الأمم المتحدة

CCPR/C/120/D/2158/2012

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

5 September 2017

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2158/2012 * **

البلاغ مقدم من: أندري سفيريدوف

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ: 23 شباط/فبراير 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص بموجب المادة 97 من النظام الداخلي، المحال إلى الدولة الطرف في 12 حزيران/ يونيه 2012 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 13 تموز/يوليه 2017

الموضوع: الاعتقال الإداري بسبب تنظيم تجمع سلمي دون إذن مسبق

المسائل الإجرائية: دعم الادعاءات بأدلة؛ واستنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ و التوافق من حيث الاختصاص الزمني

المسألة الموضوعية: الحق في حرية التعبير

مادة العهد: 19(2)

مواد البروتوكول الاختياري: 1 و2 و5(2)(ب)

1- صاحب البلاغ هو أندري سفيريدوف، مواطن كازاخستاني مولود في عام 1964. ويدّعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك كازاخستان حقوقَه بموجب المادة 19(2) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري للعهد حيز النفاذ بالنسبة إلى كازاخستان في 30 أيلول/سبتمبر 1992.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ هو محرر الموقع الشبكي للمنظمة غير الحكومية المسماة مكتب كازاخستان الدولي لحقوق الإنسان وسيادة القانون. وفي يومي 2 و3 أيلول/سبتمبر 2009، حوكم السيد زوفتيس، مدير المنظمة، أمام محكمة بالكاشكي في ألماتي، وحُكم عليه بالسجن أربع سنوات. وكان صاحب البلاغ حاضراً أثناء المحاكمة ولاحظ عدداً من المخالفات الإجرائية . ف كتب مقالة ع ما لاحظه من مخالفات ونشرها في الموقع ا لشبكي للمنظمة. ونظراً إلى جسامة المخالفات التي لوحظت ، قرر صاحب البلاغ القيام باحتجاج فردي. ففي 15 أيلول/ سبتمبر 2009، نشر إعلاناً في عدة مواقع شبك ي ة أبلغ فيه سلطات مختلفة ب نيته الاحتجاج على إدانة السيد زوفتيس، وذلك في الساعة 12 من ظهر يوم 16 أيلول/سبتمبر بالقرب من مركز زنجار التجاري في ألماتي.

2-2 وفي الساعة 12 من ظهر يوم 16 أيلول/سبتمبر 2009، رفع صاحب البلاغ لافتة أمام المركز التجاري كُتب عليها "أطالب بمحاكمة عادلة للسيد زوفتيس". وكان صاحب البلاغ يرتدي قميص اً قطنياً برتقالي اللون كُتب عليه شعار باللغة الروسية معناه "اليوم زوفتيس وغداً أنت!" و كان يضع على كتفيه قميص اً قطنياً آخر برتقالي اللون كُتب عليه الشعار نفسه باللغة الكازاخية. وكان يقف ساكناً ولم يحرض أحداً وإنما أجاب فقط عن أسئلة وجهها إليه صحفيون تجمعو ا حوله. وكان عدد من ضباط الشرطة وممثلي مكتب العمدة ومكتب النائب العام يراقبون الاحتجاج.

2-3 وفي الساعة 15/12 ظهراً، اقترب أحد وكل اء ا لنائب العام لمنطقة ألمالينسكي، في ألماتي، من صاحب البلاغ وطلب منه وقف الاحتجاج غير المأذون به، وأكد له أن مطالبته بمحاكمة عادلة للسيد زوفتيس ت شكل جريمة، هي ممارسة ضغط على المحكمة.

