الأمم المتحدة

CCPR/C/109/D/1955/2010

Distr.: General

28 November 2013

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1 955 /2010

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها 109 ( 14 تشرين الأول/أكتوبر - 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2013)

المقدم من: زياد خلف حمادي ال ق رطاني (تمثله المحامية ندزميجا كوكريكار )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: البوسنة والهرسك

تاريخ تقديم البلاغ: 4 حزيران/يونيه 2010 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص بموجب المادتين 92 و97 من النظام الداخلي، المحال إلى الدولة الطرف في 14 حزيران/يونيه 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2013

الموضوع: الترحيل إلى العراق

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ عدم كفاية الأدلة التي تثبت الادعاءات

المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عند العودة إلى بلد المنشأ ؛ وحظر الإعادة القسرية؛ والتدخل التعسفي وغير المشروع في الخصوصية والحياة الأسرية؛ وحظر التمييز.

مواد العهد: المواد 6 و7 و9 (الفقرات 1 و2 و4) و13 و14 و17 و23 و24 و26

مواد البروتوكول الاختياري: المادة 2 والفقرة 2(ب) من المادة 5

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 109)

بشأن

البلاغ رقم 1955/2010 *

المقدم من: زياد خلف حمادي القرطاني ( تمثله المحام ية ندزميجا كوكريكار )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: البوسنة والهرسك

تاريخ تقديم البلاغ: 4 حزيران/يوني ه 2010 (تاريخ الرسالة الأول ى )

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2013،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1955/2010، المقدم إليها من السيد زياد خلف حمادي القرطاني بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو السيد زياد خلف حمادي القرطاني، وهو مواطن عراقي وُلد في 30 آذار/مارس 1970. وهو يدعي أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف لحقوقه التي تكفلها المواد 6 و7 و9 (الفقرات 1 و2 و4) و13 و14 و17 و23 و24 و26 من العهد. وكان صاحب البلاغ، وقت تقديم بلاغه، محتجزاً في مركز للهجرة في شرق سراييفو بانتظار نقله إلى العراق. وتمثل صاحب البلاغ محامية. وقد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري في الدولة الطرف في 1 حزيران/يونيه 1995.

1-2 وطلب ال مقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة في 14 حزيران/ يونيه 2010، وهو يتصرف باسم اللجنة، إلى الدولة الطرف الامتناع عن ترحيل صاحب البلاغ إلى العراق خلال نظر اللجنة في قضيته، وذلك عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة. وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 2010، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها علّقت ترحيل صاحب البلاغ نزولاً عند طلب اللجنة، وأن صاحب البلاغ سيبقى خاضعاً للرقابة في مركز سراييفو للهجرة الذي لا يحق له مغادرته، نظراً إلى أنه يشكّل تهد يداً للأمن القومي للدولة الطرف.

الوقائع

2-1 صاحب البلاغ هو عراقي سن ي ، وهو يدعي أن عائلة والدته كانت مرتبطة بنظام صدام حسين وأن شقيقه تحديداً كان عنصراً في الحرس الجمهوري. ويقول صاحب البلاغ إنه بدأ خدمته العسكرية في الجيش العراقي في عام 1989 وأنه فرّ من الجيش في شباط/فبراير أو آذار/مارس 1991 حين احتلّ العراق الكويت، وأنه اختبأ بعد فراره في ضواحي بغداد عند أقربائه. ويزعم صاحب البلاغ أنه علم فيما بعد من أقربائه بأنه حُكم عليه بالإعدام غيابياً وأن شقيقه طُرد من الجيش وحُكم عليه بالسجن لمدة سنة بسبب فرار صاحب البلاغ من الجيش.

2-2 وأفاد صاحب البلاغ بأنه قضى تسعة أشهر مختبئ ا ً في الموصل وأربيل في كردستان العراق. وتمكّن صاحب البلاغ من الحصول على جواز سفر مزوّر صادر عن "سلطات كردستان العراق"، ثم سافر إلى جمهورية إيران الإسلامية وباكستان والسودان لأنه لم يكن يشعر بالأمان. وتوجه فيما بعد إلى اليمن حيث مكث 11 شهراً. وحصل صاحب البلاغ على جواز سفر مزوّر آخر من اليمن باسم عبد الله سيد علي باعورة، وهو اسم صديق له، وسافر إلى الجمهورية العربية السورية وإلى تركيا. وانتقل بعد ذلك إلى أوكرانيا ووصل إلى البوسنة والهرسك في أيلول/سبتمبر 1995.

2-3 وتزوج صاحب البلاغ في تشرين الثاني/نوفمبر 1995 من مواطنة من البوسنة والهرسك أنجب منها ثلاثة أطفال لا يزالو ن قاصرين. واستقر صاحب البلاغ في البوسنة والهرسك وعمل في تجارة السيارات المستعملة. وفي 4 كانون الثاني/يناير 1996، منحته وزارة الداخلية في البوسنة والهرسك الجنسية باسم عبد الله سيد علي باعورة.

2-4 ويؤكّد صاحب البلاغ أنه كشف في عام 2003 عن هويته الحقيقية لموظفي وزارة الداخلية في مقاطعة زنيك ا - دوبوي وأخبرهم بأن اسمه الكامل هو زياد خلف حمادي القرطاني. لكن الوزارة لم تأخذ ادعاءاته على محمل الجد لأنه لم يقدم أية وثائق تثبت هويته. وفي عام 2005، تمكّن شقيقه في بغداد من الحصول على وثيقة تثبت هويته قدمها صاحب البلاغ في ما بعد إلى سلطات الدولة الطرف. وفي 29 كانون الثاني/يناير 2007، سحبت اللجنة الوطنية لمراجعة قرارات تجنيس الرعايا الأجانب الجنسية من صاحب البلاغ على أساس أنه حصل عليها بهوية مزوّرة.

2-5 وفي 3 أو 4 أيار/مايو 2009، أُوقف صاحب البلاغ بقرار من دائرة شؤون الأجانب وأُودع في مركز للهجرة في شرق سراييفو حتى 3 حزيران/يونيه 2009، بناءً على استنتاجات الدائرة التي اعتبرت أن صاحب البلاغ يشكل تهديداً للنظام القانوني للبوسنة والهرسك ونظامها العام وسلمها وأمنها، وبسبب وجود شكوك معقولة بشأن هويته الحقيقية، وفقاً للفقرتين 2 ( ب) و ( ج) من المادة 99 من قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء. وطعن صاحب البلاغ في هذا القرار بالاستئناف أمام محكمة البوسنة والهرسك التي رفضت الطعن في 8 أيار/مايو 2009. وعقب ذلك، مُدّد احتجاز صاحب البلاغ دورياً وبقي محتجزاً منذ ذلك الحين.

2-6 وفي 13 أيار/مايو 2009، قدم صاحب البلاغ طلب حماية دولية إلى القسم المعني بقضايا اللجوء في وزارة الأمن وفقا ً لقانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء وادعى أنه لا يود أن يأخذ زوجته وأولاده، وهم مواطنون من البوسنة والهرسك، إلى بلد يرزح تحت وطأة الحرب، نظراً إلى أنهم قد يتعرضون لانتهاكات حقوق الإنسان. وفي 18 و20 أيار/ مايو 2009، أجرت السلطات مقابلة مع صاحب البلاغ بحضور محاميه وممثل عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين . وادعى صاحب البلاغ أنه يخشى أن يُقتل أو يُعذّب إذا عاد إلى العراق لأنه محكوم بالإعدام، ولأن العراق يعيش حرباً أهلية ويحكمه الشيعة بينما هو سني. وادعى أيضاً أن حكم اً بالإعدام أصدرته محكمة عسكرية نُفّذ فوراً بحق شخص مدان خلال فترة فراره من الجيش. وأضاف أن هذا هو السبب الذي دفعه إلى الهرب سريعاً ولم يعلم بالحكم إلا في وقت تالٍ عن طريق عائلته. وأشار إلى أنه حتى في حال لم يكن محكوماً بالإعدام، فهو قد يكون عرضة للخطر بسبب أصله الإثني. وأضاف أنه ينتمي إلى عائلة سنية معروفة وأن العديد من أقربائه قُتلوا، وأن عائلته هربت إلى الجمهورية العربية السورية أو إلى منطقة الحدود العراقية - السورية. أما عن استخدامه جواز سفر باسم عبد الله سيد علي باعورة، قال صاحب البلاغ إنه لم يستخدم هويته الحقيقية ليحمي نفسه من انتقام النظام العراقي السابق.

