الأمم المتحدة

CAT/C/TUN/3

Distr.: General

18 August 2010

Original: Arabic

ل جن ة مناهضة التعذيب

النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 19 من الاتفاقية

التقرير الدوري الثالث للدول الأطراف المقرر تقديمه في عام 1997

تونس * **

[16 تشرين الثاني/نوفمبر 2009]

المحتويات

الفقـرات الصفحة

أولاً - مقدمة 1-16 3

ثانيا ً - معلومات بشأن الإجراءات والنصوص القانونية ا لجديدة المتعلقة بتطبيق المواد 1 إلى 16 من الاتفاقية 17- 391 8

المادة 1 17-21 8

المادة 2 22-136 9

المادة 3 137-144 40

المادة 4 145-174 42

المادة 5 175-183 48

ا لمادة 6 184-189 50

المادة 7 190-224 51

المادة 8 225-227 58

المادة 9 228-231 58

المادة 10 232-266 59

المادة 11 267-321 71

المادة 12 322-343 85

المادة 13 344-370 90

الما دة 14 371-379 96

المادة 15 380-387 99

المادة 16 388-391 100

ثالثا ً - معلومات إضافية وأجوبة عن الملاحظات التي أبدتها اللجنة في أعقاب النظر في التقرير الدوري الثاني 392-404 101

أولا ً - مقدم ة

1- ت قدّم تونس هذا التقرير الدوري الثالث إلى لجنة مناهضة التعذيب تطبيقا للمادة 19 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وقد كان التقرير الأوّلي (CAT/C/7/Add.3) قُدّم في إبّانه، وتم تقديم التقرير الدوري الثاني (CAT/C/20/Add.7) في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، وتمّت مناقشته في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 (CAT/C/SR.358, 359 and 363) .

2- وتمّ إعداد هذا التقرير بناء على مقتضيات الفصل 19 من نظام لجنة مناهضة التعذيب. وعملا ً بالتوجيهات العامّة للجنة ، فإنّ هذا التقرير ينقسم إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الأول: مقدمة، والجزء الثاني يتضمن معلومات بشأن الإجراءات والنصوص القانونية الجديدة المتعلقة بتطبيق المواد 1 إلى 16 من الاتفاقية، وأمّا الجزء الثالث فيتضمّن معلومات إضافية وأجوبة عن الملاحظات التي أبدتها اللجنة في أعقاب النظر في التقرير الدوري الثاني. وسيتمّ في هذه المقدّمة استعراض أهمّ الإجراءات التي وقع اتّخاذها في الفترة الفاصلة بين سنتي 1999 و2009، وذلك لتعزيز حماية حقوق الإنسان وتطويرها ونشر ثقافتها على أوسع نطاق ممكن.

3- ولمزيد المعلومات حول هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى التقرير الأوّلي الذي قدّمته الجمهورية التونسية إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16 أيار/مايو 1994، والذي يمثّل الجزء الأوّل القارّ من التقارير التي تقدّمها تونس بوصفها دولة طرفا ً في المواثيق الدولية الخاصّة بحقوق الإنسان ( ) ، كما يمكن الرجوع إلى التقريرين السابقين اللّذين قدّمتهما تونس إلى اللّجنة.

4- واستغرق إعداد هذا التقرير بعض الوقت اعتبارا ً للمدّة التي استوجبها استكمال تصوّر وطني وشامل ومتكامل، تمثّل في إدخال إصلاحات شكلية وجوهرية، وإجراءات عمليّة فعلية، لتطوير المنظومة القانونيّة والقضائية والعقابيّة ودعم الآليات التي تحمي الحريات الفردية والعامّة وحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وتكاملها وترابطها. كما تمّ إعداده في إطار مقاربة تشاركية ضمن لجنة تكوّنت من ممثلي عدة وزارات و منظمات غير حكومية وبمساهمة الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

5- ومواصلة لمسار الإصلاح الذي انتهجته تونس منذ سنة 1987، وخاصّة مصادقتها بدون أي تحفّظ على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة سنة 1988، وتنقيحها المجلة الجزائية بإضافة عديد التحويرات من أهمّها تلك التي تتّصل بتعريف جريمة التعذيب سنة 1999، تلاؤما ً مع الاتفاقية ، وتجاوبا ً مع ملاحظات ومقترحات لجنة مناهضة التعذيب التي تقدّمت بها إثر مناقشة التقرير الدوري الثاني سنة 1998. فقد تم خلال الفترة التي يغطيها التقرير اتخاذ عديد المبادرات لمزيد تطوير منظومة حقوق الإنسان الوطنية وإثرائها.

6- ولقد تناولت تونس مسألة حقوق الإنسان في إطار رؤية شاملة ومتكاملة ذات أبعاد مختلفة وعلى مستويات ثلاثة: يتمثّل المستوى الأوّل في العمل على إرساء قاعدة تشريعية لتطوير وحماية هذه الحقوق في كافة أبعادها، ويتمثل المستوى الثاني في العمل على وضع آليات للحفاظ على الحقوق وضمان احترامها من طرف الجميع، فيما يتركز المستوى الثالث على العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان باعتبار أن الوعي بأهمية هذه الحقوق هو خير ضامن لتطبيقها وصيانتها.

7- ومن هذا المنطلق، عرفت تونس خلال السنوات التي يغطيها التقرير وبصفة تدريجية تحوّلات عميقة نتيجة الإصلاحات الهامة التي تمّ اتخاذها والتي مسّت بالأساس تطوير التشريع وإدارة القضاء لتوفير الضمانات الكافية لحماية حقوق الإنسان والحريات العامة ومنع كلّ أشكال الميز أو التعسّف. وتمّ تعديل التشريعات الجزائية لتدعيم ملاءمتها مع معايير الأمم المتحدة في هذا المجال وليُوكل للقضاء السهر على احترامها، باعتباره المرجع الأساسي والضامن الرئيسي لحماية تلك الحقوق، كما تم تعزيز آليات رقابة وحماية حقوق الإنسان.

8- وتجسّمت أولى هذه الإصلاحات بداية من سنة 1999 في اعتماد التعريف الوارد باتفاقية مناهضة التعذيب في خصوص جريمة التعذيب في القانون الداخلي، وتدعيم ضمانات الموقوفين والأشخاص المجرّدين من حرّيتهم، وتواصلت هذه الإصلاحات على مدى السنوات الأخيرة، خاصّة بعد الإصلاح الدستوري الجوهري الذي أُدخل على الدستور بموجب القانون الدستوري المؤرخ في 1 حزيران/يونيه 2002 الذي جاء ليعزّز دعائم دولة القانون والمؤسسات، وينص صراحة على الحريّات وحقوق الإنسان وقيم التّضامن والتسامح.

9- ولقد أولى هذا الإصلاح الدستوري الجوهري حقوق الإنسان والحريّات، في كونيتها وشموليتها وتكاملها وترابطها، منزلة متميّزة في نص الدستور الذي شمل كذلك توسيع حماية الحياة الخاصّة للفرد وتكريس حرمة المراسلات وحماية المعطيات الشخصيّة إلى جانب إخضاع الاحتفاظ للرقابة القضائية والإيقاف التحفّظي لإذن قضائي وإقرار مبدأ وجوب معاملة كلّ فرد فقد حرّيته معاملة إنسانيّة في كنف احترام كرامته. فلقد اقتضت الفقرة الأولى من الفصل 12 من الدستور ما يلي: " يخضع الاحتفاظ للرقابة القضائية ولا يتم الإيقاف التحفظي إلاّ بإذن قضائي.ويحجر تعريض أي كان لاحتفاظ أو إيقاف تعسفي"، في حين اقتضت الفقرة الثانية من الفصل 13 ما يلي: "كل فرد فقد حريته يعامل معاملة إنسانية في كنف احترام كرامته طبقا ً للشروط التي يضبطها القانون".

10- أمّا على مستوى آليات حماية حقوق الإنسان، فقد شهدت سنة 2002 إلحاق قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل وتعيين منسق عام لحقوق الإنسان تدعيما ً للمجهود الهادف إلى مزيد تكريس حقوق الإنسان في إطار مقاربة قانونية وقضائية مع العمل في نفس الوقت على نشر ثقافة حقوق الإنسان ومزيد النهوض بها وحمايتها في النص والممارسة.

11- كما مثّلت القوانين التي تمّ إصدارها خلال السنوات التي يغطيها التقرير والمتعلقة على التوالي بإحداث مؤسّسة قاضي تنفيذ العقوبات ثم تدعيم صلاحياته، وإرساء الصلح بالوساطة في المادة الجزائية، والتعويض للموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم، وإرساء العقوبات البديلة كعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وعقوبة التعويض الجزائي والقانون المتعلّق بتدعيم ضمانات المتهم وتطوير وضعيّة الموقوفين وتيسير شروط الإدماج، إثراءً لرصيد نظام العدالة الجزائية وإقرار ا ً لضمانات جديدة لفائدة المتقاضين عموما ً وللأشخاص الفاقدين لحريّتهم على وجه الخصوص.

12- وما يمكن أن يُترجم تجاوب تونس مع توصيات الآليات الأممية المختصة في حقوق الإنسان، وخاصّة مع التوصيات الأخيرة الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب، تبنّيها عديد الإجراءات العملية وإصدارها عديد التشريعات خلال الفترة التي يغطّيها هذا التقرير، ممّا يؤكد التزام تونس الثابت بالتعزيز المتواصل لحقوق الإنسان.

13- إنّ الإضافات التشريعية التي تم إدخالها على النظام القانوني التونسي خلال الفترة من 1999 إلى 2009 والمتّصلة بصفة مباشرة أو غير مباشرة بمقاومة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عديدة ومتكاملة، وهي تتمثّل خاصّة في:

اعتماد التعريف الدولي لجريمة التعذيب، وذلك بمقتضى القانون رقم 89 لسنة 1999 المؤرخ ف ي 2 آب/أغسطس 1999 والمتعلق بتنقيح المجلة الجزائية.

إلغاء الخدمة الإلزامية بالسجون ضمانا ً لكرامة الفرد وتحقيقا ً لمزيد انسجام النظام العقابي مع مبادئ حقوق الإنسان، وذلك بموجب القانون المؤرخ 2 آب/ أغسطس 1999 والمتعلق بتنقيح المجلة الجزائية.

تعزيز ضمانات المحتفظ به وذلك بتقليص مدة الاحتفاظ وإعلام العائلة وإمكانية العرض على الفحص الطبي واعتماد قواعد في مسك سجل الاحتفاظ وذلك بمقتضى القانون رقم 90 لسنة 1999 المؤرخ 2 آب/أغسطس 1999 والمتعلق بتنقيح بعض فصول مجلة الإجراءات الجزائية.

إرساء نظام التقاضي على درجتين في القضايا الجنائية بمقتضى القانون رقم 43 لسنة 2000 المؤرخ 17 نيسان/أبريل 2000 والمنقح لبعض فصول مجلة الإجراءات الجزائية.

إحداث مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات بمقتضى القانون رقم 77 لسنة 2000 المؤرخ في 31 ت موز/يوليه 2000، وتدعيم صلاحيات هذا القاضي بمقتضى القانون رقم 92 المؤرخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002.

إحالة الإشراف على المؤسسات العقابية والإصلاحية من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل وحقوق الإنسان بمقتضى القانون رقم 51 لسنة 2001 المؤرخ 3 أيار/ مايو 2001 والمتعلّق بإطارات وأعوان السجون والإصلاح.

إصدار القانون رقم 52 لسنة 2001 المؤرّخ 14 أيار/مايو 2001 المنظم للسجون.

إقرار الحق في التعويض عن الأخطاء ذات الصلة بالعدالة بمقتضى القانون رقم 94 لسنة 2002 المؤرخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002 والمتعلق بالتعويض للموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم.

إقرار حق المظنون فيه في اختيار محامي عند سماعه من الباحث العامل بموجب إنابة بمقتضى القانون رقم 32 لسنة 2007 المؤرخ 22 آذار/مارس 2007.

إصدار القانون رقم 21 لسنة 2008 المؤرّخ 4 آذار/مارس 2008 المتعلق بوجوب تعليل قرار التمديد في الاحتفاظ وقرار الإيقاف التحفظي.

إصدار القانون رقم 58 لسنة 2008 المؤرخ 4 آب/أغسطس 2008 المتعلق بالأمّ السجينة الحامل والمرضعة.

إصدار القانون رقم 75 لسنة 2008 المؤرّخ 11 كانون الأول/ديسمبر 2008 المتعلق بتدعيم ضمانات المتهم وتطوير وضعية الموقوفين وتيسير شروط الإدماج.

إصدار القانون رقم 68 لسنة 2009 المؤرّخ 12 آب/أغسطس 2009 المتعلق بإرساء عقوبة التعويض الجزائي وبتطوير الآليات البديلة للسجن.

14- إنّ مجموع الإجراءات التي اتّخذتها تونس بغاية منع كل انتهاك لحقوق الإنسان وردع وزجر كل من تسوّل له نفسه ارتكاب أيّ تجاوز وعدم إفلاته من العقاب، هي إجراءات أملتها إرادة سياسية من شأنها أن تعزّز التزامها بتطوير الحقوق والحرّيات، وضمان السير العادي للمؤسسات الدستورية والهياكل العمومية، وخاصّة السلطة القضائية بوصفها الآلية الأساسية لدولة القانون.

15- وفي نطاق هذه المقاربة الشمولية، تمّ اتّخاذ عديد التدابير الهامّة الأخرى:

الارتقاء بالتشريع المنظم للهيئة العليا لحقوق الإنسان والحرّيات الأساسية إلى مرتبة قانون واعتبارها هيئة وطنية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي وتدعيم صلاحياتها بمنحها مثلا ً إمكانية التعهد التلقائي بأية مسألة تتعلّق بدعم حقوق الإنسان والحرّيات الأساسية وحمايتها والمساهمة في إعداد مشاريع التقارير التي تقدّمها تونس لهيئات ولجان الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان ومتابعة الملاحظات والتوصيات الصادرة عن هذه الهيئات وكذلك إعداد تقرير وطني سنوي عن حالة حقوق الإنسان ونشره للعموم، بالإضافة إلى توسيع تركيبتها لتشمل جميع الكفاءات والاختصاصات و التيارات الفكرية. إنّ القانون الذي صدر في هذا السياق وهو القانون رقم 37 المؤرخ 16 حزيران/يونيه 2008 المتعلق بالهيئة العليا لحقوق الإنسان والحرّيات الأساسية من شأنه أن يجعل منها مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان وفقا ً لمبادئ باريس.

إرساء نظام التقاضي على درجتين في القضايا الجنائية بالنسبة إلى الأطفال الجانحين وذلك بمقتضى القانون رقم 53 لسنة 2000 المؤرخ 22 أيار/مايو 2000 المتعلق بتنقيح وإتمام مجلة حماية الطفل.

تطوير نظام الإعانة العدلية وذلك بمقتضى القانون رقم 52 لسنة 2002 المؤرخ 3 حزيران/يونيه 2002 المتعلق بمنح الإعانة العدلية والذي تم تنقيحه بالقانون رقم 27 لسنة 2007 المؤرّخ 27 أيار/مايو 2007 لتوسيع مجال منح الإعانة العدليّة في المادة الجزائيّة ليشمل القضايا الجنائيّة المعقّبة، و ذلك تدعيما ً لحقوق المتهم و القائم بالحق الشخصي عديمي الدخل أو من ذوي الدخل المحدود.

إيجاد بدائل للتتبعات الجزائية وذلك بمقتضى القانون رقم 93 لسنة 2002 المؤرخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002 والمتعلق بإتمام مجلة الإجراءات الجزائية لإرساء الصلح بالوساطة في المادة الجزائية.

العناية بالمجرمين العائدين لغاية معالجتهم وإصلاحهم وذلك بمقتضى القانون رقم 93 لسنة 2005 المؤرخ 3 تشرين الأول/أكتوبر 2005 والمتعلق بإتمام بعض فصول مجلة الإجراءات الجزائية.

16- وإلى جانب هذه التشريعات الأساسية والتأسيسية التي اعتمد فيها المشرّع التونسي معايير دولية واتّبع فيها رقما ً من الأنظمة الجزائية المقارنة المتطوّرة، تواصلت عناية الدولة في تونس بتطوير الظروف والمعاملة داخل السجون و مراكز الاحتفاظ والإيقاف التحفّظ ي ، وذلك خاصّة من خلال الإجراءات العملية التالية:

مواصلة الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية أداء زياراتها إلى الوحدات السجنيّة ومراكز الإيقاف التحفظي والاحتفاظ بدون إعلام مسبّق قصد ال ا طلاع على أوضاع المساجين وطريقة معاملتهم. كما تكوّنت فرق عمل ضمّت رئيس الهيئة وبعض الشخصيات الحقوقية المشهود ل ها بالخبرة والكفاءة والنزاهة لل ا طلاع على الأوضاع داخل السجون ورفع تقارير إلى رئيس الدولة في ذلك، إلى جانب تشكيل لجنة خاصة للتقصي فيما بلغ العلم به من سوء معاملة أحد السجناء. وسيتم في هذا التقرير تقديم بيانات مفصلة عن نشاط الهيئة العليا في هذا المجال.

مواصلة جهود وزارتي العدل وحقوق الإنسان والداخليّة والتنمية المحليّة في إطار نشر ثقافة حقوق الإنسان لدى القضاة والأعوان المكلفين بتنفيذ القوانين.

إمضاء المنسق العام لحقوق الإنسان مع المندوب الإقليمي للّجنة الدوليّة للصليب الأحمر اتفاقا ً يوم 26 نيسان/أبريل 2005 يسمح لمندوبي اللّجنة الدولية بزيارة كل الوحدات السجنيّة ومراكز إصلاح الأطفال الجانحين وتأهيلهم الموضوعة تحت إشراف وزارة العدل وحقوق الإنسان وكذلك مراكز الاحتفاظ الموضوعة تحت إشراف وزارة الداخليّة والتنمية المحليّة. وقد قامت اللّجنة الدولية منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ بإجراء عديد الزيارات لمختلف الوحدات السجنيّة ومراكز الاحتفاظ بكامل تراب الجمهورية والتقت خلالها المساجين الذين رغبت في مقابلتهم والذين استمعت إليهم على انفراد ووج دت كل المساعدة من الإدارة في ال ا طلاع على ظروف إقامتهم.

مواصلة لجان العفو والسراح الشرطي واسترداد الحقوق عملها وإصدار قراراتها في شأن إطلاق سراح عدد هام من المساجين وإعادة تأهيلهم قانونيا ً واجتماعيا ً .

ثانيا ً - معلومات بشأن الإجراءات والنصوص القانونية الجديدة المتعلقة بتطبيق المواد 1 إلى 16 من الاتفاقية

المادة 1

17- في إطار التجاوب مع لجنة مناهضة التعذيب، تدخّل المشرّع التونسي ليُطوّر المجلة الجزائية ويضيف الفصل 101 (مكرّر) إليها، بموجب القانون رقم 89 لسنة 1999 المؤرخ في 2 آب/أغسطس 1999، والذي ينصّ حرفيا ً على ما يلي: " يعاقب بالسجن مدّة ثمانية أعوام الموظف العمومي أو شبهه الذي يُخضع شخصا ً للتعذيب وذلك حال مباشرته لوظيف ة أو بمناسبة مباشرته له.

"ويُقصد بالتعذيب كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا ً كان أو عقليا ً يلحق عمدا ً بشخص ما بقصد الحصول منه أو من غيره على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته عن فعل ارتكبه أو يشتبه في أنّه ارتكبه هو أو غيره أو عندما يقع إلحاق الألم أو العذاب الشديد لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيّا ً كان نوعه".

18- وهذا التعريف التشريعي للتعذيب مُستَمدّ ممّا تُقرّه المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب و المشار إليها أعلاه. وكما هو مقرر في المادة 1 من الاتفاقية، فإنّ العقاب المقرّر في الفصل 101 مكرّر ينطبق على كلّ موظف رسمي أو أيّ شخص آخر يتصرّف بصفته الرسمية. ولقد استعمل الفصل المذكور عبارة مماثلة وهي: الموظف العمومي أو شبهه.

19- وحسب الفصل 82 من المجلة الجزائية، فإنه "يعتبر موظفا ً عموميا ً تنطبق عليه أحكام هذا القانون كل شخص تُعهد إليه صلاحيات السلطة العمومية أو يعمل لدى مصلحة من مصالح الدولة أو جماعة محلية أو ديوان أو مؤسسة عمومية أو منشأة عمومية أو غيرها من الذوات التي تساهم في تسيير مرفق عمومي. ويشبّه بالموظف العمومي كل من له صفة المأمور العمومي ومن انتخب لنيابة مصلحة عمومية أو من تعينه العدالة للقيام بمأمورية قضائية.

20- وهكذا، جاء هذا التطوّر التشريعي في إطار إثراء منظومة العدالة الجزائية في مجال حماية الأشخاص الفاقدين لحريّتهم، وانسجاما ً مع الصكوك الدوليّة ذات الصلة بحماية حقوق الأشخاص المجرّدين من حريّتهم، وتأكيدا ً للتوجّهات الإنسانية لسياسة الدولة التونسية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاّإنسانية أو المهينة.

21- وسيتم التعرّض عند التعليق على المادة 4 من الاتفاقية إلى العديد من التطبيقات القضائية المتعلقة بزجر التعذيب وكافة أشكال سوء المعاملة التي يمارسها الموظفون العموميون أثناء قيامهم بوظائفهم، وموقف فقه القضاء التونسي من هذه المسألة، كما سيتم تقديم معطيات إحصائية في هذا المجال ذات صلة بالفترة التي يغطيها التقرير.

المادة 2

22- تحرص الدولة التونسية على اتّخاذ كلّ الإجراءات التشريعية أو الإدارية أو القضائية وغيرها لمنع أعمال التعذيب على كامل تراب الجمهورية الخاضع لاختصاصها القضائي. وهي لا تُجيز التذرع بأيّة ظروف استثنائية مهما كانت، طبيعية أو سياسية أو إدارية لتبرير التعذيب. كما لا يُجيز القانون التونسي التذرّع من قبل أعوان الدولة بالأوامر الصادرة عن موظّفين أعلى منهم مرتبة أو عن سلطة عمومية مهما كانت، عند حصول تجاوز أو انتهاك لأي حق من حقوق الإنسان. فالقانون ينطبق على الجميع دون تمييز.

23- وفي إطار اهتمام الدولة بحماية السلامة الجسدية والمعنوية للفرد، مهما كان، ضدّ كلّ الإخلالات والتجاوزات التي قد يرتكبها بعض الأعوان المكلفين بتنفيذ القانون ضدّ بعض المواطنين عند ممارسة الوظائف العمومية، فقد تم خلال السنوات الأخيرة تعزيز الإجراءات الرامية إلى منع أعمال التعذيب وكافة أشكال سوء المعاملة، ومواصلة التقيد بما نصت عليه الفقرة 2 من المادة 2 من الاتفاقية المتعلقة بعدم جواز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا ً كانت كمبرر للتعذيب، وبما نصت عليه الفقرة 3 من المادة المذكورة المتعلقة بعدم جواز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة كمبرر للتعذيب.

تعزيز الإجراءات الرامية لمنع أعمال التعذيب وكافة أشكال سوء المعاملة

24- تتمثل أبرز الإجراءات التي تم اتخاذها لمنع أعمال التعذيب خلال الفترة التي يغطيها التقرير في ما يلي:

الإجراءات التشريعية

25- تركز اهتمام الدولة في سبيل توفير مزيد من الحماية لضمان السلامة الجسدية والمعنوية للفرد من كلّ أشكال سوء المعاملة والتعذيب على تعزيز الأحكام القانونية المقررة في هذا المجال وذلك خاصة على أربعة مستويات: القانون الدستوري، القانون الجزائي، قانون الإجراءات الجزائية، والقانون المنظم للسجون.

القانون الدستوري

26- تمّ بموجب القانون الدستوري رقم 51 لسنة 2002 المؤرّخ 1 حزيران/يونيه 2002 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام دستور الجمهورية التونسية، الارتقاء بالضمانات القضائية للاحتفاظ والإيقاف التحفظي إلى مستوى الدستور من جهة أولى، وإدراج مبدأ المعاملة الإنسانية للمحروم من حريته في نص الدستور.

الارتقاء بالضمانات القضائية للاحتفاظ والإيقاف التحفظي إلى مرتبة دستورية

27- نصّ الفصل 12 (جديد) من الدستور على أنه "يخضع الاحتفاظ للرقابة القضائية. ولا يتمّ الإيقاف التحفظي إلاّ بإذن قضائي. ويحجّر تعريض أيّ كان لاحتفاظ أو إيقاف تعسّفي". كما نصّ الفصل 13 على أنّ "كلّ فرد فقد حريّته يعامل معاملة إنسانية في كنف احترام كرامته طبقا ً للشروط التي يضبطها القانون".

28- ويجدر التذكير بأنّ المشرّع التونسي لم ينظّم الاحتفاظ والإيقاف التحفظي إلاّ سنة 1987. ففي 26 تشرين الثاني/نوفمبر من تلك السنة، تمّ لأوّل مرّة تحديد مدّة الاحتفاظ بمجلّة الإجراءات الجزائية بأربعة أيّام مع إمكانيّة التمديد في ذلك الأجل مرّة أولى بنفس المدّة وعند الضرورة القصوى مرّة ثانية لمدّة يومين فقط. ثم وقع في 2 آب/ أغسطس 1999 الحطّ من أمد الاحتفاظ وتحديده بثلاثة أيّام مع إمكانيّة التمديد فيه مرّة واحدة لنفس المدّة.

29- وفي ما يتعلق بالإيقاف التحفّظي، فقد تمّ أيضا ً تحديد مدّته بموجب القانون المؤرخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1987، وذلك بستّة أشهر بالنسبة إلى الجنح مع إمكانيّة التمديد في تلك المدّة مرّة واحدة لنفس المدّة (12 شهرا ً كحدّ أقصى) ومرّتين بالنسبة إلى الجناية (18 شهرا ً كحدّ أقصى)، ثمّ تمّ بموجب القانون رقم 114 المؤرخ 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 الحطّ من أمد الإيقاف التحفّظي بأن أصبح حدّه الأقصى بالنسبة إلى الجنح 9 أشهر (6 أشهر مع قابليّة التمديد بثلاثة أشهر فقط)، و14 شهرا ً بالنسبة إلى الجنايات (6 أشهر مع قابليّة التمديد مرّتين لا تزيد كلّ واحدة على أربعة أشهر).

30- ولا شكّ أنّ تنصيص المشرّع صلب الدستور على خضوع الاحتفاظ والإيقاف التحفظّي للرقابة القضائية يمثّل تأكيدا ً صريحا ً لما توليه الدولة من أهميّة لحماية الحريّات الفرديّة وللدور المتزايد للسلطة القضائية في حماية تلك الحريّات. ونظرا ً لعلويّة الدستور على سائر القوانين الأخرى، فإنّ ذلك التنصيص الدستوري يمثّل ارتقاء بالضمانات القضائية من مستوى التشريعات العادية إلى مستوى القوانين الأساسية والمبادئ الدستورية الجوهرية .

إدراج مبدأ المعاملة الإنسانية للفرد المحروم من حريته في نص الدستور

31- تمّ بموجب نفس الإصلاح الدستوري إضافة فقرة جديدة للفصل 13 من الدستور جاء فيها صراحة أنّ "كلّ فرد فقد حريّته يعامل معاملة إنسانيّة في كنف احترام كرامته طبقا ً للشروط التي يضبطها القانون". ويُعتبر إدراج هذه القاعدة بالفقرة الثانية من الفصل 13 (جديد) من الدستور مكسبا ً هامّا ً لمنظومة حقوق الإنسان في تونس إذ أنه يعطيها قيمة دستوريّة لها تأثيرها الجوهري والإيجابي على التشريعات والتراتيب المتعلّقة بالمسائل العقابية والإجراءات الجزائيّة التي عليها وجوبا ً أن تتلاءم معها، خاصة وأنّ هذه الضمانات مطابقة لأحكام المادتين 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و7 من العهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسياسية اللتين لهما تأثير على توجّهات السياسة الجزائية في تونس.

القانون الجزائي

32- إلى جانب الرصيد التشريعي الذي كان متوفرا ً قبل سنة 1999 والذي يتضمن عددا ً من الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص من الموظفين العموميين أثناء مباشرتهم لوظائفهم، اتجه المشرع التونسي منذ أواخر سنة 1999 نحو تطوير المنظومة العقابية.

الرصيد التشريعي في مادة القانون الجزائي قبل سنة 1999

33- تضمّن الرصيد التشريعي في مادة القانون الجزائي قبل سنة 1999 قواعد هامّة لتجريم مختلف أشكال الاعتداء على الأشخاص من ذلك الفصل 101 من المجلة الجزائية، الذي جرّم استعمال العنف ضدّ الأشخاص وقد اقتضي هذا الفصل أنّ كلّ موظّف عمومي أو شبهه يرتكب، بدون موجب، بنفسه أو بواسطة جريمة الاعتداء بالعنف على الناس حال مباشرته لوظيفته وبمناسبة مباشرتها يعاقب بالسجن مدّة خمسة أعوام وبخطية مالية، ممّا يدلّ على أنّ المشرّع يتبنّى مفهوما ً واسعا ً للتعذيب لا يقتصر على تجريم التعذيب البدني بل إنّه يجرّم أيضا ً التعذيب المعنوي، غير أنّه يربط قيام الجريمة بانعدام الموجب.

34- والمقصود بالموجب هنا هو الموجب القانوني وحده، أي وجوب ردّ فعل من العون العمومي، ليس في إطار سوء المعاملة أو ممارسة التعذيب، وإنّما ردّا طبيعيا ً عن اعتداء من الغير أو هجوم يستوجب الدفاع عن النفس. ومن ناحية ثانية، فإن الفصل 102 من المجلة الجزائية يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية الموظّف العمومي أو شبهه الذي بدون مراعاة الموجبات القانونية أو بدون ضرورة ثابتة يدخل مسكن إنسان بدون رضاء صاحبه.

35- أمّا الفصل 103 من المجلة الجزائية فيعاقب بالسجن مدّة خمسة أعوام وبخطية الموظّف العمومي الذي يعتدي على حرية غيره الذاتية بدون موجب قانوني أو يباشر بنفسه أو بواسطة غيره ما فيه عنف أو سوء معاملة ضد متهم أو شاهد أو خبير للحصول منهم على إقرار أو تصريح. أمّا إذا لم يقع التهديد بالعنف أو بسوء المعاملة فالعقاب يحطّ إلى ستة أشهر.

36- ويعتبر أيضا ً من قبيل أعمال التعذيب كل تجاوز للسلطة يقع من طرف الأعوان العموميين ضد ممتلكات الأفراد. وفي هذا الإطار تنُصُّ المجلة الجزائية أن الموظف العمومي أو شبهه الذي باستعمال العنف أو سوء المعاملة اشترى عقارا ً أو منقولا ً بدون رضاء مالكه أو استولى عليه دون وجه أو ألزم مالكه ببيعه للغير يعاقب بالسجن مدة عامين ويحكم القاضي زيادة على العقاب بإرجاع الملك المغصوب أو قيمته إن لم يوجد عينا ً مع حفظ حقوق الغير ممن هم على حسن نية. كذلك، فإنّ الموظفين العموميين أو أشباههم الذي يتولون باستعمال العنف أو سوء المعاملة استخدام أشخاص في أشغال غير التي فيها مصلحة عامة أمرت بها الدولة يعاقبون بالسجن مدّة عامين وبخطية مالية (الفصل 105).

37- وسيتعرّض هذا التقرير إلى تطبيقات لفقه القضاء التونسي في ما يتعلّق بهذه الفصول وذلك عند التطرّق للمادة 4 من الاتفاقية.

الرصيد التشريعي في مادة القانون الجزائي بعد سنة 1999 وأبرز تطبيقاته

38- تعزّز الرصيد التشريعي في مادة القانون الجزائي بعد سنة 1999 وتميّز بالخصوص بإحداث عديد المؤسسات القانونية الجديدة في إطار مقاربة حديثة تم التركيز فيها على مزيد أنسنة نظام العقوبات وإدخال عقوبات بديلة جديدة إضافة إلى إقرار بدائل جديدة للإجراءات الجزائية التقليدية. ولقد أبرز التطبيق القضائي لهذه البدائل الجديدة أهميتها وتأثيرها الإيجابي على الحريات الفردية باعتبارها تستبعد أساسا ً سلب الحرية مما حدا بالسلطات العمومية إلى مزيد تطوير هذه البدائل سنة 2009.

تعريف وتجريم التعذيب

39- في إطار التجاوب مع الهياكل الأممية والحرص الجدّي على زيادة فعالية مكافحة كل إمكانية ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، نقّح المشرّع التونسي المجلة الجزائية ليضيف الفصل 101 (مكرّر) إليها بموجب القانون رقم 89 لسنة 1999 المؤرخ 2 آب/أغسطس 1999 ليعتمد تعريفا ً للتعذيب ملائما ً للتعريف الدولي على النحو الذي سبق بيانه عند التطرق لأحكام المادة الأولى من الاتفاقية.

إلغاء الخدمة الإلزامية بالسجون

40- ضمانا ً لكرامة الفرد وتحقيقا ً لمزيد انسجام النظام العقابي مع مبادئ حقوق الإنسان، ألغى القانون المؤرخ 2 آب/أغسطس 1999 الفقرة الأخيرة من الفصل 13 من المجلة الجزائية التي كانت تنصّ على إلزام المساجين بالعمل أثناء مدّة قضائهم للعقاب، والتي لم تعد تتماشى مع التوجهات الحديثة للمشرّع التونسي الرامية إلى تطوير السياسة العقابية وإرساء مزيد من الشفافية عليها مسايرة لتوجّهات قانون 23 كانون الثاني/يناير 1995 الذي ألغى التشغيل الإصلاحي والخدمة المدنية.

41- هذا وقد أقرّ القانون الجديد المنظم للسجون المؤرخ 14 أيار/مايو 2001 إمكانية الشغل مقابل أجر كحق من حقوق السجين يتمتع به طبق الإمكانيات المتاحة مع التمتع بالضمانات اللازمة لذلك حيث نص الفصل 19 من القانون المذكور والمتضمن تعداد حقوق السجين في النقطتين 7 و8 على ما يلي:

"الشغل مقابل أجر وطبق الإمكانيات المتاحة، بالنسبة إلى المحكوم عليه، على ألا تتجاوز حصص العمل المدة القانونية. ويحدد قرار مشترك بين الوزير المكلف بالسجون والإصلاح والوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية شروط وكيفية التأجير".

التمتع بالضمانات والحقوق المنصوص عليها بالتشريع المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية".

42- ولمزيد تنظيم هذا الحق وتدعيم الضمانات المتعلقة بتشغيل المساجين صدر القرار المشترك عن السيدين وزير العدل وحقوق الإنسان ووزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج المؤرخ في 8 نيسان/أبريل 2004 والمتعلق بضبط شروط وكيفية تأجير السجناء المشغّلين وقد تضمّن هذا القرار خاصة جدولا ً يضبط الأجور المستحقة حسب الاختصاصات والمؤهلات المهنية والتنصيص على بعض الضمانات كعدم جواز تشغيل السجين إلا إذا كان محكوما ً عليه وعبّر عن رغبته في ذلك بصورة صريحة وبعد موافقة لجنة التشغيل الخاصة بالسجن المودع به.

43- وتوفيرا ً لمزيد من الضمانات لحماية المساجين من الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية التي قد تصيبهم عند إنجازهم لأعمال في الإطار السابق، فقد صدر القانون المؤرخ في 12 آب/أغسطس 2009 والذي تمّ بموجبه سحب النظام القانوني للتعويض عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية على المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وهو النظام الوارد بالقانون رقم 28 لسنة 1994 المؤرخ في 21 شباط/ فبراير 1994.

إقرار عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة للسجن

44- تمّ بموجب القانون رقم 89 لسنة 1999 المؤرّخ 2 آب/أغسطس 1999 إقرار عقوبة جديدة أُدرجت ضمن العقوبات الأصلية بالفصل 5 من المجلة الجنائية وهي عقوبة "العمل لفائدة المصلحة العامة". وقد استوجب إدخالها إضافة فصول جديدة بالمجلة المذكورة هي الفصول 15 مكرّر و15 ثالثا ً و17 جديد و18 جديد و18 مكرّر. كما قام المشرع بموجب القانون رقم 90 لسنة 1999 المؤرخ 2 آب/أغسطس 1999 بوضع أحكام جديدة بمجلة الإجراءات الجزائية خاصة بتنفيذ هذه العقوبة شملت الفصول 343 و344 و345 و346 مكرّر جديد و348.

45- وقد حدّدت الفصول الجديدة التي تمت إضافتها للمجلة الجنائية مجال انطباق هذه العقوبة البديلة للسجن وهو مجال يقتصر على جميع المخالفات وبعض الجنح التي لا تشكل خطورة على المجتمع ولا تبرز نزعة إجرامية متأصلة لدى مرتكبيها مثل بعض جرائم العنف وبعض جرائم حوادث الطرقات وبعض جرائم الاعتداءات على الأموال والأملاك إلخ، إضافة إلى وضع شروط ومقاييس موضوعية (مثل أن يكون المتهم حاضرا ً بالجلسة ويعبر عن ندمه للمحكمة وأن لا يكون عائدا ً وأن لا يرفض العقوبة المذكورة قبل التصريح بالحكم) وهي شروط يجب أن تتوفر لينتفع المحكوم عليه بهذا النظام الجديد. وقد شدّد المشرع بالخصوص على ضرورة إعلام المتهم بحقه في رفض توقيع تلك العقوبة عليه وتسجيل جوابه حتى لا تتحول إلى ضرب من ضروب العمل الإلزامي أو السخرة.

