بلاغ مقدم من:

رينا تروخيو رييس وبيدرو آرغوييو موراليس (يمثلهما المحاميان أراتشيلي غونزاليس وماريا أدريانا فوينتيس )

الشخص المدّعي بأنه ضحية:

بيلار آرغوييو تروخيو (متوفية)

الدولة الطرف:

المكسيك

تاريخ تقديم البلاغ:

١ آب/أغسطس ٢٠١٤ (تاريخ تقديم أول بلاغ)

الجهات المُحال إليها:

أحيل إلى الدولة الطرف في ١٢ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء :

٢١ تموز/يوليه ٢٠١٧

١ - صاحبا البلاغ هما رينا تروخيو وبيدرو آرغوييو موراليس، مواطنان مكسيكيان، ويقدمان هذا البلاغ باسم ابنتهما المتوفاة، وهي مواطنة مكسيكية أيضا ولدت في ٧ تموز/يوليه ١٩٩٢. ويدّعي صاحبا البلاغ أنه، في مرحلة التحقيقات بشأن وفاة ابنتهما، انتهكت الدولة الطرف المواد 1 و 2 و 3 و 5 و 15 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وقد دخلت هذه الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للمكسيك في 22 نيسان/أبريل 1981 و 16 حزيران/يونيه 2002 على التوالي. ويمثل صاحبي البلاغ محاميان.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

٢-١ قُتلت بيلار آرغوييو تروخيو في ٣ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢ في إحدى مزارع الكوسى الإفرنجي في ضاحية إسبيخو في بلدية كوسكوماتيبيك ، ولاية فيراكروس . وظهرت على جسدها علامات العنف الجنسي، وإصابات مهينة، وعجز عن الدفاع عن نفسها، وتُركت جثتها مكشوفة في مكان عام، وهي سمات نموذجية لقتل الإناث.

٢-٢ وتبين من التحقيق الذي أجرته النيابة العامة أن المدعو أ.ر.م .، وهو قاصر، هو الجاني المحتمل، فأُحيل إلى عهدة مكتب المدعي العام المخصص لجرائم الأحداث والإصلاح في هواتوسكو من أجل مواصلة التحقيقات. ثم أحيلت القضية إلى المدعي العام لدى محكمة الأحداث ب الما صولا في بلدية ألتو لوسيرو .

٢-٣ وفي أعقاب التحقيقات، جرت محاكمة المدعو أ.ر.م . أمام محكمة الأحداث على أساس جريمة القتل المقترن بظروف مشددة وبرأه القاضي بالنيابة في ٣ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ خلال مرحلة المحاكمة أمام محكمة الأحداث، نظرا لعدم وجود أدلة قاطعة تدينه. وتقدم المدعي العام المخصص للمراهقين باستئناف على أساس عدم تقييم الأدلة المقدمة أثناء المحاكمة تقييما صحيحا. غير أن دائرة الأحداث لدى محكمة العدل العليا في ولاية فيراكروس ثبّتت الحكم الابتدائي. ووفقا لمنطوق حكم الاستئناف، أجرت المحكمة تحليلا جديدا للأدلة. وأكدت أن أيا من الشهادات لم تُبرز إثباتا قاطعا ومباشرا وصريحا أن المدعو أ.ر.م . ارتكب الجريمة. وأشار الحكم أيضا إلى إعادة تمثيل وقائع الحادثة التي أجراها مكتب المدعي العام وشرح خلالها المدعو أ.ر.م . طريقة ارتكابه لجريمة القتل. وقضت المحكمة بأن إعادة تمثيل وقائع الجريمة تفتقر إلى القيمة ال إ ثباتية لأنها لم تستوف الشكليات المنصوص عليها في القانون. ومن بين أمور أخرى، جرت إعادة تمثيل الجريمة قبل المرافعات الشفوية وليس خلالها. وبالإضافة إلى ذلك، تنص المادة ٢٢٥ من قانون الإجراءات الجنائية في ولاية فيراكروز على إمكانية تكرار هذا الإجراء كلما اقتضى الأمر. وعليه، لم يكن ثمة أي عائق قانوني يحول دون قيام مكتب المدعي العامي بإعادة تمثيل وقائع الجريمة التي أجريت قبل أوانها وتم قبولها في مرحلة المحاكمة. ولا بدّ، من أجل إدانة أي متهم أو تبرئته، أن تقدم الأدلة خلال مرحلة المحاكمة، بالمعنى الصارم. ورأت المحكمة أن الأدلة التي قدمها المدعي العام غير كافية لإثبات إدانة المدعو أ.ر.م . وعلاوة على ذلك، أنكر المدعو أ.ر.م . تورطه في ارتكاب الجريمة، أثناء محاكمته.

٢-٤ وفي ٢٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣، رفعت صاحبة البلاغ طلبا لإنفاذ آليات الانتصاف والحماية أمام الدائرة السابعة التابعة لمحكمة الشؤون الجنائية والعمل رقم 3 في تشالابا ، ادعت فيه حدوث انتهاك لمبادئ المحاكمة العادلة والمساواة بين الأطراف في الدعوى. وفي ١٢ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣، رُفض الطلب على أساس أنه رُفع بعد أجل ١٥ يوما الممنوح بموجب المادة ٢١ من قانون الحق في الحماية القضائية انطلاقا من التاريخ الذي أُخطِر فيه صاحبا البلاغ بحكم الاستئناف (٢٥ شباط/فبراير ٢٠١٣). وقد اتُّخِذ هذا القرار على الرغم من أنه جاء فيه أن صاحب البلاغ لم يخطَر شخصيا بالحكم، على نحو ما يقتضيه القانون. وفي ٣ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣، قدم صاحبا البلاغ طلبا بتفعيل إجراءات التظلم ضد قرار رفض طلب الحماية القضائية. ورُفض طلب الحصول على الانتصاف أيضا على أساس أن طلب الحماية القضائية قُدم بعد فوات الأوان.

٢-٥ ويدعي صاحبا البلاغ أن سبل الانتصاف المحلية كانت غير فعالة، وأسفرت عن الإفلات من العقاب. وبسبب عدم تقديم مكتب المدعي العام لأدلة مناسبة وكافية عن الجريمة، قضت المحكمة بعدم وجود دليل كاف يفضي إلى إدانة المتهم. وعلاوة على ذلك، مُنع أقرباء المتوفية من التدخل بأي شكل من الأشكال في إجراءات الدعوى الابتدائية. وكان بإمكان صاحبة البلاغ رفع دعوى الاستئناف بوصفها ضحية، لأنها والدة المتوفية. بيد أن ذلك لم يكن ممكنا بالنسبة لها لأن مكتب المدعي العام تحجج، بصفته ممثل الضحايا، بأنه هو المسؤول عن تقديم أي استئناف. وعليه، قُيدت قدرة الضحايا على الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم. كما أن كون صاحبي البلاغ لا يجيدان القراءة ولا الكتابة جعلهما في وضع أكثر ضعفا ومنعهما من اتخاذ أي نوع من الإجراءات المستنيرة للدفاع عن حقوقهما ومصالحهما ( ) .

٢-٦ ووقعت جريمة القتل في وقت شهد ارتفاعاً في مستويات العنف ضد المرأة، سواء على الصعيد الوطني أو في ولاية فيراكروز ، كما تشهد على ذلك تقارير مختلفة من المؤسسات الوطنية والدولية. وأدت خطورة الوضع إلى تصنيف قتل الإناث باعتباره جريمة جنائية متميزة في ولاية فيراكروس ؛ بيد أن هذا التصنيف لا ينطبق إذا كان عمر الجاني أقل من 18 سنة.

٢-٧ ويرى صاحبا البلاغ أن السلطات التي حققت في الجريمة كانت مهملة وتقاعست عن اتخاذ إجراءات تتسم بطابع حاسم من أجل الوقوف على حقيقة ما حدث. كما أنها لم تنظر في أقوال الشهود التي تشير إلى أن المدعو أ.ر.م . مذنب. وعلاوة على ذلك، لم تنظر في إمكانية وقوع جريمة قتل الإناث ولم تقيّم الأدلة الظرفية أو غيرها من الأدلة أو القرائن التي تدل على الخصائص القائمة على أساس نوع الجنس والتي تميز جريمة قتل الإناث، مثل دليل العنف الجنسي، ووجود الإصابات المهينة، وعلامات عدم قدرة الضحية على الدفاع عن نفسها، والجثة التي تُركت مكشوفة في مكان عام ( ) .

