الأمم المتحدة

CCPR/C/109/D/1839/2008

Distr.: General

4 February 2014

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1839 / 2008

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 109 (14 تشرين الأول/أكتوبر - 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2013)

المقدم من : ألكساندر كوماروفسكي (لا يمثله محامٍ)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 7 آب/أغسطس 2008 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : ق رار المقرر الخاص بموجب المادة 97 من الن ظام الداخلي، الم ح ال إلى الدولة الطرف في 10 كانون الأول/ديسمبر 2008 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 25 تشرين الأول/أكتوبر 2013

الموضوع : حرية التعبير؛ التجمع السلمي

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ مستوى إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية : قيود غير مقبولة على حرية التعبير وحرية التجمع السلمي

مواد العهد : المادة 19 (الفقرة 2) والمادة 21

مواد البروتوكول الاختياري : المادة 2 والمادة 5 (الفقرة 2(ب))

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي  الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 109)

بشأن

البلاغ رقم 1839 / 2008 *

المقدم من : ألكساندر كوماروفسكي (لا يمثله محامٍ)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 7 آب/أغسطس 2008 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، ال م نشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد اجتمعت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1839 / 2008 ، المقدم إليها من السيد ألكساندر كوماروفسكي بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاح ها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو ألكساندر كوماروفسكي ، من مواطني بيلاروس ومن مواليد عام 1942. ويدعي أنه ضحية لانتهاكات بيلاروس لحقوقه بموجب المادة 19 (الفقرة 2) والمادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) . وصاحب البلاغ ليس ممثلاً بمحامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 8 شباط/فبراير 2008، طلب صاحب البلاغ مع ثلاثة أفراد آخرين إذناً من اللجنة التنفيذية لبلدية مدينة جودينو لعقد اجتماع تعقبه مسيرة وحفل موسيقي، وذلك بتاريخ 23 آذار/مارس 2008 بالقرب من مدخل متنزه جودينو الثقافي، بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس جمهورية بيلاروس الشعبية. وكان من المقرر أن يُعقد الاجتماع والنشاطان من الساعة 00/15 إلى الساعة 00/18.

2-2 وفي 21 شباط/فبراير 2008، أبلغت اللجنة التنفيذية لبلدية مدينة جودينو مقدّمي الطلب، بمن فيهم صاحب البلاغ، بأن الماراثون الخامس والعشرين على مستوى الجمهورية سيُنظم يومَي 22 و23 آذار/مارس 2 008 في الشوارع الرئيسية في جودينو . وبما أن صاحب البلاغ لم يتلقّ أي تفسيرات أخرى، فقد استمر في الإعداد للاجتماع السلمي. وفي 17 آذار/مارس 2008، أصدرت اللجنة التنفيذية أمراً رفضت فيه التصريح بعقد الاجتماع، وما يعقبه من مسيرة وحفل موسيقي، بتاريخ 23 آذار/مارس 2008، نظراً لتنظيم الماراثون الوطني الخامس والعشرين.

2-3 وفي 19 آذار/مارس 2008، أبلغ صاحب البلاغ والمنظمون الثلاثة الآخرون اللجنة التنفيذية لبلدية مدينة جودينو بقرارهم إلغاء الفعاليات المزمَعة، وأعلموها بأنهم يبحثون في إمكانية تنظيم الفعالية السلمية في موقع أمام مركز SITI التجاري، أو في الأرض التابعة لمتجر GRES، أو في الموقع أمام تمثال الوطن الأم - كوبريانوفا ، أو في أي موقع آخر لا يتداخل مع الماراثون .

2-4 وفي 20 آذار/مارس 2008، أبلغت اللجنة التنفيذية لبلدية مدينة جودينو المنظمين بأنها لن تتمكن من النظر في طلبهم المؤرخ 19 آذار/مارس 2008 لأنه لا يستوفي الشروط التي يقتضيها قانون التظاهرات العامة . وأعلِم صاحب البلاغ والمنظمون الآخرون ب أنهم إن عقدوا الاجتماع في 23 آذار/مارس 2008، فسيُعتبر فعالية عامة غير مرخص بها.

