الأمم المتحدة

CCPR/C/120/D/2209/2012

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

19 September 2017

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥ (٤) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2209/2012 * **

المقدم من: آماراسينغ آراشيغ سايمون آماراسينغ (يمثله محام، المركز الأسيوي للموارد القانونية ومنظمة ريدريس )

الدولة الطرف: سري لانكا

تاريخ تقديم البلاغ: 27 أيلول/سبتمبر 2012 ( تاريخ ال رسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذة بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ٢٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ١٣ تموز/يوليه ٢٠١٧

الموضوع: عدم التحقيق والملاحقة وجبر الضرر على النحو المطلوب فيما يخص ادعاء تعرض الضحية للاحتجاز التعسفي والتعذيب على يد ضباط الشرطة، ووفاته جراء ذلك

المسائل الإجرائية: عدم تعاون الدولة الطرف

المسائل الموضوعية: الحق في الحياة؛ والتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والحق في الحرية والأمن الشخصي

مواد العهد: 6 و7 و9 مقروءة على حدة وبالاقتران مع المادة 2(3)

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و5

١-١ صاحب البلاغ، آمار اسينغ آراشيغ سايمون آماراسينغ ، مواطن سريلانكي وُلد في عام ١٩٦٣ ( ) . وهو يقدّم البلاغ نيابة عن نفسه وعن شقيقه المتوفّى، آماراسينغ آراشيغ دايفيد آماراسينغ ، وهو أيضاً مواطن سريلانكي ووُلد في عام ١٩٥٧ ( ) .

١-٢ ويدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق شقيقه بموجب المواد ٦ و٧ و٩ لأنه تعرّض للتعذيب وإساءة المعاملة الشديدة على يد ضابطي شرطة، وتُوفّي إثر ذلك. ويدّعي أيضا ً أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه وحقو ق شقيقه المكفولة بموجب المادة ٢ (٣)، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و7 و9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، من خلال وضع حد لإجراءات التحقيق في ملابسات وفاة شقيقه ومقاضاة الجناة المزعومين.

٢-١ يدفع صاحب البلاغ بأن ضابطين تابعين لشرطة كيرينديويلا أوقفا شقيقه يوم ١٣ آب/أغسطس ٢٠١٠ على الساعة الثامنة والنصف مساء. وحسب ما ذكره أحد شهود العيان تعرض شقيق صاحب البلاغ لسوء معاملة شديدة على يد الضابطين عند توقيفه. وقد ضرباه بقضيب ومسكاه من الذقن والعنق وضربا برأسه باب مركبة الشرطة مرتين. ووُضع بعد ذلك في مركبة للشرطة تعرض فيها للركل الشديد وضُرب بقضبان حديدية على رأسه.

٢-٢ ويؤكّد صاحب البلاغ أن شقيقه نُقل، وفقاً لإفادات الشرطة، إلى مستشفى راداوانا مباشرة بعد توقيفه، ثم إلى مستشفى غامبانا ، وأخي راً إلى المستشفى الوطني في كولومبو، حيث توفي صباح يوم ١٤ آب/أغسطس ٢٠١٠.

٢-٣ وقدّمت شرطة كيرينديو ي لا تقريرا ً مؤرخا ً ١٤ آب/أغسطس ٢٠١٠ إلى "قاض غير رسمي" ( ) . وفي التقرير، ذكرت الشرطة أن شقيق صاحب البلاغ توفي جرّاء إصابات ادُّعي أنه تعرّض لها أثناء محاولته القفز من مركبة شرطة متحركة بعد ما أوقفه ضابطا شرطة بسبب السكر وإعاقة حركة المرور. وأشارت الشرطة أيضا ً إلى إفادة شاهد عيان مزعوم متطابقة مع إفادات الشرطة. ويوضّح صاحب البلاغ أن الشاهد ملاحق في العديد من القضايا الجنائية من قبل شرطة كيرينديويلا وأن مصداقيته موضع شك كبير جدا ً .

