الأمم المتحدة

CCPR/C/106/D/1932/2010

Distr.: General

30 November 2012

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1932 / 2010

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها السادسة بعد المائة (15 تشرين الأول/ أكتوبر - 2 تشرين الثاني/نوفمبر 201 2)

المقدم من: إيرينا فيدوتوفا (لا يمثلها محامٍ)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ: 10 شباط/فبراير 2010 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص بمقتضى المادة 97 الذي أحيل إلى الد ولة الطرف في 18 آذار/مارس 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 31 تشرين الأول/أكتوبر 2012

الموضوع: تحميل صاحبة البلاغ مسؤولية إدارية بسبب القيام ب‍ "أنشطة عامة تهدف إلى الدعاية للمثلية الجنسية بين القصّر ".

المسائل الموضوعية: الحق في نقل المعلومات والأفكار؛ فرض قيود يُسمح بفرضها؛ الحق في المساواة في الحماية القانونية دون أي تمييز.

المسائل الإجرائية: إساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات؛ استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

مواد العهد: 19؛ و26

مواد البروتوكول الاختياري: 3؛ والفقرة 2 (ب) من المادة 5

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة السادسة بعد المائة)

بشأن

البلا غ رقم 1932/2010 *

المقدم من: إيرينا فيدوتوفا (لا يمثلها محامٍ)

الشخص المدعى أن ه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ: 10 شباط/فبراير 2010 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي ا لخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2012،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1932/2010 ، المقدم إليها من السيد ة إيرينا فيدوتوفا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحه ت ا لها صاحب ة الشكوى والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ تدعى إيرينا ميدوتوفا ، وهي مواطنة روسية ، من مواليد عام 1978. وهي تدعي أنها ضحية انتهاك الاتحاد الروسي لحقوقها المكفولة بموجب المادة 19 والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 1 كانون الثاني/يناير 199 2. ولا يمثل صاحبة البلاغ محامٍ.

1-2 وفي 20 أيار/مايو 2010، طلبت الدولة الطرف إلى اللجنة النظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية، وفقاً للفقرة 3 من المادة 97 من النظام الداخلي للجنة . وفي 13 آب/أغسطس 2010، قرر الرئيس ، باسم اللجنة، النظر في مقبولية البلاغ إلى جانب الأسس الموضوعية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 صاحبة البلاغ ه ي سيدة لا تخفي كونها سحاقية وناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المثليات والمثلي ي ن ومزدوج ي الميل الجنسي ومغاير ي الهوية الجنسانية في الاتحاد الروسي. و في عام 2009 ، حاولت بالاشتراك مع أشخاص آخرين عقد تجمع سلمي في موسكو (في إطار ما يعرف ب‍ "الاستعراض الفخري للمثليين") حظرته سلطات المدينة. كما تم حظر مبادرة مماثلة لتنظيم مسيرة و" اعتصام " لتشجيع التسامح تجاه ال مثلي ي ن و ال مثليات في مدينة ريازان في عام  2009.

2-2 وفي 30 آذار/ مارس 2009، قامت صاحب ة البلاغ بعرض ملصقات تحمل شعار "المثلية أمر طبيعي " ( ) و "أ ف ت خر بمثليتي " ( ) قرب مبنى إحدى المد ا رس الثانوية في ريازان . و كان الغرض من القيام ب هذا العمل ، بحسب ادعائها ، تشجيع التسامح تجاه ال مثلي ين والمثليات في الاتحاد الروسي .

2- 3 وقد قامت الشرطة بوقف صاحبة ا لبلاغ عن نشاطها، وفي 6 نيسان/ أبريل 2009، أدينت من قبل قاضي الصلح بارتكاب مخالفة إداري ة بموجب المادة 3-10 من قانون المخالفات الإدارية الخاص بإقليم ريازان المؤرخ 4 كانون الأول /ديسمبر 2008 (قانون إقليم ريازان ) بسبب ع رض ها لتلك ا لملصقات . وتنص هذه المادة في الجزء ذي الصلة على ما يلي : " يعاقب كل من يقوم بنشاط عام بهدف الدعاية للمثلية الجنسية ( ممارسة اللواط أو ال سحاق ) بين القصّر ، بدفع غرامة إدارية يتراوح قدرها بين ألف وخمسائة روبل وألفي روبل" ( ) . وقد فرض على ص احب ة البلاغ دفع غرامة قدرها 1500 روبل روسي ( ) .

2-4 وفي تاريخ غير محدد، قدمت صاحبة ال بلاغ استئناف اً ضد قرار قاضي الصلح لدى محكمة مقاطعة أوكتيابرسكي التابعة ل ريازان (محكمة مقاطعة أوكتيابرسكي ). والتمست من محكمة مقاطعة أوكتيابرسكي في استئنافها أن تقضي بإلغاء الحكم ، وت طلب إلى المحكمة الدستورية تقييم مدى توافق المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان مع المواد 19 و29 و البند 3 من المادة 55 من دستور الاتحاد الروسي المؤرخ 12 كانون الأول /ديسمبر 1993 (الدستور). و التمست أيضاً تعليق الإجراءات في قضيتها، ريثما يصدر حكم المحكمة الدستورية بشأن هذه المسألة.

2-5 وذكرت صاحبة البلاغ في استئناف ها أمام محكمة مقاطعة أوكتيابرسكي أنها لا تدحض الوقائع لكنها ترى أن قاضي الصلح استند في قراره إلى حكم قانون ي ي تعارض مع المادتين 19 و 29 من الدستور ، اللتين تنصان ، على التوالي، على حظر التمييز على أساس الوضع الاجتماعي وضمان الحق في حرية الفكر والتعبير. و ذكرت علاوة على ذلك، أن صيغة ا لمادة 3-10 من قانون إقليم ريازان لا توضح المعنى المقصود ب عبارة "الدعاية للمثلية الجنسي ة "، وذلك لأن "الدعاية" في ال دستور تعد عنصر اً أساسي اً في ممارسة الحق في حرية التعبير. وأضافت صاحبة البلاغ ، بالتالي، أن من حقها الترويج لبعض الآراء التي تتعلق بالمثلية الجنسية. ودفعت بأن المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان تميز على نحو غير معقول ضد الأ شخاص "ذوي ا لميل الجنسي غير العادي " من خلال حظر نشر أي معلومات تتعلق بهم . وأكد ت صاحبة البلاغ أنه ا استندت ، في قيامها بع رض الملصقات، إلى المادة 29 من الدستور بهدف نشر التسامح تجاه المثلية الجنسية بين القصّر وال فكرة القائلة ب أن العلوم الطبية تعتبر المثلية الجنسي ة أمر اً " طبيعيا ً " . و أشارت في الختام ، إ لى أ ن المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان تفرض قيود اً على ممارسة حقها في حرية التعبير، مع أن الفقرة 3 من المادة 55 من الدستور تنص على عدم جواز تقييد ه ذا الحق إلا بموجب القانون الاتحادي.

