بلاغ مقدم من:

ج. د. وأخريات (يمثلهم مستشار قانوني، المركز الأوروبي لحقوق طائفة الروما )

المجني عليهن المزعومات:

صاحبات البلاغ

الدولة الطرف:

الجمهورية التشيكية

تاريخ تقديم البلاغ:

17 شباط/فبراير 2016 (تاريخ تقديم أول بلاغ)

الوثائق المرجعية:

أحيلت إلى الدولة الطرف في 22 آذار/مارس 2016 بدايةً

تاريخ اعتماد الآراء:

16 تموز/يوليه 2019

معلومات أساسية

1 - صاحبات البلاغ، السيدة ج. د. وأخريات، مواطنات تشيكيات من طائفة الروما ولدن في الأعوام 1966 و 1969 و 1960 و 1 960 و 1964 و 1963، على التوالي. وهن يؤكدن أنهن تعرضن للتعقيم دون موافقتهن المستنيرة، وبالتالي فهن ضحايا لانتهاك مستمر للفقرتين (ب) و (ه) من المادة 2 من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع المواد 5 و 10 (ح) و 12 و 16 (1) (ه) من الاتفاقية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للجمهورية التشيكية في 26 شباط/فبراير 2001.

الوقائع كما عرضتها صاحبات البلاغ

2 - 1 أنجبت السيدة ج. د. أربعة أطفال عن طريق ولادة طبيعية. وبعد آخر ولادة لها في سن 34 عاما، قررت استخدام جهاز رحمي كوسيلة لمنع الحمل. وعقب بعض الصعوبات، زارت أخصائي أمراض نساء، الذي غير الجهاز الرحمي، ولكنه لم يدرك أنها كانت حاملا مرة أخرى. ولم تعلم بالحمل إلا عندما كانت تبحث عن علاج لمضاعفات تعاني منها. وفي 27 تموز/يوليه 2001 ، أدخلت مستشفى أوسترافا البلدي. وبعد تشخيص الحالة بأنها حمل خارج الرحم، أبلغها أخصائي أمراض النساء بإنها بحاجة إلى جراحة فورية لإنهاء الحمل دون إشارة إلى التعقيم. وجهزها موظفو المستشفى لإجراء العملية، وأرغموها على توقيع أوراق لا تذكر مضمونها، إذ كانت تعاني من آلام ناجمة عن نزيف داخلي، وكان هناك العديد من الناس من حولها. وبعد التوقيع على الاستمارة، اقتيدت إلى الجراحة والتعقيم. ولم يبلغها الطبيب بمسألة التعقيم إلا عندما سلمها تعليمات الخروج من المستشفى. وألمحت جملتان في السجل إلى الموافقة على التعقيم، وهما: ”يلزم تعقيم المريضة: 27 تموز/يوليه 2001 “، و ”أوافق على الجراحة بالقدر الذي أتفقتُ عليه مع الطبيب“. وليس هناك ما يشير إلى ما إذا كان الطبيب قد زودها بمعلومات عن التعقيم. وموافقة ”لجنة التعقيم“ المطلوبة قبل إجراء الجراحة مؤرخة في 31 آب/أغسطس 2001، أي بعد مرور شهر. وحقق أمين المظالم في القضية، وأعلن أن الأطباء قد خالفوا القانون لأنهم لم يحصلوا على موافقة مستنيرة من السيدة ج. د. وأحال القضية إلى الشرطة ولكنها لم تجر تحقيقا كاملا. ولم تقف الدائرة الطبية، وهي هيئة تنظيم ذاتي مهنية، على وجود أي سوء سلوك.

2 - 2 أنجبت السيدة ”غ“ طفلها الأول في عام 1988 بعملية قيصرية. وبعد ذلك بعامين، حملت مرة أخرى، وأبلغها أخصائي مخاطر حمل بأن الولادة الثانية ربما تتم بعملية قيصرية أيضا. ولم يتطرق أحد للتعقيم. وفي 23 أيلول/سبتمبر 1990 ، تعرضت لنزيف وألم. وبعد دخولها مستشفى فيتكوفيتش في أوسترافا ، ترك الأطباء الولادة تسير طبيعية، ولكن في اليوم التالي قرروا إجراء عملية قيصرية بعد حدوث تعقيدات. وسلمها ممرض ”استمارة تعليمات سابقة للولادة“ واستمارة موافقة على إجراء تعقيم. وقيل لها ”يجب أن توقعي هذا!“ دون مزيد من التفاصيل. وكانت تتألم، وتتعرض لضغط نفسي، ويساورها القلق إزاء حياتها وحياة طفلها، ولم يكن لديها وقت لقراءة الاستمارة بشكل صحيح أثناء نقلها إلى غرفة العمليات. وجاء في الوثيقة: ”أوافق على الجراحة التي عُرضت علي، وعلى كل إجراء آخر يكون ضروريا أثناء العملية الجراحية. وتطلب المريضة إجراء تعقيم في الوقت نفسه“. وكُتبت الجملة الثانية بخط مختلف ما يثير إمكانية أنها أضيفت بعد توقيع صاحبة البلاغ. وليست هناك تفاصيل تشير إلى ما إذا كان الطبيب قد زودها بمعلومات عن التعقيم. ولم تمض سوى 25 دقيقة بين قرار الطبيب إجراء العملية وبين ولادة الطفل. وتقول السيدة ”غ“ إنها لم تطلب التعقيم. وفي الوثائق الطبية، ذُكر أنها طلبت ذلك: ”أثناء توفير معلومات عن حالتها الطبية، والجراحة المذكورة، طلبت المريضة أمام الطبيب والممرضات التعقيم من أجل عدم إنجاب أطفال“. والاستشاري عن تعقيمها كان أول من أبلغها بذلك في غرفة الإنعاش بعد الجراحة، ولكنها لم تفهم المعنى المقصود بسبب اللغة التقنية المستخدمة. وقالت إنها لم تدرك العواقب الكاملة من الطبيب إلا في اليوم التالي للجراحة. وكانت تبلغ من العمر 21 عاما، ورغبت وزوجها في طفل آخر. وأكد التحقيق الذي أجراه أمين المظالم أن الأطباء قد خالفوا القانون لأنهم لم يحصلوا على موافقة مستنيرة منها على التعقيم؛ وأحيلت القضية إلى الشرطة التي لم تجر تحقيقا كاملا.

2 - 3 السيدة ”ب“ أنجبت طفلين عندما حملت في عام 1981 . وفي الشهر الخامس من الحمل، دعتها لجنة التعقيم إلى اجتماع، وعرضت عليها إمكانية التعقيم كما لو كانت وسيلة مؤقتة من وسائل منع الحمل التي يمكن الرجوع عنها. ولم توافق على ذلك. وولدت توأمين بولادة طبيعية في 27 آذار/مارس 1982 دون مضاعفات. وبعد ذلك بشهرين، أبلغها طبيبها أنه اكتشف وجود أورام أثناء الولادة كان يجب إزالتها فورا. وقبيل الجراحة، وبينما كانت تحت تأثير الأدوية، استلمت استمارة موافقة على إجراء التعقيم؛ وقالت إنها لا تتذكر ما وقعت عليه. وجرى تعقيم السيدة ”ب“ أثناء الجراحة. وبعد إجراء العملية، لم يتطرق أي طبيب لذكر الأورام، ولم تحصل على أي علاجات طبية على سبيل المتابعة. وكان عمرها آنذاك 22 عاما. وعلمت بالتعقيم بعد مرور عدة سنوات أثناء فحص طبي. وفي عام 1982 ، تلقت مكافأة 000 2 كرونة، ربما مقابل التعقيم. وذلك في الوقت الذي اعتقدت فيه أنه استحقاق اجتماعي مرتبط بالولادة. ومن الواضح من وثائق الطبيب العام الذي يعالجها أنه قد تم تعقيمها. ومع ذلك، لا توجد أي وثائق بشأن هذه الجراحة؛ ويزعم المستشفى أن هذه الوثائق قد تعين تمزيقها بسبب ما أصابها من دمار أثناء أحد الفيضانات.

2 - 4 كانت السيدة ”ف“ تبلغ من العمر 27 عاما عندما أنجبت طفلها الرابع في 16 آذار/مارس 1987 . وبعد ذلك بفترة وجيزة، عرض عليها أخصائيون اجتماعيون إمكانية التعقيم، الذي وُصف بأنه عملية يمكن الرجوع عنها، وهناك مكافأة عليه. وقد رفضت في البداية، لكنها أعادت النظر في الأمر لأنها لم تكن تعتزم الإنجاب في المستقبل القريب. وهي لم توافق على التعقيم إلا على أساس معلومات تفيد أنه يمكنها أن تلد مرة أخرى في المستقبل. وعندما أدخلت مستشفى في مدينة ”موست“ لم يشر أي من الموظفين الطبيين إلى تعقيمها، وأوضحت أيضا أنها لم توقع على استمارة بشأن الموافقة. وبعيد العملية، أصيبت بآلام أثناء الرضاعة الطبيعية. وفي وقت لاحق، تلقت مكافأة التعقيم. وأبلغ المستشفى السيدة ”ف“ بأنه قد أضاع الوثائق الطبية الخاصة بالجراحة، باستثناء وثيقة غير مؤرخة من لجنة تعقيم تمنح الإذن بإجراء العملية، وكُتبت على ما يبدو بعد تاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 1966 .

