الأمم المتحدة

CRC/C/GC/16

اتفاقية حقوق الطفل

Distr.: General

17 April 2013

Arabic

Original: English

لجنة حقوق الطفل

التعليق العام رقم 16 (2013) التزامات الدول بشأن أثر قطاع الأعمال التجارية على حقوق الطفل *

المحتويات

الفقـرات الصفحة

أولاً - المقدمة والأهداف 1-7 3

ثانياً - النطاق والتطبيق 8-11 5

ثالثاً - المبادئ العامة للاتفاقية في اتصالها بالأنشطة التجارية 12-23 6

ألف - الحق في عدم التعرض للتمييز (المادة 2) 13-14 6

باء - مصالح الطفل الفضلى (الفقرة 1 من المادة 3) 15-17 7

جيم - الحق في الحياة والبقاء والنمو (المادة 6) 18-20 7

دال - حق الطفل في الاستماع إليه (المادة 12) 21-23 8

رابعاً - طابع ونطاق التزامات الدول 24-31 9

ألف - الالتزامات العامة 24-25 9

باء - الالتزام بالاحترام والحماية والإعمال 26-31 10

خامساً - التزامات الدول في سياقات محددة 32-52 12

ألف - توفير الخدمات لتحقيق التمتع بحقوق الطفل 33-34 13

باء - الاقتصاد غير الرسمي 35-37 13

جيم - حقوق الطفل والعمليات التجارية على الصعيد العالمي 38-46 14

دال - المنظمات الدولية 47-48 17

هاء - الطوارئ وحالات النزاع 49-52 18

سادساً - إطار التنفيذ 53-84 19

ألف - التدابير التشريعية والتنظيمية وتدابير الإنفاذ 53-65 19

باء - تدابير الانتصاف 66-72 23

جيم - التدابير السياساتية 73-74 25

دال - تدابير التنسيق والرصد 75-81 26

هاء - تدابير التعاون والتوعية 82-84 28

سابع اً - النشر 85-86 29

أولا ً- المقدمة والأهداف

1- تدرك لجنة حقوق الطفل أن أثر قطاع الأعمال التجارية على حقوق الطفل قد تزايد في العقود الأخيرة بسبب عوامل مثل طابع الاقتصادات والعمليات التجارية المتسم بالعولمة، والاتجاهات المستمرة نحو اللامركزية، والتوريد الخارجي والخصخصة لمهام الدولة بما يؤثر على حقوق الإنسان. ويمكن للأعمال التجارية أن تشكل محرك اً أساسي اً للمجتمعات والاقتصادات نحو التقدم بسبل تعزز إعمال حقوق الطفل، بطرق منها على سبيل المثال، أوجه التقدم التكنولوجي والاستثمار وتوفير فرص العمل اللائق. إلا أن إعمال حقوق الطفل ليس نتيجة تلقائية للنمو الاقتصادي، حيث يمكن للمؤسسات التجارية أن تؤثر سلب اً كذلك على حقوق الطفل.

2- وتقع على عاتق الدول التزامات بشأن أثر الأنشطة والعمليات التجارية على حقوق الطفل الناشئة عن اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكوليها الاختياريين بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية ، و بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة . وتشمل هذه الالتزامات طائفة منوعة من القضايا، بما يُظهر أن الأطفال أصحاب حقوق وأصحاب مصلحة على السواء في الأعمال التجارية، بصفتهم مستهلكين وموظفين عاملين بشكل قانوني، وباعتبارهم في المستقبل موظفين وقادة أعمال وأعضاء في المجتمعات والبيئات التي تعمل فيها المؤسسات التجارية. ويهدف هذا التعليق العام إلى توضيح هذه الالتزامات وتبيان التدابير التي يتعين على الدول اتخاذها للوفاء بتلك الالتزامات.

3- ولأغراض هذا التعليق العام، يُعرَّف قطاع الأعمال التجارية على أنه يشمل جميع المؤسسات التجارية، الوطنية وعبر الوطنية على السواء، بصرف النظر عن الحجم أو القطاع أو المكان أو الملكية أو الهيكل. كما يتناول التعليق العام أيض اً الالتزامات المتعلقة بالمنظمات غير الهادفة للربح التي تضطلع بدور في توفير خدمات بالغة الأهمية لتمتع الأطفال بحقوقهم.

4- ومن الضروري أن يكون للدول أطر قانونية ومؤسسية كافية لاحترام حقوق الطفل وحمايتها وإعمالها، ولتوفير سبل الانتصاف إذا وقعت انتهاكات في سياق العمليات والأنشطة التجارية. وفي هذا الصدد، يتعين أن تراعي الدول ما يلي:

(أ) تشكل الطفولة مرحلة فريدة من النمو البدني والعقلي والنفسي والروحي؛ وانتهاكات حقوق الطفل مثل التعرض للعنف أو عمل الأطفال أو المنتجات غير الآمنة أو المخاطر البيئية يمكن أن تترتب عليها تبعات تدوم مدى الحياة وغير قابلة للزوال بل ومتوارثة عبر الأجيال؛

(ب) يتسم الأطفال عادة بأن ليس لهم صوت سياسي، ويفتقرون إلى إمكانية الحصول على المعلومات ذات الصلة. وهم يعتمدون في إعمال حقوقهم على نظم الحكم التي ليس لهم عليها تأثير يُذكر. وذلك يصعِّب عليهم الإدلاء برأيهم في القرارات المتعلقة بالقوانين والسياسات التي تؤثر على حقوقهم. وفي عملية صنع القرار، قد لا تراعي الدول بالقدر الكافي أثر القوانين والسياسات المتعلقة بالأعمال التجارية على الأطفال، بينما كثير اً ما يبذل قطاع الأعمال التجارية في المقابل نفوذ اً قوي اً على القرارات د ون الرجوع إلى مسألة حقوق الطفل؛

(ج) يصعب على الأطفال عموم اً الحصول على الانتصاف، سواء في المحاكم أو من خلال آليات أخرى، عندما تتعرض حقوقهم للإخلال ولا سيما على يد المؤسسات التجارية. فعادة ما يفتقر الأطفال للأهلية القانونية وللمعرفة بآليات الانتصاف وللموارد المالية والتمثيل القانوني المناسب. وفضل اً عن ذلك، ثمة صعوبات خاصة بالأطفال في الحصول على الانتصاف عن الانتهاكات التي تحدث في سياق العمليات التجارية على الصعيد العالمي.

5- ونظر اً للطائفة الواسعة من حقوق الطفل التي يمكن أن تتأثر من الأنشطة والعمليات التجارية، فإن هذا التعليق العام لا ينظر في كل مادة ذات صلة من الاتفاقية وبروتوكولاتها. وإنما يسعى إلى تزويد الدول بإطار لتنفيذ الاتفاقية ككل فيما يتعلق بقطاع الأعمال التجارية، مع التركيز على السياقات المحددة التي يكون تأثير الأنشطة التجارية فيها على حقوق الطفل أكثر أهمية. ويهدف هذا التعليق العام إلى تقديم الإرشاد إلى الدول بشأن كيفية قيامها بما يلي:

(أ) ضمان ألا تؤثر أنشطة وعمليات المؤسسات التجارية سلب اً على حقوق الطفل؛

(ب) تهيئة بيئة مواتية وداعمة للمؤسسات التجارية لكي تحترم حقوق الطفل، بما في ذلك عبر أية علاقات تجارية ترتبط بعملياتها أو منتجاتها أو خدماتها وعبر عملياتها على الصعيد العالمي؛

(ج) ضمان إمكانية الحصول على الانتصاف الفعال للأطفال الذين يتم الإخلال بحقوقهم من قِبل أية مؤسسة تجارية تعمل كطرف خاص أو كوكيل عن الدولة.

6- يستند هذا التعليق العام إلى خبرة اللجنة في استعراض تقارير الدول الأطراف، ويوم المناقشة العامة عن القطاع الخاص كمقدم للخدمات، الذي عقد في عام 2012 ( ) . كما يستقي معلوماته من المشاورات الإقليمية والدولية مع العديد من أصحاب المصلحة بمن فيهم الأطفال، وكذلك المشاورات العامة التي جرت منذ عام 2011.

7- وتدرك اللجنة أن ما هو قائم ومتطور على الصعيدين الوطني والدولي من القواعد والمعايير والإرشاد السياساتي بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، مهم للتعليق العام. ويتسق التعليق مع الاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقيتا منظمة العمل الدولية رقم 182(1999) بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، ورقم 138 (1973) بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام. وتدرك اللجنة أهمية إطار الأمم المتحدة: "الحماية والاحترام والانتصاف"، والمبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان التي اعتمدها مجلس حقوق الإنسان، وإعلان منظمة العمل الدولية الثلاثي للمبادئ المتعلقة بالمؤسسات المتعددة الجنسيات والسياسة الاجتماعية . وكان من بين المراجع المفيدة للجنة وثائق أخرى مثل المبادئ التوجيهية للمؤسسات المتعددة الجنسيات ، الخاصة ب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ، والاتفاق العالمي، و دراسة الأمم المتحدة بشأن العنف ضد الأطفال ، والمبادئ المتعلقة بحقوق الطفل والأعمال التجارية.

ثانيا ً- النطاق والتطبيق

8- يتناول هذا التعليق العام أساس اً التزامات الدول بموجب الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية. ولا يوجد في هذه المرحلة أي صك دولي ملزم قانون اً بشأن مسؤوليات قطاع الأعمال التجارية إزاء حقوق الإنسان. ولكن اللجنة تدرك أن الواجبات والمسؤوليات المتعلقة باحترام حقوق الطفل تمتد من ناحية الممارسة العملية لما هو أبعد من الخدمات والمؤسسات التابعة للدولة أو الخاضعة لسيطرتها، وتنطبق على الجهات الفاعلة والمؤسسات التجارية الخاصة. ومن ثم، فإن كل المؤسسات التجارية يجب أن تضطلع بمسؤولياتها إزاء حقوق الطفل ويجب على الدول أن تضمن هذا الأمر. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على المؤسسات التجارية ألا تقوض قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها تجاه الأطفال بموجب الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية.

9- وتقر اللجنة بأن ما تقوم به مؤسسات تجارية من إجراءات طوعية في إطار مسؤولية الشركات مثل الاستثمار الاجتماعي، والمشاركة في جهود الدعوة والسياسات العامة، والمدونات الطوعية لقواعد السلوك، والعمل الخيري وغير ذلك من الإجراءات الجماعية، يمكن أن تنهض بحقوق الطفل. ويتعين على الدول تشجيع تلك الإجراءات والمبادرات الطوعية كسبيل لإيجاد ثقافة للوسط التجاري تحترم حقوق الطفل وتدعمها. ولكن ينبغي التأكيد على أن تلك الإجراءات والمبادرات الطوعية ليست بديل اً عن إجراءات الدولة وتنظيم الأعمال التجارية بما يتسق مع الالتزامات القائمة بموجب الاتفاقية وبروتوكولاتها أو عن امتثال المؤسسات التجارية بمسؤولياتها باحترام حقوق الطفل.

