بلاغ مقدم من :

أ ُ. م . (تمثلها المحاميتان فالنتينا مودريك وماريانا يفسيوكوفا )

الشخص المدعى أنه ضحية :

صاحبة البلاغ

الدولة الطرف :

أوكرانيا

تاريخ تقديم البلاغ :

١ أيلول/سبتمبر ٢٠١٤

الوثائق المرجعية :

أحيلت إلى الدولة الطرف في ٥ أيار/مايو ٢٠١٥ (لم تصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء :

١٩ تموز/يوليه ٢٠١٩

* اعتمدتها اللجنة في دورتها الثالثة والسبعين (1-19 تموز/يوليه 2019).

** شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: غلاديس أكوستا فارغاس ، هيروكو أكيزوكي ، تماضر الرماح، نيكول أملين، غونار بيرغبي ، ماريون بيثيل ، لويزة شعلال ، إستر إيغوباميان - مشيليا ، نائلة محمد جبر، هيلاري غبيديماه ، نهلة حيدر، داليا لينارتي ، روزاريو ج . مانالو ، ليا نادارايا ، أرونا ديفي نارين، آنا بيلاييز نارفاييز ، رودا ريدوك ، إلغون سافاروف ، فرانسلين توي - بودا، عائشة فال فرجس.

*** عملا ب المادة ٦١ من النظام الداخلي للجنة، لم تشارك جينوفيفا تيشيفا في دراسة هذا البلاغ.

معلومات أساسية

1 - صاحبة البلاغ هي أُ. م. ، وهي مواطنة أوكرانية من مواليد عام 1978 . وتدعي صاحبة البلاغ أن أوكرانيا انتهكت حقوقها بموجب المادة ٢ (أ) - (د) و (و)، والمادة ٥ (أ) و (ب)، والمادة ١٦ (ج) - (ه) و (ز) من الاتفاقية، بمراعاة التوصية العامة رقم ١٩ ( ١٩٩٢) بشأن العنف ضد المرأة ، الصادرة عن اللجنة، وتوصيتها العامة رقم ٢١ ( ١٩٩٤) بشأن المساواة في الزواج والعلاقات الأسرية، وتوصيتها العامة رقم ٢٨ ( ٢٠١٠) بشأن الالتزامات الأساسية للدول الأطراف بموجب المادة ٢ من الاتفاقية. وتمثل صاحبة البلاغ المحاميتان فالنتينا مودريك وماريانا يفسيوكوفا .

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تعرفت صاحبة البلاغ على زوج المستقبل، المواطن الأردني السيد عبد المجيد، حين كانا يدرسان الطب في أوكرانيا. وقد تزوجا في نيسان/أبريل ٢٠٠٣ في أوكرانيا ورحلا إلى الأردن في آب/أغسطس من ذلك العام. وفي أيار/مايو ٢٠٠٤، أنجبت السيدة م ي لنيك ابنتهما الأولى. وبعد الحصول على إذن الأب، سُجلت الطفلة باعتبارها مواطنة أوكرانية لدى سفارة أوكرانيا في عمان. وفي تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام، انتقلت السيدة م ي لنيك وابنتها إلى أوكرانيا بإذن الأب. وفي آذار/مارس ٢٠٠٥، وبموافقة الأب، انتقلت صاحبة البلاغ إلى الأردن ولكنها تركت الطفلة عند والديها في أوكرانيا.

2-2 وفي كانون الثاني/يناير ٢٠٠٦، أنجبت صاحبة البلاغ بنتا ثانية سُجلت أيضا لدى السفارة الأوكرانية في عمان بإذن الأب.

2-3 وتدعي صاحبة البلاغ أن علاقتها بزوجها كانت في البداية مليئة بالمحبة وخالية من العنف. أما بعد الانتقال إلى الأردن، فقد عانت من الأذى النفسي والبدني والمالي على يدي زوجها. و على سبيل المثال، في كانون الثاني/يناير ٢٠٠٦، حين كانت صاحبة البلاغ حاملا بابنتها الثانية، رفض زوجها السماح لها بدخول مستشفى الولادة بدعوى أنه حاصل على شهادة جامعية في الطب، وأنه قادر على الإشراف على ولادة طفلتهما في بيتهما، بالنظر إلى ا لغلاء المفرط للخدمات الطبية في الأردن. وبما أن زوج صاحبة البلاغ لم يكن أخصائيا في طب النساء، فقد كان من شأن رفضه أن يعر ّ ض صاحبة البلاغ لخطر محتمل على حياتها وحياة طفلتها في حال حدوث مضاعفات.

2-4 وبعد ولادة الطفلة الثانية، تدعي صاحبة البلاغ أن زوجها أصبح أكثر عنفا في معاملتها. فقد حبسها وطفلتها في قبو منزل العائلة بعد أن حجز هاتفها المحمول ومنعها من الاتصال بأي أحد. وكان يمدها بالحد الأدنى من الغذاء ويمنعها من الحصول على الدواء والملابس الدافئة لطفلتها. وكان يصرخ في وجه صاحبة البلاغ ويهينها بشكل يومي، محتجا أن بصفتها مسيحية أرثوذكسية، فإنها غير قادرة على تنشئة طفلة أردنية على النحو الواجب. وكان يهدد بقتلها وأخذ طفلتها منها كلما أقدمت على مجادلته. وعندما كانت صاحبة البلاغ ت ُ كلم زوجها بطريقة لا تعجبه، كان يضربها ويصفعها على الوجه ويلوي ذراعيها ويركل بطنها ورأسها ويصدمها بالجدران ويطرحها أرضاً. وكانت عائلة الزوج تأخذ الطفلة من صاحبة البلاغ بانتظام، بينما كانت هي تظل حبيسة القبو. وكلما بكت الطفلة، تجاهلت عائلة الأب استعطاف صاحبة البلاغ. واستمر الأمر على هذا النحو عدة أشهر.

2-5 وفي نهاية شباط/فبراير ٢٠٠٦، تمكنت صاحبة البلاغ من الاتصال هاتفيا بالسفارة الأوكرانية في عمان. وشرحت حالتها وطلبت المساعدة لتستطيع مغادرة البلد والعودة إلى أوكرانيا مع ابنتها. وأبلغها مسؤولو السفارة بأنهم غير قادرين على تسوية مثل تلك الخلافات العائلية.

2-6 وفي نهاية شباط/فبراير ٢٠٠٦ أيضا، وبطلب من والدي صاحبة البلاغ، اتصلت السلطات الأوكرانية بالسفارة الأوكرانية في عمان، التي رفعت إثر ذلك شكوى تتعلق بالعنف المنزلي إلى السلطات الأردنية. وفي آذار/مارس، بت المحافظ (وهو ممثل الم م لك ة على الصعيد الإقليمي) في القضية في إطار الشريعة الإسلامية، فأصدر حكما فرض فترة مصالحة مدتها ثلاثة أشهر. وبناء على طلب الزوج، قررت المحكمة أيضا أن تتم إعادة الابنة الكبرى إلى الأردن من أوكرانيا. ولم تقد َّ م لصاحبة البلاغ نسخة من ذلك القرار. ولم يحضر الإجراءات أي موظف من السفارة، ولم تتم مؤازرة صاحبة البلاغ بمحام أو مترجم شفوي ( ) .

2-7 وفي وقت لاحق، رفض زوج صاحبة البلاغ السفر إلى أوكرانيا أو السماح لصاحبة البلاغ بالسفر مع ابنتها الصغرى. وأصر على أن يبعث والدا صاحبة البلاغ الابنة الكبرى إلى الأردن وحدها بالطائرة. ومع تواصل عنف الزوج في معاملتها واشتداد ه ، اتصلت صاحبة البلاغ بالسفارة الأوكرانية، فأشير عليها بمغادرة البلد وحدها وتر ْ ك ابنتها الصغرى في الأردن. ورفضت صاحبة البلاغ ذلك وظلت تعاني من العنف.

