الأمم المتحدة

CCPR/C/121/D/2283/2013

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

1 December 2017

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2 283/2013 * **

ال مقدم من:

عبد القادر بوجمعة (تمثله منظمة الكرامة)

ا لشخص المدعى أنه ضحية:

صاحب البلاغ ومحمود بوجمعة (والد صاحب البلاغ)

الدولة الطرف:

الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ:

١٨ حزيران/يونيه ٢٠١٣ (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية:

ال قرار المتخذ بموجب الماد تين ٩٢ و٩٧ من النظام الداخلي، و الذي أحيل إلى الدولة الطرف في ١٦ آب/أغسطس ٢٠١٣ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

٣٠ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٧

الموضوع:

الاختفاء القسري

المسائل الإجرائية:

استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية:

الحق في سبيل انتصاف فعال؛ و منع التعذيب و غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ و حق الفرد في الحرية والأم ا ن على شخصه ؛ و احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان؛ و الاعتراف بالشخصية القانونية؛ و الحق في الخصوصية؛ و الحق في ال حياة ال أسرية

مواد العهد:

2 (3)، و 6 (1)، و 7، و 9 ( 1 إلى 4 )، و 10 (1)، و 16، و 17، و23 (1)

مواد البروتوكول الاختياري:

2، و5 (2)

١-١ صاحب البلاغ، المؤرخ 18 حزيران/ يونيه 2013 ، هو عبد القادر بوجمعة، وهو مواطن جزا ئري. ويد ّ عي صاحب البلاغ أن والده محمود بوجمعة، المولود في ١ نيسان/أبريل 1946 ، وهو أيضاً مواطن جزائري، كان ضحية اختفاء قسري يُعزى إلى الدولة الطرف، بما يشكل انتهاكاً ل لمواد 6 (1)، و 7، و 9 ( 1 إلى 4 )، و 10 (1)، و 16، و 17، و23 (1) ، و2 (3). ويد ّ عي صاحب البلاغ أنه كان ضحية انتهاك لل مواد 7، و 17، و 23(1)، و2 (3). و قد دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 12 كانون الأول/ديسمبر 1989. وتمثل منظمة الكرامة صاحب البلاغ.

١-٢ وقد طلب صاحب البلاغ اتخاذ تدابير مؤقتة لحمايته وذلك في إطار الأمر 06-01 الصادر في ٢٧ شباط/فبراير ٢٠٠٦ المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، و لا سيما ما يتعلق بالمادة ٤٦ التي تجرم "كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أيّ عمل آخر، جراح المأساة الوطنيّة أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبيّـة، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية". وبناء على ذلك، طلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تطلب إلى الدولة الطرف عدم التنغيص عليه أو ترهيبه بسبب ما يبذل ه من مساع لدى اللجنة. وطلب أيضا ً اتخاذ تدابير مؤقتة لحماية محمود بوجمعة . وتوجّه صاحب البلاغ، و الأمل يحدوه في أن يكون هذا الأخير (محمود بوجمعة) لا يزال على قيد الحياة، بطلب إلى ا للجنة مفاده أن تطلب إلى الدولة الطرف وضع محمود بوجمعة تحت حماية ا لقانون، والشروع في الإفراج عنه. وأ ُ حيل طلب اتخاذ التدابير المؤقتة في ١٦ آب/أغسطس ٢٠١٣، وذكَّرت اللجنة - في رسالتها إلى الدولة الطرف - بالمادة ٩٢ من نظامها الداخلي، وطلبت إليها في هذا السياق على وجه التحديد "ألا تحتج بتشريعاتها الوطنية، وخاصة الأمر رقم 06-01 المتعلق ب تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ضد صاحب البلاغ وأفراد أسرته". ‬‬‬‬‬‬‬

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ محمود بوجمعة والد لـ عشرة أولاد ، وكان يسكن في قرية الأمير عبد القادر، بولاية جيجل. ‬ وهذه المنطقة ، الجبلية و المعزولة ، قد شهدت ف ي تسعينات القرن العشرين حضورا ً عسكريا ً قويا ً . ويد ّ عي صاحب البلاغ أن آلاف الأشخاص قد أُعدموا بإجراءات موجزة، أو تعرضوا للاحتجاز التعسفي، أو للاختفاء القسري في أعقاب إلغاء الانتخابات التشريعية. أما محمود بوجمعة، فقد قبض عليه جنود من الجيش الوطني الشعبي من منزله في ليلة ١٩ إلى ٢٠ آب/أغسطس ١٩٩٦. ففي تلك الليلة، طرق العديد من ال جنود العسكريين الذين يرتدون الزي العسكري باب منزل أسرته طرقاً عنيفاً ، بينما كسر آخرون منهم نافذة غرفة أحد أبنائه ، وهو عبد القاد ر بوجمعة صاحب هذا البلاغ. ولما شاهدت السيدة ح. ب.، والدة صاحب البلاغ، بنادق الكلاشنيكوف موجهة إلى ابنها عب د القادر بوجمعة ، فإنها أذعنت لأوامر ال جنود ، و فتحت الباب الرئيسي لمنزلها. و بدأ العسكريون في تفتيش المنزل بحث ا ً عن رمضان بوجمعة، وطلبوا بطاقة هوية محمود بوجمعة. وتأهب هؤلاء الأخيرون ل مغادرة المكان ، بناء على أوامر قائدهم، و لكن جندياً يرتدي قناعا ً أخبرهم بأن الشخص المطلوب هو محمود بوجمعة في واقع الأمر. عند ذلك، ألقى العسكريون القبض على محمود بوجمعة بطريقة وحشية دون ذكر أسباب ذلك أو المكان الذي سيأخذونه إليه . وبقي أولاده بال قرب من والدتهم التي أُغمي عليها .

