الأمم المتحدة

CAT/C/68/D/817/2017

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

2 January 2020

Arabic

Original: French

‎لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 817 / 2017 * **

المقدم من : علي عراس (يمثله المحاميان دنيا علامات وكريستوف مارشان)

الشخص المدَّعى أنه ضحية : صاحب الشكوى

الدولة الطرف : المغرب

تاريخ تقديم الشكوى : 17 آذار/مارس 2017 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار الذي اتخذ بموجب المادتين 114 و 115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 28 آذار/ مارس 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار : 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2019

الموضوع : التعذيب أو إساءة المعاملة في السجن

المسائل الإجرائية : لا توجد

المسائل الموضوعية : التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والحبس الانفرادي؛ والتزام الدولة الطرف بإجراء تحقيق فوري ونزيه؛

مواد الاتفاقية : 1 و 2 و 11 و 12 و 13 و 14 و 16

1 - 1 مقدم الطلب هو علي عراس، وهو مواطن يحمل الجنسيتين البلجيكية والمغربية، وُلد في 4 آذار/مارس 1962 في فرجانة، بالمغرب. وهو محتجز الآن في سجن تيفلت 2 ويشتكي من ظروف الاحتجاز، لا سيما حبسه الانفرادي، التي تشكل انتهاكا ً من المغرب لالتزاماته بموجب المواد 1 و 2 و 11 و 12 و 13 و 14 و 16 من الاتفاقية. وصدَّقت الدولة الطرف على الاتفاقية في 21 حزيران/ يونيه 1993 ، وأصدرت إعلاناً بموجب المادة 22 ( 1 ) من الاتفاقية في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2006 . ويمثل صاحبَ الشكوى المحاميان دنيا علامات وكريستوف مارشان ( ) .

1 - 2 وطلب صاحب الشكوى إلى اللجنة أن تتخذ تدابير حماية مؤقتة. وفي 28 آذار/مارس 2017 ، قررت اللجنة، عملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، تلبية طلب اتخاذ تدابير مؤقتة، وطلبت إلى الدولة الطرف أن تخفف من نظام سَجن صاحب الشكوى وأن تضمن حقوقه بوصفه محتجزا ً تجنباً لعواقب لا رجعة فيها، ما دامت شكواه قيد النظر.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2 - 1 أُلقي القبض على صاحب الشكوى واحتجز في 1 نيسان/أبريل 2008 بمقتضى مذكرة توقيف أصدرها المغرب بدعوى ارتكاب جرائم قيل إنها "إرهابية". وبالتوازي مع طلب التسليم هذا الذي قدمه المغرب، أمرت إسبانيا بإجراء تحقيقين اثنين بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية. وانتهى كلا التحقيقين بقرار رد الدعوى.

2 - 2 وما فتئ صاحب الشكوى ينكر تورطه في أي عمل إجرامي واعترض على تسليمه، لا سيما بسبب احتمال تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة، ولمحاكمة غير عادلة وظروف احتجاز لا إنسانية في المغرب. غير أن مجلس الوزراء الإسباني وافق على تسليم صاحب الشكوى إلى المغرب في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 .

2 - 3 وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، قدم صاحب الشكوى إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان طلب تدابير مؤقتة لمنع تسليمه. وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، طلبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من إسبانيا عدم تسليمه إلى المغرب ( ) . ومع ذلك، سلمته إسبانيا إلى السلطات المغربية في 14 كانون الأول/ديسمبر 2010 .

2 - 4 وتعرض صاحب الشكوى لتعذيب وحشي أثناء احتجازه الطويل لدى الشرطة في المغرب: حقن مواد واغتصاب وضرب وإذلال وتهديد، وما إلى ذلك. ونتيجة لهذه الاعتداءات، وقّع اعترافات مكتوبة مسبقاً باللغة العربية، وهي لغة لا يتقنها.

2 - 5 وفي 24 كانون الأول/ديسمبر 2010 ، مَثل صاحب الشكوى أمام قاضي التحقيق، الذي لم يُسجل الإصابات المتعددة التي تعرض لها ولم يلتمس تقييما ً طبيا ً . وحسب قول الأستاذ لحسن الدادسي، محامي صاحب الشكوى المغربي آنئذ، كانت أمارات الاعتداء أكثر من واضحة.

2 - 6 وأُحيلت قضية صاحب الشكوى في 22 نيسان/أبريل 2011 إلى غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرباط التي تنعقد في سلا عندما يتعلق الأمر بقضايا الإرهاب. ويتألف الملف المغربي أساساً من أقوال صاحب الشكوى التي أدلى بها تحت التعذيب.

2 - 7 وللاعتراف بصاحب الشكوى ضحيةً للتعذيب أثناء احتجازه لدى الشرطة، قُدمت شكوى جنائية في أوائل أيار/مايو 2011 ، لكنها رُفضت. وادعى صاحب الشكوى أيضا ً بالحق المدني أمام قاضي تحقيق. ولم يشرع القاضي في هذا الإجراء وفق الأصول. وإضافة إلى ذلك، أثار صاحب الشكوى هذه العقبة أمام الملاحقة القضائية طوال الإجراءات الجنائية المتخذة في حقه، ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه.

2 - 8 وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر 2012 ، حكمت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الرباط على صاحب الشكوى بالسجن 12 سنة ( ) . وطعن صاحب الشكوى بالنقض في هذا الحكم، لكن هذا الإجراء لم يسفر عن أي قرار حتى الآن ( ) . وهكذا بقي صاحب الشكوى رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة تسع سنوات، لأن إدانته لا تزال غير نهائية.

2 - 9 وبعد أن قدم صاحب الشكوى طلبه إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ( ) ، رفع شكوى إلى لجنة مناهضة التعذيب التي خلصت إلى انتهاك المواد 2 و 11 و 12 و 13 و 15 من الاتفاقية ( ) . غير أن التحقيق الذي تلا ذلك كان أبعد ما يكون عن استيفاء معايير المحاكمة العادلة. وعقب صدور هذا القرار، أعاد المغرب فتح تحقيق في ادعاءات صاحب الشكوى المتعلقة بالتعذيب.

