بلاغ مقدم من:

أ . غ . (تمثلها المحامية فالنتينا فرولوفا )

الشخص المدعى أنه ضحية:

صاحبة البلاغ

الدولة الطرف:

الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ:

١ آذار/مارس ٢٠١٥ (تاريخ تقديم أول بلاغ)

الوثائق المرجعية:

أحيل إلى الدولة الطرف بدايةً في 20 تموز/يوليه 2015؛ وأعيد تقديم النسخة الروسية في 9 كانون الأول/ديسمبر 2015 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧

١ - صاحبة البلاغ هي أ . غ ، وهي مواطنة من الاتحاد الروسي ولدت في عام 1985 . وهي تدعي أنها ضحية انتهاكات الاتحاد الروسي لحقوقها بموجب المادتين 1 و 2 (ب) - (ز)، عند قراءتهما بالاقتران مع التوصيتين العامتين للجنة رقم 19 (1992) بشأن العنف ضد المرأة ورقم 28 (2010) بشأن الالتزامات الأساسية للدول الأطراف بموجب المادة 2 من الاتفاقية، والمادتين 3 و 5 (أ) من الاتفاقية . وقد صدّق الاتحاد الروسي على الاتفاقية والبرتوكول الاختياري الملحق بها في 23 كانون الثاني/يناير 1981 و 28 تموز/يوليه 2004، على التوالي . وصاحبة البلاغ تمثلها محامية .

الوقائع كما قدمتها صاحبة البلاغ

٢-١ ك انت صاحبة البلاغ في اقتران مدني مع المدعو ك . من عام 2008 إلى عام 2010 . وخلال تلك الفترة، يُدعى أن المدعو ك . كان يتعاطى المؤثرات النفسانية والكحول ويوجه الشتائم لصاحبة البلاغ . وكان أيضا مدمنا على القمار . ولتلك الأسباب، انفصلت صاحبة البلاغ عنه . وفي أواخر عام ٢٠١٠ ، بدأت تعيش مع شريك آخر . ومع ذلك، استمر المدعو ك . في الاتصال بصاحبة البلاغ، مطالبا إياها بضرورة مواصلة علاقتهما ، وبعث لها رسائل نصية جارحة، وزار المبنى الذي تعيش فيه وأصر على دخول شقتها . وبسبب المضايقة النفسية وما أبداه المدعو ك . من سلوك يتسم بالهوس، توقفت صاحبة البلاغ عن التواصل معه .

٢ - 2 وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2011، في حوالي الساعة السابعة مساء، حضر المدعو ك . إلى منزل صاحبة البلاغ وطلب منها أن تسمح له بالدخول . وعندما رفضت صاحبةُ البلاغ ذلك، سدد إليها لكمة في وجهها أمام ابنها وشريكها . وبعد ذلك، ركض إلى الخارج ورمى حجرا على نافذة منزل صاحبة البلاغ، ما أدى إلى تحطيمها .

٢ - 3 وفي ٢٠ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١، اتصلت صاحبة البلاغ بمركز الأزمات الخاص بالمرأة، وهو منظمة غير حكومية في سانت بطرسبرغ، من أجل الإبلاغ عن تلك الأحداث . وقُدّمت لها المعونة القانونية . وفي 21 شباط/فبراير 2013، أدانت المحكمة الابتدائية رقم 1 في مقاطعة أدميرالتيسكي المدعو ك . لارتكابه جريمة بموجب المادة 116 (1) من القانون الجنائي (الضرب) وحُكم عليه بأشغال إصلاحية لمدة أربعة أشهر واقتطاع الحكومة نسبة 5 في المائة من دخله . وبموجب المادة 73 من القانون الجنائي، تم وقف تنفيذ عقوبته مع إخضاعه لفترة اختبارية مدتها ستة أشهر ( ) . وأمر أيضا بدفع مبلغ قدره 000 3 روبل (نحو 50 دولارا) إلى صاحبة البلاغ تعويضا عن الضرر المعنوي الذي لحق بها .

٢ - 4 وفي 23 شباط/فبراير 2013، وجّه المدعو ك . إلى صاحبة البلاغ رسائل نصية تنطوي على شتائم وتهديدات تفيد بأنه سيفاجئها ويقتلها هي وشريكها . وفي 24 شباط/فبراير 2013، قدمت صاحبة البلاغ شكوى جنائية في مركز الشرطة المحلي . وفي 7 آذار/مارس 2013، أصدر ضابط الشرطة المكلف بالشكوى قرارا رسميا رفض فيه الشروع في تحقيق جنائي بحجة تعذّر استجواب المدعو ك . لأن الأخير رفض الحضور إلى مركز الشرطة، وأن حياة صاحبة البلاغ لم تكن في خطر نظرا إلى أن تهديداته لم تكن مقرونة بأفعال .

٢ - 5 وفي 20 أيار/مايو 2013، بعث المدعو ك . رسالة نصية أخرى إلى صاحبة البلاغ يقول فيها ” أسرع ي في العودة إلى المنزل، أنا في انتظارك هنا أمام الباب “ . فاتصلت صاحبة البلاغ على الفور بالشرطة وأبلغت عن التهديد . ومع ذلك، عاود أفراد الشرطة الاتصال بها بعد 10 دقائق وقالوا إنهم تحدثوا إلى المدعو ك . عن طريق الهاتف وإنه وعد بأن يتركها وشأنها . وبعد نحو ٩٠ دقيقة، تلقت صاحبة البلاغ رسالة نصية مهينة أخرى من المدعو ك .

٢ - 6 وفي 21 أيار/مايو 2013، قدمت صاحبة البلاغ شكوى خطية إلى الشرطة بشأن الرسائل النصية المؤرخة 20 أيار/مايو 2013 وطلبت إلى الشرطة إجراء تحقيق جنائي . وفي 30 أيار/مايو 2013 ، أصدر نفس الضابط المكلف بالشكوى التي قُدمت في 24 شباط/فبراير 2013 قرارا رسميا يرفض الشروع في تحقيق جنائي بنفس الحجة التي استند إليها في السابق .

٢ - 7 وفي ٢ آذار/مارس ٢٠١٣، قدمت صاحبة البلاغ طعنا في قرار المحكمة الابتدائية الصادر في ٢١ شباط/فبراير ٢٠١٣ على أساس أن الحكم كان متساهلا للغاية وطلبت تعويضا أكبر . وفي 20 حزيران/يونيه 2013، طلبت صاحبة البلاغ إلى المحكمة نفسها توفير تدابير الحماية من المدعو ك . فرُفض كل من طعنها وطلبها في 11 تموز/يوليه 2013 .

