البلاغ رقم 30/2011

قرار معتم ــ د من اللجنة في دورت ــــ ها الثامنة وا لخمسين المعقودة خلال الفترة (30 حزيران /يونيه إلى 18 تموز /يوليه 2014)

المقدم من : السيدة م. س. (يمثلها المحامي . هاري ل. روكي، جونيور)

الشخص المدعى أنه ضحية : مقدمة البلاغ

الدولة الطرف : الفلبين

تاريخ البلاغ : 10 شباط/فبراير 2011 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : أحيلت إلى الدولة الطرف في 4 نيسان/أبريل 2011 (لم تصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار : 16 تموز/يوليه 2014

المرفق

قرار اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (الدورة الثامنة والخمسون)

* شارك أعضاء اللجنة الواردة أسماؤهم أدناه في النظر في البلاغ الحالي: السيدة نيكول أميلاين، السيدة باربرا بتلي، السيدة أوليندا بارييرو - بوباديلاء، السيد نيكلاس برون، السيدة نايلة جبر، السيدة هيلاري غيديامي، السيدة يوكو هاياشي، السيدة داليا لينارتي، السيدة فيوليتا نيوباور، السيدة ثيودورا ثوانكو، السيدة باميلا باتن، السيدة سيلفيا بيمنتل، السيدة ماريا هيلينا بايرز، السيدة بيانكا ماريا بوميرانزي، السيدة باتريبشيا شولز، السيدة دوبرافكا شيمونوفيتش، السيدة شياوكياو زو.

ويرد رأي فردي (مخالف) في هذه الوثيقة، موقع من السيدة باتريشيا شولز.

البلاغ رقم 30/2011 *

المقدم من : السيدة م. س. (يمثلها المحامي . هاري ل. روكي، جونيور)

الشخص المدعى أنه ضحية : مقدمة البلاغ

الدولة الطرف : الفلبين

تاريخ البلاغ : 10 شباط/فبراير 2011 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : أحيلت إلى الدولة الطرف في 4 نيسان/أبريل 2011 (لم تصدر في شكل وثيقة)

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وقد اجتمعت في 16 . تموز/يوليه 2014،

تعتمد ما يلي:

قرار بشأن المقبولية

1- مقدمة البلاغ هي م. س.، وهي مواطنة فلبينية مولودة في عام 1951، تدعي أنها كانت ضحية انتهاك الفلبين لحقوقها المكفولة بموجب المواد 1، و2 ( ج) و(و)، و 5 ( أ)، و 11 (1) ( و) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وقد دخلت الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدو لة الطرف في 4 أيلول/سبتمبر 1981 و 12 شباط/فبراير 2004، على التوالي. ويمثل صاحبة البلاغ المحامي . هاري ل. روكي، جونيور.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 عملت صاحبة البلاغ مديرة لإدارة التسويق والاتصالات لدى شركة للاتصالات السلكية واللاسلكية (يُشار إليها فيما يلي باسم ” الشركة “ )، في الفترة من 16 آب/أغسطس 1998 إلى 30 حزيران/يونيه 2000. وكان يشرف عليها السيد س.، نائب الرئيس ومدير العمليات بالشركة. وتقول صاحبة البلاغ إنها، في المراحل الأولى من عملها وقرب نهاية عامها الأول، كانت تتلقى الإشادة بأدائها، وتحصل على تقييم لأدائها يزيد على 90 في المائة بصورة دائمة.

2-2 وفي أيار/مايو 1999، وفي حفل كوكتيل أقامته الشركة، طلب السيد غ. من صاحبة البلاغ الجلوس بجواره بحيث يتسنى له النظر إلى ساقيها بشكل أفضل (توضح صاحبة البلاغ أنها كانت ترتدي تنورة قصيرة). وفي 20 آب/أغسطس عام 1999، حضرت صاحبة البلاغ مؤتمراً للمبيعات على مستوى الشركة في مانيلا، حيث تقول إن السيد غ.، بينما كان يوجه إليها أسئلة حول عملها، تعمد أن يلقي بيده على حجرها، وراح يتلمس جواربها بصورة متكررة. وبعد المؤتمر، أصبح السيد غ. يهتم بها بصورة متزايدة ويكرر زيارتها في مكتبها لتبادل الحديث معها. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1999، حضرت صاحبة البلاغ حفلاً في مقر إقامة أحد الزملاء. وكان السيد غ. حاضراً، وأصر على أن ترقص معه. ولما لم تكن ترغب في حدوث موقف محرج، فقد رقصت معه بضع خطوات قليلة ثم حاولت الجلوس، ولكن السيد غ. سد طريقها، وقرصها في خصرها.

2-3 وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، حضرت صاحبة البلاغ حفلاً في بيت موظف آخر في الشركة. وجلست على طرف أريكة. وجلس السيد غ. ملاصقاً لها حتى أنه كان يحصرها إلى ذراع الأريكة المجاور لها، ثم مضى يمسك يدها ويمسدها بذريعة رؤية الخاتم الذي كانت تلبسه. ومع شعورها بعدم الارتياح، خلعت الخاتم وأعطته للسيد غ.، على أمل أن يكف عن لمسها. حينئذ، مد السيد غ. يده تحت وسادة كانت صاحبة الرسالة قد وضعتها فاصلاً بينهما، ونكزها في فرجها عدة مرات. ولم يكن بمقدورها تحرير نفسها حيث كانت محصورة بذراع الأريكة. وبعد أن تمكنت من تحرير نفسها، وقفت كي تبتعد عنه، غير أن السيد غ. سحبها عندئذ إلى حلبة الرقص، والتصق بها بينما يده تتحرك على ظهرها، وتتحسس جسدها. وحاولت صاحبة البلاغ تخليص نفسها بلباقة، حتى لا تتسبب في حدوث موقف محرج، ولكن السيد غ. همس لها: ” لا تدفعيني بعيداً، فبإمكاني أن أ جعل الحياة في الشركة سهلة لك؛ يمكنني أن اهتم بترقيتك وأعطيك مكافآت “ . وسعت صاحبة البلاغ مرة أخرى إلى الابتعاد، ولكن السيد غ. تحسس صدرها بيده، وربت على ظهرها، ومد يده داخل قميصها لفرك ظهرها من حمالة صدرها حتى أردافها. وعندما حاولت صاحبة البلاغ مرة أخرى أن تقاوم، قال لها السيد غ. إنه سيعجل بترقيتها فقط إذا ” كانت لطيفة “ معه. ودفعته بمرفقها لتتخلص من قبضته، وغادرت الحفلة؛ وبقى خاتمها مع السيد غ. وفي 11 شباط/فبراير 2000، حضرت صاحبة البلاغ حفل عشاء أقامته الشركة، حيث وجهها السيد غ. لكي تتقدم الصف أمام مائدة الطعام، وراح يفرك يده عبر ظهرها ليتحسس حمالة صدرها.

2-4 وبعد واقعة 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، شكت صاحبة البلاغ لمشرفها المباشر، السيد س.، بشأن تصرفات السيد غ.، وأبلغته أنها تعتزم تقديم شكوى ضده. وحاول السيد س. أن يثنيها عن ذلك، مشيراً عليها بأن من الأفضل أن تنسى الموضوع ببساطة. كما عرض أن يحاول استرداد خاتمها من السيد غ. وعقب هذه المحادثة، لاحظت صاحبة البلاغ تغيراً مفاجئاً في موقف وسلوك السيد س. تجاهها. فقد بدأ يصرخ فيها، ويحرجها أثناء اجتماعات الشعبة، ويرفض الموافقة على المشاريع والبرامج التي تقترحها.