46- ومن جهة أخرى ولأن استبدال العقوبة البدنية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة يستدعي تحديد المؤسسات التي يجوز لها الانتفاع بهذا العمل، فقد وقع الاقتصار على المؤسسات العمومية والجماعات المحلية، وبعض الجمعيات ذات المصلحة العامة باعتبار أن عقوبة العمل تهدف إلى تحقيق نفع عام لا خاص وتضمن تعويض المجتمع عن أضرار لحقت به فضلا ً عن كونها تجنّب المحكوم عليه قضاء العقاب بالمؤسسة السجنية.

47- ومن الآليات التي جاء بها القانون لضمان نجاعة تنفيذ العقوبة ضرورة عَرْض المحكوم عليه على الفحص الطبي للتأكد من قدرته بدنيا ً وذهنيا ً على القيام بالعمل المحكوم به. ومن ناحية ثانية وفي إطار حرص المشرع على ضمان مصلحة المحكوم عليه فقد وفّر له قانون 2 آب/أغسطس 1999 الحماية الكافية ضدّ حوادث الشغل التي قد يتعرّض لها أثناء تنفيذ العقوبة والتغطية الصحية في حالة الإصابة بمرض مهني.

48- وبالنظر لما يستدعيه تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من ترتيبات إجرائية تتعلق بطرق تنفيذها وتوفير الضمانات الإجرائية الكافية لذلك سواء في صورة انقطاع المحكوم عليه عن تأديتها أو التغيب أو العدول عن هذا الاختيار بعد الشروع فيه فقد فرّقت النصوص الإجرائية بين الحالات ووضعت سلّما ً تدريجيا ً حسب سلوك المحكوم عليه، وتكرار التغيب غير المبرّر وقد حرص القانون المكرّس لهذه العقوبة على التأكيد على صبغتها الاختيارية وعلى إحاطة عملية تنفيذها بالضمانات الكافية إذ نجده قد حدّد صور تعليق تنفيذ العقوبة لأسباب صحية أو عائلية أو مهنيّة. ويُحَوْصِلُ الجدول التالي تطور القضايا المحكوم فيها بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بداية من 2 آب/أغسطس 1999 إلى نهاية السداسي الثاني للسنة القضائية 2008/2009.

درجة المحكمة

2001/2002

2002/2003

2003/2004

2004/2005

2005 /2006

2006/2007

2007/2008

2008/2009

استئناف

1

7

28

11

20

4

3

صفر

ابتدائية

8

84

272

143

246

259

181

274

ناحية

6

79

86

104

290

164

144

235

المجموع

15

170

386

258

556

427

328

509

49- والمتأمل في مسيرة تطبيق هذه العقوبة البديلة على مدى سنوات يتبين له كيف أن تطبيقها بقي محتشما ً مثلما بينته الإحصائيات السابقة وذلك اعتبارا ً لبعض الصعوبات الإجرائية المتعلقة بضرورة حضور المتهم بجلسة المرافعة وإعرابه عن ندمه، وهو ما يفترض ضرورة اعتراف المتهم بارتكاب الجرم المنسوب إليه في حين أن التصريح بالإدانة لا يتوقف على الاعتراف وفي غياب الاعتراف يتعذر على المحكمة استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لعدم إعراب المتهم عن ندمه.

50- ويضاف إلى الصعوبة المذكورة ما مثلته عبارة "قبل التصريح بالحكم" الواردة بالفقرة الثانية من الفصل 15 ثالثا ً من المجلة الجزائية من حاجز حال دون استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة باعتبار أن اللجوء إلى العقوبة البديلة وبالتالي إعلام المتهم بحقه في رفض عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لا يتم إلا بعد أن تتفاوض المحكمة في خصوص الملف وتقرر إدانة المتهم وتقدر عقوبة السجن التي يتعين أن تكون دون الستة أشهر.

51- ولتجنّب هذه الصعوبات وتبسيط إجراءات استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة تم تنقيح قانون 1999 السالف الذكر بالقانون رقم 68 لسنة 2009 المؤرّخ 12 آب/أغسطس 2009 المتعلق بإرساء عقوبة التعويض الجزائي وبتطوير الآليات البديلة للسجن والذي تم بمقتضاه الترفيع في مدّة السجن المحكوم بها والقابلة للاستبدال بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من ستة أشهر إلى سنة واحدة مع إضافة بعض الجرائم التي يمكن فيها اعتماد العقوبة البديلة وحذف العوائق القانونية التي حالت في عديد الحالات دون تطبيق هذه العقوبة وذلك بالتخلي عن الشرط المتعلق بإعراب المتهم عن ندمه والاكتفاء بضرورة إعلام المحكمة المتهم بحقه في رفض عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في أي مرحلة من مراحل القضية بما يسمح بتدوين موقف المتهم من هذه العقوبة البديلة بمحضر الجلسة لتكون مرجعا ً عند الاقتضاء وتبعا ً لذلك يمكن أن ينتفع بهذه العقوبة البديلة من حضر بجلسة واحدة وكان الحكم موصوفا ً في حقه معتبرا ً حضوريا ً .

52- وفي مقابل حذف الشرط المتعلق بإعراب المتهم عن ندمه، تم إدراج بعض المعايير التي تلزم المحكمة قبل تقرير استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بالتأكد من أن الظروف التي حفت بالواقعة تدعو للتخفيف على المتهم كالتأكد من أن عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة تحافظ على إدماج المتهم في الحياة الاجتماعية.

53- وتماشيا ً مع ما وقع إقراره من حماية للمساجين من الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية التي قد تصيبهم عند إنجازهم لأعمال طلب منهم القيام بها أو بمناسبتها، فقد تضمن القانون الصادر في12 آب/أغسطس 2009 سحب النظام القانوني للتعويض عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية على المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وهو النظام الوارد بالقانون رقم 28 لسنة 1994 المؤرخ 21 شباط/فبراير 1994. وتندرج هذه الإضافة في إطار تخطي العوائق التي حالت دون إقبال المؤسسات على تشغيل المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وخاصة منها تحمل الأعباء الاجتماعية بالنسبة إلى حوادث الشغل. ومن جهة أخرى وتيسيرا ً لإدماج المحكوم عليه في الحياة الاجتماعية والمهنية، تمّ التنصيص على عدم إدراج عقوبة العمل لفائدة المصلحة ببطاقة السوابق العدلية رقم 3 التي تسلم لمن يطلبها ويمكن الإطلاع عليها من طرف الغير .

إرساء عقوبة التعويض الجزائي

54- في إطار تدعيم حقوق الإنسان ومزيد تطوير المنظومة الجزائية من خلال الحرص على التقليص من العقوبات بالسجن قصيرة المدة خاصة بالنسبة إلى من زلت بهم القدم لأول مرة ومنحهم فرصة التدارك وسعيا ً إلى توسيع نطاق اجتهاد المحكمة لممارسة سلطتها التقديرية في اختيار العقوبة البديلة للسجن الأنسب للمحكوم عليه إذا اقتضت ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع. وضمانا ً للجدوى من الأحكام الجزائية التي تقتضي تفريد العقوبة والأخذ بعين الاعتبار شخصية المتهم وجسامة الضرر الناتج عن الجريمة، فقد تضمن القانون رقم 68 لسنة 2009 المؤرّخ 12 آب/أغسطس 2009 المتعلق بإرساء عقوبة التعويض الجزائي وبتطوير الآليات البديلة للسجن أنه بإمكان المحكمة بالنسبة إلى المخالفات والجنح البسيطة التي تستوجب تسليط عقوبات بالسجن قصيرة المدة أن تستبدل عقوبة السجن التي تقضي بها بإلزام المحكوم عليه بأداء تعويض للمتضرر من الجريمة في أجل معين على أن تُقِر السجن إذا لم يحصل التعويض خلال ذلك الأجل.

55- وتُعتبر عقوبة التعويض الجزائي عقوبة بديلة للسجن في مادتي المخالفات والجنح التي يترتب عنها ضرر شخصي ومباشر للمتضرر والتي تستوجب تسليط عقوبات بالسجن قصيرة المدّة لا تتجاوز ستة أشهر، يتعذّر خلالها تنفيذ برامج الإصلاح والتأهيل المناسب للمحكوم عليه بما من شأنه أن يحدّ من الأهداف الإصلاحية للعقوبة السالبة للحرية ويفتح المجال للمحكوم عليه للانخراط في مسالك الانحراف.

56- كما تسمح عقوبة التعويض الجزائي للمحكمة عند البت في القضية بحماية حقوق المتضرر من خلال إلزام المحكوم عليه بالتعويض الجزائي الذي لا يمكن أن يقل مبلغه عن عشرين دينارا ً ولا أن يتجاوز خمسة آلاف دينار (000 5 ) وإن تعدّد المتضررون.

57- وحرصا ً على الموازنة بين مصلحة المتضرر ومصلحة المتهم ومصلحة المجتمع، تم استثناء الجرائم التي تتجاوز فيها مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها ستة أشهر وكذلك الجرائم التي تكتسي بطبيعتها خطورة على المجتمع ولا يمحى أثرها بالتعويض، كما تم استثناء بعض الجرائم من مجال التعويض الجزائي وإن أمكن الحكم فيها بالسجن لمدة تقل عن ستة أشهر وذلك اعتبارا ً لخطورتها مثل جرائم الارتشاء أو لصفة المجني عليه مثل الجرائم المرتكبة ضد القصر وكذلك الجرائم التي خصها المشرع بأنظمة قانونية متميّزة مثل القتل والجرح إثر حادث مرور وجرائم الشيك دون رصيد.

58- ويتم الإدلاء سواء من قبل المتهم أو نائبه أو أصوله أو فروعه أو قرينه لدى ممثل النيابة العمومية بالمحكمة التي أصدرت الحكم القاضي بعقوبة التعويض الجزائي بكتب ثابت التاريخ يثبت تنفيذ العقوبة أو تأمين المبلغ المحكوم به بعنوان تعويض جزائي في أجل الثلاثة أشهر.

59- أمّا إذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي أو تأمين المبلغ المحكوم به بعنوان تعويض جزائي في أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ انقضاء آجال الطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة فتتولى النيابة العمومية مباشرة إجراءات تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها أصالة. ويترتب عن تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي في الأجل القانوني سقوط عقوبة السجن المحكوم بها.

60- وحفاظا ً على إدماج المتهم في الحياة الاجتماعية، تضمن المشروع عدم إدراج الأحكام الصادرة بعقوبة التعويض الجزائي ببطاقة السوابق العدلية رقم 3 باعتبار أن هذه البطاقة تسلّم لمن يطلبها ويمكن الا طلاع عليها من قبل الغير.

قانون الإجراءات الجزائية

61- تمثلت أبرز الإضافات والتعديلات التي تم إدخالها على قانون الإجراءات الجزائية في اتجاه توفير مزيد من الحماية للأشخاص المجردين من حريتهم لضمان سلامتهم البدنية والمعنوية في:

تنظيم إجراءات الإيقاف

62- نص الفصل 84 من مجلة الإجراءات الجزائية بكل وضوح أن الإيقاف التحفظي هو إجراء استثنائي. ويجدر التأكيد بأن مدة الإيقاف التحفظي لا يمكن أن تتجاوز تسعة أشهر بالنسبة إلى الجنح وأربعة عشر شهرا ً بالنسبة إلى الجنايات.

63- وسعيا ً من المشرّع إلى تدعيم مبدأ استثنائية الإيقاف التحفظي، فقد تولّى تنقيح الفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية بموجب القانون رقم 74 لسنة 2008 المؤرّخ في 11 كانون الأول/ديسمبر 2008 والذي تولّى بمقتضاه التوسيع في حالات الإفراج الوجوبي وأوجب تعليل قرارات الإيقاف وأقرّ وجوب الإذن بالإفراج عن المتّهم في صورة تجاوز المدّة القصوى للإيقاف التحفّظي وإرساء بعض الإجراءات الجديدة لتطوير وضعيّة الموقوفين.

التوسيع في حالات الإفراج الوجوبي على المتّهمين

64- تولّى المشرّع التوسيع في حالات الإفراج الوجوبي على المتّهمين بموجب القانون المذكور ليشمل كلّ متهم لم يسبق الحكم عليه بأكثر من 6 أشهر سجنا ً عوضا ً عن ثلاثة أشهر سجنا ً في النص القديم وكلّما كان أقصى العقاب المقرّر قانونا ً لا يتجاوز عامين سجنا ً عوضا ً عن العام سجنا ً في النص القديم وأصبح الفصل الجديد ينصّ على ما يلي:" و يتحتم الإفراج بضمان أو بدونه بعد الاستنطاق بخمسة أيام عن المتهم الذي له مقر معين بالتراب التونسي ولم يسبق الحكم عليه بأكثر من ستة أشهر سجنا ً إذا كان أقصى العقاب المقرّر قانونا ً لا يتجاوز عامين سجنا ً فيما عدا الجرائم المنصوص عليها بالفصول 68 و70 و217 من المجلّة الجزائيّة.

وجوب تعليل قرارات الإيقاف

65- تجدر الإشارة هنا إلى سبق تدخّل المشرّع في نفس السنة بموجب القانون رقم 21 لسنة 2008 المؤرّخ 4 آذار/مارس 2008 للسعي لتحقيق نفس الهدف المذكور بأن أوجب تعليل كلّ قرار إيقاف تحفظي وذلك بتضمين الأسانيد الواقعيّة والقانونيّة التي تبرّره.ففي هذا الإطار، صار الفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية ينصّ على ما يلي: "يمكن إيقاف المظنون فيه إيقافا ً تحفظيا ً في الجنايات والجنح المتلبس بها، وكذلك كلما ظهرت قرائن قوية تستلزم الإيقاف باعتباره وسيلة أمن يتلافى بها اقتراف جرائم جديدة أو ضمانا ً لتنفيذ العقوبة أو طريقة توفر سلامة سير البحث".

66- والإيقاف التحفظي في الحالات المنصوص عليها بالفقرة السابقة لا يجوز أن يتجاوز الستة أشهر ويكون قرار الإيقاف التحفظي معللا ً يتضمن الأسانيد الواقعية والقانونية التي تبرره. وإذا اقتضت مصلحة البحث إبقاء المظنون فيه بحالة إيقاف فيُمكن لقاضي التحقيق بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية بمقتضى قرار معلل تمديد فترة الإيقاف بالنسبة إلى الجنحة مرة واحدة لا تزيد مدتها على ثلاثة أشهر، وبالنسبة إلى الجناية مرّتين لا تزيد مدة كل واحدة على أربعة أشهر.و القرار القاضي بما ذكر قابل للاستئناف.

إقرار وجوب الإذن بالإفراج عن المتّهم في صورة تجاوز المدّة القصوى للإيقاف التحفّظي

67- تدعيما ً للضمانات المكفولة للموقوفين تحفظيا ً والمتعلّقة خاصة في احترام آجال الإيقاف التحفّظي، أوجب المشرّع الإفراج حتميا ً عن المتهم في صورة تجاوز المدة القصوى للإيقاف التحفظي حيث ينص الفصل 85 في فقرته قبل الأخيرة على ما يلي:

"ولا يمكن أن يترتب عن قرار دائرة الاتهام بإحالة الملف إلى قاضي التحقيق لمواصلة بعض الأعمال التي تقتضيها تهيئة القضية للفصل تجاوز المدة القصوى للإيقاف التحفظي للمتهم الذي يتحتم، في هذه الحالة، على قاضي التحقيق أو دائرة الاتهام، حسب الأحوال، الإذن بالإفراج عنه مؤقتا ً دون أن يمنع ذلك من اتخاذ التدابير اللازمة بضمان حضوره".

إرساء بعض التقنيات القانونيّة الجديدة لتطوير وضعيّة الموقوفين

68- تهدف هذه التقنيات القانونيّة الجديدة إلى تلافي إطالة الإيقاف التحفّظي والتعجيل بالنظر في قضايا الموقوفين في أحسن الآجال وتتمثل في تقنية تفكيك القضايا حيث ينص الفصل 104 مكرر على أنه "فيما عدا الحالات التي يتحتم فيها ضم الإجراءات لبعضها بعضا ً تطبيقا ً للفصل 131 من هذه المجلة و55 من المجلة الجزائية، يمكن لقاضي التحقيق، عند تهيئ القضية للفصل بالنسبة للمتهم المنسوبة إليه أفعال يعتبرها القانون مخالفة أو جنحة، تفكيك الملف وإحالته على وكيل الجمهورية لتقديم طلباته الكتابية بشأنه دون التوقف على إنهاء أعماله بالنسبة لغيره ممن تنسب إليه أفعال يعتبرها القانون جناية.

69- كما يُمكن لقاضي التحقيق، ولو في صورة تعهده بأفعال يعتبرها القانون جناية بالنسبة لكل المتهمين، تفكيك الملف لغاية تعجيل النظر بشأن الموقوفين منهم دون التوقف على إنهاء أعماله بالنسبة لغيرهم لاعتبارات تتعلق بضروريات البحث. وبمجرد تقديم وكيل الجمهورية طلباته يصدر قاضي التحقيق قرارا ً مستقلا ً بشأن جميع المتهمين، المفردين بالتتبع ويبقى متعهدا ً بالبحث بشأن بقية المتهمين إلى حين إصدار قرار مستقل بشأنهم". ولقد سبق التعرض بدقة في التقريرين الأوّلي والدوري الثاني لتونس لما أولته السلطات العمومية من اهتمام خاص بظروف الاحتفاظ.

إرساء بدائل جديدة للإجراءات الجزائية التقليدية

70- إضافة إلى نظام الوساطة الذي تم إقراره منذ سنة 1995 والذي حقق نتائج إيجابية، فقد قام المشرع التونسي بإضافة بديل جديد للإجراءات الجزائية التقليدية سنة 2002 ألا وهو نظام الصلح بالوساطة الجزائية.

الوساطة

71- عرّف الفصل 113 من مجلة حماية الطفل الوساطة بأنها "آلية ترمي إلى إبرام صلح بين الطفل الجانح ومن يمثله قانونا ً وبين المتضرر أو من ينوبه أو ورثته - وتهدف إلى إيقاف مفعول التتبعات الجزائية أوالمحاكمة أو التنفيذ". وتُعتبر الوساطة بديلا ً جديدا ً للإجراءات الجزائية التقليدية لأنّ هذه الإجراءات تقوم في الأصل على قاعدة محورية مفادها أنه "يترتب على كل جريمة دعوى عمومية تهدف إلى تطبيق العقوبات، ويترتب عليها أيضا ً في صورة وقوع ضرر دعوى مدنية لجبر ذلك الضرر" وهي القاعدة المقرّرة بالفصل 1 من مجلة الإجراءات الجزائية - في حين أن الوساطة "تخرق" هذه القاعدة السائدة وتتجاوزها إذ هي تسمح - إن حصلت قبل انطلاق التتبعات - بتفادي فتح دعوى عمومية وحتى إن تم فتح دعوى عمومية وانطلاق التتبعات فإنه بالإمكان إيقاف مفعول المحاكمة أو التنف ي ذ - والوساطة حينئذ شبيهة بالصلح وتمثل ضربا ً من ضروبه لكنها تختلف عنه في إجراءاته.

72- وحسب أحكام مجلة حماية الطفل يمكن إجراء الوساطة في أي طور من أطوار التقاضي الجزائي غير أنها لا تشمل إلا المخالفات والجنح أما الجنايات فلا تجوز فيها الوساطة. ويتم رفع مطلب في الغرض من الطفل الجانح أو من ينوبه إلى مندوب حماية الطفولة الذي يسعى إلى إبرام صلح بين الأطراف يقع تدوينه في كتب ممضى ويوجه إلى الجهة القضائية المختصة التي يمكن لها أن تكسيه الصيغة التنفي ذية ما لم يكن مخلا ًّ بالنظام العام أو الأخلاق الحميدة - ويجوز حسب القواعد المقرّرة في نفس المجلة مراجعة كتب الوساطة من طرف قاضي الأطفال مراعاة لمصلحة الطفل الفضلى. وللتشجيع على الوساطة فقد نص الفصل 117 من مجلة حماية الطفل على عدم خضوع كتب الوساطة لمعاليم جبائية أي لمعاليم التسجيل أو التامبر .

73- وتحقق الوساطة عدّة غايات سامية في نفس الوقت فهي تجنّب الطفل المثول أمام أجهزة العدالة الجزائية من شرطة وسلطة قضائية وغيرهما، وتمكن المتضرر من رفع الضرر عليه ولو جزئيا ً واستعادة حقوقه أو البعض منها، وإشراك الطفل في إيجاد الحلول المناسبة لفضّ النزاع بينه وبين المتضرّر، وتخفيف العبء على المحاكم وربح الوقت.

74- والمتأمل في الإحصائيات الصادرة عن وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين والتي يرجع مندوبو حماية الطفولة لها بالنظر يجد أن مؤسسة الوساطة ما فتئت تسجّل تطورا ً من سنة إلى أخرى على مستوى عدد الحالات من جهة وعدد العقود التي يبرمها المندوبون من جهة أخرى مما يؤكّد على نجاعتها وترسّخها التدريجي في التطبيق. ويبرز الجدول التالي تطور عقود الصلح المبرمة بالوساطة عن طريق تدخلات مندوبي حماية الطفولة .

عقود الصلح المبرمة

السن ة

165

1999

260

2000

434

2001

449

2002

514

2003

618

2004

708

2005

481

2006

932

2007

912

2008

الصلح بالوساطة في المادة الجزائية

75- من بين البدائل الجديدة للإجراءات الجزائية التقليدية التي تم إقرارها في تشريع الإجراءات الجزائية نظام الصلح بالوساطة الجزائية وذلك بموجب القانون رقم 93 لسنة 2002 المؤرخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002. ويهدف الصلح بالوساطة الجزائية إلى ضمان جبر الأضرار الحاصلة للمتضرر من الأفعال المنسوبة إلى المشتكى به مع إذكاء الشعور بالمسؤولية لديه والحفاظ على إدماجه في الحياة الا جتماعية.

76- ويعرض وكيل الجمهورية الصلح قبل إثارة الدعوى العمومية إما من تلقاء نفسه أو بطلب من المشتكى به أو من المتضرر أو من محامي أحدهما وذلك في مادة المخالفات وفي بعض الجنح التي حددها الفصل 335 ثالثا ً على سبيل الحصر. ويترتب على تنفيذ الصلح بالوساطة كليا ً في الأجل المحدد أو عدم تنفيذه بسبب من المتضرر انقضاء الدعوى العمومية تجاه المشتكى به، وتُعلق آجال سقوط الدعوى العمومية بمرور الزمن طيلة الفترة التي استغرقتها إجراءات الصلح بالوساطة والمقررة لتنفيذه. ويبرز الجدول أ د ناه تطور قضايا الصلح بالوساطة في المادة الجزائية منذ دخول القانون حيز التنفيذ إلى نهاية السداسي الأول لسنة 2008/2009.

مآل الملف

2002/2003

2003/2004

2004/2005

2005 /2006

2006/2007

2007/2008

2008/2009

الحفظ بالوساطة

176

206 1

890

964

942

934

840

تعذر الوساطة

8

103

120

130

162

173

128

المجموع

184

309 1

010 1

094 1

104 1

107 1

968

77- واعتبارا ً لنجاح مؤسسة الصلح بالوساطة في المادة الجزائية واستقرار العمل بها، فقد تم إصدار قانون جديد هو القانون رقم 68 لسنة 2009 المؤرخ 12 آب/أغسطس 2009 الذي وقع بموجبه التوسيع في قائمة الجرائم التي يمكن أن تكون محل صلح بالوساطة والمذكورة بصفة حصرية بالفصل 335 ثالثا ً من مجلة الإجراءات الجزائية لتشمل أحكام الفصلين 226 مكرر و296 من المجلة الجزائية.

78- كما تضمن القانون الجديد إدراج جرائم السرقة المجردة والبسيطة التي ارتكبت بدافع الاحتياج ولا تنم عن تأصل النزعة الإجرامية لدى المشتكى به ضمن الجرائم التي يجوز فيها إجراء الصلح بالوساطة غير أنه تم إخضاع الصلح في هذه الصورة إلى بعض القيود المتمثلة في مراعاة ظروف الفعل الواقع من أجله التتبع وأن يكون المشتكى به غير عائد وذلك قصد تمكينه من فرصة للإصلاح وتجنيبه السجن بما يتيح له فرصة الاندماج في الحياة الاجتماعية ويجنبه العود والانحراف.

القانون المنظم للسجون

79- بعد أن كان قطاع السجون منظما ً بموجب أمر ترتيبي هو الأمر رقم 1876 المؤرّخ 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1988 فقد تم الارتقاء بهذا القطاع إلى مرتبة قانون إذ صدر في الغرض القانون رقم 52 لسنة 2001 المؤرّخ 14 أيار/مايو 2001 إطار ا ً قانونيا ً جديدا ً يُنظّم ظروف الإقامة في السجون ويضمن حقوق السجناء ويُساعدهم على الا ندماج في الحياة العامّة، وفقا ً لما قرّرته المعايير الدولية.

80- وتتم متابعة تنفيذ مختلف الأحكام والتدابير الواردة في القانون المذكور لا فقط من المصالح التابعة للإدارة العامة للسجون والإصلاح وإنما أيضا ً من عديد الأطراف المحايدة والمستقلة مثل رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وقضاة تنفيذ العقوبات ورئيس خلية حقوق الإنسان التابع لديوان وزير العدل وحقوق الإنسان ومتفقدين قضاة من التفقدية العامة بالوزارة. ويشتمل القانون الجديد على جملة من المحاور الكبرى هي:

التأكيد على مبدأ شرعية الإيداع أو ما يسمّى بأمر الحبس المشروع وعلى قرينة البراءة

81- نصّ الفصل 4 من القانون على أنّه "لا يجوز إيداع أيّ شخص بالسجن إلاّ بموجب بطاقة إيداع أو بطاقة جلب أو تنفيذ الحكم أو بموجب الجبر بالسجن". ومن جهة أخرى، فإن تصنيف السجون إلى سجون إيقاف وسجون تنفيذ وسجون شبه مفتوحة يُجسّم بجلاء مبدأ قرينة البراءة الذي جاء به الفصل 12 من الدستور. ويظهر هذا التجسيم من خلال منع الجمع بسجن واحد بين المودعين تحفّظيا ً والمحكوم عليهم. وإذا لم تُتح الإمكانيات لتخصيص سجون للمودعين تحفّظيا ً وأخرى للمحكوم عليهم، فإنّ التفرقة بينهم تتمّ داخل المؤسسة السجنية الواحدة وذلك بتخصيص أجنحة خاصّة بالموقوفين تحفظيا ً وفصلهم عن المحكوم عليهم.

إقرار حقوق السجين وضبط واجباته

82- أكد هذا القانون بوضوح على أنّه "يتعيّن عند قضاء العقوبة بالسجن تحقيق المعادلة بين حقوق السجين من جهة وضمان أمن المؤسسة السجنية والمساجين الآخرين "من جهة أخرى". وتم في هذا الإطار إقرار حقوق عديدة للسجين منها بالخصوص:

(أ) إطلاع السجين على قانون السجون ونظامها الداخلي ليكون على بيّنة من حقوقه وواجباته؛

(ب) حماية الحرمة الجسدية والمعنوية للسجين وعدم تعريضها لأي شكل من أشكال سوء المعاملة؛

(ج) إقرار حق السجين في الرعاية الصحيّة والأدبية وتوفير حاجياته الحياتية (رقابة طبية، نظافة، مطالعة، تثقيف)؛

(د) مراعاة من لم يبلغ من الأطفال ثلاثة عشر سنة كاملة بتخويلهم زيارة أحد والديهم السجين بدون حاجز؛

( ) مراعاة الأمّ السجينة بمن في ذلك الحامل وذلك خلال الحمل وإثره مع توفير الرعاية الطبيّة والاجتماعية للأمّ وللابن المرافق لها.

كما نصّ القانون على واجبات السجين ورتّب على مخالفتها تسليط عقوبة تأديبية ضبطها بكلّ دقة تفاديا ً لكلّ تجاوز.

إعداد السجين للحياة الحرّة المسؤولة

83- تم في هذا الإطار إقرار جملة من التدابير منها:

(أ) العمل على محافظة السجين على روابطه العائلية والاجتماعية بتمكينه من زيارة الأقارب في بعض حالات التأكّد وتلقّي زيارة ذويه؛

(ب) تأهيل السجين للاندماج من جديد في المجتمع بتوفير إمكانيات التعلّم له ومساعدته على حذق حرفة وتشغيله إن رغب في ذلك حسب الإمكانيات المتاحة مع توفير الضمانات الممنوحة طبقا ً لقانون الشغل ونظام حوادث الشغل؛

(ج) إقرار حوافز للسجين لتشجيعه على حسن السلوك باقتراحه للتمتع بالعفو والتحصّل على شهادة كفاءة مهنيّة، وتمكينه مجانا ً من أدوات العمل عند مغادرته السجن.

84- وبما أنّ التوفيق بين حقوق السجين وأمن المؤسسة السجنية يسهر عليه عمليا ً أعوان السجون فقد نصّ القانون على واجبات هؤلاء وذلك بإقرار مبدأ عدم استعمال القوّة تجاه المساجين بما يتجاوز القدر الكافي للحفاظ على سلامتهم وسلامة المساجين الآخرين وضمان الأمن العام بالسجن. وسيتم التعرض في المحاور الموالية إلى تقديم عديد الأمثلة والمؤشرات المجسمة في الواقع العملي لهذه الخيارات والتوجهات.

تطوير العمل والظروف داخل السجون

85- شمل هذا التطوير المسائل التالية:

الرعاية الاجتماعية المكفولة للمساجين

86- تعتبر الرعاية الاجتماعية من أبرز مكوّنات المنظومة الإصلاحية في تونس، نظرا ً لأهميّة الخدمات التي تقدّم سواء لفائدة المودعين أثناء قضاء فترة العقوبة في إطار الإحاطة بأوضاعهم الاجتماعية ومساعدتهم على تذليل ما قد يعترضهم و عائلاتهم من صعوبات وإعدادهم للاندماج في حضيرة المجتمع، أو كذلك من خلال التدخلات والمساعي المبذولة لفائدة المفرج عنهم بهدف إعادة إدماجهم في الدورة الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد.

87- وتتمثل الخدمات الاجتماعية في الإحاطة بالمودعين ورعايتهم أثناء إقامتهم بالسجن والسعي إلى تذليل الصعوبات التي قد تعترضهم أو تعترض أهاليهم والتدخل لفائدتهم لدى مختلف الهياكل المحليّة والجهويّة المعنيّة بهدف تقديم المساعدات الضرورية لهم، وقد شملت جملة الخدمات المقدّمة لفائدة المساجين وعائلاتهم خاصة ربط الصلة بين السجين وعائلته على إثر الإيداع أو عند النقل من سجن لآخر، والقيام بالمساعي الإداريّة (مكاتبات) والميدانيّة اللازمة (اتصالات بالسلط وبحوث اجتماعيّة) لتذليل ما قد يعترض المساجين وعائلاتهم من صعوبات وتقديم المساعدات الضرورية لمن هم في حاجة لذلك. وفي ما يلي جدول بياني يتضمن مجموع الإعانات الموزعة للمساجين أو لعائلاتهم المعوزة منذ سنة 1999 إلى سنة 2008.

الإعانات الموزعة

السنة

7025

1999

600 8

2000

513 7

2001

753 5

2002

158 7

2003

671 6

2004

266 10

2005

355 9

2006

173 12

2007

589 16

2008

الرعاية اللاحقة ومساعي الإدماج

88- تتمثل في مساعدة المفرج عنهم والراغبين في مواصلة الإحاطة بهم على الاندماج السليم في المجتمع و بالتالي توفير أكثر ما يمكن من الضمانات لوقايتهم من العود الإجرامي. وتشمل الرعاية اللاحقة تشغيل أعداد من المفرج عنهم وتشجيعهم على الانتصاب للحساب الخاص والحصول على قروض من البنك التونسي للتضامن لتمويل مشاريع صغرى و إجراء اختبارات مهنية مجانا ً ببعض المراكز التابعة للوكالة التونسية للتشغيل، هذا إلى جانب تقديم المساعدات المختلفة لفائدة البعض منهم خاصة خلال المناسبات الدينية و الوطنية. ومن بين الأمثلة الحية للرعاية الاجتماعية اللاحقة والمساعي المبذولة لإدماج المساجين يمكن أن نذكر:

التدخل الذي حصل سنة 2005 لفائدة سجين معاق مفرج عنه وهو فاقد السند، حيث تم الاتصال بشقيقه الذي يقطن بأحد الأحياء الراقية وبالرغم من المساعي المبذولة من قبل أعوان مكتب العمل الاجتماعي بالوحدة السجنية على ربط الصلة إلاّ أن المحاولات باءت بالفشل حيث تمسك شقيقه بموقفه الرافض لاحتضانه، مما استوجب على إدارة السجن التدخل لفائدته قصد إيوائه بإحدى النزل بتونس ثم التنسيق مع السلط الجهوية بولاية القيروان لإيوائه بصفة نهائية بمركز المسنين بالجهة.

توصّل المكتب الاجتماعي التابع لسجن جندوبة سنة 2007، بعد مساعي حثيثة لمدة سنتين بالتنسيق مع السلط الجهوية بولاية جندوبة، إلى ربط الصلة بين سجين ووالدته الذي ظل يجهل مصير والدته لمدة تقارب 25 سنة بعد حصول الطلاق بينها وبين والده، كما تم تسخير وسيلة نقل إدارية تابعة للسجن لجلب والدته المعاقة قصد زيارته.

التدخل سنة 2007 لفائدة سجين مفرج عنه لاقتناء مسكن من ولاية تونس عن طريق خلية 121 2 للمساكن الاجتماعية إلى جانب مساعدته للحصول على رخصة انتصاب بالسوق المركزية بتونس.

التدخل سنة 2009 لفائدة سجين محكوم عليه بآماد طويلة للحصول على منحة الجراية العمرية وذلك بالتنسيق مع مكتب التشغيل وتفقدية الشغل كما تم تمكين العائلة من منحة لتحسين المسكن.

التدخل سنة 2009 لفائدة سجين مفرج عنه مع البنك التونسي للتضامن وجمعية إدماج المساجين ووالي تونس للحصول على شاحنة يبلغ ثمن ها 11 ألف دينار بالإضافة إلى 4 آ لاف دينار لاقتناء مواد مختلفة لإنجاز مشروع تجاري (تاجر متجول).

التدخل سنة 2009 لفائدة سجينة مفرج عنها قصد تشغيلها كعاملة إلى جانب تمتيعها بمنحة لتحسين المسكن وتمكينها من دفتر علاج مجاني.

89- ومنذ إحداث البنك التونسي للتضامن سنة 1999 وإلى غاية حزيران/يونيه 2009 تم تمتيع 164 سجين مفرج عنه بقروض لبعث مشاريع صغرى وقد فاقت جملة القروض 630 ألف دينار.

بقاء السجين على صلة بالعالم الخارجي

90- في نطاق الحرص على تمت ي ع السجين بجملة من الحقوق والخدمات التي من شأنها أن تبقيه على صلة بعائلته وبالعالم الخارجي والحفاظ على الروابط العائلية لم تتردد الجهات المختصة (الإدارة العامة للسجون والإصلاح والسلط القضائية) في الموافقة على مطالب الزيارة بدون حاجز أو في تمكين السجناء من حضور مواكب دفن أقاربهم كما تبينه الأرقام الواردة في الجدول أدناه:

السنوات

الزيارات بدون حاجز المسندة من قبل الإدارة العامة للسجون والإصلاح

الزيارات بدون حاجز المسندة من قبل السلط القضائية

المجموع

مواكب الدفن

2003

902 13

197

099 14

41

2004

9081 1

258

339 19

60

2005

5108 1

352

460 15

32

2006

128 22

449

577 22

44

2007

945 10

226

171 11

57

2008

630 22

369

999 22

122

2009 *

816 11

47

863 11

119

المجموع

610 11 5

898 1

508 117

475

* إلى غاية 31 تموز/يوليه 2009.

الحماية الصحية للسجين

91- تولي الإدارة العامة للسجون والإصلاح أهميّة بالغة للجانب الصحي لكافة المودعين بالوحدات السجنية والإصلاحية منذ إيداعهم، حيث يخضعون آليّا ً للفحص عند الإيداع زيادة إلى متابعتهم بصفة دورية و مستمرة إلى حين إطلاق سراحهم. ويشرف على هذه الرعاية إطارات طبية وشبه طبية في مختلف الاختصاصات. وبالإضافة إلى الرعاية الصحية التي يحظى بها المودعون داخل المؤسسات السجنية، فإن المستشفيات العمومية تأوي بعض المساجين لقضاء فترة العلاج. وتوزع الخدمات الصحية المقدمة لفائدة المساجين منذ سنة 1999 إلى غاية سنة 2008 على النحو التالي:

البيانات

السنوات

عيادات داخلية

عيادات طب عام

عيادات أطباء اختصاص

عيادات خارجية بالمستشفيات

المساجين المنتفعون بالإقامة بالمستشفيات

عدد أيام الإقامة بالمستشفيات

1999

593 233

183 213

410 20

791 19

124 1

567

2000

007 244

656 215

726 15

772 18

101

306 8

2001

680 276

085 247

497 15

825 16

113 1

240 8

2002

988 249

307 232

681 26

518 16

121 1

014 10

2003

831 244

975 215

856 28

330 17

253 1

837 7

2004

675 242

754 212

921 29

333 15

209 1

567 6

2005

126 212

482 184

644 27

420 14

174 1

434 6

2006

658 247

911 217

054 13

087 17

240 1

003 8

2007

576 259

050 234

019 12

797 15

117 1

504 6

2008

721 289

881 257

116 12

479 18

189 1

036 7

92- وتحظى الرعاية النفسانية للمساجين بعناية فائقة حيث يوجد بكل سجن مكتب للرعاية النفسانية.وقد برز مصطلح الرعاية النفسانية من خلال القانون الجديد المتعلق بنظام السجون الصادر في 14 يار/مايو 2001 حيث ورد بالفقرة الثانية من الفصل الأول أنّه "ينتفع السجين على هذا الأساس بالرعاية الصحية والنفسية". ويتولى الأخصائيون النفسانيون إجراء المحادثات النفسية مع المساجين والأطفال الجانحين للحد من صدمة الإيداع ومساعدتهم على تقبل واقعهم الجديد وقبول الفضاء السجني باعتباره ليس فضاء للعقوبة فقط وإنما فضاء للرعاية والإصلاح.

