اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة |
Distr.: General 29 January 2019 Arabic Original: English |
لجنة مناهضة التعذيب
قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة ٢٢ من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم ٧٦١/٢٠١٦ * **
ال بلاغ مقدم من : س. ه. (يمثله المحامي جون سويني)
الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب الشكوى
الدولة الطرف : أستراليا
تاريخ تقديم الشكوى : ٢٨ حزيران/ يونيه ٢٠١٦ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)
تاريخ صدور هذا القرار : ٢٣ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨
الموضوع : خطر التعرض للتعذيب في حالة الترحيل إلى البلد الأصلي (عدم الإعادة القسرية)؛ و منع التعذيب
المسألة الإجرائية : ترحيل صاحب الشكوى من أستراليا إلى سري لانكا
المسألة الموضوعية : المقبولية - من الواضح أنه لا أساس لها
مواد الاتفاقية : المادتان 3 و22
١ - صاحب الشكوى هو س. ه.، مواطن سريلانكي مولود في عام 1974. وهو معرض للترحيل إلى سري لانكا بعد رفض طلبه الحصول على وضع اللاجئ في أستراليا. ويؤكد صاحب الشكوى أن أستراليا، إذا رحلته إلى سري لانكا، ستنتهك التزاماتها بموجب المادة 3 من الاتفاقية. وقد أصدرت أستراليا الإعلان المنصوص عليه في المادة 22 من الاتفاقية في 28 كانون الثاني/يناير 1993 . ويمثل صاحب الشكوى محام.
الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى
٢ - ١ وُلد صاحب الشكوى في مانثوفيل، التابعة لبلدة مولايتيفو، وهي مقاطعة كانت تخضع لسيطرة حركة نمور تحرير تاميل إيلام أثناء الصراع المسلح الداخلي. وقبل نهاية هذا الصراع في ٢٠٠٩، كان من المتوقّع من كل شخص يعيش في تلك المنطقة أن يتلقى تدريباً مع نمور التاميل وأن يحمي حدود المنطقة التي يعيش فيها. ودفع صاحب الشكوى رشوة للتهرب من واجب حماية الحدود، رغم أنه أكمل دورة تدريبية أساسية للدفاع عن النفس مدتها أسبوعان. وكان عليه أيضاً أن يساعد في تنظيم أي عمليات لنمور التاميل في المنطقة بوصفه نجاراً. وذهب شقيق صاحب الشكوى لكي يؤدّي واجبه في حماية الحدود مرة واحدة. وفي عام ٢٠٠٩، استُدعي شقيقه للمرة الثانية وتمكن من الفرار، ومنذ ذلك الحين لم تتلق أسرته أي اتصال منه ولا تعرف مكان وجوده. وفي وقت لاحق من عام ٢٠٠٩، نُقل صاحب الشكوى وأسرته إلى معسكر ‘ تشيتيكولام‘ في منطقة يسيطر عليها الجيش. وهناك است ُ جوب صاحب الشكوى عدة مرات من جانب جيش سري لانكا وإدارة التحقيقات الجنائية، ودار الاستجواب في معظمه حول مكان وجود أخيه. وفي تموز/يوليه ٢٠١٠، دفع والد زوجته رشوة لترتيب إطلاق سراحه من المعسكر. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٠، عُثر على والد زوجته ميتاً في منزله، وادُعي أنه انتحر. وفي البداية، أبلغت الشرطة الأسرة بأنه توفي نتيجة لجريمة. غير أنه عندما ذهبت أخت زوجة صاحب الشكوى للتعرف على جثته واستلامها، أجبرها جيش سري لانكا على التوقيع على استمارة تفيد بأنه توفي نتيجة للانتحار. ويعتقد صاحب الشكوى أن والد زوجته قُتل على يد جيش سري لانكا أو إدارة التحقيقات الجنائية انتقاماً منه لمساعدته صاحب الشكوى على الهرب. وتعيش الآن زوجة صاحب الشكوى وابنتاه وشقيقتا زوجته مع أطفالهما في منزل الأسرة في مانثوفيل بعد إطلاق سراحهن من معسكر ‘ تشيتيكولام‘ في عام ٢٠١٢. ويدعي صاحب الشكوى أن السلطات تقوم بزيارات دورية إلى أسرته للاستفسار عن مكان وجوده، وكانت الزيارة الأخيرة في آذار/مارس ٢٠١٦.
٢ -٢ وفي ٧ تموز/يوليه ٢٠١٠، غادر صاحب الشكوى سري لانكا بالطائرة بجواز سفر مزور، وتوجه أول اً إلى ماليزيا ثم إلى إندونيسيا. وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، وصل إلى جزيرة كريسماس دون تأشيرة دخول صالحة. وفي ٢٢ كانون الثاني/يناير ٢٠١١، قدم طلباً للحصول على تأشيرة حماية، ورُ فض طلبه في ٢١ نيسان/أبريل ٢٠١١. وروجع هذا القرار من جانب مراجع مستقل للأسس الموضوعية في ٢ شباط/فبراير ٢٠١٢، فأيد قرار الرفض الأصلي. والتمس صاحب الشكوى مراجعة ذلك القرار في محكمة الدائرة الاتحادية في ٦ آذار/ مارس ٢٠١٢، ولكن رُفض ذلك الطلب في ٢٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢. وفي ١٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، قُدم طلب إلى وزير الهجرة والجنسية، الذي رفض أن يمارس سلطته في منح تأشيرة حماية. وفي ١٢ آذار/مارس ٢٠١٥، خلص تقييم للالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية إلى أن صاحب الشكوى لا يستحق الحماية من جانب أستراليا. وقدم بعد ذلك طلباً لإجراء مراجعة قضائية لذلك القرار ورُفض طلبه تلقائياً في ٥ حزيران/ يونيه ٢٠١٥. وقُدم طعن إلى محكمة أستراليا الاتحادية التي رفضته في ١٣ أيار/مايو ٢٠١٦. ولذلك يدعي صاحب الشكوى أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية.