2-5 وقرر صاحب البلاغ والمنظمون الآخرون عدم تنظيم الفعالية في 23 آذار/مارس 2008 . ولكن من أجل إبلاغ الأشخاص الذين كانوا يعرفون بمكان تنظيم فعالية 23 آذار/مارس 2008 بأنها ألغِيت، اتجه صاحب البلاغ والمنظمون الآخرون في 23 آذار/مارس في الساعة 00/15 إلى متنزه جودينو الثقافي، وهناك التقوا مع ما يقرب من 10 أشخاص إلى 15 شخصاً. وبعيد ذلك، وصل المزيد من الناس. فقرر صاحب البلاغ والمجتمعون إحياء ذكرى الأبطال الذين سقطوا في معارك وهم يقاتلون لبلدهم، ووضع الزهور أسفل مسلة الأبطال الخالدين. ووفقاً لصاحب البلاغ، لم يكن إحياء الذكرى ووضع الزهور تظاهرة عامة ذات طابع سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، ولم يكن من الضروري الحصول على إذن لتنظيم مثل هذه الأنشطة.

2-6 وسارت مجموعة مؤلفة من زهاء 20 شخصاً ببطء إلى المسلة، وكان بعض الشباب يحملون العلم الوطني التاريخي لبيلاروس وعلم الاتحاد الأوروبي. وعندما رأى بعض أفراد الشرطة الذين كانوا يقفون في الجوار الأعلام، أمروا على الفور بأن تُنزّل. ولم يوجّه أفراد الشرطة أي أوامر لصاحب البلاغ، فوصل مع بقية المجموعة إلى المسلة، ووضعوا الزهور، وأطلقوا البالونات الحمراء والبيضاء في الهواء. واستمرت الأنشطة المذكورة قرابة خمس دقائق.

2-7 وعندما بدأ الأشخاص بالرحيل، اقترب أفراد الشرطة من صاحب البلاغ واقتادوه إلى مركز الشرطة. وهناك خضع لاستجواب عن الاجتماع، واحتُجز حتى صباح اليوم التالي. وفي 24 آذار/مارس 2008، خلصت محكمة مدينة جودينو التابعة لإقليم مِنْسك إلى أن صاحب البلاغ نظّم تظاهرة عامة غير مرخص بها، وأمرت بوضعه في الاحتجاز الإداري لمدة سبعة أيام. وفي 25 آذار/مارس 2008، استأنف صاحب البلاغ قرار محكمة المدينة أمام محكمة مِنْسك الإقليمية، ولكن في 8 نيسان/أبريل 2008، أيّدت المحكمة الإقليمية قرار المحكمة الأدنى درجة. وفي 16 أيار/مايو 2008، استأنف صاحب البلاغ قرار المحكمة الإقليمية أمام المحكمة العليا، لكن استئنافه رُفض في 28 حزيران/يونيه 2008 باعتباره لا أساس له.

الشكوى

3 - يدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه التي تكفلها المادة 19 (الفقرة 2) والمادة 21 من العهد، نظراً لأنه احتُجز وعوقِب لمشاركته في تجمع وتعبيره عن رأيه في 23 آذار/مارس 2008.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 في 19 شباط/فبراير 2009، طعنت الدولة الطرف في مقبولية البلاغ محتجَّة بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وذكّرت بأن محكمة مدينة جودينو خلصت في 24 آذار/مارس 2008 إلى أن صاحب البلاغ ارتكب مخالفة إدارية بموجب الفقرة 2 من المادة 23-34 من قانون الإجراءات التنفيذي للمخالفات الإدارية، وفرضت عليه عقوبة بالاحتجاز الإداري سبعة أيام لعد م تقيّده بالإجراء الذي حدّده القانون لتنظيم وعقد الاجتماعات والمسيرات. وأيّدت محكمة مِنْسك الإقليمية ذلك القرار لدى استئنافه في 8 نيسان/أبريل 2008. وفي 28 حزيران/يونيه 2008، رفض نائب رئيس المحكمة العليا الاستئناف الثاني الذي قدّمه صاحب البلاغ.