2-6 وفي 14 أيار/مايو 2009، أيد القاضي الاتحادي في محكمة مقاطعة أوكتيابرسكي الحكم الصادر عن قاضي الصلح . وقضت المحكمة بأن المادة 55 من الدستور تنص على أن الحقوق والحريات الفردية، بما في ذ لك الحقوق والحريات المكفولة في المادتين 19 و 29 من ه ، يجوز تقييدها بموجب القانون الاتحادي ولكن بالقدر الذي تقتضيه حماية أسس النظام ال دستوري أو الأخلاق العامة أو الصحة أو حقوق الآخرين ومصالح هم المشروعة، أو ضمان الدفاع عن الدولة و الأمن الوطني . وأضاف ت أ ن قانون المخالفات الإدارية للاتحاد الروسي هو قانون اتح اد ي، وأن التشريعات المتعلقة بالمخالفات الإدارية تشمل وفقاً للمادة 1-1 من القانون المذكور، هذا القانون وما تعتمده الك يانات التابعة للاتحاد الروسي من قوانين بشأن المخالفات الإدارية امتثالا ً له . و أ ك د ت المحكمة ب أن قانون إقليم ريازان يستند إ لى الدستور و إ لى قانون المخالفات الإدارية ، و هو يعد بذلك، جزء اً من هذا الأخير . وخلص ت إلى أن المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان لا ت خالف ا لدستور، و أنها تفرض قيود اً (المسؤولية الإدارية) على الحق في حرية التعبير، بما في ذلك حرية نقل المعلومات، تهدف إلى حماية أخلاق القصّر وصح تهم و ح قوق هم و مصالح هم المشروعة.

2-7 و ذكرت صاحبة البلاغ أنها قد استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة ، لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري .

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن ال حكم الصادر عن قاضي الصلح في 6 نيسان/ أبريل 2009 يشكل تدخل اً في حقها في حرية التعبير المكفولة بموجب المادة 19 من العهد، لأنها مُنِعت من نشر أفكار تدعو إلى موقف م تسامح تجاه الأقليات الجنسية وأدين ت ، جراء ذلك، بارتكاب مخالفة إدارية . ودفعت بأن القيود المذكورة لا تعد مبررة بموجب الفقرة 3 من المادة 19 إلا إذا كانت " محددة بنص القانون " و "ضرورية" لغرض من الأ غراض المشروعة.

3-2 و تقول صاحبة البلاغ كذلك إ ن ها أدينت بتهمة ارتكاب مخالفة إدارية استناد اً إلى المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان ، وعليه، فإن تقييد ممارسة حقها في حرية التعبير يعد قانوناً " محدد اً بنص ال قانون". لكنها تدفع ب أن ه لا يجوز تقييد حرية التعبير وفق اً لما نصت عليه ا لفقرة 3 من ال مادة 55 من الدستور ، إلا بموجب ال قانون ا لا تحادي. وبما أن قانون إقليم ريا زان ليس قانون اً اتحادي ا ً ، فإن ال تدخل في حقها في حرية التعبير يتعارض مع الدستور، و بالتالي، لا يعد " محدد اً بنص القانون " بالمعنى المقصود في الفقرة 3 من المادة 19 من العهد.

3-3 وت دعي صاحب ة البلاغ أن هذا التدخل حتى وإن كان "محدد اً بنص القانون" فهو ليس "ضروريا ً " لأنه لا يحقق غرض اً من الأغراض المشروعة المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 19 من العهد. وهي تقر بأن الغرض من ال تقييد هو حماية الصحة أو الأخلاق العامة ل لقصر ( الأشخاص دون سن 18 عام اً في الاتحاد الروس ي ) عن طريق منع "حض القصّر على إقامة علاقات جنسية مع أشخاص من نفس الجنس". وتدعي صاحبة البلاغ ، في هذا الصدد، أنها لم تقم بالترويج ل أي أفكار تحضّ القصّر على هذه الأ ف عال وأ ن هدفها من عرض ا لملصقات كان هو توعية الجمهور، بما في ذلك القصّر ، بشأن ال تسامح تجاه المثلية الجنسية. وتدعي أيضاً أن صيغة قانون إقليم ريازان ليست واضحة بالقدر الكا ف ي، لأنه ا ت حظر على نحو م طلق نشر أي أفكار تتعلق بالمثلية الجنسي ة ، بما في ذلك نشر معلومات موضوعية و محايدة ب هدف تثقيف القصّر ومساعدتهم على تبني موقف متسامح تجاه ال مثلي ين . وتدفع صاحبة البلاغ ب أن فرض حظر شامل على نقل أي معلومات تتعلق بالمثلية الجنسي ة إلى القصّر يجعل حري تها في التعبير مجرد حرية نظرية و وهمية ( ) .

3-4 وفي هذه القضية ، تم تغريم صاحب ة البلاغ لقيامها ب عرض ملصقات تحمل شعار " المثلية الجنسي ة أمر طبيعي" و "أف ت خر بمثليتي" ، و هو ما يشكل وفق اً للمادة 3-10 من قا نون إقليم ريازان مخالفة إدارية تتعلق بالإخلال ب الآداب العامة تُعرَّف على أنها "دعاية للمثلية الجنسية بين القصّر ". و تؤكد صاحبة البلاغ ، في هذا الصدد، أن معنى الدعاية يفيد دوم اً نشر أفكار معينة أو تثقيف الجمهور بشأن مسائل معينة من أجل تغيير الرأي العام. وتمثل الدعاية ، من وجهة نظر العهد، أحد مكونات حرية التعبير، و عليه ، يحق ل أي كان الدفاع عن بعض ال أفكار التي ت تعلق بالمثلية الجنسي ة.

3-5 وتدفع صاحبة البلاغ أيضاً ب أن المثلية الجنسي ة هي سمة فعلية لشريحة واسعة من الأ شخاص في أي مجتمع. وتزعم صاحبة البلاغ في هذه القضية ، أن قانون إقليم ريازان يحظر نشر أي معلومات تتعلق بالمثلية الجنسي ة بين القصّر ، بما في ذلك المعلومات ذات المضمون المحايد. وبما أ ن المادة 3-10 وردت في الفصل الثالث من قانون إقليم ريازان (المخالفات الإدارية المتعلقة بالتأثير على الصحة والرعاية الصحية والحالة الوبائية والآداب العامة) ( ) ، فإن الغرض من هذا الحظر هو حماية السلوك ال أخلاق ي ل لقصر. و بالتالي، فإن ال قانون المذكور يقوم على ال افتراض ب أن المثلية الجنسي ة تتنافى مع ال أخلاق، وهو ما يتعارض بشكل جلي مع الف هم الحديث للمثلية الجنسي ة بوصفه ا سمة تستند إلى الميل الجنسي وليس إلى اختيار ال شخص لسلوك ه الجنسي عن وعي.

3 -6 و لذلك، تدعي صاحبة البلاغ أن قانون إقليم ريازان يتعارض أيضاً مع ا لمادة 26 من العهد، التي تنص على أن الناس جميع اً سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته. وتضيف أن قانون إقليم ريازان ينطوي على تمييز ضد الم ثل ي ي ن إذ يحظر بحكم الواقع نشر أي معلومات عنهم بين القصّر ، و ترى أنه لا يوجد أي سبب موضوعي يبرر هذ ه المعاملة المختلفة بموجب العهد. و تشير صاحبة البلاغ في هذا الصدد، إ لى ال ملاحظات الختامية للجنة بشأن التقرير الدوري السادس للاتحاد الروسي (CCPR/C/RUS/CO/6) ، حيث أعربت اللجنة عن " ا لقلق إزاء التمييز المنهجي ضد الأفراد على أساس ميولهم الجنسية في الدولة الطرف، بما في ذلك خطاب الكراهية ومظاهر التعصب والتحامل من جانب المسؤولين العامين والزعماء الدينيين ووسائط الإعلام (المرجع نفسه، الفقرة 27 ).

