الأمم المتحدة

CAT/C/GC/3

Distr.: General

13 December 2012

Arabic

Original: English

ل جن ة مناهضة التعذيب

التعليق العام رقم 3(2012)

تنفيذ الدول الأطراف ل لمادة 14

1- هذا التعليق العام يفسر ويوضح للدول الأطراف مضمون ونطاق الالتزامات الناشئة عن المادة 14 من ‎‎ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة‏ . فكل دولة طرف مطالبة بموجبها بأن " تضمن (...)، في نظامها القانوني، إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب بما في ذلك وسائل إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن ". وتعتبر اللجنة أن المادة 14 تنطبق على جميع ضحايا التعذيب وأفعال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (يشار إليها فيما يلي بعبارة "سوء المعاملة") دون تمييز أيا ً كان نوعه، تماشيا ً مع تعليق اللجنة العام رقم 2.

2- وترى اللجنة أن كلمة "إنصاف" في المادة 14 تشمل مفهومي "الانتصاف الفعال" و"الجبر". وبالتالي، فإن مفهوم الجبر الشامل ينطوي على رد الحقوق والتعويض وإعادة التأهيل والترضية وضمانات بعدم تكرار الانتهاكات، ويشير إلى النطاق الكام ل للتدابير اللازمة لإتاحة الإنصاف من الانتهاكات بموجب الاتفاقية.

3- والضحايا هم الأشخاص الذين لحق بهم ضرر بشكل فردي أو جماعي، بما في ذلك الضرر البدني أو العقلي، أو المعاناة النفسية، أو الخسارة الاقتصادية، أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم الأساسية، عن طريق أفعال أو حالات امتناع عن أفعال تشكل انتهاكاً للاتفاقية. وينبغي اعتبار شخص ما ضحية بصرف النظر عما إذا كان قد جرى التعرف على مرتكب الفعل أو قُبض عليه أو قُوضي أو أُدين، وبصرف النظر عن أي علاقة أسرية أو علاقة أخرى بينه وبين الضحية. ويغطي مصطلح "الضحية" أيضا ً أفراد أسرة الضحية الأقربين أو مُعاليه المتضررين فضلا ً عن الأشخاص الذين لحق بهم ضرر عند تدخلهم لمساعدة الضحايا أو منع الأذى. وقد يفضل الأشخاص الذين لحق بهم الضرر مصطلح "الباقين على قيد الحياة" في بعض الحالات. وتستخدم اللجنة المصطلح القانوني "الضحايا" دون الإخلال بأي مصطلحات أخرى قد تكون محبذة في سياقات معينة.

4- وتؤكد اللجنة أهمية مشاركة الضحايا في عملية الإنصاف، وأن إعادة الكرامة إلى الضحية هو الهدف النهائي المتوخى من إتاحة سبل الانتصاف.

5- ولالتزامات الدول الأطراف بتوفير الإنصاف بموجب المادة 14 من الاتفاقية وجهان: وجه إجرائي وآخر موضوعي. ولكي تفي الدول الأطراف بالتزاماتها الإجرائية، عليها أن تسن تشريعات وأن تنشئ آليات لتقديم الشكاوى وهيئات ومؤسسات للتحقيق، بما فيها هيئات قضائية مستقلة قادرة على إثبات حق ضحايا التعذيب وسوء المعاملة في الإنصاف ومنحه، وأن تضمن فعالية هذه الآليات والهيئات وإمكانية وصول جميع الضحايا إليها. ومن الناحية الموضوعية، على الدول الأطراف أن تضمن حصول ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة على إنصاف وجبر كاملين وفعالين، بما في ذلك التعويض و الوسائل اللازمة لإعادة تأهيلهم على أكمل وجه ممكن .

الالتزاما ت الموضوعية: نطاق الحق في الإنصاف

6- يشمل الإنصاف، مثلما ذُكر في الفقرة 2 أعلاه، الأشكال الخمسة التالية من الجبر، وهي: رد الحقوق والتعويض وإعادة التأهيل والترضية وضمانات بعدم تكرار الانتهاكات. وتقر اللجنة بعناصر الإنصاف الكامل بموجب القانون والممارسة الدوليين، مثلما ترد في المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي ( المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية ) ( ) . ويجب أن يكون الجبر مناسبا ً وفعالا ً وشاملا ً . وتذكَّر الدول الأطراف بأنه عند تحديد الإنصاف وتدابير الجبر المقدمة أو الممنوحة لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة، يجب مراعاة خصوصيات كل حالة وظروفها وينبغي أن يكون الإنصاف مكيفاً مع الاحتياجات الخاصة للضحايا ومتناسباً مع خطورة الانتهاكات المرتكبة بحقهم. وتؤكد اللجنة أن لتوفير الجبر أثرا ً أصيلاً مانعاً ورادعاً لارتكاب انتهاكات في المستقبل.

7- وإذا ارتكبت سلطات الدولة أو جهات أخرى تتصرف بصفة رسمية أعمال التعذيب أو سوء المعاملة، أو كانت على علم بأن موظفين غير حكوميين أو أطراف ا ً فاعلة خاصة قد ارتكبت هذه الأعمال، أو كان لد يها من الأسباب المعقول ة ما يدفع إلى الاعتقاد بارتكاب هم لهذه الأعمال ، وأخفقت في ممارسة العناية الواجبة لمنع هؤلاء الموظفين غير الحكوميين أو هذه الجهات الخاصة والتحقيق معهم ومقاضاتهم ومعاقبتهم بما يتفق وأحكام الاتفاقية، فإن الدولة تتحمل مسؤولية توفير الإنصاف للضحايا (التعليق العام رقم 2).

رد الحق وق

8- رد الحقوق شكل من أشكال الإنصاف مصمم لإعادة حالة الضحية إلى ما كانت عليه قبل انتهاك الاتفاقية، مع مراعاة خصوصيات كل حالة. وتقتضي الالتزامات الوقائية بموجب الاتفاقية من الدول الأطراف أن تضمن عدم وضع ضحية يرد له الحق في موقف يعرضه للتعذيب أو سوء المعاملة من جديد. وفي بعض الحالات، قد يرى الضحية أن رد الحقوق غير ممكن بالنظر إلى طبيعة الانتهاك؛ ومع ذلك، فإن على الدولة أن توفر الإنصاف للضحية بشكل كامل. ولكي يكون رد الحقوق فعالا ً ، ينبغي بذل جهود من أجل التصدي لأي أسباب هيكلية للانتهاكات، بما في ذلك أي نوع من التمييز المتعلق، على سبيل المثال، بنوع الجنس والميل الجنسي والإعاقة والرأي السياسي أو أي رأي آخر و ا لانتماء العرقي والسن والدين وجميع أسباب التمييز الأخرى.