٢-٨ ومع أنه يوجد بروتوكول ينص على الإجراءات الأساسية الواجب أن يتبعها مكتب المدعي العام في إجراء التحقيقات في جرائم قتل الإناث، والتي تبين الحد الأدنى من الخطوات الواجب اتخاذها لضمان بذل العناية الواجبة في التحقيقات، لم يتم تطبيق هذا البروتوكول في هذه القضية، مما تسبب في ثغرات واختلالات في التحقيقات ( ) .

٢-٩ ويعكس هذا النمط من السلوك، في جملة أمور، غياب القوات المتخصصة المسؤولة عن إنجاز التحقيقات والتحقيقات الأولية بفعالية وشفافية؛ وعدم وجود بروتوكولات للتحقيقات الخاصة في حالات قتل الإناث أو الجهل بهذه البروتوكولات؛ وهيمنة الثقافة الأبوية بين الموظفين القضائيين الذين يعمدون إلى وصم الضحايا ويشككون مرارا في تصريحاتهن، بل يتمادون أبعد من ذلك ويتهمون النساء بإثارة العنف الذي تعرضن له ويحاولن الإبلاغ عنه. ونتيجة لهذه النقائص، يقل عدد الحالات التي يجرى فيها التحقيق ومقاضاة الجناة مما لا يتوافق مع ارتفاع عدد الحالات المبلغ عنها. وفي كثير من القضايا، وعلى الرغم من وضوح الفعل الإجرامي، تُستخدم معايير تمييزية من أجل تحديد عقوبات مخففة أو يتم بموجبها تخفيف المسؤولية الجنائية، لا سيما عندما لا يتفق السلوك الجنسي للضحية مع الأدوار والقوالب النمطية الجنسانية.

٢-١٠ وفي هذه القضية، لم ينظر القاضي بالنيابة في مرحلة المحاكمة أمام محكمة الأحداث إلى علاقة الثقة بين الضحية والمعتدي ولم يأخذها في الاعتبار، ولم ينظر إلى كون جثة الضحية تُركت مكشوفة في مكان عام، وإلى العنف الجنسي المرتكب ضدها، وإلى قهر المعتدي للضحية وسيطرته عليها ووحشيته تجاهها. ولم يأخذ أيضا في الاعتبار أن الدافع وراء الهجوم كان هو رفضُ الضحية المشاركة في علاقة جنسية.

الشكوى

٣ - يؤكد صاحبا البلاغ أن الوقائع تثبت عدم وصولهما إلى ما يلزم من آليات قضائية وإدارية فعالة ومناسبة لإجراء تحقيق سليم في وفاة ابنتهما، مما أدى إلى إفلات مرتكب الجريمة من العقاب. وعليه، فهما يدعيان وقوع انتهاك للمواد 1 و 2 و 3 و 5 و 15 من الاتفاقية.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ

٤-١ في 12 كانون الثاني/يناير 2014، طعنت الدولة الطرف في مقبولية البلاغ.

٤-٢ وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يستنفذا سبل الانتصاف المحلية لأنهما تقدما بطلب الحماية القضائية بعد الموعد النهائي المحدد بموجب القانون. وتبقى وسيلة الانتصاف النهائية من أجل حماية حقوق الإنسان هي دعوى إنفاذ إجراءات الحماية القضائية. وحيث إن صاحبي البلاغ يدعيان حدوث إغفال وإهمال من جانب كل من السلطات القضائية والمدعي العام خلال الإجراءات الجنائية ضد المدعو أ.ر.م .، فإن تفعيل إجراءات الحماية القضائية يمثل إحدى الوسائل المناسبة للتعامل مع مطالبهما. وخلافا لما يدعيه صاحبا البلاغ، تم إخطار رينا تروخيو بحكم الاستئناف الصادر في ١٧ كانون الثاني/يناير ٢٠١٣. وبموجب المادة ١٧ من قانون الحق في الحماية القضائية، ” يجب تقديم أي طلب في غضون ١٥ يوما “ . ويجب تطبيق هذا الشرط مع مراعاة القواعد المتعلقة بالإخطار المنصوص عليها في القانون المكسيكي. وفي هذا الصدد، تنص المادة 121 من قانون الإجراءات الجنائية في ولاية فيراكروس على أنه ” على الرغم من عدم الإخطار بالطريقة المنصوص عليها، إذا تبين أن الشخص الذي كان ينبغي توجيه الإخطار إليه عارف بالحكم الصادر، فإن الإخطار يُعتبر قد حصل، دون أي مساس بفرض العقوبة ذات الصلة على مرتكب الفعل “ . وفي هذا الصدد، قضت المحاكم المكسيكية، في ما يتعلق بالطلب المباشر على الحماية القضائية، على أنه ” من أجل تحديد صحة الطلب، يجب النظر فيما إذا كان صاحب الشكوى على علم بالفعل أو بتنفيذه، أو ما إذا ثبت أنه كان على علم بذلك قبل إخطاره بالحكم المستأنف؛ وبناء عليه، يصبح الشرط المنصوص عليه في المادة 163 من قانون الحق في الحماية ا لقضائية غير ذات صلة بالضرورة “ ( ) .

٤-٣ وفي هذه القضية، كانت المحكمة واضحة في تحديد أن القانون في حد ذاته ” ينص على وجوب إخطار الطرف المتضرر، سواء الضحية أو ممثلها القانوني شخصيا وليس من خلال (...) المدعي العام للدولة بشأن القرارات التي تتطلب التعويض عن الضرر الحاصل، حتى يتسنى ممارسة الحق في الاستئناف “ . وفي هذا الصدد، ” ليكون الطرف المتضرر قادراً عملياً على ممارسة حقه، بموجب إجراءات تدخل ضمن قانون الحق في الحماية القضائية، في استئناف حكم ارتأى أنه انتهك الضمانات، يجب أن يملك هذا الطرف سبيلا فعالا للانتصاف ومعرفة فعلية بالحكم الذي أصدرته المحكمة “ . وفي هذا الصدد، أقرت المحكمة الاتحادية أنه كان يجب إخطار صاحبة البلاغ شخصيا، وهو ما كان يمكن أن يحدث من خلال ممثلها القانوني؛ وتبدأ فترة ١٥ يوما ” عندما يت بين أن الشخص الواجب إخطاره عارف بالحكم “ .

٤-٤ وطلب صاحبا البلاغ كتابياً نسخا مصدقة من الحكم الصادر في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2012؛ وتوصل مكتب المدعي العام للولاية بالطلب في ٥ شباط/فبراير ٢٠١٣. وتلقى ممثلهما القانوني النسخ المصدقة في ٢٢ شباط/فبراير ٢٠١٣، بموجب شهادة وقعها الممثل القانوني. وعليه، لا يمكن القول بأن التأخر في تقديم الطلب بموجب قانون الحق في الحماية القضائية في 23 تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣ يعزى إلى الدولة.

٤-٥ وبالنظر إلى أن صاحبي الطلب لا يوافقان على الحساب المتعلق برفع الطلب بموجب قانون الحق في الحماية القضائية، فقد كان يحق لهما تقديم شكوى، على النحو المنصوص عليه في المادة ١٠٣ من القانون المذكور. ومع ذلك، قدم ممثل صاحبي البلاغ هذه الشكوى أيضا بعد انقضاء الموعد النهائي المنصوص عليه في القانون.

٤-٦ وتصر الدولة الطرف على أن البلاغ لا يدعمه ما يكفي من الأدلة. ويؤكد صاحبا البلاغ أن السلطات المكسيكية تصرفت ” بتجاهل لمنظور الجنسين وبتحيز وتمييز معاديين للمرأة “ ، لكنهما لا يفسران أسباب هذا التأكيد.