93- ويتم إنجاز دراسات حالة للمساجين الذين تظهر لديهم بعض الأعراض المرضية أو الاضطرابات السلوكية. كما يتم إجراء بعض الاختبارات النفسية على المودعين لتحديد تأثير عمليات الإيداع على شخصيتهم، وإنجاز الدراسات العلمية الكفيلة بتطوير العمل داخل المؤسسات السجنية. كما حرصت الإدارة العامة للسجون والإصلاح في نطاق الإحاطة بالرعاية النفسانية للمساجين إلى تكثيف القوافل النفسانية بالسجون. وتوزع الأنشطة النفسية المقدمة لفائدة المساجين منذ سنة 1999 إلى غاية سنة 2008 على النحو التالي:

البيانات

السنوات

الاستقبال

المحادثات النفسانية

دراسات الحالة

حصص حركية

المساجين المنتفعون بالإقامة بالمستشفيات

1999

170 1

070 3

75

67

217

2000

843 1

721 3

93

38

357

2001

769 4

225 7

84

32

821

2002

445 3

900 4

145

42

470

2003

309 3

184 3

150

44

565

2004

239 5

826 5

457

65

997

2005

442 6

902 14

348

71

980

2006

635 7

050 13

419

134

609

2007

729 7

586 17

669

238

953

2008

646 6

726 17

893

250

615 1

94- وبفضل الرعاية النفسانية للمساجين تكاد تكون ظاهرة انتحار المساجين منعدمة في المؤسسات العقابية إذ تعد نسبة ضئيلة جدا ً لا تتجاوز (0.0 0033 في المائة ) وذلك يرجع بالأساس إلى دور المحادثات النفسية المكثفة التي يضطلع بها الأخصائي النفساني التابع لكل وحدة الذي يتولى بصفة دورية امتصاص كل التوترات التي قد تعترض السجين خلال إقامته بالوحدة، إلى جانب ذلك فإن إدارة السجن تحرص على عرض كل سجين يعاني من بعض الأمراض النفسية على الطبيب المختص في الأمراض النفسية والعقلية. ويقدّم الجدول التالي إحصائيات عن عدد حالات الانتحار من سنة 2005 إلى سنة 2009:

السنة

عدد الحالات

2005

3

2006

1

2007

1

2008

1

2009

1

95- وتجدر الملاحظة أن إدارة السجن تتولى القيام بإجراءات وقائية تجاه فئة من المساجين لتفادي إتاحة الفرصة لهم للتفكير في محاولة الانتحار عن طريق متابعة ومراقبة تصرفاتهم وتكثيف المحادثات النفسية معهم ونخص بالذكر منهم:

المساجين الذين تم إيداعهم السجن لأجل تورطهم في قضايا ذات صبغة عدوانية كقضايا القتل والقضايا الأخلاقية وقضايا إضرام النار بمحل مسكون أو غيرها من الجرائم التي ارتكبت نتيجة ظروف طارئة أو لخلاف عائلي.

المساجين الذين تم إرجاعهم لوحداتهم السجنية بعد مثولهم أمام قضاة التحقيق أو إثر تشخيص الجريمة أو ختم البحث أو صدور أحكام طويلة الأمد في شأنهم.

المساجين الذين تلقوا نبأ وفاة أحد الأصول أو الفروع من أقاربهم.

المساجين الذين وقع إعلامهم بتنفيذ أحكام مدنية لاستخلاص بعض الديون عن طريق عقلة مكاسبهم.

إصلاح السجين

التعليم والتدريب

96- تتولى إدارة السجن التنسيق مع الجهات المعنية والمؤسسات التعليمية قصد تمكين المساجين المرسمين بهذه المؤسّسات من إجراء الامتحانات داخل السجن. وتوجد بكل سجن مكتبة تحتوي على الكتب والمجلات المعدة للمطالعة والتي يحق للسجين استعارتها كما يمكن له الحصول على المجلات والصحف على حسابه الخاص ووفق التراتيب الجاري بها العمل.

97- وقد حرصت الإدارة العامة للسجون والإصلاح خلال السنوات المنقضية على تمكين العديد من المساجين من اجتياز الامتحانات الوطنية لجميع المستويات، وذلك على النحو التالي:

خلال السنة الدراسية 2003 - 2004

98- سُجلت خلال هذه السنة مشاركة:

5 مساجين في امتحانات الباكالوريا ونجاح واحد منهم (من سجن قابس) خلال دورة التدارك.

سجين نجح في امتحانات الباكالوريا فرنسية (من سجن تونس).

سجين نجح في امتحانات الإجازة في علوم التصرف (من سجن تونس).

سجينان نجحا في امتحانات السنة الثالثة من التعليم العالي (من سجن تونس).

خلال السنة الدرا سية 2004 -2005

99- سُجلت خلال هذه السنة مشاركة:

6 مساجين في امتحانات الباكالوريا ونجاح اثنين منهم (1، سجن برج الرومي و1، سجن المنستير).

سجين نجح في امتحانات الباكالوريا فرنسية (من سجن تونس).

سجين نجح في امتحانات الإجازة في الحقوق (من سجن صفاقس).

سجينان نجحا في امتحانات السنتين الأولى والثانية من التعليم العالي من سجن تونس.

خلال السنة الدراسية 2005 -2006

100- سُجلت خلال هذه السنة مشاركة:

9 مساجين في ا متحانات الباكالوريا ونجاح واحد منهم (من سجن برج العامري).

12 سجينا ً في متابعة التعليم العالي (1، مرحلة ثالثة، 2، سنة رابعة، 1، سنة ثالثة، 2، سنة ثانية و6، سنة أولى).

خلال السنة الدراسية 2006 -2007

101- سُجلت خلال هذه السنة مشاركة:

12 سجينا ً في امتحانات الباكالوريا ونجاح اثنين منهم (1، من سجن حربوب و1، من سجن قابس).

سجين نجح في امتحانات الباكالوريا فرنسية.

14سجينا ً في متابعة التعليم العالي، 1، مرحلة ثالثة، 3، إجازة، 4، مرحلة ثانية، 6، مرحلة أولى.

خلال السنة الدراسية 2007 - 2008

102- سُجلت خلال هذه السنة مشاركة:

7 مساجين في امتحانات الباكالوريا ونجاح 1 منهم.

سجين نجح في امتحانات المرحلة الثانية للباكالوريا الفرنسية.

6 مساجين في متابعة التعليم العالي (1، شهادة الكاباس، 1، أستاذية في العلوم،1، سنة ثالثة فيزياء، 1، سنة ثانية فرنسية و 2، سنة أولى).

خلال السنة الدراسية 2008-2009

103- سُجلت خلال هذه السنة مشاركة:

7 مساجين في امتحانات الباكالوريا ونجاح واحد منهم خلال دورة التدارك (من سجن رجيم معتوق).

10 مساجين في متابعة التعليم العالي (1، سنة رابعة انكليزية، 1، سنة رابعة فرنسية،1، سنة ثالثة حقوق، 1، سنة ثانية عربية، 1، سنة ثانية الكترو ميكانيك و5، سنوات أولى).

سجين في مناظرة إعادة التوجيه لشعبة الصحافة والاتصال.

104- ويمكن للسجين متابعة البرامج الخصوصية في التثقيف والتوعية المعدة من قبل إدارة السجن والاستفادة من البرامج الوطنية للتعليم المنجزة من قبل الهياكل الوطنية المعنية أثناء فترة قضائه للعقوبة. ويهدف هذا الإجراء إلى رفع الأمية لمن لم يلتحقوا بالمدارس وتحسين مستوى المنقطعين عن مختلف مراحل التعليم وإكسابهم الآليات التي تمكنهم من استيعاب تقنيات التكوين المهني وفتح الآفاق الفكرية للمساجين وتحسين زادهم الثقافي. ويحوصل الجدول التالي عدد الناجحين في برنامج تعليم الكبار من سنة 2000 إلى سنة 2009.

السنة

عدد الناجحين

الذكور

الإناث

2000

363

363

-

2001

568

519

49

2002

701

616

85

2003

578

536

42

2004

654

606

48

2005

620

589

31

2006

704

651

53

2007

730

680

50

2008

752

701

51

200 9

902

854

48

105- ويتم توجيه السجين إلى إحدى الاختصاصات المهنية أو الحرفية أو الفلاحية بناء على رغبته ومؤهلاته الفكرية والبدنية. ويشارك في تنفيذ برامج التدريب المهني والحرفي والفلاحي مختصون تابعون لمختلف الهياكل المعنية بالتكوين يتولّون الإشراف على اختبارات نهاية التكوين. وتسند للسجين الناجح في الاختبار شهادة ختم التدريب أو شهادة الكفاءة المهنية مصادق عليها من قبل الهياكل المعنية بالتدريب المهني أو الحرفي أو الفلاحي.

106- ولا تتضمّن الشهادة أي إشارة إلى الوضعية السجنية للمعني بالأمر تطبيقا ً لأحكام الفصل 39 من القانون المتعلق بنظام السجون. وبذلك فإن هذه الشهادة من شأنها أن تمكّن السجين من الانخراط في العمل وبالتالي اندماجه في المجتمع، و ذلك في نطاق برنامج تأهيل المساجين. ويقع تشغيل المساجين في المجال المهني أو الحرفي أو الفلاحي في حدود ساعات العمل المقرّرة قانونا ً .

107- وضمانا ً لحقوق السجين الواقع تشغيله فقد نصّ الفصل 19 فقرة 8 من القانون المتعلق بنظام السجون على تمتع السجين بالضمانات والحقوق المنصوص عليها بالقانون رقم 28 لسنة 1994 المؤرخ 21 شباط/فبراير 1994 والمتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية. ويقدّم الجدول التالي إحصائيات بشأن برنامج تدريب المساجين.

السنة

الدورة

عدد المنتفعين

تاريخ الدورة

2007

الأولى

68

كانون الثاني/يناير 2007

الثانية

47

نيسان/أبريل 2007

2008

الأولى

196

كانون الثاني/يناير 2008

الثانية

169

نيسان/أبريل 2008

2009

الأولى

220

كانون الثاني/يناير 2009

الثانية

161

نيسان/أبريل 2009

108- أما بالنسبة للأطفال الجانحين فقد تواصل العمل بنظام السداسيات ضمن التوزيع البيداغوجي العام بمراكز الإصلاح، كما تمّ أيضا ً التالي:

تمكين أطفال النظام شبه المفتوح من متابعة برامج التعليم المنجزة بالاشتراك مع هياكل وزارة التربية و ذلك بالاعتماد على الوسائل والأدوات البيداغوجية المنجزة للغرض من كتب قراءة وأدلّة منهجية ومعلّمين.

تمكين أطفال نظام الرعاية المركزة من متابعة برامج التعليم والتثقيف والترشيد الخصوصية.

الاحتفال بيوم العلم الذي يتم فيه توزيع جوائز للمتفوقين من الأطفال الجانحين على غرار سائر المؤسّسات التربوية.

109- كما تم تمكين الأطفال المودعين بمراكز الإصلاح من متابعة برامج التدريب المهني أو الفلاح ي في اختصاصات متنوعة والتنسيق مع هياكل وزارتي التربية والعلوم والتكوين والفلاحة والبيئة والموارد المائية قصد تمكينهم من إجراء الاختبارات وإسنادهم شهائد في ختم التكوين أو شهائد إثبات الكفاءة المهنية.

التشغيل

110- انطلاقا ً من أنّ كرامة الفرد هي أهم حقوق الإنسان، و حيث لا كرامة للمواطن بدون شغل يكسب من خلاله قوته، فقد توجّه اهتمام الإدارة العامة للسجون والإصلاح (مصلحة المعامل) للمساعدة على غرس مفهوم العمل الجدي والمنظم لدى أوسع فئة من المساجين المحكومين الراغبين في العمل، وتحفيزهم على الانخراط في مجالات التشغيل المتاحة لتعويدهم على الكسب الشريف.

توفير فرص عمل بورشات الإنتاج لحوالي 450 سجين يوميا ً .

تنويع مجالات التشغيل المتاحة وذلك بتركيز اختصاصات مهنية جديدة على غرار صناعة المرطبات (خلال سنة 1998 بسجن النساء بمنوبة)، وصناعة الأحذية (خلال سنة 2000 بالسجن المدني ببرج الرومي).

تجديد وتدعيم التجهيزات وذلك خاصة بغاية تدعيم جانب السلامة المهنية ولهذا الغرض تم خلال سنة 2004 صرف ما لا يقل عن 110 آلاف دينار، أي ما يعادل حوالي 95 ألف دولار أمريكي.

إتاحة الفرصة لتشغيل المساجين المحكومين بمقابل وذلك بهدف غرس قيمة العمل لديهم وإعدادهم للاندماج في سوق الشغل إثر المغادرة، وتقسّم المبالغ المتأتية من مستحقات العمل إلى قسطين: قسط يتصرّف فيه المعني داخل السجن، وقسط يصرف له عند سراحه أو لفائدة أسرته بطلب منه.

تشجيع الإبداع والابتكار لدى المشغلين عبر التعريف بمنتوجاتهم بالمعارض الجهوية والوطنية وبالمعرض القارّ للسجون والإصلاح.

التأهيل

111- إنّ البرنامج التّأهيلي للمساجين، الذي انطلق في تونس منذ سنة 1992، لتمكين السّجناء من اكتساب مهنة أو حرفة تساعدهم على تأمين مصدر رزق، هو اليوم مبعث ارتياح كبير. فقد برهنت نتا ئجه الإيجابية على أنّه يضمن حد ّاً أدنى لأوجه الكرامة، لمن زلّت بهم القدم في مهاوي الانحراف، وذلك من خلال تيسير إعادة اندماجهم في المجتمع، والتخفيض بالتالي من نسبة العود إلى عالم الجريمة.

112- ويشكّل هذا البرنامج مثالا ً بليغا ً ونموذجا ً متكاملا ً للدور الإصلاحي للمؤسسة السجنية وذلك للاعتبارات التالية:

يتلقى السجين المؤهل على امتداد ستة أشهر تكوينا ً في إحدى الاختصاصات المهنية أو الفلاحية أو الحرفية يشفع بإجراء اختبارات تحت إشراف فنيين تابعين لوزارات التكوين المهني و التشغيل والفلاحة يتوّج على إثرها السجين الناجح بشهادة كفاءة مهنية لا تتضمن أية إشارة إلى وضعيته السجنية.

يتلقى السجين المؤهّل على امتداد فترة تأهيله محاضرات في المجالات الاجتماعية و النفسانية والقانونية وفي مجال التصرف المالي والتربية الصحية وذلك بغاية ترشيده وتأهيله لما بعد المغادرة.

113- وفي نهاية دورة التأهيل يمنح للسجين عفوا ً تأهيليا ً يعود بمقتضاه إلى الحياة الحرة وهو متشبّع بما يقيه من مخاطر العود إلى الانحراف. ويقدم الجدول التالي إحصائيات في عدد المساجين المنتفعين بالعفو التأهيلي من سنة 2006 إلى غاية شهر أيلول/سبتمبر 2009.

السنة

عدد المنتفعين

2006

650

2007

688

2008

833

2009

1009

التنشيط الثقافي والرياضي

114- تهدف برامج التنشيط الثقافي والرياضي إلى ملء أوقات فراغ السجين والطفل الجانح بأنشطة ترفيهية هادفة تخفّف من وطأة الإيداع وتتيح له فرصة للتعبير عن ذاته وذلك بتمكينه من اختيار أنشطة تتناسب وميولاته فقد نصّ الفصل 19 من القانون المتعلق بنظام السجون على حق السجين في تعاطي الأنشطة الفكرية والرياضية طبق الإمكانيات المتاحة. وتتوفّر في هذا المجال العديد من نوادي الاختصاص كنوادي الفنون التشكيلية والبراعات اليدوية والموسيقى إضافة إلى تجربة العمل المسرحي في بعض السجون.

115- وتوجد في جميع السجون إذاعات داخلية تبثّ برامج مختارة و تنشّط الحياة اليومية للمودعين بالإضافة إلى تعميم أجهزة التلفزة على جميع الغرف السجنية وقد تم ربط غرف الإقامة في عديد السجون بشبكة "فيديو". كما يتم القيام بالأنشطة التالية:

تنظيم تظاهرات ثقافية احتفالا ً بالمناسبات الوطنية والعالمية .

تقديم عروض مسرحية.

تنظيم معارض لإبداعات المساجين .

التعريف بمنتوجات نوادي الاختصاص عبر المعارض الجهوية والوطنية والمعرض القار للسجون والإصلاح.

تمكين المساجين من تعاطي أنشطة رياضية متنوّعة داخل الفضاءات الرياضية.

برمجة دورات رياضية داخلية أو بين السجون المجاورة.

الإجراءات الإدارية

116- تم خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير اتخاذ عديد الإجراءات الإدارية التي ترمي إلى مزيد إحكام عمل المؤسسات العقابية وإداراتها على وجه الخصوص، وتفعيل دور أجهزة الرقابة الإدارية تصديا ً لكل انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان. ومن بين أبرز الإجراءات التي تم اتخاذها نذكر خاصة:

إحالة المؤسسات العقابية وإداراتها لوزارة العدل

117- يُمثّل قرار إحالة المؤسسات العقابيّة وإداراتها من وزارة الدّاخلية إلى وزارة العدل حدثا ً بارزا ً في منظومة العدالة الجزائية بتونس إذ هو ينقل المؤسسات العقابية من سجون ومراكز إصلاح وسائر الإدارات التابعة لتلك المؤسسات من إشراف وزير الداخلية إلى إشراف وزير العدل ويجعلها تابعة كلّها لوزارة العدل وضمن تنظيمها الهيكلي. ومن بين المعاني الرئيسية لهذه الإحالة هو لا فقط إخراج تلك المؤسسات والإدارات من مجال معروف بطبيعته الأمنية إلى مجال عدلي، وإنّما بالخصوص دعم الولاية القضائية على مرحلة تنفيذ العقوبات وتأكيد مبادئ الشرعية وسيادة القانون باعتبار أنّه قبل اتخاذ قرار الإحالة لم يكن للقضاء دور يذكر على مستوى تنفيذ العقوبات إذ أن مجلّة الإجراءات الجزائية قصرت أحكامها على الحديث عن إشراف النيابة العمومية على تنفيذ الأحكام الجزائية من توجيه مضامين الأحكام ومضامين بطاقات الإيداع إلى المؤسسات المختصّة وتسليم نسخ الأحكام إلى أصحابها إلى غير ذلك من الأعمال التي لا تتصل مباشرة بتنفيذ العقوبات في حدّ ذاتها بل بتنفيذ الأحكام التي تصدرها المحاكم بالمفهوم الضيّق.

إلحاق قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل وإحداث خطة منسّق عام لحقوق الإنسان

118- في إطار الحرص الدائم على حماية حقوق الإنسان وتثبيت مبادئها في النص والتطبيق، تمّ سنة 2002 دمج حقوق الإنسان بوزارة العدل مع تعيين منسق عام لحقوق الإنسان بها. وقد جاء هذا القرار ليجسّم التوجّهات الإستراتيجية لسياسة الدولة في مجال حقوق الإنسان وربطها بدولة القانون وجهاز العدالة، تماشيا ً مع الخيارات الكبرى لمسار التنمية الشاملة ومع المبادئ التي كرّسها الإصلاح الدستوري لسنة 2002.

119- وتسمح خطة المنسق العام لحقوق الإنسان بإقامة علاقة مباشرة ببقية مصالح وزارة العدل وحقوق الإنسان في خصوص كل ما يتّصل بحقوق الإنسان، وخاصّة الإدارة العامّة للسجون والإصلاح، كما تسمح بالتعاون والتنسيق مع الهياكل المعنية بحقوق الإنسان بالوزارات الأخرى، وخاصّة مع وحدتي حقوق الإنسان بوزارتي الداخلية والتنمية المحلّية من جهة، والشؤون الخارجية من جهة أخرى، لغرض تعزيز حماية هذه الحقوق وتطويرها. وتشكّل هذه الشبكة الرسمية لحماية حقوق الإنسان وتطويرها جهازا ً ناجعا ً لرصد ما قد يحصل من تجاوزات، وللتدخّل السريع كلّما اقتضى الحال والقانون ذلك، مع التركيز على أهمية التوعية والوقاية.

تفعيل دور أجهزة الرقابة الإدارية

120- شمل تفعيل دور أجهزة الحماية والرقابة الإدارية بالخصوص التركيز على دور مكاتب العلاقات مع المواطن وعلى وجوبية حياد لجنة التأديب التي أحدثها القانون المنظم للسجون.

دور مكاتب العلاقات مع المواطن في تلقي عرائض المواطنين

121- تتولى مكاتب العلاقات مع المواطن بكل من وزارة العدل وحقوق الإنسان والإدارة العامة للسجون والإصلاح تلقي عرائض المواطنين وإحالتها حسب مجالات الاختصاص إلى مختلف الإدارات والمصالح التابعة للوزارة وكذلك إلى مختلف مصالح الإدارة العامة للسجون لدراستها وإعداد الردود في شأنها ومتابعتها.

وجوبية حياد لجنة التأديب

122- إثر قيام رئيس خلية حقوق الإنسان بزيارة إلى إحدى الوحدات السجنية لفتت انتباهه وضعية سجين تعرض لعقاب تأديبي وبالتحري معه تفطن إلى أن إجراءات المؤاخذة التأديبية لم يقع احترامها وخاصة مبدأ الحياد حيث تم تَرؤُس اللجنة من طرف أحد إطارات الوحدة الذي كان طرفا ً في الخلاف مع السجين المعني إضافة إلى أنه لم يقع أخذ رأي طبيب الوحدة قبل اتخاذ قرار الإيداع بعشرة أيام. وبعد رفع تقرير في الموضوع إلى وزير العدل وحقوق الإنسان أصدر هذا الأخير منشورا ً بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 حول الضمانات الواجب توفّرها للسجين عند توقيع عقوبة الإيداع بالغرفة الانفرادية عليه وذلك في نطاق الحرص على تنفيذ مقتضيات القانون المنظم للسجون في أحسن الظروف وبأكثر نجاعة باتجاه ضمان حقوق المساجين وكرامتهم خاصة في صورة تعرّضهم لإجراء تأديبي. وقد أكّد هذا المنشور خاصة على وجوب احترام الإجراءات والضمانات القانونية المتعلقة بتسليط عقوبة الإيداع بالغرفة الانفرادية على المساجين المخالفين وذلك لاحترام تركيبة لجنة التأديب وحيادها ووجوب أخذ رأي طبيب السجن كتابة قبل تقريرها ووجوب مراقبة الوضعية الصحية للسجين المستهدف لهذه العقوبة بصفة دورية من طرف طبيب السجن مع وجوب أخذ لجنة التأديب بالاعتبار خطورة الأفعال المرتكبة عند تحديد مدة عقوبة الإيداع بالغرفة الانفرادية.

الإجراءات القضائية

123- من أبرز الإجراءات القضائية التي تم إقرارها خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير والموفرة لضمانات قانونية للمتقاضين بمن فيهم من يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة: إرساء نظام التقاضي على درجتين في المادة الجنائية، وإرساء مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات ودعم صلاحياتها.

إرساء نظام التقاضي على درجتين في المادة الجنائية

124- تم بموجب القانون رقم 43 لسنة 2000 المؤرخ 17 نيسان/أبريل 2000 إرساء نظام التقاضي على درجتين في المادة الجنائية لأول مرة في تاريخ القضاء التونسي إذ قبل ذلك التاريخ كانت أحكام الدوائر الجنائية التي كانت تنتصب بمقرات محاكم الاستئناف لا تقبل الطعن بالاستئناف بوصفه درجة ثانية من درجات التقاضي وإنما كانت قابلة للطعن فقط بالتعقيب.

125- وينسجم هذا القرار مع المعايير الدولية التي تؤكد على ضرورة ضمان حق المتقاضين بتخويلهم حق الطعن والتقاضي على درجتين في المادة الجنائية، فلقد جاء بالفقرة الخامسة من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أنه "لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء وفقا ً للقانون إلى محكمة أعلى بحيث تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه." كما أكدت الفقرة 2 (ب)‘5‘ من المادة 40 من اتفاقية حقوق الطفل على مبدأ حق الطفل الجانح الذي أدين بجريمة في عرض قضيته على درجتين.

126- وانسجاما ً مع ما قررته العهود والمواثيق الدولية، قام المشرع التونسي بتعديل موقفه السابق وأقر بموجب القانون المذكور إرساء نظام التقاضي على درجتين في المادة الجنائية معدّلا ً بذلك بعض الفصول من مجلة الإجراءات الجزائية، كما أقرّ نفس النظام في القضاء الخاص بالأطفال وذلك بموجب القانون رقم53 لسنة 2000 المؤرخ 22 أيار/مايو 2000.

127- ويقوم نظام التقاضي على درجتين في المادة الجنائية بالنسبة للكهول على نظر المحاكم الابتدائية بتشكيلة خماسية في القضايا الجنائية المحالة عليها من دائرة الاتهام وعلى إمكانية الطعن بالاستئناف في أحكام تلك المحاكم لدى محاكم الاستئناف بتشكيلة خماسية تتركب من قضاة من رتب أعلى، مع الإبقاء على مبدأ الطعن بالتعقيب في أحكام محاكم الاستئناف التي تنتصب للنظر في المادة الجنائية.

إرساء مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات ودعم صلاحياتها

128- في إطار تعزيز ثوابت السياسة الجزائيّة في تونس القائمة على تكريس حقوق الإنسان في مختلف أبعادها، ومن ضمنها أنسنة نظام العقوبات والحرص على إعادة إدماج المحكوم عليهم في حضيرة المجتمع وحماية الذات البشريّة للسجين وصيانة كرامته، بادرت الدولة التونسية بإحداث خطّة قاضي تنفيذ العقوبات وحرصت على دعم صلاحياته بما يسمح له بالاضطلاع بمهامه الرقابية في ميدان تنفيذ العقوبة على الوجه الأكمل.

129- ولقد أحدثت خطّة قاضي تنفيذ العقوبات بمقتضى القانون رقم 77 لسنة 2000 المؤرخ 31 تموز/يوليه 2000 المتعلّق بتنقيح وإتمام بعض الفصول من مجلة الإجراءات الجزائيّة، حيث اقتضى الفصل 2 منه أن "يعوّض عنوان الباب الأوّل من الكتاب الخامس من مجلة الإجراءات الجزائيّة بما يلي: " في تنفيذ الأحكام الجزائيّة وقاضي تنفيذ العقوبات". ولقد تعزّزت خطّة قاضي تنفيذ العقوبات بمقتضى قانون 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002 المتعلّق بتنقيح وإتمام مجلة الإجراءات الجزائية لتدعيم صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات.

130- واقتضى إرساء هذه المؤسّسة اعتماد ترتيبات إجرائيّة تتعلّق بتحديد الاختصاص الترابي لقاضي تنفيذ العقوبات وضبط مهامه، ولذلك أسند المشرّع لقاضي تنفيذ العقوبات مهمّة الإشراف على قضاء العقوبات السالبة للحريّة المقضّاة بالمؤسسات السجنيّة الكائنة بمرجع النظر الترابي للمحكمة الراجع لها النظر. كما أسند إلى قاضي تنفيذ العقوبات صلاحيّات تقديم اقتراحات بشأن تمتيع بعض المساجين بالسراح الشرطي وفق الشروط القانونيّة. والهدف من وراء ذلك تنويع الجهات المخوّل لها الاقتراح بما من شأنه أن يدعّم حقوق المساجين ويوسّعها. فقد نصّ الفصل 342 مكرّر من مجلة الإجراءات الجزائية على أن "يتولّى قاضي تنفيذ العقوبات مراقبة ظروف تنفيذ العقوبات السالبة للحرية المقضاة بالمؤسسات السجنيّة الكائنة بمرجع النظر الترابي للمحكمة الراجع لها بالنظر". ولضمان متابعة تنفيذ العقوبة في أحسن الظروف، أقرّ المشرّع لقاضي تنفيذ العقوبات حقّ زيارة المؤسّسة السجنيّة وإمكانيّة مقابلة المساجين والإطّلاع على الدفتر الخاص بتأديبهم.

131- كما تم بموجب هذا التنقيح تمتيع قاضي تنفيذ العقوبات بحق منح السراح الشرطي بالنسبة للجنح المحكوم فيها بمدّة لا تفوق الثمانية أشهر وهي مهام هامة يتقاسمها مع وزير العدل ولا يخفى على أحد ما لدور هذا القاضي داخل السجون من أهميّة وإيجابيات على ظروف المودعين. ويقدم الجدول التالي إحصائيات حول المساجين المنتفعين بالسراح الشرطي من طرف قضاة تنفيذ العقوبات من سنة 2002 إلى أ يلول/سبتمبر 2009.

السنة

عدد المنتفعين

2002

3

2003

616

2004

459 4

2005

593 5

2006

654 6

2007

717 7

2008

877 8

2009

7656

132- وقد تمّ توسيع صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات وأوكل له دور هام في ميدان تنفيذ العقوبة البديلة للسجن والمتمثلة في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامّة. وينصّ الفصل 336 من مجلة الإجراءات الجزائية منذ تنقيحه بمقتضى قانون 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002 على أن "يتتبّع تنفيذ الحكم ممثّل النيابة العمومية والخصوم كلّ فيما يخصّه".

133- ويتولّى قاضي تنفيذ العقوبات، التابع له مقرّ إقامة المحكوم عليه أو التابع للمحكمة الابتدائية الصادر بدائرتها الحكم إذا لم يكن للمحكوم عليه مقرّ إقامة بالبلاد التونسية، متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامّة بمساعدة مصالح السجون". كما يتولّى قاضي تنفيذ العقوبات القيام بالأعمال الإجرائية والأصلية التالية:

عرض المحكوم عليه على الفحص الطبّي وفق أحكام الفصل 18 مكرّر من المجلة الجنائية.

تحديد المؤسّسة التي سيتمّ بها تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامّة اعتمادا ً على القائمة المعدّة تطبيقا ً لأحكام الفصل 17 من المجلة الجنائية والتحقّق من توفير الحماية الكافية بها ضدّ حوادث الشغل والتغطية الصحّية في حالة الإصابة بمرض مهني.

إعلام المحكوم عليه بمقتضيات الفصلين 336 مكرّر و344 من هذه المجلة.

تحديد العمل الذي سيقوم به المحكوم عليه وجدول أوقاته ومدّته وعرض ذلك على موافقة وكيل الجمهورية.

134- ويتولّى قاضي تنفيذ العقوبات كذلك متابعة تنفيذ المحكوم عليه لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامّة لدى المؤسّسة المعنيّة ويقع إعلامه كتابيا ً بكلّ ما يطرأ أثناء قضاء العقوبة، كما يحرّر تقريرا ً في مآل التنفيذ يحيله على وكيل الجمهورية. ويمكن له عند الضرورة تعديل التدابير المتّخذة وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 336 من هذه المجلة بعد موافقة وكيل الجمهورية.

عدم جواز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا ً كانت كمبرّر للتعذيب

135- انسجاما ً مع ما أقرته الفقرة الثانية من المادة 2 من الاتفاقية التي تنص على أنه "لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا ً كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا ً بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب"، فإنه لا يوجد أي نص تشريعي في تونس يجيز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا ً كانت كمبرر للتعذيب. والجدير بالتذكير أن الجمهورية التونسية لم تعرف في تاريخها منذ الاستقلال سنة 1956 اتخاذ تدابير استثنائية تطبيقا ً لأحكام الفصل 46 من الدستور إلا في مناسبتين الأولى سنة 1978 والثانية سنة 1984 حيث تم إعلان حالة الطوارئ.

عدم جواز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة كمبرر للتعذيب

136- انسجاما ً أيضا ً مع ما نصت عليه الفقرة 3 من المادة 2 من الاتفاقية من أنه " لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب "، فإن المجلة الجزائية التونسية تقر بالفصل 41 وبصفة صريحة أن " طاعة المجرم بسبب شدة تعظيمه لمن يأمره بارتكاب جريمة لا تنجر له منها صفة الجبر"، وهذا يعني أنه لا مجال للتذرع بالإكراه الأدب ي والخشية من الرئيس المباشر للت ق صّي من المسؤولية في صورة ما إذا أمر الرئيس مرؤوسه بارتكاب أي عمل يحظره القانون.

المادة 3

137- لا تجيز الدولة التونسية طرد أيّ شخص أجنبي أو إعادته أو تسليمه إلى دولة أخرى، سيّما إذا علمت بخطورة التسليم أو توافرت لديها أسباب تجعلها تعتقد بأنه سيكون مهدّدا ً بالتعرّض للتعذيب، خاصّة إذا ثبت لديها أنّ الدولة المعنية فيها من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان ما يهدّده بالخطر. وتبرز هذه المبادئ بالنسبة إلى المواطنين التونسيين وبالنسبة إلى الأجانب:

بالنسبة إلى المواطنين التونسيين

138- لا تجيز الدولة التونسية طرد أيّ تونسي، ولو كان حاملا ً لجنسية أخرى، من بلده أو منعه من العودة إليها. وفي هذا السياق، فإن الفصل 11 من الدستور التونسي يحجّر تغريب المواطن عن تراب الوطن أو منعه إلى العودة إليه، كما أنّ الفصل 312 من مجلة الإجراءات الجزائية يمنع تسليم المواطن التونسي مهما كانت أسباب طلب التسليم.

139- هذا وقد تمّ حذف عقوبة النفي حذفا ً تامّا ً بمقتضى القانون رقم 45 لسنة 2005 المؤرخ 6 حزيران/يونيه 2005 المتعلق بتنقيح وإتمام بعض الأحكام من المجلة الجزائية. فبعد أن ألغيت عقوبة النفي من قائمة العقوبات الأصلية الواردة بالفصل 5 من المجلة الجزائية بموجب قانون 2 تموز/يوليه 1964، بقيت توجد لا محالة إشارة إلى هذه العقوبة في مواضع أخرى من المجلة المذكورة. ولذلك، تدخّل المشرّع وحذف عقوبة النفي الواردة بالفصول 68 و70 و71 من المجلة الجزائية لمزيد تكريس مبدأ حماية الفرد وتحقيق كرامته.

بالنسبة إلى الأجانب

140- نظّم القانون رقم 7 لسنة 1968 المؤرخ 8 آذار/مارس 1968 حالة الأجانب بالبلاد التونسية، وأقر شروط وإجراءات الإقامة المؤقتة والإقامة العادية للأجانب، ولم يجز طرد الأجنبي إلاّ في حالة واحدة وهي عندما يصبح وجوده بالبلاد التونسية يشكل خطرا ً على الأمن العام حسب صريح الفصل 18 من القانون المذكور. ففي هذه الحالة فقط يمكن لوزير الداخلية أن يتخذ ضده قرار طرد.

141- ويمكن في هذه الحالة للأجنبي أن يطعن في قرار وزير الداخلية أمام القضاء الإداري، ويمكن له إن كان يخشى من تعرضه لخطر التعرض للتعذيب في الدولة التي ستتسلمه أن يتمسك لدى القضاء الإداري بهذا الدفع وتتولى المحكمة الإدارية في هذه الصورة، لتحديد ما إذا كانت الأسباب التي تمسك بها الطاعن متوافرة، مراعاة جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية.

142- ومن جهة أخرى، فقد وضع الدستور التونسي في فصله السابع عشر مبدأ تحجير تسليم اللاجئين السياسيين. وفيما عدا وضعية اللاجئين السياسيين، نظّمت مجلة الإجراءات الجزائية مسألة تسليم المجرمين الأجانب صلب بابها الثامن الذي ورد ضمن الكتاب الرابع المتعلق بالإجراءات الخاصة (الفصل 308 إلى الفصل 335).

143- وقد اقتضى الفصل 308 أن شروط تسليم المجرمين وإجراءاته وآثاره تخضع لأحكام الباب الثامن من المجلة ما لم تتضمّن المعاهدات الدولية أحكاما ً مخالفة لها. ومن الواضح أنّ هذا الاستثناء يمليه مبدأ علوية القانون الدولي بعد المصادقة عليه وفقا ً للإجراءات الدستورية على القانون الداخلي. فقد أبرمت تونس اتفاقيات ثنائية للتعاون القضائي مع عدة بلدان كما أبرمت اتفاقيات دولية تعرضت إلى مسألة تسليم المجرمين مثل اتفاقية مناهضة التعذيب، وهي اتفاقيات تحظى بأولوية التطبيق على أحكام مجلة الإجراءات الجزائية على معنى الفصل 32 من الدستور التونسي الذي يقتضي أن تكون الاتفاقيات المصادق عليها بصفة قانونيّة أقوى نفوذا ً من التشريعات الوطنية.

144- وبالتالي وعملا ً بما ذكر فإن البلاد التونسيّة متعهّدة بعدم تسليم أو طرد أو إعادة أي شخص إلى بلد، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب. ويتجه في هذا المجال التذكير بأن السلطة المختصة في تونس للنظر في مطالب التسليم هي السلطة القضائية وبالتحديد دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بتونس العاصمة وهي تركيبة جماعية تتكون من قاض رئيس وقاضيين مستشارين وأن القرارات التي تصدر عنها تخضع لجميع إجراءات المحاكمة العادلة وتصدر بعد دراسة وضعية المطلوب تسليمه من جميع النواحي القانونية والفعلية وبالتالي إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب فهي ستقرر رفض المطلب مع العلم وأن هذا القرار ملزم للسلطة التنفيذية التي لا يمكنها معه منح التسليم وهو ما نص عليه الفصل 323 من مجلة الإجراءات الجزائية والذي جاء فيه "في غير الصورة المنصوص عليها بالفصل المتقدم فإن دائرة الاتهام تبدي في مطلب التسليم رأيا ً معللا ً غير قابل للطعن. وإذا ظهر لدائرة الاتهام أن شروط التسليم القانونية غير متوفرة أو أن هناك غلطا ً واضحا ً فإنها تبدي رأيها برفض التسليم. وهذا الرأي نهائي ولا يمكن معه منح التسليم". وتجدر الإشارة إلى أنه خلال الفترة التي يغطيها التقرير لم تسجل أي حالة تسليم مخالفة للاتفاقية.