التعويض

9- تؤكد اللجنة أن التعويض النقدي وحده قد لا يكون سبيل انتصاف كاف لضحية من ضحايا التعذيب وسوء المعاملة. وتؤكد اللجنة أن تقديم التعويض النقدي فقط لا يكفي لكي تفي دولة طرف بالتزاماتها بموجب المادة 14.

10- وإن الحق في الحصول على تعويض فوري وعادل ومناسب عن أعمال التعذيب أو سوء المعاملة بموجب المادة 14 هو حق متعدد المستويات وينبغي أن يكون التعويض الممنوح للضحية كافيا ً للتعويض عن أي ضرر قابل للتقييم من الناحية الاقتصادية ينتج عن التعذيب أو سوء المعاملة، سواء كان ماليا ً أو غير مالي. وقد يشمل هذا ما يلي: تسديد النفقات الطبية المدفوعة و توفير الأموال اللازمة لتغطية ما يحتاج إليه الضحية في المستقبل من الخدمات الطبية أو خدمات إعادة التأهيل لضمان إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن؛ والأضرار المالية وغير المالية الناجمة عن الضرر البدني والعقلي الواقع؛ وفقدان الأرباح و إمكانات كسب الربح بسبب الإعاق ة الناجمة عن التعذيب أو سوء المعاملة؛ و ضياع الفرص مثل فرص العمل والتعليم. وبالإضافة إلى ذلك ، ي نبغي أن يشمل التعويض المناسب الذي تمنحه الدول الأطراف ل ضح ايا ال تعذيب أو سوء المعاملة تقديم المساعدة القضائية أو المتخصصة، وغيرها من التكاليف المرتبطة برفع شكوى للحصول على الإنصاف.

إعادة التأهيل

11- تؤكد اللجنة أن توفير وسائل إعادة التأهيل على أكمل وجه ممكن لأي شخص تضرر نتيجة انتهاك للاتفاقية ينبغي أن يكون شموليا ً وأن يغطي الرعاية الصحية والنفسية فضلا ً عن الخدمات القانونية والاجتماعية. وتحيل إعادة التأهيل، لأغراض هذا التعليق العام، إلى استعادة وظيفة أو اكتساب مهارات جديدة باتت ضرورية بسبب تغير ظروف الضحية بعد التعذيب أو سوء المعاملة. والهدف من إعادة التأهيل هو تمكين الشخص المعني من بلوغ أقصى قدر ممكن من الاعتماد على الذات وأداء العمل، وقد تشمل إجراءات لتكييف بيئة الشخص المادية والاجتماعية. و ينبغي أن تهدف إعادة تأهيل ا لضحايا إلى استعاد تهم ، قدر الإمكان، ل استقلا ليتهم البدنية والعقلية والاجتماعية والمهنية، و إدماج هم في المجتمع ومشاركتهم فيه على نحو كامل .

12- وتؤكد اللجنة أن التزام الدول الأطراف بتقديم الوسائل اللازمة من أجل "إعادة التأهيل على أكمل وجه ممكن" يحيل إلى ضرورة جبر الضرر اللاحق بالضحية الذي قد لا يسترجع أبدا ً بشكل تام ظروف حياته السابقة، بما في ذلك كرامته وصحته واعتماده على ذاته، نتيجة للأثر الكبير للتعذيب. ولا يتصل هذا الالتزام بالموارد المتاحة للدول الأطراف ولا يجوز تأجيله.

13- ولكي تفي كل دولة عضو بالتزاماتها بتوفير وسائل إعادة التأهيل على أكمل وجه ممكن لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة، ينبغي لها أن تعتمد نهجا ً متكاملا ً وطويل الأجل وأن تضمن أن الخدمات المتخصصة اللازمة لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة متاحة ومناسبة وأن من الممكن الوصول إليها بسهولة. وينبغي أن تشمل هذه الخدمات ما يلي: إجراء لتقدير وتقييم احتياجات الأفراد العلاجية وغيرها من الاحتياجات، يستند فيما يستند إليه إلى دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بروتوكول اس ط نبول)؛ ويمكن أن تشمل مجموعة كبيرة من التدابير المتعددة التخصصات مثل الخدمات الطبية والبدنية والنفسية وخدمات إعادة التأهيل؛ وخدمات إعادة الإدماج والخدمات الاجتماعية؛ والمساعدة والخدمات الموجهة إلى المجتمع المحلي والأسرة؛ والتدريب المهني؛ والتعليم وغير ذلك. كما أن الأخذ بنهج شمولي لإعادة التأهيل مراع أيضا ً لقوة الضحية وقدرته على التكيف هو أمر في غاية الأهمية. وفضلا ً عن هذا، قد يكون الضحايا عرضة لصدمات نفسية جديدة وقد تكون لديهم مخاوف مبررة من أفعال تذكرهم بما تعرضوا له من تعذيب أو سوء المعاملة. ونتيجة لذلك، ينبغي إيلاء أولوية قصوى لضرورة تهيئة جو من الثقة والأمان يمكن تقديم المساعدة فيه. كما ينبغي توفير خدمات سرية عند اللزوم.

14- ولا يبطل اشتراط توفير هذه الأشكال من خدمات إعادة التأهيل في الاتفاقية ضرورة تقديم خدمات طبية ونفسية اجتماعية للضحايا بعد تعرضهم للتعذيب مباشرة، كما أن هذه الرعاية الأولوية لا تمثل وفاء بالالتزام المتعلق بتوفير الوسائل اللازمة لإعادة التأهيل على أكمل وجه ممكن.