2-5 وفي شباط/فبراير 2000، عقب أحد الاجتماعات، طلب السيد س. إلى صاحبة البلاغ أن تبقى معه في مكتبه، وسألها بصوت مرتفع، ” لقد سألني السيد غ. عن السبب في أ نك لا تستطيعين النظر إليه مباشرة، كما لو كنت أنا أمنعك من ذلك؟ “ وردت عليه بقولها، ” إنك تعلم جيداً ما الذي فعله معي، ولا أريده أن يظن أنني أوافقه على معاكساته ” . وفي اجتماع عُقد في 28 آذار/مارس 2000، تكلم السيد س. مع صاحبة البلاغ بطريقة غاضبة ومسيئة. وبعد يومين، قال لها ” كيف تدعين أنك تعرفين الكثير، ومع ذلك لم يُنجز ش يء حتى الآن في قسمك؟ “ وتدعي صاحبة البلاغ أن المحادثة المسيئة مع السيد س. قد سببت لها القلق والتوتر إلى حد أن أخذت إجازة لعدة أيام في نيسان/أبريل 2000.

2-6 وعلى الرغم من بيئة العمل المعادية، فقد ظلت صاحبة البلاغ تعمل بأقصى طاقتها؛ وبالتالي، فقد صدمت عندما اكتشفت أن السيد س. قد قيَّم أداءها بنسبة 60 في المائة في نيسان/أبريل 2000، نظراً لأنها كانت تحصل من قبل على أكثر من 90 في المائة. وبعد أن طلبت من السيد س. تفسيراً لذلك التقييم لأدائها، راح يضغط عليها بشكل متزايد من أجل زيادة إنتاجية إدارتها، مما أدى إلى حدوث مشادة بينهما في 27 حزيران/يونيه 2000، عندما أثارت صاحبة البلاغ مسألة عدم اهتمام السيد س. بقسمها ومعاملته المتعنتة لتوصياتها وشكاواها. وصرخ السيد س. في صاحبة الرسالة بأنها إذا لم تكن قادرة على أداء عملها، فسيكون من الأفضل لها أن تستقيل. وردت بأنها سو ف تستقيل، واستقالت بالفعل في 27 حزيران/يونيه 2000 (وهي الاستقالة التي بدأ سريانها في 30 حزيران/يونيه 2000).

2-7 وفي كانون الثاني/يناير 2001، وفي حديث مع السيدة ت.، وهي صديقة مشتركة لصاحبة البلاغ وللسيد غ.، اقترحت السيدة ت. على صاحبة البلاغ أن تسعى إلى سحب استقالتها حتى يعرض عليها السيد غ. حزمة استحقاقات تقاعد. وكانت صاحبة البلاغ تعاني من الاكتئاب ولا تزال في حالة صدمة من تجربتها في الشركة، فطلبت سحب استقالتها. وبعد مرور بعض الوقت، أُبلغت صاحبة البلاغ بأن السيد غ. لن يعيد تعيينها بسبب ما قد حدث. وضاقت صاحبة البلاغ ذرع اً من إمعان السيد غ. في رفضه الاعتراف بما اقترفه معها.

2-8 ورفعت صاحبة البلاغ دعوى جنائية ضد السيدين س. وغ.، فضلاً عن دعوى عمالية ضد الشركة والسيدين س. وغ. وبالنسبة للتسلسل الزمني للقضية الجنائية، وجهت صاحبة البلاغ اتهامات جنائية بالتحرش الجنسي والمجون ضد السيدين س. وغ. أمام مكتب التحقيقات الوطني في 28 أيار/مايو 2001. وفي 11 أيلول/سبتمبر 2002، رفض مكتب المدعي العام بالمدينة شكواها لعدم وجود سبب محتمل. وشكك مساعد مدعي المدينة في مصداقية صاحبة البلاغ استناداً إلى تقييم نفسي أجري لها، وإلى ما يبدو أنه استحالة حدوث واقعة 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 ومرورها مرور الكرام من قبل الضيوف الآخرين، وعدم إبداء صاحبة الرسالة قدراً كبيراً من المقاومة والاستنكار رداً على التهجم الجنسي عليها، وما أسماه ” تراخي موقفها “ بعدم رفع الدعوى ضد السيدين س. وغ. إلا بعد 18 شهراً من الوقائع. وقدمت صاحبة البلاغ التماساً لإعادة النظر؛ وفي 30 نيسان/أبريل 2003 ، أعاد مكتب المدعي العام في المدينة النظر في القرار السابق، ورأى أن ثمة وجاهة في الادعاءات الموجهة ضد السيد غ. فيما يتعلق بوقائع تشرين الثاني/نوفمبر 1999، وأوصى بتقديم شكوى تتعلق بارتكاب أفعال مجون ضد السيد غ. وحده.

2-9 وقدم المدعى عليهما (السيدان س. وغ.) التماساً لإعادة النظر، كان مصيره الرفض بموجب قرار مؤرخ 21 أيار/مايو 2004، لأنه لم يكن ثمة أساس كاف أو سبب مبرر لتعديل أو عكس القرار المؤرخ 30 نيسان/أبريل 2003. وقدم السيد غ. التماساً للاستئناف في تاريخ غير محدد. ورفضت المحكمة الابتدائية بالعاصمة القضية في 31 آذار/مارس 2005، نظراً لوفاة السيد غ. في 1 كانون الأول/ديسمبر 2004 .

2 -10 وبالنسبة للتسلسل الزمني للقضية العمالية، تقدمت صاحبة البلاغ بشكوى أمام محكِّم الشؤون العمالية في 20 كانون الأول/ديسمبر 2001 ضد الشركة والسيدين س. وغ. لفصلها بصورة غير قانونية. وفي 24 نيسان/أبريل 2003، رفض محكِّم الشؤون العمالية قضيتها، مشيراً إلى أن صاحبة البلاغ قد استقالت طوعاً، وأنه لم يثبت بشكل كاف أن صاحبة البلاغ قد أجبرت على الاستقالة بسبب التحرش الجنسي والمهني.

2-11 وقدمت صاحبة البلاغ طلب استئناف إلى اللجنة الوطنية لعلاقات العمل، لكن طلبها رُفض في 18 آب/أغسطس 2003. وقدمت بعد ذلك التماس اً لإعادة النظر، قوبل بالرفض أيض اً في 30 كانون الثاني/يناير 2004، استناد اً إلى أن اللجنة لم ترتكب أخطاءً في قرارها.

2-12 وقدمت صاحبة البلاغ طلب استئنا ف ضد القرار السابق أمام محكمة الاستئناف. وألغت المحكمة القرارين السابقين بشأن قضيتها، ورأت، في جملة أمور، أن محكِّم الشؤون العمالية واللجنة الوطنية لعلاقات العمل قد ” استسهلا إغفال “ العديد من الملابسات. وقالت المحكمة كذلك أن استقالة صاحبة البلاغ كانت شكلاً من أشكال الفصل الاعتباري، وأن دعاوى التحرش الجنسي ترتبط ارتباطاً لا ينفصم بذلك الفصل الاعتباري. وعلاوة على ذلك، أكدت المحكمة أن التقرير النفسي بشأن صاحبة البلاغ قد استُخدم بصورة انتقائية على النحو الذي يضر بها.