2-7 وفي 28 أيار/مايو 2009، رفض قسم اللجوء في وزارة الأمن طلب اللجوء الذي تقدم به صاحب البلاغ عملاً بالمواد 105، و106 (الفقرة 4(أ))، و109 (الفقرة 6)، و116 (الفقرة 1(ج)) و118 من قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء، نظراً إلى أن وكالة الاستخبارات والأمن في الدولة الطرف أدرجت اسم صاحب البلاغ في قائمة الأشخاص الذين يشكلون تهديداً لأمن الدولة. بالإضافة إلى ذلك، لم يذكر في طلبه أسباباً تجيز تطبيق مبدأ عدم الإعادة القسرية لأن رواية صاحب البلاغ تفتقر إلى المصداقية ولأن الأسس التي بنى عليها طلب الحماية ليست أسساً معقولة. وأُمهل صاحب البلاغ 15 يوماً لمغادرة أراضي الدولة الطرف. وورد في القرار أنه على الرغم من وجود شواغل بشأن حالة حقوق الإنسان في العراق، تفيد التقارير الدولية بأن الخطر يُحدق بأعضاء النظام السابق وأنصاره والأشخاص الذين كانوا ينتمون إلى حزب البعث، بينما لا يواجه السُنة بحد ذاتهم أي خطر. وفي هذا الصدد، جاء في القرار أن صاحب البلاغ لم يكن يدعم النظام، وهو ما يؤكده فراره من الجيش؛ وأن شقيقه قد فُصل من وظيفته في الحرس الجمهوري وحاكمه النظام السابق؛ وأن ادعاء صاحب البلاغ بأن عائلته عائلة سنية معروفة لا تدعمه أية وثائق. وحكم الإعدام المزعوم، إن كان صدر بحقه، فيكون قد نُطق به في أوائل التسعينات في ظل نظام سقط في عام 2003 عند استلام الشيعة للسلطة، ولا توجد دلائل تشير إلى أن النظام الجديد سينفذ الحكم. بالإضافة إلى ذلك، تمكّن أحد أقرباء صاحب البلاغ في 15 تموز/ يوليه 2007 من الحصول على شهادة جنسية باسم صاحب البلاغ مسلمة من السلطات في بغداد. وفي 11 أيار/مايو 2008 حصل صاحب البلاغ على صورة من جواز سفره العراقي الصادر عن سفارة العراق في فيينا والصالح حتى عام 2016؛ وحين وضعت سلطات الدولة الطرف صاحب البلاغ تحت الرقابة، اتصلت زوجته بسفارة العراق في بلغراد طلباً للمساعدة. وأخيراً، ثبت أنه على الرغم من العنف الذي يسود في العراق، فإن أفراد الطائفة السنية لا يواجهون اضطهادا ً منهجيا ً .

2-8 وفي 29 أيار/مايو 2009، مدّد قسم اللجوء في وزارة الأمن التدابير المفروضة على صاحب البلاغ بشأن تقييد حركته ومنعه من مغادرة مرافق مركز الهجرة في سراييفو لمدة 90 يوماً اعتباراً من 4 حزيران/يونيه 2009.

2-9 وفي 10 حزيران/يونيه 2009، قدم صاحب البلاغ إلى محكمة البوسنة والهرسك طلباً اعترض فيه على رفض منحه الحماية الدولية وزعم أن القرار تعسفي. وادعى أن هناك فهماً غير سليم وغير كامل لما يُحدق به من مخاطر في العراق؛ وأن الاستنتاج القائل بأنه يشكّل تهديداً للنظام العام أو الأمن العام استنتاج غير مبرر وغير مدعوم بدليل؛ وأن السلطات لم تأخذ في الاعتبار حالة حقوق الإنسان في العراق، ما أفضى إلى تقييم غير سليم للوضع الحقيقي والخطر الذي قد يتهدد صاحب البلاغ في حال ترحيله. ودفع قائلاً إن التقارير الدولية التي اطلعت عليها السلطات تشير إلى جو من العنف تساهم فيه أيضاً الميليشيات الطائفية والحزبية، وإلى انتهاكات حقوق الإنسان ( ) . وبخصوص وضعه العائلي، قال إن السلطات لم تأخذ في الحسبان الأثر الكبير الذي قد يسببه ترحليه المحتمل على أسرته؛ وأن اندماج أفراد أسرته في المجتمع العراقي لن يكون ممكناً نظراً إلى أنهم من مواطني البوسنة والهرسك ولا يتكلمون اللغة العربية وليس لهم أية صلات بالعراق.

2-10 وفي 26 آب/أغسطس 2009، مدّدت وزارة الأمن تدابير تقييد حرية التنقل المفروضة على صاحب البلاغ لمدة 90 يوماً، نظراً إلى أن الطعن الذي تقدم به لا يزال قيد الدرس.

2-11 وفي 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، رفضت محكمة البوسنة والهرسك طعن صاحب البلاغ في قرار سحب جنسية البوسنة والهرسك منه. واستأنف صاحب البلاغ هذا القرار أمام المحكمة الدستورية. وكان هذا الاستئناف لا يزال قيد الدرس حين قدّم بلاغه إلى اللجنة.

2-12 وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، رفضت محكمة البوسنة والهرسك طعن صاحب البلاغ بقرار رفض منحه الحماية الدولية. وأفادت المحكمة بأن وزارة الأمن حين رفضت طلب الحماية الدولية لصاحب البلاغ عملاً بالمواد 105 و106(4) و118 من قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء، نظرت في ما إذا كان صاحب البلاغ يستوفي شروط الحماية وفق مبدأ حظر الإعادة القسرية. لكنها بعد أن أجرت دراسة شاملة ومفصلة للمعلومات التي قدمها صاحب البلاغ، خلُصت إلى أن ادعاءاته بالخوف من الاضطهاد لا تقوم على أسس كافية. وأشارت المحكمة إلى أن صاحب البلاغ غادر أراضي الدولة الطرف عدة مرات في عام 1995؛ وذهب مع عائلته لقضاء عطلة في دبي، و سافر إلى هنغاريا حيث قدم طلب لجوء ثم سحبه في وقت لاحق. ولم يثبت صاحب البلاغ للمحكمة أن حكماً بالإعدام صدر فعلاً بحقه، وهو تجنب مراراً وتكراراً خلال المقابلات التي أجرتها السلطات معه إعطاء أجوبة محددة عن الأسئلة التي طرحتها عليه. ونظراً إلى أن السلطات اعتبرت أن صاحب البلاغ يشكل تهديداً للنظام العام وأمن الدولة، فإن أمر مغادرته أراضي الدولة الطرف أمر قانوني ولا ينتهك حق صاحب البلاغ في الخصوصية و الحياة الأسرية ، بما أن ممارسة هذا الحق ينبغي أن تتماشى مع المصلحة العامة وأمن الدولة القومي. ولما كان القرار نهائي اً، قررت وزارة الأمن في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 وضع صاحب البلاغ تحت الرقابة وأودعته في مركز الهجرة في سراييفو من دون إذن بالخروج، ويُمدَّد هذا الإجراء كل 30 يوماً.