2-8 وفي عام ٢٠٠٨، بعد حادث اعتداء جسدي خطير، اتصلت صاحبة البلاغ بالسفارة فأشير عليها بتقديم بلاغ إلى الشرطة الدينية و دار الوفاق الأسري، وه ي منظمة حكومية. وو ُ ضعت صاحبة البلاغ وابنتها في مأوى تديره هذه المنظمة لمدة شهر. وع ُ قدت جلسة قضائية في إطار الشريعة الإسلامية للمرة الثانية، وكان ذلك مرة أخرى دون حضور ممثل عن السفارة أو محام أو مترجم شفوي. وفي تلك الجلسة، ع َ رض الزوج تقريرا طبيا مزيفا يشهد أن صاحبة البلاغ اعتدت عليه وسببت له جروحا خطيرة. وخلصت المحكمة إلى أن المسؤولية عن هذا الوضع تقع على عاتق كلا الوالدين، وأن على الزوج أن يتولى رعاية صاحبة البلاغ وابنتهما، وأن يستأجر لهما مكانا للإقامة خارج منزل العائلة، وأن يمنح صاحبة البلاغ الإذن بالحصول على رخصة الإقامة والعمل في الأردن. ولم يمتثل الزوج أبدا لهذه الشروط، واستمر العنف المنزلي .

2-9 وفي الفترة الممتدة من أيار/مايو إلى تموز/يوليه ٢٠٠٩، عقدت المحكمة الشرعية في ماحص، الأردن، جلسات للنظر في قضية حضانة الطفلتين، بناء على طلب الزوج. وأ ُ بلغت صاحبة البلاغ بتلك الإجراءات يومين قبل انطلاقها وطلبت المساعدة من السفارة الأوكرانية، ال ت ي رفضت التدخل. وقام محاميان بتمثيل الزوج. ولم يحضر أي ممثل عن السفارة تلك الجلسات، التي عجزت أثناءها صاحبة البلاغ عن الدفاع عن نفسها على النحو الواجب دون مساعدة ودون مترجم شفوي. وبعد ٣٠ يوما، أصدرت المحكمة حكما منحت بموجبه حضانة الابنة الصغرى للأم وحضانة الابنة الكبرى للأب. بيد أن زوج صاحبة البلاغ لم يوافق على سفرها إلى أوكرانيا رفقة ابنتهما الصغرى. وقررت صاحبة البلاغ أن تمكث في الأردن مع ابنتها. وتدعي صاحبة البلاغ أن المحكمة لم تقترح أي تدابير لوقف العنف المنزلي الذي كانت تتعرض له .

2-10 وتدعي صاحبة البلاغ أن السفارة الأوكرانية لم تقدم لها معلومات عن النظام القضائي في الأردن أو عن حقوقها بموجب الشريعة الإسلامية بصفتها امرأة مسيحية ، أو عن حقوقها باعتبارها أُمَّ طفلة أوكرانية. وعندما حاولت استئناف قرار المحكمة الشرعية بناء على توصية أصدقائها الأردنيين المقيمين في أوكرانيا، اكتشفت أن المهلة الزمنية المتاحة للقيام بذلك قد انقضت. ورفضت المحكمة ُ الاستئناف ودخل الحكم حيز النفاذ. وقدمت صاحبة البلاغ شكوى إلى المحكمة بأنها وابنت ا ها مسيحيات وأنها لم تقبل أبدا طوعا أن يتم الحكم عليها بموجب الشريعة الإسلامية، لكن تلك الشكوى رُفض ت أيضا.

2-11 وبعد مرور أسبوع على صدور الحكم، أُخبرت صاحبة البلاغ بأن لها مهلة 10 أيام عليها أن تسافر خلالها إلى أوكرانيا وتعود إلى الأردن صحبة ابنتها الكبرى. وأثنا ء تلك الفترة، اعتدى عليها زوجها بالضرب عدة مرات. وقررت صاحبة البلاغ البقاء في الأردن كي لا تترك ابنتها الثانية وحدها.

2-12 وبعدما انقضت مهلة العشرة أيام، عرض الزوج صاحبة البلاغ على سلطات إنفاذ القوانين وأفاد بأنها لم تمتثل للحكم. ووضعت الشرطة صاحبة البلاغ رهن الاحتجاز ، حيث التمست المساعدة من السفارة الأوكرانية. وظلت صاحبة البلاغ محتجزة مدة 24 ساعة مع 15 امرأة أخرى في ” ظروف لاإنسانية “ ( ) . ثم أُخذت إلى المحكمة، حيث كان ممثل عن السفارة حاضرا. وطُلب من صاحبة البلاغ أن توق ّ ع بيانا مفاده أنها ملزمة قانونا بإحضار ابنتها الكبرى إلى الأردن. بيد أن الزوج لم يسمح لصاحبة البلاغ بالسفر، بل أصر على أن يبعث والداها الطفلة إلى الأردن وحدها، مهددا بقتل جميع أفراد الأسرة إذا لم يفعلوا ذلك.

2-13 وعندما عادت صاحبة البلاغ إلى بيت العائلة، تعرضت للضرب على أيدي زوجها وأقاربه أمام ابنتها. ثم أخذ الزوج البنت وغادر البيت. واستدعت صاحبة البلاغ الشرطة وطلبت نقلها إلى دار الوفاق الأسري، إلا أن الشرطة رفضت القيام بذلك. واتصلت صاحبة البلاغ هاتفيا بالسفارة الأوكرانية فأشير عليها بأن تغادر المنزل وأن تذهب إلى دار الوفاق الأسري. وعندئذ ع ُ ين لصاحبة البلاغ مترجم شفوي ومحام أردني. و بعد تأخير طويل، سُمح لصاحبة البلاغ أخيرا بدخول المأوى. وطلبت مساعدة دار الوفاق الأسري على استرجاع ابنتها الصغرى، ولكن دون جدوى. وسمح الزوج لصاحبة البلاغ بإجراء مكالمة هاتفية واحدة مع ابنتها، وأ حضر ها إلى المأوى مرة واحدة لمدة ساعة. وخلال تلك الزيارة، بكت الطفلة كثيرا ولكن موظفي المأوى رفضوا السماح لها بالبقاء. وبعد تلك الزيارة، لم يعد زوج صاحبة البلاغ يسمح لها بأي اتصال بابنتها. وطلب ت دار الوفاق الأسري من الزوج أن يدفع تكلفة سفر صاحبة البلاغ بالطائرة إلى أوكرانيا. وفي ١٠ شباط/فبراير ٢٠١٠، و تحت ضغط دار الوفاق الأسري والسفارة الأوكرانية، سافرت صاحبة البلاغ جوا إلى أوكرانيا.

2-14 وفي ٥ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، أ ُ غلق الملف الجنائي المتعلق بقضية العنف المنزلي التي رفعتها صاحبة البلاغ ضد زوجها بسبب غيابها من الأردن. وأوصت السفارة الأوكرانية ووزارة خارجية أوكرانيا صاحبة البلاغ بعدم السفر إلى الأردن لاحتمال احتجازها هناك على أساس أنها لم تنفذ قرار المحكمة الشرعية.

2-15 وفي آذار/مارس ونيسان/أبريل ٢٠١٠، دخلت صاحبة البلاغ أحد المستشفيات في ماريوبول بسبب الإصابات الدماغية التي لحقتها نتيجة الضرب المتكرر الذي تعرضت له في الأردن. وفي آذار/مارس ٢٠١٠ أيضا، قدمت صاحبة البلاغ شكوى إلى محكمة مقاطعة أوردزونيكيدزفسكي في ماريوبول ، طلبت فيها تطليقها من زوجها ومنحها وحدها حضانة ابنتيها. وفي كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، أمرت المحكمة بالطلاق ولكنها رفضت أن تحرم أب الطفلتين من حقوق الأبوة. وم ُ نحت صاحبة البلاغ حضانة الابنة الكبرى وم ُ نح الأب حضانة الابنة الصغرى. وإثر الطعن في ذلك الحكم، م َ نحت محكمة الاستئناف صاحبة البلاغ حضانة ابنتها الصغرى بالكامل.