٢-٢ وتبيّن ل أسرة محمود بوجمعة في صباح اليوم التالي أن عملية قادها المقدم س. ل. قد أسفرت عن القبض على عشرين شخصا ً تقريبا ً في قرية الأمير عبد القادر. ‬ و نقل أ. ب.، وهو أحد سكان القرية، هؤلاء الأشخاص في حافلته ، التي صادرها الجيش بالقوة في مركز جيجل ، إلى ثكنة في مقر القطاع العسكري العملياتي في جيجل. ‬‬‬‬‬‬‬

٢-٣ وذهبت زوجة محمود بوجمعة، مصحوبة بأسر الأشخاص الآخرين الذين أ ُ لقي القبض عليهم في الليلة نفسها، إلى مقر القطاع العسكري في جيجل حيث لم ينكر العسكريون فحسب وجود زوجها عندهم، بل أنكروا أيضاً أن يكونوا قد أجروا مداهمات في ليلة ١٩ إلى 20 آب/أغسطس. ‬ وذهبت زوجته بعد ذلك عدة مرات إلى الثكنة نفسها لكنها لم تحصل على أي معلومات عن مصير زوجها. وفي كانون الأول/ديسمبر ١٩٩٦، أكد م. ب. و ر. ب. أنهما أُلقي القبض عليهما بصحبة محمود بوجمعة في الليلة نفسها لكنهم فُصل بينهم بعد ذلك . وكانت هذه هي المعلومات الوحيدة التي تلق ّ تها أسرة محمود بوجمعة. ‬‬‬‬‬‬‬

٢-٤ ويد ّ عي صاحب البلاغ أن مناخا ً من الرعب العام كان يسود منطقة جيجل في آذار/مارس ١٩٩٧، وأن فرقة الدرك الوطني بقرية الأمير عبد القادر باشرت عملية انتقام ضد أقارب الأشخاص الذين اختفوا في ليلة ١٩ إلى ٢٠ آب/أغسطس عندما سعى هؤلاء إلى معرفة مصير ذويهم. ‬ وي ُ د َّ عي أنهم احتُجزوا وعُذبوا طوال أربعة عشر يوما ً . و ذكر أحد ضحايا هذه العملية أن س. ج.، رئيس الفرقة قال له: "إذا رفضت الاعتراف بأنك تساند الجماعات الإرهابية، فستواجه نفس مصير والدك ".‬‬‬‬‬‬‬

٢-٥ وفي هذا السياق ، بذلت زوجة محمود بوجمعة م ساع ي عديدة ً على أوقات متقطعة ، و لا سيما في الفترة بين عامي ١٩٩٨ و٢٠٠٣ لأنها كانت تخاف من الانتقام . ‬ وهكذا ، فقد ذهبت إلى دائرة المدعي العام في محكمتي جيجل و الطاهير، وهما الهيئتان الإقليميتان المختصتان بالنظر في قضية اختفاء زوجها؛ دون أن يجري تسجيل أي شكوى من شكاو ا ها. و لم ت نجح أيضا ً م ساعيها غير الرسمية العديدة المبذولة لدى السلطات الإدارية، وفرق الدرك الوطني ، وا لثكنات العسكرية، ومراكز الشرطة. وبعثت أيضا ً : (أ) في ٢٧ أيار/مايو ١٩٩٧ ب رسالة مسجلة إلى قائد القطاع العسكري بجيجل تطلب فيها أن يتدخل ويلقي الضوء على مسألة اختفاء زوجها؛ و(ب) في 3 حزيران/ يونيه ١٩٩٧ ب شكوى رسمية إلى المدعي العام للجمهورية في محكمة جيجل. ولم تثمر أي من هذه ال مساعي شيئاً ؛ وبعد أن هُدد ت بالانتقام، علقت بحثها حتى عام ٢٠٠٥. ‬‬‬‬‬‬‬

٢-٦ وفي ٢ كانون الثاني/يناير ٢٠٠٥، بعثت زوجة محمود بوجمعة ب رسالة إلى كل من: (أ) رئيس اللجنة الاستشارية الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان؛ (ب) و رئيس الجمهورية؛ (ج) و الوزير الأول؛ (د) و وزير الداخلية؛ (هـ) و وزير العدل. و لكن مساعيها هذه لم تثمر شيئاً أيضاً . وأ خيراً، سُجلت شكواها لدى محكمة الطاهير في ٤ كانون الثاني/يناير ٢٠٠٥. وصدر أمر برفض شكواها في ١٨ حزيران/ يونيه ٢٠٠٥. وتسلمت الزوجة إخطارا ً بهذا القرار الذي لم يذكر أسباب رفض المحكمة له، وقد تسلمته بعد مضي أكثر من شهر على تاريخ إصداره، الأمر الذي جعل الطعن فيه أمام غرفة الاتهام بالمحكمة مستحيلا ً .

الشكوى

٣-١ يرى صاحب البلاغ أن بلاغه يمتثل ل أحكام المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وهو يؤكّد على أن عرض هذه القضية ذاتها على الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير ا لطوعي في ٣٠ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٠٨ (القضية رقم ١٠٠٠٢٥٣٩) لا يشكل عقبة أمام اختصاص اللجنة لأنه لا يمكن اعتبار الفريق العامل هيئة دول ي ة للتحقيق أو ل لتسوية. ويد ّ عي صاحب البلاغ أيضا ً أن المساعي الإدارية والقضائية العديدة التي بذلتها زوجة الضحية تشهد على استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ويضيف أن سبل الانتصاف المح لية غير فعالة بتاتاً ، و لا سيما في ما يتعلق بمسألة الاختفاء القسري، إذ أنكرت السلطات بصورة منهجية علمها بحالة الأشخاص المح تجزين سراً . أما عن السلطة القضائية، فإن صاحب البلاغ يدّعي أن ها نظام يفتقر إلى الشفافية، وأن درجة الرقابة التي تمارسها على دوائر الأمن محدود ة . ويد ّ عي أخيراً أن سبل الانتصاف لم تعد متاحة منذ إصدار الأمر رقم ٠٦-٠١ المؤرخ ٢٧ شباط/فبراير ٢٠٠٦ و المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية؛ فالمادة ٤٥ منه تنص على أنه "لا يجوز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدّفاع والأمن للجمهوريّة، بجميع أسلاكها".