3-7 وفي الختام، تدعو صاحبة البلاغ اللجنة إلى اعتبار ال حكم الذي صدر عن قاضي الصلح بتاريخ 6 نيسان/ أبريل 2009، وقضى ب إدا نت ها بارتكاب مخالفة إدارية بتهمة " الدعاية للمثلية ا لجنسي ة بين القصّر "، لا ي تناسب مع أي غرض من الأغراض المشروعة المنشودة ، و ينطوي بالتالي ، على انتهاك ل لماد تين 19 و المادة 26 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 20 أيار/ مايو 2010، ذكَّرت الدولة الطرف ب وقائع القضية وطعن ت في مقبولية البلاغ، فدفعت بأ ن صاحب ة البلاغ لم ت ستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. و قالت إ ن ه كان بوسع صاحبة ا لبلاغ أن تلجأ إلى إجراءات الطعن الاعتيادية المنصوص عليه ا في المادة 30-9 من قانون المخالفات الإدارية وتستأنف قرار القاضي الاتحادي في محكمة مقاطعة أوكتيابرسكي ال مؤرخ 14 أيار/ مايو 20 09، أمام قاض ٍ آخر في المحكمة نفسها أو أمام محكمة مدينة ريازان . وعلاوة على ذلك، كان بإمكان صاحبة ا لبلاغ أن تتقدم بطلب استئناف ال قرار الصادر عن محكمة مقاطعة أوكتيابرسكي ، الذي بات نافذ المفعول، إلى ال محكمة العليا في إقليم ريازان ثم إلى المحكمة العليا في ا لاتحاد الروسي إ ذا اقتضى الأمر، وذلك في إطار إجراء ال مراجعة ال قضائية ال رقابية المنصوص عليه في المادة 30-12 من الجزء الأول من قانون المخالفات الإدارية . و دفع ت الدولة الطرف ب أن صاحبة البلاغ تعمدت عدم اللجوء إلى هذه ال سبل المتاحة للطعن ، و عليه، فإن قولها بأنها قد استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية "لا يتطابق مع الحقائق".

4-2 ورأت الدولة الطرف أيضاً أن هذا البلاغ يمثل إساءة ل استعمال الحق في تقديم بلاغات لأن صاحبة البلاغ لم تتعرض لأي نوع من أنواع التمييز. وأفادت بأن الإجراءات الإدارية قد اتُّخذت في حقها على أساس انتهاكها لأحكام قانونية محددة - وصاحبة البلاغ نفسها لم تدحض هذا الأمر - ولا علاقة لميولها الجنسية بالأمر. وعليه، اعتبرت الدولة الطرف أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية البلاغ بموجب المادة 3 والفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 22 تموز/يوليه 2010، ادعت صاحبة البلاغ أن ادعاء الدولة الطرف فيما يتعلق بالمادة 30-9 من قانون المخالفات الإدارية يستند إلى " تفسير خاطئ ل لأحكام الأساسية المتعلقة با لإجراءات الإدارية الروسي ة ". ودفعت بأ ن المادة 30-1 من ذلك ال قانون ، تجيز استئناف ال حكم الذي يصدره القاضي بشأن ارتكاب مخالفة إدارية (كما هو الحال في قضيتها) أمام محكمة أعلى درجة . و لهذا طعنت في حكم قا ضي الصلح المؤرخ 6 نيسان/ أبريل 2009 أمام محكمة أعلى (الدرجة الثانية)، وه ي محكمة مقاطعة أوكتياسبرسكي . و أكدت صاحبة البلاغ كذلك أن المادة 30-9 من ال قانون المذكور ال ت ي تذرعت به ا الدولة الطرف، لا ت نطبق على حالتها، وذلك لأن الحكم المذكور يتناول الط ع و ن في القرارات المتعلقة بالمخالفات الإدارية التي تصدر عن السلطات غير القضائية، أي عن موظفي الدولة .

5-2 وأفادت صاحبة البلاغ بأن الحكم الذي يصدر عن محكمة أعلى (ال درجة الثانية) يصبح نافذ المفعول بموجب المادة 329 من قانون الإجراءات المدنية، فور اعتماده. وأضافت في هذا الصدد، أن المحكمة العليا في الاتحاد الروسي أوضحت أن المادة 30-9 من قانون المخالفات الإدارية لا تنص على إمكانية الطعن في القرار الصادر عن محكمة أعلى درجة (محكمة الدرجة الثانية)، وأن هذا القرار يصبح بالتالي، نافذ اً فور اعتماده ( ) . وبناء على ذلك، ادعت صاحبة البلاغ أنها قد استنفدت جميع إجراءات الطعن الاعتيادية المتاحة لها بموجب قانون الدولة الطرف.

5-3 وفيما يتعلق باد عاء الدولة الطرف أن ه كان بإمكان صاحبة البلاغ أن تقدم استئناف اً بموجب إجراء ال مراجعة ال قضائية ال رقابية، دفعت بأن هذ ا الإجراء لا يمثل وسيلة انتصاف فعالة بالمعنى المنصوص عليه في البروتوكول الاختياري، لأنه لا يضمن تلقائي اً الحق في أن تنظر هيئة قضائية (رئاسة محكمة إقليم ريازان أو ال محكمة العليا في ا لاتحاد الروسي) في الأسس الموضوعية ل طلب الطعن بالمراجعة القضائية . و تقول صاحبة البلاغ إ ن ا لمادة 381 من قانون الإجراءات المدنية تنص على أن ينظر في طلب المراجعة القضائية قاض من ال محكمة المختصة بإجراء المراجعة الرقابية ، وهو مخول بر فض ه دون أن ي طلب ملف القضية من المحكمة الأدنى درجة . و لا يجوز للقاضي أن يقرر طلب الملف إلا إذا وجد أن ال حجج الواردة في الطلب مقنعة بما فيه الكفاية ، و عند ذلك فإنه يعرض القضية على نظر هيئة القضاة في ال محكمة المختصة بإجراء المراجعة الرقابية إذا رأى ذلك مناسبا ً .

5-4 وتمنت صاحبة البلاغ على اللجنة أن تضع في اعتبارها لدى اتخاذ القرار بشأن مقبولية هذا البلاغ، موقف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي قضت مرار اً بأن إجراء المراجعة القضائية الرقابية لا يمثل وسيلة انتصاف فعالة بالمعنى المنصوص عليه في اتفاقيـة حمايـة حقوق ال إ نسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية)، نظر اً لعدم وضوح أسباب إلغاء الأحكام النهائية الصادرة عن المحاكم الأدنى درجة في قانون الإجراءات المدنية وعدم إتاحة إمكانية اللجوء لهذا الإجراء مباشرة لمن يلتمسه ( ) .

5-5 وأكدت صاحبة البلاغ، علاوة على ذلك، أنها قامت هي والشخصان الآخران بمحاولة أخيرة لالتماس العدالة على المستوى المحلي من خلال تقديم استئناف أمام المحكمة الدستورية. وفي الحكم الم ؤرخ 19 كانون الثاني/يناير 2010، رفضت المحكمة ال دستورية استئنافها وقضت بأن حظر "ال نشر المتعمد وغير المنضبط لمعلومات من شأنها الإضرار با لصح ة و المس ب الأخلاق والارتقاء الروحي، وكذلك تقديم مفاهيم مشوهة تساوي في القيمة الاجتماعية بين ا لعلاقات الأسرية التقليدية وغير التقليدية - فيما بين أفراد لا يسمح لهم سنهم بإجراء تقييم نقدي ومستقل ل هذه المعلومات" لا يعتبر انتهاك اً للحقوق الدستورية. ولذلك ، دعت صاحبة البلاغ اللجنة إلى اعتبار موقف المحكمة الدستورية متنافي اً مع المعايير المنصوص عليها في العهد، لأن ال مجتمع ال ديمقراطي ال حديث ينبغي أن ينظر إلى العلاقات التقليدية (بين أشخاص من الجنسين) والعلاقات غير التقليدية (بين أشخاص من نفس الجنس) على أنها متساوية في القيمة. و اعتبرت أن المحكمة الدستورية أيدت فعلي اً نظرة قانون إقليم ريازان بشأن حماية أخلاق أطفال إقليم ريازان ، وهي نظرة تفترض مبدئي اً أن أ ي معلومات تتعلق ب المثلية الجنسية هي غير أخلاقي ة و تؤثر سلب اً على نمو الطفل. و دفعت صاحبة البلاغ بأن من حقها نشر معلومات تهدف إلى الترويج ل فكرة تحقيق المساواة للمثليين في ال مجتمع الروسي.