15- ويجب أن تكفل الدول الأطراف إنشاء خدمات وبرامج فعالة لإعادة التأهيل في الدولة، مع مراعاة ثقافة الضحية وشخصيته وتاريخه وخلفيته، وأن تكفل إمكانية وصول جميع الضحايا إلى هذه الخدمات والبرامج دون تمييز وبصرف النظر عن هوية الضحايا أو وضعهم داخل مجموعة مهمشة أو ضعيفة، مثلما تبين ذلك الفقرة 32، بمن فيهم ملتمسو اللجوء واللاجئون. وينبغي أن تنشئ تشريعات الدول الأطراف آليات وبرامج ملموسة لتوفير إعادة التأهيل لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة. وينبغي أن يُمنح ضحايا التعذيب إمكانية الاستفادة من برامج إعادة التأهيل في أسرع وقت ممكن بعد تقييم يجريه أخصائيون طبيون مستقلون ومؤهلون. وينبغي ألا تتوقف الاستفادة من برامج إعادة التأهيل على الضحية الملتمس لسبل الانتصاف القضائية. ويمكن الوفاء بالالتزام المنصوص عليه في المادة 14 والمتعلق بتوفير وسائل إعادة التأهيل على أكمل وجه ممكن، من خلال تقديم الدولة لخدمات إعادة التأهيل بشكل مباشر، أو من خلال تمويل المرافق الطبية والقانونية وغيرها من المرافق التابعة للقطاع الخاص، بما فيها تلك التي تديرها منظمات غير حكومية، وفي هذه الحالة يجب أن تضمن الدولة عدم تعرض هذه المرافق لأي عمليات انتقام أو تخويف. ومشاركة الضحية في اختيار الجهة المقدمة للخدمة أمر أساسي. وينبغي إتاحة الخدمات باللغات المناسبة. وتشجَّع الدول الأطراف على إنشاء نظم لتقييم فعالية تنفيذ برامج وخدمات إعادة التأهيل، بوسائل منها استخدام مؤشرات ومعايير مناسبة.

الترضية والحق في معرفة الحقيقة

16- ينبغي أن تشمل الترضية، عن طريق التزامات التحقيق والملاحقة الجنائية المنصوص عليها في المادتين 12 و13 من الاتفاقية، وبالإضافة إلى هذه الالتزامات، أي سبيل من سبل الانتصاف التالية أو جميعها: تدابير فعالة ترمي إلى وقف الانتهاكات المتواصلة؛ والتحقق من الوقائع والكشف بشكل كامل وعلني عن الحقيقة بالقدر الذي لا يؤدي معه هذا الكشف إلى ضرر آخر أو تهديد لسلامة ومصالح الضحية أو أقاربه أو الشهود أو الأشخاص الذين تدخلوا من أجل مساعدة الضحية أو منع وقوع مزيد من الانتهاكات؛ والبحث عن مكان المفقودين، وعن هويات الأطفال المختطفين، وعن جثث القتلى، والمساعدة في استعادة جثث الضحايا والتعرف على هويتها وإعادة دفن ها وفقا ً لل رغبة الصريحة أو المفترضة للضحايا أو الأسر المتضررة؛ وإصدار إعلان رسمي أو قرار قضائي يعيد للضحية والأشخاص المرتبطين به ارتباطا ً وثيقا ً كرامتهم وسمعتهم وحقوقهم؛ وفرض عقوبات قضائية وإدارية على الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات؛ وتقديم اعتذارات علنية، بما في ذلك الاعتراف بالوقائع وقبول المسؤولية؛ وإحياء ذكرى الضحايا وتكريمهم.

17- وإذا لم تجر دولة ما تحقيقات أو ملاحقات جنائية أو لم تسمح برفع دعاوى مدنية بشأن ادعاءات تتعلق بارتكاب أعمال التعذيب على وجه السرعة، فإن هذا قد يشكل حرمانا ً فعليا ً من الإنصاف وقد يشكل بالتالي انتهاكا ً لالتزامات الدولة بموجب المادة 14.

الضمانات ب عدم التكرار

18- تشكل المواد من 1 إلى 16 من الاتفاقية تدابير وقائية محددة تعتبرها الدول ال أ طراف أ ساسية لمنع التعذيب و سوء المعاملة . ولضمان عدم تكرار التعذيب وسوء المعاملة، ينبغي أن تتخذ الدول الأطراف تدابير لمكافحة الإفلات من العقاب عند ارتكاب انتهاكات للاتفاقية. وتشمل هذه التدابير إصدار تعليمات فعالة وواضحة إلى الموظفين الحكوميين بشأن أحكام الاتفاقية، ولا سيما بشأن الحظر المطلق للتعذيب. وينبغي أن تشمل التدابير الأخرى أيا ً من الأمور التالية أو جميعها: المراقبة المدنية للقوات العسكرية وقوات الأمن؛ وضمان تقيد جميع الإجراءات القضائية بالمعايير الدولية المتعلقة بالمحاكمة وفقا ً للأصول القانونية والعدالة والنزاهة؛ وتعزيز استقلال القضاء؛ وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان والأخصائيين في المجالين القانوني والصحي وغيرهما من المجالات، الذين يساعدون ضحايا التعذيب؛ وإنشاء نظم للرصد المنتظم والمستقل لجميع أماكن الاحتجاز؛ وتقديم، من باب الأولوية وباستمرار، تدريب للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، وكذلك للقوات العسكرية وقوات الأمن في مجال قانون حقوق الإنسان، يشمل الاحتياجات المحددة للفئات المهمشة والضعيفة من السكان، وتدريب محدد بشأن بروتوكول اس ط نبول للأخصائيين في المجالين الصحي والقانوني والموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين؛ وتعزيز تقيّد الموظفين العموميين، بمن فيهم الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين والعاملون في الخدمات الإصلاحية والطبية والنفسية والاجتماعية والقوات المسلحة، بالمعايير الدولية ومدونات قواعد السلوك؛ وإعادة النظر في القوانين التي تساهم في التعذيب وسوء المعاملة أو تسمح بهما؛ وضمان الامتثال للمادة 3 من الاتفاقي ة التي تحظر الإعادة القسرية؛ وضمان توفير خدمات مؤقتة للأفراد أو مجموعات الأفراد، مثل توفير المأوى لضحايا أعمال التعذيب أو سوء المعاملة المرتبطة بنوع الجنس أو غيرها. وتشير اللجنة إلى أنه باتخاذ تدابير مثل التدابير المذكورة هنا، يمكن للدول الأطراف أن تفي أيضا ً بالتزاماتها بمنع أعمال التعذيب، المنصوص عليها في المادة 2 من الاتفاقية. وفضلا ً عن هذا، تمنح الضمانات بعدم التكرار إمكانات مهمة لتغيير العلاقات الاجتماعية التي قد تشكل الأسباب الكامنة وراء العنف، ويمكن أن تشمل هذه الإمكانات، على سبيل الذكر لا الحصر، تعديل القوانين ذات الصلة، ومكافحة الإفلات من العقاب، واتخاذ تدابير وقائية ورادعة فعالة.

