الأمم المتحدة

CCPR/C/108/D/1928/2010

Distr.: General

26 September 2013

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1928 / 2010

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 10 8 ( 8 - 26 تموز / يوليه 201 3 )

صاحب البلاغ: شينغارا مان سينغ ( ت مثله محام ية ه ي السيد ة كريستين ب. بستاني، مكتب أو مالفيني ومايرز )

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ البلاغ: 1 5 كانون الأول/ديسمبر 2008 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي ، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 22 شباط / فبراير 20 10 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 19 تموز / يوليه 201 3

الموضوع: إلزام الشخص بالظهور "عاري الرأس" على الصور الفوتوغرافية التي توضع على جواز السفر

المسائل الإجرائية: عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحق في حرية إظهار الفرد لدينه؛ والحق في حرية التنقل ؛ و التمييز غير المباشر

مواد العهد: 2 و 1 2 و 18 و 26

مواد البروتوكول الاختياري: الفقرة 2 (ب) من المادة 5

ال مرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 10 8 )

بشأن

البلاغ رقم 1928 / 2010 *

صاحب البلاغ: شينغارا مان سينغ ( ت مثله محام ية ه ي السيد ة كريستين ب. بستاني، مكتب أو مالفيني ومايرز )

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ البلاغ: 1 5 كانون الأول/ديسمبر 2008 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المُنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 1 9 تموز / يوليه 201 3 ،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1928 / 20 10 ، المقدم إليها من شينغارا مان سينغ بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها كل المعلومات الكتابية التي أتاحها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف ،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1 - صاحب البلاغ هو شينغارا مان سينغ ، وهو مواطن فرنسي أصله من منطقة ال بنجاب في الهند . ويدعي أنه ضحية انتهاك فرنسا لحقوقه بموجب ا لمواد 2 و 1 2 و 18 و 26 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد دخل البروتوكول الاختياري الملحق به حيز النفاذ بالنسبة ل لدولة الطرف في 17 أيار/مايو 1984 . و تمثل صاحب البلاغ محامية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 هاجر صاحب البلاغ إلى فرنسا في عام 1970 وحصل على الجنسية الفرنسية في عام 1989 . وبحصوله على الجنسية الفرنسية، حصل فوراً على جواز سفر فرنسي. وللحصول على جواز سفره الأول، سمحت له دائرة مقاطعة فال دواز، التي كان يقيم فيها ، ب أن يظهر على صور الهوية الفوتوغرافية مرتدياً عمامته . وفي السنوات الخمس عشرة اللاحقة، حصل صاحب البلاغ على ثلاثة جوازات سفر متتالية، سُلّمت له في 8 كانون الأول/ ديسمبر 1989 ، و 21 تشرين الأ ول/أكتوبر 1991 و 15 كانون الأ ول/ديسمبر 1995 ، ثم حصل على تجديد ل جواز السفر الصادر في عام 1995 في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 . وكان كل من هذه الجوازات يحمل صورة صاحب البلاغ وعلى رأسه العمامة.

2 - 2 وسعى صاحب البلاغ في 8 كانون الأول/ديسمبر 2005 إلى تجديد جواز سفره للمرة الرابعة وقدّم صورة فوتوغرافية يرتدي فيها العمامة. لكن دائرة مقاطعة فال دواز رفضت طلبه لأن الصورة الفوتوغرافية لم تكن تتطابق مع أحكام المرسوم رقم 2001 - 185 المؤرخ 26 شباط/فبراير 2001 والمتعلق بشروط تسليم جوازات السفر وتجديدها. وتنص المادة 5 من هذا المرسوم على أن صور الهوية الفوتوغرافية يجب أن تلتقط "مواجهة، وأن يكون الشخص عاري الرأس، ويكون قياس الصورة 35Í45 ملم، وأن تكون الصور حديثة ومتطابقة". وقد استعيض عن المرسوم المذكور بالمرسوم رقم 2005 - 1726 المؤرخ 30 كانون الأول/ديسمبر 2005 المتعلق بجوازات السفر ال إلكتروني ة، لكن الشروط الخاصة بالصورة الفوتوغرافية بقيت هي نفسها.

2 - 3 وفي 16 شباط/فبراير 2006 ، اعترض صاحب البلاغ على رفض والي المقاطعة لدى المحكمة الإدارية في سرجي بونتواز ، ف رفضت طلبه في 29 حزيران/ يونيه 2006 . و من ثم، استأنف صاحب البلاغ هذا القرار لدى محكمة الاستئناف الإدارية في فرساي، ف رفضت الطلب في حكم أصدرته في 24 كانون الثاني/يناير 2008 .

