الأمم المتحدة

CRPD/C/12/D/5/2011

Distr.: General

14 November 2014

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

البلاغ رقم 5/2011

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها الثانية عشرة (15 أيلول/سبتمبر - 3 تشرين الأول/أكتوبر 2014)

المقدم من: ماري - لويز يونجلين (تمثلها الرابطة السويدية للشباب ذوي الإعاقة البصرية والرابطة السويدية لضعاف البصر)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: السويد

تاريخ تقديم البلاغ: 18 شباط/فبراير 2011 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 70 من النظام الداخلي للجنة، والذي أحيل إلى الدولة الطرف في 1 كانون الأول/ديسمبر 2011 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 2 تشرين الأول/أكتوبر 2014

الموضوع: عملية التوظيف وإدخال التغييرات والتعديلات المناسبة على مكان العمل

المسائل الموضوعية: المساواة وعدم التمييز، والمساواة أمام القانون؛ والعمل والتوظيف؛ والوقائع والأدلة

المسائل الإجرائية: المقبولية من حيث الاختصاص الزمني

مواد الاتفاقية: المادتان 5 و27

مادة البروتوكول الاختياري: 2(و)

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (الدورة الثانية عشرة)

بشأن

البلاغ رقم 5/2011 *

المقدم من: ماري - لويز يونجلين (تمثلها الرابطة السويدية للشباب ذوي الإعاقة البصرية والرابطة السويدية لضعاف البصر)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: السويد

تاريخ تقديم البلاغ: 18 شباط/فبراير 2011 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة ال معنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، المنشأة بموجب المادة 34 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة،

وقد اجتمعت في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 5/2011 المقدم من ماري - لويز يونجلين بموجب البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ هي ماري - لويز يونجلين، وهي مواطنة سويدية من مواليد عام 1970. وهي تدعي أن السويد انتهكت المادتين 5 و27 من الاتفاقية. وتمثل صاحبةَ البلاغ الرابطة السويدية للشباب ذوي الإعاقة البصرية والرابطة السويدية لضعاف البصر. وقد دخلت الاتفاقية والبروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف في 14 كانون الثاني/يناير 2009 عملاً بالفقرة 2 من المادة 45 من الاتفاقية والفقرة 2 من المادة 13 من البروتوكول الاختياري، على التوالي.

1-2 وفي 16 نيسان/أبريل 2013، قررت اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، خلال دورتها التاسعة، عملاً بالمادتين 65 و70 من نظامها الداخلي، أن تنظر بصورة منفصلة في مسألتي مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية ( ) . وأعلنت اللجنة أن البلاغ مقبول فيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ بموجب المادتين 5 و27 من الاتفاقية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تعاني صاحبة البلاغ من ضعف حاد في البصر منذ الولادة. وقد زاولت تعليمها في مدرسة عادية وحصلت على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة ستوكهولم ولديها سنوات عديدة من الخبرة المهنية في عدد من الوظائف المختلفة. ومن جملتها تجربة عمل في صفوف الشرطة في إقليم فارستا حيث كانت مكلفة بتدوين مجريات الجلسات المسجلة، وفي فولكسام راتسكيد، حيث كانت مكلفة بتجهيز ملفات القضايا. وهي متعودة على العمل باستخدام مختلف الحواسيب وأنظمة تجهيز الملفات المكيّفة لتلبية احتياجاتها.

2-2 وفي أيار/مايو 2006، تقدمت صاحبة البلاغ بطلب إلى وكالة التأمين الاجتماعي للعمل فيها مدققة/مفتشة مكلّفة بالنظر في طلبات الحصول على الاستحقاقات والتعويضات المرضية. وتتطلب هذه الوظيفة الدائمة معالجة الطلبات والتحقيق في احتياجات أصحابها من الإعانات أو الاستحقاقات وتقييم ما إذا كان الشخص مخولاً الحصول على تلك الاستحقاقات. وفي إطار الاضطلاع بالمهام المطلوبة، يتوقع ممن يشغل الوظيفة أن يجمع ويحلل المعلومات المستقاة من مختلف المصادر، مثل "نظام تتبع الملفات"، فضلاً عن استخدام الأنظمة المساعدة الأخرى وبرنامج إدارة شؤون الموظفين ومعالجة المستندات الورقية، بما في ذلك وثائق مكتوبة بخط اليد.

2-3 وفي 13 حزيران/يونيه 2006، استدعيت صاحبة البلاغ لحضور اجتماع يتعلق بالتوظيف، ثم لإجراء مقابلة شخصية في 21 حزيران/يونيه 2006. وأثناء تلك المقابلة، شرحت أنها تعاني من ضعف في البصر منذ الولادة وأن قدرتها البصرية محدودة جداً وأكدت أن بإمكانها التمييز بين الظلام والنور وبين بعض الألوان. وشرحت أيضاً أنواع الوسائل التقنية المساعدة المتوفرة وأفادت بأن إدارة إعادة التأهيل في مكتب التوظيف العام في الدولة الطرف وعدتها بالاستعلام عن إمكانية تكييف برامج الحاسوب التي تستخدمها وكالة التأمين الاجتماعي حسب احتياجاتها.

2-4 وفي 25 آب/أغسطس 2006، علمت صاحبة البلاغ أن الاختيار لم يقع عليها لملء الوظيفة الشاغرة على الرغم من أنها تلبي جميع الشروط المتعلقة بالمهارات والخبرة والتزكيات، وذلك لأنه يتعذر تكييف أنظمة الحاسوب الداخلية التي تستخدمها وكالة التأمين الاجتماعي حسب احتياجاتها بوصفها تعاني من إعاقة بصرية. وحسب هذه الوكالة، فإن إدارة تكنولوجيا المعلومات فيها أفادت بأن الأجهزة والبرامج المتاحة في الوكالة غير مزودة بأدوات تحوّل المعلومات إلى حروف برايل. علاوة على ذلك، يتعذر على صاحبة البلاغ النفاذ إلى بعض أجزاء هذا النظام حتى إن استعانت بمختلف الوسائل التقنية المساعدة.

2-5 وقد أبلغت صاحبة البلاغ مكتب أمين المظالم المعني بالإعاقة في السويد بملف قضيتها ( ) . وفي آذار/مارس 2008، قدم أمين المظالم طلباً إلى محكمة العمل نيابة عن صاحبة البلاغ. وادعى أن لديها المؤهلات الضرورية لشغل وظيفة مفتشة/مدققة، وأن وكالة التأمين الاجتماعي كان بإمكانها أن توفر لها الوسائل التقنية المساعدة إلى جانب مساعد شخصي للحد من أثر إعاقتها وإزالة جميع الأسباب التي يمكن أن تؤثر في قرار تعيينها. وبناءً عليه، فإن وكالة التأمين الاجتماعي لم تتخذ تدابير معقولة لدعم صاحبة البلاغ وتكييف الأدوات المستخدمة من أجل تهيئة بيئة عمل شبيهة بالبيئة التي يعمل فيها شخص لا يعاني من إعاقة وظيفية، ولتمكينها من الاضطلاع بالمهام المتصلة بوظيفتها. وب التالي فإن الوكالة قد ميزت تمييزاً مباشراً في حق صاحبة البلاغ وتصرفت تصرفاً يخالف القانون القديم المتعلق بحظر التمييز في الحياة العملية بحق الأشخاص ذوي الإعاقة (القانون رقم 132/1999). وطلبت صاحبة البلاغ أن يدفع لها مبلغ 000 70 كرونة سويدية كتعويض عن الضرر الذي لحقها بالإضافة إلى الفوائد المستحقة على هذا المبلغ ومصاريف المحكمة.