2-13 وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 2009، طعن صاحب البلاغ أمام المحكمة الدستورية في الحكم الصادر عن محكمة البوسنة والهرسك وطلب الاستفادة من تدابير مؤقتة تفضي إلى تعليق إجراء ترحليه. وادعى صاحب البلاغ أن قرار محكمة البوسنة والهرسك غير شرعي لأنه ينتهك حقوقه الأساسية، ألا وهي: حظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة؛ والحق في الخصوصية و الحياة الأسرية ؛ و الحق في الاستفادة من سبيل انتصاف فعال؛ والحق في التمتع بحقوقه بحرية ودون تمييز؛ والحق في الاعتراض على أمر الترحيل والاستفادة من مراجعة قضائية، حسبما ما هو مكرّس في الدستور وفي الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وكرر صاحب البلاغ ادعاءاته وأشار إلى أن وزارة الأمن لم تفسّر لماذا اعتبرت أن البيانات التالية " عبد الله سيد علي باعورة المولود في آب/أغسطس 1974 في مدينة الكويت" الوارد اسمه في قائمة الأشخاص الذين صُنّفوا على أنهم يشكلون خطراً على الأمن القومي، هي بيانات تشير في الواقع إلى صاحب البلاغ (أي زياد خلف حمادي القرطاني، المولود في 30 آذار/مارس 1970 في بغداد). ودفع بالقول إنه لا يجوز إعادة شخص إلى مكان يمكن أن يتعرض فيه للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة القاسية، بغض النظر عن عدم الرغبة في وجوده على أراضي الدولة التي نظرت في طلب الحماية الدولية أو درجة الخطورة التي يشكلها على أمنها.

2-14 وفي 25 شباط/فبراير 2010، رفضت المحكمة الدستورية طلب صاحب البلاغ بشأن الاستفادة من تدابير تتيح تعليق إجراء ترحيله، نظراً إلى أن السلطات المختصة لم تتخذ أي قرار بترحيله قسراً من أراضي الدولة الطرف إن هو لم يغادرها بمحض إرادته.

2-15 وفي 4 أيار/مايو 2010، أصدرت دائرة شؤون الأجانب في وزارة الأمن أمراً بطرد صاحب البلاغ واتخذت قراراً بمنعه من دخول البوسنة والهرسك أو الإقامة فيها لمدة خمس سنوات. واستأنف صاحب البلاغ أمر الطرد في 12 أيار/مايو 2010. وفي 13 أيار/ مايو 2010، أودع لدى المحكمة الدستورية طلباً ثانياً للاستفادة من تدابير مؤقتة بناءً على أن أمراً بالطرد قد صدر بحقه. وفي 28 أيار/مايو 2010، رفضت وزارة الأمن طعن صاحب البلاغ في أمر الطرد.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن ترحيله من الدولة الطرف إلى العراق سيشكل انتهاكاً للمواد 6 و7 و13 و14 و17 و23 و24 و 26 من العهد.

3-2 ويزعم صاحب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف لم تقيّم الخطر الذي قد يتعرض له إن عاد إلى العراق تقييماً ملائماً، خاصة وأنه يواجه خطراً حقيقياً بالتعرض للاحتجاز الفوري والتعذيب والقتل. وبناءً على ذلك، فإن إعادته إلى العراق من قبل الدولة الطرف سيشكل انتهاكاً للمادتين 6 و7 من العهد. ويدفع صاحب البلاغ بأن العرب السُنة يهددهم خطر خاص بأن يحتجزوا ويُعذبوا ويُعدموا لارتباطهم المزعوم بالجماعات المسلحة السنية أو دعمهم المزعوم لها؛ وأن عدد أحكام الإعدام التي نُفّذت بحق المتمردين المزعومين قد زاد؛ وأن السلطات العراقية ستعتبره مرتبطاً بالنظام السابق و/أو بالجماعات المسلحة ( ) . وفي ضوء الظروف السائدة وسيرته الشخصية والعائلية، فهو سيجذب انتباه السلطات العراقية حال وصوله إلى المطار وسيعتبر تهديداً محتملاً، خاصة إذا رُحّل قسراً من البوسنة والهرسك. ويُحدق به خطر حقيقي بالإعدام لتهديده أمن العراق الداخلي لمجرد أنه من العرب السُنة المرتبطين بالنظام السابق ولاحتجازه في البوسنة والهرسك لأسباب أمنية. بالإضافة إلى ذلك، فإن حكم الإعدام الصادر بحقه لفراره من الجيش العراقي يبقى قابلاً للتنفيذ حتى وإن كان صدر في ظل النظام السابق.

3-3 وفي ما يتعلق بالمادتين 13 و 14، مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، يدفع صاحب البلاغ بأن طلبه الحصول على الحماية الدولية رُفض على أساس تهديده للنظام العام والأمن القومي، لكنه لم يُبلّغ بالأسباب التي جعلت السلطات تخلص إلى أنه يمثل تهديد ا ً . ولم تُقدم له أية وقائع، ناهيك عن الأدلة، ترتبط بهذا التهديد، وهذه المسألة لم تُذكر خلال الإجراءات المتعلقة بطلبه الحصول على الحماية الدولية. واكتفت السلطات بذكر قائمة بأسماء أشخاص يُزعم أنهم يشكلون تهديداً أمنياً. وأفاد صاحب البلاغ بأن الادعاء بتهديد الأمن ينبغي أن يكون مدعوماً بأدلة إن استُخدم كأساس للطرد أو الاحتجاز فترةً طويلةً. وبناءً على ذلك انتُهكت الضمانات الإجرائية التي تنص عليها المادة 13 بخصوص الطرد، ولم يُحترم حق صاحب البلاغ في أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني وفقاً للمادة 14 من العهد.

3-4 وفي ما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بانتهاك المواد 17 و 23 و24 من العهد، فهو يزعم أن احتجازه وإمكانية ترحيله يشكلان تدخلاً تعسفياً وغير مشروع في خصوصيته وحياته الأسرية. فزوجته وأطفاله القاصرون مواطنون من البوسنة والهرسك ولا يتكلمون اللغة العربية وليس لهم أية صلة من أي نوع كان بالثقافة العراقية. وهم لا يستطيعون أن يرافقوه إلى بلد يشهد حرباً أهلية ووضعاً أمنياً متردياً. ويعني تنفيذ قرار طرده بالتالي تفريق عائلته لسنوات عدة، ما سيؤثر سلباً على رفاهية أطفاله. وفي هذا الصدد، لم تقيّم الدولة الطرف بشكل سليم خطورة التدخل في حياته الأسرية ولم تأخذ في الحسبان المصلحة الفضلى للأطفال كما تحددها المادة 3 من اتفاقية حقوق الطفل. وذكّر صاحب ال بلاغ بتعليق اللجنة العام رقم 15 (1986) بشأن وضع الأجانب بموجب العهد ( ) ، وقال إنه على الرغم من أن العهد لا يعترف بحق الأجانب في دخول أراضي دولة طرف أو الإقامة فيها، وأن الدولة الطرف هي من يقرر من حيث المبدأ من تقبل على أراضيها، فهناك ظروف يمكن أن يستفيد فيها أجنبي من حماية العهد في ما يخص دخوله إلى بلد ما أو الإقامة فيه، خاصة إذا وجدت اعتبارات مرتبطة بحياته الأسرية.

3-5 أما عن ادعاءاته بموجب المادة 26، فيفيد صاحب البلاغ أن النتيجة التي خلصت إليها السلطات والتي مفادها أنه يشكل تهديداً للأمن القومي، وهو السبب الرئيسي لاحتجازه وطرده من البلد الذي يعيش فيه منذ ما يناهز 15 عاماً، هي نتيجة تستند إلى أفكار سلبية مسبقة حيال الأشخاص المنحدرين من أصول عربية الذين يتبعون الإسلام.

ملاح ظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 قدّمت الدولة الطرف، في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2010، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ.

4-2 وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ دخل البوسنة والهرسك بطريقة غير شرعية تحت اسم مستعار، هو عبد الله باعورة سعيد علي، وكمواطن يمني يحمل جواز سفر يمنيا ً . وبناءً على وثائق السفارة العراقية والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية وأدلة أخرى، اكتشفت السلطات أن الاسم الحقيقي لصاحب البلاغ هو زياد خلف حمادي القرطاني. وبُني قرار سحب جنسية البوسنة والهرسك من صاحب البلاغ ورفض طلبه الحصول على الحماية الدولية في جملة أمور على أساس النتيجة التي خلصت إليها السلطات والتي مفادها أنه يمثل تهديد اً للنظام العام والسلم والأمن القومي، كما ورد في وثيقة "سرية" صادرة عن وكالة الاستخبارات والأمن. ولم يقدم صاحب البلاغ طلباً للحصول على الحماية الدولية إلا بعد مضي عامين على سحب الدولة الطرف لجنسيته، وبعد أن فُرضت عليه بعض إجراءات الرقابة. وتُصرّ الدولة الطرف على أن الهدف من طلبه هو تأخير ترحيله وأنه يشكل سوء استخدام للحق في طلب الحماية الدولية.

4 -3 وطعن صاحب البلاغ في قرار وزارة الأمن المؤرخ 28 أيار/مايو 2010 لدى محكمة البوسنة والهرسك التي ثبّتت أمر الطرد. ويُشار إلى أن قرار المحكمة بشأن هذا الطعن كان لا يزال قيد الدرس عندما قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها.

4 -4 وفي 28 تموز/يوليه 2010، مدّد مكتب شؤون الأجانب إجراء الرقابة الذي أودع بموجبه صاحب البلاغ في مركز الهجرة حتى تاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2010، والذي يحدّ من حقه في التنقل الحر وغير المقيّد. واستأنف صاحب البلاغ هذا القرار لدى وزارة الأمن، التي رفضت الطعن في 29 تموز/يوليه 2010. وفي وقت تالٍ، رفع صاحب البلاغ دعوى إلى محكمة البوسنة والهرسك للطعن في هذا القرار. ولم تكن المحكمة قد اتخذت قرارها عند تقديم الدولة الطرف لملاحظاتها. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن بدء إجراءات للطعن في قرار الترحيل لا يُعلّق أثر القرار، وبالتالي لا يترتب عليه تأجيل التنفيذ.

4-5 ونظرت وزارة الأمن ومحكمة البوسنة والهرسك خلال الإجراءات القضائية في جميع ادعاءات صاحب البلاغ. ولم تخلص السلطات إلى أن صاحب البلاغ يشكّل تهديداً لأمن الدولة فحسب، بل درست طلبه في ضوء المادة 91 من قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء وقيّمت الخطر المزعوم الذي قد يواجهه صاحب البلاغ في حال ترحيله إلى العراق. ولم تُنتهك حقوق صاحب البلاغ المكفولة بالمواد 6 و13 و14 و17 و23 و24 و 26 من العهد في سياق النظر في طلبه المتعلق بالحصول على الحماية الدولية. بالإضافة إلى ذلك، تفيد الدولة الطرف بأنه يمكن تقييد حق صاحب البلاغ في حرية التنقل في ظل ظروف استثنائية، منها على سبيل المثال حماية الأمن القومي والنظام العام. وإن سهر السلطات العامة على حماية المصالح الوطنية هو ضروري في مجتمع ديمقراطي. وكل قرار يُتخذ لحماية المصالح الوطنية له الأسبقية على الحق في الخصوصية والحياة الأسرية.

4-6 وفي ضوء ما تقدم، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة كافية لإثبات ادعاءاته وينبغي بالتالي إعلان البلاغ غير مقبول.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5-1 قدمت الدولة الطرف تعليقاتها على الأسس الموضوعية للبلاغ في 15 كانون الأول / ديسمبر 2010.

5-2 وأبلغت الدولة الطرف اللجنة بأن صاحب البلاغ بقي خاضعاً لتدابير الرقابة من دون إمكانية الخروج من مركز الهجرة في سراييفو بعد أن ثبّتت محكمة البوسنة والهرسك في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 رفض طلبه المتعلق بالحصول على الحماية الدولية؛ وأن إدارة شؤون الأجانب تمدد هذه التدابير شهرياً؛ وأن تدابير الرقابة خضعت للمراجعة من ق ِ بل وزارة الأمن ومحكمة البوسنة والهرسك بوصفهما هيئتي استئناف.

5-3 وتشير الدولة الطرف إلى أن قرار ترحيل صاحب البلاغ إلى بلد المنشأ قد اتُخذ وفقاً للمواد 16، و88 (الفقرة 1) و117 من قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء، التي تنص على أن الشخص الذي يتقدم بطلب للحصول على الحماية الدولية يُطرد من البلد حين يُرفض طلبه بموجب قرار نهائي ملزم قانوناً. أما بخصوص إجراء الرقابة فتنص المادة 99 من قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء على وضع الشخص الأجنبي تحت الرقابة لضمان إمكانية تنفيذ قرار طرده، في حال وجدت أسس معقولة تحمل على الاعتقاد بأنه يشكّل تهديداً للنظام العام للدولة الطرف أو أمنها. وتنص المادة 102 على أن إجراء الرقابة المذكور لا يمكن أن يستمر أكثر من 180 يوماً. وفي بعض الظروف الاستثنائية، وإذا تعذّر ترحيل الشخص الأجنبي خلال مهلة 180 يوماً، يجوز تمديد الفترة الإجمالية لإجراء الرقابة لفترة تزيد عن 180 يوماً.

5-4 وتؤكد الدولة الطرف من جديد أن ادعاءات صاحب البلاغ التي زعم فيها أنه سيواجه خطراً حقيقياً بالتعرض لمعاملة تتنافى مع أحكام العهد في حال ترحليه إلى العراق كانت محل نظر وتقييم من جانب وزارة الأمن ومحكمة البوسنة والهرسك.

5-5 وفي ما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ المرتبط بحقه في الخصوصية والحياة الأسرية، تشير الدولة الطرف إلى أن هذا الحق ليس حقاً مطلقاً وأنه يمكن تقييده بداعي المصلحة العامة. وفي هذا الصدد، تبين الوقائع المثبتة أن صاحب البلاغ يشكل "تهديداً للمجتمع". بالإضافة إلى ذلك، فإن صحّ ادعاء صاحب البلاغ، فذلك سيعني منح نوع من الحصانة الدائمة للأجانب الذين هم في وضع مماثل، وهو ما يتنافى مع مبدأ حماية الحق في الخصوصية والحياة الأسرية.

5-6 وتدابير الرقابة التي فُرضت على صاحب البلاغ هي تدابير اعتُمدت من قبل الجهات المختصة ووفق الإجراءات القانونية. ويرجع طول مدة هذه التدابير وتمديدها إلى أكثر من 180 يوماً إلى الإجراءات القضائية التي قام بها صاحب البلاغ والقرارات التي اتخذتها المؤسسات التي نظرت في طلباته، كطلب اللجنة المتعلق بالتدابير المؤقتة. وقد نظرت السلطات الإدارية والقضائية في جميع هذه التدابير وفي القرار المتعلق بطلب صاحب البلاغ الحصول على الحماية الدولية، وراجعتها بطريقة عادلة ومتعمّقة.

5-7 أما في ما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ انتهاك المادتين 24 و 26 من العهد، تؤكد الدولة الطرف أنها لا تستند إلى أدلة كافية. فقد استفاد صاحب البلاغ من الإجراءات الإدارية والقضائية التي خوّلته الطعن في جميع القرارات التي اتُخذت بحقه من دون أي تمييز، وفقاً لما هو منصوص عليه في قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء. ولم تتخذ دائرة شؤون الأجانب أي خطوات بشأن طرد صاحب البلاغ إلى أن أضحى القرار المتعلق بالحماية الدولية نهائياً. ومن جهة أخرى، لم يبيّن صاحب البلاغ في ادعاءاته كيف انتُهكت حقوق أطفاله، بل اكتفى بتأكيد وقوع الانتهاك.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

6-1 قدّم صاحب البلاغ في 31 كانون الأول/ديسمبر 2010 و4 آذار/مارس 2011 تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية.

6-2 وأبلغ صاحب البلاغ اللجنة بأنه استأنف قرار وزارة الأمن المؤرخ 28 أيار/ مايو 2010 الذي ثبّت أمر الطرد أمام محكمة البوسنة والهرسك وطلب الاستفادة من تدابير مؤقتة، نظراً إلى أن طلب الاستئناف لا يترتب عليه تعليق القرار بصورة تلقائية وفقاً للفقرة 3 من المادة 4 من قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء، والفقرة 1 من المادة 18 من قانون النزاعات الإدارية. لكن محكمة البوسنة والهرسك رفضت البتّ في التدابير المؤقتة واكتفت بإحالة المسألة إلى وزارة الأمن التي رفضت الطلب في 11 حزيران/يونيه 2010. وبناءً على ذلك، تبيّن أن اللجوء إلى محكمة البوسنة والهرسك لا يمثل سبيل انتصاف فعال اً للطعن في أوامر الطرد. بالإضافة إلى ذلك، إن إحالة النظر في الطلب المتعلق بالتدابير المؤقتة إلى هيئة هي طرف في إجراء الاستئنا ف، أي الوزارة، تخل إخلالاً كبير ا ً بالحق في إجراءات عادلة.

6-3 أما في ما يتعلق بالطلب الذي تقدم به إلى المحكمة الدستورية للاستفادة من التدابير المؤقتة، أفاد صاحب البلاغ بأن المدة الطويلة للغاية التي تستغرقها المحكمة الدستورية للبتّ في طلب من هذا النوع، يجعل منها عملياً وسيلة انتصاف غير فعالة للطعن في قرار بالطرد يشكل انتهاكاً للمادتين 6 و 7 من العهد. وعلى الرغم من ذلك، وبعد صدور أمر الطرد بحقه، رفع صاحب البلاغ القضية إلى المحكمة الدستورية وطلب الاستفادة من التدابير المؤقتة. لكن المحكمة لم تكن قد اتخذت قرارها حين قدّم صاحب البلاغ بلاغه إلى اللجنة في 31 كانون الأول/ديسمبر 2010. وأخيراً يدفع صاحب البلاغ بأن إجراء استئناف قرار تنفيذ الطرد، كما أقرّت بذلك الدولة الطرف في ملاحظاتها، لا يترتب عليه تعليق أمر الترحيل وفقاً للمواد 4 (الفقرة 3) و89 (الفقرة 5) و93 (الفقرتان 2 و3) من قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء.

6-4 وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، أصدرت المحكمة الدستورية حكمها بشأن طعن صاحب البلاغ في قرار وزارة الأمن الصادر في 28 أيار/مايو 2009 وفي حكم محكمة البوسنة والهرسك المؤرخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 ال ل ذين يقضيان برفض طلب صاحب البلاغ المتعلق بالحصول على الحماية الدولية. وردّت المحكمة الدستورية طلب صاحب البلاغ معلّلةً قرارها كالآتي " لا يمكن أن يكون هناك ترابط بين الإجراء الإداري و/أو القضائي، الذي رُفض في إطاره طلب المستأن ِ ف المتعلق بالحصول على الحماية الدولية، وانتهاك الحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة" ( ) . واعتبرت المحكمة كذلك أن أمر الطرد ورفض الحماية الدولية لا يشكلان تدخلاً تعسفياً في حياة صاحب البلاغ الأسرية. وفي ضوء ما تقدم، ادعى صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية وأنه لم يعد يتوفر لديه أي سبيل انتصاف فعّال يجنّبه الترحيل إلى العراق.

6-5 ويفيد صاحب البلاغ بأنه لم يُطلع يوماً، طوال فترة الإجراءات، على أي واقعة أو دليل في ما يتعلق بالاستنتاج الذي خلصت إليه السلطات والذي مفاده أنه يشكل تهديداً للأمن القومي أو النظام العام. ولم يكشف أي من وزارة الأمن أو محكمة البوسنة والهرسك عن الأسباب التي أدت إلى هذا الاستنتاج، واقتصرتا في تقييمهما على الإشارة إلى قائمة ادعتا أنها تتضمن اسمه. وحتى إن كان الحال كذلك، فلا يمكن للدولة الطرف أن تغضّ النظر عن كونها ملزمة بعدم إعادة شخص ما أو نقله إلى مكان يمكن أن يتعرّض فيه لمعاملة تتنافى مع المادتين 6 و 7 من العهد. ويؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تعطِ أية ملاحظة بشأن الخطر الذي قد يتعرض له إن رُحّل. بالإضافة إلى ذلك، ونظراً إلى أن الدولة الطرف اتصلت بالسلطات العراقية لأجل ترحيله، فلا شك في أن السلطات العراقية على علم تام بظروف ترحيله المحتمل، وهو ما يزيد من احتمال احتجازه لدى وصوله إلى العراق ( ) .

6-6 ويشير صاحب البلاغ إلى أنه لم يثر في بلاغه الأول أية مسائل تتعلق بالتعسف وبطول مدة تدابير الرقابة المفروضة عليه، لا سيما استمرار احتجازه، لأن هذه المسائل كانت لا تزال قيد الدرس لدى المحكمة الدستورية ولأنه كان يعتبر هذا الإجراء سبيل انتصاف فعالاً. لكن نظراً إلى أن الدولة الطرف كررت ملاحظاتها بشأن هذه التدابير وأن احتجازه طال لمدة 22 شهراً، يرى صاحب البلاغ أن الإجراءات لدى المحكمة الدستورية هي إجراءات غير فعالة ولا يمكن أن توفر له الحماية من انتهاك المادة 9 من العهد.

6-7 ويدحض صاحب البلاغ الادعاء الذي مفاده أن القرار الأولي باحتجازه يهدف إلى ضمان ترحيله، ويؤكد أن القرار اتُّخذ لأسباب وقائية تقوم على أسس مرتبطة بتهديد أمني غير مدعّم بأدلة. ويشير إلى أن السلطات لم تكن قد شرعت في إجراءات تنفيذ أمر الطرد حين أودعته مركز الهجرة.

6-8 والطابع التعسفي لقرار احتجاز صاحب البلاغ يتجلى أيض اً من خلال موقف وزارة الأمن التي لم تفرض أي نوع من تدابير الرقابة عندما سُحبت منه جنسية البوسنة والهرسك في عام 2007. وعلى الرغم من أن الظروف لم تشهد أية تطورات هامة اعتبرت السلطات، بعد أكثر من عامين على سحب الجنسية، وتحديداً في 4 أيار/مايو 2009، أن صاحب البلاغ يشكل تهديداً لأمن الدولة الطرف وأودعته في مركز للهجرة. ويعتبر صاحب البلاغ أن المراجعة التي قامت بها محكمة البوسنة والهرسك اتسمت أيضاً بطابع تعسفي. فالمحكمة قبلت في قرارها الصادر في 30 نيسان/أبريل 2010 طلبَ استئناف قرار وزارة الأمن المؤرخ 27 نيسان/أبريل 2010 الذي يقضي بتمديد احتجاز صاحب البلاغ، لأنها اعتبرت أنه يثير شواغل في إطار المادة 5 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي 4 أيار/مايو 2010 أصدرت الوزارة نفسها قراراً جديداً يقضي بتمديد الاحتجاز. ومن المفارقات أن المحكمة رفضت في 12 أيار/مايو 2010 الطلب الذي تقدم به صاحب البلاغ طعن ا ً في قرار الوزارة الأخير على الرغم من أن الوزارة تجاهلت قرار المحكمة الصادر في 30 نيسان/أبريل 2010. ويؤكد هذا التضارب في النهج الذي اتبعته محكمة البوسنة والهرسك أن احتجاز صاحب البلاغ يعادل سلباً تعسفياً لحريته يتنافى مع الفقرات 1 و2 و4 من المادة 9 من العهد.

ملاحظات إضافية مقدّمة من الدولة الطرف

7-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية في 21 حزيران/يوني ه 2011 و10 كانون الثاني/يناير و18 أيار/مايو و9 تشرين الأول/أكتوبر 2012 .

7-2 وتفيد الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن تدابير الرقابة في مركز الهجرة في سراييفو غير دقيقة. فاستمرار احتجازه معقول وتبرره أسباب تتعلق بالمصلحة العامة والأمن العام. والأسباب الوارد ة في القرارات التي فرضت هذه التدابير ثم مددتها تفيد بأن الرقابة فرضت عليه بداي ةً بهدف التحقق من هويته ، ثم لأنه اعتُبر تهديداً للدولة الطرف. وفيما بعد مُدِّد إجراء الرقابة ل ضمان ترحيله و ل كونه يشكّل خطراً على الأمن القومي . ومُدّد التدبير أيضاً في ضوء طلب اللجنة المتعلق با لتدابير ال مؤقتة و الاستنتاج الذي خلصت إليه السلطات والذي مفاده أن صاحب البلاغ يشكل تهديداً لأمن الدولة الطرف، ولأنه لم يكن يملك رخصة إقامة في البوسنة والهرسك. وتمكّن صاحب البلاغ من الطعن في هذه التدابير لدى وزارة الأمن ومحكمة البوسنة والهرسك. وبناءً على ما تقدم، لا يمكن تحميل الدولة الطرف مسؤولية طول مدة تدابير الرقابة . بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من مدى تعقيد الحالة، فقد اتخذت السلطات في فترة زمنية وجيزة كل القرارات المتعلقة بتدابير ال رقابة ، وطلب الحصول على الحماية الدولية الذي تقدم به صاحب البلاغ، وأمر الطرد، والطعون اللاحقة التي تقدم بها صاحب البلاغ.

7-3 ودائرة شؤون الأجانب غير ملزمة بإعلام صاحب البلاغ بالأسباب التي جعلتها تخلص إلى أنه يمثل تهديداً لأمن الدولة، لأن الأسس القانونية التي استند إليها قرار فرض تدبير الرقابة مبيّنة بوضوح في القرار الأولي الصادر في 4 أيار/مايو 2009. وفي هذا الصدد، لم يُتخذ التدبير بناءً على أن الجهات المختصة كانت بصدد النظر في مسألة سحب جنسية البوسنة والهرسك من صاحب البلاغ ، وإنما بالاستناد إلى معلومات وأدلة ذات صلة بيّنت وجود شكوك معقولة في هوية صاحب البلاغ. وعليه، اعتُمد القرار الذي فرض تدبير الرقابة وجميع ال قرارات القاضية ب تمديده وفق اً للمادة 9 من العهد.

تعليق ات إضافية مقدّمة من صاحب البلاغ

8-1 قدّم صاحب البلاغ تعليقات إضافية في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، و27 آذار/مارس 2012 و23 تموز/يولي ه 2012 . وكرر صاحب البلاغ ادعاءا ته السابقة بشأن الخطر الذي قد يواجهه إن رُحّل إلى العراق؛ والطابع التعسفي لتدبير ال ر قا بة المفروض عليه وطول مدته؛ وحق ه في الحياة الأسرية.

8-2 ودفع صاحب البلاغ بأنه لا يمكن تحميله مسؤولية طول الإجراءات وتدبير الرقابة المفروض عليه. فالإجراءات التي قام بها تقوم على أساس حقه في الاستفادة من سبل انتصاف قانونية بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

8-3 ويشكك صاحب البلاغ في مشروعية تمديد احتجازه بموجب المادة 9 من العهد بعد 14 حزيران/يونيه 2010، حين وجهت اللجنة إلى الدولة الطرف طلباً لاتخاذ تدابير مؤقتة طلبت فيه الامتناع عن ترحيل صاحب البلاغ خلال فترة النظر في بلاغه. بالإضافة إلى ذلك، شكل احتجازه خلال فترة دراسة طلب الحماية الدولية من قبل السلطات في الدولة الطرف خرقاً للقانون وانتهاكاً للمادة 143 من قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء الذي ينص على أن الفصل السادس (المتعلق باستقبال الأجانب والرقابة/الاحتجاز) لا ينطبق على طالبي اللجوء. ولم يكن يحق للسلطات خلال فترة النظر في طلبه سوى اتخاذ تدابير بتقييد حركته، لا تشمل سلب الحرية لفترة تصل إلى 180 يوماً. لذا يعتبر صاحب البلاغ أن حقه المكفول بموجب الفقرات 1 و2 و4 من المادة 9 من العهد قد انتُهك.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

9 -1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كانت الدعوى مقبولة أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

9 -2 وقد تحققت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-3 وفي ما يتعلق بمقتضيات الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تشير اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة وتذكّر بأن تحديد ما إذا كانت جميع سبل الانتصاف قد استنفدت أم لا يجري خلال النظر في البلاغ ( ) . وفي الحالة قيد الدرس، تلاحظ اللجنة أن محكمة البوسنة والهرسك رفضت في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 طلب صاحب البلاغ الاستفادة من الحماية الدولية، وأن المحكمة الدستورية اعتبرت القرار قانونياً في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2010. وتحيط اللجنة علماً بإقرار الدولة الطرف بأن الطعن في أمر الطرد الصادر عن دائرة شؤون الأجانب في 4 أيار/مايو 2010 لا يترتب عليه تعليق الترحيل، وتلاحظ أن طلب صاحب البلاغ الاستفادة من تدابير مؤقتة الذي تقدم به خلال هذه الإجراءات، قد رُفض أيضاً. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ طعن في تدابير الرقابة (أوامر الاحتجاز) التي فرضت عليه وفي القرارات المتعلقة بتمديدها أمام السلطات الإدارية والقضائية، من دون نتيجة. وفي غياب أية ملاحظات من الدولة الطرف في هذا الصدد، ترى اللجنة أن لا مانع من إقرار مقبولية البلاغ وفقاً للفقرة 2( ب ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9 -4 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 6 و7 و13 و14 من العهد التي قال فيها إن السلطات لم تقيّم الخطر الذي قد يواجهه إن عاد إلى العراق ولم تأخذ بعين الاعتبار ظروفه الشخصية والأحداث التي مرّ بها قبل مغادرته العراق. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بأن طلب الحماية الدولية الذي تقدم به صاحب البلاغ قد رُفض لأنه يشكّل خطراً على النظام العام والأمن القومي؛ غير أنه لم يُطلع على أية وقائع أو أدلة تؤكد صحة هذا التهديد، بل إن السلطات اكتفت بالإشارة إلى قائمة بأسماء أشخاص يُزعم أنهم يشكلون تهديداً أمنياً. وبناءً على ما تقدم، يكون حق صاحب البلاغ في الوصول إلى سبيل انتصاف فعال يتيح له الطعن في مشروعية ترحيله إلى العراق قد قُوّض إلى حد كبير.

