الأمم المتحدة

CCPR/C/108/D/1796/2008

Distr.: General

11 December 2013

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1796 /2008

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها الثامنة بعد الم ا ئة (8-26 تموز / يوليه 2013 )

المقدم من : أحمد زروقي (تمثله منظمة ترايل (TRIAL) - الرابطة السويسرية ل مكافحة الإفلات من العقاب)

الشخص ان المدعى أنه ما ضحي تان : بنعطية زروقي (شقيق صاحب البلاغ) وصاحب البلاغ

الدولة الطرف : الجزائر

تاريخ البلاغ : 18 حزيران / يونيه 2008 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : قرار المقرر الخاص بمقتضى الماد تين 92 و 97 من النظام الداخل ي ، الذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 1 تموز / يوليه 2008 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 25 تموز / يوليه 2013

موضوع البلاغ : ا لا ختفاء ال قسري

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل ال انتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : الحق في الحياة، وحظر التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، و حق الفرد في الحرية وف ي الأمان على شخصه ، واحترام كرامة الإنسان المتأصلة ، والاعتراف بالشخصية القانونية، والحق في سبيل انتصاف فعال

مواد العهد : الفقرة 3 من المادة 2، و الفقرة 1 من المادة 6، و المادة 7، والفقرات 1 إلى 4 من المادة 9 ، و الفقرة 1 من المادة 10 ، والمادة 16

مادة البروتوكول الاختياري : الفقر ة 2(ب) من المادة 5

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 108 )

بشأن

البلاغ رقم 1796 / 2008 *

المقدم من : أحمد زروقي (تمثله منظمة ترايل (TRIAL) - الرابطة السويسرية ل مكافحة الإفلات من العقاب)

الشخص ان المدعى أنه ما ضحي تان : بنعطية زروقي (شقيق صاحب البلاغ) صاحب البلاغ

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ البلاغ : 18 حزيران /يونيه 2008 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 تموز / يوليه 2013 ،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1796 /2008، المقدم من السيد أحمد زروقي بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف ،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ ه و أحمد زروقي . و هو يد ّ عي أن الجزائر انتهكت حقوق شقيقه بنعطية زروقي المكفولة بموجب ا لفقرة 3 من المادة 2؛ والفقرة 1 من المادة 6؛ والمادة 7؛ والفقرات من 1 إلى 4 من المادة 9؛ والفقرة 1 من المادة 10؛ والماد ة 16 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . أما صاحب البلاغ فيعتبر أنه ضحية انتهاك حقوقه المكفولة بموجب الفقرة 3 من المادة 2 والمادة 7 من العهد. ويمثل صاحب البلاغ محام.

1-2 وفي 1 تموز/يوليه 2008، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، وعملا ً بالمادة 92 من نظامها الداخلي، عدم اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يحول دون ممارسة صاحب البلاغ وأفراد أسرته لحقهم في تقديم شكوى فردية إلى اللجنة. وهكذا، طُلب إلى اللجنة عدم الاحتجاج بقانونها الوطني، ولا سيما الأمر رقم 06-01 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ضد صاحب البلاغ وأفراد أسرته.

1- 3 وفي 12 آذار/مارس 2009 قر ّ ر ت اللجنة ، عن طريق المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة ، ألا تنظر في مقبولية القضية وفي أسسها الموضوعية بشكل منفصل .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 قبضت الشرطة على بنعطية زروقي لأول مرة في 11 شباط/فبراير 1992، وكان يتقلّد حينها منصب الأمين العام للمجلس الجماعي المنتخب لولاية تيارت. وتعرّض شقيق صاحب البلاغ خلال استجوابه لأشكال تعذيب عديدة (صفعات، وضربات بأعقاب مسدس) على يد أحد ضباط الشرطة. وعُرض على محكمة تيارت التي حكمت عليه بالسجن لمدة أربعة أشهر.

2-2 وفي 1 حزيران/يونيه 1995 حلّ بنعطية زروقي ، عند حوالي منتصف النهار، بمحطة سيارات الأجرة في تيارت قادما ً إليها من مدينة وهران حيث يزاول التجارة . وكان شقيقه أحمد، صاحب البلاغ، ينتظره في المحطة. وفي عين المكان، قبض عليه عناصر من الشرطة وكانوا مسلّحين وملثّمين ويرتدون زيّ دوائر أمن الولاية التي كانت قد أقامت حاجزا ً . واقتيد بعد ذلك إلى مركز الشرطة الذي كان يبعد عن المحطة بضع مئات من الأمتار.

2-3 وأخطر صاحب البلاغ أمهما بذلك، فانتقلت بسرعة إلى مركز الشرطة . ولقد ظلت تتردد على المركز كل يوم تقريبا ً طيلة 15 يوما ً للبحث عن ابنها. وفي 15 حزيران/ يونيه 1995، أكّد لها أحد أفراد الشرطة أن ابنها لا يزال محتجزا ً في المركز. وترجّته أن يخبرها عن حالة ابنها الصحية. وفيما كان الشرطي يهمّ بأخذها لمقابلة ابنها اعترضه ضابط صف ومنعه منعا ً قاطعا ً من التواصل مع أقارب الأشخاص المقبوض عليهم. وبعد ذلك، كلّما ذهبت الأم إلى مركز الشرطة للسؤال عن ابنها قيل لها بأنه غير محتجز في المركز.

2-4 وبمساعدة أحد أفراد الشرطة، هو زميل دراسة سابق لبنعطية زروقي، وإحدى موظفات مركز الشرطة، تمكنت الأسرة من الحصول على معلومات عن المعتقل. وهكذا، علمت الأسر ة أن ابنها نُقل مرتين إلى مستشفى يوسف دامرجي بتيارت . وأكّد أحد فنيي الرعاية الصحية في المستشفى وجود الضحية في هذا المستشفى. وفي 19 تموز/يوليه 1995، أخطر الشرطي ذاته الأسرة بأن دوائر الأمن العسكري نقلت بنعطية زروقي إلى الدائرة العسكرية لولاية تيارت.

2-5 وكانت الأسرة على اتصال أيضا ً بأحد ضباط الأمن العسكري الذي استطاع أن يحدد موقع المعتقل في تيارت، واطّلع على محضر القبض عليه . وكان يخبر الأسرة عن حالة بنعطية زروقي بشكل دوري، ولا سيما عندما كان يغيَّر مكان احتجازه. وفي حزيران/ يونيه 1996، التقى هذا الضابط المعتقل شخصيا ً على ما يُزعم . وفي نهاية عام 1998، علمت الأسرة من مصادر من داخل الدائرة العسكرية لولاية تيارت أن ابنها نُقل إلى مركز إكمول للا حتجاز ال سري ال تابع للأمن العسكري بوهران. وفي عام 1999، أُعيد إلى تيارت. وفي حزيران/يونيه 1999، أكّد أحد أفراد دوائر الأمن للأسرة أن بنعطية زروقي كان لا يزال قيد الاحتجاز السري في الدائرة العسكرية لولاية تيارت، بينما أخبرها مفتش شرطة سابق في تشرين الثاني/نوفمبر 2000 بأن ابنها أُعيد إلى وهران لكن دون أن يحدّد لها مكان اعتقاله. وحسب ما حصلت عليه الأسرة من معلومات، احتُجز بنعطية زروقي معظم الوقت بين عامي 1995 و2000، في الدائرة العسكرية لتيارت، باستثناء فترات احتجازه في وهران. غير أن أسرة المعتقل لم تحصل من السلطات على أي تأكيد لهذه المعلومات غير الرسمية.

2-6 وخلال عام 1995 ، وجّهت زوجة بنعطية زروقي وأمه رسائل عديدة إلى مؤسسات مختلفة . وفي 24 حزيران/يونيه 1995، وجّهت الزوجة رسالة إلى المسؤول عن أمن ولاية تيارت، وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر 1995، وجّهت الأم رسالة إلى رئيس محكمة تيارت تستعلم فيها عن حالة الضحية ولا سيما مكان احتجازه. ولم يُردّ على أي من هاتين الرسالتين. وفي كانون الثاني/يناير 1996، انتقلت أم الضحية وصاحب البلاغ إلى المرصد الوطني لحقوق الإنسان في الجزائر العاصمة وأودعا لديه ملفا ً بشأن اختفاء بنعطية زروقي. ولم يتلقّيا أي ردّ في هذا الصدد رغم رسائل التذكير الموجهة من الأم التي أودعت في عام 1998 ملفا ً آخر بهذا الخصوص لدى مكتب المرصد بالولاية.

2-7 وفي 12 أيار/مايو 1997، قدمت أمّ الضحية طلب مساعدة إلى وسيط الجمهورية . وقد ردّ على طلبها وقال إنه أحاط علما ً بما تبديه من قلق على ابنها وإنه يعتزم اتخاذ إجراءات في هذا الصدد. وعندما لم تتلقّ الأم ردّا آخر، كتبت إلى وكيل الجمهورية في 16 آب/ أغسطس 1998 لمعرفة مكان احتجاز ابنها وأسباب عدم عرضه على القضاء. ولقد استدعتها دوائر الشرطة عدّة مرات خلال عام 1998. لكن الاستماع إليها بشأن ظروف اعتقال ابنها لم يفض إلى أي إجراء. وبداية من عام 1998، استُدعيت الأم عدة مرات إلى مقر وحدة الدرك الوطني لتيارت، ولا سيما في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1998 و24 تشرين الثاني/نوفمبر 2000. واستُمع إليها بشأن ظروف اعتقال ابنها، لكنه لم يتخذ أي إجراء في أعقاب ذلك.

2-8 ووجّهت أم الضحية رسالة إلى المدّعي العام في 4 أيلول/سبتمبر 2000 وإلى وكيل الجمهورية في 8 نيسان/أبريل 2001 لطلب البحث عن ابنها. كما وجّهت رسالة إلى مكتب رئيس الجمهورية. ولقد أخطرها هذا الأخير في رسالتين مؤرختين 4 أيار/مايو و14 تموز/يوليه 2004 أن رسالتيها المؤرختين على التوالي 27 آذار/مارس و29 أيار/مايو 2004 أحيلتا إلى اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان ، التي خَلَفت المرصد الوطني لحقوق الإنسان. لكن الأسرة لم تخطر قطّ بما اتخذ من إجراءات استجابة لطلباتها ولم تتلق أي ردّ من اللجنة الوطنية الاستشارية.

2-9 وأخيرا ً ، كلّفت أم الضحية محامية بتقديم شكوى إلى وكيل الجمهورية لمحكمة تيارت من أجل البحث عن ابنها، وهو ما قامت به هذه الأخيرة في 21 كانون الأول/ديسمبر 2004، إلا أن الأسرة لم تتلق أي ردّ بهذا الشأن. بيد أنه في أعقاب تقديم هذه الشكاوى زار أشخاص، قدّموا أنفسهم على أنهم رجال أمن، منزل الأسرة عدة مرات لمطالبة أم الضحية الاعتراف كتابيا ً بأن ابنها التحق بالمجموعات المسلحة، وهو ما رفضته.

2-10 ويدّعي صاحب البلاغ أنه بات متعذّرا ً عليه اللجوء إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06-01 في 27 شباط/فبراير 2006 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المعتمد باستفتاء في 29 أيلول/سبتمبر 2005، وهو الميثاق الذي يمنع تقديم أي شكوى ضد أفراد دوائر الدفاع والأمن الجزائرية في سياق ما شهدته البلاد من أحداث بين عامي 1993 و1998 . وعلاوة على ذلك، بات اللجوء إلى المؤسسات غير ممكن و غير فعال بسبب التزام السلطات الحكومية الصمت إزاء هذه الوقائع وإنكارها لها.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ أن شقيقه تعرّض للاختفاء القسري في 1 حزيران/يونيه 1995. ويستشهد بالفقرة الفرعية ‘ 1‘ من الفقرة 2 من المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري .

3-2 ويرى أنه من شبه المستحيل العثور على شقيقه بعد مرور 13 سنة على اختفائه في أحد مراكز الاحتجاز السري . والغياب المطول لأخيه وظروف وسياق اعتقاله أمور تبعث على اعتقاد أنه تُوفّي أثناء الاحتجاز . وينطوي الاحتجاز السري على خطر عال لانتهاك الحق في الحياة. والخطر الذي يتهدد حياة الضحية عند تعرضها للاختفاء القسري يشكل انتهاكا ً للمادة 6 من العهد لأن الدولة الطرف لم تضطلع بواجبها المتمثل في حماية الحق الأساسي في الحياة. ولم تضطلع الدولة بواجبها المتمثل في ضمان الحق في الحياة ، لا سيما لأنها لم تبذل أي جهد لإجراء تحقيق فعال في ما حدث للضحية.

3- 3 وفيما يتعلق بالضحية، فمجرد تعرضها للاختفاء القسري يشكل معاملة لا إنسانية أو مهينة . وحالة الكرب والمعاناة الناجمة عن الاحتجاز لفترة غير محددة دون الاتصال بالأسرة أو بالعالم الخارجي تضاهي معاملة تتنافى وأحكام المادة 7 من العهد.

3-4 وقبض اثنان من أفراد الشرطة على الضحية دون أمر قضائي ودون إخطارها بأسباب الاعتقال، ما يشكل انتهاكا ً لحقوقها المكفولة بموجب الفقرتين 1 و2 من المادة 9 من العهد. وزِد على ذلك أن الضحية لم تقدم في أقصر مهلة ممكنة إلى قاض أو سلطات مؤهلة قانونا ً . ويجب ألا تتجاوز مهلة الإحالة على القضاء بضعة أيام، ويمكن أن يفضي الاحتجاز السري إلى انتهاك للفقرة 3 من المادة 9. كما تعذّر على بنعطية زروقي، بصفته ضحية اختفاء قسري، أن يطعن في مشروعية احتجازه أو يطلب إلى القضاء الإفراج عنه أو يطلب إلى طرف آخر في حالة سراح الدفاع عنه، وهو ما يشكل انتهاكا ً للفقرة 4 من المادة 9.

3-5 وفي حال تأكّد أن بنعطية زروقي كان ضحية انتهاك ل لمادة 7 فإنه سيصبح من غير الممكن القول إنه حظي بالمعاملة الإنسانية والمراعية للكرامة الواجبة لكل إنسان وفقا ً للفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

3-6 ولما كان صاحب البلاغ ضحية احتجاز لم يعترف به فقد عومل معاملة تقوم على "إنكار شخصه"، وهو ما يشكل انتهاكا ً للمادة 16 من العهد.

3- 7 ولما كان بنعطية زروقي ضحية اختفاء قسري، فقد حُرم من ممارسة حقه في الطعن في مشروعية احتجازه، وهو ما يشكل انتهاكا ً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد . ولقد استنفد أقاربه جميع السبل القانونية لمعرفة حقيقة مصيره، غير أنه لم ي ستجب لأي من مساعيهم .

3-8 ويرى صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك حقوقه المكفولة بموجب المادة 7 من العهد، لأن اختفاء شقيقه يشكّل محنة عصيبة وأليمة شلّت حياته.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 في 3 آذار/مارس 2009، طعنت الدولة الطرف في مقبولية هذا البلاغ بالإضافة إلى عشرة بلاغات أخرى قُدِّمت إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وذلك في "مذكرة مرجعية بشأن عدم مقبولية البلاغات المقدمة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان فيما يتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية". وترى الدولة الطرف أن هذه البلاغات التي تشير إلى مسؤولية موظفين عموميين أو أشخاص مفوضين من السلطات العامة عن حالات الاختفاء القسري المسجّلة في الفترة موضوع الدراسة، أي في الفترة من 1993 إلى 1998، يجب معالجتها في إطار شامل يراعي السياق الداخلي الاجتماعي والسياسي والأمني لتلك الأحداث المزعومة، وهو سياق كانت الحكومة تحاول فيه جاهدةً التصدي للإرهاب الذي كان يستهدف "انهيار الدولة الجمهورية" . و في هذا السياق، و وفقاً للدستور (المادتان 87 و 91)، ن ُ فذت تدابير احترازية، وأبلغت الحكومة الجزائرية الأمانة العامة للأمم المتحدة ب إعلانها حالة الطوارئ، وفقاً للفقرة 3 من المادة 4 من العهد .

4-2 و في تلك الفترة، كان على الحكومة أن تتصدى لجماعات غير منظمة. ونتيجة لذلك، كانت الطريقة التي نُفّذت بها عدة عمليات ملتبسة شيئا ً ما في أذهان السكان المدنيين الذين كانوا يجدون صعوبة في التمييز بين عمليات الجماعات الإرهابية وعمليات قوات الأمن التي كثيراً ما كان المدنيون ينسبون إليها حالات الاختفاء القسري. وهكذا، ترى الدولة أن أسباب حالات الاختفاء القسري متعددة، لكنها لا يمكن أن تعزى إلى الحكومة. واستنادا ً إلى بيانات مقدمة من مصادر مختلفة ومستقلة، لا سيما الصحافة ومنظمات حقوق الإنسان، فإن المفهوم العام للشخص المختفي في الجزائر أثناء الفترة موضوع الدراسة يشير إلى ست حالات مختلفة لا تتحمل الدولة المسؤولية عن أي منها. تتعلق الحالة الأولى بالأشخاص الذين أبلغ أقاربهم عن اختفائهم، في حين أنهم تواروا عن الأنظار بملء إرادتهم للالتحاق بالجماعات المسلحة وطلبوا من أسرهم القول بأن الدوائر الأمنية قد اعتقلتهم من باب "التمويه" وتجنّب "مضايقات" الشرطة. وتتعلق الحالة الثانية بأشخاص أُبلغ عن اختفائهم بعد أن اعتقلتهم الدوائر الأمنية لكنهم انتهزوا فرصة إطلاق سراحهم للعيش في السرية . و تتعلق الحالة الثالثة ب الأشخاص الذين اختطفتهم جماعات مسلحة اعتُقِد خطأً أنها تابعة للقوات المسلحة أو للأجهزة الأمنية بسبب عدم التعرف على هويتها أو انتحالها صفة عناصر الشرطة أو الجيش بارتداء زيهم أو استخدام وثائق هويتهم. وتتعلق الحالة الرابعة بأشخاص تبحث عنهم أسرهم في حين أنهم هم من قر ّ ر وا هجر الأهل بل ومغادرة البلاد أحياناً بسبب مشاكل شخصية أو نزاع عائلي. و قد تتعلق الحالة ال خامسة بأشخاص أبلغت أسرهم عن اختفائهم وهم في الواقع إرهابي و ن مطلوب و ن للعدالة قُتلوا ودُفنوا في الأحراش في أعقاب نشوب اقتتال بين الفصائل أو حرب عقائدية أو صراعات على الغنائم بين جماعات مسلحة متنافسة. وأخيراً، تذكر الدولة الطرف حالة سادسة ت تعلق بأشخاص أُبلِغ عن اختفائهم وهم في الواقع يعيشون في الجزائر أو في الخارج بهويات مزورة حصلوا عليها بمساعـدة شبكة لتزوير الوثائق .

4-3 وتشير الدولة الطرف إلى أن تنوع وتعقُّد الحالات التي يشملها ال مفهوم العام ل لاختفاء هو الذي دفع المشرِّع الجزائري، بعد الاستفتاء الشعبي على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، إلى اتباع نهج شامل في معالجة مسألة المفقودين يقضي بالتكفل بجميع الأشخاص الذين فقدوا في سياق "المأساة الوطنية"، وتقديم الدعم لجميع الضحايا حتى يتسنى لهم تجاوز هذه المحنة، وإقرار حق جميع ضحايا الاختفاء وذوي هم من أصحاب الح ق في التعويض. و تفيد إحصاءات دوائر وزارة الداخلية بأنه أُبلغ عن 023 8 حالة اختفاء، وف ُ حص 774 6 ملفاً، و أُ قر ّ التعويض في 704 5 حالات، ور ُ فض في 934 حالة، و توجد 136 حالة قيد البحث. و في المجموع، د ُ فع ت تعويضات بقيمة 390 459 371 ديناراً جزائرياً لجميع الضحايا المعنيين. ويُضاف إلى ذلك مبلغ قدره 683 824 320 1 ديناراً جزائرياً يُدفع كمعاشات شهرية .

4-4 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنف د جميعها. وتشدد على أهمية التمييز بين مباشرة إجراءات غير رسمية لدى ال سلطات ال سياسية أو ال إدارية، وتقديم طعون غير قضائية إلى ال هيئات ال استشارية أو هيئات وساطة، ورفع طعون قضائية إلى مختلف الهيئات القضائية المختصة. وتستنتج الدولة الطرف من إفادات أصحاب البلاغات ( ) أن المشتكين وجهوا رسائل إلى سلطات سياسي ة أو إدارية، وعرضوا قضاياهم على هيئات استشارية أو هيئات وساطة ، و قدموا عرائض إلى ممثلي النيابة العامة (المدّعون العامون أو وكلاء الجمهورية) دون اللجوء إلى إجراء ات الطعن ال قضائي بالمعنى ال دقيق ومتابعتها حتى النهاية باستخدام جميع سبل الانتصاف المتاحة في الاستئناف والنقض . فممثلو النيابة العامة وحدهم هم المخولون بموجب القانون ل فتح تحقيق أولي وإحالة القضية إلى قاضي التحقيق. ويقضي النظام القضائي الجزائري باختصاص وكيل الجمهورية في تلقي الشكاوى والقيام، عند الاقتضاء، بتحريك دعوى عامة. غير أن ّ ه حرص اً على حماية حقوق الضح ايا أو ذوي الحقوق، يُجيز قانون الإجراءات الجزائية لهؤلاء الادعاء مدني اً برفع شكوى إلى قاضي التحقي ق مباشرة. وفي هذه الحالة، تتولى الضحية ، وليس المد ّ عي العام، تحريك الدعوى العامة عن طريق إحالة القضية إلى قاضي التحقيق. و لم  ي ستخدم سبيل الانتصاف هذ ا ال ذ ي نص ّ ت عليه المادتان 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية مع أنه كان سيسمح ل لضحايا بتحريك الدعوى العامة وسيلزم قاضي التحقيق بإجراء التحقيق، حتى ولو كانت النيابة العامة قد قر ّ رت خلاف ذلك .

4-5 وتلاحظ الدولة الطرف، فضلاً عن ذلك، ما ذهب إليه صاحب البلاغ من أنه نتيجة لاعتماد ميثاق السلم والمصالحة الوطنية و النصوص الخاصة بتطبيقه عن طريق الاستفتاء، وبخاصة المادة 45 من الأمر رقم 06 - 01 ، لم يعد ممكناً اعتبار أن الجزائر تتيح سبل انتصاف محلية فع ّ الة ومجدية ومتاحة لأسر ضحايا الاختفاء. وعلى هذا الأساس، ظنّ صاحب البلاغ أن ه في حِلٍّ من واجب اللجوء إلى الهيئات القضائية المختصة بسبب حكمها المسبق على موقف هذه الهيئات وتقديرها في تطبيق هذا الأمر. غير أنه لا يجوز ل صاحب البلاغ التذرع بهذا الأمر ونصوص تطبيقه لتبرئة نفسه من المسؤولية عن عدم مباشرة الإجراءات القضائية المتاحة له . وتذكِّر الدولة الطرف باجتهادات اللجنة التي ذهبت فيها إلى أن "اعتقاد شخص ما عدم جدوى ا لانتصاف أو افتراض ذلك لا يُعفيه من استنفاد سبل الانتصاف المحلية جميعها" ( ) .

4-6 وتؤكد الدولة الطرف بعد ذلك طبيعة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والأسس التي يستند إليها ومضمونه ونصوص تطبيقه. وتشير إلى أنه بموجب مبدأ عدم قابلية السلم للتصرف، الذي أصبح حقاً دولياً في السلم، ينبغي للجنة أن تساند هذا السلم وتعزّزه وتشجّع المصالحة الوطنية حتى تتمكن الدول التي تعاني من أزمات داخلية من تعزيز قدراتها. وفي سياق هذا المسعى لتحقيق المصالحة الوطنية، اعتمدت الدولة الطرف هذا الميثاق الذي ينص الأمر التطبيقي الخاص به على تدابير قانونية تستوجب انقضاء الدعوى الع مومية واستبدال العقوبات أو تخفيف ها بالنسبة لكل شخص أُدين بأعمال إرهابية أو استفاد من الأحكام المتعلقة باستعادة الوئام المدني، فيما عدا الأشخاص الذين ارتكبوا أو تواطؤوا في ارتكاب المجازر الجماعية أو أفعال الاغتصاب أو التفجيرات في الأماكن العامة. وينصّ هذا الأمر أيضاً على إجراء رفع دعوى لاستصدار حكم قضائي بالوفاة يمنح أصحاب الحق من ذوي المختفين، بصفتهم ضحايا "المأساة الوطنية"، الحق في التعويض. وبالإضافة إلى ذلك، وُضعت تدابير اجتماعية - اقتصادية مثل تقديم مساعدات لإعادة التأهيل المهني أو تعويضات إلى كل من تنطبق عليه صفة ضحية "المأساة الوطنية". وأخيراً، ينصّ الأمر على تدابير سياسية مثل منع ممارسة النشاط السياسي على كل شخص ساهم في "المأساة الوطنية" ب استغلال الدين في فترة سابقة. وينص الأمر على عدم جواز الشروع في أي تتبع بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدفاع والأمن للجمهورية، بجميع مكوناتها ، بسبب أعمال نُفّذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، وصون الأمة والحفاظ على مؤسسات الجمهورية .

4-7 وأشارت الدولة الطرف إلى أنه بالإضافة إلى إنشاء صناديق لتعويض جميع ضحايا "المأساة الوطنية"، وافق الشعب الجزائري صاحب السيادة على الشروع في عملية المصالحة الوطنية باعتبارها السبيل الوحيد لتضميد الجراح التي خلّفتها المأساة. وتشد ّ د الدولة الطرف على أن إعلان هذا الميثاق يندرج في إطار الرغبة في تجن ّ ب المواجهات القضائية، والحملات الإعلامية ، وتصفية الحسابات السياسية. ولذا تعتب ر الدولة الطرف أن الوقائع التي ي دعيها صاحب البلاغ ت غطيها الآلية الداخلية الشاملة للتسوية التي تنص عليها أحكام الميثاق.

4-8 وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تلاحظ أوجه الشبه بين الوقائع والحالات التي ي سوقها صاحب البلاغ ومراعاة الإطار الاجتماعي - السياسي والأمني الذي حدثت فيه، وأن تخلص إلى أن صاحب البلاغ لم يس تنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، و أن تقرّ بأن سلطات الدولة الطرف أقامت آلية داخلية لمعالجة الحالات المشار إليها في البلاغات المعروضة على اللجنة وتسويتها تسوية شاملة ، وفقاً لآلية للسلم والمصالحة الوطنية ، تتفق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة و العهود والاتفاقيات اللاحقة، وأن تعلن عدم مقبولية البلاغ وأن تطالب صاحب البلاغ بالتماس سُبُل الانتصاف بصورة أفضل.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5-1 في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2009 ، أرسلت الدولة الطرف إلى اللجنة مذكرة إضافية تتساءل فيها عمّا إذا كانت مجموعة البلاغات الفردية المعروضة على اللجنة لا تشكل بالأحرى إساءة استعمال للإجراءات يقصد منها أن تعرض على اللجنة مسألة شاملة تاريخية ت َ خفى على اللجنة أسبابها وظروفها. وتلاحظ الدولة الطرف في هذا الصدد أن هذه البلاغات "الفردية" تتناول السياق العام الذي حدثت فيه حالات الاختفاء هذه وتركز فقط على تصرفات قوات حفظ النظام دون أن تشير قط إلى تصرفات مختلف الجماعات المسلّحة التي اتبعت تقنيات تمويه إجرامية لإلقاء المسؤولية على القوات المسلحة.

5-2 وتؤكّد الدولة الطرف أنها لن تبدي رأيها بشأن الأسس الموضوعية المتعلقة بالبلاغات المذكورة قبل البت في مقبوليتها، وأن واجب أي هيئة قضائية أو شبه قضائية يتمثل أولاً في معالجة المسائل الأولية قبل مناقشة الأسس الموضوعية. وترى الدولة الطرف أن قرار النظر بصورة مشتركة ومتزامنة في مسائل المقبولية والمسائل المتعلقة بالأسس الموضوعية في هذه الحالة بالذات، بالإضافة إلى كونه قراراً لم يتفق عليه، يضر بشكل خطير بمعالجة البلاغات المعروضة معالجة مناسبة، سواء من ناحية طبيعتها العامة أو من ناحية خصوصياتها الذاتية. وفي إشارة إلى النظام الداخلي للجنة المعنية بحقوق الإنسان، تلاحظ الدولة الطرف أن الفروع المتعلقة بنظر اللجنة في مقبولية البلاغ تختلف عن تلك المتعلقة بالنظر في الأسس الموضوعية ، وأنه يمكن من ثم بحث هاتين المسألتين بشكل منفصل. وفيما يتعلق بوجه خاص بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تؤكد الدولة الطرف أن الشكاوى أو طلبات المعلومات المقدمة من صاحب البلاغ لم يوجه أيّ منها عبر قنوات كفيلة بأن تتيح للسلطات القضائية المحلية النظر فيها.

5-3 وفي معرض التذكير باجتهادات ا للجنة بشأن واجب استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تؤكّد الدولة الطرف أن مجرّد الشك في احتمالات النجاح أو الخوف من التأخير لا يعفي صاحب البلاغ من استنفاد سبل الان تصاف هذه. وفيما يتعلق بالقول إن صدور الميثاق يجعل أي طعن في هذا المجال مستحيلاً، ترد الدولة الطرف بأن عدم تقديم صاحب البلاغ ادعاءاته للنظر فيها حال دون تمكين السلطات الجزائرية من اتخاذ موقف بشأن نطاق وحدود سريان أحكام هذا الميثاق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأمر يشترط فقط عدم قبول الدعاوى المرفوعة ضد "أفراد قوات الدفاع والأمن للجمهورية" بسبب أعمال اقتضتها مهامهم الجمهورية الأساسية، أي حماية الأفراد والممتلكات، و صَون الأمة، والحفاظ على المؤسسات. غير أن أي اد ّ عاء يتعلق بأعمال يمكن أن تنسب إلى قوات الدفاع والأمن ويثبت أنها وقعت خارج هذا الإطار هو ادعاء قابل لأن تحق ق فيه الهيئات القضائية المختصة.

5-4 وأصدرت الدولة الطرف مذكرة شفوية في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2010 أعادت فيها التأكيد حرفياً على كل الملاحظات المتعلقة بالمقبولية و التي سبق أن أبدتها في 3 آذار/ مارس 2009 و9 تشرين الأول/أكتوبر 2009 (انظر الفقرت ي ن 4-1 و5-1).

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

6-1 في 30 أيلول / سبتمبر 2011 ، قد ّ م صاحب البلاغ تعليقات ه على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية، وقدم حججا ً أخرى بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. ويشير صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف قد قبلت باختصاص اللجنة بالنظر في البلاغات الفردية . وهذا الاختصاص ذو طابع عام ولا تخضع ممارسته لتقدير الدولة الطرف. وبوجه خاص، ليس من حق الدولة الطرف أن تقرّر مدى استصواب اللجوء إلى اللجنة في مسألة بعينها. فذلك من اختصاص اللجنة عند إقدامها على النظر في البلاغ. وبالإشارة إلى المادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، يعتبر صاحب البلاغ أنه لا يمكن للدولة الطرف التحجج، عند النظر في مقبولية البلاغ، باعتماد تدابير تشريعية وإدارية داخلية للتكفل بضحايا "المأساة الوطنية" بغية منع أفراد خاضعين لولايتها من اللجوء إلى آلية نص عليها البروتوكول الاختياري. ويمكن أن يكون لهذه التدابير أثر على تسوية النزاع، إلا أنه يتعين تحليلها في معرض النظر في الأسس الموضوعية للقضية وليس عند النظر في مقبولية البلاغ. وفي القضية قيد البحث، تشكل التدابير التشريعية المعتمدة في حد ذاتها انتهاكاً للحقوق المنصوص عليها في العهد، مثلما أشارت إليه اللجنة في وقت سابق ( ) .

6-2 ويذكّر صاحب البلاغ بأن إعلان الجزائر حالة الطوارئ في 9 شباط/فبراير 1992 لا يؤثر في شيء على حق الأفراد في تقديم بلاغات إلى اللجنة. وبالفعل، تنص المادة 4 من العهد على أن إعلان حالة الطوارئ يتيح للدولة عدم التقيد ببعض أحكام العهد فقط ولا يؤثر من ثم في ممارسة الحقوق المنبثقة عن بروتوكوله الاختياري. ويرى صاحب البلاغ أن الاعتبارات التي ساقتها الدولة الطرف بشأن مدى استصواب تقديم البلاغ ليست مبرراً صحيحاً لعدم مقبولية البلاغ.

6-3 وفضلاً عن ذلك، يتناول صاحب البلاغ الحجة التي ساقتها الدولة الطرف ومؤدّاها أن استيفاء شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية يقتضي من صاحب البلاغ تحريك الدعوى العامة بإيداع شكوى والادعاء بالحق المدني لدى قاضي التحقيق وفقاً للمواد 72 وما تلاها من قانون الإجراءات الجزائية. ويشير إلى بلاغ فردي يهم الدولة الطرف أعلنت فيه اللجنة أن "الدولة الطرف ليست ملزمة بإجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات المفترضة لحقوق الإنسان فحسب، سيّما عندما يتعلق الأمر بالاختفاء القسري والمساس بالحق في الحياة، بل هي ملزمة أيضاً بالملاحقة الجنائية لكل من يشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته. والادّعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة مثل تلك التي يُدّعى ارتكابها في القضية محل النظر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحلّ محل الإجراءات القضائية التي ينبغي أن يتخذها وكيل الجمهورية نفسه" ( ) . وبناء عليه، يعتبر صاحب البلاغ أن السلطات المختصة هي التي يتعين عليها أن تحقق في الوقائع الخطيرة كالتي يدعيها صاحب البلاغ. على أن ذلك لم يحدث، بينما قام أفراد أسرة بنعطية زروقي ، منذ أن اعتقلته شرطة تيارت في 1 حزيران/يونيه 1995، بمحاولات للاستعلام عن حالته، لكن محاولاتهم باءت بالفشل .

6-4 وفي الفترة بين عامي 1995 و2000، لم تتلق الأسرة قطّ معلومات رسمية عن مصير بنعطية زروقي . وكل ما تلقته من معلومات كان من مصادر غير رسمية. وهكذا علمت على الخصوص أنه قضى 19 يوماً في الحبس الاحتياطي في مركز شرطة تيارت قبل أن يحتجز سرّاً في الدائرة العسكرية لولاية تيارت . ولقد انتقلت أمه، بُعيد القبض عليه، إلى مركز شرطة تيارت غير أنها لم تحصل على معلومات. وعرضت القضية على وكيل الجمهورية لدى محكمة تيارت والمدعي العام لدى مجلس قضاء تيارت . ولم يستدع الدرك الوطني أم الضحية للإدلاء بشهادتها إلا بعد ثلاث سنوات وبعد أن تلقى رسائل تذكيرية عديدة في هذا الصدد من عدة أقارب. وبالموازاة مع ذلك، طلبت زوجة الضحية وأمه المساعدة من خلال مراسلة سلطات مختلفة مثل وسيط الجمهورية، ورئيس الحكومة، ورئيس الجمهورية، ووزير الداخلية، ووزير العدل، والمرصد الوطني لحقوق الإنسان، لكن مساعيها باءت بالفشل. وبناء عليه، لا يمكن مؤاخذة صاحب البلاغ على عدم استنفاد جميع سبل الانتصاف على أساس عدم تقديمه شكوى إلى قاضي التحقيق والادعاء بالحق المدني بشأن انتهاك جسيم لحقوق الإنسان كان على الدولة ألا تتجاهله.

6-5 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف القائلة بأن مجرد "الاعتقاد أو الافتراض الشخصي" لا يُعفي صاحب بلاغ ما من استنفاد سبل الانتصاف المحلية، يشير صاحب البلاغ إلى المادة 45 من الأمر رقم 06-01 التي تنصّ على عدم جواز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوات الدفاع والأمن. ويعاقَب بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح بين 000 250 و000 500 دينار جزائري كل من يقدم شكوى أو ادعاء من هذا القبيل. وبذلك لم تبيّن الدولة الطرف بطريقة مقنعة كيف كان تقديم الشكوى والادعاء بالحق المدني سيسمح بتلقي المحاكم المختصة أي شكوى والبت فيها، مما سيشكل انتهاكاً للمادة 45 من الأمر المذكور، ولم تبيّن أيضاً كيف يمكن أن يعفى صاحب البلاغ من تطبيق المادة 46 من هذا الأمر. ووفقاً لما تؤكده اجتهادات هيئات المعاهدات، فإن النظر في هذه الأحكام يقود إلى استنتاج أن أي شكوى تتعلق بانتهاكات تعرض لها صاحب البلاغ وشقيقه لا يعلَن عن عدم مقبوليتها فحسب بل يعاقَب عليها جنائياً أيضاً. ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تقدّم أي مثال على قضية تكون قد أفضت، رغم وجود الأمر المشار إليه، إلى ملاحقة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في حالة مماثلة للحالة قيد النظر ملاحقة فعلية. ويخلص صاحب البلاغ إلى أن سبل الانتصاف التي تشير إليها الدولة الطرف عديمة الجدوى .

6-6 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، يلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف اكتفت بسرد السياقات التي ربما شكلت الظروف التي اختفى فيها ضحايا "المأساة الوطنية" بشكل عام. وهذه الملاحظات العامة لا تنفي الوقائع التي سيقت في هذا البلاغ. بل إن تلك السياقات ورد سردها بطريقة مماثلة في سلسلة من القضايا الأخرى، ممّا يبيّن أن الدولة الطرف لا تزال ترفض تناول كل واحدة من هذه القضايا على حدة.

6-7 وفيما يتعلق بالحجة التي ساقتها الدولة الطرف ومؤداها أن من حقها أن تطلب فصل مسألة مقبولية البلاغ عن مسألة أسسه الموضوعية، يشير صاحب البلاغ إلى الفقرة 2 من المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، التي تنص على أن "بإمكان الفريق العامل أو المقرر الخاص، نظراً للطابع الاستثنائي للقضية، أن يطلب رداً مكتوباً يقتصر على تناول مسألة المقبولية". وهكذا، فإن هذه الصلاحيات ليست من اختصاص صاحب البلاغ ولا الدولة الطرف وإنما من اختصاص الفريق العامل أو المقرر الخاص لا غير. ويعتبر صاحب البلاغ أن الحالة قيد البحث لا تختلف بتاتاً عن بقية حالات الاختفاء القسري وأنه يتعين عدم فصل مسألة المقبولية عن مسألة الأسس الموضوعية .

6-8 ويذكّر صاحب البلاغ بأنه من واجب الدولة الطرف أن تقدّم " شروح اً أو  ملاحظات خطية إلى اللجنة تتصل بمدى مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية ". ويذكر أيضاً باجتهادات هيئات المعاهدات التي تعتبر أنه يمكن للجنة في غياب ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية، أن تبت في القضية بناء على المعلومات الواردة في الملف. والتقارير العديدة التي تتحدث عن تصرفات قوات الأمن أثناء الفترة المعنية والمساعي العديدة التي قام بها أفراد الأسرة تدعم ادعاءاته وتزيدها مصداقية. ونظراً إلى مسؤولية الدولة الطرف عن اختفاء شقيقه، فلا يسع صاحب البلاغ تقديم مزيد من المعلومات لدعم بلاغه، فالدولة الطرف هي وحدها التي تملك هذه المعلومات. وعلاوة على ذلك، يلاحظ صاحب البلاغ أن عدم تقديم الدولة الطرف أي ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية هو إقرار منها بالانتهاكات المرتكبة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 تشير اللجنة في المقام الأول إلى أن قرار المقرر الخاص بشأن النظر في المقبولية والأسس الموضوعية معا ً (انظر الفقرة 1-3 ) لا يستبعد نظر اللجنة فيه م ا بشكل منفصل. ذلك أن ضم المقبولية إلى الوقائع لا يعني أنه يجب النظر فيهما في وقت واحد . وبناء عليه، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تبت في مقبولية البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري.

7-2 ويتعين على اللجنة أن تتأكد، بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد الدراسة أمام هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو  التسوية الدولية . وتل احظ اللجنة أن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي أُبلغ بحادث اختفاء بنعطية زروقي . إلا أنها تذكّر بأن الإجراءات أو  الآليات الخارجة عن نطاق المعاهدات، التي وضعتها لجنة حقوق الإنسان أو  وضعها مجلس حقوق الإنسان، والتي تتمث ّ ل ولاي ا تها في دراسة حالة حقوق الإنسان في بلد أو  إقليم ما أو  دراسة الظواهر الواسعة النطاق لانتهاكات حقوق الإنسان في العالم وإعلان استنتاجات دراستها تلك على الملأ، لا  تندرج عموماً ضمن ال إجراءات ال دولية للتحقيق أو  التسوية بالمفهوم الوارد في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وهكذا، ترى اللجنة أن نظر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو  غير الطوعي في قضية بنعطية زروقي لا  يجعل ال بلاغ غير مقبول بمقتضى هذ ه المادة.

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ترى أن ص ا ح ب البلاغ وأسرته لم  يستنفدا سبل الانتصاف المحلية إذ إنه م ا لم  ي توخ يا إمكانية عرض قضيته م على قاضي التحقيق والادعاء بالحق المدني بناءً على المادتين 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية . و علاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن إفادات الدولة الطرف تبين أن صا ح ب البلاغ وجَّه رسائل إلى سلطات سياسية أو إدارية وأرسل عريضة إلى ممثلين للنيابة العامة (المدّعون العامون أو وكلاء الجمهورية) دون اللجوء إلى إجراءات الطعن القضائي بمعناه الدقيق والاستمرار فيها حتى النهاية باستخدام جميع سبل الانتصاف المتاحة في الاستئناف والنقض . وتلاحظ اللجنة الحجة التي ساقها صاحب البلاغ ومؤداها أن والدته انتقلت إلى مركز شرطة ولاية تيارت لطلب معلومات عن الضحية وعرضت القضية أيضاً على وكيل الجمهورية لدى محكمة تيارت والمدعي العام لدى مجلس قضاء تيارت ، لكن الدرك لم يستدعها للإدلاء بشهاداتها إلا بعد مرور ثلاث سنوات وبعد أن تلقى رسائل تذكيرية كثيرة من عدة أقارب، ولم تُتّخذ إجراءات في أعقاب ذلك. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن زوجة الضحية ووالدته راسلتا أيضاً سلطات وطنية مختلفة من بينها وسيط الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ووزير الداخلية ووزير العدل والمرصد الوطني لحقوق الإنسان؛ كما كلّفت الأم محامية معتمدة لدى المحكمة العليا بتقديم شكوى إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة تيارت . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن هذه المساعي لم تفض إلى مباشرة أي إجراء أو تحقيق وأن صاحب البلاغ لم يحصل، رغم تقديمه طعوناً إدارية وقضائية، على أي معلومات رسمية من شأنها أن تكشف مصير شقيقه. وعلاوة على ذلك، تحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ ومؤداها أن الأمر رقم 06-01 يحظر، تحت طائلة عقوبة الحبس، رفع دعوى ضد عناصر قوات الدفاع والأمن الجمهورية، ويعفي من ثم الضحايا من الالتزام باستنفاد سبل الانتصاف المحلية.

7-4 وتذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة ليس فقط بإجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان المبلّغ عنها إلى سلطاتها، لا سيما عندما يتعلق الأمر باختفاء قسري وانتهاك الحق في الحياة، ولكنها ملزمة أيضاً بملاحقة كل من يشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . والحال أن أسرة بنعطية زروقي أخطرت السلطات المختصة مراراً وتكراراً باختفائه، لكن الدولة الطرف لم تجر أي تحقيق معمّق ودقيق بشأن اختفاء شقيق صاحب البلاغ رغم أن الأمر يتعلق بمزاعم خطيرة متصلة بالاختفاء القسري. وعلاوة ع لى ذلك، لم تقدم الدولة الطرف معلومات تسمح باستنتاج أن ثمة سبيل انتصاف فعالاً ومتاحاً قائماً بالفعل في الوقت الذي يستمر فيه العمل بالأمر 06-01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 رغم توصيات اللجنة التي طلبت فيها جعل أحكام هذا الأمر منسجمة مع أحكام العهد (CCPR/C/DZA/CO/3، الفقرات 7 و8 و13). وترى اللجنة أن الادعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة مثل تلك المزعومة في هذه الحالة لا يمكن أن يكون بديلاً عن الإجراءات القضائية التي من المفروض أن يتخذها وكيل الجمهورية نفسه ( ). وعلاوة على ذلك، ونظراً للطابع غير الواضح لنص المادتين 45 و46 من الأمر، ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف معلومات مقنعة بشأن تفسير نص المادتين وتطبيقه عملياً، فإن المخاوف التي أعرب عنها صاحب البلاغ من حيث فعالية تقديم شكوى هي مخاوف معقولة.

7-5 وترى اللجنة، لأغراض مقبولية البلاغ، أنه يتعين على صاحب البلاغ أن يستنفد فقط سبل الانتصاف الفعالة من الانتهاك المزعوم، أي في هذه الحالة سبل الانتصاف الفعالة من الاختفاء القسري. وفي ضوء كل هذه الاعتبارات، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمثل عائقاً أمام مقبولية البلاغ .

7-6 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ علّل ادعاءه بما فيه الكفاية من حيث إن هذه الادعاءات تثير مسائل تتعلق بالفقرة 1 من المادة 6، والمادة 7، والمادة 9، والمادة 10، والمادة 16، والفقرة 3 من المادة 2 من العهد، ومن ثم تنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ .

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، بموجب الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري .

8-2 وقدّمت الدولة الطرف ملاحظات جماعية وعامة بشأن الادعاءات الخطيرة التي أثارها أصحاب بلاغات عديدة، بمن فيهم صاحب هذا البلاغ. واكتفت الدولة الطرف بالتأكيد على أن البلاغات التي تدعي مسؤولية موظفين عموميين أو خاضعين في عملهم للسلطات العامة عن حالات الاختفاء القسري التي حدثت في الفترة الممتدة من عام 1993 إلى عام 1998، يجب أن تُعالج في إطار شامل يراعي السياق الداخلي الاجتماعي - السياسي والأمني للبلد في فترة كان على الحكومة أن تكافح فيها الإرهاب. وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها ( ) وتذكّر بأن على الدولة الطرف ألا تتذرّع بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد الأشخاص الذين يتحججون بأحكام العهد أو الذين قدّموا، أو قد يقدمون، بلاغات إلى اللجنة. ويتطلب العهد أن تراعي الدولة الطرف مصير الفرد وتعامل كل فرد معاملة إنسانية تحترم الكرامة البشرية الأصيلة . ويبدو أن الأمر رقم 06-01، ما لم تُدخل عليه التعديلات التي أوصت بها اللجنة، يعزّز الإفلات من العقاب، وبذلك لا يمكن، بصيغته الحالية، أن يعتبر متوافقاً مع أحكام العهد.

8-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاءات صاحب البلاغ بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ وتذكر باجتهاداتها ( ) التي مفادها أن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن صاحب البلاغ لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن المعلومات اللازمة تكون في أغلب الأحيان في حوزة الدولة الطرف فقط. وتشير الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري إلى أنه يجب على الدولة الطرف أن تحقق بحسن نية في جميع الادعاءات الواردة بشأن انتهاكات أحكام العهد التي ترتكبها الدولة الطرف نفسها أو يرتكبها ممثلوها وأن تحيل المعلومات التي تكون في حوزتها إلى اللجنة. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الخصوص، فلا بد من إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ الاهتمام الواجب ما دامت معللة بما فيه الكفاية .

8-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أفاد بأن شقيقه بنعطية زروقي اعتُقل في 1 حزيران/يونيه 1995 عند الظهر تقريباً على يد أعوان شرطة مسلّحين وملثّمين ويرتدون زيّ دوائر أمن الولاية وكانوا قد أقاموا حاجزاً، وبأنه كان حاضراً لحظة الاعتقال . و تشير كذلك إلى أن صاحب البلاغ أفاد بأن ال غياب المطوّل لشقيقه وظروف وسياق اعتقاله عناصر قد توحي بأنه توفي أثناء ال احتجاز . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدّم أي معلومات تدحض مثل هذا الادعاء. وتشير اللجنة إلى أن الحرمان من الحرية ثم عدم الإقرار بذلك أو عدم الكشف عن مصير الشخص المختفي يؤدي، في حالات الاختفاء القسري، إلى حرمان هذا الشخص من حماية القانون ويعرض حياته لخطر جسيم ودائم تعتبر الدولة مسؤولة عنه. وفي الحالة قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات تفيد بأنها أوفت بالتزامها المتمثل في حماية حياة بنعطية زروقي . وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلّت بالتزامها بحماية حياة بنعطية زروقي ، وهو ما يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6 من العهد ( ) .

8-5 و تقرّ اللجنة بدرجة المعاناة التي ينطوي عليها التعرض للاحتجاز لمدة غير محدّدة دون اتصال بالعالم الخارجي . وتذكّر بتعليقها العام رقم 20(1992) بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ( ) ، حيث توصي الدول الأطراف بسن أحكام تمنع الاحتجاز السري. وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن الشرطة ألقت القبض على بنعطية زروقي في 1 حزيران/يونيه 1995 وأن مصيره لا يزال مجهولاً إلى يومنا هذا. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف توضيحات كافية بهذا الخصوص، تعتبر اللجنة أن هذا الاختفاء يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد في حق بنعطية زروقي ( ) .

8-6 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما عاناه صاحب البلاغ من قلق وضيق جراء اختفاء بنعطية زروقي . وترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاكٍ للمادة 7 في حقه ( ) .

8-7 وفيما يتعلق بادّعاء انتهاك المادة 9، تحيط اللجنة علماً بمزاعم صاحب البلاغ التي تؤكد أن أفراداً من الشرطة يرتدون زيّ دوائر أمن الولاية اعتقلوا بنعطية زروقي في 1 حزيران/يونيه 1995، دون أمر قضائي ودون أن يبلغوه بأسباب اعتقاله ويوجهوا إليه التهم ويعرضوه على هيئة قضائية تسمح له بالطعن في مشروعية اعتقاله؛ وأنه لم تقدم إلى صاحب البلاغ وأقاربه أي معلومات رسمية عن مصير بنعطية زروقي . ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف توضيحات كافية بهذا الخصوص، تخلص اللجنة إلى أن المادة 9 من العهد قد انتهكت في حق بنعطية زروقي ( ) .

8-8 وفيما يتعلق بالشكوى المقدّمة بموجب الفقرة 1 من المادة 10، تؤكد اللجنة مجدداً أن الأشخاص المحرومين من الحرية يجب ألا يتعرضوا لأي حرمان أو إكراه عدا ما هو ملازم للحرمان من الحرية، وأنه يجب معاملتهم معاملة إنسانية تحترم كرامتهم. ونظراً لاحتجاز بنعطية زروقي في الحبس الانفرادي ونظراً كذلك لعدم تقديم الدولة الطرف معلومات بهذا الخصوص، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 1 من المادة 10 من العهد قد انتُهكت ( ) .

8-9 أما عن مزاعم انتهاك المادة 16، فإن اللجنة تذكّر باجتهاداتها الثابتة ومؤداها أن حرمان شخص ما عمداً من حماية القانون لفترة مطوّلة يمكن أن يشكل رفضاً للاعتراف بشخصيته القانونية إذا كان هذا الشخص في قبضة سلطات الدولة عند ظهوره للمرة الأخيرة، وإذا كانت جهود أقاربه الرامية إلى الوصول إلى سبل انتصاف قد تكون فعالة، بما في ذلك المحاكم (الفقرة 3 من المادة 2 من العهد)، تعترضها المعوقات بانتظام ( ) . وفي القضية قيد البحث، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدّم أي توضيحات بشأن مصير الضحية أو مكانها، على الرغم من الطلبات العديدة التي قدمها صاحب البلاغ إلى الدولة الطرف. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء بنعطية زروقي قسراً منذ 1 حزيران/يونيه 1995 حرمه من حماية القانون وحرمه من حقه في أن يُعترف له بشخصيته القانونية، وفي ذلك انتهاك للمادة 16 من العهد .

8-10 و ي تذر ّ ع صاحب البلاغ بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي تلزم الدول الأطراف بأن تكفل سبيل انتصاف فعالاً لجميع الأشخاص الذين ربما انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. وتُعلّق اللجنة أهمية على قيام الدول الأطراف بإنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى المتصلة بانتهاكات الحقو ق. وتذكّر بتعليقها العام رقم 31 (2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد ( ) الذي يشير على وجه الخصوص إلى أن تقاعس دولة طرف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك واضح للع هد. وفي هذه الحالة، أخطرت أسرة الضحية السلطات المختصة باختفاء بنعطية زروقي ، لا سيما وكيل الجمهورية لدى محكمة تيارت والم دعي العام ل دى مجلس قضاء تيارت ، لكن جميع مساعيها باءت بالفشل، وتقاعست الدولة الطرف عن إجراء تحقيق معمّق وفعال في قضية اختفاء شقيق صاحب البلاغ. وعلاوة على ذلك، فإن استحالة اللجوء إلى هيئة قضائية بنص القانون، بعد صدور الأمر رقم 06-01 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لا تزال تحرم بنعطية زروقي وصاحب البلاغ وأسرته من أي إمكانية للوصول إلى سبيل انتصاف فعال، ذلك أن هذا الأمر يمنع، تحت طائلة السجن، من اللجوء إلى العدالة لكشف ملابسات أكثر الجرائم خطورة مثل حالات الاختفاء القسري (CCPR/C/DZA/CO/3، الفقرة 7). وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف وقوع انتهاك للفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 6، والمواد 7، و9، و10، و16 من العهد في حق بنعطية زروقي ؛ وانتهاك للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 في حق صاحب البلاغ.

9- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن المعلومات المعروضة عليها تكشف انتهاك الدولة الطرف للمواد 6 (الفقرة 1)، و7 و9 و10 (الفقرة 1)، و16، و2 (الفقرة 3) من العهد مقروءة بالاقتران مع المواد 6 (الفقرة 1)، و7، و9، و10 (الفقرة 1)، و16 من العهد في حق بنعطية زروقي . وتستنتج أيضاً وقوع انتهاك للمادة 7 والمادة 2 (الفقرة 3) مقروءة بالاقتران مع المادة 7 من العهد في حق صاحب البلاغ .

10- ووفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تتيح لصاحب البلاغ وأسرته سبيل انتصاف فعّالاً يشمل على وجه الخصوص ما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل ودقيق في اختفاء بنعطية زروقي ؛ (ب) تزويد صاحب البلاغ وأسرته بمعلومات مفصلة عن نتائج تحقيقها؛ (ج) الإفراج عنه فوراً إذا كان لا يزال في الاحتجاز السري؛ (د) إعادة جثة بنعطية زروقي إلى أسرته إذا كان قد توفي؛ (ﻫ) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ (و) تقديم تعويض مناسب إلى صاحب البلاغ عن الانتهاكات التي تعرض لها وكذلك إلى بنعطية زروقي إن كان لا يزال على قيد الحياة. وبصرف النظر عن الأمر رقم 06-01، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم إعاقة ممارسة الحق في سبيل انتصاف فعال بالنسبة لضحايا الجرائم من قبيل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهّدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مائة وثمانين يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ آراء اللجنة. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء على نطاق واسع باللغات الرسمية.

[اعتُمدت هذه الآراء بالإسبا نية والإنكليزية والفرنسية ( علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي ) . وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]

تذييل

رأي فردي أبداه ا لسيد فابيان عمر سالفيولي والسيد ف كتور مانويل رودريغيس ريسيا

1- نتفق مع قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن البلاغ رقم 1796/2008، الذي تخلص فيه اللجنة إلى حدوث انتهاك لحقوق بنعطية زروقي المكفولة في المواد 6 (الفقرة 1) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 من العهد وللالتزامات المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع المواد 6 (الفقرة 1)، و7، و9، و10 (الفقرة 1)، و16 ، علاوة على انتهاك حقوق صاحب البلاغ المكفولة في المادة 7 والفقرة 3 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع هذه المادة ذاتها.

2- ومع ذلك، فإننا قلقان لأن اللجنة لا تعتبر، في آرائها بشأن البلاغ آنف الذكر، أن وجود أحكام في القانون المحلي مخالفة في حد ذاتها لأحكام العهد - وهي على وجه التحديد المادتان 45 و46 من الأمر رقم 06 - 01 - يشكل انتهاكاً إضافياً للعهد.

3- ويؤسفنا أن نذكر بأن تقييمنا القانوني للآثار المترتبة على وجود المادتين المذكورتين وتطبيقهما يختلف عن تقييم أغلبية أعضاء اللجنة؛ ذلك أن المادتين 45 و46 من الأمر رقم 06 - 01 الصادر في 27 شباط/فبراير 2006 والمتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المعتمد باستفتاء في 29 أيلول/سبتمبر 2005 تحظران أي لجوء إلى العدالة لمقاضاة أفراد قوات الدفاع والأمن الجزائرية على جرائم مثل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري . وطبقاً لهذين الحكمين فإن أي شخص يقدم مثل هذه الشكوى أو هذا التظلم يكون معرضاً لل سجن لمدة تتراوح بين 3 و 5 سنوات و غرامة تتراوح بين  000 250 و000 500 دينار جزائري .

4- ولم تعلن اللجنة صراحة، كما كنا نود، أن المادة 45 من الأمر رقم 06-01 تتعارض، في منطوقها مع أحكام المادة 14 المتعلقة بحق كل شخص في اللجوء إلى العدالة للمطالبة بحقوقه. وكان يجب على اللجنة أن تخلص كذلك إلى حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 2 التي تفرض على الدول الأعضاء التزاماً بتكييف تشريعاتها مع قواعد العهد.

5- وتتمسك أغلبية أعضاء اللجنة بالممارسة المتمثلة في عدم استنتاج حدوث انتهاك لحقوق لم يعتدّ بها أصحاب البلاغات متغافلين بذلك عن تطبيق مبدأ "المحكمة أدرى بالقانون"، وعلى هذا النحو، تقيد اللجنة صلاحياتها بنفسها دون سبب، وهو ما لا يليق بهيئة دولية لحماية حقوق الإنسان .

6- وتجدر الإشارة بالفعل إلى أن هذه الممارسة المزعومة، فضلاً عن كونها مغلوطة فهي غير ثابتة: فقد طبّقت اللجنة ذاتها في قراراتها أحياناً مبدأ "المحكمة أدرى بالقانون"، وإن لم تعتدّ به صراحة . فقد مرّت عليها في السنوات الأخيرة قضايا كثيرة بادرت فيها إلى تطبيق العهد تطبيقاً سليماً على الوقائع المستنتجة، مبتعدة عن الحجج القانونية أو المواد التي اعتدت بها الأطراف صراحة ( ) .

7- ووجود المادتين 45 و46 من الأمر رقم 06-01 اللت ي ن تنصان على إمكانية الحكم بالسجن أو بغرامة على أي شخص يتظلم من جريمة مشمولة بهذين الحكمين، أمر مخالف في حد ذاته لأحكام العهد لأنه يؤدي إلى تكريس الإفلات من العقاب على نحو يحول دون أي تحقيق أو إدانة أو تعويض في حال حدوث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، مثل اختفاء بنعطية زروقي (شقيق صاحب البلاغ) الذي لا يعرف مصيره إلى اليوم . فالحظر القانوني المفروض على التظلم من وقائع هذه القضية وقضايا مماثلة أخرى، ومن ثم على التحقيق في أمرها، يشجع الإفلات من العقاب إذ ينتهك الحق في اللجوء إلى العدالة، لمّا كان الأمر القانوني يعاقب على ممارسة حق التظلم من أفعال كالتي قام عليها هذا البلاغ لأنها تسببت في اختفاء أشخاص قسرا ً .

8- وتدابير التصحيح التي طلبتها اللجنة لتجنب تكرار الوقائع ذاتها في حالات مماثلة تدابير غير كافية ، فقد جاء في آراء اللجنة بالفعل أنه ( " يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم عرقلة ممارسة الحق في سبيل انتصاف فعال بالنسبة إلى ضحايا جرائم كالتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري " الفقرة 10). ونحن نرى أن اللجنة كان عليها أن تقول بعبارات واضحة ومباشرة إن الحظر الوارد في الأمر رقم 06-01 والمتعلق باللجوء إلى القضاء من أجل فتح تحقيق في حالات تعذيب أو إعدام خارج نطاق القضاء أو اختفاء قسري حظر ينتهك الالتزامات العامة الواردة في الفقرة 2 من المادة 2 من العهد التي يتعين على الدولة الجزائرية بموجبها، "إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلاً إعمال الحقوق المعترف بها في العهد، أن تتخذ، طبقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام العهد، ما يكون ضرورياً لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية" (الخط المائل مضاف للتأكيد).

9- والمادتان 45 و46 من الأمر 06-01 تشجعان الإفلات من العقاب وتحرمان ضحايا هذه الانتهاكات الخطيرة وأقاربهم من حق اللجوء إلى سبيل انتصاف فعال، إذ تحولان دون معرفتهم الحقيقة وممارسة حقهم الأساسي في اللجوء إلى القضاء والطعن في القرارات والحصول على تعويض كامل. وحتى إذا سلم ن ا بأن سائر أحكام الأمر رقم 06-01 تساهم في السلم والمصالحة الوطنية في الجزائر فإن ذلك لا يمكن أن يكون على حساب الحقوق الأساسية للضحايا وأقاربهم الذين يتحملون عواقب انتهاكات خطيرة ناهيك عن أنه لا يمكن أن يعني تعرض هؤلاء الأقارب لعقوبات وجزاءات تجعلهم ضحية مرتين إذا مارسوا حقهم في اللجوء إلى القضاء الذي يشكل علاوة على ذلك أحد وسائل حماية وضمان حقوق الإنسان التي لا يمكن تقييدها (كالحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب) بما في ذلك في الحالات الاستثنائية (الفقرة 2 من المادة 4 من العهد).

10- والاستحالة القانونية للجوء إلى هيئة قضائية نتيجة لصدور الأمر رقم 06-01 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية حرمت بنعطية زروقي وصاحب البلاغ وأسرته ولا تزال تحرمهم من الوصول إلى سبيل انتصاف فعال، لما كان هذا الأمر يمنع تحت طائلة السجن أن يطلب شخص إلى محكمة أن تكشف الحقيقة في أخطر الجرائم كالاختفاء القسري.

11- وكان على اللجنة أن تطلب صراحة، ضمن تدابير التصحيح الرامية إلى ضمان عدم تكرار الوقائع موضوع البلاغ، أن تفي الدولة الجزائرية بالالتزام الوارد في الفقرة 2 من المادة 2، وأن تعتمد من ثم تدابير تشريعية أو تدابير أخرى لإلغاء المادتين 45 و46 من الأمر 06-01 وتلغي أوجه الحظر والعقوبات والجزاءات وسائر العقبات التي تفضي إلى الإفلات من العقاب على جرائم خطيرة كالاختفاء القسري والتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء، سواء في حالة الضحايا المذكورين في هذا البلاغ أم الضحايا وأقارب الضحايا في حالات مماثلة.

12- وعلاوة على ذلك، كانت اللجنة ستتصرف من ثم بانسجام مع الملاحظات الختامية التي اعتمدتها بشأن الجزائر في عام 2007 (CCPR/C/DZA/CO/3، الفقرات 7 و8 و13)، والتي طالبت فيها الدولة الجزائرية صراحة بمواءمة الأمر المعني مع العهد. وفي حال لم تقم بذلك، لن تتوقف اللجنة عن تلقي بلاغات فردية مماثلة، بسبب استمرار وجود ما يعوق التحقيق في هذا النوع من الانتهاكات الخطيرة ومعاقبة المتورطين فيها.

[ حُر ّ ر بال فرنسية (النص الأصلي) والإسبانية والإنكليزية. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة. ]