2-4 وفي الساعة 30/12 ظهراً، اقترب ثلاثة رجال شرطة من صاحب البلاغ الذي كان يستعد للا نصراف. وأبلغ أحدهم صاحب البلاغ أنه م ُ عتقل لتنظيم ه تجمعاً عاماً دون إذن، وذلك بموجب الفقرة 1 من المادة 373 من قانون الإجراءات الإدارية ( ) ، وبأن ه ينبغي فتح محضر ب الجريمة. ف طلب منهم صاحب البلاغ فتح المحضر في الحال. وبدأ ضابط شرطة القيام بذلك، ولكنه أعلن بعد ذلك أن ه ينبغي استكمال المحضر على حاسوب في قسم الشرطة. ولذلك ، أُخذ صاحب البلاغ إلى قسم شرطة وم َ ث َ ل أمام المحكمة الإدارية الأقاليمية المتخصصة في جلسة استماع ٍ في مساء اليوم نفسه. وأُرجئت الجلسة إلى الصباح ا لتالي، وأُفرج عن صاحب البلاغ.

2-5 وفي صباح يوم 17 أيلول/سبتمبر 2009، لدى وص و ل صاحب البلاغ ومحاميه، س.، إلى المحكمة، اكتشفا أن القاضي عقد جلسة استماع أولية في غيابهما. وأمر القاضي بتعديل محضر الجريمة الإدارية بحيث ت ُ صن َّ ف أفعال صاحب البلاغ بأنها "تظاهر" لا "تجمع عام".

2-6 وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، م َ ث َ ل صاحب البلاغ أمام المحكمة الإدارية. وقدم التماسين، الأول لكي يمثله المحامي ، س.، والثاني لتنحية القاضي ( ) ، ورُفض الالتماسان. وبموجب قرار صدر في 17 أيلول/سبتمبر 2009، أ دان ت المحكمة الإدارية صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 373 من قانون الجرائم الإدارية، وحكمت عليه بغرامة قدرها مبلغ الدليل القياسي الشهري للحساب مضروباً في عشرة، وهو ما يبلغ 12 960 ت نغي ( ) ، وذكرت المحكمة في حكمها أن صاحب البلاغ عبّر عن رأيه علناً وقام ب أفعال بهدف توجيه الانتباه إلى رأيه بشأن إجراءات محاكمة السيد زوفتيس وإدانته، ونظ َّ م مظاهرة دون الحصول على الإذن اللازم من السلطات التنفيذية المحلية.

2-7 وفي 28 أيلول/سبتمبر 2009، طعن صاحب البلاغ في قرار المحكمة أمام محكمة مدينة ألماتي. وادعى، تحديداً، أن أفعاله صُن ِّ فت على نحو خاطئ بأنها ت ظاهر، لأن القاضي توصل إلى استنتاج خاطئ بأن ه كان يجب على صاحب البلاغ الحصول على إذن مسبق من السلطات. واشتكى صا حب البلاغ أيضاً من رفض التماسه الذي طلب فيه أن يمثله المحامي، س. وفي 6 تشرين الأول/أكتوبر، رفضت المحكمة طعن صاحب البلاغ دون النظر في ادعائه المتعلق بتصنيف أفعاله. ورفضت المحكمة أيضاً ادعاءه المتعلق بتمثيل المحامي، س.، له، على أساس أن تشريعات كازاخستان لا تسمح بأن يُمثَّل المجرم و ن بوكيل ( ) .

2-8 ويد ّ عي صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة. ورغم أن ه لا يجوز الطعن في حكم المحكمة مرة أخرى، قدم صاحب البلاغ، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، طعناً إلى مكتب النائب العام طلب فيه إجراء مراجعة قضائية رقابية لأحكام المحكمة ، التي كانت قد دخلت حيز ال تنفي ذ. ورفض مكتب النائب العام لألماتي ذا ك الطلب في 24 كانون الأول/ديسمبر 2012.

الشكوى

3-1 يد ّ عي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادة 19(2) من العهد، لأن حقه في التعبير عن آرائه قُي ِّ د دون مبرر. ويرى صاحب البلاغ أن تدخّل السلطات المحلية في حقه في حرية التعبير لم يكن ضرورياً لحماية مصالح الأمن ال قوم ي أو النظام العام أو الصحة العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم. ويرى أيضاً أن المحاكم المحلية قد أخطأت في تصنيف احتجاجه المنفرد بأنه تظاهر، وفي تأكيد ها أن الإذن المسبق شرط ضروري لذلك ال سبب . و حتى إذا اعتُبر الاحتجاج ت ظاهر اً ، فإن صاحب البلاغ لم يخالف القانون لأنه أخطر السلطات المعنية، عن طريق الإنترنت، بعزمه الاحتجاج َ قبل القيام به.