المادة 4

145- تضمن الدولة التونسية تجريم جميع أعمال التعذيب وسوء المعاملة بموجب قانونها الجزائي، وكذلك أيّ محاولة لممارسة التعذيب وأيّ عمل آخر يشكّل تواطؤا أو مشاركة في التعذيب. كما أنّها تجعل جميع أعمال التعذيب وسوء المعاملة جرائم يعاقب عليها بعقوبات تتماشى وخطورة هذه النوعيّة من الأفعال.

تجريم جميع أعمال التعذيب وكافة أشكال سوء المعاملة على مستوى النصوص

146- وفي إطار مواصلة الجهود الرامية إلى دعم الآليات والأجهزة والهياكل المتعلّقة بحقوق الإنسان، أوضحت الدولة التونسية في تقريرها السابق المرفوع إلى اللجنة أنّ المجلة الجزائية خصّصت عدّة فصول لمسألة التجاوزات التي يرتكبها الموظفون العموميون من ذلك أنّ:

147- ويجرّم الفصل 101 استعمال العنف ويعاقب بالسجن مدة خمس سنوات وبخطية كل موظف عمومي أو شبهه يرتكب بدون موجب جريمة التعدي بالعنف على الأشخاص حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها. وقد ورد هذا الفصل في القسم المتعلق ب‍ " تجاوز حد السلطة" مما يعني أنّه لا ينطبق إلا على الموظفين المكلفين قانونا ً بمهمة المحافظة على الأمن العام أو بتطبيق القوانين والتراتيب أو بتنفيذ القرارات الحكومية أو القضائية.

148- ويكون عرضة إلى نفس العقاب الموظف العمومي الذي يعتدي على حرية غيره الذاتية أو يباشر ما فيه عنف أو سوء معاملة ضد متهم أو شاهد أو خبير للحصول منهم على إقرار أو تصريح (الفصل 103، فقرة أولى). كما أنّ التهديد بالعنف أو بسوء المعاملة الصادر عن موظف يعاقب عليه بالسجن مدة ستة أشهر (الفصل 103، فقرة ثانية).

149- والموظف العمومي أو شبهه الذي يكون باستعمال العنف أو سوء المعاملة قد استخدم أشخاصا ً في أشغال غير التي فيها مصلحة عامة أمرت بها الدولة يعاقب بالسجن مدة عامين. والموظف الذي تثبت إدانته من أجل التعدّي على الحرية الفردية أو من أجل الاعتداء بالعنف أو من أجل التعذيب يمكن حرمانه من بعض الحقوق كالحق في مباشرة الوظيفة العمومية أو في ممارسة بعض المهن أو في الاقتراع أو في حمل السلاح أو الحق في حمل الأوسمة الرسمية.

150- وتجدر الإشارة في هذا الصّدد إلى أنّ القانون الجزائي التونسي قد تبنّى مفهوما ً موسّعا ً لصفة الموظف العمومي. فقد عرّف الفصل 82 من المجلة الجزائية حسب تنقيحه بموجب القانون رقم 33 لسنة 1998 بتاريخ 23 أيار/مايو 1998 الموظف العمومي بكونه كل "شخص تعهد إليه صلاحيات السلطة العمومية أو يعمل لدى مصلحة من مصالح الدولة أو جماعة محلية أو ديوان أو مؤسسة عمومية أو منشأة عمومية أو غيرها من الذوات التي تساهم في تسيير مرفق عمومي.

151- ويشبه بالموظف العمومي كل من له صفة المأمور العمومي ومن انتخب لنيابة مصلحة عمومية أو من تعينه العدالة للقيام بمأمورية قضائية. وهكذا، فإنّ صفة الموظف العمومي تؤثّر سلبا ً وفي اتجاه التشديد في العقاب المستوجب في حالة الاعتداء بالعنف أو سوء المعاملة، وذلك بأن جعلها المشرع صراحة ظرف تشديد في العقاب. ويجب على القاضي أن يأخذ ذلك أيضا ً بعين الاعتبار عند تقديره للعقاب.

152- إنّ العقوبات المستوجبة هي إذن عقوبات شديدة في حالة الاعتداء بالعنف أو سوء المعاملة من أعوان الدولة على أحد الأفراد في إطار أعمال بحث أو غيره، وكذلك بصفة عامة في حالة فقد الشخص حريته بسبب تجاوزات أو معاملات غير عادية من أولائك الأعوان. وقد جرّمت المجلة الجزائية، في هذا الشأن، كل اعتداء بالعنف مهما كان شكله، مباشرا ً أو غير مباشر، جسديا ً أو معنويا ً .

153- ويكون الموظف العمومي معرّضا ً إلى عقوبات على درجة كبيرة من الشدة إذا أسفرت الأفعال التي ارتكبها عن نتائج خطيرة بالنسبة إلى الفرد المعتدى عليه. فالموظف العمومي الذي يرتكب التعذيب يكون دائما ً عرضة إلى أشد العقاب، ذلك أنّ الفصل 237 من المجلة الجزائية (كما وقع تنقيحه سنة 1989) ينص على أنّه إذا ما نتج عن الاختطاف أو عن تحويل الوجهة سقوط بدني أو مرض، فإنّ العقاب المستوجب يكون السجن مدى الحياة. وكذلك الشأن بالنسبة إلى جريمة إيقاف أو سجن أو حجز شخص دون إذن قانوني إذا ما نتج عن تلك الأفعال عجز بدني أو مرض (الفصل 251 من المجلة الجزائية). ويكون العقاب متراوحا ً بين 10 و20 سنة سجنا ً إذا ما نتج العجز البدني أو المرض عن الاستيلاء على وسيلة نقل برية أو بحرية أو جوية (الفصل 306 مكرر).

154- كما أنّه في حالة الاعتداء المتعمّد بالعنف من عون على أحد الأفراد، فإنّ المجلة الجزائية تفرّق بحسب خطورة الضرر الحاصل للمعتدى عليه بين حالتين:

إذا لم ينجر عن الاعتداء بالعنف تأثير معتبر ودائم على صحة المتضرّر، فإنّ العقاب يكون بالسجن مدة 15 يوما ً مع خطية (الفصل 319).

إذا ما انجر عن الاعتداء بالعنف تأثير معتبر على صحة المتضرّر، مثل إحداث جروح أو ممارسة الضرب بجميع أنواعه، فإنّ العقاب يكون بالسجن لمدّة عام مع الخطية (الفصل 218 وما بعده). وفي صورة تعمّد إضمار الفعل العنيف، يكون العقاب بثلاثة أعوام سجنا ً . وإذا تسبّب العنف في قطع عضو من البدن أو جزء منه أو انعدام النفع به أو تشويه بالوجه أو سقوط أو عجز مستمر لا تتجاوز نسبته 20 في المائة، فإنّ العقاب يصبح بالسجن لمدّة خمسة أعوام. أمّا إذا ما تجاوزت نسبة العجز 20 في المائة، فيرتفع العقاب إلى السجن مدّة ستة أعوام.

155- ويعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وخمس سنوات وبخطية كل شخص يهدّد غيره باعتداء يوجب عقابا ً جنائيا ً ، وذلك مهما كانت صفة القائم بالتهديد والطريقة المستعملة في التهديد. ويكون العقاب مضاعفا ً إذا كان التهديد مصحوبا ً بأمر أو متوقّفا ً على شرط، ولو كان التهديد بالقول فقط (الفصل 222 من المجلة الجزائية طبق ما وقع تنقيحه سنة 1977). كما أنّ من يهدّد غيره بسلاح ولو بدون قصد استعماله يعاقب بالسجن مدّة عام وبخطية، ولو كانت له صفة رسمية.

زجر جميع أعمال التعذيب وسوء المعاملة على مستوى فقه القضاء

156- أتيح لفقه القضاء التونسي خلال السنوات التي يغطيها التقرير النظر في عدد من قضايا سوء المعاملة وتجاوز السلطة، ولم تتردد السلطة القضائية في تتبع مرتكبي هذه الجرائم وتسليط العقاب الرادع عليهم، ومن بين الأمثلة على ذلك:

157- القرار رقم 1120 الذي أصدرته محكمة الاستئناف بتونس بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير 2002 الذي أدانت فيه ثلاثة أعوان سجون بأربع سنوات سجنا ً لتورطهم في إساءة معاملة أحد السجناء انجر عنه عجز دائم تجاوزت نسبته 20 بالمائة وذلك تطبيقا ً للفصلين 218 و219 من المجلة الجنائية.

158- وقد تمثلت أبرز وقائع هذه القضية في أن شخصا ً يدعى م . ع . م . أودع سجن تونس يوم 24 آذار/مارس 2000 إثر خلاف بينه و بين الحراس نتيجة رفضه تناول الطعام الموزّع بالسجن تولّوا ربط يديه إلى الخلف وتكبيله على مستوى رجليه بواسطة سلاسل طيلة أربعة أيام متتالية أخضعوه بمناسبتها إلى السجن المضيق و باشروا الاعتداء عليه بالعنف حتى صار غير قادر على الوقوف مما استوجب نقله يوم 2 أيار/مايو 2000 إلى مركز التمريض بالسجن ومنه إلى مستشفى الرابطة فمستشفى شارل نيكول حيث تمّ إخضاعه يوم 11 أيار/مايو إلى عملية جراحية وقع بمناسبتها بتر رجليه.

159- وعلى ضوء تلك الأبحاث الأولية، قرّر وكيل الجمهورية فتح بحث تحقيقي ضدّ كلّ من عسى أن يكشف عنه البحث من أجل تجاوز حد السلطة و المشاركة في ذلك على معنى الفصلين 32 و101 من القانون الجنائي والاعتداء بالعنف الشديد الواقع من موظف عمومي على متّهم باستعمال خصائص الوظيف نتج عنه قطع عضو والمشاركة في ذلك على معنى الفصول 32 و114 و218 و219 من القانون الجنائي. وقد ألزمت المحكمة في نفس الحكم الدولة بأن تدفع للمتضرر مبلغ 307 آلاف دينار بعنوان تعويض أي ما يعادل 220 ألف أورو.

160- القرار رقم 788 الذي أصدرته محكمة الاستئناف بتونس بتاريخ 2 نيسان/ أبريل 2002 والذي أدانت فيه عون شرطة بالسجن مدة 15 سنة لتسببه في ضرب وجرح أحد الأشخاص نتج عنه الموت دون قصد وذلك تطبيقا ً للفصل 208 من المجلة الجنائية.

161- وقد تمثلت أبرز وقائع هذه القضية في أن ش ع كان يوم 8 آب/أغسطس 2000 يقود دراجة نارية فأشار إليه عون أمن مكلّف بمراقبة حركة المرور بالتوقف فلم يمتثل لذلك ولاذ بالفرار فلاحقه على متن دراجته النارية وتعمّد الاصطدام به من خلف لإيقافه فسقط أرضا ً ، ثم قام بتعنيفه وأصيب من جراء ذلك بأضرار بدنية استوجبت نقله إلى المستشفى أين فارق الحياة.

162- القرار رقم 1546 الذي أصدرته محكمة الاستئناف بتونس بتاريخ 3 نيسان/ أبريل 2002 والذي أدانت فيه عون حرس وطني بالسجن 16 شهرا ً لتعديه بالعنف على أحد الأشخاص مما سبّب له عجزا ً دائما ً تجاوزت نسبته 20 بالمائة وذلك تطبيقا ً للفصلين 218 و219 من المجلة الجنائية. وألزمت في نفس الوقت الدولة بأن تدفع للمتضرر مبلغ 18 ألف دينار بعنوان تعويض.

163- وقد تمثلت أبرز وقائع القضية في أن م ع كان بتاريخ 21 تموز/يوليه 2000 ممتطيا ً لدراجته النارية و اثر مشاهدته لسيارة أعوان أمن لاذ بالفرار نظرا ً إلى أنه لم يكن يحمل الخوذة فلاحقته تلك السيارة عبر عدّة أنهج إلى أن تمكنت منه فسقط أرضا ً وعمد عون أمن إلى الاعتداء عليه بالعنف بواسطة عصى على مستوى جبينه وعينه اليمنى محدثا ً له جرحا ً عميقا ً وأضرارا ً بعينه استوجبت إجراء عملية جراحية عليه بمستشفى الهادي الرايس لأمراض العيون وفقد المتضرر الرؤية كليا ً بعينه اليمنى مما خلف له سقوطا ً قدرت نسبته ب‍ 30 بالمائة.

164- القرار رقم 2645 الذي أصدرته محكمة الاستئناف بتونس بتاريخ 12 آذار/ مارس 2005 الذي أدانت فيه ثلاثة أعوان شرطة بأحكام تتراوح بين سنة و18 شهرا ً سجنا ً لأعمال العنف المرتكبة من قبل موظف عمومي حال مباشرته الوظيف وذلك تطبيقا ً للفصل 101 من المجلة الجنائية.

165- وقد تمثلت أبرز وقائع هذه القضية في أن ع ه، وهو شخص من ذوي السوابق العدلية، كان بتاريخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 محل مطاردة من طرف عدد من أعوان الأمن وتحصّن داخل إحدى غرف منزله فالتحق به عدد من الأعوان واعتدوا عليه بواسطة العصي وقاموا بإخراجه من المنزل واعتدوا عليه بالضرب المبرح ممّا أدى إلى وفاته. وتمت إحالة الأعوان الذين ارتكبوا تلك الأفعال على القضاء وأدينوا على النحو السالف ذكره.

166- القرار رقم 10372 الذي أصدرته محكمة الاستئناف بتونس بتاريخ 2 ش ب اط/ فبراير 2007 الذي أدانت فيه رئيس مركز شرطة بخطية قدرها 500 دينار للعنف المرتكب من قبل موظف عمومي حال مباشرته الوظيف وذلك تطبيقا ً للفصل 101 من المجلة الجنائية.

167- وتمثلت أبرز وقائع هذه القضية في تعرض ب . ل . بتاريخ 23 آذار/مارس 2006 للاعتداء بالعنف الشديد من قبل رئيس مركز الأمن بالوردية بعد أن أوقف صحبة عدد من الشبان مما تسبب في كسر يده.

168- القرار رقم 12494 الذي أصدرته محكمة الاستئناف بتونس بتاريخ 3 آذار/ مارس 2009 الذي أدانت فيه أربعة أعوان أمن من أجل سوء معاملة شخص محتفظ به مما نتج عنه وفاته، وقد تم الحكم على عونين بالسجن مدة عشرين عاما ً من أجل الضرب والجرح الناتج عنه الموت دون قصد القتل، أما العونان الآخران فقد حكم عليهما بالسجن لمدة خمسة عشر عاما ً وعشرة أعوام من أجل المشاركة في الأفعال المذكورة.

169- وتمثلت وقائع هذه القضية في حصول خلاف بين م س وبين أعوان أمن سليمان لرفضه خلاص المشروبات التي تناوله بنزل "مي دي سي" فتولوا رشه بالغاز وتعنيفه ثم قاموا بتقييده ووضعه بالسيارة مما أدى إلى وفاته.

170- القرار رقم 1579 الذي أصدرته محكمة الاستئناف بالمنستير بتاريخ 11 حزيران/يونيه 2009 الذي أدانت فيه عوني شرطة من أجل استعمال العنف أثناء قيامهما بوظائفهما، وقد حكم عليهما بالسجن مدة عامين اثنين لكل واحد منها.

171- وتمثلت وقائع هذه القضية في تعرّض ف ب إلى العنف من طرف عون أمن الذي اقتاد مرافقته للحديث معها لما كانت بصحبته بملهى نزل "كاب سراي" و لما حاول جلبها عنفه ووضع الغلال بيده و بيد صديقته و قام بالاعتداء عليهما بواسطة هراوة على كامل أجزاء بدنهما ثم قام بإركابهما بالسيارة الإدارية.

172- ويقدم الجدول التالي عدد أعوان الأمن الذين تمت إحالتهم على القضاء من أجل سوء المعاملة وصدرت ضدهم أحكام باتة وذلك خلال الفترة التي يغطيها التقرير:

السنة

العدد

1999

4

2000

5

2001

2

2002

3

2003

9

2004

27

2005

33

2006

29

2007

43

2008

32

2009 ( إل ى 25/9/2009)

41

المجموع

228

173- وتغطي عبارة جرائم سوء المعاملة الجرائم التي سبق التعرض لها عند التعليق على المادة 2 من الاتفاقية والمشمولة بالفصول من101 إلى 105 والمتعلقة بتجاوز حد السلطة وهي تتضمن جرائم:

تجاو ز السلطة المصحوب بممارسة العنف.

استعمال العنف من قبل موظف عمومي حال مباشرته للوظيفة.

استعمال العنف ضدّ ذي شبهة من اجل انتزاع اعترافات.

الإيقاف والاحتجاز التعسفي.

أشكال مختلفة من تجاوز السلطة.

174- والجدير بالتذكير أن هذه التتبعات والإدانات لا تمنع الإدارة من ممارسة عمل تأديبي ضد موظفيها وذلك تطبيقا ً لمبدأ ازدواجية المخالفات الجنائية والتأديبية. ومرتكبو مثل هذه المخالفات هم عادة محل إجراءات تأديبية بالعزل. ويقدم الجدول التالي عدد الأعوان الذين تم عزلهم من الوظيف على معنى الفصل 53 من القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي إثر إحالتهم على القضاء من أجل سوء المعاملة:

السنة

العدد

1999

1

2000

1

2001

-

2002

7

2003

2

2004

2

2005

2

2006

-

2007

-

2008

2

2009 ( إل ى 25/9/2009)

-

المجموع

18

المادة 5

175- وضعت الدولة التونسية ما يلزم من الإجراءات القضائية لإقامة ولايتها القضائيّة على جرائم التعذيب وسوء المعاملة، مهما كان زمن ارتكابها ومكانه، في حدود الاختصاص الحكمي والترابي للمحاكم. وحسب المبادئ والقواعد المقررة في مجلة الإجراءات الجزائية فإن المحاكم التونسية تختص بالنظر في جرائم التعذيب وسوء المعاملة التي ترتكب على أراضيها، و على ظهر السفن والطائرات المسجلة في تونس، وعندما يكون مرتكب الجريمة مواطنا ً تونسيا ً ، وعندما يكون المعتدى عليه تونسيا ً .

اختصاص المحاكم التونسية بالنظر في جرائم التعذيب التي تُرتكب على أراضيها

176- عندما يتعهّد القضاء بالموضوع، تنطبق القواعد العامّة للاختصاص القضائي، الحكمي والترابي، على جرائم التعذيب والاعتداء بالعنف. وقد اقتضى الفصل 129 من مجلة الإجراءات الجزائية أن تكون مختصة بالنظر محكمة المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة أو محكمة المكان الذي يقيم فيه المظنون فيه، أو محكمة مكان آخر مقر إقامة للمظنون فيه، أو محكمة المكان الذي تمّ إيقاف المظنون فيه به. ويشمل هذا الاختصاص الواسع للمحاكم التونسية على حدّ السواء التنازع في الاختصاص بين محكمتين تونسيتين أو التنازع في الاختصاص بين محكمة تونسية ومحكمة أجنبية. و قد سبق بيان حالات التعذيب التي نظرت فيها المحاكم التونسية.

اختصاص المحاكم التونسية بالنظر في جرائم التعذيب التي تُرتكب على ظهر السفن أو على متن الطائرات المسجلة لديها

177- تم بموجب القانون رقم 85 لسنة 2005 المؤرّخ في 15 آب/أغسطس 2005 تنقيح الفصل 129 من مجلة الإجراءات الجزائية لغاية بسط اختصاص المحاكم التونسيّة على الجرائم المرتكبة على متن السفن والطائرات وأصبح الفصل 129 جديد ينصّ على ما يلي:"تنظر في الجريمة محكمة الجهة التي ارتكبت فيها أو محكمة المكان الذي به مقر المظنون فيه أو المكان الذي به محل إقامته الأخير أو محكمة المكان الذي وجد فيه " .

178- وعلى المحكمة التي تعهدت أولا ً بالقضية أن تبت فيها. وإذا ارتكبت الجريمة على متن أو ضد سفينة أو طائرة مسجلة بالبلاد التونسية أو مؤجرة دون طاقم لفائدة مستغل يكون مقره الرئيسي أو إقامته الدائمة بالتراب التونسي فإن المحكمة المختصة بالنظر تكون محكمة مكان النزول أو الإرساء.

179- وتكون هذه المحكمة مختصة أيضا ً ولو مع عدم توفر أحد الشرطين المبينين بالفقرة المتقدمة إذا هبطت الطائرة أو أرسلت السفينة بالتراب التونسي وكان على متنها المظنون فيه. ولم تسجل خلال الفترة التي يغطيها التقرير حالات في هذا السياق.

اختصاص المحاكم التونسية بالنظر في جرائم التعذيب عندما يكون مرتكب الجريمة مواطنا ً تونسيا ً

180- يشمل اختصاص المحاكم التونسية الجرائم المرتكبة من المواطنين التونسيين خارج تراب الجمهورية وذلك طبق ما نص عليه الفصل 305 من مجلة الإجراءات الجزائية: "يمكن تتبع ومحاكمة المواطن التونسي من طرف المحاكم التونسية إذا ارتكب خارج تراب الجمهورية التونسية جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون التونسي إلا إذا تبين أن قانون البلاد المرتكبة بها الجريمة لا يعاقب عليها أو أثبت المتهم أنه سبق اتصال القضاء بها نهائيا ً في الخارج وفي صورة صدور الحكم عليه بالعقاب أن قضى العقاب المحكوم به عليه أو أن هذا العقاب سقط بمرور الزمن أو شمله العفو. وتنطبق أحكام الفقرة المتقدمة على الفاعل الذي لم يكتسب صفة المواطن التونسي إلا بعد تاريخ ارتكابه للأفعال المنسوبة إليه. ولم ترد خلال الفترة التي يغطيها التقرير شكاوى في خصوص هذه الحالة.

اختصاص المحاكم التونسية بالنظر في جرائم التعذيب عندما يكون ضحية الجريمة مواطنا ً تونسيا ً

181- يشمل اختصاص المحاكم التونسية كذلك الجرائم المرتكبة ضد ضحايا تونسيين، وذلك طبق نصّ الفصلين 307 و307 مكرّر من المجلة الجزائية: فقد اقتضى الفصل 307 أن "كلّ أجنبي يرتكب خارج تراب الجمهورية سواء بوصفه فاعلا ً أصليا ً أو مشاركا ً جناية أو جنحة من شأنها النيل من أمن الدولة أو يقوم بتقليد طابع الدولة أو بتدليس العملة الوطنية الرائجة يمكن تتبعه ومحاكمته طبق أحكام القوانين التونسية إذا ألقي عليه القبض بالجمهورية التونسية أو تحصلت الحكومة على تسليمه" .

182- كما اقتضى الفصل 307 مكرّر: "كل من ارتكب خارج التراب التونسي، سواء بوصفه فاعلا ً أصليا ً أو شريكا ً جناية أو جنحة، يمكن تتبعه ومحاكمته من قبل المحاكم التونسية إذا كان المتضرر تونسي الجنسية. ولا يجري التتبع إلا بطلب من النيابة العمومية بناء على شكاية من المتضرر أو من ورثته، ولا يجوز إجراء التتبع إذا أثبت المتهم أنه حكم عليه نهائيا ً بالخارج وفي صورة الحكم عليه بالعقاب، أنه قضى العقاب المحكوم به عليه، أو سقط بمرور الزمن، أو شمله العفو".

183- ومن بين الأمثلة التي يمكن تقديمها في هذا السياق حادثة الشاب التونسي م ع الذي انتحر في زنزانته بالسجن ببون/فرنسا بواسطة حزام سرواله، وقد تم فتح بحث تحقيقي بالمحكمة الابتدائية بتونس تحت رقم 89641/2؛ أو حادثة التونسي الذي عثر عليه مشنوقا ً ومعلقا ً بعمود كهربائي بالضيعة الفلاحية التي يعمل بها بمدينة "فوجيا"/إيطاليا وتظهر عليه آثار عنف وذلك يوم 18 حزيران/يونيه 2008 وقد تم فتح بحث تحقيقي بابتدائية تونس تحت رقم 08613/5؛ أو حادثة الاعتداء بالعنف الشديد بواسطة سكين التي تعرض لها مواطن تونسي داخل شقة بفيسبادن/ألمانيا فتم فتح بحث تحقيقي تحت رقم 74231/13 بتاريخ 26 آذار/مارس 2009 و جميع هذه القضايا مازالت بصدد البحث.

المادة 6

184- تجيز قوانين الدولة التونسية، عند توفر الشروط القانونية، احتجاز أو إيقاف شخص موجود فوق أراضيها من أجل اقترافه جرما ً يعاقب عنه قانونها الجزائي سابق الوضع. ويكون الاحتجاز أو الإيقاف طبق الإجراءات القانونية، على ألاّ يكتسي الإيقاف أي صبغة كيدية أو تعسّفية، وألاّ يستمرّ بالنسبة إلى أيّ شخص إلاّ المدة القانونية اللازمة للتتبع والمحاكمة أو لاتخاذ أيّ إجراءات قانونية لتسليمه. وتقوم الدولة التونسية بإجراء التحقيق الأوّلي فورا ً فيما يتعلق بالوقائع.

185- وتتمّ مساعدة أيّ شخص أجنبي محتجز أو موقوف على الاتصال فورا ً بأقرب سلطة قنصلية مختصّة للدولة التي هو من مواطنيها، أو بممثل الدولة التي يقيم فيها عادة إن كان بلا جنسية. فعند احتجاز أي شخص أو إيقافه، تخطر السلط التونسية سلط دولة هذا الشخص بالظروف التي تبرّر إيقافه، وبانطلاق التحقيق الأوّلي، مع بيان ما إذا كانت تنوي محاكمته.

186- وتجدر الإشارة إلى أنّه بالنسبة إلى أحكام هذه المادة، فإنها تطبّق عملا ً بأحكام الفصل 32 من الدستور التونسي الذي ينصّ على أن "... لا تُعدّ المعاهدات نافذة المفعول إلاّ بعد المصادقة عليها وشريطة تطبيقها من الطرف الآخر. والمعاهدات المصادق عليها من قبل رئيس الجمهوريّة والموافق عليها من قبل مجلس النوّاب أقوى نفوذا ً من القوانين " .

187- وفي صورة حصول تطبيق مقتضيات هذه المادة من الاتفاقية، فإن جميع الضمانات يتم توفيرها حسب التشريع الوطني المضمّن بمجلة الإجراءات الجزائية والذي أوكل إلى وكيل الجمهورية المنتصب بالمكان الذي تم فيه إيقاف الأجنبي فيه باستنطاقه فورا ً للتثبّت من هويّته ويعلمه بالوثيقة التي بمقتضاها تمّ إيقافه ويحرّر محضرا ً في كل ذلك (الفصل 309 من مجلة الإجراءات الجزائية). وبعد ذلك يتمّ إحضار الأجنبي أمام دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بتونس "في أجل أقصاه 15 يوما ً من تاريخ إعلامه بوثيقة الإيقاف ثم يشرع في استنطاقه ويحرّر محضر في ذلك ويقع سماع ممثل النيابة العمومية والمعني بالأمر ويمكن لهذا الأخير أن يستعين بمحام ومترجم كما يسوغ منحه السراح المؤقت في كل طور من أطوار الإجراءات وفقا ً لأحكام القانون" (الفصل 321 من مجلة الإجراءات الجزائية).

188- وحسب الإجراءات فإنه يتم استدعاء الشخص الأجنبي المشبوه فيه لاستنطاقه، فإذا لم يحضر فيمكن لقاضي التحقيق أن يصدر بشأنه بطاقة جلب ويجب أن تنص هذه البطاقة على التهمة وتتضمّن النصوص القانونية المنطبقة عليها والإذن لأعوان الضابطة العدلية بإيقاف المطلوب. ولقاضي التحقيق بعد استنطاق ذي الشبهة أن يصدر بطاقة إيداع في السجن بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية وذلك إذا كانت الفعلة تستوجب عقابا ً بالسجن أو عقابا ً أشد. ويمكن لذي الشبهة عند استنطاقه الأول أن لا يجيب إلا بحضور محامي يختاره ومترجم، وبعد هذا الاستنطاق فيمكن للمشبوه فيه الموقوف أن يتلقى زيارة محاميه في أي وقت. ويخلص من هذه القواعد الإجرائية العامّة أنّه يخوّل للأجنبي الموقوف أن يتّصل بممثّل دولته ولو أنّه لا يوجد نص صريح يبيح ذلك، غير أنّه على الصعيد العملي فإنّ ذلك الاتصال ممكن ومعتاد.

189- وبما أنّ الاتفاقية موضوع هذا التقرير تعدّ جزءا ً لا يتجزّأ من النظام القانوني التونسي منذ مصادقة تونس عليها سنة 1988، وذلك وفق ما يقتضيه الفصل 32 من الدستور المذكور أعلاه، فإنّ الفقرتين 3 و4 من المادة 6 من الاتفاقية جاءتا تكملان قواعد الإجراءات الواردة بالقانون التونسي، بمعنى أنّهما يخوّلان الأجنبي الموقوف لا فقط الاتصال في كل وقت بمحاميه (طبق الفصل 70 من مجلة الإجراءات الجزائية) الذي يكون غالبا ً معيّنا ً من البعثة الدبلوماسية أو القنصلية لبلده، بل يمكنه أيضا ً "الاتصال فورا ً بأقرب ممثّل مختص للدولة التي هو من مواطنيها أو بممثّل الدولة التي يقيم فيها عادة إن كان "بلا جنسية" وذلك مثلما تقتضيه الفقرة 3 من المادة 6 من الاتفاقية. وبالإضافة إلى ما ذكر، تتّجه الإشارة إلى أنّ اتّفاقيات التعاون القضائي التي أبرمتها تونس مع عديد البلدان، قد نظّمت في كثير من الأحيان طرق الاتصال المشار إليها بالمادة 6 من الاتفاقية.

المادة 7

190- تقوم الدولة التونسية بموجب مصادقتها على الاتفاقية في صورة تواجد شخص يدعى ارتكابه لأي من الجرائم المنصوص عليها في المادة 4 منها والذي لم تقم بتسليمه بعرض القضية على سلطاتها المختصة بقصد تقديم الشخص للمحاكمة.

191- ولئن كان القانون التونسي صارما ً إذا ما تعلّق الأمر بردع جرائم سوء معاملة أو تعذيب إلا أنه يحفظ حقوق المشبوه فيه سواء في طور التتبعات التي تثيرها النيابة العمومية أو في طور التحقيق أو في طور المحاكمة. وينبغي التوضيح في هذا الصدد أن جرائم التعذيب تعتبر جرائم حق عام ذات طبيعة خطيرة. لذلك فإنه حتى إن كان الفعل جنحة ويعني ذلك أن التحقيق اختياري فإنه جرى العمل أن تفتح السلط القضائية تحقيقا ً كلما كان المشبوه فيه موظفا ً عموميا ً وذلك لتوفير أحسن ظروف سير المحاكمة.

192- ومن ناحية أخرى، فإنّ الإجراءات والعقوبات المستوجبة هي ذاتها أينما ارتكبت الجريمة ومهما كانت جنسية فاعلها. كما أنّ القانون التونسي يكفل لأي شخص اتهم بارتكاب جريمة تعذيب أو سوء معاملة بمحاكمة عادلة في جميع مراحل الإجراءات القانونية والقضائية وذلك سواء كان ذلك المتهم تونسيا ً أو أجنبيا ً .

الضمانات التي يوفرها القانون التونسي للمحاكمة العادلة في مرحلة ما قبل المحاكمة

193- تتمثل أبرز الضمانات التي يقرها القانون التونسي لفائدة المشتبه بهم بارتكابهم جرائم تعذيب أو سوء معاملة وفي غيرها من الجرائم في ما يلي:

الحق في عدم اللجوء إلى الاحتفاظ والإيقاف التحفظي إلاّ في الحالات الاستثنائية

194- أكد الفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية على مبدأ استثنائية اللجوء للإيقاف التحفظي إذ نص الفصل المذكور صراحة على ما يلي: "يمكن إيقاف المظنون فيه إيقافا ً تحفظيا ً في الجنايات والجنح المتلبس بها، وكذلك كلما ظهرت قرائن قوية تستلزم الإيقاف باعتباره وسيلة أمن يتلافى بها اقتراف جرائم جديدة أو ضمانا ً لتنفيذ العقوبة أو طريقة توفر سلامة سير البحث" .

الحق في الإعلام الفوري بأمر الاحتفاظ أو الإيقاف التحفظي

195- الغرض من الإعلام مزدوج: معرفة أسباب اتخاذ أحد هذين الإجراءين حتى يتسنى التحري بشأنه وإمكانية الطّعن في مشروعيته، ومعرفة الحقوق التي يضمنها القانون أثناء الاحتفاظ والإيقاف التحفظي.

الحق في الاستعانة بمحام

196- وذلك عن طريق الاختيار أو التسخير، مع الإشارة إلى أن حضور المحامي أصبح ممكنا ً لدى مأمور الضابطة العدلية العامل بموجب إنابة وذلك بموجب القانون رقم 32 لسنة 2007 المؤرخ في 22 آذار/مارس 2007 المتمّم لبعض أحكام مجلة الإجراءات الجزائية والمتعلق بإلزام أولئك المأمورين بإعلام كل ذي شبهة لدى استنطاقه تنفيذا ً لإنابة عدلية "بحقه في أن يحضر إلى جانبه محام من اختياره مع التنصيص على ذلك في المحضر" مع حق إعلام المحامي بصورة مسبقة بسير الإجراءات. والجدير بالتذكير أن جميع الحالات التي تم التعرض إليها عند التعليق على المادة 4 من الاتفاقية قد تم فيها توفير كل الضمانات القانونية المتعلقة بحق المظنون فيهم في الاستعانة بمحامين.

الحق في الاتصال بالعالم الخارجي

197- يشمل الحق في الاتصال بالعالم الخارجي في فترة الاحتفاظ عدة حقوق فرعية تتمثل بالخصوص في حق المحتفظ به الاتصال بأحد أفراد العائلة وحق المحتفظ به أو الموقوف الأجنبي في الاتصال بممثلي حكوماتهم حسب صريح الفصل 13 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية والفصل 36 من القانون رقم 52 لسنة 2001 المتعلق بنظام السجون وكذلك الحق في الاستعانة بالأطباء والحق في تلقي الزيارات أثناء فترة الاحتفاظ أو الإيقاف التحفظي.

حق الموقوف تحفظيا ً في الطعن ف ي مشروعية الإيقاف التحفظي

198- يخضع الإيقاف التحفظي الذي يأذن به قاضي التحقيق لمبدأ الطعن لدى هيئة أعلى هي دائرة الاتهام حسب صريح الفصل 87 من مجلة الإجراءات الجزائية. ومن بين الضمانات الجديدة التي أقرها التشريع التونسي في مجال الإيقاف التحفظي هو وجوب تعليل قرارات التمديد تأكيدا ً للصبغة الاستثنائية لإيقاف التحفظي.

الحق في تمكين المتهم من الوقت الكافي لإعداد دفاعه

199- من حق المتهم الذي تعلقت به تهمة سواء كان موقوفا ً أو غير موقوف أن يمنح الحق الكافي لتحضير وسائل دفاعه؛ والمقصود بالوقت الكافي أي المدة الزمنية التي تسمح له بالاتصال بمحاميه للإطلاع على أوراق الملف وتفحص أسانيد الاتهام، وإحضار الأدلة من شهود وحجج ووثائق ومعلومات.

200- وما تجدر ملاحظته هو أن البعض من المرافعات التي تتم أمام المحاكم الزجرية وخاصة الدوائر الجناحية والجنائية قد يحصل أن تتواصل إلى ساعة متأخرة من الليل نتيجة حضور عدد مكثف من المحامين، إذ تقوم المحكمة بالاستجابة لطلبهم تحقيقا ً لمبدأ الحق في تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه سواء مباشرة أو بواسطة نائبه.

حقوق المتهم أثناء الاستنطاق

201- أبرز الحقوق التي أقرها التشريع التونسي في هذا المجال حضور المحامي عملية الاستنطاق وذلك عملا ً بمقتضيات القانون رقم 32 لسنة 2007 المؤرخ 22 آذار/مارس 2007 ومنع إكراه المتهم على الاعتراف. ويؤدّي الإكراه إلى عدم الأخذ بالاعتراف والحكم بالبطلان على معنى الفصل 199 من مجلة الإجراءات الجزائية، زيادة على ما يمكن أن يلحق بمن يمارس الإكراه من تتبّعات ومؤاخذة تأديبية وجزائية.

202- ولقد اعتبرت محكمة التعقيب التونسية منذ أواخر الستينات أنه "ولئن كان الاعتراف سيد الحجج فهو أيضا ً خاضع لاجتهاد القاضي المطلق، وأن القانون لم يحجر عليه الاستناد إلى الإقرار إذا كان واضحا ً واطمأنّ له ضميره (قرار تعقيبي جزائي رقم 6124 مؤرخ في 16 نيسان/أبريل 1969 ن م ت . ق ج. س 1970، ص. 132).

203- وفي قرار آخر أكدت محكمة التعقيب بوضوح أنّ " محكمة الموضوع ملزمة بالرد على كل ما يثار لديها من دفوع جوهرية لها تأثير على وجه الفصل، وبناء عليه، فإنّ اعتراض المحكمة عن متابعة الدفوع المنافية والداحضة للاعتراف المنسوب للمتهم من شأنه أن يجعل الحكم المطعون فيه فاقد التسبيب ومستهدفا ً للنقض" (قرار تعقيبي جزائي رقم8616 مؤرخ في 25 شباط/فبراير 1974 ن م ت .ق ج. ج1. س1975، ص. 81).

