الأمم المتحدة

CCPR/C/108/D/1798/2008

Distr.: General

11 December 2013

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1798 / 2008

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها الثامنة بعد المائة ( 8 -2 6 تموز/يوليه 2013)

المقدم من: طاوس عزوز ( تمثلها منظمة ترايل - الجمعية السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب )

الشخص المدعي أنه الضحية: محمد لميز (ابن صاحبة البلاغ) وصاحبة البلاغ نفسها

الدولة الطرف: الجزائر

تا ر يخ تقديم البلاغ : 7 تموز/يوليه 2008 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: ق رار المقرر الخاص ب موجب الماد تين 92 و 97 من النظام الداخلي، الم ح ال إلى الدولة الطرف في 16 تموز/يوليه 2008 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 25 تموز/يوليه 2013

الموضوع: الاختفاء القسري

المسائل الإجرائية : أهلية التصرف؛ استنفاد سبل ال انتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : الحق في الحياة، حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية، حق الفرد في الحرية وفي الأمن على شخصه ، احترام ال كرامة المتأصلة في النفس البشرية، الاعتراف بالشخصية القانونية للفرد والحق في سبل انتصاف فعالة

مواد العهد : المواد 2 (الفقرة 3)، و6 (الفقرة 1)، و7، و9 (الفقرات 1 إلى 4)، و10 (الفقرة 1)، و16

مواد البروتوكول الاختياري: المادة 1 والمادة 5 ( الفقرة ( 2 - ب ) )

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي  الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة الثامنة بعد المائة)

بشأن

البلاغ رقم 1798 / 2008 *

المقدم من: طاوس عزوز (تمثلها منظمة ترايل - الجمعية السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الشخص المدعي أنه الضحية: محمد لميز ( ابن صاحبة البلاغ ) وصاحب ة البلاغ نفسه ا

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ : 7 تموز/يوليه 2008 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن ا للجنة المعنية بحقوق الإنسان، ال م نشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد اجتمعت في 25 تموز/يوليه 2013 ،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1798 / 2008 ، المقدم من السيدة طاوس عزوز بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد أخذت في الحسبان جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحت ها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب ة البلاغ ه ي السيدة طاوس عزوز ، وهي أرملة السيد لميز ، مولودة في 11 شباط/فبراير 1950 في سطيف (الجزائر). وت دعي أن ابنها ، محمد لميز، وقع ضحية انتهاكات الجزائر لحقوقه بموجب ا لمواد 2 (الفقرة 3) ، و 6 (الفقرة 1)، و 7، و 9 (الفقرات 1 و 2 و3 و 4)، و 10 (الفقرة 1) و 16 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. و تعتبر صاحبة البلاغ أنها هي نفسها ضحية لانتهاكات المادة 2 (الفقرة 3) و المادة 7 من العهد. وي مثلها محامي ( ) .

1-2 و في 16 تموز/يوليه 2008، طلبت ال لجنة ، وفقاً للمادة 92 من نظامها الداخلي، إلى الدولة الطرف عن طريق مقرر ها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة ، ألا تتخذ أي تدبير من شأن ه أن يعوق ممارسة صاحبة البلاغ و أسرته ا حقهم في تقديم شكوى فردية إلى اللجنة. وعليه، فقد ط ُ لب إلى الدولة الطرف عدم التذرع ب تشريع ها الوطني، وتحديد ا ً ال قانون رقم 06-01 بشأن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، إزاء صاحبة البلاغ وأفراد أسرته ا.

1-3 و في 12 آذار/مارس 2009 ، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم فصل النظر في مقبولية البلاغ وفي أسسه الموضوعية .

الوقائع كما عرض ت ها صاحبة الشكوى

2-1 ألقي القبض على محمد لميز في بيته على أيدي أفراد من الجيش الوطني الشعبي الجزائري في سياق عملية تمشيط عسكرية جرت تحت إمرة الرائد م. ب. يوم 30 نيسان/ أبريل 1996 على الساعة 5 والنصف صباحا . ويعتقد أن ابن صاحبة البلاغ اقتيد إلى ثكنة براقي. وقيل إن الضحية شوهد فيما بعد في ثكنة بني مسوس. وكان الضحية قد قبض عليه من قبل، وكذلك أخ له. ثم أفرجت عنهما السلطات. وقد جرت عملية القبض عليه في المرة الثانية في حضرة أفراد أسرته، ومنهم بالأخص صاحبة البلاغ واثنين من الجيران. ولم تتلق الأسرة منذ ذلك اليوم أي خبر عن الضحية.

2-2 وقد بذلت صاحبة البلاغ عدة مساعي للاستعلام عن مصير ابنها. وخوفا ً من التعرض للانتقام ونظرا ً لرفض السلطات الإقرار بأي حالة اختفاء قسري، اكتفت صاحبة البلاغ، حتى عام 1998، ببذل مساعٍ رسمية فقط. ومن ذلك أنها كانت تتردد على مراكز الشرطة وأقسام الدرك والثكنات والمحاكم لمعرفة ملابسات القبض على ابنها.

2-3 وفي 25 تموز/يوليه 1999، وجهت صاحبة البلاغ رسالة إلى مدعي المحكمة العسكرية في البليدة على اعتبار أن أفراد من الجيش الجزائري هم من قبضوا على ابنها ( ) . ولم تتلق أي رد على هذه الرسالة. وفي 28 تموز/يوليه 1999، أرسلت صاحبة البلاغ رسالة إلى وزير العدل. وبعد أن توجهت صاحبة البلاغ بنفسها إلى مقر المرصد الوطني لحقوق الإنسان الكائن في الجزائر العاصمة، خاطبت رئيس المرصد برسالة مؤرخة 28 تموز/يوليه 1999. وفي 16 كانون الثاني/يناير 2001، وجّهت رسالة ثانية إلى المرصد. وأخطرت صاحبة البلاغ وزارة الدفاع أيضا ً برسالة مؤرخ 25 تموز/يوليه 1999.

2-4 وتوجهت صاحبة البلاغ أيضا ً بالتماسات إلى هيئات قضائية، بدءاً بمحكمة الحراش التي اكتفى قضاتها بالرد شفهيا بأن الضحية ربما اختطفه مجرمون، رغم وجود عدة شهادات تفند هذه الرواية. وصدر قرار بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى طعنت فيه صاحبة البلاغ أمام مجلس قضاء العاصمة الاستئنافي.

2-5 وتدفع صاحبة البلاغ بأنه بات من المستحيل عليها اللجوء إلى هيئة قضائية بعد سن الأمر رقم 06/01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المعتمد بالاستفتاء في 29 أيلول/سبتمبر 2005، والذي يحظر اللجوء مطلقا إلى القضاء ضد أفراد مصالح الدفاع والأمن الجزائرية على أساس الأحداث التي دارت في البلد في الفترة ما بين 1993 و1998. وفضلا ً عن ذلك، فإن صمت سلطات الدولة وإنكارها الوقائع يجعل ممارسة سبل الانتصاف لدى مؤسسات الدولة الطرف غير متاحة وغير فعالة.