2-16 بيد أن منذ أيلول/سبتمبر ٢٠١١، عجزت صاحبة البلاغ عن إنفاذ الحكمين الصادرين عن المحاكم الأوكرانية في الأردن. ولجأت صاحبة البلاغ إلى وزارة العدل الأوكرانية مرتين، غير أن طلبي الإنفاذ اللذين قدمتهما أعيدا إليها دون أي توضيح أو إرشادات بشأن اتخاذ إجراءات أخرى. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، كتبت صاحبة البلاغ إلى وزارة الشؤون الخارجية ملتمسة معلومات عن إنفاذ الحكمين، ولكن الوزارة ردت إليها رسائلها في ثلاث مناسبات طالبة إيضاحات ووثائق. وقد اضطرت صاحبة البلاغ إلى تحمل جميع تكاليف الترجمة.

2-17 وفي الفترة الممتدة من آذار/مارس إلى تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، باءت جميع المحاولات التي قامت بها صاحبة البلاغ للاتصال بوزارة الشؤون الخارجية والسفارة الأوكرانية في عمان بالفشل. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، طلبت صاحبة البلاغ من وزارة الشؤون الخارجية أن تمنع زوجها السابق من أخذ ابنتها الصغرى إلى دولة فلسطين، حيث كان قد تزوج من جديد. غير أن السفارة الأوكرانية في الأردن لم تتصل بالزوج السابق ولم تتخذ أي خطوات لمنعه من الانتقال إلى الخارج ومعه ابنتهما الصغرى. واكتفت وزارة خارجية أوكرانيا بإبلاغ صاحبة البلاغ بأن قرارات المحاكم الأوكرانية والمحاكم الشرعية أعيدت إلى وزارة خارجية الأردن، وأن قرارات المحاكم لأوكرانية لم يتم إنفاذها.

2-18 وفي الوقت نفسه، رفعت صاحبة البلاغ شكوى إلى السلطات الأوكرانية بشأن ارتكاب زوجها السابق أعمال عنف منزلي وقيامه باختطاف ابنتهما الصغرى. وأحيلت القضية إلى دائرة ماريوبول التابعة لمكتب المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) في أوكرانيا ، ولكنها قوبلت بالرفض، وأشير على صاحبة البلاغ بأن تتابع جهودها عن طريق القنوات الدبلوماسية.

2-19 وفي الفترة الممتدة من أيار/مايو إلى تموز/يوليه ٢٠١٢، قدمت صاحبة البلاغ التماسا إلى أمين المظالم المعني بالأطفال وإلى ملكة الأردن، ولكنها لم تتلق أي رد.

2-20 وفي تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، طلبت صاحبة البلاغ العون من وزارة العدل لمساعدتها على استرجاع ابنتها الصغرى. وأبلغتها الوزارة بانعدام أي اتفاق دولي بين أوكرانيا والأردن يمكن على أساسه تسوية مسألة إعادة قاصر إلى أوكرانيا أو الاعتراف بقرارات محاكمها أو إنفاذها في الأردن . وم ع ذلك، أحالت وزارة العدل طلب صاحبة البلاغ إلى وزارة الشؤون الخارجية.

2-21 وتؤكد صاحبة البلاغ أن جميع الجهود التي بذلتها السلطات الأوكرانية فيما يتعلق بإنفاذ قرارات المحاكم الأوكرانية وحماية صاحبة البلاغ من العنف المنزلي لم يكن لها أي مفعول. ولا تزال صاحبة البلاغ في أوكرانيا مع ابنتها الكبرى ولا تستطيع السفر إلى الأردن لاحتمال اعتقالها هناك. أما ابنتها الصغرى، فهي تعيش مع أبيها وليس لها اتصال ب صاحبة البلاغ على الإطلاق. وفي عام ٢٠١٤، سمح والد الزوج السابق لصاحبة البلاغ بإرسال ملابس دافئة وهدايا إلى ابنتها الصغرى وأبلغها بأن زوجها السابق هدد بأنه لن يسمح لها أبدا بالتحدث إلى ابنتها الصغرى مرة أخرى. ومنذ ذلك الحين، لم تتمكن صاحبة البلاغ من الاتصال بوالد زوجها السابق.

2-22 وفيما يتعلق بالالتزامات القانونية الدولية والمحلية لأوكرانيا، تؤكد صاحبة البلاغ أن بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، فإن الدول الأطراف ملزمة بحماية مصالح مواطنيها في الخارج ، وبمساعدتهم ومدهم بالعون، وبتمثيلهم أو وضع ترتيبات لتمثيلهم بشكل ملائم أمام المحاكم أو غيرها من السلطات في الخارج، إذا تعذر عليهم الحصول على ذلك التمثيل بوسائلهم الخاصة. وتستشهد صاحبة البلاغ كذلك بمواد لجنة القانون الدولي و بالسوابق القضائي ة لمحكمة العدل الدولية، التي يتم فيها تعريف الحماية الدبلوماسية أو تطويرها. وبالتالي فحسب المحكمة العدل الدولية، ونظرا للتطوير الموضوعي للقانون الدولي على مدى العقود الأخيرة فيما يتعلق بالحقوق التي ت ُ منح للأفراد، فإن نطاق الحماية الدبلوماسية، الذي كان يقتصر في الأصل على الانتهاكات المزعومة للمعايير الدنيا لمعاملة الأجانب، اتسع في وقت لاحق ليشمل أمورا منها حقوق الإنسان المحمية دوليا. وتذكر صاحبة البلاغ أن على الرغم من انعدام أي استحقاق من حيث الحماية الدبلوماسية في الخارج في الوقت الحاضر، فإن التداول بشأن اللجوء إلي ها من جانب الدولة الموف ِ دة أصبح إلزاميا، مما يفرض النظر على النحو الواجب في كل طلب على المساعدة القنصلية أو الحماية الدبلوماسية وفقا للمعايير القانونية الواجبة.

2-23 وبالإضافة إلى ذلك، وبموجب المادة ٢٥ ( ٣) من دستورها، فإن أوكرانيا تضمن الرعاية والحماية لمواطنيها الموجودين خارج حدودها. وتصف وزارة الشؤون الخارجية الوظيفة الرئيسية لإدارة الشؤون القنصلية التابعة لها بأنها تتمثل في الاضطلاع بمهام الوزارة وما يرتبط بها من تنسيق من أجل حماية حقوق ومصالح مواطني أوكرانيا في الخارج.

2-24 وعليه، في رأي صاحبة البلاغ، فقد كان لها أن تتوقع توقعا مشروعا أنها ست ُ منح المساعدة القنصلية والحماية الدبلوماسية في الأردن قدر ال مستطاع. وينبغي أن يكون الحال كذلك أيضا حيثما وقعت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، مثلما حدث في هذه الحالة، إذ عانت امرأة كانت ضحية للعنف المنزلي من اختطاف طفلتها. والنساء ضحايا العنف المنزلي اللاتي يواجهن قضايا الحضانة في الخارج يتعرضن بوجه خاص لأشكال من التمييز ال ملموس الذي تحظره الاتفاقية. وإذا لم يتم إيلاء اعتبار خاص لأولئك النساء عند تقديم الدعم القنصلي وتوفير الحماية الدبلوماسية، فسيتبين أن حقوقهن حقوق وهمية. ويجب على الموظفين القنصليين أن يفهموا هذا النوع من الانتهاكات التي تواجهها أولئك النساء. وتشمل تلك الانتهاكات عدم تنفيذ قرارات السلطات المحلية، وعدم إدراج جميع الوقائع ذات الصلة في تقييم مسائل الحضانة، ولا سيما الوقائع التي تؤثر سلبا على عشير المرأة، وعدم الاعتراف بالمرأة بوصفها ضحية للعنف، أو عدم قيام السلطات المحلية بتقييم التهم الزائفة بشكل ملائم. ويمكن لهذه العوامل أن تحرم المرأة من حقها في إجراءات تتسم بالعدل.