2 - 10 وذكرت إسبانيا في تعليقاتها الموجهة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن وزير العدل سلمها، في اجتماع عقد في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ، قراراً من غرفة التحقيق رقم 4 مؤرخا ً 20 تشرين الأول/أكتوبر 2015 . وأظهر هذا القرار أن قاضي التحقيق أمر بإجراء تقييم طبي، وزار مباني الشرطة التي كان صاحب الشكوى محتجزاً فيها، وأخذ شهادة الشرطة والممرضين/الممرضات والأطباء/الطبيبات وأشخاص آخرين كانوا محتجزين في نفس الفترة التي كان فيها صاحب الشكوى محتجزا ً ، إضافة إلى أطراف ثالثة. وخلص هذا القرار إلى رد الدعوى. ولما كان صاحب الشكوى لا يعتبر طرفاً في الدعوى، فإنه لم يتمكن من الاستئناف. وعليه، فإن التحقيق قد أُغلق نهائيا.

2 - 11 وتعرض صاحب الشكوى طوال فترة احتجازه لجملة من الانتهاكات، منها التهديد والضغط والمضايقة والتفتيش بلا مبرر والضرب، على يد كل من موظفي السجن ومحتجزين آخرين. ووُضع تعسفاً في الحبس الانفرادي وحُرم النومَ والرعاية الطبية اللازمة. وقُيدت حقوقه، بل حُرم منها، وخضع للمراقَبة، حتى أثناء اجتماعاته بمحاميه/محاميته. ولم تؤخذ مظالمه المشروعة في الحسبان قط، ولم يتمكن من تلقي زيارات من أصدقائه ومحامييه البلاجكة ولا من القنصل البلجيكي والقنصل الإسباني، كما أنه لم يتلق أي ردود على استعلاماته.

2 - 12 وأضرب صاحب الشكوى عن الطعام مرات عدة احتجاجاً على ظروف احتجازه وعلى أعمال التخويف المرتبطةُ بها شكاواه المختلفة، المقدمة على الصعيدين الوطني والدولي. واستغرق أطول إضراب خاضه عن الطعام 72 يوماً في عام 2015 وأسفر عن قضائه أيام عدة في المستشفى، الأمر الذي جعل صاحب الشكوى في حالة صحية مثيرة للجزع.

2 - 13 وفي وقت كان فيه صاحب الشكوى يعاني مشاكل كبيرة أثناء الاحتجاز، نُقل إلى سجن تيفلت 2 في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2016 ، دون إبلاغه بذلك مسبَقاً هو وأسرته. ووُضع في حبس انفرادي شديد القسوة، دون إخطاره بأي قرار. ولا يزال محتجزاً حتى يومنا هذا في ظروف تشكل، نظراً لخلفيته، تعذيبا ً أو على الأقل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. وحالتُه الصحية، البدنية والنفسية على السواء، معرضة لخطر شديد. وأبلغ محاميا صاحب الشكوى وأسرتُه السلطات المغربية وفق الأصول بالعواقب التي لحقت به وطُلب إليها إعادته إلى نظام الحبس العادي كما كانت الحال في السابق.

2 - 14 وفي 17 شباط/فبراير 2017 ، اكتفى وزير العدل بالإشارة، من جهة، إلى أن صاحب الشكوى لم يوضع في الحبس الانفرادي على النحو المنصوص عليه في المادة 32 من القانون رقم 23 / 98 المؤرخ 25 آب/أغسطس 1999 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، ومن جهة أخرى، إلى أنه يتمتع بغرفة فردية ووقت للترفيه والاستحمام، وفقا ً للقانون.

2 - 15 ولم يستجب المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب لاستفسارات محاميَي صاحب الشكوى رغم زيارتين أجراهما المجلس إلى سجن تيفلت 2 . وقد فقد صاحب الشكوى، منذ نقله إلى هذا السجن، 18 كيلوغراماً بسبب التدهور الكبير في ظروف سجنه.

2 - 16 وفي الختام يؤكد صاحب الشكوى أنه لم يرفع شكوى إلى أي آلية دولية أخرى من آليات التحقيق أو التسوية، وفقاً للفقرة 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف قد انتهكت المواد 1 و 2 و 11 و 12 و 13 و 14 و 16 من الاتفاقية.

3 - 2 وللحيلولة دون وقوع ضرر يستحيل جبره نتيجةً انتهاك الاتفاقية، يطلب صاحب الشكوى اعتماد تدابير حماية مؤقتة تهدف إما إلى الإفراج عنه أو نقله فوراً إلى نظام احتجاز عادي؛ وفي هذا السياق، مع مراعاة وضعه بوصفه ضحية ووضعه العائلي الخاص.

3 - 3 ويطلب صاحب الشكوى إلى اللجنة أن تدعو الدولة الطرف إلى ما يلي: (أ) وضع حد فوري للحبس الانفرادي المفروض عليه؛ (ب) إعادته إلى نظام احتجاز عادي لتمكينه من الاتصال بمحتجزين آخرين، لا سيما أثناء الفسحة اليومية؛ (ج) السماح له باستقبال زيارات أعضاء لجنة مناهضة التعذيب، إن لزم الأمر؛ (د) السماح له بمراجعة أطباء من خارج السجون. ويطلب أيضا ً إلى اللجنة أن تدعو الدولة الطرف إلى السماح له باستقبال زيارات طويلة المدة، أي ساعة ونصف على الأقل، عندما تأتي أُسرته من الخارج لزيارته، إضافة إلى زيارات القنصل البلجيكي ومحامييه البلاجكة، ورئيس اللجنة التي تناصره، وأعضاء المرصد المغربي للسجون. ويطلب أخيراً إلى اللجنة أن تدعو الدولة الطرف إلى الإذن له في تلقي المكمّلات الغذائية التي تأتي بها أسرته، إضافة إلى لوازم النظافة الشخصية.