الالتزامات الإجرائية : إعمال الحق في الإنصاف

التشريعات

19- يجب على الدول الأطراف، بموجب المادة 2 من الاتفاقية، أن تتخذ " إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي ". ومثلما توضح اللجنة في تعليقها العام رقم 2، " يجب أن تجعل الدول ال أ طراف جريم ة التعذيب جريمة مستوجبة للعقاب بموجب قانونها الجنائي، وذلك كحد أدنى، حسب أركان جريمة التعذيب كما هي محددة في المادة 1 من الاتفاقية، و وفقاً ل متطلبات المادة 4 منها " . وإن عدم إصدار الدول الأطراف لتشريعات تدرج بشكل واضح التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاقية وتجرم التعذيب وسوء المعاملة، وما ينتج عن ذلك من عدم اعتبار التعذيب وسوء المعاملة جرائم جنائية، يعيق قدرة الضحية على الحصول على حقوقه التي تكفلها المادة 14 والتمتع بها.

20- ولإعمال المادة 14، على الدول الأطراف أن تسن تشريعات تمنح بشكل محدد لضحايا التعذيب وسوء المعاملة سبيل انتصاف فعّالاً والحق في الحصول على إنصاف كاف ومناسب، بما في ذلك التعويض وإعادة التأهيل على أكمل وجه ممكن. ويجب أن تسمح هذه التشريعات للأفراد بممارسة هذا الحق وأن تضمن حصولهم على سبيل انتصاف قضائي. وفي حين يمكن قبول برامج الجبر الجماعي والجبر الإداري كشكل من أشكال الإنصاف، لا يجوز لهذه البرامج أن تبطل حق الفرد في سبيل انتصاف وفي الحصول على الإنصاف.

21- وينبغي للدول الأطراف أن تضمن أن قوانينها المحلية تنص على ضرورة أن يستفيد أي ضحية تعرض للعنف أو لصدمة نفسية، من الرعاية والحماية الكافيتين لتفادي تعرضه لصدمات نفسية جديدة أثناء الإجراءات القانونية والإدارية المصممة من أجل إقامة العدل والجبر.

22- والدول الأطراف مطالبة بموجب الاتفاقية بملاحقة مرتكبي أعمال التعذيب المزعومين أو تسليمهم عند العثور عليهم في أي إقليم خاضع لولايتها القضائية، وأن تعتمد التشريعات اللازمة لجعل ذلك أمراً ممكناً. وترى اللجنة أن تطبيق المادة 14 لا يقتصر على الضحايا الذين لحق بهم ضرر في إقليم الدولة الطرف أو على يد مواطني الدولة الطرف أو ضدهم. وقد أشادت اللجنة بجهود الدول الأطراف المبذولة من أجل تقديم سبل انتصاف مدنية لضحايا تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة خارج أقاليمها. ويكتسي هذا أهمية خاصة عندما يكون الضحية غير قادر على ممارسة حقوقه المكفولة بموجب المادة 14 في الإقليم الذي ارتُكب فيه الانتهاك. وفي الواقع، فإن المادة 14 تطالب الدول الأطراف بأن تضمن تمكين جميع ضحايا التعذيب وسوء المعاملة من الوصول إلى سبيل انتصاف والحصول على الإنصاف.

الآليات الفعالة لتقديم الشكاوى وإجراء التحقيقات

23- حددت اللجنة، في ملاحظاتها الختامية، الالتزامات الأخرى للدول التي يجب الوفاء بها من أجل ضمان احترام حقوق الضحايا المنصوص عليها في المادة 14 احتراماً تاماً. وفي هذا الصدد تؤكد اللجنة العلاقة المهمة القائمة بين وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها المنصوص عليها في المادتين 12 و13 والتزامها المنصوص عليه في المادة 14. وبموجب المادة 12، على الدول الأطراف إجراء تحقيق ات سريع ة وفعالة ونزيه ة كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملا ً من أعمال التعذيب قد ارت ُ كب في أي من الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية نتيجة أفعالها أو امتناعها عن أفعال وعليها، مثلما تبين المادة 13 ومثلما أكدت اللجنة في تعليقها العام رقم 2، أن تضمن إقامة آليات ن زيهة وفعالة لتقديم الشكاوى. ولا يمكن الحصول على الإنصاف الكامل إذا لم يكن الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في المادتين 12 و13 مكفولاً. ويجب إعلام الجمهور بوجود آليات تقديم الشكاوى وتيسير وصوله إليها، بما في ذلك الأشخاص المحرومون من حريتهم، سواء كانوا رهن الاحتجاز أو في مصحات عقلية أو في أي مكان آخر، بوسائل منها على سبيل المثال الخطوط الهاتفية المباشرة أو صناديق لإيداع الشكاوى السرية داخل السجون، والأشخاص الذين ينتمون إلى مجموعات ضعيفة أو مهمشة، بمن فيهم أولئك الذين قد تكون قدرتهم على الاتصال محدودة.

24- وعلى المستوى الإجرائي، على الدول الأطراف أن تضمن وجود مؤسسات مختصة بإنفاذ القرارات النهائية من خلال إجراء يرسيه القانون لتمكين ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة من الحصول على الإنصاف، بما في ذلك التعويض الكافي وإعادة التأهيل.