الشكوى

3-1 حيث إن الجيش هو من قبض على ابن صاحبة البلاغ في عام 1996، وحيث إنه اقتيد إلى ثكنة براقي، وأنه اختفى منذ ذلك الوقت، لم يعد ثمة مجال للشك في عزو المسؤولية عن اختفائه إلى سلطات الدولة الطرف. وفضلا ً عن ذلك، فإن التهديد الذي يشكله هذا الاختفاء على حياته يزداد بمرور الوقت. ومن الواضح أيضا ً أن حالة الاعتقال في مكان سري التي قد لا تزال الضحية موجودة فيها تشكل خطرا ً كبيرا ً للنيل من حقه في الحياة، بالنظر إلى وجوده تحت رحمة سجانيه بعيدا ً عن أي رقابة قانونية أو أي آلية للإشراف. وكان من المفروض أن يتمتع الضحية، بعد وضعه في الاعتقال، بحماية حقه في الحياة من قبل السلطات الجزائرية التي كان عليها بالأخص أن تحرص على أن تقيّد احتجازه في سجل عملا ً بالمادة 52 من قانون الإجراءات الجزائية. وبإخلال الدولة الطرف بهذا الواجب في الحماية، تكون قد أخلت بالتزامها بموجب الفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

3 -2 ونظرا ً لعدم إجراء السلطات أي تحقيق لكشف حقيقة مصير الضحية، فإن الدولة الطرف تكون قد انتهكت الفقرة 1 من المادة 6، مقروءة بالاق تران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3-3 وفيما يتعلق بالضحية، فإن مجرد التعرض للاختفاء القسري يشكّل معاملة لا إنسانية أو مهينة له. ثم إن حالة القلق والمعاناة الناجمة عن الاحتجاز لفترة غير محددة ودون الاتصال بالأسرة ولا بالعالم الخارجي هو بمثابة معاملة تتنافى وأحكام المادة 7 من العهد. وبالرغم من المساعي المختلفة التي قامت بها الأسرة، لم تجر السلطات أي تحقيق ولا ملاحقات، وهو ما يعدّ انتهاكاً للمادة 7 مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3-4 وثم إن القلق والمحنة اللذين عانت منهما صاحب البلاغ على إثر اختفاء ابنها ، وما صاحب ذلك من الحيرة التي ظلت تؤرقها يشكل انتهاكا للمادة 7 من العهد بالنسبة لصاحبة البلاغ وأسرة الضحية. كما أن عدم اتخاذ السلطات أي إجراء بهذا الصدد يشكل انتهاكا ً لحق صاحبة البلاغ بموجب المادة 7، مقروءة بالاق تران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3-5 لقد ألقي القبض على الضحية في بيته يوم 30 نيسان/أبريل 1996 على أيدي أفراد من الجيش الوطني الشعبي دون أي عذر ظاهر ولا أمر بإلقاء القبض عليه. ولم يقدَّم قط أمام سلطة قضائية ولم يُمكَّن من الاعتراض على مشروعية احتجازه. وبذلك تكون الدولة الطرف قد انتهكت حقوق الضحية بموجب الفقرات 1 و2 و3 و4 من المادة 9 من العهد.

3-6 وإذا ثبت انتهاك حقوق الضحية بموجب المادة 7، فمن باب أولى أن يكون قد تعرض لانتهاك حقه بموجب الفقرة 1 من المادة 10 من العهد .

3-7 ومنذ إلقاء القبض على ابن صاحبة البلاغ وهو خارج نطاق حماية القانون، الأمر الذي أدى إلى حرمانه من صفته القانونية. ولم تتح له أيضا ً إمكانية اللجوء إلى الهيئات القضائية ليتسنى له المطالبة بحقوقه. وبذلك تكون الدولة الطرف قد انتهكت المادة 16 من العهد.

3-8 ولما كان ابن صاحبة البلاغ ضحية اختفاء قسري، فقد حُرم من ممارسة حقه في الطعن في مشروعية احتجازه، وفي ذلك انتهاك للفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وقد استنفد أقارب الضحية جميع السبل القانونية لمعرفة حقيقة مصيره، غير أن الدولة لم تستجب لأي من المساعي التي قاموا بها.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 في 3 آذار/مارس 2009، طعنت الدولة الطرف في مقبولية هذا البلاغ وعشرة بلاغات أخرى مقدمة إلى اللجنة، وكان ذلك في "مذكرة مرجعية بشأن عدم مقبولية البلاغات المقدمة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بخصوص تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية". وترى الدولة أن هذه البلاغات، التي تحمّل موظفين عموميين أو أشخاص آخرين يتصرفون في إطار ولاية السلطات العامة المسؤولية عن حدوث حالات الاختفاء القسري أثناء الفترة موضوع البلاغ، أي ما بين عامي 1993 و1998، يجب معالجتها في الإطار الأعم للوضع الاجتماعي السياسي والظروف الأمنية السائدة في البلد في فترة كانت فيها الحكومة منشغلة بمكافحة الإرهاب. و في هذا السياق، و وفقاً للدستور (المادتان 87 و 91)، ن ُ فذت تدابير احترازية، وأبلغت الحكومة الجزائرية الأمانة العامة للأمم المتحدة ب إعلانها حالة الطوارئ، وفقاً للفقرة 3 من المادة 4 من العهد.

4-2 فقد كان على الحكومة، أثناء هذه الفترة، التصدي لجماعات غير منظمة. ونتيجة لذلك، كانت الطريقة التي نُفّذت بها عدة عمليات ملتبسة في أذهان السكان المدنيين، الذين كانوا يجدون صعوبة في التمييز بين عمليات الجماعات الإرهابية وعمليات قوات الأمن التي كان المدنيون ينسبون إليها كثيراً من حالات الاختفاء القسري. وبذلك ترى الدولة الطرف أن أسباب حالات الاختفاء القسري متعددة، لكنها لا يمكن أن تعزى إلى الحكومة. واستناداً إلى عدة مصادر مستقلة، وبخاصة الصحافة ومنظمات حقوق الإنسان، فإن المفهوم العام للشخص المختفي في الجزائر أثناء الفترة المعنية يشير إلى ست حالات مختلفة لا تتحمل الدولة المسؤولية عن أي منها. وتتمثل الحالة الأولى في نظر الدولة الطرف في الأشخاص الذين أبلغ أقاربهم عن اختفائهم، في حين أنهم قرروا من تلقاء أنفسهم الاختفاء عن الأنظار للانضمام إلى الجماعات المسلحة وطلبوا من أسرهم أن تعلن أن مصالح الأمن اعتقلتهم "للتضليل" وتجنّب "مضايقات" الشرطة. وتتعلق الحالة الثانية بالأشخاص الذين أُبلغ عن اختفائهم بعد اعتقالهم من قبل مصالح الأمن لكنهم انتهزوا فرصة الإفراج عنهم للتواري عن الأنظار. وتتعلق الحالة الثالثة بحالة الأشخاص الذين اختطفتهم جماعات مسلحة لا تُعرف هويتها أو انتحلت صفة أفراد الشرطة أو الجيش بارتداء زيهم أو استخدام وثائق هويتهم، فاعتُبرت خطأً عناصر تابعة للقوات المسلحة أو لمصالح الأمن. وتتعلق الحالة الرابعة بالأشخاص الذين تبحث عنهم أسرهم بعد أن قرروا من تلقاء أنفسهم هجر أقاربهم، وأحياناً حتى مغادرة البلد بسبب استمرار المشاكل الشخصية أو الخلافات العائلية. وقد يتعلق الأمر، في الحالة الخامسة، بأشخاص أبلغت أسرهم عن اختفائهم وهم في واقع الأمر إرهابيون مطلوبون أو قُتلوا ودُفنوا في الأدغال في أعقاب الاقتتال بين الفصائل أو مشاجرات عقائدية أو صراعات على الغنائم بين جماعات مسلحة متنافسة. وأخيراً، تشير الدولة الطرف إلى فئة سادسة تشمل أشخاص ا مفقودين لكنهم يعيشون إما في البلد أو خارجه بهويات مزوّرة حصلوا عليها عن طريق شبكة لتزوير الوثائق.

4-3 وتؤكّد الدولة الطرف أن تنوع وتعقيد الحالات التي يغطيها المفهوم العام للاختفاء هو الذي دفع المشرِّع الجزائري، بعد الاستفتاء الشعبي على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، إلى الدعوة إلى معالجة مسألة المفقودين في إطار شامل بالتكفل بجميع الأشخاص المفقودين في سياق "المأساة الوطنية"، ومساندة جميع الضحايا حتى يتسنى لهم التغلب على هذه المحنة، ومنح جميع ضحايا الاختفاء وذوي الحقوق من أهلهم الحق في الجبر. وتشير الإحصاءات التي أعدّتها دوائر وزارة الداخلية إلى الإعلان عن 023 8 حالة اختفاء، وبحث 774 6 ملفاً، وقبول تعويض 704 5 ملفات، ورفض 934 ملفاً، فيما يجري حالياً النظر في 136 ملفاً. ودفعت تعويضات بلغت في المجموع 390 459 371 ديناراً جزائرياً لجميع الضحايا المعنيين. وبالإضافة إلى ذلك، دفع مبلغ 683 824 320 1 ديناراً جزائرياً في شكل معاشات شهرية.

