الأمم المتحدة

CAT/C/64/D/810/2017

Distr.:

Arabic

Original:

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

14 September 2018

Arabic

Original: French

‎لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 810/2017 * **

المقدم من: نوال غرس الله (يمثلها محام، الكرامة - سويسرا)

الشخص المدعى أنه ضحية: سامي غرس الله

الدولة الطرف: المغرب

تاريخ تقديم الشكوى: ٢٨ شباط/فبراير ٢٠١٧ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد هذا القرار: ٣ آب / أغسطس ٢٠١٨

الموضوع: تسليم زوج صاحبة البلاغ إلى تونس

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وعدم المقبولية بسبب عدم وجود تبرير

المسائل الموضوعية: احتمال التعرض للتعذيب لدواع سياسية في حالة التسليم (عدم الإعادة القسرية)

مواد الاتفاقية: ٣

١-١ صاحبة البلاغ هي نوال غرس الله، وهي مواطنة تونسية ولدت عام ١٩٧٠. وتقدم البلاغ نيابة عن زوجها، سامي غرس الله، وهو مواطن تونسي ولد عام ١٩٦٦ في تونس. والسيد غرس الله محتجز في سجن سلا ١ بالمغرب في انتظار التسليم إلى تونس حيث يدعي أنه قد يتعرض للتعذيب. وتدفع صاحبة البلاغ بأن تسليم زوجها (الشخص المدّعى أنه ضحية) قد يشكل انتهاك اً من جانب المغرب لالتزاماته بموجب المادة 3 من الاتفاقية ( ) . وتمثلها مؤسسة الكرامة ( ) .

١-٢ والتمست صاحبة البلاغ من اللجنة في طلبها المؤرخ ٢٨ شباط/فبراير ٢٠١٧ اتخاذ تدابير مؤقتة. وفي ٦ آذار/مارس ٢٠١٧، قررت اللجنة، عملاً بالمادة ١١٤ من نظامها الداخلي، أن تتخذ تدابير مؤقتة، طالبةً من المغرب عدم تسليم الضحية إلى تونس ما دامت شكواه قيد النظر. وفي ٣٠ حزيران/يونيه ٢٠١٧، وقد أطلعت صاحبة البلاغ اللجنةَ على مراعاة الدولة الطرف هذا التدبير، قدمت طلب اً جديد اً يلتمس اتخاذ تدابير حماية ترمي إلى الإفراج الفوري عن الشخص المدّعى أنه ضحية. وفي ٧ آب/أغسطس ٢٠١٧، وافقت اللجنة على طلبها بدعوة الدولة الطرف إلى ضمان استفادة المشتكي من جميع الضمانات الأساسية التي تقتضيها حالته الصحية أثناء احتجازه، بما فيها النظر في الإفراج عنه أو أي حل مناسب. وفي ٢٨ أيلول/سبتمبر ٢٠١٧، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بمواصلة احتجاز الشخص المدعى أنه ضحية، مؤكدةً أنها تكفل له التمتع بجميع الضمانات اللازمة لممارسة حقوقه، بما فيها مراعاة حالته الصحية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

٢-١ في ٢٢ أيلول/سبتمبر ٢٠١٦، الساعة السادسة مساء، أوقف ضباط شرطة بزي مدني السيد غرس الله في بيته في طنجة بالمغرب واقتادوه إلى مقر الأمن الوطني في المدينة. وأبلغوه بأن تونس استصدرت في حقه مذكرة توقيف دولية. فوضع من ثم رهن الاحتجاز لدى الشرطة.

٢-٢ وقُدم السيد غرس الله في اليوم التالي إلى وكيل الملك لدى محكمة طنجة الابتدائية الذي أبلغه رسمي اً بمذكرة التوقيف الدولية المذكورة، وأوضح له أن قاضي التحقيق في الدائرة 19 بمحكمة تونس العاصمة استصدرها بمقتضى شكوى جنائية رفعتها اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق بشأن جُنح مزعومة تتعلق بابتزاز موظف عمومي ورشوة. وكان الهدف المعلن لهذه الهيئة ( ) ، التي أنشئت في أعقاب تغيير النظام السياسي في عام 2011، مكافحة ممارسات الاختلاس والفساد ، الفعلية أو المفترضة، التي تورط فيها أعضاء النظام السابق. ولما نقل إلى سجن سلا ١ بعد خمسة أيام، مَثُل في ٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٦ أمام الغرفة الجنائية بمحكمة النقض بالرباط للبت في طلب التسليم.