5-6 وكما يتضح من الحكم الصادر في 19 كانون الثاني/ يناير 2010، فإن المحكمة الدستورية أشارت إلى أن المادة 38 من الدستور تنص تحديد اً على حماية ا لأم والط فل والأسرة. ويمثل التصور التقليدي للأسرة والأمومة والطفولة ، في نظر ال محكمة، قيمة تتطلب ح ماية خاصة من الدولة. و وفق اً للمحكمة ، تصرف ال مشرع انطلاق اً من مبدأ أن مصالح القصّر تمثل قيمة اجتماعية هامة. ومن أهداف ال سياسة التي تعتمدها الدولة بشأن حماية الأطفال حماية القصّر من العوامل التي من شأنها أن تؤثر سلب اً على نموهم ا لفكري والجسدي و العقلي والروحي وال أخلاقي . وعلى نحو أكثر دقة، ينص القانون الاتحادي المتعلق ب الضمانات الأساسية لحقوق الطفل في الاتحاد الروسي على حماية الأطفال من الإعلام وحملات الدعاية والتحريض التي قد ت ضر "بنموهم الصحي [و] وبارتقائهم الأخلاقي والروحي". واعتبرت ال محكمة أن ا لأحكام المطعون قد اعتمدت بهدف ضمان الأمن الفكري والمعنوي والنفسي للأطفال.

5-7 وقامت المحكمة الدستورية ، بعد ذلك، ب تحليل حماية الحق في حرية التعبير المنصوص عليه في الدستور. وأشارت إلى أن المادة 29 من الدستور تكفل الحق في حرية التعبير، مثلما تكفل الحق في حرية نشر المعلومات بجميع الوسائل القانونية . غير أن المادة 10 من الاتفاقية الأوروبية تجيز فرض قيود على حرية التعبير ، شرط أن تكون ه ذه القيود محددة بنص ال قانون، وتتوخى تحقيق غرض مشروع ، و ضرورية في ال مجتمع ال ديمقراطي. وفي الختام ، قضت المحكمة ب أن قانون إقليم ريازان وقانون إقليم ريازان المتعلق ب حماية ال سلوك ال أخلاق ي ل أطفال ريازان لا ينص ان على حظر المثلية الجنسية ولا يزدريانها . ورأت أن القانونين لا ينطويان على تمييز ض د المثليين كما أنه م ا لا يمنحان السلطات العامة صلاحيات واسعة بشكل مفرط. و بناء على ذلك، خلصت المحكمة إلى أن ه لا يمكن القول إن أحكام القانونين المذكورين المطعون فيها تقيد حرية التعبير على نحو مفرط .

5-8 وقدمت صاحبة البلاغ نسخة من الرأي القانوني الذي أعدته ال لجنة الدولية ل لحقوقيين بناء على طلبها، و التمست من ال لجنة أن تضعه في الاعتبار عند البت في الأسس الموضوعية لل بلاغ.

5-9 وبحثت اللجنة الدولية للحقوقيين في رأيها القانوني، أول اً ، مفعول آراء اللجنة بشأن قضية هرتزبرغ وآخر و ن ضد فنلندا ( ) ، حيث قبلت تذرع حكومة فنلندا بالأخلاق العامة كأحد الأسس المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 19 من العهد، لتبرير القيود المفروضة على حرية التعبير بموجب الفقرة 9 من الفصل 20 من قانون العقوبات الجنائية الفنلندي التي تنص على معاقبة التشجيع علناً على سلوك مشين بين أشخاص من نفس الجنس بالسجن لمدة ستة شهور أو بالغرامة. ورأت اللجنة الدولية للحقوقيين أن الاستنتاجات التي خلصت إليها اللجنة بشأن البلاغ المذكور ليست حاسمة في هذ ه المسألة نظر اً للأسباب التالية:

(أ) حدوث تطور كبير على الحق في المساواة في اجتهادات اللجنة وغيرها من هيئات حقوق الإنسان منذ صدور الآراء المعتمدة بشأن قضية هرتزبرغ وآخر و ن ضد فنلندا في نيسان/أبريل 198 2 . ففي ذلك الحين، لم يكن هناك اعتراف بالميول الجنسية كوضع يستدعي الحماية من التمييز كما هو الحال الآن ( ) ؛

(ب) إقرار اللجنة ومؤسسات أخرى منذ عام 1982 أيضاً ، بأن فرض قيود على الحقوق يجب ألا يكون فيه انتهاك لحظر التمييز. ف لا يجوز أن ينطوي التقييد على تمييز حتى وإن كان يتوخى تحقيق هدف م باح - كحماية الأخلاق العامة؛

(ج) من الممكن حدو ث تغيير في المفاهيم المتعلقة ب الأخلاق العامة ( ) ف ما كان يعد مبرر اً فيما يتعلق بالأخلاق العامة في عام 1982 لم يعد كذلك اليوم. ومنذ ذلك الحين، ألغيت التشريعات المشابهة للفقرة 9 من الفصل 20 من قانون العقوبات الجنائية الفنلندي في دول مثل النمسا والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية. وعلاوة على ذلك، تجسد اجتهادات اللجنة تطور مفهوم "الأخلاق العامة" مثلما تطورت اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) .

5-10 و أكدت اللجنة الدولية للحقوقيين بعد ذلك أن قانون إقليم ريازان يمثل تقييد اً غير مقبول لح رية التعبير لأنه ينطوي على تمييز، وذلك للأسباب التالية: (أ) كون الميل ال جنسي أحد أسس التمييز المحظورة بموجب ا لمادتين 2 و26 من العهد ( ) ؛ ( ب) عدم جواز فرض قيود تمييزية على الحقوق ، سواء في القانون أو في الممارسة - واعتبار القانون الذي يقيم فوارق على أساس الميل الجنسي قانون اً تمييز ي اً بناء على ذلك، وينتهك ال عهد، إلا إذا كان له مبرر معقول وموضوعي، ويتوخى تحقيق غرض مشروع؛ و(ج) الأخلاق العامة ليست مبرر اً معقول اً وموضوعي ا ً .