٣-٢ وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للشكوى، يد ّ عي صاحب البلاغ أن والده ضحية اختفاء قسري عزاه إلى الدولة الطرف بسبب أفعال جنود من الجيش الوطني الشعبي يرتدون زياً عسكري اً ، وذلك على النحو المبين في المادة 7 ( الفقرة 2 ‘ 1 ‘ ) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والمادة ٢ من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. ويؤكّد صاحب البلاغ أنه بالرغم من أن أي حكم من أحكام العهد لا يشير صراحة إلى حالات الاختفاء القسري، فإن الممارسة العملية تنطوي على انتهاكات للحق في الحياة، و ل لحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، و ل حق الفرد في الحرية والأم ا ن على شخصه. و يد ّ عي صاحب البلاغ في هذه القضية أن الدولة الطرف قد انتهكت ا لمواد 6 (1)، و 7، و 9 ( 1 إلى 4 )، و 10 (1)، و 16، و 17، و23 (1) ، و2 ( 3).

٣-٣ ويُذكِّر صاحب البلاغ ب الطابع الأسمى للحق في الحياة، و بال التزام الواقع على الدولة الطرف ليس فقط بالامتناع عن سلب الشخص حقه في الحياة سلباً تعسف ي ا ً ، و لكن أيضاً ب منع أي فعل ينطوي على انتهاك للمادة ٦ وبالمعاقبة على هذا الفعل ، بما في ذلك عندما يكون الجاني أو الجناة من أعوان الدولة. ‬ ويذك ّ ر صاحب البلاغ اللجنة ب ال التزام الواقع على الدولة بحماية حياة الأشخاص رهن الاحتجاز، و ب فتح تحقيق في جميع حالات الاختفاء، وبأن من شأن عدم فتح هذا التحقيق أن يشكل في حد ذاته انتهاكا ً للمادة ٦، بما في ذلك في الحالات التي يكون فيها أعوان الدولة مسؤولين عن الاختفاء. ويؤكّد صاحب البلاغ أن ه لا يشك في أن اختفاء والده كان نتيجة عملية جرت تحت أعين سلطات الدولة وسيطرتها . و لا شك في أن الاحتجاز سراً الذي قد يكون محمود بوجمعة لا يزال يخضع له يشكل خطرا ً كبيرا ً قوامه المساس ب حقه في الحياة. وكان يجب ذكر احتجاز محمود بوجمعة في السجلات، وفقا ً لأحكام قانون الإجراءات الجزائية الجزائري. وهذه ا لعوامل، مقترنة بعدم فتح تحقيق، ت شهد على عدم وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها، وتشكل انتهاكا ً للمادة ٦ (١)، مقروءة بمفرد ها وبالاقتران مع المادة ٢(3).

٣-٤ ثم يذكِّر صاحب البلاغ بالطابع المطلق و " غير القابل للتقييد " ل لحق في عدم التعرض للتعذيب أو للعقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ‬ و هو يؤكد أن الاحتجاز سراً ينشئ بصورة منهجية بيئة مواتية لممارسة التعذيب من حيث أنه يضع الشخص خارج نطاق حماية القانون. و هو يذكِّر با جتهادات ا للجنة التي أشارت إلى أن هذه الممارسة يمكن أن تكون في حد ذاتها انتهاكا ً للمادة ٧ من العهد. ويذك ّ ر أيضا ً ب ال التزام الواقع على الدولة الطرف بـ ما يلي : (أ) منع وقوع هذه الانتهاكات ومعاقبة المسؤولين عن ها ؛ (ب) اتخاذ تدابير ضد الاحتجاز السرّي ، مثل تسجيل المحتجزين أو إتاحة إمكانية حصولهم على محام؛ (ج) فتح تحقيق بمجرد تقديم ادعاء بحدوث احتجاز سرّي أو بمجرد العلم بذلك. ويُذكِّر صاحب البلاغ في هذا الصدد ب أن الأمر رقم ٠٦-٠١ يتعارض مع الالتزام بالتحقيق. ويؤكّد صاحب البلاغ أن والده، الذي يجهل أسباب توقيفه والاستمرار في احتجازه وعدم ذكره في أي سجل، كان أو لا يزال رهن الاحتجاز السرّي بمعزل بالكامل عن العالم الخارجي منذ سبعة عشر عاما ً . ويدعي صاحب البلاغ: (أ) أن الاحتجاز السرّي يُعزى إلى الدولة الطرف؛ (ب) أن الدولة الطرف لم تتخذ أي تدابير لمنع أو معالجة حال ات الاحتجاز السرّي ؛ (ج) أن حفظ قاضي التحقيق لمحكمة الطاهير الشكوى يتساوى مع إنكار العدالة. ويؤكد صاحب البلاغ من ثم أن محمود بوجمعة ضحية انتهاك للمادة ٧. وفيما يتعلق بأسرة محمود بوجمعة، يد ّ عي صاحب البلاغ أن الكرب والشدّة وعدم التيقّن، بسبب رفض السلطات، وعدم فتحها تحقيقا ً، وهي أمور عانوا منها سبعة عشر عاما ً تقريبا ً تشكّل جميعها معاملة لا إنسانية وانتهاكا ً للمادة ٧، مقروءة بالاقتران مع المادة ٢(3) .