2-6 وفي أثناء الإجراءات القضائية، أكد مكتب أمين المظالم أن وكالة التأمين الاجتماعي لم تدرس بالقدر الكافي الخيارات المتاحة لتكييف ظروف العمل حسب احتياجات صاحبة البلاغ، ولم تدرس إمكانية تقديم دعم مالي لصاحبة البلاغ من جانب إدارة إعادة التأهيل التابعة لمكتب التوظيف العام. واقترح مكتب أمين المظالم ثلاثة تدابير مختلفة كان بإمكان وكالة التأمين الاجتماعي أن تتخذها لدعم صاحبة البلاغ وتكييف ظروف العمل حسب احتياجاتها، وهي: (أ) تكييف أنظمة تكنولوجيا المعلومات عن طريق برامج تُمكِّن صاحبة البلاغ من قراءة المعلومات التي تتضمنها تلك الأنظمة مباشرةً على شاشة حاسوب ومن التنقّل بين برامج النظام، وهو الأمر الذي كان سيُكلف ما بين 10 ملايين و15 مليون كرونة سويدية تقريباً، أي نحو 2 في المائة من ميزانية وكالة التأمين الاجتماعي المخصصة لتكنولوجيا المعلومات؛ (ب) تثبيت برامج تحوّل المعلومات الواردة في وثائق ممسوحة ضوئياً إلى ملف صوتي أو إلى حروف برايل؛ (ج) تحويل المستندات الورقية إلى ملف صوتي أو حروف برايل بواسطة آلة مسح ضوئي، علماً أن الموظف المسؤول عن الملفات كان مطالباً بأن يتعامل مع مستندات ورقية فقط خلال فترة التوظيف في عام 2006. وكانت هذه التدابير جميعها ستستلزم الاستعانة بمساعد خاص يعالج النصوص المكتوبة خطياً والتي يُدعى أنها تشكل 10 في المائة من مجموع المستندات. وادعى مكتب أمين المظالم أنه كان بإمكان المساعد أن يضطلع بمهام إضافية. وبيَّن أن وكالة التأمين الاجتماعي كانت قد نفذت بالفعل هذا النوع من التدابير في حالات أخرى وأنها تتلقى، بوصفها صاحبة عمل، دعماً مالياً من الدولة.

2-7 وأشارت وكالة التأمين الاجتماعي إلى أن طلب صاحبة البلاغ قد دُرس دراسة جدية خلال عملية التوظيف وطُلِبَ إلى إدارة التكنولوجيا التابعة للوكالة أن تستعلم عن أنظمة تكنولوجيا المعلومات والأنظمة المساعِدة التي يمكن تكييفها حسب احتياجات صاحبة البلاغ. وتبين الدراسة التي قامت بها إدارة تكنولوجيا المعلومات، والتي اشتملت على اختبارات أجرتها شركة مستقلة، أن صاحبة البلاغ لن تستطيع قراءة جميع المعلومات في نظام تكنولوجيا المعلومات وغيره من الأنظمة الحاسوبية المعتمدة في الوكالة، ولا التنقل بين البرامج حتى لو زوِّدت بالوسائل التقنية المساعِدة. وبالإضافة إلى ذلك، لا توجد أداة تقنية تُترجم جميع النصوص المكتوبة خطياً (من قَبيل الطلبات والشهادات الطبية). لذلك، كان من غير الممكن إجراء أي تعديل أو تكييف لنظام تكنولوجيا المعلومات وتعذّر التوصل إلى أي حل آخر. فجميع المقترحات كانت ستستغرق وقتاً طويلاً وتستلزم استثماراً مالياً باهظاً. وقالت وكالة التأمين الاجتماعي أيضاً إن استخدام مساعِد شخصي لصاحبة البلاغ يعني أن المهام التي ستضطلع بها ستقتصر على إعداد المذكرات قبل اتخاذ أي قرار بشأن دفع الاستحقاقات وأن المساعِد الشخصي هو الذي سيُنجز 80 في المائة من العمل. وهذا يعني أن وكالة التأمين كانت ستوظِّف شخصين للاضطلاع بمهام شخص واحد. وفي الختام، أكدت الوكالة أن نسبة 95 في المائة من الطلبات التي تُسنَد معالجتها إلى المدقق/المفتش كانت تشمل، وقت التوظيف، وثائق مكتوبة بخط اليد. وبالتالي فإن جميع تدابير الدعم والتكييف اللازمة لجعل الوظيفة في متناول صاحبة البلاغ كانت ستشكِّل عبئاً غير معقول على وكالة التأمين الاجتماعي.

2-8 وفي 17 شباط/فبراير 2010، رفضت محكمة العمل ادعاءات مكتب أمين المظالم. واعتبرت أنه يجب الحكم على مؤهلات صاحبة البلاغ في ضوء جميع المهام المتصلة بالوظيفة، أي أنه كان يجب أن تكون قادرة على معالجة طلبات الحصول على الاستحقاقات المرضية باستخدام أنظمة تكنولوجيا المعلومات وأن تستخدم أنظمة تكنولوجيا المعلومات والأنظمة المساعِدة على نحو يتيح لها الوصول إلى المعلومات وقراءتها في الأنظمة الحاسوبية والتنقل بين البرامج و استخدامها بكثرة بوصفها من أدوات العمل. وتستتبع هذه المهام أيضاً معالجة نصوص مكتوبة بخط اليد لا يمكن اعتبارها، رغم تراجع وتيرة استخدامها، مهمة ثانوية بالنسبة لوظيفة المدقق. وقيّمت المحكمة مختلف تدابير الدعم والتكييف التي اقترحها مكتب أمين المظالم وخلُصت إلى أنه من غير المعقول، في ضوء الآراء التي أدلى بها شهود وخبراء من الجانبين، أن تعتمد وكالة التأمين الاجتماعي تدابير الدعم والتكييف التي كانت ضرورية لتوفير بيئة شبيهة بالبيئة التي يعمل فيها شخص لا يعاني من الإعاقة التي تعاني منها صاحبة البلاغ. لذا اعتبرت المحكمة أن صاحبة البلاغ لا تملك المؤهلات اللازمة لشَغل وظيفة مفتش/مدقق. وبالإضافة إلى ذلك، طلبت المحكمة إلى مكتب أمين المظالم تسديد مصاريف المحكمة لوكالة التأمين الاجتماعي.

2-9 وتدعي صاحبة البلاغ أنه لا يمكن الطعن في قرار محكمة العمل. وعليه لم يعد أي سبيل انتصاف آخر متاحاً لها على الصعيد المحلي.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن قرار وكالة التأمين الاجتماعي استبعاد ترشيحها لشَغل وظيفة مفتش/مدقق يشكِّل انتهاكاً للمادتين 5 و27 من الاتفاقية.

3-2 وتؤكد صاحبة البلاغ أنها تعرضَّت للتمييز أثناء عملية التوظيف في وكالة التأمين الاجتماعي التي استبعَدَت ترشيحها عِوض أن تقيّم بشكل كاف إمكانية اتخاذ بعض تدابير الدعم والتكييف. فلو أن وكالة التأمين الاجتماعي عدَّلت نظامها الحاسوبي ليلائم المستخدِمين الذين يحتاجون إلى أجهزة لقراءة المحتوى وإلى شاشات عرض بطريقة برايل، كانت صاحبة البلاغ ستتمكَّن من أداء جُلّ مهام الوظيفة المُعلَن عنها. وعلاوة على ذلك، كان على وكالة التأمين الاجتماعي، بصفتها المؤسسة العامة الرئيسية في الدولة الطرف المكلَّفة بتنفيذ السياسة الوطنية المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، أن تتخذ تدابير تتماشى مع الالتزامات المكرَّسة في الاتفاقية.