٢ - 8 وفي 26 آب/أغسطس 2013، طلبت صاحبة البلاغ مرة أخرى إلى الشرطة تحريك دعوى جنائية ضد المدعو ك . بسبب توجيهه تهديدات بالقتل، ولكن دون جدوى . وفي المجموع، أصدرت الشرطة سبعة قرارات رفضت فيها الشروع في إجراءات جنائية ضد المدعو ك . بنفس الحجة، وهي تعذُّر استجوابه بسبب رفضه الحضور إلى مركز الشرطة، ولأن حياة صاحبة البلاغ لم تكن في خطر نظرا إلى أن تهديداته لم تكن مقرونة بأفعال . وكانت جميع هذه القرارات تحمل توقيع ضابط الشرطة نفسه .

الشكوى

3 - 1 تؤكد صاحبة البلاغ أن الاتحاد الروسي لم ينفذ الاتفاقية تنفيذا تاما، ولا سيما استحداث تشريع معاصر وشامل بشأن العنف العائلي تمشيا مع القانون الدولي الذي ” وضعته الجهات الفاعلة الحكومية التي تفهم التزامات بذل العناية الواجبة وتلتزم بها “ . وتدفع بأنه لا يوجد أي تعريف للعنف العائلي في التشريعات الوطنية . ولا يمكن مقاضاة مرتكبي كل شكل من أشكال العنف العائلي بموجب القانون الجنائي أو حتى قانون الجرائم الإدارية . ولا يمكن لضحايا العنف العائلي أن يطلبوا أي تدابير لتوفير الحماية . وفي هذا الصدد، تدّعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف، بعدم تناولها مسألة العنف العائلي في تشريعاتها، تنتهك حقوقها بموجب المادتين 1 و 2 (ب) و (ج) و (ه) و (و) من الاتفاقية، عند قراءتهما في ضوء التوصية العامة رقم 19 .

3 - 2 وتدّعي صاحبة البلاغ أيضا أن الدولة الطرف لم تتصدّ على النحو الملائم لما وُجّه إليها من تهديداتٍ جديدة بارتكاب أعمال عنف ضدها وأنها أحجمت عن النظر فورا في شكاويها العديدة . ولم تنفذ الدولة الطرف أيضا التدابير الخاصة، مثل أوامر الحماية، بغية كفالة السلامة الآنية لصاحبة البلاغ . وتدعي صاحبة البلاغ كذلك أن التدابير العامة للحماية التي تقدمها الدولة في الإجراءات الجنائية ليست مصممة لتوفير الحماية لضحايا العنف العائلي . ولذلك، فهي تدعي أن الدولة الطرف انتهكت الالتزامات الإيجابية المفروضة عليها وفقا للمادتين ١ و ٢ (ب) - (ز) من الاتفاقية، عند قراءتهما في ضوء التوصيتين العامتين رقم ١٩ ورقم ٢٨ .

3 - 3 وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك أن المسؤولين ركنوا، عند النظر في طلباتها المستمرة للحصول على الحماية من العنف العائلي، إلى القوالب النمطية بشأن ال أعمال التي تندرج ضمن العنف العائلي ومدى خطورة هذا العنف على الضحية . واستنادا إلى مفاهيم خاطئة تفيد بأن العنف العائلي ليس خطيرا بطبيعته ولا يشكل تهديدا ” حقيقيا “ لحياة المرأة أو أمنها أو سلامتها البدنية أو العقلية، ظلت السلطات تمتنع امتناعا تاما عن الاستجابة لشكاوى صاحبة البلاغ، وهو ما يرقى إلى انتهاك لحقوقها بموجب المادة 5 (أ) من الاتفاقية، عند قراءتها في ضوء التوصيتين العامتين رقم 19 ورقم 28 .

3 - 4 وتشير صاحبة البلاغ إلى أنها قدمت مرارا شكاوى إلى الشرطة وأن الإجراء الوحيد الذي اتخذ استجابة لذلك هو استجواب صاحبة البلاغ نفسها . ورفضت الشرطة تحريك دعوى جنائية دون أن تقوم حتى باستجواب المتهم بارتكاب الجريمة أو اتخاذ أي خطوات أخرى . وعلى الرغم من قيام مكتب المدعي العام في محكمة المنطقة القضائية في وقت لاحق بإلغاء جميع قرارات الرفض وردّها بغية إجراء تحريّات إضافية، فإن الشرطة لم تعدل عن رفض إجراء أي تحقيق ذي مغزى . وتشير صاحبة البلاغ كذلك إلى أنه بسبب مدة السنتين المتاحة في قانون التقادم، فإن أي محاولات لمقاضاة المدعو ك . بعد شباط/فبراير 2015 سقطت بالتقادم . ولذلك فإن رفض السلطات إجراءَ تحرّيات فعالة وفورية بشأن التهديدات الطويلة الأمد التي وُجهت إلى صاحبة البلاغ وتقديمَ مرتكب الجريمة إلى العدالة، فضلا عن الاستناد إلى مفاهيم نمطية عن الأعمال التي تندرج ضمن إطار العنف العائلي، يشكلان انتهاكا للمادة 2 (ب) - (و) من الاتفاقية، عند قراءتها في ضوء التوصيتين العامتين رقم 19 ورقم 28 .

3 - 5 وتدّعي صاحبة البلاغ أن الشرطة لم تجر قط تحقيقا صادقا في شكاويها، وعلى الرغم من قيام كل من مكتب المدعي العام في قضاء المنطقة ومحكمة المنطقة بإلغاء قرار الشرطة رفض إجراء تحقيق جنائي، فإن ذلك لم يؤد إلى أي تحقيق ذي مغزى في شكاويها حتى تاريخه . وهكذا فإنها حرمت من أي سبيل انتصاف فعال وبالتالي من أي تعويض وإعادة تأهيل، وذلك في انتهاك للمادة 2 (ب) و (ه) من الاتفاقية .