9-5 وتلاحظ اللجنة أن السلطات أجرت مقابلة مع صاحب البلاغ في مناسبتين خلال النظر في طلب الحماية الدولية الذي تقدم به، وكان ذلك في 18 وفي20 أيار/مايو 2009 بحضور محاميه وممثل عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ؛ ولم يقدم صاحب البلاغ خلال هذه الإجراءات أية وثائق تدعم ادعاءاته المتعلقة بالخطر الذي قد يتعرض له إن عاد إلى العراق، ولا سيما في ما يخص عقوبة الإعدام. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ قد استطاع، بمساعدة أقربائه، الحصول على وثائق تثبت هويته من السلطات العراقية في بغداد وتقديمها خلال فترة الإجراءات لأسباب تتصل بسحب جنسية البوسنة والهرسك منه. وبعد احتجازه، اتصلت زوجته بالسفارة العراقية في بلغراد طلباً للمساعدة. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن وزارة الأمن نظرت في طلب صاحب البلا غ للحماية الدولية، ثم راجعته في ما بعد محكمة البوسنة والهرسك والمحكمة الدستورية. وعندما رفضت وزارة الأمن والمحكمتان هذا الطلب لم تكتفِ في تقييمها بالتعبير عن الانشغال إزاء أمن الدولة الطرف، بل نظرت كذلك في ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالخطر المحتمل الذي قد يواجهه إن عاد إلى العراق، وخلصت إلى أنه لا يحتاج إلى حماية دولية. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 6 و7 و13 و14 لم تكن مدعّمة بأدلة كافية لأغراض المقبولية وتعلن أنها غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9-6 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 26 الذي مفاده أن النتيجة التي خلصت إليها السلطات والتي مفادها أنه يشكل تهديداً للأمن القومي، هي نتيجة تقوم على أساس أفكار سلبية مسبقة حيال الأشخاص المنحدرين من أصول عربية الذين يتبعون الإسلام. وتعتبر اللجنة أن هذا الادعاء لم يُدعّم بأدلة كافية لأغراض المقبولية وتعلن أنه غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9-7 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرات 1 و2 و4 من المادة 9 من العهد، التي قال فيها إنه وُضع في 4 أيار/مايو 2009 تحت الرقابة في مركز الهجرة في سراييفو بناءً على النتيجة التي خلصت إليها السلطات والتي مفادها أنه يشكل تهديداً لأمن الدولة الطرف القومي؛ وأنه بقي محتجزاً منذ ذلك الحين؛ وأنه على الرغم من طعنه في هذا التدبير وفي القرارات المتعلقة بتمديده أمام وزارة الأمن والمحاكم، فإنه لم يتمكن عملياً من الاعتراض على الأسس التي انبنى عليها هذا التدبير لأن الدولة الطرف لم تطلعه على الأسباب أو الأدلة التي جعلتها تخلص إلى أنه يشكل تهديداً للأمن القومي. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدّم لأغراض المقبولية تفاصيل وأدلة كافية تدعم ادعاءاته بموجب الفقرات 1 و2 و4 من المادة 9 من العهد، وتعلن أن ادعاءاته هذه مقبولة.

9-8 وفي ما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 17 و23 و24، تعتبر اللجنة أن صاحب البلاغ قدّم لأغراض المقبولية تفاصيل وأدلة كافية، وتعلن أن الادعاءات مقبولة.

النظر في الأسس الموضوعية

10 -1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء كل المعلومات التي أتاحها لها الطرفان وفقاً لما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10 -2 وفي ما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ الذي مفاده أن احتجازه كان تعسفياً بموجب الفقرات 1 و2 و4 من المادة 9 من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ وُضع تحت الرقابة في مركز الهجرة في سراييفو دون إمكانية لمغادرة المكان. وتشير الدولة الطرف إلى أن هذا التدبير فُرض عليه في البداية بهدف التحقق من هويته ولأن السلطات اعتبرت أنه يشكل تهديداً لأمن الدولة الطرف. وفي وقت تال، برّرت سلطات الدولة الطرف هذا التدبير بالحاجة إلى ضمان ترحليه فضلاً عن أنها كانت لا تزال تعتبر أنه يشكل تهديداً. وأخيراً، مُدّد التدبير أيضاً للنظر في الطلب المقدم من اللجنة بخصوص التدابير المؤقتة، ولأن صاحب البلاغ لم يكن يمتلك رخصة إقامة في البوسنة والهرسك. وترى الدولة الطرف أن استمرار احتجاز صاحب البلاغ معقول وتبرّره أسباب واضحة تتعلق بالمصلحة العامة، وأنه لا يمكن تحميلها مسؤولية طول مدة الاحتجاز.

10-3 وتذكّر اللجنة بأن مفهوم "التعسف" المستعمل في الفقرة 1 من المادة 9 ليس مرادفاً لعبارة " مخالف القانون"، بل ينبغي تفسيره على نحو أوسع بحيث يشمل عناصر كعدم الملاءمة والجور وعدم إمكانية التنبؤ، واتباع الإجراءات القانونية الواجبة ( ) . والاحتجاز في إطار إجراءات تهدف إلى مراقبة الهجرة ليس تعسفياً بحد ذاته، لكن ينبغي أن يكون مبرّراً ومعقولاً وضرورياً ومتناسباً في ظل الظروف المحددة وأن يُعاد تقييمه بصورة دورية. وينبغي أن ينظر القرار في العناصر ذات الصلة حسب الحالة وأن يأخذ في الحسبان وسائل أقل شدة لتحقيق الغاية ذاتها، كالالتزام بالحضور لدى دوائر الأمن أو دفع الكفالات أو غير ذلك من الوسائل التي تحول دون اختفاء الشخص المعني. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تخضع هذه التدابير لإعادة تقييم دورية، ولمراجعة قضائية بموجب الفقرة 4 من المادة 9 ( ) . وتذكّر اللجنة أيضاً بأن الفقرة 2 من المادة 9 تقضي بأن يبلّغ أي شخص عند توقيفه بأسباب هذا التوقيف، وتشير كذلك إلى أن هذا الشرط لا يقتصر على عمليات التوقيف المرتبطة بتهم جنائية ( ) .

10 -4 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ محتجز منذ عام 2009. وفي 4 أيار/مايو 2009 أبلغت وكالة الاستخبارات والأمن دائرة شؤون الأجانب أن صاحب البلاغ يمثل تهديداً للنظام العام وسلم الدولة الطرف وأمنها. وفي اليوم نفسه، أوقفت دائرة شؤون الأجانب صاحب البلاغ وأودعته مركز الهجرة في سراييفو حتى 3 حزيران/يونيه 2009 على أساس أنه يشكل تهديداً للنظام القانوني والنظام العام وسلم البوسنة والهرسك وأمنها، وبسبب وجود شكوك معقولة تتعلق بهويته الحقيقية، وفقاً للفقرتين 2(ب) و(ج) من المادة 99 من قانون حركة الأجانب وإقامتهم وحق اللجوء. وفي 8 أيار/مايو 2009، رفضت محكمة البوسنة والهرسك طعن صاحب البل اغ في هذا التدبير. وفي وقت تا لٍ ، طعن صاحب البلاغ أيضاً في هذا التدبير وفي القرارات القاضية بتمديده. ولم يُبلَّغ صاحب البلاغ يوماً بالأسباب أو الأدلة التي جعلت الدولة الطرف تستنتج أنه يمثل تهديداً للأمن الوطني ولم يُعطَ تفسيراً محدداً بخصوص سبب عدم حصوله على معلومات بهذا الشأن. وخلصت اللجنة بعد الاطلاع على المواد التي وفرها الطرفان إلى أن المحكمتين اللتين راجعتا تدابير الاحتجاز لم تنظرا في مدى سلامة هذا الاستنتاج ولم تفسرا لماذا لم تتمكنا من الحصول على معلومات بشأن الأسس التي انبنى عليها. وبناءً على ذلك، تعتبر اللجنة أنه في حين كان القرار الأول بتوقيف صاحب البلاغ واحتجازه مبرراً بالمعلومات المتوفرة للدولة الطرف، فإن هذه الأخيرة لم تبرّر استمرار الاحتجاز وتمديده منذ عام 2009 ولم تبيّن أن ما من تدابير أخرى أقل شدة يمكن أن تحقق الغاية نفسها. وعليه، تعتبر اللجنة أن احتجاز صاحب البلاغ ينتهك حقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 9 من العهد.