3-3 وتعتبر صاحبة البلاغ أن محكمة العمل السويدية قد ميَّزت في حقها ولم تكفَل لها المساواة مع غيرها في حماية القانون والاستفادة منه عندما قررت أن التدابير التي اقترحها مكتب أمين المظالم على وكالة التأمين الاجتماعي بتعديل أنظمتها الحاسوبية وتوفير وسائل تقنية مساعدة أخرى، هي تدابير غير معقولة ولا متناسبة. فالمحكمة لم تدرس بالقدر الكافي آراء الخبراء والشهود لدى تقييمها لملف القضية ورفضت اقتراحات مكتب أمين المظالم دون أن تضع في اعتبارها أن من واجب صاحب العمل أن ينفذ التعديلات الضرورية والمناسبة في مكان العمل لتلبية الاحتياجات الخاصة للمستخدِمين من ذوي الإعاقة. وعلاوة على ذلك، لم تر المحكمة أن أي تعديل تجريه وكالة التأمين الاجتماعي على برامج الحاسوب لن يكون لفائدة صاحبة البلاغ فحسب وإنما لفائدة أي مستخدِم آخر يُعاني من إعاقة بصرية قد توظفه الوكالة في المستقبل. وفي الختام، تدفع صاحبة البلاغ بأن عبء الإثبات لم يلق على عاتق صاحب العمل، وتلاحظ أن نتائج التحقيقات التقنية التي أُجريت في السابق بتكليف من محكمة العمل لا تدحض ادعاءاتها بشكل قاطع. لذا تعتبر أن حكم المحكمة يشكّل في حد ذاته انتهاكاً لأحكام الاتفاقية.

3-4 وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك أن الدولة الطرف لم تعتمد جميع التدابير التشريعية والإدارية المناسبة فيما يتعلق بالحقوق المكرسة في الاتفاقية؛ فالقانون لا يعترف اعترافاً كاملاً بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في المساواة مع غيرهم في العمل. زد على ذلك أن الدولة الطرف لم تتخذ الخطوات المناسبة لمنع التمييز بسبب الإعاقة فيما يتعلق بجميع المسائل ذات الصلة بأشكال العمل، بما فيها ظروف التوظيف، ولا لضمان توفير مكان عمل يُلبي بشكل معقول احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 29 شباط/فبراير 2012، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وطلبت إلى اللجنة أن تنظر في مسألة المقبولية بمعزل عن الأسس الموضوعية. وهي ترى أن البلاغ غير مقبول لأن الوقائع المعروضة على اللجنة حدثت قبل دخول الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري حيّز النفاذ.

4-2 وتؤكد الدولة الطرف أن البلاغ غير واضح. فهو يتناول إلى حد ما حالة صاحبة البلاغ الفردية، لكنه يركّز بالأساس على تشريع الدولة الطرف المتعلق بالتمييز، وبخاصة قانون حظر التمييز (رقم 567/2008) ومدى انسجامه مع الاتفاقية. وتذكّر الدولة الطرف بأن استعراض التشريعات الوطنية بطريقة مجرّدة (الادعاء على أساس الصالح العام) ليس مقبولاً في إطار إجراء البلاغات الفردية.

4-3 أما فيما يتعلق بحالة صاحبة البلاغ الفردية، فتشير الدولة الطرف إلى أن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الزمني لأن الوقائع موضوع البلاغ حدثت في عام 2006 قبل دخول الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري حيّز النفاذ في 14 كانون الثاني/يناير 2009. ومبدأ عدم رجعية المعاهدات هو مبدأ عام من مبادئ القانون الدولي ورد في المادة 28 من اتفاقية فيينا لعام 1969 المتعلقة بقانون المعاهدات، كما ورد ذكره في الفقرة (و) من المادة 2 من البروتوكول الاختياري للاتفاقية. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أنه لم يسبق أن صدر عن اللجنة حتى الآن أي رأي بخصوص هذه المسألة، وتشير إلى اجتهادات هيئات دولية أخرى تناولت هذا المبدأ، وبخاصة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية بليشيتش ضد كرواتيا ، حيث خلُصت المحكمة، في الفقرة 79، إلى ما يلي:

لذا، متى كان تاريخ التدخُّل سابقاً لتاريخ التصديق، وكان تاريخ رفض توفير سبيل للانتصاف لاحقاً لتاريخ التصديق، فإن الاستناد إلى تاريخ التصديق لتحديد الاختصاص الزمني للمحكمة سيجعل الاتفاقية مُلزِمة بالنسبة لتلك الدولة فيما يتعلق بوقائع حدثت قبل دخول الاتفاقية حيّز النفاذ بالنسبة لها. غير أن هذا سيكون مناقضاً للقاعدة العامة المتمثلة في عدم رجعية المعاهدات.

4-4 ولتقييم مسألة المقبولية من حيث الاختصاص الزمني، من الأهمية بمكان تحديد "التاريخ الحاسم" أي التاريخ الذي يُصبح فيه الصك الدولي مُلزِماً بالنسبة للدولة الطرف، وتقرير ما إذا كانت الوقائع التي تشكل الانتهاك المزعوم قد حدثت قبل ذلك التاريخ أو بعده. وفي إطار هذا البلاغ، حدث الانتهاك المزعوم في آب/أغسطس 2006 وصار نهائياً عندما رفضت الحكومة الطعن بالاستئناف المقدَّم من صاحبة البلاغ في 30 آب/أغسطس 2007. ويتبيَّن بالتالي أن الوقائع لا تتسم بطابع متواصل. ففي وقت تالٍ، رفع مكتب أمين المظالم المعني بشؤون الإعاقة دعوى قضائية ضد وكالة التأمين الاجتماعي لدى محكمة العمل وطلب إلى المحكمة أن تُلزِم الدولة بدفع تعويض لصاحبة البلاغ على التمييز الذي ارتُكِبَ في حقها.

4-5 ولا يمكن أن يُستنتج من كون الحكم المتعلق بالتمييز المزعوم بحق صاحبة البلاغ صدر عن محكمة العمل في 17 شباط/فبراير 2010 أن اللجنة تتمتع بالاختصاص الزمني للنظر في هذا البلاغ. فلو كان قرار محكمة العمل صدر لصالح صاحبة البلاغ، كان بإمكان المحكمة أن تأمر بدفع تعويض مالي ولكنها لم تكن لتبطل قرار وكالة التأمين الاجتماعي. ففي إطار النظر في القضية، طبقت محكمة العمل القانون المتعلق بحظر التمييز في الحياة العملية بسبب الإعاقة ( رقم 132/1999) الذي كان سارياً عند وقوع تلك الأحداث، وليس قانون حظر التمييز (رقم 567/2008) الذي ألغى القانون السابق ودخل حيز النفاذ في 1 كانون الثاني/يناير 2009. زد على ذلك أن الاتفاقية لا تنص على أي حق في التعويض قائم بذاته ( ) . لذلك، تؤكد الدولة الطرف أن اللجنة غير مختصة بالنظر في هذا البلاغ عملاً بالفقرة (و) من المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛ وأن نظرها في البلاغ يعني تطبيق أحكام الاتفاقية بأثر رجعي، وهذا من شأنه أن يقوض التمييز الأساسي بين الانتهاك والتعويض، وهو التمييز الذي يستند إليه قانون مسؤولية الدولة.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 31 أيار/مايو 2012، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف وأشارت إلى أن الوقائع المتعلقة بالتمييز المزعوم حدثت قبل دخول الاتفاقية والبروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف. إلا أن "الوقـائع الرئيسية الـواردة في "بلاغها استمرت بعد دخول الصكين المذكورين حيز النفاذ. ثم إن محكمة العدل اعتمدت قراراً في هذا الشأن بعد ذلك التاريخ.