2-25 وتؤكد صاحبة البلاغ أيضا أن أوكرانيا ملزمة بواجبات أخرى على الصعيدين المحلي والدولي. وتكفل المادتان ٥٥ ( ٢) و ٥٦ من دستور أوكرانيا لكل فرد الحق في الاعتراض على أي إغفال من جانب هيئات الدولة وهيئات الحكم الذاتي المحلية والمسؤولين والموظفين فيما يتعلق بالأضرار المادية والمعنوية التي تنجم عن قرارات أو أفعال غير قانونية أو حالات إغفال من جانب تلك الهيئات أثناء ممارسة السلطة. وفي قانون عام ٢٠٠٦ المتعلق بكفالة ال تكافؤ في الحقوق والفرص للمرأة والرجل، أظهرت أوكرانيا التزامها بوضع حد للتمييز. وأوكرانيا طرف في معاهدات الأمم المتحدة الأساسية لحقوق الإنسان، واتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (المعروفة أيضا باسم الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، وقد وق ّ عت على اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي، ويجب عليها أن تكفل إعمال الحقوق المنصوص عليها فيها.

2-26 وذكرت صاحبة البلاغ كذلك المحاولات التي قامت بها من أجل استنفاد سبل الانتصاف المحلية. فقد اشتكى والداها إلى الشرطة في ماريوبول ، التي لم ت تمكن من اتخاذ أي إجراءات لأنها لا تملك أي سلطة في الأردن. وبموجب القانون المتعلق بكفالة ال تكافؤ في الحقوق والفرص ل لمرأة والرجل، كان يحق لصاحبة البلاغ أن تلجأ إلى المفوض البرلماني المعني بحقوق الإنسان بناء على تعرضها للتمييز القائم على نوع الجنس. وفي حالة صاحبة البلاغ ، لم تكن تلك الشكوى لتؤدي إلا إلى الاعتراف بها بوصفها ضحية للتمييز غير المباشر في الأردن. ولم يكن اللجوء إلى المحاكم من الخيارات في هذه القضية، حسب قول صاحبة البلاغ، على الرغم من أن القانون المذكور أعلاه ينص على أن يتمتع كل مواطن بالحق في تقديم شكوى في حالات التمييز القائم على نوع الجنس. وتؤكد صاحبة البلاغ أن بسبب كونها ضحية للتمييز غير المباشر، وبالنظر إلى انعدام أي تعريف للتمييز غير المباشر القائم على نوع الجنس في القانون الأوكراني، فإن المحاكم لن تكون قادرة على إثبات ذلك التمييز عن طريق السفارة الأوكرانية في الأردن. وتحيل صاحبة البلاغ كذلك إلى فشل الدعاوى القضائية المرفوعة ضد مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى بشأن التمييز القائم على نوع الجنس، التي ترى صاحبة البلاغ أنها تدل على انعدام آليات فعالة في أوكرانيا للحماية من التمييز الجنساني المباشر وغير المباشر.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أنها ضحية للتمييز القائم على نوع الجنس ، الذي تعرضت له في انتهاك للمادة ٢ (أ) و (ج) و (د) و (و)، و المادة ٥ (أ) و (ب)، والمادة ١٦ (ج) و (د) و (ز) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مع مراعاة الفقرة 24 (ب) و (ط) و ( ر ) ’ 1 ‘ و ’ 3 ‘ من التوصية العامة رقم 19 الصادرة عن اللجنة ، و الفقرة 40 من توصيتها العامة رقم 21، وتوصيتها العامة رقم 28. فموجب تلك الأحكام، يجب على أوكرانيا أن تكفل حماية المرأة بفعالية من أي عمل من أعمال التمييز عن طريق التنفيذ العملي لأحكام القانون المتعلقة ب عدم التمييز، وحماية حقوق الضحايا في إنفاذ قرارات المحاكم، وتوفير سبل الوصول إلى المحاكم الوطنية المختصة أو غيرها من المؤسسات. وتؤكد صاحبة البلاغ أن أوكرانيا لم تمتثل لتلك الأحكام إذ لم تقم بإنفاذ قرارات المحاكم التي منحتها حضانة ابنتيها.

3-2 وعلى الدول الأطراف التزام، بموجب المادة 16 (1) من الاتفاقية، بأن تتخذ كافة التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع المسائل ذات الصلة بالزواج والعلاقات الأسرية، وأن تكفل بوجه خاص، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، تمتع الرجال والنساء بالحقوق والمسؤوليات ذاتها بوصفهم آباء وأمهات، بصرف النظر عن حالتهم الزوجية، فيما يتعلق بالأمور المتصلة بأولادهم، مع مراعاة أن مصالح الأطفال لها الاعتبار الأول في جميع الحالات. وفي ضوء العنف الذي عانت منه صاحبة البلاغ، منحتها محكمة الاستئناف في أوكرانيا الحضانة الكاملة على ابنتيها. إلا أن أوكرانيا لم تنفذ ذلك القرار.

3-3 وتؤكد صاحبة البلاغ أنها واجهت إجراءات غير فعالة طالت مدتها دون داع لذلك وارتفعت تكاليفها بقدر يصعب تحمله. وباعتبارها ناجية من العنف ترجو العدالة والسلامة لطفلتها، فقد أدى افتقارها إلى سبل الانتصاف والمعلومات الملائمة والاستخفاف بحقوقها وتجاهلها إلى وقوعها ضحية من جديد. وقد جعلها عدم قيام أي وكالة من وكالات الحكومة أو ممثليها بإرشادها أو تيسير اتصالاتها مع مختلف الوكالات والهيئات التي كانت تتعامل معها تشعر أن لا حول ولا قوة لها في وجه نظام قضائي يتسم بالقصور في التعامل مع الناجيات من العنف وأمام زوج لم يمتثل لأمر قضائي بشأن حضانة طفلتها. وانتهك ممثلو النظام القضائي ووزارة الشؤون الخارجية حقوقها حين لم يقدموا لها أجوبة شافية على طلباتها المتعددة الرامية إلى الحصول على معلومات، وحاولوا بدلا من ذلك ثنيها عن اتخاذ إجراءات بعدم الرد عليها على امتداد فترات مطولة وبمطالبتها بتقديم المزيد من المعلومات أو الوثائق. وتدع ي صاحبة البلاغ أن هذا الموقف البيروقراطي يمثل إخلال ا من جانب أوكرانيا بالتزاماتها المتعلقة بتوفير الحماية الفعالة والفورية للنساء الناجيات من العنف المنزلي.

3-4 وتؤكد صاحبة البلاغ أيضا أن أوكرانيا، رغم علم ها بالتمييز الذي تتعرض له النساء المسيحيات اللاتي تلجأن إلى المحاكم الشرعية في قضايا الأسرة، لم تتخذ الخطوات اللازمة لإقامة حوار مع نظرائها الأردنيين في هذه القضية، ولم توقع مع الأردن أي اتفاق أو مذكرة تفاهم أو معاهدة ثنائية من أجل تعزيز حماية ضحايا العنف المنزلي أو تيسير تنفيذ قرارات المحاكم في البلدين.