25- ويقتضي ضمان حق الضحية في الحصول على سبيل انتصاف أن تجري السلطات المختصة للدولة الطرف تحقيقات وتحريات على نحو فوري وفعال ونزيه بشأن حالة أي فرد يدعي أنه تعرض للتعذيب أو سوء المعاملة. وينبغي أن تشمل هذه التحقيقات كتدبير معتاد فحصاً بدنياً ونفسياً مستقلاً على يد طبيب شرع ي مثلما ينص على ذلك بروتوكول اسط نبول. فأي تأجيلات غير لازمة لبدء التحقيقات القانونية أو استكمالها فيما يخص شكاوى التعذيب أو سوء المعاملة تضر بحقوق الضحايا بموجب المادة 14 في الحصول على الإنصاف بما فيه التعويض العادل والكافي ووسائل إعادة التأهيل على أكمل وجه ممكن.

26- وعلى الرغم من الفوائد الاستدلالية التي توفرها التحقيقات الجنائية للضحايا، ينبغي ألا تتوقف الدعوى المدنية ومطالبة الضحية بالتعويض على الفصل في الدعوى الجنائية. وترى اللجنة أنه ينبغي ألا يؤجل التعويض دون مبرر إلى حين ثبوت المسؤولية الجنائية. وينبغي أن تكون المسؤولية المدنية متاحة بشكل مستقل عن الإجراءات الجنائية، وينبغي أن تكون التشريعات والمؤسسات اللازمة لهذا الغرض متوافرة. وإذا كانت التشريعات المحلية تفرض إقامة الإجراءات الجنائية قبل التماس التعويض المدني، فإن عدم اتخاذ هذه الإجراءات الجنائية أو التأخر دون مبرر في اتخاذها يشكل إخفاقاً من جانب الدولة الطرف في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية. ويجب ألا تعتبر الإجراءات التأديبية وحدها سبيلا ً فعالا ً للانتصاف بالمعنى الوارد في المادة 14.

27- وعلى الدولة الطرف بموجب المادة 14 أن تضمن إنصاف ضحايا أي عمل من أعمال التعذيب أو سوء المعاملة خاضعين لولايتها القضائية. ويقع على عاتق الدول الأطراف التزام باتخاذ جميع التدابير اللازمة والفعالة لضمان إنصاف جميع ضحايا مثل هذه الأعمال. ويشمل هذا الالتزام التزام الدول الأطراف ببدء إجراء على وجه السرعة لضمان إنصاف الضحايا، حتى في حالة عدم وجود شكوى، عندما تكون هناك أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بوقوع التعذيب أو سوء المعاملة.

28- وتشجع اللجنة الدول الأطراف بشدة على الاعتراف باختصاص اللجنة بالنظر في شكاوى الأفراد بموجب المادة 22 من أجل السماح للضحايا بتقديم بلاغاتهم والتماس آراء اللجنة. كما تشجع اللجنة الدول الأطراف على التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب أو الانضمام إليه بغية تعزيز تدابير منع التعذيب وسوء المعاملة.

الوصول إلى آليات الإنصاف

29- تشدد اللجنة على أهمية أن تضمن الدولة الطرف بشكل إيجابي تقديم المعلومات الكافية للضحايا وأسرهم عن حقهم في التماس الإنصاف. وفي هذا الصدد، ينبغي أن تكون إجراءات التماس الجبر إجراءات شفافة. وينبغي للدولة الطرف أيضاً أن تقدم المساعدة والدعم لتخفيف المشقة على أصحاب الشكاوى وممثليهم. وينبغي ألا تضع الإجراءات المدنية أو غيرها من الإجراءات ثقلاً مالياً على كاهل الضحايا، قد يمنعهم من التماس الإنصاف أو يثنيهم عنه. وإذا لم يكن بإمكان الإجراءات المدنية القائمة توفير الإنصاف المناسب للضحايا، فإن اللجنة توصي بتطبيق آليات يسهل وصول ضحايا التعذيب وسوء المعاملة إليها، ويشمل ذلك إنشاء صندوق وطني لتوفير الإنصاف لضحايا التعذيب. وينبغي اعتماد تدابير خاصة لضمان أن يصل إليها الأشخاص الذين ينتمون إلى المجموعات التي هُمشت أو استُضعفت.

30- ويجب أن تكون سبل الانتصاف القضائية دائما متاحة للضحايا، بغض النظر عن سبل الانتصاف الأخرى التي قد تكون متاحة، وينبغي أن تمكِّن الضحايا من المشاركة. وينبغي أن تقدم الدول الأطراف المساعدة القضائية الكافية لضحايا التعذيب وسوء المعاملة الذين يفتقرون إلى الموارد اللازمة من أجل رفع الشكاوى والمطالبة بالإنصاف. وعلى الدول الأطراف أيضاً أن تتيح للضحايا على نحو ميسّر جميع الأدلة المتعلقة بأعمال التعذيب أو سوء المعاملة بناء على طلب الضحايا أو مستشارهم القانوني أو القاضي. وعدم تقديم دولة طرف للأدلة والمعلومات، مثل سجلات التقييمات أو العلاجات الطبية، يمكن أن يعيق دون مبرر قدرة الضحايا على رفع الشكاوى والتماس الإنصاف والتعويض وإعادة التأهيل.

31- وينبغي أيضا ً للدولة الطرف أن تتخذ تدابير لمنع التدخل في خصوصية الضحايا وحماية الضحايا وأسرهم والشهود وغيرهم من الأشخاص الذين تصرفوا نيابة عنهم ضد التخويف والثأر في جميع الأوقات سواء قبل الإجراءات القضائية أو الإدارية أو غيرها من الإجراءات التي تؤثر في مصالح الضحايا، أو في أثنائها أو بعدها. وعدم توفير الحماية يحول دون رفع الضحايا لشكاواهم وينتهك بالتالي الحق في التماس الإنصاف والحصول عليه.