5-2 وتدفع صاحبة البلاغ بأن المسألة الرئيسية التي تثيرها في بلاغها لا تتعلق بحرمانها من وظيفة من قِبل وكالة التأمين الاجتماعي عن طريق التمييز بحقها، وإنما تتعلق بحكم يتعارض مع أحكام الاتفاقية صدر عن محكمة العمل في السويد بعد دخول الاتفاقية حيز النفاذ. فأثناء التحقيق الذي أجرته المحكمة، قدم مكتب أمين المظالم والخبراء الفنيون اقتراحات واضحة حول إمكانية إدخال تعديلات معقولة على نظام الحواسيب في وكالة التأمين الاجتماعي، بل إن المحكمة نفسها لاحظت أنه كان من المتوقع من الوكالة أن تطور أنظمة حاسوبية يمكن استخدامها من قبل أشخاص يعانون من إعاقة. وعلى الرغم من أن محكمة العمل درست الشكوى بطريقة متعمقة وقيمت الأدلة والتقارير الفنية، فإنها لم تنف وجود تمييز سافرٍ مارسته سلطة عامة مثل وكالة التأمين الاجتماعي. وبالتالي، فإن الحكم الصادر عن محكمة العدل يشكل في حد ذاته انتهاكاً للاتفاقية التي كانت قد دخلت حيز النفاذ آنذاك.

5-3 وأشارت صاحبة البلاغ أيضاً إلى أن تشريعات الدولة الطرف لا تكفل على النحو الكامل إعمال الحقوق وتنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقية، وأن الدولة الطرف لم تتخذ أي تدابير لمنع تكرار مثل هذا التمييز.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 في 2 تموز/يوليه 2012، قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية بشأن مقبولية البلاغ، وأكدت مجدداً أن المسألة الأساسية التي يثيرها البلاغ لا تتعلق بحالة صاحبة البلاغ الفردية، وإنما تتعلق بتشريعات الدولة الطرف المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة عموماً. وتلاحظ أنه لا يجوز النظر في تشريعات الدولة الطرف بشكل عام إلا بموجب الفقرة 36 من الاتفاقية، وذلك في إطار نظر اللجنة في تقارير الدول الأطراف.

6-2 ولما كانت الوقائع التي تستند إليها مزاعم صاحبة البلاغ قد حدثت في عام 2006، فإن مهمة محكمة العمل تلخصت في النظر فيما إذا كانت وكالة التأمين الاجتماعي قد مارست تمييزاً بحق صاحبة البلاغ عندما قررت عدم توظيفها في آب/أغسطس 2006. لذلك، فهي تعتبر أن الاتفاقية غير ذات صلة بنظر المحكمة في هذه الدعوى لأنها لم تكن قد دخلت حيز النفاذ بعد عندما حدث التمييز المزعوم. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن الأطراف في القضية لم تشر إلى الاتفاقية خلال إجراءات التقاضي أمام المحكمة.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

7-1 نظرت اللجنة في مقبولية البلاغ خلال دورتها التاسعة في 16 نيسان/أبريل 2013.

7-2 وقد تحققت اللجنة، وفق ما تقضي به الفقرة (ج) من المادة 2 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ من حيث الاختصاص الزمني، تلاحظ اللجنة دفع الدولة الطرف الذي مفاده أن الوقائع التي يستند إليها البلاغ حدثت في آب/أغسطس 2006 وفي عام 2007 قبل دخول الاتفاقية والبروتوكول الاختياري حيز النفاذ في 14 كانون الثاني/يناير 2009 وأنه ينبغي للجنة أن تعلن البلاغ غير مقبول تجنباً لتنفيذ أحكام الاتفاقية بأثر رجعي. غير أن اللجنة تعتبر أنها تتمتع بالاختصاص الزمني للنظر في هذا البلاغ مستندة في ذلك إلى الحكم الذي صدر عن محكمة العمل في السويد في 17 شباط/فبراير 2010.

7-4 وأحاطت اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحبة البلاغ الذي مفاده أن الوقائع التي تثيرها في بلاغها استمرت بعد دخول الاتفاقية والبروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف وأن الحكم الصادر عن محكمة العدل في 17 شباط/فبراير 2010، والذي تطرق بشكل كامل إلى ادعائها التعرض للتمييز، يشكل بحد ذاته انتهاكاً للاتفاقية، ذلك أن المحكمة لم تقيّم إن كانت التعديلات والتغييرات التي اقترحها أمين المظالم والخبراء الفنيون ستثقل كاهل وكالة التأمين الاجتماعي بعبء مفرط ولا موجب له.

7-5 وذكرت اللجنة بأن القواعد العامة للقانون الدولي تفيد بأنه لا يمكن تنفيذ معاهدة بأثر رجعي بحيث تكون تلك المعاهدة ملزمة لطرف من الأطراف فيما يتعلق بفعل أو حدث وقع، أو بأي وضع لم يعد قائماً، قبل دخول المعاهدة المعنية حيز النفاذ في الدولة الطرف ما لم تنص المعاهدة على خلاف ذلك.

7-6 ولاحظت اللجنة أن قرار وكالة التأمين الاجتماعي عدم توظيف صاحبة البلاغ في منصب مفتش/مدقق مكلف بدراسة طلبات الحصول على الاستحقاقات المرضية أحيل إلى صاحبة البلاغ في 25 آب/أغسطس 2006 ثم أكدته الحكومة في آب/أغسطس 2007 قبل دخول الاتفاقية والبروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف في 14 كانون الثاني/ يناير 2009. غير أن محكمة العمل درست الالتماس الذي رفعه إليها مكتب أمين المظالم المعني بالإعاقة بالنيابة عن صاحبة البلاغ، بما في ذلك آراء الشهود والخبراء، دراسة كاملة في 17 شباط/فبراير 2010 وأصدرت حكماً ابتدائياً ونهائياً بشأن ادعاء صاحبة البلاغ التعرض للتمييز على يد وكالة التأمين الاجتماعي. ولما كانت المحكمة هي الهيئة القضائية الوحيدة المختصة بالنظر في دعاوى التمييز، فإن القرار الذي صدر عنها في هذه القضية وثيق الصلة بالغرض من نظر اللجنة في الشكوى المقدمة من صاحبة البلاغ. واعتبرت اللجنة أيضاً أن الحكم الصادر عن محكمة العمل لا يمكن فصله عن القرارين الإداريين المتعلقين برفض توظيف صاحبة البلاغ، وأن تلك القرارات الثلاثة تشكل وقائع طُلب إلى اللجنة أن تنظر فيها وأن طبيعة الإجراءات أمام محكمة العمل هي الأهم فيما يتعلق بالنظر في اعتراض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ بالاستناد إلى عدم الاختصاص الزمني. ولاحظت اللجنة في هذا الصدد أن محكمة العمل لم تدرس مجرد الجوانب الشكلية أو الأخطاء القانونية في القرارات السابقة التي اتخذتها الهيئات الإدارية، بل تناولت بالدرس دعوى التمييز التي رفعها مكتب أمين المظالم المعني بالإعاقة من حيث الأسس الموضوعية ( ) . وفي ظل هذه الظروف، رأت اللجنة أن البلاغ مقبول لأن قرار محكمة العمل الصادر في 17 شباط/فبراير 2010 قد صدر بعد أن دخلت الاتفاقية حيز النفاذ في الدولة الطرف ولا يمكن الطعن فيه مجدداً. ومن ثم، اعتبرت اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في هذا البلاغ من حيث الاختصاص الزمني لأن بعض الوقائع المعروضة عليها قد حدث بعد دخول الاتفاقية والبروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف.

7-7 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، أحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ الذي مفاده أنه لا يمكن الطعن في الحكم الصادر عن محكمة العمل وأنه لم يعد يوجد أمامها أي سبيل انتصاف آخر. وبناءً عليه، رأت اللجنة أن سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت. وفي ظل عدم وجود عقبات أخرى تحول دون قبول البلاغ، أعلنت اللجنة أن البلاغ المعروض عليها مقبول.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

8-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ في مذكرة شفوية مؤرخة 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013.