٢-٣ وخلال هذه الجلسة، لم يغفل محامي الشخص المدعى أنه ضحية، السيد هشام حداد، إثارة عدم مقبولية طلب التسليم بالشكل الذي تقدّمت به السلطات التونسية وطابعه السياسي لجملة أسباب، منها دور السيد غرس الله في التجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الحاكم السابق، وعلاقته الشخصية بالرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي.

٢-٤ وأثار السيد حداد أيض اً، سواء في مرافعاته وخطي اً في المذكرة المرجعية، احتمال انتهاك السلامة الجسدية والمعنوية للشخص المدعى أنه ضحية إن سُلم إلى السلطات التونسية. وطعن الشخص المدعى أنه ضحية في طلب التسليم هذا على أساس الدوافع السياسية لمذكرة التوقيف الصادرة عن السلطات التونسية الجديدة، وبشأن احتمال تعرضه للتعذيب أو سوء المعاملة في حال تسلميه.

٢-٥ وفي قرار مؤرخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، رفضت محكمة النقض في الرباط، بدون مناقشة، جميع الأدلة النافية للتهمة المثارة، وأصدرت رأي اً مؤيد اً لتسليم الشخص المدعى أنه ضحية. فقد اكتفت المحكمة بالقول إن الـجُنح التي طُلب بسببها تسليم السيد غرس الله تجرّمها التشريعات المغربية أيض اً، وإن الوقائع الواردة في طلب الدولة الطالبة ليست ذات طابع سياسي أو لا علاقة لها بجريمة سياسية. بيد أن صاحبة البلاغ تذكر أن المحكمة، مع ذلك، امتنعت عن الرد أو تعليل قرارها بشأن مسألة احتمال تعرض السيد غرس الله للتعذيب أو سوء المعاملة إن سُلم إلى بلده الأصلي.

٢-٦ وخوف اً من توقيفه بسبب المناخ السياسي الذي ساد تونس عقب خلع الرئيس السابق بن علي في عام 2011 والاعتقالات العديدة المتتالية لأتباعه، اضطُر السيد غرس الله إلى مغادرة تونس إلى المغرب حيث حصل على تصريح إقامة قانوني ( ) . وبعد أن أُبلغت صاحبة البلاغ بأن اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق رفعت شكوى جنائية على زوجها المتهم بأنه استفاد من مزايا بغير حق بسبب صلاته بالرئيس السابق بن علي (لا سيما إعفاء من الضرائب وأرض تبلغ مساحتها 300 متر مربع)، عرضت على السلطات الرسمية تسوية هذا الوضع عن طريق دفع مبلغ الخصم الضريبي الذي حصل عليه. وفي أثناء هذه الإجراءات الجنائية، تدعي صاحبة البلاغ أنها أثبتت أن زوجها لم يحصل على أي مزايا عينية من الرئيس بن علي، في حين لم تتمكن اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق من تقديم أي عنصر إثبات لادعاءاتها ( ) .

٢-٧ ورغم هذه التسوية وسداد الخصم الضريبي الممنوح للسيد غرس الله، أصدرت الدائرة 19 في محكمة تونس العاصمة في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2011 مذكرة توقيف دولية في حق الشخص المدعى أنه ضحية، الأمر الذي أعطى اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق الحق في رفع الشكوى .

٢-٨ وفيما يتعلق بشرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تدعي صاحبة البلاغ أن السيد غرس الله ليس أمامه أي سبيل انتصاف فعال لأن قرارات محكمة النقض في الرباط نهائية ، فهي أعلى محكمة في البلد. وقضت محكمة النقض بالرباط في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 لصالح طلب التسليم الذي قدمته السلطات التونسية ( ) . ولما كان قرارها لا يقبل الطعن، فهو إذن نهائي وواجب التنفيذ بعد تأكيده بمرسوم من رئيس الحكومة ( ) .