10- ومن المهم الإشارة إلى أن الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية تلزم الدولة ككل، بصرف النظر عن الهياكل الداخلية أو الفروع أو التنظيمات فيها. وفضل اً عن ذلك، فإن لامركزية السلطة، سواء من خلال نقل الصلاحيات أو التفويض، لا تقلل من المسؤولية المباشرة للدولة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه كل الأطفال الخاضعين لولايتها.

11- وينظر هذا التعليق العام أول اً في العلاقة بين التزامات الدولة المتعلقة بالأنشطة التجارية والمبادئ العامة للاتفاقية. ثم يعرّف الطابع والنطاق العامين لالتزامات الدولة إزاء حقوق الطفل وقطاع الأعمال التجارية. ويلي ذلك فحص لنطاق الالتزامات في السياقات التي يكون تأثير الأنشطة والعمليات التجارية فيها على حقوق الطفل أكثر أهمية، بما في ذلك عند تقديم المؤسسات التجارية للخدمات، أو تضرر الأطفال في الاقتصاد غير الرسمي، أو اشتراك الدول مع المنظمات الدولية، أو عمل المؤسسات التجارية في الخارج في مناطق لا تكون فيها حماية الدولة لحقوق الطفل كافية. ويختتم هذا التعليق العام بوضع إطار عمل للتنفيذ والنشر.

ثالثا ً- المبادئ العامة للاتفاقية في اتصالها بالأنشطة التجارية

12- تتسم حقوق الطفل بأنها عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة. وقد وضعت اللجنة أربعة مبادئ عامة في سياق الاتفاقية كأساس لجميع قرارات وإجراءات الدولة فيما يتعلق بالأنشطة والعمليات التجارية بما يتسق مع نهج يراعي حقوق الطفل ( ) .

ألف- الحق في عدم التعرض للتمييز (المادة 2)

13 - تدعو المادة 2 من الاتفاقية الدول إلى أن تحترم الحقوق وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها "دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الإثني أو الاجتماعي أو ثروتهم أو عجزهم أو مولدهم أو أي وضع آخر". ويجب على الدول ضمان ألا تكون أي من التشريعات أو السياسات أو البرامج التي تتناول المسائل المتعلقة بالأعمال التجارية تمييزية ضد الأطفال في محتواها أو في تنفيذها، سواء عن عمد أو دون قصد، مثل تلك التي تتناول إمكانية حصول الآباء أو مقدمي الرعاية على العمل، أو إمكانية حصول الأطفال ذوي الإعاقة على السلع والخدمات.

14- ويلزم أن تقوم الدول بمنع التمييز في مجالات القطاع الخاص عموم اً وأن توفر الانتصاف إن وقع التمييز. ويتعين على الدول جمع البيانات الإحصائية المصنفة على نحو مناسب وغيرها من المعلومات لتحديد حالات التمييز ضد الأطفال في سياق الأنشطة والعمليات التجارية، ويتعين إنشاء آليات لرصد الممارسات التمييزية في قطاع الأعمال التجارية وإجراء التحقيقات بشأنها. وينبغي على الدول أيض اً اتخاذ خطوات لتهيئة بيئة داعمة لقيام الأعمال التجارية باحترام الحق في الحماية من التمييز عن طريق تعزيز المعرفة والفهم لهذا الحق داخل القطاع المذكور، بما في ذلك قطاعات وسائط الإعلام والتسويق والإعلان. ويتعين أن تستهدف أعمال التوعية وإذكاء الوعي لدى المؤسسات التجارية التصدي للمواقف التمييزية ضد كل الأطفال، ولا سيما المستضعفين منهم، والقضاء على تلك المواقف.

باء- مصالح الطفل الفضلى (الفقرة 1 من المادة 3)

15- تنص الفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية على أن تولي الدول الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال. ويقع على الدول التزام بإدراج هذا المبدأ وتطبيقه في كل الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية المتعلقة بالأنشطة والعمليات التجارية التي تؤثر على الأطفال بشكل مباشر أو غير مباشر. فيجب على الدول على سبيل المثال أن تضمن الأهمية المحورية للمصالح الفضلى للطفل في وضع التشريعات والسياسات التي تصيغ الأنشطة والعمليات التجارية، مثل ما يتعلق منها بالعمالة والضرائب والفساد والخصخصة والنقل وغير ذلك من القضايا العامة الاقتصادية أو التجارية أو المالية.

16- كما تنطبق الفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية بشكل مباشر على المؤسسات التجارية التي تعمل باعتبارها هيئات رعاية اجتماعية خاصة أو عامة عن طريق توفير أي شكل من أشكال الخدمات المباشرة للأطفال، بما في ذلك الرعاية والكفالة والصحة والتعليم وإدارة مرافق الاحتجاز.

17- وتضع الاتفاقية وبرتوكولاتها الاختيارية إطار تقييم المصالح الفضلى للطفل وتحديدها. ويصبح الالتزام بإيلاء الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى أمر اً بالغ الأهمية عندما تفاضل الدول بين أولويات متنافسة، مثل الاعتبارات الاقتصادية قصيرة الأجل والقرارات الإنمائية طويلة الأجل. ويتعين على الدول أن تتمكن من شرح كيفية احترام الحق في مراعاة مصالح الطفل الفضلى في صناعة القرار، بما في ذلك كيفية مفاضلته أمام الاعتبارات الأخرى ( ) .

جيم- الحق في الحياة والبقاء والنمو (المادة 6)

18- تعترف المادة 6 من الاتفاقية بأن لكل طفل حق اً أصيل اً في الحياة وبأن على الدول أن تكفل بقاء الطفل ونموه. وتذكر اللجنة فهمها لنمو الطفل في التعليق العام رقم 5 (2003) عن التدابير العامة لتنفيذ الاتفاقية باعتباره "مفهوم اً شامل اً يغطي نمو الطفل البدني والعقلي والروحي والمعنوي والنفسي والاجتماعي" ( ) .

19- ويمكن لأنشطة وعمليات المؤسسات التجارية أن تؤثر على إعمال المادة 6 بطرق مختلفة. على سبيل المثال، فإن التدهور والتلوث البيئيين الناتجين عن الأنشطة التجارية يمكن أن يهددا حقوق الطفل في الصحة والأمن الغذائي وإمكانية الحصول على مياه الشرب الآمنة والتصحاح. كما أن بيع أو تأجير الأرض للمستثمرين يمكن أن يحرم السكان المحليين من إمكانية الحصول على الموارد الطبيعية المرتبطة برزقهم وتراثهم الثقافي؛ ويمكن أن تتعرض حقوق أطفال الشعوب الأصلية للخطر على وجه الخصوص في هذا السياق ( ) . ويمكن لتسويق منتجات للأطفال، مثل السجائر والكحول وكذلك الأغذية والمشروبات ذات المحتوى المرتفع من الدهون المشبعة أو الأحماض الدهنية المفروقة أو السكر أو الملح أو المواد المضافة، أن يكون له أثر طويل الأجل على صحتهم ( ) . وعندما تتطلب ممارسات التوظيف في المؤسسات التجارية من البالغين العمل ساعات طويلة، فإن الأطفال الأكبر سن اً، ولا سيما الفتيات، قد يتولون واجبات آبائهم المنزلية والمتعلقة برعاية الأطفال، وهو ما يمكن أن يؤثر سلب اً على حقهم في التعليم واللعب؛ بالإضافة إلى ذلك، فإن ترك الأطفال وحدهم أو في رعاية أشقائهم الأكبر سن اً يمكن أن تكون له تبعات على جودة الرعاية وصحة الأطفال الصغار.

20- وسيلزم تكييف تدابير لتنفيذ المادة 6 فيما يتعلق بقطاع الأعمال التجارية وفق اً للسياق وتضمينها تدابير وقائية مثل التنظيم والرصد الفعالين لمجالي الإعلان والتسويق وللأثر البيئي للأعمال التجارية. وفي سياق رعاية الأطفال، ولا سيما الصغار منهم، سيلزم اتخاذ تدابير أخرى لتهيئة بيئة مواتية لقيام الأعمال التجارية باحترام المادة 6، من خلال استحداث سياسات مراعية للأسرة في مكان العمل على سبيل المثال. ويجب أن تراعي تلك السياسات أثر ساعات عمل البالغين على بقاء ونمو الأطفال في جميع مراحل نموهم، ويجب أن تتضمن إجازة والدية بأجر مناسب ( ) .

دال- حق الطفل في الاستماع إليه (المادة 12)

21- تكرس المادة 12 من الاتفاقية حق كل طفل في التعبير عن آرائه بحرية في جميع المسائل التي تمسه، والحق اللاحق بأن تولى تلك الآراء الاعتبار الواجب وفق اً لسن الطفل ونضجه. ويتعين على الدول أن تستمع إلى آراء الطفل بانتظام وفق اً للتعليق العام رقم 12 ( ) ، عند وضع القوانين والسياسات الوطنية والمحلية المتعلقة بالأعمال التجارية والتي قد تؤثر عليهم. وبوجه خاص، يتعين على الدول استشارة الأطفال الذين يواجهون صعوبات في الاستماع إليهم، مثل أطفال فئات الأقليات والسكان الأصليين، والأطفال ذوي الإعاقة على النحو الوارد في الفقرة 3 من المادة 4 وفي المادة 7 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ( ) ، والأطفال في حالات الضعف المماثلة. ويتعين على الهيئات الحكومية، مثل هيئات التفتيش في مجالي التعليم والعمل، المعنية بتنظيم ورصد أنشطة وعمليات المؤسسات التجارية، ضمان مراعاة آراء الأطفال المتضررين. وينبغي أن تستمع الدول أيض اً للأطفال عند إجراء تقييمات الأثر على حقوق الطفل لما يُقترَح من سياسات أو تشريعات أو أنظمة أو ميزانيات أو قرارات إدارية أخرى تتعلق بالأعمال التجارية.

22- وللطفل حق محدد بأن تتاح له "فرصة الاستماع إليه في أي إجراءات قضائية وإدارية" تمسه (الفقرة 2 من المادة 12 من الاتفاقية). ويتضمن ذلك الإجراءات القضائية وآليات التوفيق والتحكيم التي تتعلق بانتهاكات حقوق الطفل، التي تتسبب أو تسهم فيها المؤسسات التجارية. وعلى النحو المبين في التعليق العام رقم 12، يتعين السماح للأطفال بالمشاركة طوع اً في تلك الإجراءات والحصول على فرصة الاستماع لهم بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال مساعدة ممثل أو هيئة ملائمة تتمتع بالمعرفة والفهم الكافيين بمختلف جوانب عملية صنع القرار وكذلك بالخبرة في التعامل مع الأطفال.