3 - 4 ويشدد صاحب الشكوى على أنه، إذا كان القصد من التدابير المؤقتة عادةً هو منع ارتكاب عمل من أعمال التعذيب، فإنه يجدر بها من باب أولى أن تمكّن من وضع حد للمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، المثبتة والحالية. وفي مثل هذه الحالات، لا يوجد أيضا ً أي شك في استحالة جبر الضرر الواقع.

3 - 5 ويضيف صاحب الشكوى أن السلطات المغربية لم تتابع كما يجب القرار الذي اتخذته اللجنة في بلاغها CAT/C/52/D/477/2011. فهي لا تعامله معاملة مَن وقع ضحية انتهاك أحكام الاتفاقية، بل يبدو أنها تهدف إلى تدميره. وللتذكير، فَقَدَ صاحب الشكوى 18 كيلوغراما ً من وزنه منذ نقله إلى سجن تيفلت 2 .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4 - 1 أبدت الدولة الطرف ملاحظات بشأن سياق احتجاز صاحب الشكوى في المذكرة الشفوية المؤرخة 9 حزيران/يونيه 2017 .

4 - 2 وتذكّر الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى، عقب تورطه في قضية إرهابية، سُلم إلى السلطات المغربية في 14 كانون الأول/ديسمبر 2010 في إطار إجراء تسليم ووُضع تحت الحراسة النظرية في اليوم نفسه. وفي هذا السياق، ورغم أن من حق صاحب الشكوى التماس المساعدة القانونية والقضائية، فقد امتنع هو وأسرته، بعد إبلاغها باحتجازه، عن اتخاذ أي مبادرة من هذا القبيل.

4 - 3 وفي 24 كانون الأول/ديسمبر 2010 ، مَثل صاحب الشكوى أمام الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، الذي لم يلاحظ أي أمارة تعذيب أو سوء معاملة وأمر بإحالته في اليوم نفسه إلى قاضي التحقيق المكلف بقضايا الإرهاب. وأعلن صاحب الشكوى أمام قاضي التحقيق، في أول جلسة، أنه عضو في حركة المجاهدين بالمغرب منذ عام 1992 ، والتمس المساعدة القانونية.

4 - 4 وإضافة إلى ذلك، لم يثر صاحب الشكوى في هذه الجلسة الأولى أي ادعاء يتعلق بالتعذيب أو سوء المعاملة، ولم يلحظ القاضي أي أمارة أو أثر لذلك.

4 - 5 وفي 18 كانون الثاني/يناير 2011 ، مَثل صاحب الشكوى، بمساعدة محاميه، للمرة الثانية، في جلسة استماع مفصلة، أمام قاضي التحقيق فلم يثر أثناءها أيضاً أي ادعاء يتعلق بالتعذيب أو سوء المعاملة. كما أن محاميه لم يثر ادعاءات من هذا القبيلً، ولم يلحظ عليه قاضي التحقيق أي أمارة يمكن اعتبارها من آثار التعذيب أو سوء المعاملة. وفي أيار/مايو 2011 ، أي بعد مرور ستة أشهر تقريباً على أول جلسة استماع له من قبل قاضي التحقيق، قدم صاحب الشكوى شكوى يدعي فيها أنه تعرض للتعذيب. وأجرى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط تحقيقاً، لكن الشكوى حُفظت لأنه لم يُعثر على أي دليل على صحة الادعاءات. وأدت نتائج التقييم الطبي الذي أمر به الوكيل العام للملك والذي أجراه أربعة أطباء متخصصين في الطب الشرعي والأعصاب وجراحة العظام والصدمات، وطب الأنف والأذن والحنجرة، إلى استنتاج مفاده أن ادعاءات صاحب الشكوى كاذبة، ومن ثم حُفظت الشكوى.

4 - 6 وفي 21 أيار/مايو 2014 ، عقب صدور تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ( ) ، قرر الوكيل العام للملك إعادة فتح القضية وطلب أن يجري قاضي التحقيق تحقيقاً في الموضوع. واستدعى هذا الأخير صاحب الشكوى في تموز/يوليه 2014 ، فرفض المثول أمام القاضي دون محام.

4 - 7 وفي 31 تموز/يوليه 2014 ، عُقدت جلسة للاستماع إلى صاحب الشكوى بحضور محاميه ومترجم محلف. وفي 17 أيلول/سبتمبر 2014 ، طلب الوكيل العام للملك إجراء تقييم طبي جديد، وفي 19 أيلول/سبتمبر 2014 ، أمر قاضي التحقيق بأن يقوم خمسة أطباء بذلك. ومكن ذاك التقييم الجديد من الخلوص إلى استنتاج مؤداه، من ناحية، أن الادعاءات لا أساس لها من الصحة، ومن ناحية أخرى، أن من الصعب رؤية أمارات تثبت ادعاءات التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة مرور فترة طويلة من الزمن على ارتكاب الأفعال المدّعاة. وفي 20 تشرين الأول / أكتوبر 2015 ، أمر قاضي التحقيق برد الدعوى وقرر حفظ القضية مرة أخرى.

4 - 8 وفيما يتعلق بطعن صاحب الشكوى بالنقض، تشير الدولة الطرف إلى أن هذا الأخير، الـمُلاحق بسبب مشاركته في عصابة منشأة أو اتفاق على التحضير لأعمال إرهابية أو ارتكابها أو أعمال يمكن أن تخل بالأمن العام، وحُكم عليه ابتدائياً بالسجن 15 عاما ً ، قبل الطعن بالاستئناف الذي أعقبه تخفيف الحكم إلى 12 عاماً. وفي 19 نيسان/أبريل 2014 ، أصدرت محكمة النقض حكماً برفض طلب صاحب الشكوى الطعن في الحكم.