٢-٤ وفي ١٤ آب/أغسطس ٢٠١٠، أجرى القاضي غير الرسمي تحقي قاً في المسألة. ويدفع صاحب البلاغ بأن شاهدي عيان على الأقل أمام القاضي غير الرسمي وأفادا بأن الإصابات المميتة التي تعرض لها شقيقه ناجمة عن اعتداء الشرطة عليه وليس عن حادثة. وبعد تسجيل إفادات العديد من الشهود، أمر القاضي غير الرسمي بتشريح جثة الضحية وإحالة القضية إلى محكمة الصلح في بوغودا .

٢-٥ وفي ١٥ آب/أغسطس ٢٠١٠، تولى طبيب شرعي استشاري تشريح جثة شقيق صاحب البلاغ وأعد تقري راً في هذا الصدد ( ) . وكشف التقرير عن وجود الإصابا ت التالية على جسم الضحية: (أ) كدمة على الجانب الأيمن من فروة الرأس؛ (ب) كسور متعددة على الجانب الأيمن من الجمجمة، بما في ذلك العظام الصدغية والجدارية والقذالية على مساحة ١٨ على 13 سم؛ (ج) تمزيق الجافية؛ (د) نزيف تحت الجافية على الجانب الأيمن من الدماغ مقترنا ً بكدمات واهتزازات خ ارجية في الفص الصدغي الأيمن؛ (ه ) كدمات وكسور أخرى في رأس الضحية وجمجمته ودماغه؛ (و) سحجات بقياس 3 على 3 ملم في الجزء العلوي من الأنف والجانب الأيسر من الجبهة؛ (ز) سحجات وكدمات الجهة الجانبية من الكوع الأيمن (مع نزيف في الأنسجة الرخوة)، وفي الجهة الداخلية من الكوع الأيسر، وفي أعلى الكتف الأيسر، وفي وسط منطقة أسفل الظهر، وفي وسط الصدر (مع نزيف في الأنسجة الرخوة).

٢-٦ وخلُص التقرير إلى أن إصابات الضحية ناجمة عن صدمة حادة وأن نمط الجروح يتسق مع "عملية سقوط إلى الخلف يتبعها ارتطام الجانب الأيمن من الرأس بسطح صلب". وأشار أيضاً إلى عدم وجود "أي دليل على تعرضه لإصابات ناجمة عن عنف متعمد". وأشار تقرير للسموميات صادر عن مختبر للطب الشرعي ومدرج في تقرير تشريح الجثة، إلى أن عينات الدم المأخوذة من الضحية لا تحتوي على مواد كحولية ( ) .

٢-٧ وفي ١٨ آب/أغسطس ٢٠١٠، بوشرت إجراءات التحقيق القضائي أمام محكمة الصلح في بوغودا . وأشار القاضي في إفادته المشفوعة بيمين لمحكمة الاستئناف إلى أن العديد من شهود العيان أدلوا في ذلك اليوم بشهادات تتعارض في عدد من الجوانب مع شهادات الضابطين، بما في ذلك مكان التوقيف المزعوم لشقيق صاحب البلاغ وطريقة تعرضه للإصابات المميتة.

٢-٨ وقد أصدر القاضي بناء على ما سمعه من "أدلة دامغة" أم راً بالاعتقال المؤقت للضابطين المتورطين في الاعتداء على شقيق صاحب البلاغ. وأفاد القاضي بأنه أصدر هذا القرار بحسن نية، بالنظر إلى واجب الشرطة في مقاضاة ضباطها وإلى الشواغل والمخاوف التي أعرب عنها شهود العيان أثناء إجراءات التحقيق إزاء إمكانية تعرضهم لانتقام الشرطة بسبب تحديدهم هوية الجناة.

٢-٩ وفي ٢٣ آب/ أغسطس ٢٠١٠، قدّمت شرطة كيرينديو ي لا إلى القاضي تقريراً آخر يسلّط الضوء على تصريحات الطبيب الشرعي في كولومبو وطبيب مستشفى راداوانا التي تفيد بأن جثة شقيق صاحب البلاغ لم تكن تحمل أي أمارات توحي بأنّه تعرّض لأي اعتداء بالسلاح. وأشار القاضي في إفادته المشفوعة بيمين لمحكمة الاستئناف إلى أن التأكيد على هذه النقطة في تصريحات الأطباء "إجراء غير عاديٍ نوعاً ما". وفي اليوم نفسه، رفض القاضي طلب إفراج مؤقت مقدم من ضابطي الشرطة. وقد استؤنف الأمر مرتين لدى المحكمة العليا في غامباها ، وقُدّم طلبان جديدان إلى المحكمة العليا للإفراج المؤقت عنهما. وقد رُفضت جميع هذه الطلبات بعد سماع الوقائع وعلى الرغم من عدم اعتراض المدّعي العام على خيار الإفراج المؤقت.