حق المتهم في التزام الصمت

204- كرّس الفصل 74 من مجلة الإجراء ا ت الجزائية هذا الحق إذ نص على ما يلي: "إذا امتنع ذو الشبهة عن الجواب أو أظهر عيوبا ً تمنعه وليست فيه فإنّ حاكم التحقيق ينذره بأن البحث في القضية لا يتوقف على جوابه ويُنص على هذا الإنذار بالمحضر " .

حق المتهم في الاستعانة بمترجم

205- من الحقوق التي يضمنها التشريع التونسي للمتهم أثناء الاستنطاق، والتي أكد عليها الفصل 66 من م إ ج حقه في الاستعانة بمترجم إن كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة التي تستخدمها المحكمة. وقد اعتبرت محكمة التعقيب التونسية في العديد من القرارات أن حق المتهم في الاستعانة بمترجم هو من الإجراءات الأساسية المتصلة بمصلحة المتهم الشرعية و أنه يترتب على مخالفتها بطلان تلك الإجراءات. (قرار تعقيبي جزائي رقم 54929 بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 1993).

الحق في معاملة إنسانية أثناء فترة الاحتجاز

206- إنّ الحقّ في معاملة إنسانية أثناء فترة الاحتجاز سواء كان احتفاظا ً أو إيقافا ً تحفظيا ً مبدأ دستوري مقرّر بالفقرة الثانية من الفصل 13 من الدّستور التي جاء فيها صراحة أنّ " كلّ فرد فقد حريّته يعامل معاملة إنسانيّة في كنف احترام كرامته طبقا ً للشروط التي يضبطها القانون".

الضمانات التي يوفرها القانون التونسي للمحاكمة العادلة في مرحلة المحاكمة

207- في طليعة الضمانات التي يقرها القانون التونسي حق المتقاضي في أن تنظر في قضيته محكمة مختصة مستقلة ونزيهة مشكلة وفق أحكام القانون وحسب الفصل 65 من الدستور فإن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون. وأكد الفصلان 66 و67 من الدستور أيضا ً أن تسمية القضاة تكون بأمر من رئيس الجمهورية بمقتضى ترشيح من المجلس الأعلى للقضاء وأن كيفية انتدابهم يضبطها القانون الأساسي للقضاء، ويسهر المجلس المذكور على توفير الضمانات اللازمة للقضاة من حيث التعيين والترقية والتأديب.

208- وأكدت المادة 23 من القانون الأساسي للقضاة، المتعلّق بنظام القضاء والمجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساسي للقضاة على ما يلي: "على القضاة أن يقضوا بكامل التجرد وبدون اعتبار للأشخاص أو للمصالح وليس لهم الحكم في قضية استنادا ً لعلمهم الشخصي ولا يمكنهم المناضلة شفويا أو كتابة ولو بعنوان استشارة في غير القضايا التي تهمهم شخصيا ً ".

209- كما أجازت قواعد المرافعات والإجراءات المدنية والجزائية الطعن في حياد المحكمة وذلك في صورة مشاركة أحد القضاة في مراحل أخرى من مراحل الإجراءات القضائية مثلا ً . فلقد أقرّت مجلّة الإجراءات الجزائية أحكاما ً لضمان حياد المحكمة وعدم تحيزها وذلك بتخصيص باب كامل هو الباب السادس المتعلّق بالتجريح في الحكام (الفصول من 296 إلى 304). وإضافة للحقوق المذكورة، فإن القانون التونسي يوفر الضمانات الأخرى التالية:

الحق في افتراض البراءة

210- كرّست هذا الحق الفقرة الثانية من الفصل 12 من الدستور التي جاء فيها "أن كلّ متهم بجريمة يعتبر بريئا ً إلى أن تثبت إدانته في محاكمة تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه". ولقد أتيح لفقه القضاء التونسي في العديد من المناسبات أن ذكّر بقاعدة أن الشك ينتفع به المتهم (قرار تعقيبي رقم 25744 مؤرخ في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1990 ن م ت ق ج . رقم 1 س 1990، ص. 15). كما كرس القرار التعقيبي رقم 2859 المؤرخ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2005 هذا المبدأ و اعتبر أن "الشك ينتفع به المتهم و أن تبرئة ساحة متهم أفضل من إدانة بريء ".

الحق في عدم تطبيق القانون بأثر رجعي

211- أكدت على هذا الحق الفقرة الأولى من الفصل 13 من الدستور التي جاء فيها أنّ:

"العقوبة شخصية ولا تكون إلاّ بمقتضى نص قانوني سابق الوضع عدا حالة النص الأرفق".كما أقر نفس المبدأ الفصل الأول من المجلة الجزائية الذي نص على أنه " لا يعاقب أحد إلا بمقتضى نص من قانون سابق الوضع لكن إذا وضع قانون بعد وقوع الفعل وقبل الحكم البات وكان نصه أرفق بالمتهم فالحكم يقع بمقتضاه دون غيره".

212- وفي أحد قراراتها التعقيبية اعتبرت محكمة التعقيب أنه "لا جدال في أن لا عقاب إلاّ بنصّ سابق الوضع طبقا ً للفصل الأوّل من القانون الجنائي وهو ما يعبّر عنه بمبدأ شرعية العقوبة (قرار تعقيبي رقم 12658 مؤرخ في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2001. ن. م. ت. ق.ج. س 2001، ص. 194).

الحق في عدم محاكمة متهم من أجل نفس الفعل مرتين

213- نصّ الفصل 132 مكرر من م إ ج الذي تمت إضافته للمجلة المذكور سنة 1993 على ما يلي: "لا يمكن تتبع من حكم ببراءته من جديد لأجل نفس الأفعال ولو تحت وصف قانوني آخر". و هو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها رقم 8943 المؤرخ 9 آذار/مارس 2005 الذي جاء فيه أن "قاعدة اتصال القضاء تطبق متى وقعت المحاكمة في جريمة واحدة مرتين و يترتب على ذلك إبطال الحكم الثاني". كما جاء في قرارها رقم 16926 المؤرخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2007 أنه "لا يمكن تتبع من حكم ببراءته من جديد لأجل نفس الأفعال و لو تحت وصف قانوني آخر".

الحق في الدفاع عن النفس

214- أكدت على هذا الحق مجلة الإجراءات الجزائية في العديد من الفصول وخاصة الفصول 69 و70 و72 و141 الذي جاء فيه أنّ "الاستعانة بمحام وجوبية أمام المحكمة الابتدائية المنتصبة بمقر محكمة استئناف عندما تنظر في الجنايات وكذلك أمام الدائرة الجنائية الا ستئنافية بمحكمة الاستئناف. فإذا لم يُعيّن المتهم محاميا ً يعين الرئيس من تلقاء نفسه أحد المحامين للدفاع عنه. كما أكد القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة على أن "المحاماة مهنة حرة و مستقلة غايتها المساعدة على إقامة العدل"، وعلى هذا الأساس فهي مرفق عام ذو صبغة مهنية. وإذا كان المتهم معسرا ً فبإمكانه طلب منحه الإعانة العدلية.

215- وقد ذكرت محكمة التعقيب التونسية في العديد من قراراتها أن إهمال المناداة على محامي المتهم بالجلسة يشكل خرقا ً لحقوق الدفاع ويجعل الحكم مستهدفا ً للنقض (قرار تعقيبي رقم 19713 مؤرخ في1 تشرين الأول/أكتوبر 1986 ن م ت. ق ج. ع 1. س 1987، ص.130).

الحق في حضور جلسات المحاكمة

216- أقرت مجلة الإجراءات الجزائية التونسية مبدأ حضور المتهمين في الجلسات (ابتدائي واستئناف) مع إقرار استثناءين اثنين إذ نص الفصل 141 منها أنه "على المظنون فيه الواقع تتبعه من أجل جناية أو جنحة تستوجب العقاب بالسجن أن يحضر شخصيا ً بالجلسة، ويمكنه في الجنح التي لا تستوجب العقاب بالسجن وفي كل الصور التي وقعت فيها مطالبته مباشرة من القائم بالحق الشخصي أن ينيب عنه محاميا ً ويسوغ دائما ً للمحكمة أن تأذن بحضوره شخصيا ً إن رأت في ذلك فائدة.

217- وإذا لم يحضر المظنون فيه بعد استدعائه قانونا ً أو لم يحضر نائبه ... جاز للمحكمة أن لا تتوقف على ذلك لمباشرة المرافعة وأن تصدر عليه حكما ً غيابيا ً إذا لم يبلغه الاستدعاء شخصيا ً ، أو حكما ً يعتبر حضوريا ً إذا بلغه الاستدعاء شخصيا ً ". ويبقى الحكم الغيابي قابلا ً للاعتراض حسب الفصل 175 من مجلة الإجراءات الجزائية وما بعده.

الحق في محاكمة علنية

218- أكد الفصل 143 من مجلة الإجراءات الجزائية على هذا الحق إذ نصّ على أنّ: "الرّئيس يدير المرافعات ويحفظ النظام بالجلسة. وتكون المرافعات علنية وبمحضر ممثل النيابة العمومية والخصوم إلاّ إذا رأت المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب ممثل النيابة العمومية إجراءها سرّا ً محافظة على النظام العام أو مراعاة للأخلاق، وينصّ على ذلك بالمحضر".

219- وقد أقرّت محكمة التعقيب في العديد من القرارات أن المحاكمات لا يمكن أن تكون إلا علنية لما تحققه من مصلحة للعدالة و ضمان لشفافية المحاكمة و لحقوق الأطراف في الدفاع عن أنفسهم و تقديم ما لديهم من حجج، وأنه في صورة ما إذا رأت المحكمة أن تكون المحاكمة سرية فعليها تعليل حكمها و إلا استهدف قرارها للنقض باعتبار أن قاعدة العلنية تهم النظام العام (قرار تعقيبي رقم 6306 بتاريخ 21 آب/أغسطس 1968).

الحق في استدعاء الشهود ومناقشتهم

220- من حق كل شخص تعلّقت به تهمة جنائية أن يطلب استدعاء شهود النفي وأن يناقش شهود الإثبات لما في ذلك من تجسيم لمبدأ تكافؤ الفرص بين الإدعاء والدفاع. وقد نصت الفقرة الثانية من الفصل 154 من مجلة الإجراءات الجزائية أن إثبات ما يخالف المحاضر التي يحررها مأمورو الضابطة العدلية أو التقارير يكون بالكتابة أو بشهادة الشهود. وأكد الفصل 158 أن استدعاء الشهود يكون بالطريقة الإدارية أو بواسطة العدل المنفذ ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

221- وقد اعتبرت محكمة التعقيب في قرارها رقم 3865 المؤرخ في 24 أيلول/ سبتمبر 2005 أن "عدم إجابة المحكمة على طلبات المتهم المتمثلة في سماع شاهد و مكافحته به يجعل حكمها هاضما ً لحقوق الدفاع وعرضة للنقض". كما جاء في قرارها رقم 11073 المؤرخ 8 آذار/مارس 2006 "أن البت في القضية لتعذر تنفيذ الحكم التحضيري بسبب عدم حضور شاهد النفي رغم أن الاستدعاء لم يوجه له في الموعد يجعل الحكم عرضة للنقض لنيله من مصلحة المتهم الشرعية".

الحق في صدور الأحكام بصفة علنية

222- أكد الفصل 121 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية على هذا المبدأ إذ اقتضى أنه ". . . لا تكون للائحة نص الحكم ومستنداته صبغتها النهائية إلا بعد النطق بها بجلسة علنية يحضرها جميع القضاة الذين أمضوها" . كما أكد الفصل 165 من مجلة الإجراءات الجزائية على نفس هذا المبدأ إذ نصت فقرته الثانية على ما يلي: "ولا تكتسي هذه اللائحة صبغتها النهائية إلاّ بعد التصريح بها بج لسة علنية يحضرها جميع الحكام ال ذين أمضوها".

الحق في ممارسة الطعون

223- يقرّ القانون التونسي مبدأ الحق في ممارسة الطعن أو التقاضي على درجات. والجدير بالتذكير أنه تم بموجب القانون رقم 43 لسنة 2000 المؤرخ 17 نيسان/أبريل 2000 إرساء نظام التقاضي على درجتين في المادة الجنائية لأول مرّة في تاريخ القضاء التونسي إذ قبل ذلك التاريخ كانت أحكام الدوائر الجنائية التي كانت تنتصب بمقرات محاكم الاستئناف لا تقبل الطعن بالاستئناف بوصفه درجة ثانية من درجات التقاضي وإنما كانت قابلة للطعن فقط بالتعقيب. كما أقرّ نفس النظام في القضاء الخاص بالأطفال وذلك بموجب القانون رقم53 لسنة 2000 المؤرخ 22 أيار/مايو 2000.

224- ويقوم نظام التقاضي على درجتين في المادة الجنائية بالنسبة للكهول على نظر المحاكم الابتدائية بتشكيلة خماسية في القضايا الجنائية المحالة عليها من دائرة الاتهام وعلى إمكانية الطعن بالاستئناف في أحكام تلك المحاكم لدى محاكم الاستئناف بتشكيلة خماسية تتركب من قضاة من رتب أعلى، مع الإبقاء على مبدأ الطعن بالتعقيب في أحكام محاكم الاستئناف التي تنتصب للنظر في المادة الجنائية.

المادة 8

225- إن الدولة التونسية ملتزمة بموجب مصادقتها على الاتفاقية بما جاء في أحكام هذه المادة التي تعتبر أن الجرائم المشار إليها في المادة 4 جرائم قابلة لتسليم مرتكبيها في أية معاهدة لتسليم المجرمين تكون قائمة بين الدول الأطراف. وتتعهد بإدراج هذه الجرائم كجرائم قابلة لتسليم مرتكبيها في كل معاهدة تسليم تبرم بينها وبين دول أخرى. كما أنها ملتزمة باعتبار الاتفاقية أساسا ً قانونيا ً للتسليم فيما يختص بمثل هذه الجرائم إذا تسلمت طلبا ً للتسليم من دولة لا تربطها بها معاهدة لتسليم المجرمين.

226- ويجدر التذكير بأنّ الدستور التونسي يتضمّن فصلا ً يحجّر تسليم اللاجئين السياسيين. وهذا هو الاستثناء الوحيد في هذه المادة وقد وقع إقراره أيضا ً في مجلة الإجراءات الجزائية التي يبيح التسليم في كل الصور الأخرى وتعتبر بذلك أن التعذيب والاعتداء بالعنف والمعاملة اللاإنسانية هي جرائم يمكن أن يقع التسليم من أجلها. والمتأمل في جميع الاتفاقيات التي أبرمتها تونس مع عديد الدول يجد أنّ أي منها لم يستثن جريمة التعذيب كجريمة غير قابلة للتسليم بل جعلها من ضمن الجرائم القابلة للتسليم فعلا ً .

227- وتخضع شروط التسليم وإجراءاته وآثاره إلى مجلة الإجراءات الجزائية (الفصول من 308 إلى330) إلاّ إذا وجدت اتفاقية دولية فوجب تطبيقها. وتتمثّل هذه الاتفاقيات إمّا في اتفاقيات ثنائية للتعاون القضائي أو في اتفاقيات دولية. وعملا ً بمبدأ علوية الاتفاقيات الدولية على القوانين الداخلية فإن أحكام المادة تكون في مرتبة قانونية أعلى من القوانين وتكون بذلك واجبة التطبيق بغضّ النظر عن الأحكام المخالفة لها والواردة في مجلة الإجراءات الجزائية.

المادة 9

228- تقدّم تونس، في إطار معاهدات تبادل المساعدة القضائية، أكبر قدر من المساعدة فيما يتعلّق بالإجراءات القانونية والقضائية المتّخذة بشأن أيّ من أعمال التعذيب وسوء المعاملة الثابتة بأحكام قضائية، بما في ذلك تقديم ما لديها من الأدلّة الموجودة في حوزتها واللازمة لتقدّم الإجراءات.

229- ويعطي الفصل 331 من مجلة الإجراءات الجزائية أمثلة للتعاون القضائي الذي يمكن أن تمدّ به السلطات التونسية مختلف الدول بما فيها تلك التي لا تربطها بها اتفاقيات. فهو ينص على أنه "في حالة التتبعات الجزائية غير السياسية بدولة أجنبية فإنّ الإنابات العدلية الصادرة عن السلطة الأجنبية ترد بالطريق الدبلوماسي وتحال على وزارة العدل وتنفذ عند الاقتضاء تلك الإنابات حسب القانون التونسي وفي صورة التأكد يجوز للسلطة القضائية للدولتين أن تتبادل الإنابات مباشرة".

230- وفي نفس السياق وحسب الفصل 332 من نفس المجلة فإنّه "إذا رأت حكومة أجنبية في صورة إجراء تتبعات جزائية بترابها من الضروري إعلام شخص مقيم بالتراب التونسي بعمل إجرائي أو بحكم، توجه الوثيقة طبق الصيغ الواردة بالفصلين 316 و317 مرفقة عند الاقتضاء بترجمتها إلى اللغة العربية، ويقع الإعلام بطلب من ممثل النيابة العمومية وترجع وثيقة الإعلام بنفس الطريقة إلى الحكومة الطالبة".

231- وبفضل التزامات تونس في مجال التعاون الدولي يصبح في الواقع من المستحيل على مرتكبي جرائم التعذيب التقصّي من مسؤولية أعمالهم وتفادي التتبعات الجزائية، سواء كانوا موجودين داخل التراب التونسي أو كانوا فارّين بالخارج.

المادة 10

232- تضمن تونس إدراج التعليم والإعلام فيما يتعلق بحظر التعذيب على الوجه الكامل في برامج تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، سواء كانوا من المدنيين أو العسكريين، والعاملين في ميدان الطب، والموظفين العموميين أو غيرهم ممن قد تكون لهم علاقة باحتجاز أي فرد معرّض لأي شكل من أشكال التوقيف أو الاعتقال أو السجن أو باستجواب هذا الفرد أو معاملته. كما تضمن تونس إدراج هذا الحظر في القوانين والتعليمات التي يتم إصدارها فيما يختص بواجبات ووظائف مثل هؤلاء الأشخاص.

إدراج التعليم والإعلام فيما يتعلق بحظر التعذيب في برامج التدريب

233- تجدر الإشارة بداية إلى أن الدولة التونسية تولي اهتماما ً كبيرا ً للتربية على ثقافة حقوق الإنسان، وتعتبر أنها المدخل الأساسي لنشر هذه الثقافة وتغيير السلوكيات نحو الأفضل باعتبار أن القوانين والتعليمات رغم أهميتها تبقى فاعليتها مرتبطة بمدى التشبع بثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها. ولهذه الأسباب فقد شكّل التعليم في تونس دوما ً الأولوية القصوى حيث حظي بما يعادل 7.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام وهي من أعلى النسب في العالم.

234- وقد عملت الدولة التونسية وما زالت على أن يكون التعليم الفضاء المناسب للتربية على حقوق الإنسان بفضل ما يتيحه من اختلاط بين الجنسين وما يسمح به من إيواء لكل الفئات الاجتماعية وما يوفّره من فرص الإدماج للمعوقين ومن هم في حاجة إلى رعاية خاصة.

235- وعلى امتداد الفترة التي يغطّيها هذا التقرير، تمّت مواصلة تدريس مادّة حقوق الإنسان في المعاهد والكليّات في إطار برامج تتطابق مع النصوص التشريعيّة التونسيّة والعهود والاتفاقيات الدولية المعنيّة. ويقع تدريس مادة حقوق الإنسان في إطار شهادة الأستاذيّة المتخصّصة في التربية المدنيّة بكليّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعية بتونس التي تعدّ الأساتذة الذين سيضطلعون بتدريس مادة حقوق الإنسان لتلامذة المعاهد والمدارس

236- و يتم تدريس اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وسائر الصكوك الدولية والمتعلقة خاصة بضحايا استعمال السلطة وذلك خاصة في مدارس قوات الأمن من حرس وشرطة وكذلك في المدرسة الوطنية للسجون والإصلاح وفي المعهد الأعلى للقضاء والمعهد الأعلى للمحاماة.

237- كما يتمّ تنظيم دورات تكوينيّة وملتقيات ومحاضرات وموائد مستديرة لفائدة الأساتذة المباشرين حول مواضيع تتعلّق بحقوق الإنسان والحريّات الأساسية (الدستور - النظام الجمهوري - الحقوق الأساسية الواردة في الاتفاقيات والمواثيق الدوليّة المتعلّقة بحقوق الإنسان). وفي إطار عشرية حقوق الإنسان (1995-2004)، تمّ إحداث لجنة وطنية للتربية حول حقوق الإنسان في 4 نيسان/أبريل 1996 برئاسة وزير التربية.

238- ولأنّ إدراج التعليم والإعلام في ما يتعلق بحظر التعذيب في برامج التدريب الموجه للأشخاص المكلفين بإنفاذ القوانين هو جزء لا يتجزأ من التربية على ثقافة حقوق الإنسان، فقد تم العمل خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير على تعميم هذا الإدراج وتوسيع نطاقه ليشمل كافة الأشخاص المكلفين بتنفيذ القوانين والتابعين خاصة لكل من وزارة الداخلية والتنمية المحلية ووزارة العدل وحقوق الإنسان.

239- و تجدر الإشارة إلى أن مختلف الهيئات الأمنية تتلقى تكوينا ً أساسيا ً في مجال حقوق الإنسان بمعدل أربعين ساعة، إضافة إلى مجالات سلوكية وانضباطية ذات الصلة بعلاقة رجل الأمن بالمواطن. وتضم المواد المتعلقة بحقوق الإنسان المواضيع التالية: الأسس الحضارية لحقوق الإنسان، الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، الآليات الدولية والوطنية لحقوق الإنسان، تطور المنظومة التشريعية لحقوق الإنسان، الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان خصوصا ً منها ذات العلاقة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما يتلقى أعوان الأمن حلقات تكوين مستمر على امتداد عشر ساعات يتعلق بالتعريف بتطور منظومة حقوق الإنسان في التشريع التونسي، تقديم القواعد النموذجية لحماية الحرمة الجسدية للمحتفظ به، تحليل المقاربة التونسية لحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وتكاملها وترابطها، تقديم علاقة عون الأمن بالمواطن و أسس ترسيخ احترام حقوق الإنسان.

إدراج التعليم والإعلام فيما يتعلق بحظر التعذيب في برامج التدريب الموجه لإطارات وأعوان وزارة الداخلية والتنمية المحلية

240- يتمّ في مدارس قوات الأمن اعتماد تدريس مادتي حقوق الإنسان والسلوك الحضاري ضمن برامج التدريب الأساسي والمستمر والتخصّصي لمختلف الرتب من الإطارات والأعوان، إلى جانب دورات توعية وتكوين. كما يقوم مركز تأهيل ورسكلة الإطارات التابعة لوزارة الداخلية والتنمية المحلّية بدور فعّال في نشر ثقافة حقوق الإنسان والتعريف بها لدى الإطارات التابعة إلى هذه الوزارة. ومن بين الإجراءات الجديدة التي وقع القيام بها في إطار تطبيق المادة 10 يمكن أن نذكر ما يلي:

تدريس مادة حقوق الإنسان

241- تواصل المؤسسات التكوينية التابعة لوزارة الداخلية والتنمية المحلّية مجهوداتها في نشر ثقافة حقوق الإنسان لدى إطارات وأعوان قوات الأمن الداخلي، وذلك منذ إصدارها للمنشور رقم 504 المؤرخ 15 حزيران/يونيه 1991 المتعلق بإدماج مادة "حقوق الإنسان" ضمن المواد التي تدرّس لمختلف المستويات.

242- ولقد أكدت الوزارة في هذا المنشور الأهمية الخاصة لتدريس هذه المادة في إطار برامج تكوين ورسكلة الإطارات والأعوان. كما أكدت أن تطبيق هذه البرامج يجب أن يكون فرصة لتذكير أعوان الأمن بواجباتهم كموظفين عموميين وأنّه يجب عليهم التحلّي بالحسّ المدني والسلوك الحضاري في تعاملهم مع المواطنين، وكذلك تذكيرهم بالعقوبات الجزائية التي يستوجبها كل تجاوز للسلطة وخاصة عند ارتكاب جريمة التعذيب وكل اعتداء على الحقوق وعلى الحريات الفردية وعلى أملاك الغير وكل فعل من شأنه أن يعرّض المواطن إلى معاملة قاسية أو مهينة أو لا إنسانية. وعلى المسؤولين متابعة تنفيذ هذه البرامج والسهر على تحسين سلوك كل أعوان الأمن الداخلي أينما كانوا وذلك عملا ً بالمبادئ الأساسية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

243- ومن بين ما يتم القيام به في المدرسة العليا لقوات الأمن الداخلي تكليف متدرّبي الدّورات التكوينية بإعداد دراسات وبحوث تهمّ حقوق الإنسان، ومن بين المواضيع التي كانت موضوع بحث خلال السنة الدراسية 2009 - 2009: التعذيب والمعاملة المهينة لكرامة الإنسان في القانون التونسي، الأدوات القانونية لمكافحة الإرهاب، المفهوم الجديد والمتطور للعقوبة السجنية، جرائم الاتجار بالنساء والأطفال.

تنظيم الملتقيات والأيام الدراسية

244- قام ت وزارة الداخلية والتنمية المحلية خلال الفترة التي يغطيها التقرير بتنظيم عديد الملتقيات والنّدوات في مجال حقوق الإنسان، من ذلك:

برمجة جملة من المحاضرات والنّدوات العلميّة في إطار الدّورات التدريسية والأيّام الدراسية بمدارس الأمن لمختلف الأسلاك.

التطرّق إلى مواضيع حماية حقوق الإنسان والحريّات العامّة خلال النّدوات الدوريّة لرؤساء المناطق وآمري الأفواج، وكذلك خلال اجتماعات رؤساء الفرق ورؤساء المراكز.

تنظيم أيّام دراسية على مستوى الجهات بالتنسيق مع المؤسّسة القضائية تهدف إلى التعريف بالإجراءات والتنقيحات الجديدة التي أدخلت على التشريعات والقوانين الصادرة في المجال.

تنظيم الأسابيع المغلقة لحقوق الإنسان والتعريف بالآليات الوطنيّة لحمايتها بالمدرسة الوطنيّة لضبّاط الشرطة المساعدين ببنزرت.

إعادة نشر الدليل الخاص بحقوق الإنسان

245- يجمع هذا الدليل مختلف نصوص الأمم المتحدة والنصوص الوطنية المتعلّقة بحقوق الإنسان، مع تحيينها، وقد وقع توزيعه على كافة الأعوان المكلّفين بتنفيذ القوانين وذلك بهدف جعله أداة عمل ومرجعا ً دائما ً لطريقة عملهم. ومن أبرز الصكوك الدولية التي يحتويها هذا الدليل:

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أواللاإنسانية أو المهينة.

مقتطفات من مجلة الإجراءات الجزائية تتعلّق بالاحتفاظ وإجراءات معاملة الموقوفين.

القانون المتعلق بنظام السجون.

مدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين.

القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

مبادئ مجلة واجبات الطبيب التي لها علاقة بمهام موظفي السلط ة الطبّية خاصة منهم الأطباء إذا تعلق الأمر بحماية المساجين والأشخاص الموقوفين ضد كل أشكال التعذيب وشتى المعاملات المهينة.

إعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد.

مبادئ أساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين .

المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين .

إدراج التعليم والإعلام فيما يتعلق بحظر التعذيب في برامج التدريب الموجه للقضاة ولإطارات وأعوان السجون والإصلاح

246- تبذل وزارة العدل وحقوق الإنسان جهودا ً كبيرة لا فقط في مجال إقامة العدل وإنما أيضا ً في مجال التربية على حقوق الإنسان ونشر ثقافتها وذلك خاصة على مستوى مصالح المنسق العام لحقوق الإنسان ومركز الدراسات القانونية والقضائية والمعهد الأعلى للقضاء ومدرسة تكوين إطارات وأعوان السجون والإصلاح.

دور مصالح المنسق العام لحقوق الإنسان ومركز الدراسات القانونية والقضائية في نشر ثقافة حقوق الإنسان

247- تمّ بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2005 إصدار كتابين بالاشتراك بين مركز التوثيق في مجال حقوق الإنسان التابع لمصالح المنسق العام لحقوق الإنسان ومركز الدّراسات القانونيّة والقضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان حول (أ) حقوق الإنسان: نصوص وطنية ودولية؛ و(ب) تحليل مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من قبل 32 قاضية وقاض.

248- وفي إطار مشاركة تونس المجموعة الدولية احتفالاتها بالذكرى الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، قامت مصالح المنسق العام لحقوق الإنسان بإصدار مصنف حول حقوق الإنسان على مستندين ورقي ورقمي تضمن خاصة كل الصكوك الدولية التي صادقت عليها تونس في مجال حقوق الإنسان بما فيها النص الكامل لاتفاقية مناهضة التعذيب، كما قام مركز الدراسات القانونية والقضائية بإصدار عدة أعداد من مجلة القضاء والتشريع حول حقوق الإنسان.

التربية على حقوق الإنسان ونشر ثقافتها بالمعهد الأعلى للقضاء

249- إنّ المعهد الأعلى للقضاء، الذي يتخرّج منه سنويا ً ما لا يقلّ عن 50 قاضيا ً ، يوفّر منذ فتح أبوابه سنة 1987 لقضاة المستقبل تكوينا ً مهنيا ً عصريا ً ومتطوّرا ً يركّز على احترام الحريات وحقوق الإنسان، إذ أنّ برامج التكوين الأساسي به تتضمّن محورا ً هامّا ً متعلقا ً بحقوق الإنسان نظّمه قراران صادران عن وزير العدل مؤرخان في 26 حزيران/يونيه 1992 ومتعلقان بتنظيم تدريس مادة حقوق الإنسان في برامج التكوين بالمعهد الأعلى للقضاء. وغاية هذه الدروس هي تنمية معارف القضاة في خصوص الأدوات الدولية لحقوق الإنسان والتوجّهات الدولية والمبادئ الصادرة عن الأمم المتحدة وعن المنظمات الإقليمية في مادة حقوق الإنسان وجعل القضاة يتأقلمون مع آليات الحماية الدولية لحقوق الإنسان ومن بينها اللجان الخاصة بتطبيق المعاهدات ولا سيما لجنة مناهضة التعذيب وذلك بحكم الدور الذي يقوم به القضاة في بحث وتتبع مرتكبي جرائم التعذيب.

250- ولقد أصدر وزير العدل قرارين بتاريخ 26 حزيران/يونيه 1993 أوّلهما يتعلق بتدريس مادة حقوق الإنسان في إطار التكوين والتأهيل بالمعهد الأعلى للقضاء، و نصّ على أنّ التكوين والتأهيل بالمعهد الأعلى للقضاء يشمل ضمن المواد الرئيسية دروسا ً في مجال حقوق الإنسان. وتهدف هذه الدروس إلى تنمية المعرفة بدراسة الاتفاقيات الدولية والتوصيات ومبادئ السلوك التي تصدرها الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية في مجال حقوق الإنسان والتعرف على آليات الحماية الدولية والقانون المقارن. كما تهدف هذه الدروس وما يرتبط بها من تظاهرات تطبيقية كالمحاكمات التدريبية وأساليب التثقيف الأخرى إلى إذكاء الحس الإنساني بالتدابير العالمية الرامية لضمان حقوق المتقاضين وإقامة العدل. وتدرس مادة حقوق الإنسان في إطار التكوين والتأهيل في سداسيين اثنين.

251- ومن بين ما يمكن أن يطرح في هذه المحاكمات التدريبية كيفية التعاطي مع المتهمين اللذين يصرحون بأن تصريحاتهم انتزعت منهم تحت طائلة التعذيب مثلا ً ، وما يتعين عليهم فعله في مثل هذه الحالات من عرض المعنيين على الفحص الطبي وإحالة الملف للنيابة العمومية لممارسة التتبعات اللازمة عند الاقتضاء.

252- أمّا القرار الثاني الصادر أيضا ً في 26 حزيران/يونيه 1993، فهو يتعلّق بتدريس مادة حقوق الإنسان في إطار استكمال الخبرة بالمعهد الأعلى للقضاء، وقد نصّ على تنظيم المعهد الأعلى للقضاء لمحاضرات في إطار استكمال خبرة القضاة لغرض تنمية مهاراتهم والتعريف بالجديد في مجالات الاتفاقيات الدوليّة وحماية حقوق الإنسان وتطوير التشريعات الوطنية وفقه القضاء بما يتناسب مع توجهات تدعيم هذه الحقوق وحمايتها.وتُنظم هذه المحاضرات ضمن دورات دراسية أو ملتقيات أو لقاءات بمقر المعهد الأعلى للقضاء أو بالمحاكم يشارك فيها القضاة.

253- ويرتكز تدريس مادّة حقوق الإنسان في المعهد الأعلى للقضاء في إطار التكوين والتأهيل وفي إطار استكمال الخبرة على الآليات الدوليّة المتعلّقة بحقوق الإنسان وعلى آليات حماية حقوق الإنسان وذلك كما يلي:

تدريس الآليات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان

اتفاقيات دولية معتمدة من قبل الأمم المتحدة وغيرها من الوثائق والصكوك الدولية (إعلانات - توصيات - مبادئ السلوك)

نماذج الاتفاقيات الإقليمية المعتمدة على الصعيد العربي والإسلامي والإفريقي وكذلك المعتمدة على الصعيد الأوروبي والأمريكي.

تدريس آليات حماية حقوق الإنسان .

في إطار منظّمة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة ومنظمة العمل الدولية والمنظمات الإقليمية ودرس ترابطها مع النظام القانوني والقضائي الوطني.

في إطار المنظمات غير الحكومية بإبراز دور المنظمات في إشاعة مبادئ حقوق الإنسان وحمايتها.

254- كما يواصل المعهد تنظيم عدّة ندوات حول حقوق الإنسان في إطار التدريب الأساسي لطلبة المعهد الأعلى للقضاء وبرامج استكمال الخبرة للقضاة المباشرين. ويقدّم طلبة المعهد الأعلى للقضاء أكثر فأكثر رسائل ختم دروس بالمعهد الأعلى للقضاء يتناولون فيها بالبحث والتحليل مبادئ الأدوات القانونية وإجراءات الآليات الدوليّة لتطوير وحماية حقوق الإنسان وكذلك الإجراءات القضائية الوطنية المتعلقة بها.

255- ومن رسائل التخرّج من المعهد التي أعدّها الملحقون القضائيون في مواضيع تتعلق بحقوق الإنسان نذكر: الآليات الوطنيّة لحماية حقوق الإنسان، وأنسنة العقوبات في القانون الجزائي التونسي، ومحكمة العدل الدوليّة، ولجان الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية، والقانون الجديد المنظّم للسجون، وبنوك المعلومات وحماية الحياة الخاصّة، ودور كاتب المحكمة في ضمان حقوق المتّهم، واستنطاق ذي الشبهة، ودور القاضي في تكريس مبدأ المساواة بين الجنسين في القانون التونسي، وضمانات المحتفظ به والمحاكمة العادلة.

256- وفي إطار مزيد تعريف القضاة بالقوانين والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان ودعوتهم إلى الاستئناس بها، يقوم المعهد الأعلى للقضاء ببرمجة دورات أساسيّة في مواضيع مختلفة.

التربية على حقوق الإنسان ونشر ثقافتها بالمدرسة الوطنية للسجون والإصلاح

257- أدرجت الإدارة العامّة للسجون والإصلاح، التي باتت تحت إشراف وزارة العدل وحقوق الإنسان، مادّة حقوق الإنسان كمادة أساسية موجهة إلى كافة أصناف المتكوّنين خلال تنفيذ برامج التكوين الأساسي للتلاميذ المستجدين على اختلاف أصنافهم و كذلك للضباط المتربصين خلال التكوين التطبيقي بالمدرسة الوطنية للسجون والإصلاح. كما تمّ تنظيم العديد من دورات التكوين التنشيطي، وذلك في نطاق تحسين خبرة أعوان السجون المباشرين قصد تنمية زادهم المعرفي وإطلاعهم على آخر المستجدّات في مجال حقوق الإنسان، وذلك بالتركيز خاصّة على المحاور الآتية: حقوق السجين وواجباته والقواعد المنظمة لها، وكيفية معاملة السجناء، وأساليب التواصل والتخاطب. كما تولّت الإدارة العامة للسجون والإصلاح تنظيم أيام تحسيسية في مجال حقوق الإنسان موجّهة للموظفين المباشرين بكافة الوحدات السجنية والإصلاحية تشرف عليها إطارات من الإدارة العامّة.

إدراج حظر التعذيب في القوانين والتعليمات الموجهة للأشخاص المكلفين بإنفاذ القوانين

258- إلى جانب ما تمت الإشارة إليه في هذا التقرير عند التعرض لمضمون المادة الثانية من الاتفاقية من إدراج حظر التعذيب في القوانين والتأكيد في نص الدستور على وجوب المعاملة الإنسانية للشخص المحروم من حريته، فإن الحرص قائم ومستمر على تعميم المناشير التي يُصدرها كل من وزير الداخلية والتنمية المحلية ووزير العدل وحقوق الإنسان على الأشخاص المكلفين بتنفيذ القوانين وذلك لما تتضمنه من تعليمات صارمة في سبيل ضمان كرامة الفرد وحمايتها من كل انتهاك.

تعميم المناشير والملاحظات والتعليمات والأوامر الإدارية التي تصدرها وزارة الداخلية والمتعلّقة بقواعد معاملة الموقوفين والمحتفظ بهم

259- صدرت مناشير عديدة عن وزير الداخلية تتعلّق بقواعد معاملة الموقوفين والمحتفظ بهم والعقوبات المستوجبة عند حدوث تجاوزات، وذلك منذ المنشور رقم 895 المؤرخ 16 كانون الأول/ديسمبر 1991 الذي أوجب تعليق نص القسم الذي يؤدّيه أعوان قوات الأمن الداخلي عند انطلاق مباشرتهم لمهامهم. ويشير نص هذا اليمين إلى واجب كل الأعوان احترام التراتيب والقوانين. ويقع أداء هذا اليمين أمام رئيس المحكمة الابتدائية المختصّة مع إقامة محضر رسمي في ذلك.