2-13 وقدم السيدان س. وغ. والشركة التماساً لإعادة النظر قوبل بالرفض في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2003. وبعد ذلك، قدمت الشركة والسيدان س. وغ. طلب استئناف إلى المحكمة العليا، التي حكمت لصالحهم في قرارها المؤرخ 26 حزيران/يونيه 2006، وأعادت بالتالي قرار اللجنة الوطنية لعلاقات العمل المؤرخ 18 آب/أغسطس 2003. وفي 28 آب/أغسطس 2006، رفضت المحكمة التماس إعادة النظر المقدم من صاحبة البلاغ في 22 تموز/يوليه 2006. وتدعي صاحبة البلاغ أنه تم، بالتالي، استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وهي تطلب أن تعوضها الدولة الطرف عما تحملته من معاناة نتيجة لانتهاك حقوقها.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها بموجب الاتفاقية. وفي حين جرى النظر في بعض مراحل قضيتي صاحبة البلاغ العمالية والجنائية قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الفلبين، فإن الإجراءات القضائية التي تمت بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري تخضع لتدقيق اللجنة مباشرة. كما أن الإجراءات القضائية التي حدثت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري توفر الخلفية الأساسية للبلاغ وسياقه.

3-2 وتدعي صاحبة البلاغ وقوع انتهاك لحقوقها بموجب المواد 1، و 2(ج) و (و)، و 5 ( أ)، و 11 (1) (و) من الاتفاقية، مقترنة بالتوصية العامة 19 للجنة. وترد الانتهاكات المدعاة تفصيلاً في ثلاث دعاوى منفصلة.

3-3 ترى صاحبة البلاغ، أول اً، أن المنطق الذي استندت إليه المحكمة العليا، في قرارها المؤرخ 26 حزيران/يونيه 2006، كان يعتمد اعتماد اً كبير اً وبشكل غير مناسب على خرافات وقوالب نمطية بشأن الفروق بين الجنسين بما يمثل في نهاية المطاف تمييز اً ضد المرأة. وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تقدم لها الحماية القانونية على قدم المساواة مع الرجل، كما لم توفر لها الحماية ضد التمييز من خلال المحاكم الوطنية المختصة، خلاف اً للالتز امات الواقعة عليها بموجب المادة 2 (ج) من الاتفاقية. وفيما يتعلق بقرار المحكمة العليا المؤرخ 26 حزيران/يونيه 2006 تحديد اً، تشير صاحبة البلاغ إلى المقتطفات التالية: فيما يتعلق بوقائع التحرش الجنسي الخمس المنسوبة إلى [السيد غ.]، فإن الاكتفاء بمناقشة واحدة منها فحسب تكشف تنافيها مع الخبرة الإنسانية . . . . زعمت [صاحبة البلاغ] أن [السيد غ.] حاصرها على الأريكة بطريقة جعلتها فعلي اً محصورة على طرفها، بالشكل الذي يجعل من المستحيل عليها الإفلات من معاكساته. ومن الثابت أنها كانت تمطر في ذلك الوقت، وأنه لم يكن أمام حوالي 60 ضيف اً سوى البقاء في حجرة الجلوس أو الشرفة المغطاة في البيت. ألم يكن بمقدور واحد من الضيوف على الأقل أن يلحظ الواقعة؟ غير أنها لم تقدم أحد اً. ومن ناحية أخرى، فقد نفى [السيد غ.] دعواها . . .

ومضت [صاحبة البلاغ] تدعي أن [السيد غ.] زحف بيده تحت وسادة ملقاة و ’ نكزها ‘ في فرجها عدة مرات. وبررت عدم هروبها من الموقف بزعمها أنها كانت ’ كانت محصورة بذراع الأريكة ‘ . ولكن إذا كان [السيد غ.] قد أقدم على هذا الفعل الشائن حق اً، ألم يكن باستطاعتها أن تصفعه وتقف و/أو تغادر المكان؟ “ . ومع ذلك، فإن [صاحبة البلاغ]، حسب دعواها، رقصت في نفس المناسبة مع [السيد غ.]، وإن كانت تدعي أنها أُرغمت على ذلك، وأنه ضمها إليه أثناء الرقص، ومد يده إلى ظهرها ليتحسس جسمها. إن أي امرأة راشدة، تعرضت للنكز في فرجها عدة مرات دون موافقتها وضد إرادتها، كانت ستقيم الدنيا وتقعدها بعد أن تحرر نفسها من براثن الشخص الذي أساء إليها “ . . . غير أن [صاحبة البلاغ] لم تفعل ذلك . . . ولو كانت [صاحبة البلاغ] قد تعرضت للتحرش الجنسي حق اً، لكانت قد استخدمت استقالتها كأداة فعالة لإثارة ذلك الأمر. غير أنها بدل اً من إثارة الأمر في خطاب استقالتها، ... توجهت بالشكر إلى مقدم الالتماس [السيد س.] لأنه أتاح لها فرصة العمل معه. ومرة أخرى، نجد ذلك منافي اً للفطرة والتجارب الإنسانية. فلو كان مقدم الالتماس [السيد س.] قد تحرش بها جنسي اً، لكانت قد امتنعت عن معاملته بود في استقالتها. ولا يقتصر الأمر على ذلك؛ ففي دعواها (حسب إفادتها الموثقة)، اشتبكت في مشادة مع [السيد س.] في 27 حزيران/يونيه 2000، وهو يوم تقديم خطاب استقالتها المؤرخ 28 حزيران/يونيه 2000 (بتاريخ لاحق). إذن، لماذا هذا الود؟.

3-4 ووفقاً لصاحبة البلاغ، يبين ذلك المقتطف خرافات القوالب الجنسانية التي استخدمتها المحكمة العليا، وبخاصة أنه يجب على المرأة أن تحاول الهروب من الاعتداءات الجنسية، حتى وإن لم تنجح في ذلك (فإذا لم تحاول الهروب أو تنجح في الهروب، فلا يمكن أن يكون قد وقع عليها اعتداء جنسي)؛ وإذا لم تستطع المرأة الهروب من الاعتداء الجنسي، فسيتعين عليها بدلاً من ذلك أن ترد بعنف جسدي على المعتدي عليها؛ وفور الإفلات من العنف الجنسي، يجب على المرأة (ما لم تكن مختلة نفسيا ً ) أن تتخذ إجراءات قوية وحاسمة رداً على العنف؛ وأنه يجب أن تتعامل المرأة بعداء واضح مع من يتحرش بها (فأي ود أو تأدب من جانب المرأة ينفي وقوع التحرش في المقام الأول).

3-5 وترى صاحبة البلاغ أنه من خلال دعم وإدامة تلك الخرافات المتعلقة بالجنسين، فإن المحكمة تقاعست عن أداء الواجبات الواقعة على الدولة الطرف بإلغاء الأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة، وفقاً للمادة 2 (و) من الاتفاقية، والقضاء على التحيزات والعادات وغيرها من الممارسات القائمة على فكرة دونية أو تفوق أحد الجنسين، أو على الصور النمطية لأدوار كل من الرجل والمرأة، وفقاً للمادة 5 (أ) من الاتفاقية. وترى صاحبة البلاغ أن المحكمة لم تأخذ في الاعتبار أياً من العوامل الأخرى التي يمكن أن تحدد سلوك شخص ما في مثل هذا الموقف، مثل الآثار النفسية للعنف الجنسي، وعلاقات القوة بين صاحب العمل والموظف، والتأثيرات الاجتماعية والثقافية القائمة. وعليه، فإن القوالب النمطية للجنسين التي طبقتها المحكمة العليا قد أعاقت بصورة مباشرة حقها في التمتع بمحاكمة عادلة، بما يمكن بالتالي أن ينطوي أيضاً على حرمانها من الحصول على الانتصاف. وهو ما يعني تقاعس الدولة الطرف عن أن توفر لها الحماية الفعالة بموجب المادة 2 (ج) من الاتفاقية.