2 - 5 السيدة ”م“ كان لديها أربعة أطفال عندما اقترح عليها أخصائي اجتماعي إمكانية التعقيم، واصفا إياه بأنها عمليه مؤقتة تستغرق ثلاث أو أربع سنوات ويمكن الرجوع عنها. وقد رفضت السيدة ”م“ الأمر، لكن الأخصائي الاجتماعي هددها بزيادة تدابير الإشراف عليها، وفقدان أطفالها لرعاية الدولة. وأدخلت المستشفى في مدينة موست لإجراء الجراحة. ولم تقدم لها معلومات بهذا الشأن، ولم تلتق أي لجنة، كما أنها لم توقع على استمارة بشأن الموافقة. وعندما عادت السيدة ”م“ إلى المنزل تلقت المكافأة المالية الموعودة من الأخصائي الاجتماعي. وانتظرت دورتها الشهرية الأولى بعد إجراء العملية التي كانت ستزور بعدها المستشفى لإجراء كشف طبي. وعندما غابت دوراتها الشهرية، قامت بزيارة أخصائي أمراض النساء الذي لم يصدق في بادئ الأمر أن السيدة ”م“، بسبب التعقيم، يمكنها الحمل لكنه أكد الحمل بعد فحصها. فقد كانت السيدة ”م“ حاملا وقت التعقيم، ولكنها لم تخضع لكشف مسبق. وقالت إنها لا تستطيع توفير وثائق طبية بخصوص الجراحة لأن المستشفى أخبرها أنها فُقِدت. والوثيقة الوحيدة التي تزعم المستشفى أنه وجدته هي استمارة الموافقة غير المؤرخة من لجنة التعقيم، التي يبدو أنها كتبت بعد تاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 1966 .

2 - 6 ولدت السيدة ”سي“ طفلها الثالث في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1986 . وعندما زارها أخصائي اجتماعي ليعرض عليها إمكانية التعقيم، أعربت عن اهتمامها بالمكافأة المالية وذكرت أنّها لم تكن تخطط لأن يكون لديها أطفال آخرون في ذلك الوقت. وقررت التوقيع على استمارة الموافقة على أساس معلومات تفيد بأنها عملية يمكن الرجوع عنها. وتم إدخالها إلى المستشفى في مدينة كرنوف في 8 شباط/فبراير 1989 ، واستلمت المكافأة بعد التعقيم مباشرة. وبعد مرور سبع سنوات تقريبا، رغبت في أن يكون لديها طفل، وطلبت من طبيب النساء ”فك ربط الأنابيب“ ( ) . وقد سمعت لأول مرة من أخصائي أمراض النساء أنه ليس بإمكانها إنجاب الأطفال. وهذا الأمر لم يكن مذكورا في وثائق الجراحة، وتزعم السيدة ”سي“ أنه ما من أحد في المستشفى قدم لها أي معلومات بهذا الشأن. وتتضمن الوثائق الطبية توقيعها على ورقة بيضاء تحوي بيانا جاء فيه ”أوافق على إجراء جراحة“. وبالنسبة لجانب الرجوع عن العملية من قرار لجنة التعقيم، ذُكر أن اللجنة وافقت على التعقيم لأن السيدة ”سي“ لديها بالفعل ثلاثة أطفال وهي تنتمي إلى طائفة الروما .

2 - 7 ولا يوجد سبيل للانتصاف في القانون المحلي لضحايا التعقيم القسري. فالشخص الذي خضع لإجراء طبي غير مشروع يستطيع أن يلتمس الإنصاف من خلال إجراءات هدفها حماية ” الحقوق الشخصية“. بيد أن قانون التقادم يجعل من المستحيل أن تلتمس النساء سبيل انتصاف فعال، وأن تطلبن تعويضا نقديا. وقانون التقادم العام هو ثلاث سنوات بالنسبة للدعاوى المدنية ( ) . وفي الحالات المتعلقة بالحق في الحياة أو الكرامة أو الاسم أو الصحة أو الخصوصية أو الحقوق الشخصية الأخرى، ينص القانون المدني على أنه لا يزال من الممكن رفع دعوى بعد انقضاء المهلة المحددة، ولكنه يقيد الحق في التماس تعويض نقدي ( ) . ولا يوجد في القانون ما ينص على أنه يمكن لضحايا هذه الانتهاكات طلب تعويض غير نقدي (اعتذار) إذا رفعن دعواهن بعد انقضاء المهلة المحددة، ولكن المحاكم أكدت ذلك. ومن ثم، تستطيع صاحبات البلاغ رفع دعوى مدنية المطالبة بالاعتذار. وعلى مدى فترة من الزمن، بدا أنه بوسع ضحايا التعقيم القسري المطالبة بالتعويض حتى وإن قدمن تلك المطالبات بعد انتهاء الفترة الزمنية المحددة، وعلى الرغم من أحكام القانون المدني. وتجدر الإشارة إلى أنّ السوابق القضائية غير متسقة بشأن هذه النقطة، حتى على أرفع مستوى قضائي. وفي وقت من الأوقات، فسرت المحكمة العليا هذا النص على أنّه يتيح للناس في مثل هذه الظروف المطالبة بتعويض نقدي ( ) . وألغت هذا الحكم الدائرة الكبرى بالمحكمة العليا ( ) . وأكدت التفسيرَ الأخير المحكمة الدستورية في عام 2013 ، الذي خلص إلى أن القانون المدني منع فعلا ضحايا التعقيم القسري من المطالبة بتعويض نقدي إذا رفعن دعاواهن عن انتهاكات الحقوق الشخصية بعد انتهاء الفترة الزمنية المحددة، إلا إذا كان هذا التقييد مخالفا لشرط ”الأخلاق الحميدة“ ( ) .

2 - 8 ولا يعرِّف القانون مفهوم ”الأخلاق الحميدة“ تعريفا صريحا. ويمكن تطبيق هذا المفهوم في الحالات التي لا يكون فيها انقضاء فترة التقادم ناجما عن خطأ صاحب الشكوى، وذلك مثلا كأن تعلم المرأة بتعقيمها بعد انقضاء فترة السنوات الثلاث. ومع ذلك، يتعين على هذه المرأة أن تعرض الأمر على المحكمة في غضون ثلاث سنوات من وقت معرفتها بعملية التعقيم.

2 - 9 وكانت صاحبات البلاغ غير قادرات على تقديم مطالبة بالتعويض بعد التعقيم مباشرة. فهن لم يفهمن تماما ما حدث لهن، ولم يُسمع عن شخص يرفع مثل هذه الدعوى القانونية أثناء الحكم الشيوعي. ولم يستطع بعضهن تحديد تاريخ معين ”علمن“ على إثره بتعقيمهن؛ وعلمت صاحبة البلاغ الأخير بالأمر بعد مرور سبع سنوات على الواقعة. وعندما أصبحن في وضع يمكنهن من استيعاب وشرح ما حدث لهن بما يكفي لرفع دعوى تعويض، وتلقين المشورة القانونية بشأن كيفية رفع الدعوى، كان الوقت قد فات بموجب قانون التقادم.

2-10 ولقد حدثت بعض حالات التعقيم القسري قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف. ومع ذلك، تزعم صاحبات البلاغ أن ذلك لا يحول دون نظر اللجنة في القضية بموجب الفقرة (2) (ه) من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، نظرا إلى أن الفشل في ضمان التعويض لضحايا التعقيم القسري يشكل انتهاكا مستمرا حتى يومنا هذا.

الشكوى

3-1 تدفع صاحبات البلاغ بأنهن ضحايا خرق مستمر للفقرتين (ب) و (ه) من المادة 2 من الاتفاقية، مقروءتين بالاقتران مع المادة 5، والفقرة (ح) من المادة 10، والمادة 12، والفقرة (1) (ه) من المادة 16 من الاتفاقية. وفي وقت تعقيمهن، برزت أربع مسائل بوصفها أهم خصائص هذه الممارسة، وهي: غياب الإرادة الحرة، وعدم كفاية المعلومات المقدّمة للمريضات، والافتقار إلى الشروط الرسمية، وانعدام الموافقة تماما. وفي كثير من الأحيان، وافقت الضحية رسميً ا على تعقيمها، لكن الموافقة كانت باطلة بسبب الضغوط التي مارسها العاملون في مجال الرعاية الاجتماعية والطبية، مما أدى إلى انعدام حرية التعبير عن الإرادة. وغالب ً ا ما يحصل الأخصائيون الاجتماعيون على الموافقة على التعقيم عن طريق التهديد بتسليم الأطفال إلى الرعاية الحكومية أو الحرمان من الاستحقاقات الاجتماعية. وقد استُخدمت أساليب من هذا القبيل على وجه التحديد ضد نساء الروما . وفرضت الاستحقاقات المالية على التعقيم ضغطًا على أشد فئات المجتمع فقرا. فغالبًا ما يُطلب من النساء الموافقة قبل إجراء العملية مباشرة، أي عندما يكن تحت تأثير مسكنات الألم ويعانين من الألم الشديد والتوتر.

3-2 وتدفع صاحبات البلاغ بأن الفقرة (ب) من المادة 2 من الاتفاقية ”تتضمن التزام الدول الأطراف بضمان أن توفر التشريعات التي تحظر التمييز وتعزز المساواة بين المرأة والرجل سبل الانتصاف الملائمة للمرأة التي تتعرض للتمييز بما يخالف الاتفاقية“ ( ) . وبموجب الفقرة (ه) من المادة 2، يتعين على الدول أن تتخذ تدابير ”تكفل قدرة المرأة على رفع الشكاوى من انتهاكات حقوقها المكفولة بموجب الاتفاقية وأن تتاح لها سبل الانتصاف الفعالة“ ( ) . وشددت اللجنة على أن ”توفير سبل الانتصاف يتطلب أن توفر نظم العدالة للمرأة حماية تتوافر لها مقومات الاستمرار، وتعويضات مجزية عن أي ضرر قد يلحق بها“ ( ) .