23- وقد تكون هناك حالات تستشير فيها المؤسسات التجارية المجتمعات التي ربما تتأثر بمشروع تجاري محتمل. وفي هذه الظروف، قد تكون هناك أهمية بالغة لقيام المؤسسات التجارية بالتماس آراء الأطفال وأخذها في الاعتبار في القرارات التي تؤثر عليهم. ويتعين على الدول أن تزود المؤسسات التجارية بتوجيه محدد بما يؤكد على أن هذه العمليات يجب أن تكون متاحة وجامعة وذات مغزى للأطفال، وأن تراعي قدراتهم المتنامية ومصالحهم الفضلي في كل الأوقات. وينبغي أن تكون المشاركة طوعية وأن تتم في سياق بيئة مراعية لاحتياجات الطفل تتصدى لأنماط التمييز ضدهم ولا تعززها. ويتعين إشراك منظمات المجتمع المدني المختصة في تيسير مشاركة الطفل، إن أمكن ذلك.

رابعا ً- طابع ونطاق التزامات الدول

ألف- الالتزامات العامة

24- تنص الاتفاقية على مجموعة حقوق للطفل تفرض مستوى معين اً من الالتزامات على الدول نظر اً للمركز الخاص للأطفال؛ وتتسم انتهاكات حقوق الطفل بالخطورة على نحو خاص لأن آثارها على نمو الطفل عادة ما تكون بالغة وطويلة الأمد. وتبين المادة 4 التزام الدول باتخاذ كل التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير الملائمة لإعمال الحقوق الواردة في الاتفاقية، وتكريس أقصى قدر من الموارد المتاحة لإعمال حقوق الطفل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

25- وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يقع على عاتق الدول ثلاثة أنواع من الالتزامات، وهي احترام وحماية وإعمال حقوق الإنسان ( ) . وهي تتضمن التزامات بتحقيق غاية والتزامات ببذل عناية. ولا تتحرر الدول من التزاماتها بموجب الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية عند تفويض مهامها لمؤسسات تجارية خاصة أو منظمات غير هادفة للربح، أو توريدها خارجي اً من تلك الجهات. ومن ثم فإن الدولة تنتهك التزاماتها بموجب الاتفاقية عندما لا تقوم باحترام وحماية وإعمال حقوق الطفل فيما يتعلق بالأنشطة والعمليات التجارية التي تؤثر على الأطفال. ويحظى نطاق هذه الواجبات بقدر أوفى من الدراسة أدناه، فيما يُناقَش الإطار المطلوب للتنفيذ في الفصل السادس.

باء- الالتزام بالاحترام والحماية والإعمال

1- الالتزام بالاحترام

26- إن الالتزام بالاحترام يعني أن الدول يتعين عليها ألا تُيسِّر ارتكاب أي إخلال بحقوق الطفل أو تساعد أو تحرض عليه سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وفضل اً عن ذلك، يقع على عاتق الدول التزام بضمان أن تحترم جميع العناصر الفاعلة حقوق الطفل، بما في ذلك في سياق الأنشطة والعمليات التجارية. ولتحقيق ذلك، يتعين أن تتسم كل السياسات أو التشريعات أو الأعمال الإدارية وعمليات صنع القرار المتعلقة بالأعمال التجارية بالشفافية والاستنارة، وأن تتضمن مراعاة كاملة ومستمرة للأثر على حقوق الطفل.

27- وينطوي الالتزام بالاحترام أيض اً على ضرورة ألا تشارك الدولة في أي انتهاكات لحقوق الطفل أو تدعم تلك الانتهاكات أو تتغاضى عنها عندما يكون للدولة نفسها دور تجاري أو عند قيامها بعمل تجاري مع مؤسسات خاصة. وعلى سبيل المثال، يجب على الدول أن تتخذ خطوات لضمان أن تُمنح عقود المشتريات العامة لمقدمي العطاءات الملتزمين باحترام حقوق الطفل. ويتعين ألا تشارك وكالات الدولة ومؤسساتها، بما في ذلك قوات الأمن، في الإخلال بحقوق الطفل من قِبل أطراف ثالثة أو تتغاضى عنه. وفضل اً عن ذلك، يتعين ألا تستثمر الدولة أموال اً عامة وموارد أخرى في أنشطة تجارية تنتهك حقوق الطفل.

2- الالتزام بالحماية

28- يقع على الدول التزام بالحماية من إخلال أطراف ثالثة بالحقوق المكفولة بموجب الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية. ويتسم هذا الواجب بأهمية رئيسية عند النظر في التزامات الدول المتعلقة بقطاع الأعمال التجارية. ويعني ذلك أنه يجب على الدول اتخاذ كل التدابير الضرورية والملائمة والمعقولة لمنع المؤسسات التجارية من التسبب أو المساهمة في انتهاك حقوق الطفل. ويمكن لتلك التدابير أن تشتمل على تمرير قوانين وأنظمة، ورصدها وإنفاذها، واعتماد سياسات تحدد كيفية إمكان تأثير المؤسسات التجارية على حقوق الطفل. ويجب على الدول أن تعمل على التحقيق في انتهاكات حقوق الطفل التي تتسبب أو تسهم فيها أي مؤسسة تجارية، ومقاضاة مرتكبيها وجبر ضحاياها. ومن ثم تكون الدولة مسؤولة عن أعمال الإخلال بحقوق الطفل التي تتسبب أو تسهم فيها المؤسسات التجارية إن لم تتخذ الدولة التدابير اللازمة والمناسبة والمعقولة لمنع هذا الإخلال وجبره، أو في حال مشاركتها فيه أو تسامحها معه على نحو آخر.

3- الالتزام بالإعمال

29- يتطلب الالتزام بالإعمال أن تتخذ الدول إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق الطفل وتعزيزه والنص عليه. وذلك يعني أنه يجب على الدول تنفيذ تدابير تشريعية وإدارية وقضائية وترويجية وتدابير متعلقة بالميزانية وغيرها من التدابير وفق اً للمادة 4 المتعلقة بالأنشطة التجارية التي تؤثر على حقوق الطفل. ويتعين أن تكفل تلك التدابير أفضل بيئة مواتية للإعمال الكامل للاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية. وللوفاء بهذا الالتزام، يتعين على الدول تهيئة بيئات قانونية وتنظيمية مستقرة ويمكن التنبؤ بها بما يمكّن من احترام المؤسسات التجارية لحقوق الطفل. ويشمل ذلك قوانين ومعايير واضحة وجيدة الإنفاذ، تكون ممتثلة للاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية، بشأن العمل والتوظيف والصحة والسلامة والبيئة ومكافحة الفساد واستخدام الأراضي والضرائب. وتشمل أيض اً القوانين والسياسات الموضوعة لتحقيق تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة في التوظيف؛ والتدابير الرامية إلى تعزيز التدريب المهني والعمل اللائق وإلى رفع مستويات المعيشة؛ والسياسات المواتية لتعزيز الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويتعين على الدول أن تضع التدابير الكفيلة بتعزيز معرفة وفهم الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية في الإدارات والوكالات الحكومية وغير ذلك من مؤسسات الدولة التي تحدد شكل الممارسات المتبعة في الأعمال التجارية، وأن تدعم الثقافة التجارية التي تحترم حقوق الطفل.

4- سبل الانتصاف والجبر

30- يقع على عاتق الدول التزام بتوفير سبل انتصاف وجبر فعالة عن انتهاكات حقوق الطفل بما يشمل ما ترتكبه أطراف ثالثة مثل المؤسسات التجارية. وتذكر اللجنة في تعليقها العام رقم 5 أنه حتى تكتسب الحقوق معناها يجب توفر سبل انتصاف فعالة للتصدي للانتهاكات ( ) . وهناك عدة أحكام في الاتفاقية تدعو إلى فرض عقوبات وتعويضات واتخاذ إجراءات قضائية وتدابير لتعزيز جبر الضرر الذي تتسبب أو تسهم فيه أطراف ثالثة ( ) . ويقتضي الوفاء بهذا الالتزام وجود آليات مراعية للطفل، في المجالات الجنائية أو المدنية أو الإدارية، تكون معروفة للأطفال وممثليهم، وتكون سريعة ومتاحة وميسرة الاستخدام بحق، وتقدم جبر اً ملائم اً لما وقع من ضرر. ويمكن أيض اً للوكالات ذات الصلاحيات الرقابية المتعلقة بحقوق الطفل أن تضطلع بدور في توفير سبل الانتصاف، ومن بينها هيئات التفتيش في مجالات العمل والتعليم والصحة والسلامة، والمحاكم البيئية، والسلطات الضريبية، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والهيئات التي تركز على المساواة في قطاع الأعمال التجارية. ويمكن لهذه الوكالات أن تبادر بالتحقيق في الانتهاكات ورصدها، وقد تحوز أيض اً سلطات تنظيمية تتيح لها فرض عقوبات إدارية على المؤسسات التجارية التي تخل بحقوق الطفل. وفي جميع الأحوال، يتعين تمكين الأطفال من اللجوء إلى القضاء المستقل النزيه، أو إجراء مراجعة قضائية للإجراءات الإدارية.

31- وعند تحديد مستوى الجبر أو شكله، يتعين أن تراعي الآليات أن الأطفال يمكن أن يكونوا أكثر ضعف اً من البالغين أمام آثار انتهاك حقوقهم، وأن الآثار قد تكون غير قابلة للزوال وتتسبب في ضرر مدى الحياة. ويتعين عليها أيض اً أن تراعي الطابع المتطور لنمو الطفل وقدراته، وينبغي أن يكون الجبر في الوقت المناسب للحد من الضرر الجاري والمستقبلي على الطفل المتضرر أو الأطفال المتضررين؛ وعلى سبيل المثال، إذا تم تحديد وقوع أطفال ضحايا للتلوث البيئي، يتعين اتخاذ خطوات فورية من كل الأطراف المعنية لمنع المزيد من الضرر لصحتهم ونموهم ولجبر أي ضرر وقع. وينبغي أن تقدم الدول المساعدة الطبية والنفسية، والدعم القانوني، وتدابير إعادة التأهيل للأطفال ضحايا الاستغلال والعنف الذي تتسبب أو تسهم فيه عناصر فاعلة في مجال الأعمال التجارية. ويتعين عليها أيض اً ضمان عدم تكرار الاستغلال، بطرق من بينها على سبيل المثال إصلاح القوانين والسياسات ذات الصلة وتطبيقها، بما في ذلك مقاضاة ومعاقبة العناصر الفاعلة المعنية في مجال الأعمال التجارية.

خامسا ً- التزامات الدول في سياقات محددة

32- يمكن للأنشطة والعمليات التجارية أن تؤثر على طائفة واسعة من حقوق الطفل. إلا أن اللجنة حددت السياقات التالية المحددة وغير الجامعة التي يمكن أن يكون أثر المؤسسات التجارية فيها كبير اً، وحيث عادة ما تكون الأطر القانونية والمؤسسية للدول غير كافية أو غير فعالة أو تعمل تحت الضغط.

ألف- توفير الخدمات لتحقيق التمتع بحقوق الطفل

33- يمكن للمؤسسات التجارية والمنظمات غير الهادفة للربح أن تضطلع بدور في توفير وإدارة خدمات ضرورية للتمتع بحقوق الطفل مثل الماء النظيف والتصحاح والتعليم والنقل والصحة والرعاية البديلة والطاقة والأمن ومرافق الاحتجاز. ولا تحدد اللجنة شكل تقديم تلك الخدمات، ولكن من المهم التأكيد على أن الدول لا تُعفَى من التزاماتها بموجب الاتفاقية عندما تورد من الخارج أو تخصخص خدمات تؤثر على إعمال حقوق الطفل.

34- ويجب على الدول اعتماد تدابير محددة تراعي اشتراك القطاع الخاص في توفير الخدمات من أجل ضمان عدم المساس بالحقوق المبينة في الاتفاقية ( ) . ويقع على عاتقها التزام بوضع المعايير على نحو يمتثل للاتفاقية، وبرصد تلك المعايير عن كثب. ويمكن لعدم كفاية أعمال الرقابة والتفتيش والرصد لتلك الجهات أن يتسبب في انتهاكات خطيرة لحقوق الطفل مثل العنف والاستغلال والإهمال. ويجب عليها ضمان ألا يهدد هذا التوفير إمكانية حصول الأطفال على الخدمات استناد اً لمعايير تمييزية، لا سيما في إطار مبدأ الحماية من التمييز؛ وأن يتمكن الأطفال، في كل القطاعات الخدمية، من الوصول إلى هيئة رصد مستقلة، وآليات تقديم الشكاوى، وعند الاقتضاء، اللجوء إلى القضاء الذي يمكن أن يوفر لهم سبل الانتصاف الفعالة في حالة وجود انتهاكات. وتوصي اللجنة بوجود آلية أو عملية رصد دائمة تستهدف ضمان أن يحوز ويطبق كل مقدمي الخدمات غير الحكوميين سياسات وبرامج وإجراءات تمتثل للاتفاقية ( ) .

با ء- الاقتصاد غير الرسمي

35- إن الاقتصاد غير الرسمي يُشغّل جزء اً كبير اً من السكان الناشطين اقتصادي اً في العديد من البلدان، ويسهم بقدر كبير في الناتج القومي الإجمالي. إلا أن حقوق الطفل يمكن أن تتعرض للخطر بشكل خاص بسبب الأنشطة الاقتصادية الجارية خارج الأطر القانونية والمؤسسية التي تنظم الحقوق وتحميها. فعلى سبيل المثال، يمكن للمنتجات المصنعة أو المتداولة في هذا السياق، مثل الألعاب أو الملابس أو المواد الغذائية، أن تكون غير صحية و/أو غير آمنة للأطفال. إضافة لذلك، كثير اً ما يوجد عدد كبير من الأطفال في أماكن العمل غير الرسمي الخفية، مثل الشركات العائلية الصغيرة وقطاعي الزراعة والضيافة. فتلك الأعمال كثير اً ما تتضمن حالة توظيف غير مستقرة، وأجر منخفض أو غير منتظم أو معدوم، ومخاطر صحية، وانعدام الضمان الاجتماعي، ومحدودية حرية تكوين الجمعيات، وحماية غير كافية من التمييز والعنف أو الاستغلال. ويمكن أن تحول دون ذهاب الأطفال إلى المدرسة أو أداء واجبهم المدرسي أو حصولهم على قدر كاف من الراحة واللعب، بما يمكن أن يخل بالمواد 28 و29 و31 من الاتفاقية. وفضل اً عن ذلك، كثير اً ما يضطر الآباء أو مقدمي الرعاية العاملين في الاقتصاد غير الرسمي للعمل لساعات طويلة من أجل الحصول على دخل في مستوى الكفاف، مما يحد بشكل كبير من فرصهم في الاضطلاع بمسؤولياتهم الأبوية أو رعاية الأطفال المسؤولين عنهم.

36- ويتعين على الدول اتخاذ تدابير تكفل إجراء الأنشطة التجارية داخل الأطر القانونية والمؤسسية السليمة في كل الظروف بصرف النظر عن الحجم أو قطاع الاقتصاد المعني، حتى يتسنى الاعتراف بحقوق الطفل وحمايتها بوضوح. ويمكن لتلك التدابير أن تشمل: التوعية، وإجراء البحوث وجمع البيانات عن أثر الاقتصاد غير الرسمي على حقوق الطفل، ودعم توفير فرص العمل اللائق التي تقدم أجر اً كافي اً للآباء أو مقدمي الرعاية العاملين؛ وتنفيذ قوانين واضحة ويمكن التنبؤ بها لاستخدام الأراضي؛ وتحسين توفير الحماية الاجتماعية للأسر المنخفضة الدخل؛ ودعم مؤسسات القطاع غير الرسمي عن طريق توفير التدريب في مجال المهارات، وتسجيل المرافق، وتقديم الخدمات الائتمانية والمصرفية على نحو فعال ومرن، ووضع ترتيبات ضريبية ملائمة، وإتاحة الوصول للأسواق، من بين جملة أمور.

37- ويجب على الدول تنظيم ظروف العمل وكفالة ضمانات لحماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي والأعمال الخطرة أو التي تؤثر على تعليمهم أو تضر بصحتهم أو نموهم البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي. وعادة ما تكون هذه الأعمال، على سبيل المثال لا الحصر، في الاقتصادات غير الرسمية والعائلية. ومن ثم يتعين على الدول وضع وتنفيذ برامج تهدف إلى الوصول للمؤسسات التجارية في تلك السياقات، بطرق منها إنفاذ المعايير الدولية المتعلقة بالحد الأدنى القانوني لسن الاستخدام وظروف العمل الملائمة، والاستثمار في التعليم والتدريب المهني، وتوفير الدعم لعملية انتقال مقبولة للأطفال إلى مرحلة العمل. ويتعين على الدول ضمان أن تكون سياسات الحماية الاجتماعية وحماية الأطفال شاملة للجميع، ولا سيما الأسر في الاقتصاد غير الرسمي.

جيم- حقوق الطفل والعمليات التجارية على الصعيد العالمي

38- يتزايد عمل المؤسسات التجارية على نطاق عالمي من خلال شبكات معقدة من الجهات الفرعية والمقاولين والموردين والمشاريع المشتركة. ونادر اً ما يكون أثرها على حقوق الطفل، سواء كان إيجابي اً أو سلبي اً، نتيجة فعل أو امتناع وحدة تجارية منفردة، سواء كانت هذه الوحدة شركة أُم أو وحدة فرعية أو مقاول اً أو مورد اً أو طرف اً آخر. ولكنه قد ينطوي على صلة أو مشاركة بين الوحدات التجارية الموجودة في ولايات قضائية مختلفة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتورط الموردون في استخدام الأطفال في العمل، أو تشارك الجهات الفرعية في مصادرة الأراضي، أو يشارك المقاولون أو حاملو التراخيص في تسويق سلع وخدمات ضارة بالأطفال. وتواجه الدول صعوبات بشكل خاص في الوفاء بالتزاماتها باحترام حقوق الطفل وحمايتها وإعمالها في هذا السياق لأسباب منها أن الشركات التجارية كثير اً ما تكون كيانات منفصلة قانون اً وموجودة في ولايات قضائية مختلفة، حتى وإن كانت تشكل وحدة اقتصادية لها مركز نشاط وسجل و/أو مقر في بلد ما (دولة الموطن) وتعمل في بلد آخر (الدولة المضيفة).

39- وبموجب الاتفاقية، يقع على عاتق الدول الالتزام باحترام حقوق الطفل وضمانها داخل ولايتها. ولا تقتصر ولاية الدولة في الاتفاقية على "الإقليم". فوفق اً للقانون الدولي، حثت اللجنة في السابق الدول على حماية حقوق الأطفال الذين قد يوجدون خارج حدودها الإقليمية. كما أكدت على أن التزامات الدولة بموجب الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية تنطبق على كل طفل داخل إقليم الدولة وكل الأطفال الخاضعين لولايتها ( ) .

40- ويشار صراحة أيض اً إلى الالتزامات خارج الإقليم في البروتوكول الاختياري بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية ، حيث تنص الفقرة 1 من المادة 3 على أن تكفل كل دولة أن تتم، كحد أدنى، تغطية الجرائم الواردة في تلك الفقرة تغطية كاملة بموجب قانونها الجنائي أو قانون العقوبات فيها، سواء أكانت هذه الجرائم ترتكب محلي اً أو دولي اً. وبموجب الفقرة 4 من المادة 3 من نفس البروتوكول، يتعين تحديد مسؤولية الأشخاص الاعتباريين، بما يشمل المؤسسات التجارية، عن تلك الجرائم سواء كانت جنائية أو مدنية أو إدارية. ويتفق هذا النهج مع معاهدات وصكوك أخرى لحقوق الإنسان تفرض التزامات على الدول بفرض الولاية الجنائية على المواطنين فيما يتعلق بمجالات مثل الاشتراك في التعذيب والاختفاء القسري والفصل العنصري، بصرف النظر عن مكان ارتكاب الانتهاك والعمل الذي يشكل الاشتراك.

41- وتقع على عاتق الدول التزامات بالمشاركة في التعاون الدولي لإعمال حقوق الطفل خارج حدودها الإقليمية. وتشير ديباجة الاتفاقية وأحكامها بشكل متسق إلى "أهمية التعاون الدولي في تحسين الظروف المعيشية للأطفال في كل البلدان، وبخاصة في البلدان النامية" ( ) . ويشدد التعليق العام رقم 5 على أن "تنفيذ الاتفاقية هو ممارسة تعاونية لدول العالم" ( ) . وبذلك، فإن الإعمال الكامل لحقوق الطفل بموجب الاتفاقية يعتمد جزئي اً على كيفية تفاعل الدول. وفضل اً عن ذلك، تبرز اللجنة أن الاتفاقية تحظى بتصديق عالمي تقريب اً؛ ومن ثم فإن إعمال أحكامها يجب أن يشكل شاغل اً رئيسي اً وبنفس القدر للدول المضيفة أو دول الموطن للشركات التجارية على السواء.

42- وتقع على عاتق الدول المضيفة المسؤولية الرئيسية لاحترام حقوق الطفل وحمايتها وإعمالها في داخل ولاياتها. ويجب عليها ضمان أن تكون كل المؤسسات التجارية، بما في ذلك الشركات عبر الوطنية العاملة داخل أراضيها، خاضعة لتنظيم مناسب في إطار قانوني ومؤسسي يضمن ألا تؤثر سلب اً على حقوق الطفل و/أو تساعد أو تحرض على الانتهاكات في الولايات القضائية الأجنبية.

43- وتقع أيض اً على عاتق دول الموطن التزامات ناشئة بموجب الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية باحترام حقوق الطفل وحمايتها وإعمالها في سياق أنشطة وعمليات المؤسسات التجارية خارج الإقليم، شريطة وجود صلة معقولة بين الدولة والسلوك المعني. وتوجد صلة معقولة عند وجود مؤسسة تجارية يكون مركز نشاطها أو سجلها أو مقرها أو مكان أعمالها الرئيسي أو أنشطتها التجارية الأساسية في الدولة المعنية ( ) . وعند اعتماد الدول تدابير للوفاء بهذا الالتزام، يجب عليها ألا تنتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي العام أو تقلل من التزامات الدولة المضيفة بموجب الاتفاقية.

44- ويجب على الدول إتاحة إمكانية الوصول إلى آليات فعالة قضائية وغير قضائية، من أجل توفير الانتصاف للأطفال وأسرهم الذين انتُهكت حقوقهم من المؤسسات التجارية خارج الإقليم، وذلك عند وجود صلة معقولة بين الدولة والسلوك المعني. وفضل اً عن ذلك، يتعين على الدول تقديم المساعدة وإبداء التعاون على الصعيد الدولي في التحقيقات وفي إنفاذ الإجراءات في الدول الأخرى.

45- وتتضمن تدابير منع الإخلال بحقوق الطفل من قِبل المؤسسات التجارية العاملة في الخارج ما يلي:

(أ) اشتراط أن تكون إمكانية الحصول على التمويل العام وغيره من أشكال الدعم العام مثل التأمين مرهونة بإجراء المؤسسة التجارية عملية لتحديد أي آثار سلبية على حقوق الطفل في عملياتها الخارجية ومنع تلك الآثار أو التخفيف من حدتها؛

(ب) مراعاة السجل السابق للمؤسسات التجارية في مجال حقوق الطفل عند البت في تقديم التمويل العام وغيره من أشكال الدعم الرسمي؛

(ج) ضمان أن تتخذ الوكالات الحكومية ذات الدور الهام في مجال الأعمال التجارية، مثل وكالات ائتمانات التصدير، خطوات لتحديد أية آثار ضارة محتملة للمشاريع التي تدعمها على حقوق الطفل، ومنع تلك الآثار والتخفيف من حدتها، قبل تقديم الدعم للمؤسسات التجارية العاملة في الخارج، والنص على ألا تدعم تلك الوكالات أنشطة يرجح أن تتسبب أو تسهم في انتهاكات لحقوق الطفل.

46- ويتعين على دول الموطن والدول المضيفة على السواء وضع أطر مؤسسية وقانونية تمكّن المؤسسات التجارية من احترام حقوق الطفل في كامل عملياتها على الصعيد العالمي. وينبغي أن تضمن دول الموطن وجود آليات فعالة ليتسنى للوكالات والمؤسسات الحكومية المسؤولة عن تنفيذ الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية التنسيق بفعالية مع تلك المسؤولة عن التجارة والاستثمار في الخارج. ويتعين عليها أيض اً بناء القدرات حتى يمكن لوكالات المساعدة الإنمائية والبعثات الخارجية المسؤولة عن تعزيز التجارة إدراج المسائل المتعلقة بالأعمال التجارية في الحوارات الثنائية الخاصة بحقوق الإنسان، بما فيها حقوق الطفل، مع الحكومات الأجنبية. ويتعين على الدول الملتزمة با لمبادئ التوجيهية للمؤسسات المتعددة الجنسيات ، الخاصة ب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ، أن تدعم جهات الاتصال الوطنية التابعة لها في تقديم أعمال الوساطة والتوفيق في المسائل التي تنشأ خارج الإقليم، عن طريق كفالة حصولها على الموارد الكافية واستقلاليتها وتفويضها بالعمل لضمان احترام حقوق الطفل في سياق المسائل المتعلقة بالأعمال التجارية. ويتعين أن تحظى التوصيات الصادرة عن هيئات مثل جهات الاتصال الوطنية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بالإنفاذ الكافي.

دال- المنظمات الدولية

47- يطلب إلى جميع الدول بموجب المادة 4 من الاتفاقية أن تتعاون مباشرة في إعمال الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية من خلال التعاون الدولي وعضويتها في المنظمات الدولية. وفي سياق الأنشطة التجارية، تشمل هذه المنظمات الدولية المؤسسات الدولية المعنية بالتنمية والتمويل والتجارة، من قبيل مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها من المنظمات الإقليمية التي تعمل فيها الدول بصورة جماعية. ويجب أن تمتثل الدول، باعتبارها أعضاء في هذه المنظمات، لالتزاماتها بموجب الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية، وألا تقبل القروض المقدمة من المنظمات الدولية، أو توافق على شروط هذه المنظمات، إذا كانت هذه القروض أو السياسات ستسفر على الأرجح عن انتهاكات لحقوق الطفل. كما تظل التزامات الدول قائمة في مجال التعاون الإنمائي وينبغي لها أن تضع سياسات وبرامج تعاونية وتنفذها طبق اً لأحكام الاتفاقي ة وبروتوكولاتها الاختيارية.

48- ويجب أن تتخذ الدولة المتعاونة مع المنظمات الدولية المعنية بالتنمية والتمويل والتجارة جميع الإجراءات والتدابير المعقولة الرامية إلى ضمان تقيد تلك المنظمات بأحكام الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية عند اتخاذ قراراتها وإنجاز عملياتها وكذلك عند إبرام اتفاقات أو وضع مبادئ توجيهية بشأن قطاع الأعمال التجارية. وينبغي أن تتجاوز هذه الإجراءات والتدابير القضاء على عمل الأطفال لتشمل الإعمال التام لجميع حقوق الطفل. وينبغي أن تضع المنظمات الدولية معايير وإجراءات لتقييم مخاطر إلحاق الضرر بالأطفال جرّاء إقامة مشاريع جديدة وأن تتخذ التدابير اللازمة للتخفيف من حدة هذا الضرر. وينبغي أن تضع هذه المنظمات إجراءات وآليات تسمح، وفق اً للمعايير الدولية الموجودة، بتحديد انتهاكات حقوق الطفل والتصدي لها وتوفير سبل الانتصاف منها، بما فيها الانتهاكات التي ترتكبها، أو تسفر عنها أنشطة، مؤسسات تجارية مرتبطة بتلك المنظمات أو ممولة منها.

هاء- الطوارئ وحالات النزاع

49- تواجه الدول المضيفة ودول الموطن على حد سواء تحديات خاصة عند الوفاء بالتزاماتها المتمثلة في احترام حقوق الطفل وحمايتها وإعمالها، عندما تشتغل المؤسسات التجارية في ظروف تعوق السير السليم لعمل مؤسسات الحماية بسبب نزاع أو كارثة أو انهيار ل لنظام الاجتماعي أو القانوني. ومن المهم التشديد على أن أحكام الاتفاقية و بروتوكولاتها الاختيارية سارية في جميع الأحوال وأنه لا توجد أحكام تجيز عدم تطبيقها في حالات الطوارئ.

50- وقد يزيد في مثل هذه الظروف خطر لجوء المؤسسات التجارية إلى عمل الأطفال (بما في ذلك في سلاسل الإمداد والجهات الفرعية) ، أ و استخدام الأطفال الجنود ، أو الفساد والتهرب الضريبي. ونظر اً لارتفاع درجة المخاطر ، ينبغي أن تطلب دول الموطن إلى المؤسسات التجارية العاملة في حالات الطوارئ والنزاع إيلاء حقوق الطفل العناية الواجبة الصارمة بما يتلاءم مع حجمها وأنشطتها. كما ينبغي أن تضع دول الموطن وتنفذ قوانين ولوائح تنظيمية تتصدى لما يعترض حقوق الأطفال من مخاطر محددة قابلة للتنبؤ بسبب المؤسسات التجارية عبر الوطنية. ويمكن أن يشمل ذلك اشتراط نشر الإجراءات المتخذة لضمان عدم مساهمة عمليات الشركات في حالات انتهاك خطيرة لحقوق الطفل، وحظر بيع الأسلحة أو نقلها أو تقديم غيرها من أشكال المساعدة العسكرية عندما تكون وجهتها النهائية بلد ي ُ عرف بأن الأطفال يجندون فيه أو يستخدمون في أعمال القتال، أو يتعرضون لهذا الاحتمال .

51- وينبغي أن تزود دول الموطن المؤسسات التجارية بمعلومات حديثة ودقيقة وشاملة عن الوضع المحلي لحقوق الطفل عندما تعمل أو تخطط للعمل في المناطق المتضررة من النزاعات أو الطوارئ. وينبغي أن تشدد هذه الإرشادات على أن مسؤوليات الشركات فيما يتعلق باحترام حقوق الطفل لا تختلف بين هذه السياقات وأخرى. ويمكن أن يتعرض الأطفال للعنف، بما فيه الاعتداء أو الاستغلال الجنسيين، والاتجار بهم، والعنف الجنس اني في المناطق المتضررة من النزاعات، وهو ما يجب أن تقر به الدول عند تقديم إرشادات إلى المؤسسات التجارية.

52- وينبغي التأكيد على التزامات الدول المضيفة ودول الموطن بموجب أحكام الاتفاقية ذ ات الصلة فيما يتعلق بعمل المؤسسات التجارية في المناطق المتضررة من ال نزاع، إذ تنص المادة 38 على احترام قواعد القانون الدولي الإنساني، وتلزم المادة 39 الدول باتخاذ التدابير المناسبة لتشجيع التأهيل النفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي للطفل ، ويتضمن البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة أحكاما ً بشأن تجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشرة في القوات المسلحة. ومن الممكن أن توظف المؤسسات التجارية العاملة في المناطق المتضررة من النزاعات شركات أمن خاصة وأن تواجه خطر التورط في انتهاكات من قبيل الاستغلال و/أو استخدام العنف ضد الأطفال أثناء حماية المرافق أو غير ذلك من العمليات. ولمنع حدوث ذلك، ينبغي أن تعتمد الدول المضيفة ودول الموطن وتنفذ تشريعات وطنية تشمل فرض حظر محدد على الشركات التي تجند الأطفال أو تستخدمهم في أعمال القتال؛ واشتراط اتخاذ تدابير فعالة لحماية الأطفال من العنف والاستغلال؛ ووضع آليات لمساءلة الموظفين المتورطين في انتهاكات حقوق الطفل.

سادساً- إطار التنفيذ

ألف- التدابير التشريعية والتنظيمية وتدابير الإنفاذ

1- التشريعات واللوائح التنظيمية

53- تعد التشريعات واللوائح التنظيمية وسائل أساسية لضمان عدم الإضرار ب حقوق الطفل أ و انتهاكها في الأنشطة والعمليات التجارية. وينبغي أن تسن الدول تشريع اً ينص على إنفاذ الغير لحقوق الطفل وإتاحة بيئة قانونية وتنظيمية واضحة وقابلة للتنبؤ تمكّن المؤسسات التجارية من احترام حقوق الطفل. وسيتعين على الدول أن تقوم، وفاء ً بالتزامها المتمثل في اعتماد تدابير تشريعية وتنظيمية كافية ومعقولة لضمان عدم انتهاك المؤسسات التجارية لحقوق الطفل، بجمع البيانات والأدلة و إجراء البحوث لتحديد القطاعات التجارية المعينة المثيرة للقلق.

54- وفقاً ل لفقرة 3 من المادة 18 من الاتفاقية ، يتعين على الدول أن تهيئ داخل ا لمؤسسات التجارية ظروف عمل تساعد الوالدين العاملين ومقدمي الرعاية على الوفاء بمسؤولياتهم في رعاية الأطفال، مثل: اعتماد سياسات مراعية للأسرة في أماكن العمل، بما في ذلك الإجازة الوالدية؛ ودعم الرضاعة الطبيعية وتيسيرها؛ وتيسير الحصول على خدمات جيّدة في مجال رعاية الأطفال؛ وتسديد أجور كافية لمستوى معيشي لائق؛ والحماية من التمييز والعنف في مكان العمل؛ وتوفير الأمن والسلامة في مكان العمل.

55- ومن شأن عدم فعالية النظم الضريبية وانتشار الفساد وسوء تدبير الإيرادات التي تجنيها الحكومة من المؤسسات التجارية الحكومية والضرائب على الشركات، ضمن مصادر أخرى، أن يحد من الموارد المتاحة لإعمال حقوق الطفل وفق اً للمادة 4 من الاتفاقية. وإلى جانب أي التزامات مترتبة على صكوك مكافحة الرشوة والفساد ( ) ، ينبغي أن تضع الدول وتنفذ قوانين ولوائح تنظيمية فعالة تسمح بإدارة الإيرادات وتدفقها من جميع المصادر وتكفل الشفافية والمساءلة والإنصاف.

56- وينبغي أن تنفذ الدول المادة 32 من الاتفاقية ل ضمان حظر استغلال الأطفال اقتصادي اً وتوظيفهم في العمل الخطر. ويتجاوز عمر بعض الأطفال السن الدنيا للعمل الذي تحدده المعايير الدولية ، ويمكنهم من ثم العمل كموظفين طبق اً للقانون في حين أنهم ما زالوا يحتاجون إلى الحماية مثل اً من العمل الذي يشكل خطر اً على صحتهم أو سلامتهم أو نموهم ال معنوي، وإلى إجراءات تكفل تعزيز وحماية حقوقهم في التعليم والنمو والترفيه ( ) . ويجب أن تحدد الدول السن الدنيا للعمل؛ وتنظم ساعات العمل وظروفه على النحو المناسب؛ وتفرض عقوبات بغية إنفاذ المادة 32 بفعالية. ويجب أن تتوافر لديها نظم وقدرات فعالة ل لتفتيش و ال إنفاذ في مجال العمل . وينبغ ي أن تصدق الدول أيض اً على اتفاقي ت ي منظمة العمل الدولية الرئيسيتين المتعلقتين بعمل الأطفال وتدرجهما في القانون المحلي ( ) . وبموجب المادة 39 ، يجب أن تتخذ الدول كل التدابير المناسبة لتشجيع التأهيل البدني والنفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي للطفل الذي تعرض لأي شكل من أشكال العنف أو الإهمال أو الاستغلال أو الإساءة، بما في ذلك الاستغلال الاقتصادي .

57- ويتعين على الدول أيض اً تنفيذ وإعمال المعايير المتفق عليها دولي اً فيما يتعلق بحقوق الطفل والصحة والأعمال التجارية، بما في ذلك اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ والمدونة الدولية لتسويق بدائل لبن الأم وقرارات جمعية الصحة العالمية اللاحقة ذات الصلة. وتدرك اللجنة إمكانية أن تؤثر أنشطة القطاع الصيدلاني وعملياته تأثير اً عميق اً في صحة الأطفال. وينبغي أن تشجّ َ ع شركات صناعة الأدوية على تحسين إمكانية الحصول على أدوية الأطفال وتوافرها ومقبوليتها ونوعيتها مع مراعاة التوجيهات القائمة ( ) . وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تطبَّق حقوق الملكية الفكرية بطرق تعزز توافر الأدوية بسعر معقول ( ) .

58- ويمكن أن تكون لقطاع وسائط الإعلام، بما في ذلك قطاعا الإعلان والتسويق، آثار إيجابية وسلبية على حقوق الطفل. وتلزم المادة 17 من الاتفاقية الدول بأن تشجع وسائط الإعلام، بما في ذلك الإعلام الخاص، على نشر المعلومات والمواد ذات المنفعة الاجتماعية والثقافية للطفل من قبيل تلك المتعلقة بأنماط الحياة الصحية. ويجب تنظيم وسائط الإعلام كما ينبغي لحماية الأطفال من المعلومات المؤذية، ولا سيما المواد الإباحية، والمواد التي تجسد العنف أو تعززه، والتمييز والصور الجنسية للأطفال، لكن مع الإقرار بحق الطفل في الحصول على المعلومات وحرية التعبير. وينبغي أن تحث الدول وسائط الإعلام على وضع مبادئ توجيهية تكفل احترام حقوق الطفل احترام اً كامل اً، بما في ذلك حمايته من العنف والصور التي تُديم التمييز، في جميع عمليات التغطية الإعلامية. وينبغي أن تحدد الدول استثناءات من حقوق التأليف والنشر تسمح بإعادة نسخ الكتب وغيرها من المنشورات المطبوعة في صيغ يسهل على الأطفال ذوي الإعاقة البصرية أو غيرها من الإعاقات استخدامها .

59- ويمكن أن ينظر الأطفال إلى رسائل التسويق والإعلانات التي تبثها وسائط الإعلام على أنها صادقة ومحايدة فيعرّضوا من ثم لاستهلاك منتجات مؤذية واستخدامها. ويمكن أيض اً أن يكون للإعلانات والتسويق تأثير قوي في اعتزاز الأطفال بأنفسهم، كما يحدث مثل اً عند نقل صور غير واقعية عن الجسد. وينبغي أن تكفل الدول عدم تأثر حقوق الطفل سلب اً بالتسويق والإعلانات بأن تعتمد لوائح تنظيمية مناسبة وتحث المؤسسات التجارية على التقيد ب مدونات قواعد السلوك واستخدام مسميات ومعلومات واضحة ودقيقة للمنتجات تسمح للوالدين والأطفال باتخاذ قرارات استهلاكية مستنيرة.

60- وتثير وسائط الإعلام الرقمية قلق اً خاص اً بما أن أطفال اً كثيرين يستخدمون الإنترنت لكنهم يتعرضون في المقابل لضروب من العنف من قبيل التسلط عبر الإنترنت، أو الاستمالة عبر الإنترنت، أو الاتجار بالبشر ، أو الاعتداء والاستغلال الجنسيين عبر الإنترنت. وقد لا تتورط الشركات مباشرة في هذه الأعمال الإجرامية لكنها قد تصبح متواطئة في هذه الانتهاكات من خلال أعمالها؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن تيسر وكالات ال سف ر على الإنترنت السياحة بدافع ممارسة الجنس مع الأطفال بأن تسمح بتبادل المعلومات وتخطيط أنشطة سياحية جنسية. ويمكن أن تيسّر المؤسسات التجارية على شبكة الإنترنت ومقدمو بطاقات الائتمان بصورة غير مباشرة استغلال الأطفال في المواد الإباحية. وينبغي أن تفي الدول بالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية فضل اً عن تزويد الأطفال بمعلومات عن السلامة على شبكة الإنترنت بما يتناسب مع سنهم حتى يستطيعوا إدارة المخاطر ومعرفة سبل طلب المساعدة. ويجب أن تنسق الدول مع قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لكي ي ستطيع اتخاذ تدابير مناسبة لحماية الأطفال من المواد العنيفة وغير اللائقة.

2 - تدابير الإنفاذ

61- تتمثل أخطر المشاكل التي يواجهها الأطفال على العموم في عدم تنفيذ القوانين المنظمة للأعمال التجارية أو سوء إنفاذها. وثمة تدابير عدة يتعين على الدول اتخاذها لضمان التطبيق والإنفاذ على نحو فعال ، وهي تشمل:

(أ) تعزيز وكالات التنظيم المسؤولة عن مراقبة المعايير المتصلة بحقوق الطفل مثل الصحة والسلامة وحقوق المستهلك والتعليم والبيئة والعمل والإعلان والتسويق، حتى يصبح لها ما يكفي من السلطات والموارد لرصد الشكاوى والتحقيق فيها وإتاحة وإنفاذ سبل الانتصاف من انتهاكات حقوق الطفل؛

(ب) تعميم القوانين واللوائح التنظيمية المتعلقة بحقوق الطفل والأعمال التجارية على أصحاب المصلحة، بمن فيهم الأطفال والمؤسسات التجارية؛

(ج) تدريب القضاة وغيرهم من المسؤولين الإداريين والمحامين ومقدمي المساعدة القانونية لضمان ال تطبيق السلم ل لاتفاقية وبروتوكولاتها على ما يتصل ب الأعمال التجارية وحقوق الطفل ، و ال معايير الدولية ل حقوق الإنسان ، والتشريعات الوطنية ذات الصلة ، ولتشجيع تطوير الفقه القضائي الوطني؛

(د) توفير سبل انتصاف فعالة من خلال ال آليات ال قضائية أو غير ال قضائية وتيسير إمكانية اللجوء إلى القضاء على نحو فعال .

3- حقوق الطفل والعناية الواجبة من المؤسسات التجارية

62- من أجل أن تفي الدول بالتزامها المتمثل في اعتماد تدابير تكفل احترام المؤسسات التجارية لحقوق الطفل ، ينبغي أن تُلزم هذه المؤسسات إيلاء حقوق الطفل العناية الواجبة. و سيكفل ذلك قيام المؤسسات التجارية بتحديد أثر أنشطتها على حقوق الطفل، بما في ذلك أثر علاقاتها التجارية كافة وأنشطتها العالمية، والحد من هذا الأثر و ال تخف ي ف منه ( ) . وعندما يرتفع خطر تورط المؤسسات التجارية في انتهاكات حقوق الطفل بسبب طبيعة عملياتها أو ظروف تشغيلها، ينبغي أن تقضي الدول ب إيلاء عناية واجبة أكثر صرامة ووضع نظام رصد فعال.

63- وعندما يندرج إيلاء العناية الواجبة ل حقوق الطفل ضمن عملية أشمل تتمثل في إيلاء العناية الواجبة ل حقوق الإنسان، ستتأثر القرارات حتم اً بأحكام الاتفاقية و بروتوكولاتها الاختيارية . وأية خطة عمل أو تدابير ترمي إلى منع انتهاكات حقوق الإنسان و/أو ج برها يجب أن تراعي على نحو خاص أثرها المتفاوت على الأطفال.