٣-٥ ثم يُذ كّ ر صاحب البلاغ بأن حق الفرد في الحرية وفى الأمان على شخصه، على النحو المعترف به في المادة ٩ من العهد، ي حظر التوقيف والاحتجاز التعسفيين، و ي فرض على الدولة الطرف توفير عدد من الضمانات الإجرائية. ‬ ويد ّ عي صاحب البلاغ أن محمود بوجمعة هو ضحية انتهاك من جانب الدولة الطرف ل لمواد التالية: (أ) المادة ٩ (١) بالنظر إلى أن مح مود بوجمعة هو ضحية للحرمان التعسفي من الحرية ؛ (ب) المادة ٩ (٢) ل كون العسكريين الذين ألقوا القبض على محمود بوجمعة لم يذكروا بتاتاً أسباب القبض عليه، ولم يقدموا إليه أي أمر بإلقاء القبض ، ومن المرجح أنه لم يتلق قط أي إخطار رسمي منذ القبض عليه ؛ (ج) المادة ٩ (٣) لكون محمود بوجمعة ، المشتبه في ضلوعه في أفعال إرهابية، ما كان ليُحتجز لمدة تتعدى اثني عشر يو ما ً طبقاً لقانون الإجراءات الجنائية ؛ (د) المادة ٩ (٤) لعدم تمكّن محمود بوجمعة إطلاقاً من الطعن في مشروعية احتجازه ، نظراً إلى وضعه خارج نطاق حماية القانون .‬‬‬‬‬‬‬

٣-٦ ويُذكِّر صاحب البلاغ أيضا ً بالطابع الأساسي والعالمي للمبدأ القائل ب أن "يعامل جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة المتأصلة في شخص الإ نسان"، كما يرد ذلك في المادة ١٠ (١) من العهد. ويدفع صاحب البلاغ بأن محمود بوجمعة قد تعر ّ ض لمعاملة لا إنسانية أو مهينة تشكل انتهاكاً للمادة ٧ من العهد، وأنه كان بالأحرى ضحية انتهاك ل لمادة ١٠ (1) لأن المعاملة اللاإنسانية أو المهينة هي بطبيعتها تتعارض مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان.

٣-٧ ويذكِّر صاحب البلاغ أيضا ً بأن لكل فرد الحق في الاعتراف به شخصية قانونية. و هو يشير إلى الملاحظات الختامية بشأن التقرير الدوري الثاني للجزائر بموجب المادة ٤٠ من العهد ( ) ، إذ رأت ا للجنة بهذه المناسبة أن الأشخاص الم ختفين ، الذين لا يزالون على قيد الحياة ويكونون رهن الاحتجاز السرّي ، لهم الحق في الاعتراف بشخصيتهم القانونية، على النحو المنصوص عليه في المادة ١٦ من العهد، وأن هذا الح ق قد انتُهك . و بناء عليه، يد ّ عي صاحب ال بلاغ أن الاحتجاز السرّي لمحمود بوجمعة يشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف ل لمادة ١٦ من العهد.

٣-٨ ويُذكِّر صاحب البلاغ ب أن المادة ١٧ من العهد تحمي الأفراد من أي تدخل تعسفي أو غير قانوني في حياتهم الخاصة أو في سكناهم أو في مراسلاتهم، كما أنه، م ستند اً في ذلك إلى التعل يق العام رقم ١٦ (١٩٨٨) بشأن الحق في حرمة الحياة الخاصة وإلى اجتهادات اللجنة ( ) ، يد ّ عي أن الدولة الطرف، بالنظر إلى الطريقة الوحشي ة لتوقيف محمود بوجمعة ودون أمر بإلقاء القبض ، قد انتهكت المادة ١٧، سواء فيما يتصل به هو شخصيا ً، أو بمحمود بوجمعة.‬‬‬‬‬‬‬

3-9 و إذ يُذك ِّ ر صاحب البلاغ ب أن المادة ٢٣ (١) من العهد تنص على الحق في حماية الأسرة، فإنه يؤكد أن اختفاء محمود بوجمعة قد حرم َ أسرته من والد وزوج، وفي ذلك انتهاك للمادة المذكورة، سواء فيما يتصل به هو شخصيا ً، أو بمحمود بوجمعة.

٣-١٠ وأخيرا ً ، يُذك ِّ ر صاحب البلاغ ب أن الما دة ٢ (٣) تضمن إمكانية الحصول على سبل انتصاف فعالة لأي شخص يد ّ عي وقوع انتهاك ل أي حق من حقوقه التي يحميها العهد. ويؤكد صاحب البلاغ أن محمود بوجمعة، ضحية الاختفاء القسري، يستحيل عليه بحكم الواقع أن يسلك بأي شكل كان أي سبيل من سبل الانتصاف هذه . واستنادا ً إلى اجتهادات اللجنة، يذكِّر صاحب البلاغ ب أن الدولة الطرف ملزمة أيضاً بإجراء تحقيقات في الانتهاكات المدّعاة لحقوق الإنسان، و ب مقاضاة الأشخاص المدَّعى أنهم مسؤولون عنها و ب معاقبتهم ؛ و هو يرى أن الدولة الطرف، بعدم استجابتها لطلبات زوجة الضحية، تكون قد تقاعست عن التزاماتها الواقعة عليها بموجب المادة ٢ من العهد. ويؤكد أخيراً صاحب البلاغ أن الأمر رقم 06-01 ، و لا سيما المادة ٤٥ منه ، يشكل انتهاكا ً لالتزام الدولة الطرف بضمان سبيل انتصاف فعال. وبناء على ذلك، طلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تعترف ب حدوث انتهاك ل لمادة ٢ (٣)، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المواد ٦، و ٧، و ٩، و ١٠، و١٦ من العهد.