3 - 6 وتدفع صاحبة البلاغ أيضا بأن السلطات لم تقدم أي دعم نفسي إلى المدعو ك . لمنعه من تكرار أعماله العنيفة . ولا ينص القانون والممارسة المعمول بهما حاليا على برامج إعادة تأهيل لمرتكبي العنف العائلي أو على إلزامهم بزيارة طبيب نفسي أو معالج، وذلك في انتهاك للمادة 2 (ب) و (ه) و (و) من الاتفاقية، عند قراءتها في ضوء التوصية العامة رقم 19 .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4 - 1 في 29 نيسان/أبريل 2016، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية . وأشارت إلى أن صاحبة البلاغ كانت تعيش مع المدعو ك . وطفلهما في الفترة من عام 2008 إلى عام 2010 . وفي بداية عام 2010، انتهت علاقتهما بمبادرة من صاحبة البلاغ . ومع ذلك، سعى المدعو ك . لإعادة إحياء العلاقة، مما أدى إلى حصول نزاع . وفي 21 شباط/فبراير 2013، وبناء على الشكوى الخاصة المقدمة من صاحبة البلاغ إلى المحكمة، أدانت المحكمة الابتدائية رقم 1 في منطقة أدميرالتيسكي القضائية المدعو ك . لارتكابه جريمة بموجب المادة 116 (1) من القانون الجنائي (الضرب) وحكم عليه بأشغال إصلاحية لمدة أربعة أشهر واقتطاع الحكومة نسبة 5 في المائة من دخله، مع إخضاعه لفترة اختبارية مدتها ستة أشهر . وبالإضافة إلى ذلك، دفع المدعو ك . مبلغ 000 3 روبل إلى صاحبة البلاغ كتعويض عن الضرر المعنوي الذي سببه لها . وتدعي الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تقدم شكوى إلى هيئات إنفاذ القانون بشأن أي أعمال عنف جسدي أخرى ارتكبها المدعو ك .

4 - 2 وفي 1 آذار/مارس 2013، قدمت صاحبة البلاغ طعنا إلى محكمة المنطقة القضائية في أوكتيابرسكي بشأن قرار المحكمة الابتدائية الصادر في 21 شباط/فبراير 2013 على أساس أنها كانت متساهلة للغاية وطلبت تعويضا أكبر عن الأضرار المعنوية التي لحقت بها . ورُفض الطعن في 11 تموز/ يوليه 2013 لأن المحكمة رأت أن العقوبة متناسبة مع الجريمة المرتكبة وليست متساهلة على نحو غير مبرر .

4 - 3 وعلاوة على ذلك، طلبت صاحبة البلاغ، في إطار عملية الاستئناف، أن تُوفر لها تدابير الحماية وفقا لقانون الدولة لحماية الضحايا والشهود وغيرهم من المشاركي ن في الإجراءات الجنائية. وفي 11 تموز/يوليه 2013، رفضت محكمة المنطقة القضائية في أوكتيابرسكي طلبها على أساس عدم وجود معلومات موضوعية تشير إلى وجود تهديد حقيقي لحياة أو صحة صاحبة البلاغ أو أقاربها .

4 - 4 ولم تقدم صاحبة البلاغ ولا محاميتها دعوى نقض أمام المحكمة العليا ضد قرار المحكمة الابتدائية الصادر في 21 شباط/فبراير 2013 أو قرار محكمة الاستئناف الصادر في 11 تموز/يوليه 2013 .

4 - 5 وتلاحظ الدولة الطرف أن عدم رضا صاحبة البلاغ عن نتائج المحاكمات لا يرقى إلى انتهاك للاتفاقية . وتستند قرارات المحاكم إلى التشريعات الوطنية ولا تتعارض مع القانون الدولي . وفي هذا الصدد، يمكن اعتبار شكوى صاحبة البلاغ إساءة لاستعمال الحق في المحاكمة العادلة .

4 - 6 وتعتقد الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية قبل تقديم طلب إلى اللجنة، ولذلك ترى أنه ينبغي اعتبار شكواها غير مقبولة عملا بالمادة 4 (2) (ب) من البروتوكول الاختياري .

4 - 7 وفي 23 شباط/فبراير 2013، سجل مركز الشرطة رقم 1 في سانت بطرسبرغ شكوى صاحبة البلاغ ومفادها بأن المدعو ك . اتصل بها وبعث لها رسائل نصية تتضمن تهديدات بالقتل والعنف الجسدي . وتم التحقيق في هذه الادعاءات بموجب المادة 119 من القانون الجنائي ( ) وفي 7 آذار/مارس 2013 ، أصدرت السلطات قرارا بعدم مقاضاة المدعو ك . بسبب عدم وجود جوهرٍ للجريمة . وأُبلغت صاحبة البلاغ على النحو الواجب بالقرار وبحقها في أن تطعن فيه .

٤-٨ وتشير الدولة الطرف أيضا إلى شكوى صاحبة البلاغ ضد رفض الشرطة، في تاريخ ٧ آذار/مارس ٢٠١٣، إقامة دعوى جنائية ضد المدعو ك. ( ) وتؤكد أن مكتب المدعي العام في المنطقة القضائية قد رد هذا القرار مرارا بوصفه غير قانوني ولا يستند إلى أسس صحيحة لإجراء مزيد من التحقيقات بشأنه. وقد اتُّخذ آخر هذه القرارات الإجرائية في٢٠ آذار/مارس ٢٠١٦ وأُرسل إلى المدعي العام المشرف على القضية لإغلاق الملف بسبب عدم اكتمال التحقيق. وفي الوقت الراهن، تجري الشرطة تحقيقا داخليا بشأن عدم تنفيذ الإجراء الذي طالب به مكتب مدعي العام للمنطقة القضائية والتحقيق في شكاوى صاحبة البلاغ في الوقت المناسب. وتؤكد الدولة الطرف، وفقا للمعلومات المتاحة في ملفات القضية، أن المرة الأخيرة والوحيدة التي وجه فيها المدعو ك. تهديدات هاتفية إلى صاحبة البلاغ يعود تاريخها إلى ٢٤ شباط/فبراير ٢٠١٣.

٤-٩ وبخصوص الأسس الموضوعية للقضية، تؤكد الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تدعم شكواها بأدلة كافية. وتشير أيضا إلى أن مصطلح ”العنف العائلي“، وإن لم يرد ذكره في التشريعات الروسية، يمكن أن يُصنف، حسب ملابسات القضية، ضمن أعمال التعذيب (المادة ١١٧ من القانون الجنائي) أو التهديد بالقتل أو الإيذاء البدني الشديد (المادة ١١٩ من القانون الجنائي) أو الإهانة (المادة ٥-٦١ من قانون الجرائم الإدارية). وعلاوة على ذلك، فإن ارتكاب جريمة باستخدام العنف البدني أو النفسي يُعتبر ظرفا مشدَّدا (المادة ٦٣ (١) (ك) من القانون الجنائي).