3-2 ويشدد صاحب البلاغ على أنه رغم دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى كازخستان في 30 أيلول/سبتمبر 2009، واحتجاج ِ ه في 16 أيلول/سبتمبر، فإن انتهاكات العهد استمرت بعد تاريخ دخول البروتوكول حيز النفاذ لأن طعنه رُفض في 6 تشرين الأول/أكتوبر و ل أنه دفع الغرامة التي حكمت بها المحكمة في 30 تشرين الأول/أكتوبر.

ملاحظات الدولة الطرف على المقبولية

4- طعنت الدولة الطرف، بموجب مذكرة شفوية مؤرخة 24 آب/أغسطس 2012، في مقبولية البلاغ. وتحتج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأنه لم يلتمس من مكتب النائب العام أن تجري المحكمة العليا مراجعة قضائية رقابية لحكم المحكمة . وعملاً بالمادة 676 من قانون الجرائم الإدارية، ت ُ خوّ َ ل المحكمة العليا سلطة التحقق من قانونية وصحة قرارات المحكمة التي نُفّذت بشأن جرائم إدارية وسلطة مراجعتها . ولذلك ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بموجب المادة 5(2) (ب) من البروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشـأن المقبولية

5-1 في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2012، اعترض صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. ويشير إلى أن الدولة الطرف لم تقدم حججاً تبرر إعلان عدم مقبولية بلاغه من حيث الأسس الموضوعية.

5-2 ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى أن الدولة الطرف لم تثبت أن تقديم طلب إلى مكتب النائب العام لكي تجري ال محكمة العليا مراجعة قضائية رقابية كان سيشكل سبيل انتصاف فعالاً. وعلى أي حال، لم يكن سبيل الانتصاف ذ ا ك سي ُ تاح له، لأن لمكتب المدعي العام السلطة التقديرية في اتخاذ قرار تقديم التماس إلى المحكمة العليا لإجراء مراجعة قضائية رقابية ، من عدمه. وعلاوة ً على ذلك، يرى مكتب النائب العام أن أي تجمع عام يجب أن تأذن به السلطات الوطنية. ولذلك ، لم يكن تقديم صاحب البلاغ طلباً إلى مكتب النائب العام سيحقق أي نجاح.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6-1 ك ررت الدولة الطرف، بموجب مذكرتين شفويتي ن مؤرختين 27 كانون الأول/ ديسمبر 2012 و27 شباط/فبراير 2013، سرد وقائع ال قضية. وفي 28 كانون الثاني/ يناير 2013، أضافت الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بأحكام المحاكم المحلية نُظر فيها ور ُ فضت لعدم استنادها إلى أدلة.