3-5 وتؤكد صاحبة البلاغ أن بموجب المادة ٢ (د) - (ه) والمادة ٥ (أ)، مع مراعاة الفقرة 24 (ط) من التوصية العامة رقم 19 الصادرة عن اللجنة، والفقرتين 17 و 22 من توصيتها العامة رقم 28، فإن أوكرانيا ملزمة بأن تعتبر العنف المنزلي انتهاكا لحقوق الإنسان، وبأن تكفل امتناع السلطات العامة عن الأفعال التمييزية ، و أن تتخذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة. وفي هذه الحالة، طلبت صاحبة البلاغ من السفارة الأوكرانية في عمان أن توفر لها الحماية من العنف المنزلي، ولكن استجابة السلطات والإجراءات التي اتخذتها لم تكن مناس ِ بة ولا فعالة. فقد رفض موظفو السفارة مساعدتها بدعوى أن الأمر يتعلق بمشكلة عائلية ليست السفارة ملزمة بالاستجابة لها. ولم تزود السفارة صاحبة البلاغ بأي معلومات عن العنف المنزلي في الأردن والإجراءات القانونية المرتبطة به ونتائجها المحتملة، أو أي معلومات عن مصادر بديلة للمساعدة. ومن ثم فإن السفارة لم تقم بواجبها فيما يتعلق بكشف العنف المنزلي والحيلولة دون تعرض صاحبة البلاغ وابنتها للمزيد من ه . ولم تكتف السفارة بالتقاعس عن رفع المعاناة من العنف الجنساني عن صاحبة البلاغ، ولكنها قامت أيضا بارتكاب هذا النوع من التمييز. ويشكل عدم اتخاذ أي إجراءات من جانب السفارة في أول الأمر مثالا على الموقف التمييزي التقليدي إزاء العنف المنزلي باعتباره مسألة خاصة.

3-6 وتؤكد صاحبة البلاغ أن بموجب المادة ٢ (ج) و (د) و (ه) و (و)، والمادة ٥ (أ) و (ب) من الاتفاقية، مع مراعاة الفقرة 24 (ص) ’3 ‘ من التوصية العامة رقم 19 الصادرة عن اللجنة، وتوصيتها العامة رقم 21، والفقرتين 34 و 36 من توصيتها العامة رقم 28، فإن أوكرانيا ملزمة بوضع سياسات مناسبة لحماية مواطن ات ها ال لاتي يقعن ضحايا للعنف المنزلي بواسطة التمثيل القانوني، بما في ذلك أمام السلطات الأجنبية. أما عندما مثلت صاحبة البلاغ أمام المحكمة الشرعية في إطار الدعاوى المرفوعة ضد زوجها السابق لارتكابه أعمال عنف ضد صاحبة البلاغ وابنتها، ف لم يحضر الجلسات أي ممثل عن السفارة في عمان. والواقع أن السفارة رفضت مؤازرتها بممثل قانوني، بدعوى أن ليس في صفوف موظفيها أي محام، ولم تقدم لها أي مشورة قانونية بشأن حقوقها الإجرائية ، ولم تعرض عليها خدمات مترجم شفوي. كما إن السفارة لم تعرض ع ل ي ها أسماء محامين يمكنها الاتصال بهم. وبالتالي فقد تعذر احترام مصالحها باعتبارها مواطنة أوكرانية وأُمّاً لطفلة أوكرانية. ونتيجة لذلك، أمرت المحكمة الشرعية بفترة مصالحة تمتد ثلاثة أشهر، مما زاد في المخاطر المحدقة بأمان صاحبة البلاغ وصحتها وسلامتها الجسدية.

3-7 وفي وقت لاحق، بعد أن تولى الزوج حضانة الابنة الصغرى على الرغم من أن المحكمة لم تمنحه إلا حضانة الابنة الكبرى، ظلت السفارة تبذل الحد الأدنى من الجهود غير الفعالة من أجل لم شمل الأم بابنت ها الصغرى، على نحو ما قررته المحكمة الشرعية. وبدلا من ذلك، اقترحت السفارة أن تعود صاحبة البلاغ إلى أوكرانيا دون أن تصطحب ابنتها، وأكدت أنها ستعمل على نقل الطفلة إلى أوكرانيا في وقت لاحق، ولكنها لم تفعل.

3-8 وتدعي صاحبة البلاغ أيضا أنها ضحية للتمييز القائم على نوع الجنس، مما يشكل انتهاكا لأحكام المواد 1 و 2 (أ) و 5 (أ)، مع مراعاة الفقرات 6 و 7 و 23 و 24 (ج) و (ه) و (ص) ’ 3 ‘ و (ر) ’ 2 ‘ من التوصية العامة رقم 19 الصادرة عن اللجنة ، والفقرة 49 من توصيتها العامة رقم 21 ، والفقرات 17 إلى 19 و 22 و 34 و 36 من توصيتها العامة رقم 28 . ولم تتلق صاحبة البلاغ أي معلومات من وزارة الشؤون الخارجية بشأن مخاطر التمييز المحتملة قبل الانتقال إلى الأردن. وترى صاحبة البلاغ أن أوكرانيا كانت على علم بالممارسات التمييزية المنهجية وأعمال العنف الموجهة ضد النساء والأطفال الأوكرانيين في الأردن، وكان عليها أن تكشف تلك الممارسات وأن تتفادى تعرض مواطنيها للتمييز و أن توفر لهم الحماية منه. وكان من شأن التشاور الكافي مع صاحبة البلاغ أن يحول دون وقوع انتهاكات لحقها في عدم التعرض لأي ضرب من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحقها في الحماية المتساوية بموجب القانون، وحقها في المساواة ضمن نطاق الأسرة. وتشير صاحبة البلاغ إلى أن الوزارة كانت على علم - على نحو ما يتبين في موقعها الشبكي - بأن غالبية المواطنين الأوكرانيين في الأردن هن نساء تزوجن مواطنين أردنيين. بل إن ذلك الموقع الشبكي يفيد أن أمهات أوكرانيات اضطررن في العديد من الحالات إلى مغادرة الأردن دون اصطحاب أطفالهن. وبما أن المحاكم الشرعية، التي تستند إلى قواعد دينية، هي المسؤولة عن النظر في قضايا الحضانة، ينشأ عن ذلك احتمال تعرض النساء المسيحيات للتمييز. وتقر الوزارة أن مخاطر تعرض المرأة الأوكرانية للتمييز في الأردن واضحة للعيان وينبغي أخذها في الحسبان قبل الانتقال إلى هناك، ولكن صاحبة البلاغ لم ت ُ ستشر أبدا بشأن هذه المسألة.

3-9 وبموجب دستور الأردن، تختص ال محاكم الشرعية بالبت في العديد من المنازعات المتعلقة بالأسرة، بما في ذلك الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال. ويفيد اتحاد المرأة الأردنية أن النساء لا ي ـَ م ْــ ث ُ لن أمام المحاكم الشرعية على قدم المساواة مع الرجال. وفي المنازعات الزوجية، يجب أن يـُمَثِّل المرأة أبوها أو الوصي عليه، في حين أن الرجل يـُمَثِّل نفسه. وبالإضافة إلى ذلك، تنص المادة ٣ من قانون الجنسية على أن أي شخص يحمل أبوه الجنسية الأردنية يع َ دّ مواطنا أردنيا. وعلاوة على ذلك، لا تنف َّ ذ في الأردن الأحكام والأوامر الصادرة عن المحاكم الأجنبية بشأن الحضانة إذا و ُ جد احتمال بأنها تتعارض مع القوانين والممارسات المحلية أو تنتهكها. وقد أشارت اللجنة إلى ارتفاع معدلات العنف ضد النساء الأجنبيات في الأردن في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الخامس لهذه الدولة الطرف (CEDAW/C/JOR/CO/5).

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 عرضت الدولة الطرف ملاحظاتها في مذكرة شفوية مؤرخة ٢٠ تموز/يوليه ٢٠١٥ طعنت فيها في مقبولية البلاغ. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ احتجت بأن السفارة الأوكرانية في عمان بذلت الحد الأدنى من الجهود غير الفعالة من أجل إعادة ابنتها الصغرى إليها عملا بقرار المحكمة الشرعية. وتلاحظ الدولة الطرف أن الابنة، حسب القرار المذكور، لم توضع تحت حضانة الأم، وأن لا وجود لأي كلام من هذا القبيل في قرار المحكمة. فقد و ُ ضعت الابنة بحكم الأمر الواقع تحت حضانة أبيها لأن أمها لم تكن في الأردن آنذاك ولم تكن بدأت أي إجراءات قضائية بشأن حضانة ابنتها.