5-11 ودفعت اللجنة الدولية للحقوقيين بالقول إن التمتع بجميع الحقوق الواردة في الاتفاقية دون تمييز يعني أنه لا يجوز فرض قيود تمييزية على حرية التعبير المكفولة ل لمثليات والمثلي ي ن ومزدوج ي الميل الجنسي ومغاير ي الهوية الجنسانية، وكذلك على التعبير المتعلق بالميل الجنسي والعلاقات الجنسية. وإنّ أي قيد يفرض على ا لتعبير بشأن النشاط الجنسي يجب ألا يمس بالميل الجنسي ( ) ، و يجب أن تتوافق القوانين المقيدة لحرية ا لتعبير مع أهداف العهد ومقاصده و أ لا تنتهك أحكام ه المتعلقة بعدم التمييز ( ) . ولا يجوز فرض القيود لغرض التميي ز أو تطبيقها بطريقة تنطوي على تمييز ( ) . ورأت ال لجنة الدولية ل لحقوقيين أن ه من غير الجائز تقييد حرية التعبير إذا ما طُبِّق بطريقة تمييزية حتى وإن استخدم على نحو متناسب لتحقيق غرض مقبول كحماية الأخلاق العامة . و عليه، فإن قانون إقليم ريازان ، بتجريمه "تنظيم أنشطة عامة ب هدف الدعاية للمثلية الجنسية " - في مقابل الغيرية الجنسية أ و النشاط الجنس ي بصفة عامة . إنما ينشئ تفرقة في المعاملة لا يمكن تبريرها. فهو يحدد بشكل انتقائي نمط اً خاص اً من أنماط السلوك الجنسي ويعامله معاملة تفضيلية. وهو يفعل ذلك على الرغم من أن إقامة علاق ة جنسية بالتراضي بين البالغين من نفس الجنس لا تعد مخالفة للقانون في الاتحاد الروسي.

5-12 ومع أن التفريق في المعاملة لا يعد تمييز اً في جميع الأحوال ، فإن معيار هذا التفريق يجب أن يكون معقول اً وموضوعي اً وأن يتوخى تحقيق غرض مشروع بموجب العهد ( ) . وبما أن الميل الجنسي يعد من الأسباب الم حظورة، فإن التفريق ف ي المعاملة على أساس الميل الجنسي يشكل تمييز اً وانتهاك اً للعهد، ما لم يكن هناك مسوغ "معقول وموضوعي" ي برر ه ( ) . و الأخلاق العامة لا تعتبر كذلك . إذ ضعف وزن حجة الأخلاق العامة منذ قضية هرتزبرغ وآخر و ن ضد فنلندا ( ) . وادعت اللجنة الدولية ل لحقوقيين أن ا لمحاكم في مختلف أنحاء العالم ق ضت بأ ن الشواغل المتعلقة ب الأخلاق العامة لا تعد سبب اً كافي اً لتبرير التفريق في المعاملة، و رأت أ ن ه لا يجوز التذرع بالاعتبارات المتعلقة بالأخلاق العامة ل لدفاع عن التفريق في المعاملة على أساس الميل الجنسي ( ) . وأضافت أن قانون إقليم ريازان يستهدف بشكل واضح أي معلومات تتعلق بالمثلية الجنسي ة ، بما في ذلك المعلومات التي لا تمثل بأي حال من الأحوال " إخلال اً بالآداب " بموجب القانون الجنائي.

5-13 وأكدت اللجنة الدولية للحقوقيين أيضاً أن قانون إقليم ريازان له تبعات خطيرة أيضاً على حق الطفل في الحصول على المعلومات. و بالإضافة إلى الفقرة 2 من المادة 19 من العهد، تكفل المادة 13 من اتفاقية حقوق الطفل ، تحديدا ً ، حماية حق الطفل في تلقي المعلومات المتعلقة بالنشاط الجنسي ( ) . ويرتبط حق الطفل في تلقي ال معلومات عن الجنس والميل الجنسي ب حقه في التعليم والصحة ( ) .

5-14 و انطلاق اً من ا لأسباب التي تقدم عرضها ، خلصت اللجنة الدولية للحقوقيين إلى أن المادة 3-10 من ق انون إقليم ريازان تشكل خرق اً لا لتزامات الدولة الطرف بموجب العهد.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

6-1 في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2010، ذكَّرت الدولة الطرف ب وقائع القضية وأفادت بأن الغرامة الإدارية التي فرضها قاضي الصلح على صاحبة البلاغ تمثل أدنى عقوبة نصت عليها المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان ، وهي لا تشكل "عبئا ً " بالنسبة لها. ثم أكدت الدولة الطرف أن جميع ال قرارات التي أصدرتها المحاكم بشأن قضية صاحبة البلاغ كانت قرارات قانونية وقائمة على أساس صحيح ، و قدمت الدولة الطرف حجج اً تتطابق م ن حيث المضمون مع الحجج التي ساقتها محكمة مقاطعة أوكتيابرسكي ( انظر الفقرة 2-6 أعلاه) و المحكمة الدستورية ( انظر الفقرة 5-6 أعلاه). وقالت الدولة الطرف إن ادعاء ات صاحب ة البلاغ التي تفيد بأ نها خضعت لإجراءات إدارية بسبب موقفها المتسامح من المثلية الجنسية والتعبير ب حر ية عن آرائها غير " مطابقة للوقائع ". إذ إ ن الإجراءات ا لإدارية اتخذت ضدها بسبب ا لدعاية للمثلية الجنسية ( اللواط والسحاق ) بين القصّر ( ) .

6-2 وأفادت الدولة الطرف ، كذلك ، بأن الهدف الذي كانت ترمي إليه صاحبة البلاغ من وراء تصرفاتها على حد قولها، هو تشجيع ال تسامح تجاه المثلية الجنسية في المجتمع، بما في ذلك بين القصّر . وبالتالي، فإنها ك ان ت تُبيِّت النية لإشر اك الأطفال في مناقشة هذه المسائل . ونتيجة لذلك، لم يعرف الناس بآراء صاحبة البلاغ إلا بسبب فعلها ذاك . وعلاوة على ذلك، تضمنت تصرفاتها من ذ البداية " عنصر استفزاز". وأضافت الدولة الطرف أن الحياة الخاصة لصاحبة البلاغ لا تعني الناس ولا القصّر و أن السلطات العامة لم تتدخل في حياتها الخاصة. و لهذه الأسباب، كررت الدولة الطرف حجتها الأول ى التي تفيد بأن هذا البلاغ يمثل إساءة ل استعمال الحق في تقديم البلاغات ويتنافى بالتالي مع المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وذك َّ ر ت الدولة الطرف ب أن صاحبة البلاغ تعمدت عدم استخدام حقها في اللجوء إلى إجراء المراجعة القضائية الرقابية ، و رأت أن الت أكيد ب أنها قد استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية "لا يتطاب ق مع الوقائع ". وبناء على ما تقدم، خلصت الدولة الطرف إلى أن ادعاءات صاحب ة البلاغ لا أساس لها و أن التدخل في حقوقها كان متناسب اً و اعتبرت البلاغ ن فسه غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 م ن البروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحبة البلاغ على الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

7-1 في 3 شباط/ فبراير 2011، ذكَّرت صاحبة البلاغ بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن الغرض من اتخاذ إجراءات إدارية ضدها كان غرض اً مشروع اً وهو ح ماية الأطفال من "الدعاية ل لمثلية الجنسية"، أي من المعلومات الضارة بالطفل من الناحية الأخلاقية. وأكدت في هذا الصدد أ ن هذا النهج ينطوي على تمييز واضح، لأنه يقوم على ال افتراض ب أن المثلية الجنسي ة - في مقابل الغيرية الجنسية - تتنافى مع الأخلاق . وأضافت صاحبة البلاغ أن هذا النهج يفتقر إلى مبرر موضوعي ومعقول، لأنه في رأيها، يحظر نشر أي معلومات عن المثلية الجنسي ة ، بما في ذلك ال معلومات ال محايدة، كما هو الحال في هذ ه القضية . واسترعت ا نتباه اللجنة إلى الاستنتاجات ا لتي خلصت إليها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية أ لكسييف ضد روسيا ( ) ، بشأن حظر سلطات موسكو لما يسمى " الاستعراض الفخري للمثليين" في الفترة من 2006 إلى 2008. وتمنَّت صاحبة البلاغ على اللجنة أن تضع في اعتبارها موقف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بتذرع الدولة الطرف بحجج تتعلق بالأخلاق العامة.