6-2 وتذك ِّ ر الدولة الطرف كذلك بأحكام القانون رقم 2126 الصادر في 17 آذار/ مارس 1995، والمتعلق بتنظيم وعقد تجمعات واجتماعات ومواكب واعتصامات ومظاهرات سلمية. وتنص المادة 1 من القانون على عدد من الطر ق للتعبير عن الرأي والاحتجاج، هي: التجمعات والاجتماعات والمواكب والمظاهرات. وقد نظم صاحب البلاغ مظاهرة، أي أنه تظاهر علناً بهدف توجيه الاهتمام إلى أحداث معينة أ و دعمها أو ممارسة ضغط بشأنها و التعبير عن رأي بشأنها. و يت طلب تنظيم التجمعات العامة إذناً من السلطات التنفيذية المحلية. وتشترط المادتان 2 و3 من القانون، قبل تنظيم تجمعات أو اجتماعات أو مواكب أو اعتصامات أو مظاهرات، تقديم طلب إلى السلطات التنفيذية المحلية قبل عشرة أيام على الأقل من تاريخ الحدث المقرر. وينبغي أن يبين الطلب الهدف من الحدث وموعده؛ والعدد التقريبي المتوقع للمشاركين فيه؛ والبيانات الخاصة بمنظمي الحدث ووظائفهم ومحال إقامتهم؛ وتاريخ تقديم الطلب. ويبدأ حساب الحد الزمني من تاريخ تسجيل الطلب لدى السلطات التنفيذية المحلية. وتشير رسالة صادرة من مكتب عمدة ألماتي، مؤرخة 16 أيلول/سبتمبر 2009، إلى عدم صدور إذن بشأن الحدث الذي نظمه صاحب البلاغ. ولا يجيز القانون القيام بمظاهرة غير مرخص بها. ولم ي جادل صاحب البلاغ في أنه نظم مظاهرة عامة في مكان عام في أثناء النهار بحضور مواطنين آخرين. وكون القانون لا يتضمن تعريفاً لمصطلحات من قبيل "التظاهر" و"الاحتجاج العام" لا يعني عدم مساءلة أي شخص بسبب الإعراب عن أفكاره والاحتجاج بأي شكل من الأشكال المنصوص عليها في القانون إذا لم يستوف شروط تنظيم أحداث من هذا القبيل. ولذلك، فإن صاحب البلاغ ارتكب جريمة إدارية بموجب الفقرة 1 من المادة 373 من قانون الجرائم الإدارية، حيث تصرف على نحو يخل بال شروط التي يفرضها القانون.

6-3 وفيما يتعلق بإجراءات المحكمة، تشير الدولة الطرف إلى أن التشريعات الإدارية لا تنص على تسجيل مح ا ضر با ل جلسات في القضايا الإدارية. أما طلب صاحب البلاغ أن يمثله المحامي س.، فقد ر ُفض لعدم تقديم توكيل رسمي سارٍ في وقت الطلب.

6-4 وتذك ِّ ر الدولة الطرف بأن الحقوق المنصوص عليها في المادة 19 من العهد تخضع لقيود معينة. وقد أثبت سير إجراءات المحكمة أن صاحب البلاغ لم يمتثل لل شروط التي يفرضها القانون المحلي. وقد أجرت المحاكم المحلية تقييماً للأدلة في القضية بناءً على شروط الملاء مة والصحة والموثوقية والكفاية، وفقاً للمادة 6 17 من قانون الجرائم الإدارية. ونتيجة لذلك، أدين صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 373 من القانون و عوقب ، مع أخذ ظروف القضية في الاعتبار . ولذلك ، تعتبر الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب البلاغ انتهاكَ حقوقه بموجب المادة 19 من العهد لا تدعمها أدلة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7-1 في 20 آذار/مارس 2013، اعترض صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف التي تفيد بضرورة صدور إذن من السلطات التنفيذية المحلية لتنظيم أحداث عامة . ويشير صاحب البلاغ إلى المبادئ التوجيهية المتعلقة بحرية التجمع السلمي، الصادرة عن لجنة فين ي سيا ومكتب المؤسسات الديمقراطية لحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ( ) . وتنص الفقرة 12 من هذه المبادئ التوجيهية على ما يلي: "يجب أن تكون القوانين المحلية التي تنظم حرية التجمع متوافقة مع الصكوك الدولية التي صد َّ قت عليها الدولة المعنية. وينبغي أيضاً صياغة القوانين وتفسيرها وتنفيذها بما يتفق والاجتهادات القضائية الدولية والإقليمية والممار َ سة الجيدة". ولا يتوافق الق انو ن رقم 2126 مع العهد و لا مع المبادئ التوجيهية.