الشكوى
٣ -١ يدّعي صاحب الشكوى أن ترحيله إلى سري لانكا سيشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب المادة 3 من الاتفاقية. ويدّعي أيضاً وجود أسباب موضوعية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض للتعذيب على أيدي جيش سري لانكا أو إدارة التحقيقات الجنائية لأنه يُشتبه في وجود صلات له بنمور التاميل، وأنه هرب من معسكر ‘ تشيتيكولام‘ في سري لانكا، وأنه شاهدٌ على جريمة محتملة ارتكبها جيش سري لانكا أو إدارة التحقيقات الجنائية (القتل المدَّعى لوالد زوجته) . وهو يدّعي أن سوء حالة الإجراءات القانونية في سري لانكا، ولا سيما في سياق ما عاناه الكثير من التاميل الذين كانوا محصورين بين نمور التاميل وجيش سري لانكا في المراحل النهائية للصراع، يمنح مصداقية لادعاءاته. وهو يشير إلى عدد من التقارير التي تبين، حسب قوله، توافر أدلة كافية على وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في سري لانكا، وأن سمات وضعه تتطابق مع عدد من خصائص الأشخاص الذين يستهدفهم جيش سري لانكا أو إدارة التحقيقات الجنائية ( ) .
٣ -٢ ويدعي صاحب الشكوى كذلك أنه، إذا أعيد قسراً إلى سري لانكا، فإنه سيُحتجز ويُحبس في سجن نيغومبو للحبس الاحتياطي من أجل موالاة استجوابه لأنه التمس اللجوء وغادر البلد بطريقة غير قانونية وعاد بدون جواز سفر. ويشير صاحب الشكوى إلى أن من الموثَّق جيداً أن السجن مكتظ بالسجناء وغير صحي وغير نظيف، ولا توجد سوى فرصة ضئيلة لممارسة الرياضة فيه، كما أنه مكتظ إلى درجة أن السجناء يتناوبون على النوم ، وهو ما يشكل في حد ذاته معاملة أو عقوبة مهينة بغض النظر عن طول المدة التي تُقضى في السجن رهن الحبس الاحتياطي.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
٤ - ١ في ٢٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦، طعنت الدولة الطرف في مقبولية الشكوى، وذكرت أن ادعاءات صاحب الشكوى لا أساس لها من الصحة بوضوح، وأن القضية غير مقبولة من حيث الاختصاص الموضوعي.
٤ - ٢ وتدفع الدولة الطرف بأن ادعاء صاحب الشكوى أنه سيتعرض لخطر التعذيب من جانب السلطات إذا أُعيد إلى سري لانكا هو ادعاء غير مقبول عملاً بالمادة ١١٣ ( ب) من النظام الداخلي للجنة، لأن صاحب الشكوى يعتمد على معلومات عامة ولا يثبت وجود خطر شخصي عليه. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب الشكوى يؤسس ادعاءاته على معلومات عامة مستمدة من تقرير أعده المشروع الدولي للحقيقة والعدالة في سري لانكا ( 1) ، وأنه يشير إلى معلومات عامة أخرى بشأن سري لانكا، مدعياً أن هذه المعلومات تثبت وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد. غير أن وجود خطر عام لحدوث العنف لا يُبرهن على وجود خطر فردي وشخصي يتمثل في ارتكاب انتهاك للمادة ٣ من الاتفاقية، وترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يقدم دليلاً على أنه سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب. ولذلك تؤكد الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب الشكوى غير مقبولة باعتبارها لا أساس لها بوضوح.
٤ - ٣ وترى الدولة الطرف أن الالتزام بعدم الإعادة القسرية بموجب المادة ٣ من الاتفاقية يقتصر على الحالات التي يكون فيها الشخص العائد عرضةً لخطر التعذيب على النحو المحدد في المادة ١ من الاتفاقية، ولا ينطبق إذا كان الشخص العائد سيتعرض لخطر المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ( ) . ولذلك تدفع الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب الشكوى بأنه سيواجه خطر التعرض لهذه المعاملة على أيدي سلطات سري لانكا أو أنه قد يُحتجز في سجن نيغومبو للحبس الاحتياطي ينبغي اعتبارها غير مقبولة من حيث الاختصاص الموضوعي.
٤ - ٤ وتؤكد الدولة الطرف أن جميع ادعاءات صاحب الشكوى قد نُظر فيها بدقة في إطار سلسلة من عمليات اتخاذ القرار المحلية، وتبيَّن أن هذه الادعاءات لا توجب على الدولة الطرف التزامات بعدم الإعادة القسرية بموجب الاتفاقية أو بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد نُظر في الادعاءات في إطار عمليات محلية قوية وخلصت إلى أنه ليس لها مصداقية. وعلاوةً على ذلك، لم يدرج صاحب الشكوى في مذكراته المقدمة إلى اللجنة أي ة ادعاءات جديدة لم يُنظر فيها بالفعل على نحو دقيق في إطار العمليات الإدارية والقضائية المحلية الشاملة ، إلا الادعاء القائل بأنه شاهدٌ على جريمة محتملة ارتكبها الجيش أو إدارة التحقيقات الجنائية في سري لانكا. وتحيل الدولة الطرف إلى تعليق اللجنة العام رقم 1(1997) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق الفقرة 9 من المادة 22، الذي ذكرت فيه اللجنة أنها ليست هيئة استئناف أو هيئة قضائية، وأنها تولي أهمية كبيرة لما تخلص إليه أجهزة الدولة الطرف من استنتاجات بشأن الوقائع.
تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف
٥ - 1 في 16 كانون الثاني/يناير 2017، قدم صاحب الشكوى تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. وهو يشير إلى الفقرة ١٨ من فتوى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (مفوضية شؤون اللاجئين) ب شأن التطبيق الخارجي للالتزامات بعدم الإعادة القسرية بموجب اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وبروتوكول ها ل عام 1967 ( ) ، وي ؤكد أنه وفقاً لهذه الفتوى لا يجب عليه إلا أن يقدم أسباب اً جوهرية تدعو إلى ال اعتقاد ب وجود خطر إذا أ ُ عيد إلى بلده؛ أي أنه غير مطالب بأن يثبت أنه سيتعرض للتعذيب، وإنما أن يثبت فقط وجود خطر.
٥ - ٢ وفيما يتعلق بادعائه أنه سيُحتجز في سجن نيغومبو للحبس الاحتياطي، فإنه يشير إلى أن ادعاءه الوارد في الشكوى الأصلية ربما جرت صياغته بطريقة غير سليمة فيما يتعلق "بالمعاملة المهينة". ويؤكد أنه لو حدث أن احتُجز في سجن نيغومبو للحبس الاحتياطي لمدة زمنية ليست قصيرة، أي أكثر من بضعة أيام في الحبس الاحتياطي لحين دفع كفالة، فإنه سيتعرض لخطر الاستجواب تحت التعذيب. ويدفع صاحب الشكوى بأنه سيتعرض لاحتجاز مطول لأنه عانى بالفعل من المضايقة والتهديد من جانب إدارة التحقيقات الجنائية أثناء وجوده في معسكر تشيتيكولام بسبب أنشطته وأنشطة أخيه السابقة وصلاته بمنظمة نمور التاميل. ويؤكد صاحب الشكوى أن المضايقة التي تعرض لها أثناء وجوده في المعسكر قد استمرت في التصاعد، وأن فراره من المعسكر والقتل اللاحق المحتمل لوالد زوجته يعني أن لدى الجيش اشتباهات قوية بشأنه. ولذلك، فإنه سيتعرض في حالة عودته لخطر الاحتجاز المطول.
٥ - ٣ ويؤكد صاحب الشكوى أيضاً أن لديه أسباباً معقولة تدعو إلى الاشتباه في أن الجيش السريلانكي مسؤول عن وفاة والد زوجته. وقد حاولت أسرته تقديم شكوى والطعن في السبب الرسمي للوفاة، ولكن الجيش أسكتها. فالعلامات التي بدت على عنق والد زوجته، والواضحة في الصورة الفوتوغرافية التي التُقطت له بعد وفاته، لا يمكن أن تنجم عن محاولة انتحار. ويؤكد صاحب الشكوى أنه نظراً إلى عدم تشكيك السلطات الأسترالية في مصداقيته ، ف ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لأقواله، ولا سيما أن من الصعوبة القصوى الوصول إلى أنواع أخرى من الأدلة لدعم هذا التأكيد، بالنظر إلى الحالة التي كانت سائدة في شمال سري لانكا في عام ٢٠٠٩. ولذلك، ينبغي اعتبار ادعاءاته معقولة، وعدم اعتبارها عديمة الأساس بوضوح على النحو المشار إليه في مذكرة الدولة الطرف.
٥ - ٤ وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف القائلة ب أن صاحب الشكوى قد مر بعمليات محلية قوية لتقييم ادعاءاته، يشير صاحب الشكوى إلى أن تقييم صفة اللاجئ والمراجعة المستقلة للأسس الموضوعية ليسا عمليتين نظاميتين. وهو يؤكد أنه وصل إلى أستراليا بالقارب في عام ٢٠١٠، ولذلك لم يُمنح نفس ما يُمنحه من يصلون بالطائرة من حقوق في عملية نظامية لتقييم مطالبه المتعلقة بالحماية. ويشير إلى أن هذه العملية ذات طابع استشاري وأن القرار يخضع للسلطة التقديرية لوزير الهجرة والجنسية. ويشير أيضاً إلى أنه لا توجد سوى قلة ضئيلة م ن الضمانات التي تكفل الاستقلال الحقيقي للمراجِعين بالنظر إلى أن وزارة الهجرة والجنسية هي التي تعينهم وتدفع أجورهم، وأن استقلالهم ليس سليماً من الناحية الهيكلية. ويذكر صاحب الشكوى أيضاً أن المحكمة الجزئية الاتحادية تختص فقط بالنظر في السلامة القانونية لإجراءات العملية وأنها لا يمكن أن تحكم في أخطاء الحكم المنبثق عن عملية المراجعة المستقلة للأسس الموضوعية. ففي آذار/مارس ٢٠١٤ فقط، وبعد النظر في قضية وزير الهجرة والجنسية ضد ‘ س. ز. ق. ر. ب‘ ( SZQRB ) أمام المحكمة العالية لأستراليا، أصبح ما يُسمى تدبير الحماية التكميلية قانوناً في أستراليا، وأُلغي التمييز بين الوافدين بالطائرات والوافدين بالقوارب. وهذا يعني أن الأشخاص الذين وصلوا بالقوارب، مثل صاحب الشكوى، يُمنحون الآن عملية نظامية يُجري في إطارها مندوب عن الوزير تقييماً ويقرر ما إذا كان يوافق أم لا على طلب المهاجرين الحصول على الحماية، لا مجرد تقديم المشورة إلى الوزير. ويمكن الآن مراجعة هذا القرار من جانب محكمة مراجعة قضايا اللاجئين ( ) ، وهي هيئة قانونية تتمتع ب استقلال ية أكبر من استقلالية وزارة الهجرة والجنسية . ويؤكد صاحب الشكوى أنه عُرض عليه، بعد التغييرات التي أُدخلت على القانون، إجراء تقييم "منقَّح" للالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية ، وهو التقييم الذي كان قد أصبح في ذلك الوقت عملية فارغة المضمون. وفي وقت لاحق، ألغت الدولة الطرف إجراء تقييم الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية برمته، ومُنح الأشخاص المتضررون فرصة لتقديم طلب جديد للحصول على تأشيرة حماية . ويؤكد صاحب الشكوى أن ادعاءاته لم تُقيَّم على النحو السليم، وأن العمليات التي أُخضع لها لم تكن "قوية" كما تدعي الدولة الطرف.
ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية
٦ - ١ قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 15 حزيران / يونيه 2017، ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية. وتكرر الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب الشكوى غير مقبولة من حيث الاختصاص الموضوعي وأنها لا أساس لها بوضوح. وهي تشير إلى أن النظر بشفافية ومنطق في مقبولية ادعاءات صاحب الشكوى هو ع نصر إجرائي رئيسي من عناصر عملية الشكاوى الفردية ولا غنى عنه لنجاح إطار الشكاوى. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن اللجنة، في بعض الآراء التي اعتمدتها في الآونة الأخيرة رداً على المعلومات المفصلة التي قدمتها الدولة الطرف ورأت فيها أن ادعاءات أصحاب الشكاوى غير مقبولة من حيث الاختصاص الموضوعي أو أنها بلا أساس بوضوح، قد أشارت إلى أن المسائل المثارة فيما يتعلق بالمقبولية وثيقة الارتباط بالأسس الموضوعية. وتلاحظ الدولة الطرف أن من الضروري للجنة، وفقاً لما يقتضيه النظام الداخلي، أن تنظر وتبت في مذكرات الدولة الطرف التي ترى فيها عدم مقبولية الشكاوى التي تثير ادعاءات من الواضح أنها لا تدخل ضمن نطاق تعريف التعذيب الوارد في المادة ١ من الاتفاقية، أو التي هي بلا أساس بوضوح. وعلى هذا الأساس، تطلب الدولة الطرف أن تنظر اللجنة على وجه التحديد في الحجج التي ساقتها الدولة الطرف فيما يتعلق بمقبولية الشكوى وأن ترد في آرائها على هذه الحجج.
٦ - ٢ وتشير الدولة الطرف إلى المعلومات المقدَّمة من صاحب الشكوى، التي يذكر فيها أنه غير مطالب بأن يثبت أنه سيتعرض للتعذيب إذا أعيد، وإنما أن يثبت فقط وجود خطر. وتؤكد الدولة الطرف أن هذا ليس وصفاً دقيقاً للعتبة المحددة في الاتفاقية، وهو وجوب وجود أسباب جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بوجود خطر التعذيب ( ) ، وأن يكون الخطر ال ذي سيتعرض له صاحب الشكوى شخصياً ( ) . و تلاحظ الدولة الطرف أن تعليقات صاحب الشكوى لا تنطوي على أي أدلة أو معلومات جديدة ذات صلة لم يُنظر فيها بالفعل في إطار العمليات المحلية الشاملة. وتسلِّم الدولة الطرف بأن الفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية تقضي بأن تُراعى جميع الاعتبارات ذات الصلة عند البت في مدى انطباق أحكام الفقرة 1 من المادة 3، بما في ذلك وجود نمط منهجي من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية. بيد أنه يجب أن توجد أسس إضافية تبين أن الشخص المعني سيتعرض شخصياً للخطر ( ) .
٦ - ٣ وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للشكوى، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يقدم إلا صورة فوتوغرافية رديئة النوعية وحجة غير مدعومة برأي طبي على أن وفاة والد زوجته ليس نتيجة للانتحار. وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن الصورة الفوتوغرافية رديئة النوعية بما لا يمكن معه استخلاص استنتاجات منها، وأنها لا تثبت ادعاءات صاحب الشكوى. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن والد زوجة صاحب الشكوى تُوفي بعد أربعة أشهر من مغادرة صاحب الشكوى لسري لانكا، ولذلك فإنه لا يمكن أن يكون شاهداً على جريمة محتملة كما يدّعي.
٦ - ٤ وترفض الدولة الطرف ادعاء صاحب الشكوى القائل ب عدم التوصل إلى استنتاجات تدحض مصداقيته. وتشير الدولة الطرف إلى أن متخذي القرارات المحليين قد رأوا أن عدداً من تأكيدات صاحب الشكوى ليست صحيحة تماماً، أي ادعاءاته المتعلقة بوفاة والد زوجته وطريقة مغادرته لسري لانكا.
٦ - ٥ وترفض الدولة الطرف كذلك ادعاءات صاحب الشكوى القائلة ب أن الإجراءات المحلية ليست قوية، وتفيد بأن ادعاءات صاحب الشكوى المدرجة في بلاغه قد نظر فيها بدقة عدد من متخذي القرارات المحليين وتبين أنها لا توجب على الدولة الطرف التزامات بعدم الإعادة القسرية. وتقدم الدولة الطرف وصفاً موجزاً لكل مرحلة من مراحل العملية.
٦ - ٦ وتشير الدولة الطرف إلى إجراء مقابلة مع صاحب الشكوى في المرحلة الأولية، وهي مرحلة تقييم صفة اللاجئ. واستناداً إلى المعلومات المقدمة واعتبارات أخرى ذات صلة، منها معلومات قطرية متنوعة والمبادئ التوجيهية ل مفوضية شؤون اللاجئين المتعلقة بالأهلية فيما يخص تقييم احتياجات الحماية الدولية لطالبي اللجوء من سري لانكا، لم يجد متخذ القرار دليلاً على أن صاحب الشكوى سيواجه خطر التعرّض لضرر جسيم إذا أعيد إلى سري لانكا، كما أن خوفه من الاضطهاد ليس له أساس يدعمه.