260- كما تمّ الاستمرار في نشر القواعد الدنيا المتعلقة بمعاملة الموقوفين التي صدر في شأنها منشور وزير الداخلية رقم 904 المؤرخ 24 كانون الأول/ديسمبر 1991 الذي أوجب تعليق نص هذه القواعد في مراكز الأمن ومراكز الحرس الوطني، مع الدعوة إلى وجوب الامتثال الكامل إلى هذه القواعد من قبل جميع الأعوان.

261- ولتوعية المسئولين المكلّفين بتنفيذ القوانين بضرورة احترام حقوق الإنسان ولإشعارهم بالمسؤولية المعنوية والقانونية التي تقع على عاتقهم، أصدر وزير الداخلية المنشور رقم 72 المؤرخ 24 شباط/فبراير 1992 المتعلق بواجب أن يمضي جميع أعوان وإطارات قوات الأمن الداخلي المكلفين بمهام قيادية على نصّ التزام يقتضي ضرورة احترام حقوق الإنسان والحريات العامّة.

262- وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الحرص متواصل من أجل تحسين العلاقات بين الأعوان والمواطنين حسبما نصّ عليه منشوران وزاريان تحت رقم 6 بتاريخ 3 كانون الثاني/يناير 1992 للتأكيد على ضرورة أن يلتزم أعوان الأمن بالشرعية القانونية عند القيام بعملهم مع تجنّب كل تعسّف من شأنه تتبع العون المتجاوز أمام المحاكم المختصة، وتحت رقم 53 بتاريخ 12 شباط/فبراير 1992 للدعوة إلى بذل الجهد قصد تحسين العلاقات وإبداء التعاون والتفهم والصبر تجاه المواطنين. ويقدّم الجدول التالي معلومات حول الأوامر والمناشير التي تم توجيهها للأعوان المكلفين بتنفيذ القوانين بوزارة الداخلية والتنمية المحلية.

السنة

عدد التضمين

المحتوى

1999

- أمر إداري رقم 456 بتاريخ 9 شباط/فبراير 1999

- بشأن إحكام عمليات نقل و مراقبة المحتفظ بهم.

2000

- الأمر الإداري رقم 2363 بتاريخ 16 حزيران/يونيه 2000

- المتعلق بإحكام عمليات نقل و مراقبة المحتفظ بهم.

2001

- الأمر الإداري رقم 1156 بتاريخ 28نيسان/أبريل 2001

- المتعلق بتكريس مبدأ التعامل الحضاري والمعامل ة الحسنة بين رجل الأمن والمواطن.

- مذكرة العمل رقم 22 بتاريخ 1 حزيران/يونيه 2001

- حول علاقة عون الأمن بالمواطن .

- الأمر الإداري رقم 7210 بتاريخ 24 تموز/يوليه 2001

- المتعلق بتوجيه الاستدعاءات إلى المواطن ين وتكريس مبدأ التعامل الحضاري.

- الأمر الإداري رقم 3993 بتاريخ 19تشرين الأول/أكتوبر 2001

- المتعلق بمزيد العناية بغرف الاحتفاظ .

2002

- الأمر الإداري رقم3661 19 تشرين الأول/أكتوبر 2002

- المتعلق بمزيد العناية بغرف الاحتفاظ

- برقية الإدارة العامة للأمن الوطني رقم 12922 بتاريخ 14 تشرين الأول/أكتوبر 2002

- المتعلقة بمزيد العناية بغرف الاحتفاظ التحفظي تكريسا ً لمبادئ حقوق الإنسان.

2003

- مذكرة عمل رقم 28 بتاريخ 11 آب/أغسطس 2003

- المتعلقة باحترام حقوق المتهمين أثناء البحث.

2004

- مذكرة عمل رقم 6 بتاريخ 25 شباط/فبراير 2004

- المتعلق بمزيد العناية بعلاقة الإدارة بالمواطن ودعم حقوق الإنسان.

- ملحوظة عمل رقم 8 بتاريخ 10 آذار/مارس 2004

المتعلقة بمزيد إحكام تأمين الأنفار المحتفظ بهم داخل الفضاءات الأمنية.

- مراسلة إدارية رقم 39 بتاريخ 7 نيسان/أبريل 2004

- بشأن العناية بغرف الاحتفاظ وبالمحتفظ بهم.

2005

- مراسلة إدارية رقم 40 بتاريخ 7 نيسان/أبريل 2005

- المتعلقة بتنقيح بعض الفصول من مجلة الإجراءات الجزائية بما يعزز الضمانات القانونية والقضائية لفائدة المظنون فيه وتمكينه اختياريا ً من حق إنابة محام لحضور معه لدى الباحث المناب.

2007

- الأمر رقم 1259 بتاريخ 21 أيار/مايو 2007 المتعلق بتنقيح الأمر رقم 982 لسنة 1993 المؤرخ 3 أيار/مايو 1993

- الخاص بالعلاقة بين الإدارة والمتعاملين معها.

- برقية الإدارة العامة للأمن الوطني رقم 11391 بتاريخ 5 تشرين الأول/أكتوبر 2007

- المتعلقة بمزيد العناية بغرف الاحتفاظ تكريسا ً لمبادئ حقوق الإنسان.

- منشور رقم 37 بتاريخ 18 تشرين الأول/أكتوبر 2007

- حول حسن استقبال المواطن و شفافية تعامل الإدارة معه.

- مذكرة عمل رقم 38 بتاريخ 14 كانون الأول/ديسمبر 2007

- حول مواصفات غرف الاحتفاظ.

- مذكرة عمل رقم 39 بتاريخ 24 كانون الأول/ديسمبر 2007

- بشأن علاقة الإدارة مع المواطن.

2008

- مراسلة إدارية رقم 145 بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2008

- بشأن تدعيم حرفية الأعوان في مجال الأبحاث العدلية والتي تم بمقتضاها الحث على مزيد تكريس مبادئ حقوق الإنسان و الحريات الأساسية في مرحلة البحث الابتدائي.

تعميم المناشير والملاحظات والتعليمات والأوامر الإدارية التي تصدرها وزارة العدل وحقوق الإنسان والمتعلّقة بضمان احترام كرامة السجين

263- في إطار الحرص على مزيد إحكام تطبيق عدد من النصوص القانونية ذات الصلة بالحق في التقاضي و بالضمانات في الإجراءات القضائية وكذلك بالضمانات الواجب توفّرها للسجين، فقد أصدر وزير ال عدل وحقوق الإنسان خلال سنة 2007 /2008 عدّة مناشير نذكر من بينها خاصة:

264- المنشور رقم 89/08 بتاريخ 17 آذار/مارس 2008 حول تعقيب الأحكام الصادرة في المادّة الجزائية والدعوة إلى الحرص على إعداد نسخ الأحكام الجزائية المعقّبة في إبّانها وإحكام متابعتها ومسك جداول للغرض تتضمّن التنصيصات اللازمة.

265- المنشور رقم 647/01 بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 حول الضمانات الواجب توفّرها للسجين عند توقيع عقوبة الإيداع بالغرفة الانفرادية. وقد تمّ التذكير في المنشور بوجوب احترام تركيبة لجنة التأديب وحيادها وضرورة التقيد بالإجراءات التي أقرّها القانون عند توقيع هذه العقوبة ذات الطابع الاستثنائي والتي لا يتم اللجوء إليها إلاّ بالنسبة للإخلالات الخطيرة التي تمسّ بسلامة المساجين وأمن المؤسسة السجنية.

266- المنشور رقم 98/09 بتاريخ 6 كانون الثاني/يناير 2009 حول وضعية الموقوفين تحفّظيا ً لدى مكاتب التحقيق ودوائر الاتهام والذي تضمّن التأكيد على وجوب تحيين وضعية الموقوفين على ذمة مكاتب التحقيق أو دوائر الاتهام في نطاق عمل ثلاثي يجمع السّلط القضائية المختصة والإدارة العامة للسجون والتفقدية العامة بالوزارة كحث دوائر الاتهام على تجنّب قدر الإمكان إرجاع الملفات إلى قضاة التحقيق لإجراء بعض الأبحاث التكميلية واضطلاعها هي بالدور المنوط بعهدتها في هذا الميدان. ويقدّم الجدول التالي معلومات حول بعض الأوامر والملحوظات والمذكرات الإدارية التي تمّ توجيهها للأعوان المكلّفين بتنفيذ القوانين بالإدارة العامة للسجون والإصلاح من 1999 إلى سنة 2009 تدعيما ً لحقوق المساجين:

السنة

عدد التضمين

المحتوى

1999

- أمر إداري رقم 2 بتاريخ 7 كانون الثاني/يناير 1999

- بشأن إحكام تصنيف المساجين الذين سنهم دون 20 عاما ً وفصلهم عن بقية المودعين

- أمر إداري رقم 192 بتاريخ 19 تشرين الأول/أكتوبر 1999

- بشأن ضرورة تقيد لجان تأديب المساجين المخالفين بمقتضيات النظام الداخلي للسجون

- أمر إداري رقم 215 بتاريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1999

- حول نقل المساجين لقضاء العقاب.

2001

- ملحوظة عمل رقم 328 بتاريخ 26 كانون الثاني/يناير 2001

- حول الإعلام عن كل سجين يتعرض للتعنيف أثناء البحث

2002

- ملحوظة عمل رقم 136 بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر 2002

- حول متابعة الوضعيات الجزائية للمساجين

- أمر إداري رقم 218 بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2002

- بشأن الإجراءات المتخذة عند تسجيل حالة إضراب عن الطعام

2003

- ملحوظة عمل رقم 73 بتاريخ 24 نيسان/أبريل 2003

- حول المساجين المقترح تمتيعهم بزيارة بدون حاجز

- ملحوظة عمل رقم 98 بتاريخ 6 حزيران/يونيه 2003

- بشأن مزيد إحكام تأمين أمتعة المساجين

2004

- ملحوظة عمل رقم 62 بتاريخ 23 نيسان/أبريل 2004

- بشأن القيام بحملات نظافة شاملة بالوحدات السجنية والإصلاحية

- أمر إداري رقم 95 بتاريخ 28 حزيران/يونيه 2004

- بشأن إجراءات ومقاييس تشغيل المساجين بالحضائر السجنية الخارجية

- ملحوظة عمل رقم 110 بالتاريخ 28 تموز/يوليه 2004

- بشأن العناية بفضاءات الاستقبال والزيارات

- ملحوظة عمل رقم 126 بتاريخ 13 أيلول/سبتمبر 2004

- بشأن بعث فضاءات خاصة لحلاقة المساجين

- أمر إداري رقم 131 بتاريخ 21 أيلول/سبتمبر 2004

- بشأن تكوين فريق عمل للتكفل بالوضعيات النفسية

- ملحوظة عمل رقم 151 بتاريخ 28 تشرين الأول/أكتوبر 2004

- بشأن مزيد إحكام تصنيف المساجين داخل الغرف السجنية

2005

- أمر إداري رقم 11 بتاريخ 14 كانون الثاني/يناير 2005

- بشأن تمكين المساجين وأقربائهم المعوقين ذهنيا ً من زيارة بدون حاجز

- مذكرة رقم 64 بتاريخ 30 آذار/مارس 2005

بشأن الإحاطة بكل الحالات الصحية الملفتة للانتباه

- مذكرة رقم 67 بتاريخ 4 نيسان/أبريل 2005

- بشأن إبلاء العناية اللازمة للفحص الطبي عند الإيداع

- ملحوظة عمل رقم 133 بتاريخ 10 آب/أغسطس 2005

- بشأن إعداد برمجة خاصة لاستحمام المساجين والأطفال

- أمر إداري رقم 158 بتاريخ 27 تشرين الأول/أكتوبر 2005

- بشأن تحسين ظروف الإقامة والإعاشة وتدعيم الخدمات الرعائية والبرامج الإصلاحية بالسجون.

2006

- مذكرة رقم 6 بتاريخ 12 كانون الثاني/يناير 2006

- بشأن توزيع الأدوية الموصوفة على المساجين المرضى

- مذكرة عمل رقم 18 بتاريخ 26 كانون الثاني/يناير 2006

- بشأن تدعيم تأهيل المساجين

- أمر إداري رقم 60 بتاريخ 27 آذار/مارس 2006

- بشأن تنظيم حصص حركية المجموعة لفائدة المساجين

- أمر إداري رقم 104 بتاريخ 6 حزيران/يونيه 2006

- بشأن العمل على مزيد إحكام إعداد ملفات الترشح لبرنامج تأهيل المساجين

- أمر إداري رقم 147 بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2006

- بشأن معالجة الأسنان وتركيب الطواقم بالمؤسسات السجنية والإصلاحية

2007

- مذكرة عمل رقم 75 بتاريخ 5 حزيران/يونيه 2007

- بشأن متابعة المساجين المقيمين بمركز الأمل بجبل الوسط

- ملحوظة عمل رقم 85 بتاريخ 25 حزيران/يونيه 2007

- بشأن إخراج المساجين لزيارة الأقارب عند المرض الشديد أو حضور موكب جنازة أحدهم.

- أمر إداري رقم 99 بتاريخ 1 آب/أغسطس 2007

- بشأن إجراءات تنفيذ ومتابعة برنامج التكوين المهني والفلاحي بالسجون.

- ملحوظة تعميم رقم 40 بتاريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2007

- حول حسن استقبال المواطن وشفافية تعامل الإدارة معه

2008

- ملحوظة عمل رقم 55 بتاريخ 4 نيسان/أبريل 2008

- بشأن إعلام المساجين بمآل عرائضهم

- ملحوظة عمل رقم 57 بتاريخ 28 نيسان/أبريل 2008

- بشأن تدعيم برامج إصلاح وتأهيل المساجين

- أمر إداري رقم 91 بتاريخ 22 أيار/مايو 2008

- بشأن مزيد الإحاطة ببعض وضعيات المساجين

- أمر إداري رقم 93 بتاريخ 23 أيار/مايو 2008

- بشأن إبرام اتفاقية تعاون في ميدان إدماج المساجين والأطفال الجانحين المفرج عنهم بين الإدارة العامة للسجون والإصلاح وجمعية إدماج المساجين

- مذكرة عمل رقم 110 بتاريخ 23 حزيران/يونيه 2008

بشأن تكوين لجنة قارة للإحاطة بالمساجين ومتابعة أوضاعهم وظروف إقامتهم داخل الغرف.

- ملحوظة عمل رقم 161 بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2008

- بشأن تعميم منشور السيد وزير العدل وحقوق الإنسان على كافة مديري الوحدات السجنية والمتعلق بالضمانات الواجب للسجين عند توقيع عقوبة الإيداع بالغرفة الانفرادية عليه.

2009

- ملحوظة تعميم رقم 15 بتاريخ 27 كانون الثاني/يناير 2009

- بشأن مزيد تكثيف الرعاية الاجتماعية المقدمة لعائلات المساجين

- أمر إداري رقم 52 بتاريخ 11 شباط/فبراير 2009

- بشأن مزيد تفعيل مجالات الرعاية النفسية بالمؤسسات السجنية

- مذكرة رقم 36 بتاريخ 25 شباط/فبراير 2009

- حول تدعيم الإجراءات الصحية الخاصة بالمودعين المصابين بأمراض مزمنة خطيرة

- ملحوظة عمل رقم 39 بتاريخ 23 آذار/مارس 2009

- بشأن العناية بمظهر المساجين

- ملحوظة عمل رقم 48 بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2009

- بشان مزيد الإحاطة بالمساجين المعاقين

المادة 11

267- انسجاما ً مع أحكام هذه المادة التي توجب على الدولة إجراء رقابة منهجية على تطبيق قواعد التحقيق وأساليب وممارسات الاستنطاقات، وكذلك على تطبيق القواعد المتعلقة بالاحتفاظ والإيقاف التحفظي وبمعاملة الأشخاص المجردين من حريتهم،فإنّ الدولة التونسية ما فتئت تعزّز القواعد والآليات القانونية الكفيلة بتأمين رقابة منهجية وفعالة على تطبيق تلك القواعد قصد منع حدوث أي حالات تعذيب.

رقابة منهجية على تطبيق قواعد التحقيق وأساليب وممارسات الاستنطاقات

268- تنقسم الرقابة المنهجية على تطبيق قواعد التحقيق وأساليب وممارسة الاستنطاقات قصد منع حدوث أي حالات تعذيب أو سوء معاملة إلى قسمين، فهناك رقابة يمارسها القضاء وهناك رقابة تمارسها الإدارة.

الرقابة التي يمارسها القضاء

269- تتمثل أبرز مظاهر الرقابة التي يمارسها القضاء في خضوع أعمال ضباط وأعوان الأمن الذين لهم صفة مأمورو الضابطة العدلية، عند إجرائهم للاستنطاقات، لرقابة النيابة العمومية وقضاة التحقيق من جهة أولى، وخضوع أعمال قضاة التحقيق بما فيها الاستنطاقات لرقابة دائرة الاتّهام.

خضوع أعمال مأموري الضابطة العدلية، عند إجرائهم للاستنطاقات، لرقابة القضاة

270- يتجه التذكير بداية إلى أن محافظي الشرطة وضباطها ورؤساء مراكزها، وضباط الحرس الوطني وضباط صفه ورؤساء مراكزه يخضعون عند مباشرتهم لوظائفهم للإشراف المباشر لوكيل الجمهورية باعتبارهم مساعدين له حسب صريح الفصل 11 من مجلة الإجراءات الجزائية.

271- ووفقا ً لأحكام الفصل المذكور فإنه يتوجب عليهم قانونا ً إعلام وكيل الجمهورية حالا ً بما قاموا به من الأعمال بما فيها الاستنطاقات بما يجعل ممارستها تتم تحت الرقابة المستمرة لممثل النيابة العمومية. ومن أوجه خضوع مأموري الضابطة العدلية لسلطة وكيل الجمهورية هو عدم إجرائهم لأي عمل من أعمال التحقيق ما لم يكونوا مأذونين بإجرائه بإذن قضائي كتابي إلا في حالة الجنح والجنايات المتلبس بها.

272- ومن ناحية ثانية فإن محافظي الشرطة وضباطها ورؤساء مراكزها، وضباط الحرس الوطني وضباط صفه ورؤساء مراكزه يخضعون لرقابة قضاة التحقيق في صورة ما إذا تم توجيه إنابات قضائية إليهم إذ أن جميع الأعمال التي يقومون بها عدا إصدار البطاقات القضائية التي هي من الاختصاص المطلق لقضاة التحقيق تتم تحت الإشراف المباشر للقضاة المذكورين وبالتالي تحت رقابتهم.

273- وتعزيزا ً للضمانات القانونية في طور الاستنطاق، فقد صدر خلال سنة 2007 القانون رقم 32 لسنة 2007 المؤرخ 22 آذار/مارس 2007 الذي أقر حق المظنون فيه في اختيار محامي عند سماعه من قبل أعوان الأمن الذين يبحثون بإنابة من القضاء. ومما لا شك أن حضور المحامي عملية استنطاق موكله من طرف مأموري الضابطة العدلية تشكل ضمانة أساسية لحقوق المشتبه بهم إذ تجعل المحامي رقيبا ً وشاهدا ً على ما يقوم به أولئك المأمورون أثناء تلك العملية.

خضوع أعمال قضاة التحقيق بما فيها الا ستنطاقات لرقابة دائرة الاتهام

274- ضمانا ً لحقوق المشتبه بهم في طور التحقيق ولاسيما أثناء الاستنطاق، فقد أقر المشرع التونسي جملة من الضوابط في عمل قضاة التحقيق من أبرزها أن قاضي التحقيق لا يمكن له أن ينجز أعماله من سماع شهود واستنطاقات وإجراء معاينات وتفتيش وحجز إلا بمساعدة كاتبه وذلك حسب صريح الفصل 53 من مجلة الإجراءات الجزائية. وإضافة إلى حضور الكاتب، فإن عملية الاستنطاق يحضرها المحامي والمترجم عند الاقتضاء حسب الفصل 72 من المجلة المذكورة، بل إن وكيل الجمهورية بإمكانه أيضا ً أن يحضر أيضا ً عملية الاستنطاق حسب الفصل 73. وحضور كل هؤلاء الأشخاص عملية الاستنطاق تشكل ضمانة لحقوق المتهم الأساسية.

275- وتتمتع دائرة الاتهام بسلطات واسعة لإجراء رقابة على أعمال قضاة التحقيق بما فيها الاستنطاقات، ولا تتردد في اتخاذ قرار بإبطال جميع الأعمال المنافية للنصوص و لقواعد الإجراءات الأساسية أو مصلحة المتهم الشرعية تطبيقا ً لأحكام الفصل 199 من مجلة الإجراءات الجزائية. وحسب نفس الفصل، فإن القرار الذي تصدره دائرة الاتهام هو الذي يحدد نطاق الإبطال، فهو إما أن يتسلط على عمل أو عدة أعمال في نفس الوقت أو على قرار ختم البحث برمته، وعلى قاضي التحقيق حينئذ إعادة الأعمال التي تحددها له سلفا ً دائرة الاتهام.

الرقابة التي تمارسها الإدارة

276- في إطار الحرص على حسن سير إدارة القضاء، تتولى مصالح التفقدية العامة بوزارة العدل وحقوق الإنسان إجراء رقابة دورية على سير نشاط المحاكم للتحقق من وجود إخلالات في سير عمل المحاكم إضافة إلى إمكانية إجرائها لتحريات خاصة في صورة تلقيها لشكاوي من المتقاضين في ادعاء حصول انتهاكات للقانون.

277- وقد ضبط الفصل 13 من الأمر رقم 1330 لسنة 1992 المؤرخ 20 تموز/ يوليه 1992 المتعلق بتنظيم وزارة العدل مهام التفقدية العامة والذي جاء فيه أنها تقوم تحت سلطة الوزير مباشرة بمهمة تفقد مستمر لدى كافة المحاكم باستثناء محكمة التعقيب ولدى سائر المصالح والمؤسسات الراجعة بالنظر للوزارة.

278- وتتولى جمع وتحليل تقارير التفقد الذي يجريه الرؤساء الأول والوكلاء العامّون لدى محاكم الاستئناف كل فيما يخصه للتأكد من حسن سير المحاكم الراجعة لهم بالنظر والفصل العادي للقضايا وتتولى أيضا ً في إطار التفقد البحث عن الوسائل الكفيلة بتحسين سير العمل بالمحاكم بأكثر ما يمكن من النجاعة.

279- وبداية من شهر كانون الأول/ديسمبر 2008 تم تركيز منظومة إحصائية خاصة صلب مصالح التفقدية العامة الغرض منها ضمان عدم تجاوز الآجال القانونية للإيقاف التحفظي، ويتدخل في هذه المنظومة كل من إدارة الإحصاء بالتفقدية العامة و الإدارة العامة للسجون والإصلاح. وتعتمد المنظومة على استغلال أهم المؤشرات الخاصة بالموقوفين تحفظيا ً من قبل التفقدية العامة بالاعتماد على القوائم الإحصائية المحالة عليها من الإدارة العامة للسجون والإصلاح، كما تمكن مما يلي:

التعرف على وضعية الموقوفين تحفظيا ً على مستوى كل مكاتب التحقيق ودوائر الاتّهام من حيث عددهم ومن حيث مدة الإيقاف التحفظي المقضّاة.

التدخل الفوري للتفقدية العامة للفت نظر الجهة القضائية وتنبيهها إلى وضعية الموقوفين الذين فاقت مدة إيقافهم مدة معينة:

3 أشهر(عادي) .

6 أشهر (مؤشر متابعة) .

10 أشهر (مؤشر إنذار) .

14 شهرا ً (اتخاذ اللازم لتفادي تجاوز ال آجال القانونية للإيقاف التحفظي) .

اعتمادا ً على نتائج المنظومة تجرى تفقّدات ميدانية على مكاتب التحقيق أو دوائر الاتّهام ورفع الإخلالات ومعالجتها.

280- ولمزيد تحقيق نجاعة المنظومة تم إصدار منشور بتاريخ 9 كانون الثاني/يناير 2009 يتضمن خاصة وجوب اتباع إجراءات معينة لتحيين المعلومة الخاصة بقوائم الموقوفين الممسوكة بالإدارة العام للسجون و الإصلاح وتحقيق تناسقها مع القوائم الممسوكة لدى المحاكم.

281- ومن جهتها، تتولى مصالح التفقد التابعة لوزارة الداخلية والتنمية المحلية إجراء رقابة إدارية على مختلف الأعمال التي يقوم بها مختلف الأشخاص التابعين لقوات الأمن الداخلي، للتحقق أيضا ً من وجود إخلالات أو انتهاكات للقانون.

282- وحسب الفصل الثاني من الأمر رقم 1 لسنة 2004 المؤرخ 8 كانون الثاني/ يناير 2004 المتعلق بإحداث وتنظيم وضبط مهام التفقدية العليا لقوات الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية والتنمية المحلية والديوانة، فإن التفقدية العليا تتولى المهام التالية:

(أ) القيام بأعمال مراقبة علنية وسرية لمختلف وحدات الأمن الوطني والحرس الوطني والحماية المدنية والديوانة بكامل تراب الجمهورية وفي أي وقت، لغاية التأكد من حسن أداء الأفراد للمهام الموكولة إليهم في نطاق القوانين والتراتيب الجاري بها العمل؛

(ب) إعلام وزير الداخلية والتنمية المحلية بكل التصرفات وإبداء كل الملاحظات ذات العلاقة بنشاط إطارات وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة؛

(ج) توجيه تقرير سنوي شامل إلى وزير الداخلية والتنمية المحلية يتضمن تقييما ً لتطور أداء الأفراد والوحدات التابعة لقوات الأمن الداخلي والديوانة المشار إليها، مع تقديم الاقتراحات المناسبة.

283- ومن بين الهياكل التي تتكون منها التفقدية العليا وحدة مراقبة خاصة بسلك الشرطة والأمن الوطنيين، ووحدة مراقبة خاصة بسلك الديوانة التي تتولى تنفيذ مهام المراقبة والتفقد وتحرص على حسن سير التفقد والمراقبة وترد عن كل الملاحظات والمخالفات التي تتم معاينتها حول أداء أفراد قوات الأمن الداخلي والديوانة لمهامهم.

284- وحسب الفصل 15 من الأمر المذكور فانه في صورة ارتكاب الإطار أو العون الملحق بالتفقدية العليا لخطأ يستوجب تسليط عقوبة من الدرجة الثانية، يوجه المتفقد الأعلى تقريرا ً معلّلا ً إلى وزير الداخلية والتنمية المحلية يقترح فيه وضع حد لإلحاق الإطار أو العون المعني إرجاعه إلى سلكه الأصلي. وتتولى عندئذ السلطة، التي لها حق تأديب العون أو التي تتمتع بتفويض لذلك، اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة ضده.

رقابة منهجية على تطبيق القواعد المتعلقة بالاحتفاظ والإيقاف التحفظي وبمعاملة الأشخاص المجردين من حريتهم

285- عملت الدولة منذ عدة سنوات على تعزيز وتطوير آليات الرقابة المتعلقة بتطبيق القواعد الخاصة بالاحتفاظ والإيقاف التحفظي وبمعاملة الأشخاص المجردين من حريتهم وذلك سواء تعلق الأمر بآليات الرقابة القضائية أو آليات الرقابة غير القضائية والغاية من كل ذلك منع حدوث أي حالات تعذيب أو أي شكل من أشكال انتهاك حقوق الإنسان.

آليات الرقابة القضائية

286- شمل تعزيز آليات الرقابة القضائية على تطبيق القواعد المتعلقة بالاحتفاظ والإيقاف التحفظي مزيد تفعيل الدور الرقابي للنيابة العمومية، وإحداث خطة قاضي تنفيذ العقوبات وذلك في إطار الحرص على ضمان احترام المعاملة الإنسانية للأشخاص المجردين من حريتهم.

تطوير الدور الرقابي للنيابة العمومية على تطبيق القواعد المتعلقة بالاحتفاظ والإيقاف التحفظي

287- عرفت منظومة العدالة الجزائية منذ أواخر الثمانينات نقلة نوعية في اتجاه دعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتأكيد حرمة الفرد وتكريس قرينة البراءة. وتمّ في هذا الإطار تنظيم الاحتفاظ والإيقاف التحفظي. فبعد أن كانت مدة الاحتفاظ الذي يختص بها مأمور الضابطة العدلية غير محددة قبل سنة 1987، حددت مدة الاحتفاظ بموجب القانون رقم 70 المؤرخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1987 المنقح في مرحلة أولى بأربعة أيام في الحالات التي تقتضيها ظروف البحث وإعلام وكيل الجمهورية بذلك مع إمكانية التمديد كتابيا ً لنفس المدة وعند الضرورة القصوى التمديد مرة ثانية لمدة يومين اثنين.

288- ثم جاء القانون رقم 90 المؤرخ 2 آب/أغسطس 1999 بالتقليص من مدّة الاحتفاظ من أربعة أيام إلى ثلاثة أيام والاقتصار على التمديد فيه مرة واحد بنفس المدّة. ويخضع الاحتفاظ إلى مراقبة وكيل الجمهورية الذي لا يأذن بالتمديد فيه إلا بصفة استثنائية كما يتولى وكيل الجمهورية في كل الحالات وفي ظرف أربعة أيام معاينة الحالة البدنية للمشبوه فيه.

289- وينصّ نفس القانون أنّه أثناء فترة الاحتفاظ أو عند انتهائها يمكن للمشبوه فيه أو لأحد أصوله أو فروعه أو أشقائه أو قرينه أن يطلب العرض على الفحص الطبي وينصّ على ذلك بالمحضر الذي يتضمن أيضا ً تاريخ بداية ونهاية كل احتفاظ وكل استنطاق يوما ً وساعة.

290- ومن ناحية ثانية فإن إيقاف المظنون فيه تحفظيا ً من قاضي التحقيق لم يكن محددا ً قبل سنة 1987 فأقر القانون رقم 70 المؤرخ 26 تشرين الثاني /نوفمبر 1987 أن مدته تكون لستة أ شهر مع إمكانية التمديد فيها مرة واحدة بالنسبة للجنحة ومرتين بالنسبة للجناية على أ ن لا يتجاوز كل تمديد ستة أشهر. ثم وبمقتضى القانون رقم 114 المؤرخ 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، تم التخفيض في مدة الإيقاف التحفظي عند التمديد فيه وذلك بجعل تمديد فترة الإيقاف بالنسبة للجنحة مرة واحدة بثلاثة أشهر وبجعل التمديد في فترة الإيقاف بالنسبة للجناية مرتين لا تزيد كل واحدة عن أربعة أشهر.

291- وتثبيتا ً للتوجه الحمائي لحريات الأفراد وصون حرمتهم، تم الارتقاء بمسائل الاحتفاظ والإيقاف التحفظي وقرينة البراءة وحق الدفاع والمحاكمة العادلة إلى المستوى الدستوري بموجب الإصلاح الجوهري للدستور المصادق عليه باستفتاء والصادر بمقتضى القانون الدستوري المؤرخ في 1 حزيران/يونيه 2002.

292- وسعيا ً لمزيد توفير الضمانات القضائية في مرحلة ما قبل المحاكمة وحرصا ً على تطوير الدور الرقابي للنيابة العمومية على تطبيق القواعد المتعلقة بالاحتفاظ والإيقاف التحفظي، فقد تم إصدار قانون 4 آذار/مارس 2008 وهو يتضمن تنقيح الفصول 13 مكرر و57 و85 من مجلة الإجراءات الجزائية وذلك بالتنصيص صراحة ضمن مقتضياتها على ضرورة التعليل الكتابي لأسانيد الواقعية والقانونية التي انبنى عليها قرار التمديد بالنسبة للاحتفاظ وكذلك لقرار الإيقاف التحفظي وهو الأمر الذي يخول لوكيل الجمهورية في مادة الاحتفاظ مراقبة الأسباب التي تبرّر التمديد كالتثبت من وجود جريمة من عدمه وتلافي إمكانية اقتراف جرائم جديدة، وتقييم أوجه التمديد في الأبحاث مثل سماع شهود أو إيقاف مظنون فيه بحالة فرار، وتقدير القرائن التي استلزمت الإيقاف بصفة عامة.

293- كما أن اقتضاء هذا التعليل لقرار الإيقاف التحفظي من طرف قاضي التحقيق يوفر لدائرة الاتهام عند الطعن في قرارات هذا الأخير إمكانية مراقبة مدى وجاهة هذا التعليل والتمعن في مبرراته توصلا ً إلى اتخاذ الملائمة في شانه بما في ذلك مراقبة مدى التقيد بحالات السراح الوجوبية وذلك إنفاذا ً لقاعدة أن الحرية هي القاعدة والإيقاف هو الاستثناء.

إحداث خطة قاضي تنفيذ العقوبات لتأمين رقابة قضائية على معاملة الأشخاص المجردين من حريتهم

294- تمّ بموجب القانون رقم 77 لسنة 2000 المؤرّخ 31 تموز/يوليه 2000 إرساء مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات. ثمّ تمّ توسيع وتدعيم صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات بموجب القانون رقم 92 لسنة 2002 المؤرّخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002 المتعلّق بتنقيح وإتمام مجلة الإجراءات الجزائية.

295- ووفقا ً لأحكام القانونين المذكورين فقد تمثّلت أهمّ اختصاصات قاضي تنفيذ العقوبات في:

مراقبة ظروف تنفيذ العقوبة السالبة للحرية المقضّاة بالمؤسسات السّجنية الكائنة بمرجع النظر الترابي للمحكمة الراجع لها بالنظر.

زيارة السجن مرّة في الشهرين على الأقل للإطّلاع على أوضاع المساجين.

إعلام قاضي الأسرة بأوضاع أطفال السجينات المرافقين لهنّ حتى يتولّى - في شأنهم - اتخاذ أحد التدابير المنصوص عليها بالفصل 52 من مجلة حماية الطفل والتي من بينها وضع الطفل تحت نظام الكفالة أو لدى عائلة استقبال أو لدى مؤسسة اجتماعية أو تربويّة مختصّة أو وضع الطفل بمركز للتدريب أو التعليم.

مقابلة المساجين الراغبين في ذلك أو من يرغب في سماعهم بمكتب خاص إذ بإمكان قاضي تنفيذ العقوبات أن يقدّم لإدارة السّجن قائمة في أسماء مساجين يرغب في سماعهم بمكتب خاص. ويمكن لهذا القاضي أن يحدّد الأسماء في ضوء المعلومات والشكايات التي قد ترد عليه.

الإطلاع على الدفتر الخاصّ بالتأديب، والجدير بالتذكير في هذا السياق أنّ أحكام التأديب تعرّض لها القانون المنظم للسجون في الفصول من 22 إلى 26 وهي تتلخّص في وجود لجنة تأديب داخل السجن حدّد تركيبتها الفصل 26، ويمكن لها بعد الاجتماع بالسجين وتلقي ما له من مؤيدات أن تُسلّط عليه عقابا ً تأديبيا ً إذا ثبت لديها إخلاله بالواجبات المحمولة عليه أو بما يمسّ بحسن سير السجن أو يخلّ بالأمن به ومن بين العقوبات التأديبية التي أقرّها نظام السجون الاكتفاء بتوجيه إنذار أو توبيخ للمخالف من طرف مدير السجن أو حرمانه من زيارة ذويه لمدة معيّنة لا تتجاوز 15 يوما ً أو وضعه في غرفة منفردة تتوفّر فيها المرافق الصحية وذلك لمدة أقصاها عشرة أيام. ولعلّ المشرع التونسي بتخويله لقاضي تنفيذ العقوبات حق الإطلاع على الدفتر الخاصّ بالتأديب أراد أن يجعل عين القضاء ساهرةً على عمليات التأديب التي تتم داخل الفضاء السجني المغلق.

طلب إدارة السجن القيام ببعض أعمال الرعاية الاجتماعية للسجين مثل تلك التي تتصل بحلّ الخلافات بينه وبين أفراد عائلته أو ما يتصل بالصعوبات التي قد تعترض الأطفال في دراستهم. والجدير بالتذكير أنّ إدارة السجن تحيل إلى قاضي تنفيذ العقوبات تقريرا ً سنويا ً في نشاطها الاجتماعي وتكمن أهمية هذه الإحالة في أنّ المعلومات المدرجة بالتقرير المذكور من شأنها مساعدة القاضي على فضّ العديد من المشاكل الاجتماعية التي قد يتعرض لها بعض السجناء.

منح قاضي تنفيذ العقوبات المحكوم عليهم تراخيص الخروج من المؤسسة السجنيّة لزيارة الزوج أو أحد الأصول أو الفروع عند المرض الشديد أو لحضور موكب جنازة أحد الأقارب. ويأتي إقرار هذه الصلاحية في إطار حقّ السجين في الحفاظ على الرّوابط العائلية والاجتماعية وفي إطار تقليص الفوارق بين الحياة داخل الفضاء السجني والحياة الحرّة.

إعلام طبيب السجن قاضي تنفيذ العقوبات كتابيا ً بالحالات الخطيرة التي يعاينها. والغاية من هذا الإعلام هي تنبيه ذلك القاضي إلى وضع صحّي معيّن يعيشه سجين، والوقوف على أسبابه ثم القيام بما يلزم إثر ذلك مثل إخطار وكيل الجمهورية بحصول جريمة اعتداء بالعنف في حق ذلك السجين أو إخطار مدير السجن بتدهور حالة المريض نتيجة لتقصير في تقديم المساعدة الطبية في الإبّان والتدخل العاجل لإنقاذ حياة السجين وتحديد المسؤوليات إلى غير ذلك من الصّور التي يمكن أن يتضمنها مثل ذلك الإعلام.

تحرير قاضي تنفيذ العقوبات لتقرير سنوي يتضمّن ملاحظاته ومقترحاته يحيله على وزير العدل. ومن شأن إحالة تقارير جميع قضاة تنفيذ العقوبات عن الأوضاع بمختلف السجون داخ ل الجمهورية أن تعطي للوزير مشهد ا ً مكتملا ً يمكّنه من الوقوف على النقائص لتلافيها وتداركها.