8-2 وتُذكِّر الدولة الطرف بأن اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة دخلت حيز النفاذ في السويد في 14 كانون الثاني/يناير 2009. واعتبرت الحكومة آنذاك أنه لا توجد ضرورة لإدخال تعديلات على التشريعات الوطنية القائمة. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى المادة 2 من الفصل الأول من دستورها بشأن المساواة وعدم التمييز، التي تنص على أنه ينبغي للسلطات العامة أن تتيح للجميع فرص المشاركة في المجتمع على قَدَم المساواة، وأنه ينبغي للمؤسسات العامة أن تكافح التمييز بين الأشخاص على أُسس منها الإعاقة الوظيفية.

8-3 وتشير الدولة الطرف كذلك إلى قانون عام 1999 المتعلق بحظر التمييز في الحياة العملية على أساس الإعاقة (رقم 132/1999). وهو القانون الذي أُلغي في 1 كانون الثاني/يناير 2009 بعد دخول قانون حظر التمييز (رقم 567/2008) حيز النفاذ، والذي كان لا يزال سارياً عندما رفعت صاحبة البلاغ دعواها ضد الوكالة السويدية للتأمين الاجتماعي أمام محكمة العمل. وعملاً بأحكام المادة 3 من قانون عام 1999، لا يجوز لصاحب العمل أن يحرم طالب عمل أو موظفاً يُعاني من إعاقة بمعاملته معاملةً دون المعاملة التي يُحظى بها الأشخاص الذين لا يعانون من إعاقة في حالات مماثلة. ووفقاً للمادة 5 من قانون عام 1999، ينطبق حظر التمييز على مجموعة من الحالات المتعلقة بالحياة العملية، ومن ذلك القرارات التي يتخذها صاحب العمل بشأن مسائل تتعلق بالتوظيف، أو باختيار مرشح لإجراء مقابلة توظيف أو أية إجراءات أخرى يتخذها أثناء عملية التوظيف.

8-4 وللتحقق من أن شخصاً قد تعرض للتمييز بالمفهوم الوارد في قانون عام 1999، يجب إجراء مقارنة بين الموظف أو المتقدِّم على الوظيفة، وشخص موجود فعلاً أو افتراضاً في وضع مشابه. وللتأكد من أن الشخص الذي يعاني من إعاقة يُحظى بنفس المعاملة التي يُعامَل بها الآخرون، تنص المادة 6 من قانون عام 1999 على وجوب أن يتخذ صاحب العمل ما يلزم من تدابير معقولة لدعم الشخص ذي الإعاقة وتكييف ظروف العمل حسب احتياجاته. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى الأعمال التحضيرية المتعلقة بقانون عام 1999 ( ) ومؤداها أن خدمات الدعم والتكييف المطلوبة من صاحب العمل تعني أنه لا يُسمح له بأن يولي أهمية للإعاقة إذا كان من الممكن والمعقول، من خلال تدابير الدعم والتكييف، إزالة أو تخفيف الآثار المترتبة على الإعاقة في قدرة الشخص على العمل إلى حدّ يسمح له بأداء المهام الأساسية. وصاحب العمل الذي يحرم شخصاً من وظيفة على أساس إعاقة يمكن إزالة الآثار المترتبة عليها أو الحد منها بدرجة كافية عن طريق تدابير الدعم والتكييف يكون مُذنباً بارتكاب تمييز مباشر. ومع ذلك، فإذا كانت الإعاقة تؤثر فعلاً وبدرجة كبيرة في قدرة المتقدّم على الوظيفة على العمل حتى بعد اتخاذ تدابير الدعم والتكييف اللازمة، فإنه يكون بذلك مفتقراً للقدرات الموضوعية اللازمة لشَغل الوظيفة ولا يمكن أن يدعي أنه وقع ضحية تمييز.

8-5 وبموجب قانون عام 1999، يمكن أن تشمل التدابير المناسبة اقتناء الأجهزة الوظيفية المساعِدة، أو إدخال تعديلات على مكان العمل، وقد تشمل أيضاً تغيير طريقة تنظيم العمل من حيث ساعات العمل أو المهام المَنوطة بالموظف. وصاحب العمل مُلزَم فحسب باتخاذ تدابير الدعم والتكييف التي يمكن اعتبارها معقولة حسب كل حالة على حدة. ويشمل التقييم النظر في الجوانب التالية: ‘1‘ تكاليف التدابير من حيث قدرة صاحب العمل على تغطيتها؛ ‘2‘ الإمكانيات المتاحة فعلاً لتنفيذ التدابير والآثار المتوقعة لتلك التدابير في الشخص ذي الإعاقة؛ ‘3‘ مراعاة إمكانية تنفيذ التدابير المتوخاة في مكان العمل؛ ‘4‘ مدى تأثير التدابير المتخذة في قدرة الشخص ذي الإعاقة على القيام بالوظيفة المنوطة به؛ ‘5‘ مدة العمل ( ) .

8-6 وتفيد الدولة الطرف أن التشريعات الوطنية، بما في ذلك قانون عام 1999، تستند إلى مختلف التوجيهات الصادرة عن مجلس أوروبا بشأن عدم التمييز، بما في ذلك التوجيه رقم 2000/78 المؤرخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 المتعلق بإنشاء إطار عام للمساواة في العمل والمهن، الذي بدأ تنفيذه في إطار التشريعات الوطنية من خلال مجموعة من القوانين، منها قانون عام 1999 وقانون مكافحة التمييز.

8-7 وتبين الدولة الطرف أن الهدف من السياسة الوطنية المتعلقة بالإعاقة هو بناء مجتمع قائم على التنوع يسمح للأشخاص ذوي الإعاقة من جميع الأعمار بالمشاركة الكاملة في الحياة الاجتماعية في ظل التساوي في الظروف المعيشية بين البنات والبنين والنساء والرجال ذوي الإعاقة. وتحقيقاً لهذه الأهداف، ينصب العمل على وجه الخصوص نحو تحديد وإزالة العوائق التي تعترض مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة مشاركةً كاملةً في المجتمع، وكذا منع ومكافحة التمييز وإتاحة الفرص أمام الأطفال والشباب البالغين من ذوي الإعاقة لتحقيق الاستقلال وتقرير مصيرهم بأنفسهم. ولا بد من تنفيذ أهداف السياسة المتعلقة بالإعاقة في جميع مناحي الحياة في المجتمع. وصدر منذ عام 2001 أمر قانوني منفصل ينص على وجوب أن تراعي الوكالات الحكومية، لدى إعداد أنشطتها وتنفيذها، أهداف السياسات المتعلقة بالإعاقة وتحرص على تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بالمشاركة الكاملة في المجتمع وبالمساواة في الظروف المعيشية. وفي 1 كانون الثاني/يناير 2006، أنشأت الدولة الطرف وكالة تنسيق سياسات الإعاقة (Handisam). وتقدم هذه الوكالة الدعم إلى الحكومة لتنفيذ السياسة المتعلقة بالإعاقة.

8-8 وترى الدولة الطرف أن القضية الرئيسية التي تُثيرها صاحبة البلاغ في شكواها، هي تحديد ما إذا كان من المعقول أم لا إلزام وكالة التأمين الاجتماعي باتخاذ تدابير الدعم والتكييف اللازمة استجابةً لاحتياجات صاحبة البلاغ من أجل تيسير توظيفها في الوكالة. وإذ تكرر الدولة الطرف تأكيد ملاحظاتها المؤرخة 24 شباط/فبراير 2012، ترى أن اللجنة لا يمكنها أن تنظر في الأسس الموضوعية للبلاغ لأن الهدف منه هو إجراء دراسة مجرَّدة لتحديد مدى توافق التشريعات الوطنية مع أحكام الاتفاقية.