7-2 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بشأن ما زعمته عن عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، كررت صاحبة البلاغ م وقفها ال سابق الذي أ عربت عنه في رسالتها المؤرخ ة 22 تموز /يوليه 2010 ، ومفاده أن إجراء المراجعة القضائية الرقابية لا يمثل وسيلة انتصاف فعالة. وعلاوة على ذلك، فإن قرار المحكمة الدستورية المؤرخ 19 كانون الثاني/يناير 2010 قد بدد ما تبقى من شكوك بهذا الشأن.

7-3 و في 21 تشرين الثاني /نوفمبر 2011، التمست صاحبة البلاغ من اللجنة معالجة بلاغها على سبيل الأولوية ، لأنه ذو أهمية، من وجهة نظرها، في تطوير الاجتهاد فيما يتعلق بحقو ق ال مثليات والمثلي ي ن ومزدوج ي الميل الجنسي ومغاير ي الهوية الجنسانية. وقالت إ ن المستجدات الأخيرة تهدد حقوق الإنسان الأساسية المكفولة للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية في الاتحاد الروسي ( ) وأنحاء أخرى من العالم ( ) ، بما في ذلك حرية التعبير وحرية التجمع وحرية تكوين الجمعيات.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

8-1 في 17 آب /أغسطس 2012، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها الإضافية. وذكرت أن التع ديلات التي أُدخلت على قانون المخالفات الإدارية في كل من إقليم سان بطرسبرج وإقليم ارخانجيلسك ت هدف إلى "مكافحة الدعاية ، بين القصّر ، للواط والسحاق وممارسة الجنس بين مزدوجي الميل الجنسي و مغاير ي الهوية الجنسانية، فضل اً عن الدعاية ل لميل الجنسي إلى الأطفال ، وذلك بناء على ورود طلبات جماعية عديد ة من ممثلي المجتمعات المحلية الذين احتجوا على هذه الدعاية". وأشارت الدولة الطرف إلى القانون النموذجي المتعلق ب حماية الأطفال من ال معلومات المضرة بصحتهم ونموهم الذي اعتمدته الجمعية البرلمانية المشتركة للدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة في 3 كانون الأول/ ديسمبر 2009. ويُقصد ب‍ "الدعاية" وفق هذ ا القانون "الأنشطة التي يقوم أشخاص طبيعيون و (أو) اعتباريون ي نشر ون معلومات ت هدف إلى تحديد سلوك الأطفال و(أو) خلق قوالب نمطية، أو تتوخى تشجيع متلقي تلك المعلومات، أو تشجعهم فعلي اً ، على القيام بأ فع ال معينة أو الامتناع عنه ا ".

8-2 وأضافت الدولة الطرف أن " ال معلومات المضرة ب صحة الأطفال و نمائهم" هي في نظر القانون المذكور "الم علومات التي تؤدي من خلال محتواها أو عرضها و(أو) استخدامها إلى التأثير على العقل الباطن - ويكون من شأنها أن تلحق الضرر ب صحة الأطفال البدنية أو العقلية و(أو ) تسبب اضطراب اً في نموه م على المستوى الروحي الجسدي والعقلي والاجتماعي". ويشمل هذا "الاضطراب" تبني توجهات ومواقف اجتماعية مشوهة، و التحريض على القيام ب أفعال وممارسات قد تنطوي على خطر ، والنزعة العدوانية، والقسوة، والعنف أو غيره من التصرفات المعادية للمجتمع (بما في ذلك التصرفات التي يعاقب عليها القانون الجنائي)، وزرع الخوف والفزع بشكل مرضي أو تشجيع الأطفال على الاهتمام ب الجنس قبل الأوان و ممارسة النشاط الجنسي في سن مبكرة ".

8-3 وأشارت الدولة الطرف أيضاً إلى الفقرة 1 من المادة 4، والفقرة 2 من ا لمادة 5، والمادة 14 من القانون الاتحادي المتعلق ب الضمانات الأساسية لحقوق الطفل في الاتحاد الروسي و أ كدت أ ن حماي ة الطفل من العوامل التي قد تؤثر سلب اً على نموه على المستوى الجسدي والفكري والعقلي والروحي والأخلاقي تندرج ضمن أهداف ال سياسة الحكومية الرامية إلى تحقيق مصلحة الطفل في الاتحاد الروسي.

8-4 وأفادت الدولة الطرف كذلك ب أن ه في إطار السعي لح ماية الطفل من المعلومات التي تؤثر سلب اً على صحته و(أو) نموه، حدد القانون الاتحادي الخاص بح ماية الأطفال من ال معلومات الضارة بصحتهم ونموهم الذي صدر في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2010 ( دخل حيز التنفيذ اعتبار اً من أيلول/ سبتمبر 2012 ) شروط اً ل نشر المعلومات بين ا لأطفال. وتشمل الشروط تصنيف ال نواتج الإعلامية ، و تقييمها على يد خبراء، فضل اً عن قيام الدولة بدور ا لرقابة والإشراف فيما يتعلق ب امتثال ا لقانون الخاص ب حماية الأطفال من المعلومات الضارة ب صحتهم و (أو) نموهم .

8-5 و ذك َّ ر ت الدولة الطرف بأن الحقوق المكفولة بموجب الفقرة 2 من المادة 19 من العهد خاضعة لقيود معينة نصت عليها الفقرة 3 من نفس المادة. و أشارت في هذا السياق ، إلى المادتين 17 و 34 من اتفاقية حقوق الطفل، وكذلك إ لى الفقرة 2 من المادة 4 من القانون الاتحادي الخاص ب الضمانات الأساسية لحقوق الطفل في الاتحاد الروسي، ال ت ي تحدد معايير نشر المواد المطبوعة والمسموعة والمرئية وغيرها من المواد التي لا يسمح بها للأطفال دون سن 18 عاما ً .

8-6 وأكدت الدولة الطرف أن المحكمة الدستورية نظرت بعناية في و قائع القضية التي عرضتها صاحب ة البلاغ بالاشتراك مع شخصين آخر ي ن، وكذلك في ال حجج التي دفعوا بها، ومن ثم خلصت إلى أن ه عمل اً بمقتضيات القانون الاتحادي الخاص ب حماية الأطفال من المعلومات الضارة بصحتهم ونموهم، قام المشرعون في إقليم ريازان باعتماد تدابير ترمي إلى ضمان سلامة الفكر والأخلاق والعقل للأطفال في إقليم ريازان ، عن طريق جملة أمور من بينها حظر القيام بأنشطة عامة تهدف إلى الدعاية للمثلية الجنسي ة . كما أعادت الدولة الطرف تأكيد ال استنتاج الذي توصلت إليه المحكمة الدستورية ومفاده أن حظر هذه الدعاية ، باعتبارها تشكل في حد ذاته ا، " نشر اً متعمد اً وغير منضبط لمعلومات من شأنها أ ن ت لحق ال ضر ر بال صحة والأخلاق والنمو الروحي، فضل اً عن أنها تؤدي إلى نشوء مفاهيم مشوهة تساوي في القيمة الاجتماعية بين العلاقات الأسرية التقليدية و غير التقليدية - بين أشخاص لا يسمح لهم سنهم بإجراء تقييم مستقل ونقدي ل هذه المعلومات" لا يمكن اعتباره بمثابة انتهاك للحقوق الدستورية.