4 - 9 وفيما يتعلق بظروف الاحتجاز، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى نُقل في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2016 إلى سجن تيفلت 2 المحلي، وهو مرفق بُنيَ حديثاً يفي بمعايير الاحتجاز المناسبة ومخصص للمدانين في قضايا شتى أو يقضون عقوبات مختلفة. ويتمتع صاحب الشكوى بجميع حقوقه وفقاً للمعايير الدولية للاحتجاز والمتطلبات القانونية والتنظيمية الوطنية، لا سيما تلك التي ينص عليها القانون رقم 23 - 98 . وجرى نقلُ صاحب الشكوى بطريقة عادية تماما ً ووفقا ً للقواعد التنظيمية المعمول بها. وقد تمكّن في هذا السياق من إبلاغ أخته بنقله إلى سجن تيفلت 2 فور وصوله إليه.

4 - 10 وفيما يتعلق بظروف احتجاز صاحب الشكوى الراهنة، لا يمكن اعتبار طريقة سجنه "حبساً انفرادياً" بأي شكل من الأشكال. فهو محتجز في زنزانة فردية مهوّاة ومضاءة وتتوفر فيها جميع الشروط الصحية اللازمة. ومنذ 1 نيسان/أبريل 2017 ، أُودِع محتجزون آخرون في جناحه بحيث ينعم بفسحة جماعية.

4 - 11 ويجدر بالإشارة أن صاحب الشكوى ما انفك يرفض امتثال القواعد السارية ويحرض باستمرار المحتجزين الآخرين على خرق القواعد. وأعلن نفسه مدافعاً عن المحتجزين الآخرين والمتحدث باسمهم، مقدماً نفسه على أنه قائد ومجنِّدا ً بعض المحتجزين الذين يسهل التلاعب بعقولهم لخدمته. وقد كان المحرض الرئيس على التمرد الذي شهده سجن سلا 2 في أيار/مايو 2016 .

4 - 12 ولا يفتأ صاحب الشكوى يستفز موظفي السجن ويهينهم ويهددهم. وإضافة إلى ذلك، يتلقى، شأنه شأن جميع المحتجزين الآخرين في السجون المغربية، زيارات من أفراد أسرته وأقاربه ومحاميَيه كلما قدِموا إلى السجن. ونظراً لبُعد أسرته وعدم انتظام الزيارات، تسمح له إدارة السجن بلقاء أسرته فترة أطول كي ينعم بحضورها.

4 - 13 ويتلقى صاحب الشكوى أيضا ً ، شأنه في ذلك شأن جميع السجناء، وجبات تعدها شركة خارجية تفي بالمعايير التغذوية المطلوبة من حيث التنوع والكمية والسعرات الحرارية والطهي. ويمكن لزواره إحضار الطعام له إن رغبوا في ذلك.

4 - 14 ومن الناحية الطبية، يتابع أطباء السجن صاحب الشكوى عن كثب. وادعاءاته الإهمالَ الطبي لا أساس لها من الصحة ويقصد بها فقط تضليل الرأي العام وتصوير نفسه على أنه ضحية. وهو، إضافة إلى ذلك، يتلقى المساعدة الطبية اللازمة في مستوصف المرفق أو في المستشفى. ويتلقى الدواء الموصوف له، كما يتبين من سجله الطبي. ومنذ سجنه في 30 آذار/مارس 2017 ، خضع ل ‍  128 فحصاً طبياً في المرفق ولعشرة فحوص في المستشفى، في تخصصات مختلفة، ول ‍  15 فحصاً للأسنان، و 12 زيارة للطبيب النفسي. وأخيراً، يتبع صاحب الشكوى نظاما ً غذائيا ً نصحه به طبيب السجن في 30 آذار/مارس 2017 .

4 - 15 ورداً على الادعاءات المتكررة التي نُقلت عن ظروف احتجاز صاحب الشكوى، ومن جملتها تسجيلات مزورة، تَعيّن على المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج في المغرب إصدار عدة بلاغات لدحضها، معتبرةً هذه الطرق التي تتمثل في استخدام المعلومات المضللة وتشويه الحقائق لتضليل الرأي العام طرقاً غير مقبولة، الهدف الوحيد منها هو الضغط على الإدارة التي لا تدخر جهداً، مع ذلك، في سبيل توفير أفضل ظروف احتجاز ممكنة لجميع المحتجزين.

4 - 16 وفي الختام، توضح الدولة الطرف أن المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج تكفل إنفاذ القوانين على جميع السجناء مع ضمان جميع حقوقهم دون تمييز.

معلومات إضافية مقدمة من صاحب الشكوى

5 - 1 في 12 أيلول/سبتمبر 2017 ، قدم صاحب الشكوى معلومات محدّثة عن حالته التي لم تتحسن رغم التدابير المؤقتة التي منحتها اللجنة. فهو يمضي في الحبس الانفرادي 23 ساعة في اليوم في ظروف قاسية جدا ً . وقد كانت وطأة تلك الظروف أشد بالنظر إلى ضعفه الشديد. وأعرب عن قلقه بوجه خاص إزاء عدم توفير المتابعة الطبية، وعدم كفاية الطعام كماً وكيفاً، وتقييد اتصاله بالعالم الخارجي بلا مبرر مطلقاً، وإزاء عدم توفير سرير ملائم له حتى الآن، لأنه لا يزال ينام على كتلة خرسانية.

5 - 2 وفي 20 شباط/فبراير 2018 ، أبلغ صاحب الشكوى اللجنة بأن وضعه لم يتغير منذ آذار/ مارس 2017 . ولا يزال رهن الحبس الانفرادي في ظروف لا تطاق. وبالإشارة إلى رد المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج، استغرب أن يقرأ فيه أن سلوكه وأفعاله هي التي أدت إلى تصنيفه ضمن الفئة "ألف" وأنه تَقرر، من أجل "تشجيعه على المزيد من الانضباط"، السماح له بالفسحة الجماعية بدلا ً من الفسحة الفردية التي طُبقت سابقا ً ، الأمر الذي يثبت أنه كان رهن الحبس الانفرادي.