٤-٧ إضافة لذلك، ترى الدولة الطرف أن البلاغ لا يتفق مع أحكام الاتفاقية. وليس للجنة أن تعيد تقييم استنتاجات الوقائع أو الأدلة التي وصلت إليها سلطات الدولة إلا إذا كانت الإجراءات التي تتخذها الدولة تعسفية بشكل واضح أو شكلت حرمانا من العدالة. وترى الدولة الطرف أيضا أن تفسير القانون والإجراءات القضائية ذات الصلة وتقييم الأدلة هي مسائل تدخل في نطاق الولاية القضائية المحلية. وعلاوة على ذلك، وفي هذه الحالة، لا يمكن الاستنتاج بأن الإجراءات التي اتخذتها السلطات المشاركة في الإجراءات الجنائية المتخذة ضد المدعو أ.ر.م . كانت تعسفية بوضوح أو شكلت حرمانا من العدالة.

ملاحظات الدولة الطرف على الأسس الموضوعية

٥-١ تؤكد الدولة الطرف في ملاحظاتها على الأسس الموضوعية المؤرخة ٢٢ أيار/مايو ٢٠١٥ أن الوقائع الواردة في هذا البلاغ لا تشكل انتهاكات للاتفاقية.

٥-٢ وبموجب المادة 2 من الاتفاقية، يمكن أن تتحمل الدول الأطراف المسؤولية عن الأعمال الخاصة إذا لم تبذل العناية الواجبة لمنع انتهاك الحقوق أو للتحقيق في أعمال العنف والمعاقبة عليها. ويتناول هذا البلاغ مقتل بيلار آرغوييو تروخيو . بيد أنه لا يوجد في المعلومات المقدمة من صاحبي البلاغ أو في التحقيقات التي بدأتها السلطات المكسيكية ما يشير إلى المشاركة المباشرة لجهات فاعلة تابعة للدولة في القتل. ولذلك يجب على اللجنة أن تحلل ما إذا كانت الدولة المكسيكية قد أوفت بالتزامها ببذل العناية الواجبة فيما يتعلق بكل من منع حدوث هذا الفعل والتحقيق فيه ومعاقبة مرتكبيه.

٥-٣ ويعد القضاء على العنف ضد المرأة أولوية واستراتيجية دائمة للدولة المكسيكية؛ ولذلك فقد نُفذّت سياسات عامة مختلفة بهدف تعزيز التغيير الثقافي لمواجهة الأفكار التي تتمحور تركز على الذكور وتستند إلى السلطة الأبوية والتي لا تزال سائدة في المجتمع المكسيكي. وتعمل الدولة حاليا على معالجة هذه المشكلة من خلال اتباع نهج منتظم وشامل ومنسق، بمشاركة جميع القطاعات.

٥-٤ وفيما يتعلق بالسعي إلى تحقيق العدالة، وضعت الدولة خطة لمنع الجرائم التي تنطوي على العنف الجنساني بجميع أشكاله ومعالجتها. وبناء على ذلك، اعترف برنامج العدالة الوطنية للفترة 2013-2018 بحالات العنف ضد المرأة بوصفها جرائم شديدة الأثر، ولذلك فإن الدولة تتعامل معها على أنها أولوية. ويتمثل الهدف الرئيسي في ضمان أن تؤدي جميع التدابير الرامية إلى توعية السلطات و/أو الموظفين العموميين بالحاجة إلى توفير الرعاية والحماية المناسبتين لضحايا هذه الجرائم إلى ضمانات فعالة للوصول إلى العدالة بالنسبة إلى النساء اللواتي يبلغن عن أعمال العنف. وتنص الاستراتيجية على مختلف بروتوكولات التحقيق التي تضع مبادئ توجيهية تراعي الاعتبارات الجنسانية لكي يستخدمها الادعاء العام والشرطة والخبراء في جميع أنحاء البلد عند التحقيق في جرائم قتل الإناث والاغتصاب. والغرض من هذه البروتوكولات هو توفير أساس نظري ومنهجي لتعميم مراعاة المنظور الجنساني وتعزيز تطبيق معايير القانون الدولي المتصلة بحقوق الإنسان للنساء والفتيات في سياق السعي إلى تحقيق العدالة.

٥-٥ وتشمل الصكوك السالفة الذكر بروتوكول التحقيق الذي يدعو إلى مراعاة الاعتبارات الجنسانية من جانب المدعين العامين والشرطة والخبراء فيما يتعلق بجرائم قتل الإناث، وبروتوكول التحقيق الذي يدعو إلى مراعاة الاعتبارات الجنسانية من جانب المدعين العامين والشرطة والخبراء في قضايا العنف الجنسي. وبالإضافة إلى ذلك، يهدف بروتوكول محكمة العدل العليا الوطنية بشأن الإجراءات المراعية للاعتبارات الجنسانية إلى معالجة المشاكل التي حددتها محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في قضايا ” كامبو ألغودونيرو “ ( ” حقل القطن “ )، وفرنانديز أورتيغا وآخرين، وروزيندو كانتو وآخرين ، وتنفيذ تدابير الجبر التي أمرت بها المحكمة. والغرض الرئيسي من هذه البروتوكولات هو ضمان قدرة المدعين العامين والموظفين القضائيين على تحديد الآثار المختلفة للجرائم التي تنطوي على العنف الجنساني وتقييمها موضوعيا. ويُستخدم بروتوكول محكمة العدل العليا الوطنية بشأن الإجراءات المراعية للاعتبارات الجنسانية، على الصعيد المحلي، بما في ذلك في ولاية فيراكروز . ومن أجل ضمان التنفيذ الصحيح للبروتوكول وغيره من المبادئ التوجيهية القائمة - سواء الوطنية أو الدولية - يقدم معهد التعليم والتدريب والتخصص والتطوير المهني للجهاز القضائي في ولاية فيراكروز تدريبا مستمرا للموظفين القضائيين في الولاية.

٥-٦ ووفقا للالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقية، يمكن أن تكون الدول الأطراف مسؤولة عن الأعمال الخاصة إذا كان هناك خطر محتمل على ضحية ما، ورغم ذلك فإن ولكن السلطات المحلية، مع ذلك، لم تتخذ إجراءات العناية الواجبة. ولم يكن هناك دليل واضح في هذه القضية على وجود خطر محتمل محدد على بيلار آرغوييو تروخيو قبل أن تفقد حياتها، ناهيك عن وجود دليل على أن الدولة المكسيكية كانت على علم بحالة الضحية قبل لحظات من العنف الذي ارتكب ضدها. وبما أنه لا توجد أدلة يمكن أن تثبت مسؤولية الدولة الطرف عن منع جريمة القتل هذه، فإنه لم يبق على اللجنة إلا أن تحلل ما إذا كانت الدولة قد اتخذت إجراءات العناية الواجبة أثناء التحقيق في أعمال العنف هذه.

٥-٧ وبموجب المادة 2 من الاتفاقية، تلزَم الدول الأطراف بتوفير الحماية القانونية كجزء من سياسة القضاء على التمييز ضد المرأة ( ) . وبالمثل، ” يجب أن تكفل الدول الأطراف إمكانية احتجاج المرأة بمبدأ المساواة دعماً للشكاوى المتعلقة بأعمال التمييز المرتكبة بما يخالف الاتفاقية من قبل موظفين عموميين أو جهات فاعلة خاصة “ ( ) . وفي هذا الصدد، ذكرت اللجنة أنه ” في الحالات التي يشكل فيها التمييز ضد المرأة أيضاً انتهاكاً لحقوق أخرى من حقوق الإنسان مثل الحق في الحياة والسلامة البدنية، في قضايا العنف المنزلي وغيره من أشكال العنف على سبيل المثال، يقع على الدول الأطراف التزام برفع الدعوى الجنائية وتقديم الجناة للمحاكمة وإنزال العقوبات الجزائية الملائمة “ ( ) . وفي هذا السياق، من المسلم به على الصعيد الدولي أن التزام الدول بالتحقيق في الأعمال الخاصة يتسم بطابع خاص، من حيث أنه هو التزام ببذل العناية وليس بتحقيق الغاية، ويجب تقييمه على أساس جميع الإجراءات التي تتخذها الدولة المعنية ( ) .