إمكانية اقتراح تمتيع بعض المساجين بالسراح الشرطي: وهذه صلاحية تتجاوز حدّ مراقبة ظروف تنفيذ العقوبة باعتبارها تشكّل نتيجة من نتائجها. فالزيارات التي يؤدّيها القاضي للسجن وإطّلاعه على أوضاع المساجين واللقاءات التي قد تجمعه بالبعض منهم والمعلومات التي قد ترد عليه من إدارة السجن تجعله مؤهلا ً للوقوف على مدى إمكانية تمتيع بعض المساجين بالسراح الشرطي عند توفّر الشروط اللازمة لذلك. غير أنّ المشرع فضّل في مرحلة أولى أن تقتصر صلاحية قاضي تنفيذ العقوبات في هذا المجال على حدّ اقتراح السراح الشرطي لا منحه، إذ أن عملية المنح تتم من طرف لجنة السراح الشرطي بناء على اقتراح من قاضي تنفيذ العقوبات أو من المدير العام للسجون.

296- ويبرز الجدول التالي تطور نشاط قاضي تنفيذ العقوبات من السنة القضائية 2003/2004 إلى نهاية السداسي الأول من السنة القضائية 2008/2009.

الموضوع

2003/2004

2004/2005

2005/2006

2006/2007

2007/2008

2008/2009*

مهمات المراقبة

265

210

277

182

255

235

السراح الشرطي

975 2

4960

4925

219 5

105 6

404 2

الزيارات

190

182

243

230

302

258

تراخيص خروج

172

116

97

147

136

39

ا علامات لطبيب السجن* *

33

35

34

50

26

12

* 2008/2009: السداسي الأول من السنة القضائية.

* * عدد الحالات الخطرة التي أعلم بها القاضي طبيب السجن.

آليات الرقابة غير القضائية

297- تنقسم آليات الرقابة غير القضائية إلى عدة أصناف. فإلى جانب هياكل وأجهزة الرقابة الإدارية، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، تم خلال السنوات الأخيرة توسيع آليات الرقابة ليشمل حتى المنظمات غير الحكومية الأجنبية المعروفة بحيادها وخبرتها.

هياكل وأجهزة الرقابة الإدارية

298- إلى جانب ما تقوم به مصالح التفقد بكل من وزارة الداخلية والتنمية المحلية ووزارة العدل وحقوق الإنسان والتفقدية العامة التابعة للإدارة العامة للسجون والإصلاح من دور رقابة على جميع أعمال إطارات وأعوان قوات الأمن الداخلي وكذلك إطارات وأعوان السجون والإصلاح، فإن خلايا حقوق الإنسان بالوزارات ومؤسسة المواطن الرقيب تقوم بدور إيجابي في حماية حقوق الإنسان من الانتهاكات.

خلايا حقوق الإنسان بالوزارات

299- تمّ في بداية التسعينات إحداث خلايا لحقوق الإنسان بكل من وزارة العدل وحقوق الإنسان (من بين مهامها تلقي شكايات المواطنين في المواضيع ذات الصلة بحقوق الإنسان) ووزارة الداخلية والتنمية المحلية (من بين مهامها تلقي شكايات المواطنين أيضا ً ومعالجتها) ووزارة الشؤون الخارجية (من بين مهامها ربط الصلة مع مختلف المؤسسات الأممية والدولية وكذلك المنظمات غير الحكومية الأجنبية في مجال حقوق الإنسان وتعمل على متابعة المواضيع المتعلّقة بالتزامات الدولة التونسية والمنبثقة عن المصادقة على الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان). وجميع هذه الهياكل تساهم من موقع اختصاصها في ممارسة رقابة لأوضاع حقوق الإنسان ورفع تقارير بشأنها إلى سلط الإشراف.

المواطن الرقيب

300- تعد هذه الخطة التي تمّ إحداثها في بداية التسعينات من أبرز أدوات الإصلاح الإداري وإحدى الوسائل المعتمدة لضمان حق المواطن في نوعيّة جيّدة من الخدمات الإدارية. وتتمثل مشمولات المواطن الرقيب في القيام بعمليات إدارية حقيقية كسائر المواطنين لدى المصالح العمومية، وذلك قصد معاينة نوعية الخدمات بالمصالح الإدارية وملاحظة كيفية أداء العمل من قبل الأعوان العموميين على حالتها الطبيعية. كما تشمل المعاينة ظروف استقبال المواطنين وظروف العمل بالإدارة والمظهر العام للمباني العمومية.

301- ويحجر على المواطن الرقيب، أثناء معايناته، الكشف عن صفته أو التدخل في سير العمل بالمصلحة التي يزورها. وهو مطالب كذلك بالمحافظة على السريّة التامة عند القيام بمهمته وكذلك الشأن بعد انقضاء المهمّة. ويرفع المواطن الرقيب تقريره المتضمن ملاحظاته الإيجابية والسلبية إلى إدارة نوعية الخدمة العمومية التي تنظر في هذه الملاحظات ثم تجمعها وترسل في شأنها تقارير شهرية إلى الوزارات المعنيّة لاتخاذ الإجراءات اللاّزمة لتفادي النقائص والتنويه بالأعوان العموميين الذين تميّزوا بحسن الأداء.

المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان

302- إلى جانب الدور الهام الذي تقوم به الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في سبيل حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، تقوم مصالح الموفق الإداري بدور فعال في سبيل حماية حقوق الإنسان ولا سيما حقوق الأشخاص اللذين يتظلمون من تجاوزات الإدارة.

الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية

303- هي مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان أحدثت بمقتضى الأمر رقم 54 المؤرخ في 7 كانون الثاني/يناير 1991، وشهدت بموجب القانون رقم 37 لسنة 2008 المؤرّخ 16 حزيران/يونيه 2008 مراجعة جذرية تمثلت بالخصوص في مراجعة طبيعتها القانونية التي أصبحت مطابقة لمبادئ باريس، وتوسيع اختصاصاتها وتركيبتها ودعم ضمانات استقلاليتها وتطوير طرق عملها وذلك على النحو التالي:

تغيير الطبيعة القانونية

304- تمثلت أبرز الإضافات التي أقرّها قانون 2008 فيما يلي:

الارتقاء بالنصّ المنظّم للهيئة إلى مرتبة قانون.

تمتيع الهيئة كمؤسسة وطنية بالاستقلال الإداري والتصرّف المالي.

تخويل الهيئة حقّ إنشاء فروع داخل الجمهورية.

توسيع الاختصاصات

305- شمل توسيع الاختصاصات المسائل التالية:

تمكين الهيئة من حق التعهد التلقائي بأية مسألة تتعلّق بدعم حقوق الإنسان والحرّيات الأساسية وحمايتها مع تخويلها حق لفت الانتباه إلى حالات انتهاك حقوق الإنسان .

المساهمة في إعداد مشاريع التقارير التي تقدّم لهيئات ولجان الأمم المتحدة وكذلك إلى الهيئات والمؤسسات ا لإقليمية وإبداء الرأي في شأنها .

متابعة الملاحظات والتوصيات الصادرة عن هيئات ولجان الأمم المتحدة وعن الهيئات والمؤسسات الإقليمية لدى مناقشة تقارير تونس التي يتم رفعها لها وتقديم مقترحات للاستفادة منها.

المساهمة في إعداد الخطط والبرامج المتعلقة بالتربية على حقوق الإنسان والمشاركة في تنفيذ الخطط الوطنية ذات الصلة.

التعاون مع هياكل وأجهزة الأمم المتحدة ومع الهياكل والمؤسسات الإقليمية ذات الصلة.

توسيع التركيبة ودعم ضمانات الاستقلالية والتعددية

306- تم التأكيد على جملة من المبادئ المتعلقة بتركيبة الهيئة العليا وهي خاصة:

كفالة استقلاليتها من خلال التمثيل التعددي للقوى الاجتماعية للمجتمع المدني.

استقرار ولاية أعضائها من خلال تحديد مدّة الولاية وهي ثلاثة سنوات قابلة للتجديد وبموجب أمر.

عدم مشاركة ممثلي الوزارات في التصويت.

توفير هياكل أساسية وأموال كافية لحسن سير أنشطة الهيئة وضمان استقلاليتها.

تطوير طرق العمل

307- تعلّق هذا التطوير على وجه الخصوص بما يلي:

إمكانية إقامة الهيئة العليا لعلاقات مع المنظمات غير الحكومية والجمعيات والهيئات الناشطة في مجال تعزيز حماية حقوق الإنسان و حمايتها .

إمكانية أن تصدر الهيئة العليا بلاغات للرأي العام حول نشاطها.

308- تمثلت أبرز أنشطة الهيئة العليا كآلية حماية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في قيامها منذ تأسيسها ب‍ : تلقي ومتابعة الشكاوى المتصلة بعدم احترام حقوق الإنسان، وتوسّطها لحلّ بعض الخلافات في شأنها، وأداء زيارات إلى الوحدات السجنية ومراكز الإيقاف والإيواء، وإنجاز مهمات لتقصّي الحقائق.

دور تلقّي الشكاوى المتصلة بعدم احترام حقوق الإنسان ومتابعتها

309- يمثّل تلقي شكايات المواطنين المتصلة بعدم احترام حقوق الإنسان ومتابعتها آلية هامة من آليات حماية حقوق الإنسان. ومنذ إحداثها، تتلقى الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية عديد الشكاوى سواء عن طريق الاتصال المباشر، أو عن طريق المراسلات البريدية أو البرقية أو الهاتفية. وبفضل سياسة الباب المفتوح التي اعتمدتها فإنّها تتلقى سنويا ً ما يناهز 800 إلى 900 شكاية. وتتولّى الهيئة العليا دراسة تلك الشكاوى وإحالتها على الوزارات المعنية لاتخاذ ما يلزم في شأنها، كما تتولّى متابعة مآلها وإعلام أصحابها بذلك في الإبّان.

310- وتقوم مصالح وزارة العدل وحقوق الإنسان بدراسة العرائض والشكاوى الواردة عليها من الهيئة العليا. واعتبارا ً إلى تنوع مواضيع هذه العرائض فإنه يتم توزيعها إلى الإدارات المعنية حسب الاختصاص من ذلك أن العرائض المتعلقة بالعفو واسترداد الحقوق تحال إلى الإدارة العامة للشؤون الجزائية في حين تحال العرائض المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان مثل ادعاء حصول اعتداء على أحد السجناء من طرف أحد أعوان الأمن أو السجون إلى رئيس خلية حقوق الإنسان الذي يُجري بحثا ً ميدانيا ً يردفه بتقرير يحال إلى سلطة الإشراف التي تتولى تعهيد السلطة القضائية بالموضوع في حال ثبوت توفر ما يكفي من الأدلة لذلك.

دور وساطة

311- في الحالات التي لا تستوجب إحالة الشكاوى على ممثلي الوزارات نظرا ً للصبغة الاجتماعية البارزة فيها، يقوم رئيس الهيئة بدور الوسيط بين الشاكي والمشتكى به لمحاولة فض النزاع بطريقة رضائية؛ وكذا الشأن في بعض الحالات المعقدة التي يستوجب حلها تدخلا ً في أعلى مستوى، تتولّى الهيئة العليا رفع الأمر لرئيس الجمهورية لاتخاذ ما يلزم في شأنها. ويتعيّن التأكيد في هذا السياق أنّ دور الوساطة الذي يقوم به رئيس الهيئة العليا هو دور خاصّ مقصور على الحالات التي لا ترجع بالنظر للموفق الإداري.

دور رقابة

312- يتمثل هذا الدور في قيام رئيس الهيئة العليا بزيارة مختلف الوحدات السجنية، ومراكز الإيقاف، ومراكز إيواء أو ملاحظة الأطفال، وذلك دون سابق إعلام. وتمكّن هذه الزيارات من التثبت من مدى احترام القوانين والتراتيب المنظمة للاحتفاظ والسجن وإيواء أو ملاحظة الأحداث ومن تفقد ظروف إقامة الأشخاص المحتجزين أو الفاقدين لحرياتهم، والوقوف على مدى تطبيق القوانين والمعايير الوطنية والدولية في مجال معاملة الأشخاص المجردين من حريتهم.

313- وعلى سبيل المثال، أدّى رئيس الهيئة العليا سنة 2002 زيارات فجئية إلى كلّ من سجن القيروان وبرج الرومي وبرج العامري. كما أدّى خلال نفس السنة زيارات فجئية إلى عدد من مراكز الأمن بولايتي بن عروس ونابل وزيارة إلى عدد من مراكز الاحتفاظ بولاية بنزرت وأدّى أيضا ً خلال نفس الفترة زيارات إلى كلّ من مركز الدفاع والإدماج الاجتماعي بحي التضامن ومركز الدفاع والإدماج الاجتماعي بدوار هيشر ورفع إثر هذه الزيارات تقارير في الغرض إلى رئيس الجمهورية ضمّنها جملة من الملاحظات والمقترحات.

314- ولقد قام رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية خلال الخمس سنوات الأخيرة بزيارة 18 وحدة سجنية بالإضافة إلى زيارة مركز إصلاح الأطفال الجانحين بالمروج و تولى رئيس الهيئة العليا خلال الزيارات المذكورة معاينة الغرف السجنية و جميع مرافق الوحدة إلى جانب مقابلة بعض المساجين على انفراد وتلقي ملاحظاتهم. كما تمحورت جلّ شكاياتهم حول وضعياتهم الجزائية سواء المتعلقة بالقضايا المورطين فيها أو التماس تمتيعهم بالعفو أو السراح الشرطي بالنسبة للمحكومين.

315- وتتولّى مصالح وزارة العدل وحقوق الإنسان تأمين متابعة التوصيات التي يحيلها رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، والعمل بها. ومن بين الأمثلة على ذلك الاستجابة لتوصية رئيس الهيئة العليا إثر إحدى زياراته لسجن الرابطة في خصوص إحداث بيوت راحة إضافية بإحدى الغرف أو القيام بإحداث فضاءات خاصة بالمساجين ذوي الاحتياجات الخصوصية.

دور تقصّي للحقائق

316- عهد رئيس الدولة في مناسبتين إلى رئيس الهيئة العليا بتشكيل لجنة لتقصّي الحقائق الأولى في 20 حزيران/يونيه 1991 إثر ادّعاءات حصول تجاوزات في مجال حقوق الإنسان. والثانية كانت في كانون الثاني/يناير 2003 للتحرّي في خصوص ظروف إقامة الأشخاص المجرّدين من حريتهم داخل السجون. وقد أسفرت أعمال اللجنتين عن عدد من النتائج والتوصيات تم العمل لاحقا ً على متابعة تنفيذها.

الموفق الإداري

317- أحدثت خطة الموفق الإداري بموجب الأمر المؤرخ 10 كانون الأول/ ديسمبر 1992، ثم جاء القانون رقم 51 لسنة 1993 المؤرّخ 3 أيار/مايو1993 ليحدد مصالحه، والذي تم تنقيحه فيما بعد بالقانون رقم 21 لسنة 2002 المؤرخ 14 شباط/ فبراير 2002 في اتّجاه تحديد مدة تعيين الموفق الإداري وهي 5 سنوات قابلة للتجديد، وفي اتجاه التأكيد على استقلالية هذه المؤسسة من حيث أن الموفق الإداري لا يتلقى أثناء نظره في الشكاوى تعليمات من أيّ سلطة عمومية.

318- والموفق مكلّف بالنّظر في الشكاوى الفردية الصادرة عن الأشخاص الماديين والمتعلّقة بالمسائل الإدارية التي تخصهم والتي ترجع بالنّظر لمصالح الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والمنشآت العمومية وغيرها من الهياكل المكلّفة بمهمة تسيير مرفق عمومي. وينظر كذلك في الشكاوى الصادرة عن الذوات المعنوية المتعلقة بالمسائل الإدارية التي تخصها على أن تقدم الشكوى من طرف شخص مادي له مصلحة مباشرة. ولا يجوز للموفق الإداري أن يتدخل في القضايا المنشورة أمام المحاكم ولا أن يعيد النّظر في حكم قضائي، ويخوّل له أن يرفع توصيات إلى السلطة الإدارية ذات النّظر.

319- وفكرة إحداث خطة الموفق الإداري نابعة من ضرورة توفير حماية للمواطنين من الإدارة فالمواطن قد يجد نفسه أحيانا ً في وضعيات صعبة وقد لا يتوفر لديه من الإمكانيات ما يستطيع به توفير الوسائل القانونية أو المادية للدفاع عن حقوقه ومصالحه. ويتمثّل دور الموفق الإداري في حماية حقوق المواطنين والمحافظة على مكاسبهم بالخصوص في تدخله لإجراء مصالحة بين المواطن والإدارة في عدّة مجالات تهمّ خاصّة تنفيذ الأحكام الصادرة عن القاضي الإداري بسبب التباطؤ في التنفيذ أو رفضه؛ وحماية حق الملكية بإيجاد الحلول المناسبة للأشخاص الذين يتم انتزاع عقاراتهم أو أجزاء منها لفائدة المصلحة العامة ولا يتمّ التعويض لهم بالسرعة المطلوبة؛ وحماية حقوق المواطن عند تعطّل مصالحه وعدم حصوله على خدمة إدارية لسبب من الأسباب ذات الصلة بسير المرفق العام.وحرصا ً على نجاعة تدخل الموفق الإداري فقد تم الحرص على تبسيط إجراءات التشكي بعدم إخضاع تقديم الشكايات إلى أيّ أجل حتى ولو بعد سقوط الحق بمرور الزمن وانقضاء آجال تقديم الدعاوى أمام المحاكم.

320- وبالنظر للنتائج الإيجابية التي حققتها خطة الموفق الإداري، وفي إطار مواصلة تعميق سياسة الإصلاح الإداري في كنف اللاّمركزية وتقريب مصالح الموفق الإداري إلى كافة المواطنين في الجهات، فقد تمّ بموجب الأمر رقم 884 لسنة 2000 المؤرخ 27 نيسان/أبريل 2000 ضبط المشمولات الجهوية للموفق الإداري والتنظيم الإداري والمالي للمصالح الجهوية للتوفيق، كما تمّ بموجب الأمر رقم 3221 لسنة 2005 المؤرخ 13 كانون الأول/ديسمبر 2005 ضبط الاختصاص الترابي للممثلين الجهويين للموفق الإداري بكل من سوسة، صفاقس، قفصة والكاف.

الرقابة التي تمارسها المنظمات غير الحكومية

321- من بين مبادرات الدولة في نطاق التعاون مع المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان تجدر بالخصوص الإشارة إلى الاتفاق المبرم في نيسان/أبريل 2005 بين السلطات التونسية واللجنة الدولية للصليب الأحمر والذي يرخص لهذه الأخيرة القيام بزيارات لكل الوحدات السجنية ومحلات الإيقاف والتعرف على ظروف الإيقاف والاستماع لموقوفين من اختيار اللجنة وذلك دون حضور ممثل عن الإدارة المعنية وتقديم ملاحظاتها ومقترحاتها إلى السلطات المختصة. وعلى سبيل المثال أدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال الفترة من حزيران/يونيه 2005 إلى 31 كانون الأول/ديسمبر 2006: 61 زيارة إلى 18 مركز شرطة و9 مراكز تابعة للحرس الوطني وكذلك إلى 28 سجنا ً بالبلاد. وقد أجرى مندوبو الهيئة الدولية للصليب الأحمر خلال هذه الزيارات آلاف اللقاءات الانفرادية مع الموقوفين. ومن كانون الثاني/يناير 2007 إلى 30 حزيران/يونيه 2009 قامت اللجنة ب‍ 66 زيارة إلى السجون و6 زيارات إلى مراكز الإصلاح. ويتجسد التعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضا ً في برامج التكوين الموجهة للقضاة وأعضاء النيابة العمومية وأعوان إدارة السجون.

المادة 12

322- تضمن الدولة التونسية قيام سلطاتها المختصّة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلّما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأنّ عملا ً من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي مكان خاضع لولايتها القضائية. وتوجد إرادة سياسية قوية لدى الدولة لإعمال أحكام هذه المادة في الواقع المعيش حتى لا يقع هضم حقوق الضحايا المحتملين ولا يفلت من يثبت في شأنه القيام بأي عمل من أعمال التعذيب من التتبع والعقاب.

323- والمتأمل في قواعد الإجراءات الخاصة بالتحقيقات السريعة والنزيهة التي يتم القيام بها كلّما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأنّ عملا ً من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي مكان من التراب التونسي يجد أنها لا تقتصر فحسب على التحقيقات التي تجريها السلط القضائية المعروفة بحيادها ونزاهتها وإنما أيضا ً التحقيقات التي تجريها السلط الإدارية في كنف الحياد والشفافية، وكذلك الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

التحقيقات القضائية

324- تتعدّد الجهات القضائية التي يمكن لها القيام بأبحاث و تحقيقات سريعة ونزيهة كلّما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأنّ عملا ً من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي مكان من التراب التونسي، وأولى هذه الجهات هي النيابة العمومية ممثلة في شخص وكيل الجمهورية، وقضاة التحقيق وقضاة دائرة الاتهام.

الأبحاث التي يجريها وكلاء الجمهورية

325- يؤخذ من أحكام الفصل 26 من مجلة الإجراءات الجزائية أن وكيل الجمهورية مكلف بمعاينة سائر الجرائم وتلقي ما يعلمه به الموظفون العموميون أو أفراد الناس من الجرائم وقبول شكايات المعتدى عليهم، وليس له في ما عدا الجنايات أو الجنح المتلبس بها أن يجري أعمال تحقيق، لكن يمكنه أن يجري بحثا ً أوّليا ً على سبيل الاسترشاد لجمع أدلة الجريمة ويمكنه استنطاق المشبوه فيه بصفة إجمالية وتلقي التصريحات وتحرير المحاضر فيها.

326- ويستنتج من هذا الفصل أن وكيل الجمهورية بإمكانه في صورة تلقيه لشكاية أو ورود معلومات أو أخبار إليه تتضمن أن عملا ً من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي مكان من التراب التونسي أن يجري بنفسه بحثا ً أوّليا ً على سبيل الاسترشاد لجمع أدلة الجريمة ويمكنه استنطاق المشبوه فيه بصفة إجمالية وتلقي التصريحات وتحرير المحاضر فيها. وإجراء هذا البحث الأوّلي من شأنه أن يحقق السرعة والنجاعة المرجوة، إذ هو يسمح بتجميع وسائل الإثبات لوضعها على ذمة قاضي التحقيق.

التحقيقات التي يجريها قضاة التحقيق

327- بالنظر لخطورة جرائم التعذيب فإن قضاة التحقيق يبذلون قصارى جهدهم للبحث بدون توان عن الحقيقة ومعاينة جميع الأمور التي يمكن أن تستند عليها المحكمة لتأييد حكمها، وحسب صريح الفصل 69 من مجلة الإجراءات الجزائية فإن قضاة التحقيق يمكنهم تجاوز بعض الشكليات لإجراء استنطاق أو مكافحة في الحين إذا كان هناك تأكد ناتج عن حالة شاهد في خطر الموت أو عن وجود آثار على وشك الزوال أو إذا توجه على العين في حالة التلبس بالجريمة.

328- وبعد انتهاء الأعمال في القضية يحيل حاكم التحقيق الملف على وكيل الجمهورية الذي يجب عليه أن يقدم في أقرب الآجال وعلى كل حال في أجل لا يتجاوز 8 أيام طلبات كتابية ترمي إما إلى إحالة القضية على المحكمة المختصة أو إلى حفظها أو إلى زيادة البحث فيها أو التخلي عنها لعدم أهلية النظر. وبمجرّد ما يقدّم وكيل الجمهورية طلباته يصدر حاكم التحقيق قرارا ً في ما نسب إلى المتهم أو المتهمين من التهم وفي كل ما أبداه وكيل الجمهورية من الطلبات.

التحقيقات التي تُجريها دوائر الاتهام

329- دائرة الاتهام هي ليست محكمة قضاء وإنما هي محكمة تحقيق من درجة ثانية، وقد أوكل لها الفصل 116 من مجلة الإجراءات الجزائية عدة صلاحيات من أبرزها إمكانية الإذن بإجراء بحث تكميلي بواسطة أحد مستشاريها أو بواسطة حاكم التحقيق، ولها الحق أيضا ً في الإذن بإجراء تتبع جديد أو في البحث بنفسها أو بواسطة عن أمور لم يقع إجراء تحقيق في شأنها وذلك بعد سماع ممثل النيابة العمومية.

330- ويؤخذ من أحكام هذا الفصل أنه بإمكان دائرة الاتهام في صورة تعهدها بقضية تتضمن أن عملا ً من أعمال التعذيب قد تم ارتكابه في أي مكان تابع لولايتها القضائية أن تقوم عند الاقتضاء بإنجاز أبحاث تكميلية بل وحتى الإذن بإجراء تتبعات جديدة إن تفطنت إلى أن بعض الأشخاص لم يقع إجراء تحقيق في شأنهم.

التحقيقات الإدارية

331- تنقسم التحقيقات الإدارية التي يتم إجراؤها كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأنّ عملا ً من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي مكان من التراب التونسي،إلى قسمين،فهناك التحقيقات التي تتم على مستوى إدارة القضاء أي على مستوى أجهزة وزارة العدل وحقوق الإنسان، وهناك التحقيقات التي تتم عن طريق أجهزة التفقد التابعة لوزارة الداخلية والتنمية المحلية.

التحقيقات الإدارية التي تُجرى على مستوى إدارة القضاء

332- يتمّ، على مستوى أجهزة وزارة العدل وحقوق الإنسان وتحديدا ً على مستوى رئيس خلية حقوق الإنسان، وهي إدارة تابعة لديوان الوزير، وكذلك على مستوى التفقدية العامة لوزارة العدل وحقوق الإنسان، إجراء أبحاث إدارية يتولاها قضاة يعملون في الوزارة وذلك كلما تعهدت الوزارة بشكاية تتضمن أنّ عملا ً من أعمال التعذيب أو سوء المعاملة قد ارتُكب في أي مكان من التراب التونسي، أو بلغ إلى علمها حصول مثل ذلك الأمر أو كلما تم اكتشاف مثل ذلك الأمر عند القيام بأبحاث إدارية أخرى أو زيارات ميدانية.

333- وقد جرى العمل في مثل هذه الحالات أن يتحول رئيس خلية حقوق الإنسان أو أحد المتفقدين بالتفقدية العامة أو الاثنين معا ً للوحدة السجنية المعنية لإجراء بحث أولي يرفع نتيجته فورا ً إلى وزير العدل وحقوق الإنسان الذي يأذن للجهات القضائية المعنية بإجراء التتبعات اللازمة في صورة توفر ما يكفي من الحجج والأدلة على ثبوت ضلوع من وُجّه إليه الاتهام في ارتكاب أعمال يُجرمها القانون الجزائي وتتجاوز حد تسليط العقوبات التأديبية.

التحقيقات الإدارية التي تجرى على مستوى أجهزة التفقد التابعة لوزارة الداخلية والتنمية المحلية

334- تتولى التفقدية العليا لقوات الأمن الداخلي والديوانة التابعة لوزارة الداخلية والتنمية المحلية والتي أحدثت سنة 2004 القيام بتحقيقات إدارية كلما تعهدت الوزارة بشكاية تتضمن أنّ عملا ً من أعمال التعذيب أو سوء المعاملة قد ارتكب في أي مكان من التراب التونسي، أو بلغ إلى علمها حصول مثل ذلك الأمر أو كلما تم اكتشاف مثل ذلك الأمر عند القيام بأبحاث إدارية أخرى أو زيارات ميدانية.

335- وعلى غرار ما تقوم به مصالح التفقد التابعة لوزارة العدل وحقوق الإنسان، تتولّى مصالح التفقد التابعة لوزارة الداخلية والتنمية المحلية إحالة الأبحاث الإدارية إلى القضاء عن طريق التسلسل الإداري لإجراء التتبعات اللازمة ضد أي إطار أو عون من قوات الأمن الداخلي يتوفر في شأنه ما يكفي من الأدلة على ثبوت ارتكابه لأعمال تعذيب أو سوء معاملة، فضلا ً عما يسلّط على ذلك الإطار أو العون من جزاءات تأديبية.

التحقيقات التي تجريها لجان تقصي الحقائق

336- مثلما سبقت الإشارة إليه، فقد عهد رئيس الدولة في مناسبتين إلى رئيس الهيئة العل يا لحقوق الإنسان والحريات الأسا س ية بتشكيل لجنة لتقصّي الحقائق، الأولى في 20 حزيران/ يونيه 1991 إثر ادّعاءات حصول تجاوزات في مجال حقوق الإنسان، والثانية كانت في كانون الثاني/يناير 2003 للتحرّي في خصوص ظروف إقامة الأشخاص المجرّدين من حريتهم داخل السجون.

337- وقد أسفرت أعمال اللجنة الأولى عن عدة توصيات ونتائج من بينها ثبوت حصول بعض التجاوزات نتيجة تصرّفات فردية صادرة عن بعض الأعوان رغم الأحكام القانونية الصريحة والتعليمات بحسن المعاملة الموجهة لهم بصفة دورية. وقد تمّت إحاطة الهيئة بالتتبعات العدلية التي انطلقت ضدّ مرتكبيها إضافة إلى الإجراءات التأديبية التي تمّ اتخاذها في شأنهم.

338- وقد أمر رئيس الدولة بنشر نتائج وتوصيات اللجنة في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 1991 والتي من بينها التأكيد على أن كل التجاوزات يقع ردع مرتكبيها بعد التحري المعمق و بيان الحالات التي يتم فيها الردع والتعريف بمحتوى المواثيق والقوانين المتعلقة بحقوق الإنسان والتنبيه إلى العواقب التي تترتب عن أية مخالفة لها، و تفصيل الحالات والعقوبات التي تضمنتها المواثيق الدولية وقوانين الدولة التونسية وإحداث آلية لمتابعة تطبيق الاتفاقيات والتدخل لدى القضاء في الحالات الفردية الاستثنائية وتوسيع نشر مبادئ وتعاليم حقوق الإنسان بواسطة أجهزة التربية والتعليم و التثقيف والإعلام في كل المستويات وتوثيق التعاون مع الهيئات المعنية بحقوق الإنسان وتوصيتها بتنسيق جهودها.

339- أمّا بالنسبة للّجنة الثانية، فقد تشكّلت في الغرض لجنة ضمت إلى جانب رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، بوصفه رئيسا ً لتلك اللجنة، عددا ً من الشخصيات الوطنية من أعضاء الهيئة ومن خارجها.

340- وقد قدّم رئيس الهيئة العليا لرئيس الجمهورية يوم 16 شباط/فبراير 2003 تقريرا ً متضمّنا ً ملاحظات اللجنة وتقييمها لمختلف جوانب الإقامة بالسجون، وتضمّن هذا التقرير تحليلا ً لظاهرة الاكتظاظ الموجودة ببعض المؤسسات السجنية وما تولّد عنها من نقص في عدد الأسرة وتأثيراتها الصحية والنفسية على المساجين.

341- وتلافيا ً لظاهرة الاكتظاظ أكّد رئيس الدولة على ضرورة معالجة أسبابها، وذلك باتخاذ عدد من الإجراءات تمّ نشرها بمختلف وس ائل الإعلام. وهذه الإجراءات هي:

مراجعة وضعية الموقوفين في ا نتظار المحاكمة وذلك باعتبار الإيقاف التحفظي إجراء ً استثنائيا ً .

تفعيل إجراءات السراح بكفالة أو بضمان بالنسبة للجرائم التي لا تمثّل خطرا ً على أمن الأشخاص وممتلكاتهم.

مواصلة الحرص على تطبيق ما جاء في القانون المتعلق بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل لعقوبة السجن بالنسبة لبعض الجرائم وذلك بتحسيس الأشخاص المعنيين ومؤسسات قبول المحكوم عليهم بفوائد هذه العقوبة وأبعادها الإصلاحية.

توفير الأسرّة بالعدد الكافي بالنسبة للمؤسسات السجنية التي تشكو نقصا ً في هذه التجهيزات وذلك في أقرب الأوقات.

342- وفي مجال الرعاية الصحية والنفسية للمساجين سجلت اللجنة المجهود المبذول في هذا المجال وعاينت غياب ظاهرة الأمراض المعدية في السجون بفضل وسائل الوقاية والعلاج المتوفرة، إلا أنها لاحظت بعض الجوانب التي تتطلب مزيد الدعم خاصّة في مجال توفير العنصر البشري المختص والتجهيزات. وفي هذا الصدد أذن رئيس الدولة بما يلي:

استكمال برنامج تعميم الوحدات الصحية المتكاملة وذلك بتركيزها بسجني قابس والناظور بعد أن تمّ تركيزها بالسجون الأخرى تدعيما ً للتجهيزات الصحية المتوفرة بالسجون.

الإسراع بتركيز آلات التصوير بالأشعة بالسجون التي ما زالت تفتقر إليها والبعيدة عن المؤسسات الاستشفائية.

مزيد تحسين ظروف حفظ الصحة وتدعيم الإطار الطبي والأخصائيين في علم النفس لمزيد الإحاطة بالوضع الصحي والنفسي للمساجين.

تعميم اللمجة الصباحية على كافة المساجين.

تدعيم العنصر البشري وتوفير التجهيزات والفضاءات الملائمة نظرا ً للانعكاس الإيجابي لهذه الأنشطة على الحد من ظاهرة العودة وذلك بتيسير إعادة إدماج المساجين في المجتمع بعد قضاء العقوبة.

مراجعة شروط العفو التأهيلي بما يضمن انتفاع أكبر عدد ممكن من المساجين ضمانا ً لتوفير مورد عيش قار لهم بعد خروجهم من السجن.

تدعيم برامج الرسكلة لأعوان السجون والإصلاح لمزيد تكريس التطور الحاصل في مجال معاملة المساجين.

تفرّغ قاضي تنفيذ العقوبات للمهام الموكولة له بالنسبة للمؤسسات السجنية الكبرى وذلك دعما ً لدوره في متابعة ظروف الإقامة بالسجون ومراقبة تنفيذ العقوبة وتمتيع بعض المساجين بالسراح الشرطي.

343- وعاينت اللجنة من ناحية أخرى سير البرامج الخاصة بتعليم المساجين الأميين والتأهيل المهني للمساجين والأنشطة الرياضية والثقافية المتوفرة لهم.

المادة 13

344- تضمن الدولة التونسية لأيّ فرد يدّعي بأنّه قد تعرّض للتعذيب فوق أراضيها الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصّة وفي أن تنظر هذه السلطات في حالته بسرعة ونزاهة. ومن جهة أخرى، تضمن الدولة التونسية أيضا ً حماية مقدّم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة أو التخويف نتيجة لشكواه أو لأي أدلة تُقدّم.

345- والمتأمّل في الرصيد المؤسّساتي الخاصّ بالأجهزة والهياكل التي يسمح لها القانون بتلقي شكاوى الأفراد المتعلقة بادعاءات التعرض للتعذيب يجد أنها عرفت في السنوات الأخيرة تطورا ً ملحوظا ً بفضل حرص الدولة على تعدد هذه الهياكل من جهة وتقريبها من الأشخاص المجردين من حريتهم على وجه الخصوص حتى لا يجدوا عناء في إبلاغ أصواتهم للجهات المسؤولة كلما كان ذلك ضروريا ً . ومن ناحية ثانية، فإن المتأمّل في النصوص والواقع يتبين له وجود قواعد قانونية تحمي مقدم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة أو التخويف نتيجة لشكواه.

آليات ضمان حق كل فرد يدعي تعرضه للتعذيب في تقديم شكوى لسلطة مختصة ونظر هذه السلطة بسرعة ونزاهة في شكايته

346- يمكن في ضوء الرصيد المؤسساتي المتوفر حاليا ً تقسيم آليات التظلم المتعلقة بادعاءات التعذيب وغيره من الانتهاكات التي تحصل في مجال حقوق الإنسان إلى ثلاثة أصناف، فهناك آليات التظلم القضائية، وآليات التظلم الإدارية وأخيرا ً آليات التظلم الوطنية أي المؤسسات الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان.

آليات التظلم القضائية

347- تتمثل آليات التشكي القضائية المتعلقة بادعاءات التعذيب وغيره من الانتهاكات التي تحصل في مجال حقوق الإنسان في: وكلاء الجمهورية ومساعديهم، وقضاة التحقيق، وقضاة تنفيذ العقوبات ومحاكم القضاء.

وكلاء الجمهورية ومساعدوهم

348- يؤخذ من صريح الفصل 26 من مجلة الإجراءات الجزائية أن وكيل الجمهورية مكلف بمعاينة سائر الجرائم وتلقي ما يعلمه به الموظفون العموميون أو أفراد الناس من الجرائم وقبول شكايات المعتدى عليهم. ويقع إعلام وكيل الجمهورية حالا ً من طرف مساعديه بكلّ ما يحصل لهم من علم حول الجرائم في إطار قيامهم بمهامهم ويحيلون له المحاضر المتعلقة بها.

349- وحسب الفصلين 30 و31 من نفس المجلة فإن وكيل الجمهورية يجتهد في تقرير مآل الشكايات والإعلامات التي يتلقاها أو التي تنهى إليه،وله إزاء شكاية لم تبلغ حد الكفاية من التعليل أو التبرير أن يطلب إجراء بحث - مؤقتا ً - ضد مجهول بواسطة حاكم التحقيق إلى أن توجه تهم أو تصدر عند الاقتضاء طلبات ضد شخص معين.

القيام المباشر بالحق الشخصي أمام قاضي التحقيق أو أمام المحكمة في حال سكوت النيابة العمومية

350- يضمن القانون التونسي للمتضرّر من أفعال إجرامية حماية من سكوت النيابة العمومية أو عدم اقتناعها بالشكوى إمكانية القيام مباشرة بالحق الشخصي أمام قاضي التحقيق أو أمام المحكمة المختصّة. وفي هذا الصدد، يقتضي الفصل 36 من مجلة الإجراءات الجزائية أنّ حفظ الشكاية من طرف وكيل الجمهورية لا يمنع المتضرر من إثارة الدعوى العمومية على مسؤوليته الشخصية. وفي هذه الحالة، يمكنه عبر القيام بالحق الشخصي على مسؤوليته الشخصية طلب فتح تحقيق أو القيام مباشرة أمام المحكمة. ويوضّح الفصل 37 من نفس المجلة أن الدعوى الخاصة المقام بها في نفس الوقت مع الدعوى العمومية عملا ً بالفصل 7 من المجلة يمكن القيام بها إما أمام قاض التحقيق أو أمام المحكمة المتعهدة بالقضية.