8-9 وترى الدولة الطرف كذلك أنه لا يوجد أدنى شك في أن قانون عام 1999 يلبي اشتراطات الاتفاقية فيما يتعلق بمسألة الترتيبات التيسيرية المعقولة. فالمادتان 3 و6 من القانون تُلزمان صاحب العمل باتخاذ تدابير الدعم والتكييف التي تكفل وضع الشخص ذي الإعاقة في موقف مماثل لشخص لا يعاني من إعاقة عندما يتعلق الأمر بالتوظيف، وذلك من أجل تجنب التمييز. ويقتصر هذا الواجب على التدابير التي يمكن اعتبارها "معقولة". وتعتبر الدولة الطرف أن هذا التقييد، وقانون عام 1999 برمته، متسقان مع المادتين 5 و27 من الاتفاقية. وبالتالي، فإن القضية لا تكشف عن حدوث انتهاك للاتفاقية فيما يتعلق بالتشريعات الوطنية المعنية.

8-10 وفيما يتعلق بمسألة ما إذا كان القانون الوطني ذو الصلة قد طُبِّق بما يتماشى مع أحكام الاتفاقية في القضية المعروضة على اللجنة، تشير الدولة الطرف إلى اجتهاد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومفاده أن الدولة تتمتع بسلطة تقديرية في حدود معينة، ورهناً بالرقابة التي تمارسها الهيئات الأوروبية المختصة، حينما تتخذ تدابير تشريعية أو إدارية أو إجراءات قضائية في مجال الحقوق التي تكفلها الاتفاقية. وعلى حد قول المحكمة، "إن سلطات الدول، بحكم علاقتها المباشرة والمستمرة مع القوى الحية في بلدانها، مؤهلة أفضل من قاضٍ دولي لإبداء رأي بشأن الاشتراطات [ذات الصلة]" ( ) . وتعتبر الدولة الطرف أن مبدأ هامش التقدير، كما تطبقه المحكمة الأوروبية، يعكس الدور الثانوي لاتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) في مجال حماية حقوق الإنسان حيث إن المسؤولية الأساسية عن ذلك تقع على عاتق الأطراف المتعاقدة. فدور المحكمة هو رصد الإجراءات التي تتخذها الدول، وهي لا تشكل محكمة استئناف أخرى للطعن في قرارات المحاكم الوطنية التي تطبق القانون الوطني.

8-11 وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى اجتهاد اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتعتبر أنها غالباً ما تسمح للدول بهامش تقدير ( ) يكون نطاقه واسعاً على الخصوص عندما يتعلق الأمر بالمسائل الاقتصادية ( ) . وترى الدولة الطرف أن على اللجنة أن تتبع نهجاً مماثلاً عند نظرها في هذه القضية، فتتخذ من إجراءات السلطات المحلية وما تُجريه من تقييمات، ولا سيما منها محكمة العمل، منطلقاً لاستعراض القضية.

8-12 وتؤكد الدولة الطرف أن الإجراءات أمام محكمة العمل لم تشمل الإفادات الخطية المقدمة من وكالة التأمين الاجتماعي ومكتب أمين المظالم المعني بالمساواة فحسب، بل تضمنت أيضاً عقد جلسات استماع شفوية. وهذا ما أتاح لكلا الطرفين فرصة لعرض الأدلة الشفوية والخطية. وأدلى عدة شهود، بمن فيهم صاحبة البلاغ، ببيانات شفوية مشفوعة بأداء القسم بناءً على طلب الطرفين. وترى الدولة الطرف أن محكمة العمل استندت إلى أسس متينة في دراستها لملف القضية. وبالإضافة إلى ذلك، وبناءً على طلب من صاحبة البلاغ، أدى مكتب أمين المظالم المعني بالمساواة دور المدعي في إطار الإجراءات المذكورة. وبالتالي فإن قضية صاحبة البلاغ قد نظرت فيها سلطة عامة متخصصة في موضوع مكافحة التمييز، ما يعني أن الظروف كانت مهيأة لمراعاة آرائها ومصالحها على النحو الواجب. وأخيراً، إن محكمة العمل هي هيئة مختصة لديها خبرة في مجال تقييم دعاوى التمييز. وقد شارك سبعة أعضاء من محكمة العمل في جلسة الاستماع وفي المداولات وقرروا بالإجماع رفض الدعوى التي رفعها أمين المظالم المعني بالمساواة.

8-13 وفيما يتعلق بما قامت به محكمة العمل من دراسة وتقييم لملف القضية، تعتبر الدولة الطرف أن التحقيق إجمالاً لم يقدم أدله تثبت أن إعادة برمجة نظام إدارة الملفات التابع لوكالة التأمين للاستجابة لاحتياجات صاحبة البلاغ كان سيعطيها القدرة على تصفح النظام المعني والتحكم فيه. فالإجراء المقترح بإتاحة إمكانية النفاذ إلى جميع البيانات اللازمة عملية تستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب جهداً جباراً. وترى الدولة الطرف أنه قد ثبت بالتالي أنه لم يكن معقولاً أن تتخذ وكالة التأمين الاجتماعي تدابير الدعم والتكييف المطلوب اتخاذها حتى تكون المتقدمة على الوظيفة آنذاك في وضع مماثل لوضع الأشخاص الآخرين الذين لا يعانون من إعاقة.

8-14 وترى الدولة الطرف أن الحكم يدل بلا شك على أن محكمة العمل قد نظرت بصورة دقيقة وشاملة في الالتماس الذي تقدم به مكتب أمين المظالم المعني بالمساواة، وعلى أن الحكم كان معللاً وأن المحكمة قد بذلت العناية الواجبة لمناقشة مختلف الادعاءات قبل أن تتخذ قراراها.

8-15 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ الذي مفاده أن محكمة العمل لم تضع في اعتبارها أن إدخال تعديلات على البرنامج الحاسوبي في وكالة التأمين كان سيفيد أي شخص يعاني من إعاقة بصرية يمكن أن توظفه الوكالة في المستقبل، تدفع الدولة الطرف بأن أحكام قانون عام 1999 وقانون مكافحة التمييز المتعلقة بتدابير الدعم والتكييف المعقولة تهدف إلى حماية الأفراد من التمييز عن طريق اتخاذ تدابير في حالات فردية، ولا ترمي في المطلق إلى تهيئة بيئة مؤاتية للنفاذ بشكل عام.

8-16 وفي معرض الإشارة إلى ما دفعت به صاحبة البلاغ من أن عبء الإثبات في إطار الإجراءات أمام محكمة العمل لم يوضع، كما ينبغي أن يكون، على عاتق صاحب العمل، توضح الدولة الطرف أن المادة 24(أ) من قانون عام 1999 تفيد بأن على الشخص الذي يدعي وقوعه ضحية التمييز أن يقيم الدليل على توافر عناصر تحمل على الاعتقاد بأنه قد تعرض فعلاً للتمييز، بينما على الطرف الآخر أن يثبت عدم وجود تمييز.

8-17 وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن التقييم الذي أجرته محكمة العمل شمل النوع نفسه من "اختبار المعقولية" الذي كانت اللجنة ستطبقه في إطار تقييم تجريه بموجب المواد 2 و5 و27 من الاتفاقية، والذي يتطلب فحص العوامل الاقتصادية والموازنة بين مختلف المصالح المعنية.