5 - 3 وجاء أيضا ً في رد المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج أن صاحب الشكوى، شأنه شأن جميع المحتجزين، مسجون بموجب القانون رقم 23 - 98 والشروط المنصوص عليها فيه. ونُقل إلى سجن تيفلت 2 المحلي، وهو مرفق بني حديثاً ويستوفي معايير احتجاز مناسبة، وهو مخصص للسجناء المدانين في قضايا مختلفة ولقضاء أحكام متنوعة، حيث يتمتع بجميع حقوقه وفقا ً للمتطلبات القانونية والتنظيمية. وجاء في رد المندوبية العامة أنه لا يمكن اعتبار طريقة سجنه حبساً انفرادياً. فهو يقيم في زنزانة فردية مُهوّاة ومُضاءة توفر جميع الظروف الصحية اللازمة. ويزوره أفراد أسرته وأقاربه في كل مرة يقدِمون فيها إلى السجن. ويُمنح فترة كافية من الوقت للتواصل مع أسرته، وهو على اتصال هاتفي منتظم بها، لا سيما أخته وزوجته وأمه وأباه وأخاه وحماته. وتندرج ظروف احتجازه في إطار نظام التصنيف الذي وضعته المندوبية العامة في عام 2016 بقصد تحسين إدارة سجونها، وهو يرتبط أساسا ً بأهداف إعادة الإدماج على أساس التحفيز.

5 - 4 وترى الدولة الطرف أن سلوك صاحب الشكوى وأفعاله السابقة هي التي دفعت إلى وضعه في إطار التصنيف "ألف". وقُدمت إليه جميع المعلومات المتعلقة بهذا الإجراء، وأُبلغ بأن هذا الأمر من اختصاص لجنة متخصصة، وفقاً للمعايير التنظيمية المعمول بها. غير أنه تجدر الإشارة، حسب رأي المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج، إلى أن نظام التصنيف هذا ليس دائما ً وثابتا ً ونهائيا ً ، وإنما هو متغير وردي، ويعتمد أساسا ً على التغير الإيجابي في سلوك المحتجَز. فهناك تقييم لسلوك المحتجزين يُجرى كل أربعة أشهر في إطار إجراء مراجعة للتصنيف الأول. وفي هذا السياق، وبعد تتبع تطور سلوك صاحب الشكوى خلال الفترة ما بين تاريخ نقله إلى سجن تيفلت 2 المحلي وشهر نيسان/أبريل 2017 ، تَقرر، لأجل تشجيعه على المزيد من الانضباط، أن يستفيد من نظام الفسحة الجماعية بدلاً من نظام الفسحة الفردية الذي كان مطبقاً فيما مضى. ومن الناحية الطبية، أشارت المندوبية العامة إلى أن طبيب السجن يتابعه عن كثب، وأنه يتلقى كل المساعدة الطبية اللازمة منذ بداية سجنه، سواء في مستوصف السجن أو المستشفى العام، وأنه يتلقى بانتظام الأدوية الموصوفة له، كما يشهد سجله الطبي، وأنه يتبع نظاما ً غذائيا ً نصحه به طبيب السجن في 30 آذار/مارس 2017 .

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

6 - 1 في 31 أيار/مايو 2018 ، أكد صاحب الشكوى أن ظروف احتجازه لم تتغير للأسف رغم التدابير المؤقتة التي طلبتها اللجنة. وفيما يتعلق بالأحداث التي وقعت منذ 11 أيلول/سبتمبر 2017 ، يحيل صاحب الشكوى إلى رسالته المؤرخة 12 أيلول/سبتمبر 2017 التي أرسلها إلى كل من وزير العدل والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وشكى فيها عدم تقييم ظروف احتجازه. وشدد فيها على أن من الواضح أن المعاملة المسلطة عليه حبس انفرادي تعسفي لمدة مطولة وغير محددة. واشتكى فيها من شدة تقييد اتصاله بأسرته، التي لا يمكنه التواصل معها هاتفياً سوى لمدة عشر دقائق في الأسبوع. وطلب في رسالته أن يوضَع في نظام جماعي، كما كان قبل 16 تشرين الأول/أكتوبر 2016 ، عندما كان محتجزاً في سجن سلا 2 .

6 - 2 وفي 20 فبراير/شباط 2018 ، رداً على رسالة المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج المؤرخة 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 ، استفسر محاميا صاحب الشكوى عما يلي: (أ) نظام الاحتجاز المطبق في الفئة "ألف"؛ (ب) أوجه الاختلاف بين النظام المطبق على صاحب الشكوى والحبس الانفرادي؛ (ج) نتائج إعادة تقييم نظام احتجاز صاحب الشكوى كل أربعة أشهر؛ (د) مسألة ما إذا كانت آراؤه قد أُخذت في الحسبان. ولم يحصلا على أي رد رغم طلبهما. ولم تتغير ظروف الاحتجاز، ولم يُبلغ صاحب الشكوى قط بأسباب هذه الظروف. ويبدو أنه لم تُجرَ أي إعادة تقييم لحالته. ولم يُحترم أي من حقوقه الإجرائية.

6 - 3 وفي أعقاب جهود منظمة العفو الدولية، زارت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان صاحب الشكوى. وسردت هذه الجمعية شكاواه وأوصت باحتجازه في سجن أقرب إلى أسرته وبنقله إلى الجناح باء كي يتسنى له الاستمتاع بفسحتين اثنتين في اليوم والاتصال بأسرته، خاصة وأنه قضى أكثر من ثلثي مدة عقوبته. ولم يتغير وضعه منذئذ. فهو لا يزال في الحبس الانفرادي في سجن تيفلت 2 ، في الجناح نفسه، ولم تتحسن فرص اتصاله بأسرته. ولم تُتبَع توصيات المنظمة المغربية لحقوق الإنسان. وفي 9 آذار/مارس 2018 ، ذكرت أخت صاحب الشكوى أنها تمكنت من التحدث إليه هاتفيا ً لمدة 5 دقائق و 15 ثانية، وأنه كان محبوساً وحيداً في زنزانته 23 ساعة في اليوم، وكان لديه ساعة واحدة في الباحة، ولكن لم يكن لديه أي اتصال مع السجناء الآخرين، سواء في الجناح المحبوس فيه أو خلال الفسحة في الباحة. وظلت ظروف الاحتجاز صعبة والمناخ متوترا ً جدا ً . وهو ينام على الخرسانة، دون فراش، ونظامه الغذائي رديء جدا ً ، وكان قد طلب مراجعة طبيب منذ أكثر من أسبوعين.