٢-١٠ وفي ٩ أيلول/سبتمبر ٢٠١٠، عُرض تقرير تشريح الجثة على القاضي، الذي اعتبر أن "من غير العادي إلى حد ما" أن يشير تقرير الطبيب الشرعي في الفرع المتعلق بسبب الوفاة إلى أن أنماط الجروح "توحي بعملية سقوط إلى الخلف يتبعها ارتطام الجانب الأيمن من الرأس بسطح صلب" وأنه لا يوجد أي دليل على تعرضه لإصابات ناجمة عن عنف متعمد. وبالإضافة إلى ذلك، اعتبر القاضي أن الإصابات الخارجية على جسد الضحية، المذكورة في تقرير تشريح الجثة، وكذا الإفادات التي تؤكد عدم وجود أثر لمواد كحولية في جسم الضحية عند حدوث الوفاة لا تتفق مع رواية ضابطي الشرطة للأحداث. ودُعي الطبيب الشرعي إلى الإدلاء بشهادته أمام القاضي، لكنّه لم يحضر بتعلّة وجود أسباب صحية تمنعه من ذلك. وبعد عدة محاولات فاشلة لتأمين حضوره، اضطرت المحكمة إلى الاعتماد على إفادة خطية مشفوعة بيمين مقدمة منه بدلا ً من شهادته الشفوية.

٢-١١ وفي ٢٢ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، خلُص القاضي، في ضوء ما وصفه "بالشهادة المباشرة والمقنعة لشهود العيان وفي ضوء الأدلة الطبية التي كانت في أفضل حالاتها غير قاطعة"، إلى أن الأدلة المتاحة توحي بحدوث جريمة قتل، وأمر بمباشرة تحقيق أولي ضد ضابطي الشرطة ومواصلة احتجازهما المؤقت.

٢-١٢ وفي ٧ شباط/ فبراير ٢٠١١، قدمت شرطة كيرينديو ي لا لوائح اتهام ضد ضابطي الشرطة. وفي ٢٨ شباط/فبراير ٢٠١١، وجّه الوكيل العام، نيابة عن المدّعي العام، رسالة إلى القاضي، عن طريق الموظف المسؤول عن مركز الشرطة المحلي، لإبلاغه بنيته عدم المضي في الملاحقة الجنائية لضابطي الشرطة المزعوم تورطهما في سوء معاملة شقيق صاحب البلاغ ( ) .

٢-١٣ وفي ٣ آذار/مارس ٢٠١١، قُدّم طلب لإسقاط التّهم عن ضابطي الشرطة بناء على رسالة الوكيل العام. غير أن القاضي رفض هذا الطلب معتب راً أن قانون الإجراءات الجنائية لا ينص على إمكانية إسقاط التهم عن المتهمين بناء على توصية المدعي العام قبل تقديم الأدلة ذات الصلة بالقضية ( ) . ويوضّح صاحب البلاغ أن هذا القانون ينص على أن إسقاط التهم عن المتهم بأمر من المدعي العام لا يجوز إلا بعد مثوله أمام ال محكمة العليا أو في أي وقت إبّان محاكمته ( ) .

٢-١٤ وفي ٨ آذار/مارس ٢٠١١، قدّم محامي المتّهمين طلبات جديدة إلى القاضي ملتمساً إسقاط التهم عن موكّلَيه بناء على قرار المدعي العام. ورفض القاضي مجد داً الأمر بذلك وقرر مواصلة التحقيق ( ) .

٢-١٥ وفي ٣١ آذار/مارس ٢٠١١، بدأ التحقيق غير المستعجل. وقدّم كبير المدعين العامين الذي يمثّل الادعاء العام طلبات لإلغاء الإجراءات ضد ضابطي الشرطة. ورفض القاضي إصدار الأمر وحدد تاريخ ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠١١ للنظر في القضية.