64- وينبغي أن تكون الدول قدوة، فتُلزم جميع المؤسسات التجارية المملوكة للدولة ب إيلاء العناية الواجبة ل حقوق الطفل وتعميم تقاريرها المتعلقة بأثر أنشطتها على حقوق الطفل، بما في ذلك الإبلاغ المنتظم. وينبغي أن تقيد الدول حصول المؤسسات التجارية على أشكال الدعم والخدمات العامة، مثل تلك المقدمة من وكالات ائتمان ات التصدير ، والتمويل الإنمائي وتأمين الاستثمار، بإيلاء حقوق الطفل العناية الواجبة.

65- وفي إطار إيلاء حقوق الطفل العناية الواجبة، ينبغي حث المؤسسات التجارية الكبيرة على الإعلان عن جهودها الرامية إلى التصدي لآثار أنشطتها على حقوق الطفل ومطالبتها بذلك عند الاقتضاء. وينبغي أن يكون هذا البلاغ متاح اً وفعال اً وقابل اً للمقارنة بين الشركات وأن يتناول التدابير المتخذة من المؤسسات التجارية للتخفيف من حدة الآثار الضارة المحتملة والفعلية لأنشطتها على الأطفال. ويتعين مطالبة المؤسسات التجارية بنشر إجراءاتها الرامية إلى ضمان ألا تنطوي السلع والخدمات التي تنتجها أو تتاجر فيها على انتهاكات خطيرة لحقوق الطفل، مثل الرق أو العمل القسري. ومتى يكون الإبلاغ إلزامي اً، ينبغي أن تضع الدول آليات لل تحقق و ال إنفاذ من أجل ضمان ال امتثال. وبإمكان الدول دعم الإبلاغ من خلال وضع أدوات لتقييم الأداء الجيد في مجال حقوق الطفل والإشادة به.

باء- تدابير الانتصاف

66- يصعب على الأطفال غالب اً اللجوء إلى نظام العدالة من أجل التماس سبل ال انتصاف ال فعالة مما تتعرض له حقوقهم من اعتداء أو انتهاك عندما تتورط مؤسسات تجارية في ذلك . فقد يفتقر الأطفال إلى الأهلية القانونية اللازمة للتقاضي؛ وغالب اً ما لا يعلم الأطفال وأفراد أسرهم بحقوقهم وبالآليات والإجراءات المتاحة لالتماس الانتصاف أو ربما لا يثقون في نظام القضاء. وقد لا تحقق الدول دائم اً في خرق المؤسسات التجارية للقوانين الجنائية أو المدنية أو الإدارية. ويوجد اختلال كبير في موازين القوى بين الأطفال والمؤسسات التجارية، وغالب اً ما تترتب على رفع الدعاوى ضد الشركات تكاليف مانعة ويصعب تأمين التمثيل القانوني. وكثير اً ما تسوّى القضايا التي تكون المؤسسات التجارية طرف اً فيها خارج المحكمة وفي غياب مجموعة متطورة من السوابق القضائية ؛ ويُرجّح بقدر أكبر أن يحجم الأطفال وأفراد أسرهم في الولايات القضائية التي سبق أن صدرت فيها قرارات قضائية غير ملزمة عن رفع الدعاوى بسبب عدم الت ي قن من نتائجها.

67- ويصعب على الخصوص الحصول على انتصاف من حالات الإيذاء التي تحدث بسبب العمليات العالمية للمؤسسات التجارية. وقد تفتقر الجهات الفرعية أو غيرها إلى التأمين أو تكون مسؤوليتها محدودة؛ فبسبب طريقة تنظيم الشركات عبر الوطنية في كيانات منفصلة يمكن أن يكون من الصعب تحديد المسؤولية القانونية لكل وحدة وإسناد هذه المسؤولية إليها؛ والوصول إلى معلومات وأدلة موجودة في بلدان شتى قد يمثل إشكال اً عند رفع الدعوى والدفاع عنها؛ وقد يصعب الحصول على المساعدة القانونية في الولايات القضائية الأجنبية و قد توضع عوائق قانونية وإجرائية متنوعة لصدّ الدعاوى القضائية الخارجية.

68- وينبغي أن تركز الدول اهتمامها على إزالة العوائق الاجتماعية والاقتصادية والقضائية حتى يستطيع الأطفال الوصول في الواقع إلى آليات قضائية فعالة دون أي شكل من أشكال التمييز. وينبغي تزويد الأطفال وممثليهم بمعلومات عن سبل الانتصاف ، وذلك مثل اً من خلال المقررات الدراسية أو المراكز الشبابية أو البرامج المجتمعية. وينبغي السماح لهم بإقامة الدعوى بصفتهم الشخصية والحصول على المساعدة القانونية وعلى دعم المحامين ومقدمي المساعدة القانونية لمقاضاة المؤسسات التجارية وذلك حرص اً على تكافؤ وسائل الدفاع . وعلى الدول التي لا تمتلك بالفعل حكم اً بشأن الشكاوى الجماعية، مثل الدعاوى الجماعية ودعاوى المصلحة العامة، أن تعتمد هذا الحكم كأداة لتعزيز إمكانية لجوء أعداد غفيرة من الأطفال المتضررين أيض اً من الإجراءات التجارية إلى المحاكم. وقد يتعين على الدول تقديم مساعدة خاصة إلى الأطفال الذين يتعذّر عليهم اللجوء إلى القضاء لأسباب مثل اللغة أو الإعاقة أو صغر السن.

69- وينبغي ألا يكون السن عائق اً أمام تمتع الطفل بحقه في المشاركة الكاملة في عملية التقاضي. وبالمثل، ينبغي وضع ترتيبات خاصة لفائدة الأطفال الضحايا والشهود في الإجراءات القانونية المدنية والجنائية على السواء، وفق اً للتعليق العام رقم 12 للجنة حقوق الطفل. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تنفذ الدول المبادئ التوجيهية بشأن العدالة في الأمور المتعلقة بالأطفال ضحايا الجريمة والشهود عليها ( ) . ويجب احترام السرية والخصوصية ومواصلة إطلاع الأطفال على التقدم المحرز في جميع مراحل التقاضي مع إيلاء الاعتبار الواجب ل نضج الطفل و أية صعوبات قد ت عترضه في الكلام أو اللغة أو التواصل .

70- وينص البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية على أن تسن الدول تشريعات جنائية تطبّق أيض اً على الكيانات القانونية، بما فيها المؤسسات التجارية. وينبغي أن تنظر الدول في اعتماد المسؤولية القانونية الجنائية - أو أي شكل آخر من أشكال المسؤولية القانونية يكون له نفس الأثر الرادع - فيما يتعلق بالكيانات القانونية، بما فيها المؤسسات التجارية، في حالات الانتهاك الخطير لحقوق الطفل ، من قبيل العمل القسري. وينبغي أن تكون المحاكم الوطنية مختصة بالنظر في هذه الانتهاكات الخطيرة وفق اً لقواعد اختصاص مقبولة.

71- ويمكن أن تكون الآليات غير القضائية من قبيل الوساطة والتوفيق والتحكيم بدائل مفيدة لتسوية المنازعات المتعلقة ب الأطفال والشركات. ويجب أن تتاح مع عدم المساس بحق اللجوء إلى سبل الانتصاف القضائية. وبإمكان هذه الآليات أن تؤدي دور اً مهم اً إلى جانب العمليات القضائية شريطة أن تكون متوافقة مع الاتفاقية و بروتوكولاتها الاختيارية ومع المبادئ والمعايير الدولية المتمثلة في الفعالية والسرعة والنزاهة والمحاكمة وفق الأصول القانونية. ويمكن أن تتيح آليات التظلم التي تضعها المؤسسات التجارية حلول اً مرنة ومناسبة التوقيت وأن تخدم في بعض الأحيان مصالح الطفل الفضلى في حال اللجوء إليها لتسوية مشاكل مرتبطة بسلوك شركة ما. وينبغي أن تتبع هذه الآليات معايير تشمل ما يلي: التيسُّر ، والمشروعية ، والقابلية للتنبؤ ، والإنصاف ، و ال توافق مع الحقوق ، والشفافية ، والتعلم المستمر ، والحوار ( ) . وينبغي في جميع الأحوال إتاحة اللجوء إلى المحاكم أو المراجعة القضائية لسبل الانتصاف الإدارية وغيرها من الإجراءات.

72- وينبغي أن تبذل الدول كل ما في وسعها لتيسير إمكانية اللجوء إلى آليات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، بما فيها البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات، حتى يستطيع طفل بمفرده أو مجموعة أطفال أو ممثليهم الحصول على الانتصاف من تقصير الدولة في احترام وحماية وإعمال حقوق الطفل فيما يتصل بالأنشطة والعمليات التجارية.

جيم- ال تدابير ال سياس ات ية

73- ينبغي أن تشجّع الدول ثقافة الأعمال التجارية التي تفهم حقوق الطفل وتحترمها احتراماً تاماً . ولهذا الغرض، ينبغي أن تدرج الدول مسألة حقوق الطفل والأعمال التجارية في السياق العام لإطار السياسات الوطنية المتعلقة بتنفيذ الاتفاقية. وينبغي أن تضع توجيهات تنص صراحة على تطلعات الحكومة فيما يتعلق باحترام المؤسسات التجارية لحقوق الطفل في أنشطتها التجارية الخاصة وفي علاقاتها التجارية المتصلة بالعمليات، والمنتجات أو الخدمات، والأنشطة الخارجية عندما تعمل على الصعيد عبر الوطني . وينبغي أن تشمل هذه التوجيهات تنفيذ سي اسة عدم التسامح مطلقاً إزاء العنف في جميع الأنشطة والعمليات التجارية. و ينبغي أن تحدد الدول معالم الانضمام إلى المبادرات ذات الصلة المتعلقة بمسؤولية الشركات وتشجّعه ، حسب الاقتضاء .

74- وتشكل الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في سياقات كثيرة جزء اً كبيراً من الاقتصاد ، و من المهم على نحو خاص أن تزودها الدول بتوجيه ودعم متيسرين ومصممين حسب الحاجة بشأن كيفية احترام حقوق الطفل و ال امتثال ل لتشريعات الوطنية ، دون تحميلها أعباء إدارية غير ضرورية. وينبغي أن تحث الدول أيضاً الشركات الكبيرة على ممارسة نفوذها على الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم لتعزيز حقوق الطفل على امتداد سلاسل القيمة الخاصة بها .