6 - 4 وفي 26 آذار/مارس 2018 ، لخص أحد محاميي صاحب الشكوى، الذي استطاع زيارته، الوضع على النحو التالي: "لم تتغير ظروف احتجاز صاحب الشكوى في الأساس. فهو لا يزال في نفس الزنزانة التي تتسم بالرطوبة والبرودة القارسة، محتجَزاً في الجزء الخلفي من الجناح، مع سبعة سجناء آخرين رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة في الطرف الآخر. وهم لا يتحدثون إليه وهو لا يريد أن يتحدث إليهم، خشية أن يسبب ذلك مشاكل جديدة، مثل الاشتباه في التطرف. وبدأ اثنان من هؤلاء السجناء التحدث إليه؛ وبعد ذلك بيومين نُقلا إلى جناح آخر".

6 - 5 ومن الناحية العملية، يحق لصاحب الشكوى الخروج إلى الباحة مرة واحدة في اليوم، والاستحمام مرة في الأسبوع، وتناول الخضروات المطبوخة في الماء وقت الغداء - لكن يجب أن يدفع ثمن جميع الأطعمة الأخرى - وإجراء مكالمتين اثنتين لمدة 5 دقائق في الأسبوع. وليس لديه مذياع، لكن يمكنه أن يقرأ. وليس لديه أي نشاط آخر. واستقرت الأمور في عام 2017 . غير أنه عندما اشتكى إلى أحد المسؤولين من سرقة سجناء جزازة شعره، لم يعجبه ذلك واتهم صاحب الشكوى بأنه هدده. ومنذئذ وهذا المسؤول يعرّضه لبلاء شديد. فهو يصر على ألا يتكلم صاحب الشكوى سوى الفرنسية أو العربية أو الإسبانية أو الريفية عندما يجري مكالمات هاتفية حتى تتمكن الحارسة من مراقبته وفهم ما يقول؛ ويجبره على قص شعره في الفناء؛ ويأتي حراس كل يوم إلى زنزانته دون سابق إنذار ليخبروه بوقت الفسحة؛ ويدخلون الحمام بانتظام لمراقبته؛ ولم يعد يحق له الحصول على الماء الساخن الذي كان يحصل عليه يوميا ً بمجرد طلب منه. ويشعر بقلق بالغ إزاء الضغوط الممارسة عليه، وسبق أن تعرض لضغوط شديدة عندما وصل إلى سجن تيفلت 2 . ولم تتغير الأوضاع. وبعد شتاء قارس، سيكون على صاحب الشكوى أن يواجه، في هذه الظروف المأساوية، صيفا ً خانقا ً . وهو محتجز منذ عشر سنوات.

6 - 6 ويعارض صاحب الشكوى عموما ً ملاحظات الدولة الطرف. فمن جهة، تتناول الدولة الطرف في "الوقائع" عناصر ليست موضوع هذه الدعوى، أي كل ما يتعلق بالإجراءات الجنائية التي أدت إلى إدانة صاحب الشكوى. ومن جهة أخرى، تتجاهل تماما ً آراء اللجنة في بلاغها CAT/C/52/D/477/2011، أي انتهاك المواد 2 و 11 و 12 و 13 و 15 من الاتفاقية. وبعد أن لوحظ انتهاك المادة 15 من الاتفاقية، لم يعد من سبيل انتصاف فعال إلا إعادة فتح الدعوى. بيد أن محكمة النقض رفضت استئناف صاحب الشكوى في عام 2017 . ولم يُبلَّغ بهذا القرار، الأمر الذي يدل للأسف على عدم حسن نية الدولة الطرف في الامتثال، من الناحية العملية، للقانون الدولي الواجب التطبيق مباشرة، ويؤثر سلباً على إعمال حقوق الإنسان في المغرب.

6 - 7 وفيما يتعلق بظروف الاحتجاز، يلاحظ صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لا تكذّب ادعاءاته، بل تكتفي بالقول إن الأمر ليس حبسا ً انفراديا ً وإنه يتمتع بجميع حقوقه، مُلْمحاً إلى أن من شأن خصه بمعاملة مختلفة أن ينطوي على تمييز.

6 - 8 وبالإشارة إلى التطورات الواردة في طلبه الأصلي، يذكّر صاحب الشكوى، ردا ً على تأكيدات الدولة الطرف، بأن محامييه لم يتلقيا أي جواب على رسالتهما الأخيرة. ويشدد على أن الدولة الطرف لم تأذن قط لطبيب خارجي أو للسلطات القنصلية البلجيكية في زيارته رغم طلباته المتكررة. وفي هذه الظروف، يجب الإقرار بأن ادعاءات صاحب الشكوى قد أُثبتت، ومن ثم الإقرار بانتهاك المواد 1 و 2 و 11 و 12 و 13 و 14 و 16 من الاتفاقية المعترف بها.

6 - 9 ويشعر صاحب الشكوى بالقلق عندما يقرأ في ملاحظات الدولة الطرف أنه كان دائماً يرفض امتثال القواعد السارية ويشجع باستمرار المحتجزين الآخرين على خرق القانون. ويشدد على أنه لم يُستدع قط إلى المجلس التأديبي. مع أنه كان ينبغي، من حيث المبدأ، معالجة المشاكل التي أثارتها الدولة الطرف في هذا الإطار، على أن تتم المحاكمة وفق الأصول القانونية. وهذه هي المرة الأولى التي يُلقى فيها اللوم على صاحب الشكوى بسبب هذا النوع من السلوك، باستثناء الرسالة المؤرخة 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 . ولم تكن إدارة السجن قد حاولت قط تبرير سلوكها بالتلميح إلى أن صاحب الشكوى هو الملوم فيما يتعلق بالمعاملة التي تلقاها.