4-4 وتجادل الدولة الطرف أيضاً بأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد كلها. وتشدد على أهمية التمييز بين المساعي البسيطة المبذولة لدى السلطات السياسية أو الإدارية وسُبُل الانتصاف غير القضائية أمام الهيئات الاستشارية أو هيئات الوساطة، والطعون القضائية أمام مختلف الهيئات القضائية المختصة. وتلاحظ الدولة الطرف أن إفادات أصحاب البلاغات ( ) تبين أن أصحاب الشكاوى وجَّهوا رسائل إلى السلطات السياسية أو الإدارية، وقدموا التماسات إلى هيئات استشارية أو هيئات وساطة وأرسلوا عرائض إلى ممثلين للنيابة العامة (النواب العامون أو وكلاء الجمهورية) دون اللجوء إلى الطعن القضائي بمعناه الدقيق ومتابعته حتى النهاية باستخدام جميع سبل الانتصاف المتاحة في الاستئناف والنقض. ومن بين هذه السلطات جميعها، لا يحق قانوناً سوى لممثلي النيابة العامة فتح تحقيق أولي وعرض المسألة على قاضي التحقيق. وفي النظام القضائي الجزائري، يكون وكيل الجمهورية هو المختص بتلقي الشكاوى ويقوم، بحسب الاقتضاء، بتحريك الدعوى العامة. غير أنه، لحماية حقوق الضحية أو أصحاب الحق، يُجيز قانون الإجراءات الجزائية لهؤلاء الأشخاص تقديم شكوى والادعاء بالحق المدني مباشرة أمام قاضي التحقيق. وفي هذه الحالة، تكون الضحية، وليس المدّعي العام، هي التي تحرك الدعوى العامة بعرض الحالة على قاضي التحقيق. وسبيل الانتصاف هذا المشار إليه في المادتين 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية لم يُستخدم رغم أنه كان كفيلاً بأن يتيح للضحايا إمكانية تحريك الدعوى العامة وإلزام قاضي التحقيق بإجراء التحقيق، حتى لو كانت النيابة العامة قررت خلاف ذلك.

4-5 وتلاحظ الدولة الطرف، فضلاً عن ذلك، أن صاحبة البلاغ ترى أنه نتيجة لاعتماد ميثاق السلم والمصالحة الوطنية عن طريق الاستفتاء وسن النصوص الخاصة بتطبيقه، وبخاصة المادة 45 من الأمر رقم 06-01، لم يعد ممكناً اعتبار أنه توجد في الجزائر سبل انتصاف محلية فعالة ومجدية ومتاحة لأسر ضحايا الاختفاء. وعلى هذا الأساس، ظنّت صاحب البلاغ أنها في حِلٍّ من واجب اللجوء إلى الهيئات القضائية المختصة بالحكم مسبقاً على موقف هذه الهيئات وتقديرها في تطبيق هذا الأمر. والحال أنه لا يجوز لصاحبة البلاغ التذرع بهذا الأمر وبنصوص تطبيقه لتبرئة نفسها من المسؤولية عن عدم مباشرة الإجراءات القضائية المتاحة. وتذكِّر الدولة الطرف بالآراء السابقة التي تبنتها اللجنة وذهبت فيها إلى أن "اعتقاد شخص ما عدم جدوى سبيل للانتصاف أو افتراض ذلك من تلقاء نفسه لا يُعفيه من استنفاد سبل الانتصاف المحلية جميعها" ( ) .

4-6 وتتناول الدولة الطرف بعد ذلك طبيعة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والأسس التي يستند إليها ومضمونه ونصوص تطبيقه. وتشير إلى أنه بموجب مبدأ عدم قابلية السلم للتصرف فيه، والذي أصبح حقاً دولياً في السلم، ينبغي للجنة أن تساند هذا السلم وتعززه وتشجع على المصالحة الوطنية حتى تتمكن الدول التي تعاني من أزمات داخلية من تعزيز قدراتها. وفي سياق هذا المسعى لإحقاق المصالحة الوطنية، اعتمدت الدولة الطرف هذا الميثاق الذي ينص الأمر التطبيقي الخاص به على تدابير قانونية تستوجب انقضاء الدعوى العمومية واستبدال العقوبات أو تخفيضها بالنسبة لكل شخص أُدين بأعمال إرهابية أو استفاد من الأحكام المتعلقة باستعادة الوئام المدني، فيما عدا الأشخاص الذين ارتكبوا أو شاركوا في ارتكاب المجازر الجماعية أو أفعال الاغتصاب أو التفجيرات في الأماكن العمومية. وينصّ هذا الأمر أيضاً على إجراء رفع دعوى لاستصدار حكم قضائي بالوفاة يمنح ذوي الحقوق من ضحايا "المأساة الوطنية" الحق في التعويض. وبالإضافة إلى ذلك، وُضعت تدابير اجتماعية اقتصادية ومنها المساعدات لإعادة الإدماج المهني ودفع تعويضات لكل من تنطبق عليه صفة ضحية "المأساة الوطنية". وأخيراً، ينصّ الأمر على تدابير سياسية مثل منع ممارسة النشاط السياسي على كل شخص ساهم في "المأساة الوطنية" ب استغلال الدين في فترة سابقة ، وعلى عدم جواز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدفاع والأمن للجمهورية، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمة والحفاظ على مؤسسات الجمهورية.

4-7 وأشارت الدولة الطرف إلى أنه بالإضافة إلى إنشاء صناديق لتعويض جميع ضحايا "المأساة الوطنية"، وافق الشعب الجزائري صاحب السيادة على الشروع في عملية المصالحة الوطنية باعتبارها السبيل الوحيد لتضميد الجراح التي خلّفتها المأساة. وتشدد الدولة الطرف على أن إعلان هذا الميثاق يندرج في إطار الرغبة في تجنب المواجهات القضائية، والتجييش الإعلامي، وتصفية الحسابات السياسية. ولذا تعتبر الدولة الطرف أن الوقائع التي تدعيها صاحبة البلاغ تغطيها الآلية الداخلية الشاملة للتسوية التي تنص عليها أحكام الميثاق.

4-8 وتطلب الدولة الطرف من اللجنة أن تلاحظ أوجه الشبه بين الوقائع والحالات التي تسوقها صاحبة البلاغ ومراعاة الإطار الاجتماعي السياسي والأمني الذي حدثت فيه، وأن تخلص إلى أن صاحبة البلاغ لم ت ستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، وأن تقرّ بأن سلطات الدولة الطرف أقامت آلية داخلية لمعالجة الحالات المشار إليها في البلاغات المعروضة على اللجنة وتسويتها تسوية شاملة وفقاً لآلية ا لسلم والمصالحة الوطنية وبما يتفق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والعهود والاتفاقيات اللاحقة، وأن تعلن عدم مقبولية البلاغ وأن تطالب صاحبة البلاغ بالتماس سُبُل الانتصاف بصورة أفضل.

الملاحظات الإضافية التي قد ّ متها الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5-1 في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2009، أرسلت الدولة الطرف إلى اللجنة مذكرة إضافية تتساءل فيها عما إذا كانت مجموعة البلاغات الفردية المعروضة على اللجنة لا تشكل بالأحرى إساءة استعمال للإجراءات يقصد منها أن تعرض على اللجنة مسألة شاملة تاريخية تخرج أسبابها وظروفها عن اختصاص اللجنة. وتلاحظ الدولة الطرف في هذا الصدد أن هذه البلاغات "الفردية" تشدد على السياق العام الذي حدثت فيه حالات الاختفاء، وتركز فقط على تصرفات قوات حفظ النظام دون أن تشير قط إلى مختلف الجماعات المسلّحة التي اتبعت تقنيات تمويه إجرامية لإلقاء المسؤولية على القوات المسلحة.