7-2 ويشترط القانون رقم 2126 ، للحصول على إذن ب تنظيم تجمع، تقديم طلب لا نشر إعلان نوايا. ووفقاً للمبادئ التوجيهية، يُعد طلب إذن مسبق لتنظيم تجمع قيداً غير جائز على حرية التجمع ويتعارض مع روح هذا الحق. ويقتضي الحق في التجمع السلمي التزام الدولة بضمان تمتع كل شخص تمتعاً فعلياً بهذا الحق، دون أي إذن محدد من جانب السلطات. وقد حددت اللجنة أيضاً، في ملاحظاتها الختامية، عدداً من الثغرا ت التنفيذ ية فيما يتعلق بحرية التجمع، منها فرض شروط غير ضرورية للحصول على أذون ت مس ب التمتع بحرية التجمع ( ) . وإضافة إلى ذلك، جاء في الفقرة 116 من المبادئ التوجيهية إلى أن : "أي عملية إخطار ينبغي أ لّا تكون مرهقة أو بيروقراطية ... وعلاوة على ذلك، ينبغي أ لّا تكون فترة الإخطار طويلة بلا مبرر ... وإنما ينبغي أن تتيح وقت اً كاف ياً للسلطات الحكومية ذات الصلة للتخطيط والإعداد ... ولاستكمال التماس سريع أمام أي هيئة قضائية أو محكمة في حالة الطعن بسبب مخالفة أي قيود تُفرض للقانون ".

7-3 ووفقاً للسوابق القضائية للجنة، قد يكون شرط إخطار السلطات بنية التظاهر في مكان عام متوافقاً مع القيود المنصوص عليها في المادة 21 من العهد، ولكن لأسباب تنحصر في حفظ الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم ( ) . ورأت اللجنة في اجتهادات قضائية سابقة أيضاً أن تجمُّع عدة أشخاص في مكان مراسم الترحيب برئيس دولة أجنبية في إطار زيارة رسمية، أعلنت عنها سلطات الدولة الطرف مسبقاً، لا يجوز اعتباره مظاهرة. ونظراً إلى أن التجمع المعني في هذه القضية لم يمثل أي تهديد لأي غرض من الأغراض المشروعة بموجب المادة 21 من العهد، تستنتج اللجنة أنه لم يكن يتعين على منظمي التجمع إخطار السلطات ( ) . وقد أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذه الممارسة، واستنتجت أن شرط الإخطار المسبق لا ينتهك بالضرورة الحق في حرية التجمع السلمي، ولكنه ينبغي ألّا يشكل عائقاً مستتراً لهذا الحق ( ) .

7-4 ويكرر صاحب البلاغ أنه أبلغ السلطات المعنية بنيته، قبل يوم من تنظيم الاحتجاج المؤيد للسيد زوفتيس، وذلك عن طريق نشر إعلان في عدة مواقع شبكية. غير أن الاجتهادات القضائية للجنة ( ) تشير إلى أنه لم يكن يتوجب عليه إخطا ر السلطات، لأن الحادث المعني لا يندرج ضمن الأحكام المتعلقة بالقيود المنصوص عليها في المادة 21 من العهد. ولذلك، فإن إدانته لتنظيمه احتجاجاً غير مأذون به، بموجب القانون رقم 2126، الذي لا يتسق مع المعايير الدولية لحرية التجمع، تشكل قيداً غير قانوني على حقه الذي تحميه المادة 19(2) من العهد.

ملاحظات إضافية مقدمة من الدولة الطرف

8-1 رفضت الدولة الطرف، بموجب مذكرة شفوية مؤرخة 12 آذار/مارس 2014، ادعاءات صاحب البلاغ بوصفها لا تقوم على أدلة. وتذك ّر الدولة الطرف بأحكام المادتين 19(3) و21 من العهد. وتشدد الدولة الطرف على أن حرية التجمع مكفولة بموجب المادة 32 من دستور كازاخستان وأن هذه الحرية تخضع لقيود تماثل القيود المنصوص عليها في العهد. ورغم أن التجمعات السلمية غير محظورة في كازاخستان، فإن تنظيم وعقد هذه التجمعات ينظمهما القانون رقم 2126 الذي يشترط الحصول على إذن مسبق من السلطات المختصة. وتنص المادة 9 من القانون المذكور على مساءلة الأشخاص الذين يخالفون القانون. وقد أُدين صاحب البلاغ، لا للتعبير عن رأيه وإنما لتنظيمه حدثاً عاماً دون إذن.