دال- تدابير التنسيق والرصد

1- التنسيق

75- إن تنفيذ الاتفاقية و بروتوكولاتها الاختيارية تنفيذ اً كامل اً يتطلب تنسيق اً فعال اً عبر القطاعات، و فيما بين الوكالات والإدارات الحكومية ، وعبر مختلف مستويات الحكم من المحلي إلى الإقليمي والمركزي ( ) . وفي العادة، تعمل الإدارات والوكالات المعنية مباشرة بسياسات وممارسات ا لأعمال التجارية بمعزل عن الإدارات والوكالات المسؤولة مباشرة عن حقوق الطفل. ويجب أن تكفل الدولة معرفة الجهات المعنية بصياغة القوانين والممارسات المتعلقة بالأعمال التجارية ، من هيئات حكومية وبرلمانيين، بالتزامات الدولة فيما يتعلق بحقوق الطفل. وقد تحتاج هذه الجهات إلى معلومات وتدريب ودعم في هذا الصدد لكي تكون مؤهلة لضمان ال امتثال الكامل ل لاتفاقية عند وضع القوانين والسياسات وإبرام ال اتفاقات ال اقتصادية و ال تجارية و ال استثمارية. ويمكن أن تؤدي ال مؤسسات الوطنية ل حقوق الإنسان دور اً تحفيزي اً مهم اً فيما يتعلق بربط مختلف الإدارات الحكومية المعنية بحقوق الطفل و ب الأعمال التجارية.

2- الرصد

76- تُلزم الدول برصد ما ترتكبه أو تشارك في ارتكابه المؤسسات التجارية، بما في ذلك في عملياتها العالمية، من انتهاكات للاتفاقية و بروتوكولاتها الاختيارية . ويمكن الاضطلاع بذلك مثل اً من خلال ما يلي: جمع البيانات التي يمكن استخدامها لتحديد المشاكل وتنوير السياسات؛ والتحقيق في الانتهاكات؛ والتعاون مع المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان؛ وجعل المؤسسات التجارية خاضعة للمساءلة العامة بتقييم أدائها بناء على ما تقدمه من تقارير بشأن أثر أنشطتها على حقوق الطفل. ويمكن على وجه الخصوص إشراك المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في مهام منها مثل اً تلقي الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات والتحقيق والوساطة فيها؛ وإجراء تحقيقات عامة في الانتهاكات الواسعة النطاق، والوساطة في المنازعات، ومراجعة التشريعات لضمان ال امتثال ل لاتفاقية. وينبغي عند الضرورة توسيع نطاق الولاية التشريعية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لتشمل مسألة حقوق الطفل والأعمال التجارية.

77- وينبغي أن تشير الدول ، عند وضع استراتيجيات وخطط عمل وطنية لتنفيذ الاتفاقية و بروتوكولاتها ا لاختيارية ، إشارة صريحة إلى التدابير اللازمة لاحترام حقوق الطفل وحمايتها وإعمالها في أنشطة وعمليات المؤسسات التجارية. وينبغي أن تكفل الدول أيض اً رصد التقدم المحرز في تنفيذ الاتفاقية في الأنشطة والعمليات التجارية. ويمكن تحقيق ذلك داخلي اً من خلال استخدام عمليات تقدير و تقييم ال أثر على حقوق الطفل، وكذا من خلال التعاون مع هيئات أخرى مثل اللجان البرلمانية ومنظمات المجتمع المدني والرابطات المهنية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. وينبغي أن يشمل الرصد طلب رأي الأطفال مباشرة بشأن أثر الأعمال التجارية على حقوقهم. ويمكن استخدام آليات تشاورية مختلفة من قبيل مجالس وبرلمانات الشباب، ووسائط الإعلام الاجتماعية، ومجالس المدرسة، وجمعيات الأطفال.

3- عمليات تقييم الأثر على حقوق الطفل

78- إن ضمان إيلاء الاعتبار الأول ل مصالح الطفل الفضلى عند وضع التشريعات والسياسات المتصلة بالأعمال التجارية وتنفيذها على جميع المستويات الحكومية يتطلب إجراء عمليات تقييم ال أثر على حقوق الطفل بصفة مستمرة . ويمكن أن تتنبأ هذه ال عمليات بأثر أي مقترح ل سياسة أو تشريع أو لائحة تنظيمية أو ميزانية أو غيرها من القرارات الإدارية المتعلقة بالأعمال التجارية، التي تمس الأطفال وتمتعهم بحقوقهم ( ) ، وينبغي أن تكمّل ما يجري من رصد وتقييم ل أثر القوانين والسياسات والبرامج على حقوق الطفل.

79- ويمكن وضع منهجيات وممارسات مختلفة عند إجراء تقييمات ا لأثر على حقوق الطفل. ويجب أن تستخدم كحد أدنى إطارَ الاتفاقية و بروتوكولاتها الاختيارية وكذا الملاحظات الختامية والتعليقات العامة ذات الصلة الصادرة عن ا للجنة. و عند إجراء تقييمات أوسع نطاقاً لأثر السياسات أو التشريعات أو الممارسات الإدارية المتصلة بالأعمال التجارية ، يتعين على الدول ضمان أن تستند التقييمات إلى المبادئ العامة للاتفاقية و بروتوكولاتها الاختيارية وأن تراعي على نحو خاص تفاوت أثر التدابير قيد النظر على الأطفال ( ) .

80- ويمكن أن تساعد تقييمات الأثر على حقوق الطفل في دراسة الأثر على جميع الأطفال المتضررين من أنشطة عمل تجاري أو قطاع معين ، و يمكن أن تشمل أيض اً تقييم تفاوت أثر التدابير على بعض الفئات من الأطفال. ويمكن أن يستند تقييم الأثر نفسه إلى مساهمات الأطفال والمجتمع المدني والخبراء وكذلك الإدارات الحكومية ذات الصلة والبحوث الأكاديمية والخبرات الموثقة في البلد أو في أماكن أخرى. وينبغي أن يفضي هذا التحليل إلى تقديم توصيات بشأن التعديلات والتغييرات والتحسينات ، وأن يتاح للاطلاع العام ( ) .

81- ويمكن أن تنظر الدول في تعيين جهة خارجي ة لقيادة التقييم من أجل ضمان إجرائه ب حياد واستقلالية. وقد ينطوي هذا الإجراء على إيجابيات مهمة ، ولكن يجب على الدولة ، باعتبارها الطرف المسؤول في نهاية المطاف عن النتائج ، أن تكفل إجراء التقييم من قبل جهة تتسم بالكفاءة والنزاهة والحياد.

هاء- تدابير التعاون والتوعية

82- في حين يقع الالتزام بأحكام الاتفاقية على عاتق الدولة، فإن مهمة التنفيذ تتطلب انخراط جميع قطاعات المجتمع، بما فيها المؤسسات التجارية والمجتمع المدني والأطفال أنفسهم. وتوصي اللجنة بأن تعتمد الدول وتنفذ استراتيجية شاملة ل تثقيف و إعلام جميع الأطفال والوالدين ومقدمي الرعاية بأن المؤسسات التجارية تتحمل حيثما عملت مسؤولية احترام حقوق الطفل، بما في ذلك عن طريق الرسائل ال ملائمة للأطفال و ال مناسبة لسنهم، وذلك مثل اً من خلال التثقيف في مجال الدراية بالشؤون المالية. وينبغي أن ت ُ ستهد َ ف أيضاً المؤسسات التجارية ب التثقيف والتدريب والتوعية بشأن الاتفاقية للتشديد على وضع الطفل كأحد أصحاب حقوق الإنسان و ال تشجيع على الاحترام الفعلي لجميع أحكام الاتفاقية ، والتصدي ل لمواقف التمييز ية ضد جميع الأطفال وبخاصة المستضعفين والمحرومين والقضاء عليها. وفي هذا السياق، ينبغي تشجيع وسائط الإعلام على تزويد الأطفال بمعلومات عن حقوقهم المتصلة بالأعمال التجارية وتوعية المؤسسات التجارية بمسؤوليتها عن احترام حقوق الطفل.

83- وتسلط اللجنة الضوء على إمكانية إشراك المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في توعية المؤسسات التجارية بأحكام الاتفاقية، مثلاً من خلال إعداد ونشر إرشادات و سياسات تتعلق بالممارسات الجيدة لفائدة المؤسسات التجارية.

84- ويؤدي المجتمع المدني دور اً حاسم اً في تعزيز حقوق الطفل وحمايتها على نحو مستقل في سياق العمليات التجارية. ويشمل هذا الدور رصد المؤسسات التجارية ومساءلتها؛ ودعم إمكانية لجوء الأطفال إلى القضاء وسبل الانتصاف؛ والمساهمة في تقييمات الأثر على حقوق الطفل؛ وتوعية المؤسسات التجارية بمسؤوليتها عن احترام حقوق الطفل. وينبغي أن تكفل الدول الظروف المواتية لوجود مجتمع مدني نشط ومتيقظ، بما في ذلك التعاون الفعال مع منظمات المجتمع المدني المستقلة ومنظمات الأطفال والشباب والدوائر الأكاديمية وغرف التجارة والصناعة والنقابات وجمعيات المستهلكين والمؤسسات المهنية، ودعم كل هذه الجهات. وينبغي أن تحجم الدول عن عرقلة عمل هذه الجهات وغيرها من المنظمات المستقلة و أن تيسّر مشاركتها في السياسات والبرامج العامة المتعلقة بحقوق الطفل والأعمال التجارية.

سابعاً- النشر

85- توصي اللجنة بأن تنشر الدول هذا التعليق العام على نطاق واسع داخل البرلمان والحكومة، بما في ذلك الوزارات والإدارات والهيئات البلدية/المحلية المعنية بمسائل الأعمال التجارية وتلك المعنية بالتجارة والاستثمار الخارجي من قبيل وكالات المساعدة الإنمائية والبعثات في الخارج . وينبغي أن يوزّع هذا التعليق العام على المؤسسات التجارية، بما في ها العاملة على الصعيد عبر الوطني ، وعلى الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم ، والجهات الفاعلة في القطاع غير النظامي. كما ينبغي توزيعه على المهنيين العاملين مع الأطفال ولفائدتهم، وتعريفهم به، بمن فيهم القضاة والمحامون ومقدمو المساعدة القانونية والمعلمون والأوصياء والمرشدون الاجتماعيون وموظفو مؤسسات الرعاية العامة أو الخاصة، وعلى جميع الأطفال والمجتمع المدني. ويقتضي هذا الأمر ترجمته إلى اللغات ذات الصلة وإتاحته في نسخ متيسرة وملائمة للأطفال، وتنظيم حلقات ع مل وحلقات دراسية لمناقشة تبعاته وأفضل سبل تنفيذه، وإدراجه في تدريب جميع المهنيين ذوي الصلة.

86- وينبغي أن تدرج الدول في تقاريرها الدورية المقدمة إلى اللجنة معلومات عما تواجهه من تحديات و ما تتخذه من تدابير من أجل احترام حقوق الطفل وحمايتها وإعمالها في سياق أنشطة المؤسسات التجارية وعملياتها سواء على الصعيد المحلي، أو الصعيد عبر الوطني عند الاقتضاء .