٥-٨ وفي هذه القضية، يؤكد صاحبا البلاغ أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات المكسيكية المعنية في الدعوى المقامة ضد المدعو أ.ر.م . تتعارض مع التزامات الدولة بموجب الاتفاقية. وينبغي للجنة أن تقيم الإجراءات التي اتخذتها الدولة ضد المدعو أ.ر.م . وليس نتائجها. وبالمثل، ينبغي للجنة، لدى تحليلها للتحقيقات التي أجرتها السلطات، أن تضع في اعتبارها الطابع الفرعي لدورها هي. وفي هذا الصدد، أكدت اللجنة أنه عند تحليل وفاء الدول بالالتزام المذكور أعلاه، فإنها لا تحل محل السلطات المحلية في تقييم الوقائع، كما أنها لا تبتّ في المس ؤولية الجنائية للجاني المزعوم ( ) .

٥-٩ وفيما يتعلق بمعالجة السلطات المكسيكية لهذه القضية، تشير الدولة الطرف إلى أن مقر الشرطة البلدية في كوسكوماتيبيك في فيراكروز أبلغ مكتب المدعي العام المحلي عن اكتشاف جثة بيلار آرغوييو تروخيو في ٣ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢. وبناء على ذلك، فتح مكتب المدعي العام المحلي تحقيق الادعاء رقم 059/2012 ضد الجناة. وفي 5 أيلول/سبتمبر 2012، أعلن مكتب المدعي العام المحلي عدم اختصاصه وأحال القضية إلى مكتب المدعي العام المخصص لجرائم الأحداث والتوفيق في هواتوسكو في فيراكروز ، وذلك بسبب الوضع القاصر لـلمدعو أ.ر.م . وفي 6 أيلول/سبتمبر 2012، أحال ذلك المكتب القضية إلى مكتب المدعي العام المخصص لجرائم الأحداث في بالما سوسا في فيراكروز ، الذي قدم تقريره الخطي atribución de conducta [إسناد الفِعل] (أي الوثيقة التي تشير إلى احتمال تورط المتهم) إلى قاضي الإجراءات القانونية الواجبة. وسجل القاضي الدعوى وعقد جلسة للموافقة والتصديق على أمر اعتقال المدعو أ.ر.م . باعتباره قاصرا. وكتدبير وقائي، أُمر بإيداعه في الحبس الاحتياطي في مركز احتجاز خاص للمراهقين. وفي 12 أيلول/سبتمبر 2012، عُقدت جلسة إحالة الدعوى بشأن احتمال تورطه في جريمة قتل مقترن بظروف مشددة. وفي 21 و 25 أيلول/سبتمبر 2012، أمر القاضي بإجراء محاكمة.

٥-١٠ وقدم مكتب المدعي الخاص لائحة اتهام ضد المدعو أ.ر.م . مدعومة بالأدلة. وعقدت جلسة المحاكمة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، حيث تم خلالها تلاوة التهم، وألقى مكتب المدعي العام المخصص مرافعة افتتاحية، كما بيّن محامي الدفاع الخاص بالقاصر موقفه الأولي. وبعد ذلك، قدم كل طرف أدلته. وقيّمت محكمة الأحداث الأدلة التي قدمها مكتب المدعي العام المخصص (إفادات الشهود وشهادة الخبراء والأدلة المستندية ) وخلصت إلى أنها تكفي لإثبات جريمة القتل المقترن بظروف مشددة بمزيّة غير مستحقة ( ) . وخلافا للادعاءات المقدمة من صاحبي البلاغ، فإن المحكمة أخذت فعلا في الاعتبار وضع الضحية كمرأة وضعف حالها. وأكدت المحكمة على طبيعة الجريمة، بما في ذلك الموقع المهجور لمسرح الجريمة، وأعلنت أن السبب الرئيسي للوفاة هو الاختناق الناجم عن الخنق اليدوي. ومع ذلك، قررت المحكمة أنه لا توجد أدلة كافية تثبت إدانة المدعو أ.ر.م .، لأن الأدلة لم تبين بوضوح الظروف التي يمكن أن يكون المتهم التقى فيها بيلار آرغوييو تروخيو في اليوم المعني. وقد برئ المدعو أ.ر.م . في ٣ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ على أساس أنه لم يتم العثور على أدلة كافية تثبت أنه الجاني المحتمل.

٥-١١ وقدم مكتب المدعي العام المخصص استئنافا في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2012. وأحالت المحكمة الابتدائية التي تنظر في القضية محاضر الإجراءات إلى دائرة الأحداث التابعة لمحكمة العدل العليا في ولاية فيراكروز ، التي حددت موعد جلسة استماع في 15 كانون الثاني/يناير 2013. وفي 17 كانون الثاني/يناير 2013، أصدرت ال دائرة قرارها بتثبيت الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية. وخلصت ال دائرة إلى أن الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية قد استند إلى مبادئ مثبتة وجيدة التبرير ودقيقة ومتناسقة. وبالإضافة إلى ذلك، جرى مرة أخرى تحليل الأدلة المقدمة من الطرفين بدقة، فرادى وفي مجملها. وعلى غرار الحكم الذي أصدرته المحكمة الابتدائية، أشار حكم الاستئناف إلى أن هناك أدلة كافية لإثبات جريمة القتل المقترن بظروف مشددة بمزيّة غير مستحقة؛ ولكن لم يكن هناك ما يكفي من الأدلة لإثبات إدانة المدعو أ.ر.م .

٥-١٢ وأُبلغ الطرفان بالحكم الذي أصدرته دائرة الأحداث، سواء بصورة شخصية أو من خلال قائمة القرارات الصادرة عن ال دائرة. وبما أن ممثلَي صاحبي البلاغ لم يكونا من المتدخلين المسجلين لدى دائرة الادعاء العام، فلم تبلغهما الدائرة مباشرة. بيد أن صاحبي البلاغ طلبا، في رسالة مؤرخة 5 شباط/فبراير 2013، نسخا مفردة من حكم الاستئناف، وتم إرسالها ليتسلّمَها ممثلهما في 22 شباط/فبراير 2013. وحتى ذلك التاريخ لم تبدأ فترة الـ 15 يوما المنصوص عليها في قانون الحق في الحماية القضائية لتقديم الطلب للحصول على الحماية القضائية. ومع ذلك، لم يقدم الممثلون القانونيون لصاحبي البلاغ طلبا للحصول على الحماية القضائية فيما يتعلق بحكم الاستئناف إلا في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2013.

٥-١٣ وأورد طلب الحماية القضائية نفس النقاط التي قدمها صاحبا البلاغ إلى اللجنة، ولذلك فقد شكل هذا الطلب سبيلَ الانتصاف المناسب لمعالجة مطالباتهما على الصعيد المحلي.

٥-١٤ وتنص المادة 2 من الاتفاقية على التزام الدول الأطراف بالامتناع عن القيام بأي عمل أو ممارسة تنطوي على تمييز مباشر أو غير مباشر ضد المرأة ( ) . وبالمثل، يقع على عاتق الدول الأطراف التزام ” بضمان الحماية الفعالة للمرأة من أي عمل من أعمال التمييز من خلال القانون ومن خلال المحاكم الوطنية المختصة والمؤسسات العامة الأخرى “ ( ) . وفي الوقت نفسه، قررت اللجنة أن الاتفاقية تقتضي من الدول الأطراف أن تعدل وتحول القوالب النمطية الجنسانية التي ترسخها مجموعة متنوعة من المؤسسات، بما في ذلك القوانين والنظم القانونية، فضلا عن الجهات الحكومية الفاعلة من مختلف فروع الحكومة ومستوياتها ( ) . وفي هذا الصدد، تقر الدولة المكسيكية بأن القوالب النمطية تؤثر على حقوق المرأة في الحصول على محاكمة عادلة. ولذلك ينبغي تقييم مسؤولية الدولة في ضوء مراعاة الاعتبارات الجنسانية التي تطبقها السلطات القضائية في قضية معينة ( ) . ومع ذلك، فقد قررت اللجنة أنه لا ينبغي لها أن تعيد النظر في تقييم الوقائع والأدلة الذي أجرته المحاكم والسلطات الوطنية، ما لم يكن ذلك التقييم تعسفيا أو تمييزيا.