5-2 وتؤكّد الدولة الطرف أنها لن تبدي رأيها بشأن المسائل الموضوعية المتعلقة بالبلاغات المذكورة قبل صدور قرار بشأن مسألة المقبولية، وأن واجب أي هيئة قضائية أو شبه قضائية يتمثل أولاً في معالجة المسائل الأولية قبل مناقشة الأسس الموضوعية. وترى الدولة الطرف أن قرار النظر، بصورة مشتركة ومتزامنة، في مسائل المقبولية والمسائل المتعلقة بالأسس الموضوعية في هذه الحالة بالذات، بالإضافة إلى كونه قراراً لم يتفق عليه، يضر بشكل خطير بمعالجة البلاغات المعروضة عليها معالجة مناسبة، سواء من ناحية طبيعتها العامة أو من ناحية خصوصياتها الذاتية. وفي إشارة إلى النظام الداخلي للجنة المعنية بحقوق الإنسان، لاحظت الدولة الطرف أن المواد المتعلقة بنظر اللجنة في مقبولية البلاغ تختلف عن المواد المتعلقة بالنظر في الأسس الموضوعية وأنه يمكن من ثم بحث هاتين المسألتين بشكل منفصل. وفيما يتعلق بوجه خاص بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تؤكد الدولة الطرف أن الشكاوى وطلبات المعلومات المقدمة من صاحبة البلاغ لم تكن أيّ منها موجه عبر القنوات الكفيلة بأن تتيح للسلطات القضائية الداخلية النظر فيها.

5-3 وفي معرض التذكير بالآراء السابقة للجنة بشأن واجب استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تؤكّد الدولة الطرف أن مجرّد الشك في احتمالات النجاح أو الخوف من التأخير لا يعفي صاحب ة البلاغ من استنفاد سبل الانتصاف هذه. وفيما يتعلق بالقول إن إصدار الميثاق يجعل أي طعن في هذا المجال مستحيلاً، ترد الدولة الطرف بأن عدم تقديم صاحب ة البلاغ ادعاءاته للنظر فيها هو ما حال حتى الآن دون تمكين السلطات الجزائرية من اتخاذ موقف بشأن نطاق وحدود سريان أحكام هذا الميثاق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأمر يشترط فقط عدم قبول الدعاوى المرفوعة ضد "أفراد قوات الدفاع والأمن للجمهورية" بسبب أعمال تقتضيها مهامهم الجمهورية الأساس ية، أي حماية الأشخاص والممتلكات ونجدة الأمة والحفاظ على المؤسسات. لكن أي ادعاء يتعلق بأعمال يمكن أن تنسب إلى قوات الدفاع والأمن ويثبت أنها وقعت خارج هذا الإطار هو ادعاء قابل لأن تحقق فيه الهيئات القضائية المختصة.

5-4 وتضيف الدولة الطرف أن المادتين 27 و28 من الأمر رقم 06-01 تبيّن أن وضع ضحية المأساة الوطنية ينشأ من إقرار بحالة اختفاء يصدر عن مصالح الشرطة القضائية بعد إجراء تحريات دون نتيجة، ويجري تأكيده لاحقا بحكم يعلن وفاة الشخص تصدره محكمة مختصة بطلب من ذوي الحقوق. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ كلّفت منظمة دولية للدفاع عن حقوق الإنسان بتقديم بلاغها إلى اللجنة بينما تقر في الوقت نفسه أمام السلطات الجزائرية أنها قبلت بالاستفادة من آلية التسوية الداخلية الناشئة عن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن صاحبة البلاغ تنفي، أمام السلطات الجزائرية ذاتها، أنها طلبت مساعدة منظمة ترايل (دفاع صاحبة البلاغ) لعرض شكواها على اللجنة على أساس أنها قبلت بعملية التسوية الداخلية الناشئة عن الميثاق التي أسفرت عن صدور حكم من محكمة يعلن الوفاة وعن تقديم ملف للحصول على تعويضات.

5-5 وبمذكرة شفوية مؤرخة 6 تشرين الأول/أكتوبر 2010، كررت الدولة الطرف حرفيا اعتراضاتها بشأن المقبولية والتي سبق أن قدّمتها في 3 آذار/مارس 2009 وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2009.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

6-1 في 30 أيلول/سبتمبر 2011، قدّمت صاحبة البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية وقدمت حججاً إضافية بشأن الأسس الموضوعية. و ت شير صاحبة البلاغ إلى أن الدولة الطرف قد قبلت باختصاص اللجنة بالنظر في البلاغات الفردية . وهذا الاختصاص ذو طابع عام ولا تخضع ممارسته من جانب اللجنة لتقدير الدولة الطرف. وبوجه خاص، ليس من حق الدولة الطرف أن تقرر مدى استصواب أو  عدم استصواب تناول اللجنة ل مسألة بعينها. فذلك من اختصاص اللجنة عند إقدامها على النظر في البلاغ. و ت عتبر صاحبة البلاغ أنه لا يحق للدولة الطرف التحجج باعتماد تدابير تشريعية وإدارية داخلية للتكفل بضحايا "المأساة الوطنية" للدفع بعدم مقبولية البلاغات بغية منع الأفراد الخاضعين لولايتها من اللجوء إلى ال آلية التي نص عليها البروتوكول الاختياري . و حتى إذا أمكن أن يكون لهذه التدابير بالفعل أثر على تسوية النزاع، فلا بد من تحليلها في معرض النظر في الأسس الموضوعية للقضية وليس عند النظر في مقبولية البلاغ. وفي القضية قيد البحث، تشكل التدابير التشريعية المعتمدة في حد ذاتها انتهاكاً للحقوق المنصوص عليها في العهد، مثلما أشارت اللجنة إلى ذلك في وقت سابق ( ) .

6-2 وتذكّر صاحبة البلاغ بأن إعلان الجزائر حالة الطوارئ في 9 شباط/فبراير 1992 لا يؤثر في شيء على حق الأفراد في تقديم بلاغات إلى اللجنة. وبالفعل، تنص المادة 4 من العهد على أن إعلان حالة الطوارئ يتيح للدولة عدم التقيد ببعض أحكام العهد فقط ولا يؤثر بالتالي على ممارسة الحقوق المترتبة على بروتوكوله الاختياري. وتعتبر صاحبة البلاغ أن الاعتبارات التي ساقتها الدولة الطرف بشأن استصواب تقديم البلاغ ليست مبرراً صحيحاً لعدم مقبولية البلاغ.

6-3 وفضلاً عن ذلك، تتناول صاحبة البلاغ مجددا ً الحجة التي ساقتها الدولة الطرف ومؤداها أن استيفاء شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية يقتضي من صاحبة البلاغ تحريك دعوى عمومية بإيداع شكوى والادعاء بالحق المدني لدى قاضي التحقيق وفقاً للمواد 72 وما تلاها من قانون الإجراءات الجزائية. وتشير إلى بلاغ فردي يتعلق بالدولة الطرف حيث أعلنت اللجنة أن "الدولة الطرف ليست ملزمة بإجراء تحقيقات معمقة في الانتهاكات المفترضة لحقوق الإنسان فحسب، سيما عندما يتعلق الأمر بالاختفاء القسري والمساس بالحق في الحياة، بل ملزمة أيضاً بالملاحقة الجنائية لكل من يشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته. إن الادّعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة مثل تلك التي يُدعى ارتكابها في القضية محل النظر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحل محل الإجراءات القضائية التي ينبغي أن يتخذها وكيل الجمهورية نفسه" ( ) . وعليه، تعتبر صاحبة البلاغ أن السلطات المختصة هي التي يتعين عليها أن تبادر بالتحقيقات اللازمة في الوقائع الخطيرة التي تدعيها. غير أن ذلك لم يحدث، على الرغم من أن أفراد أسرة محمد لميز حاولوا، منذ إلقاء القبض عليه، الاستعلام عن حالته، لكن دون جدوى.

6-4 لقد قامت صاحبة البلاغ بمساعٍ غير رسمية عديدة. فقد ترددت على مراكز الشرطة وأقسام الدرك والثكنات لمعرفة ملابسات القبض على ابنها. ثم توجهت إلى السلطات القضائية وكذلك إلى وسيط الجمهورية والمرصد الوطني لحقوق الإنسان وإلى وزير العدل، لكن دون جدوى. وعليه، لا يمكن لوم صاحبة البلاغ على عدم استنفاد سبل الانتصاف جميعها لأنها لم تقدم شكوى إلى قاضي التحقيق مع الادعاء بالحق المدني بخصوص انتهاك بهذه الخطورة لحقوق الإنسان مما لم يكن للدولة الطرف أن تتجاهله.