6 - 10 وعن دحض التقصير في المتابعة الطبية، لا تزال الدولة الطرف تمنع صاحب الشكوى من الاتصال بطبيب خارجي ومستقل، غير مغربي. ولا يزال محاميا صاحب الشكوى يجهلان الأساس القانوني أو التنظيمي لهذا الرفض.

6 - 11 ويشدد صاحب الشكوى على عدم التحقيق في مصدر الضربات العديدة على جسده. ويذكّر بأن أشكال السلوك المبلغ عنها في هذا الطلب ليست معزولة للأسف ( ) .

6 - 12 وبناء على ذلك، يطلب صاحب الشكوى إلى اللجنة أن تخلص إلى انتهاك المواد 1 و 2 و 11 و 12 و 13 و 14 و 16 من الاتفاقية، ويلتمس من الدولة الطرف الإفراج عنه فوراً وتعويضه تعويضا ً كاملا ً وكافيا ً وعادلا ً عن جميع انتهاكات الاتفاقية والعواقب التي ترتبت عليها.

6 - 13 وفي 8 تموز/يوليه 2019 ، كرر صاحب الشكوى أن ظروف احتجازه لا تزال على حالها رغم التدابير المؤقتة التي اتخذتها اللجنة واستنتاجات المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، التي أوصت بحبسه في سجن أقرب إلى أسرته وبالسماح بزيادة وتيرة اتصاله بها. وسبق أن ذُكر أن الاتصالات الهاتفية بأسرته تقتصر على مكالمتين اثنتين بزوجته وأخته مدة كل منهما 5 دقائق في الأسبوع، خلافاً للسجناء الآخرين. ومع ذلك، لا يُتقيد حتى بهذا الحد الأدنى، ويخضع صاحب الشكوى للمراقبة أثناء مكالماته. ولا يزال الضغط عليه شديدا ً فهو لم يعد يتلقى الرسائل الموجهة إليه.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من ‏الاتفاقية. وقد استيقنت اللجنة، حسبما تقتضيه الفقرة 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7 - 2 ووفقاً للفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية، يجب أن تستيقن اللجنة من أن صاحب الشكوى استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، علماً بأن هذه القاعدة لا تنطبق إذا كان إعمال سبل الانتصاف قد طال أمده طولاً غير معقول ( ) أو كان من غير المرجح أن يرضي الشخص المدعى أنه ضحية. وتحيط اللجنة علما ً بأن صاحب الشكوى، حسب الدولة الطرف، حُكم عليه ابتدائياً بالسجن 15 عاما ً قبل الطعن بالاستئناف الذي خفض العقوبة إلى 12 عاماً. وبعد أن قدم صاحب الشكوى طعناً بالنقض في 19 نيسان/أبريل 2014 ، حكمت محكمة النقض برفض طلبه. وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بأن صاحب الشكوى اعترض على ظروف احتجازه لدى المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج، بما في ذلك وضعه في الحبس الانفرادي منذ نقله إلى سجن تيفلت 2 في تشرين الأول/أكتوبر 2016 في وقت أكدت فيه الدولة الطرف أنه كان يعيش ظروف احتجاز عادية دون إثبات ما إذا كانت قد أُجريت تحقيقات في هذا الصدد. لذا فإن اللجنة، وقد لاحظت أن الدولة الطرف لم تدّع وجود سبل انتصاف محلية أخرى متاحة لصاحب الشكوى، ترى أن صاحب الشكوى قد استنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

7 - 3 وإذ تلاحظ اللجنة أنه لا توجد عقبات أخرى أمام المقبولية، تعلن أن البلاغ مقبول بموجب المادة 22 من الاتفاقية فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمواد 1 و 2 و 11 و 12 و 13 و 14 و 16 من الاتفاقية وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ وفقاً لأحكام الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

8 - 2 وتحيط اللجنة علماً باعتراضات صاحب الشكوى وهي: (أ) أن قرار اللجنة بشأن البلاغ CAT/C/52/D/477/2011 لم ينفذ، وأن التحقيق الذي بدأ نتيجة لهذا القرار لم يستوف معايير المحاكمة العادلة؛ (ب) أن ظروف احتجازه في سجن تيفلت 2 منذ تشرين الأول/أكتوبر 2016 لم تتحسن لأنه لا يزال يخضع للحبس الانفرادي لفترة غير محددة ومطولة، دون معرفة الأسباب ودون إعادة تقييم أوضاعه بانتظام، بما يحترم حقوقه الإجرائية؛ (ج) أن اتصالاته بأسرته مقيدة، وأن إمكانية الاتصال بطبيب في السجن محدودة، وأنه محروم من أي فحص يجريه طبيب مستقل، وأنه لم يحظ بزيارة من السلطات القنصلية البلجيكية. وتحيط اللجنة علما ً إضافة إلى ذلك بأن صاحب الشكوى قدم طلباً لوضعه في نظام جماعي، دون جدوى.

8 - 3 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بملاحظات الدولة الطرف التي ورد فيها: (أ) أن صاحب الشكوى يتمتع بجميع حقوقه؛ (ب) أنه ليس في حبس انفرادي، وإنما في زنزانة فردية مهوّاة ومضاءة وتتوفر فيها جميع الشروط الصحية؛ (ج) أن مدة الزيارات الأسرية كافية؛ (د) أن صاحب الشكوى صُنف ضمن "ألف" بسبب سلوكه وأفعاله السابقة؛ (هـ) أنه يمكن التراجع عن هذا النظام، فهو يتوقف على سلوك المحتجز؛ (و) أنه يعاد تقييم سلوك السجناء كل أربعة أشهر؛ (ز) أن صاحب الشكوى يتمتع حاليا ً بنظام الفسحة الجماعية "لتشجيعه على المزيد من الانضباط".

8 - 4 وتلاحظ اللجنة أن محاميي صاحب الشكوى، اللذين طلبا إعادة تقييم نظام احتجازه بانتظام، لم يتلقيا، فيما قيل، رداً من الدولة الطرف على طلبهما.