٢-١٦ وفي ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠١١، قدّم ممثلو صاحب البلاغ إفادات خطية أخرى. ولكن، بحلول ذلك التاريخ، كان قد أُفرج بالفعل قبل أيام قليلة عن المتهمين دون شروط ( ) ، خلافا ً لأمر القاضي ( ) .

٢-١٧ وفي 31 نيسان/أبريل ٢٠١١، طعن ضابطا الشرطة عن طريق التماس موجه إلى محكمة الاستئناف في س ري لانكا في أمر مواصلة التحقيق غير المستعجل الذي أصدره القاضي ( ) . واشتكى الضابطان من عدم مشروعية الدعاوى التي رفعها القاضي ضدهما، والتمسا من محكمة الصلح أن تأمر بإبطال الدعاوى والحيلولة دون مباشرة إجراءات إضافية. ويوضّح صاحب البلاغ أن الالتماس لم يشر إلى عدد من الوقائع المهمة في القضية ولم يتضمن عد داً من الوثائق المدرجة في ملف القضية، بما في ذلك أدلة الشهود التي تورّط ضابطي الشرطة في الاعتداء على شقيقه وعدم مثول الطبيب الشرعي أمام القاضي خلال التحقيق القضائي.

٢-١٨ وفي ٣ حزيران/ يونيه ٢٠١١، عقدت محكمة الاستئناف جلسة استماع مؤقتة حضرها محامي ضابطي الشرطة المتهمين والموظ ف المسؤول عن مركز شرطة كيرينديو ي لا والمدّعي العام. ويدفع صاحب البلاغ بأنه لم يكن هو (باعتباره رابع طرف مستأنف ضده) ولا القاضي (باعتب اره ثالث طرف مستأنف ضده) حاضرين في هذه الجلسة. وأيّد المدعي العام، الذي كان طرفا ً مدعى عليه في الالتماس، إصدار الأوامر التي طلبها ضابطا الشرطة المتهمين.

٢-١٩ وفي جلسة الاستماع، أمرت محكمة الاستئناف بوقف الإجراءات أمام القاضي مؤقتا ً إلى حين البت النهائي في الطلب المقدم إلى محكمة الاستئناف، وبالإفراج غير المشروط عن ضابطي الشرطة. ويدفع صاحب البلاغ بأن المحكمة اقتصرت في تعليلها على المعلومات الواردة من مقدمي الالتماس وغضّت الطرف عن الأدلة التي تخالف رواية ضابطي الشرطة للأحداث أمام القضاة.

٢-٢٠ وفي أعقاب الإخطار بهذا الأمر، قدّم صاحب البلاغ والقاضي اعتراضات إلى محكمة الاستئناف وطلبا إليها أن ترفض الالتماس المقدم من ضابطي الشرطة.

٢-٢١ وفي ٢١ نيسان/أبريل ٢٠١٧، أبلغ صاحب البلاغ اللجنة بأن القضية لا تزال قيد النظر أمام محكمة الاستئناف، كما دفع بأن القضية عرضت للمناقشة مرتين لكن تأجل النظر فيها بسبب تغيير القضاة. ويرى صاحب البلاغ أنه لا توجد سبل انتصاف متاحة للتعجيل بوتيرة الإجراءات في هذه القضية.

٣-١ يدّعى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق شقيقه بموجب المواد 6 و7 و9 من العهد مقروءة على حدة وبالاقتران مع الفقرة (3) من المادة 2 من العهد.