3-3 وتؤكد صاحبات البلاغ أن سبل الانتصاف الملائمة ضد التعقيم القسري ليست متاحة لهن لأن القانون التشيكي لا يكفل سبل انتصاف من هذا القبيل. فالدولة الطرف لم تعتمد تدابير مناسبة لحظر التمييز ضد المرأة ولم تتخذ جميع التدابير الرامية إلى القضاء على هذا التمييز. ولأن التعقيم القسري يرقى إلى مستوى التمييز المحظور بموجب المادة 5، والفقرة (ح) من المادة 10، والمادة 12، والفقرة (1) (ه) من المادة 16 من الاتفاقية ( ) ، فإن شرط توفير سبل الانتصاف بموجب الفقرتين (ب) و (ه) من المادة 2 هو شرط يُحتج به في هذه الحالة.

3-4 وتؤكد صاحبات البلاغ أنه ليس من الضروري أن تعثر اللجنة على انتهاكات ضمنية للمواد المذكورة أعلاه الناتجة عن التعقيم لكي تثبت وقوع انتهاكات للفقرتين (ب) و(ه) من المادة 2. فوفقًا لمبادئ راسخة في القانون الدولي لحقوق الإنسان بشأن تفسير الأحكام التي تضمن سبل الانتصاف الفعالة، تدفع صاحبات البلاغ بأن كل ما يحتجنه من أجل الاحتجاج بالفقرتين (ب) و(ه) من المادة 2 من الاتفاقية هو بيان أن لديهن ادعاء قابل للإثبات بشأن وقوعهن ضحايا لمعاملة تمييزية تنتهك أحكام أخرى من الاتفاقية ( ) .

3-5 وتدفع صاحبات البلاغ أنه ليس هناك خلاف في أن لديهن ادعاء قابل للإثبات بشأن تعرض ه ن لانتهاكات الاتفاقية بسبب تعقيمهن قسرا. وتكشف قضاياهن عن قوالب نمطية بشأن نساء الروما يحتج فيها بالمادة 5 ( ) من الاتفاقية: فلقد استُهدفن لأن لديهن أسر كبيرة العدد، وهي صورة نمطية مشتركة عن الروما يستحيل فصلها عن أي نقاش بشأن التعقيم القسري. والغرض من هذه الممارسة الحكومية هو ”الحد من عدد السكان الروما الذين يعيشون حياة تفتقر لأبسط مقومات النظافة الصحية من خلال تنظيم الأسرة ووسائل منع الحمل“ ( ) . وفي قضيتين من القضايا الست، خلص أمين المظالم إلى وقوع انتهاكات لحقوقهن. فصاحبات البلاغ جميعهن عانين من نمط معروف من التعقيم القسري لنساء الروما كان يمارس منذ عقود من الزمن. واضطلعت الدولة الطرف بتسوية قضايا مماثلة ( ) عُرضت على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وقد أهابت اللجنة، في ملاحظاتها الختامية لعامي 2006 و 2010 (CEDAW/C/CZE/CO/3 وCEDAW/C/CZE/CO/5)، بالدولة الطرف ”التعويض المادي لضحايا التعقيم القسري أو غير الطوعي، وخاصة للنساء والبنات من الروما اللاتي يعانين إعاقات ذهنية“، ولاحظت بقلق أن ”معظم طلبات التعويض التي قدمها ضحايا التعقيم القسري قد رُفضت بسبب تفسير المحاكم لقانون تقادم الدعاوى الجنائية على أن يمنع تقديم مثل هذه المطالبات بعد مرور ثلاثة أعوام اعتبار ً ا من لحظة حصول الضرر وليس اعتبار ً ا من لحظة اكتشاف ما يعنيه التعقيم فعلاً وجميع النتائج المترتبة عليه“.

3-6 فعدم اعتماد تشريعات تضمن عدم خضوع ضحايا التعقيم القسري لمبدأ التقادم العادي يحرم صاحبات البلاغ من سبل انتصاف فعالة ويتعارض مع أحكام الفقرتين (ب) و (ه) من المادة 2 من الاتفاقية. وخلصت اللجنة إلى أن ضحايا التعقيم القسري لهن الحق في ”الحصول على التعويض المجزي ... بما يتناسب مع خطورة انتهاك ... حقوقـ [هن]“ ( ) . فإخضاع نساء الروما من ضحايا التعقيم القسري لمبدأ التقادم نفسه الذي ينطبق على أي مطالبة مدنية بالحصول على تعويضات، هو أمر لا يراعي وضعهن الخاص ويعد تمييزا متعدد الجوانب يحرمهن من سبل الانتصاف الفعالة. وتزداد إمكانية اللجوء إلى القضاء صعوبة بسبب التأثير النفسي للتعقيم القسري، وما يصحبه من مشاعر الدونية والعار والوصم، مما يؤدي إلى الإحجام عن مواجهة السلطة وعن توجيه الانتباه إلى حالتهن. وتوقع أن يفعلن ذلك في نفس الإطار الزمني الذي ينطبق على جميع المواطنين يعد إخفاقا في اعتماد تشريعات تهدف إلى مكافحة التمييز ضد المرأة.

3-7 وجود سبل انتصاف فعالة وشرط استنفاد سبل الانتصاف مرتبطان ارتباطًا وثيقًا: فعندما لا تتوفر سبل انتصاف فعالة من الانتهاكات، لا حاجة لاستنفاد سبل الانتصاف قبل تقديم التماس. وترتبط مسألة الاستنفاد بمسألة ما إذا كان هناك انتهاك جوهري للمادة 2.

3-8 ويمكن لضحية التعقيم القسري أن تلتمس نظريًا سبل الانتصاف من خلال رفع دعوى جنائية بموجب قانون الإجراءات الجنائية، وهي قد تحصل نظريًا على تعويض من خلال رفع دعوى من هذا القبيل. ووفقًا للقانون الجنائي، يمكن أن يشكل التعقيم القسري جريمة ”اعتداء على الإنسانية“ أو جريمة إلحاق ضرر جسيم بالصحة ناتج عن الإهمال. ويفرض القانون عقوبات أشد على الجناة الذين ينتهكون واجبًا ناشئًا عن عملهم أو مهنتهم (الأطباء، في حالات التعقيم القسري). وقد تعاملت الشرطة مع بعض الحالات، لكن الإجراءات الجنائية توقفت، مما يجعلها غير فعالة. وأجرى أمين المظالم تحقيقات وجمع 87 حالة. وشدد في تقريره لعام 2005 على أنه ”إذا خلصت هيئات التحقيق الجنائية إلى أنه لم يتم ارتكاب أي فعل إجرامي، فإن هذا لا يعني أنه لم تقع أي أفعال غير مشروعة في هذه الحالات وأن [التعقيم] قانوني“. ولا توجد معلومات تفيد بفرض أي جزاء جنائي ضمن الحالات التي حقق فيها أمين المظالم أو ضمن الحالات المتعلقة بصاحبات البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في 22 أيلول/سبتمبر 2016، أكدت الدولة الطرف أنه لا يمكنها تأكيد معظم ملابسات تعقيم صاحبات البلاغ كما لا يمكنها الطعن فيها. فلم ترفع أي منهن دعوى محلية كان من الممكن أن تجمع المحكمة بشأنها الأدلة وتقيّمها. وقد حقق أمين المظالم إلى حد ما وحققت الشرطة في قضية السيدة ج. د. والسيدة غ. بيد أن الفحوصات أجريت بعد فترة طويلة من تعقيمهما وكان جمع الأدلة صعبا.

4-2 أما السيدة ب. فقد جرى تعقيمها وفق تقرير طبي مؤرخ 1 شباط/فبراير 2002، في عام 1982. وأكدت السيدة ف. أن تعقيمها تم في عام 1987 لكنها لم تقدم أدلة تثبت مزاعمها، باستثناء قرار أصدرته اللجنة المعنية بالتعقيم في عام 1987 يمنح الموافقة على تعقيمها بناء على طلبها. وجرى تعقيم السيدة م. في أيار/مايو أو حزيران/يونيه 1987 وهي قد أرفقت قرارا أصدرته اللجنة المعنية بالتعقيم في عام 1987 يمنح الموافقة على تعقيمها بناء على طلبها. وأرفقت السيدة سي. قرارا أصدرته اللجنة المعنية بالتعقيم يمنح الموافقة على تعقيمها بناء على طلبها، ووثائق طبية بشأن تعقيمها في شباط/فبراير 1989. وهي تدعي أنها لم تصبح واعية بالعواقب الكاملة لتعقيمها إلا بعد مرور سبع سنوات. وجرى تعقيم السيدة غ. في 24 أيلول/سبتمبر 1990 وادعت أنها قد أدركت ”العواقب الكاملة“ إثر يوم واحد من إجراء العملية الجراحية. وجرى تعقيم ج. د. في 27 تموز/يوليه 2001، وهي تزعم أنها علمت بعملية تعقيمها بعد خروجها من المستشفى، في 2 آب/أغسطس 2001. وعند مغادرتها المستشفى، أخبرت زوجها بأنها قد لا تستطيع إنجاب المزيد من الأطفال. وذكر زوجها أنهما أخذا الوثائق الطبية إلى البيت وأنهما فهما كلاهما معنى كلمة ”تعقيم“. وحقق أمين المظالم في حالتي تعقيم صاحبتي البلاغ الأخيرتين ( ) ، اللتين لم تذكرا سوء نية الطاقم الطبي و/أو اعتزامه إساءة معاملة صاحبتي البلاغ.