8-2 وتعترف الدولة الطرف بأن الحق في التجمع السلمي هو حق أساسي من حقوق الإنسان وقيمة ديمقراطية تتطور باستمرار. وتكفل التشريعات الوطنية التمتع بهذا الحق وحمايته، ولا سيما الدستور والقانون رقم 2126. غير أن هذا الحق يخضع لقيود، تعترف بها أيضاً المبادئ التوجيهية المتعلقة بحرية التجمع السلمي والقوانين المحلية للعديد من الدول الأوروبية. وقد لحقت بالدول الأوروبية أضرار بالغة نتيجة تجمعات جماهيرية، منها تدمير الممتلكات، وعرقلة الأعمال التجارية وطرق النقل، وما إلى ذلك. وفي كازاخستان، تخصص الهيئات المنتخبة، بشكل عام، أماكن معينة للأحداث العامة ذات الطابع الاجتماعي والسياسي التي لا تنظمها الدولة، وذلك لضمان حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، وحفظ السلامة العامة، وأداء نظام النقل العام، والهياكل الأساسية، والحدائق، والمباني الصغيرة. وفي العديد من البلدان، تكون القوانين المحلية أكثر تقييداً فيما يتعلق بتنظيم وعقد الأحداث العامة، وتنص على ضرورة الإخطار المسبق. فمثلاً، تشترط ولاية نيويورك، في الولايات المتحدة الأمريكية، تقديم طلب لعقد تجمع قبل 45 يوماً من حلول تاريخ عقده، وأن يبيَّن في الطلب مسار التجمع. وفي السويد، يُدرَج من ينظمون أحداثاً دون إذن في قائمة سوداء. وفي فرنسا، يجوز للسلطات المحلية حظر أي مظاهرة، وفي ألمانيا، تخضع جميع التجمعات الجماهيرية للإذن من السلطات.

8-3 وتشدد الدولة الطرف على أن التشريعات الوطنية تكفل التمتع بالحق في التجمع السلمي والحق في حرية التعبير. وتؤكد الدولة الطرف أن المحاكم المحلية درست ادعاءات صاحب البلاغ ورأت أنها لا تستند إلى أدلة. ولذلك ترى الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لافتقاره إلى أدلة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

9-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

9-2 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لمقتضيات المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد الدراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

9-3 وتحيط اللجنة علماً باحتجاج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقدم طلباً لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى المحكمة العليا عن طريق النائب العام. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة تأكيد صاحب البلاغ أنه قدم، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، طلباً إلى مكتب النائب العام في ألماتي، ورُفض الطلب في 24 كانون الأول/ديسمبر 2012. وتلاحظ اللجنة كذلك توضيح صاحب البلاغ أن سبيل الانتصاف ذاك لم يكن سيسفر عن نتيجة فعالة بأي حال من الأحوال، لأنه لا يمكن تقديمه الطلب مباشرة إلى المحكمة العليا ولأنه يعتمد على السلطة التقديرية للنائب العام، وكان سيتعارض مع موقف مكتب النائب العام الذي يرى أن أي تجمع عام يجب أن تأذن به السلطات الوطنية. وتذكّر اللجنة بقراراتها السابقة التي رأت فيها أن تقديم التماس إلى مكتب النائب العام لمراجعة أحكام المحكمة التي أصبحت نافذة لا يشكل سبيل انتصاف ينبغي استنفاده لأغراض المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وترى اللجنة أيضاً أن الطلبات المقدمة إلى رئيس محكمة لإجراء مراجعة قضائية رقابية لأحكام قضائية أصبحت نافذة وتعتمد على السلطة التقديرية للقاضي تشكل سبيل انتصاف غير عادي، وأنه يجب على الدولة الطرف أن تبين مدى وجود فرص معقولة لأن تكون هذه الطلبات بمثابة سبيل انتصاف فعال في ظروف القضية تحديداً ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ، الذي لم تدحضه الدولة الطرف، بأن الدولة الطرف لم ت بين أن تقديم طلب إلى المحكمة العليا، عن طريق مكتب النائب العام، لإجراء مراجعة قضائية رقابية للأحكام لم يكن سبيل انتصاف فعالاً في قضيته. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة ع دم وجود ما يمنعها، بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، من النظر في هذا البلاغ.