٣-١١ و ي طلب صاحب البلاغ إلى اللجنة بأن تعلن: (أ) حدوث انتهاك ل لمواد 2 (3)، و 6 (1)، و 7، و 9 ( 1 إلى 4 )، و 10 (1)، و 16، و 17، و23 (1) فيما يتعلق بمحمود بوجمعة؛ و(ب) حدوث انتهاك ل لمواد 2 (3)، و 7، و 17، و2 3 (1) فيما يتعلق بشخصه. و هو يطلب علاوة على ذلك إلى اللجنة أن تطلب إلى الدولة الطرف ما يلي: (أ) إطلاق سراح محمود بوجمعة إذا كان لا يزال على قيد الحياة؛ و (ب) ضمان حصوله على سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك إجراء تحقيق دقيق وفعال بشأن الاختفاء القسري لوالده؛ و (ج) إبلاغه هو وأسرته بنتائج التحقيق، وتقديم تعويض ملائم إلى الضحية، وإلى صاحب البلاغ وأسرته عن الانتهاكات التي تعرضوا لها؛ و (د) تعويض محمود بوجمعة أو ذوي الحقوق من أهله عن الانتهاكات التي تعرضوا لها. وأخيرا ً ، يطلب صاحب البلاغ من اللجنة أن تحث الدولة الطرف على: (أ) مباشرة إجراءات جنائية ضد الأشخاص المفترض أنهم مسؤولون عن اختفاء محمود بوجمعة ومحاكمتهم ومعاقبتهم على الرغم من ال أمر المتعلق ب تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية؛ و (ب) اتخاذ تدابير مناسبة لكيلا تتكرر هذه الانتهاكات في المستقبل.

ملاحظات صاحب البلاغ وطلباته الإضافية

٤- في ٢١ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣، أبلغ محامي صاحب البلاغ اللجنة بأن فرقة الدرك الوطني التابعة لبلدية المحلية التي يسكنها عبد القادر بوجمعة في قرية الأمير عبد القادر قد استدعت هذا الأخير في 13 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣. و هو يد ّ عي أن رجال الدرك استجوبوه بشأن ظروف اختفاء والده ، دون أن يسلموه أي محضر أو وثيقة في هذا الصدد. ويد ّ عي صاحب البلاغ أنه تلقى تهديدا ً بمقاضاته جنائيا ً بموجب المادة ٤٦ من الأمر رقم ٠٦-٠١. وبناء على ذلك ، طلب محامي صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تُذك ّ ر الدولة الطرف بالامتناع عن إزعاج صاحب البلاغ أو عن اتخاذ تدابير جنائية ضده أو ضد أفراد أسرته. وفي ٢٢ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣، ذك َّ رت اللجنة في مراسلاتها مع الدولة الطرف ب المادة ٩٢ من النظام الداخلي للجنة، وكررت طلبها بعدم الاحتجاج بالتشريعات المحلية، وخاصة الأمر رقم ٠٦- 01 ، ضد صاحب البلاغ وأفراد أسرته.

ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ في ٤ أيار/مايو ٢٠١٥، طعنت الدولة الطرف في مقبولية جميع البلاغات التي تتناول الفترة الممتدة من عام 1993 إلى عام 1998 ، وقدمت لهذا الغرض نسخة من مذكرتها المرجعية.

5-2 وترى الدولة الطرف أن البلاغات التي تد ّ عي مسؤولية أعوان الدولة أو أشخاص آخرين يتصرّفون باسم السلطات العامة، عن حالات الاختفاء القسري خلال الفترة من عام 1993 إلى عام 1998 هي بلاغات يجب النظر فيها " وفقاً ل نهج شامل". وترى الدولة الطرف أنه ينبغي أن توضع هذه البلاغات من جديد في السياق الأعم للحالة الاجتماعية - السياسية ول لأوضاع الأمنية التي كانت سائدة في البلد في فترة كانت الحكومة تسعى إلى مكافحة شكل من أشكال الإرهاب كان ير مي إلى "إسقاط النظام الجمهوري". ففي هذا السياق بالذات، وعملاً بالمادتين 87 و91 من الدستور، اتخذت الحكومة الجزائرية تدابير وقائية وقامت ، وفقاً للفقرة 3 من المادة 4 من العهد ، بإبلاغ الأمانة العامة لمنظمة الأمم المتحدة بأنها أعلنت حالة الطوارئ في البلد.

5-4 وتؤكد الدولة الطرف كذلك أنه نظراً إلى تنوع الحالات التي يشملها المفهوم العام للاختفاء وتعقد ها ، قرّر المشرع الجزائري ، بعد الاستفتاء الشعبي على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ، اعتماد سياسة تدعم "مع الجة ملف المفقودين المأساوي". و تُعالج مسألة المختفين في إطار شامل من خلال تناول جميع حالات الا ختفاء في سياق "المأساة الوطنية" ، وتقديم الدعم إلى جميع الضحايا حتى يتسنى لهم تجاوز هذه المحنة، ومنح جميع ضحايا الاختفاء وذوي الحقوق من أهلهم الحق في الجبر. وتؤكد الدولة الطرف أن الأمر يتعلق برد فعل سليم إزاء حالة الشعب الجزائري، وهو رد وافق عليه الشعب عموما ً . ف الحصيلة الإحصائية لتنفيذ الأحكام الواجبة الإنفاذ الواردة في الأمر رقم 06-01 والنصوص اللاحقة المتعلقة بمعالجة مسألة الأشخاص المختفين في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية تعكس التأييد الذي أعرب عنه أكثر من 85 في المائة من أقارب الضحايا أو ذوي الحقوق من أهلهم.