٦ - ٧ ثم إن المراجِع المعني، أثناء المراجعة المستقلة للأسس الموضوعية، قد نظر مرة ثانية في ادعاءات صاحب الشكوى ورأى مرة أخرى أنها لا تستتبع تطبيق التزامات الدولة الطرف المتعلقة بالحماية. وبعد استعراض جملة معلومات قطرية، بما في ذلك المعلومات الواردة من منظمة العفو الدولية، والفريق الدولي المعني بالأزمات، ومنظمة هيومَن رايتس ووتش، رأى المراجِع أن صاحب الشكوى لن يُتهم بدعم نمور التاميل، ولن يتضرر لكونه ينتمي إلى عرقية التاميل.
٦ - ٨ وفي وقت لاحق، أُجريت في مرحلة الطعن أمام المحكمة الجزئية الاتحادية مراجعة قضائية للتوصيات التي خلصت إليها المراجعة المستقلة للأسس الموضوعية. ودفع صاحب الشكوى بأنه ارتُكب خطأ قضائي بعدم النظر في جميع الادعاءات والمادة ذات الصلة، وبأن المراجِع لم يوجه الأسئلة الصحيحة، وأن المراجِع توصل إلى نتيجة لا دليل عليها. وخلصت المحكمة، وهي ترفض كل حجة من الحجج، إلى أن صاحب الشكوى لم يُبرهن على أن المراجعة لم تكن منصفة إجرائياً وأنها لم تُجر وفقاً للمبادئ القانونية الصحيحة.
٦ - ٩ وأُجري بعد ذلك تقييم للالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية بغية إعادة تقييم ما إذا كانت ادعاءات صاحب الشكوى تستتبع تطبيق التزامات أستراليا بعدم الإعادة القسرية، عملاً بالقرار الصادر في قضية وزير الهجرة والجنسية ضد ‘ س. ز. ق. ر. ب‘ ( SZQRB ) ( ) . وترفض الدولة الطرف توصيف صاحب الشكوى لتلك القضية فيما يتصل بالإنصاف الإجرائي لعملية تقييم الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية. ولم يؤدّ التقييم الذي أُجري في قضية صاحب الشكوى إلى إثارة نفس الشواغل التي حُددت في قضية وزير الهجرة والجنسية ضد ‘ س. ز. ق. ر. ب‘ ( SZQRB ) . وتشير الدولة الطرف إلى أن ادعاء صاحب الشكوى القائل بأن عملية تقييم الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية أُلغيت الآن كليةً ليس ادعاءً دقيقاً. فقد دفع صاحب الشكوى، في ملاحظاته الإضافية المقدمة إلى المقيِّمة، بأنه سيتعرض للخطر بعد عودته إلى موطنه بسبب وضعه كملتمس للجوء رُفض طلبه، ومغادرته غير القانونية لسري لانكا، واتصاله بمجلس التاميل الأسترالي في سيدني. وقدم، في هذه المرحلة، ادعاءً جديداً مفاده أن زوجته وأطفاله قد التُقطت لهم صور فوتوغرافية بعد مغادرته، وأنه يعتقد أن إدارة التحقيقات الجنائية تبحث عنه. وادعى صاحب الشكوى أيضاً أنه تعرض للتعذيب أثناء احتجازه في معسكر تشيتيكولام في عام 2009. وعندما طُلب منه توضيح طبيعة التعذيب الذي تعرض له، قال إنه استُجوب وهُدد بالضرب. وخلصت المقيِّمة إلى أن صاحب الشكوى ليس معرضاً حقيقةً لخطر الاضطهاد ولا يواجه خطراً حقيقياً بالتعرّض لضرر جسيم عند عودته إلى سري لانكا لأي سبب من الأسباب التي أثارها في مذكراته.
٦ - ١٠ وأجرت محكمة الدائرة الاتحادية بعد ذلك مراجعة قضائية للتوصيات الناتجة عن تقييم الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية، خلصت فيها إلى أنه، بعد النظر في تقرير المقيِّمة، ككل، لم يحدث خطأ قانوني أو تقصير من جانب المقيِّمة في سياق النظر في المعلومات المعروضة عليها. ولذلك رُفض طلب صاحب الشكوى الحصول على انتصاف زجري.
٦ - ١١ وأخيراً، نظرت المحكمة الاتحادية لأستراليا في مراجعة قضائية لقرار محكمة الدائرة الاتحادية، بحثت المحكمة فيها فيما إذا كانت المقيِّمة قد وجهت أسئلة غير صحيحة أو استخدمت اختباراً غير صحيح عند النظر في المعلومات القطرية التي قدمها صاحب الشكوى فيما يتصل بالأشخاص الذين لديهم صلات بنمور التاميل. وعند النظر في أسس الطعن هذه، أجرت المحكمة مراجعة أخرى لكامل تاريخ ادعاءات صاحب الشكوى. ورأت المحكمة أن صاحب الشكوى لم يُشر إلى أي خطأ محدد في الطريقة التي طُبقت بها المعلومات القطرية. ونظرت المحكمة على حدة فيما إذا كان قد حدث أي خطأ واضح أو ما إذا كانت المقيِّمة لم تنظر في أي من ادعاءات صاحب الشكوى، ويتبين لها عدم صحة أي من هذين الافتراضين.
٦ - ١٢ وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب الشكوى قدم أيضاً طلبين لتدخل الوزارة. وأشارت إلى أن لوزير الهجرة وحماية الحدود ( ) ، بموجب هذه السلطة التي هو غير ملزم بتطبيقها ، أن يتدخل في قضايا فردية إذا رأى أن تدخله يخدم المصلحة العامة . وكلا الطلبين رُفضا.
تعليقات صاحب الشكوى على الملاحظات الإضافية للدولة الطرف
٧ - ١ في 18 أيلول/سبتمبر 2018، قدم صاحب الشكوى تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وهو يكرر أنه يصر ببساطة، في هذه المرحلة، على أنه معرض لخطر الاحتجاز المطول في سري لانكا، وأن الاحتجاز المطول في سجن سريلانكي ينطوي على خطر حقيقي للاستجواب، وأن الاستجواب ينطوي على خطر حقيقي في أن يتعرّض للتعذيب. ويؤكّد كذلك أن الخطر شخصي بسبب ظروفه الشخصية. وذكر أن إحدى الممارسات الشائعة لدى قوات الأمن السريلانكية هي طرح شكوك ومحاولة حلها باستخدام الاستجواب والتعذيب.