6-5 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف القائلة بأن مجرد "الاعتقاد أو الافتراض الشخصي" لا يُعفي صاحبة بلاغ ما من استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تشير صاحبة البلاغ إلى المادة 45 من الأمر رقم 06-01 التي تنصّ على عدم جواز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدفاع والأمن. ويعاقَب بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح بين 000 250 دينار جزائري و000 500 دينار جزائري كل من يقدّم شكوى أو ادعاء من هذا القبيل. وبذلك لم تبيّن الدولة الطرف بطريقة مقنعة كيف يسمح تقديم شكوى والادعاء بالحق المدني بتلقي المحاكم المختصة أي شكوى والبت فيها، مما سيشكل انتهاكاً للمادة 45 من الأمر المذكور، ولم تبيّن أيضاً كيف يمكن أن تكون صاحبة البلاغ في مأمن من الملاحقة المنصوص عليها في المادة 46 من هذا الأمر. ووفقاً لما تؤكده اجتهادات هيئات المعاهدات، فإن النظر في هذه الأحكام يقود إلى استنتاج أن أي شكوى تتعلق بانتهاكات تعرضت لها صاحبة البلاغ وابنها لن يعلن أنها غير مقبولة فحسب، بل سيعاقب عليها جنائياً أيضاً. والدولة الطرف لم تقدم أي مثال على قضية من القضايا التي تكون قد أفضت، رغم وجود الأمر المشار إليه، إلى ملاحقة فعلية للمسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في حالة مماثلة للحالة قيد النظر.

6-6 وتلاحظ صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف دفعت، في ملاحظاتها الإضافية بشأن المقبولية، أن صاحبة البلاغ، متصرفةً باسمها وبالنيابة عن ابنها، تنفي أنها طلبت مساعدة المحامي الذي يتولى الدفاع عنها، أي منظمة ترايل، التي تمثلها في القضية المعروضة على اللجنة. وتستند الدولة الطرف فيما ذهبت إليه إلى أن صاحبة البلاغ قبِلت بعملية التسوية الداخلية الناشئة عن ميثاق السلم والمصالحة ا لوطنية والتي أفضت إلى صدور حكم إ عل ا ن الوفاة وإلى تقديم ملف للحصول على تعويضات. وتلاحظ صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يثبت دعواها. فهي لم تقدم أي تصريح مكتوب صادر عن صاحبة البلاغ ينفي أنها طلبت خدمات المحامي. وفي المقابل، قدمت صاحبة البلاغ توكيلا ً مكتوبا ً مؤرخا ً في 13 كانون الثاني/يناير 2006 تطلب فيه من موكلها تمثيلها أمام اللجنة. وهذا التوكيل يبقى صالحا ً .

6-7 وتذكّر صاحبة البلاغ أن لجنة مكافحة التعذيب أعربت، في ملاحظاتها الختامية المعتمدة في 13 أيار/مايو 2008 إزاء الجزائر، عن قلقها بشأن الأمر رقم 06-01 الذي يرغم أسر المفقودين على الإقرار بوفاة أفراد من ذويهم لتتمكن من الاستفادة من التعويضات، وهو ما يمكن أن يمثل شكلا ً من المعاملة اللاإنسانية والمهينة (CAT/C/DZA/CO/3، الفقرة 13). وفي ضوء هذا الموقف، من الصعب تأويل القبول بعملية التسوية الداخلية على أنه تعبير عن الرغبة من جانب صاحبة البلاغ في وقف الدعوى المرفوعة إلى اللجنة. ثم إن إسقاط الدعوى القضائية لا يسري بأي حال من الأحوال على جرائم من قبيل التعذيب والاغتصاب والاختفاء القسري، باعتبارها جرائم لا تسقط بالتقادم (CAT/C/DZA/CO/3، الفقرة 11) . وبالتالي تبقى الدولة الطرف ملزمة بإجراء تحقيق مستقل ونزيه في أي ادعاء بارتكاب جرائم دولية بغية ملاحقة ومعاقبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم أياً كانت التدابير التي اتخذت في سبيل المصالحة الوطنية. وعليه، فإن قبول صاحبة البلاغ بعملية التسوية الداخلية الناشئة عن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لا يعفي الدولة الطرف من التزامها بالتحقيق وملاحقة المتسببين في اختفاء ابن صاحبة البلاغ.

6-8 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تلاحظ صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف اكتفت بسرد السياقات التي ربما شكلت الظروف التي اختفى فيها ضحايا "المأساة الوطنية" بشكل عام. وهذه الملاحظات العامة لا تدحض البتّة الوقائع التي سيقت في هذا البلاغ. بل إن تلك السياقات نجدها سُردت بطريقة مماثلة في سلسلة من القضايا الأخرى، مما يبيّن أن الدولة الطرف لا تزال ترفض تناول هذه القضايا كل واحدة منها على حدة.

6-9 وفيما يتعلق بالحجة التي ساقتها الدولة الطرف ومؤداها أن من حقها أن تطلب فصل مسألة مقبولية البلاغ عن مسألة أسسه الموضوعية، تشير صاحبة البلاغ إلى الفقرة 2 من المادة 97 من النظام الداخلي للجنة حقوق الإنسان التي تنص على أن بإمكان الفريق العامل أو المقرر الخاص، نظراً للطابع الاستثنائي للقضية، أن يطلب رداً مكتوباً يقتصر على تناول مسألة المقبولية. وهكذا، فإن هذه الصلاحيات ليست من اختصاص صاحبة البلاغ ولا الدولة الطرف وإنما من اختصاص الفريق العامل أو المقرر الخاص لا غير. وتعتبر صاحبة البلاغ أن الحالة قيد البحث لا تختلف بتاتاً عن بقية حالات الاختفاء القسري وأنه من المناسب عدم فصل مسألة المقبولية عن مسألة الأسس الموضوعية.

6-10 وتذكّر صاحبة البلاغ بأن من واجب الدولة الطرف أن تقدم "شروحاً أو ملاحظات تتناول مسألتي مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية معا ". و ت ذكر أيض اً بسوابق هيئات المعاهدات التي ترى أنه يجوز للجنة، عند عدم تقديم الدولة الطرف ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية، أن تبت في الموضوع بناء على المعلومات التي يتضمنها الملف. و ت ض ي ف أن التقارير الكثيرة التي تتحدث عن تصرفات قوات الأمن أثناء الفترة المعنية والمساعي العديدة التي بذلها أفراد عائلة الضحية تدعم ال ادعاءات التي ساقتها صاحبة البلاغ في بلاغ ها هذا . ونظراً إلى مسؤولية الدولة الطرف عن اختفاء ابن صاحبة البلاغ، فلا يسع هذه الأخيرة تقد يم مزيد من المعلومات لدعم بلاغها ، ذلك أن الدولة الطرف هي وحدها التي ت ملك هذه المعلومات. وتلاحظ صاحبة البلاغ فضلا ً عن ذلك أن عدم تقديم الدولة الطرف أية معلومات بشأن الأسس الموضوعية هو إقرار منها بالانتهاكات المرتكبة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 تذكّر اللجنة بداية بأن قرار الجمع بين المقبولية والأسس الموضوعية الذي اتخذ ه المقرر الخاص (انظر الفقرة 1-3) لا يستبعد أن تنظر اللجنة في الأمرين على مرحلتين. فالجمع بينهما لا يعني تزامن النظر فيهما. و عليه ، ف قبل النظر في أي شكوى ت رد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة ، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرر إن كان البلاغ مقبولا بمقتضى البروتوكول الاختياري .

7-2 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ، متصرفةً باسمها وبالنيابة عن ابنها، تنفي أنها طلبت المساعدة من منظمة ترايل لتمثلها في القضية المعروضة على اللجنة، مستندة في ذلك إلى أن صاحبة البلاغ قبِلت بعملية التسوية الداخلية الناشئة عن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والتي أفضت إلى صدور حكم إ عل ا ن الوفاة وإلى تقديم ملف للحصول على تعويضات. وتحيط اللجنة علما ً بحجة محامي صاحبة البلاغ ومؤداه أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يثبت دعواها. وتلاحظ اللجنة أن هذا البلاغ سُجِّل وفقا لنظامها الداخلي، لا سيما المادة 96 التي تنص على أن البلاغ يجب أن يقدمه الشخص المعني نفسه أو من يمثله. وفي الحالة قيد النظر، قدّم المحامي توكيلا ً يحمل توقيع صاحبة البلاغ مؤرخ في 13 كانون الثاني/يناير 2006 يمنحه الحق في تمثيلها أمام اللجنة. ولم تعترض صاحبة البلاغ أمام اللجنة مطلقا ً على صحة هذا التوكيل.

7-3 وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بملاحظة الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ أقرت أمام السلطات الجزائرية أنها قَبِلت بالاستفادة من آلية التسوية الداخلية الناشئة عن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. على أن اللجنة ترى أن القبول بعملية التسوية الداخلية لا يمكن أن تُعَدَّ تعبيرا ً عن الرغبة من جانب صاحبة البلاغ في التخلي عن الدعوى التي أقامتها أمام اللجنة. وعليه، تعتبر اللجنة أن البلاغ مقبول بموجب المادة الأولى من البروتوكول الاختياري.

7-4 و لما كانت اللجنة ملزمة بقبول البلاغ بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فقد تأكدت من أن المسألة ذاتها ليست قيد الدراسة أمام هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو  التسوية الدولية .

7-5 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ترى أن صاحبة البلاغ وأفراد أسرتها لم  ي ستنفد وا سبل الانتصاف المحلية إذ إنه م لم  ي توخ وا إمكانية عرض قضيته م على قاضي التحقيق والادعاء بالحق المدني بناءً على المادتين 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية . و علاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ترى أن صاحبة البلاغ وجهت رسائل إلى السلطات السياسية أو الإدارية، وأرسلت التماسات إلى ممثلين للنيابة العامة (المدّعون العامون أو وكلاء الجمهورية) دون اللجوء إلى إجراءات الطعن القضائي بمعناه الدقيق والاستمرار فيها حتى النهاية باستخدام جميع سبل الانتصاف المتاحة في الاستئناف والنقض. وتلاحظ اللجنة أيضاً الحجة التي ساق ت ها صاحبة البلاغ ومؤداها أن ها، بعد القيام بمس اعٍ غير رسمية لدى مراكز الشرطة والدرك، لجأت إلى السلطات القضائية، لا سيما محكمة الحراش ومحكمة الجزائر العاصمة ثم إلى المحكمة العسكرية بالبليدة، حيث أخبرتها المحكمتان الأولى والثانية أن هذه المحكمة العسكرية هي الجهة المختصة بالنظر في هذه القضية. وتحيط اللجنة علما ً أيضاً أنه لم يتخذ أي إجراء ولم يجر أي تحقيق بعد كل هذه المساعي وأن صاحبة البلاغ لم تتمكن، رغم الطعون الإدارية والقضائية التي قدمتها، من الحصول على أية معلومات رسمية كفيلة بالكشف عن مصير ابنها. وفي الأخير، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ أفاد ت بأن المادة 46 من الأمر رقم 06-01 تعاقب كل من يقدم شكوى تتعلق بالأفعال المنصوص عليها في المادة 45 من هذا الأمر.

7-6 وتذكر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة ليس فقط بإجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان المبلّغ عنها إلى سلطاتها، لا سيما عندما يتعلق الأمر باختفاء قسري وانتهاك الحق في الحياة، ولكنها ملزمة أيضاً بملاحقة كل من يشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . لقد أخطرت أسرة محمد لميز السلطات المختصة مراراً باختفاء هذا الأخير، لكن الدولة الطرف لم تجر أي تحقيق متعمّق ودقيق في الأمر. وعلاوة على ذلك، لم تقدم الدولة الطرف معلومات تسمح باستنتاج أن ثمة سبيل انتصاف فعالاً ومتاحاً قائمٌ بالفعل في الوقت الذي يستمر فيه العمل بالأمر رقم 06-01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 رغم توصيات اللجنة التي طلبت فيها جعل أحكام هذا الأمر منسجمة مع أحكام العهد (CCPR/C/DZA/CO/3،الفقرات 7 و8 و13) . وترى اللجنة أن الادعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة مثل تلك المزعومة في هذه الحالة لا يمكن أن يكون بديلاً عن الإجراءات القضائية التي من المفروض أن يتخذها وكيل الجمهورية نفسه ( ) . وعلاوة على ذلك، فنظراً للطابع غير الدقيق لنص المادتين 45 و46 من الأمر، ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف معلومات مقنعة بشأن تفسير نص المادتين وتطبيقهما عملياً، فإن المخاوف التي أعربت عنها صاحبة البلاغ من حيث العواقب المترتبة على تقديم شكوى هي مخاوف معقولة.

7-7 وترى اللجنة أنه ليس من واجب صاحب البلاغ، لأغراض المقبولية، إلا استنفاد سبل الانتصاف الفعالة لتصحيح الانتهاك المزعوم، وهي في حالة هذه القضية سبل الانتصاف الفعالة لتصحيح الاختفاء القسري . وبالنظر إلى جميع هذه الاعتبارات، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ليست عائقاً أمام مقبولية هذا البلاغ.

7-8 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ علّل ادعاءاته بما فيه الكفاية من حيث إن هذه الادعاءات تثير مسائل تتعلق بالفقرة 1 من المادة 6، والمادة 7، والمادة 9، والمادة 10، والمادة 16، والفقرة 3 من المادة 2 من العهد، ومن ثم تنتقل اللجنة إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ .

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، بموجب الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري .

8-2 وقدّمت الدولة الطرف ملاحظات جماعية وعامة بخصوص الادعاءات الخطيرة التي أثارها أصحاب عدة بلاغات، ومنهم صاحبة هذا البلاغ. واكتفت الدولة الطرف بالتأكيد على أن البلاغات التي تدعي مسؤولية موظفين عموميين أو خاضعين في عملهم للسلطات العامة عن حالات الاختفاء القسري التي حدثت في الفترة من عام 1993 إلى عام 1998 يجب أن تُعالج في إطار شامل يراعي الوضع الاجتماعي والسياسي والوضع الأمني السائد في البلد في فترة كانت الحكومة منشغلة بمكافحة الإرهاب. وتشير اللجنة إلى اجتهاد سابق لها ( ) وتذكّر بأن على الدولة الطرف ألا تتذرع بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا أو قد يقدموا بلاغات إلى اللجنة. فالعهد يقتضي أن تراعي كل دولة طرف مصير كل فرد وتعامل كل فرد معاملة تحترم كرام ته المتأصلة في النفس البشرية . ويبدو أن الأمر رقم 06-01، ما لم تُدخل عليه التعديلات التي أوصت بها اللجنة، يعزّز الإفلات من العقاب، وبذلك لا يمكن، بصيغته الحالية، أن يعتبر متوافقاً مع أحكام العهد .

8-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاءات صاحبة البلاغ بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ وتذكر باجتهاد سابق لها ( ) مفاده أن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن صاحب البلاغ لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن المعلومات اللازمة تكون في أغلب الأحيان في حوزة الدولة الطرف فقط. و يتبيّن من الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري أن الدولة الطرف ملزمة بأن تحقق بحسن نية في جميع الادعاءات ب انتهاك أحكام العهد الموجهة ضدها وضد ممثل ي ها وأن تحيل المعلومات التي تكون في حوزتها إلى اللجنة ( ) . ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الخصوص، من المناسب إيلاء ادعاءات صاحبة البلاغ الاهتمام الواجب ما دامت معللة بما فيه الكفاية .

8-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ أفادت بأن ابنها ألقي عليه القبض في بيته من قبل أفراد من الجيش الوطني الشعبي الجزائري في سياق عملية تمشيط عسكرية جرت تحت إمرة الرائد م. ب. يوم 30 نيسان/أبريل 1996 على الساعة 5 والنصف صباحا ؛ وأنه يرجح أنه اقتيد إلى ثكنة براقي؛ وأنه قيل أنه شوهد فيما بعد في ثكنة بني مسوس؛ وأن الأسرة لم تتلق أي خبر عن الضحية منذ إلقاء القبض عليه. وتذكر اللجنة بأن الحرمان من الحرية ثم عدم الإقرار بذلك أو عدم الكشف عن مصير الشخص المختفي يؤدي، في حالات الاختفاء القسري، إلى حرمان هذا الشخص من حماية القانون ويعرض حياته لخطر جسيم ودائم تعتبر الدولة مسؤولة عنه. وفي الحالة قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم  تقدم أية معلومات تفيد بأنها أوفت ب التزامها المتمثل في حماية حياة محمد لميز . وبناءً عليه ، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخل ّ ت بالتزامها بحماية حياة الضحية، وهو ما يشكل انتهاك اً للفقرة 1 من المادة 6 من العهد ( ) .

8-5 و تقر اللجنة بدرجة المعاناة التي ينطوي عليها التعرض للاحتجاز لمدة غير محددة دون اتصال بالعالم الخارجي . وتذكّر بتعليقها العام رقم 20(1992) بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ( ) ، حيث توصي الدول الأطراف بسن أحكام تمنع الحبس في مكان سري. وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن أفرادا ً من الجيش الوطني الشعبي الجزائري ألقوا القبض على محمد لميز يوم 30 نيسان/أبريل 1996 وأن مصيره لا يزال مجهولاً إلى يومنا هذا . ونظراً لعدم ت قديم الدولة الطرف توضيحات كافية بهذا الخصوص، تعتبر اللجنة أن هذا الاختفاء يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد في حق محمد لميز ( ) .

8-6 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما عانته صاحبة البلاغ من قلق وضيق جراء اختفاء ابنها محمد لميز . وترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاكٍ للمادة 7 من العهد في حقها ( ) .

8-7 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 9، تحيط اللجنة علماً بمزاعم صاحبة البلاغ التي تؤكد أن محمد لميز ربما لم توجه إليه تهمة قط ولم يقدم إلى سلطة قضائية يمكنه أن يعترض أمامها على مشروعية احتجازه؛ وأنه لم تقدم أية معلومات رسمية إلى صاحبة البلاغ وإلى أسرة الضحية عن مصيره. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف توضيحات كافية بهذا الخصوص، تخلص اللجنة إلى أن المادة 9 من العهد قد انتهكت في حق محمد لميز ( ) .

8-8 وفيما يتعلق بالشكوى المقدّمة بموجب الفقرة 1 من المادة 10، تؤكد اللجنة مجدداً أن الأشخاص المحرومين من الحرية يجب ألا يتعرضوا لأي حرمان أو إكراه عدا ما هو ملازم للحرمان من الحرية، وأنه يجب معاملتهم بإنسانية واحترام كرامتهم. ونظراً لاحتجاز محمد لميز في مكان سري ونظراً كذلك لعدم تقديم الدولة الطرف معلومات بهذا الخصوص، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 1 من المادة 10 من العهد قد انتُهكت ( ) .

8-9 أما عن مزاعم انتهاك المادة 16، فإن اللجنة تذكّر باجتهادها الثابت ومؤداه أن حرمان شخص ما عمداً من حماية القانون لفترة مطولة يمكن أن يشكل رفضاً للاعتراف بشخصيته القانونية إذا كان هذا الشخص في قبضة سلطات الدولة عند ظهوره للمرة الأخيرة، وإذا كانت جهود أقاربه الرامية إلى الوصول إلى سبل انتصاف فعالة على الأرجح، بما في ذلك المحاكم (الفقرة 3 من المادة 2 من العهد)، تعترضها معوقات بانتظام ( ) . وفي القضية قيد البحث، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدّم معلومات عن المصير الذي آل إليه الشخص الضحية ولا عن المكان الذي يوجد فيه، على الرغم من الطلبات العديدة التي قدمتها صاحبة البلاغ إلى الدولة الطرف. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء محمد لميز قسراً منذ 30 نيسان/أبريل 1966 حرمه من حماية القانون وحرمه من حقه في أن يُعترف له بشخصيته، وفي ذلك انتهاك للمادة 16 من العهد.

8-1 0 وتتذرع صاحبة البلاغ بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي تلزم الدول الأطراف بأن تكفل سبيل انتصاف فعالاً لجميع الأشخاص الذين انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. وتُعلّق اللجنة أهمية على قيام الدول الأطراف بإنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى المتصلة بانتهاكات الحقو ق. وتذكّر بتعليقها العام رقم 31 (2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد ( ) ، الذي يشير على وجه الخصوص إلى أن تقاعس دولة طرف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك واضح للعهد. وفي القضية قيد النظر ، فقد أخطرت صاحبة البلاغ السلطات المختصة باختفاء محمد لميز بعد القبض عليه مباشرة. و لم تسفر كل الجهود التي بذلت عن أي نتيجة و لم تجر الدولة الطرف أي تحقيق متعمّق ودقيق في حالة ال اختفاء هذه. وعلاوة على ذلك، فإن ال استحالة القانونية للجوء إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06-01 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لا تزال تحرم محمد لميز وصاحبة البلاغ من أي إمكانية للوصول إلى سبيل انتصاف فعال، ذلك أن هذا الأمر يمنع، تحت طائلة السجن، من اللجوء إلى العدالة لكشف ملابسات أكثر الجرائم خطورة مثل حالات الاختفاء القسري (الوثيقةCCPR/C/DZA/CO/3، الفقرة 7) .

8-11 وتلاحظ اللجنة فضلا ً عن ذلك أن الدولة الطرف ترى أن قبول صاحبة البلاغ بعملية تسوية داخلية أفضت إلى حكم قضائي بالوفاة وبتقديم ملف للحصول على تعويضات مانع لغيره من الإجراءات ومن ثم مخالف لتقديم بلاغ اللجنة بدعوى انتهاك العهد. وفي هذا الصدد، فإن اللجنة، إذ تذكر بما جاء في الفقرة 7-3 أعلاه، تؤكد بأن الدول ملزمة بإجراء تحقيقات متعمقة ودقيقة في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري، بغض النظر عن التدابير التي اتخذت من أجل المصالحة الوطنية. وتعتبر اللجنة، على مجه الخصوص، أن منح تعويضات لا يمكن أن يكون مشروطا بوجود تصريح بوفاة الشخص المختفي ( ) .

8-12 وبناء على ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 (الفقرة 1)، و7، و9، و10، و16 من العهد في حق محمد لميز؛ وانتهاك للمادة 2 (الفقرة 3) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 في حق صاحبة البلاغ.

9- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن المعلومات المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمواد 6 (الفقرة 1)، و7 و9 و10 (الفقرة 1)، و16؛ والمادة 2 (الفقرة 3) مقروءة بالاقتران مع المواد 6 (الفقرة 1)، و7، و9، و10 (الفقرة 1)، و16 من العهد في حق محمد لميز. وتكشف هذه الوقائع أيضا ً عن وقوع انتهاك للمادة 7 والمادة 2 (الفقرة 3) مقروءة بالاقتران مع المادة 7 العهد في حق صاحبة البلاغ.

10- ووفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تتيح لصاحبة البلاغ وأسرتها سبيل انتصاف فعّالاً يشمل على وجه الخصوص ما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل ودقيق في اختفاء محمد لميز؛ (ب) تزويد صاحبة البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج تحقيقها؛ (ج) الإفراج عن ابن صاحبة البلاغ فوراً إذا كان لا يزال محبوسا ً في مكان سري؛ (د) إعادة جثة محمد لميز إلى أسرته إذا كان قد توفي؛ (ﻫ) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ (و) تقديم تعويض مناسب إلى صاحبة البلاغ عن الانتهاكات التي تعرضت لها بصرف النظر عن إقرار صاحبة البلاغ بوفاة ابنها؛ وكذلك إلى محمد لميز إن كان لا يزال على قيد الحياة. وبغض النظر عن وجود الأمر رقم 06-01، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم إعاقة ممارسة الحق في سبيل انتصاف فعال بالنسبة لضحايا الجرائم من قبيل التعذيب والإعدام خارج نطاق القانون والاختفاء القسري. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهّدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مائة وثمانين يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.

[اعتُمدت بالفرنسية (النص الأصلي) والإسبانية والإنكليزية. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير السنوي المقدم من اللجنة إلى الجمعية العامة.]