351- أما بالنسبة لإجراءات القيام بالحق الشخصي، فإن الفصل 38 ينصّ على أنّه "تنظر المحكمة المتعهدة بالقضية أو حاكم التحقيق في قبول مطلب القيام بالحق الشخصي وعند الاقتضاء يقرران عدم قبوله وعدم قبول المطلب يمكن أن يثار من طرف ممثل النيابة العمومية والمتهم أو المسؤول مدنيا ً وكل قائم آخر بالحق الشخصي". ويبتّ حاكم التحقيق بقرار بعد أن يطلع ممثل النيابة العمومية على الملف. وهذا القرار قابل للاستئناف لدى دائرة الاتهام قبل مضي أربعة أيام من تاريخ الإطلاع بالنسبة لوكيل الجمهورية ومن تاريخ الإعلام بالنسبة لمن عداه".

352- وليس من العسير القيام بإجراءات الحق الشخصي حيث يسّره المشرّع إلى أبعد الحدود، إذ نصّ الفصل 29 أنّه "يقع القيام بالحق الشخصي بمقتضى مطلب كتابي ممضى من الشاكي أو من نائبه ويقدّم بحسب الأحوال إلى وكيل الجمهورية أو حاكم التحقيق أو المحكمة المتعهدة بالقضية".

353- إنّ القانون التونسي يرتّب مسؤولية مزدوجة مدنيّة وجزائية عن القيام غير المبرّر بالحق الشخصي إذ يقتضي الفصل 45 أنّه إذا صدر قرار الحفظ إثر قيام بالحق الشخصي جاز للمتهم أن يطلب تعويض الضرر الحاصل له من جراء إثارة الدعوى العمومية بدون أن يمنع ذلك من التتبعات الجزائية عند الاقتضاء لأجل الإدعاء الباطل. ويضيف الفصل 46 من نفس المجلة أنّه في صورة الحكم بترك السبيل يسوغ المحكمة أن تحكم على القائم بالحق الشخصي الذي قام مباشرة على المظنون فيه بخطية قدرها خمسون دينارا ً بدون أن يمنع ذلك من تتبّعه عند الاقتضاء لأجل الإدعاء الباطل.

تقديم الشكاوى المتعلقة بادعاءات التعذيب وسوء المعاملة لقضاة تنفيذ العقوبات

354- اقتضت الفقرة الثالثة من الفصل 342 ثالثا ً من مجلة الإجراءات الجزائية أن قاضي تنفيذ العقوبات يتولى مقابلة المساجين الراغبين في ذلك أومن يرغب في سماعهم بمكتب خاصّ، وله أن يطلع على دفتر التأديب. ويؤخذ من أحكام هذه الفقرة أن هناك طريقتان لتلقي شكاوى المساجين فهي إما أن تتم عندما يفصح السجين عن رغبته في مقابلة قاضي تنفيذ العقوبات أثناء أداء هذا الأخير لزيارات دورية للوحدات السجنية أو عندما يتلقى قاضي تنفيذ العقوبات معلومات أو شكايات من أقارب السجين تتعلق بادعاءات سوء معاملة أو تعذيب ففي هذه الحالة يطلب قاضي تنفيذ العقوبات من مدير الوحدة السجنية إحضار السجين لسماعه في مكتب خاص. ومن ناحية ثانية، أكّدت الفقرة 7 من الفصل 17 من القانون رقم 52 لسنة 2001 المتعلق بنظام السجون أنه يحق لكل سجين مقابلة قاضي تنفيذ العقوبات لتلقي ما لديه من شكاوى وطلبات.

تقديم الشكاوي المتعلقة بادعاءات التعذيب وسوء المعاملة إلى محاكم القضاء

355- يوجب الفصل 141 من مجلة الإجراءات الجزائية على المظنون فيه الواقع تتبعه من أجل جناية أو جنحة تستوجب العقاب بالسجن أن يحضر شخصيا ً بالجلسة، وحسب الفصل 143 من نفس المجلة فإن رئيس المحكمة يتولى استنطاق المظنون فيه بجلسة الحكم وإجراء المكافحات اللازمة .

356- ويُعتبر مثول المتهم أمام المحكمة بحضور محاميه في جلسة علنية ضمانة هامة إذ يُمكّنه ذلك من تقديم ما لديه من دفوع وخاصة في ما يتعلق بظروف استنطاقه من طرف باحثه الابتدائي أو الباحث العامل بموجب إنابة، ومن حق المتهم الذي تعرض لتعذيب أو سوء معاملة أن يتشكى للمحكمة ويقدم ما لديه من وسائل إثبات أو أن يطلب عرضه على الفحص الطبي، بل إن المحكمة يمكنها من تلقاء نفسها وحتى قبل أن يتمسك أمامها المتهم بكونه استهدف لأي عمل تعذيب أو سوء معاملة أن تأذن بعرضه على الفحص الطبي إن تأكد لها وجود شبهة في استهداف المتهم لمثل تلك الأعمال.

357- ويتم الحرص على تبليغ عرائض المساجين إلى الجهات القضائية المعنية التي تتولى دراستها وإعلام أصحابها بمآلها وهي متعددة المواضيع فمنها ما يتعلق بطلب التدخل لدى المحكمة المعنية للتمكين من الزيارة بدون حاجز أو طلب إجراء فحوص طبية خارج السجن أو طلب التدخل لدى الوزارة المعنية لمواصلة الدراسة أو طلب العفو أو استرداد الحقوق أو التذمر من الوضع داخل الفضاء السجني والمطالبة بتغيير الغرفة نظرا ً لوجود مدخنين بها. ويبرز الجدول التالي عدد عرائض المساجين الموجهة إلى الجهات القضائية من سنة 2007 إلى غاية 20 تشرين الأول/أكتوبر 2009.

السنة

العدد

2007

164

2008

202

2009

167

آليات التظلم الإدارية

358- في إطار حرص الدولة على تمكين الأفراد من إبلاغ صوتهم لسلطات مختصة بتقبل الشكاوي للنظر في ما يدّعونه من انتهاكات لحقوقهم أو إخلالات بسير المرفق الإداري بشكل عام، فقد عملت في السنوات الأخيرة على تكثيف هياكل تلقي الشكاوى وتأمين متابعتها حتى يتم إنصاف الشاكين في حال ثبوت ما ادعوه من جهة أولى، وتلافي مثل تلك الإ خلالات أو الانتهاكات مستقبلا ً من جهة ثانية.

359- ولتيسير مهمة الأفراد في معرفة الجهات التي يمكن أن تتقدم إليها بطلب التشكي، فقد تم منذ أوائل التسعينات إحداث خطة المرشد القضائي بجميع المحاكم الذي يتولى إرشاد الأفراد للمصالح التي يمكن التظلم إليها. وتتمثل آليات التظلم الإدارية التي تقوم بدور فعال في تلقي شكايات المواطنين في ما يلي:

مكاتب العلاقات مع المواطن

360- تتلقى مكاتب العلاقات مع المواطن بكل من وزارة العدل وحقوق الإنسان والإدارة العامة للسجون والإصلاح عرائض المواطنين وإحالتها حسب مجالات الاختصاص إلى مختلف الإدارات والمصالح التابعة للوزارة وكذلك إلى مختلف مصالح الإدارة العامة للسجون لدراستها وإعداد الردود في شأنها ومتابعتها.

خلايا حقوق الإنسان بالوزارات

361- من أبرز المهام الموكولة لخلايا حقوق الإنسان بالوزارات تلقي شكايات الأفراد في ما يتعلق بالمسائل المتصلة بحقوق الإنسان. وعلى سبيل المثال فإنه حسب الفصل 5 من الأمر رقم 1330 لسنة 1992 المؤرخ 20 تموز/يوليه 1992 المتعلق بتنظيم وزارة العدل، فإنّ خلية حقوق الإنسان بوزارة العدل وحقوق الإنسان مكلفة بتلقي شكايات المتقاضين في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان.

362- ويقدّم الجدول التالي عدد الشكايات والعرائض التي تلقاها كل من مكتب العلاقات مع المواطن وخلية حقوق الإنسان، وهي لا تتعلق فقط بانتهاكات حقوق الإنسان أو بسوء المعاملة أو التعذيب وإنما بجميع المسائل المتصلة بحقوق الإنسان عامة وحقوق المتقاضين على وجه الخصوص.

الفترة

الشكايات والعرائض

نسبة الفصل

2004

854 4

93 %

2005

3 49 3

95 %

2006

297 2

88 %

2007

666 3

94 %

2008

704 3

95 %

أج هزة التفقد بالوزارات والمؤسسات الأمنية والسجنية

363- تقوم أجهزة التفقد والمؤسسات الأمنية والسجنية والإصلاحية بكل من وزارتي الداخلية والتنمية المحلية والعدل وحقوق الإنسان، على النحو الذي سبق التعرض له، بدور هام في التحقيق في الشكاوى المتعلقة بادعاء حصول انتهاكات في مجال حقوق الإنسان ومتابعة نتائج التحقيق وإحالة من تتطلب إحالته على القضاء لإجراء التتبعات الجزائية ضده، وإحالة من تتطلب إحالته على مجالس التأديب.

بعث إدارة فرعية لحقوق الإنسان بالإدارة العامّة للسجون

364- سعيا ً إلى تطوير الإجراءات العمليّة الهادفة إلى تكريس منظومة حقوق الإنسان على أرض الواقع، تمّ إحداث آليّات ومؤسّسات لضمان حقوق المساجين من خلال بعث إدارة فرعيّة لحقوق الإنسان تعنى بتجميع كافة المواضيع ذات الصلة بحقوق الإنسان التي تهم المساجين والأطفال الجانحين وتلقّي العرائض ودراستها وتحليلها ومتابعة تنفيذ التعليمات المتصلة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مختلف المواضيع ذات الصلة بالوضعيات الصحية والاجتماعية والجزائية وظروف إقامة المساجين.

365- ولمعالجة الحالات المعروضة بالكيفيّة المرجوّة للإحاطة بالمساجين والأطفال الجانحين، يتولّى مكتب العلاقات مع المواطن استقبال المواطنين وتلقّي شكاواهم قصد إبلاغها إلى وجهتها المختصّة حسب مجالات التدخّل بمقرّ الإدارة العامة للسجون والإصلاح، علما ً وأنّه تتركّز بكل وحدة سجنية وإصلاحية مكاتب استقبال تتولى بدورها النظر في عرائض وشكاوى عائلات المودعين وإرشادهم. ويُقدّم الجدول البياني التالي العقوبات الإدارية المتعلقة بسوء المعاملة التي تم تسليطها على بعض أعوان السجون والإصلاح أثناء أداء وظائفهم.

السنوات

عدد الحالات

العقوبات

درجة أولى*

درجة ثانية*

حفظ الموضوع

1999

-

-

-

-

2000

9

7

2

-

2001

3

3

-

-

2002

1

1

-

-

2003

2

2

-

-

2004

8

4

4

-

2005

6

4

2

-

2006

1

-

1

-

2007

11

3

1

7

2008

11

7

4

-

الجملة

52

31

14

7

الجملة العامة*

52

366- اقتضت الفقرة (أ) من الفصل 50 جديد من القانون رقم 58 لسنة 2000 المؤرخ 13 حزيران/يونيه2000 المتعلق بتنقيح وإتمام القانون رقم 70 لسنة 1982 المؤرخ 6 آب/أغسطس 1982 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي أن العقوبات التأديبية من الدرجة الأولى التي يمكن أن تتخذ ضد أعوان قوات الأمن الداخلي تشتمل على ما يلي: الإنذار والتوبيخ والإيقاف البسيط والإيقاف الشديد والنقلة الوجوبية، وتحدد مدة الإيقاف البسيط والإيقاف الشديد بأمر.

367- اقتضت الفقرة (ب) من الفصل 50 جديد من القانون المذكور أن العقوبات التأديبية من الدرجة الثانية التي يمكن أن تتخذ ضد أعوان قوات الأمن الداخلي تشتمل على ما يلي: الحطّ بدرجة أو درجتين ولو انجرّ عن هذا الحطّ الانخفاض في الرتبة والحطّ من الرتبة، والحطّ من قائمة الكفاءة، والرفت المؤقت لمدة لا تتجاوز 6 أشهر مع الحرمان من المرتب، والعزل بدون توقيف الحق في جراية التقاعد. (أُثير التتبع العدلي ضد 6 أعوان من ضمن 52 وقد تم تسليط عقوبات جزائية تقضي بالسجن ضد 4 أعوان في حين وقع تبرئة عونيْن من طرف السلطة القضائية).

آليات التظلم الوطنية

368- تضطلع الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بدور هام في تلقي عرائض وشكايات المواطنين المتعلقة بادعاءات انتهاك حقوق الإنسان بما فيها تلك التي تتضمن ادعاءات بحصول حالات تعذيب أو سوء معاملة وكذلك بالعرائض المتصلة بمسائل تتعلق بحقوق الإنسان بشكل عام مثل مطالب استرجاع جوازات الس فر أو مطالب عفو أو استرداد حقوق . وقد تلقت مصالح الهيئة خلال الفترة المتراوحة بين أيار/مايو 2004 إلى نيسان/ أبريل 2008 العرائض التالية:

الفترة

الشكايات والعرائض

نسبة الفصل

15 كانون الثاني/يناير 2003-30 نيسان/أبريل 2004

739

60 %

1 أيار/مايو 2004-30 نيسان/أبريل 2005

806

65 %

1 أيار/مايو 2005-30 نيسان/أبريل 2006

806

70 %

1 أيار/مايو 2006-30 نيسان/أبريل 2007

1056

75 %

1 أيار/مايو 2007-30 نيسان/أبريل 2008

759

86 %

القواعد القانونية الخاصة بحماية مقدم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة أو التخويف نتيجة لشكواه

369- يضمن القانون التونسي حماية مقدم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة أو التخويف نتيجة لتقديم شكواه، وفي هذا السياق ينص الفصل 103 من المجلة الجزائية على معاقبة الموظف العمومي الذي يعتدي على حرية غيره الذاتية دون موجب قانوني أو يباشر بنفسه أو بواسطة غيره ما فيه عنف أو سوء معاملة ضد متهم أو شاهد أو خبير للحصول منهم على إقرار أو تصريح بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينارا ً أما إذا لم يقع إلا التهديد بالعنف أو بسوء المعاملة فالعقاب يحط إلى ستة أشهر. ولم تسجّل خلال الفترة التي يغطّيها التقرير أي ضغوطات أو تهديدات تمنع المتضرّرين من رفع شكايات إلى من له النظر .

370- ومن جهة أخرى، ينصّ الفصل 222 من نفس المجلة على معاقبة كل من يهدد غيره باعتداء يوجب عقابا ً جنائيا ً وذلك مهما كانت الطريقة المستعملة في هذا التهديد بالسجن من ستة أشهر إلى خمسة أعوام وبخطية من مائتين إلى ألفي دينار، ويكون العقاب مضاعفا ً إذا كان التهديد مصحوبا ً بأمر أو متوقفا ً على شرط حتى وإن كان هذا التهديد بالقول فقط.

المادة 14

371- تضمن الدولة التونسية في نظامها القانوني إنصاف من يتعرّض لعمل من أعمال التعذيب وتمتّعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب بما في ذلك وسائل إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن. وفي حالة وفاة المعتدى عليه نتيجة لعمل من أعمال التعذيب، يكون لمن آل له حق منه أو للأشخاص الذين يعولهم الحق في التعويض.

حقّ من يتعرّض لعمل من أعمال التعذيب في تعويض عادل ومناسب

372- أقرت مجلة الإجراءات الجزائية في فصلها الأول المبدأ الذي بمقتضاه يترتب على كل جريمة دعوى عمومية تهدف إلى تطبيق العقوبات ويترتب عليها أيضا ً في صورة وقوع ضرر دعوى مدنية لجبر ذلك الضرر ويمكن للشخص الذي تضرّر من تعذيب إثارة الدعوى العمومية على مسؤوليته الشخصية كما يمكنه إثارة دعوى مدنية مع الدعوى العمومية أو إثارة دعوى مدنية مستقلة أمام المحكمة المدنية. والدعوى المدنية هي من حق كل من لحقه شخصيا ً ضرر نشأ مباشرة عن الجريمة (الفصل 7 من مجلة الإجراءات الجزائية). وتجدر الإشارة إلى أنّه إذا كان المتضرّر في حالة خصاصة فإنه يمكنه أن يتمتع بالإعانة العدلية التي تغطي كل تكاليف الإجراءات بما فيها أجرة المحامي.

373- ومن جهة أخرى فإن النظام الأساسي لقوات الأمن الداخلي (القانون رقم 70 المؤرخ 6 آب/أغسطس1982) ينص في فصله 49 أنّه إذا ما وقع تتبع أحد أعوان قوات الأمن الداخلي من أجل خطأٍ ارتكبه أثناء ممارسة وظيفته أو بمناسبة مباشرته لها فإنه يجب على الإدارة أن تضمن للمتضرر حق الحصول على تعويض مدني.

374- و يمكن الإشارة في هذا السياق إلى القرار الاستئنافي رقم 12/2002/1120 الصادر بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2002 والقاضي بإقرار الحكم الابتدائي الذي قضى بثبوت إدانة المتهمين الأربعة وسجن كل واحد منهم أربعة أعوام من أجل تجاوز حد السلطة و المشاركة في ذلك والاعتداء بالعنف الشديد الواقع من موظف عمومي على متهم باستعمال خصائص الوظيف نتج عنه قطع عضو والمشاركة في ذلك، فضلا ً عن الحكم بإلزام المكلف العام بنزاعات الدولة في حق وزارة العدل بأن يؤدي للقائم بالحق الشخصي م ع م مائتي ألف دينار لقاء الضرر البدني ومائة ألف دينار لقاء الضرر المعنوي ستة آلاف دينار مصاريف تركيب أعضاء اصطناعية.

حقّ الموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم في التعويض

375- يعدّ صدور قانون يقرّ حقّ الموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم في التعويض من أبرز الإضافات التي تعزّز بها نظام العدالة الجزائية في إطار حماية الأشخاص من الاعتقال أو الحجز التعسّفي (القانون 94 لسنة 2002 المؤرخ في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002 والمتعلّق بالتعويض للموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم). ويأتي إقرار هذا النظام في إطار توفير مزيد من الضمانات للمتقاضين ولا سيّما أولئك الذين يتمّ إيداعهم بالسجن تنفيذا ً لقرار أو حكم قضائيين وتثبت بعد ذلك براءتهم. وقد أقرّ القانون المذكور وبصفة صريحة مبدأ مسؤولية الدولة عن الأضرار التي قد تترتّب عن سير العدالة، والتزامها بالتعويض عنها لمن لحقه الضرر، ونظّم قواعد الاختصاص الحكمي والترابي في قضايا التعويض وأقرّ نظام انتقال الحقّ، عند الاقتضاء، إلى خلف المتضرّر وهم: القرين والأبناء والأبوين.

376- كما أكد هذا القانون على أنه لا يمكن أن يطالب بالتعويض إلا من نفذت عليه عقوبة السجن أو تم إيقافه تحفظيا ً ثم ثبتت براءته بوجه بات، ويقصد بذلك:

القرارات الصادرة عن قلم التحقيق التي لم تعد قابلة للمراجعة والمثبتة للبراءة إمّا لأنّ الواقعة لا تمثل جريمة، أو لا يمكن نسبتها للمتهم، أو لا وجود لها أصلا ً .

الأحكام الباتّة المثبتة للبراءة التي تتعلّق بمتهمين تمّ إيقافهم تحفظيا ً ، أو كانوا بحالة سراح ونفذت عليهم عقوبة السجن ثم ا نتهت قضيتهم بحكم بات يقضي بعدم سماع الدعوى للأسباب المذكورة آنفا ً ، وكذلك من صدر ضده حكم بالبراءة بموجب آلية إعادة النّظر .

الأحكام الصادرة ضدّ متهم في موضوع اتّصل به القضاء.

ولا تشمل هذه الحالات مثلا ً القرارات التي انتهت بالحفظ لعدم كفاية الحجة.

377- ومنذ دخول القانون المذكور حيز التطبيق نشرت العديد من القضايا لدى محكمة الاستئناف بتونس ومن بين القضايا التي نظرت فيها هذه المحكمة القضية رقم 22 الصادر فيها قرار بتاريخ 20 أيار/مايو 2005 والتي تمثلت وقائعها في أن شخصا ً أحيل على القضاء بتهمة تدليس ووضع وعرض وإدخال عملة أجنبية مدلسة والمشاركة في ذلك. وبعد أن قضّى 6 أشهر في الإيقاف التحفظي بالسجن قضت المحكمة بتبرئة ساحته بصفة نهائية وباتة، فقام ضد الدولة طالبا ً التعويض عن الضرر الحاصل له على أساس قانون 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2002 المتعلّق بالتعويض للموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم فقضت المحكمة لفائدته وألزمت المكلف العام بنزاعات الدولة في حق وزارة العدل و حقوق الإنسان بأن يؤدي للطالب ثلاثة عشر ألف دينار تعويضا ً له عن الضرر الحاصل له.

378- ومن بين القضايا الأخرى التي نظرت فيها محكمة الاستئناف بتونس القضية رقم 47 الصادر فيها قرار بتاريخ 30 أيار/مايو 2008 والتي تمثلت أبرز وقائعها في أن شخصا ً أدين من أجل الخيانة المجردة وحُكم عليه بالسجن مدة أربعة أشهر قضّاها كاملة، ولكنه أثبت فيما بعد أنّ الحكم الذي صدر ضده تأسّس على شهادتي زور و أن الشاهدين وقعت إدانتهما من أجل ذلك، وقدم إثر ذلك مطلبا ً في التماس إعادة النظر آل إلى الحكم لفائدته بعدم سماع الدعوى. وقام عندئذ بقضية الحال ضد الدولة في طلب الحكم لفائدته بالتعويض له نتيجة ما لحقه من ضرر ناجم عن خطأ قضائي وقضت محكمة الاستئناف بتونس لصالح دعواه ملزمة المكلف العام بنزاعات الدولة في حق وزارة العدل وحقوق الإنسان بأن يؤدي للطالب ثلاثين ألف دينار تعويضا ً له عن الضرر الحاصل له. ويقدم الجدول التالي إحصائية حول قضايا التعويض منذ دخول القانون حيز التنفيذ إلى موفى سنة 2008.

أصناف القضايا

عدد القضايا

القضايا التي صدر فيها حكم بالتعويض

4

القضايا التي سقط فيها حق المطالبة بالتعويض

1

القضايا التي رفض فيها المطلب لعدم توفر الشروط القانونية

53

قضايا على بساط النشر

10

مجموع القضايا المنشورة منذ دخول القانون حيز التنفيذ

68

379- ويعود رفض الثلاثة وخمسين دعوى المرفوعة إلى عدّة أسباب منها رفع هذه الدعاوى خارج الآجال القانونية أو عدم توفّر الشروط الواردة بالقانون كأن يكون الطالب تسبّب كليّا ً أو جزئيا ً في الحالات التي أدّت إلى الإيقاف أو إ نبناء قرار الحفظ على عدم كفاية الحجّة. ومن المنطقي أن لا يكون عدد مثل هذه القضايا كبيرا ً نظرا ً إلى أنّ حصول الأخطاء القضائية المتعلّقة بالحريات هي من الأمور النادرة.

المادة 15

380- يضمن القانون التونسي عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تمّ انتزاعها أو الإدلاء بها تحت التعذيب لتقديمها دليلا ً في أيّة إجراءات.

حظر التشريع لإمكانية الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تمّ انتزاعها أو الإدلاء بها تحت التعذيب

381- يعتبر القانون التونسي أن الاعتراف الذي يقع انتزاعه من شخص بالرغم من إرادته لا يمكن أن يعتمد حجة ضده ويؤكد الفصل 432 من مجلة الالتزامات والعقود أن الاعتراف يجب أن يكون حرا ً وعن إرادة وأن كل الأسباب التي تعيب الإرادة تعيب الاعتراف. ويشير الفصل 50 من نفس المجلة أن الإكراه هو إجبار أحد بغير حق على أن يعمل عملا ً لم يرتضه كما ينص الفصل 51 من نفس المجلة أن الإكراه الذي يمكن أن يولد إما بدنيا ً أو اضطرابا ً نفسيا ً عميقا ً أو الخوف من تعرض البدن أو العرض أو المال إلى الضرر هو من الأسباب المعيبة للرضا. ومن هذا المنطلق، فإن الاعتراف الصادر من شخص تحت التعذيب لا يمكن أن يكون حجة ضده.

382- ويجدر أيضا ً التذكير بأحكام الفصل 13 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية التي تلزم أعوان الضابطة العدلية بعرض الشخص الذي يحتفظون به على الفحص الطبي سواء بطلب منه أو بطلب من أحد أقاربه مع التنصيص على هذا الطلب بالمحضر، والغاية من ذلك هو توفر وسيلة للتثبيت إذا ما وقع تعريض الشخص المحتفظ به إلى التعذيب أو لا.

383- وإذا أثبت الفحص الطبي وجود آثار عنف أو تعذيب فإن محضر البحث يكون باطلا ً وكل ما تضمّنه لا يمكن اعتماده ضد المتضرّر لمخالفته للمبادئ العامة للإجراءات، إذ اقتضى الفصل 155 أن المحضر لا يعتمد لحججه إلا إذا كان من الوجهة الشكلية محررا ً طبق القانون وضمّن به محرّره ما سمعه أو شاهده شخصيا ً أثناء مباشرته لوظيفته في مادة من اختصاصه.

384- من جهة أخرى، فإن قواعد الإثبات تقتضي أن الإضرار مثله مثل سائر وسائل الإثبات يخضع لاجتهاد الحكم المطلق وبالتالي فإنّه إذا اقتنع القاضي أن اعتراف المشبوه فيه قد انتزع منه بالإكراه أو بالتعذيب فإنه لن يعتمده أساسا ً لحكمه. وفي المجمل، إذا ثبت قضائيا ً وجود تعذيب فإن ذلك يعيب كل الإجراءات السارية ضد المتضرر منه وبغضّ النظر عن تتبع العون أو الأعوان الذين اقترفوا التعذيب فإنه سيتم فتح بحث تحقيق جديد يتولاه أعوان آخرون وذلك تعويضا ً للتحقيق المعيب.

حظر فقه القضاء لإمكانية الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تمّ انتزاعها أو الإدلاء بها تحت التعذيب

385- ولقد اعتبرت محكمة التعقيب التونسية منذ أواخر الستينات أنه "ولئن كان الاعتراف سيد الحجج فهو أيضا ً خاضع لاجتهاد القاضي المطلق، وأن القانون لم يحجر عليه الاستناد إلى الإقرار إذا كان واضحا ً واطمأنّ له ضميره (قرار تعقيبي جزائي رقم 6124 مؤرخ في 16 نيسان/أبريل 1969 ن م ت .ق ج. س1970، ص.132).

386- وفي قرار آخر أكدت محكمة التعقيب بوضوح أنّ "محكمة الموضوع ملزمة بالرد على كل ما يثار لديها من دفوع جوهرية لها تأثير على وجه الفصل. وبناء عليه، فإنّ اعتراض المحكمة عن متابعة الدفوع المنافية والداحضة للاعتراف المنسوب للمتهم من شأنه أن يجعل الحكم المطعون فيه فاقد التسبيب ومستهدفا ً للنقض" (قرار تعقيبي جزائي رقم 8616 مؤرخ في25 شباط/فبراير 1974 ن م ت .ق ج. ج1. س1975، ص.81).

387- وفي قرار آخر أكدت محكمة التعقيب أن الاعتراف المنتزع بالعنف باطل بطلانا ً مطلقا ً تطبيقا ً لأحكام الفصل 152 من مجلة الإجراءات الجزائية والذي يقتضي أنّ الاعتراف شأنه شأن بقية وسائل الإثبات الأخرى متروك للتقدير المطلق لقضاة الأصل. (قرار تعقيبي جزائي رقم12150 مؤرخ في 26 كانون الثاني/يناير 2005).

المادة 16

388- تعهّدت الدولة التونسية منذ أن أصبحت طرفا ً في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بأن تمنع حدوث أي أعمال تصل إلى حدّ التعذيب، وخاصّة عندما يرتكب موظف عمومي هذا الفعل أو شخص آخر يتصرّف بصفة رسمية هذه الأعمال أو يحرص على ارتكابها، أو عندما تتمّ بموافقته أو بسكوته عليها.

389- ويجب التذكير بأن أحكام الفصل 103 من المجلة الجزائية السابق عرضها عند تحليل المادة 4 من الاتفاقية هي أحكام عامة يمكن أن تنسحب على أفعال التعذيب في معناها الشامل. فقد نصّ هذا الفصل على أنّه "يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها 120 دينارا ً الموظف العمومي الذي يعتدي على حرية غيره الذاتية دون موجب قانوني أو يباشر بنفسه أو بواسطة غيره ما فيه عنف أو سوء معاملة ضد متهم أو شاهد أو خبير للحصول منهم على إقرار أو تصريح أما إذا لم يقع أي تهديد بالعنف أو سوء المعاملة فالعقاب يحط إلى ستة أ شهر".

390- كما وضعت المجلة الجزائية عقوبات شديدة لكل تهديد بالعنف أو بسوء المعاملة. فالفصل 222 يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى خمسة أعوام وبخطية كل من يهدّد غيره باعتداء موجب عقابا ً جنائيا ً وذلك مهما كانت الطريقة المستعملة في هذا التهديد ويكون العقاب مضاعفا ً إذا كان التهديد مصحوبا ً بأمر أو متوقفا ً على شرط حتى وإن كان هذا التهديد بالقول فقط. كما يقتضي الفصل 223 من نفس المجلة أنّه يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية كل من يهدّد غيره بسلاح ولو دون قصد استعماله.

391- ويعتمد القانون التونسي مفهوما ً واسعا ً للتعذيب يشمل التعذيب البدني أو المعنوي والتعذيب المسلّط على ذات المتضرّر أو على أحد أقاربه فعلى سبيل المثال يعاقب على الخطف أو تحويل الوجهة بالسجن لمدة عشر سنوات. لكن العقاب يكون بالسجن بقية العمر إذا ما تم الاختطاف أو تحويل الوجهة باستعمال سلاح أو بواسطة زي أو هوية مزيفة أو بأمر زيف صدوره عن السلطة العمومية ويكون العقاب في هذه الجرائم الإعدام إذا ما صاحبها أو تبعها موت (الفصل 237 من المجلة الجزائية) .

ثالثا ً - معلومات إضافية وأجوبة عن الملاحظات التي أبدتها اللجنة في أعقاب النظر في التقرير الدوري الثاني

392- استغرق إعداد هذا التقرير هذا الوقت نظرا ً لحرص تونس على استكمال تصوّر إصلاحي وطني، كامل ومتكامل، من النواحي الإجرائية والجوهرية والفعلية، وذلك بتطوير المنظومة القانونيّة والقضائية والعقابيّة ودعم الآليات التي تحمي الحريات الفردية والعامّة وحقوق الإنسان في أبعادها الكونية والشمولية والمترابطة.

393- إنّ تونس ملتزمة بمواصلة مسار الإصلاح، وخاصّة منذ مصادقتها بدون أي تحفّظ على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (سنة 1988)، وتنقيحها مجلة الإجراءات الجزائية والمجلة الجنائية بإضافة عديد التحويرات، من أهمّها تلك التي تتّصل بتعريف جريمة التعذيب في ملائمة واضحة مع الاتفاقية الأممية المذكورة.

394- ولقد تضمّن هذا التقرير تحليلا ً مستفيضا ً لتطوّر الإطار القانوني والدستوري الرامي إلى حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، مع بيان المجهودات المبذولة في سبيل التربية على مبادئ حقوق الإنسان ونشر ثقافة حقوق الإنسان. وهذه المجهودات التي تقوم بها كلّ الأطراف والجهات، تعزّزت في السنوات الأخيرة بتطوير صلاحيات الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية والموفّق الإداري من الناحيتين الوظيفية والترابية، وخاصّة بإحداث خطة منسّق عام لحقوق الإنسان الذي ينسّق بين الوحدات المعنية بهذا الملف في كلّ من وزارة العدل وحقوق الإنسان ووزارة الداخلية والتنمية المحلّية ووزارة الشؤون الخارجية، وذلك في إطار الإصلاح الدستوري لسنة 2002 الذي اقتضى إلحاق حقوق الإنسان بوزارة العدل وجعلها وزارة العدل وحقوق الإنسان.

395- ومن أبرز ما وقع خلال المدّة التي يغطّيها هذا التقرير اعتماد تعريف الفصل الأوّل من الاتفاقية بالفصل 101 مكرّر من المجلة الجزائية، التزاما ً بالاتفاقية المذكورة واستجابة لانشغال اللّجنة في مناقشتها لتقرير تونس السابق. وهو تعريف يركّز على ثلاثة أفكار أساسية:

اعتماد نفس التعريف الأممي .

استعمال مصطلح التعذيب صراحة .

منع التعذيب مهما كان السبب والدافع .

396- أما ما يمكن تأكيده هو أنّ السجناء يعاملون دون أي تمييز معاملة حسنة في إطار ما يفرضه القانون. وهذا ما يميّز دولة القانون التي أكّد عليها الإصلاح الدستوري لسنة 2002. ولم يتمّ تسجيل خلال الفترة التي يغطّيها هذا التقرير أيّ ضغوطات أو تهديدات تمنع المتضرّرين من رفع شكايات عند تعرّضهم للتعذيب.

397- ولكن، تبقى اليقظة موصولة ومتواصلة للتصدّي إلى كلّ التجاوزات والاجتهادات غير الموفّقة من قبل الأعوان المكلّفين بتنفيذ القوانين. فتبعا ً لما أثير حول ممارسة التعذيب داخل السجون وإبقاء مساجين بالسجن الانفرادي خلال مدّة أطول من التي يقتضيها القانون تمّ اتخاذ إجراءات صارمة من الناحيتين التأديبية والواقعية، ممّا يدلّ على أنّ الإفلات من العقاب غير ممكن بالنسبة إلى كل من خالف القانون مهما كانت صفته.

398- فتطبيق القانون يقع حتى على المسؤولين المخطئين، إذ أنّ القانون فوق الجميع وهو يمنع توقيع عقوبة السجن الانفرادي خارج العقوبة التأديبية ودون احترام بقية مقتضيات قانون السجون، ممّا يتعذّر معه التوسّع في تطبيقها. والملاحظ أنّ الوفيات في السجون ومراكز الاحتفاظ يتمّ التحرّي في شأنها بصفة عاجلة ويفتح فيها تحقيق قضائي بصفة آلية. ويقدم الجدول التالي عدد الوفيات الحاصلة بالسجون من سنة 2005 إلى غاية 20 تشرين الأول/أكتوبر 2009.

عدد الوفيات

السنة

44

2005

48

2006

27

2007

43

2008

30

2009

399- ووفقا ً للملفات الطبية للمتوفين فإن حالات الوفاة ناجمة عن الأسباب التالية:

جلطة قلبية .

جلطة دماغية .

أمراض سرطانية في مراحل متقد مة .

حالات صدّ (CHOC SEPTIQUE) .

أمراض مزمنة في مراحل متقدمة .

الانتحار (يرا جع الجدول السابق على الصفحة 32) .

الاعتداء من طرف الغير .

400- وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه تمّ خلال تلك السنوات تسجيل اعتداءين من طرف الغير، الأول استهدف له طفل من طرف طفل آخر وتعهدت النيابة العمومية بالموضوع، والثاني اعتداء بالعنف على سجين من طرف أربعة مساجين مقيمين معه بنفس الغرفة وتمّ تتبّعهم عدليا ً .

401- واعتبارا ً إلى أن معدل الإيداعات في السنة هو 60000 سجينا ً فإن معدل الوفيات هو أقلّ من 1 في المائة . وتجدر الإشارة إلى أن المعدل العام للوفيات بالحياة المدنية هو 5.5 في المائة.

402- إنّ حرص الدولة واضح على تجاوز كلّ ما كان يعتري القانون التونسي من نقائص (تقليص مدّة الاحتفاظ وضبط سجلات الاحتفاظ، إعلام العائلات، الفحص الطبي ...)، بحيث إنّ كل الإيقافات وقعت طبقا ً للإجراءات القانونيّة، مع احترام الضمانات والمحاذير الإجرائية، وعدم تعريض عائلات الموقوفين لأيّ مضايقات، بل ذهبت الإدارة إلى حدّ عدم تعطيل سفر أقارب الفارين من العدالة قصد الالتحاق بذويهم في الخارج بناء على طلبهم وفي إطار التجمّع العائلي.

403- ويتولّى القضاء احترام مبدأ شخصية الجريمة والعقاب بكل استقلالية، وهو ينصف المتضرّرين والضحايا الذين وقع دعم حقوقهم، على مستوى تقديم الشكايات ومستوى تطبيق القانون على أصحاب التجاوزات دون التشهير بهم، وعلى مستوى الحصول على تعويضات. ويتمّ التحرّي من قبل القضاء في كلّ الادعاءات الجديّة المتعلّقة بانتزاع الاعترافات تحت التهديد والتعذيب خلال الأبحاث الأوّلية.

404- إنّ الإجابة الضافية التي قدّمت في هذا التقرير عن كلّ هذه المسائل تعدّ تجسيما ً للخيارات السياسية الواضحة التي تسعى إلى جعل التشريعات مجسّمة على صعيد الواقع تفاديا ً لكل فجوة قد توجد بين النص والممارسة الفعليّة، إذ تحرص الدولة على الحيلولة دون ت ق صّي أي كان من العقاب وذلك بوضع القانون فوق الجميع مهما كانت الاعتبارات، وبجعل كلّ جهة تتحمّل مسؤوليتها تجاه المجتمع وتجاه القانون.