٧ - ٢ ويوجه صاحب الشكوى مرة أخرى انتباه اللجنة إلى أنه، قبل عام ٢٠١٤، وفي الحالات المماثلة لحالته، لم يكن للأشخاص الذين وصلوا إلى أستراليا بالقوارب الحق في أي عملية قانونية : فكان أحد موظفي وزارة الهجرة والجنسية يجري تقييماً ثم يقدم توصية إلى الوزير. فإن كانت التوصية سلبية، يجوز لمقدم الطلب تقديم طعن عن طريق من كان يُسمى مراجعاً مستقلاً للأسس الموضوعية، غير أن هؤلاء المراجعين لم يكونوا مستقلين إلا بالاسم لأنهم كانوا جميعاً يقبضون مرتباتهم من وزارة الهجرة والجنسية. ويؤكد صاحب الشكوى أيضاً أنه بعد الاستعاضة عن عملية المراجعة المستقلة بتقييم الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية، كان هذا التقييم أيضاً يجريه موظف تابع لإدارة الهجرة والجنسية. وبعد ذلك، ونتيجة للمزيد من الدعاوى القضائية ولحكم صادر عن المحكمة العالية لأستراليا، استُغني أيضاً عن عملية تقييم الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية. ويشير صاحب الشكوى إلى أنه، رغم التصريحات المتكررة الصادرة عن الدولة الطرف بشأن وجود عمليات محلية قوية، جرى إخضاعه لعمليات تبين مراراً أنها غير سليمة، وأنها لم تتضمن إجراء تقييم مستقل حقاً لادعائه أنه سيواجه حقيقة خطر التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى سري لانكا.
٧ - ٣ و يشير صاحب الشكوى، فيما يتعلق بوفاة والد زوجته، إلى أنه ليس لديه إلا الصورة الفوتوغرافية التي قدمها كدليل وثائقي. ولا يوجد لديه دليل أفضل ولا أي طريقة للحصول على دليل أفضل. وهو يذكر أن الرأي الأولي للشرطة المحلية هو أن والد زوجته تُوفي نتيجة لجريمة، ولكن لم يكن من الممكن له أن يطلب تشريح الجثة. ويؤكد صاحب الشكوى أن القتل المدَّعى لوالد زوجته يبين مدى الخطورة التي نُظر بها إلى فراره من المعسكر في ذلك الوقت. وفيما يتعلق بكونه قد غادر البلد قبل الوفاة نفسها، يشير صاحب الشكوى إلى أنه كان شاهداً ليس على الوفاة في حد ذاتها بل على الأحداث التي أدت إلى الوفاة. وهو يؤكد أنه شاهدٌ على هروبه هو نفسه من المعسكر وعلى طريقة ذلك الهروب. و هو يدفع ب أن مشاركته في أي إجراء قانوني ضد جيش سري لانكا أو إدارة التحقيقات الجنائية ستكون أمراً لا بد منه، ولذلك فإن وجوده في سري لانكا في هذه الظروف سيشكل تهديداً لمن ارتكبوا جريمة القتل.
٧ - ٤ ويرفض صاحب الشكوى تأكيد الدولة الطرف أن السلطات المحلية شككت في مصداقيته. وهو يؤكد أن لدى السلطات تكهنات بشأن مسائل معينة، مثل وفاة والد زوجته، وأن من غير الممكن التوصل إلى استنتاج محدد في هذه الحالات. غير أن هذا لا يمكن ولا ينبغي اعتباره دليلاً على سلوك مخادع من جانب صاحب الشكوى. و يذكر صاحب الشكوى، فيما يتعلق ب مغادرته سري لانكا، عدم إجراء أي تحقيق في كيفية حصوله على جواز سفره والتأشيرة، بل إن مسألة ما إذا كانت مغادرته قانونية أم لا لم تُثر إلا في إطار عملية تقييم الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية. وقال إن والد زوجته أجرى الترتيبات المتعلقة بوثائق سفره، ولذلك يؤكد صاحب الشكوى أنه ببساطة غير متأكد مما إذا كانت مغادرته سري لانكا قانونية أم لا. ويؤكد صاحب الشكوى الآن، من واقع رأي خبير، أن عملية الحصول على جواز سفره والتأشيرة انطوت على احتيال، ولذلك فإن مغادرته كانت غير قانونية.
٧ - ٥ وفيما يتعلق بالمراجعة القضائية للقرارات المتعلقة بالهجرة في أستراليا، يشير صاحب الشكوى إلى أن السلطات لا يجوز لها أن تشكك في الاستنتاجات السلبية المتعلقة بالمصداقية، ولا يجوز لها أن تخلص إلى استنتاجات استناداً إلى أدلة غير قطعية، إلا في الحالات الاستثنائية للغاية التي يستطيع فيها المستأنِف أن يثبت وجود عدم معقولية. فمعيار الإثبات مرتفع. ويشير أيضاً إلى أن المراجعة تقتصر على البت فيما إذا كانت المراجعة المستقلة للأسس الموضوعية وتقييم الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات الدولية قد أُجريا وفقاً للقانون، وليس ما إذا كانت الاستنتاجات التي انتهوا إليها صحيحة أم لا. ولهذا السبب، يدفع صاحب الشكوى بأنه كان من المستبعد جداً أن تتيح له المراجعة القضائية أي انتصاف، حتى في الحالة غير المحتملة التي تصدِّق فيها اللجنة صاحب الشكوى وتكهناته.
القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
٨ - ١ قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة 5 ( أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة ذاتها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
٨ - ٢ وتذكِّر اللجنة بأنها، وفقاً للفقرة 5 ( ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ مقدم من فرد من الأفراد إلا بعد أن تكون قد تأكّدت من أن ذلك الفرد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف، في هذه القضية، لم تطعن في مقبولية الشكوى على هذا الأساس.
٨ - ٣ وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف القائلة بأن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي وأن من الواضح أنه لا أساس له، إذ لم يثبت صاحب الشكوى وجود أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيواجه خطر التعرض لضرر متوقع وقائم وشخصي وحقيقي، بما في ذلك التعذيب، إذا أُعيد إلى سري لانكا. بيد أن اللجنة ترى أن البلاغ يستند إلى أدلة تفي بأغراض المقبولية، لأن صاحب الشكوى قد شرح وقائع الشكوى وأساسها بالقدر الكافي لكي تتخذ اللجنة قراراً بشأنها. وفيما يتعلق بعدم المقبولية من حيث الاختصاص الموضوعي، تحيط اللجنة علماً بحجة صاحب الشكوى القائلة بأنه، إذا أُعيد إلى سري لانكا، سيواجه خطر الاحتجاز لفترة زمنية طويلة والاستجواب تحت التعذيب. وترى اللجنة أن هذه الادعاءات تثير تساؤلات في إطار المادة 3 من ال اتفاقية . وتبعاً لذلك، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب الشكوى بموجب المادة 3 مقبولة من حيث الاختصاص الموضوعي. وإذ لا ترى اللجنة أي حائل يحول دون المقبولية، فإنها تعلن مقبولية البلاغ المقدم بموجب المادة 3 من الاتفاقية وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية
٩ - ١ عملاً بالمادة 22(4) من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.
٩ - ٢ وفي هذه القضية، تتمثل المسألة المعروضة على اللجنة في البت فيما إذا كانت إعادة صاحب الشكوى إلى سري لانكا ستشكّل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف، بموجب المادة 3 من الاتفاقية، بعدم طرد أو إعادة شخص إلى دولة أخرى في حال توافرت أسباب جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون شخصياً معرضاً لخطر التعذيب لدى عودته إلى سري لانكا. ويجب على اللجنة أن تُقيِّم ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب لدى عودته إلى سري لانكا. وعند تقييم ذلك الخطر، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بأحكام المادة ٣(2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن اللجنة تذكّر بأن الهدف المتوخى من هذا التقييم هو تحديد ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً قوامه التعرّض للتعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه ( ) . ويستتبع ذلك أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً للجزم بأن شخصاً بعينه سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ وإنما يجب تقديم أسس إضافية تبين أن الشخص المعني سيواجه شخصياً هذا الخطر ( ) . وفي المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن شخصاً بعينه قد لا يتعرض للتع ذيب في الظروف الخاصة به تحديداً ( ) .
٩ - ٣ وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم ٤(2017) بشأن تنفيذ المادة ٣ من الاتفاقية في سياق المادة ٢٢، التي تقيِّم اللجنة وفقاً لها "الأسباب الحقيقية" وتعتبر أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وشخصي وقائم وحقيقي عندما يكون لوجود وقائع ذات مصداقية تتصل بالخطر نفسه، وقت اتخاذ قرارها، تأثير على حقوق صاحب الشكوى بموجب الاتفاقية في حالة ترحيله. وقد تشمل مؤشرات وجود الخطر الشخصي، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي : (أ) الأصل الإثني لصاحب الشكوى؛ (ب) الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية لصاحب الشكوى أو لأفراد أسرته؛ (ج) التوقيف أو الاحتجاز دون ضمان العدل في المعاملة والمحاكمة؛ (د) الحكم غيابياً (الفقرة 45) . وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية لأي بلاغ يُقدم بموجب المادة ٢٢ من الاتفاقية، فإن عبء الإثبات يقع على صاحب البلاغ، الذي يتعين عليه أن يعرض قضية يمكن الدفاع عنها، أي أن يقدم حججاً مدعومة بأدلة تبين أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي (الفقرة 38) ( ) . وتذكّر اللجنة أيضاً بأنها تعطي وزناً كبيراً للنتائج الوقائعية التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية، وإن كانت اللجنة غير ملزمة بهذه النتائج، لأن بإمكانها أن تجري تقييماً حراً للمعلومات المتاحة لها وفقاً للفقرة 4 من المادة ٢٢ من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية (الفقرة 50).
٩ - ٤ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب الشكوى أنه سيتعرض لخطر التعذيب إذا أعيد إلى سري لانكا لأنه سبق له أن حضر دورة تدريبية أساسية في الدفاع عن النفس مع نمور التاميل وساعد في تنظيم عملياتها في المنطقة بصفته نجاراً. وبالإضافة إلى ذلك، كان نمور التاميل قد استدعوا أخاه لأداء واجب حماية الحدود، ومنذ ذلك الحين لم تتلق أسرته أي اتصال منه ولا تعرف مكان وجوده، لأن أفراد الأسرة، بمن فيهم صاحب الشكوى، نُقلوا في عام 2009 إلى معسكر تشيتيكولام في منطقة يسيطر عليها الجيش. واستُجوب صاحب الشكوى عدة مرات في المعسكر من جانب جيش سري لانكا وإدارة التحقيقات الجنائية بشأن مكان وجود أخيه. وهرب من المعسكر في عام ٢٠١٠ بعد أن دبر والد زوجته عملية إطلاق سراحه بدفع رشوة، وبعد ذلك يُدَّعى أن والد زوجته قُتل. وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة صاحب الشكوى القائلة بأن السلطات المحلية لم تجر تقييماً سليماً لادعاءاته لأن تقييم صفة اللاجئ والمراجعة المستقلة للأسس الموضوعية، وهما المرحلتان الأوليان لعملية اللجوء المحلية، لم ينفذهما مسؤولون مستقلون حقاً لأنهم معينون من وزارة الهجرة والجنسية ويقبضون مرتباتهم من هذه الوزارة.