3-6 وثانياً، تدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف قد تقاعست عن حماية حقها في عدم التمييز في مكان العمل. فعندما أسست المحكمة العليا قرارها على الخرافات والمفاهيم الخاطئة بشأن الجنسين، ولم توفر بالتالي محاكمة وطنية عادلة ونزيهة، فإنها قد تقاعست عن اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في مكان العمل، وفقاً للمادة 11 (1) من الاتفاقية. وبالإضافة إلى ذلك، انتُهكت المادة 11 (1) (و) من الاتفاقية، وذلك بسبب عدم حماية حق صاحبة البلاغ في الصحة والسلامة في مكان العمل. وتؤكد صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم توفر لها وسيلة انتصاف فعالة من العنف الجنسي الذي لحق بها في مكان العمل. ووفقاً للتوصية العامة رقم 19، فإن التحرش الجنسي يشكل عائقاً رئيسياً أمام المساواة في فرص العمل، كما يعتبر مسألة تتعلق بالصحة والسلامة أيضاً.

3-7 وثالثاً، تدعي صاحبة البلاغ أن قرار المحكمة العليا كان معيباً لأسباب أخرى خلاف التمييز بين الجنسين. وتقول صاحبة البلاغ إنه، بالإضافة إلى ذلك، لم يكن رفض المحكمة العليا الصادر في 28 آب/أغسطس 2006 الاستجابة لدعواها لإعادة النظر قراراً نزيهاً، وهو ما يتبين من الطبيعة الانتقائية لما انطوى عليه من منطق وتحليل.

3-8 وتدعي صاحبة البلاغ أن المحكمة العليا لم تأخذ في اعتبارها المضايقات المهنية والتحرشات الجنسية، التي ناقشتها محكمة الاستئناف بصورة مستفيضة. فمسألة الفصل الاعتباري تنطوي على عناصر من كلا النوعين من التحرشات. بل أن النوعين يترابطان بقوة في واقع الأمر، بحيث تخطئ المحكمة العليا خطأً جسيماً عندما تفصل بين المسألتين، ثم تركز بعد ذلك بشكل كبير على الجوانب الجنسية وحدها. وعلاوة على ذلك، اختارت المحكمة العليا أن تشكك في نتائج تقرير الطب الشرعي الذي قدمه الدكتور م. (وهو التقرير الذي حرصت محكمة الاستئناف على دراسته ومناقشته)، واكتفت باستبعاد خبرة الدكتور م. بصورة تعسفية لا لش يء إلا للقب المهني للدكتور م.، وهو ” عالم نفس إكلينيكي “ . هذا النهج التعسفي الذي لا يستند إلى أساس يؤكد التحيز وتبني موقف ضد صاحبة البلاغ، وهو ما يتضح في جميع أجزاء قرار المحكمة العليا.

3-9 ووفق اً لصاحبة البلاغ، فإن المحكمة العليا استغلت أيض اً تأخر صاحبة البلاغ في إجراءات الدعوى. فبينما أقرت بأنه ” ليست هناك فترة زمنية محددة يجوز فيها لمن يدعى أنه ضحية للتحرش الجنسي تقديم الشكوى “ ، فقد انتقدت صاحبة البلاغ بشدة لعدم توجيهها الاتهامات على وجه السرعة. وأغفلت المحكمة مرة أخرى النظر في النتائج التي خلصت إليها محكمة الاستئناف، وتجاهلت المسائل المتعلقة بالإجهاد النفسي وبتفاوت عتبات التحمل العاطفي لدى مختلف الأفراد.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها في مذكرة شفوية مؤرخة 8 آذار/مارس 2012. وتوضح المذكرة [ أنها بينما تتفهم شكوى صاحبة البلاغ، فإنها لا بد وأن تتناولها بما يتفق مع سيادة القانون ومصلحة العدالة ] . وتشير إلى أنه، وفقاً لما قررته المحكمة العليا بشأن حق الأطراف القانوني ومسؤوليتهم في القضية المتعلقة بصاحبة البلاغ، فإن الإنصاف يقتضي تطبيق الاختبار العملي للخبرة الإنسانية المشتركة، وهو ما يجري تطبيقه باستمرار في الفلبين، وفي غيرها من الولايات القضائية. وللأسف، فإن الأدلة التي عرضتها صاحبة البلاغ تفتقر إلى الموضوعية والمصداقية اللازمتين لاجتياز اختبار الإنصاف.

4-2 ووفقاً للدولة الطرف، لم يكن قرار المحكمة العليا في القضية ينطوي على تمييز ضد صاحبة البلاغ بسبب جنسها. وتكرر الدولة الطرف التأكيد على سياستها الثابتة المتمثلة في النهوض بحقوق المرأة بموجب الاتفاقية، وتؤكد أنها تسعى إلى تعزيز وحماية حقوق المرأة في جميع جوانب الحكم والإدارة.

4-3 وتضيف الدولة الطرف أنه توجد في المحكمة العليا لجنة معنية بمراعاة التمايز بين الجنسين في القضاء، وهي لجنة تنخرط في جهود مستمرة لتدريب القضاة والمحامين وموظفي المحاكم على مراعاة الفوارق بين الجنسين والخرافات والقوالب النمطية المتعلقة بالجنسين، ولا سيما في ما يتصل بإصدار قرارات المحكمة. وتعتقد الدولة الطرف أن التوعية المستمرة هي أفضل ما يخدم مراعاة التمايز بين الجنسين والوعي به في القضاء.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 16 تموز/يوليه 2012، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وهي تلاحظ، أولاً، أن الدولة الطرف لم تتعرض في ملاحظاتها للخرافات الجنسانية الطابع التي استندت إليها المحكمة العليا في قرارها (انظر الفقرة 3-4).

5-2 وتزعم صاحبة البلاغ أن ما يسمى “ الخبرة الإنسانية المشتركة ” يشي بالتحيز الجنساني. وتلاحظ أنه، حسب هذا المنطق، يُنتظر من كل فلبينية تجد نفسها في موقف استغلالي أن تتهجم جسدياً على من يحاول الاعتداء عليها أو التحرش بها. وتضيف صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لا تأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى التي قد تحكم سلوك الشخص في مثل هذا الموقف، مثل الآثار النفسية للعنف الجنسي، وعلاقة التبعية بين صاحب العمل والموظف (ناهيك عنها بين المتحرش الجنسي وضحيته)، والتأثيرات الاجتماعية والثقافية. وبدلاً من ذلك، جرى التدقيق في حالة صاحبة البلاغ بالرجوع فقط إلى صورة جنسانية نمطية جامدة، على النحو الذي أضر بها.