8-7 ودفعت الدولة الطرف بأن تعليقات صاحبة البلاغ لم تتضمن أي حجج جديدة فيما ي تعلق بجوهر ا لبلاغ بل مجرد تفسير ل أحكام من القانون الدولي. وأضافت أن الملاحظات التي قدمتها في 20 أيار/ مايو 2010 و9 كانون الأول/ ديسمبر 2010 تتعلق بال مقبولية والأسس الموضوعية معا ً . وفيما يخص تعليقات صاحب ة البلاغ بشأن اعتماد قوانين تحظر الدعاية بين القصّر للواط و السحاق وممارسة الجنس بين مزدوجي الميل الجنسي و مغاير ي الهوية الجنسانية على المستوى الإقليمي، أكدت الدولة الطرف أن هذه القوانين تتوافق تمام اً مع ا لالتزامات الدولية للاتحاد الروسي وتهدف إلى حماية نمو الأطفال على المستوى الأخلاقي والروحي والجسدي والعقلي.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

9-1 قبل النظر في أي ادعاء ي رد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر ، وفقا ً ل لمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .

9-2 وقد تأكدت اللجنة، وفق اً لم ا تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن هذه القضية لا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية .

9-3 وفيما يتعلق بالشرط المنصوص عليه في الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تحيط اللجنة علم اً بحجة الدولة الطرف ب أن ه كان بوسع صاحبة البلاغ اللجوء إلى إجراءات الطعن الاعتيادية المنصوص عليها في المادة 30-9 من قانون المخالفات الإدارية . و تُذكِّر اللجنة ، في هذا الصدد، ب أن ه يتعين على الدولة الطرف أن تبين بالتفصيل سبل الانتصاف القانونية التي كان بوسع صاحب ة البلاغ اللجوء إليها في قضيتها ، وأن تثبت أنه كان من المتوقع أن تكون تلك السبل فعّالة على نحو معقول ( ) . وبما أن الماد ة 30-9 م ن قانون المخالفات الإدارية لا تنطبق، فيما يبدو ، على هذا البلاغ كما تدعي صاحبة البلاغ ، لأنه ا تتناول الطعون المقدمة ضد ال قرارات التي تصدرها سلطات غير قضائية بشأن المخالفات الإدارية، فإن الل جنة تقبل ال حجة التي دفعت بها صاحبة البلاغ، و لم تدحضها الدولة الطرف، ومفادها أنها لجأت إلى جميع إجراءات الطعن ال اعتيادية المتاحة لها بموجب قانون ا لدولة الطرف.

9-4 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء الدولة الطرف أن ه كان بوسع صاحب ة البلاغ أن تستأنف قرار محكمة مقاطعة أوكتيابرسكي الذي أصبح نافذ اً فعليا ً ، بموجب إجراء المراجعة القضائية الرقابية المنصوص عليه في المادة 30-12 من الجزء الأول من قانون المخالفات الإدارية . وتحيط اللجنة علم اً كذلك ب حجة صاحبة البلاغ التي تفيد بأن هذا الإجراء لا يمثل وسيلة انتصاف فعالة بالمعنى المقصود في البروتوكول الاختياري، لأنه لا يضمن تلقائي اً الحق في أن تنظر هيئة قضائية في الأسس الموضوعية طلب المراجعة القضائية . وعلاوة على ذلك، طعنت في دستورية قانون إقليم ريازان الذي أدينت على أساسه بتهمة ارتكاب مخالفة إدارية ورفضت المحكمة الدستورية الطعن المقدم.

9-5 وتُذكِّر اللجنة في هذا الصدد، بأنه لا حاجة إلى استنفاذ سبل الانتصاف المحلية إذا كانت فرص نجاحها منعدمة من الناحية الموضوعية، أي: متى تأكد أن الطلب سيرفض بموجب القوانين المحليـة الواجب تطبيقها، أو متى استحال، وفقاً للسوابق القضائية ل أعلى ا لمحاكم المحلية ، التوصل إلى نتيجة إيجابية ( ) . وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الدستورية قد رفضت استئناف صاحبة البلاغ إذ قضت بأنه لا يمكن اعتبار حظر الدعاية للمثلية الجنسي ة انتهاك اً لحقوقها الدستورية ، وأن الدولة الطرف لا تدعي أن المحاكم التي كان يمكن أن تنظر في قضية صاحبة البلاغ بموجب إجراء المراجعة القضائية الرقابية كانت س تخلص إلى (أو حتى أنه كان يمكن أن تخلص إلى) نتيجة مخالفة لما خلصت إليه ال محكمة الدستورية . وعليه، ترى اللجنة أ نه ليس من المعقول أن يُطلب من صاحبة البلاغ اللجوء إلى إجراء المراجعة القضائية الرقابية لأنه لم يعد في الإمكان النظر إلى وسيلة الانتصاف تلك على أنها وسيلة فعالة ب المعنى المنصوص عليه في الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أي أن تنطوي على احتمال معقول لحصول صاحبة البلاغ على الانتصاف القضائي ( ) . و عليه، ترى اللجنة ، أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ لأغراض المقبولية .

9-6 وت دفع الدولة الطرف كذلك ب أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري، ويشكل إساءة ل استعمال ا لحق في تقديم البلاغات ، لأن صاحبة البلاغ ل م ت تعرض لأي نوع من أنواع ال تمييز، وخاصة التمييز القائم على أسا س الميل الجنسي، و أ ن ال سلطات العامة في الدولة الطرف لم تتدخل في حياتها الخاصة. لكن اللجنة ترى مع ذلك، أن الحجج التي قدم ت ها صاحبة البلاغ - ب أن ها أدينت بتهمة ارتكاب مخالفة إدارية استناد اً إلى المادة 3 ‑ 10 من قانون إقليم ريازان ال ذ ي ي ميز ضد المثليين على حد زعمها - تثير مسائل موضوعية و ينبغي معالجتها في مرحلة البت في ا لأسس الموضوعية من الإجراءات .

9-7 و بناء على ذلك، ترى اللجنة أنه لا توجد أية عقبات أخرى أمام مقبولية الشكوى و أن إدعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادتين 19 و26 من العهد قد شُفعت بأدلة كافية لأغراض المقبولية .

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 وقد نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها ا لطرف ا ن، على النحو المنصوص عليه بموجب المادة 5، الفقرة 1 من البروتوكول الاختياري .

10-2 وتتعلق المسألة الأولى المعروضة على اللجنة بتحديد ما إذا كان تطبيق المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان على قضية صاحبة البلاغ، وهو ما أفضى إلى إدانتها بتهمة ارتكاب مخالفة إدارية وتغريمها، يشكل تقييد اً لحق صاحب البلاغ في حرية التعبير بالمعنى المقصود في الفقرة 3 من المادة 19. وتحيط اللجنة علم اً ب أن المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان ت نص على أن "الدعاية بين القصّر للمثلية الجنسية ( ممارسة اللواط أو السحاق )" تترتب عليه مسؤولية إدارية . لكن اللجنة تلاحظ أن صيغة المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان لا توضح ما إذا كانت عبارة "المثلية الجنسية (اللواط أو السحاق )" تشير إلى الهوية الجنس ية للشخص أو إلى النشاط الجنسي أو إليهما معاً. ومهما يكن من أمر، فإنه من الواضح أنه جرى تقييد حق صاحبة البلاغ في حرية التعبير الذي تكفله الفقرة 2 من المادة 19 من العهد ( ) . والواقع أن وجود التقييد في هذا البلاغ ليس موضع نزاع من الطرفين.