٢-٩ وتشير صاحبة البلاغ إلى أن السلطات المغربية يمكن أن تحتج بأن سبل انتصاف أخرى متاحة للشخص المدعى أنه ضحية، أي الطعن بالنقض أمام المحكمة الإدارية في مرسوم التسليم الذي أصدره رئيس الحكومة بسبب سوء استعمال السلطة. غير أن صاحبة البلاغ تشدد على أنه إذا كان هذا السبيل من سبل الانتصاف قائم اً نظريا ً ( ) ، فإنه لا يفتح إلا في حالات استثنائية معينة ولن يكون وجيه اً في القضية محل النظر. وتشير إلى أن هذا الإجراء لا مبرر له بأي حال من الأحوال في القضايا المتعلقة بالتسليم من أجل الاعتراض على فعل من أفعال رئيس الحكومة الذي يحق له تمام اً توقيع هذا المرسوم في حدود صلاحياته. وترى صاحبة البلاغ من ثم أنه لا يمكن تحليل سبيل الانتصاف هذا باعتباره سبيل اً للطعن الممكن وسبيل انتصاف مناسب اً بالمعنى المراد من الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية لأنه من غير المرجح أن يرضي الشخص المدعى أنه ضحية. وتشير في الختام إلى أنها لم تقدم الشكوى إلى أي آلية أخرى للتسوية أو التحقيق، وفق اً للفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية.

الشكوى

٣-١ تدعي صاحبة البلاغ أن من شأن تسليم المغرب السيد غرس الله إلى تونس أن ينتهك حقوقه التي تكفلها المادة 3 من الاتفاقية.

٣-٢ وتشير إلى أن أوضاع حقوق الإنسان تثير قلق اً خاص اً في الدولة الطالبة حيث عاودت الشرطة وضباط الحرس الوطني ممارسة التعذيب، الذي اختفى تقريب اً بعد سقوط نظام الرئيس بن علي. وتدعي أن تعريف التعذيب الوارد في المادة 101 مكرر اً من قانون العقوبات التونسي، المعدل في عام 2011، لا يزال غير متسق مع التعريف الوارد في المادة الأولى من الاتفاقية. وتشير صاحبة البلاغ إلى الملاحظات الختامية التي اعتمدتها اللجنة خلال الاستعراض الأخير لتونس في حزيران/يونيه 2016 ( ) والتي لاحظ فيها أعضاء اللجنة أن استمرار ممارسات من هذا القبيل في تونس يرجع إلى عدم وجود قانون محلي يحظر التعذيب ويعاقب عليه وفق اً لالتزامات الدولة بموجب الاتفاقية، وبسبب استمرار ممارسات الماضي. وكانت اللجنة أعربت أيض اً عن قلقها لأن المادة 101 مكرر اً رابع اً من قانون العقوبات التونسي تنص على أن يُعفى من العقاب موظفو الحكومة أو من في حُكمهم الذين يُبلّغون عن أعمال التعذيب "بحسن نية"، وهو ما يفتح الباب أمام الإفلات من العقاب ( ) .

٣-٣ وتلاحظ مقدمة الشكوى أن القانون التونسي لا يجيز الطعن في الاحتجاز لدى الشرطة أو الطعن في قرارات وكيل الجمهورية بتمديد الاحتجاز فترة تصل إلى اثني عشر يوم اً، الأمر الذي قد يؤثر في حق زوجها في محاكمة عادلة إن سُلم. وتشير إلى أن اللجنة أثارت هذه المسألة في عام 2015 وأن الدولة الطرف لم تعالج بعد هذا الإخلال بالتزاماتها الدولية ( ) . وتشير صاحبة البلاغ إلى أن الوضع بلغ حداً من الإثارة للقلق بحيث إن اللجنة اعترفت بالمعلومات التي تفيد بأن السلطة القضائية لا تزال متأثرة بالسلطة التنفيذية تأثر اً شديدا ً ( ) .

٣-٤ وإضافة إلى ذلك، تدعي صاحبة البلاغ أن طلب التسليم الذي قدمته السلطات التونسية ذو دوافع سياسية. وكان الهدف المعلن للجنة الوطنية لتقصي الحقائق، التي أنشئت في أعقاب تغيير النظام السياسي في عام 2011، مكافحة ممارسات الاختلاس والفساد ، الفعلية أو المفترضة، من قبل أعضاء النظام السابق. غير أن صاحبة البلاغ ترى أن اللجنة وُظفت حصر اً أداةً للقمع السياسي، وأن طلب التسليم الذي قدمته الدولة الطالبة يتسم فعلاً بطابع سياسي. لذا، تدعي أنها تخشى أن يتعرض زوجها لمحاكمة غير عادلة وتعذيب أو معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة إن سُلم إلى السلطات التونسية.