9-4 وتلاحظ اللجنة كذلك أن الانتهاك الأصلي المدعى للمادة 19(2) من العهد، المتعلق باحتجاج صاحب البلاغ في 16 أيلول/سبتمبر 2009، حدث قبل تاريخ دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف، وهو 30 أيلول/سبتمبر. وتلاحظ اللجنة أن ثمة ما يمنعها من حيث الاختصاص الزمني من دراسة الانتهاكات المدعاة للعهد التي حدثت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف، ما لم تستمر الانتهاكات المشتكى منها بعد ذلك التاريخ أو ما لم تستمر في إحداث آثار تشكل في ذاتها انتهاكاً للعهد ( ) أو تأكيداً لانتهاك سابق ( ) . وتلاحظ اللجنة حجة صاحب البلاغ، التي لم تدحضها الدولة الطرف، أن انتهاك العهد استمر بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف، لأن الإجراءات المحلية التي خلصت إلى إدانته بتنظيمه حدثاً غير مأذون به انتهت في 6 تشرين الأول/أكتوبر ولأنه دفع الغرامة المفروضة عليه بموجب أحكام المحكمة الصادرة في 30 تشرين الأول/أكتوبر. وفي ظل هذه الظروف، لا تجد اللجنة ما يمنعها من حيث الاختصاص الزمني من دراسة البلاغ بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

9 -5 وبالإضافة إلى ذلك، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم ما يكفي من الأدلة لدعم ادعاءه بموجب المادة 19(2) من العهد لأغراض المقبولية. ومن ثم تعلن اللجنة مقبولية ادعائه وتنتقل إلى دراسة الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

10-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن حقه في حرية التعبير، الذي تحميه المادة 19(2)، قُيِّد دون أي مبرر يقتضيه أي هدف من الأهداف المشروعة المنصوص عليها في المادة 19(3). وتلاحظ اللجنة أن حق أي شخص في التعبير عن آرائه، بما في ذلك، بالطبع، آراؤه بشأن مسائل حقوق الإنسان، كالحق في محاكمة عادلة، يشكِّل جزءاً من حرية التعبير التي تكفلها المادة 19 من العهد ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أُدين وحُكم عليه بغرامة لتنظيمه "مظاهرة" كان هو المشارك الوحيد فيها، دون أن يطلب رسمياً إذناً من السلطات التنفيذية المحلية. وترى اللجنة أن سلطات الدولة الطرف قد مست بحق صاحب البلاغ في حرية التعبير وفي إذاعة معلومات وأفكار من جميع الأنواع، وهو حق تحميه المادة 19(2) من العهد.

10-3 ويتعيّن على اللجنة بعد ذلك أن تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حرية صاحب البلاغ في التعبير منصوصاً عليها في القانون ومبررة بموجب أي معيار من المعايير المذكورة في المادة 19(3) من العهد. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34(2011) بشأن حريتي الرأي والتعبير، حيث ذكرت اللجنة أن حريتي الرأي والتعبير مقوِّمان أساسيان لتحقيق النماء الكامل للشخص. وهاتان الحريتان لا غنى عنهما لأي مجتمع، وتشكلان حجر الأساس لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية (الفقرة 2). وتشير اللجنة إلى أن المادة 19(3) من العهد تسمح بفرض قيود معينة، بموجب القانون فقط، إن كانت هذه القيود ضرورية: (أ) من أجل احترام حقوق الآخرين وسمعتهم، (ب) من أجل حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. ويجب أن يتسق أي قيد يُفرض على ممارسة هذه الحريات مع اختباري الضرورة والتناسب الصارمين. ولا يجوز تطبيق القيود إلا للأغراض التي وضعت من أجلها، ويجب أن تتعلق هذه القيود مباشرة بالغرض المحدد الذي تأسست عليه (الفقرة 22) ( ) . وتذكِّر اللجنة أيضاً ( ) بأن من واجب الدولة الطرف أن تثبت أن القيود المفروضة على حقي صاحب البلاغ بموجب المادة 19 من العهد كانت ضرورية ومتناسبة ( ) . وأخيراً، تذكِّر اللجنة بأنه يجب ألا يتجاوز أي قيد على حرية التعبير الحد المعقول بطبيعته، أي أن يكون التدبير الأقل مساساً بهذا الحق من بين التدابير التي قد تحقِّق الحماية المطلوبة وأن يتناسب والمصلحة المراد حمايتها (الفقرة 34).