٣-٢ ويدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة ٦ من العهد لأن شقيقه توفي أثناء احتجازه لدى الشرطة السريلانكية. ويحتج صاحب البلاغ بأن شقيقه قضى في عربة الشرطة جراء إصابة ناجمة مباشرة عن ضرب مبرِّح تعرض له مباشرة بعد توقيفه على يد ضباط الشرطة. ويدفع صاحب البلاغ بأن عبء الإثبات يقع على عاتق سلطات الدولة الطرف التي كان ينبغي لها تقديم تفسير معقول لأسباب وفاته. ويشير صاحب البلاغ إلى أن الرواية التي قدّمتها الشرطة في الإجراءات أمام القاضي بأن الضح ية آذى نفسه تحت مفعول الكحول لا تؤيدها لا تصريحات شهود العيان ولا نتائج التشريح. وفيما يتعلق بسبب الوفاة "غير القاطع" الذي اقترحه الطبيب الشرعي، يدفع صاحب البلاغ بأنه كان "مؤقتا ً " ولا يؤيده أي عنصر وقائعي آخر من عناصر القضية. ويضيف صاحب البلاغ أن القاضي رأى أن الأدلة على وجود إصابات أخرى على جسد الضحية تثير شكوكا ً كبيرة بخصوص استنتاجات الطبيب الشرعي وأن هذا الأخير لم يمثل أمام القاضي في إطار إجراءات التحقيق على الرغم من تلقيه العديد الأوامر بالحضور.

٣-٣ ويدّعي صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك لأحكام المادة 7 من العهد. ويدفع بأنه عُثر على إصابات خطيرة في جسد شقيقه، على نحو ما أكدته نتائج تشريح الجثة. وكانت الإصابات متسقة مع أدلة شهود العيان الذين أفادوا بأن شقيقه تعرض للضرب في جميع أنحاء جسده، وأن رأسه ضُرب بقوة على عربة الشرطة. ويوضّح صاحب البلاغ أن المعلومات المتعلقة بعدد الإصابات ونوعها لا تتفق مع رواية الضابطين التي تفيد بأن شقيقه أُصيب بعد قفزه من عربة. ويشير صاحب البلاغ أيضا ً إلى رأي القاضي الذي يشكك بجدية في اتساق الإصابات مع استنتاجات الطبيب الشرعي التي تنفي وجود أي دليل على وجود إصابات ناجمة عن عنف متعمّد.

٣-٤ ويدّعي صاحب البلاغ كذلك أن هناك انتهاكاً لحقوق شقيقه المكفولة بموجب المادة ٩. ويؤكّد أن توقيف شقيقه لم يستند إلى أي أساس قانوني وأن ضابطي الشرطة لم يستطيعا إثبات أن احتجازه كان "معقولاً" أو "ضرورياً" في هذه الظروف.

٣-٥ ويدفع صاحب البلاغ بأن تصريحات الضابطين تفيد بأن شقيقه أُوقف بسبب السكر وعرقلة حركة المرور. ومع ذلك، كشف تقرير السُّموميات عدم وجود أي أساس يمكن أن يستند إليه مراقب موضوعي لكي يخلُص إلى أن الضحية كان في حالة سكر عند توقيفه. ويضيف صاحب البلاغ أن أدلّة شهود العيان كلها لا تؤيّد ادعاء ضابطي الشرطة أن شقيقه كان يعرقل حركة المرور عند توقيفه.

٣-٦ ويدّعي صاحب البلاغ أن عرقلة التحقيق وعدم مباشرة أي ملاحقة في هذه القضية يشكّلان انتهاكا ً للمادة ٢ (٣) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و7 و9. ويدفع صاحب البلاغ بأن التحقيق والملاحقة القضائية أوقفا بتدخل من المدعي العام، وهو ما حرمه من أي سبيل انتصاف فعال. ويرى صاحب البلاغ أن المدّعي العام اعتمد على نظرة انتقائية جداً إلى الأدلة وتدخّل بنشاط في تحقيق القاضي، على الرغم من وجود أدلة تؤيد مواصلة التحقيق والملاحقة القضائية.

٣-٧ ويدفع صاحب البلاغ بأن الإجراءات لا تزال قيد النظر أمام محكمة الاستئناف، لكن لا ينبغي اعتبارها سبيل انتصاف محلي فعال ومتاح وفقاً للمعنى المقصود في المادة ٢ من البروتوكول الاختياري، وبالتالي ينبغي ألا يُتوقَّع منه استنفاد سبل الانتصاف المحلية في ظل عدم تحمل الدولة الطرف مسؤوليتها.