٣-٥ واستناد اً إلى هذه المعلومات وإلى الطابع السياسي للتهم التي وجهتها الدولة الطالبة إلى زوجها، تدعي صاحبة البلاغ أن السيد غرس الله يواجه مخاطر تعذيب شديدة. وتخشى أيض اً أن يُكرَه على توقيع اعتراف تحت التعذيب لتبرير التهم الموجهة إليه. وتشير في هذا الصدد إلى أن اللجنة أعربت في عام 2016 عن قلقها إزاء عدم وجود حالات أعلنت فيها المحاكم أن عناصر الإثبات التي حُصل عليها تحت التعذيب أو الإكراه باطلة ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

٤-١ في ٢٢ أيار/مايو 2017، قدّمت الدولة الطرف إلى اللجنة ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ قيد النظر. أول اً، توضح الدولة الطرف أن قرار محكمة النقض الصادر في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 المؤيد لتسليم الشخص المدعى أنه ضحية يمكن أن يكون محل طعن بالتراجع بمقتضى قانون الإجراءات الجنائية المغربي ( ) . وتعلن الدولة الطرف قائمة كاملة بالحالات التي يمكن فيها الطعن بالتراجع ( ) : الأحكام الصادرة على أساس بيانات كاذبة قدمت في المرافعات على أنها أدلة أو الأحكام التي تنطوي على أخطاء مادية واضحة أو الامتناع عن البت بشأن وسيلة ما دون تعليل أو الأحكام المتعلقة بعدم المقبولية أو الإسقاط على أساس معلومات غير صحيحة تدحضها المستندات الحقيقية. ونتيجة لذلك، تؤكد الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، الأمر الذي من شأنه أن يمكن اللجنة من إعلان عدم مقبولية الشكوى.

٤-٢ ثاني اً، تدعي الدولة الطرف أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار طلب تونس التسليم ذا طابع سياسي. ويُذْكر أن توقيف الشخص المدعى أنه ضحية في 21 أيلول/سبتمبر 2016، عقب صدور قرار من وكيل الملك لدى محكمة طنجة الابتدائية مؤرخ 22 أيلول/سبتمبر 2016 ( ) ، أمر قانوني تمام اً لأنه يستند إلى مذكرة توقيف دولية أصدرتها السلطات القضائية التونسية في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2011. وتذكّر الدولة الطرف بأن الشخص المدعى أنه ضحية تمكن من الطعن في ذلك القرار أمام محكمة النقض، التي رفضت ادعاءاته. وإضافة إلى ذلك، تشدد الدولة الطرف على أن الوقائع المنسوبة إلى الشخص المدعى أنه ضحية تتعلق باستغلال موظف عمومي صفته من أجل الحصول على منافع لا تحق له، وهي أفعال يجرّمها القانون التونسي ولا تخضع للتقادم.

٤-٣ وأخير اً، فيما يتعلق بادعاء احتمال التعرض للتعذيب المخالف للمادة 3 من الاتفاقية في حالة التسليم، تشير الدولة الطرف إلى أنه عندما استمع وكيل الملك لدى محكمة طنجة الابتدائية إلى السيد غرس الله، قيل إن الشخص المدعى أنه ضحية ذكر أنه لا يخشى أن تحاكمه السلطات القضائية التونسية. أضف إلى ذلك أن المادة 721 من قانون الإجراءات الجنائية المغربي تنص على أن سلطات الدولة الطرف ملزمة برفض تسليم الأفراد عندما توجد أسباب جدية تدعو إلى الاعتقاد بأن الطلب لم يقدم إلا لغرض ملاحقة الشخص بسبب آرائه السياسية أو أي سبب آخر ينطوي على تمييز. زد على ذلك أن التوقيف كان ضمن الإطار القانوني للتعاون في المسائل الجنائية وتسليم المجرمين بين تونس والمغرب. وفي هذه القضية، تشير الدولة الطرف إلى أن سلطاتها لم تشر إلى أي احتمال بالتعرض للتعذيب في حال التسليم.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ في 30 حزيران/يونيه 2017، قدمت صاحبة البلاغ إلى اللجنة تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. ففي المقام الأول، أبلغت اللجنةَ بأن الدولة الطرف لم تسلم الشخص المدعى أنه ضحية إلى تونس، وبذلك امتثلت لطلب اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة في 6 آذار/مارس 2017.

٥-٢ وتبين صاحبة البلاغ بعدئذ أن السيد غرس الله أشار فعل اً أثناء جلسة الاستماع أمام وكيل الملك لدى محكمة طنجة الابتدائية إلى أنه لن يقبل المثول أمام القضاء التونسي إلا إذا حصل على ضمانات تحمي سلامته الجسدية وتكفل له محاكمة غير سياسية وعادلة، وهما شرطان يعتقد أنهما غير متوفرين. وتذكّر بأن هذين الشرطين هما أيض اً السببان الرئيسان للطعن الذي قدمه المحامي حداد نيابة عن الشخص المدعى أنه ضحية أمام محكمة النقض.