5-3 وتشير صاحبة البلاغ إلى رأي اللجنة في قضية فيرتيدو ضد الفلبين ، حيث لاحظت اللجنة، في الفقرة 8-4، أن الدولة الطرف ملزمة بموجب المادتين 2 ( و) و 5 ( أ) بأن تتخذ تدابير مناسبة لتعديل أو إلغاء لا القوانين والأنظمة القائمة فحسب، بل وكذلك العادات والممارسات التي تشكل تمييز اً ضد المرأة. وشددت اللجنة، في ذلك الصدد، على أن الاستسلام للقوالب النمطية يؤثر على حق المرأة في إجراء محاكمة عادلة ونزيهة، وشددت على ضرورة أن تحرص الهيئة القضائية على عدم وضع معايير تفتقر إلى المرونة بشأن ما ينبغي أن تفعله النساء وا لفتيات أو ما كان ينبغي أن يقمن به عندما يواجهن حالة اغتصاب بصورة لا تستند إلا إلى الأفكار المسبقة لتعريف ضحية الاغتصاب أو ضحية العنف الجنساني، بصورة عامة.

5-4 وتلاحظ صاحبة البلاغ أن الحجج التي تسوقها الدولة الطرف بشأن توحد التجارب الإنسانية هي حجج تمييزية، وتنكر توفير الحماية القانونية على قدم المساواة مع الرجل؛ وهذه الحجج تقوض اختصاص المحكمة العليا، بالمخالفة لأحكام المادة 2 (ج) من الاتفاقية. ووفقاً لصاحبة البلاغ، فإن الدولة الطرف بذلك تعترف بأن المحكمة العليا لا تزال تتقاعس عن إلغاء الأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة، بموجب المادة 2 (و) من الاتفاقية، والقضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى التي تقوم على فكرة دونية وتفوق أحد الجنسين على الآخر، أو على الأدوار النمطية للرجل والمرأة، فيما يتعلق بأغراض المادة 5 (أ) من الاتفاقية.

5-5 أما ادعاء الدولة الطرف أن التوعية المستمرة هي خير ما يخدم مراعاة الفوارق بين الجنسين والوعي، فترى صاحبة البلاغ أنه لا يفيد في دعم مراعاة الفوارق بين الجنسين والوعي، بل ي ديم ذلك الفهم النمطي للفروق بين الجنسين، لأنه يصر على تصور متحيز جنسانياً للخبرة الإنسانية المشتركة.

5-6 وترى صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف ومحكمتها العليا، برفضهما الاعتراف بالطابع المتحيز جنسانياً لما يسمى "الخبرة الإنسانية المشتركة"، تستمران في تقاعسهما عن اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في مجال العمل، كما هو مطلوب بموجب المادة 11 (1) من الاتفاقية.

5-7 وتدعي صاحبة البلاغ أن إدامة الدولة الطرف للخرافات الجنسانية الطابع تنتهك أيضاً المادة 11 (1) (و) من الاتفاقية، حيث أن ذلك يشكل تقاعساً عن حماية حقوق صاحبة البلاغ في الصحة والسلامة في مكان العمل، باعتبار أن التحرش الجنسي يشكل عائقاً رئيسياً أمام المساواة في فرص العمل، كما يعتبر مسألة تتعلق بالصحة والسلامة أيضاً، وفقاً للفقرتين 17 و 18 من التوصية العامة رقم 19 .

5-8 وتضيف صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف مستمرة في تقاعسها عن توفير محاكمة وطنية مختصة، بما يحرمها بالتالي من الحماية المتساوية بموجب القانون، ومن حقها في توفر شروط عمل عادلة ومرضية، فيما يتعلق بأغراض الفقرة (7) ( ) و (ح) من التوصية العامة رقم 19. كما تقول صاحبة البلاغ إن الدولة الطرف قد تقاعست أيضاً عن ت وفير وسيلة انتصاف قانونية فعالة من العنف الجنسي الذي تعرضت له في مكان العمل، فيما يتعلق بأغراض الفقرة (24) (ر) ’ 1 ‘  من التوصية العامة رقم 19 .

5-9 وفي ضوء الاعتبارات المذكورة أعلاه، تدعو صاحبة البلاغ اللجنة لأن توصي الدولة الطرف بتعويضها عن ما تكبدته جراء انتهاك حقوقها.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة بشأن المقبولية

6-1 يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري. وعملاً بالمادة 66 من نظامها الداخلي، يجوز للجنة أن تنظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن النظر في أسسه الموضوعية.

6-2 وكما هو مطلوب بموجب الفقرة 2 (أ) من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، فقد تأكدت اللجنة من أن هذه المسألة نفسها لم تُبحث بالفعل وليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتحيط اللجنة علم اً بالادعاءات التي ساقتها صاحبة البلاغ بموجب المواد 1، و 2 ( ج) و (و)، و 5 ( أ)، و 11 ( 1) ( و) من الاتفاقية، مقترنة بالتوصية العامة رقم 19 للجنة. ووفق اً لصاحبة البلاغ، فإن المحاكم استندت بشكل كبير في استنتاجاتها إلى الخرافات والقوالب النمطية المتعلقة بالجنسين والتي تنطوي على تمييز ضد المرأة، وهو ما أدى إلى حرمانها من حقها في محاكمة عادلة، وأن المحكمة العليا تقاعست عن اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في مكان العمل. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف قد أشارت إلى أن الأدلة التي قدمتها صاحبة البلاغ إلى المحكمة تفتقر إلى المضمون في واقع الأمر؛ وبالتالي، فقد استند قرار المحكمة في القضية إلى عدم وجود أدلة تثبت ادعاءاتها. وتلاحظ أيض اً أن الدولة الطرف أشارت كذلك إلى أن قرار المحكمة العليا لم يصطبغ بأي تمييز قائم على نوع الجنس .

6-4 وتلاحظ اللجنة أن دعاوى صاحبة البلاغ تهدف، في جوهرها، إلى الطعن في الطريقة التي اتبعتها المحاكم الوطنية، وبخاصة المحكمة العليا، في تقدير ملابسات قضيتها وتطبيق القانون الوطني عليها. وتشدد اللجنة على أنها لا تحل محل السلطات المحلي ة في تقدير الوقائع، كما أنها لا تبت في المسؤولية الجنائية لمرتكب الجرم المزعوم. وترى اللجنة، أول اً، أن تقييم الوقائع والأدلة أو تطبيق القانون الوطني على قضية بعينها هو أمر يرجع بصفة عامة لمحاكم الدول الأطراف في الاتفاقية، ما لم يمكن إثبات أن هذا التقييم كان تعسفي اً بشكل واضح أو يرقى إلى حد الحرمان من العدالة. وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أنه ليس في المواد المعروضة عليها ما يشير إلى عناصر يُرجح أن تبين أن نظر المحاكم في قضية صاحبة البلاغ، سواء فيما يتعلق بادعاءاتها بشأن أفعال التحرش الجنسي والمجون أو بنزاعها العمالي، كان ينطوي على أيٍ من هذه المثالب.

6-5 ولاحظت اللجنة كذلك إشارة صاحبة البلاغ إلى قضية فيرتيدو، عندما طلبت من اللجنة انتهاج طريقة مماثلة لاتخاذ قرار في هذه القضية. غير أنها ترى اختلاف اً جوهري اً بين القضيتين وما تنطويان عليه من ادعاءات بشأن انتهاك أحكام الاتفاقية. وتحيط اللجنة علماً بأن المحكمة العليا قد نظرت في دعاوى صاحبة البلاغ بشان التحرش الجنسي والتميي ز القائم على نوع الجنس لكنها لم تجد أدلة كافية تدعم هذه الدعاوى. وفي هذه الظروف، وفي غياب أي معلومات أخرى ذات صلة بالملف، تلاحظ اللجنة أنه حتى إذا أمكن الدفع بأن قرار المحكمة العليا يمكن أن ينم عن بعض جوانب القوالب النمطية الجنسانية، فإنها لا تكفي بحد ذاتها لإثبات أن هذه الجوانب قد أثرت سلباً على تقييم المحكمة للوقائع ونتائج المحكمة، أو لإثبات ادعاءات صاحبة البلاغ بحدوث انتهاك للمواد 1، و 2 (ج) و (و)، و 5 (أ)، و 11 (1) (و) من الاتفاقية فيما يتعلق بأغراض المقبولية. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن البلاغ غير مدعم بما يكفي من الأدلة، لأغراض المقبولية، وبالتالي فهو غير مقبول بموجب المادة 4 (2) (ج) من البروتوكول الاختياري.

7- ولذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم مقبولية البلاغ بموجب الفقرة 2 (ج) من المادة 4 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ الدولة الطرف وصاحبة البلاغ بهذا القرار.

مرفق

رأي فردي لعضو اللجنة باتريتشيا شولز (رأي مخالف)

1 - أُعرب عن اختلافي مع التحليل الذي ذهبت إليه اللجنة، والذي توصل إلى الاستنتاج بأن البلاغ ” غير مدعّم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية، وبالتالي فهو غير مقبول بموجب المادة 4 (2) (ج) من البروتوكول الاختياري “ (الفقرة 6-5 ). وإنني، وإن كنت اتفق مع عدم مقبولية البلاغ، لكن سبب عدم المقبولية يعود إلى اعتبار آخر، وهو الأساس الذي تنص عليه المادة 4 (2) (د) فيما يتعلق ” بإساءة استعمال الحق في تقديم رسالة “ . وسأعالج كل مسالة على حدة في فرع مستقل.

الأدلة الداعمة للبلاغ المقدمة من صاحبة البلاغ

2 - تمهيدا لعرض موقفي، فإنني أرى أن صاحبة البلاغ قد قدمت عناصر كافية لدعم دعواها. بل إنني أرى فعلا أن الاقتباسات و/أو المعلومات التي قدمتها صاحبة البلاغ وعرضتها في الفقرات 2-1 إلى 2-8، و 3-1 إلى 3-9، تثير شكوكا حول غياب المعاملة التمييزية من طرف بعض السلطات التي عالجت الإجراءات الجنائية المتعلقة بقضيتها، وكذلك بالقضية العمالية التي رفعتها. وألاحظ في هذا الصدد أن الدولة الطرف لم تناقش هذه العناصر لكي تزيل الشكوك بشكل كاف، في مرحلة المقبولية (الفقرات 4-1 إلى 4-3). ولقد أكدت صاحبة البلاغ غياب الاستجابة لدعواها بأن المحكمة العليا استندت إلى الخرافات الجنسانية، في تعليقاتها على ما دفعت به الدولة الطرف (الفقرات 5-1 إلى 5-9).

3 - وعلى وجه الخصوص، فإنني أجد الفقرات 2-8، و 3-3، و 5-2 إلى 5-4، مقنعة فيما يتعلق بوجود نهج جنساني يقوم على القوالب النمطية من طرف مساعد مدعي المدينة (الفقرة 2-8)، ومحكم الشؤون العمالية، واللجنة الوطنية لعلاقات العمل (الفقرات 2-10 إلى 2-11)، وكذلك المحكمة العليا (الفقرات 3-3 إلى 3-8). ووفقا لما ساقته صاحبة البلاغ، فإن هذا النهج التمييزي من طرف مساعد مدعي المدينة، ومحكم الشؤون العمالية، واللجنة الوطنية لعلاقات العمل، قد اعترفت به محكمة الاستئناف (الفقرة 2-12)، في تحليل مفصل أكد على وجود عناصر قد ” أغفلت استسهالا “ ، وأن رسالة الاستقالة كانت ” شكلا من أشكال الفصل الاعتباري “ .

4 - لقد قمت بطباعة العناصر التي أعتقد أننا نرى من خلالها استخدام القولبة النمطية الجنسانية متجسدا.

(أ) الفقرة 3-3 ” فيما يتعلق بوقائع التحرش الجنسي الخمس المنسوبة إلى (السيد غ.)، فإن الاكتفاء بمناقشة واحدة منها فحسب تكشف تنافيها مع الخبرة الإنسانية “ . ولقد زعمت [صاحبة البلاغ] أن [السيد غ.] حاصرها على الأريكة بطريقة جعلتها فعليا محصورة على طرفيها، بالشكل الذي يجعل من المستحيل عليها الإفلات من معاكسته... “

” ولكن إذا كان [السيد غ.] قد أقدم على هذا الفعل الشائن حقا، ألم يكن باستطاعتها أن تصفعه وتقف و/أو تغادر المكان؟ “ ... ” إن أي امرأة راشدة، تعرضت للنكز في فرجها عدة مرات دون موافقتها وضد إرادتها، كانت ستقيم الدنيا وتقعدها بعد أن تحرر نفسها من براثن الشخص الذي أساء إليها “. ” غير أن صاحبة البلاغ لم تفعل ذلك “ .

(ب) وتستمر الفقرة 3-3 ، فيما يتعلق بالسيد س. وخطاب استقالتها، “لو كانت صاحبة البلاغ قد تعرضت للتحرش الجنسي حقا، لكانت قد استخدمت استقالتها كأداة فعالة لإثارة ذلك الأمر، غير أنها بدلا من إثارة الأمر في خطاب استقالتها... توجهت بالشكر إلى مقدم الالتماس [السيد س.] ” لأنه أتاح لها فرصة العمل معه. ومرة أخرى نجد ذلك منافيا للفطرة والتجارب الإنسانية “ .

(ج) الفقرة 3-4، تقدم صاحبة البلاغ تحليلا للخرافات الجنسانية التي استخدمتها، في نظرها، المحكمة العليا، بما في ذلك القول ” وبخاصة أنه يجب على المرأة أن تحاول الهروب من الاعتداءات الجنسية حتى وإن لم تنجح في ذلك “ ... ” فسيتعين عليها بدلا من ذلك أن ترد بعنف جسدي على المعتدي عليها؛ وفور الإفلات من العنف الجنسي، يجب على المرأة (ما لم تكن مختلة نفسيا) أن تتخذ إجراءات قوية وحاسمة ردا على العنف؛ وأنه يجب على المرأة أن تتعامل بعداء واضح مع من تحرش بها (فأي ود أو تأدب من جانب المرأة ينفي وقوع التحرش في المقام الأول) “ .

(د) وتقدم الفقرة 3-5 تلخيصا للموقف يتمثل في القول بأن ” صاحبة البلاغ ترى أن المحكمة لم تأخذ في الاعتبار أيا من العوامل الأخرى التي يمكن أن تحدد سلوك شخص ما في مثل هذا الموقف مثل الآثار النفسية للعنف الجنسي، وعلاقات القوة بين صاحب العمل والموظف والتأثيرات الاجتماعية والثقافية القائمة “ .