٤-١٠ وتدعي الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تدعم ادعاءها بأن الدولة لم تكفل المساواة بين المرأة والرجل في الحماية القانونية للحقوق، وأنها لم توفر، عن طريق المحاكم وغيرها من هيئات الدولة، حماية فعلية للمرأة من أعمال التمييز ولم تتخذ تدابير للقضاء على التمييز ضد المرأة.

٤-١١ فالمادة ١٩ من الدستور تضمن المساواة في الحقوق والحريات لكافة الناس والمواطنين، بصرف النظر عن نوع الجنس، والمساواة أمام القانون والمحاكم. والرجل والمرأة متساويان في الحقوق والحريات ولهما فرص متكافئة للتمتع بها. ولم تواجه صاحبة البلاغ صعوبات من حيث إمكانية اللجوء إلى العدالة وتمكنت من الحصول على سبل انتصاف فعالة، التي استخدمتها. ولذلك، أدين المدعو ك. بارتكاب جريمة الضرب دون التسبب في أذى بدني يهدد صحة صاحبة البلاغ، وحكم عليه بأشغال إصلاحية لمدة أربعة أشهر وبدفع تعويض عن الضرر المعنوي الذي تسبب فيه. وهذا الحكم يتناسب تماما مع جسامة الجريمة المرتكبة.

٤-١٢ وترى الدولة الطرف كذلك أن شكوى صاحبة البلاغ لا تتضمن حججاً تثبت أن القوانين المستخدمة لتجريم أعمال المدعو ك. قوانين تمييزية. وإضافة إلى ذلك، لا تقدم صاحبة البلاغ أي دليل يثبت أن المدعو ك. قد ارتكب أعماله ضد صاحبة البلاغ لكونها امرأة أو بدافع من التمييز ضدها على أساس جنسها.

٤-١٣ وأخيرا، تعتقد الدولة الطرف أن ادعاء صاحبة البلاغ أنها تعرضت لعنف عائلي ادعاء لا يستند أيضا إلى أسس صحيحة لأن المدعو ك. لم يكن من أفراد عائلتها وقت ارتكاب العنف المزعوم حيث بدأت تعيش مع رجل آخر في عام 2010.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

٥-١ تعترض صاحبة البلاغ، في تعليقاتها المؤرخة ١٢ تموز/يوليه ٢٠١٦، على ما أكدته الدولة الطرف من أن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية. وتدعي صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف القانونية الفعلية فيما يتعلق بجميع الانتهاكات المشار إليها في الشكوى التي قدمتها بشأن إحجام الدولة الطرف عن اتخاذ أي إجراء فيما يتعلق باستمرار عشيرها السابق في تعقّبها، بما في ذلك عن طريق الاتصالات الهاتفية والرسائل النصية الملحة، وتوجيه الشتائم والتهديدات والمطاردة المباشرة.

٥-٢ وفيما يتعلق بالاستئناف أمام محكمة المنطقة القضائية في أوكتيابريسكي ضد القرار الصادر في ١١ تموز/يوليه ٢٠١٣ والذي يحرمها من تدابير الحماية، تدعي صاحبة البلاغ أن هذا الاستئناف ما كان ليكون مجديا لأن هذه التدابير ليست مصممة لحماية ضحايا حالات العنف العائلي. ولا علم لصاحبة البلاغ ومحاميتها بأي حالة مُنحت فيها هذه التدابير فيما يتعلق بضحايا في قضايا جنائية مرفوعة في إطار دعاوى خاصة، والتي تعتبر أقل القضايا خطورة. وتدعي أيضا أن قانون الدولة لحماية الضحايا والشهود وغيرهم من المشاركين في الإجراءات الجنائية قانون تمييزي = بطبيعته ولا يمكن اعتباره من سبل الانتصاف الفعالة والعاجلة لحماية ضحايا العنف العائلي، لأن عبء إثبات وجود خطر مباشر ووشيك يهدد الحياة والصحة بما لا يدع مجالا للشك يقع كليا على عاتق الضحية، التي يكون عليها أن تتصرف بصفة مدعٍ خاص في قضية جنائية. وعلاوة على ذلك، فإن هذه التدابير الحمائية لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا طُبقت على الفور. وفي حالة صاحبة البلاغ، نُظر في طلبها الحصول على تدابير الحماية بعد مرور 22 يوما على تقديمه، وهي مدة أطول سبع مرات من المدة المنصوص عليها في القانون ( ) .

٥-٣ وتشير صاحبة البلاغ إلى أنها قدمت شكوى إلى المحكمة وإلى المدعي العام في المنطقة القضائية مرارا وتكرارا بشأن تقاعس الشرطة وما اتخذته من قرارات في سياق البحث الأولي بعد ورود شكاواها من المطاردة. ورأى كل من المحكمة ومكتب المدعي العام في المنطقة القضائية أن القرارات التي اتخذتها الشرطة بعدم إقامة دعوى جنائية ضد المدعو ك. هي قرارات غير قانونية، ولكن ذلك لم يؤد إلى نتيجة إيجابية لصالح صاحبة البلاغ. وتشير صاحبة البلاغ كذلك إلى أنه، بعد مرور ثلاث سنوات على هذا الحادث، لم تقم السلطات بعدُ بإجراء التحقيق اللازم في عمل من أعمال العنف العائلي، ولم تقدّم الجاني إلى العدالة ولم توفر لها الحماية من المطاردة ولم تدفع لها تعويضا عن الأضرار الناجمة عن الضغوط النفسية المرتبطة بالتهديدات المتكررة بالعنف من جانب المدعو ك.

٥-٤ وترى صاحبة البلاغ أن سبل الانتصاف القانونية الداخلية التي أشارت إليها الدولة الطرف (انظر الفقرة ٤-٨ أعلاه)، تستغرق وقتا طويلا دون مبرر، وليس من المرجح أن تفضي إلى انتصاف فعال بالمعنى الوارد في المادة ٤ (١) من البروتوكول الاختياري. وفي الفترة الممتدة بين شباط/فبراير وآب/ أغسطس ٢٠١٣، رفعت صاحبة البلاغ عدة شكاوى جنائية إلى الشرطة بشأن التهديدات والمطاردة، آملة بشكل معقول أن تجري الشرطة التحقيقات اللازمة في هذه الشكاوى. وتعتقد صاحبة البلاغ، بالنظر إلى محاولاتها المستمرة لرفع ادعاءاتها أمام السلطات الوطنية، أن مطالبتها بمواصلة جهودها باللجوء إلى سبل انتصاف قانونية غير مجدية، في حين لم تحرك السلطات ساكنا، سيفرض عليها عبئاً مجحفا باعتبارها ضحية للتمييز الجنساني . وبالتالي، تعتبر صاحبة البلاغ أنها قد تعرضت للتمييز الجنساني بالمعنى الوارد في المادة ١ من الاتفاقية، إذا قرئت في ضوء التوصيتين العامتين رقم ١٩ ورقم ٢٨، وأن شكواها مقبولة.

٥-٥ وتفيد صاحبة البلاغ أيضا بأن الدولة الطرف لم تتخذ أي إجراءات لمعالجة استمرار المضايقة التي تعرضت لها من جانب عشيرها السابق، والتي شملت التهديدات والاتصالات الهاتفية والرسائل النصية الملحّة والشتائم والمطاردة المباشرة. وتعترض على احتجاج الدولة الطرف بأن تاريخ الحادثة الأخيرة والوحيدة الموثقة من التهديدات الهاتفية يعود إلى ٢٤ شباط/فبراير ٢٠١٣. فقد أوردت صاحبة البلاغ في الشكاوى المرفوعة إلى الشرطة عدد ومحتوى التهديدات التي تلقتها من المدعو ك. في الفترة الممتدة بين ٢١ شباط/فبراير و ٢٥ أيار/مايو ٢٠١٣. قد اعتبرت أن تلك الاتصالات والرسائل النصية خطيرة من حيث طبيعتها ومحتواها، ولذلك لجأت مرارا إلى الشرطة وطلبت منها أن تضمن سلامتها. وتدعي صاحبة البلاغ أن تقديم شكوى، ولو كانت واحدة فقط، بشأن حادثة واحدة من التهديد كان ينبغي أن يكون كافيا لكي تقوم الشرطة باتخاذ تدابير لحمايتها من الأفعال الخطيرة التي ارتكبها عشيرها السابق، الذي سبق أن أدين بارتكاب عمل من أعمال العنف الجسدي ضدها.

٥-٦ وتشير صاحبة البلاغ كذلك إلى ”أوجه القصور المنهجية“ في تشريعات الدولة الطرف وعدم وجود تعريف لمصطلحي ”العنف العائلي“ و ”المطاردة“. وترى أن عدم وجود تشريعات من هذا القبيل يؤدي بالضرورة إلى تطبيق الأحكام العامة من القانون الجنائي، التي تشير إليها الدولة الطرف في ملاحظاتها. وترى صاحبة البلاغ أن ملابسات قضيتها وتقارير المنظمات غير الحكومية تثبت أن الأحكام العامة للقانون الجنائي لا تكفل التصدي لمشكلة العنف العائلي بفعالية في الوقت المناسب ( ) .

٥-٧ وتشير صاحبة البلاغ أيضا إلى أن السلطات صنفت أفعال المدعو ك. باعتبارها تهديدا بالقتل. وهذا التصنيف لا يغطي سوى جزء من الأفعال غير القانونية وغير المرغوب فيها التي ارتكبها المدعو ك. ضدها. غير أنه، وحتى في هذه الحالة، لم تقم السلطات بتحريك أي إجراءات جنائية، مستندة في ذلك إلى المفاهيم النمطية والتمييزية لما يشكل تهديدا ”حقيقيا“ بالقتل وتقدير مدى خطورة أفعال المدعو ك. على صاحبة البلاغ، مما أدى إلى انقضاء المدة المنصوص عليها في قانون التقادم بالنسبة لتلك الجريمة بالذات. وبذلك تكون السلطات قد تجاهلت حالة المطاردة ولم تأخذ بعين الاعتبار خطورة العنف وتأثيره على حياة صاحبة البلاغ.

٥-٨ وتوجه صاحبة البلاغ الانتباه إلى الالتزام الإيجابي الذي يقع على الدولة الطرف بتوفير الحماية من العنف العائلي لجميع النساء، بصرف النظر عن نوع الأسرة التي يخترن العيش فيها. ولا يمكن أن تتوقف مسؤولية الدولة الطرف عن الوفاء بالتزاماتها على الحالة الزوجية للمرأة. ووفقاً لاتفاقية مجلس أوروبا لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف العائلي (اتفاقية اسطنبول)، ”يُعرَّف العنف العائلي بأنه جميع أعمال العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي أو الاقتصادي التي تقع ضمن إطار الأسرة أو في المنزل أو بين الزوجين أو العشيرين السابقين أو الحاليين، بغض النظر عما إذا كان الجاني يقيم مع الضحية أو كان يقيم معها“ (المادة 3 (ب)). وكما يتبين من قضية صاحبة البلاغ، تكونت على مدى عدة سنوات علاقات أسرية بين صاحبة البلاغ والمدعو ك. ووقت وقوع الحدث المعني، كان المدعو ك. عشيرا سابقا لصاحبة البلاغ وأعمال العنف التي ارتكبها ضدها مرتبطة مباشرة بطبيعة العلاقة التي كانت قائمة بينهما من قبل. ولذلك ترى صاحب البلاغ أن حجج الدولة الطرف التي تذهب إلى أنها لا يمكن أن تكون ضحية للعنف العائلي لأن المدعو ك. لم يكن من أفراد أسرتها عندما ارتكب العنف ضدها، حجج غير وجيهة.

٥-٩ وتشدد صاحبة البلاغ على خطورة هذا التعريف الضيق للعنف العائلي، الذي يؤدي إلى عدم توفير الحماية لعدد كبير من النساء. والتعديلات التي أُدخلت مؤخرا على القانون الجنائي (المادة ١١٦ من القانون الجنائي) تضع حدا للمسؤولية الجنائية عن ضرب ”الأقارب“، بمن فيهم زوج الجاني أو زوجته ومن يعيشون في أسرة معيشية مشتركة. وبالتالي، تظل المرأة التي تفضل لسبب أو لآخر عدم الزواج بعشيرها ولا تعيش معه دون أي حماية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٦-١ يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري. ويجوز للجنة، عملا بالمادة 66، أن تقرر النظر في مقبولية البلاغ إلى جانب أسسه الموضوعية. ووفقا للمادة 4 (2) (أ) من البروتوكول الاختياري، فإن اللجنة مقتنعة بأن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها في إطار أي إجراء دولي آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية.

٦-٢ وتُذكر اللجنة بأنه، بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، لا يمكنها النظر في البلاغ ما لم تتيقن من استنفاد جميع سبل الانتصاف المتاحة محليا أو إذا كان تطبيق سُبل الانتصاف تلك سيستغرق وقتا طويلا بصورة غير معقولة أو يكون من غير المرجح أن يوفر انتصافا فعالا ( ) . وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بمقتضى هذه المادة لأن صاحبة البلاغ لم تقدم طعنا أمام المحكمة العليا بنقض قرار المحكمة الأدنى درجة المؤرخ ٢١ شباط/ فبراير ٢٠١٣ أو قرار محكمة الاستئناف المؤرخ ١١ تموز/يوليه ٢٠١٣. وإضافة إلى ذلك، تفيد الدولة الطرف بأن مكتب المدعي العام للمنطقة القضائية قد رد مرارا وتكرارا شكوى صاحبة البلاغ ضد قرار الشرطة، المؤرخ ٧ آذار/مارس ٢٠١٣، رفض إقامة دعوى جنائية ضد المدعو ك.، لإجراء مزيد من التحقيق باعتبارها سابقة لأوانها وغير مدعومة بأدلة. وتلاحظ اللجنة أيضا إفادة الدولة الطرف بأن الشرطة قد بدأت تحقيقا داخليا في عدم تنفيذ الإجراءات التي طالب بها مكتب المدعي العام للمنطقة القضائية، والتقاعس عن التحقيق في شكاوى صاحبة البلاغ في الوقت المناسب. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ أنها اشتكت باستمرار إلى المحكمة والمدعي العام في المنطقة القضائية من تقاعس الشرطة ورفضها الشروع في تحقيق جنائي وأنه، بعد مرور ثلاث سنوات على تقديم الشكاوى، لم تبدأ الشرطة بعد أي تحقيق.

٦-٣ وتلاحظ اللجنة أيضا أن صاحبة البلاغ قدمت شكوى جديدة في ٢٠ و ٢١ أيار/ مايو ٢٠١٣ بشأن تهديدات أخرى من جانب المدعو ك.، تمخضت مرة أخرى عن رفض الضابط نفسه الشروع في تحقيق جنائي. وتلاحظ أيضا أنه لم يتم الشروع في أي تحقيق بعد قيام المدعي العام والمحكمة في المنطقة القضائية بإلغاء قرار الضابط عدم التحقيق في الشكوى. وتلاحظ اللجنة أيضا أنه، في الفترة الممتدة بين أيلول/سبتمبر ٢٠١٣ وكانون الأول/ديسمبر ٢٠١٤، أمر مكتب المدعي العام للمنطقة القضائية في خمس مناسبات بإعادة ملفات القضية لإجراء مزيد من التحقيق، وبوجوب استجواب الجاني المزعوم عن تهديدات بالقتل الموجهة إلى صاحبة البلاغ في ٢٣ و ٢٤ شباط/فبراير ٢٠١٣. وفضلا عن ذلك، في ٣ حزيران/يونيه ٢٠١٣، خلُصت محكمة المنطقة القضائية أيضا إلى أن رفض ضابط الشرطة التحقيق في الشكوى غير قانوني ولا يستند إلى أساس صحيح وأمرت بإجراء تحقيق إضافي. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أيضا أن الضابط المسؤول عن الشكوى لم يقم بتحديد مكان الجاني المزعوم واستجوابه، ورفض التحقيق في الش كوى، وبالتالي لم تُتخذ أي تدابير محددة لحماية صاحبة البلاغ من التهديدات التي تلقتها.

٦-4 وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحبة البلاغ أن العقوبة على التهديد بالموت تتقادم بعد مرور سنتين من تاريخ التهديدات. وبالتالي، فإن تقادم الأحداث المعنية قد انقضى في شباط/فبراير ٢٠١٥، وأي محاولة لمتابعة الجاني أمام القضاء بعد ذلك التاريخ تسقط بالتقادم.

٦-5 وأخيراً، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح بشأن الكيفية التي بفضلها تصبح سبل الانتصاف المحلية فعالة في تأمين حقوق صاحبة البلاغ، بالنظر إلى عدم وجود أي تدابير أخرى ثابتة لحماية هذه الحقوق. ولذلك، تخلص اللجنة إلى أنه من غير المرجح، في هذه القضية، أن تحقق سبل الانتصاف المحلية التي أشارت إليها الدولة الطرف انتصافاً فعالاً. وبناءً على ذلك، فإن اللجنة، بحكم اشتراطات المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، غير مستبعدة من النظر في هذا البلاغ، من حيث إثارتها للمواد 1، و 2 (ب) إلى (ز)، و 3، و 5 (أ) من الاتفاقية.

٧-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها كل من صاحبة البلاغ والدولة الطرف، كما هو منصوص عليه في المادة 7 (1) من البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أن القرارات التي اتخذتها السلطات كانت تقوم على قوالب نمطية جنسانية، انتهاكاً للمادة 5 من الاتفاقية، تُؤكد اللجنة من جديد أن الاتفاقية تفرض التزامات على جميع أجهزة الدولة، وأن الدول الأطراف يمكن أن تكون مسؤولة عن القرارات القضائية التي تنتهك أحكام الاتفاقية ( ) . وتشدد اللجنة أيضاً على أن التنفيذ الكامل للاتفاقية يتطلب ألا تكتفي الدول الأطراف باتخاذ خطوات للقضاء على التمييز المباشر وغير المباشر وتحسين وضع المرأة في الواقع، بل أن تعمل أيضاً على تعديل وتحويل الأنماط الجنسانية والقضاء على التنميط الجنساني الضار الذي يشكل سبباً ونتيجة أساسيين للتمييز ضد المرأة ( ) . والقوالب النمطية الجنسانية تدوم من خلال وسائل ومؤسسات شتى، منها القوانين والنظم القانونية، ويمكن أن تديمها جهات حكومية، في كافة فروع الحكم وكافة مستوياته، وأشخاص فاعلون ( ) .

٧-٣ وتُشير اللجنة إلى أنه وفقاً للفقرة 6 من توصيتها العامة رقم 19، يشمل التمييز، بالمعنى الوارد في المادة 1 من الاتفاقية، العنف الجنساني المرتكب ضد النساء. وهذا التمييز لا يقتصر على العمل المضطلع به من جانب الدول الأطراف أو بالنيابة عنها. وبالأحرى، يجوز، بموجب المادة 2 (هـ) من الاتفاقية أن تكون الدولة الطرف مسؤولة أيضاً عن الأفعال الخاصة إذا فشلت في التصرف، مع إيلاء العناية الواجبة، لمنع انتهاكات الحقوق أو التحقيق في أعمال العنف والمعاقبة عليها أو فيما يتعلق بتقديم التعويض (انظر الفقرة 9 (أ) أدناه). وقد أكدت اللجنة ذلك في الفقرة ٢٤ من توصيتها العامة رقم 35 (2017) بشأن العنف الجنساني ضد المرأة، الصادرة تحديثاً للتوصية العامة رقم 19، وفي اجتهادها القضائي ( ) .

٧-٤ وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أنه نظراً لكون ”ك“ لم يكن فرداً من أفراد أسرة صاحبة البلاغ وقت ادعاء العنف، فإن ادعاءها بأنها كانت ضحية للعنف المنزلي يعتبر غير مدعم بأدلة مثبتة. وترى اللجنة أنه ما دام العنف الموجه ضد زوج أو شريك سابق ينبع من أن ذلك الشخص كان في علاقة سابقة مع الجاني، كما هو الحال في هذه القضية، فإن المدة الزمنية التي انقضت منذ انتهاء العلاقة ليست لها صلة بالموضوع، وكذلك الحال بشأن ما إذا كان الأشخاص المعنيون يعيشون معاً. وتشير اللجنة أيضاً إلى أنه، وفقاً لاتفاقية اسطنبول، يُعرّف العنف المنزلي بأنه ”[كافة] أعمال العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي أو الاقتصادي التي تقع ضمن الأسرة أو في المنزل أو بين الزوجين أو العشيرين السابقين أو الحاليين، بصرف النظر عن كون الجاني يقيم مع الضحية أو كان يقيم معها“(المادة 3 (ب)). ولا تتضمن الاتفاقية مهلة قانونية تحدد المدة التي يمكن خلالها للزوج أو الشريك أن يدعي، بعد انتهاء العلاقة، أن العنف الذي يرتكبه الشريك السابق يدخل في نطاق تعريف العنف ”المنزلي“. ولذلك، ترى اللجنة أن الأفعال التي قام بها ”ك“. تُجاه صاحبة البلاغ تدخل في نطاق تعريف العنف المنزلي.

٧-٥ وتشير اللجنة أيضاً إلى أن الدولة الطرف في الاتفاقية ملزمة، بموجب المادة 2 (أ) و (ج) و (د) و (ه) والمادة 5 (أ) من الاتفاقية، بتعديل أو إلغاء لا القوانين والأنظمة القائمة فحسب، بل كذلك العادات والممارسات التي تُشكِّل تمييزاً ضد المرأة. وفي هذا الصدد، تُشدد اللجنة على أن القولبة النمطية تؤثر على حقوق المرأة في محاكمة نزيهة، وأن على القضاء أن يحرص على عدم إنشاء معايير لا تتسم بالمرونة على أساس مفاهيم مُسبقة عما يُشكل عُنفاً منزلياً أو عُنفاً قائماً جنسانياً ، على النحو المشار إليه في التوصية العامة رقم 33 (2015) بشأن لجوء المرأة إلى القضاء ( ) .

٧-٦ وفي القضية الحالية، لا بد من تقييم امتثال الدولة الطرف لالتزاماتها، بموجب المادة 2 (أ) و (ج) و (د) و (ه) والمادة 5 (أ) من الاتفاقية، بالقضاء على القوالب النمطية الجنسانية، وذلك على ضوء درجة المراعاة للاعتبارات الجنسانية المطبَّقة في تناول القضاء لقضية صاحبة البلاغ. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن المحكمة المحلية استغرقت من الوقت ٢٢ يوماً، عوضاً عن الأيام الثلاثة المنصوص عليها في القانون، للبت في التماس صاحبة البلاغ بتمتيعها بالتدابير الوقائية. وتلاحظ اللجنة أيضاً مع القلق أن صاحبة البلاغ قدمت شكاوى رسمية إلى الشرطة أربع مرات في الفترة بين شباط/فبراير وآب/أغسطس ٢٠١٣ ، وأن جميع شكاواها قوبلت برفض تحريك الدعوى الجنائية، على الرغم من الأمر المباشر الوارد من مكتب المدعي العام للمقاطعة والمحكمة المحلية بشأن استجواب ”ك.“ واتخاذ جميع إجراءات التحقيق اللازمة الأخرى. ولم تتخذ السلطات أي تدابير أخرى لحماية صاحبة البلاغ من عنف شريكها السابق، وحتى بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على وقوع الأحداث المذكورة، لم تستجوب السلطات حتى الآن ”ك“. وعندما صدر حكم المحكمة أخيراً بشأن الالتماس، أشارت المحكمة إلى رفض الشرطة تحريك الدعوى الجنائية ضد ”ك“. وإلى غياب ”تهديد حقيقي“ كأساس لرفض توفير التدابير الوقائية، على الرغم من أن نفس المحكمة قد خلصت قبل شهر واحد من ذلك إلى أن ذات الرفض يعتبر غير قانوني وغير مدعم بأدلة مثبتة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على أي من هذه الوقائع، وأنها تشير في مجملها إلى أن عدم التحقيق في شكوى صاحبة البلاغ بشأن التهديدات بالقتل والتهديد بالتعرض للعنف على وجه السرعة وبصورة كافية وفعالة، إلى جانب الإخفاق في معالجة حالتها بطريقة تراعي الاعتبارات الجنسانية، وهو ما يعني أن السلطات قد سمحت بتأثر استدلالها المنطقي بالنماذج النمطية. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن سلطات الدولة الطرف لم تتصرف في الوقت المناسب وبصورة ملائمة لحماية صاحبة الرسالة من العنف والتخويف، مما يُعد انتهاكا للالتزامات بموجب الاتفاقية.

٧-٧ وتلاحظ اللجنة كذلك ما ذكرته صاحبة البلاغ من أن التشريعات في الدولة الطرف لا تتضمن حتى الآن تعريفاً للعنف المنزلي، ولا توفر حماية قانونية فعالة من العنف المنزلي. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى ما جاء في المادة الثالثة من الاتفاقية أن تتّخذ الدول الأطراف ”في جميع الميادين، لا سيّما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كل التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريع، لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين، وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتّع بها على أساس المساواة مع الرجل“. كما تشير اللجنة إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الثامن للدولة الطرف التي أوصت فيها الدولةَ الطرف أن تعجل باعتماد تشريعات شاملة لمنع العنف ضد المرأة والتصدي له، بما في ذلك العنف المنزلي؛ والأخذ بنظام الملاحقة القضائية التلقائية ضد العنف المنزلي والجنسي؛ وكفالة إتاحة سبل الجبر التعويضي والحماية الفورية للنساء والفتيات اللاتي يقعن ضحية للعنف؛ ومحاكمة مرتكبي أعمال العنف ومعاقبتهم بما يستحقونه (CEDAW/C/RUS/CO/8). وترى اللجنة أن كون ضحية العنف المنزلي ملزمة بأن تلجأ إلى المقاضاة الفردية، بحيث يقع عبء الإثبات عليها كلياً، هو أمر يحرم الضحية من إمكانية اللجوء إلى القضاء، على النحو المبين في الفقرة 15 (ز) من توصيتها العامة رقم (33). وتلاحظ اللجنة أن التعديلات التي أُدخلت مؤخراً على التشريعات الوطنية (المادة 116 من القانون الجنائي)، التي تزيل الصفة الإجرامية عن الإساءة البدنية، والتي تتم بموجبها مقاضاة العدید من حالات العنف المنزلي بسبب عدم وجود تعریف ”للعنف المنزلي“ في القانون الروسي ( ) ، تسير في الاتجاه الخاطئ وتؤدي إلى إفلات مرتكبي أعمال العنف المنزلي تلك من العقاب.

٧-٨ وترى اللجنة أن عدم قيام الدولة الطرف بتعديل تشريعاتها المتعلقة بالعنف المنزلي يؤثر تأثيراً مباشراً على إمكانية تمكن صاحبة البلاغ من المطالبة بالعدالة والحصول على سبل انتصاف وحماية فعالة. وترى أيضا أن هذه القضية تدل على عدم قيام الدولة الطرف بواجبها باتخاذ كافة التدابير المناسبة لتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والممارسات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.

٧-٩ وعلى ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الطريقة التي عالجت بها الشرطة وسلطات الادعاء والقضاء في الدولة الطرف قضية صاحبة البلاغ تُشكل انتهاكاً لحقوقها بموجب المواد 1 و 2 (أ) و (ج) و (د) و (هـ)، و 3، و 5 (أ)، من الاتفاقية. وتُسلم اللجنة، بوجه خاص، بأن صاحبة الرسالة قد تعرضت لضرر معنوي وللتحيز. فقد تعرضت للخوف والكرب عندما تُركت دون حماية من الدولة أثناء اضطهاد الجاني لها بصورة دورية، وتعرضت لصدمة متجددة عندما رفضت أجهزة الدولة، التي كان ينبغي لها أن تكون حامية لها، لا سيما الشرطة، أن تقدم لها الحماية وأن تعتبرها ضحية.

٨ - إن اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 7 (3) من البروتوكول الاختياري، وفي ضوء جميع الاعتبارات المذكورة أعلاه، ترى أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها وأنها بالتالي قد انتهكت حقوق صاحبة البلاغ بموجب المواد 1، و 2 (ب) إلى (ز)، و 3، و 5 (أ)، من الاتفاقية.

٩ - وبالتالي، تقدم اللجنة التوصيات التالية إلى الدولة الطرف:

(أ) فيما يتعلق بصاحبة البلاغ: تقديم تعويض مالي مناسب لها يتناسب مع جسامة انتهاكات حقوقها؛

(ب) بصفة عامة:

’1‘ اعتماد تشريعات شاملة لمنع العنف الذي يمارس ضد المرأة ومعالجته، بما في ذلك العنف المنزلي، والأخذ بنظام الملاحقة القضائية التلقائية ضد العنف المنزلي والجنسي، وكفالة تمكين ضحايا العنف من النساء والفتيات من الوصول فورا إلى وسائل الانتصاف والحماية، ومحاكمة مرتكبيه ومعاقبتهم على النحو المناسب؛

’2‘ إعادة تفعيل المقاضاة الجنائية عن العنف المنزلي في إطار ما تنص عليه المادة ١١٦ من القانون الجنائي؛

’٣‘ وضع بروتوكول للتعامل مع شكاوى العنف المنزلي بطريقة تراعي الاعتبارات الجنسانية على مستوى مراكز الشرطة، لكفالة عدم تجاهل أي شكوى عاجلة أو حقيقية بشأن العنف المنزلي، وتمتيع الضحايا بالحماية الكافية في الوقت المناسب؛

’٤‘ التخلي عن المقاضاة الفردية في حالات العنف المنزلي، بالنظر إلى أن هذه العملية تضع عبء الإثبات كلياً على ضحايا العنف المنزلي، وذلك لكفالة المساواة بين الطرفين في الإجراءات القضائية؛

’5‘ التصديق على اتفاقية إسطنبول؛

’٦‘ توفير التدريب الإلزامي للقضاة والمحامين وموظفي إنفاذ القوانين، بمن فيهم المدعون العامون، بشأن الاتفاقية والبروتوكول الاختياري الملحق بها والتوصيات العامة للجنة، لا سيما منها التوصيات العامة رقم 19 و 28 و 33 و 35؛

’٧‘ الوفاء بالتزاماتها باحترام وحماية وإعمال حقوق الإنسان للمرأة، ومنها الحق في التحرر من جميع أشكال العنف القائم على نوع الجنس، بما في ذلك العنف المنزلي، والتخويف والتهديدات باستخدام العنف؛

’٨‘ التحقيق على الفور بصورة شاملة وبحياد وجدية في جميع ادعاءات العنف الجنساني الممارس ضد المرأة، وكفالة إقامة دعاوى جنائية في جميع هذه القضايا، وتقديم الأشخاص المدعى ارتكابهم لذلك العنف إلى المحاكمة بطريقة نزيهة ومحايدة وعاجلة وفي الوقت المناسب، وفرض العقوبات المناسبة؛

’٩‘ تمكين ضحايا العنف من الوصول الآمن والفوري إلى العدالة، بما في ذلك المساعدة القانونية المجانية حيثما يلزم ذلك، بُغية كفالة وصولهم إلى سُبل الانتصاف والتأهيل الفعالة والكفؤة المتاحة، تمشياً مع توجيهات اللجنة الواردة في التوصية العامة رقم 33؛

’١٠‘ إلحاق الجناة ببرامج لإعادة التأهيل والبرامج التي تعلم حل المنازعات الأسرية دون اللجوء إلى العنف؛

’١١‘ وضع وتنفيذ تدابير فعالة، بمشاركة نشطة من جانب جميع الأطراف المعنية ذات الصلة، من قبيل المنظمات النسائية، بهدف التصدي للقوالب النمطية والتحيزات والأعراف والممارسات التي تتهاون مع العنف المنزلي أو تُعززه؛

١٠ - ووفقا للمادة 7 (4) من البروتوكول الاختياري، تولي الدولة الطرف الاعتبار الواجب لآراء اللجنة إلى جانب توصياتها، وتقدم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن أي إجراءات تكون قد اتخذتها في ضوء آراء اللجنة وتوصياتها.