4-2 وتشير الدولة الطرف إلى أن رئيس المحكمة العليا لم ينظر قط في استئناف صاحب البلاغ أمام المحكمة العليا. وتبيّن أنه كان بمقدور صاحب البلاغ، وفقاً لأحكام القانون الإداري، استئناف قرار محكمة مدينة جودينو أمام رئيس المحكمة العليا، وكان بمقدوره أن يطلب من النائب العام تقديم احتجاج أمام المحكمة العليا بشأن قرار المحكمة الأدنى درجة. وبموجب الفقرتين 3 و4 من المادة 12-11 في قانون الإجراءات التنفيذي للمخالفات الإدارية، يجوز خلال فترة ستة أشهر مراجعة شكوى (احتجاج) بشأن قرار صدر ضمن نطاق إجراءات إدارية ودخل حيز النفاذ، ولا يمكن مراجعة شكوى مقدّمة بعد انقضاء تلك المهلة. ومع أن صاحب البلاغ قدّم شكوى إلى مكتب النائب العام بشأن قرارات المحاكم الوطنية، لم يُنظر في تلك القرارات لتخلّف صاحب البلاغ عن سداد الرسوم المستحقة. ونظراً لانقضاء مهلة الستة أشهر المذكورة آنفاً، يتعذّر مراجعة شكاوى صاحب البلاغ التي يطعن فيها بقرار المحكمة الوطنية تحميله المسؤولية في ارتكاب مخالفة إدارية. وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، وتؤكّد أن تلك السبل كانت ستكون متاحة بسهولة وفعالة.

4-3 وتبيّن الدولة الطرف أيضاً أن إجراء الاستئناف القائم في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية ، كما ينص عليه قانون الإجراءات التنفيذي للمخالفات الإدارية، ه و سبيل انتصاف فعال. وبموجب المادة 12-1 من القانون، يجوز استئناف حُكم صادر في مخالفة إدارية من قبل أطراف من بينهم الفرد الذي رُفعت ضده الدعوى الإدارية، أو الأطراف المتضررة، أو ممثل و هم أو محام و هم، في حين يجوز للمدعين العامين تقديم مذكرات اعتراض ضد هذه الأحكام. وتنص المادة 12-4 من القانون على أمور منها جواز تقديم شكوى بشأن حكم صادر في مخالفة إدارية خلال 10 أيام من تاريخ تبليغ الفرد الذي أقيمت ضده القضية الإدارية بالحكم، وخلال 5 أيام إذا كانت القضية الإدارية متعلقة بفرض احتجاز إداري أو إبعاد. وعلاوة على ذلك، تنص المادتان 12-5 و12-6 من القانون على أنه في حال لم يتمكن الأشخاص الخاضعون للمادة 12-1 من القانون من الوفاء بالمهلة المذكورة آنفاً لأسباب مبررة، فإن بإمكانهم الطلب من المحكمة تحديد مهلة جديدة. وعندما توافق محكمة على طلب كهذا، يوقَف تنفيذ الأحكام.

4-4 وتشير الدولة الطرف إلى أن 739 2 شكوى قُدّمت من قبل أفراد إلى مكتب النائب العام في عام 2008 تطعن بقرارات حمّلتهم المسؤولية في ارتكاب مخالفات إدارية، تم تأييد 422 منها. وخلال العام نفسه، قدّم مكتب النائب العام 105 مذكرات اعتراض إلى المحكمة العليا تتعلق بقضايا إدارية، وأيّدت المحكمة 101 منها.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - في 6 أيار/مايو 2009، أكّد صاحب البلاغ أن سبل الانتصاف التي ذكرتها الدولة الطرف لم تكن فعالة، وبالتالي فإنه لم يكن مضطراً لاستنفادها. وأشار أيضاً إلى أنه قدّم بالفعل شكوى للمحكمة العليا في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية ، لكنها رُفضت. ويذكر صاحب البلاغ كذلك أن النظر في قضية ما في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية متروك لتقدير رئيس المحكمة العليا، الذي يقرر الشروع في تلك الإجراءات من عدمه. ومن الواضح أن النظر في شكوى في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية ليس مكفولاً بالقانون، وهو ليس إلزامياً ويتطلب إمكانات مالية، وبالتالي لا يمكن اعتباره شرطاً مسبقاً لتقديم شكوى أمام إجراء دولي لتقديم الشكاوى. وبالإضافة إلى ذلك، لا يُضمن للشخص الذي يقدّم شكوى في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية المشاركة الكاملة في تلك الإجراءات ، وهو ما يتناقض مع مبادئ الشفافية وتكافؤ وسائل الدفاع والعلانية. وفيما يتعلق بالبيانات الإحصائية التي قدّمتها الدولة الطرف، يشير صاحب البلاغ إلى وجود عدم وضوح بشأن عدد القضايا الإدارية المتعلقة بانتهاكات لحقوق مكفولة بموجب العهد ، التي طُعن فيها أو خضعت للمراجعة في إطار إجراءات ال مراجعة ال قضائية الرقابية . ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى أن الدولة الطرف تتجاهل آراء اللجنة عندما تُعتمد في قضايا ضد الدولة الطرف.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6-1 في 26 أيار/مايو 2009، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية. وتشير الدولة الطرف إلى أن المادة 35 من الدستور تكفل حرية تنظيم التجمعات والاجتماعات والمسيرات والمظاهرات والاعتصامات التي لا تُخل بالنظام العام ولا تنتهك حقوق المواطنين الآخرين. والإجراء المطلوب لتنظيم هذه الفعاليات محدد بنص القانون. وتهدف أحكام قانون التظاهرات العامة إلى تهيئة الظروف التي تكفل تمتع المواطنين بالحقوق والحريات الدستورية، وحماية السلامة العامة والنظام العام خلال تنظيم هذه الفعاليات في الشوارع والساحات العامة والأماكن العامة الأخرى. وتذكّر الدولة الطرف بأن محكمة مدينة جودينو في 24 آذار/مارس 2008، وجدت صاحب البلاغ مداناً وفق القانون بارتكاب مخالفة إدارية بموجب الفقرة 2 من المادة 23-34 من قانون الإجراءات التنفيذي للمخالفات الإدارية (وهي خرق إجراء تنظيم وعقد فعالية عامة ومسيرة)، وفرضت عليه عقوبة بالاحتجاز الإداري سبعة أيام. ولاحقاً، أيّدت محكمة مِنْسك الإقليمية هذا القرار، ورفضت المحكمة العليا استئناف صاحب البلاغ في 28 حزيران/يونيه 2008. ولم يكن صاحب البلاغ يحمل ترخيصاً لتنظيم تلك التظاهرة العامة في 23 آذار/مارس 2008، وكان على علم بأنه غير مسموح له تنظيمها.

6-2 وتضيف الدولة الطرف أن الفقرة 2 من المادة 19 في العهد تكفل الحق في حرية التعبير لجميع الأفراد، وأن هذا الحق يشمل حري تهم في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قا لب فني أو بأية وسيلة أخرى يختار ونها. لكن الفقرة 3 من المادة 19 في العهد تفرض و اجبات ومس ؤو ليات خاصة على أصحاب الحقوق، و على ذلك يجوز إخضاع الحق بحرية التعبير لبعض القيود ، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية : (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم ؛ و(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة . وتعترف المادة 21 في العهد ب الحق في التجمع السلمي. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا ً للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم .

6-3 وتبيّن الدولة الطرف أنها، كطرف في العهد، أدرجت أحكام المادتين 19 و21 في نظامها القانوني المحلي. وامتثالاً للمادة 23 في الدستور، لا يجوز وضع قيود على حقوق وحريات الأفراد إلاّ في حالات يحدّدها القانون، وبما يصون ا لأمن القومي أو النظام العام ، أو يحمي الصحة العامة أو الآداب العامة ، أو حقوق الآخرين وحرياتهم . وعند تحليل المادة 35 في الدستور، التي تكفل حرية تنظيم الفعاليات العامة، يتبيّن بوضوح أن الدستور ينشئ الإطار القانوني لتنظيم هذه الفعاليات. فتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والتظاهرات والاعتصامات خاضعان لقانون التظاهرات العامة الصادر في 7 آب/أغسطس 2003، الذي يشترط الحصول على تصريح مسبق لتنظيم هذه الفعاليات. ولا يجوز إخضاع حرية التعبير، المكفولة بموجب الدستور، لقيود إلاّ في الحالات التي يحددها القانون لصيانة الأمن القومي أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم. وبالتالي، فإن القيود المنصوص عليها في القانون البيلاروسي ممتثلة للالتزامات الدولية المترتبة على الدولة الطرف، وتهدف إلى حماية الأمن القومي والنظام العام، وهذا يتعلق خصوصاً بأحكام المادة 23-34 من قانون الإجراءات التنفيذي للمخالفات الإدارية ، والمادة 8 من قانون التظاهرات العامة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

7-1 قدّم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بتاريخ 21 آذار/ مارس 2010. وأكّد أنه في ظل ا لمادة 35 من دستور جمهورية بيلارو س ، والالتزامات المترتبة على الدولة الطرف بموجب صكوك منها العهد، لا يجوز لها التدخل بصورة تعسفية في الحق ب التجمع السلمي.