10 -5 وفي ما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 2 من المادة 9، تعتبر اللجنة أن أحد الأغراض الرئيسية لاشتراط إبلاغ الأشخاص الموقوفين بأسباب توقيفهم هو السماح لهم ب التماس الإفراج إن اعتقدوا أن الأسباب المقدمة غير صالحة أو غير مبنية على أسس سليمة، وأنه ينبغي أن تشمل هذه الأسباب الأساس العام للتوقيف وأن تتضمن إضافة إلى ذلك وقائع محددة تشير إلى مضمون الشكوى ( ) . وفي مثل هذه الظروف، ترى اللجنة أن قلة المعلومات التي قدمتها السلطات الإدارية لصاحب البلاغ عند إيداعه مركز الهجرة في سراييفو وللمحكمتين بشأن الأسباب التي جعلتها تستنتج أن صاحب البلاغ يشكل تهديداً للأمن، تقوّض عملياً حقه في التماس الإفراج أمام المحاكم. وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن عدم توفير الدولة الطرف معلومات لصاحب البلاغ عن أسباب توقيفه هو انتهاك لحقه المكفول بموجب الفقرة 2 من المادة 9 من العهد.

10 -6 وتعتبر اللجنة أن الفقرة 4 من المادة 9 من العهد تقضي بأن تأخذ المحاكم التي تستعرض مشروعية الاحتجاز بعين الاعتبار جميع العناصر ذات الصلة اللازمة لتقييم مشروعية الاحتجاز. وتخلص اللجنة، بناءً على المواد المتوفرة لديها، إلى أن المحكمتين لم تحصلا على المعلومات التي جعلت وكالة الاستخبارات والأمن تستنتج أن صاحب البلاغ يشكل تهديداً للنظام العام وسلم الدولة الطرف وأمنها، ولم تتساءلا عن الأسباب التي حالت دون الحصول على معلومات عن الأسس التي انبنى عليها هذا الاستنتاج ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن استعراض محاكم الدولة الطرف لمشروعية الاحتجاز لم يستوف معايير المراجعة التي تقتضيها الفقرة 4 من المادة 9 من العهد، وتعتبر أن ذلك يشكل انتهاكاً لهذا الحكم.

10 -7 وتحيط اللجنة علماً ب ادعاء ات صاحب البلاغ بموجب الم واد 17 و23 و24 من العهد التي مفادها أن احتجازه وترحيله المحتمل يشكلان تدخلاً تعسفياً وغير شرعي في خصوصيته وحياته الأسرية وسيؤديان إلى تفريق عائلته، ما سيؤثر سلباً على رفاهية أطفاله. فزوجته وأطفاله القاصرون مواطنون من البوسنة والهرسك ولا يتكلمون اللغة العربية وليس لهم أية صلات من أي نوع كان بالثقافة العراقية. وهم لا يستطيعون أن يرافقوه إلى بلد يشهد حرباً أهلية ووضعاً أمنياً متردياً. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بدفع الدولة الطرف الذي مفاده أن الحق في الخصوصية والحياة الأسرية ليس حقاً مطلقاً وأنه يمكن تقييده بداعي المصلحة العامة.

10 -8 وتذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي اعتبرت فيها أن فصل شخص ما عن عائلته عن طريق الطرد يشكل تدخلاً في حياته الأسرية التي تحظى بالحماية بموجب الفقرة 1 من المادة 17 من العهد ( ) . وفي الحالات التي يجب فيها أن يترك بعض أفراد العائلة أراضي الدولة الطرف، في حين يجوز للأفراد الآخرين البقاء فيها، ينبغي أن يُنظر في المعايير التي يتم على أساسها تقييم ما إذا كان التدخل في الحياة الأسرية تدخلاً تعسفياً أو إجراءً يمكن تسويغه بصورة موضوعية في ضوء أهمية الأسباب التي دفعت الدولة الطرف إلى إبعاد الشخص المعني، من جهة أولى ، و درجة المشقة التي قد تواجه ها الأسرة وأفرادها نتيجة هذا الإبعاد، من جهةٍ ثانية ( ) .

10-9 وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن ترحيل صاحب البلاغ سيعرّض الأسرة لمعاناة كبيرة. وإذا قررت زوجة صاحب البلاغ وأولاده القاصرون الهجرة إلى العراق لتجنب تفريق الأسرة، فسيضطرون إلى العيش في بلد لا يألفون لا ثقافته ولا لغته. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن محكمة البوسنة والهرسك والمحكمة الدستورية اكتفتا حين حكمتا بترحيل صاحب البلاغ بالإشارة إلى أنه يشكل تهديداً للأمن الوطني من دون أن تقي ِّ ما سبب الترحيل هذا تقييماً سليماً. وبالإضافة إلى ذلك، لم تمنح هاتان المحكمتان صاحب البلاغ فرصة كافية لتناول التهديد الأمني المزعوم بطريقة تتيح له المساهمة في إجراء تقييم مناسب لآثار ترحيله على وضعه الأسري. وفي غياب أي تفسير واضح من قبل الدولة الطرف للأسباب التي جعلت السلطات المعنية تخلص إلى أن صاحب البلاغ يشكل تهديداً لأمن البلد أو للأسباب التي تحول دون تقديم معلومات عن ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أن التدخل في حياته الأسرية تبرّره أسباب مهمة وموضوعية. وبناءً على ذلك، تعتبر اللجنة أن ترحيل صاحب البلاغ في هذه الظروف يشكل انتهاكاً للمادتين 17 و23 من العهد.

10-10 واللجنة إذ خلصت إلى وقوع انتهاك للأحكام المذكورة أعلاه، فقد قررت ألا تنظر بصورة مستقلة في ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 24 من العهد.

11 - وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب الفقرات 1 و2 و4 من المادة 9، وأن ترحيله إلى العراق سيشكل انتهاكاً للمادتين 17 و 23 من العهد .

1 2 - وعملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يقع على عاتق ا لدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انت صاف فعال لصاحب البلاغ، بما في ذلك تعويض ملائم له. ويتوجب على الدولة الطرف إما أن تطلق سراح صاحب البلاغ بشروط ملائمة أو إتاحة فرصة ملائمة له للطعن في جميع الأسس التي بُني عليها احتجازه. وعلى الدولة الطرف كذلك أن تعيد النظر كلياً في أسباب ترحيله إلى العراق، وفي آثار هذا الترحيل على حياته الأسرية، قبل أية محاولة لإعادته إلى بلده. و الدولة الطرف ملزمة بأن تتخذ خطوات لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

13- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، لدى انضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت بمقتضى المادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة هذه موضع التنفيذ. ويُطلب من الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة وتعممها على نطاق واسع في الدولة الطرف بلغتها الرسمية.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]