8 - 5 وتذكّر اللجنة بسوابقها القضائية التي جاء فيها أن الحبس الانفرادي قد يشكل انتهاكاً للمادة 16 من الاتفاقية، تبعاً لظروف القضية وبالنظر إلى الظروف الخاصة للحبس الانفرادي، وإلى قساوة هذا التدبير ومدته والهدف المنشود منه وآثاره على الشخص المعني ( ) . وتذكّر اللجنة بتوصيتها بأن يكون عزل السجين في زنزانة بمفرده والحبس الانفرادي آخر ما يُلجأ إليه ولأقصر فترة قصيرة ممكنة، تحت رقابة صارمة مع إمكانية المراجعة القضائية ( ) . وتحيل اللجنة إلى قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة المحتجزين (قواعد نيلسون مانديلا) التي تنص القاعدة 44 منها على أن الحبس الانفرادي يعني عزل سجين لمدة 22 ساعة في اليوم أو أكثر، دون اتصال حقيقي بالبشر، وأن الحبس الانفرادي المطول يعني الحبس الانفرادي لمدة تزيد على 15 يوما ً متتالياً ( ) . وفي القضية محل النظر، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى أُودع زنزانةً بمفرده مدة طويلة. وتحيط علما ً بحجة صاحب الشكوى القائلة إنه كان يُجبر على المكوث في زنزانته 23 ساعة في اليوم خلال فترة حبسه الانفرادي، مع السماح له بالخروج من زنزانته ساعة واحدة في اليوم لممارسة الرياضة وبالاستحمام مرة واحدة في الأسبوع. وتحيط علماً أيضاً بتأكيد صاحب الشكوى أنه كان يعيش أوضاعا ً هشة للغاية آنئذ لأنه كان ينام على الأرض دون فراش ويعاني مشاكل صحية وسوء التغذية. وتحيط اللجنة علماً إضافة إلى ذلك بحجج الدولة الطرف التي تذهب إلى أن صاحب الشكوى وُضع بمفرده في زنزانة بسبب عقوبات تأديبية، وأن ظروف سجنه عادية وإنسانية، وأنه يحق له الاتصال بأسرته بانتظام. وتذكّر بسوابقها القضائية المتعلقة ببعض الضمانات الأساسية التي يجب أن تنطبق على جميع من سُلبت حريتهم قصد منع التعذيب وسوء المعاملة. ومن بين هذه الضمانات حق المحتجزين في الحصول على مساعدة قانونية وطبية مستقلة على جناح السرعة وفي الاتصال بأسرهم. وفي القضية موضع النظر، تحيط اللجنة علماً بتأكيد صاحب الشكوى أن الحبس الانفرادي وعدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح في هذا الصدد قد سببا له معاناة وأثّرا ً عليه جسدياً. وتلاحظ اللجنة أن نظام احتجاز صاحب الشكوى يطابق الحبس الانفرادي رغم أن القانون المغربي لا يصفه كذلك. وترى أن حبس صاحب الشكوى الانفرادي ومدته، اللذين تفاقما بسبب عدم وجود رقابة دورية على هذا النظام، واتصالاته المحدودة بأسرته، وعدم انتظام رعايته الصحية، أمور لا تتناسب مع ما يُدعى من هدف تأديبي ولذلك تعتبر الحبس الانفرادي المفروض على صاحب الشكوى انتهاكاً من الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب المادة 16 والفقرة 1 من المادة 2 ، مقترنتين بالمادتين 1 و 11 من الاتفاقية.

8 - 6 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لم تمنحه تعويضاً عن سوء معاملته أثناء احتجازه، الأمر الذي ينتهك حقوقه بموجب المادة 14 من الاتفاقية. وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 3 ( 2012 ) بشأن تنفيذ المادة 14 وتلاحظ أن المادة 14 تنطبق على جميع ضحايا التعذيب وسوء المعاملة. كما تذكّر بأن المادة 14 لا تقتصر على الاعتراف بالحق في الحصول على تعويض منصف وكاف، بل تُجاوزه إلى إلزام الدول الأطراف بضمان حصول ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة على تعويض. وترى أن التعويض ينبغي أن يشمل جميع الأضرار التي لحقت بالضحية، وأن يغطي، فيما يغطيه من تدابير، رد الحق، والتعويض، وإعادة التأهيل، واتخاذ تدابير تهدف إلى ضمان عدم تكرار الانتهاكات، مع مراعاة ظروف كل حالة دائماً ( ) . وتلاحظ اللجنة، في القضية قيد النظر، أن صاحب الشكوى قد أمضى في الحبس الانفرادي فترة طويلة من دون إجراء تحقيق موضوعي في ظروف هذا الحبس، وأنه لم يخفَف من حدة نظام احتجازه، الأمر الذي أدى إلى معاناة لا مبرر لها. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب الشكوى بموجب المادة 14 من الاتفاقية قد انتُهكت.

8 - 7 وفي ضوء ما سلف، لا ترى اللجنة ضرورةً للنظر في شكاوى صاحب الشكوى على حدة بمقتضى المادتين 12 و 13 من العهد.

9 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للمادة 16 وللفقرة 1 من المادة 2 ، مقترنتين بالمادتين 1 و 11 ، وللمادة 14 أيضا ً ، من الاتفاقية.

10 - وعملاً بالفقرة 5 من المادة 118 من النظام الداخلي للجنة، تدعو اللجنة الدولة الطرف إلى إبلاغها، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار إليها بالتدابير التي اتخذتها في إطار متابعة الملاحظات المذكورة أعلاه. ويجب أن تشمل هذه التدابير نقل صاحب الشكوى إلى نظام جماعي في سجن أقرب إلى أسرته، وفتح تحقيق نزيه وشامل في ادعاءاته، وتعويضه تعويضا ً كاملا ً وكافيا ً وعادلا ً عن جميع انتهاكات الاتفاقية التي خلصت إليها وعواقبها عليه.