4-3 وتوسّعت الدولة الطرف في التعليق على القانون المحلي (القانون المدني الساري من 1 كانون الثاني/يناير 1992 إلى 31 كانون الأول/ديسمبر 2013) وعلى الاجتهادات القضائية للمحكمة العليا والمحكمة الدستورية ذات الصلة بتفسير تطبيق الحق في حماية الحقوق الشخصية وفترة التقادم العامة للمطالبات بالتعويض عن الأضرار غير المالية. وتوضح الدولة الطرف أن فترة التقادم لم تطبق على هذه المطالبات حتى عام 2008 ( ) . وفي عام 2008، غيرت المحكمة العليا رأيها القانوني، قائلة: ”إذا كانت المطالبة بالتعويض عن الأضرار غير المالية تتضمن مطالبة بدفع مبلغ من المال، فإن مبدأ اليقين القانوني يستثني مرور الوقت دون أي آثار قانونية“ ( ) . وهي قد طبقت حديثا فترة التقادم على مطالبات بالتعويض عن الأضرار غير المالية. بيد أن المحكمة الدستورية فسرت المبدأ بوجوب ممارسة الحقوق وفقًا للأخلاق الحميدة، التي هي عامل تخفيفي هام للمشاق المفرطة المحتملة لفترة التقادم ( ) . وقد ألغت المحكمة العليا أحكاما صدرت عن محاكم من درجة دنيا، مؤكدة أنها لم تراع ما إذا كانت فترة التقادم امتثلت للأخلاق الحميدة ( ) .

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أن نطاق البلاغ لا يتعلق بملابسات تعقيم صاحبات البلاغ وإنما يقتصر على انتهاك مزعوم للحق في سبل الانتصاف ضمن هذا ا لسياق. ولذلك تركز الدولة الطرف على الانتهاك المزعوم لحقهن في سبل الانتصاف.

4-5 وتدفع الدولة الطرف بأن البلاغ غير مدعوم بأدلة كافية لأغراض المقبولية وهو يتعارض مع البروتوكول الاختياري من حيث الاختصاص الزمني . وقد حصل تأخر كبير في تقديم البلاغ، حيث بلغ حد إساءة استخدام الحق في تقديم البلاغ. ولم تستنفد صاحبات البلاغ سبل الانتصاف المحلية، بالنظر إلى أنهن لم يرفعن أي دعاوى قانونية محلية مناسبة. ولم تتح للمحاكم المحلية سوى إمكانية محدودة لجمع الأدلة وتقييمها مما يسمح لها بالتثبت بموضوعية من ملابسات القضايا. وإمكانية نظر اللجنة في القضية محدودة بالنظر إلى عدم وجود ملفات القضايا لدى السلطات المحلية وبالنظر إلى أن صاحبات البلاغ أنفسهن قدّمن أدلة جزئية ( ) .

4-6 وكان ينبغي أن تقدم صاحبات البلاغ أدلة تثبت بصورة أولية حدوث مساس بحقوقهن وادعاء قابلا للإثبات بشأن حدوث انتهاك. ولو أردن تقديم شكوى إلى هيئة دولية شبه قضائية، لكان عليه ن الوفاء بمعيار الإثبات بصورة أولية. ويبدو أن ب. و ف. و م. لم يستوفين هذا الشرط. ويكاد يكون من المتعذر استنتاج ملابسات قضاياهن من الأدلة المحدودة المرفقة مع بلاغهن وذلك لكونهن لم يرفعن أي دعاوى قضائية محلية ( ) . واللجنة ”لا تحل محل السلطات الوطنية في تقييم الحقائق“ ( ) ، و ”تقييم الوقائع والأدلة هو أمر يرجع بصفة عامة لمحاكم الدول الأطراف في الاتفاقية“ ( ) .

4-7 وتشكك الدولة الطرف في كون ب. و ف. و م. قد ”دعمن بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية“ ملابسات عمليات التعقيم التي خضعن لها وما يُزعم من عدم قيام السلطات المحلية بتوفير ما يكفي من الإنصاف لهن ( ) . وقدمت السيدة سي. بعض الأدلة إلى اللجنة، ونظر أمين المظالم في قضية كل من ج. د و ج. وتقر الدولة الطرف بأن صاحبات البلاغ الثلاث هؤلاء قد قدمن أدلة ظاهرة لأغراض المقبولية.

4-8 وتشير الدولة الطرف إلى قضية أ. س. ضد هنغاريا ، التي رأت فيها اللجنة أن ”الوقائع موضوع البلاغ ذات طبيعة مستمرة، ولذلك فالمقبولية من حيث الاختصاص الزمني لها ما يبررها“ ( ) . وترى الدولة الطرف أن التعقيم، بالنسبة إلى تلك القضية، قد أجري قبل أقل من ثلاثة أشهر من بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى هنغاريا، وأن أ. س. لجأت إلى سبل الانتصاف المحلية ذات الصلة بعد ذلك بفترة وجيزة (في غضون فترة معقولة من 10 أشهر بعد التعقيم).

4-9 وتشكك الدولة الطرف في ما إذا كانت النتيجة التي خلصت إليها اللجنة في تلك القضية تنطبق على هذا البلاغ، الذي حدثت فيه الوقائع ذات الصلة (بشأن صاحبات البلاغ الخمس) قبل فترة طويلة من بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف. بل إن تلك الأحداث وقعت قبل فترة طويلة من بدء نفاذ البروتوكول الاختياري على الصعيد الدولي ( ) . ولعامل الوقت دور مهم في تحديد المقبولية بحكم الاختصاص الزمني . فالفترة الزمنية الفاصلة بين الحدث المسبب وتاريخ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف ينبغي أن لا تكون طويلة بشكل غير معقول ( ) . وينبغي أن تؤخذ في الاعتبار الفترة الزمنية بين تعقيم صاحبات البلاغ وتاريخ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف، وحتى عندما يكون لفعل أو سهو أو قرار ”آثار مستمرة فلا ينشئ حالة مستمرة“ ( ) .

4-10 والبلاغ غير مقبول بسبب عدم توافق الاختصاص الزمني بالنسبة إلى صاحبات البلاغ جميعهن باستثناء ج. د. وفي قضية أ. س. ضد هنغاريا ، كان موضوع الشكوى التي قدمتها صاحبة البلاغ هو ”تعرضها لتعقيم قسري على يد العاملين الطبيين في مستشفى هنغاري“ ( ) وليس الافتقار المزعوم إلى سبل الانتصاف المحلية. ويقتصر البلاغ الحالي على انتهاك مزعوم للحق في الانتصاف، الذي لا يمكن اعتباره ”ذا طابع مستمر“ دون أي قيود زمنية، في ضوء المبدأ الأساسي المتمثل في اليقين القانوني ( ) .

4-11 ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 26 شباط/فبراير 2001. وبالنسبة للبلاغات الفردية، لا تتمتع اللجنة بالاختصاص الزمني للنظر في وجود سبل انتصاف فعالة على المستوى المحلي إلا بعد ذلك التاريخ. ولأغراض هذه القضية، يمثل ذلك وقتَ وقوع الأحداث.

4-12 وقد أوصت اللجنة في ملاحظاتها الختامية لعام 2010 بضرورة أن تبدأ فترة التقادم لتقديم مطالبات التعويض في قضايا التعقيم ”من وقت إدراك الضحية للمعنى الحقيقي للتعقيم وجميع العواقب المترتبة عليه“. ولأغراض اعتبارات الاختصاص الزمني وفي ضوء ما ورد أعلاه، لا بد من التأكد من الوقت الذي أدركت فيه كل من ب. و ف. و م. و سي. و ج. ”المعنى الحقيقي“ للتعقيم الذي تعرضن له و ”جميع العواقب المترتبة عليه“. ويجب أن تكون نقطة البداية هي التواريخ الفعلية للتعقيم الذي تعرضن له. ويبدو أنهن خضعن للتعقيم في الأعوام 1982 و 1987 و 1987 و 1989 و 1990، على التوالي. وقد اكتشفت ج. ”جميع العواقب“ بعد فترة وجيزة من تعقيمها، أي في 25 أيلول/سبتمبر 1990 على أبعد تقدير . وتدعي السيدة سي. أنها أدركت العواقب الكاملة بعد مرور سبع سنوات على الجراحة، أي في عام 1996. واكتشفت صاحبتا البلاغ هاتين ”المعنى الحقيقي“ للتعقيم الذي تعرضتا له و ”جميع العواقب المترتبة عليه“ قبل فترة طويلة من بدء نفاذ البروتوكول الاختياري.

4-13 وبالنسبة إلى ب. و ف. و م.، لا توجد أي أدلة تشير إلى وقت اكتشافهن ”المعنى الحقيقي“ للتعقيم الذي تعرضن له و ”جميع العواقب المترتبة عليه“. وقد التزمن الصمت بخصوص هذه النقطة. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن صاحبات البلاغ جميعهن قد خضعن للتعقيم في ثمانينات القرن الماضي، أي قبل ما لا يقل عن 12 عاما من بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف، فإن الدولة الطرف تستطيع أن تتوقع بشكل معقول أنهن اكتشفن ”المعنى الحقيقي“ للتعقيم الذي تعرضن له و ”جميع العواقب المترتبة عليه“ قبل فترة طويلة من عام 2001. ويمكن الافتراض بشكل معقول أن صاحبات البلاغ حصلن على الوثائق الطبية عند مغادرة المستشفى وكن يعرفن أنه لا يمكن لهن إنجاب أطفال بسبب التعقيم الذي تعرضن له. والفحوص المنتظمة لأمراض النساء هي خدمة رعاية صحية شائعة ومتوفرة مجانا في الدولة الطرف. ولا بد أن يكون مرور الوقت قد كشف عن ”المعنى الحقيقي“ للتعقيم الذي تعرضن له و ”جميع العواقب المترتبة عليه“.

4-14 وخلاصة القول أن ب. و ف. و م. أصبحن يدركن تماما التعقيم الذي تعرضن له قبل فترة طويلة من بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف، وكان ذلك على الأرجح في أوائل تسعينات القرن الماضي. وقد أصبحت السيدة سي. تدرك ذلك تماما في وقت لا يتجاوز عام 1996. وترى الدولة الطرف أن هذا لا يدخل في الاختصاص الزمني للجنة.