٥-٥ وتؤكد الدولة الطرف بعد ذلك على طبيعة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وأسسه ومضمونه ونصوص ه التنفيذية . ‬ وبعيداً عن ا لقوالب النمطية والأحكام ال جزئية التي تصور الميثاق على أنه عقبة أمام الإجراءات الرامية إلى إثبات الحقيقة وإقامة العدل، يشكّل الميثاق الآلية الوطنية الداخلية ل لتصدي للأزمة والخروج منها والتي عُرضت على الشعب واعتمدها في استفتاء عام. و تعرض الدولة الطرف أولا ً كيف نشأت الأزمة الجزائرية وسماتها الرئيسية بغية تقييم أث ر تنفيذ الميثاق على تجاوزها. و قد اعتُمد الميثاق في سياق الأزمة السياسية - الأمنية التي هزت البلد ووُصفت بـ "ا لفتنة الكبرى"، وهو مفهوم تاريخي - ديني يشير إلى الشقاق العميق الذي حدث داخل الأمة الإسلامي ة بعد وفاة الرسول. وتشير ديباجة الميثاق إلى أن " الفتنة الكبرى " التي حاولت "الانحراف بالجزائر عن جادته الصحيحة" تشكل "عدواناً إجرامياً يسعى إلى تقويض أركان الدولة الوطنية ذاتها"، مما أدى إلى حدوث "مأساة وطنية" كلفت الشعب "فدية باهظة من الأرواح والدماء" بسبب "إرهاب همجي يتنافى مع قيم الإسلام الحق وم ُ ثل السلم والتسامح والتضامن الإسلامية". ويرمي هذا الأمر ومراسيم ه التنفيذية الأربعة إلى التصدي لهذه "الفتنة الكبرى" ومنع تكرار وقائعها وذلك باعتماد تدابير سياسية وقانونية واجتماعية - اقتصادية. وينص هذا الأمر التنفيذي على اتخاذ تدابير قانونية يترتب عليها انقضاء الدعوى العمومية، وتخفيف العقوبات أو إسقاطها بالنسبة إلى كل شخص أُدين بأعمال إرهابية، أو استفاد من الأحكام المتعلقة باستعادة الوئام المدني، فيما عدا الأشخاص الذين ارتكبوا مجازر جماعية أو أفعال اغتصاب أو تفجيرات في الأماكن العمومية، أو شاركوا فيها. وينصّ هذا الأمر أيضاً على إجراء يتعلق بتصريح قضائي بالوفاة يمنح ذوي الحقوق من أهالي ضحايا "ال مأساة الوطنية" الحق في التعويض. وبالإضافة إلى ذلك، وُضعت تدابير ذات طابع اجتماعي واقتصادي تتضمن المساعدة على إعادة الإدماج المهني ودفع تعويضات إلى جميع الأشخاص الذين لهم صفة ضحايا "المأساة الوطنية". وأخيراً، ينص الأمر على تدابير سياسية، مثل منع أي شخص استغلّ في السابق الدين استغلالاً ساهم في حدوث "المأساة الوطنية" من ممارسة أي نشاط سياسي، كما يقضي بعدم جواز مباشرة أي ملاحقة قانونية بصورة فردية أو جماعية في حق أفراد قوات الدفاع والأمن التابعة للجمهورية، بجميع مكوناتها، بتهمة ارتكاب أعمال نُفّذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات وصون الأ مة والحفاظ على مؤسسات الجمهوري ة.

٥-٦ وبالإضافة إلى إنشاء صندوق ل تعويض جميع ضحايا "المأساة الوطنية"، ترى الدولة الطرف أن الشعب الجزائري صاحب السيادة قد وافق على بدء عملية مصالحة وطنية باعتبارها السبيل الوحيد لتضميد جراحه. ‬ وتؤكد الدولة الطرف أن إعلان ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يندرج ضمن إطار الرغبة في تجنب المواجهات القضائية والتشهير الإعلامي وتصفية الحسابات السياسية. ومن ثم، تعتبر الدولة الطرف أن الوقائع المدَّعاة في البلاغ مشمولة بالآلية الداخلية الجامعة للتسوية التي تنص عليها أحكام الميثاق. ‬‬‬‬‬‬‬

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٦-١ في 6 آب/أغسطس 2015، قدم صاحب البلاغ تع ليقاته على ملاحظات الدولة الطرف .

٦-٢ و يؤكد صاحب البلاغ أن الملاحظات التي قدّمتها الدولة الطرف غير مناسبة لأنها تشير إلى وثيقة نموذجية غامضة وذات طابع عام، وهي موجهة إلى هيئة أخرى من هيئات تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها (الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي) ، وهي وثيقة عفا عليها الزمن إذ ترجع إلى تموز/يوليه ٢٠٠٩. ‬ ويؤكد صاحب البلاغ أن ملاحظات الدولة الطرف لا تشير إطلاقاً إلى ال خصائص المحدَّدة ل هذه القضية ، ولا تقدم أي رد بشأن ال ملابسات الخاصة ل اختفاء محمود بوجمعة. ‬‬‬‬‬‬‬

٦-٣ ويرى صاحب البلاغ أن اعتراض الدولة الطرف على اختصاص اللجنة بدعوى أنه ا يتعين أن تنظر في حالات الاختفاء القسري في الفترة من عام 1993 إلى عام 1998 وفقاً ل نهج شامل غير فردي هو اعتراض غير ذي بال؛ إذ سبق ل لدولة الطرف أن صدقت على العهد وعلى بروتوكوله الاختياري واعترفت على هذا النحو باختصاص اللجنة با لنظر في البلاغات التي يقدمها الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المنصوص عليها في العهد. ويشدد صاحب البلاغ أيضا ً على أن إعلان حالة الطوارئ على النحو المنصوص عليه في المادة ٤ من العهد لا يؤثر بأي حال في حظر الاختفاء القسري، أو في ممارسة الحقوق المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري. و هو يضيف كذلك أن إبقاء الدولة الطرف على حالة الطوارئ طوال عقدين من الزمن تقريبا ً ارتكبت خلاله م ا سلطات الدولة انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان هو في حد ذاته يشكل انتهاكاً للمادة ٤ (٣) من العهد.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغٍ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وقد تأكدت اللجنة، كما تنص على ذلك الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن القضية ذاتها ليست موضع نظر أمام أي هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوي ة الدولية. وتشير اللجنة إلى أن حالة الاختفاء هذه قد أ ُ بلغت ل لفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي. إلاّ أنها تذكّر بأن إجراءات أو آليات مجلس حقوق الإنسان الخارجة عن نطاق المعاهدات والتي تتمثل ولايتها في بحث حالة حقوق الإنسان في بلد أو إقليم ما أو بحث الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان في العالم وتقديم تقارير عنها، لا تندرج عموماً ضمن إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمفهوم الوارد في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . و لذلك ترى اللجنة أن نظر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في حالة محمود بوجمعة لا يجعل هذا البلاغ غير مقبول بمقتضى هذه المادة.

٧-٣ وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يد ّ عي أن سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت. وتلاحظ أيضا ً أن الدولة الطرف تكتفي، لأغراض الطعن في مقبولية البلاغ، بالإشارة إلى مذكرتها المرجعية بشأن معالجة مسألة حالات الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتلاحظ اللجنة أن والدة صاحب البلاغ قد نبّهت في مرات عديدة السلطات المختصة ، القضائية منها والإدارية، إلى اختفاء زوجها، و لكن هذه السلطات التزمت الصمت حيال هذا الأمر. وتحيط اللجنة علما ً بأن محكمة الطاهير قد أصدرت قرارا ً بشأن قضية محمود بوجمعة في ١٨ حزيران/ يونيه ٢٠٠٥، و لكنه كان قرارا ً برفض ال دعو ى دون مبرر ودون إمكانية ا لطعن فيه بسبب تأخر الإبلاغ به. ولم تقدم الدولة الطرف إلى الآن أي تفسير محدّد في ملاحظاتها عن قضية محمود بوجمعة قد يُستخلص منه توافر سبيل انتصاف فعال متاح حتى الآن . و بال إضافة إلى ذلك، يتواصل تطبيق الأمر 06-01 على الرغم من توصية اللجنة بضرورة مواءمته مع العهد (انظر الوثيقة CCPR/C/DZA/CO/3، الفقرات 7، و 8، و13). ومن ثم تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تشكل عقبة أمام اعتبار هذا البلاغ مقبولاً .

7-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدّعي حدوث انت هاكات تثير مسائل في إطار المواد 2 ( الفقرة 3)، و 6 ( الفقرة 1)، و 7، و 9 ( الفقرات 1 إلى 4 )، و 10 ( الفقرة 1)، و16 مقرو ء ة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( الفقرة 3) من العهد، وكذلك في إطار المادتين 17 و23 ( الفقرة 1). وترى اللجنة أن هذه الادعاءات مدعومة بأدلة كافية وأنه لا يوجد ما يحول دون اعتبارها مقبولة . وتنتقل اللجنة إذن إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ فيما يتعلق بالانتهاكات المدَّعاة للمواد 6 ( الفقرة 1)، و 7، و 9 ( الفقرات 1 إلى 4 )، و 10 ( الفقرة 1)، و 16، و 17، و 23 ( الفقرة 1)، و2 ( الفقرة 3) من العهد. 

النظر في الأُسس الموضوعية للبلاغ

8-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اكتفت بالإشارة إلى ملاحظاتها الجماعية والعامة التي كانت قد قدّمتها سابقاً إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، وإلى اللجنة نفسها فيما يتعلّق ببلاغات أخرى، وذلك من أجل تأكيد موقفها القائل إنه سبق تسوية مثل هذه القضايا في إطار تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتحيل اللجنة إلى ا جتهاداتها السابقة وتذك ِّ ر بأنه ل يس للدولة الطرف أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا أو يمكن أن يقدّموا بلاغات إلى اللجنة. وتقضي أحكام العهد بأن تحرص الدولة الطرف على مصير كل شخص و بأن تعامل كل شخص باحترام الكرامة المتأصلة في شخص الإنسان ( ) . وبالنظر إلى عدم إدخال الدولة الطرف التعديلات التي أوصت بها اللجنة، ف إن الأمر رقم 06-01 يُسهم في الإفلات من العقاب في هذه القضية، و لذلك لا يمكن اعتباره متفقاً مع أحكام العهد ( ) .

8-3 وتلاح ظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تر ُ د على ادعاءات صاحب البلاغ بشأن الأسس الموضوعية، وتذكّر اللجنة باجتهاداتها و مفادها أن عبء الإثبات لا يجب أن يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن صاحب البلاغ لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على أدلة الإثبات، وأن المعلومات اللازمة تملكها الدولة الطرف دون غيرها في معظم الأحيان ( ) . ووفقاً للفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، فإن الدولة الطرف ملزمة بالتحقيق بحسن نية في جميع الادعاءات الواردة بشأن انتهاكات أحكام العهد التي يُدَّعى ارتكابها من جانب الدولة الطرف نفسها أو ممثل ي ها، و ب أن تحيل إلى اللجنة المعلومات التي تكون بحوزتها ( ) . وفي حال عدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الخصوص، ينبغي عندئذٍ إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ الاهتمام الواجب ما دامت معللة بما فيه الكفاية.

8-4 وتُذكِّر اللجنة ب أن عبارة "الاختفاء القسري" لا ترد صراحة في أي من مواد العهد، غير أن الاختفاء القسري يشكّل سلسلة فريدة ومتكاملة من الأفعال التي تمثّل انتهاكاً مستمراً للعديد من الحقوق المعترف بها في هذا الصك ( ) .

8-5

8-7 وفي ضوء ما تقدّم، لن تنظر اللجنة بصورة مستقلة في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 10 من العهد ( ) .

٨-٨ وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما عاناه صاحب البلاغ من ضيق وشدّة ناجمين عن اختفاء محمود بوجمعة. ‬ و هي ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 7 مقروءة بمفردها وبالاقت ران مع المادة 2 (3) من العهد في ما يتعلق ب صاحب البلاغ ( )‬‬‬‬‬‬‬.