2 - 4 ويشير حكم محكمة الاستئناف الإدارية إلى المادتين 9 و 14 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (المشار إليها فيما يلي ب ‍  "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان") وإلى المادة 18 من العهد ويلفت إلى أن هذه الأحكام "تنص هي نفسها على أن الحريات التي تكفلها يمكن أن تخضع لقيود، لا سيما لأسباب تتعلق بالسلامة العامة وحفظ النظام؛ وأن أحكام المادة 5 من المرسوم الصادر في 26 شباط/فبراير 2001 [...] ، التي تهدف إلى الحد من مخاطر الغش والتزوير في رخص قيادة المركبات، من خلال إتاحة التعرف بأفضل طريقة ممكنة على حامل الوثيقة المعنية، ليست أحكاماً غير ملائمة أو غير متناسبة لتحقيق هذا الهدف؛ وأن السماح في الماضي بتقديم صور فوتوغرافية يرتدي فيها الشخص المعني غطاء للرأس، لا يتعارض مع اتخاذ قرار وضع حد لهذا التسامح نظراً لتنامي عدد عمليات التزوير المرصودة؛ وأن الانتهاك المحدد لفرائض وشعائر ديانة السيخ ليس غير متناسب مع الهدف المنشود، نظراً إلى الطابع المؤقت لواجب كشف الرأس لالتقاط صورة فوتوغرافية لل شخص "عاري الرأس "، ولا يستدعي أن يُعامل السيخ معاملة مختلفة عن مقدمي الطلبات الآخرين؛ وأنه ينبغي استبعاد الحجة التي يدفع بها مقدم الطلب بعدم قا نونية مرسوم 26 شباط/ فبراير 2001 ". ويشير الحكم كذلك إلى أن قرار والي المقاطعة "لم يمارس أي تمييز ولم يتجاهل [...] مبدأ المساواة، كما يرد في أحكام المادة 19 من القانون المؤرخ 30 كانون الأول/ ديسمبر 2 004 [ الذي ينص على إنشاء الهيئة العليا لمكافحة التمييز وتحقيق المساواة] ، وأحكام المادتين 9 و 14 من الاتفاقية الأوروبية [...] وأحكام المادتين 1 و 12 من العهد".

2 - 5 وأفاد صاحب البلاغ بأنه لم يرفع قضيته إلى مجلس الدولة لأن هذا الأخير أصد ر في 15 كانون الأول/ديسمبر 2006 حكماً ضد صاحب البلاغ في قضية مماثلة تخص الصورة الفوتوغرافية على رخصة قيادة المركبات. و رأى مجلس الدولة أن الأحكام المطعون بها، لا سيما التعميم رقم 2005 - 80 المؤرخ 6 كانون الأول/ديسمبر 2005 المتعلق بلصق صور الهوية على رخصة قيادة المركبات، تهدف إلى الحد من مخاطر الغش والتزوير في رخص قيادة المركبات، من خلال إتاحة التعرف بأفضل طريقة ممكنة على حامل الوثيقة المعنية، وأن الانتهاك المزعوم لفرائض وشعائر ديانة السيخ ليس غير متناسب مع الهدف المنشود، نظراً إلى الطابع المؤقت لواجب كشف الرأس لالتقاط صورة فوتوغرافية للشخص "عاري ال رأس "، ولا يستدعي أن يُعامل السيخ معاملة مختلفة عن مقدمي الطلبات الآخرين.

2 - 6 وكان صاحب البلاغ قد رفع القضية السابقة المتعلقة برخصة القيادة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ، ف اعتبرتها المحكمة، في قرار أصدرته في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 ، غير مقبولة لأنها لا تقوم على أسس سليمة. وأخذت المحكمة بعين الاعتبار ، فيما يتعلق ب المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ، هامش التقد ير الذي ترك للدول في هذا المجال، وخلصت إلى أن التدخل موضوع الخلاف مبرر من حيث المبدأ ومتناسب مع الهدف المنشود ( ) .

2 - 7 واستناداً إلى هذين القرارين رأى صاحب البلاغ ، أن لا جدوى من رفع هذه القضية إلى مجلس الدولة أو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لأن حججهما واحدة . وهو يرى بالتالي أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية. و بالإضافة إلى ذلك، فإن انتهاك الدولة الطرف لحريته الدينية في هذه القضية ي حرمه من السفر خارج بلاده، ما يجعل الحاجة إلى إيجاد حل أكثر إلحاحاً أيضاً .

2 - 8 ويفيد صاحب البلاغ بأن ارتداء العمامة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإيمان الفرد المنتمي للسيخ و ب هويته. فالوصية الأولى من ديانة السيخ تقضي بعدم قص الشع ر وإبقائه نظيفاً ومرتباً ومتوارياً عن نظر الجمهور. ويمكن اعتبار نزع العمامة تخلياً عن الإيمان، واعتبار تصرف الآخرين السيئ بالعمامة إهانة كبيرة. فإجبار شخص من السيخ على نزع عمامته مهين له، كما إجبار شخص على نزع سرواله أمام الناس. ويعترف عدد من البلدان بالمعنى الديني والشخصي للعمامة وبأهمية تغطية الشعر. واعتمدت هذه البلدان تدابير ملموسة لحماية كرامة السيخ المؤمنين وحريتهم الدينية.

موضوع الشكوى

3 - 1 يؤكد صاحب البلاغ أن تطبيق المادة 5 من المرسوم رقم 2001 - 185 عليه يشكل انتهاكاً للمواد 2 و 12 و 18 و 26 من العهد.