4-15 والتأخر في تقديم البلاغ يرقى إلى مستوى إساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات. وقد قدمت صاحبات البلاغِ بلاغهن بعد 15 عاما من بدء نفاذ البروتوكول الاختياري. ومعظمهن خضعن للتعقيم منذ أكثر من 25 عاما. وبما أنهن لم يستنفدن أي ً ا من سبل الانتصاف المحلية، فإنّ ”الوقت المعقول“ لتقديم بلاغهم ينبغي تحديده على أساس اللحظة التي اكتشفن فيها ”المعنى الحقيقي للتعقيم وجميع العواقب المترتبة عليه“. وبالنسبة إلى خمسة منهن، لا بد أن تكون هذه اللحظة قبل عام 2001 بوقت طويل، وبالنسبة إلى ج. د. في آب/أغسطس 2001. وعلى الرغم من أن اختبار ”الوقت المعقول“ هو إجراء دقيق ( ) ، إلا أن الوقت الفاصل بين التعقيم الذي تعرضن له وتقديم البلاغ لم يكن ”معقولا“. ولم تتسن الموازنة بشكل عادل بين حق صاحبات البلاغ في الدفاع عن أنفسهن من خلال تقديم بلاغ أمام اللجنة وحق الدول الأطراف في عدم إخضاعها للمساءلة بعد مرور ”وقت معقول“. فعند تقديم البلاغ إلى اللجنة بعد تلك الفترة الطويلة، ”تتضرر“ مبادئ أساسية من قبيل اليقين القانوني وتيسير إقامة العدل.

4-16 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تركز الدولة الطرف على سبل الانتصاف الفعالة المتاحة منذ 26 شباط/فبراير 2001، وهو تاريخ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف، الذي تصبح اللجنة اعتبارا منه ذات اختصاص زمني للنظر في وجود سبل انتصاف فعالة. وتنص السوابق القضائية للجنة على أن التعقيم ذا ”طابع مستمر“. وعلى هذا الأساس المنطقي تكون الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبل انتصاف فعالة حتى للنساء اللائي جرى تعقيمهن قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف. وهذا هو الحال بالنسبة لصاحبات البلاغ جميعهن باستثناء ج. د. فقد أصبحن يدركن تماما التعقيم الذي تعرضن له في التسعينات على الأرجح. وفي 26 شباط/فبراير 2001، عندما دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف، كان خمسة من صاحبات البلاغ الست يدركن لا محالة منذ فترة طويلة ”المعنى الحقيقي“ للتعقيم الذي تعرضن له و ”جميع العواقب المترتبة عليه“. وقد أدركت ج. د. ذلك في آب/أغسطس 2001 على أبعد تقدير. ويُستمد وقت الواقعة للنظر في استنفاد سبل الانتصاف المحلية من هذين التاريخين.

4-17 ولم ترفع أي من صاحبات البلاغ أي دعاوى قضائية محلية عند اكتشافهن للمعنى الحقيقي للتعقيم الذي تعرضن له، ولا بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف. ولا يمكن اعتبار الشكوى التي تقدمت بها كل من ج. د. و ج. إلى أمين المظالم بمثابة سبيل من سبل الانتصاف المحلية بالمعنى الوارد في المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، وذلك لأنها لا تكتسي، بموجب السوابق القضائية للجنة، الفعالية ولا توفر تعويضا مناسبا.

4-18 ومنذ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري، شكلت الدعاوى المدنية من أجل حماية الحقوق الشخصية المنصوص عليها بموجب المادة 11 من القانون المدني القديم (ساري المفعول حتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2013) سبيلا من سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة لصاحبات البلاغ جميعهن ( ) . وأكد أمين المظالم في تقريره لعام 2005 أن الدعوى المدنية هي من سبل الانتصاف الملائمة لحالات التعقيم غير المشروع. وكان سبيل الانتصاف هذا متاحا لصاحبات البلاغ منذ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف في عام 2001. وأكد الاجتهاد القضائي للمحاكم المحلية ( ) الفعالية العملية لهذا السبيل في قضايا التعقيم وكونه مناسبا لإثبات حدوث انتهاكات لحقوق المرأة الشخصية ولمنح تعويض مالي. وفي سياق الدعاوى المدنية، كان يحق لصاحبات البلاغ تقديم حججهن بمساعدة محام، وإيراد الأدلة التي يعتبرنها مناسبة وذات صلة، والمشاركة في جلسة استماع لعرض وجهتي نظر طرفي القضية استنادا إلى الأسس الموضوعية لقضيتهن، وطلب الحصول على تعويض. وقد أتيحت لصاحبات البلاغ الفرصة لتنظر المحاكم المحلية في أعمال موظفي المستشفى التي اعتبرنها غير قانونية، والحصول على الجبر المناسب في حال نجاح مسعاهن.

4-19 وتدحض الدولة الطرف الادعاءات بأن ف. وم . وسي و ج. د. لم تتح لهن فرصة الحصول على المشورة القانونية، وتؤكد وجود وسيلتين لحصول صاحبات البلاغ على المساعدة القانونية منذ عام 2001. فبموجب المادة 30 من قانون الإجراءات المدنية، يعين القاضي الذي يرأس الجلسة ممثلا قانونيا بناء على طلب طرف الدعوى الذي يستوفي الشروط المسبقة للإعفاء من تكاليف الدعوى إذا كان ذلك ضروريا لحماية مصالح طرف الدعوى. ووفقا للمادة 18 (2) من القانون رقم 85/1996 للمهن القانونية، يحق للشخص الذي لا يمكنه الحصول على الخدمات القانونية بموجب هذا القانون التمتع بخدمات محام تعينه نقابة المحامين بناء على طلب الشخص ( ) . وتنظم نقابة المحامين خدمات المشورة القانونية المجانية في مناطق الدولة الطرف.

4-20 وادعاء صاحبات البلاغ أن فترة التقادم منعتهن من رفع دعوى مدنية غير صحيح. فحتى عام 2008، كان سبيل الانتصاف هذا خاليا من أي فترات تقادم. وتدرك الدولة الطرف أوجه عدم الاتساق في الاجتهاد القضائي للمحاكم الابتدائية. ومع ذلك، كانت فرص صاحبات البلاغ في الحصول على تعويض كبيرة بشكل معقول لأن المحكمة العليا، وهي محكمة عامة من محاكم الدرجة الأخيرة، قضت مرارا وتكرارا بأن مثل هذه الادعاءات لا تسقط بالتقادم ( ) .

4-21 وخلال فترة السنوات السبع من بدء نفاذ البروتوكول الاختياري وحتى عام 2008، لم تكن هناك فترة تقادم قابلة للتطبيق على الدعاوى المدنية المرفوعة لحماية الحقوق الشخصية، بما في ذلك ما يتعلق بمطالبات التعويض عن الأضرار غير المالية. وتؤكد الدولة الطرف أنه كان ينبغي على صاحبات البلاغ استنفاد الدعاوى المدنية في غضون فترة زمنية معقولة من اللحظة التي اكتشفن فيها ”المعنى الحقيقي“ للتعقيم الذي تعرضن له و ”جميع العواقب المترتبة عليه“.

4-22 وقد ظلت فعالية سبيل الانتصاف هذه محفوظة بعد عام 2008 بالرغم من النهج الجديد للمحكمة العليا الذي تخضع بموجبه مطالبات التعويض المالي لفترة التقادم العامة. ويسمح القانون لأصحاب المطالبات بالتغلب على عقبة غير متناسبة محتملة ناتجة عن فترة التقادم وذلك من خلال شرط ممارسة الحقوق وفقًا لمبدأ الأخلاق الحميدة. وينطبق هذا عندما لا يسمح الطرف المتضرر بانقضاء فترة التقادم بسبب خطأ من جانبه، وعندما يكون انقضاء فترة المطالبة بالنسبة له بمثابة عقوبة قاسية بشكل غير متناسب ( ) . والمحاكم ملزمة بتقييم الاعتراض المتعلق بالتقادم لمعرفة مدى تعارضه المحتمل مع مبدأ الأخلاق الحميدة، وذلك لإيجاد حل عادل ومعرفة ما إذا كانت فترة التقادم تشكل عقوبة قاسية بشكل غير متناسب، عندما تكون هناك أضرار خطيرة ودائمة على الصحة ( ) .

4-23 وتقدم الدولة الطرف أمثلة لحالات أدى فيها رفع دعوى مدنية إلى تلبية المطالبة بالتعويض عن التعقيم غير القانوني، وذلك بالرغم من أن الدعوى رفعت بعد انقضاء فترة التقادم ( ) . وما زالت الدعاوى المدنية تشكل وسيلة انتصاف فعالة ومناسبة. وقد أرست المحكمة الدستورية والمحكمة العليا ممارسة قضائية للتخفيف من الآثار المحتملة لفترة التقادم في قضايا التعقيم.

4-24 ويمكن أن يقدم الأفراد أيضا طعنا أمام المحكمة الدستورية للادعاء بوقوع انتهاكات ضد حقوقهم الأساسية. فقد كان باستطاعة صاحبات البلاغ أن يدعين صراحةً حدوث انتهاك للاتفاقية أمام المحكمة الدستورية، بالنظر إلى أن الطعن الدستوري يشكل وسيلة انتصاف مبدئية فعالة ( ) .

4-25 وحتى إذا اعتبرت صاحبات البلاغ أنه ربما كانت هناك بعض التناقضات في الاجتهادات القضائية للمحاكم المحلية، فإن هذا لا ينفي احتمال أن تحقق الدعوى المدنية انتصافًا فعالًا، لا سيما في الحالة التي لم تقم فيها صاحبات البلاغ ”ببذل أدنى جهد للاستفادة من سبل الانتصاف المحلية المتاحة“ ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى الاجتهادات القضائية للجنة التي مفادها أن ”مجرد الشك في فعالية سبل الانتصاف لا يعفي الشخص من استنفاد سبل الانتصاف المحلية“ ( ) .