10-3 ويتعين على اللجنة في المرحلة التالية أن تنظر فيما إذا كان تقييد حق صاحبة البلاغ في حرية التعبير مبرر اً بموجب الفقرة 3 من المادة 19 من العهد، أي ما إذا كان محدد اً بنص القانون وضروريا ً : (أ) لا حترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، و (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام (ordre public)، أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى تعليقها العام رقم 34 (2011) بشأن المادة 19 (حرية الرأي وحرية التعبير) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) ، الذي نص ، في جملة أمور، على أن حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد، وهما عنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع ويشكلان حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . ويجب أن تكون القيود المفروضة على ممارستهما متلائمة مع اختبارات صارمة تتعلق بالضرورة والتناسب. و"لا يجوز تطبيق القيود إلا للأغراض التي وضعت من أجلها كما يجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تأسست عليه" ( ) .

10-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ والدولة الطرف يختلفان بشأن ما إذا كان تقييد حرية التعبير "محدد اً بنص القانون". و على وجه الخصوص ، أشارت صاحبة البلاغ إلى الفقرة 3 من المادة 55 من الدستور ف دفعت بأنه لا يجوز تقييد حرية التعبير إلا بموجب القانون الاتحادي، في حين أن قانون إقليم ريازان الذي تم الاستناد إليه في إدانتها بارتكاب مخالفة إدارية بسبب "الدعاية للمثلية الجنسية بين القصّر " ليس قانون اً اتحاديا ً . وتقول الدولة الطرف، بدورها، إ ن قانون إقليم ريازان يستند إلى الدستور وإلى قانون المخالفات الإدارية ويمثل بالتالي جزء اً من التشريعات المتعلقة بالمخالفات الإدارية. ويجوز للجنة عدم النظر في هذه النقطة لأنه بغض النظر عن مدى قانونية التقييد المذكور على الصعيد المحلي ، يجب أن تمتثل القوانين المقيِّدة للحقوق الواردة ف ي الفقرة 2 من المادة 19، ليس فقط الشروط الصارمة للفقرة 3 من المادة 19 من العهد، بل يجب أن تكون هي نفسها أيضاً متلائمة مع أحكام العهد وأهدافه وأغراضه ( ) ، بما في ذلك أحكام عدم التمييز المنصوص عليها في العهد ( ) .

10-5 وتذكر اللجنة في هذا الصدد، بما جاء في تعليقها العام رقم 34 الذي نص على ما يلي: "إن مفهوم الأخلاق مستمد من تقاليد اجتماعية وفلسفية ودينية عديدة؛ وعليه، يجب أن تستند القيود المفروضة ... بغرض حماية الأخلاق إلى مبادئ غير مستمدة حصراً من تقليد واحد". ويجب أن تفسر هذه القيود في ضوء عالمية حقوق الإنسان ومبدأ عدم التمييز " ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان ينص على أن تنظيم "أنشطة عامة تهدف إلى الدعاية بين القصّر للمثلية الجنسية (اللواط أو السحاق )" - في مقابل الدعاية للعلاقات الجنسية بين الجنسين أو للنشاط الجنسي بصفة عامة - تترتب عليه مسؤولية إدارية . وتذكِّر اللجنة، في معرض الإشارة إلى اجتهاداتها القانونية السابقة ( ) ، بأن حظر التمييز بموجب المادة 26 يشمل أيضاً التمييز على أساس الميل الجنسي.

10-6 وتذكر اللجنة أيضاً باجتهاداتها السابقة التي تقضي بعدم اعتبار كل تفريق قائم على الأسس المشار إليها في المادة 26 من العهد بمثابة تمييز ما دام يقوم على معايير معقولة وموضوعية ( ) وما دام يتوخى هدف اً مشروع اً بموجب العهد ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تذرعت بحجة حماية أخلاق القصّر وحقوقهم وصحتهم ومصالحهم المشروعة لكنها ترى أن الدولة الطرف لم تثبت أن تقييد الحق في حرية التعبير في سياق "الدعاية للمثلية الجنسية" - في مقابل الدعاية للعلاقات الجنسية بين الجنسين أو للنشاط الجنسي بصفة عامة - بين القصّر يقوم على أسس معقولة وموضوعية. وعلاوة على ذلك، لم تُقدَّم أي أدلة تشير إلى وجود عوامل من شأنها أن تبرر هذ ا التفريق ( ) .

10-7 وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أن قيام صاحبة البلاغ بعرض ملصقات تحمل شعار"المثلية الجنسية أمر طبيعي" و"أفتخر بمثليتي" قرب مبنى إحدى ال مد ا رس ال ثانوية، لا يمثل نشاط اً عام اً يهدف إلى جر القصّر لنشاط جنسي معين أو إلى الدعوة إلى ميل جنسي بعينه. بل إنها كانت تعبر بذلك عن هويتها الجنسية وتبحث فقط عن موقف متفهم .

10-8 وتحيط اللجنة علم اً بالحجج التي ساقتها الدولة الطرف ومفادها أن صاحبة البلاغ كانت تنوي إشراك الأطفال في مناقشة المسائل التي تطرحها في نشاطها؛ وأن الجمهور لم يعرف بآرائها إلا من خلال ما قامت به؛ وأن تصرفاتها كانت تنطوي منذ البداية على "الاستفزاز" وأن حياتها الخاصة لا تعني الجمهور ولا القصّر ، وأن السلطات العامة لم تتدخل في حياتها الخاصة (انظر الفقرة 6-2 أعلاه). وبينما تسلم اللجنة بدور سلطات الدولة الطرف في حماية القصّر ، فإنها تلاحظ ، في الوقت نفسه، أن الدولة الطرف لم تبين الوقائع التي استدعت، تحقيقا ً لأحد الأهداف المشروعة المذكورة في الفقرة 3 من المادة 19 من العهد، تقييد حق صاحبة البلاغ في حرية التعبير على أساس المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان ، لقيامها بالتعبير عن ميلها الجنسي والبحث عن موقف م تفهم، حتى لو كانت تنوي، بحسب ادعاء الدولة الطرف، إشراك الأطفال في مناقشة مسائل تتعلق بالمثلية الجنسية. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن إدانة صاحبة البلاغ بمخالفة إدارية بسبب "الدعاية بين القصّر للمثلية الجنسية" استناد اً إلى المادة 3-10 من قانون إقليم ريازان ، وهي مادة غامضة وتنطوي على تمييز، يعد بمثابة انتهاك لحقوقها بموجب الفقرة 2 من المادة 19 مقروءة بالاقتران مع المادة 26 من العهد.

11- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تعمل بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الاتحاد الروسي للفقرة 2 من ال مادة 19 من العهد ، مقروءة بالاقتران مع المادة 26 من العهد.

12- وترى اللجنة أ نه عملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تتيح لصاحبة البلاغ سبيل انتصاف فعالاً، بما يشمل سداد قيمة الغرامة وقت فرضها في نيسان/أبريل 2009 وأية مصاريف قانونية تحملتها صا حبة البلاغ، إضافة إلى تعويضها. وهي ملزمة أيضاً بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، وينبغي أن تعمل على جعل الأحكام ذات الصلة من قوانينها الداخلية متفقة مع المادتين 19 و26 من العهد.

13- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، لدى انضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر لهم سبل انتصاف فعالة إذا ما ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتَّخذة لوضع آراء اللجنة هذه موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة على نطاق واسع باللغة الرسمية للدولة الطرف.

[اعتُمِدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]