٥-١٥ وكنقطة أولية، تؤكد الدولة الطرف من جديد أن صاحبي البلاغ لم يقيما الدليل على ادعائهما بأن السلطات المكسيكية قد تصرفت بصورة تتعامى عن النواحي الجنسانية أو تتسم بالتحامل والتمييز المعادي للمرأة والمتحيز ضدها. ورهنا بما تقدم، ولغرض النظر في الأسس الموضوعية، تشير الدولة إلى أن صاحبي البلاغ لم يحددا أي قوالب نمطية أو تمييز كان له تأثير على إجراءات السلطات المكسيكية أو قراراتها.

٥-١٦ ويذكر صاحبا البلاغ أن السلطات المكسيكية لم تأخذ في الاعتبار وضع الضحية ك ا مرأة أو حالة الضعف الخاصة بها. وتعترض الدولة الطرف على هذا الادعاء، وتشير إلى أن المحاكم التي نظرت في القضية أخذت هذه العوامل في الاعتبار. وقد قضت كل من محكمة الأحداث ودائرة الأحداث بأن بيلار آرغوييو تروخيو كانت ضحية القتل المقترن بظروف مشددة بمزيّة غير مستحقة. وعلى أية حال، فإن الإخفاقات التي يدعيها صاحبا البلاغ كان من الممكن أن يكون لها أثر على نتيجة جريمة القتل - التي كانت بالفعل موضع مناقشة في هذه القضية - ولكن ليس على القرار بإدانة المدعو أ.ر.م .، حيث لا يوجد في هذا الخصوص دليل يشير إلى أن السلطات المكسيكية وصلت إلى قراراتها على أساس القوالب النمطية الجنسانية أو التمييز.

٥-١٧ وتدفع الدولة الطرف بأن عدم إثبات ارتكاب المدعو أ.ر.م . جريمة قتل بيلار آرغوييو تروخييو لا يرتب المسؤولية الدولية على الدولة المكسيكية. إذ إن التزام الدول بالتحقيق في الأعمال الخاصة هو التزام ببذل العناية وليس بتحقيق غاية، ويجب تقييمه على أساس جميع الإجراءات التي تتخذها الدولة المعنية. وقد أكدت محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان على نفس الفكرة عندما بينت أن ” التزام الدولة بالتحقيق يتمثل أساسا في تحديد المسؤولية، وعند الاقتضاء، إجراء محاكمة قد تؤدي إلى إدانة “ ( ) . غير أن تلك المحكمة أوضحت أن ” الالتزام المذكور هو التزام ببذل العناية ولا يعتبر قد خ ُ رق لمجرد أن التحقيق لم يفض إلى نتيجة مُرضية “ ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، أكدت المحكمة على أنه ” ينبغي تقييم التدابير المتخذة للتحقيق في الوقائع ككل، وليس من اختصاص المحكمة [أو اللجنة في هذه الحالة]، من حيث المبدأ، أن تحدد مدى ملاءمتها “ ( ) . وقد قدمت اللجنة تفسيرا مماثلا عندما ذكرت أنها لا تحل محل السلطات المحلية في تقييم الوقائع، كما أنها لا تبت في المسؤولية الجنائية للجاني المزعوم ( ) . وفي هذا البلاغ، استنفدت الدولة المكسيكية الخط الرئيسي للتحقيق المتعلق بمسؤولية المدعو أ.ر.م . وبناء على التدابير المختلفة التي اتخذتها النيابة العامة، لم يكن ممكنا إلا إثبات وقوع جريمة القتل المقترن بظروف مشددة بحق بيلار آرغوييو تروخييو وعدم استنتاج أن المدعو أ.ر.م . هو الجاني. لقد استند الاستنتاج الذي توصلت إليه المحاكم المكسيكية إلى القواعد والمبادئ التي تحكم القانون الجنائي. ولم يكن قرارا قائما على القوالب النمطية الجنسانية أو التمييز ضد ال مرأة. وكون المحاكم المكسيكية لم تحدد المسؤولية الجنائية عن قتل بيلار آرغوييو تروخييو لا يشكل سببا لأن تستنتج اللجنة أن الدولة لم تف بالتزامها بإجراء التحقيق مع بذل العناية الواجبة.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٦-١ قدم صاحبا البلاغ تعليقاتهما على ملاحظات الدولة الطرف في 21 آب/أغسطس 2015.

٦-٢ وفيما يتعلق بملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ، يؤكد صاحبا البلاغ أنهما استنفذا سبل الانتصاف المحلية. وأكدا مجددا أنه لم يُسمح لهما بالتدخل في الدعوى على أساس أن مكتب المدعي العام المخصص هو ” الشخص “ المأذون له أن يتدخل نيابة عنهم. وهذا يعني أنهما لم يُخطرا على النحو المناسب بحكم الاستئناف. ولم تكن لديهما أي معرفة حقيقية أو فعلية بشأن القرار لأنهم لم يخطرا شخصيا، أي في منزلهما، وفق ما يقتضيه القانون المحلي.

٦-٣ وفيما يتعلق بملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية، يشير صاحبا البلاغ إلى أنه بينما اعتمدت تشريعات بهدف ضمان حقوق النساء، فإن هذه التشريعات كانت معطلة وغير فعالة في واقع الممارسة العملية، نظرا لأنه لا توجد آليات مناسبة من أجل تنفيذها. وبالتالي، ففي هذه القضية لم تتوفر السبل للوصول الفعال إلى العدالة، نظرا لأن جريمة قتل بيلار آرغوييو تروخييو لا تزال حتى الآن دون عقاب. ويعكس عدم التنفيذ السليم للسياسات العامة الرامية لتعزيز التغيرات الثقافية التي تشير إليها الدولة الطرف استمرار انتهاك حقوق الإنسان للمرأة. وتقر الدولة الطرف بوجود العنف في البلد، ولكن هذا أمر لا يجري التصدي له بفعالية.

٦-٤ وعندما قتلت بيلار أرغوييو تروخييو ، كانت جريمة قتل الإناث مُعرَّفة في القانون الجنائي لولاية فيراكروس ولكن الجريمة لم تعامل كجريمة لقتل الإناث ولم يجر فيها التحقيق على هذا الأساس لأن الجاني لم يكن قد بلغ السن القانونية. ونظرا لأن الجاني في هذه القضية كان قاصرا، وبالتالي عولجت الإجراءات بشكل مختلف، فقد أُجري التحقيق على أساس أن الجريمة هي جريمة قتل مقترن بظرف مشدد وليست جريمة لقتل الإناث. وبناء على ذلك، فإن الإجراءات الأساسية التي ينص عليها بروتوكول الإجراءات الأساسية التي يجب أن تتبعها النيابة العامة عند التحقيق في الجرائم ضد الحرية والسلامة الجنسية والأسرة أو جرائم العنف الجنساني وقتل الإناث، لم تنفّذ. ومع ذلك، فمن الواضح أن جريمة القتل كانت قائما على أساس نوع الجنس، حيث حدد التحقيق نفسه وجود ما لا يقل عن اثنين من العناصر التي تتسم بها جريمة قتل الإناث.

٦-٥ وعلى الرغم من الآليات الموضوعة من جانب الدولة الطرف لضمان حقوق الإنسان للمرأة، من قبيل التشريعات والبروتوكولات والتدريب، فإن الغالبية العظمى من حالات العنف لا يُحقَق فيها رسميا، أو لا يحاكم مرتكبوها أو لا يعاقبون من جانب نظام العدالة، لا على المستوى الاتحادي ولا على مستوى الولايات.

٦-٦ ويختلف صاحبا البلاغ مع ادعاء الدولة الطرف أنه لم يكن هناك دليل واضح في هذه القضية على وجود خطر محتمل محدد على بيلار آرغوييو تروخييو قبل أن تفقد حياتها. وهما يشيران إلى أن أحد هذه المخاطر هو أنه وقت وقوع الحادث المعني، لم تكن جريمة قتل الإناث مدرجة بوصفها جريمة خطيرة في قانون جرائم الأحداث في ولاية فيراكروس ( ) .ونتيجة لذلك، فإن الخطوات الدنيا المنصوص عليها في البروتوكول المذكور لم تنفذ. وثمة خطر محتمل آخر يتمثل في أن موظفي نظام العدالة لم يجروا أي تحقيق أو تحليل للوقائع من منظور جنساني. وفي حين تبين أن وجود ” مزية غير مستحقة “ كان عاملا مشددا للعقوبة، فإن هذا العامل غير كاف. وكان ينبغي أن يتضمن التحقيق تقييما سليما للأدلة وأن يأخذ في الاعتبار سياق العنف الخطير الذي وقعت فيه الجريمة. وفي هذه القضية، فقد تصرف الموظفون المشاركون في التحقيق وإقامة العدل بشكل يفتقر إلى الحساسية الجنسانية ويتسم بالتحامل والتمييز. وأسفر ذلك عن سلوك يتسم بالإهمال وعن التقصير في اتخاذ الإجراءات الحيوية اللازمة من أجل التأكد من الوقائع الحقيقية.

معلومات إضافية مقدمة من الأطراف

٧-١ بناء على طلب اللجنة، قدمت الدولة الطرف معلومات إضافية، مؤرخة ٢١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦ و ٣ أيار/مايو ٢٠١٧، بشأن كيفية عمل وسيلة الانتصاف المتمثلة في طلب الحماية القضائية في المكسيك. ووسيلة الانتصاف هذه ينظمها قانون الحماية القضائية. وتشير المادة ٥ من نسخة القانون النافذة وقت وقوع الأحداث إلى الأشخاص الذين يمكنهم طلب تنفيذ إجراءات الحماية القضائية: ” الضحية أو الأشخاص الذين يحق لهم، بموجب القانون، الحصول على جبر الضرر أو تقديم دعوى مدنية في سياق جريمة ما، حسبما تقتضيه الحالة، يجوز لهم طلب تنفيذ إجراءات الحماية القضائية في الإجراءات القضائية الجنائية، إذا كانت تلك الإجراءات الجنائية تؤثر على هذا الجبر أو الدعوى المدنية “ . وفيما يتعلق بالحدود الزمنية للتقدم بطلب الحماية القضائية، تكرر الدولة المعلومات التي قدمتها في ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وموقفها بأن البلاغ غير مقبول لأن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد.

٧-٢ وأشارت الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة ٣ أيار/مايو ٢٠١٧، إلى أنه من خلال التقدم بطلب الحماية القضائية ضد حكم صادر بشأن قضية جنائية، فإن ضحايا الجريمة يستطيعون تقديم الشكاوى بشأن وقوع الجريمة والمسؤولية عنها والعقوبة المفروضة، بما في ذلك المسائل المتعلقة بالجبر. وكما حدث في هذه القضية، يجوز للضحايا الاعتراض من خلال تدابير طلب الحماية القضائية على مضمون الحكم النهائي، والدفع بوجود خرق في القواعد الإجرائية أسفر عن إضعاف موقفهم أثناء الإجراءات. وتدابير طلب الحماية القضائية هي سبيل انتصاف غير عادي يعمل خارج نطاق نظام العدالة الجنائية، ولها سمات خاصة بها، ويتمثل الغرض منها في بحث ما إذا كانت السلطات قد تصرفت وفقا للدستور. ولا يعتبر طلب الحماية القضائية إجراء ضمن إطار نظام العدالة الجنائية. وإذا ووفق عليه بسبب وجود عيوب إجرائية ارتُكبت أثناء الإجراءات الجنائية، يمكن لمحكمة الحماية القضائية أن تأمر بإعادة فتح تلك الإجراءات للتخلص من العيوب التي تم تحديدها.

٧-٣ وتكرر الدولة الطرف أن طلب الحماية القضائية لو كان قد قـُدم في الوقت المحدد فإنه كان سيشكل سبيلا فعالا للانتصاف، بالنظر إلى أن من حق صاحبي البلاغ الطعن في أحكام التبرئة الصادرة عن المحاكم العادية. وعلاوة على ذلك، فإن مدى ملاءمة وفعالية الحماية القضائية لم يكن محل اعتراض من جانب صاحبي البلاغ.

٧-٤ وفي ٢٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٦ و ٣ حزيران/يونيه ٢٠١٧، قدم صاحبا البلاغ تعليقات على المعلومات الإضافية التي قدمتها الدولة الطرف. وقد أشارا إلى أن توفير المساعدة للضحايا غير المباشرين لجرائم القتل العمد أو قتل الإناث، وهم في هذه الحالة أفراد أسر المتوفين، هي عملية بطيئة في الدولة الطرف، وهي لم تبدأ إلا مع اعتماد القانون العام للضحايا، على الصعيد الاتحادي، في عام ٢٠١٣ - بعد أن وقعت الأحداث التي تشكل موضوع هذا البلاغ. ويعتبر إصدار أحكام متعلقة بحقوق الضحايا في الإجراءات الجنائية من جانب المحاكم الاتحادية، وهو ما أوضحته الدولة الطرف، تدليلاً على غموض القانون في هذا الصدد، ولا سيما وقت حدوث لوقائع هذا البلاغ، ولذلك كان من الضروري أن تقوم المحاكم بتوضيحه. كما يُفتقر إلى الوضوح فيما يتعلق بالسلطة المختصة بإخطار الضحايا بالحكم.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

٨-١ يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري. وعملاً بالفقرة 4 من المادة 72، يتعين عليها أن تقوم بذلك قبل النظر في البلاغ من حيث أسسه الموضوعية .

٨ -٢ ووفقا للفقرة 2 (أ) من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، فإن اللجنة مقتنعة بأن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٨-٣ وفيما يتعلق بالفقرة 1 من المادة ٤ من البروتوكول الاختياري، التي تستلزم استنفاذ سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أن على مقدمي البلاغ استخدام سبل الانتصاف المتاحة في المنظومة القانونية المحلية المتاحة لهم والتي تمكنهم من الحصول على الإنصاف من الانتهاكات المدعى بها. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ يشككان في الطريقة التي أجرت النيابة العامة التحقيق بها، بما في ذلك عدم توفير الأدلة المناسبة أو الكافية لإثبات أن المدعو أ.ر.م . كان مذنبا بارتكاب جريمة القتل العمد ضد الضحية، بيلار آرغوييو تروخييو . وهما يشككان أيضا في كيفية تقييم القضاة للأدلة وتقديرهم للوقائع. وتلاحظ اللجنة أيضا، فيما يتعلق بهذه التشكيكات، أن صاحبة البلاغ قد تقدمت بطلب الحماية القضائية لدى الدائرة السابعة ومحكمة العمل، وقد ادعت في طلبها انتهاك حقوقها في الإجراءات القانونية الواجبة وفي المساواة بين الأطراف في الدعوى. كما ادعى صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف، بعد تبرئة المدعو أ.ر.م .، لم تقم بحل القضية الجنائية وتقديم الجناة إلى العدالة.

٨-٤ وتنوه اللجنة أيضا بملاحظات الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يستنفدا سبل الانتصاف المحلية لأن طلب الحصول على الحماية القضائية قُدِّم بعد الموعد النهائي المحدد بموجب القانون.

٨-٥ وستنظر اللجنة بشكل منفصل في ادعاءات صاحبي البلاغ المتصلة بما يلي: (أ) ادعاء وجود ثغرات إجرائية ومخالفات في الإجراءات القضائية؛ (ب) عدم إجراء المزيد من التحقيق في هذه الجريمة، التي لا تزال دون حل ودون عقاب حتى الآن.

٨-٦ وفيما يتعلق بالجزء الأول من ادعاء صاحبي البلاغ، الذي تقدم صاحبا البلاغ بشأنه بطلب الحماية القضائية، تلاحظ اللجنة أن هذا الطلب لم يُقدَّم سوى في ٢٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣، وهو بعد أشهر من الموعد النهائي القانوني. وتلاحظ اللجنة كذلك أن هذا التأخير لا يمكن أن يُعزى إلى الدولة الطرف، لأن صاحبي البلاغ لم ينكرا تلقي الإشعار بالحكم الصادر في ٢٥ شباط/فبراير ٢٠١٣ بشأن دعوى الاستئناف التي رفعوها. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أنه، لما كان صاحبا البلاغ لم يستفيدا من تدبير طلب الحماية القضائية بالاعتراض على العيوب الإجرائية التي يعرضونها الآن على اللجنة، فإنهما لم يستوفيا شرط استنفاذ سبل الانتصاف المحلية المنصوص عليه في المادة ٤ (1) من البروتوكول الاختياري. ولهذا السبب، يُعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول.

٨-٧ أما بالنسبة للجزء الثاني من ادعاء صاحبي البلاغ بشأن عدم مواصلة التحقيق في جريمة قتل بيلار آرغوييو تروخييو ، تلاحظ اللجنة أنه منذ الحكم بتبرئة الجاني المتهم المدعو أ.ر.م .، لم تشر الدولة الطرف إلى إجراء أية تحقيقات أخرى تهدف إلى توضيح الحقائق وتقديم الجناة إلى العدالة. وترى اللجنة أن مقاضاة مرتكبي الجرائم، ولا سيما جرائم القتل العمد، هي وظيفة تندرج حصرا ضمن اختصاص الدول، وينبغي على الدولة المعنية أن تُنفَّذها مع إيلاء العناية الواجبة، وبحكم كونها دولة، وفقا لإجراءات القانون الجنائي، بصرف النظر عن أي لجوء إلى إجراءات قانونية أخرى، من قبيل التماس الحصول على الحماية القضائية، اسواء لجأ أقارب الضحية أم لم يلجأوا إلى تلك الإجراءات.

٨-٨ وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن قتل بيلار آرغوييو تروخييو قد وقع في أيلول/سبتمبر ٢٠١٢؛ وأن الشخص المتهم بارتكاب القتل قد تمت تبرئته في تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، وهو حكم جرى تأكيده في مرحلة الاستئناف عن طريق محكمة العدل العليا في فيراكروس في 17 كانون الثاني/يناير ٢٠١٣؛ ومنذ ذلك الحين، لا يبدو أنه تم الاضطلاع بأية إجراءات أخرى للتحقيق. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن تطبيق سبل الانتصاف المحلية قد استغرق وقتا ممتدا إلى حد غير معقول، وأن تقاعس السلطات المختصة قد جعل طلب الانتصاف الذي يمكن أن يحقق إنصافا فعالا لصاحبي البلاغ أمرا مستبعدا جدا. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن البلاغ مقبول بموجب المادة ٤ (1) من البروتوكول الاختياري فيما يتعلق بالجزء الثاني من ادعاءات صاحبي البلاغ، الواردة في الفقرة ٨-٧ أعلاه.

٨-٩ وتشير اللجنة أيضا إلى حجة الدولة الطرف القائلة بأن البلاغ يتعارض مع أحكام الاتفاقية، نظرا لأن تنفيذ الإجراءات الملائمة وتقييم الأدلة هي مسائل تندرج ضمن الولاية القضائية المحلية، وأنه في هذه القضية لا يمكن استنتاج أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات المكلفة بالإجراءات الجنائية كانت تعسفية أو تشكل حرمانا من العدالة. ومع ذلك، ففي ضوء الحجج المقدمة من صاحبي البلاغ، لا يمكن للجنة أن تخلص إلى أن الادعاءات المعروضة على اللجنة تتعارض من حيث الموضوع مع أحكام الاتفاقية، بالمعنى المقصود في المادة 4 (2) (ب) من البروتوكول الاختياري.

٨-١٠ وتحيط اللجنة علما كذلك بادعاء الدولة الطرف أن البلاغ لا أساس له من الصحة لأن صاحبي البلاغ لم يقيما الدليل على ادعائهما بأن السلطات المكسيكية قد تصرفت ” بشكل يتعامى عن النواحي الجنسانية ويتسم بالتحامل والتمييز المعادي للمرأة والمتحيز ضدها “ .

٨-١١ وتشير اللجنة إلى أن شكوى صاحبي البلاغ الواردة في البلاغ من أن جريمة قتل ابنتهما ظلت دون عقاب، وأن السلطات المكلفة بالتحقيقات والملاحقات القضائية لم تتخذ جميع التدابير اللازمة لتوضيح الوقائع وإسناد المسؤولية عنها. كما تشير اللجنة إلى اجتهاداتها القضائية السابقة ومفادها أنه ليس من مهامها أن تحل محل السلطات الوطنية في تقييم الوقائع والأدلة، كما أنها لا تبت في المسؤولية الجنائية للجاني المتهم ( ) .وترى اللجنة أن الأمر يرجع إلى سلطات محاكم الدول الأطراف في الاتفاقية لتقييم الوقائع والأدلة وتحديد قابلية تطبيق القانون الوطني في قضايا محددة، إلا إذا أمكن إثبات أن هذا التقييم كان متحيزاً أو مستندا إلى قوالب نمطية جنسانية تشكل تمييزاً ضد المرأة، أو أنه كان تعسفيا بشكلٍ واضح أو اعتُبر حرمانا من العدالة.

٨-١٢ وعلى الرغم مما ذكر أعلاه، ترى اللجنة، لأغراض المقبولية، أن صاحبا البلاغ، في هذا البلاغ، قد دعما شكواهما بما يكفي من الأدلة بشأن عدم اتخاذ تدابير إضافية من جانب السلطات الوطنية من أجل توضيح الظروف المحيطة بجريمة قتل بيلار آرغوييو تروخييو ، وإثبات المسؤولية الجنائية عنها. وبناء على ذلك، تعتبر اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ مقبولٌ في إطار المادة 4 (2) (ج) من البروتوكول الاختياري.

٨-١٣ وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن البلاغ مقبول لأنه يثير مسائل بموجب المواد ١ و٢ و ٣ و 5 و ١٥ من الاتفاقية، وأنه ينبغي النظر فيه من حيث أسسه الموضوعية ، في الأجزاء التي لا ترتبط بالثغرات الإجرائية والمخالفات التي يدعيها صاحبا البلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

٩-١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات المقدمة لها من صاحبي البلاغ والدولة الطرف وفق المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 7 من البروتوكول الاختياري.

٩-٢ وتحيط اللجنة علما بادعاءات صاحبا البلاغ بأن هذه القضية وقعت في ظل ارتفاع مستويات العنف الموجه ضد المرأة والإفلات من العقاب في القضايا المرفوعة أمام المحاكم. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بأنها ذكرت، في ملاحظاتها الختامية بشأن المكسيك، ما يلي ( ) :

١٧ - تحيط اللجنة علما بأن المادة ٢١ من القانون العام المتعلقة بتمكين المرأة من التمتع بحياة خالية من العنف تُعرّف قتل الإناث باعتباره أقصى أشكال العنف الجنساني الموجه ضد المرأة، وهو نتاج انتهاكٍ لحقوق الإنسان الخاصة والعامة الخاصة بهن، شكلته مجموعة من السلوكيات المعادية للمرأة التي يمكن أن تؤدي إلى الإفلات من عقاب المجتمع والدولة، وأن تفضي إلى جريمة قتل النساء أو غير ذلك من أشكال الموت العنيف. غير أنها تشعر بالقلق إزاء أوجه القصور والتعاريف المختلفة لجريمة قتل الإناث في القوانين الجنائية المحلية. وتعرب اللجنة عن بالغ قلقها إزاء ارتفاع وتزايد عدد جرائم قتل الإناث المرتكبة في عدة ولايات، مثل شياباس وغواناخواتو وخاليسكو ونويفو ليون وواهاكا وبويبلا وولاية مدينة مكسيكو وفيراكروز وكينتانا رو، وكذلك في مكسيكو نفسها وفي سيوداد خواريز . ويساورها القلق كذلك إزاء أوجه عدم الدقة في إجراءات تسجيل حالات قتل النساء وتوثيقها، الأمر الذي يقوض إجراء التحقيق في القضايا على نحو سليم، ويمنع إخطار أسر الضحايا على وجه السرعة، ويعوق إجراء تقييم لقتل الإناث بصورة أوفى وأكثر موثوقية.

١٨ - ويساور اللجنة القلق كذلك إزاء ما يلي:

(…)

(ج) انخفاض عدد حالات العنف الموجه ضد المرأة التي تبلغ إلى السلطات نظرا لخشية النساء تدابير الانتقام وعدم ثقتهن في السلطات؛ وعدم وجود بروتوكولات موحدة للتحقيق في حالات العنف الموجه ضد المرأة ومقاضاة مرتكبيها، الأمر الذي يعرقل حق الضحايا في اللجوء إلى العدالة، ويخلف نسبة عالية من الحالات بدون عقاب، على نحو ما أشارت إليه المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان في قضية ” كامبو ألغودونيرو “ ؛

(د) استمرار الإفلات من العقاب فيما يتعلق بالتحقيق مع مرتكبي أعمال العنف الموجه ضد المرأة وملاحقتهم وعقابهم في جميع أنحاء البلد.

٩-٣ وتلاحظ اللجنة، في هذه القضية، أن سلطات الدولة الطرف لم تقم على ما يبدو، بعد تاريخ تبرئة الشخص المتهم في البداية بقتل بيلار آرغوييو تروخيو ، بأي نشاط بهدف توضيح ملابسات الجريمة أو تحديد هوية مرتكبها، من قبيل فتح مسارات تحقيق جديدة.

٩-٤ وتشير اللجنة، وفقا لتوصيتها العامة رقم ١٩، إلى أن تعريف التمييز المنصوص عليه في المادة ١ من الاتفاقية يشمل العنف الجنساني ، أي العنف الموجه ضد المرأة بسبب كونها امرأة أو الذي يؤثر على النساء بصورة غير متناسبة. والعنف الجنساني الذي يعوق أو يبطل تمتع المرأة بحقوق الإنسان يعتبر تمييزا في إطار معنى المادة ١. وتشمل هذه الحقوق الحق في الحياة. وبموجب المادة 2 (ه‍)، تطالب الاتفاقية الدول الأطراف باتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز الموجه ضد المرأة من جانب أي شخص. وبموجب القانون الدولي العام وعهود معينة لحقوق الإنسان، يمكن تحميل الدول المسؤولية أيضاً عن أعمال خاصة إذا لم تتصرف بالعناية الواجبة لمنع انتهاكات الحقوق أو للتحقيق في جرائم عنف ومعاقبة مرتكبيها، وتعويض الضحايا ( ) .

٩-٥ ووفقا للتوصية العامة رقم ٢٨ (2010) بشأن الالتزامات الأساسية للدول الأطراف بموجب المادة ٢ من الاتفاقية، يقع على الدول الأطراف التزام بإيلاء العناية الواجبة لمنع أعمال العنف الجنساني والتحقيق فيها والمعاقبة عليها (الفقرة ١٩). وفي الحالات التي يشكل فيها التمييز ضد المرأة أيضاً انتهاكاً لحقوق أخرى من حقوق الإنسان مثل الحق في الحياة والسلامة البدنية، في قضايا العنف المنزلي وغيره من أشكال العنف على سبيل المثال، يقع على الدول الأطراف التزام برفع الدعوى الجنائية وتقديم الجناة للمحاكمة وإنزال العقوبات الملائمة (الفقرة 34). وترى اللجنة أيضا أن الإفلات من العقاب على جرائم من هذا القبيل يسهم إسهاما كبيرا في ترسيخ ثقافة تقبّل أشد أشكال العنف الموجه ضد المرأة في المجتمع، الأمر الذي يغذي استمرار ارتكابها.

٩-٦ ومع أن اللجنة تسلم بأن واجب الدولة في التحقيق في الجرائم هو التزام سلوكي وليس التزام غاية، فإنها ترى في هذه القضية أن الدولة الطرف لم تثبت أنها بذلت كل ما في وسعها للوفاء بالتزامها بموجب الاتفاقية بالتحقيق في الجريمة ومقاضاة الجاني (الجناة) وإنزال العقوبات المناسبة. ولم تثبت الدولة أنها اتخذت التدابير اللازمة بموجب المادة ٢ (ب) و (ج) والمادة ٥، مقروءة بالاقتران مع المادة ١ من الاتفاقية، في بذل العناية الواجبة من أجل ضمان إجراء التحقيق والمحاكمة، ما نتج عن ذلك من افلات الجرم من العقاب، ووقوع صاحبي البلاغ ضحايا للحرمان من العدالة.

١٠ - واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة ٣ من المادة ٧ من البروتوكول الاختياري للاتفاقية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق بيلار آرغوييو تروخيو بموجب المادة ٢ (ب) و (ج) والمادة ٥، مقروءة بالاقتران مع المادة ١ من الاتفاقية. ونظراً لأن اللجنة خلصت إلى هذا الاستنتاج، فإنها لن تبحث في ادعاءات صاحبي البلاغ بموجب المادتين ٣ و ١٥ عن نفس الوقائع.

١١ - وفي ضوء الاستنتاجات أعلاه، توصي اللجنة الدولة الطرف بالقيام بما يلي:

(أ) فيما يتعلق بصاحبي البلاغ:

استئناف التحقيق في مقتل بيلار آرغوييو تروخيو ضمن إطار زمني معقول من أجل تحديد وإزالة أي عقبات بحكم القانون أو بحكم الواقع تكون قد أعاقت توضيح ملابسات الجريمة وتحديد هوية الجناة. وهذا من شأنه أن يبين التزام الدولة الطرف بضمان تمكين صاحبي هذا البلاغ من ال ل جوء إلى القضاء؛

(ب) وبصفة عامة، ووفقا للتوصية العامة رقم ٣٣ الصادرة عن اللجنة بشأن إمكانية اللجوء إلى القضاء، وكذلك بالإشارة إلى تقريرها المقدم بموجب المادة ٨ من البروتوكول الاختياري بشأن المكسيك ( ) :

’1‘ ضمان سير الإجراءات المناسبة (التي تتسم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية) المتعلقة بالتحقيق مع مرتكبي العنف الموجه ضد المرأة وملاحقتهم ومعاقبتهم، لا سيما في قضايا قتل الإناث ( ) ؛

’2‘ تحديد وإزالة العقبات الهيكلية التي تعوق سير النظام القضائي والتحقيق الفعال في جرائم قتل النساء على أساس نوع الجنس. وفي هذا الصدد، ينبغي إخضاع التحقيقات الجنائية للرصد القضائي المستمر، دون ادخار أي جهد، من أجل كفالة إنزال العقوبات الملائمة على الجناة؛

’٣‘ تقوية تنفيذ البرامج الرامية إلى تعزيز وضمان فعالية تعليم وتدريب جميع الجهات الفاعلة الحكومية المشاركة في التحقيقات في قضايا العنف الموجهة ضد المرأة، لا سيما في الحالات التي تنطوي على العنف الأقصى الذي يشكل جرائم قتل الإناث. وينبغي لهذه البرامج أن تستهدف، على وجه الخصوص، ضباط الشرطة والمدعين العامين والقضاة. وينبغي ألا يقتصر مضمون هذه البرامج على الجوانب التقنية للتحقيق فحسب، من أجل تحديد أي أوجه عدم فعالية وقصور في عملية التحقيق وما يترتب على ذلك من إفلات من العقاب، بل أن يشمل أيضا أسباب وعواقب جميع أشكال العنف الموجه ضد المرأة.

’٤‘ كفالة توفير الدعم القانوني لتمكين أقارب النساء اللواتي قضين نحبهن نتيجة لأعمال عنف جنساني، من اللجوء إلى القضاء ومن حصولهم على إلى جميع الضمانات القانونية المتعلقة بحمايتهم.

١٢ - وفقا للفقرة 4 من المادة 7، فإن على الدولة الطرف أن تولي الاعتبار الواجب لآراء اللجنة المشفوعة بتوصياتها، وأن تقدم إلى اللجنة، خلال ستة أشهر، ردا مكتوبا يتضمن أي معلومات عن أي إجراء تكون قد اتخذته في ضوء آراء اللجنة وتوصياتها. وتـُـلزم الدولة الطرف أيضاً بنشر آراء اللجنة وتوصياتها وتعميمها على نطاق واسع لكي تصل إلى جميع قطاعات المجتمع المعنية.