ال تذييل

رأي فردي للسيد فابيان عمر سالفيولي والسيد ف ي كتور مانويل رودريغي س - ريس يا

1- نحن متفقان مع قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بخصوص ال بلاغ رقم 1798/2008 حيث خلصت اللجنة إلى وقوع انتهاك لحق محمد لميز، وللحقوق المكفولة بموجب المواد 6 (الفقرة 1)، و7، و9، و10 (الفقرة 1)، و16 من العهد، وللالتزامات المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع المواد 6 (الفقرة 1)، و7، و9، و10 (الفقرة 1)، و16 من العهد، ووقوع انتهاك كذلك لحق صاحبة البلاغ، وللمادة 7 والمادة 2 (الفقرة3) مقروءة بالاقتران مع المادة 7.

2- على أننا قلقان لأن اللجنة، في استنتاجاتها بخصوص البلاغ المشار إليه أعلاه، لم تعتبر أن وجود أحكام داخلية، وتحديدا ً المادتان 45 و46 من الأمر رقم 06-01، المخالفتين للعهد أصالةً، هو بمثابة انتهاك إضافي للعهد.

3- ويؤسفنا أن نذكر بأن تقييمنا القانوني للآثار المترتبة على وجود المادتين المذكورتين وتطبيقهما يختلف عن تقييم أغلبية أعضاء اللجنة؛ ذلك أن المادتين 45 و46 من الأمر رقم 06-01 الصادر في 27 شباط/فبراير 2006 والمتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المعتمد باستفتاء في 29 أيلول/سبتمبر 2005 تحظران أي لجوء إلى العدالة لمقاضاة أفراد قوات الدفاع والأمن الجزائرية على جرائم مثل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري . وطبقاً لأحكام هاتين المادتين فإن أي شخص يقدم مثل هذه الشكوى أو التظلم يكون معرضاً للسجن لمدة من 3 إلى 5 سنوات وغرامة تتراوح بين 000 250 و000 500 دينار جزائري.

4- ولم تعلن اللجنة صراحة، كما كنا نود، أن المادة 45 من الأمر رقم 06-01 تتعارض، في منطوقها، مع أحكام المادة 14 المتعلقة بحق كل شخص في اللجوء إلى العدالة للمطالبة بحقوقه. وكان يجب على اللجنة أن تخلص كذلك إلى حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 2 التي تفرض على الدول الأعضاء التزاماً بتكييف تشريعاتها مع المعايير التي حددها العهد.

5- وتتمسك أغلبية أعضاء اللجنة بالممارسة المتمثلة في عدم استنتاج حدوث انتهاك للحقوق التي لم يحتج بها أصحاب البلاغات غافلين بذلك عن تطبيق مبدأ "المحكمة أدرى بالقانون"، وعلى هذا النحو، تقيد اللجنة صلاحياتها بنفسها دون سبب، وهو ما لا يليق بهيئة دولية لحماية حقوق الإنسان.

6- وتجدر الإشارة فضلا ً عن ذلك إلى أن هذه الممارسة المزعومة، فضلاً عن كونها مغلوطة، فهي غير ثابتة: فقد طبّقت اللجنة ذاتها في قراراتها أحياناً مبدأ "المحكمة أدرى بالقانون"، وإن لم تدفع بذلك صراحة. فقد مرّت عليها في السنوات الأخيرة قضايا كثيرة بادرت فيها إلى تطبيق العهد تطبيقاً سليماً على الوقائع المستنتجة، مبتعدة عن الحجج القانونية أو المو اد التي اعتدت بها الأطراف صراحة ( ) .

7- ووجود المادتين 45 و46 من الأمر رقم 06-01، اللتان تنصان على إمكانية الحكم بالسجن أو بغرامة على أي شخص يتظلم من الجرائم المشمولة بأحكام هاتين المادتين، أمر مخالف لأحكام العهد لأنه يؤدي إلى تكريس الإفلات من العقاب على نحو يحول دون أي تحقيق أو إدانة أو تعويض في حال حدوث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، مثل اختفاء محمد لميز (ابن صاحبة البلاغ) الذي لا يعرف مصيره إلى اليوم. فالحظر القانوني المفروض على التظلم من وقائع هذه القضية وقضايا مماثلة أخرى، ومن ثم على التحقيق في أمرها، يشجع الإفلات من العقاب إذ ينتهك الحق في اللجوء إلى العدالة، بحكم أن هذا الأمر يعاقب على ممارسة حق التظلم من أفعال كالتي قام عليها هذا البلاغ لأنها تسببت في اختفاء أشخاص قسراً .

8- وتدابير التصحيح التي طلبتها اللجنة لتجنب تكرار الوقائع ذاتها في حالات مماثلة تدابير غير كافية. وبالفعل، فقد جاء في آراء اللجنة أنه "يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم عرقلة ممارسة الحق في سبيل انتصاف فعال بالنسبة إلى ضحايا الجرائم من قبيل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري" (الفقرة 10). ونحن نرى أن اللجنة كان عليها أن تقول بعبارات واضحة ومباشرة إن الحظر الوارد في الأمر رقم 06-01 والمتعلق باللجوء إلى القضاء من أجل فتح تحقيق في حالات تعذيب أو إعدام خارج نطاق القضاء أو اختفاء قسري حظر ينتهك الالتزام العام المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 2 من العهد التي يتعين على الدولة الجزائرية بموجبه "أن تعمد، في حال كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلاً إعمال الحقوق المعترف بها في العهد، إلى أن تتخذ، طبقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام [...] العهد، الترتيبات اللازمة لإتاحة اعتماد من ال تدابير ال تشريعية أو غير التشريعية، الكفيلة بإعمال الحقوق التي أقرت في [...] العهد والتي لم يبدأ سريان مفعولها بعد." (الخط المائل مضاف).

9- والمادتان 45 و46 من الأمر رقم 06-01 تشجعان الإفلات من العقاب وتحرمان ضحايا هذه الانتهاكات الخطيرة وأقاربهم من حق التظلم القضائي بالسبل الفعالة، إذ تحولان دون معرفتهم الحقيقة وممارسة حقهم الأساسي في اللجوء إلى القضاء والطعن في القرارات والحصول على تعويض كامل. وحتى إذا سُلّمنا بأن سائر أحكام الأمر رقم 06-01 تساهم في السلم والمصالحة الوطنية في الجزائر فإن ذلك لا يمكن أن يكون على حساب الحقوق الأساسية للضحايا وأقاربهم الذين يتحملون عواقب انتهاكات خطيرة ناهيك عن أنه لا يمكن أن يعني تعرض هؤلاء الأقارب لعقوبات وجزاءات تجعلهم ضحايا مرتين إذا مارسوا حقهم في اللجوء إلى القضاء الذي يشكل علاوة على ذلك أحد وسائل حماية وضمان حقوق الإنسان التي لا يمكن تقييدها (كالحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب) بما في ذلك في الحالات الاستثنائية (الفقرة 2 من المادة 4 من العهد).

10- والاستحالة القانونية للجوء إلى هيئة قضائية نتيجة لسن الأمر رقم 06-01 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية حرمت ولا تزال تحرم محمد لميز وصاحبة البلاغ وأسرته من الحصول إلى سبيل انتصاف فعال، بالنظر إلى أن هذا الأمر يمنع، تحت طائلة السجن، تقديم التماس إلى محكمة لكشف الحقيقة في أخطر الجرائم، كالاختفاء القسري.

11- وكان على اللجنة أن تطلب صراحة، ضمن تدابير التصحيح الرامية إلى ضمان عدم تكرار الوقائع موضوع البلاغ، أن تفي الدولة الجزائرية بالالتزام المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 2، وأن تعتمد من ثم تدابير تشريعية أو تدابير أخرى لإلغاء المادتين 45 و46 من الأمر رقم 06-01 وتلغي أوجه الحظر والعقوبات والجزاءات وسائر العَقَبات التي تفضي إلى الإفلات من العقاب على جرائم خطيرة كالاختفاء القسري والتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء، سواء في حالة الضحايا المذكورين في هذا البلاغ أم الضحايا وأقارب الضحايا في حالات مماثلة.

[اعتُمد بالفرنسية (النص الأصلي) والإنكليزية والإسبانية . وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير السنوي المقدم من اللجنة إلى الجمعية العامة.]