10-4 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن القيود التي فُرضت عليه لا ينص عليها القانون، لأن تعبير شخص واحد عن رأيه لا يشكّل "مظاهرة". وتلاحظ اللجنة أيضاً موقف الدولة الطرف، وهو أنه رغم عدم ورود تعريف في القانون لمفهومي "التظاهر" و"الاحتجاج العلني "، فإن سلوك صاحب البلاغ يشكل بالفعل "تظاهراً" لأغراض القانون المتعلق بتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعا ت والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية. وبغض النظر عن كون سلوك صاحب البلاغ محظوراً بموجب القانون المحلي، تلاحظ اللجنة أن الفعل الذي يقوم به شخص واحد لإيصال رسالة ما بطريقة سلمية بشأن محاكمة قيل إنها غير عادلة لا ينبغي أن يخضع لنفس القيود المطبقة في حالة التجمعات. وتلاحظ اللجنة كذلك أن أياً من الدولة الطرف أو المحاكم المحلية لم يستشهد بأسس معينة، على نحو ما تشترطه المادة 19(3) من العهد، لإثبات ضرورة القيود التي فُرضت على صاحب البلاغ ( ) . وبوجه خاص، لم تبيّن الدولة الطرف لماذا يُعد الحصول على إذن رسمي مسبق من السلطات المحلية قبل تنظيم احتجاج فردي إجراءً ضرورياً لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب، أو لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم. فالدولة الطرف لم تبين أن التدابير المختارة، أي إدانة صاحب البلاغ وفرض غرامة عليه قدرها نصف الحد الأقصى بموجب الفقرة 1 من المادة 373 من قانون الجرائم الإدارية، هي بطبيعتها الأقل مساساً بحقه أو أنها تتناسب والمصلحة المراد حمايتها ( ) . وترى اللجنة، من واقع ملابسات القضية، أنه لم يثبت أن القيود التي فُرضت على صاحب البلاغ مبررة بموجب هدف مشروع أو أنها ضرورية ومتناسبة مع ذاك الهدف وفقاً للشروط المنصوص عليها في المادة 19(3) من العهد. ولذلك تستنتج اللجنة أن حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 19(2) قد انتُهكت.

11- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك كازاخستان للمادة 19 من العهد.

12- وبموجب المادة 2(3) (أ) من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك أن تقدم تعويضاً كاملاً إلى الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد. وفي هذه القضية، يقع على الدولة الطرف التزام بجملة أمور منها مراجعة حكم إدانة صاحب البلاغ وتقديم التعويض الكافي له واتخاذ إجراءات الترضية المناسبة لفائدته، بما في ذلك رد أي تكاليف تكبدها صاحب البلاغ. ويقع على عاتق الدولة الطرف التزام أيضاً بأن تمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تكرر اللجنة أنه ينبغي للدولة الطرف، طبقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2(2) من العهد، أن تراجع تشريعاتها، لا سيما القانون المتعلق بتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية، على النحو الذي ينطبق في هذه القضية، بهدف ضمان التمتع الكامل بالحقوق التي تكفلها المادة 19 من العهد في الدولة الطرف ( ) .

13- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة التثبت من حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر آراء اللجنة وترجمتها إلى اللغات الرسمية للدولة الطرف وتوزيعها على نطاق واسع.