4-26 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تؤكد الدولة الطرف أن جوهر شكوى صاحبات البلاغ يكمن فيما زعم من عدم توافر سبل انتصاف فعالة ومناسبة لهن. وتشبه متطلبات الاتفاقية فيما يتعلق بالحق في الانتصاف شبها كبيرا متطلبات استنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري. وترتبط مسألة جواز عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية ارتباطاً وثيقاً بالنظر في الأسس الموضوعية. ويبقى السؤال الأساسي هو ما إذا كانت هناك وسيلة انتصاف فعال ومناسبة متاحة لصاحبات البلاغ فيما يتعلق بتعقيمهن. وتشير الدولة الطرف إلى ملاحظاتها بشأن عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، والتي تناولت فيها هذه المسألة بالتفصيل.

4-27 وتدرك الدولة الطرف ما يمثله التعقيم غير القانوني من خطورة. بيد أنه لا يوجد التزام محدد في حالات التعقيم بتوفير وسيلة انتصاف خاصة نابعة من الاتفاقية. ويتيح مفهوم الحق في الانتصاف للدول الأطراف قدرا من السلطة التقديرية في تصميم نظمها المتعلقة بالانتصاف. ويعتبر ادعاء صاحبات البلاغ فيما يتعلق بما استجد من توافق مزعوم في الآراء بشأن الحاجة إلى اعتماد تشريع خاص بالتعويض عن التعقيم غير القانوني غير مناسب، نظرًا لأنه يتعلق بعدد قليل جدًا من الدول التي نجحت تاريخيا ومن الناحية الموضوعية في إيجاد حلول لحالات مختلفة. ولا يمكن أن يستدل من عدم تحرك صاحبات البلاغ على الصعيد الوطني أن الدولة الطرف ملزمة باعتماد سبيل انتصاف خاص. وينبغي أن يكون اعتماد وسيلة انتصاف عامة يتم تكييفها بشكل مناسب لأغراض إثبات حدوث انتهاك للحقوق الشخصية للمرأة خياراً مفضلاً على وسائل الانتصاف الخاصة، وذلك لأنه يضمن المساواة أمام القانون ولا ينطوي على تمييز ظاهر.

تعليقات صاحبات البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

5-1 في 12 كانون الأول/ديسمبر 2016، أكدت صاحبات البلاغ أن اللجنة لم يُطلب منها أن تُثبت بشكل فردي ما إذا كن ضحايا للتعقيم القسري، بل أن تثبت عدم حصولهن على وسيلة انتصاف ملائمة إزاء الطبيعة الممنهجة لممارسة التعقيم القسري لنساء الروما . فمن غير المنطقي تصور أشخاص يشتكون من عدم وجود سبل انتصاف أمام المحاكم المحلية ويقومون برفع دعوى يزعمون أن مصيرها الفشل. فبمجرد أن تستحدث الدولة الطرف وسيلة انتصاف مناسبة، ستتاح للسلطات الفرصة لاختبار الأدلة والبت في القضايا المرفوعة من جانب صاحبات البلاغ. وتؤكد الأدلة الهزيلة التي قدمتها صاحبات البلاغ أن أي دعوى مدنية قد يرفعنها، ويتحملن فيها عبء الإثبات، مآلها الفشل.

5-2 ومما يناقض الاتفاقية تصور أن يقيم ضحايا مستضعفون مثل أفراد الأقليات العرقية المضطهدة دعوى للمطالبة بتعويض عن التعقيم القسري عبر استخدام وسيلة انتصاف عامة ضمن إطار نظام تقادم مدته ثلاث سنوات أو في وقت يتسم بعدم اطراد الاجتهادات القضائية المتعلقة بمثل هذه المطالبات. وتؤكد الاجتهادات القضائية للمحاكم أن صاحبات البلاغ لا أمل لهن في رفع دعوى ناجحة للمطالبة بالتعويض.

5-3 وتقر مؤسسات وطنية متعددة وهيئات دولية بالحاجة إلى توفير سبل انتصاف محددة لضحايا التعقيم القسري. وللدولة الطرف تاريخ طويل من التعقيم القسري لنساء الروما ومن غياب الأدلة المتعلقة بمثل هذه التعقيمات . وتصر صاحبات البلاغ على صحة ادعاءاتهن وقيامهن بتقديم جميع الأدلة المتاحة لهن.

5-4 ووفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا يتعين على المرأة التي تقدم شكوى بشأن عدم وجود سبل انتصاف فعالة سوى أن تثبت أن لديها ”ادعاء قابل للإثبات“ بأنها عانت من الضرر الذي تسعى للحصول على سبيل لجبره. وهذا هو الموقف الثابت للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عند تطبيق المادة 13 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) . أما معيار الإثبات المطلوب ”دون أي شك معقول“ الذي تستخدمه الدولة الطرف، فهو معيار مضلل، نظرا لأنه ينطبق على مجموعة مختلفة من الحالات التي يطلب فيها ضحايا سوء المعاملة من المحكمة إثبات أن سوء المعاملة يشكل انتهاكا لحقوقهم. وليس على صاحبات البلاغ سوى البرهنة على أن لديهن ادعاء قابل للإثبات بأنهن كن ضحايا للتعقيم القسري. وتعني الطبيعة المستمرة للانتهاك استمرار انتهاك حقوقهن، بصرف النظر عن الوقت الذي تعرضن فيه للتعقيم. فموضوع شكوى صاحبات البلاغ هو الحق في جبر فعلي للضرر الناجم عن الانتهاكات الجسيمة التي تعرضن لها بسبب التعقيم. وما زال حقهن في جبر هذا الضرر سارياً حتى اليوم ( ) .

5-5 ولا توافق صاحبات البلاغ على أنّ التأخر في تقديم شكواهن يمثل إساءة استخدام للحق في تقديم البلاغ. فقد ظلت فكرة إعداد خطة لتعويض ضحايا التعقيم القسري لسنوات موضوع نقاش سياسي وعام وتشريعي. وتسببت العملية التي تمت في الفترة بين عامي 2009 و 2015 في خروج القضية إلى العلن وفي تمكين الضحايا من اللجوء إلى القضاء. ورغم ذلك، رفضت الحكومة في 30 أيلول/ سبتمبر 2015 مشروع قانون يدعو إلى إنشاء لجنة خبراء مستقلة لاستعراض المطالبات الفردية المتعلقة بالتعقيم غير الطوعي وإسداء المشورة بشأن سبل الانتصاف المناسبة. وقدمت صاحبات البلاغ شكواهن إلى اللجنة بعد فشل تلك العملية، أي في غضون ستة أشهر من قرار الحكومة، وهي فترة يرينها معقولة. وهن يشرن إلى أنه لا يوجد حد زمني لتقديم الشكاوى إلى اللجنة.

5-6 وعندما تنتهك إحدى الدول الأطراف ما يفرضه القانون الدولي لحقوق الإنسان عليها من إيجاد وسيلة انتصاف فعالة في حالة وقوع انتهاك لحقوق الإنسان، لا يكون هناك التزام باستنفاد جميع سبل الانتصاف الأخرى، التي كان يمكن أن تكون غير كافية أو غير فعالة ( ) . وتعترض صاحبات البلاغ على الزعم القائل بأنه كان يجب عليهن رفع دعوى مدنية بمجرد إدراكهن للعواقب الكاملة لتعقيمهن. فالدولة الطرف تتجاهل التهميش الاجتماعي، ومشاعر الذل والخوف التي أدت إلى إحجامهن في البداية عن التحدث عن حالتهن.

5-7 وتتجاهل الدولة الطرف كذلك مبدأ قانون حقوق الإنسان القائل إن التفسير الصارم للقانون المحلي بشأن أحكام التقادم يمكن أن يعوق حصول الضحايا المستضعفين على حقوقهم ( ) . فالشخص الذي يرفع الدعوى يتحمل عبء الإثبات. والنساء اللائي جرى تعقيمهن منذ فترة طويلة لا يملكن الدليل نظرا لأن هذا الدليل قد ”ضاع“ في المرافق الطبية. وليس لدى صاحبات البلاغ أمل في رفع دعوى مدنية ناجحة نظرا لأنهن لا يستطعن تقديم نوعية الأدلة التي تتوقعها المحاكم المدنية من المدعي.

5-8 وقد واجهت صاحبات البلاغ عدة عقبات في سبيل الوصول إلى العدالة. فقد كانت عمليات التعقيم جزءا من ممارسة منهجية للتنظيم السكاني، تدعمها الدولة والهيئات الطبية. وفي ظل عدم وجود توافق في الآراء بشأن عدم مشروعية هذه الممارسات، كان من الصعب تخيل إمكانية التماس العدالة أمام السلطات. ولم تقم الدولة الطرف بجهود التوعية من خلال توفير معلومات عن سبل الانتصاف المتاحة مادياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. ولم يراود صاحبات البلاغ الأمل في إمكانية تحقق العدالة إلا بعد أن بدأت نية السلطات تتجه إلى إيجاد وسيلة انتصاف. وعندما فشلت تلك العملية، مضين قدما في تقديم شكواهن.

5-9 ويجب أن يتحمل الأطباء أو المؤسسات الطبية المسؤولية عن بعض عمليات التعقيم. بيد أن الدولة الطرف تتحمل مسؤولية إيجاد وتنفيذ وسيلة انتصاف يمكن أن تثبت المسؤولية والتعويض. وفي قضية أ. س. ضد هنغاريا ، رأت اللجنة أن هنغاريا مسؤولة عن رصد الجزاءات وضمان تنفيذها في حالات التعقيم القسري في المستشفيات العامة والخاصة.