٣-٨ ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأنه لا يجد أمامه أي سبيل انتصاف للطعن في قرار المدّعي العام القاضي بعدم اتخاذ أي إجراء آخر. وبالإشارة إلى الاجتهادات السابقة للجنة، يدّعي صاحب البلاغ أنه يرجّح أن تمدّد الإجراءات القضائية أمام المحاكم العليا في سري لانكا، مثل محكمة الاستئناف، تمدي داً لا مبرر له ( ) ، مع التسليم في مناسبات عديدة بأن بعض الانتهاكات، بما في ذلك انتهاك المادتين ٦ و٧، تستوجب "التحقيق السريع من جانب الدول الأطراف في العهد" ( ) . ويشير صاحب البلاغ كذلك إلى موقف اللجنة في القضايا المتعلقة بسري لانكا حيث قالت إن السرعة والفعالية تكتسيان أهمية بالغة عند البت في القضايا التي تنطوي على التعذيب ( ) .

٣-٩ ويدفع صاحب البلاغ بأن الإفلات من العقاب ناجم عن قابلية النظام القضائي للتأثر بالتدخل الخارجي. ويشير إلى أن لجنة مناهض ة التعذيب أعربت عن قلقها إزاء " التقارير العديدة التي تتحدث عن عدم استقلال القضاء" في الدولة الطرف ( ) .

٣-١٠ ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأن هذه القضية ليست معقّدة، وقد جمّع القاضي أدلة كثيرة جعلته يخلص إلى وجود أساس قوي لتوجيه التهم إلى ضابطي الشرطة، على الرغم من قرار المدعي العام عدم مباشرة أي إجراءات إضافية ضدهما. ويدفعُ صاحب البلاغ أيضاً بأن وكيل وزارة العدل أكّد في كانون الثاني/يناير ٢٠١٢ وجود 000 650 قضية قيد النظر في إطار النظام القضائي السريلانكي ككل، وأشار إلى الحاجة الملحة إلى الإصلاح للحد من تراكم القضايا.

٣-١١ ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تأمر الدولة الطرف بأن توفر له سبل انتصاف ملائمة وفقا ً للمبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي.

٣-١٢ ويطلب صاحب البلاغ أيضاً أربعة سبل انتصاف محددة: (أ) أن تقدم السلطات السريلانكية ضمانات بعدم تكرار انتهاكات مماثلة لحقوق الإنسان، لا سيما من خلال إنشاء وكالة تحقيق مستقلة للتعامل مع جرائم العنف التي يزعم ارتكابها من قبل الشرطة، على نحو ما أوصت به لجنة مناهضة التعذيب وغيرها من الجهات الفاعلة الدولية والمحلية ( ) ؛ (ب) أن تجري تحقيقاً كاملاً وشاملاً في ملابسات توقيف شقيقه بطريقة غير قانونية وتعذيبه ووفاته، وأن تتخذ إجراءات جنائية مستقلة ومحايدة ضد المتورطين في تلك الانتهاكات ؛ (ج) أن تسعى إلى الترضية من خلال تقديم المدعي العام اعتذارا ً علنيا ً ( ) ؛ (د) أن تمنح له بوصفه أقرب أقرباء شقيقه ومعيل أسرته تعويضا ً ملائما ً يشمل الأضرار المادية والمعنوية ( ) .

٤- في 26 تشرين الثاني/نوفمبر2012، و17 حزير ان/ يونيه 2013، و30 أيلول/ سبتمبر 2013، و19 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، و12 أيار/مايو 2017، طُلب إلى الدولة الطرف تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق هذه المعلومات.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٥-١ قبل النظر في أي ادّعاءات ترد في بلاغ ما، يجب أن تبت اللجنة، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

٥- ٢ وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست محل دراسة من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٥-٣ وبخصوص مسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف ليس من واجبها فقط إجراء تحقيقات معمّقة في ما تُبلَّغ به سلطاتها من انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، لا سيما إذا تعلّق الأمر بانتهاك الحق ف ي الحياة، وإنما من واجبها أيضاً ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة كل من يُزعم ضلوعه في هذه الانتهاكات ( ) . وتحيط اللجنة علما بتأكيد صاحب البلاغ أن المدعي العام، الذي يترأس سلطات الادعاء العام، أظهر عزمه وقف التحقيق في الجريمة وعدم ملاحقة الضابطين المتهمين في نها ية المطاف، رغم وجود أدلة كثيرة تشير إلى ارتكاب جريمة ضد شقيقه. وتحيط علما ً أيضاً بتأكيد صاحب البلاغ أنه لا يجد أي سبيل انتصاف للطعن في قرار المدّعي العام القاضي بعدم اتخاذ أي إجراء آخر.