٥-٣ وعن ادعاء الدولة الطرف بشأن إمكانية الطعن بالتراجع في قرار محكمة النقض بمقتضى المادتين 563 و564 من قانون الإجراءات الجنائية، تشير صاحبة البلاغ إلى أن هذا الطعن يتعلق بحالات استثنائية ويشكل سبيل اً استثنائي اً للانتصاف. وتوضح أن هذه القضية لا تستوفي أي اً من هذه الحالات الاستثنائية. وتضيف أنه في غياب أي إشارة إلى المادتين 563 و564 من قانون الإجراءات الجنائية في هذا الصدد، فإن هذا الطعن ليس له أي أثر إيقافي عملي اً. فهي لا ترى ضرورة رفع دعوى تَراجُع لا توفر لها أي ضمانة للترضية لأن هذا الطعن المعلَّق أمام محكمة النقض لم يكن ليمنع الدولة الطرف من تسليم الشخص المدعى أنه ضحية. وتشير في هذا الصدد إلى قضية نظرت فيها اللجنة ( ) وقّع فيها رئيس الحكومة المغربية مرسوم تسليم يجيز قرار اً اتخذته محكمة النقض مؤيد اً للتسليم حتى قبل أن تتخذ هذه المحكمة قرار اً بشأن دعوى تَراجُع، الأمر الذي يؤكد أن قرار محكمة النقض غير قابل للطعن. وبناء على ذلك، تطلب إلى اللجنة أن تقر بعدم جدوى سبل الانتصاف المحلية وأن تعلن مقبولية هذا البلاغ لأنه يستوفي جميع متطلبات الفقرة 5 من المادة 22 من الاتفاقية.

٥-٤ وفيما يتعلق بالطابع السياسي لطلب التسليم الذي تقدمت به الدولة الطالبة، تؤكد صاحبة البلاغ أن السبب الذي جعل اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق ترفع شكوى على الشخص المدعى أنه ضحية يستند إلى عضويته في الفريق السياسي للرئيس السابق بن علي. وتشير إلى أن مذكرة التوقيف الدولية صدرت عن الدائرة 19 لمحكمة تونس العاصمة رغم عدم وجود أي دليل يدين الشخص المدعى أنه ضحية. وتستنتج صاحبة البلاغ أن هذا الإجراء صدر عن هيئة تنفيذية ذات طابع سياسي خوّلتها حكومة انتقالية سلطات استثنائية.

٥-٥ وعن قانونية الاحتجاز في انتظار التسليم، تذكّر صاحبة البلاغ بأن المادة 44 من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي بين البلدان العربية تقصر مدة الاحتجاز على ثلاثين يوم اً من التوقيف، وذلك في حال عدم وجود طلب لتمديد التوقيف من الدولة الطالبة. وفي القضية موضع النظر، تشير إلى تجاوز هذه المهلة بكثير لأن الشخص المدعى أنه ضحية قيد الاحتجاز منذ 22 أيلول/سبتمبر 2016. وعليه، تشير صاحبة البلاغ إلى أن احتجاز زوجها لم يعد مبرر اً. ولهذه الأسباب، تقدم إلى اللجنة طلب اً جديد اً باتخاذ تدابير مؤقتة للإفراج الفوري عن الشخص المدعى أنه ضحية ريثما تبت اللجنة في أسس البلاغ الموضوعية.

٥-٦ وفي 20 تموز/يوليه 2017، أحالت صاحبة البلاغ إلى اللجنة رسالة من المحامي الذي مثّل الشخص المدعى أنه ضحية أثناء الإجراءات في المغرب، السيد حداد، تثبت تدهور الصحة النفسية لموكّله الذي لا يزال محتجز اً والذي تراوده أفكار انتحارية ( ) . زد على ذلك أن السيد حداد يشير إلى أن سلطات الدولة الطرف أكدت أنه سيُفرج عن الشخص المدعى أنه ضحية حالما تتخذ اللجنة قرار اً في هذا الصدد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية وتعليقات صاحبة البلاغ

٦-١ علقت الدولة الطرف على مقبولية هذا البلاغ وأسسه الموضوعية في مذكرة شفوية مؤرخة 8 أيلول/سبتمبر 2017. وتكرر في المقام الأول الحجج المتعلقة بالطابع السياسي المزعوم لطلب التسليم، مذكّرةً بأن التوقيف يستند إلى مذكرة توقيف دولية صادرة عن محكمة تونسية على أساس جريمة، وأن هذا التوقيف صدر بأمر من وكيل الملك، بل إنه طُعن فيه أمام محكمة النقض. وتشير الدولة الطرف إلى أنه على الرغم من أن رئيس الحكومة اعتمد مرسوم التسليم ( ) ، فإن المرسوم عُلق من أجل الموافقة على طلب اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة. وتذكّر الدولة الطرف في هذا السياق بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال صبغ طلب التسليم بصبغة سياسية.