5-10 وقد تمكن بعض النساء اللائي تم تعقيمهن في عام 2000 من الحصول على تعويض بموجب القانون المدني. ولم يحدث ذلك أثراً على حالة النساء اللائي تم تعقيمهن قبل ذلك بسنوات ولم يكن بمقدورهن الاستفادة من ذلك الإجراء القانوني. وإصرار الدولة الطرف على أن أشكالا من المشورة القانونية المجانية كانت متوفرة لا يجدي نفعا؛ ففي ظل عدم وجود أي شكل من أشكال التواصل مع ضحايا التعقيم القسري، إلى جانب تدني وضعهن الاجتماعي، لم تكن هذه التسهيلات مفيدة لهن. والرأي القائل إن صاحبات البلاغ كان يجب عليهن، دون مساعدة محام، المثول أولا أمام محكمة مدنية في غضون ثلاث سنوات من تاريخ التعقيم كي يعين لهن محام، يتجاهل تمامًا حقيقة حالتهن. وتدرك الدولة الطرف أوجه القصور في نظام المعونة القضائية؛ وقد تم عرض مقترح قانون جديد بشأن المعونة القضائية في آذار/مارس 2016.

5-11 ويجب على الدول الأطراف توفير سبل انتصاف يمكن الاستفادة منها. وقد أقرت الدولة الطرف بعدم اطراد أحكام القضاء، مما أتاح لصاحبات البلاغ ”فرصة“ للحصول على تعويض. ورغم أن بعض ضحايا التعقيم ربما كان يمكنهن الحصول على تعويض قبل عام 2008، فإنّه لم يكن من الواضح لصاحبات البلاغ بأي حال من الأحوال أن ذلك من سبل الانتصاف المناسبة.

5-12 ولا يجدي مبدأ ”الأخلاق الحميدة“ صاحبات البلاغ نفعا في التغلب على قانون التقادم. فهذا الاستثناء التقديري من القواعد لا يفرض أي التزامات موضوعية على المحاكم؛ فهو لا يعدو مجرد كونه مطلباً إجرائياً عند النظر في منح استثناء. وليس للمحاكم أي سوابق في ممارسة استخدام حكم ”الأخلاق الحميدة“ للتغلب على عقبات كتلك التي تواجهها صاحبات البلاغ. وكانت الدعوتان اللتان ذكرتهما الدولة الطرف مختلفتين، بالنظر إلى أنهما رفعتا خلال الفترة (بين عامي 2003 و 2008) عندما كانت المحاكم تمنح تعويضات مالية لبعض ضحايا التعقيم القسري بالرغم من انقضاء مهلة الثلاث سنوات. وبحلول الوقت الذي كان من المفترض أن تصل فيه الدعاوى المقامة من قبل صاحبات البلاغ إلى المحكمة العليا، كانت الاجتهادات القضائية قد تغيرت وحال قانون التقادم دون تقديم مطالبات بالتعويض.

5-13 أما تصريح الدولة الطرف بأن ”المحكمة العليا ترى أن الاعتراض المتعلق بالتقادم فيما يتصل بالمطالبات بتعويض مالي عن عمليات التعقيم غير القانوني أثير خلافًا لمبدأ الأخلاق الحميدة وألغى الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية“ فهو تصريح مضلل. فقد خلصت المحكمة العليا إلى أن ضحايا التعقيم القسري يحق لهن من الناحية الإجرائية أن ينظر في دعاويهن في ضوء مبدأ الأخلاق الحميدة. وقد أمرت المحكمة العليا المحاكم الابتدائية بإعادة فتح القضايا وليس بالحكم لصالح الضحايا. وبما أن الاجتهادات القضائية قد استقرت الآن وأن السلطات رفضت تقديم وسيلة انتصاف محددة، لا تملك صاحبات البلاغ سوى فرصة نظرية لا سند لها في الواقع للحصول على تعويض من المحاكم من خلال التطبيق التقديري لمبدأ ”الأخلاق الحميدة“.

5-14 ويدفع الأفراد الذين يقيمون دعاوى مدنية لجبر الأضرار رسوم المحكمة، التي تشكِّل نسبة مئوية من المبلغ المطالب به. ومن غير المرجح أن تتمكن صاحبات البلاغ من تحمُّل تكلفة الرسم، وحتى لو استطعن ذلك، فإن المبلغ الذي سيكون بوسعهن دفعه سيكون من المحدودية بحيث يقل كثيراً من مقدار المطالبة. وقد تعفي المحكمة شخصا من دفع الرسم القانوني فقط في حالة وجود ”أسباب جدية للغاية“ ( ) .

5 - 15 ويمكن للمحكمة الدستورية التدخل بعد إخفاق دعوى مدنية طويلة، وهي لا تستطيع سوى إلزام المحاكم بالنظر في تطبيق مبدأ ”الأخلاق الحميدة“ في قضايا صاحبات البلاغ. وما من شيء يوحي بأن قضاياهن ستؤدي إلى إعمال هذا الاستثناء التقديري للقاعدة التي تحظر مطالبات التعويض بعد انقضاء أجل التقادم.

5-16 وبشأن الأسس الموضوعية، تفنّد صاحبات البلاغ الحجة القائلة بأنه ليس ثمة التزام بوجود سبيل انتصاف خاص لضحايا التعقيم القسري. ونظرا لتوقيت عمليات التعقيم التي خضعن لها وما عانينه من استبعاد ووضعهن المهمّش، فإنه يحق ّ لهن التمتع بسبيل انتصاف خاص. وقد وضعت بلدان أخرى لديها تاريخ مماثل (ألمانيا وبيرو والسويد والنمسا وبعض الولايات في الولايات المتحدة الأمريكية) سبل انتصاف خارج إطار النظام القانوني العادي. وعدم القيام بذلك، بينما توجد برامج أخرى لضحايا إساءة المعاملة في إطار نظم أقدم فقدت مصداقيتها، يرقى إلى مصاف التمييز ضد نساء الروما اللاتي خضعن للتعقيم القسري.

5-17 وقد أدى القانون المحلي والسوابق القضائية المحلية إلى إعادة إيذاء صاحبات البلاغ وإلى التمييز المتعدد الجوانب على أساس الإثنية والجنسانية والمكانة الاجتماعية، وذلك لأنه لا يوجد في هذا القانون ولا في تلك السوابق ما يميز بين نساء الروما من ضحايا التعقيم القسري من جهة وبين المدعين الآخرين المطالبين بالتعويض في دعاوى مدنية بشأن إساءة المعاملة من جهة، وهما يطبقان نفس عبء الإثبات وأجل التقادم على الجميع. وينبغي أن تكون سبل الانتصاف إزاء انتهاكات حقوق الإنسان مصممة لتعكس ما تعانيه فئات معينة من هشاشة. وصاحبات البلاغ، باعتبارهن ضحايا لانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، يؤكدن أن الدولة الطرف ملزمة بوضع خطة للتعويض مصممة لضحايا التعقيم القسري ( ) .

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 في 5 أيار/مايو 2017، كررت الدولة الطرف تأكيد أن صاحبات البلاغ لم يحاولن إلقاء الضوء على الظروف المحيطة بتعقيمهن، وهي تفسر صمتهن على أنّه تأكيد لما أوردته من وصف لتلك الظروف. وترفض الدولة الطرف الزعم بوجود ”عدة آلاف“ من النساء المعقمات بصورة غير قانونية وتعتبره غير مدعم بأدلة. وقد وثّق أمين المظالم عدة عشرات من الحالات.

6-2 ولا تتعلق هذه القضية بالتعقيم ذاته، بل بالافتقار المزعوم لسبيل انتصاف فعال، وذلك على النحو المتفق عليه بين الطرفين. وقد ركزت الدولة الطرف عن صواب على الانتهاك المزعوم للحق في سبيل انتصاف. غير أن صاحبات البلاغ يطلبن أن تنظر اللجنة في البلاغ من الناحية المجردة، بدون النظر الواجب في الظروف الفردية لحالاتهن. ولا يمكن اتّباع هذا النهج في إجراءات الشكاوى الفردية، حيث يجب أن يكون أساس النظر هو الظروف الفردية لحالة معينة، وليس عدم الاتّباع المزعوم لتوصيات هيئات معاهدات الأمم المتحدة في إجراءات الإبلاغ الدوري. فالإبلاغ وإجراءات الشكاوى الفردية لهما قواعد مختلفة، ويقتضي كل منهما نهجاً مختلفاً.

6-3 ولا يمكن أن تترتب على وقائع القضية آثار مستمرة على الحق في سبيل انتصاف فعال، وذلك على حد ما ينبع من طبيعة هذا الحق ومن القواعد الإجرائية المحيطة بسبل الانتصاف القانونية المحلية والنظام القضائي المحلي، بما في ذلك مبدأ اليقين القانوني. أما عن إشارة صاحبات البلاغ إلى قضية ماريام سانكارا وآخرين ضد بوركينا فاسو ( ) المنظورة أمام لجنة حقوق الإنسان، فهي إشارة مضللة. فالدعوى القضائية رُفعت قبل بدء سريان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكوله الاختياري بالنسبة لبوركينا فاسو، ومع ذلك فهي قد استمرت بعد بدء السريان ولم تكن قد انتهت في وقت اعتماد آراء اللجنة. وفي قضية الحال، لم ترفع صاحبات البلاغ أي دعاوى محلية قبل بدء سريان البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف، بينما كنّ ( ) على وعي بالآثار الكاملة المترتبة على تعقيمهن في ذلك الوقت. ولذا، ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الزمني فيما يتعلق بصاحبات البلاغ المدرجة أسماؤهن.

6-4 وفيما يتعلق بعبء الإثبات في دعوى مدنية، لا يكون المدعون ملزمين سوى بتحديد الأدلة الداعمة لأقوالهم. ومن ثم، يعود للمحكمة أن تقرر أي الأدلة سيجري اعتمادها. ووجود حالات لنساء معقمات نجحن في دعاواهن المدنية يؤكد أن صاحبات البلاغ لم يكن عليهن تحمُّل عبء إثبات غير متناسب. أما الإلغاء الكامل لأي التزام بتحمُّل عبء إثبات معيّن فمن شأنه أن يفضي إلى تقويض استخدام أي سبل انتصاف قانونية عادية في نظام قانوني وطني.

6-5 وكان أمام صاحبات البلاغ سبع سنوات بعد بدء سريان البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف لرفع دعوى مدنية، بما في ذلك المطالبة بالتعويض، وهي فترة ما كان لهن خلالها أن يخشين من رفض مطالبتهن بسبب عدم الامتثال لفترة التقادم العامة. ولذا فإن نقدهن المستمر لفترة التقادم المعنية لا أساس له. وأكدت صاحبات البلاغ أنفسهن أن بعض النساء المعقمات ”ربما كان يمكنهن الحصول على تعويض“ في إطار سبل الانتصاف المتاحة في القانون المدني. وقد اعتبرت صاحبات البلاغ أن ”الفرصة“ لم تكن كافية لتوفير سبيل انتصاف فعال. غير أن السوابق القضائية للجنة تشير إلى غير ذلك. ولذا، فقد أوفت الدولة الطرف بالتزامها بصون حق صاحبات البلاغ في الانتصاف.

6-6 ولا توافق الدولة الطرف على أن توخي مذهب الأخلاق الحميدة لم يكن سبيلا فعالا من الناحية العملية بعد عام 2008. وهي تشير إلى حكم صادر في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ( ) ، ألغت فيه المحكمة العليا أحكام المحاكم الابتدائية لأنها لم تراع بما فيه الكفاية مسألة مدى امتثال الاعتراض المتعلق بالتقادم للأخلاق الحميدة، وأشارت إلى موقفين مهنيين بالغي الاختلاف لطرفي الدعوى المتمثلين في مستشفى ومريض. وركزت بقوة على الوضع الهش للنساء المعقمات.

6-7 وتُشكِّل المحكمة الدستورية حارسا للحقوق والحريات الأساسية؛ وتماثل قواعدها المتعلقة باستنفاد سبل الانتصاف تلك المعتمدة لدى الحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وهيئات معاهدات الأمم المتحدة. وتشترط المحكمة الدستورية استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وقد أقرت صاحبات البلاغ ضمنا بأنه كان ينبغي لهن، من أجل الاستنفاد الكامل لسبل الانتصاف المحلية، اللجوء أولا إلى رفع دعوى مدنية.

6-8 وتؤكد الدولة الطرف أن صاحبات البلاغ يسئن تفسير التزاماتها في إطار الاتفاقية والمبادئ الأساسية للإجراءات المتعلقة بالبلاغات المقدمة من الأفراد، بما في ذلك قاعدة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وذلك عن طريق تقديم مبرر مفاده أنه لم يكن يتعين عليهن استنفاد سبل الانتصاف المتاحة بسبب توقعهن لإنشاء سبيل انتصاف خاص. وعدم رضا صاحبات البلاغ عن سبل الانتصاف القائمة، أو شكوكهن حولها، لا يعفيهن من الالتزام باستنفاد تلك السبل.

6-9 ولا تتفق الدولة الطرف مع زعم صاحبات البلاغ بأنه لم يكن يتعين عليهن استنفاد سبل الانتصاف القائمة نظرا لعدم امتلاكهن أدلة كافية لإقامة دعوى مدنية. وقد حاججن بأن هذا هو في حد ذاته سبب الحاجة إلى توفير سبيل انتصاف خاص. وحتى لو تم وضع سبيل انتصاف خاص لضحايا التعقيم غير القانوني، فإنه سيتعين عليهن تحمُّل عبء معيّن لإثبات أن تعقيمهن قد أجري بطريقة غير قانونية.

6-10 وكان المقصود من المقترح التشريعي أن يكون قانونا بشأن التعويض على سبيل الهبة، ولم يهدف مطلقا إلى الحلول محل سبل الانتصاف القائمة التي هي ذات طبيعة قضائية وتكفل ضمانات إجرائية أقوى والتساوي في التقاضي أمام المحكمة، بما في ذلك للأفراد المهمشين، والنظر المستقل في القضايا. وقد قررت الدولة الطرف عدم إنشاء الآلية التعويضية الخاصة المقترحة، حيث خلصت إلى أن وجود آلية ”خارج المحكمة“ لن يكون من شأنه تشكيل تكملة فعالة لوسائل الانتصاف القائمة إزاء الإخفاقات الفردية في أداء عمليات التعقيم في الماضي.

ملاحظات إضافية من صاحبات البلاغ

7-1 في 23 آب/أغسطس 2017، احتجت صاحبات البلاغ بأن الدولة الطرف لم تقدِّم إشارة مباشرة أو نسخة من ”دعوى مدنية ناجحة أخرى“ أقامتها سيدة من طائفة الروما للحصول على تعويضات عن الأضرار، وأشارت إليها صاحبات البلاغ في ملاحظاتهن الإضافية. وكون بعض النساء من الروما استطعن الاستفادة من هذا السبيل للانتصاف لا يعني أنه يتوافق مع الاتفاقية. ويتعلق البلاغ بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان؛ وتصل الأعداد التقديرية لنساء الروما وغيرهن من النساء الهشات اللاتي خضعن للتعقيم القسري إلى الآلاف.

7-2 وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، قدمت صاحبات البلاغ رأي خبير صادراً عن مركز الحقوق الإنجابية يحاجج بضرورة اتخاذ تدابير خاصة لضمان تمتُّع نساء الروما المهمشات بسبل الوصول الفعلي إلى العدالة من الناحية العملية، ويركز على قسوة فترة التقادم العامة.

7-3 وفي 29 آذار/مارس 2018، نازعت الدولة الطرف بشأن الأعداد المزعومة للنساء المعقمات بصورة غير قانونية. واستند التقدير الذاهب إلى بلوغ عددهن الألف إلى خبرة السويد، ومن ثم فهو قائم على التخمين.

7-4 وفي 23 تموز/يوليه 2018، تمسكت صاحبات البلاغ بأن الأعداد التقديرية للضحايا موثوقة وذات صلة وبأن الدولة الطرف أخفقت في تقديم أي أدلة إحصائية، أو حالات قدمت فيها المحاكم التعويض للنساء اللاتي تقدمن بمطالباتهن بعد نفاد أجل التقادم. وتوجد حاليا قضية واحدة لضحية للتعقيم قيد النظر أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) . ولا يزيد ما تصفه الدولة الطرف بأنه احتمال ”معقول“ للنجاح عن كونه أمراً نظرياً.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة بشأن مقبولية البلاغ

8-1 يجب على اللجنة، وفقا للمادة 64 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولا أم لا بموجب البروتوكول الاختياري. وعملاً بالمادة 66 من النظام الداخلي، يجوز للجنة أن تقرر النظر في مقبولية البلاغ وأيضا في أسسه الموضوعية. ويتعين عليها، عملاً بالمادة 72 (4)، أن تقوم بذلك قبل النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

8-2 وتُذكِّر اللجنة بأنه يُمنع عليها، بموجب المادة 4-1 من البروتوكول الاختياري، أن تنظر في بلاغ ما لم تتيقن من أن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة قد استُنفدت أو أن التماس تلك السبل قد استغرق وقتاً طويلاً غير معقول أو من غير المرجّح أن يحقق انتصافاً فعالاً ( ) . وتلاحظ اللجنة أن كلا الطرفين يؤكدان أن هذه القضية لا تتعلق بالتعقيم ذاته، بل بحق صاحبات البلاغ في سبل انتصاف فعالة وبالافتقار المزعوم لتلك السبل. وتحيط اللجنة علما بالحجة التي ساقتها صاحبات البلاغ ومفادها أن سبل الانتصاف العامة القائمة في الدولة الطرف ليست فعالة وأنه لا يوجد سبيل انتصاف خاص متاح لهن. وتحيط اللجنة علما أيضاً بتأكيد الدولة الطرف أن رفع دعوى مدنية لحماية الحقوق الشخصية والطعن الدستوري يُشكلان سبيلَيْ انتصاف فعالين وملائمين لالتماس الانتصاف، بما في ذلك التعويض المالي، وبأن الدولة الطرف ليست ملزمة بتوفير سبيل انتصاف خاص أو جنائي. وتلاحظ اللجنة كذلك ما أوردته الدولة الطرف من توضيحات تفيد بأن أجل التقادم العام البالغ ثلاث سنوات لم يكن يسري على سبيل الانتصاف المذكور أعلاه المنصوص عليه في القانون المدني حتى عام 2008، وبأن آثاره غير المتناسبة المحتملة على الضحايا بعد عام 2008 قد خففها تفسير المحكمة الدستورية في ضوء مذهب الأخلاق الحميدة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد قدمت أمثلة لسوابق قضائية للتدليل على أن سبيل الانتصاف المنصوص عليه في القانون المدني كان من شأنه أن يكون فعالاً في كفالة حقوق صاحبات البلاغ، بما في ذلك التعويض المالي.

8-3 وتلاحظ اللجنة أن خمس من صاحبات البلاغ قد خضعن للتعقيم بين عامي 1982 و 1990، وأن إحداهن خضعت له في عام 2001، وأنهن أصحبن واعيات بآثار تعقيمهن قبل عام 2008 بعدة سنوات. وتلاحظ أيضا أن أياً من صاحبات البلاغ لم تحاول استنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة سواء قبل عام 2008 أو بعده. وتشير اللجنة إلى سوابقها القضائية التي تفيد بأن ”مجرد إثارة الشكوك حول فعالية سبل الانتصاف لا يعفي فردا من استنفاد سبل الانتصاف المحلية“ ( ) . وفي ضوء ما ورد أعلاه، تعتبر اللجنة أن صاحبات البلاغ لم يستنفدن سبل الانتصاف المحلية المتاحة وأن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري.

9 - وبناء على ذلك تقرر اللجنة ما يلي:

(أ‌) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري؛

(ب‌) أن يبلَّغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحبات البلاغ.