٥-٤ وتحيط اللجنة علما ً كذلك بتأكيد صاحب البلاغ أن الإجراءات القضائية أمام محكمة الاستئناف معلقة منذ عام ٢٠١١، وأن سبل الانتصاف غير متاحة لتسريع وتيرة الإجراءات في هذه المسألة، وأن أي سبيل انتصاف قد يتاح نظر ياً في محكمة الاستئناف سيُمدَّد دون مبرر. وتذكّر اللجنة أيضاً باجتهاداتها السابقة التي تفيد بأن الدولة الطرف تكون، عندما تُقدَّم شكوى بشأن حدوث إساءة معاملة تتعارض مع أحكام المادة ٧، ملزمة بإجراء تحقيق فوري ونزيه في هذه المسألة ( ) .

٥-٥ وترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ في إطار المواد 6 و7 و9، مقروءة على حدة وبالاقتران مع المادة 2(3)، دُعّمت بأدلة كافية لأغراض المقبولية، وتشرع في النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

٦-١ نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أُتيحت لها، عملاً بما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

٦ -٢ وتحيط اللجنة علما ً بإفادة صاحب البلاغ أن ضابطين من شرطة كيرينديويلا أوقفا شقيقه يوم ١٣ آب/أغسطس ٢٠١٠ على الساعة الثامنة والنصف مساء؛ وأن شقيقه تعرض، وفقاً لشاهد عيان، للضرب بقضيب ومُسك من ذقنه وعنقه وضُرب رأسه مرتين على باب مركبة الشرطة، ثمُّ وُضع في مركبة الشرطة حيث رُكل بشدة وضُرب على رأسه بقضبان حديدية؛ وأنه توفي في المستشفى الوطني في كولومبو في ١٤ آب/أغسطس ٢٠١٠.

٦-٣ وتحيط اللجنة أيضاً تأكيد صاحب البلاغ أن شرطة كيرينديوالا ادعت أن شقيقه توفّي جرّاء إصابات ت عرض لها أثناء محاولته القفز من مركبة شرطة مت حركة بعد ما أوقفه ضابطا شرطة بسبب السكر وإعاقة حركة المرور.

٦-٤ وتحيط اللجنة علما ً بإفادة صاحب البلاغ بأن القاضي اعتبر أن الإصابات الخارجية الظاهرة على جسد شقيقه وخلاصات تقرير السّموميات التي تؤكّد عدم وجود أي أثر لمواد كحولية في عينات دم الضحية عند وفاته لا تتسق مع رواية ضابطي الشرطة للوقائع. وتحيط اللجنة علما ً أيضاً باستنتاج القاضي أن الأدلة المعروضة عليه كانت توحي بارتكاب جريمة قتل وأن الوكيل العام قرّر، مع ذلك، عدم المضي في ملاحقة ضابطي الشرطة جنائياً.

٦-٥ وتؤكد اللجنة مجددا ً ، تماشيا ً مع اجتهاداتها السابقة، موقفها القائل إن عبء الإثبات لا يمكن أن يقع على صاحب البلاغ وحده، لا سيما بالنظر إلى أن الدولة الطرف وحدها قادرة على الوصول إلى بعض المعلومات ذات الصلة ( ) . وفي ظل غياب أي بيانات اعتراضية أو أي تعليقات من جانب الدولة الطرف بشأن هذه الوقائع، تولي اللجنة الاعتبار الواجب لادّعاءات صاحب البلاغ، وهو ما يثير افتراضا ً قويا ً بضلوع الدولة الطرف مباشرة في انتهاك حق شقيقه في الحياة، بما يشكل انتهاكا ً للمادة ٦ من العهد.