8-18 وترى الدولة الطرف أن حكم محكمة العمل الذي لم يكن لصالح صاحبة البلاغ لا يؤثر في حد ذاته في الاستنتاج الذي مؤداه أن ما اتخذ من إجراءات وأجري من تقييمات على الصعيد المحلي كان على درجة رفيعة وأنه لا يوجد ما يدل على أن تلك الإجراءات والتقييمات كانت تعسفية أو يعتريها أي عيب آخر. وتؤكد الدولة الطرف أن على اللجنة أن تقبل استنتاج محكمة العمل الذي مفاده أنه لم يكن من المعقول بالنسبة لوكالة التأمين الاجتماعي أن تتخذ تدابير الدعم والتكييف التي كانت ضرورية حتى تكون صاحبة البلاغ في وضع مماثل لوضع شخص آخر لا يعاني من نفس الإعاقة الوظيفية. وبناءً على ذلك، تعتبر الدولة الطرف أنه لم يحدث أي انتهاك للاتفاقية في إطار هذه القضية.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

9- في 11 آذار/مارس 2014، قدمت صاحبة البلاغ ردها على ملاحظات الدولة الطرف وبيّنت أنه ليست لديها أية تعليقات إضافية على الموضوع وكررت تأكيد جميع الحجج التي ساقتها في رسالتها الأصلية.

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي تلقتها وفقاً للمادة 5 من البروتوكول الاختياري والفقرة 1 من المادة 73 من النظام الداخلي.

10-2 وتحيط اللجنة علماً بدفع الدولة الطرف الذي مفاده أن اللجنة لا يمكنها أن تنظر في الأسس الموضوعية للبلاغ لأن الغرض منه هو النظر المجرد في مدى توافق التشريعات الوطنية مع الاتفاقية. وتذكّر اللجنة بأنه لا يكفي لصاحب بلاغ أن يقول إن قانوناً ما، بمجرد وجوده، يمثل انتهاكاً لحقوقه حتى تنطبق عليه صفة الضحية ( ) . وفي سياق هذه القضية، تعتبر صاحبة البلاغ أن قانون عام 1999 قد طُبق على نحو حرمها من حقوقها. ولذلك، فإن اللجنة ليست معنية بقانون عام 1999 في صورته المجردة، وإنما بتطبيق محكمة العدل لذلك القانون في إطار قضية صاحبة البلاغ.

10-3 إن السؤال الذي يثيره هذا البلاغ هو ما إذا كان الحكم الصادر عن محكمة العمل في عام 2010 يمثل انتهاكاً لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادتين 5 و27 من الاتفاقية. وفي هذا الصدد تلاحظ اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ التي مفادها أن الحكم الصادر عن محكمة العمل هو حكم تمييزي لأنه لم يستند إلى تقييم كافٍ للإمكانيات المتاحة أمام وكالة التأمين الاجتماعي لتتخذ تدابير الدعم والتكييف اللازمة لجعل نظمها الحاسوبية الداخلية تستجيب لاحتياجات صاحبة البلاغ التي تعاني من إعاقة بصرية، وبالتالي تمكينها من أداء الواجبات المهنية المرتبطة بوظيفة المدقق/المفتش التي ترشحت لشغلها؛ ولأن المحكمة لم تضع في اعتبارها أن تعديل البرنامج الحاسوبي لوكالة التأمين الاجتماعي كان سيفيد أي شخص آخر يعاني من إعاقة بصرية يمكن أن توظفه الوكالة في المستقبل.

10-4 وتذكّر اللجنة بأنه وفقاً للفقرات (أ) و(ه‍( و(ز) و(ط) من الاتفاقية، تقع على الدول الأطراف مسؤولية حظر التمييز على أساس الإعاقة فيما يختص بجميع المسائل المتعلقة بأشكال العمالة كافة، ومنها شروط التوظيف والتعيين والعمل واستمرار العمل والتقدم الوظيفي وظروف العمل الآمنة والصحية؛ وتعزيز فرص العمل والتقدم الوظيفي للأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل، فضلاً عن تقديم المساعدة على إيجاد العمل والحصول عليه والمداومة عليه والعودة إليه؛ وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام؛ وكفالة توفير ترتيبات تيسيرية معقولة للأشخاص ذوي الإعاقة في أماكن العمل. وتشير اللجنة كذلك إلى أن المادة 2 من الاتفاقية تنص على أن "الترتيبات التيسيرية المعقولة" تعني التعديلات والترتيبات اللازمة والمناسبة التي لا تفرض عبئاً غير متناسب أو لا مبرر له، والتي تكون ضرورية في حالة محددة لكفالة تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة على أساس المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وممارستها. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الفقرتين 1 و2 من المادة 5 تفرضان على الدول الأطراف التزامات عامة بأن تقر بأن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون وبمقتضاه ولهم الحق دون أي تمييز وعلى قدم المساواة في الحماية والفائدة اللتين يوفرهما القانون، وأن تحظر أي تمييز على أساس الإعاقة وتكفل للأشخاص ذوي الإعاقة الحماية القانونية المتساوية والفعالة من التمييز على أي أساس.

10-5 ترى اللجنة أن الدول الأطراف تتمتع، لدى النظر في معقولية التدابير التيسيرية وتناسبها، بهامش تقدير معين. وترى كذلك أنه يعود بوجه عام إلى محاكم الدول الأطراف في الاتفاقية تقييم الوقائع والأدلة في قضية معينة ما لم يتبين أن التقييم كان واضح التعسف أو يمكن أن يرقى إلى مستوى إنكار العدالة ( ) .

10-6 وفي إطار هذه القضية، ترى اللجنة أن محكمة العمل قيّمت بطريقة دقيقة وموضوعية جميع العناصر التي قدمتها إليها صاحبة البلاغ ووكالة التأمين الاجتماعي قبل أن تخلص إلى الاستنتاج الذي مفاده أن تدابير الدعم والتكييف التي اقترحها مكتب أمين المظالم ستلقي على عاتق وكالة التأمين الاجتماعي عبئاً لا مبرر له. وترى اللجنة كذلك أن صاحبة البلاغ لم تقدم أية أدلة يمكن أن تفضي إلى استنتاج مفاده أن التقييم الذي أجرته محكمة العمل واضح التعسف أو يرقى إلى درجة إنكار العدالة. وفي ظل هذه الظروف، لا يمكن للجنة أن تخلص إلى أن قرار محكمة العمل لم يستند، وقت صدور الحكم، إلى اعتبارات موضوعية ومعقولة. وبناءً عليه، ترى اللجنة أن لا يمكنها أن تخلص إلى حدوث انتهاك للمادتين 5 و27 من الاتفاقية.

11- واللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تشكل انتهاكاً للمادتين 5 و27 من الاتفاقية.

تذييل

نص رأي مشترك أبداه أعضاء اللجنة السيد مونتيان بونتان، والسيدة ماريا سوليداد ثيستيراس رييس، والسيدة تيريزيا ديغينير، والسيد كارلوس ريوس إيسبينوسا، والسيدة سيليفيا جوديت كوان - تشانغ (رأي مخالف)

1- لا نشاطر اللجنة موقفها الذي مفاده أن المسألة الرئيسية التي تثيرها هذه القضية تتمثَّل في تحديد ما إذا كان الحكم تمييزياً على أساس أن المحكمة لم تقيم بالقدر الكافي الإمكانية المتاحة أمام وكالة التأمين الاجتماعي لاتخاذ تدابير الدعم والتكييف اللازمة من أجل مواءمة أنظمتها الحاسوبية الداخلية مع احتياجات صاحبة البلاغ التي تعاني من إعاقة بصرية (الفقرة 10-3 أعلاه). فنحن نرى أن المسألة التي يثيرها البلاغ أوسع نطاقاً، حيث إن مكتب أمين المظالم في السويد عرض على وكالة التأمين الاجتماعي مجموعةً من الخيارات المختلفة التي من شأنها أن تمكن صاحبة البلاغ من الوفاء بالتزاماتها المهنية المرتبطة بوظيفة مدقق/مفتش. وكان ينبغي أن تُقيَّم تلك الخيارات من منظار المعايير المنصوص عليها في المادة 5 من الاتفاقية فيما يتعلق بتطبيق الترتيبات التيسيرية المعقولة في قضية بعينها.

2- صحيح أن اللجنة غير مخوَّلة تنصيب نفسها هيئة قضائية من الدرجة الثالثة لدى نظرها في البلاغات الفردية. وصحيح كذلك أن الدول الأطراف تتمتع بهامش تقدير معين لدى تقييمها لمدى معقولية الترتيبات التيسيرية وحسم مسألة ما إذا كانت تلك الترتيبات تُلقي على عاتق الدولة عبئاً لا مبرر له في إطار قضية بعينها. ومع ذلك كان ينبغي للجنة أن تستعرض المعايير التي استخدمتها الدولة الطرف في هذه القضية على وجه الخصوص بغية التحقق من وجود انتهاك لأحكام المادتين 5 و27 من الاتفاقية. فوقت صدور قرار محكمة العمل في عام 2010، كانت الاتفاقية سارية فعلاً في الدولة الطرف، وهو ما لاحظته اللجنة في قرارها بشأن المقبولية. وفي هذا الصدد، كان ينبغي لمحكمة العمل ألا تراعي المعايير الواردة في قانون عام 1999 بشأن حظر التمييز في الحالات العملية على أساس الإعاقة فحسب، بل كان عليها أن تراعي أيضاً نطاق "الترتيبات التيسيرية المعقولة" على نحو ما تنص عليه المادة 5 من الاتفاقية. ولا يعني هذا أن تقوم اللجنة بتحليل مجرّد للقانون لتحديد ما إذا كان يتوافق أم لا مع الاتفاقية؛ بل كان على اللجنة أن تستعرض المعايير التي جرى تطبيقها في القضية المعنية بغية تحديد ما إذا كان من المعقول أم لا اعتماد التدابير التي أوصى بها مكتب أمين المظالم المعني بالمساواة في السويد.

3- وفي هذه القضية، استند التحليل الذي قامت به محكمة العمل إلى الأسئلة الخمس التالية، والتي ينشأ جميعها عن قانون عام 1999 بشأن حظر التمييز في الحياة العملية على أساس الإعاقة: ‘1‘ تكاليف التدابير من حيث قدرة صاحب العمل على تغطيتها؛ ‘2‘ الإمكانيات الحقيقية المتاحة لتنفيذ التدابير ومدى تأثير تلك التدابير في الشخص ذي الإعاقة؛ ‘3‘ مراعاة إمكانية تنفيذ التدابير في مكان العمل؛ ‘4‘ مدى تأثير التدابير المتخذة في قدرة الشخص ذي الإعاقة على القيام بالوظيفة المعنية؛ ‘5‘ مدة العمل. وبعد أن نظرت محكمة العمل في القضية بالاستناد إلى الإطار القانوني المشار إليه أعلاه، خلصت إلى أن التكييفات المطلوبة في غاية التعقيد وتستغرق وقتاً طويلاً.

4- ويجب تحليل "الترتيبات التيسيرية المعقولة" حسب كل حالة على حدة، وينبغي تقييم مدى معقولية التدابير التيسيرية المقترحة وتناسبها في ضوء السياق الذي يندرج فيه الطلب المتعلِّق باتخاذها. وبهذه القضية، طُلب اتخاذ تدابير تيسيرية في سياق مهني. وبالتالي ينبغي لاختبار المعقولية والتناسب أن يكفل، في جملة أمور، ما يلي: ‘1‘ التأكد من أن التدابير التيسيرية تهدف إلى تشجيع توظيف شخص ذي إعاقة لديه القدرة والخبرة المهنيتين للاضطلاع بالوظائف المتصلة بالوظيفة التي ترشّح لشغلها؛ ‘2‘ التحقق من أن الشركة أو المؤسسة العامة أو الخاصة التي تقدم إليها المرشح بطلب من أجل التوظيف يمكن أن يُتوقع منها بصورة معقولة أن تعتمد تدابير تيسيرية وتنفذها. فلم تُبدَ أي شكوك حول ما تتمتع به صاحبة البلاغ من قدرات مهنية وتجربة عملية تؤهلها للاضطلاع بالمهام التي تنطوي عليها الوظيفة التي ترشحت لشغلها. ومن الأهداف المحددة ل‍ "الترتيبات التيسيرية المعقولة" التعويض عن القيود الوقائعية بهدف تعزيز فرص توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة حتى لا يشكِّل العجز في القدرة الوقائعية على الاضطلاع بتلك الوظائف عائقاً رئيسياً أمام توظيف شخص ما.

5- ونحن نعتقد أن محكمة العمل لم تنظر في التأثير الممكن للتدابير التي اقترحها مكتب أمين المظالم في الإمكانيات التي ستُتاح مستقبلاً لتوظيف أشخاص آخرين يعانون من إعاقات بصرية، بوصفه معياراً إيجابياً إضافياً في تقييم التدابير التيسيرية المطلوبة. لذا، فعلى الرغم من أننا نؤمن بأن الترتيبات التيسيرية المعقولة هي من حيث المبدأ تدابير فردية ( ) ، نرى أن إمكانية أن تفيد تلك الترتيبات موظفين آخرين من ذوي الإعاقة ينبغي أيضاً أن تؤخذ في الحسبان لدى تقييم عنصري المعقولية والتناسب وفقاًً للمواد 5 و9 و27 من الاتفاقية. فكان ينبغي لمحكمة العمل أن تولي اعتباراً أكبر للطابع المميَّز لوكالة التأمين الاجتماعي، بما يشمل دورها ووظائفها، بوصفها مؤسسة من المؤسسات العامة الرئيسية المكلفة بتنفيذ السياسة العامة الوطنية المتعلِّقة بالأشخاص ذوي الإعاقة في الدولة الطرف (الفقرة 3-2 أعلاه). وأخيراً، لم تأخذ محكمة العمل في الحسبان إعانات الأجور ومستحقات المساعدة التي كان سيحصل عليها كل من المتقدم على الوظيفة وصاحب العمل لو تمّ انتقاء المرشحة، وذلك على الرغم من أن الخيارات التي وضعها مكتب أمين المظالم تشير بوضوح إلى تلك الإعانات والمستحقات.

6- وفي ضوء ما تقدم ومع وضع جميع المعلومات التي قدمها الطرفان في الاعتبار، نرى أنه كان ينبغي للجنة أن تخلص إلى أن الحكم الصادر عن محكمة العمل يعكس تفسيراً واسعاً لمفهوم "العبء الذي لا مبرر له"، وهو ما يحد بدرجة كبيرة من إمكانية انتقاء أشخاص ذوي إعاقة لشغل وظائف تتطلَّب تكييف بيئة العمل من أجل تلبية احتياجاتهم. ونعتقد أن التقييم الذي أجرته محكمة العمل لتدابير الدعم والتكييف المطلوبة وفقاً لقانون عام 1999، يؤكد رفض اعتماد الترتيبات التيسيرية المعقولة المطلوبة، ما أدَّى في واقع الأمر إلى حرمان صاحبة البلاغ بشكل تمييزي من الحصول على الوظيفة التي ترشّحت لشغلها. وكان ينبغي للجنة أن تعتبر أن التقييم الذي أجرته محكمة العمل لا يتفق مع المبادئ العامة الواردة في الفقرتين (ط) و(ي) من ديباجة الاتفاقية، ويمكن اعتباره بمثابة انتهاك للمادتين 5 و27 من الاتفاقية.

رأي فردي (مخالف) أبداه السيد داميان تاتيتش

أشاطر أعضاء اللجنة الآخرين رأيهم الفردي المشترك، فيما عدا المسألة المتعلِّقة بضرورة مراعاة الآثار الممكنة للترتيبات التيسيرية المعقولة على الفرص التي يمكن أن تُتاح مستقبلاً لتوظيف أشخاص ذوي إعاقة في الوكالة السويدية للتأمين الاجتماعي، على نحو ما ورد في الجملتين 1 و2 من الفقرة 5.