(هـ) وفي الفقرة 3-8، نجد عرضا للوم الذي وجهته صاحبة البلاغ للمحكمة العليا فيما يخص رفضها لطلب صاحبة البلاغ بأن تعيد المحكمة النظر فيما يتعلق بالفصل بين الشكاتين، والتركيز على المسائل الجنسية (السيد غ.)، وليس على المسائل الم هنية (السيد س.) وتقول صاحبة البلاغ بأن ” النوعين يترابطان بقوة في واقع الأمر، بحيث تخطئ المحكمة العليا خطأ جسيما عندما تفصل بين المسالتين ، ثم تركز بعد ذلك بشكل كبير على الجوانب الجنسية وحدها “ ... ” وهذا النهج التعسفي الذي لا يستند إلى أساس يؤكد التحيز وتبني موقف ضد صاحبة البلاغ، وهو ما يتضح في جميع أجزاء قرار المحكمة العليا “ .

(و) وأخيرا، تعرض الفقرة 3-9 اللوم الذي توجهه صاحبة البلاغ إلى المحكمة لاستعمالها فترة التأخير التي بلغت 18 شهرا في رفع دعواها حجة ضدها. ويرد نقاش هذه المسألة أدناه.

5 - وتشير ملاحظات الدولة الطرف في الفقرات من 4-1 إلى 4-3 إلى أنه في الوقت الذي تتفهم فيه الدولة الطرف ” شكوى ص احبة البلاغ، فإنه لا بد وأن تتناولها بما يتفق مع سيادة القانون ومصلحة العدالة. وتشير إلى أنه، وفقا لما قررته المحكمة العليا بشأن حق الأطراف القانوني ومسؤوليتهم في القضية المتعلقة بصاحبة البلاغ، فإن الإنصاف يقتضي تطبيق الاختبار العملي للخبرة الإنسانية المشتركة، وهو ما يجري تطبيقه باستمرار في الفلبين، وفي غيرها من الولايات القضائية. وللأسف، فإن الأدلة التي عرضتها صاحبة البلاغ تفتقر إلى الموضوعية والمصداقية اللازمتين لاجتياز اختبار الإنصاف “ .

6 - ولكن أيا من الفقرتين التاليتين من ملاحظات الدولة الطرف لا تناقش دعاوى صاحبة البلاغ الواردة في الفقرات 3-1 إلى 3-9، ولذا فإنني لا أستطيع أن أقبل بالتعليل الذي ذهبت إليه اللجنة في الفقرة 6-4، والذي توصلت بموجبه إلى ” أنه ليس في المواد المعروضة عليها ما يشير إلى عناصر يرجح أن تبين أن نظر المحاكم في قضية صاحبة البلاغ، سواء فيما يتعلق بادعاءاتها بشأن أفعال التحرش الجنسي والمجون أو بنزاعها العمالي، كان ينطوي على أي من هذه المثالب “ . وحقا، فإنه ب د ون مناقشة الدولة الطرف للعناصر الواردة في الفقرات 3-1 إلى 3-9، يمكن لي أن أقبل بالحجج التي أوردتها صاحبة البلاغ فيما يتعلق باستخدام المحكمة العليا للخرافات الجنسانية، والتحيز الجنساني فيما يخص الاعتماد على ما يسمى ” بالخبرة الإنسانية “ (الفقرات 5-1 إلى 5-7). ولا يرد نقاش لهذه العناصر أيضا في وجهات نظر اللجن ة الواردة في الفقرات 6-3 إلى 6-5.

7 - ولذا، فإنني أرى أن صاحبة البلاغ قد دعمت بالأدلة الكافية طبيعة القولبة النمطية الجنسانية للإجراءات المعروضة أمام بعض السلطات الوطني ة، ولا سيما المحكمة العليا، كما يرد في الفقرات 3-3 إلى 3-8 و 5-1 إلى 5-7، بشأن الطبيعة التمييزية ” للخبرة الإنسانية المشتركة “ ، وعدم منحها ” محاكمة عادلة ، وبالتالي حرمانها من إمكانية حصولها على وسيلة انتصاف “ وكذلك حرمانها من ” الحماية القانونية على قدم المساواة مع الرجال “ ، ولذلك فإنني أ جد ا ل بلاغ مقبولا.

8 - غير أنني، كما سبق لي القول، أرى أن هناك أساسا آخر كان ينبغي بموجبه رد مقبولية البلاغ، وسأناقش ذلك أدناه.

التأخر في تقديم البلاغ بما يرقى إلى إساءة استعمال الحق في تقديم رسالة

9 - لا يمكن لي إلا بقدر محدود القبول بالتعليل الذي لخصته صاحبة البلاغ لموقفها في الفقرة 3-9 فيما يتعلق بفترة التأخير الذي بلغ ثمانية عشر شهرا في إقامة الدعوى الجنائية، والدعوى المتعلقة بقانون العمل. ونظرا لكون الفلبين ليس لديها قيود قانونية على تقديم الدعاوى المتعلقة بالتحرش الجنسي خلال فترة زمنية معينة، يحق فعلا لمقدمة البلاغ أن ترفع قضيتها بعد انقضاء 18 شهرا على الوقائع كما قامت بالفعل. وتدعي مقدمة البلاغ أن فترة التأخير البالغة 18 شهرا في رفع دعواها قد استغلت ضدها، وأنها ” قد انتقدت بشدة لعدم توجيهها الاتهامات على وجه السرعة “ . وقد أغفلت المحكمة مرة أخرى النظر في النتائج التي خلصت إليها محكمة الاستئناف وتجاهلت المسائل المتعلقة بالإجهاد النفسي، وتفاوت عتبات التحمل العاطفي لدى الأفراد، على النحو الذي يرد في الفقرة 3- 9.

10 - وأود التأكيد أن لدى العديد من البلدان، سواء م نها التي تعمل بالقانون العام أو القانوني المدني، قوانين تقادم (أي قوانين تحدد مدة التقاضي أو مدد التقادم)، وتعرف تلك القوانين المدة الزمنية التي يجوز خلالها الشروع في الإجراءات القانونية في حالات التحرش الجنسي و/أو الأخلاقي، وقد تبلغ هذه المدد من القصر أحيانا فترة ثلاثة أشهر. وهذه القوانين التقادمية تشكل عقبات كأداء في وجه الضحايا، وتضع ضغوطا كبيرة عليهم. وغالبا ما يعاني حقا ضحايا التحرش الجنسي و/أو الأخلاقي بالرهبة (الإحساس بالذهول، أو تأثير الصدمة)، بما يحول بينهم وبين رد الفعل المباشر و/أو ” المناسب “ . ويحتاجون إلى وقت كي يتعافوا من آثار الصدمة التي عانوا منها، وكي يستعيدوا قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم من خلال الإجراءات القانونية: ولذا، من الضروري وجود توازن بين احتياجاتهم المشروعة، والحاجة إلى ضرورة تقديم هذه القضايا في إطار فترة زمنية معقولة. وعندما تكون قوانين التقادم بالغة القصر، يواجه الضحايا خطورة حرمانهم من الوصول إلى العدالة، إذا ما احتاجوا لمدد أطول للتعافي من آثار الصدمة التي عانوا منها قبل أن يتمكنوا من مواجهة الإجراء القضائي، سواء كان مدنيا أو جنائيا و/أو إداريا، بما يعتمد على الحالات والإمكانيات التي تتيحها التشريعات الوطنية.

11 - وفي الحالة التي بين أيدينا، استغرقت صاحبة البلاغ 18 شهرا لترفع دعواها الجنائية ودعواها المتعلقة بقانون العمل. ومن ثم يبدو لي أنه يمكن للمحكمة أن تلاحظ بأنها لم تتصرف ” على وجه السرعة “ . وحتى إذا ما أخذنا في الاعتبار الصدمة التي عانت منها صاحبة البلاغ، هناك أسباب وجيهة تستدعي الطب بأن يتم الشروع في إجراءات المحاكم بشكل أسرع، وذلك لاعتبارات، من بينها، تسهيل إقامة العدالة، وضمان الأمن القانوني، وإمكانية تقديم الأدلة المساندة لدفوع المدعية، وتلك المناهضة لها.

12 - ونظرا لاقتناعي الجزئي فقط بالحجج التي ساقتها صاحبة البلاغ فيما يتعلق بفترة الثمانية عشر شهرا التي تأخر بها تقديم دعاواها أمام المؤسسات المختصة بالنظر الكامل في القضية، تساءلت عندئذ عن كيفية معالجة الوقت الذي استغرقته صاحبة البلاغ - حوالي خمس سنوات - في تقديم بلاغها للجنة، منتقدة حكم المحكمة العليا في 26 حزيران /يونيه 2006 و 28 آب /أغسطس 2006، لانطوائه على تحيز جنساني. ولقد تم تقديم البلاغ بعد عشر سنوات تقريبا من شروع صاحبة البلاغ في دعواها الجنائية (28 أيار /مايو 2001)، وشكواها في إطار قانون العمل (20 كانون الأول/ديسمبر 2001)، فيما يتعلق بوقائع حدثت خلال الفترة من أيار /مايو 1999 حتى حزيران /يونيه 2000 (انظر الفقرات 2-2 إلى 2-5)، والتي صدر أخيرا حكم بشأنها في 28 آب /أغسطس 2006، بعد حوالي خمس سنوات من الإجراءات القضائية أمام السلطات الوطنية. وبطبيعة الحال فإن المدة التي استغرقتها الإجراءات القانونية لا يمكن أن تستخدم بأي حال من الأحوال ضدها، نظرا لأن هذه المدة كانت ضرورية للوصول إلى الحكم الأخير، ومن ثم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

(أ) See www.ohchr.org/EN/ HRBodies /TBPetitions/Pages/IndividualCommunications.aspx#whencan.

13 - وفقا لما تذكره صفحة مفوضية الأمم المتحدة حقوق الإنسان على الإنترنت بشأن إجراءات تقديم البلاغات، فإن السبب الذي يدعو إلى مراعاة السرعة يتخلص فيما يلي: ” من المهم الإسراع في تقديم الشكوى دونما إبطاء قدر الإمكان بعد است نفا د سبل الانتصاف المحلية، إذ أن التأخير في رفع الدعوى يجعل من الصعب على الدولة الطرف الاستجابة بالشكل المناسب، وعلى الهيئة المنشأة بموجب معاهدة، تقييم خلفية الوقائع بشكل شامل. وفي بعض الحالات، فإن تقديم البلاغ بعد فترة تأخير طويلة قد يفضي إلى اعتبار القضية غير مقبولة من طرف اللجنة المعنية “ (أ) .

14 - لا يتضمن البروتوكول الاختياري، ولا النظام الداخلي لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، النص على مدة للتقادم، يتعين خلال ها تقديم البلاغ إلى اللجنة. ولا يرد تعليق على هذه المسألة في وجهات نظر اللجنة، ولم تشرح صاحبة البلاغ لماذا احتاجت إلى كل هذا الوقت، كما أن الدولة الطرف لم تعلق على المسالة في ملاحظاتها (الفقرات 4-1 إلى 4-3).

15 - وبالنظر إلى القواعد التي تحددها هيئات أخرى منشأة بموجب معاهدات، نجد أن قوانين التقادم تتراوح بين ستة أشهر (بالنسبة للجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، عملا بالمادة 14، الفقرة (5)، من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري) إلى ” سنة واحدة بعد استنفاد سبل الانتصاف المحلية، ب استثناء الحالات التي يتمكن فيها صاحب البلاغ من بيان أنه قد تعذر عليه تقديم بلاغه خلال المدة المقررة “ (بالنسبة للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، عملا بالمادة 3 (2) (أ) من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولجنة حقوق الطفل، عملا بالمادة 7 (ج) من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات). غير أن لجنة حقوق الإنسان تتيح مدة أطول للتأخير (القاعدة 96 (ج) من النظام الداخلي) لمدة تصل إلى خمس سنوات، أو، متى اقتضى الأمر، ثلاث سنوات.

16 - ويصعب كثيرا حقا محاولة إيجاد توازن بين حق ضحايا التمييز الذي تحظره الاتفاقية (في هذه الحالة التحرش الجنسي والأخلاقي) في الدفاع عن أنفسهم من خلال تقديم بلاغات، وبين حق الدول الأطراف في عدم الإخضاع للمساءلة بعد انقضاء ” فترة زمنية معقولة “ .

17 - ومع أننا نود احترام ” الإجهاد النفسي وتفاوت عتبات التحمل العاطفي لدى الأفراد “ (كما ذكرت صاحبة البلاغ بخ صوص فترة الثماني ة عشر شهرا من التأخير في الفقرة 3-9)، لا يبدو لي وجود أ سباب مقنعة تدعو للانتظار خمس سنوات بعد القرار الذي اتخذته المحكمة العليا. وحتى إذا ما أخذنا في الاعتبار أن عدم فوز صاحبة البلاغ بالقضية أمام المحكمة العليا قد نكأ الصدمة التي عانت منها من قبل، أو كان في حد ذاته تجربة صادمة، فإنني أرى أنه كان حريا بصاحبة البلاغ أن تتقدم ببلاغها خلال مدة أقصر م ما فعلت، أو كان عليها كإجراء آخر أن توضح الأسباب التي جعلتها لا تتمكن من التصرف بشكل أسرع. وفي غياب توضيح من صاحبة البلاغ للفترة الزمنية التي احتاجت إليها، توصلت إلى الاستنتاج بأن بلاغها كان ينبغي أن يعد غير مقبول لأنه يشكل إساءة لاستعمال الحق في تقديم رسالة، بحسب ما تنص المادة 4 (2) (د) من البروتوكول الاختياري.

18 - ولم أصل إلى هذا الاستنتاج القاسي دون تردد، لا سيما أن الحجج التي سقتها تستند إلى تطبيق بالمقارنة مع نظم داخلية لهيئات أخرى منشأة بموجب معاهدات، وهي اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، واللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولجنة حقوق الطفل، إذ أن النظام الداخلي للجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة لا ينص على فترة تقادم يعتبر البلاغ بعدها غير مقبول. ولذلك، فإنني آمل أن يقنع هذا الوضع غير المرضي اللجنة بأن تدرك الحاجة إلى النص على فترة تقادم تحدد بسنة واحدة بعد قرار أعلى درجات التقاضي - مع استثناءات مبررة - لعرض البلاغات أمام اللجنة. وأعتقد أن هذا النص بخصوص التقادم - مع مراعاة الاستثناءات المبررة - كفيل باحترام احتياجات ضحايا التمييز واحتياجات الدول الأطراف في الاتفاقية. ويبدو لي أن هناك مبررات عديدة لصالح النص على مثل هذه المدة للتقادم: المواءمة بين الإجراءات التي تعمل بها الهيئات المنشأة بموجب معاهدات والحماية الإجرائية المقدمة بموجب صكوك حقوق الإنسان المختلفة؛ توفير الأمن القانوني للدول الأطراف وللمدعين؛ تسهيل إقامة العدالة، بما في ذلك تقديم الأدلة والأدلة المضادة بأسلوب أكيد.