3 - 2 وعلى الرغم من أن المرسوم يبدو حيادياً في الظاهر، فإن الإلزام بالظهور "عاري الرأس" لالتقاط الصور يعتبر إهانة للأقلية من المواطنين الفرنسيين المعتنقين لديانة السيخ. وعليه، يشكل تطبيق هذا الحكم على صاحب البلاغ تمييزاً غير مباشر يقوم على أصوله ال إثني ة ومعتقداته الدينية. فإن معاملة أشخاص يتواجدون في أوضاع شديدة الاختلاف معاملة متشابهة يمكن أن تكون شكلاً من أشكال التمييز. والمهم أن يتسنى للأشخاص التمتع بالحقوق نفسها أيضاً. وهذا الأثر التمييزي يعد انتهاكاً للمادتين 2 و 26 من العهد. وفي هذا ا لصدد، يشير التعليق العام رقم 18 ( 1989 ) للجنة إلى أن مبدأ المساواة يتطلب من الدول أحياناً أن تتخذ إجراءات لصالح الفئات المتضررة للتقليل من الظروف التي تتسبب أو تساعد في إدامة التمييز الذي يحظره العهد أو لإزالة تلك الظروف ( ) . وعلى الدولة الفرنسية أن تعامل السيخ معاملة مختلفة عن أغلبية السكان إذا كان ذلك ضرورياً لتفادي أي أثر تمييزي.

3 - 3 ويؤكد صاحب البلاغ أنه ضحية لانتهاك حقه في إظهار دينه أو معتقداته. وتؤكد السلطات الفرنسية أن شرط "التناسب" قد احتُرم لأن انتهاك حرية صاحب البلاغ الدينية "مؤقت". لكن تصوير صاحب البلاغ "عاري الرأس" يرجح أن يزيد من احتمال تكرار طلب نزعه للعمامة للسماح بمقارنة أفضل مع الصورة. وهذه الإهانة المتكررة لا تتناسب وأهداف التعرّف على صاحب الصورة. ولا يجيز العهد للدول الحد من حق الفرد في إظهار دينه في حال كان الهدف الوحيد من القيود المفروضة أن تكون مفيدة أو مستساغة أو مناسبة، أو حين لا يكون للقيود أثر إلا على أقلية دينية أو إثني ة. في نبغي أن يكون أي قيد ضرورياً. وينبغي أن لا يكون هناك من حل آخر متناسب لتحقيق الهدف المنشود.

3 - 4 ويمكن لموظفي الهجرة وللنظم المعلوماتية أن تتعرّف على حامل جواز السفر حتى وإن كان شعره مغطّى. وما يزيد هذا الاستنتاج إقناعاً أن الشخص المنتمي للسيخ لا يظهر أبداً بين الناس عاري الرأس ويبقى وجهه مرئياً بوضوح، والحال كذلك في الصور الثلاث التي كانت على جوازات السفر السابقة والتي كان يرتدي فيها صاحب البلاغ عمامته.

3 - 5 والدولة الطرف تجيز حالياً لمواطنين من دول أخرى الدخول إلى أراضيها بجوازات سفر يظهرون فيها بغطاء على الرأس. ويصعب بالتالي على المرء أن يفهم ضرورة القيود المفروضة فقط على حرية المواطنين الفرنسيين الدينية لجعل فرنسا أكثر أمناً.

3 - 6 وتشكل الوقائع المطعون فيها انتهاكاً للحق في حرية التنقل الذي تكفله المادة 12 من العهد. فصاحب البلاغ مخيّر بين المحافظة على كرامته والسفر إلى خارج فرنسا، لكنه لا يستطيع الجمع بين الأم رين. ويفيد التعليق العام رقم 27 ( 1999 ) للجنة بأن القيود المفروضة على حرية التنقل يجب أن تكون متسقة م ـ ع جمي ـ ع الحقوق الأخرى المعترف بها في العهد ( ) . وأفاد صاحب البلاغ بالتالي، بأن على الدول التي تطبق قواعد أمنية تؤثر على حرية التنقل كتلك المتعلقة بجوازات السفر، أن تتأكد من أن القيود المفروضة لا تنتهك أحكام العهد الأخرى.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4 - 1 في 26 نيسان / أبريل 20 10 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ. وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية .

4 - 2 ف لم يرَ صاحب البلاغ أن من الضروري اللجوء إلى مجلس الدولة لأن هذ ا الأخير فصل في جوهر المسألة موضوع الخلاف في قرار أصدره في 15 كانون الأول/ديسمبر 2006 ، في قضية جمعية السيخ المتحدين وم. مان سينغ ، التي أخذ هو نفسه صفة المدعي فيها. لكن الخلاف كان يخص شروط إصدار رخصة القيادة فقط، ولا يخص الوثائق الواجب تقديمها في طلب تجديد جواز ال سفر. بالإضافة إلى ذلك، لم يبتّ مجلس الدولة في هذه القضية إلا في ادعاءات انتهاك المادتين 9 و 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لا في أحكام العهد.

4 - 3 والدافع وراء قرار صاحب البلاغ اللجوء إلى اللجنة عوضاً عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في حين كان قد قدّم إلى الهيئات القانونية الداخلية أسباباً مرتبطة بانتهاك المادتين 9 و 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، هو في الواقع رغبته استصدار حل مختلف عن ذلك الذي حكمت به المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. فإما أنه يرى أنه لا يمكن نقل اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسـان أمام اللجنة بسبب خصوصية في العهد، أو أنه يرى أن الحل الذي اعتمد في خلاف على شروط إصدار رخص القيادة لا يمكن تطبيقه في خلاف يتعلق بشروط إصدار جوازات السفر. وبناءً عليه، لا يمكن لصاحب البلاغ في هذه الظروف أن يدعي أن مجلس الدولة حين بتّ في شروط إصدار رخص القيادة على أساس مواد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وحدها، بتّ في الوقت عينه في موضوع المسألة المعروضة على اللجنة.

4 - 4 وفي جميع الأحوال، لم يُثر أمام مجلس الدولة، في إطار القرار الذي أصدره في 15 كانون الأول/ديسمبر 2006 ، أي سبب يتعلق بحرية التنقل، بينما أثار صاحب البلاغ هذه المسألة في هذا البلاغ.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5 - 1 اعترض صاحب البلاغ في 3 كانون الثاني/يناير 2011 على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ. وتطرق إلى استنفاد سبل الانتصاف الداخلية ليعيد ويذكّر بأن مجلس الدولة فصل في المسألة في القضية التي أصدر قراره بشأنها في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2006 . و رأى أن لا أهمية لكونه قد أثار في الإجراءات الداخلية، في قضية عام 2006 ، المادتين 9 و 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإن سان، بينما هو يثير أمام اللجنة المواد المماثلة الواردة في العهد. و رأى، من جهة أخرى، أن قراره اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في القضية الأولى، واختياره اللجوء إلى اللجنة في القضية الثانية ليس أمراً ذا أهمية أيضاً ، وأن اللجنة غير ملزمة باتباع اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

5 - 2 وليست قضية عام 2006 القضية الوحيدة التي اتخذ فيها مجلس الدولة قراراً بشأن المسألة المطروحة. ففي قضية أخرى صدر الحكم فيها في 14 نيسان/أبريل 2009 ، رفض مجلس الدولة طعناً قدمه مواطن آخر من السيخ ضد المرسوم رقم 46 - 1574 الذي يشترط أن يظهر طالب تصريح الإقامة على صور الهوية المقدمة "عاري الرأس" ( ) . و رأى مجلس الدولة أن هذا الشرط لا يتعارض مع المادتين 9 و 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

5 - 3 وبناءً على هذين القرارين، لم يكن من المجدي طرح القضية موضوع البلاغ أمام مجلس الدولة. أما فيما يخص حجة الدولة الطرف التي أفادت فيها بأن مسألة حرية التنقل لم تُثر في قضية عام 2006 ، ليس هناك ما يدلّ على أن قرار مجلس الدولة كان سيأتي مختلفاً لو توجب عليه الفصل في هذا الموضوع. ومن جهة أخرى، ينجم انتهاك حرية التنقل عن انتهاك حرية الدين وهما مرتبطان ارتباطاً وثيقاً. وإذا لم يكن من جدوى في اللجوء إلى مجلس الدولة بشأن حرية الدين، فلا جدوى كذلك من اللجوء إليه بشأن حرية التنقل.

5 - 4 ويشير صاحب البلاغ إلى أن القضية الحالية تختلف عن القضية التي رفعها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2006 لأن التشريعات الداخلية المعنية كانت مختلفة. والحجة المأخوذة من عدم المقبولية التي حكمت بها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا تصح في القضية الراهنة. وعليه، لا يمكن إعلان عدم مقبولية هذا البلاغ بموجب الفقرة 2 ( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

6 - 1 قدمت الدولة الطرف في 20 آب / أغسطس 20 10 ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ . وأشارت إلى أن دستور عام 1958 يحمي مبدأي المساواة وعدم التمييز. أما حرية التنقل فقد أكّد مجلس الدولة أنها مكفولة كمبدأ دستوري منذ عام 1979 .

الشكوى من انتهاك المادة 18

6 - 2 تذكّر الدولة الطرف بأن حرية إظهار الدين تخضع لقيود الفقرة 3 من المادة 18 من العهد وأنه ينبغي، وفق التعليق العام رقم 22 ( 1993 ) للجنة المتعلق بالفقرة 18 ( ) ، تفسير هذه القيود بحصر المعنى .

6 - 3 وقد سبق وفصلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضايا تدخل في حرية ارتداء ملابس أو أزياء دينية لأسباب تت علق بحماية النظام والصحة العامي ن و حماية حقوق وحريات الآخرين. لا بل إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ، في القضية المماثلة لهذه التي رفعها صاحب البلاغ إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2007 ، قد طبقت اجتهاداتها من دون أن تبلغ الدولة الطرف بذلك ورأت أن " من الواضح أن لا أسس اً سليمة " للقضية.

6 - 4 وأقرّت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن الصورة الفوتوغرافية للشخص "عاري الرأس" أمر ضروري بالنسبة للسلطات المكلفة بحفظ السلامة العامة وحماية النظام العام، لا سيما في إطار عمليات التفتيش الهادفة إلى تحديد هوية السائق والتحقق من حقه في قيادة المركبة المعنية. وعمليات التفتيش هذه ضرورية لحفظ السلامة العامة بالمعنى الوارد في الفقرة 2 من المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ولفتت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن التنظيم موضع الخلاف أضحى أكثر تشدداً في هذه المسألة بسبب ارتفاع خطر الغش والتزوير في رخص القيادة. وأشارت المحكمة إلى أن أساليب إجراء عمليات التفتيش هذه تدخل في إطار هامش تقدير الدول، خاصة وأن واجب نزع العمامة لهذا الغرض، أو في الأساس لأجل إصدار رخصة القيادة، تدبير مؤقت. وخلصت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إذن إلى أن "التدخل المطعون فيه مبرر من حيث المبدأ ومتناسب مع الهدف المنشود".

6 - 5 وترى الدولة الطرف أن الشروط المبنية في الفقرة 3 من المادة 18 م ن العهد قد استوفيت في هذه القضية ، أولاً لأن التدبير المطعون فيه منصوص عليه في القانون، أي في المرسوم المؤرخ 26 شباط/فبراير 2001 .

6 - 6 ثانياً، إن الغرض من التدبير تحقيق هدف مشروع، إذ إ نه يرمي إلى الحد من مخاطر الغش والتزوير في جوازات السفر ، من خلال إتاحة التعرف بأفضل طريقة ممكنة على حامل الوثيقة المعنية. ويمكن تفهم هذا الشاغل إزاء جوازات السفر خصيصاً لأن هذه الوثائق التي تسمح بعبور الحدود تخضع لشروط أمنية مشددة، لا سيما في إطار حفظ السلامة العامة. والواجب الذي فرضه التنظيم يجنّب السلطة الإدارية، من خلال وضع قاعدة بسيطة، أن تدخل في عملية تقدير صعب لمسألة معرفة ما إذا كان غطاء الرأس يغطي الوجه أم لا وما إذا كان يسهّل التعرّف الدقيق على الشخص أو يعرقله. ويُراعى بهذا الشكل كل من السلامة والنظام العامين والمساواة بين جميع المواطنين أمام القانون.

6 - 7 ثالثاً، إن التدبير المطعون فيه متناسب مع الهدف المنشود. فواجب تقديم صور فوتوغرافية للشخص "عاري الرأس" قد يشكل إكراهاً بالنسبة لبعض الأشخاص أو يسبب بعض الإزعاج لهم. لكن هذا الإكراه محدود ، إذ لا يُفرض على الأشخاص الذين يرتدون العمامة أن يتخلوا عنها نهائياً ولا حتى بشكل متكرر، بل بشكل مؤقت، خلال الفترة الوجيزة اللازمة لالتقاط الصورة الفوتوغرافية. ويجب الموازنة بين مساوئ هذا الواجب بالنسبة للشخص المعني، والمصلحة العامة التي تقتضي مكافحة تزوير جوازات السفر.

6 - 8 ويأمل صاحب البلاغ بأن يحصل من اللجنة على قرار لصالحه بشأن جواز السفر لم يحصل عليه من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن رخصة القيادة. لكن في ظل تشابه منطوق المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ومنطوق المادة 18 من العهد، والتشابه الكبير بين القضيتين والمستوى العالي من الحماية لحقوق الإنسان الذي يكفله كل من المحكمة والعهد، ترى الدولة الطرف أن طلب صاحب البلاغ يفتقر لمبررات موضوعية.

الشكوى من انتهاك الماد تين 2 و 26

6 - 9 لم يتعرّض صاحب البلاغ ل أي تمييز لأن المرسوم المؤرخ 26 شباط/فبراير 2001 ينطبق على الجميع دون أية تفرقة. وهو لم يتعرّض كذلك لأي تمييز غير مباشر. والتنظيم الذي ينتقده لا يبتغي أي هدف تمييزي ولا يطبّق بشكل تمييزي. وتشير الفقرة 8 من التعليق العام رقم 18 إلى أن " التمتع بالحقوق والحريات على قدم المساواة لا يعني المعاملة المماثلة في كل حالة من الحالات ". لكن هذه الفقرة لا تعني أن على الدول أن تفرّق بالضرورة في معاملة الأشخاص وفق آراء كل شخص ، لكنها تكتفي بالإقرار بوجود قواعد مختلفة، في بعض الحالات، حين يكون وضع الأشخاص مختلفاً اختلافاً موضوعياً. وليس في القضية الراهنة ما يبرر إعفاء بعض الأشخاص ، بسبب آرائهم الدينية ، من قواعد تطبّق بشكل إلزامي على جميع المواطنين لهدف يرتبط بالنظام العام والسلامة العامة.

6 - 10 ولا يمكن لصحاب البلاغ، كذلك، أن يحتجّ ، من أجل تبرير ضرورة وجود القواعد الاستثنائية التي يطالب بها، بالفقرة 10 من التعليق العام رقم 18 التي تشير إلى أن " مبدأ المساواة يتطلب أحياناً من الدول الأطراف أن تتخذ إجراءات إيجابية للتقليل من الظروف التي تتسبب أو تساعد في إدامة التمييز الذي يحظره العهد أو لإزالة تلك الظروف " . ف هذه الفقرة ، التي تتعل ق بسياسات طوعية للحد من أعمال التمييز بحكم الواقع وتتطرق بحذر إلى "التمييز الإيجابي"، لا تعني بأي شكل من الأشكال اعتماد تشريع يطبّق على نحو مختلف وفق آراء كل شخص أو معتقداته. كما أنها لا تنص على أنه يتعين على الدولة الطرف، عند تطبيق قانون عام، أن تغامر في إجراء دراسة في الضمائر (هي في الواقع بحد ذاتها عملية تمييزية) استناداً إلى فهمها لعمق الالتزامات الفلسفية أو الدينية لمختلف الأفراد الخاضعين ل ولايتها.

الشكوى من انتهاك الماد ة 12

6 - 11 لا تطرح هذه الشكوى أي مسألة إضافية مختلفة عن المسألتين السابقتين. فالقيود المفروضة على حرية تنقل صاحب البلاغ التي يمكن أن تكون ناتجة عن عدم تسليمه جواز سفر، تُعزى حصرياً إلى رفضه القواعد العامة المتعلقة بإصدار جوازات السفر التي تبررها أسباب قاهرة مرتبطة بالسلامة العامة. ولا يمكن في هذه الظروف أن يمثل هذا انتهاكاً للمادة 12 من العهد.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

7 - 1 ردّ صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن أسس البلاغ الموضوعية في 3 كانون الثاني/يناير 2011 .

الشكوى من انتهاك المادة 1 8

7 - 2 لا يعترض صاحب البلاغ على أن الحد من الغش والتزوير هدف مشروع على الدولة السعي إلى تحقيقه. لكن الدولة الطرف لم تفلح في إثبات ضرورة التدبير المطعون فيه لتحقيق هذا الهدف.

7 - 3 ولا تعطي الدولة الطرف إجابات على الحجج التالية: ( أ) إن واجب استخدام صور فوتوغرافية "برأس عارٍ" في جوازات السفر تدبير تعسفي لأنه قد ينطبق على عدد كبير من الحالات التي لا يشكل فيها غطاء الرأس عائقاً أمام التعرّف على هوية الشخص. ( ب) لا تغطي العمامة ملامح الوجه، لا بل إنها على المدى الطويل تتسبب بصعوبات أقل في التعرّف على هوية الشخص المعني من تغييرات أخرى، كإطالة الشعر أو اللحية، أو قص الشعر بشكل مبالغ فيه، أو تغيير لون الشعر أو ارتداء شعر مستعار، أو تساقط الشعر أو التبرّج المفرط. و فيما يخص صاحب البلاغ، نظراً إلى أنه يرتدي عمامته بشكل دائم بين الناس، فمن شأن صورة فوتوغرافية بالعمامة أن تسهّل التحقق من هويته، لا أن تعيق ذلك . وهو في الواقع يظهر منذ عام 1970 في جميع وثائقه الثبوتية بعمامته ولم يتسبب ذلك يوماً بمشكلة. ( ج) تجيز الدولة الطرف لمواطنين أجانب الدخول إلى أراضيها بجوازات سفر لا يظهرون فيها عار ي ي الرأس. ( د) تجيز الدولة الطرف تقديم صور فوتوغرافية لطلبات تأشيرات الدخول يرتدي فيها الأشخاص على رأسهم إشارات دينية يستخدمونها عادة. (ه‍( تجيز أغلبية الدول الأوروبية وغيرها كأستراليا وكندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية التي تشاطر فرنسا نفس الشواغل بشأن الأمن ومكافحة الغش، ارتداء الإشارات الدينية على الرأس في صور الهوية . وفرنسا هي البلد الأوروبي الوحيد الذي يفرض "عري الرأس" في صور جوازات السفر.

7 - 4 ويبيّن غياب أي رد في ملاحظات الدولة الطرف على الحجج الواردة آنفاً أن التدبير المطعون فيه ليس ضرورياً أو مشروعاً بموجب الفقرة 3 من المادة 18 من العهد.

7 - 5 ويرى صاحب البلاغ أن التلميح إلى أن السلطات الإدارية تواجه صعوبات حين يتعين عليها تحديد ما إذا كان غطاء الرأس يخفي الوجه أم لا، وأن التدبير يكفل بالتالي مبدأ المساواة أمام القانون، تلميح يفتقد للمصداقية. وقد وضع الكثير من البلدان قواعد في هذا الشأن. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يمكن ارتداء غطاء الرأس في صور طلبات تأشيرات الدخول وجوازات السفر لأسباب دينية شرط ألا يُعتّم هذا الغطاء أي جزء من الوجه وأن يبقي الجبين مكشوفاً. ولا تردّ الدولة الطرف على اقتراح صاحب البلاغ استخدام وسائل بديلة لمكافحة الغش كالمقاييس الحيوية أو التعرّف على البصمات.

7 - 6 و فيما يخص تناسب التدبير، تدفع الدولة الطرف بأن التدبير مؤقت. لكن صورة صاحب البلاغ عاري الرأس ستكون ذات طابع دائم وتشكل وسيلة للتعرّف عليه رسمياً. ولن يكون التقييد بالتالي مجرد سوء طفيف، بل هو إهانة للديانة السيخية، ولهوية صاحب البلاغ ال إثني ة ومكانه في المجتمع الفرنسي. وستتسبب الصورة الفوتوغرافية لصاحب البلاغ عاري الرأس بتكاثر الحالات التي سيُطلب منه فيها نزع عمامته لمقارنة مظهره بالصورة.

7 - 7 وبناءً على ما تقدم، يخلص صاحب البلاغ إلى أن الدولة انتهكت المادة 18 لأن التدبير المطعون فيه ليس ضرورياً ولا متناسباً، ولأنها لم تلجأ إلى السبل الأقل تقييداً لتحقيق الأهداف التي تشير إليها.

الشكوى من انتهاك الماد تين 2 و 26

7 - 8 يفيد صاحب البلاغ مجدداً بأن التدبير المطعون فيه إهانة للأقلية من السكان الفرنسيين المعتنقين لديانة السيخ وللمجموعات الدينية الأخرى من غير المسيحيين. فالمسيحيون ، وهم المجموعة الدينية التي تشكل الأغلبية في فرنسا ، غير معنيين بهذا التدبير لأنهم لا يغطون رأسهم لأسباب دينية. وبناءً على ذلك، من الواضح أن تطبيق التدبير على صاحب البلاغ تمييز غير مباشر. فحتى ولو كان التدبير المطعون فيه لا ينطوي بحد ذاته على هدف تمييزي ولا يطبّق بشكل تمييزي واضح، فإن له رغم ذلك أثر اً تمييزي اً .

7 - 9 ويفترض الحق في المساواة معالجة الحالات المتشابهة بالطريقة نفسها، ويجب، عند الاقتضاء ، معالجة الحالات المختلفة بطريقة مختلفة. والحجج المتعلقة بضرورة أن يكون التدبير ضرورياً و متناسباً، التي قدّمت بشأن المادة 18 ، تنطبق بدورها في الشكوى من انتهاك المادتين 2 و 26 .

الشكوى من انتهاك الماد ة 12

7 - 10 يرفض صاحب البلاغ الحجج التي قدمتها الدولة الطرف في هذا الشأن لأنها لا تبيّن أن القيود المفروضة على حرية تنقل صاحب البلاغ مبررة. فمعايير الضرورة والتناسب التي قدمها تنطبق كذلك في الشكوى من انتهاك المادة 12 .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8 - 2 وقد تأكدت اللجنة، حسبما تقتضيه الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8 - 3 وتحيط اللجنة علماً بحجج الدولة الطرف التي تشير فيها إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لأنه لم يلجأ إلى مجلس الدولة بعد أن رفضت محكمة الاستئناف الإدارية في فرساي طلبه. وتحيط اللجنة علماً كذلك بأن مجلس الدولة أصدر حكماً ضد صاحب البلاغ في دعوى كان قد قدّمها اعتراضاً على التعميم رقم 2005 - 80 المؤرخ 6 كانون الأول/ديسمبر 2005 وتتعلق بوضع صور فوتوغرافية للهوية على رخصة القيادة. وحكم مجلس الدولة كذلك في دعوى قدّمه ا مواطن آخر من السيخ، لصالح المرسوم رقم 46 - 1574 الذي يفرض استخدام صور للشخص "عاري الرأس" في تصاريح الإقامة . وبناءً على هذين الحكميين اللذين أصدرهما مجلس الدولة في مسألة الصور الفوتوغرافية للهوية والتشريعات التي كانت وقت وقوع الأحداث سارية في فرنسا في هذا الخصوص، ترى اللجنة أن الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تقف عائقاً أمام مقبولية البلاغ في الشكاوى من انتهاك المواد 2 و 26 و 18 التي شكّلت عناصرها الموضوعية جوهر الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف الإدارية في فرساي .

8 - 4 و فيما يتعلق بالشكوى من انتهاك المادة 1 2 من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يعترض على حجة الدولة الطرف بأنه لم يثر من قبل مسألة انتهاك حقه في التنقل أمام مجلس الدولة. ولذلك ترى اللجنة أن سب ل الانتصاف المحلية لم تستنفد فيما يخص الادعاء بانتهاك المادة 1 2 من العهد وت علن عد م مقبولية هذا الجزء من البلاغ بموجب الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8 - 5 وترى اللجنة أن جميع معايير المقبولية الأخرى قد استوفيت وتعلن البلاغ مقبولاً بشأن الشكاوى المتعلقة بانتهاك المواد 2 و 18 و 26 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان ، على نحو ما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن واجب ظهوره عاري الرأس على صورة الهوية الفوتوغرافية في جواز السفر تنتهك حقه في حرية الدين الذي تنص عليه المادة 18 من العهد وأن هذا الواجب غير ضروري وغير متناسب وفق الفقرة 3 من هذه المادة. وتحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف ترى أن الشروط المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 18 قد استوفيت في هذه القضية. وترى الدولة الطرف على وجه الخصوص أن واجب كشف الرأس يرمي إلى معالجة شاغل الحد من الغش والتزوير في جوازات السفر، وتسهيل تقدير السلطة الإدارية في مجال التعرّف على حامل جواز السفر، وأن ما قد يسببه من إكراه يبقى مؤقتاً.

9 - 3 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 22 بشأن المادة 18 من العهد وترى أن الحرية في إظهار الدين تشمل ارتداء ملابس أو أغطية رأس مميزة ( ) . وكون ديانة السيخ ت ُ لزم أتباعها بارتداء العمامة في المجال العام أمر لا جدل فيه. و لا ي ُ عتبر ارتداء العمامة واجب اً ديني اً فحسب ، بل ي رتبط كذلك بهوية الشخص. وعليه، ترى اللجنة أن دوافع ارتداء ا لعمامة دوافع تعود لديانة صاحب البلاغ وأن المادة 5 من المرسوم رقم 2001 - 185 و نظيره المرسوم رقم 2005 - 1726 الذي يفرض ظهور الشخص "عاري الرأس" على صور جواز السفر الفوتوغرافية، تشكّل تدخلاً في ممارسة الحق في حرية الدين. ويتعين على اللجنة بالتالي أن تبتّ فيما إذا كانت الفقرة 3 من المادة 18 من العهد تجيز فرض قيود على حرية صاحب البلاغ في ممارسة الحق في حرية إظهار الدين أو المعتقد (الفقرة 1 من المادة 18 ).

9 - 4 ولا جدل في أن واجب ظهور الشخص "عاري الرأس" على صورة الهوية يفرضه القانون وأن هدفه الحفاظ على السلامة العامة والنظام العام. ويترتب بالتالي على اللجنة أن تبتّ فيما إذا كان التقييد ضرورياً ومتناسباً مع الهدف المنشود ( ) وتقرّ اللجنة بأن من الضروري بالنسبة للدولة الطرف أن تتحقق من أن الشخص الذي يظهر في صورة جواز السفر هو صاحب الجواز وتراقب ذلك لأهداف تتعلق بالسلامة العامة والنظام العام. لكن اللجنة تلاحظ على الرغم من ذلك أن الدولة الطرف لم تشرح لماذا يمكن أن يعرقل ارتداء عمامة السيخ التي تغطي الجزء الأعلى من الرأس وجزء اً من الجبين وتترك بقية الوجه مرئياً بوضوح التعرّف على الشخص مقارنة بكونه "عاري الرأس" في حين أنه يرتدي عمامته طوال الوقت. و بالإضافة إلى ذلك، لم تشرح الدولة الطرف بعبارات واضحة كيف يمكن أن تسهم صورة فوتوغرافية للهوية لشخص "عاري الرأس" يظهر دائماً بين الناس مغطى الرأس، في تسهيل التعرّف عليه في الحياة اليومية ومكافحة مخاطر التزوير والغش في جوازات السفر.

9 - 5 وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تبرهن أن التقييد المفروض على صاحب البلاغ ضروري بالمعنى الوارد في الفقرة 3 من المادة 18 من العهد. وتشير أيضاً إلى أنه حتى وإن كان يمكن اعتبار واجب نزع العمامة لالتقاط صورة فوتوغرافية تدبيراً مؤقتاً، فهو قد يؤدي إلى تدخل محتمل في حرية صاحب البلاغ الدينية لأنه يظهر في صورة الهوية من دون غطاء الرأس الديني الذي يرتديه باستمرار، وقد يُضطر إلى نزع عمامته أثناء عمليات التحقق من الهوية. وتخلص اللجنة إذن إلى أن التنظيم الذي يفرض ظهور الشخص "عاري الرأس" على صور جواز السفر الفوتوغرافية تقييد غير متناسب ينتهك حرية صاحب البلاغ الدينية ويشكل في هذه القضية انتهاكاً للمادة 18 من العهد.

9 - 6 وإذ رأت اللجنة أن هناك انتهاكاً للمادة 18 من العهد، فإنها لن تنظر في التظلم المتعلق بحدوث انتهاك منفصل لمبدأ عدم التمييز الذي تضمنه الماد تان 2 و 26 من العهد .

10 - وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع التي عُرضت عليها تكشف عن انتهاك للمادة 18 من العهد.

11 - ووفقاً للفقرة 3 ( أ ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً ، بما في ذلك إعادة دراسة طلب تجديد جواز سفر ه ومراجعة الإطار المعياري ذي الصلة وتطبيقه عملياً في ضوء التزاماتها بموجب العهد. والدولة الطرف ملزمة أيض اً بمنع ح دوث انتهاكات مماثلة في المستقب ل.

12 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، بأن اللجنة مختصة لتحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا وأنها، وفقاً للمادة 2 من العهد ، التزمت بضمان الحقوق المعترف بها فيه لجميع الأفراد المقيمين في إقليمها والخاضعين لولايتها وبتأمين سبل انتصاف فعالة وواجبة التنفيذ عند ثبوت حالة انتهاك، فإن اللجنة تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في مهلة 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع هذه الآراء موضع التنفيذ . كما أن الدولة الطرف مدعوة إلى تعميم آراء اللجنة.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية (النص الأصلي) . وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]