً متوقع اً وحقيقي اً وشخصيا ً " ( ) . وتشير اللجنة أيضاً إلى أنها تولي، وفقاً لتعليقها العام رقم 4، وزناً كبيراً للنتائج الوقائعية التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية، لكنها في الوقت نفسه، ليست مقيدة بتلك النتائج بل تتمتع بسلطة تقييم الوقائع بحرية استناداً إلى كامل الملابسات الخاصة بكل قضية ب مقتضى المادة 22(4) من الاتفاقية ( ) .

٧-٤ وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى يدعي أنه سُجن وعُذب في إيران وحُكم عليه غيابي اً بالسجن لمدة أربع سنوات وأن اسمه مُدرج على قائمة سوداء، ولهذا السبب، فهو عرضة للتوقيف حال وصوله إلى إيران. وتحيط اللجنة علماً أيضاً، بناء على إفادة صاحب الشكوى، بأن سلطات الدولة الطرف لم تأخذ هذه المعلومات بعين الاعتبار. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الإدارية الاتحادية حللت، في حكمها الصادر في 28 كانون الثاني/يناير 2014، الحكم المزعوم صدوره عن السلطات الإيرانية، وخلصت إلى التشكيك في وجود أي إجراءات جنائية ضد صاحب الشكوى لع دم تقديمه أي وثائق في هذا الصدد ( ) . وكما ذكرت المحكمة الإدارية الاتحادية في قرارها الصادر في ١٤ كانون الثاني/يناير ٢٠١٥، تلاحظ اللجنة أن الجرائم التي ادعى صاحب الشكوى إدانته بسببها هي جرائم عادية.

٧-٥ وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بأوجه عدم الاتساق والتناقضات في بيانات وبلاغات صاحب الشكوى التي وجهت الدولة الطرف الانتباه إليها. وعلى الخصوص، تلاحظ اللجنة أنه خلال الإجراءات أمام السلطات الوطنية في سويسرا، قدم صاحب الشكوى روايتين متناقضتين تمام اً بشأن الأحداث المحيطة باعتقاله وبشأن تفاصيلها، وأنه لم يقدم أي معلومات لتبرير أو إنكار هذه التناقضات.

٧-٦ وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف أفادت بأن الأنشطة السياسية التي يضطلع بها صاحب الشكوى في سويسرا، لا تشكل نشاطاً مكثفاً ومستمراً يمكن اعتباره تهديداً حقيقي اً وجدي اً بالنسبة للحكومة الإيرانية. وتلاحظ اللجنة أيض اً التقييم الطبي لحالة صاحب الشكوى، الذي يشير إلى معاناته من الاكتراب التالي للصدمة، وإن كان لا يحدد السبب، كما تلاحظ أن صاحب الشكوى لم يتمكن من الانخراط في العمل السياسي بسبب حالته الصحية. وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الإدارية الاتحادية أشارت، في حكمها الصادر في ٣ أيلول/سبتمبر ٢٠١٤، إلى أن الاكتراب اللاحق للصدمة لم يظهر إلا بعد الانتهاء من إجراءات اللجوء، وأن صاحب الشكوى كان لديه في طهران أسرة وإطار طبي يتيحان له ا لحصول على المساعدة التي يحتاجها ( ) .

٧-٧ وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أنه، حتى لو قبلت ادعاء صاحب الشكوى تعرضه السابق للتعذيب وسوء المعاملة، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كان، في الوقت الحاضر، يواجه خطر التعرض للتعذيب في جمهورية إيران الإسلامية إذا ما رُحِّل إليها بالقوة. كما تشير اللجنة إلى رأيها السابق بأن على صاحب الشكوى أن يقدم حجج اً يمكن الدفاع عنها ( ) .

٧-٨ وتدرك اللجنة أن حالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية لا تزال إشكالية من نواح عديدة. لكن اللجنة تذكِّر بأن وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في البلد الأصلي لا يكفي في حد ذاته كي تستنتج أن الشخص الذي يقدم شكوى معرض شخصياً لخطر التعذيب. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن صاحب البلاغ أتيحت له فرصة كافية لإثبات وتوضيح ادعاءاته أمام المكتب الاتحادي للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية. بيد أن الأدلة المقدمة لا تسمح بالخلوص إلى أن مشاركته في الأنشطة السياسية في إيران وفي سويسرا يمكن أن تعرضه لخطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة لدى عودته إلى إيران.

٧-٩ وتخلص اللجنة، على أساس المعلومات المعروضة عليها، إلى أن صاحب الشكوى لم يثبت أن أنشطته السياسية تحظى بأهمية تكفي لجذب انتباه سلطات بلده الأصلي، وأن المعلومات المقدمة لا تثبت أنه سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب في حال ترحيله إلى إيران ( ) .

٨- وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ غير كافية لإثبات ادعائه أنها سيواجه خطراً شخصياً متوقعاً وحقيقياً يتمثل في الخضوع للتعذيب في حال إعادته إلى إيران.

٩- واللجنة، إذ تتصرف بمقتضى الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص إلى أن ترحيل صاحب البلاغ إلى إيران لن يشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف لأحكام المادة 3 من الاتفاقية.