٨-٩ وفيما يتعلق بالشكوى القائلة بحدوث انتهاك ل لمادة 9 ( الفقرات 1 إلى 4 )، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأن محمود بوجمعة قُبض عليه تعسفاً ودون أمر إلقاء قبض ، ولم توجه إليه تهمة، ولم يُعرض على سلطة قضائية يمكنه الطعن أمامها في مشروعية احتجازه. ونظراً إلى عدم ورود أي معلومات أخرى من الدولة الطرف في هذا الصدد، ترى اللجنة أنه يجب إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ ما تستحقه من اعتبار ( ) . ومن ثم، فإن اللجنة تخلص إلى حدوث انتهاك للمادة 9 (الفقرات 1 إلى 4) من العهد فيما يتعلق ب محمود بوجمعة ( ) .

8-10 وترى اللجنة أن حرمان الشخص عمدا ً من الحماية القانونية يشكل إنكاراً لحق هذا الشخص في ال اعتراف بشخصيته القانونية، و لا سيما عندما توضع عراقيل بصورة منهجية أمام جهود أقارب الضحية الرامية إلى ممارسة حقهم في التمتع ب سبل انتصاف فعالة ( ) . وفي هذه القضية بعينها، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح مقنع بشأن مصير محمود بوجمعة ومكان وجوده ا لمحتمل، وذلك على الرغم من جهود زوجته ، وأن محمود بوجمعة كان في حوزة سلطات الدولة أثناء آخر ظهور له. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء محمود بوجمعة قسراً منذ ما يزيد على 21 عاماً قد حرمه من حماية القانون ومن حقه في أن يُعترف له بشخصيته ال قانونية، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 16 من العهد.

٨-١١ وفيما يتعلق بدعوى انتهاك المادة 17، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي عنصر يبرر أو يشرح سبب دخول العسكريين في منتصف الليل بالقوة ودون أمر إلقاء قبض إلى منزل أسرة محمود بوجمعة. وتخلص اللجنة إلى أن دخول موظفي الدولة إلى منزل أسرة محمود بوجم ع ة في ظل هذه الأوضاع يشكل تدخلا ً غير مشروع في منزلهم ، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 17 من العهد ( ) .

8-13 ويحتج صاحب البلاغ أيضاً بأحكام الفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي تفرض على الدول الأطراف التزاماً بأن تكفل لكل شخص سبل انتصاف ميسرة وفعالة وواجبة الإنفاذ تأكيداً للحقوق المكرسة في العهد. وتُذك ِّ ر اللجنة بأنها تعلق أهمية على إنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى ذات الصلة بانتهاكات الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر أيضا ً بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تشير فيه على وجه الخصوص إلى أن عدم قيام الدولة الطرف ب التحقيق في الادعاءات المتعلقة بالانتهاكات قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك مستقل للعهد. وفي هذه القضية، وجهت أسرة محمود بوجمعة انتباه السلطات المختصة إلى اختفاء هذا الأخير دون أن تبادر الدولة الطرف إلى فتح أي تحقيق عميق ودقيق بشأن هذا الاختفاء، ولم يتلق صاحب البلاغ وأسرته أي معلومات. وعلاوة على ذلك، لا يزال صاحب البلاغ وأسرته محرومين من أي إمكانية ل لوصول إلى سبيل انتصاف فعال لأنه يستحيل عليهما قانوناً اللجوء إلى أي هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06-01 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وذلك لأن هذا الأمر يحظر اللجوء إلى العدالة لكشف ملابسات أشد الجرائم خطورة مثل الاختفاء القسري ( انظر الوثيقة CCPR/C/DZA/CO/3، الفقرة 7). وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 2 ( الفقرة 3) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 ( الفقرة 1)، و 7، و 9، و16 في ما يتعلق ب محمود بوجمعة، وانتهاك للمادة 2 ( الفقرة 3) مقروءة بالاقتران مع المادة 7 فيما يتعلق ب صاحب البلاغ.  

٩- واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف ل لمواد 6 ( الفقرة 1)، و 7، و 9 ( الفقرات 1 إلى 4 )، و 16، و17 من العهد، والمادة 2 ( الفقرة 3) ، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 ( الفقرة 1)، و 7، و 9 ( الفقرات 1 إلى 4)، و 16، و17 من العهد في ما يتعلق ب محمود بوجمعة. ‬  وتلاحظ اللجنة أيضاً انتهاك الدولة الطرف ل لمادتين 7 و17 ، مقروءتين بمفردهما وبالاقتران مع المادة 2 ( الفقرة 3) في ما يتعلق ب صاحب البلاغ.

١٠- ووفقاً للفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك أن تمنح الدول الأطراف جبراً كاملاً للأشخاص الذين انت ُ هكت حقوقهم المعترف بها في العهد. وفي هذه الق ضية، فإن الدولة الطرف ملزمة بما يلي: (أ) إجراء تحقيق عميق ودقيق ونزيه بشأن اختفاء محمود بوجمعة، وتزويد صاحب البلاغ وأسرته بمعلومات مفصلة عن نتائج هذا التحقيق؛ و (ب) الإفراج فوراً عن محمود بوجمعة إذا كان لا يزال محتجزا سراً ؛ و (ج) إعادة رفات محمود بوجمعة إلى أسرته ، في حال وفاته؛ و (د) مقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ و (هـ) تقديم تعويض مناسب إلى صاحب البلاغ عن الانتهاكات التي تعرض لها ، و إلى محمود بوجمعة إن كان لا يزال على قيد الحياة؛ و(و) اتخاذ تدابير مناسبة لترضية صاحب البلاغ و أسرته. وبصرف النظر عن الأمر رقم 06-01، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على أن يمارس ضحايا الجرائم مثل التعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري حقهم في سبيل انتصاف فعال دون عراقيل . والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون تكرار ارتكاب انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أنه ينبغي أن تنقح الدولة الطرف تشريعاتها وفقا ً للالتزام الواقع عليها المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 2، وأن تلغي على وجه الخصوص أحكام الأمر رقم 06-01 التي لا تتفق مع العهد لكي يمكن ممارسة الحقوق المكرسة في العهد ممارسة كاملة في الدولة الطرف.

11- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد، وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتَّخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.