32- وإن مبدأ عدم التمييز هو مبدأ أساسي وعام في حماية حقوق الإنسان وجوهري لتفسير الاتفاقية وتطبيقها. وعلى الدول الأطراف أن تضمن أن إمكانية الوصول إلى العدالة وآليات التماس الإنصاف والحصول عليه هي إمكانية متاحة بسهولة وأن التدابير الإيجابية تضمن الإنصاف لجميع الأشخاص على قدم المساواة بصرف النظر عن العرق ، أو اللون ، أو ا لانتماء العرقي، أ و السن ، أ و المعتقد أو الانتساب الديني، أ و الر أ ي السياسي أ و غير السياسي ، أو الأصل القومي أ و ا لا جتماعي ، أو نوع الجنس ، أو ال ميل الجنسي، أو الهوية الجنسانية ، أ و العوق العقلي أو غيره من حالات الإعاقة ، أ و الوضع الصحي، أو الحالة الاقتصادي ة أو الانتماء إلى الشعوب ال أ صلي ة ، أو السبب وراء احتجاز الأشخاص، بمن فيهم الأفراد ا لمتهم و ن بارتكاب جرائم سياسية أ و أ عمال إ رهابي ة ، أ و ملتمسو اللجوء أ و اللاجئ و ن أ و الأشخاص الآخرون المشمولون ب ال حماية الدولي ة ، أو أي وضع آخر أو تمييز ضار ، وبمن فيهم الأشخاص المهمشون أو المستضعفون لأسباب مثل الأسباب السالفة الذكر. ويجب أن تتاح تدابير الجبر الجماعي التي تراعي الجانب الثقافي للمجموعات ذات هوية مشتركة، مثل مجموعات الأقليات ومجموعات الشعوب الأصلية وغيرها. وتشير اللجنة إلى أن التدابير الجماعية لا تستبعد حق الفرد في الإنصاف.

33- ويجب أن تطبق الإجراءات القضائية وغير القضائية تدابير تراعي نوع الجنس وتحول دون تعرض ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة للأذى من جديد والوصم. وفيما يخص العنف الجنسي أو الجنساني والحصول على محاكمة وفقاً للأصول القانونية والوصول إلى قضاء نزيه، تؤكد اللجنة أنه في أي إجراءات، مدنية أو كانت جنائية، ترمي إلى تحديد حق الضحية في الانتصاف، بما فيه التعويض، يجب أن تمنح قواعد الإثبات والإجراءات المتعلقة بالعنف القائم على نوع الجنس القيمة نفسها لشهادة النساء والفتيات، كما هو من المفترض أن ينطبق هذا على جميع الضحايا الآخرين، وأن تمنع إدراج أدلة تميزية ومضايقة الضحايا والشهود. وترى اللجنة أن آليات الشكاوى والتحقيقات تتطلب تدابير إيجابية محددة تراعي الجوانب الجنسانية لضمان أن يكون بإمكان ضحايا الاعتداءات، من قبيل العنف والاعتداء الجنسيين والاغتصاب والاغتصاب في إطار الزواج والعنف المن‍زلي وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث والاتجار بالأشخاص، المضي قدما ً والتماس الإنصاف والحصول عليه.

34- ولتجنب إعادة إيذاء ضحايا التعذيب وسوء المعاملة ووصمهم، تنطبق أيضا ً أنواع الحماية المبينة في الفقرة السابقة على أي شخص مهمش أو مستضعف بسبب انتمائه إلى هويات أو مجموعات مماثلة للنماذج المبينة في إطار مبدأ عدم التمييز في الفقرة 32. وفي الإجراءات القضائية وغير القضائية، يجب توخي الحساسية تجاه أي شخص من هؤلاء. وعليه، تشير اللجنة إلى أنه يجب أن يتلقى العاملون في الجهاز القضائي تدريبا ً خاصا ً على مختلف آثار التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك آثارهما على الضحايا من المجموعات المهمشة والضعيفة، وكيفية توخي الحساسية تجاه ضحايا التعذيب وسوء المعاملة، بما يشمل ضربَي التمييز بسبب الجنس أو نوع الجنس، من أجل منع الإيذاء من الجديد والوصم.

35- وترى اللجنة أن تدريب المعنيين من رجال الشرطة، والعاملين في السجون، والعاملين في القطاع الطبي، والعاملين في الجهاز القضائي، وموظفي الهجرة، بما في ذلك التدريب على بروتوكول اسطنبول، أمر أساسي لضمان إجراء تحقيقات فعالة. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن يتلقى المسؤولون والموظفون المشاركون في جهود الحصول على الإنصاف تدريبا ً منهجيا ً بغية الحماية من تجديد صدمة ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة. وينبغي أن يشمل هذا التدريب بالنسبة للعاملين في قطاع الصحة والقطاع الطبي ضرورة إبلاغ ضحايا العنف الجنساني والجنسي وسائر أشكال التمييز الأخرى بتوافر إجراءات طبية عاجلة على كل من المستويين البدني والنفسي. كما تحث اللجنة الدول الأطراف على إنشاء مكاتب لحقوق الإنسان داخل قوات الشرطة، ووحدات من الموظفين المدربين خصيصا ً لمعالجة حالات العنف الجنساني والجنسي، بما في ذلك العنف الجنسي المرتكب ضد الرجال والأولاد، والعنف ضد الأطفال والأقليات الإثنية والدينية والوطنية أو الأقليات الأخرى وغيرها من المجموعات المهمشة أو الضعيفة.

36- وتؤكد اللجنة، علاوة على ذلك، أهمية وجود إجراءات مناسبة لتناول احتياجات الأطفال، مع مراعاة مصالح الطفل الفضلى وحق الطفل في التعبير عن رأيه بحرية في جميع المسائل التي تخصه، بما في ذلك الإجراءات القضائية والإدارية، وأهمية إيلاء آراء الطفل الاعتبار الواجب وفقاً لسن الطفل ومدى نضجه. وينبغي أن تكفل الدول الأطراف توافر تدابير تعويض مراعية للطفل تعزز صحة الطفل وكرامته.

العقبات التي تعترض الحق في ال إنصاف

37- من المكونات البالغة الأهمية للحق في الإنصاف الاعتراف الواضح من الدولة الطرف المعنية بأن تدابير التعويض الموفرة للضحية أو الممنوحة له تقدم عن وقوع انتهاكات للاتفاقية سواء بالفعل أو بالامتناع عن الفعل. ومن ثم ترى اللجنة أنه لا يجوز لدولة طرف أن تنفذ تدابير إنمائية أو تقدم مساعدة إنمائية كبديل عن إنصاف ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة. وعدم قيام الدولة الطرف بتوفير الإنصاف لأحد ضحايا التعذيب من الأفراد لا يجوز تبريره بالتذرع بمستوى التنمية في الدولة. وتشير اللجنة إلى أن الحكومات المتعاقبة وكذلك الدول الخلف تظل ملزمة بضمان الوصول إلى الحق في الإنصاف.