٦-٦ وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ أن الإصابات الخطيرة التي عُثر عليها في جسد شقيقه تتسق مع أدلة شاهد العيان الذي أفاد بأن الضحية تعرض للضرب في جميع أنحاء جسده من قبل ضابطي الشرطة، وأن رأسه ضُرب بقوة على مركبة الشرطة، وفي ظل غياب أي رد من الدولة الطرف في هذا الصدد، تولي اللجنة الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ، وتخلص إلى حدوث انتهاك لحقوق شقيقه المكفولة بموجب المادة ٧ من العهد.

٦-٧ وتلاحظ اللجنة أيضا ً ادعاءات صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تستطع أن تثبت أن توقيف الضحية كان "معقولا ً " أو "ضروريا ً " في هذه الظروف. وتلاحظ أيضا ً أن تقرير السّموميات بيّن عدم وجود أي أثر لمواد كحولية في دم الضحية وعدم تقديم أي أدلة لدعم ادعاء ضابطي الشرطة أن الضحية كان في حالة سكر وكان يعرقل حركة المرور عند توقيفه.

٦-٨ ويحتج صاحب البلاغ أيضاً بالمادة 2(3) من العهد التي تُلزم الدول الأطراف بأن تكفل سبيل انتصاف فعال لأي شخص انتُهكت حقوقه المعترف بها في العهد.

٦-٩ وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لا يزال، بعد مرور سبع سنوات تقريباً على وفاة ا لضحية، يجهل ملابسات وفاة شقيقه وأن سلطات الدولة الطرف لم تجرِ بعدُ تحقيقا ً كاملا ً ومستقلا ً ( ) .

٦-١٠ وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة تأكيد صاحب البلاغ أن المدّعي العام، إذ قرر عدم توجيه التهم إلى ضابطي الشرطة المتهمين على الرغم من وجود أدلة تدعم مواصلة التحقيق والمقاضاة، تدخّل في التحقيق الذي يجريه القاضي. وتلاحظ اللجنة أيضاً إفادة صاحب البلاغ بأن محكمة الاستئناف أمرت في ٣ حزيران/ يونيه ٢٠١١ بوقف الإجراءات مؤقتا أمام القاضي إلى أن تم البت فيها نهائياً وأُفرِج إفراجاً غير مشروط عن ضابطي الشرطة، وبأن صاحب البلاغ والقاضي كليهما لم يكونا حاضرين في الجلسة. وتلاحظ اللجنة كذلك أن القضية لا تزال قيد النظر أمام محكمة ا لاستئناف في ٢١ نيسان/أبريل ٢٠١٧ ( ) . وعليه، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تحقق على النحو المناسب في احتجاز شقيق صاحب البلاغ وتعذي به ووفاته، ولم تقاض الجناة ولم تضمن جبر الضرر، وبذلك انتهكت حقوقه وحقو ق شقيقه المكفولة بموجب المادة ٢ (٣)، مقر وءة بالاقتران مع المواد ٦ و٧ و ٩ من العهد.

٧- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف انتهاكاً من الدولة الطرف للمواد 6 و7 و9 من العهد، مقروءة على حدة وبالاقتران مع المادة 2 (3).

٨- وتنص المادة 2(3)(أ ) من العهد على أن الدولة الطرف ملزمة بإتاحة سبيل انتصاف فعالاً لصاحب البلاغ. ويقتضي هذا الحكم أن توفر الدول الأطراف جبراً كاملاً للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المعترف بها في العهد. والدولة الطرف ملزمة، في هذه القضية، بأمور تشمل ما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل ودقيق في الوقائ ع التي قدّمها صاحب البلاغ؛ (ب) ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة المتورطين في التوقيف التعسفي لشقيق صاحب البلاغ وسوء معاملته ووفاته ونشر نتائج هذه التدابير على عامة الناس؛ (ج) تقديم تعويض كافٍ إلى صاحب البلاغ عن الانتهاكات التي تعرض له ا واتخاذ تدابير مناسبة لترضيته . والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ الخطوات اللازمة لمنع حدوث مثل تلك الانتهاكات في المستقبل . وعلى وجه الخصوص، ينبغي للدولة الطرف أن تضمن تطابق تشريعها مع أحكام العهد .

٩- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد أقرّت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد، وتعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها، أو الخاضعين لولايتها، الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حالة إثبات حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ.