الأمم المتحدة

CCPR/C/124/D/2260/2013

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

13 December 2018

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2260/2013 * **

بلاغ مقدم من : أندري ستريجاك (لا يمثّله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف : بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثيقة المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ١٨ حزيران/ يونيه ٢٠١٣ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ١ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨

الموضوع: رفض السلطات الإذن بتنظيم اعتصام؛ حرية التعبير

المسألة الإجرائية: عدم تعاون الدولة الطرف

المسائل الموضوعية: حرية التجمّع؛ حرية التعبير

مواد العهد: المادتان 19 و21، مقروءتان بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2

مادة البروتوكول الاختياري: المادة 2

١- صاحب البلاغ هو أندري ستريجاك ، وهو مواطن بيلاروسي من مواليد عام 1986. وهو يدعي أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المادتين 19 و21، مقروءتين بالاقتران مع الفقرتين 2 و3 من المادة 2 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في بيلاروس في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992. ولا يمثل صاحبَ البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ في ١٤ حزيران/ يونيه ٢٠١٢، قدم صاحب البلاغ إلى اللجنة التنفيذية لمقاطعة ريشيتسا ، بمحافظة غوميل ، طلب اً يلتمس فيه الحصول على إذن بتنظيم تجمع سلمي (اعتصام) في وسط المدينة في ٣ تموز/يوليه ٢٠١٢، الموافق عيد استقلال بيلاروس. وكان الغرض المتوخى من تنظيم الاعتصام توجيه انتباه عامة الجمهور إلى حالة الحركة النقابية العمالية المستقلة في بيلاروس. وكان مقرراً تنظيم الاعتصام في وسط المدينة في الساحة المفتوحة المواجهة لقصر الثقافة في المدينة، الكائن في شارع سوفيتسكايا .

٢-٢ وقد تضمن الطلب جميع المعلومات الضرورية، على النحو المنصوص عليه في قانون الأحداث العامة، المؤرخ ٣٠ كانون الأول/ديسمبر ١٩٩٧، أي الغرض من تنظيم هذا الحدث، وطبيعته، ومكانه، وزمانه، وتوقيت بدايته ونهايته، وعدد المشاركين المقدّر، والتدابير المتخذة لتأمين النظام العام والسلامة العامة وتقديم الخدمات الطبية أثناء الحدث، وترتيبات تنظيف مكان الحدث إثر انتهائه. وقدم صاحب البلاغ، بصفته منظم الحدث، تعهد اً خطي اً بأن يكون حاضر اً طيلة الاعتصام لضمان تنظيمه وفق اً للإجراءات المتبعة في تنظيم الأحداث العامة، وبأن يمتثل للأوامر المشروعة الصادرة عن سلطات إنفاذ القانون، وبأن يربط شريط اً على ذراعه أو يحمل شارة مميَّزة، وأن يدفع تكاليف مقدمي الخدمات ذوي الصلة المكلفين بحفظ النظام العام والسلامة العامة وبتقديم الخدمات الطبية وبتنظيف مكان الحدث في موعد أقصاه ١٠ أيام من تنظيم الحدث.

٢-٣ وفي ٢٧ حزيران/ يونيه ٢٠١٢، رفضت اللجنة التنفيذية لمقاطعة ريشيتسا الإذن بتنظيم الاعتصام لعدم استيفاء طلب صاحب البلاغ شروط قانون الأحداث العامة وقرار اللجنة التنفيذية للمقاطعة رقم 802 الصادر في١٠ نيسان/أبريل ٢٠١٢ والمتعلق بإجراءات تنظيم الأحداث العامة في المقاطعة.

2-4 وفي ١٠ تموز/يوليه ٢٠١٢، طعن صاحب البلاغ في قرار اللجنة التنفيذية لمقاطعة ريشيتسا الصادر في ٢٧ حزيران/ يونيه ٢٠١٢ أمام محكمة ريشيتسا المحلية بمحافظة غوميل . واحتج صاحب البلاغ بأن القرار المذكور لم يقدم أي توضيح لشروط قرار اللجنة التنفيذية رقم 802 التي لم يستوفها طلبه بالتحديد. وبالإشارة إلى المواد ٢٣ و٣٣ و ٣٥ من الدستور والمادتين ١٩ و٢١ من العهد، ادعى صاحب البلاغ أنه لا يمكن اعتبار رفض الإذن بتنظيم الاعتصام إجر ا ء ً تقييدي اً جائز اً لحقه في التجمع السلمي وحقه في حرية التعبير وضروري اً في مجتمع ديمقراطي لأغراض حفظ النظام العام أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

٢-٥ وفي ٣ آب/أغسطس ٢٠١٢، ردّت محكمة ريشيتسا المحلية دعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ. وأثناء جلسة سماع الدعوى، أوضح ممثل عن اللجنة التنفيذية للمقاطعة أسباب رفض الإذن بتنظيم الاعتصام المذكورة، وهو توضيح خلصت المحكمة استناداً إليه إلى أن السلطات المحلية تحدد أماكن دائمة لتنظيم الأحداث العامة، عمل اً بالفقرة 2 من المادة ٩ من قانون الأحداث العامة. ويحدد القرار رقم 802 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمقاطعة ريشيتسا منطقة معبدة بالأسفلت في حديقة بوبيدا ، وهي منطقة لا تقع في وسط المدينة، مكاناً لتنظيم الاعتصامات والمسيرات والتجمعات. ورأت المحكمة أن المكان الذي اختاره صاحب البلاغ بصفته منظم الحدث العام، وهو ساحة مكشوفة مو اجهة لقصر الثقافة الكائن في شار ع سوفيتسكايا ، ليس المكان الذي خصصته اللجنة التنفيذية للمقاطعة لهذا الغرض. وخلصت المحكمة أيض اً، وفق اً للمادة ٥ من قانون الأحداث العامة، إلى أن أي طلب للحصول على إذن بتنظيم حدث عام ينبغي أن يتضمن معلومات تشمل، في جملة أمور، تدابير حفظ النظام العام والسلامة العامة وتقديم الخدمات الطبية أثناء الحدث وترتيبات تنظيف مكانه بعد انتهائه. وتجيز الفقرة 7 من المادة ١٠ من قانون الأحداث العامة للسلطات المحلية تشديد إجراءات تنظيم الأحداث العامة، مع مراعاة الظروف المحلية وشروط قانون تنظيم الأحداث العامة. ويحدد القرار رقم 802 الصادر عن اللجنة التنفيذية للمقاطعة قائمة بأسماء مقدمي الخدمات المؤهلين لتقديم الخدمات المذكورة أعلاه، شريطة تقديم نسخ من العقود المبرمة معهم إلى اللجنة التنفيذية مشفوعة بطلب الإذن بتنظيم الحدث. ولم يشفع صاحب البلاغ الطلب الذي قدمه إلى اللجنة التنفيذية بأي نسخة من أي عقد من هذا القبيل. وخلصت المحكمة إلى أن رفض اللجنة التنفيذية للمقاطعة الإذن بتنظيم الاعتصام في ٣ تموز/يوليه ٢٠١٢ يتفق وأحكام القانون.

2-6 وفي 6 آب/أغسطس 2012، رفع صاحب البلاغ دعوى نقض في قرار المحكمة المحلية أمام محكمة غوميل الإقليمية. ‬ واحتج صاحب البلاغ في دعواه بأن شروط القانون المحلي ( أي القرار رقم 802 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمقاطعة ريشيتسا ) التي تقضي بتنظيم ا لأحداث العامة في مكان محدد تخصصه السلطات المحلية لهذا الغرض وبإبرام عقود مع مقدمي خدمات معينين قبل تنظيم التجمع العام، هي شروط لا يجيزها القانون ومنافية للمواد ٢٣ و٣٣ و٣٥ من الدستور وللمادتين ١٩ و٢١ من العهد.