٦-٢ وفيما يتعلق بالادعاء المرتبط بالتعذيب في حالة التسليم إلى تونس، تكرر الدولة الطرف الحجج التي قدمتها في ملاحظاتها الأولية بشأن المقبولية. وتذكّر اللجنة، في جملة أمور، بأن الشخص المدعى أنه ضحية أوضح أنه لا يعترض على المثول أمام المحاكم التونسية، وأن القانون المغربي ( ) واتفاقية التعاون القضائي وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين لعام 1964 بين المغرب وتونس يوفران ضمانات كافية لرفض طلبات التسليم ذات الطابع السياسي أو التمييزي. وتشير سلطات الدولة الطرف إلى عدم احتمال التعرض للتعذيب في الحالة المحددة للشخص المدعى أنه ضحية. ومن ثم، فإنها لم تنتهك أي اً من أحكام الاتفاقية.

٦-٣ وفي ٢٨ أيلول/سبتمبر ٢٠١٧، قدمت الدولة الطرف بعض التوضيحات بشأن الطلب الأخير المتعلق باتخاذ اللجنة تدابير مؤقتة في ٧ آب/أغسطس ٢٠١٧. وتشير إلى أن تحقيق اً أجرته السلطات المغربية خلص إلى أن السيد غرس الله يتمتع بظروف احتجاز مناسبة نظر اً لحالته الصحية، وأنه يعامل على قدم المساواة مع المحتجزين الآخرين في السجون المغربية ودون تمييز مقارنة بهم. وإضافة إلى ذلك، أفيد بأن المحتجز يتمتع بحقه في الزيا رات الأسرية وحقه في التراسل مع محاميه تمتع اً تام اً. وعن الظروف الصحية للسيد غرس الله، تدعي الدولة الطرف أنه تلقى المساعدة الطبية اللازمة. وتفيد الدولة الطرف بأن الشخص المدعى أنه ضحية عولج بسبب ضيق طفيف في التنفس. وفيما يتعلق بتدني حدّة بصره ، تشير الدولة الطرف إلى أن من المقرر أن يراجع أخصائي اً في طب العيون معتمَد اً من المؤسسة السجنية.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٧-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تقضي به الفقرة 5( أ ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث وليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٧-٢ ووفق اً للفقرة ٥(ب) من المادة ٢٢ من الاتفاقية، يجب أن تتأكد اللجنة من أن صاحبة البلاغ استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، علم اً بأن هذه القاعدة لا تنطبق إذا كان إعمال سبل الانتصاف قد طال أمده طول اً غير معقول ( ) أو كان من غير المرجح أن يرضي الشخص المدعى أنه ضحية.

٧-٣ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار الشكوى غير مقبولة بموجب الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، وذلك باعتبار أن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية لأن قرار محكمة النقض قابل للطعن بالتراجع. وتحيط علم اً أيض اً بحجة صاحبة البلاغ بشأن الطابع الاستثنائي لهذا الطعن، الذي ليس له أثر إيقافي، ومن ثم فهو لا يضمن الترضية ( ) .

٧-٤ وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها القانونية ، وتذكّر بأن صاحبة البلاغ، في هذه القضية، وفق اً لمبدأ استنفاد سبل الانتصاف المحلية، لم تكن ملزمة إلا باستخدام سبل انتصاف تتعلق مباشرة باحتمال تعرض زوجها للتعذيب في تونس ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم توضح كيف يمكن للطعن في قرار محكمة النقض الصادر في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 أن يؤثر في تسليم السيد غرس الله إلى تونس، لأنها لم تبين ما إذا كان لهذا الطعن أثر إيقافي. وتلاحظ أيض اً أن الدولة الطرف لم تدحض ادعاءات صاحبة البلاغ بشأن الافتقار إلى الأثر الإيقافي للطعن بالتراجع. وتذكّر بأن رئيس الحكومة وقّع في العديد من القضايا المعروضة على اللجنة على أوامر تسليم حتى قبل أن تبت محكمة النقض في دعاوى التراجع ( ) . وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها سكوت القانون المغربي عن الطابع الإيقافي للطعن، وكون الدولة الطرف تكتفي بالإشارة إلى الحالات الاستثنائية لرفع دعاوى الطعن بالتراجع، وعدم ضرب الدولة الطرف أمثلة ملموسة على السوابق القضائية التي توضح الطبيعة الإيقافية للطعن بالتراجع ( ) ، فإنه لا يمكنها استنتاج أن كون صاحبة البلاغ لم ترفع دعوى طعن بالتراجع منعها من تقديم شكواها إلى اللجنة. وترى اللجنة والحالة هذه أن المادة 22(5)(ب) من الاتفاقية لا تقف عائقاً أمام إعلان مقبولية البلاغ.