٩ - ٥ كما تحيط اللجنة علماً بإفادة الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى يقدم ادعاءاته على أساس معلومات عامة مستمدة من تقارير عامة متنوعة ويحيل إلى معلومات قطرية عامة تتعلق بسري لانكا، دون تقديم دليل على أنه سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب في حال ترحيله. وتلاحظ اللجنة إفادة الدولة الطرف بأن جميع ادعاءات صاحب الشكوى قد نُظر فيها بدقة في إطار سلسلة من عمليات اتخاذ القرار المحلية وتبين أن هذه الادعاءات لا تستبع تطبيق التزامات الدولة الطرف بعدم الإعادة القسرية بموجب الاتفاقية أو بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتلاحظ اللجنة أيضاً الحالة الراهنة لحقوق الإنسان في سري لانكا، وتحيل إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الخامس لسري لانكا، الذي أعربت فيه عن القلق بشأن جملة أمور منها التقارير المتعلقة بمواصلة قوات الأمن الحكومية في سري لانكا، بما في ذلك الجيش والشرطة ( ) ، ارتكاب أعمال الاختطاف والتعذيب وسوء المعاملة، وهي أعمال ظلت تمارس في أنحاء كثيرة من البلد بعد انتهاء الصراع مع حركة نمور التاميل في أيار/مايو 2009. وتحيل اللجنة أيضاً إلى تقارير موثوقة صادرة عن منظمات غير حكومية ( ) بشأن معاملة السلطات السريلانكية لأشخاص عائدين إلى البلد ( ) . بيد أن اللجنة تذكِّر بأن حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان في البلد الأصلي للشخص لا يكفي في حد ذاته لاستنتاج أن صاحب الشكوى يواجه شخصياً خطر التعرّض للتعذيب ( ) . وتذكِّر اللجنة أيضاً بأنه على الرغم من أن الأحداث الماضية قد تكون ذات صلة، فالقضية الرئيسية المطروحة عليها هي ما إذا كان صاحب الشكوى معرضاً حالياً لخطر التعذيب إذا أُعيد إلى سري لانكا ( ) .
٩ - ٦ وفي هذا البلاغ، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يُجند من حركة نمور التاميل، ولم يتلق أي تدريب عسكري كبير، ولم يشارك في القتال ضد جيش سري لانكا. ولا يوجد دليل أيضاً على ارتباط أفراد أسرته بنمور التاميل باستثناء المرة الوحيدة التي اضطلع فيها أخوه بواجب حماية الحدود، والتي أعقبها الاختفاء المدعى لأخيه هذا. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن زوجة صاحب الشكوى وأطفاله قد أُطلق سراحهم من معسكر تشيتيكولام في عام 2012 ولا يزالون يقيمون في منزلهم في مانثوفيل. ورغم أن صاحب الشكوى يقدم ادعاءات تتعلق بتعرضه للمضايقة أثناء وجوده في المعسكر، وبتعرض أسرته للمضايقة بعد مغادرته سري لانكا، فإن هذه الادعاءات لم تُدعم بأدلة وثائقية. وتلاحظ اللجنة أنه، باستثناء الصورة الفوتوغرافية الرديئة النوعية و المطبوعة باللونين الأسود والأبيض لوالد زوجته الذي يُدعى أنه قُتل، لم يتمكن صاحب الشكوى من تقديم أي دليل يمكن أن تُستشف منه كيف مات أو يدعم أن لوفاته صلة بصاحب الشكوى أو بفراره من معسكر تشيتيكولام.
٩ - ٧ وفيما يتعلق بادعاء صاحب الشكوى أن السلطات المحلية لم تجر تقييماً سليماً لادعاءاته، تذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم ٤ ( ٢٠١٧)، الذي ذكرت فيه أنه ينبغي أن تنظر الدولة الطرف في كل قضية بشكل فردي ونزيه ومستقل عن طريق السلطات الإدارية أو القضائية المختصة، طبقاً للضمانات الإجرائية الأساسية، ولا سيما ضمان إجراء عملية سريعة وشفافة، وإجراء مراجعة لقرار الترحيل، وتقرير الأثر الإيقافي للاستئناف (الفقرة 13) . بيد أن اللجنة تلاحظ، في هذه القضية، أن صاحب الشكوى لم يبين كيف يمكن لكون المسؤولين المذكورين أعلاه قد عُينوا وتدفع مرتباتهم من جانب وزارة الهجرة والجنسية أن يؤثّر على حياديتهم واستقلاليتهم في تقييم حالته، أو كيف كان التقييم المعني تعسفياً أو غير عادل بشكل واضح أو يرقى إلى حد حرمانه من العدالة.
١٠ - وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 4 ( 2017) الذي ينص على أن عبء الإثبات يقع على عاتق صاحب البلاغ الذي يجب عليه أن يقدم دعوى يمكن الدفاع عنها (الفقرة 38). وترى اللجنة أن صاحب الشكوى لم ينهض في هذه القضية ب عبء الإثبات الواقع عليه . وعلاوةً على ذلك، لم يثبت صاحب الشكوى أن سلطات الدولة الطرف لم تجر تحقيقاً سليماً في ادعاءاته.
١١ - وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن صاحب الشكوى لم يقدم أسباباً كافية تقنعها بأنه يواجه خطراً حقيقياً ومتوقعاً وشخصياً ومحدقاً بالتعرض للتعذيب لدى عودته إلى سري لانكا.
١٢ - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 22(7) من الاتفاقية، تخلص إلى أن ترحيل الدولة الطرف لصاحب الشكوى إلى سري لانكا لا يشكل خرقاً للمادة 3 من الاتفاقية.