2-7 وفي ٢٧ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، أيدت محكمة غوميل الإقليمية قرار المحكمة المحلية استناد اً إلى الأسباب والحجج نفسها. وبموجب المادة 432 من قانون الإجراءات المدنية، يكون قرار محكمة النقض نهائياً ويصبح واجب التنفيذ منذ لحظة اتخاذه. ‬

٢-٨ ولم يقدم صاحب البلاغ طلباً إلى مكتب المدعي العام والمحاكم العليا في إطار إجراء المراجعة القضائية، لأنه رأى أن ذلك لن يشكل سبيل انتصاف فعال. ويضيف صاحب البلاغ أن قرار النظر في طلب المراجعة القضائية لا يتوقف على إرادة الشخص المتضرر وإنما هو قرار يتوقف حصراً على السلطة التقديرية لعدد محدود من الموظفين القضائيين رفيعي المستوى، مثل المدعي العام ورئيس المحكمة العليا. وعندما تجرى مراجعة من هذا القبيل، فإنها تقتصر على المسائل القانونية ولا تسمح بأي مراجعة للوقائع والأدلة. ويؤيد صاحب البلاغ حجته بالإشارة إلى اجتهادات اللجنة ( ) التي خلصت فيها إلى أن إجراءات المراجعة القضائية لقرارات صدرت عن محاكم وبدأ نفاذها لا تشكل سبيل انتصاف يتوجب استنفاده لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. ويردف صاحب البلاغ قائلاً إن القانون المحلي لا ينص على الحق في تقديم التماس فردي إلى المحكمة الدستورية. وبناءً على ذلك، يفيد صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة.

الشكوى

٣-١ يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك بيلاروس للحق في حرية التعبير والحق في التجمع السلمي بموجب المادتين ١٩ و٢١، مقروءتين بالاقتران مع الفقرتين 2 و3 من المادة 2 من العهد، لأنه لم يتضح بعد ما هو الهدف المشروع المتوخى من تقييد هذه الحقوق. ويدفع صاحب البلاغ بأن اللجنة التنفيذية لمقاطعة ريشيتسا لم توضح لم كان فرض هذه القيود ضروري اً لتحقيق أحد الهدفين المشروعين المنصوص عليهما في المادتين ١٩ و ٢١ من العهد، ويضيف أنه يرى أن حظر الجمعية المحلية تنظيم تجمع سلمي لم يكن ضروري اً لحفظ الأمن القومي والنظام العام ولا لحماية الصحة العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

٣ -٢ ويدعي صاحب البلاغ أيض اً أن بيلاروس انتهكت التزاماتها بموجب الفقرة 2 من المادة ٢ من العهد لأنها لم تتخذ التدابير اللازمة لإعمال الحق في حرية التجمع، بالنظر إلى ما يتضمنه قانون التجمعات العامة من معايير فضفاضة وغامضة. فعلى سبيل المثال، تنص المادة ٩ من القانون، على أن رؤساء السلطات المحلية يتمتعون بحق تقديري في تحديد أماكن تنظيم التجمعات السلمية.

٣-٣ ويدعي صاحب البلاغ أن تطبيق القرار رقم 802 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمقاطعة ريشيتسا أدى إلى انتهاك حقه في التجمع السلمي وحقه في حرية التعبير. ويؤكد أن الشروط التي تفرضها السلطات المحلية على تنظيم الأحداث العامة والتي لا تسمح بتنظيم التجمعات العامة إلا في أماكن محددة وتلزم بإبرام عقود مع مقدمي الخدمات، هي قيود غير مقبولة على الحق في التجمع السلمي والحق في حرية التعبير، وذلك للأسباب التالية: (أ) يحدد القرار رقم ٨٠٢ مكانين اثنين فقط لتنظيم التجمعات العامة في ريشيتسا (التي يبلغ عدد سكانها حوالي ٠٠٠ ٧٠ شخص) بدون مشاركة السلطات الحكومية، وهما منطقتان إحداهما مخصصة حصر اً لتنظيم الاعتصامات والمظاهرات والاجتماعات، والأخرى للمسيرات؛ (ب) يفرض القرار رقم ٨٠٢ التزامات إضافية على منظمي التجمعات العامة تتمثل في إبرام عقود مُكلِفة مع مقدمي خدمات حفظ النظام العام والسلامة والخدمات الطبية أثناء الحدث وتنظيف مكان الحدث بعد انتهائه.

٣-٤ ويدفع صاحب البلاغ بأنه لو كان قد امتثل لشرط تنظيم الاعتصام في المكان الوحيد الذي خصصته السلطات المحلية في ريشيتسا بشكل دائم لهذا الغرض، لما كان تنظيم الاعتصام سيجدي نفع اً لأن تحقيق الهدف المعلن من الاعتصام والمتمثل في توجيه انتباه عامة الجمهور إلى حالة الحركة النقابية العمالية المستقلة كان سيكون شبه مستحيل في ذلك المكان.

عدم تعاون الدولة الطرف

٤- طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، في مذكرات شفوية مؤرخة 18 حزيران/ يونيه 2013 و4 شباط/فبراير 2014 و16 نيسان/أبريل 2014، أن توافيها بمعلومات وملاحظات بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق أي معلومات من هذا القبيل. وتعرب اللجنة عن أسفها لأن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات بشأن مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ أو جوهرها. وتذكِّر بأن الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تلزم الدول الأطراف بأن تنظر بحسن نية في جميع الادعاءات المقدَّمة ضدها، وأن تتيح للجنة كلّ ما لديها من معلومات. وفي حال عدم ورود رد من الدولة الطرف، يولى الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ ما دامت مدعومة بأدلة كافية ( ) .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

٥-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً لما تقتضيه المادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٥-٢ وقد تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة ٢(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن القضية نفسها ليست قيد النظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

٥-٣ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن صاحب البلاغ لم يقدم طلب اً في إطار إجراءات المراجعة القضائية، لأن اعتبر أن ذلك لن يشكل سبيل انتصاف فعال. ونظراً إلى أن الدولة الطرف لم تبد أي اعتراض في هذا الصدد، ترى اللجنة أن شروط الفقرة (2)(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

٥- 4 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ دعم ادعاءه بأدلة كافية بموجب المادتين 19 و21، مقروءتين بالاقتران مع الفقرتين 2 و3 من المادة 2 من العهد، لأغراض المقبولية. ومن ثم، تُعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية. ‬

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

6-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفق ما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-2 ويتضح من المواد المعروضة على اللجنة أن الإجراء الذي اتخذه صاحب البلاغ، على حد وصف المحاكم، هو طلب تنظيم حدث عام، وأن هذا الطلب رفض على أساس أن المكان المختار ليس من بين المكانين اللذين تسمح سلطات المدينة بتنظيم أحداث عامة فيهما وأن صاحب البلاغ لم يقدم نسخ اً من عقود مبرمة مع مقدمي خدمات من المدرجة أسماؤهم في قائمة مقدمي الخدمات.

6-3 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن حقه في حرية التعبير بموجب الفقرة 2 من المادة 19، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، قُيِّد تقييد اً تعسفياً. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34(2011) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، الذي ذكرت فيه أن حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما للنماء الكامل للفرد، وهما عنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع ( ) . وتشكل هاتان الحريتان حجر الأساس لأي مجتمع حر وديمقراطي. وتذكِّر اللجنة بأن الفقرة 3 من المادة 19 من العهد تجيز فرض بعض القيود على هذين الحقين، شريطة أن تكون قيود اً منصوص اً عليها في القانون وضرورية لما يلي: (أ) احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ (ب) حماية الأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة. وكل تقييد لهما يجب أن يتوافق مع اختباري الضرورة والتناسب الصارمين. ولا يجوز تطبيق هذه القيود إلا للأغراض التي وُضِعت من أجلها ويجب أن تتعلق مباشرةً بالمسألة المحددة التي استدعت فرضها.

٦-٤ وتلاحظ اللجنة أنه لا الدولة الطرف ولا محاكمها الوطنية قدمت تبريراً لفرض هذه القيود على حرية صاحب البلاغ في التعبير. وترى اللجنة، بالنظر إلى ملابسات القضية، أن قرارات المنع التي طُبقت على صاحب البلاغ، رغم استنادها إلى القانون المحلي، لم تكن مبررة لأغراض الفقرة 3 من المادة 19من العهد وتشكل انتهاك اً لأحكام الفقرة 2 من المادة 19 من العهد، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 منه.

٦-٥ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن حقه في حرية التجمع، المنصوص عليه في المادة 21، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، قد انتُهك برفض سلطات البلدية السماح بتنظيم الاعتصام. وفي هذا السياق، تُذكّر اللجنة بأن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان وأنه ضروري لتعبير الفرد علناً عن وجهات نظره وآرائه، ولا غنى عنه في أي مجتمع ديمقراطي ( ) . ويترتب على هذا الحق إمكانية تنظيم تجمع سلمي، متحرك أو ثابت، في مكان عام، والمشاركة فيه. ويحق عموماً لمنظمي أي تجمع اختيار مكان يقع على مرأى ومسمع الجمهور المستهدف؛ ولا يجوز تقييد هذا الحق إلاّ إذا كان التقييد مفروضاً بموجب القانون وضرورياً في مجتمع ديمقراطي لمصلحة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفي ق بين حق الفرد في التجمع والمصالح آنفة الذكر التي تهم الجميع، فينبغي لها أن تسترشد بهدف تيسير هذا الحق عوضاً عن السعي إلى فرض قيود غير ضرورية أو غير متناسبة عليه ( ) . ومن ثم، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتبرير تقييدها للحق المشمول بحماية المادة 21 من العهد ( ) .

٦-٦ وتلاحظ اللجنة، في ضوء المعلومات المتاحة في ملف القضية، أن السلطات الوطنية والمحكمة لم يقدما أي تبرير أو تفسير لحظر حق صاحب البلاغ في حرية التجمع.

6-7 وتُذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف هي التي يجب أن تُبرهِن على أن القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 21 من العهد ضرورية ومتناسبة. وتلاحظ اللجنة أن حصر الاعتصامات في أماكن معينة معزولة ومحددة مسبق اً لا يبدو أنه يستوفي معياري الضرورة والتناسب بموجب المادة 21 من العهد.

٦-٨ وتشير اللجنة إلى أنها نظرت في قضايا مماثلة تخص قوانين الدولة الطرف وممارساتها هذه نفسها في عدد من البلاغات السابقة ( ) . ونظراً إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح بشأن المسائل موضوع البلاغ، تستنتج اللجنة، في هذه القضية، أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادة 21، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

٦- 9 وفي ضوء هذا الاستنتاج، تقرر اللجنة ألا تنظر في ادعاءات صاحب البلاغ المندرجة في إطار أحكام المادتين 19 و21، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 2 من المادة 2 من العهد. ‬

٧- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادتين 19 و21 من العهد، مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 منه.

٨- والدولة الطرف ملزمة، وفقاً للفقرة (3) (أ) من المادة 2 من العهد، بأن توفر سبيل انتصاف فعال للأفراد الذين انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. ويقتضي منها ذلك توفير الجبر الكامل للأفراد الذين انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. وتبعاً لذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة بجملة أمور منها ما يلي: (أ) اتخاذ التدابير المناسبة لتعويض صاحب البلاغ تعويض اً مناسباً؛ (ب) اتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة مجدداً أنه ينبغي للدولة الطرف أن تراجع إطارها المعياري وفقاً لالتزاماتها بموجب الفقرة 2 من المادة 2 من العهد، بما يكفل التمتع بالحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 19 والمادة 21 من العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.

٩- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع باللغتين البيلاروسية والروسية.