38- وتتحمل الدول الأطراف في الاتفاقية التزاما ً بضمان فعالية الحق في الإنصاف. وتتضمن العقبات المحددة التي تعترض التمتع بالحق في الإنصاف والتي تحول فعليا ً دون تنفيذ المادة 14، وإن لم تكن مقصورة على ذلك، ما يلي: عدم ملاءمة التشريعات الوطنية، والتمييز فيما يتصل بالوصول إلى آليات وإجراءات تقديم الشكاوى والتحقيق من أجل الانتصاف والإنصاف؛ وعدم ملاءمة التدابير التي تؤمن احتجاز الجناة المزعومين، وقوانين أسرار الدولة، وأعباء الإثبات والمتطلبات الإجرائية التي تتدخل في إثبات الحق في الإنصاف؛ وقوانين التقادم والعفو والحصانات؛ وعدم تقديم المساعدة القانونية الكافية وتدابير حماية الضحايا والشهود؛ فضلا ً عما يقترن بذل من وصم، وما للتعذيب وسوء المعاملة من آثار بدنية ونفسية وآثار أخرى تتصل به. وبالإضافة إلى ذلك، فعدم تنفيذ الدولة الطرف للأحكام التي توفر تدابير جبر ضحايا التعذيب التي تصدرها المحاكم الوطنية أو الدولية أو الإقليمية، يشكل عقبة هائلة تعترض الحق في الإنصاف. وينبغي للدول الأطراف أن تنشئ آليات منسقة لتمكين الضحايا من تنفيذ الأحكام عبر حدود الدول، بما في ذلك الاعتراف بصحة قرارات محاكم الدول الأطراف الأخرى، والمساعدة في تحديد أماكن أصول الجناة.

39- وفيما يتعلق بالالتزامات الواردة في المادة 14، على الدول الأطراف أن تكفل بحكم القانون والأمر الواقع على حد سواء وصول أعضاء المجموعات المهمشة و/أو الضعيفة إلى آليات الإنصاف العاجلة والفعالة، وتجنب التدابير التي تقوض قدرة أعضاء هذه المجموعات على التماس الإنصاف والحصول عليه، والتصدي للعقبات الرسمية وغير الرسمية التي قد تواجهها في الحصول على الإنصاف. وتتضمن هذه العقبات مثلا ً عدم ملاءمة الإجراءات القضائية أو الإجراءات الأخرى لتحديد كم الأضرار التي يمكن أن تسفر عن تأثير مختلف سلبي على هؤلاء الأفراد في الوصول إلى المال أو الاحتفاظ به. وكما أكدت اللجنة في تعليقها العام رقم 2، "المرأة عامل رئيسي. ويتقاطع طابعها الأنثوي مع الخصائص الأخرى التي تميز المرأة أو مع وضعها ... من أجل تحديد الطرائق التي تخضع بها النساء والفتيات لأعمال التعذيب أو إساءة المعاملة التي تكون بها عرضة لهذا الخطر " . وعلى الدول الأطراف أن تضمن إيلاء العناية الواجبة للمرأة في إتاحة جميع العناصر المذكورة أعلاه في عملية كفالة وجوب معاملة الجميع، ولا سيما أفراد المجموعات المستضعفة، بمن فيها المثليات والمثليون ومزدوجو الميل الجنسي ومغايرو الجنس، بطريقة عادلة ومتساوية، وحصولهم على تعويض عادل وكاف، وإعادة تأهيلهم، واتخاذ تدابير الجبر الأخرى التي تلبي احتياجاتهم الخاصة.

40- وفيما يتصل بالطابع المستمر لآثار التعذيب، لا ينبغي تطبيق قوانين التقادم حيث إنها تحرم الضحايا مما يستحقونه من إنصاف وتعويض وإعادة تأهيل. فمرور الزمن، بالنسبة للعديد من الضحايا، لا يخفف الضرر، بل إن الضرر قد يتزايد في بعض الحالات نتيجة للإجهاد اللاحق للصدمة الذي يتطلب دعما ً طبيا ً ونفسيا ً واجتماعيا ً ، وكثيرا ً ما لا يكون هذا متوافرا ً لمن لا يتلقون الإنصاف. وعلى الدول الأطراف أن تكفل لجميع ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة، بصرف النظر عن وقت وقوع الانتهاك أو عما إذا كان قد حدث بواسطة نظام سابق أو برضاه أم لا، تمكّنهم من الحصول على حقوقهم في سبل الانتصاف والحصول على الإنصاف.

41- ولقد ظلت اللجنة تؤكد باستمرار أن قرارات العفو عن جريمة التعذيب لا تتوافق مع التزامات الدول الأطراف بموجب الاتفاقية، بما فيها المادة 14. وكما هو مذكور في التعليق العام رقم 2، " قرارات العفو أو العقبات الأخرى التي تحول دون محاكمة مرتكبي أفعال التعذيب أو إساءة المعاملة محاكمة سريعة ومنصفة ومعاقبتهم على هذه الأفعال أو التي تدل على عدم الاستعداد للقيام بذلك، تشكل انتهاكاً لمبدأ عدم جواز التقييد " . وترى اللجنة أن قرارات العفو عن التعذيب وسوء المعاملة تشكل عقبات غير مقبولة أمام الضحايا فيما يبذلونه من جهود للحصول على الإنصاف، وأنها تسهم في مناخ الإفلات من العقاب. ومن ثم، تدعو اللجنة الدول الأطراف إلى إلغاء أي قرار بالعفو عن التعذيب أو سوء المعاملة.

42- وبالمثل، فمنح الحصانة، في انتهاك للقانون الدولي، لأي دولة أو موظفيها أو الجهات الفاعلة غير الحكومية عن التعذيب أو سوء المعاملة يتعارض تعارضا ً مباشرا ً مع الالتزام بتوفير الإنصاف للضحايا. وعندما تسمح القوانين بالإفلات من العقاب أو عندما يكون أمرا ً واقعا ً ، فهو يمنع الضحايا من التماس الإنصاف الكامل حيث إنه يتيح عدم معاقبة منتهكي الحقوق ويحرم الضحايا من الضمان الكامل لحقوقهم بموجب المادة 14. وتؤكد اللجنة أنه لا يجوز بحال الاحتجاج بالأمن القومي لحرمان الضحايا من الإنصاف.

43- وترى اللجنة أن التحفظات التي تسعى إلى الحد من تطبيق المادة 14 تتنافى مع هدف الاتفاقية وغايتها. ومن ثم، تشجَّع الدول الأطراف على النظر في سحب أي تحفظات على المادة 14 تحد من تطبيقها من أجل ضمان حصول جميع ضحايا التعذيب وسوء المعاملة على الإنصاف والانتصاف.

صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب

44- تؤدي التبرعات المقدمة إلى الصناديق الدولية لضحايا التعذيب دورا ً مهما ً في تقديم المساعدة إليهم. وتؤكد اللجنة أهمية العمل الذي يضطلع به صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب الذي يقدم المساعدة الإنسانية إلى ضحايا التعذيب. كما تؤكد اللجنة إمكانية قيام الدول الأطراف بتقديم تبرعات إلى هذا الصندوق بغض النظر عن التدابير الوطنية المتخذة أو التبرعات المقدمة.

الرصد والإبلاغ

45- على الدول الأطراف أن تنشئ نظاما ً للإشراف والرصد والتقييم والإبلاغ عما توفره من تدابير الإنصاف وخدمات إعادة التأهيل الضرورية لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة. وبالتالي، ينبغي أن تضمِّن الدول الأطراف تقاريرها المقدمة إلى اللجنة بيانات مصنفة حسب السن ونوع الجنس والجنسية وغير ذلك من العوامل الرئيسية المتصلة بتدابير الإنصاف المتاحة لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة، للوفاء بالتزامها المشار إليه في التعليق العام رقم 2 بتقديم تقييم مستمر لما تبذله من جهود لتوفير الإنصاف للضحايا.

46- وفيما يتصل بتنفيذ المادة 14، تلاحظ اللجنة الحاجة إلى تقديم معلومات كافية عن تنفيذ المادة 14 في تقارير الدول الأطراف. ومن ثم، تود اللجنة أن تؤكد أنه ينبغي تقديم معلومات محددة عما يلي:

(أ) عدد ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة الذين التمسوا تعويضا ً بالوسائل القانونية والإدارية وغيرها، وطبيعة الانتهاكات المزعومة؛ وعدد الضحايا الذين مُنحوا تعويضا ً ؛ وقيمة مبالغ التعويض؛

(ب) التدابير المتخذة لمساعدة الضحايا بعد وقوع التعذيب مباشرة؛

(ج) مرافق إعادة التأهيل المتاحة لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة وإمكانية الوصول إليها، فضلا ً عن مخصصات الميزانية لبرامج إعادة التأهيل وعدد الضحايا الذين حصلوا على خدمات إعادة التأهيل المناسبة لاحتياجاتهم؛

(د) الأساليب المتاحة لتقييم فعالية برامج وخدمات إعادة التأهيل، بما في ذلك تطبيق المؤشرات والمعايير المناسبة، ونتائج هذا التقييم؛

(ﻫ) التدابير المتخذة لضمان الترضية والضمانات بعدم التكرار؛

(و) التشريعات الداخلية التي توفر لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة الحق في سبل الانتصاف والإنصاف، وتدابير التنفيذ ذات الصلة التي اتخذتها الدولة الطرف. وفي حالة عدم وجود هذه التشريعات، ينبغي أن تتضمن التقارير معلومات عن التدابير التي اتخذتها الدولة الطرف لاعتماد هذه ا لتشريعات وتنفيذها؛

(ز) التدابير المتخذة لضمان تمكين جميع ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة من ممارسة حقو قهم بموجب المادة 14 والتمتع بها؛

(ح) آليات تقديم الشكاوى المتاحة لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة، بما في ذلك كيفية إعلام جميع الضحايا بهذه الآليات وإتاحة وصولهم إليها. وينبغي أيضا ً للدول الأطراف أن تضمِّن تقاريرها بيانات مصنفة حسب السن ونوع الجنس والجنسية والمكان والانتهاك المزعوم عن عدد الشكاوى الواردة عبر هذه الآليات؛

(ط) التدابير التي اتخذتها الدول الأطراف لضمان التحقيق بفعالية في جميع الادعاءات بوقوع تعذ يب وسوء معاملة؛

(ي) التشريعات والتدابير السياساتية المصممة لتحديد ضحايا التعذيب بطريقة إ يجابية من أجل توفير الإنصاف لهم؛

(ك) الطرق المتاحة أمام ضحية التعذيب أو سوء المعاملة للحصول على إنصاف، بما في ذلك جميع الإجراءات الجنائية والمدنية والإدارية وغير القضائية، كبرامج الجبر الإدارية، فضلا ً عن معلومات عن عدد الضحايا الذين وصلوا إلى هذه الآليات، وعدد من حصلوا على الإنصاف واستفادوا من تدابير الجبر، وفي أي شكل و/أو بأي مبلغ؛

(ل) المساعدة القضائية وحماية الشهود المتاحتان لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة، فضلا ً عن الشهود وغيرهم ممن تدخلوا باسم الضحايا، بما في ذلك كيفية الإعلام بهذه الحماية وكيفية إتاحتها في الواقع العملي؛ وعدد الضحايا الذين مُنحوا المساعدة القضائية؛ وعدد الأشخاص الذين تمتعوا بحماية الدولة للشهود؛ وتقييم ا لدولة الطرف لفعالية هذه الحماية؛

(م) الخطوات المتخذة لتنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم الوطنية أو الإقليمية أو الدولية، بما في ذلك الزمن المنقضي منذ تاريخ صدور الحكم إلى التقديم الفعلي للتعويض أو غيره من أشكال الإنصاف. وينبغي أيضا ً للدول الأطراف أن تضمِّن تقاريرها بيانات مصنفة عن عدد الضحايا الذين تقرر تلقيهم لتدابير الجبر في أحكام المحاكم، وعدد من حصل منهم بالفعل عل ى إنصاف، وعن الانتهاكات المعنية؛

(ن) الضمانات المتاحة للحماية الخاصة الموفرة لأفراد المجموعات المهمشة والضعيفة، بما في ذلك النساء والأطفال الذين التمسوا ممارسة الحقوق التي تكفلها لهم الماد ة 14 من الاتفاقية؛

(س) أي مسائل أخرى قد تطلبها اللجنة.