4-2 ورأت صاحبة البلاغ أيضا أن أوكرانيا لم تنفذ قرار المحكمة الأوكرانية الذي منحها حضانة ابنتيها. ففي غياب اتفاق ثنائي، ليست قرارات المحاكم الأوكرانية قرارات ملزمة في الأردن. واستنادا إلى القانون الأردني بشأن إنفاذ الأحكام القضائية الأجنبية في الأردن، فإن الأوامر والأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية في قضايا الحضانة لا يمكن إنفاذها في الأردن إذا وجد احتمال انها تتعارض مع القوانين والممارسات المحلية أو أنها تنتهكها. وقد رفضت السلطات الأردنية القرارات الأوكرانية في هذه القضية .

4-3 وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك أن السفارة الأوكرانية لم تتخذ الخطوات اللازمة للتوقيع على اتفاق ثنائي مع الأردن. وتوضح الدولة الطرف أن السفارة حاولت عدة مرات أن تبرم اتفاق ا ثنائي ا بشأن المساعدة القانونية في القضايا الأسرية أثناء مشاورات أجرتها مع وزارة خارجية الأردن. غير أن النظراء الأردنيين لم يؤيدوا تلك الفكرة، إذ أوضحو ا أن من شأن مثل ذلك الاتفاق أن يؤدي إلى العديد من حالات التضارب مع قانون الأسرة الأردني، الذي يستند إلى الشريعة والتقاليد الإسلامية. ولا تزال أوكرانيا تحاول التوصل إلى ذلك الاتفاق.

4-4 وتفيد الدولة الطرف أن أثناء جلسات المحكمة الشرعية، حصل ت صاحب ة البلاغ على المساعدة من محام أردني وق ُ دمت لها توصيات السفارة بشأن حقوقها باعتبارها امرأة مسيحية في الأردن.

4-5 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن صاحبة البلاغ لم ترفع بعد قضية لدى المحكمة الشرعية في الأردن لكسب حضانة ابنتها الصغرى. وبما أن وجود صاحبة البلاغ في الأردن يمكن أن يعرضها لخطر محتمل نظرا لعدم تنفيذ قرار سابق صدر عن المحكمة الشرعية، فإن لصاحبة البلاغ أن ترفع قضيتها بتوكيل محام أردني في هذا الشأن. ويمكن أيضا لذلك المحامي أن يزور ابنة صاحبة البلاغ للتحقق من حالة البيئة التي تعيش فيها. وقد أهابت السفارة في رسائلها بصاحبة البلاغ مرارا وتكرارا أن تبدأ تلك الإجراءات، لكن صاحبة البلاغ رفضت وركزت بدلا من ذلك على تنفيذ قرارات المحاكم الأوكرانية عن طريق القنوات الدبلوماسية أو اعتقدت خطأ أن قرار المحكمة الشرعية منحها حضانة ابنتها الصغرى ، وأن لا حاجة بالتالي إلى رفع قضية جديدة.

4-6 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن صاحبة البلاغ لم تلجأ إلى إدارة حماية الأسرة أو إدارة حقوق الإنسان الأردنيتين عن طريق محام محلي. و يمكن لإدارة حماية الأسرة أن تقوم بتفتيش البيئة التي تعيش فيها ابنة صاحبة البلاغ. وإذا خلصت إدارة حماية الأسرة إلى أن تلك الظروف ليست مرضية، فيمكن نقل حضانة الطفلة إلى الأم.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في 21 كانون الثاني/يناير 2016، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وأحاطت صاحبة البلاغ علما بقول الدولة الطرف بأن قرار المحكمة الشرعية لم يمنح الأب حضانة الابنة الصغرى، وأن صاحبة البلاغ اختارت طوعا ألا تطلب إلى المحكمة منحها حضانة الابنة، بل عادت إلى أوكرانيا. وتلاحظ صاحبة البلاغ أن بحكم القانون، يتمتع الأب والأم بحقوق متساوية فيما يتعلق بأطفالهما، وليست ثمة حاجة إلى الحصول على قرار من المحكمة الشرعية يتضمن صيغة محددة تفيد بأن الأم م ُ نحت حضانة الابنة الصغرى. و قد نزع الأب البنت من أمها بالقوة. وحين كانت صاحبة البلاغ تقيم في دار الوفاق الأسري، وجهت إلى تلك المؤسسة وإلى سفارة أوكرانيا طلبا بتمثيلها قانونيا أمام المحكمة الشرعية لإجبار زوجها السابق على إعادة ابنتهما إليها ومنحها حضانتها. وترافع محامي دار الوفاق الأسري أمام المحكمة الشرعية مطالبا بمنح الحضانة للأم، ولكن ملف القضية أ ُ غلق لأن صاحبة البلاغ كانت قد غادرت الأردن.

5-2 وتذكر صاحبة البلاغ أن دار الوفاق الأسري هي مؤسسة مغلقة يتم فيها تقييد حرية المقيمات بها في التنقل. وترى صاحبة البلاغ أن سفارة أوكرانيا ودار الوفاق الأسري أجبرتاها على العودة إلى أوكرانيا ، و تفيد أنها اقتيدت إلى المطار في قافلة للشرطة. لذا فهي تجادل في القول أنها لم تطالب بحضانة طفلتها الصغرى أمام المحكمة وفي الادعاء أنها غادرت الأردن طوعا.

5-3 وتؤكد صاحبة البلاغ أن السفارة لم تقدم لها آنذاك ما يكفي من المشورة بشأن قانون الأسرة الأردني وبشأن حقوقها كأ ُ م ّ ، كما ل م تقدم لها خدمات الترجمة الشفوية والمساعدة القانونية لحمايتها بصفتها أُمّاً وامرأة. وبدلا من ذلك، أصرت السفارة على أن تعود صاحبة البلاغ إلى أوكرانيا وأن تسمح بتنفيذ قرار المحكمة الشرعية بشأن ابنتها الكبرى، مع العلم أن قرار المحكمة الشرعية كان انتهاكا لحقوق صاحبة البلاغ بسبب افتقارها إلى التمثيل القانوني وعجزها عن الوصول إلى ابنتها الصغرى. ومن ثم فإن السفارة أخل ّ ت بواجب بذل العناية في تصرفها وكفالة الحقوق المنصوص عليها في المادة 16 (د) و (و) من الاتفاقية عن طريق تقديم المشورة القانونية وتوفير التمثيل أمام السلطات الأردنية طوال مدة الإجراءات.

5-4 وردا على قول الدولة الطرف الذي مفاده أن صاحبة البلاغ لم ترفع دعوى جديدة لدى المحكمة الشرعية بشأن حضانة ابنتها الصغرى بعد عودتها إلى أوكرانيا، تشير صاحبة البلاغ إلى أن أثناء وجودها في أوكرانيا، أبلغها محامي دار الوفاق الأسري بأن المحكمة لم تمنحها حضانة ابنتها ل أ نها غادرت الأردن. وبناء على ذلك، فإنها حاولت الحصول على الحضانة من المحكمة، ولكن طلبها قوبل بالرفض.

5-5 وفيما يتعلق باقتراح الدولة الطرف أن تقوم صاحبة البلاغ بتوكيل محام في الأردن ليضطلع بإجراءات جديدة، تشير صاحبة البلاغ إلى أن تكلفة ذلك التمثيل القانوني تبلغ ما لا يقل عن ٠٠٠ ١ دولار. وتقول صاحبة البلاغ بأنها تعمل طبيبة في مستشفى محلي في ماريوبول وأنها تتولى وحدها رعاية ابنتها الكبرى بنفسها، وبالتالي لا يمكنها أن تتحمل تكلفة ذلك التمثيل. وقد طلبت صاحبة البلاغ مرارا من السفارة الأوكرانية في عمان توفير التمثيل القانوني لها لمعرفة الظروف التي تعيش فيها ابنتها الصغرى. ولم تحصل صاحبة البلاغ على أي معلومات عن ابنتها إلا في الآونة الأخيرة. غير أن السفارة لم تستجب لطلباتها إلا ابتداء من منتصف عام 2015، في أعقاب تناوب ملاك الموظفين.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 في ٨ آب/أغسطس ٢٠١٧، قدمت الدولة الطرف نسخا وترجمات لعدد من الوثائق المتعلقة بقضية صاحبة البلاغ.