7-2 ويشير صاحب البلاغ إلى أنه عوضاً عن ضمان الحقوق التي يكفلها العهد، وُقّعت عليه هو والمنظمون الآخرون عقوبات من الدولة الطرف في شكل احتجاز إداري مدته سبعة أيام. وفي هذا الصدد، يشير إلى أن السلطات الوطنية لم تقدّم أي تبرير عندما رفضت الطلب الذي قدّموه. وبالإضافة إلى ذلك، يبيّن صاحب البلاغ أنه والمنظمين الآخرين قرروا ألاّ يعقدوا الفعاليات، ولم يعقدوها، نظراً لرفض منح الإذن بعقدها في 23 آذار/مارس 2008.

7-3 وفيما يتعلق بالاجتماع السلمي الذي جرى في 23 آذار/مارس 2008 بالقرب من متنزه الثقافة، يشير صاحب البلاغ إلى أنه كان مجرد اجتماع لمجموعة من الأشخاص الذين يلتقون في الآراء أرادوا إحياء ذكرى الأبطال الذين قاتلوا من أجل بلدهم ، ووضع ال زهور عند قاعدة نصب تذكاري. وهذه الأنشطة، أي الاجتماع بأشخاص يلتق ي معهم في الآراء ووضع الزهور، لا تتطلب الحصول على إذن من السلطات.

7-4 ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى أن على سلطات الدولة أن تطبق قانون التظاهرات العامة بطريقة تيسّر التمتع بحقَّي حرية التعبير والتجمع السلمي. ويرى أن على السلطات ألاّ تعقّد إجراءات التمتع بهذين الحقين، بل أن تسهّلها لتضمن قدرة الناس على التمتع بالحقوق في الممارسة العملية. وفي هذا الشأن، يبيّن صاحب البلاغ أن نظام الحصول على إذن لتنظيم وعقد تظاهرات عامة في واقع الأمر يجعل عقدها متعذراً، ويتيح لسلطات الدولة تفسيرات فضفاضة للمعايير التي تمكّنها من رفض التصريح بالتجمع السلمي. ويذكر صاحب البلاغ أيضاً أن الأنشطة التي ينظمها المجتمع المدني والمعارضة في الدولة الطرف، وفي جودينو تحديداً، محظورة باستمرار، وبصورة غير مشروعة. وفي العادة، لا تقدّم سلطات الدولة أي تبرير لرفض السماح بعقد هذه الأنشطة، أو تبرر الرفض بوجود أوجه قصور شكلية. ويعتبر صاحب البلاغ أن النظام القائم للحصول على إذن لتنظيم تظاهرات عامة، في جوهره، خاضع للسيطرة مركزياً، ويستند إلى اعتبارات إيديولوجية.

7-5 ويشير صاحب البلاغ إلى أن العقوبة التي أنزِلت به في شكل احتجاز إداري لسبعة أيام تشكّل معاملة مهينة وقمعية وتمييزية، وأنها لم تكن ضرورية، كونها تشكّل قيوداً تتيح التدخل في حق التجمع السلمي وحق حرية التعبير. وبحسب قوله، لم يشكّل أي من الأفراد الذين حملوا البالونات ووضعوا الزهور عند قاعدة المسلة في 23 آذار/مارس 2008، وهو يوم فخر وطني وتاريخ تأسيس جمهورية بيلاروس الشعبية، ووُجد لاحقاً أنهم مذنبون بارتكاب مخالفة إدارية، خطراً على ا لأمن القومي أو النظام العام ، أو على حقوق الآخرين وحرياتهم ، أو على الصحة العامة أو الآداب العامة . ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى أن الدولة الطرف، في ملاحظاتها بشأن المقبولية، تفسر أحكام العهد والبروتوكول الاختياري المحلق به تعسفياً، متجاهلة التعليق العام رقم 33 للجنة المعنية بحقوق الإنسان.

7-6 ويشدد صاحب البلاغ على عدم جواز فرض قيود على الحق في تنظيم فعالية عامة سلمية في بلد ديمقراطي بصورة تعسفية، ولكن فقط وفق أسس محددة وواضحة، وعند وجود دواعٍ جدية لهذه القيود. وعندما يصبح بلد طرفاً في العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به، عليه أن يحترم الالتزامات المترتبة عليه بموجبهما ليس من ناحية نظرية فقط، بل أيضاً في الممارسة العملية. وبالتالي، لا يجوز تقييد الحقوق التي يكفلها العهد بالاستناد إلى أسس شكلية فقط. ولا يجوز تقييدها سوى في حال وجود نص قانوني يتيح ذلك التقييد، وكان ذلك ضرورياً لخدمة ا لأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام ، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة ، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم ، وكان ذلك ضرورياً في مجتمع ديمقراطي. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى أن سلطات الدولة قصّرت في النظر في موضوع الطلبات التي تقدّم بها ممثلو المجتمع المدني، وبدلاً من ذلك، رفضتها على أسس شكلية. ويشير كذلك إلى أنه في غياب قوانين وطنية تنص على تقييد يُذكر تحديداً أنه يشكّل " تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي "، فإن بالإمكان فرض تقييد تعسفي في الدولة الطرف على أي اعتصام أو قرار بإحياء ذكرى الأبطال الذين سقطوا في معارك وهم يقاتلون من أجل بلدهم، وبوضع زهور عند نصب تذكاري، ل مصلحة "الأمن القومي والنظام العام".

7-7 وختاماً، يشير صاحب البلاغ إلى أن تفسير الدولة الطرف للالتزامات المترتبة عليها بموجب العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به، كما جاء في ملاحظاتها بشأن مقبول ي ة هذا البلاغ، يؤدي في جوهر الأمر إلى انتهاك للحقوق الواردة في العهد والبروتوكول الاختياري.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقر ّ ر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا  بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وقد تحق ّ قت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-3 و تحيط اللجنة علماً بالحجة التي ساقتها الدولة الطرف ومفادها أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، كونه لم يقدم طلباً إلى رئيس المحكمة العليا لبيلارو س أو إلى مكتب النائب العام للقيام بإجراءات ال مراجعة ال قضائية الرقابية . لكن اللجنة تلاحظ أن ه وفقاً للمادة الموجودة في ملفاتها، يبدو أن صاحب البلاغ قدّم شكوى أمام المحكمة العليا في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية ، إلاّ أن استئنافه رُفض في 28 حزيران/يونيه 2008 باعتباره لا أساس له. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن الدولة الطرف لم تحدد ما إذا كان الإجراء المحال إلى مكتب النائب العام في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية قد ط ُ ب ّ ق بنجاح في قضايا متعلقة بحرية التعبير وحق التجمع السلمي، كما أنها لم تحدد عدد هذه القضايا . و تذكّر اللجن ة ب اجتهاداتها القضائي ة التي تفيد بأن إجراءات المراجعة القضائية الرقابية في الدولة الطرف، التي ت تيح مراجعة ما دخل حيز النفاذ من قرارات المحاكم ، لا  تشكّل سبيل انتصاف ينبغي استنفاده لأغراض الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا  تحول دون النظر في هذا البلاغ.

8-4 وبالتالي، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدّم ما يكفي من الأدلة، لأغراض المقبولية، ليدعم ادعاءاته في إطار المادة 19 (الفقرة 2) والمادة 21 من العهد. وبناءً عليه، تعلن مقبولية البلاغ وتشرع في النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كل المعلومات التي أتاحها لها الطرفان وفقاً لما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأنه احتُجز لمجرد المشاركة في تجمع صغير في 23 آذار/مارس 2008 في متنزه جودينو للثقافة أثناء إحياء ذكرى أبطال وطنيين، وأن عقوبة فُرضت عليه لاحقاً بالاحتجاز الإداري ل مدة سبعة أيام لخرقه المزعوم لقانون التظاهرات العامة، وفي ذلك انتهاك لحقوقه بموجب الفقرة 2 من المادة 19 من العهد . وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحج ة الدولة الطرف بأن عقوبة إدارية وُقّعت على صاحب البلاغ بما يتفق مع متطلب ات التشريع الوطني بسبب انتهاكه للإجراءات المتعلقة بتنظيم وعقد تظاهرة عامة . وفي هذه القضية، ينبغي للجنة أن تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ في حرية التعبير مبرّرة بموجب أي معيار من المعايير الواردة في الفقرة 3 من المادة 19.

9-3 وتلاحظ اللجنة بأن الفقرة 3 من المادة 19 في العهد تنص على جو ا ز فرض بعض القيود ، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية : (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم ؛ و(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة . وتذكّر بأن حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد، وبأن هات ين الحريتي ن عنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع، وتشكلان حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . وينبغي لأي قيود تُفرض على ممارسة هاتين الحريتين أن تكون متلائمة مع اختبارات صارمة تتعلق بالضرورة والتناسب، "ولا يجوز تطبيق القيود إلا للأغراض التي وضعت من أجلها كما يجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تأسست عليه " ( ) .

9-4 وت حيط اللجنة علماً ب أن صاحب البلاغ شارك في تجمع صغير أمام نصب تذكاري. واعتُقل صاحب البلاغ في هذا السياق. وتَقرّر أنه مذنب لتنظيم تظاهرة عامة غير مرخص بها، وحُكم عليه بالاحتجاز الإداري ل مدة سبعة أيام. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بما قدمته الدولة الطرف من شرح مفاده أن قانون التظاهرات العامة يهدف إلى تهيئة الظروف التي تكفل تمتع المواطنين بالحقوق والحريات الدستورية، وحماية السلامة العامة والنظام العام خلال تنظيم هذه الفعاليات في الشوارع والساحات العامة والأماكن العامة ال أخرى، وأن عقوبة إدارية وُقّعت على صاحب البلاغ لخرقه إجراءً ينص عليه القانون سابق الذكر. و لكن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف لا تحتج بأن الفعالية التي عُقدت في 23 آذار/مارس 2008 كانت تتضارب مع الماراثون الخامس والعشرين على مستوى الجمهورية، وأن ه لا يوجد في ملف القضية ما يفيد بذلك. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدّم أدلة كافية تبيّن ضرورة احتجاز صاحب البلاغ ومعاقبته على أفعاله المحددة في 23 آذار/ مارس 2008 ( ) ، في إطار الفقرة 3 من المادة 19 من العهد، وتبرّر فرض اعتقال إداري لمدة سبعة أيام عليه. وفي هذا السياق، تذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف مسؤولة عن إثبات أن فرض قيود على حق صاحب البلاغ بموجب المادة 19 ضروري ، وأنه حتى إذا اعتمدت الدولة الطرف نظاماً الغرض منه إيجاد توازن بين حرية الفرد في نشر المعلومات والمصلحة العامة المتمثلة في الحفاظ على النظام العام في منطقة بعينها، فإن هذا النظام يجب أ لا يُستخدم بطريقة تتعارض مع المادة 19 من العهد. وهكذا تخلص اللجنة، في ظروف هذه القضية، إلى وقوع انتهاك ل حقوق صاحب البلاغ المكفولة في الفقرة 2 من المادة 19 من العهد.

9-5 وفي ضوء هذه النتيجة، تقرر اللجنة عدم النظر على نحو منفصل في ادعاءات صاحب البلاغ في إطار المادة 21 من العهد ( ) .

10 - واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 2 من المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

11 - وعملاً بأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يتعين على الدولة الطرف أن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً، بما في ذلك سداد أي أتعاب قانونية تحمّلها صاحب البلاغ، بالإضافة إلى منحه تعويضات مناسبة. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ خطوات لمنع حدوث انتهاكات مماثلة مستقبلاً.

12- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف اعترفت ، لدى انضمامها إلى البروتوكول الاختياري ، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت بمقتضى المادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد ، و ب أن تتيح لهم سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، تود ّ اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف ، في غضون 180 يوماً ، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب من الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه ال آراء وتعم ّ مها على نطاق واسع في الدولة الطرف باللغتين البيلاروسية والروسية.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]