٧-٥ وتلاحظ اللجنة أيض اً أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية البلاغ لعدم كفاية الأدلة، بما أن صاحبة البلاغ تدعي أن طلب التسليم الذي قدمته تونس كان ذا طابع سياسي. وأفادت الدولة الطرف بأن الشخص المدعى أنه ضحية تمكن من الطعن في أمر توقيفه أمام محكمة النقض، التي رفضت ادعاءاته، وأنه أشار إلى أنه لا يخشى البتة أن تحاكمه السلطات القضائية التونسية أثناء جلسة الاستماع التي جمعته بوكيل الملك أمام محكمة طنجة الابتدائية، وأن السلطات المغربية لم تشر إلى أي احتمال بأن يتعرض للتعذيب في حال تسل ي مه. وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ احتجت بالخطر المحدق بزوجها إن سُلم، إذ إنها تخشى على سلامته الجسدية وعدم محاكمته محاكمة عادلة أمام القضاء التونسي. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاتها لأغراض المقبولية.

٧-٦ وتخلص اللجنة من ثم إلى أن البلاغ مقبول بموجب المادة ٢٢ فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة ٣ من الاتفاقية، وتمضي إلى دراسة أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٨-١ عملاً بالمادة 22(4) من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

٨-٢ وفي هذه القضية، على اللجنة أن تبت فيما إذا كان تسليم السيد غرس الله إلى تونس سيشكل انتهاكاً لالتزامات الدولة الطرف بموجب الفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية التي تنص على عدم طرد أو إبعاد شخص إلى دولة أخرى إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون معرضاً للتعذيب. وتذكّر اللجنة أول اً وقبل كل شيء بأن حظر التعذيب هو حظر مطلق وغير قابل للانتقاص، ولا يجوز التذرع بأي ظروف استثنائية من قبل الدولة الطرف لتبرير أعمال التعذيب ( ) .

٨-٣ ولتحديد ما إذا كانت هناك أسباب جدية تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص المدعى أنه ضحية قد يتعرض للتعذيب، تذكّر اللجنة بأن على الدول الأطراف أن تراعي بمقتضى الفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية جميع العناصر، بما فيها وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد العودة. بيد أن المسألة التي يتعين تحديدها هي ما إذا كان السيد غرس الله قد يتعرض شخصياً للتعذيب في حال تسليمه إلى تونس. فوجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد لا يعد في حد ذاته سبباً كافياً لتحديد ما إذا كان سيتعرض للتعذيب عند تسليمه إلى ذلك البلد؛ فلا بد من توفر أسباب أخرى تبين أن الفرد المعني مُعرّض شخصياً للخطر ( ) . وعلى العكس من ذلك، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان لا يعني أنه لا يمكن اعتبار الشخص معرض اً للتعذيب في الظروف المحددة الخاصة به ( ) .

٨-٤ وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم ٤(٢٠١٧) بشأن تنفيذ المادة ٣ من الاتفاقية في سياق المادة ٢٢ الذي ينص على أن الالتزام بعدم الإعادة القسرية موجود كلما توافرت "أسباب جدية" تحمل على الاعتقاد بأن الشخص قد يتعرض للتعذيب في دولة هو مهدد بالترحيل إليها ، إما بصفة فردية أو باعتباره عضو اً في مجموعة قد تتعرض للتعذيب في دولة المقصد. ودرجت اللجنة في مثل هذه الظروف على اعتبار وجود "أسباب جدية" كلما كان احتمال التعرض للتعذيب " متوقع اً وشخصي اً وحقيقيا ً" ( ) . ويمكن أن تشمل عوامل الخطر الشخصي ما يلي، في جملة أمور: الأصل الإثني لصاحب الشكوى؛ وأعمال التعذيب السابقة؛ والاحتجاز مع منع الاتصال أو أي شكل آخر من أشكال الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في البلد الأصلي؛ والهروب غير المشروع من البلد الأصلي في حال التهديد بالتعذيب ( ) . وتذكّر اللجنة أيضاً بأنها تولي كثير اً من الاعتبار للآراء الوقائعية التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية. غير أنها ليست ملزمة بهذه الآراء، وتقيّم بحرية المعلومات المقدمة إليها، وفق اً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، مع مراعاة جميع ملابسات كل قضية ( ) .

٨-٥ ويجب على اللجنة أن تأخذ في الاعتبار الحالة الراهنة لحقوق الإنسان في تونس، وتذكّر في هذا الصدد بالملاحظات الختامية التي أبدتها بشأن التقرير الدوري الثالث للدولة الطرف والتي قالت فيها إنها تشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن اعترافات تحت التعذيب اعتُبرت مقبولة بوصفها أدلة في المحاكم دون إجراء أي تحقيق في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب ( ) ، إضافة إلى التقارير المتطابقة التي تشير إلى أن ممارسة التعذيب لا تزال موجودة في قطاع الأمن ( ) . بيد أن تقييم احتمال التعرض للتعذيب لا يمكن أن يستند فقط إلى الحالة العامة في تونس، إذ يجب تقديم أسباب إضافية تبين أن الشخص المدعى أنه ضحية سيكون معرض اً للخطر شخصي اً.

٨-٦ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحبة البلاغ أن من شأن تسليم السيد غرس الله إلى تونس أن يعرضه لمخاطر تعذيب جدية بسبب انتمائه إلى الفريق السياسي للرئيس السابق بن علي. وتحيط علم اً أيض اً بملاحظات الدولة الطرف التي تشير إلى أن المحاكم المغربية، أثناء الإجراءات المحلية، لم تشر إلى أي احتمال بتعرض السيد غرس الله للتعذيب في حال تسليمه. وتذكّر اللجنة في هذا الصدد بسوابقها القضائية التي تفيد بأن احتمال التعرض للتعذيب يجب أن يقدر على أسس تتجاوز مجرد النظرية أو الشك، وتشير إلى أن أمر تقديم حجج يمكن الدفاع عنها يعود عادة إلى صاحب الشكوى ( ) .

٨-٧ وفي القضية قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تكتفي بالاحتجاج باحتمال تعرض زوجها للتعذيب لأسباب سياسية. وتلاحظ أيض اً في هذا المقام أن صاحبة البلاغ لم تذكر ما إذا كان سبق أن تعرض السيد غرس الله للتعذيب ( ) في تونس أو للتهديد أو كان مطلوب اً أو إذا كان أنصار آخرون للتجمع الدستوري الديمقراطي تعرضوا لمعاملة من هذا القبيل منذ تغيير النظام في عام 2011 أو إن كان السيد غرس الله أدين غيابيا ً ( ) أو إن كانت طبيعة العقوبات التي قد تطبق عليه تشكل جوهر أعمال التعذيب ( ) ، بحيث يثبت الطابع الشخصي للخطر المزعوم. وفيما يتعلق بالطبيعة الحقيقية للخطر، تذكّر اللجنة بأن السيد غرس الله هرب من تونس عقب استقالة الرئيس السابق بن علي في كانون الثاني/يناير 2011، وأن صاحبة البلاغ لم تحاول إثبات أن زوجها قد يتعرض فيها للتعذيب الآن بعد سنوات عدة من الحادث. وأخير اً، تلاحظ اللجنة أنه لا يمكن إثبات احتمال تعرض السيد غرس الله للتعذيب لأن صاحبة البلاغ لم تتمكن من البرهنة على الطابع الحقيقي والشخصي لهذا الاحتمال.

٨-٨ وتلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف لم تكن لديها، في القضية محل النظر، أدلة دامغة تمكنها من إجراء تقييم أدقّ للادعاء العام المتعلق باحتمال التعرض للتعذيب الذي ادعته صاحبة البلاغ. واستناد اً إلى جميع المعلومات التي قدمتها صاحبة البلاغ، بما فيها المعلومات عن الوضع العام في تونس، ترى اللجنة أنها لم تقدم أدلة كافية تسمح لها بأن تستنتج أن تسليم زوجها إلى تونس ينطوي على خطر متوقع وحقيقي وشخصي بالتعرض للتعذيب ( ) .

٩- ولذلك فإن اللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص إلى أن تسليم السيد غرس الله إلى تونس لن ينتهك المادة 3 من الاتفاقية.