6-2 وفي مذكرة شفوية مؤرخة ٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧، أضافت الدولة الطرف أن منذ عام ٢٠١٢، لجأت صاحبة البلاغ مرارا وتكرارا إلى وزارة العدل في أوكرانيا لتطلب المساعدة على إعادة ابنتها الصغرى إلى أوكرانيا وعلى جعل الأردن يعترف بقرار المحكمة الأوكرانية.

6-3 وتؤكد الدولة الطرف أن وزارة العدل تشدد في هذا الصدد على أنه لا توجد أي معاهدة ثنائية بين الأردن وأوكرانيا تجعل من الممكن قيام السلطات المختصة في الدولتين بتسوية هذه المسألة أو بإنشاء آلية قانونية مناسبة. وعلاوة على ذلك، فإن الأردن ليس طرفا في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. و لذ لك لا تزال الطفلة في الأردن، ولا يمكن تسوية المسألة التي أثارتها صاحبة البلاغ إلا وفقا للقانون الأردني.

6-4 وفي ضوء ما تقدم، وبمراعاة أن الأب الذي ي ُ زعم أنه انتهك حقوق صاحبة البلاغ وابنتها هو مواطن أردني، فإن وزارة العدل الأوكرانية تعتبر أنه يجب العمل بالآلية المنصوص عليها في المادة ٦٩ ( ٥) من النظام الداخلي للجنة، والمتعلقة بقدرة أي دولة طرف على أن تطلب الإعلان عن عدم مقبولية بلاغ من البلاغات .

تعليقات صاحبة البلاغ على الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

7-1 في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، قدمت صاحبة البلاغ تعليقات إضافية. وفيما يتعلق بالقول بعدم مقبولية البلاغ، تشير صاحبة البلاغ أن هذا هو الاعتراض الثاني للدولة الطرف بشأن المقبولية، وأنها قدمت في السابق تعليقاتها على الاعتراض الأول. وتدفع الدولة الطرف بأنه لا توجد معاهدة ثنائية بين الأردن وأوكرانيا، وبأن الأردن ليس دولة طرفا في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وأن الأب مواطن أردني. وترى صاحبة البلاغ أن تلك الحجج لا تمنع الدولة الطرف من الوفاء بالالتزامات الدولية والمحلية بتقديم المساعدة القنصلية وتوفير الحماية الدبلوماسية لمواطنيها في الخارج قدر المستطاع، وأن صاحبة البلاغ أوضحت في السابق عدم قيام الدولة الطرف بذلك في بلاغها الأولي. ويجب توفير تلك المساعدة والحماية على وجه الخصوص عند حدوث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان المكفولة دوليا، كما هو الحال في هذه القضية المتعلقة بامرأة ناجية من العنف المنزلي الطويل الأمد ، وبأ ُ م ّ تعانى من اختطاف طفلتها.

7-2 وتذكر صاحبة البلاغ أنها حين كانت تعيش في الأردن، عانت باستمرار من العنف المنزلي والتمييز ضدها بصفتها امرأة. وطلبت من السفارة الأوكرانية في عمان مساعدتها وحمايتها من العنف المنزلي الذي كانت تتعرض له. وكانت استجابة السفارة غير مناسبة وغير فعالة، إذ لم تقتصر على عدم محاولة الحد من معاناة صاحبة البلاغ من التمييز القائم على نوع الجنس، بل مارست أيضا ذلك النوع من التمييز ضدها. ولم تكفل الدولة الطرف امتناع السلطات العامة عن الأفعال التمييزية وحرصها على بذل العناية الواجبة لحماية صاحبة البلاغ من التمييز ضد المرأة من جانب الأفراد والسلطات العامة في الأردن .

7-3 وتعتبر صاحبة البلاغ أن اعتراض الدولة الطرف بشأن المقبولية ليس له ما يبرره وتدعو اللجنة إلى البت في الأسس الموضوعية استنادا إلى المواد الموجودة في الملف.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولا بموجب البروتوكول الاختياري. ولذلك يتعين عليها، عملاً بالمادة 72 ( 4) منه، أن تقوم بذلك قبل النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

8-2 و وفقا للمادة 4 ( 2) (أ) من البروتوكول الاختياري، فإن اللجنة مقتنعة بأن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

8-3 وتحيط اللجنة علما بمطالبات صاحبة البلاغ بشأن ادعاء عدم قيام أوكرانيا بالعمل على إنفاذ قرارات المحاكم الأوكرانية في الأردن. وتحيط اللجنة كذلك علما بالجهود التي تبذلها الدولة الطرف من أجل إبرام اتفاق بشأن المساعدة القانونية واتفاق بشأن حضانة الأطفال مع الأردن. وترى اللجنة أن نظرا لانعدام اتفاق ثنائي بشأن مسائل المساعدة القانونية وحضانة الأطفال بين الأردن وأوكرانيا، فلا يمكن أن تؤخذ على أوكرانيا ادعاءات صاحبة البلاغ بشأن عدم قيامها بكفالة تنفيذ أوامر المحاكم المحلية في الأردن. وتشير اللجنة إلى أن الأردن ليس طرفا في اتفاقية لاهاي المتعلقة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للأطفال. وبناء على ذلك، فهذا الجزء من مطالبات صاحبة البلاغ غير مقبول، على النحو المبين في المادة 4 ( 2) من البروتوكول الاختياري.‬

8-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تدعي انتهاك حقوقها المكفولة بالمادة ٢ (أ) - (د) و (و)، والمادة ٥ (أ) و (ب)، والمادة ١٦ (ج) - (ه) و (ز) من الاتفاقية، مع مراعاة التوصية العامة رقم 19 الصادرة عن اللجنة، وتوصيتيها العامتين رقمي 21 و 28 . بيد أن اللجنة ترى أن الوقائع المعروضة تثير قضايا في إطار المادة ٢ (أ) و (د) و (و) والمادتين 3 و 5 من الاتفاقية، مع مراعاة التوصية العامة رقم ١٩، والتوصية العامة رقم ٢٨، والتوصية العامة رقم 35 ( 2017) بشأن العنف الجنساني ضد المرأة، الصادرة تحديثاً للتوصية العامة رقم 19 . لذلك تعتبر اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ مشفوع بأدلة كافية لأغراض المقبولية، وإن ْ كان ذلك في إطار أحكام مختلفة. وعليه، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ مقبول وتمضي من ثم إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 تود اللجنة التشديد على أنها تقتصر عند التدقيق في الأمر على ما يزعم أنه انتهاكات من جانب سلطات الدولة الطرف، وليس من جانب السلطات الأردنية.

9-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف مسؤولة عن الالتزامات المتعلقة بالأفراد الخاضعين لولايتها القضائية، ولا يمكن أن تكون مسؤولة عن التمييز ضمن الولاية القضائية لبلد آخر. وتشير اللجنة هنا إلى توصيتها العامة رقم ٢٨. وتلاحظ اللجنة أن على الرغم من أن الحماية القنصلية في حد ذاتها لا تدخل ضمن إطار الاتفاقية، فإن الدولة الطرف، في إطار الصلاحيات الخاصة بها، ولا سيما صلاحياتها الدستورية المتعلقة بمواطنيها، يجب عليها أن تبذل العناية الواجبة في حماية مواطنيها الذين يواجهون انتهاكات حقوقهم الأساسية، خاصة عندما تكون الدولة الطرف ممث َّ لة في الخارج. وترى اللجنة أن انعدام معاهدات ثنائية مع البلد الذي يوجد في مواطنوها لا يعفي الدولة الطرف من هذا الالتزام، لا سيما في حالات انتهاكات الحقوق الأساسية المعترف بها دوليا.

9-3 وتلاحظ اللجنة أن في هذه القضية، تدعي صاحبة البلاغ أن السلطات الأوكرانية، ولا سيما السفارة الأوكرانية ودائرتها القنصلية في عمان، لم تقدم لها المساعدة بكفاءة وفي الوقت المناسب منذ بداية الإجراءات في المنازعة المتعلقة بحضانة طفلتها، التي تحكمها الشريعة الإسلامية في الأردن، والقائمة بينها بصفتها أُمّاً أجنبية مسيحية وبين زوجها الأردني. وتدعي صاحبة البلاغ أنها حين تعرضت للعنف المنزلي، لم تحصل على أي مساعدة مجدية من السفارة على مدى فترة طويلة، بل حتى أثناء المراحل الحاسمة من الإجراءات اللاحقة أمام المحكمة الشرعية، رغم أنها طلبت تلك المساعدة. وفي هذا الصدد، أشارت صاحبة البلاغ إلى أن بموجب المادة ٢٥ ( ٣) من دستور أوكرانيا، يتمتع المواطنون بالحق في الحماية القنصلية الكافية في الخارج. وتفيد الدولة الطرف أن أثناء جلسات المحكمة الشرعية، حصلت صاحبة البلاغ على المساعدة من محام أردني وأسدت لها السفارة المشورة بشأن حقوقها في الأردن باعتبارها امرأة مسيحية. وبالإضافة إلى ذلك، تذكر الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ رفضت رفع قضية في المحكمة الشرعية في الأردن من أجل محاولة استرجاع الحضانة على إحدى ابنتيها. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن صاحبة البلاغ لم تلجأ إلى إدارة حماية الأسرة وإدارة حقوق الإنسان الأردنيتين عن طريق محام محلي، وأن إدارة حماية الأسرة يمكنها أن تقوم بتفتيش البيئة التي تعيش فيها ابنة صاحبة البلاغ. وإذا رأت إدارة حماية الأسرة أن تلك الظروف ليست مرضية، فيمكن نقل حضانة الطفلة إلى الأم.

9-4 وترى اللجنة أن من شأن الحماية القنصلية أن تكتسي أهمية خاصة في حالات العنف الجنساني أو العنف المنزلي والمنازعات المتعلقة بحضانة الأطفال. ومن حيث الجوهر، تنطبق الحماية الدبلوماسية أو القنصلية حين تتدخل دولة للدفاع عن مواطنيها الذين يعانون من انتهاك دولة أخرى لحقوقهم أثناء وجودهم في الخارج أو يتعرضون لمخاطر المعاناة من ذلك. وإضافة إلى ذلك، ففي بلدان مثل أوكرانيا، تم تكريس الحق الشخصي والذاتي في الحماية الدبلوماسية في القوانين الوطنية وفي الدستور، إذ تنص المادة ٢٥ ( ٣) من دستور أوكرانيا على أن الدولة تضمن الرعاية والحماية لمواطنيها الموجودين خارج حدودها. لذا فإن للمواطنين الحق في الحصول على حماية فعلية من بعثاتهم الدبلوماسية في الخارج، لا سيما في حالات العنف الجنساني والعنف المنزلي والمنازعات المتعلقة بحضانة الأطفال.

9-5 وتشير اللجنة كذلك إلى أن أوكرانيا دولة طرف في اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، التي انضمت إليها في ٢٧ نيسان/أبريل ١٩٨٩. وقد حددت تلك الاتفاقية عددا من المبادئ المعترف بها بموجب القانون الدولي. وعلى وجه الخصوص، توضح الاتفاقية في المادة ٥ منها معنى مصطلح ” الوظائف القنصلية “ التي تؤديها الدوائر القنصلية المختصة في الخارج.

9-6 وترى اللجنة أن في هذه القضية، لم تحصل صاحبة البلاغ على مساعدة كافية وفي أوانها من السفارة الأوكرانية في عمان على مدى فترة طويلة، عانت خلالها من العنف المنزلي ، بينما كانت القضية المتعلقة بحضانة طفلتها جارية أمام المحكمة الشرعية. ولم يقدم لها المساعدة أي ممثل عن السفارة أثناء تلك الإجراءات، ولم ت َ عرض عليها السفارة أي مساعدة قانونية، موضحة أن ليس لها موظفون قنصليون لهم دراية بالشريعة الإسلامية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه لم يتضح لها بعد سبب عدم قيام السلطات، في غياب محامين مؤهلين في السفارة، بإرشاد صاحبة البلاغ إلى مستشار قانوني مختص في الأردن أو بتوكيل محام يمثلها. كما لم تقدم لصاحبة البلاغ خدمات مترجم شفوي، رغم أن الإجراءات كانت تتم باللغة العربية، وهي لغة لا تجيدها صاحبة البلاغ.

9-7 وفي هذه القضية، فإن صاحبة البلاغ، بصف ت ها امرأة أجنبية في حالة ضعف وأُمّ ًا تدين بالمسيحية في دولة تحكمها الشريعة الإسلامية، ت ُ ركت لتواجه وحدها المحاكم وأقارب زوجها السابق معا، دون أن تكون لها معرفة كافية باللغة أو بالشريعة الإسلامية. ونتيجة لذلك، فقدت حضانة إحدى ابنتيها و اضطرت إلى مغادرة الأردن، وهو ما أنهى الإجراءات القضائية. وترى اللجنة أن ما أغفلته السلطات الأوكرانية في هذه القضية أدى إلى انتهاك حق وق صاحبة البلاغ المنصوص عليه ا في المادتين ٣ و ٥ من الاتفاقية في توفير الحماية والمساعدة والدعم لها باعتبارها ضحية للعنف الجنساني.

10 - وإذ تتصرف اللجنة بموجب المادة ٧ ( ٣) من البروتوكول الاختياري للاتفاقية، فإنها ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة ٢ (أ) و (د) و (و) والمادتين 3 و 5 من الاتفاقية ، مع مراعاة التوصية العامة رقم 19 الصادرة عن اللجنة، وتوصيتيها العامتين رقمي 28 و 35 . وإذ خلصت اللجنة إلى هذا الاستنتاج، فإنها لن تنظر في باقي ادعاءات صاحبة البلاغ.

11 - وفي ضوء الاستنتاجات الواردة أعلاه، توصي اللجنة الدولة الطرف بالقيام بما يلي:

(أ) فيما يتعلق بصاحبة البلاغ: جبر أضرارها على نحو يشمل الاعتراف بما لحقها من أضرار معنوية نتيجة تأخر وعدم كفاية المساعدة التي تلقتها من الدوائر القنصلية الأوكرانية في الأردن؛

(ب) بصفة عامة:

’1‘ الحرص على توفير الحماية القنصلية الفعلية للنساء الأوكرانيات اللاتي توجدن في أوضاع هشة في الخارج، تمشيا مع الاتفاقية وعلى النحو المكرس في دستور أوكرانيا؛

’ 2‘ تقديم الدعم القانوني إلى رعاياها الإناث في الخارج اللاتي تُبلغن أنهن ضحايا بحاجة إلى المساعدة في الوصول إلى العدالة والحصول على جميع الضمانات القانونية للحماية، بما في ذلك ما يتعلق بالتمييز القائم على نوع الجنس والمنازعات المتعلقة بحضانة الأطفال؛

’3‘ التأكد من أن الموظفين القنصليين يتلقون التدريب الكامل في الشؤون ذات الصلة بالاتفاقيات التي صدقت عليها أو انضمت إليها، بما فيها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛

’4‘ اتخاذ مزيد من التدابير من أجل التوصل إلى اتفاق مع الأردن بشأن قضايا المساعدة القانونية وحضانة الأطفال.

12 - ووفقاً للمادة 7 ( 4) من البروتوكول الاختياري، يتعين على الدولة الطرف أن تولي الاعتبار الواجب لآراء اللجنة، إلى جانب توصياتها، وأن تقدم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن أي إجراءات تكون قد اتخذتها في ضوء آراء اللجنة وتوصياتها. وتـُـلزم الدولة الطرف أيضاً بنشر آراء اللجنة وتوصياتها وتعميمها على نطاق واسع لكي تصل إلى جميع ال قطاعات المعنية من المجتمع.